الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

الفصل ١٠

‏‹الاقتداء بالله› عند استعمال قدرتك وسلطتك

‏‹الاقتداء بالله› عند استعمال قدرتك وسلطتك

١ ايّ خطر كامن يقع فيه البشر الناقصون بسهولة؟‏

‏«ما من سلطة لا يترصَّدها شرك ماكر».‏ هذه الكلمات،‏ التي تفوَّهت بها شاعرة عاشت في القرن الـ‍ ١٩،‏ تلفت الانتباه الى خطر كامن:‏ اساءة استعمال السلطة.‏ والمؤسف ان البشر الناقصين يقعون بسهولة بالغة في هذا الشرك.‏ نعم،‏ فطوال التاريخ «يتسلط انسان على انسان لضرر نفسه».‏ (‏جامعة ٨:‏٩‏)‏ وممارسة السلطة دون محبة سبَّبت للجنس البشري آلاما كثيرة.‏

٢،‏ ٣ (‏أ)‏ ما الامر اللافت للنظر بشأن استعمال يهوه لقدرته وسلطته؟‏ (‏ب)‏ ماذا يمكن ان تشمل القدرة والسلطة في حالتنا،‏ وكيف ينبغي ان نستعملهما؟‏

٢ ولكن ألا يلفت نظرك ان يملك يهوه الله قدرة وسلطة غير محدودتَين دون ان يسيء استعمالهما على الاطلاق؟‏ فقد رأينا في الفصول السابقة انه يستخدم دائما قدرته —‏ سواء كانت على الخلق او الإهلاك او الحماية او الرد —‏ بشكل ينسجم مع مقاصده الحبية.‏ وعندما نتأمل في الطريقة التي يستعمل بها قدرته وسلطته،‏ نندفع الى الاقتراب اليه.‏ وهذا بدوره يدفعنا الى ‹الاقتداء بالله› عند استعمال قدرتنا وسلطتنا.‏ (‏افسس ٥:‏١‏)‏ ولكن اية قدرة وسلطة نملكهما نحن البشر الضعفاء؟‏

٣ تذكَّر ان الانسان خُلق «على صورة الله» وشبهه.‏ (‏تكوين ١:‏​٢٦،‏ ٢٧‏)‏ لذلك نملك نحن ايضا القدرة،‏ على الاقل بعضا منها،‏ كما نملك مقدارا من السلطة.‏ ويشمل ذلك،‏ بين امور اخرى،‏ التمكن من العمل وتحقيق امور معينة؛‏ امتلاك نفوذ على الآخرين؛‏ امكانية ممارسة تأثير في الغير،‏ وخصوصا الذين يحبوننا؛‏ التمتع بقوة جسدية؛‏ او اقتناء موارد مادية.‏ يقول صاحب المزمور عن يهوه:‏ «عندك ينبوع الحياة».‏ (‏مزمور ٣٦:‏٩‏)‏ لذلك يُعتبر يهوه،‏ بطريقة مباشرة او غير مباشرة،‏ ينبوع ومصدر كل قدرة وسلطة شرعية قد نمتلكهما.‏ لذلك يحسن بنا ان نستعملهما بطرائق ترضيه.‏ فكيف نفعل ذلك؟‏

المحبة هي العامل الاهم

٤،‏ ٥ (‏أ)‏ ما هو العامل الاهم لاستعمال القدرة والسلطة بشكل صائب،‏ وكيف يَظهر ذلك في مثال الله؟‏ (‏ب)‏ كيف تساعدنا المحبة على استعمال قدرتنا وسلطتنا بشكل صائب؟‏

٤ العامل الاهم لاستعمال القدرة والسلطة بشكل صائب هو المحبة.‏ أوَلا يَظهر ذلك في مثال الله؟‏!‏ تذكَّر المناقشة حول صفات الله الرئيسية الاربع —‏ القدرة والعدل والحكمة والمحبة —‏ في الفصل ١.‏ اية صفة من هذه الصفات الاربع هي الغالبة؟‏ انها المحبة،‏ اذ تقول ١ يوحنا ٤:‏٨ ان «الله محبة».‏ نعم،‏ المحبة هي جوهر يهوه،‏ وتؤثر في كل ما يفعله.‏ لذلك مهما كانت الطريقة التي تتجلى بها قدرته،‏ نجد ان المحبة هي الدافع،‏ وأنها تؤدي في النهاية الى خير الذين يحبونه.‏

