الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

الدرس ٣

‏«بدأتُ أرى رؤى إلهية»‏

‏«بدأتُ أرى رؤى إلهية»‏

حزقيال ١:‏١

فكرة الدرس الرئيسية:‏ رؤيا حزقيال عن المركبة السماوية

١-‏٣ (‏أ)‏ صِف ما رآه حزقيال وسمعه.‏ (‏أُنظر الصورة في بداية الدرس.‏)‏ (‏ب)‏ أي قوة جعلت حزقيال يرى هذه الرؤيا،‏ وكيف أثَّر فيه ذلك؟‏

 لا يُصدِّق حزقيال ما تراه عيناه.‏ يحاول أن يُحدِّق أكثر نحو السهول الرملية البعيدة ليفهم ما سر هذه العاصفة العجيبة.‏ ولكن فيما تشتد الرياح الشمالية،‏ يرى منظرًا لم يرَ مثله في حياته:‏ غيمة ضخمة عظيمة جدًّا تُضيئها من الداخل نار تلمع وتبرق،‏ كأنها مزيج من ذهب وفضة.‏ ويسمع حزقيال هديرًا قويًّا جدًّا كأنه صوت جيش ضخم.‏ وكلما اقتربت الغيمة منه،‏ قوِيَ صوت الهدير أكثر.‏ —‏ حز ١:‏٤،‏ ٢٤‏.‏

٢ كان عمر حزقيال هنا ٣٠ سنة تقريبًا.‏ وهذه الرؤيا هي الأولى من سلسلة رؤى لن ينساها في حياته.‏ قال حزقيال إن «قدرة يهوه»،‏ أي روحه القدس،‏ «تعمل فيه».‏ وهذا الروح سيجعل حزقيال يرى ويسمع أمورًا رائعة تفوق الخيال،‏ أروع بكثير من كل ما يُقدِّمه صُنَّاع الأفلام اليوم.‏ وما يراه سيُبهره لدرجة أنه سيسجد ووجهه إلى الأرض.‏ —‏ حز ١:‏٣،‏ ٢٨‏.‏

٣ لكن يهوه لم يُرِد فقط أن يُبهِر هذا الشاب.‏ فكل الرؤى التي رآها حزقيال وكتبها في سفره المشوِّق أوصلت رسائل كثيرة له ولخدام يهوه الأمناء اليوم.‏ لنتأمل الآن في ما رآه حزقيال وسمعه.‏

الزمان والمكان

٤،‏ ٥ تحدَّثْ عن الزمان والمكان اللذَين رأى فيهما حزقيال الرؤيا.‏

٤ إقرأ حزقيال ١:‏١-‏٣‏.‏ لنتحدث عن الزمان والمكان اللذين رأى فيهما حزقيال هذه الرؤيا.‏ السنة كانت ٦١٣ ق‌م.‏ ومثلما رأينا في الدرس السابق،‏ كان حزقيال يعيش في بابل بين مجموعة من اليهود الأسرى قرب نهر كَبار.‏ ويبدو أن هذا النهر كان قناة ماء اصطناعية تستطيع المراكب عبورها.‏ وهو يتفرَّع من نهر الفرات ثم يعود ويصبُّ فيه مجددًا.‏

كان حزقيال يعيش بين مجموعة من اليهود الأسرى قرب نهر كَبار (‏أُنظر الفقرة ٤)‏

٥ إن هؤلاء الأسرى بعيدون عن مدينتهم أورشليم نحو ٨٠٠ كلم.‏ a والهيكل،‏ الذي خدم فيه والد حزقيال ككاهن،‏ تغلغل فيه الفساد وعبادة الأصنام.‏ أما العرش في أورشليم حيث حكم ملوك عظماء مثل داود وسليمان،‏ فصار الآن في وضع مُخجِل.‏ فمنذ فترة،‏ جلس على العرش الملك الشرير يهوياكين الذي أُخذ أسيرًا إلى بابل.‏ وحتى الملك الذي أتى بعده،‏ صدقيا،‏ لم يكن أفضل منه.‏ فهو كان رجلًا شريرًا وشخصيته ضعيفة.‏ —‏ ٢ مل ٢٤:‏٨-‏١٢،‏ ١٧،‏ ١٩‏.‏

