الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

بادِر الى تسوية الخلافات بمحبة

بادِر الى تسوية الخلافات بمحبة

‏«حَافِظُوا عَلَى ٱلسَّلَامِ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ».‏ —‏ مر ٩:‏٥٠‏.‏

اَلتَّرْنِيمَتَانِ:‏ ٣٩،‏ ٧٧

١،‏ ٢ أَيَّةُ خِلَافَاتٍ شَخْصِيَّةٍ مَذْكُورَةٌ فِي سِفْرِ ٱلتَّكْوِينِ،‏ وَلِمَ يَأْتِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَلَى ذِكْرِهَا؟‏

هَلْ فَكَّرْتَ مَرَّةً فِي ٱلْخِلَافَاتِ ٱلشَّخْصِيَّةِ ٱلْمَذْكُورَةِ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ؟‏ لِنَأْخُذْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ مَا يَرِدُ فِي ٱلْإِصْحَاحَاتِ ٱلْأُولَى فَقَطْ مِنْ سِفْرِ ٱلتَّكْوِينِ:‏ قَايِينُ يَقْتُلُ هَابِيلَ (‏تك ٤:‏٣-‏٨‏)‏؛‏ لَامِكُ يَقْتُلُ شَابًّا لِأَنَّهُ ضَرَبَهُ (‏تك ٤:‏٢٣‏)‏؛‏ رُعْيَانُ لُوطٍ وَإِبْرَاهِيمَ (‏أَبْرَامَ)‏ يَتَخَاصَمُونَ (‏تك ١٣:‏٥-‏٧‏)‏؛‏ هَاجَرُ تَسْتَهِينُ بِسَارَةَ (‏سَارَايَ)‏ ٱلَّتِي تَسْتَاءُ هِيَ بِدَوْرِهَا مِنْ إِبْرَاهِيمَ (‏تك ١٦:‏٣-‏٦‏)‏؛‏ وَإِسْمَاعِيلُ فِي عَدَاوَةٍ مَعَ ٱلْجَمِيعِ.‏ —‏ تك ١٦:‏١٢‏.‏

٢ وَلِمَ يَتَضَمَّنُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ رِوَايَاتٍ عَنْ خِلَافَاتٍ كَهٰذِهِ؟‏ لِكَيْ نَتَعَلَّمَ مِنْهَا دُرُوسًا.‏ فَحِينَ نَقْرَأُ عَنْ أَشْخَاصٍ نَاقِصِينَ مِثْلَنَا وَاجَهُوا مَشَاكِلَ حَقِيقِيَّةً تُشْبِهُ مَشَاكِلَنَا،‏ نَتَعَلَّمُ كَيْفَ نَقْتَدِي بِٱلْأَمْثِلَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَنَتَجَنَّبُ ٱلرَّدِيئَةَ.‏ (‏رو ١٥:‏٤‏)‏ وَهٰذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نُحَافِظَ عَلَى ٱلسَّلَامِ مَعَ ٱلْآخَرِينَ.‏

٣ مَاذَا تُنَاقِشُ هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةُ؟‏

٣ تُظْهِرُ هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةُ لِمَ يَجِبُ أَنْ نَحُلَّ ٱلْخِلَافَاتِ وَكَيْفَ نَنْجَحُ فِي ذٰلِكَ.‏ كَمَا أَنَّهَا تَذْكُرُ مَبَادِئَ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ تُسَاعِدُنَا عَلَى تَسْوِيَةِ ٱلْخِلَافَاتِ وَٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى عَلَاقَةٍ جَيِّدَةٍ بِإِخْوَانِنَا وَبِإِلٰهِنَا يَهْوَهَ.‏