٥ تساعدنا المحبة نحن ايضا على استعمال قدرتنا وسلطتنا بشكل صائب.‏ فالكتاب المقدس يخبرنا ان المحبة «لطيفة» و «لا تطلب مصلحتها الخاصة».‏ (‏١ كورنثوس ١٣:‏​٤،‏ ٥‏)‏ لذلك لا تدعنا المحبة نتصرف بطريقة جافة او قاسية تجاه مَن نملك مقدارا من السلطة عليهم،‏ بل تجعلنا نعاملهم بكرامة ونعطي حاجاتهم ومشاعرهم الاولوية على حاجاتنا ومشاعرنا.‏ —‏ فيلبي ٢:‏​٣،‏ ٤‏.‏

٦،‏ ٧ (‏أ)‏ ما هي التقوى،‏ ولماذا تساعدنا هذه الصفة على تجنب اساءة استعمال القدرة والسلطة؟‏ (‏ب)‏ أعطِ مثلا يُظهر ارتباط الخوف من عدم ارضاء الله بمحبتنا له.‏

٦ ترتبط المحبة بصفة اخرى تساعدنا على تجنب اساءة استعمال القدرة والسلطة.‏ انها التقوى،‏ اي خوف الله.‏ فما قيمة هذه الصفة؟‏ تقول الامثال ١٦:‏٦‏:‏ «في مخافة الرب الحيدان عن الشر».‏ ولا شك ان اساءة استعمال القدرة والسلطة هي بين الامور الشريرة التي ينبغي ان نحيد عنها.‏ ومخافة الله ستمنعنا من اساءة معاملة مَن نملك سلطة عليهم.‏ ولماذا؟‏ احد الاسباب هو اننا نعلم اننا مسؤولون امام الله عن طريقة معاملتنا للآخرين.‏ (‏نحميا ٥:‏​١-‏٧،‏ ١٥‏)‏ لكنَّ التقوى تشمل اكثر من ذلك.‏ فكلمة «اتقى» او «خاف» في اللغات الاصلية تشير غالبا الى التوقير العميق ومهابة الله.‏ ويربط الكتاب المقدس التقوى والخوف بمحبة الله.‏ (‏تثنية ١٠:‏​١٢،‏ ١٣‏)‏ لذا تتضمن هذه المهابة التوقيرية خوفا سليما من عدم ارضاء الله —‏ ليس لأننا نخاف من العواقب فحسب بل لأننا نحبه حقا.‏

٧ لإيضاح ذلك:‏ فكِّر في العلاقة الثمينة التي تربط الصبي الصغير بأبيه.‏ فالصبي يشعر باهتمام ابيه الحبي والرقيق نحوه.‏ لكنَّ الصبي يعرف ايضا ما يتطلبه ابوه منه،‏ ويعرف ان اباه سيؤدبه اذا اساء التصرف.‏ ومع ذلك لا يعيش الصبي في خوف غير سليم من ابيه.‏ على العكس،‏ فهو يحب اباه حُبًّا جمًّا.‏ ويفرح الصغير حين يفعل ما يجعل اباه راضيا عنه.‏ هكذا هو الامر بالنسبة الى خوف الله.‏ فلأننا نحب ابانا السماوي يهوه،‏ نخشى ان نفعل شيئا ‹يملأ قلبه حزنا›.‏ (‏تكوين ٦:‏٦‏،‏ ترجمة تفسيرية‏)‏ ونسعى جاهدين الى تفريح قلبه.‏ (‏امثال ٢٧:‏١١‏)‏ لهذا السبب يحسن بنا ان نستعمل قدرتنا وسلطتنا بشكل صائب.‏ فلنرَ كيف يمكننا فعل ذلك بطرائق عملية.‏

ضمن العائلة

٨ (‏أ)‏ اية سلطة يملكها الازواج في العائلة،‏ وكيف يجب ان تمارَس؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكن للزوج ان يُظهر انه يكرم زوجته؟‏