٦،‏ ٧ لماذا ربما شعر حزقيال أنه يعيش في أبشع فترة في حياته؟‏

٦ لا نبالغ إذا قلنا إن هذه الفترة كانت أبشع فترة في حياة الرجل الأمين حزقيال.‏ فربما تساءل بعض رفاقه الأسرى:‏ ‹هل تركَنا يهوه؟‏ هل سمح لبابل أن تقضي على العبادة النقية وتُزيل حكمه من الأرض؟‏ هل ربحَت هذه الإمبراطورية الشريرة مع آلهتها المزيفة؟‏›.‏

٧ لنُبقِ هذه المعلومات في بالنا فيما نناقش رؤيا حزقيال.‏ ولكن ما رأيك أولًا أن تبدأ درسك الشخصي بقراءة حزقيال ١:‏٤-‏٢٨‏؟‏ وعندما تقرأ هذه الآيات،‏ ضع نفسك مكان حزقيال وحاول أن ترى ما رآه وتُحس بما أحسَّ به.‏

نهر الفرات قرب كركميش (‏أُنظر الفقرات ٥-‏٧)‏

مركبة استثنائية

٨ ماذا رأى حزقيال في الرؤيا،‏ وماذا يُمثِّل ما رآه؟‏

٨ يرى حزقيال مركبة عظيمة توحي بالرهبة.‏ كان لها أربع عجَلات ضخمة يقف إلى جانبها أربعة مخلوقات روحانية أشكالها غريبة،‏ يتبيَّن لاحقًا أنها كروبيم.‏ (‏حز ١٠:‏١‏)‏ وفوق هذه المخلوقات الحية والعجَلات،‏ يمتد لوح كبير يلمع كالجليد.‏ وعلى هذا اللوح،‏ هناك عرش مليء بالمجد يجلس عليه يهوه نفسه.‏ فماذا تُمثِّل هذه المركبة؟‏ كل ما رآه حزقيال يُمثِّل أمرًا واحدًا:‏ الجزء السماوي من هيئة يهوه الكونية.‏ لماذا نقول ذلك؟‏ إليك ثلاثة أسباب.‏

٩ لماذا نقول إن علاقة يهوه بمخلوقاته السماوية تُشبه مركبة هو يقودها؟‏

٩ مركز يهوه نسبةً إلى مخلوقاته السماوية.‏ في هذه الرؤيا،‏ يُوصَف عرش يهوه بأنه فوق الكروبيم.‏ وفي آيات أخرى،‏ يُوصَف يهوه بطريقة مشابهة بأنه يجلس على عرشه فوق الكروبيم أو بينهم.‏ ‏(‏إقرأ ٢ ملوك ١٩:‏١٥؛‏ خر ٢٥:‏٢٢؛‏ مز ٨٠:‏١‏)‏ طبعًا،‏ هذا لا يعني أنه يجلس حرفيًّا فوق الكروبيم كما لو أنه بحاجة أن تحمله هذه المخلوقات الروحانية القوية.‏ وهو لا يحتاج أيضًا أن يقود مركبة حرفية ليتنقَّل.‏ بل المقصود ببساطة أن الكروبيم يدعمون سيادته.‏ فهم يُطيعون سيدهم ويذهبون إلى حيث يُرسلهم ليُنفِّذوا مشيئته.‏ ومثل باقي الملائكة القدوسين،‏ يُنفِّذون قرارات يهوه بصفتهم خدامه أو ممثلين عنه.‏ (‏مز ١٠٤:‏٤‏)‏ إذًا «يقود» يهوه جميع ملائكته ويوجِّههم بصفته سيدًا عليهم،‏ كما لو أنهم يُشكِّلون مركبة ضخمة موحَّدة.‏