لِمَ يَجِبُ أَنْ يَحُلَّ خُدَّامُ ٱللهِ ٱلْخِلَافَاتِ؟‏

٤ أَيُّ مَوْقِفٍ يَتَغَلْغَلُ فِي ٱلْعَالَمِ بِأَسْرِهِ،‏ وَمَا تَأْثِيرُهُ؟‏

٤ اَلشَّيْطَانُ هُوَ ٱلْمَسْؤُولُ ٱلرَّئِيسِيُّ عَنِ ٱلْخِلَافَاتِ وَٱلنِّزَاعَاتِ بَيْنَ ٱلْبَشَرِ.‏ فَفِي جَنَّةِ عَدْنٍ،‏ ٱدَّعَى أَنَّ كُلَّ شَخْصٍ فِي وِسْعِهِ وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يُقَرِّرَ لِنَفْسِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ وَمَا هُوَ شَرٌّ بِٱسْتِقْلَالٍ عَنِ ٱللهِ.‏ (‏تك ٣:‏١-‏٥‏)‏ وَنَتَائِجُ ٱلتَّفْكِيرِ ٱلشَّيْطَانِيِّ وَاضِحَةٌ وُضُوحَ ٱلشَّمْسِ.‏ فَرُوحُ ٱلِٱسْتِقْلَالِ تَتَغَلْغَلُ بَيْنَ ٱلْأَفْرَادِ وَفِي ٱلْمُجْتَمَعَاتِ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ،‏ وَهِيَ تُوَلِّدُ ٱلْكِبْرِيَاءَ وَٱلْأَنَانِيَّةَ وَٱلْمُنَافَسَةَ.‏ وَكُلُّ مَنْ يَنْقَادُ لِهٰذِهِ ٱلرُّوحِ يَقْبَلُ فِي ٱلْوَاقِعِ ٱدِّعَاءَ ٱلشَّيْطَانِ أَنَّ مِنَ ٱلْأَفْضَلِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ أَنْ يَطْلُبَ مَصْلَحَتَهُ،‏ بِغَضِّ ٱلنَّظَرِ عَنْ تَأْثِيرِ ذٰلِكَ فِي ٱلْآخَرِينَ.‏ وَهٰذَا ٱلْمَوْقِفُ يُؤَدِّي إِلَى ٱلنِّزَاعِ.‏ فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَقُولُ:‏ «اَلْإِنْسَانُ ٱلْغَضُوبُ يُثِيرُ ٱلنِّزَاعَ،‏ وَذُو ٱلسُّخْطِ كَثِيرُ ٱلتَّعَدِّيَاتِ».‏ —‏ ام ٢٩:‏٢٢‏.‏

٥ مَاذَا عَلَّمَ يَسُوعُ ٱلنَّاسَ أَنْ يَفْعَلُوا حِينَ تَنْشَأُ ٱلْخِلَافَاتُ؟‏

٥ بِٱلتَّبَايُنِ،‏ عَلَّمَ يَسُوعُ ٱلنَّاسَ أَنْ يَسْعَوْا إِلَى ٱلسَّلَامِ،‏ حَتَّى لَوْ بَدَا أَنَّ هٰذَا ٱلْمَسْعَى لَا يَصُبُّ فِي مَصْلَحَتِهِمْ.‏ فَفِي ٱلْمَوْعِظَةِ عَلَى ٱلْجَبَلِ،‏ أَسْدَى نَصِيحَةً رَائِعَةً حَوْلَ ٱلْمُصَالَحَةِ وَتَجَنُّبِ ٱلْخِلَافَاتِ.‏ مَثَلًا،‏ حَثَّ سَامِعِيهِ أَنْ يَتَّصِفُوا بِٱلْوَدَاعَةِ،‏ يَكُونُوا مُسَالِمِينَ،‏ يَتَخَلَّصُوا مِنْ مَشَاعِرِ ٱلْغَضَبِ وَٱلسُّخْطِ،‏ يُسَارِعُوا إِلَى تَسْوِيَةِ ٱلْمَشَاكِلِ،‏ وَيُحِبُّوا أَعْدَاءَهُمْ.‏ —‏ مت ٥:‏٥،‏ ٩،‏ ٢٢،‏ ٢٥،‏ ٤٤‏.‏

٦،‏ ٧ ‏(‏أ)‏ لِمَ يَجِبُ حَلُّ ٱلْخِلَافَاتِ ٱلشَّخْصِيَّةِ بِسُرْعَةٍ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَ ٱلْمَسِيحِيُّ نَفْسَهُ؟‏

٦ إِنَّ عِبَادَتَنَا لِيَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ تَشْمُلُ ٱلصَّلَاةَ وَحُضُورَ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ وَخِدْمَةَ ٱلْحَقْلِ.‏ لٰكِنَّ ٱللهَ لَنْ يَقْبَلَهَا إِنْ لَمْ نُسَالِمِ ٱلْآخَرِينَ.‏ (‏مر ١١:‏٢٥‏)‏ فَلِكَيْ نَنْعَمَ بِصَدَاقَتِهِ،‏ عَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ أَنْ نَغْفِرَ لِلْغَيْرِ أَخْطَاءَهُمْ.‏ —‏ اقرأ لوقا ١١:‏٤؛‏ افسس ٤:‏٣٢‏.‏

