الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

الفصل ٢

هل يمكنك فعلا ‹الاقتراب الى الله›؟‏

هل يمكنك فعلا ‹الاقتراب الى الله›؟‏

١،‏ ٢ (‏أ)‏ ماذا قد يبدو شبه مستحيل لدى كثيرين،‏ ولكن ماذا يؤكد لنا الكتاب المقدس؟‏ (‏ب)‏ اية علاقة وثيقة أُنعم بها على ابراهيم،‏ ولماذا؟‏

كيف تشعر اذا قال عنك خالق السماء والارض:‏ «هذا صديقي»؟‏ كثيرون يقولون ان هذا اشبه بالمستحيل.‏ فكيف يمكن لمجرد انسان ان تربطه بيهوه الله علاقة صداقة؟‏!‏ لكنَّ الكتاب المقدس يؤكد لنا انه يمكننا فعلا الاقتراب الى الله.‏

٢ كان ابراهيم في الماضي شخصا تمتَّع بهذه العلاقة الحميمة بالله.‏ فقد قال يهوه عن هذا الاب الجليل انه «خليلي»،‏ او ‹صديقي›.‏ (‏اشعياء ٤١:‏٨‏)‏ نعم،‏ اعتبر يهوه ابراهيم صديقه الخاص.‏ وقد أُنعم على ابراهيم بهذه العلاقة الوثيقة لأنه ‹آمن بيهوه›.‏ (‏يعقوب ٢:‏٢٣‏)‏ واليوم ايضا،‏ ينتهز يهوه الفرص ‹ليلتصق› بالذين يخدمونه بدافع المحبة.‏ (‏تثنية ١٠:‏١٥‏)‏ تحث كلمته قائلة:‏ «اقتربوا الى الله فيقترب اليكم.‏» (‏يعقوب ٤:‏٨‏)‏ وهذه الكلمات تتضمن دعوة ووعدا على السواء.‏

٣ اية دعوة يوجِّهها يهوه الينا،‏ وأيّ وعد يرافقها؟‏

٣ يدعونا يهوه ان نقترب اليه.‏ فهو مستعد وراغب في قبولنا كأصدقاء له.‏ وهو يعِد في الوقت نفسه بأنه اذا قمنا بالخطوات اللازمة للاقتراب اليه،‏ يبادلنا بالمثل.‏ فهو سيقترب الينا.‏ وعندئذ يمكن ان يربطنا به شيء ثمين جدا،‏ وهو «صداقة يهوه الحميمة».‏ * (‏مزمور ٢٥:‏١٤‏،‏ ع‌ج‏)‏ وتنقل عبارة ‹صداقة حميمة› فكرة حديث خاص مع صديق مميَّز.‏

٤ كيف تصف الصديق الحميم،‏ وكيف يُظهر يهوه انه صديق حميم للذين يقتربون اليه؟‏

٤ هل لديك صديق حميم تأتمنه على اسرارك؟‏ ان صديقا كهذا يهتم لأمرك.‏ وأنت تثق به لأن ولاءه لك اكيد.‏ وتكبر افراحك في صدرك حين تخبره بها.‏ ويخفّ ثقل احزانك عن كاهلك حين ينصت لك بتعاطف.‏ حتى لو بدا ان الآخرين جميعا عاجزون عن فهمك،‏ فهو يفهمك.‏ هذا ما يحصل عندما تقترب الى الله.‏ فحينئذ يصير عندك صديق مميَّز يعزُّك كثيرا،‏ ويهتم جدا لأمرك ويفهمك تماما.‏ (‏مزمور ١٠٣:‏١٤؛‏ ١ بطرس ٥:‏٧‏)‏ وأنت تثق به في اعماق قلبك،‏ لأنك تعرف انه وليّ مع الاولياء له.‏ (‏مزمور ١٨:‏٢٥‏،‏ ع‌ج‏)‏ لكنَّ امتياز الصداقة الحميمة مع الله ما كان ممكنا لو لم يجعله هو متاحا لنا.‏