١٠ على أي أساس نقول إن المركبة السماوية تشمل أكثر من أربعة كروبيم؟‏

١٠ هذه المركبة لا تشمل أربعة كروبيم فقط.‏ يُستعمَل الرقم أربعة عادةً في الكتاب المقدس ليُشير إلى شيء متوازن تمامًا ومتناسق وشامل،‏ أي يشمل الجميع دون استثناء.‏ إذًا يرمز الكروبيم الأربعة إلى كل أولاد اللّٰه الروحانيين الأولياء.‏ لاحِظ أيضًا أن العجَلات وحتى الكروبيم مليئون بالعيون.‏ ولا بد أن كل هذا التيقُّظ يشمل أكثر من أربعة كائنات روحانية.‏ ومن طريقة وصف حزقيال للمركبة،‏ نستنتج أنه حتى الكروبيم العظماء يبدون صغارًا أمام هذه المركبة الضخمة.‏ (‏حز ١:‏١٨،‏ ٢٢؛‏ ١٠:‏١٢‏)‏ بشكل مشابه،‏ الجزء السماوي من هيئة يهوه ضخم،‏ ويشمل أكثر بكثير من أربعة كروبيم.‏

ذُهل حزقيال حين رأى رؤيا عن مركبة يهوه السماوية (‏أُنظر الفقرات ٨-‏١٠)‏

١١ أي رؤيا مشابهة نالها دانيال،‏ وماذا نستنتج؟‏

١١ رأى دانيال رؤيا مشابهة عن السماء.‏ عاش النبي دانيال سنواتِ الأسر الطويلة في بابل،‏ وهو أيضًا نال رؤيا عن السماء.‏ والملفت أن عرش يهوه في هذه الرؤيا أيضًا كان له عجَلات.‏ وقد ركَّزت رؤيا دانيال على ضخامة عائلة يهوه الروحية في السماء.‏ فهو رأى ‹آلافًا كثيرة وملايين كثيرة› من أبناء اللّٰه الروحانيين يقفون قدَّامه ويُشكِّلون محكمة سماوية.‏ وكما يبدو،‏ كان كل واحد يجلس في المكان المعيَّن له.‏ (‏دا ٧:‏٩،‏ ١٠،‏ ١٣-‏١٨‏)‏ أليس منطقيًّا إذًا أن نستنتج أن رؤيا حزقيال تُمثِّل هذه العائلة الروحية نفسها؟‏

١٢ لماذا نقول إن درسنا لمواد مثل الرؤيا عن المركبة السماوية هو حماية لنا؟‏

١٢ يعرف يهوه أن التركيز على الحقائق الروحية،‏ أي على «الأمور التي لا تُرى» مثلما سمَّاها الرسول بولس،‏ يُساعدنا أن نحمي أنفسنا.‏ فبما أننا بشر من لحم ودم،‏ نميل أن نفكِّر أكثر من اللزوم في «الأمور التي تُرى»،‏ أي هموم الحياة التي ستزول قريبًا.‏ ‏(‏إقرأ ٢ كورنثوس ٤:‏١٨‏.‏)‏ وغالبًا ما يستغل الشيطان هذه الفرصة كي يُنسينا روحياتنا ويجعلنا نركِّز فقط على هذه الأمور.‏ لكن أبانا المحب يهوه لم يتركنا وحدنا في هذه المعركة.‏ فهو أعطانا كلمته التي تساعدنا كثيرًا في هذا المجال،‏ ومن ضمنها نبوة حزقيال التي تُذكِّرنا كم عظيمة هي عائلة يهوه في السماء.‏

‏«أيتها العجَلات الدوَّارة»‏

١٣،‏ ١٤ (‏أ)‏ كيف وصف حزقيال العجلات التي رآها؟‏ (‏ب)‏ لماذا منطقي أن يكون لعرش يهوه عجلات؟‏