٧ لِذَا يَنْبَغِي لِكُلِّ مَسِيحِيٍّ أَنْ يَفْحَصَ نَفْسَهُ بِصِدْقٍ وَيُفَكِّرَ مَلِيًّا فِي مَوْقِفِهِ مِنَ ٱلْمُسَامَحَةِ وَمُسَالَمَةِ ٱلْآخَرِينَ.‏ فَٱسْأَلْ نَفْسَكَ:‏ ‹هَلْ أُسَارِعُ إِلَى مُسَامَحَةِ إِخْوَتِي؟‏ وَهَلْ أَتَمَتَّعُ بِرِفْقَتِهِمْ وَلَوْ كَانُوا قَدْ أَسَاءُوا إِلَيَّ؟‏›.‏ وَإِذَا أَمْلَى عَلَيْكَ ضَمِيرُكَ إِجْرَاءَ تَحْسِينَاتٍ فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ،‏ فَٱطْلُبِ ٱلْعَوْنَ مِنْ يَهْوَهَ بِوَاسِطَةِ ٱلصَّلَاةِ.‏ وَأَبُونَا ٱلسَّمَاوِيُّ سَيَسْمَعُ وَيَسْتَجِيبُ صَلَوَاتِكَ ٱلَّتِي تَنِمُّ عَنِ ٱلتَّوَاضُعِ.‏ —‏ ١ يو ٥:‏١٤،‏ ١٥‏.‏

هَلْ تَتَغَاضَى عَنِ ٱلْإِسَاءَةِ؟‏

٨،‏ ٩ مَاذَا يَجِبُ أَنْ نَفْعَلَ إِذَا ٱنْزَعَجْنَا مِنْ تَصَرُّفٍ مُعَيَّنٍ؟‏

٨ لَا أَحَدَ مَعْصُومٌ مِنَ ٱلْخَطَإِ.‏ لِذَا،‏ عَاجِلًا أَمْ آجِلًا،‏ سَيُضَايِقُكَ شَخْصٌ مَا بِكَلَامِهِ أَوْ أَفْعَالِهِ.‏ (‏جا ٧:‏٢٠؛‏ مت ١٨:‏٧‏)‏ فَمَاذَا سَتَكُونُ رَدَّةُ فِعْلِكَ؟‏ تَأَمَّلْ فِي ٱلِٱخْتِبَارِ ٱلتَّالِي:‏ فِي أَحَدِ ٱلتَّجَمُّعَاتِ،‏ سَلَّمَتْ أُخْتٌ عَلَى ٱثْنَيْنِ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ بِطَرِيقَةٍ أَزْعَجَتْ أَحَدَهُمَا.‏ وَحِينَ أَصْبَحَ ٱلْأَخَوَانِ وَحْدَهُمَا،‏ رَاحَ ٱلْمُسْتَاءُ يَنْتَقِدُهَا.‏ فَذَكَّرَهُ رَفِيقُهُ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْأُخْتَ خَدَمَتْ يَهْوَهَ بِوَلَاءٍ تَحْتَ ظُرُوفٍ عَصِيبَةٍ طَوَالَ ٤٠ سَنَةً،‏ وَأَنَّهَا بِٱلتَّأْكِيدِ لَمْ تَقْصِدْ أَيَّ سُوءٍ.‏ وَبَعْدَمَا تَأَمَّلَ ٱلْأَخُ ٱلْمُسْتَاءُ فِي ذٰلِكَ قَلِيلًا،‏ قَالَ لِلْآخَرِ:‏ «مَعَكَ حَقٌّ».‏ وَهٰكَذَا ٱنْتَهَتِ ٱلْمَسْأَلَةُ.‏