يهوه مهَّد السبيل لمصادقته

٥ ماذا فعل يهوه ليكون اقترابنا اليه ممكنا؟‏

٥ نحن لسنا سوى خطاة يستحيل عليهم الاقتراب الى الله.‏ (‏مزمور ٥:‏٤‏)‏ لكنَّ ‹الله يبيِّن لنا فضل محبته بأنه اذ كنا بعد خطاة مات المسيح عنا›،‏ كما كتب الرسول بولس.‏ (‏روما ٥:‏٨‏)‏ نعم،‏ فقد هيَّأ يهوه ان «يبذل [يسوع] نفسه فدية عن كثيرين».‏ (‏متى ٢٠:‏٢٨‏)‏ وإيماننا بهذه الذبيحة الفدائية يجعل اقترابنا الى الله ممكنا.‏ وبما ان الله «احبنا اولا»،‏ فقد وضع الاساس لإمكانية مصادقته.‏ —‏ ١ يوحنا ٤:‏١٩‏.‏

٦،‏ ٧ (‏أ)‏ كيف نعرف ان يهوه ليس الها غامضا لا سبيل الى معرفته؟‏ (‏ب)‏ بأية طريقتين يكشف يهوه عن نفسه؟‏

٦ وقام يهوه بخطوة اخرى:‏ لقد كشف لنا عن نفسه.‏ ان اية صداقة حميمة تقوم على معرفة الآخر معرفة وثيقة،‏ مع تقدير كبير لصفاته وطرقه.‏ وهكذا لو كان يهوه الها غامضا لا سبيل الى معرفته،‏ لاستحال علينا الاقتراب اليه.‏ لكنه لا يخفي نفسه ابدا،‏ بل يريد ان نعرفه.‏ (‏اشعياء ٤٥:‏١٩‏)‏ كما انه يتيح للجميع معرفة ما يكشفه عن نفسه،‏ حتى للاشخاص بيننا الذين قد يُعتبرون وضعاء بحسب معايير العالم.‏ —‏ متى ١١:‏٢٥‏.‏

كشف يهوه عن نفسه من خلال اعماله الخلقية وكلمته المكتوبة

٧ وكيف يكشف يهوه لنا عن نفسه؟‏ تلقي اعماله الخلقية ضوءا على جوانب من شخصيته،‏ مثل قدرته الشديدة وحكمته العميقة ومحبته الجزيلة.‏ (‏روما ١:‏٢٠‏)‏ لكنَّ كشف يهوه عن نفسه لا يتوقف عند الاشياء التي خلقها.‏ فبما انه اعظم مَن عرَّف وعلَّم،‏ كشف عن نفسه في سجل خطي هو كلمته،‏ الكتاب المقدس.‏

رؤية «نعمة» يهوه

٨ لماذا يمكن القول ان الكتاب المقدس نفسه هو دليل على محبة يهوه لنا؟‏

٨ الكتاب المقدس نفسه دليل على محبة يهوه لنا.‏ ففي كلمته يكشف عن نفسه بتعابير مفهومة،‏ مما يدل على انه يحبنا ويريد ان نعرفه ونحبه.‏ وما نقرأه في كتابه الثمين يمكّننا من رؤية «نعمة الرب» ويجعلنا نرغب في الاقتراب اليه.‏ (‏مزمور ٩٠:‏١٧‏)‏ فلنناقش بعض الطرائق المبهجة التي يكشف بها يهوه عن نفسه في كلمته.‏

٩ ما هي بعض الامثلة لعبارات مباشرة في الكتاب المقدس تعرِّف بصفات الله؟‏

٩ تحتوي الاسفار المقدسة على عبارات مباشرة كثيرة تعرِّف بصفات الله.‏ لاحظ بعض الامثلة.‏ «الرب يحب العدل».‏ (‏مزمور ٣٧:‏٢٨‏،‏ ترجمة تفسيرية‏)‏ الله «عظيم القوة».‏ (‏ايوب ٣٧:‏٢٣‏)‏ ‹انا رؤوف [«وليّ»،‏ ع‌ج‏] يقول الرب›.‏ (‏ارميا ٣:‏١٢‏)‏ «هو حكيم القلب».‏ (‏ايوب ٩:‏٤‏)‏ هو «اله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الاحسان والوفاء».‏ (‏خروج ٣٤:‏٦‏)‏ «انت يا رب صالح وغفور».‏ (‏مزمور ٨٦:‏٥‏)‏ وكما ذُكر في الفصل السابق،‏ هنالك صفة غالبة:‏ «الله محبة».‏ (‏١ يوحنا ٤:‏٨‏)‏ وفيما تتأمل في هذه الصفات المُسرَّة،‏ ألا تنجذب الى هذا الاله الذي لا يضاهى؟‏