١٣ يُخبرنا حزقيال في البداية عن الكروبيم الأربعة.‏ وفي الدرس ٤‏،‏ سنرى ماذا نتعلَّم عن يهوه من هذه المخلوقات وأشكالها المُلفتة للنظر.‏ غير أن حزقيال يرى أربع عجَلات بجانب الكروبيم.‏ وكما يبدو،‏ كانت هذه العجَلات موجودة في أربعة مواقع مختلفة مشكِّلة مربَّعًا ضخمًا.‏ ‏(‏إقرأ حزقيال ١:‏١٦-‏١٨‏.‏)‏ وكانت تلمع كما لو أنها مصنوعة من الزبرجد،‏ وهو حجر كريم شفاف أو شبه شفاف يكون لونه عادةً أصفر أو أخضر مائلًا إلى الصفار.‏

١٤ شدَّدت رؤيا حزقيال كثيرًا على عجَلات المركبة.‏ أساسًا،‏ الفكرة غير عادية:‏ عرش له عجَلات!‏ فعندما نفكِّر عادةً في عرش،‏ يخطر على بالنا أنه موجود في مكان محدَّد.‏ وهذا أمر طبيعي.‏ فالملوك البشر لا يقدرون أن يحكموا إلا ضمن حدود معيَّنة.‏ لكنَّ سيادة يهوه لا تُشبه حكم البشر بأي شكل من الأشكال.‏ فحزقيال سيرى بعينيه أن سلطة هذا السيد العظيم لا حدود لها،‏ تصل حرفيًّا إلى كل شبر في الكون.‏ —‏ نح ٩:‏٦‏.‏

١٥ ماذا لاحظ حزقيال بخصوص حجم العجلات وتصميمها؟‏

١٥ وقف حزقيال مذهولًا أمام حجم العجَلات.‏ كتب:‏ «لكلِّ عجَلة من العجَلات الأربع إطار علوُّه مخيف».‏ تخيَّل حزقيال يُرجِع رأسه إلى الوراء ويُحدِّق أكثر ليكتشف تفاصيل هذه العجَلة العملاقة.‏ ثم يُخبرنا أن كل إطار كان ‹مليئًا بالعيون على كامل دائرته›.‏ ولكن ربما ما أذهله أكثر بعد كان التصميم الغريب لهذه العجَلات.‏ قال:‏ «بدا منظرها وطريقة صُنعها وكأنها عجَلة في داخل عجَلة».‏ فماذا عنى ذلك؟‏

١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ بأي معنى كان هناك عجلة داخل عجلة؟‏ (‏ب)‏ ماذا تكشف العجلات عن طريقة تنقُّل مركبة يهوه؟‏

١٦ كما يبدو،‏ كل عجَلة رآها حزقيال كانت تتألف من عجَلتين تتشاركان نفس نقطة الوسط،‏ وتتقاطعان بحيث تتشكَّل بينهما زاوية قياسها ٩٠ درجة.‏ وهذا يشرح الطريقة التي كانت تتحرَّك بها العجَلات مثلما وصفها حزقيال.‏ قال:‏ «عندما تحرَّكَت،‏ ذهبَت في أي اتجاه من الاتجاهات الأربعة دون أن تنعطف».‏ فماذا تكشف هذه العجَلات عن المركبة السماوية التي رآها حزقيال؟‏

١٧ لا شك أن عجَلة بهذا العلو المخيف يكفي أن تدور دورة واحدة لتقطع مسافات شاسعة.‏ ومثلما نستنتج من هذه الرؤيا،‏ تتحرَّك هذه المركبة بسرعة البرق.‏ (‏حز ١:‏١٤‏)‏ إضافة إلى ذلك،‏ إن التصميم الغريب للعجَلات التي تسير في الاتجاهات الأربعة يُعطيها سهولة مذهلة في التنقُّل.‏ وهذا أمر لا يقدر أن يصل إليه المهندسون البشر،‏ ولا حتى في أحلامهم.‏ فهذه المركبة تقدر أن تذهب في كل الاتجاهات دون أن تُخفِّف سرعتها أو حتى تنعطف.‏ مع ذلك،‏ هي لا تسير عشوائيًّا.‏ فالعيون التي تُغطي الإطار تنقل فكرة واضحة بأن هذه المركبة متيقِّظة تمامًا وترى كل شيء حولها في كل الاتجاهات.‏