٩ يُظْهِرُ هٰذَا ٱلِٱخْتِبَارُ أَنَّ فِي وِسْعِنَا ٱلتَّحَكُّمَ فِي رَدَّةِ فِعْلِنَا حِيَالَ ٱلْإِسَاءَاتِ ٱلَّتِي تُرْتَكَبُ فِي حَقِّنَا.‏ فَٱلشَّخْصُ ٱلْمُحِبُّ يَسْتُرُ ٱلْمَعَاصِيَ ٱلطَّفِيفَةَ.‏ ‏(‏اقرإ الامثال ١٠:‏١٢؛‏ ١ بطرس ٤:‏٨‏.‏)‏ وَيَهْوَهُ يَعْتَبِرُ ‹ٱلتَّجَاوُزَ عَنِ ٱلْمَعْصِيَةِ› شَيْئًا ‹جَمِيلًا›.‏ (‏ام ١٩:‏١١؛‏ جا ٧:‏٩‏)‏ لِذٰلِكَ حِينَ يُعَامِلُكَ أَحَدٌ بِطَرِيقَةٍ تَعْتَبِرُهَا مُهِينَةً أَوْ غَيْرَ لَطِيفَةٍ،‏ ٱسْأَلْ نَفْسَكَ أَوَّلًا:‏ ‹هَلْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَغَاضَى عَنْ هٰذِهِ ٱلْإِسَاءَةِ؟‏ هَلْ مِنْ دَاعٍ حَقًّا لِأُكَبِّرَ ٱلْمَسْأَلَةَ؟‏›.‏

١٠ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ شَعَرَتْ إِحْدَى ٱلْأَخَوَاتِ فِي بَادِئِ ٱلْأَمْرِ حِيَالَ ٱلِٱنْتِقَادِ؟‏ (‏ب)‏ أَيَّةُ فِكْرَةٍ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ سَاعَدَتِ ٱلْأُخْتَ أَنْ تُحَافِظَ عَلَى سَلَامِهَا ٱلدَّاخِلِيِّ؟‏

١٠ طَبْعًا،‏ لَيْسَ مِنَ ٱلسَّهْلِ أَنْ نَتَعَرَّضَ لِلِٱنْتِقَادِ وَلَا نَتَأَثَّرَ.‏ إِلَيْكَ مَا حَدَثَ مَعَ فَاتِحَةٍ سَنَدْعُوهَا لُوسِي.‏ فَقَدِ ٱنْزَعَجَتْ حِينَ سَمِعَتْ تَعْلِيقَاتٍ سَلْبِيَّةً عَلَى خِدْمَتِهَا وَطَرِيقَةِ ٱسْتِخْدَامِهَا لِلْوَقْتِ.‏ فَطَلَبَتِ ٱلنُّصْحَ مِنْ إِخْوَةٍ نَاضِجِينَ.‏ تُخْبِرُ:‏ «سَاعَدَتْنِي مَشُورَتُهُمُ ٱلْمُؤَسَّسَةُ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ أَنْ أَنْظُرَ إِلَى آرَاءِ ٱلْآخَرِينَ بِٱلْمِنْظَارِ ٱلصَّحِيحِ،‏ وَأُرَكِّزَ عَلَى ٱلْأَهَمِّ،‏ أَيْ يَهْوَهَ».‏ فَقَدْ تَشَجَّعَتْ حِينَ قَرَأَتْ مَتَّى ٦:‏١-‏٤‏.‏ (‏اقرأها.‏)‏ فَهٰذَا ٱلْمَقْطَعُ ذَكَّرَهَا أَنَّ إِرْضَاءَ يَهْوَهَ هُوَ ٱلْأَهَمُّ.‏ تَقُولُ لُوسِي:‏ «أُحَافِظُ عَلَى فَرَحِي حَتَّى لَوْ أَبْدَى ٱلْبَعْضُ تَعْلِيقَاتٍ سَلْبِيَّةً عَلَى خِدْمَتِي؛‏ فَأَنَا أَعْرِفُ أَنِّي أَبْذُلُ مَا فِي وِسْعِي لِإِرْضَاءِ يَهْوَهَ».‏ وَبَعْدَمَا تَوَصَّلَتْ لُوسِي إِلَى هٰذِهِ ٱلْقَنَاعَةِ،‏ قَرَّرَتْ بِحِكْمَةٍ أَنْ تَتَجَاهَلَ ٱلْمُلَاحَظَاتِ ٱلسَّلْبِيَّةَ.‏

حِينَ لَا تَكُونُ ٱلْإِسَاءَةُ طَفِيفَةً

١١،‏ ١٢ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ يَتَصَرَّفَ ٱلْمَسِيحِيُّ إِذَا شَعَرَ ‹أَنَّ لِأَخِيهِ شَيْئًا عَلَيْهِ›؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنَ ٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي سَوَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ ٱلْخِلَافَ؟‏ (‏اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ.‏)‏