٨ لنبدأ اولا بالدائرة العائلية.‏ تقول افسس ٥:‏٢٣‏:‏ «الزوج رأس زوجته».‏ فكيف يجب ان يمارس الزوج سلطته هذه المعطاة من الله؟‏ يأمر الكتاب المقدس الازواج ان يسكنوا مع زوجاتهم «بحسب المعرفة،‏ معطين اياهن كرامة كإناء اضعف».‏ (‏١ بطرس ٣:‏٧‏)‏ ان الاسم اليوناني المترجم ‏«كرامة» يعني «اعتبار،‏ قيمة،‏ .‏ .‏ .‏ احترام».‏ وتُنقل صيغ لهذه الكلمة الى «عطايا» و «ثمين».‏ (‏اعمال ٢٨:‏١٠؛‏ ١ بطرس ٢:‏​٧‏،‏ تف‏)‏ والزوج الذي يكرم زوجته لا يسيء اليها جسديا البتة،‏ كما انه لا يذلها او يحط من قدرها،‏ جاعلا اياها تشعر ان لا قيمة لها.‏ على العكس،‏ يدرك الزوج قيمتها ويعاملها باحترام.‏ ويُظهر بالكلام والعمل —‏ سواء كانا وحدهما او امام الآخرين —‏ انها غالية في نظره.‏ (‏امثال ٣١:‏٢٨‏)‏ وإذا تصرف الزوج هكذا،‏ لا يحظى بمحبة زوجته واحترامها فحسب،‏ بل ينال ما هو اهم:‏ رضى الله.‏

يستخدم الازواج والزوجات سلطتهم وقدراتهم بشكل صائب حين يعاملون بعضهم بعضا بمحبة واحترام

٩ (‏أ)‏ اية قدرات تملكها الزوجات في العائلة؟‏ (‏ب)‏ ماذا يمكن ان يساعد الزوجة على استخدام مقدراتها لتدعم زوجها،‏ وماذا تكون النتيجة؟‏

٩ وللزوجات ايضا قدرات يمكن ان يمارسنها في العائلة.‏ ويتحدث الكتاب المقدس عن نساء تقيَّات اخذن المبادرة،‏ دون خروج عن اطار الرئاسة اللائقة،‏ وأثَّرن في ازواجهن بطريقة ايجابية او ساعدْنَهم على تفادي اتخاذ قرارات خاطئة.‏ (‏تكوين ٢١:‏​٩-‏١٢؛‏ ٢٧:‏٤٦–‏٢٨:‏٢‏)‏ وقد تملك الزوجة فطنة اكثر من زوجها،‏ او ربما تتمتع بمقدرات لا يملكها هو.‏ ومع ذلك،‏ يجب عليها ان تحترم زوجها «احتراما عميقا» و «تخضع» له «كما للرب».‏ (‏افسس ٥:‏​٢٢،‏ ٣٣‏)‏ وعندما تفكّر الزوجة في ان هدفها هو ارضاء الله،‏ يمكن ان يساعدها ذلك على استخدام مقدراتها لتدعم زوجها لا لتقلل من شأنه او تحاول ان تسود عليه.‏ وهذه ‹المرأة الحكيمة› تتعاون بشكل وثيق مع زوجها لتقوية العائلة.‏ وهي بذلك تحافظ على السلام مع الله.‏ —‏ امثال ١٤:‏١‏.‏

١٠ (‏أ)‏ اية سلطة منحها الله للوالدين؟‏ (‏ب)‏ ما معنى كلمة «تأديب»،‏ وكيف ينبغي ان يمارَس؟‏ (‏انظر ايضا الحاشية.‏)‏

١٠ كذلك منح الله الوالدين السلطة.‏ لذا ينصح الكتاب المقدس:‏ «وأنتم،‏ ايها الآباء،‏ لا تثيروا غضب اولادكم،‏ بل داوموا على تربيتهم في تأديب يهوه وتوجيهه الفكري».‏ (‏افسس ٦:‏٤‏)‏ يمكن ان تعني كلمة «تأديب» في الكتاب المقدس «تربية،‏ تدريب،‏ وإرشاد».‏ فالاولاد بحاجة الى التأديب،‏ وستكون حياتهم اسعد وأفضل اذا وُضعت لهم ارشادات وحدود واضحة.‏ ويربط الكتاب المقدس هذا التأديب،‏ او الارشاد،‏ بالمحبة.‏ (‏امثال ١٣:‏٢٤‏)‏ لذلك ينبغي ألا تُستعمل «عصا التأديب» ابدا بطريقة تسبب الاساءة،‏ سواء من الناحية العاطفية او الجسدية.‏ * (‏امثال ٢٢:‏١٥؛‏ ٢٩:‏١٥‏)‏ والتأديب القاسي المجرد من المحبة هو اساءة لاستعمال سلطة الوالدين،‏ ويمكن ان يسحق روح الولد.‏ (‏كولوسي ٣:‏٢١‏)‏ أما التأديب المتَّزن الذي يمارَس بالطريقة اللائقة فيفهم منه الاولاد ان والديهم يحبونهم وأنه يهمُّهم ان يتحلى اولادهم بشخصية جيدة عندما يكبرون.‏