كانت العجَلات عملاقة وتتحرَّك بسرعة خيالية (‏أُنظر الفقرة ١٧)‏

١٨ ماذا يُعلِّمنا حجم العجلات المخيف والعيون الكثيرة عن يهوه وعن الجزء السماوي من هيئته؟‏

١٨ ماذا أراد يهوه أن يُعلِّم حزقيال وكل شعبه الأمين عن الجزء السماوي من هيئته؟‏ لنراجع معًا ما رأيناه حتى الآن.‏ إن المواد اللامعة التي صُنعَت منها العجَلات وحجمها المخيف تُوحي بالمجد والرهبة.‏ والعيون الكثيرة على العجَلات تُخبرنا أن الجزء السماوي من هيئة يهوه مُتيقِّظ تمامًا.‏ فعينَا يهوه تريان كل شيء.‏ (‏أم ١٥:‏٣؛‏ إر ٢٣:‏٢٤‏)‏ وهو لديه أيضًا ملايين كثيرة من الملائكة الذين يخدمونه.‏ فهم يُطيعونه ويذهبون إلى أي مكان في الكون يُرسلهم إليه.‏ وهكذا يستطيعون أن يُدقِّقوا في المسائل ثم يُقدِّموا تقريرًا لسيدهم.‏ —‏ إقرإ العبرانيين ١:‏١٣،‏ ١٤‏.‏

تصميم العجَلات أعطاها سهولة فائقة في التنقُّل (‏أُنظر الفقرتين ١٧ و ١٩)‏

١٩ ماذا تُعلِّمنا سرعة المركبة وسهولتها الكبيرة في التنقل عن يهوه والجزء السماوي من هيئته؟‏

١٩ لقد رأينا أيضًا أن المركبة تسير بسرعة البرق ولديها سهولة كبيرة في التنقُّل.‏ فكِّر قليلًا في الفرق بين الجزء السماوي من هيئة يهوه وبين حكومات البشر ومنظماتهم ومؤسساتهم.‏ فهم يتخبَّطون في المشاكل،‏ وقراراتهم لا تُظهر عمومًا بُعد النظر لأنهم عاجزون عن التكيُّف.‏ وفي أحيان كثيرة،‏ يظلُّون مقيَّدين بأساليبهم القديمة إلى أن تقع الكارثة.‏ أما مركبة يهوه،‏ فتُظهر بوضوح أن الإله الذي يتحكَّم بها مرن جدًّا ويعرف كيف يتكيَّف.‏ فمثلما يُظهر اسمه،‏ يقدر أن يصير أي شيء لازم ليُحقِّق قصده.‏ (‏خر ٣:‏١٣،‏ ١٤‏)‏ مثلًا،‏ يقدر بلحظة أن يصير محاربًا جبَّارًا يُدافع عن شعبه.‏ لكنه بلحظة أيضًا،‏ يصير إلهًا رحومًا يسامح شعبه على أخطائهم ويحضنهم.‏ وهو مستعد أن يسمع للخطاة،‏ مهما كانوا يائسين،‏ ويُرجعهم إليه شرط أن يكونوا تائبين.‏ —‏ مز ٣٠:‏٥؛‏ إش ٦٦:‏١٣‏.‏