يساعدنا الكتاب المقدس على الاقتراب الى يهوه

١٠،‏ ١١ (‏أ)‏ لمساعدتنا على رؤية شخصية يهوه بوضوح اكبر،‏ ماذا ضمَّن كلمته؟‏ (‏ب)‏ ايّ مثال في الكتاب المقدس يساعدنا ان نتخيل قدرة يهوه في تعامله مع الناس؟‏

١٠ بالاضافة الى ان يهوه اخبرنا ما هي صفاته،‏ ضمَّن كلمته بمحبة امثلة ملموسة لهذه الصفات في تعامله مع الغير.‏ تولّد هذه الروايات في اذهاننا صورا حية تساعدنا ان نرى مختلف اوجه شخصيته بشكل اوضح.‏ وهذا بدوره يساعدنا ان نقترب اليه اكثر.‏ تأمل في هذا المثال.‏

١١ قد نقرأ ان الله «شديد القدرة».‏ (‏اشعياء ٤٠:‏٢٦‏)‏ لكنَّ اثر ذلك فينا يختلف عما نشعر به عندما نقرأ كيف انقذ اسرائيل عبر البحر الاحمر ثم اعال الامة في البرية طوال ٤٠ سنة.‏ فيمكنك ان تتخيل اللجج وهي تنشق.‏ ويمكنك ان تتصور الامة —‏ التي ربما بلغ عددها ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٣ شخص —‏ وهي تسير في قاع البحر الجاف والمياه المتجمدة منتصبة كأسوار ضخمة عند الجانبين.‏ (‏خروج ١٤:‏٢١؛‏ ١٥:‏٨‏)‏ ويمكنك ان ترى ادلة على رعاية الله الحبية في البرية.‏ فقد خرج الماء من الصخر.‏ وظهر على الارض طعام يشبه بزرا ابيض.‏ ‏(‏خروج ١٦:‏٣١؛‏ عدد ٢٠:‏١١‏)‏ لا يُظهر يهوه هنا انه صاحب قدرة فحسب بل ايضا انه يستعملها لفائدة شعبه.‏ ألا يطمئن بالنا حين نعرف ان صلواتنا تصعد الى اله قدير هو «ملجأ وقوة [لنا].‏ عونا في الضيقات وُجد شديدا»؟‏ —‏ مزمور ٤٦:‏١‏.‏

١٢ كيف يساعدنا يهوه ان «نراه» بتعابير نفهمها؟‏

١٢ ويهوه،‏ الذي هو روح،‏ فعل اكثر من ذلك ايضا لمساعدتنا على معرفته.‏ فلأننا بشر،‏ يُحَدّ بصرنا بما هو منظور ولا نستطيع ان نرى شيئا في الحيّز الروحي.‏ ولو وصف الله نفسه لنا بتعابير روحية لَكان ذلك اشبه بمحاولة شرح تفاصيل مظهرك،‏ مثل لون العينين او النمش،‏ لشخص وُلد اعمى.‏ لكنَّ يهوه يساعدنا بلطف ان «نراه» بتعابير يمكننا فهمها.‏ فأحيانا يستخدم تشابيه واستعارات،‏ مشبِّها نفسه بأمور نعرفها.‏ حتى انه يصف نفسه كما لو انه يملك ملامح بشرية.‏ *

١٣ اية صورة تولّدها اشعياء ٤٠:‏١١ في الذهن،‏ وكيف تؤثر فيك؟‏

١٣ لاحظ هذا الوصف عن يهوه في اشعياء ٤٠:‏١١‏:‏ «كراعٍ يرعى قطيعه.‏ بذراعه يجمع الحملان وفي حضنه يحملها».‏ يشبَّه يهوه هنا براعٍ يجمع الحملان «بذراعه».‏ ويشير ذلك الى قدرة الله على حماية شعبه ودعمهم،‏ حتى الضِّعاف منهم.‏ فيمكننا ان نشعر بالامان في ذراعيه القويتين،‏ لأنه لن يتركنا ابدا ما دمنا اولياء له.‏ (‏روما ٨:‏​٣٨،‏ ٣٩‏)‏ فهذا الراعي العظيم يحمل الحملان «في حضنه» —‏ تعبير يشير الى طيّات العباءة التي يحمل فيها الراعي احيانا الحمل المولود حديثا.‏ وهكذا يؤكَّد لنا ان يهوه يعزّنا ويهتم لأمرنا بحنان.‏ فلا عجب ان نرغب في الاقتراب اليه.‏

