قِصَّةُ حَيَاةٍ
انعم الله علينا ببركات كثيرة
مُنْذُ كَانَ وَالِدِي آرْثِر غِسْت فَتًى، أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ قَسًّا فِي ٱلْكَنِيسَةِ ٱلْمَنْهَجِيَّةِ لِأَنَّهُ أَحَبَّ ٱللهَ كَثِيرًا. لٰكِنَّهُ غَيَّرَ هَدَفَهُ حِينَ ٱبْتَدَأَ يُعَاشِرُ تَلَامِيذَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَيَقْرَأُ مَطْبُوعَاتِهِمْ. وَعَامَ ١٩١٤، ٱعْتَمَدَ وَهُوَ بِعُمْرِ ١٧ سَنَةً. كَانَتِ ٱلْحَرْبُ ٱلْعَالَمِيَّةُ ٱلْأُولَى آنَذَاكَ مُشْتَعِلَةً، فَٱسْتُدْعِيَ إِلَى ٱلْخِدْمَةِ ٱلْعَسْكَرِيَّةِ. وَبِسَبَبِ رَفْضِهِ حَمْلَ ٱلسِّلَاحِ، أَمْضَى ١٠ أَشْهُرٍ فِي سِجْنِ كِينْغْزْتُون بِأُونْتَارْيُو، كَنَدَا. وَلٰكِنْ عِنْدَمَا أُطْلِقَ سَرَاحُهُ، بَدَأَ بِٱلْخِدْمَةِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ كَمُوَزِّعِ مَطْبُوعَاتٍ جَائِلٍ (أَيْ فَاتِحٍ).
عَامَ ١٩٢٦، تَزَوَّجَ مِنْ أُمِّي هَايْزِل وِيلْكِنْسُنَ ٱلَّتِي تَعَرَّفَتْ وَالِدَتُهَا إِلَى ٱلْحَقِّ عَامَ ١٩٠٨. وَأَنَا وُلِدْتُ فِي ٢٤ نَيْسَانَ (إِبْرِيل) ١٩٣١، وَكُنْتُ ٱلثَّانِيَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ. وَبِمَا أَنَّ وَالِدِي كَانَ يُقَدِّرُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ كَثِيرًا، نَمَا فِي قَلْبِنَا ٱلتَّقْدِيرُ نَفْسُهُ. فَٱحْتَلَّتْ عِبَادَةُ يَهْوَهَ ٱلْأَوْلَوِيَّةَ فِي حَيَاتِنَا. وَكُنَّا دَائِمًا نَشْتَرِكُ كَعَائِلَةٍ فِي ٱلْخِدْمَةِ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ. — اع ٢٠:٢٠.
عَلَى خُطَى وَالِدِي فِي ٱلْحِيَادِ وَٱلْفَتْحِ
بَدَأَتِ ٱلْحَرْبُ ٱلْعَالَمِيَّةُ ٱلثَّانِيَةُ عَامَ ١٩٣٩. وَبَعْدَ سَنَةٍ، حُظِرَ عَمَلُ شُهُودِ يَهْوَهَ فِي كَنَدَا. آنَذَاكَ، لَزِمَ أَنْ يُؤَدِّيَ تَلَامِيذُ ٱلْمَدَارِسِ ٱلْحُكُومِيَّةِ تَحِيَّةَ ٱلْعَلَمِ وَٱلنَّشِيدَ ٱلْوَطَنِيَّ فِي صُفُوفِهِمْ. وَكَانَ مِنْ عَادَةِ ٱلْمُعَلِّمِينَ أَنْ يَسْمَحُوا لِي أَنَا وَأُخْتِي ٱلْكُبْرَى دُورُوثِي أَنْ نَخْرُجَ مِنَ ٱلصَّفِّ حَتَّى يَنْتَهُوا. وَلٰكِنْ ذَاتَ يَوْمٍ، حَاوَلَتْ مُعَلِّمَتِي أَنْ تُحْرِجَنِي أَمَامَ رُفَقَائِي فَٱتَّهَمَتْنِي بِأَنِّي جَبَانٌ. نَتِيجَةَ ذٰلِكَ، هَجَمَ عَلَيَّ بَعْضُ ٱلتَّلَامِيذِ بَعْدَ ٱلدَّوَامِ وَأَوْقَعُونِي أَرْضًا. لٰكِنَّ ذٰلِكَ قَوَّى تَصْمِيمِي أَنْ ‹أُطِيعَ ٱللهَ حَاكِمًا لَا ٱلنَّاسَ›. — اع ٥:٢٩.