٢٠ لماذا نشعر بالرهبة عندما نفكِّر في مركبة يهوه؟‏

٢٠ كيف تشعر الآن بعدما تأملتَ في تفاصيل كثيرة عن رؤيا حزقيال؟‏ لا شك أنك تُحس بالرهبة،‏ خصوصًا إذا تذكَّرتَ أن ما رآه حزقيال هو رؤيا عن شيء حقيقي موجود الآن.‏ لذلك مهم أن نُبقي في بالنا هذه الأمور:‏ أولًا،‏ مستحيل أن لا يرى يهوه وابنه والملائكة المشاكل التي تُتعبنا.‏ ثانيًا،‏ لا داعي أن نقلق،‏ فيهوه سيعطينا حاجاتنا في الوقت المناسب.‏ وبغض النظر عن المشاكل الجديدة في هذا العالم غير المستقر،‏ فهيئته قادرة أن تتكيَّف معها.‏ ثالثًا،‏ هيئة يهوه هي هيئة نشيطة لا تتوقَّف عن العمل.‏ فحزقيال سمع لاحقًا صوتًا من السماء يصرخ:‏ «أيتها العجَلات الدوَّارة»،‏ وكان هذا على ما يبدو أمرًا للعجَلات كي تتحرَّك.‏ (‏حز ١٠:‏١٣‏)‏ أليس رائعًا إذًا أن نتأمل في الطريقة التي تتحرَّك بها هذه الهيئة؟‏ ولكن لنُبقِ في بالنا أن الفضل الأول والأخير في ذلك هو ليهوه نفسه.‏

الجالس على العرش

٢١،‏ ٢٢ ماذا يُبقي المركبة متماسكة؟‏

٢١ ينتقل الآن حزقيال ليصف الجزء الأعلى من هذه المركبة.‏ فهو يقول إنه رأى «ما يُشبه لوحًا يلمع كالجليد ويوحي بالرهبة».‏ (‏حز ١:‏٢٢‏)‏ هذا اللوح شبه شفاف ويلمع جدًّا،‏ ويمتدُّ فوق رؤوس الكروبيم.‏ ولكن ربما تخطر على بال بعض القرَّاء أسئلة مثل:‏ ‹ماذا يُثبِّت هذا اللوح فوق العجَلات؟‏ كيف تُحرِّك العجَلات اللوح دون أن تكون موصولة معًا؟‏›.‏ لنبقِ في بالنا أن هذه المركبة ليست محكومة بالقوانين الفيزيائية.‏ فهي رؤيا مجازية تُصوِّر لنا حقيقة موجودة في السموات.‏ لاحظ أيضًا الكلمات المهمة التي قالها حزقيال:‏ «الروح الذي يعمل في المخلوقات الحية كان أيضًا في العجَلات».‏ (‏حز ١:‏٢٠،‏ ٢١‏)‏ فعن أي روح يتكلم؟‏

٢٢ لا شك أن المقصود هنا هو روح يهوه القدس،‏ أعظم قوة في الكون.‏ فقوة يهوه العاملة تُمسك بالمركبة،‏ تُحرِّكها،‏ وتتحكم بحركاتها لتظلَّ متناسقة.‏ والآن يتأمل حزقيال في الذي يقود المركبة.‏

كان حزقيال يحاول أن يجد الكلمات المناسبة ليصف أمورًا أروع من أن تُوصَف

٢٣ أي عبارات استعملها حزقيال وهو يُحاول أن يصف يهوه،‏ ولماذا؟‏

٢٣ إقرأ حزقيال ١:‏٢٦-‏٢٨‏.‏ فيما كان حزقيال يصف ما رآه،‏ غالبًا ما استعمل عبارات مثل:‏ «ما يُشبه»،‏ «كان كأنه»،‏ «يبدو كأنه»،‏ «كما لو أنها»،‏ و «مثل».‏ ولكن في هذه الآيات،‏ استعمل عبارات كهذه بكثرة.‏ فيبدو أنه كان يحاول أن يجد كلمات مناسبة ليصف أمورًا أروع من أن توصَف.‏ فهو رأى شيئًا «يُشبه حجر الياقوت الأزرق ويبدو كأنه عرش».‏ فهل تتخيل عرشًا يتألف من حجر واحد ضخم من الياقوت الأزرق؟‏ وعلى هذا العرش،‏ رأى أحدًا «يُشبه إنسانًا» جالسًا عليه.‏