‏‹الابن يريد ان يكشفه›‏

١٤ لماذا يمكن القول ان يهوه يزود احمَّ التفاصيل عن شخصيته من خلال يسوع؟‏

١٤ يزوِّد يهوه في كلمته احمَّ التفاصيل عن شخصيته من خلال ابنه الحبيب يسوع.‏ فلا احد يستطيع ان يعكس بعمق تفكير الله ومشاعره او يبيِّن اموره بوضوح كما فعل يسوع.‏ فذلك الابن البكر وُجد مع ابيه قبل ان توجد المخلوقات الروحانية الاخرى والكون المادي.‏ (‏كولوسي ١:‏١٥‏)‏ وكان يسوع يعرف يهوه معرفة حميمة.‏ لهذا السبب قال:‏ «ليس احد يعرف من هو الابن الا الآب؛‏ ولا من هو الآب الا الابن،‏ ومَن يريد الابن ان يكشفه له».‏ (‏لوقا ١٠:‏٢٢‏)‏ وعندما كان يسوع على الارض كإنسان،‏ كشف اباه بطريقتين مهمتين.‏

١٥،‏ ١٦ بأية طريقتين كشف يسوع من هو ابوه؟‏

١٥ اولا،‏ تساعدنا تعاليم يسوع على معرفة ابيه.‏ فقد وصف يسوع يهوه بتعابير تمس قلوبنا.‏ مثلا،‏ لكي يبيِّن يسوع ان اباه الرحيم يقبل الخطاة التائبين،‏ شبَّه يهوه بأب غفور يتأثر من صميم قلبه عندما يرى ابنه الضال يعود،‏ حتى انه يركض ويقع على عنقه ويقبّله برقة.‏ (‏لوقا ١٥:‏​١١-‏٢٤‏)‏ كما صوَّر يسوع يهوه كإله «يجتذب» ذوي القلوب المستقيمة لأنه يحبهم كأفراد.‏ (‏يوحنا ٦:‏٤٤‏)‏ حتى انه يعرف متى يسقط عصفور دوريّ على الارض.‏ ولذلك اوضح يسوع:‏ «لا تخافوا:‏ انتم اثمن من عصافير دورية كثيرة».‏ (‏متى ١٠:‏​٢٩،‏ ٣١‏)‏ فلا يسعنا الا ان نشعر بالانجذاب الى هذا الاله المحب.‏

١٦ ثانيا،‏ يُظهر مثال يسوع ما يهوه عليه.‏ فقد كان يسوع انعكاسا دقيقا لأبيه حتى انه قال:‏ «مَن رآني فقد رأى الآب ايضا».‏ (‏يوحنا ١٤:‏٩‏)‏ وهكذا عندما نقرأ في الاناجيل عن يسوع —‏ عن المشاعر التي اعرب عنها وطريقة تعامله مع الآخرين —‏ يكون ذلك كما لو اننا نرى وصفا حيا لأبيه.‏ ولا وسيلة افضل من هذه يكشف لنا يهوه بها عن صفاته.‏ ولماذا؟‏

١٧ اوضح ماذا فعل يهوه ليساعدنا ان نفهم ما هو عليه.‏

١٧ للإيضاح:‏ تخيل انك تحاول ان تشرح ما هو اللطف.‏ يمكنك ان تذكر بعض الكلمات كتعريف له.‏ ولكن اذا كان بإمكانك ان تشير الى شخص يقوم بعمل لطيف وتقول:‏ «هذا مثال للطف»،‏ تتخذ كلمة «لطف» معنى اكبر ويسهل فهمها اكثر.‏ فعل يهوه امرا مماثلا ليساعدنا ان نفهم ما هو عليه.‏ فبالاضافة الى وصف نفسه بالكلمات،‏ زوَّدَنا بمثال حي،‏ ألا وهو ابنه.‏ ففي يسوع تُرى صفات الله وهي تعمل.‏ ومن خلال روايات الاناجيل التي تتحدث عن يسوع،‏ يكون كما لو ان يهوه يقول:‏ «هكذا انا».‏ فكيف يصف السجل الملهم يسوع عندما كان على الارض؟‏