١١ يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ:‏ «إِنَّنَا جَمِيعًا نَعْثُرُ مِرَارًا كَثِيرَةً».‏ (‏يع ٣:‏٢‏)‏ فَمَاذَا تَفْعَلُ إِذَا عَلِمْتَ أَنَّكَ ضَايَقْتَ أَخًا بِكَلَامِكَ أَوْ تَصَرُّفِكَ؟‏ أَوْصَى يَسُوعُ:‏ «إِذَا كُنْتَ تُحْضِرُ قُرْبَانَكَ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لِأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ،‏ فَٱتْرُكْ قُرْبَانَكَ هُنَاكَ أَمَامَ ٱلْمَذْبَحِ وَٱذْهَبْ صَالِحْ أَخَاكَ أَوَّلًا،‏ وَحِينَئِذٍ ٱرْجِعْ وَقَرِّبْ قُرْبَانَكَ».‏ (‏مت ٥:‏٢٣،‏ ٢٤‏)‏ فَطَبِّقْ نَصِيحَةَ يَسُوعَ وَتَحَدَّثْ إِلَى أَخِيكَ.‏ وَلٰكِنْ لَا تَنْسَ أَنَّ هَدَفَكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ٱلِٱعْتِرَافَ بِخَطَئِكَ وَمُصَالَحَتَهُ،‏ لَا إِلْقَاءَ مِقْدَارٍ مِنَ ٱللَّوْمِ عَلَيْهِ.‏ فَٱلْحِفَاظُ عَلَى ٱلسَّلَامِ مَعَ إِخْوَتِنَا هُوَ فَوْقَ كُلِّ ٱعْتِبَارٍ.‏

١٢ وَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُظْهِرُ لَنَا كَيْفَ نَحُلُّ ٱلْخِلَافَاتِ سِلْمِيًّا.‏ لِنَأْخُذْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ ٱلْخِلَافَ ٱلَّذِي كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُسَبِّبَ شِقَاقًا بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَٱبْنِ أَخِيهِ لُوطٍ.‏ فَقَدِ ٱمْتَلَكَ كِلَاهُمَا مَوَاشِيَ كَثِيرَةً،‏ وَتَخَاصَمَ رُعَاتُهُمَا عَلَى ٱلْمَرْعَى كَمَا يَبْدُو.‏ فَلَمْ يَطْلُبْ إِبْرَاهِيمُ مَصْلَحَتَهُ،‏ بَلْ أَعْطَى لِلُوطٍ أَفْضَلِيَّةَ ٱلِٱخْتِيَارِ حِفَاظًا عَلَى ٱلسَّلَامِ.‏ (‏تك ١٣:‏١،‏ ٢،‏ ٥-‏٩‏)‏ فَيَا لَلْمِثَالِ ٱلْحَسَنِ ٱلَّذِي رَسَمَهُ لَنَا!‏ وَهَلْ كَانَ خَاسِرًا بِسَبَبِ كَرَمِهِ؟‏ كَلَّا،‏ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ.‏ فَبَعْدَ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ مُبَاشَرَةً،‏ وَعَدَهُ يَهْوَهُ بِبَرَكَاتٍ عَظِيمَةٍ.‏ ‏(‏تك ١٣:‏١٤-‏١٧‏)‏ نَحْنُ أَيْضًا قَدْ يَلْزَمُنَا أَنْ نُضَحِّيَ لِكَيْ نُحَافِظَ عَلَى ٱلسَّلَامِ،‏ لٰكِنَّ ٱللهَ سَيُبَارِكُنَا حِينَ نَتْبَعُ مَبَادِئَهُ وَنُسَوِّي ٱلْخِلَافَاتِ بِمَحَبَّةٍ.‏ ‏[١]‏

١٣ مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ أَحَدِ ٱلنُّظَّارِ حِينَ وَجَّهَ إِلَيْهِ أَخٌ كَلِمَاتٍ قَاسِيَةً،‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِهِ؟‏