١١ كيف يمكن للاولاد ان يستعملوا قدرتهم بشكل صائب؟‏

١١ وماذا عن الاولاد؟‏ كيف يمكنهم ان يستعملوا قدرتهم بشكل صائب؟‏ تقول الامثال ٢٠:‏٢٩‏:‏ «فخر الشبان قوتهم».‏ ولا يوجد مجال يستخدم فيه الشبان قوتهم ونشاطهم افضل من خدمة ‹خالقنا›.‏ (‏جامعة ١٢:‏١‏)‏ كما يحسن بالشبان ان يذكروا ان ما يفعلونه يمكن ان يؤثر في مشاعر والديهم.‏ (‏امثال ٢٣:‏​٢٤،‏ ٢٥‏)‏ لذلك عندما يطيع الاولاد والديهم الاتقياء ويتخذون مسلكا صائبا،‏ فإنهم بذلك يفرّحون قلوبهم.‏ (‏افسس ٦:‏١‏)‏ وهذا الامر «مَرْضيّ جدا في الرب».‏ —‏ كولوسي ٣:‏٢٠‏.‏

ضمن الجماعة

١٢،‏ ١٣ (‏أ)‏ اية نظرة ينبغي ان يملكها الشيوخ حيال سلطتهم في الجماعة؟‏ (‏ب)‏ اوضح لماذا ينبغي ان يعامل الشيوخ الرعية برقة.‏

١٢ هيَّأ يهوه نظارا ليتولَّوا القيادة في الجماعة المسيحية.‏ (‏عبرانيين ١٣:‏١٧‏)‏ ويجب على هؤلاء الرجال المؤهلين ان يستعملوا سلطتهم المعطاة من الله لتقديم المساعدة اللازمة والمساهمة في خير الرعية.‏ فهل يتيح مركز الشيوخ لهم ان يسودوا على رفقائهم المؤمنين؟‏ طبعا لا!‏ فيلزم ان يملك الشيوخ نظرة متزنة ومتواضعة الى دورهم في الجماعة.‏ (‏١ بطرس ٥:‏​٢،‏ ٣‏)‏ ويأمر الكتاب المقدس النظار:‏ ‹ارعوا جماعة الله التي اشتراها بدم ابنه›.‏ (‏اعمال ٢٠:‏٢٨‏)‏ وهذا سبب قوي ليعاملوا كل فرد في الرعية برقة.‏

١٣ يمكن ايضاح ذلك بهذه الطريقة.‏ يطلب منك صديق حميم ان تعتني بشيء عزيز يملكه.‏ وأنت تعرف ان صديقك دفع مبلغا كبيرا للحصول عليه.‏ أفلا تُولي هذا الشيء فائق اهتمامك،‏ وتعتني به عناية شديدة؟‏ كذلك ائتمن الله الشيوخ على مسؤولية الاعتناء بشيء له قيمة كبيرة:‏ الجماعة التي يشبَّه افرادها بالخراف.‏ (‏يوحنا ٢١:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ وخراف يهوه عزيزة على قلبه،‏ عزيزة جدا حتى انه اشتراها بالدم الكريم الذي لابنه المولود الوحيد يسوع المسيح.‏ ولا يوجد ثمن اغلى يدفعه يهوه لشراء خرافه.‏ ان الشيوخ المتواضعين يُبقون هذا الامر في البال،‏ وعلى هذا الاساس يعاملون خراف يهوه.‏

قدرة «اللسان»‏

١٤ ماذا في قدرة اللسان ان يفعل؟‏

١٤ يقول الكتاب المقدس:‏ «الموت والحياة في يد اللسان».‏ (‏امثال ١٨:‏٢١‏)‏ ولا احد ينكر ان اللسان قادر على التسبب بأذى كبير.‏ فمَن منا لم يشعر بلسعة كلام جارح،‏ وربما محقِّر ايضا؟‏!‏ ولكن في قدرة اللسان ان يُصلِح ايضا.‏ تقول الامثال ١٢:‏١٨‏:‏ «اما لسان الحكماء فشفاء».‏ نعم،‏ يمكن ان يشبَّه الكلام الايجابي وغير المؤذي بوضع بلسم ملطِّف وشافٍ للقلب.‏ تأمل في بعض الامثلة.‏