فِي تَمُّوزَ (يُولْيُو) ١٩٤٢، ٱعْتَمَدْتُ بِعُمْرِ ١١ سَنَةً فِي خَزَّانِ مَاءٍ فِي إِحْدَى ٱلْمَزَارِعِ. وَقَدْ سَرَّنِي جِدًّا أَنْ أَخْدُمَ كَفَاتِحِ عُطْلَةٍ (أَيْ فَاتِحٍ إِضَافِيٍّ) خِلَالَ ٱلْعُطَلِ ٱلْمَدْرَسِيَّةِ. وَذَاتَ مَرَّةٍ، ذَهَبْتُ مَعَ ثَلَاثَةِ إِخْوَةٍ إِلَى شَمَالِ أُونْتَارْيُو لِنَخْدُمَ فِي مُقَاطَعَةٍ لَمْ تُعَيَّنْ لِأَحَدٍ مِنْ قَبْلُ، وَبَشَّرْنَا ٱلْحَطَّابِينَ ٱلْمُقِيمِينَ هُنَاكَ.
فِي ١ أَيَّارَ (مَايُو) ١٩٤٩، بَدَأْتُ بِخِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ ٱلْعَادِيِّ. ثُمَّ دُعِيتُ لِأُسَاعِدَ فِي أَعْمَالِ ٱلْبِنَاءِ فِي فَرْعِ كَنَدَا. وَفِي ١ كَانُونَ ٱلْأَوَّلِ (دِيسَمْبِر)، ٱنْضَمَمْتُ إِلَى عَائِلَةِ بَيْتَ إِيلَ. فَعُيِّنْتُ لِلْعَمَلِ فِي ٱلْمَطْبَعَةِ وَتَعَلَّمْتُ كَيْفَ أُشَغِّلُ ٱلطَّابِعَةَ ذَاتَ ٱلْأَلْوَاحِ ٱلْمُسْتَوِيَةِ. وَأَتَذَكَّرُ أَنِّي ذَاتَ مَرَّةٍ بَقِيتُ طَوَالَ أَسَابِيعَ أَعْمَلُ فِي ٱللَّيْلِ لِطِبَاعَةِ نَشْرَةٍ عَنِ ٱلِٱضْطِهَادِ ٱلَّذِي يُعَانِيهِ شُهُودُ يَهْوَهَ فِي كَنَدَا.
فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، تَعَيَّنْتُ فِي قِسْمِ ٱلْخِدْمَةِ. وَطُلِبَ مِنِّي مُقَابَلَةُ بَعْضِ ٱلْفَاتِحِينَ ٱلَّذِينَ مَرُّوا بِٱلْفَرْعِ فِي طَرِيقِهِمْ لِلْخِدْمَةِ فِي كِيبِك، حَيْثُ كَانَ ٱلِٱضْطِهَادُ شَدِيدًا. وَبَيْنَ هٰؤُلَاءِ ٱلْفَاتِحِينَ أُخْتٌ ٱسْمُهَا مَارِي زَازُولَا. كَانَتْ مَارِي مِنْ عَائِلَةٍ أُرْثُوذُكْسِيَّةٍ مُتَشَدِّدَةٍ. وَحِينَ رَفَضَتْ هِيَ وَأَخُوهَا ٱلْأَكْبَرُ جُو أَنْ يَتَوَقَّفَا عَنْ دَرْسِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، طَرَدَهُمَا وَالِدَاهُمَا مِنَ ٱلْمَنْزِلِ. لٰكِنَّهُمَا ٱعْتَمَدَا فِي حَزِيرَانَ (يُونْيُو) ١٩٥١، وَبَدَآ بِخِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. خِلَالَ ٱلْمُقَابَلَةِ ٱلَّتِي أَجْرَيْتُهَا مَعَ مَارِي، رَأَيْتُ كَمْ تُحِبُّ يَهْوَهَ. وَقُلْتُ لِنَفْسِي: ‹هٰذِهِ هِيَ ٱلْفَتَاةُ ٱلَّتِي أَرْغَبُ أَنْ أَتَزَوَّجَهَا›. وَبِٱلْفِعْلِ، تَزَوَّجْنَا بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فِي ٣٠ كَانُونَ ٱلثَّانِي (يَنَايِر) ١٩٥٤. وَبَعْدَ أُسْبُوعٍ فَقَطْ، دُعِينَا لِنَتَدَرَّبَ عَلَى ٱلْعَمَلِ ٱلدَّائِرِيِّ. فَخَدَمْنَا فِي دَائِرَةٍ شَمَالَ أُونْتَارْيُو مُدَّةَ سَنَتَيْنِ.