١٣ لِنَأْخُذْ أَيْضًا مِثَالًا عَصْرِيًّا.‏ بَعْدَمَا عُيِّنَ نَاظِرٌ جَدِيدٌ فِي أَحَدِ أَقْسَامِ ٱلْمَحْفِلِ ٱلسَّنَوِيِّ،‏ ٱتَّصَلَ هَاتِفِيًّا بِأَخٍ لِيَسْأَلَهُ إِذَا كَانَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَطَوَّعَ فِي ٱلْمَحْفِلِ.‏ إِلَّا أَنَّ ٱلْأَخِيرَ تَفَوَّهَ بِعَدَدٍ مِنَ ٱلْمُلَاحَظَاتِ ٱللَّاذِعَةِ وَأَقْفَلَ ٱلْخَطَّ.‏ فَقَدْ أَضْمَرَ ٱلِٱسْتِيَاءَ بِسَبَبِ تَعَامُلَاتِهِ مَعَ ٱلنَّاظِرِ ٱلسَّابِقِ.‏ وَمَعَ أَنَّ ٱلنَّاظِرَ ٱلْجَدِيدَ لَمْ يَشْعُرْ بِٱلِٱسْتِيَاءِ مِنْ فَوْرَةِ ٱلْغَضَبِ هٰذِهِ،‏ لَمْ يَسْتَطِعْ تَجَاهُلَ مَا حَدَثَ.‏ فَعَاوَدَ ٱلِٱتِّصَالَ بِٱلْأَخِ بَعْدَ سَاعَةٍ،‏ وَٱقْتَرَحَ أَنْ يَجْتَمِعَا كَيْ يُنَاقِشَا ٱلْمَسْأَلَةَ.‏ وَبَعْدَ أُسْبُوعٍ تَقَابَلَا فِي قَاعَةِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ فَصَلَّيَا وَتَحَادَثَا طِيلَةَ سَاعَةٍ وَرَوَى ٱلْأَخُ لِلنَّاظِرِ قِصَّتَهُ.‏ فَأَصْغَى لَهُ ٱلنَّاظِرُ بِتَعَاطُفٍ،‏ ثُمَّ لَفَتَ نَظَرَهُ إِلَى بَعْضِ ٱلْآيَاتِ ٱلْمُفِيدَةِ.‏ وَفِي نِهَايَةِ ٱللِّقَاءِ،‏ غَادَرَا ٱلْقَاعَةَ وَهُمَا عَلَى وِفَاقٍ.‏ وَلَاحِقًا خَدَمَ ٱلْأَخُ فِي ٱلْمَحْفِلِ،‏ وَهُوَ مُمْتَنٌّ لِأَنَّ ٱلنَّاظِرَ تَعَامَلَ مَعَهُ بِهُدُوءٍ وَلُطْفٍ.‏

مَتَى تَقُولُ لِلشُّيُوخِ؟‏

١٤،‏ ١٥ ‏(‏أ)‏ مَتَى نُطَبِّقُ ٱلْمَشُورَةَ فِي مَتَّى ١٨:‏١٥-‏١٧‏؟‏ (‏ب)‏ أَيَّةُ خُطُوَاتٍ ثَلَاثٍ ذَكَرَهَا يَسُوعُ،‏ وَمَاذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَدَفُنَا مِنْ تَطْبِيقِهَا؟‏