٢٤،‏ ٢٥ (‏أ)‏ بماذا يُذكِّرنا قوس قزح الذي يُحيط بعرش يهوه؟‏ (‏ب)‏ كيف أثَّرَت رؤى كهذه على بعض رجال الإيمان؟‏

٢٤ لم يستطع حزقيال أن يرى تفاصيل كثيرة عن الذي يجلس على العرش لأن يهوه كان يتوهَّج كله.‏ هل تتخيل حزقيال يحاول أن يحمي عينيه من هذا الوهج،‏ وفي الوقت نفسه يُحدِّق أكثر إلى العرش المليء بالمجد؟‏ وأخيرًا،‏ يذكر حزقيال معلومة رائعة عن عرش يهوه:‏ «حوله كلِّه نور ساطع يُشبه قوس قزح في الغيم في يوم ممطر».‏ ألا نُحس إحساسًا جميلًا عندما نرى قوس قزح في السماء؟‏ إنه تذكير رائع بعظمة خالقنا.‏ فهذا القوس الملوَّن الذي يظهر في السماء يُحسِّسنا بالهدوء والطمأنينة ويُذكِّرنا بعهد السلام الذي صنعه يهوه بعد الطوفان.‏ (‏تك ٩:‏١١-‏١٦‏)‏ فهذا الإله الجبار القادر على كل شيء هو في الوقت نفسه إله السلام أيضًا.‏ (‏عب ١٣:‏٢٠‏)‏ وهو يجعل كل خدامه الأمناء يشعرون بالسلام.‏

يُذكِّرنا قوس قزح الرائع الذي يُحيط بعرش يهوه أننا نخدم إله السلام (‏أُنظر الفقرة ٢٤)‏

٢٥ وماذا كانت ردة فعل حزقيال عندما رأى لمحة عن مجد يهوه اللّٰه؟‏ كتب:‏ «لمَّا رأيته،‏ سجدتُ ووجهي إلى الأرض».‏ فأمام كل هذه العظَمة والرهبة،‏ لم يستطع حزقيال إلا أن يسجد.‏ وردة فعله هذه ليست غريبة.‏ فهناك أنبياء آخرون تصرَّفوا بطريقة مشابهة عندما نالوا رؤى من يهوه.‏ فلا بد أنهم انذهلوا بما رأوه وشعروا أنهم صغار جدًّا أمام يهوه.‏ (‏إش ٦:‏١-‏٥؛‏ دا ١٠:‏٨،‏ ٩؛‏ رؤ ١:‏١٢-‏١٧‏)‏ ولكن لاحقًا،‏ تشجَّع هؤلاء الرجال كثيرًا بما كشفه يهوه لهم.‏ ولا شك أن هذا ما حصل مع حزقيال أيضًا.‏ فماذا عنا اليوم؟‏ ماذا يجب أن تكون ردة فعلنا عندما نقرأ أجزاء كهذه في الكتاب المقدس؟‏

٢٦ كيف قوَّت هذه الرؤيا حزقيال دون شك؟‏

٢٦ إذا كان لدى حزقيال أي شكوك عن وضع شعب اللّٰه في بابل،‏ فلا بد أن هذه الرؤيا قوَّته وأزالت شكوكه.‏ فمن الواضح أن مركبة يهوه الرائعة تقدر أن تصل إلى شعب اللّٰه الأمين أينما كان:‏ في أورشليم،‏ في بابل،‏ أو في أي مكان آخر.‏ وهل هناك قوة شيطانية قادرة أن تتحدى الإله الذي يتحكم بمركبة سماوية عظيمة كهذه؟‏!‏ ‏(‏إقرإ المزمور ١١٨:‏٦‏.‏)‏ كما رأى حزقيال أن هذه المركبة السماوية ليست بعيدة عن البشر.‏ فعجَلاتها كانت تلامس الأرض.‏ (‏حز ١:‏١٩‏)‏ إذًا،‏ كان يهوه مهتمًّا اهتمامًا شديدًا بشعبه الأمين في الأسر،‏ ولا شيء كان سيقف في وجه هذا الأب المحب ويمنعه أن يشمل شعبه بعطفه واهتمامه.‏