١٨ كيف عكس يسوع صفات القدرة والعدل والحكمة؟‏

١٨ تنعكس صفات الله الاساسية الاربع بشكل جميل في يسوع.‏ فقد كانت له القدرة على الامراض والجوع،‏ حتى الموت.‏ ولكن بخلاف البشر الانانيين الذين يسيئون استعمال سلطتهم،‏ لم يستعمل قط قواه العجائبية لمصلحته الخاصة او لإيذاء الآخرين.‏ (‏متى ٤:‏​٢-‏٤‏)‏ كما انه احب العدل.‏ فقد امتلأ قلبه حنقا مبرَّرا عندما رأى التجار المخادعين يستغلون الناس.‏ (‏متى ٢١:‏​١٢،‏ ١٣‏)‏ وعامل الفقراء والمسحوقين بعدم محاباة،‏ مساعدا اياهم ان ‹يجدوا الانتعاش› لنفوسهم.‏ (‏متى ١١:‏​٤،‏ ٥،‏ ٢٨-‏٣٠‏)‏ وتميَّزت تعاليم يسوع بحكمة لا تضاهى،‏ اذ كان «اعظم من سليمان».‏ (‏متى ١٢:‏٤٢‏)‏ لكنَّ يسوع لم يتباهَ قط بحكمته.‏ وبلغت كلماته قلوب الناس العاديين لأن تعاليمه كانت واضحة وبسيطة وعملية.‏

١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ كيف كان يسوع مثالا بارزا للمحبة؟‏ (‏ب)‏ فيما نقرأ ونتأمل في مثال يسوع،‏ ماذا ينبغي ان نتذكر؟‏

١٩ وكان يسوع مثالا بارزا للمحبة.‏ فطوال خدمته اعرب عن المحبة بمختلف اوجهها،‏ بما في ذلك التعاطف والرأفة.‏ وما من مرة رأى فيها اناسا يتألمون إلا وشعر بالشفقة.‏ ومرة بعد اخرى،‏ دفعه تعاطفه الى فعل شيء للمساعدة.‏ (‏متى ١٤:‏١٤‏)‏ ومع ان يسوع شفى المرضى وأطعم الجياع،‏ عبَّر عن الرأفة بطريقة اهم.‏ فقد ساعد الآخرين ان يتعلموا ويقبلوا ويحبوا الحق المتعلق بملكوت الله الذي سيجلب بركات دائمة للجنس البشري.‏ (‏مرقس ٦:‏٣٤؛‏ لوقا ٤:‏٤٣‏)‏ وقبل كل شيء،‏ اظهر يسوع محبة التضحية بالذات حين بذل نفسه طوعا من اجل الآخرين.‏ —‏ يوحنا ١٥:‏١٣‏.‏

٢٠ لذلك لا عجب ان ينجذب اناس من كل الاعمار والخلفيات الى هذا الرجل ذي المشاعر الرقيقة والعميقة.‏ (‏مرقس ١٠:‏​١٣-‏١٦‏)‏ ولكن فيما نقرأ ونتأمل في المثال الحي الذي رسمه يسوع،‏ لنتذكر اننا نرى في هذا الابن انعكاسا واضحا لأبيه.‏ —‏ عبرانيين ١:‏٣‏.‏

كتاب لمساعدتنا

٢١،‏ ٢٢ ماذا يشمل طلب يهوه،‏ وماذا يحتوي هذا الكتاب لمساعدتنا في هذا المسعى؟‏

٢١ بما ان يهوه يكشف لنا نفسه بهذا الشكل الواضح في كلمته،‏ فلا شك انه يريد ان نقترب اليه.‏ لكنه لا يغصبنا على تنمية علاقة مرْضية به.‏ فالقرار يعود الينا اذا اردنا ان نطلب يهوه «ما دام يوجد».‏ (‏اشعياء ٥٥:‏٦‏)‏ ويشمل طلب يهوه معرفة صفاته وطرقه كما يكشفها الكتاب المقدس.‏ والكتاب الذي تقرأه الآن مصمَّم لمساعدتك في مسعاك هذا.‏