١٥،‏ ١٦ بأية طرائق يمكن استعمال اللسان لتشجيع الآخرين؟‏

١٥ تحثّ ١ تسالونيكي ٥:‏١٤ قائلة:‏ «عزّوا النفوس المكتئبة».‏ نعم،‏ حتى خدام يهوه الامناء قد يضطرون احيانا الى محاربة الكآبة.‏ فكيف يمكن مساعدة هؤلاء؟‏ اذكر اطراءً محدَّدا ونابعا من القلب تساعدهم به على رؤية قيمتهم في نظر يهوه.‏ اقرأ معهم آيات مؤثرة من الكتاب المقدس تُظهر ان يهوه يهتم فعلا لأمرهم ويحب «المنكسري القلوب» و «المنسحقي الروح».‏ (‏مزمور ٣٤:‏١٨‏)‏ وبما ان اللسان قادر على مؤاساة الآخرين،‏ فباستخدامنا اياه على هذا النحو نُظهر اننا نقتدي بإلهنا الرؤوف،‏ الذي «يعزِّي المنسحقين».‏ —‏ ٢ كورنثوس ٧:‏٦‏.‏

١٦ يمكننا ايضا ان نستعمل لساننا لمنح الآخرين التشجيع الضروري جدا.‏ فهل مات شخص عزيز على قلب احد الرفقاء المؤمنين؟‏ يمكن لكلماتنا المتعاطفة التي تعبِّر عن الاهتمام ان تعزّي القلب المفجوع.‏ وهل يشعر اخ مسن،‏ او اخت مسنة،‏ ان لا احد يحتاج اليه؟‏ بإمكان الشخص المتعاطف ان يؤكد لهؤلاء المسنين انهم اعزّاء وموضع تقدير.‏ وهل يصارع احد مرضا مزمنا؟‏ يمكن للكلمات اللطيفة عبر الهاتف او خلال زيارة شخصية ان تساهم كثيرا في رفع معنويات المريض.‏ وكم يُسرّ خالقنا دون شك حين نستعمل القدرة على النطق للتفوه بكلام ‹صالح للبنيان›!‏ —‏ افسس ٤:‏٢٩‏.‏

المناداة بالبشارة —‏ وسيلة ممتازة نستعمل بها قدرتنا

١٧ بأية طريقة مهمة يمكننا ان نستعمل لساننا لفائدة الآخرين،‏ ولماذا ينبغي ان نفعل ذلك؟‏

١٧ لا توجد طريقة للاستفادة من قدرة اللسان اهم من إخبار الآخرين برسالة ملكوت الله.‏ تقول الامثال ٣:‏٢٧‏:‏ «لا تمنع الخير عن اهله حين يكون في طاقة [اي قدرة] يدك ان تفعله».‏ ويقع علينا التزام إخبار الآخرين بالبشارة التي تنقذ حياتهم.‏ فليس صائبا ان نحتفظ لأنفسنا بالرسالة الملحة التي اعطانا اياها يهوه بجزيل سخائه.‏ (‏١ كورنثوس ٩:‏​١٦،‏ ٢٢‏)‏ ولكن الى ايّ حد يتوقع يهوه منا ان نشارك في هذا العمل؟‏

خدمة يهوه ‹بكل قوتنا›‏

١٨ ماذا يتوقع يهوه منا؟‏

١٨ تدفعنا محبتنا ليهوه الى الاشتراك بشكل كامل في الخدمة المسيحية.‏ فماذا يتوقع يهوه منا في هذا الشأن؟‏ انه يتوقع شيئا يمكننا نحن جميعا ان نقدّمه،‏ مهما كان وضعنا في الحياة:‏ «مهما كنتم تفعلون،‏ فاعملوه من كل النفس كما ليهوه،‏ وليس للناس».‏ (‏كولوسي ٣:‏٢٣‏)‏ كما قال يسوع عند تحدثه عن اعظم الوصايا:‏ «تحب يهوه الهك بكل قلبك وبكل نفسك وبكل عقلك وبكل قوتك».‏ (‏مرقس ١٢:‏٣٠‏)‏ نعم،‏ يتوقع يهوه من كل واحد منا ان يحبه ويخدمه من كل النفس.‏