كيف تؤثِّر فينا الرؤيا عن المركبة؟‏

٢٧ كيف تُفيدنا رؤيا حزقيال اليوم؟‏

٢٧ هل تُفيدنا رؤيا حزقيال اليوم؟‏ طبعًا.‏ فالشيطان يشنُّ هجمات أقوى وأقوى على عبادة يهوه النقية.‏ وهو يتمنى أن يُقنعنا أننا منسيون ومعزولون وبعيدون عن أبينا المحب وهيئته.‏ ولكن لا يجب أبدًا أن نسمح له أن يُسمِّم أفكارنا وقلبنا بأكاذيب كهذه.‏ (‏مز ١٣٩:‏٧-‏١٢‏)‏ ومثل حزقيال،‏ لدينا أسباب كثيرة لنشعر بالرهبة عندما نقرأ هذه الرؤيا.‏ صحيح أننا قد لا نسجد في تلك اللحظة مثلما فعل حزقيال،‏ لكننا سنشعر كم نحن صغار أمام قدرة الجزء السماوي من هيئة يهوه الكونية،‏ سرعته،‏ سهولته في التنقُّل والتكيُّف،‏ وعظمته.‏

٢٨،‏ ٢٩ ماذا يُظهر أن مركبة يهوه كانت تتقدم بسرعة خلال المئة سنة الماضية؟‏

٢٨ تذكَّر أن جزءًا من هيئة يهوه موجود هنا على الأرض.‏ صحيح أنه يتألف من بشر ناقصين،‏ لكنَّ يهوه حقَّق من خلالهم إنجازات مذهلة.‏ ففي كل العالم،‏ يُحرِّك يهوه بشرًا ضعفاء ليقوموا بإنجازات مستحيل أن يقوموا بها بمفردهم.‏ (‏يو ١٤:‏١٢‏)‏ أمسِك كتاب ملكوت اللّٰه يحكم الآن!‏ وقلِّب صفحاته لترى كيف توسَّع عمل التبشير بشكل مذهل خلال القرن الماضي.‏ ولا نقدر أن ننسى التحسينات التي قامت بها هيئة يهوه لتُعلِّم المسيحيين الحقيقيين،‏ تُحقِّق انتصارات قانونية،‏ وتستفيد من أحدث تكنولوجيا لتُتمِّم مشيئة اللّٰه.‏

٢٩ كل هذه الإنجازات وغيرها تحقَّقت في الأيام الأخيرة لهذا العالم الفاسد.‏ والهدف منها ردُّ العبادة النقية.‏ وهذا يُظهر لنا بوضوح أن مركبة يهوه تتقدَّم بسرعة.‏ وهل هناك امتياز أعظم من أن نكون جزءًا من هذه الهيئة ونخدم سيدًا عظيمًا مثل يهوه؟‏!‏ —‏ مز ٨٤:‏١٠‏.‏

الجزء الأرضي من هيئة يهوه يتقدَّم بسرعة (‏أُنظر الفقرتين ٢٨ و ٢٩)‏

٣٠ ماذا سنرى في الدرس التالي؟‏

٣٠ تُعلِّمنا رؤيا حزقيال أمورًا أكثر بعد.‏ ففي الدرس التالي،‏ سنتأمل في «المخلوقات الحية» الأربعة،‏ أي الكروبيم.‏ فماذا تُعلِّمنا هذه المخلوقات عن السيد العظيم يهوه اللّٰه؟‏

a هذه كانت مسافة الطريق الذي يمرُّ عبر الصحراء العربية.‏ لكنَّ الطريق الذي سلكه الأسرى على الأرجح كان تقريبًا ضعف هذه المسافة.‏