٢٢ ستلاحظ ان هذا الكتاب مجزَّأ الى اربعة اقسام تتناول صفات يهوه الرئيسية الاربع:‏ القدرة،‏ العدل،‏ الحكمة،‏ والمحبة.‏ وكل قسم يُستهل بموجز عن الصفة.‏ وتناقش الفصول القليلة اللاحقة كيف يعرب يهوه عن تلك الصفة بمختلف اوجهها.‏ كما يحتوي كل قسم على فصل يُظهر كيف اعرب يسوع عن هذه الصفة،‏ وعلى فصل آخر يشرح لنا كيف يمكن ان نعكسها نحن في حياتنا.‏

٢٣،‏ ٢٤ (‏أ)‏ اشرح دور الاطار «اسئلة للتأمل فيها».‏ (‏ب)‏ كيف يساعدنا التأمل على الاقتراب اكثر الى الله؟‏

٢٣ ابتداءً من هذا الفصل،‏ سيَظهر اطار خصوصي بعنوان «اسئلة للتأمل فيها».‏ مثلا،‏ انظر الى الاطار في الصفحة ٢٤.‏ ليست الآيات والاسئلة مصمَّمة لتُستخدم كمراجعة للفصل.‏ فهدفها هو مساعدتك على التأمل في اوجه مهمة اخرى للموضوع.‏ وكيف تستفيد جيدا من هذا الاطار؟‏ افتح كل الآيات المشار اليها،‏ واقرأها بإمعان.‏ ثم فكر في السؤال الذي يرافق كل آية.‏ تأمل في الاجوبة.‏ وقد تضطر الى القيام ببعض البحث.‏ اطرح على نفسك اسئلة اضافية:‏ ‹ماذا تخبرني هذه المعلومات عن يهوه؟‏ كيف تؤثر في حياتي؟‏ وكيف يمكن ان استعملها لمساعدة الآخرين؟‏›.‏

٢٤ يمكن لهذا التأمل ان يساعدنا على الاقتراب اكثر الى يهوه.‏ ولماذا؟‏ لأن الكتاب المقدس يربط التأمل بالقلب.‏ (‏مزمور ١٩:‏١٤‏،‏ ع‌ج‏)‏ فعندما نفكر بتقدير في ما نتعلمه عن الله،‏ تتغلغل المعلومات في قلبنا المجازي حيث تمسّ تفكيرنا وتحرّك مشاعرنا وتدفعنا في النهاية الى العمل.‏ كما تَعمُق محبتنا لله،‏ وهذه المحبة بدورها تجعلنا نرغب في ارضائه لأنه اعزّ صديق لنا.‏ (‏١ يوحنا ٥:‏٣‏)‏ ولكي ننعم بهذه العلاقة،‏ يجب علينا ان نعرف صفات يهوه وطرقه.‏ ولكن لنناقش اولا جانبا من شخصية الله يعطينا سببا قويا كي نقترب اليه:‏ قداسته.‏

^ ‎الفقرة 3‏ من المثير للاهتمام ان الكلمة العبرانية المترجمة ‹صداقة حميمة› تُستعمل في عاموس ٣:‏٧ التي تقول ان السيِّد الرب يهوه يعلن «سرَّه» لعبيده،‏ مخبرا اياهم مسبقا ما ينوي فعله.‏

^ ‎الفقرة 12‏ مثلا،‏ يتحدث الكتاب المقدس عن وجه الله،‏ عينيه،‏ اذنيه،‏ انفه،‏ فمه،‏ ذراعيه،‏ ورِجليه.‏ (‏مزمور ١٨:‏١٥؛‏ ٢٧:‏٨؛‏ ٤٤:‏٣؛‏ اشعياء ٦٠:‏١٣؛‏ متى ٤:‏٤؛‏ ١ بطرس ٣:‏١٢‏)‏ لا يجب ان تُفهم هذه التعابير المجازية حرفيا،‏ كما ان القول عن يهوه انه «الصخر» او «مجنّ» لا يُفهم حرفيا.‏ —‏ تثنية ٣٢:‏٤؛‏ مزمور ٨٤:‏١١‏.‏