بَيْنَمَا يَكْرِزُ يَسُوعُ وَتَلَامِيذُهُ ٱلْأَرْبَعَةُ ‹فِي ٱلْمَجَامِعِ فِي كُلِّ ٱلْجَلِيلِ›،‏ يَتَدَاوَلُ ٱلنَّاسُ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَعْمَالَهُ ٱلرَّائِعَةَ.‏ (‏مرقس ١:‏٣٩‏)‏ وَتَصِلُ أَخْبَارُهُ إِلَى مَدِينَةٍ فِيهَا رَجُلٌ مَرِيضٌ بِٱلْبَرَصِ يَصِفُهُ ٱلطَّبِيبُ لُوقَا أَنَّهُ «مَمْلُوءٌ بَرَصًا».‏ (‏لوقا ٥:‏١٢‏)‏ فَهٰذَا ٱلْمَرَضُ ٱلْكَرِيهُ،‏ فِي مَرَاحِلِهِ ٱلْمُتَقَدِّمَةِ،‏ يُشَوِّهُ تَدْرِيجِيًّا عِدَّةَ أَعْضَاءٍ فِي ٱلْجِسْمِ.‏

لِذَا يَعِيشُ هٰذَا ٱلْأَبْرَصُ حَالَةً يُرْثَى لَهَا.‏ فَفَضْلًا عَنْ دَائِهِ ٱلْمُضْنِي،‏ عَلَيْهِ ٱلسَّكَنُ بِمَعْزِلٍ عَنِ ٱلْآخَرِينَ.‏ وَحِينَ يَرَى أُنَاسًا،‏ يَلْزَمُ أَنْ يُنَادِيَ مِنْ بَعِيدٍ:‏ «نَجِسٌ،‏ نَجِسٌ!‏» لِئَلَّا يَقْتَرِبُوا مِنْهُ وَيَلْتَقِطُوا ٱلْعَدْوَى.‏ (‏لاويين ١٣:‏​٤٥،‏ ٤٦‏)‏ وَلٰكِنْ مَاذَا يَفْعَلُ حِينَ يُبْصِرُ يَسُوعَ؟‏ يَدْنُو مِنْهُ وَيَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ مُتَوَسِّلًا:‏ «يَا رَبُّ،‏ إِنْ أَرَدْتَ،‏ فَأَنْتَ قَادِرٌ أَنْ تُطَهِّرَنِي».‏ —‏ متى ٨:‏٢‏.‏

أَوَلَيْسَ قَوِيًّا إِيمَانُ هٰذَا ٱلرَّجُلِ بِٱلْمَسِيحِ؟‏!‏ فَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ يَسُوعُ حِينَ يَرَى مَنْظَرَهُ ٱلَّذِي يَفْطُرُ ٱلْقَلْبَ؟‏ وَكَيْفَ تَتَصَرَّفُ أَنْتَ لَوْ كُنْتَ مَحَلَّهُ؟‏ مَدْفُوعًا بِٱلرَّأْفَةِ وَٱلْحَنَانِ،‏ يَمُدُّ يَسُوعُ يَدَهُ وَيَلْمُسُهُ قَائِلًا:‏ «أُرِيدُ،‏ فَٱطْهُرْ».‏ (‏متى ٨:‏٣‏)‏ وَلَعَلَّ بَعْضَ ٱلنَّاظِرِينَ لَا يُصَدِّقُونَ أَعْيُنَهُمْ حِينَ يَزُولُ عَنْهُ ٱلْبَرَصُ فِي ٱلْحَالِ.‏

أَفَلَا تَرْغَبُ أَنْ يَمْلِكَ عَلَيْكَ مَلِكٌ رَؤُوفٌ وَقَدِيرٌ مِثْلُ يَسُوعَ؟‏!‏ إِنَّ ٱلطَّرِيقَةَ ٱلَّتِي عَامَلَ بِهَا ٱلْأَبْرَصَ تُعْطِينَا ضَمَانَةً بِشَأْنِ ٱلْمُسْتَقْبَلِ.‏ فَعِنْدَمَا يَحْكُمُ عَلَى ٱلْأَرْضِ بِأَسْرِهَا،‏ تَتِمُّ نُبُوَّةُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ:‏ «يُشْفِقُ عَلَى ٱلْمِسْكِينِ وَٱلْفَقِيرِ،‏ وَيُخَلِّصُ نُفُوسَ ٱلْفُقَرَاءِ».‏ (‏مزمور ٧٢:‏١٣‏)‏ فَيَسُوعُ سَيُحَقِّقُ آنَذَاكَ مُنْيَةَ قَلْبِهِ أَنْ يُرِيحَ كُلَّ ٱلْمَرْضَى وَٱلْبَائِسِينَ مِنْ عَذَابَاتِهِمْ.‏

إِنَّ أَخْبَارَ يَسُوعَ تَتَرَدَّدُ عَلَى كُلِّ شَفَةٍ وَلِسَانٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَشْفِيَ ٱلْأَبْرَصَ،‏ فَكَمْ بِٱلْأَحْرَى بَعْدَ هٰذِهِ ٱلْعَجِيبَةِ ٱلْمُذْهِلَةِ؟‏!‏ لٰكِنَّ يَسُوعَ لَا يُرِيدُ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ ٱلنَّاسُ عَلَى أَسَاسِ أَخْبَارٍ مُتَنَاقَلَةٍ.‏ فَهُوَ يَعْلَمُ بِٱلنُّبُوَّةِ ٱلْقَائِلَةِ إِنَّهُ «لَا يُسْمِعُ صَوْتَهُ فِي ٱلشَّارِعِ» لِمُجَرَّدِ أَنْ يُمَجِّدَ نَفْسَهُ وَيَلْفِتَ ٱلْأَنْظَارَ.‏ (‏اشعيا ٤٢:‏​١،‏ ٢‏)‏ لِذٰلِكَ يُوصِي ٱلْأَبْرَصَ ٱلَّذِي شَفَاهُ:‏ «اُنْظُرْ أَلَّا تَقُولَ لِأَحَدٍ،‏ بَلِ ٱذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَرِّبِ ٱلْقُرْبَانَ ٱلَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى».‏ —‏ متى ٨:‏٤‏.‏

وَلٰكِنْ كَمَا هُوَ مُتَوَقَّعٌ،‏ يَطِيرُ ٱلرَّجُلُ مِنَ ٱلْفَرَحِ إِلَى حَدٍّ يَعْجَزُ مَعَهُ عَنْ كِتْمَانِ ٱلْخَبَرِ.‏ فيُذِيعُهُ فِي كُلِّ ٱلْأَنْحَاءِ،‏ مَا يُثِيرُ ٱهْتِمَامَ ٱلنَّاسِ وَفُضُولَهُمْ أَكْثَرَ مِنْ قَبْلُ.‏ حَتَّى إِنَّ يَسُوعَ لَا يَعُودُ قَادِرًا أَنْ يَدْخُلَ مَدِينَةً عَلَنًا.‏ فَيَبْقَى فَتْرَةً مِنَ ٱلْوَقْتِ فِي أَمَاكِنَ مُنْعَزِلَةٍ لَا يَسْكُنُهَا أَحَدٌ.‏ رَغْمَ ذٰلِكَ،‏ يَأْتِيهِ ٱلنَّاسُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ لِيُعَلِّمَهُمْ وَيَشْفِيَهُمْ.‏