١٤ إِنَّ أَغْلَبَ ٱلْخِلَافَاتِ بَيْنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ يَجِبُ أَنْ يَحُلَّهَا ٱلْأَشْخَاصُ ٱلْمَعْنِيُّونَ عَلَى ٱنْفِرَادٍ.‏ لٰكِنَّ يَسُوعَ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ ٱلْحَالَاتِ قَدْ تَسْتَدْعِي تَدَخُّلَ ٱلْجَمَاعَةِ.‏ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعِ ٱلْمُسِيءُ لِأَخِيهِ وَلِلشُّهُودِ وَلِلْجَمَاعَةِ،‏ يَجِبُ أَنْ يُعَامَلَ «كَٱلْأُمَمِيِّ وَجَابِي ٱلضَّرَائِبِ».‏ وَهٰذَا مَا نُسَمِّيهِ ٱلْيَوْمَ «ٱلْفَصْلَ».‏ ‏(‏اقرأ متى ١٨:‏١٥-‏١٧‏.‏)‏ وَيَدُلُّ هٰذَا ٱلْإِجْرَاءُ ٱلْحَازِمُ أَنَّ ‹ٱلْخَطِيَّةَ› ٱلْمُرْتَكَبَةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ خِلَافٍ صَغِيرٍ.‏ إِنَّهَا بِٱلْأَحْرَى (‏١)‏ خَطِيَّةٌ يُمْكِنُ أَنْ تُحَلَّ بَيْنَ ٱلْأَفْرَادِ ٱلْمَعْنِيِّينَ،‏ وَهِيَ أَيْضًا (‏٢)‏ خَطِيَّةٌ خَطِيرَةٌ كِفَايَةً حَتَّى تَسْتَوْجِبَ ٱلْفَصْلَ إِذَا لَمْ تُحَلَّ.‏ وَلَا تُطَبَّقُ ٱلْخُطُوَاتُ ٱلثَّلَاثُ ٱلَّتِي ذَكَرَهَا يَسُوعُ مَا لَمْ يَتَوَفَّرْ هٰذَانِ ٱلشَّرْطَانِ.‏ وَيَنْطَبِقُ ذٰلِكَ عَلَى خَطَايَا كَٱلِٱحْتِيَالِ وَٱلِٱفْتِرَاءِ.‏ لٰكِنَّهُ لَا يَنْطَبِقُ عَلَى ٱلزِّنَى،‏ مُضَاجَعَةِ ٱلنَّظِيرِ،‏ ٱلِٱرْتِدَادِ،‏ ٱلصَّنَمِيَّةِ،‏ وَغَيْرِهَا مِنَ ٱلْخَطَايَا ٱلْخَطِيرَةِ ٱلَّتِي لَا بُدَّ أَنْ يُعَالِجَهَا شُيُوخُ ٱلْجَمَاعَةِ.‏

قَدْ يَلْزَمُ أَنْ تَتَحَدَّثَ إِلَى أَخِيكَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ كَيْ تَرْبَحَهُ (‏اُنْظُرِ ٱلْفِقْرَةَ ١٥.‏)‏

١٥ إِنَّ ٱلْهَدَفَ مِنْ مَشُورَةِ يَسُوعَ هُوَ مُسَاعَدَةُ ٱلْأَخِ ٱلْمُسِيءِ بِمَحَبَّةٍ.‏ (‏مت ١٨:‏١٢-‏١٤‏)‏ فِي ٱلْخُطْوَةِ ٱلْأُولَى،‏ عَلَيْكَ أَنْ تُحَاوِلَ حَلَّ ٱلْمَسْأَلَةِ دُونَ تَدَخُّلِ أَشْخَاصٍ آخَرِينَ.‏ وَقَدْ يَلْزَمُكَ أَنْ تَتَحَدَّثَ إِلَى ٱلْمُخْطِئِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ.‏ وَفِي حَالِ لَمْ تَنْجَحْ هٰذِهِ ٱلْمُحَاوَلَاتُ،‏ تَحَدَّثْ إِلَيْهِ بِحُضُورِ شُهُودٍ عَلَى ٱلْخَطَإِ أَوْ أَشْخَاصٍ آخَرِينَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُقَيِّمُوا هَلْ وَقَعَ خَطَأٌ فِعْلًا.‏ وَإِذَا تَوَصَّلْتَ إِلَى حَلٍّ بِمُسَاعَدَتِهِمْ،‏ تَكُونُ قَدْ «رَبِحْتَ أَخَاكَ».‏ فَلَا يَجِبُ أَنْ تَصِلَ ٱلْمَسْأَلَةُ إِلَى ٱلشُّيُوخِ إِلَّا حِينَ تَفْشَلُ ٱلْمُحَاوَلَاتُ ٱلْمُتَكَرِّرَةُ فِي مُسَاعَدَةِ ٱلْخَاطِئِ.‏

١٦ لِمَ مَشُورَةُ يَسُوعَ مُفِيدَةٌ وَتَنِمُّ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ؟‏