١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ بما ان النفس تشمل القلب والفكر والقوة،‏ فلماذا تُذكر هذه الاوجه الاخرى مع النفس في مرقس ١٢:‏٣٠‏؟‏ (‏ب)‏ ماذا تعني خدمة يهوه من كل النفس؟‏

١٩ وماذا تعني خدمة الله من كل النفس؟‏ تشير النفس الى كامل الشخص،‏ بكل قدراته الجسدية والفكرية.‏ ولكن بما ان النفس تشمل القلب والفكر والقوة،‏ فلماذا تُذكر هذه الاوجه الاخرى مع النفس في مرقس ١٢:‏٣٠‏؟‏ تأمل في هذا الايضاح.‏ في ازمنة الكتاب المقدس،‏ كان يمكن ان يبيع الشخص نفسه للعبودية.‏ لكنَّ هذا لا يعني ان العبد سيخدم سيده من كل قلبه،‏ وربما لن يستعمل كل قوته او كل طاقاته الفكرية لترويج مصالح سيده.‏ (‏كولوسي ٣:‏٢٢‏)‏ لذلك ذكر يسوع كما يَظهر هذه الامور الاخرى ليشدد على اهمية عدم التراخي في ايّ شيء عند تقديم خدمتنا لله.‏ فخدمة الله من كل النفس تعني ان نبذل من انفسنا ونستعمل قوتنا وطاقاتنا الى اقصى حد ممكن في خدمته.‏

٢٠ وهل تعني الخدمة من كل النفس انه يجب علينا جميعا ان نصرف نفس كمية الوقت والطاقة في الخدمة؟‏ هذا الامر مستحيل،‏ لأن الظروف والقدرات تختلف من شخص الى آخر.‏ مثلا،‏ قد يتمكن الشاب الذي يتمتع بصحة جيدة وقوة جسدية ان يصرف في الكرازة وقتا اطول من الوقت الذي يصرفه مَن أضعفت الشيخوخة قواه.‏ وقد يتمكن الشخص الاعزب الذي لا تقع عليه التزامات عائلية ان ينجز اكثر من الذي عنده عائلة ليعتني بها.‏ وكم ينبغي ان نكون شاكرين اذا تمتعنا بالقوة وتوفرت لنا الظروف التي تمكّننا من فعل الكثير في الخدمة!‏ وطبعا،‏ لن نسمح لذلك بأن يجعلنا ننمّي روحا انتقادية،‏ مقارنين انفسنا بالآخرين في هذا المجال.‏ (‏روما ١٤:‏​١٠-‏١٢‏)‏ عوض ذلك،‏ يجب ان نستعمل قدرتنا لتشجيع الآخرين.‏

٢١ ما هي افضل وأهم وسيلة نستعمل بها قدرتنا؟‏

٢١ رسم يهوه المثال الكامل في استعمال قدرته وسلطته بشكل صائب.‏ ويحسن بنا ان نبذل قصارى جهدنا كبشر ناقصين لنقتدي به.‏ فيمكننا ان نستعمل قدرتنا وسلطتنا بشكل صائب حين نعامل مَن نملك مقدارا من السلطة عليهم بكرامة.‏ كما انه يحسن بنا ان نتمم العمل الكرازي المنقذ للحياة،‏ الذي امرَنا يهوه بإنجازه،‏ من كل النفس.‏ (‏روما ١٠:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏ وتذكَّر ان يهوه يُسرّ عندما تبذل افضل ما لديك وتخدمه من كل نفسك.‏ أفلا يجعلك قلبك ترغب في بذل قصارى جهدك في خدمة هذا الاله المحب والمتفهِّم؟‏ ليست هنالك وسيلة افضل او اهم نستعمل بها قدرتنا.‏

^ ‎الفقرة 10‏ في ازمنة الكتاب المقدس،‏ كانت الكلمة العبرانية المترجمة «عصا» تعني قضيبا او عكازا،‏ كالذي يستعمله الراعي ليُرشِد خرافه.‏ (‏مزمور ٢٣:‏٤‏)‏ وهكذا تشير «عصا» السلطة الابوية الى الارشاد الحبي لا الى عقاب قاسٍ او وحشي.‏