١٦ مِنَ ٱلنَّادِرِ أَنْ تَنْشَأَ حَالَاتٌ تَسْتَدْعِي ٱتِّخَاذَ جَمِيعِ ٱلْخُطُوَاتِ ٱلْمَذْكُورَةِ فِي مَتَّى ١٨:‏١٥-‏١٧‏.‏ وَهٰذَا مُشَجِّعٌ،‏ فَهُوَ يُظْهِرُ أَنَّ ٱلْمَشَاكِلَ تُحَلُّ عَادَةً قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَى دَرَجَةٍ تَسْتَوْجِبُ طَرْدَ خَاطِئٍ غَيْرِ تَائِبٍ مِنَ ٱلْجَمَاعَةِ.‏ فَغَالِبًا مَا يُدْرِكُ ٱلْخَاطِئُ غَلَطَهُ وَيُسَوِّي ٱلْمَسْأَلَةَ.‏ وَعِنْدَئِذٍ يُمْكِنُ أَنْ يُسَامِحَ ٱلْمُسَاءُ إِلَيْهِ أَخَاهُ،‏ حِفَاظًا عَلَى ٱلسَّلَامِ.‏ إِذًا،‏ تُظْهِرُ كَلِمَاتُ يَسُوعَ أَنَّ ٱلْجَمَاعَةَ لَا يَجِبُ أَنْ تَتَدَخَّلَ فِي ٱلْخِلَافَاتِ قَبْلَ ٱلْأَوَانِ.‏ فَٱلشُّيُوخُ لَنْ يَتَدَخَّلُوا إِلَّا بَعْدَ أَنْ تُتَّخَذَ ٱلْخُطْوَتَانِ ٱلْأُولَيَانِ وَتَتَوَفَّرَ أَدِلَّةٌ قَاطِعَةٌ تُظْهِرُ مَا حَدَثَ بِوُضُوحٍ.‏

١٧ أَيَّةُ بَرَكَاتٍ نَنْعَمُ بِهَا حِينَ ‹نَطْلُبُ ٱلسَّلَامَ› مَعَ إِخْوَتِنَا؟‏

١٧ مَا دُمْنَا فِي نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هٰذَا،‏ سَنَظَلُّ أَشْخَاصًا نَاقِصِينَ نَرْتَكِبُ ٱلْأَخْطَاءَ فِي حَقِّ غَيْرِنَا.‏ كَتَبَ ٱلتِّلْمِيذُ يَعْقُوبُ:‏ «إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَا يَعْثُرُ فِي ٱلْكَلَامِ،‏ فَذَاكَ إِنْسَانٌ كَامِلٌ،‏ قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ أَيْضًا جَسَدَهُ كُلَّهُ».‏ (‏يعقوب ٣:‏٢‏)‏ لِذٰلِكَ بُغْيَةَ حَلِّ ٱلْخِلَافَاتِ،‏ يَلْزَمُ أَنْ نَبْذُلَ جُهُودًا جِدِّيَّةً ‹لِنَطْلُبَ ٱلسَّلَامَ وَنَسْعَى فِي أَثَرِهِ›.‏ (‏مز ٣٤:‏١٤‏)‏ وَحِينَ نَكُونُ مُسَالِمِينَ،‏ نَتَمَتَّعُ بِعَلَاقَةٍ طَيِّبَةٍ بِإِخْوَتِنَا وَنُعَزِّزُ وَحْدَةَ ٱلْجَمَاعَةِ.‏ (‏مز ١٣٣:‏١-‏٣‏)‏ وَفَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ،‏ نَحْظَى بِصَدَاقَةِ يَهْوَهَ،‏ «مُعْطِي ٱلسَّلَامِ».‏ (‏رو ١٥:‏٣٣‏)‏ فَمَا أَعْظَمَ ٱلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي نَنْعَمُ بِهَا حِينَ نُبَادِرُ إِلَى تَسْوِيَةِ ٱلْخِلَافَاتِ بِمَحَبَّةٍ!‏

^ ‏[١] ‏(‏اَلْفِقْرَةُ ١٢)‏ هُنَالِكَ أَمْثِلَةٌ أُخْرَى لِأَشْخَاصٍ حَلُّوا ٱلْمَشَاكِلَ سِلْمِيًّا،‏ وَمِنْهُمْ:‏ يَعْقُوبُ،‏ مَعَ عِيسُو (‏تك ٢٧:‏٤١-‏٤٥؛‏ ٣٣:‏١-‏١١‏)‏؛‏ يُوسُفُ،‏ مَعَ إِخْوَتِهِ (‏تك ٤٥:‏١-‏١٥‏)‏؛‏ وَجِدْعُونُ،‏ مَعَ رِجَالِ أَفْرَايِمَ.‏ (‏قض ٨:‏١-‏٣‏)‏ وَلَعَلَّكَ تَتَذَكَّرُ أَمْثِلَةً مُمَاثِلَةً مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