مَعَ ٱلنُّمُوِّ ٱلسَّرِيعِ لِعَمَلِ ٱلْبِشَارَةِ، ٱزْدَادَتِ ٱلْحَاجَةُ إِلَى مُرْسَلِينَ. فَفَكَّرْتُ أَنَا وَمَارِي أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ تَحَمَّلْنَا شِتَاءَ كَنَدَا ٱلْقَارِسَ وَصَيْفَهَا ٱلْمَلِيءَ بِٱلْبَعُوضِ ٱلْمُزْعِجِ، نَقْدِرُ أَنْ نَتَحَمَّلَ ظُرُوفَ أَيِّ بَلَدٍ آخَرَ. فَحَضَرْنَا ٱلصَّفَّ ٱلـ ٢٧ لِمَدْرَسَةِ جِلْعَادَ، وَتَخَرَّجْنَا فِي تَمُّوزَ (يُولْيُو) ١٩٥٦، وَبِحُلُولِ تِشْرِينَ ٱلثَّانِي (نُوفَمْبِر) كُنَّا فِي تَعْيِينِنَا ٱلْجَدِيدِ: اَلْبَرَازِيل.
اَلْعَمَلُ ٱلْإِرْسَالِيُّ فِي ٱلْبَرَازِيل
حِينَ وَصَلْنَا إِلَى ٱلْبَرَازِيل كَانَتِ ٱللُّغَةُ ٱلْبُرْتُغَالِيَّةُ أَوَّلَ صُعُوبَةٍ وَاجَهْنَاهَا. فِي ٱلْبِدَايَةِ، تَعَلَّمْنَا كَيْفَ نَبْدَأُ بِمُحَادَثَةٍ بَسِيطَةٍ، ثُمَّ حَفِظْنَا مُقَدِّمَةً قَصِيرَةً لِعَرْضِ إِحْدَى ٱلْمَجَلَّاتِ. وَقَرَّرْنَا أَنْ نَقْرَأَ آيَةً عَنْ بَرَكَاتِ ٱلْمَلَكُوتِ إِذَا صَادَفْنَا شَخْصًا مُهْتَمًّا. وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ لَنَا فِي ٱلْخِدْمَةِ، أَصْغَتْ إِلَيْنَا ٱمْرَأَةٌ بِٱنْتِبَاهٍ شَدِيدٍ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهَا ٱلْآيَةَ فِي ٱلرُّؤْيَا ٢١:٣، ٤. وَلٰكِنْ، مَا إِنِ ٱنْتَهَيْتُ مِنَ ٱلْقِرَاءَةِ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيَّ. فَلَمْ أَكُنْ مُعْتَادًا عَلَى ٱلطَّقْسِ ٱلْحَارِّ وَٱلرَّطْبِ هُنَاكَ. وَقَدْ ظَلَّ هٰذَا ٱلطَّقْسُ تَحَدِّيًا كَبِيرًا لِي.
بَدَأْنَا عَمَلَنَا ٱلْإِرْسَالِيَّ فِي مَدِينَةِ كَامْبُوس، حَيْثُ يُوجَدُ ٱلْآنَ ١٥ جَمَاعَةً. وَلٰكِنْ حِينَ وَصَلْنَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سِوَى فَرِيقٍ وَاحِدٍ وَبَيْتٍ لِلْمُرْسَلِينَ تَسْكُنُ فِيهِ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ: إِسْتِر تْرَايْسِي، رَامُونَا بَاوِر، لْوِيزَا شْفَرْتْس، وَلُورِين بْرُوكْس
(اَلْآنَ لُورِين وَالِن). وَكَانَتْ مَسْؤُولِيَّتِي فِي ٱلْبَيْتِ ٱلِٱهْتِمَامَ بِٱلْغَسِيلِ وَجَمْعَ ٱلْحَطَبِ لِلطَّهْيِ. أَثْنَاءَ سَكَنِنَا هُنَاكَ حَصَلَتْ مَعَنَا أُمُورٌ لَا تُنْسَى. مَثَلًا، فِي إِحْدَى ٱللَّيَالِي بَعْدَ دَرْسِ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ يَوْمَ ٱلْإِثْنَيْنِ، زَارَنَا ضَيْفٌ غَيْرُ مُتَوَقَّعٍ. فَقَدْ كُنْتُ أَتَحَدَّثُ مَعَ زَوْجَتِي عَمَّا فَعَلْنَاهُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ فِيمَا هِيَ مُسْتَلْقِيَةٌ عَلَى ٱلْكَنَبَةِ. وَلٰكِنْ مَا إِنْ رَفَعَتْ رَأْسَهَا، حَتَّى خَرَجَتْ حَيَّةٌ مِنْ تَحْتِ ٱلْوِسَادَةِ. فَأَثَارَتْ ضَجَّةً كَبِيرَةً فِي ٱلْبَيْتِ. لٰكِنِّي فِي ٱلنِّهَايَةِ تَمَكَّنْتُ مِنْ قَتْلِهَا.بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ تَعَلُّمِ ٱلْبُرْتُغَالِيَّةِ، تَعَيَّنْتُ نَاظِرَ دَائِرَةٍ. فَخَدَمْنَا فِي مَنَاطِقَ رِيفِيَّةٍ لَا يُوجَدُ فِيهَا كَهْرَبَاءُ. وَكُنَّا نَنَامُ عَلَى ٱلْحَصَائِرِ، وَنَتَنَقَّلُ عَلَى ٱلْأَحْصِنَةِ وَعَرَبَاتِ ٱلْخُيُولِ. وَذَاتَ مَرَّةٍ، قُمْنَا بِحَمْلَةٍ تَبْشِيرِيَّةٍ فِي مُقَاطَعَةٍ لَمْ تُعَيَّنْ لِأَحَدٍ مِنْ قَبْلُ. فَسَافَرْنَا بِٱلْقِطَارِ إِلَى بَلْدَةٍ جَبَلِيَّةٍ وَٱسْتَأْجَرْنَا غُرْفَةً هُنَاكَ. وَحِينَ أَرْسَلَ لَنَا مَكْتَبُ ٱلْفَرْعِ ٨٠٠ مَجَلَّةٍ لِنُوَزِّعَهَا خِلَالَ ٱلْحَمْلَةِ، ٱضْطُرِرْنَا أَنْ نَرُوحَ وَنَجِيءَ مِرَارًا كَثِيرَةً إِلَى مَكْتَبِ ٱلْبَرِيدِ لِنَجْلُبَ ٱلْمَجَلَّاتِ.
عَامَ ١٩٦٢، عُقِدَتْ مَدْرَسَةُ خِدْمَةِ ٱلْمَلَكُوتِ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ ٱلْبَرَازِيل. فَسَافَرْتُ بِدُونِ مَارِي مِنْ مَدْرَسَةٍ إِلَى أُخْرَى طَوَالَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَعَلَّمْتُ صُفُوفًا فِي مَانَاوُس، بِيلِيم، فُورْتَالِيزَا، رَسِيف، وَسَلْفَادُور. حِينَ كُنْتُ فِي مَانَاوُسَ، ٱشْتَرَكْتُ فِي تَنْظِيمِ مَحْفِلٍ كُورِيٍّ فِي دَارِ أُوبِرَا مَشْهُورٍ. وَلٰكِنْ بِسَبَبِ ٱلْأَمْطَارِ ٱلْغَزِيرَةِ تَلَوَّثَتْ مُعْظَمُ مِيَاهِ ٱلشُّرْبِ، وَخَرِبَ ٱلْمَكَانُ ٱلَّذِي نُقَدِّمُ فِيهِ ٱلطَّعَامَ. (فِي ٱلْمَاضِي كَانَتْ تُقَدَّمُ وَجَبَاتُ طَعَامٍ فِي ٱلْمَحَافِلِ.) فَٱتَّصَلْتُ بِضَابِطٍ فِي ٱلْجَيْشِ وَشَرَحْتُ لَهُ ٱلْمُشْكِلَةَ. فَسَاعَدَنَا بِكُلِّ لُطْفٍ عَلَى تَأْمِينِ مِيَاهِ ٱلشُّرْبِ طَوَالَ فَتْرَةِ ٱلْمَحْفِلِ. كَمَا أَرْسَلَ جُنُودًا نَصَبُوا لَنَا خَيْمَتَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ لِنُقَدِّمَ فِيهِمَا ٱلطَّعَامَ.
فِي هٰذِهِ ٱلْأَثْنَاءِ، بَشَّرَتْ مَارِي فِي مُجَمَّعٍ تِجَارِيٍّ بُرْتُغَالِيٍّ. كَانَ جَنْيُ ٱلْمَالِ هَمَّ ٱلنَّاسِ ٱلْوَحِيدَ هُنَاكَ. فَلَمْ يَقْبَلْ أَحَدٌ أَنْ يَتَحَدَّثَ مَعَهَا عَنِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. فَقَالَتْ لِبَعْضِ أَصْدِقَائِهَا: «آخِرُ مَكَانٍ أَوَدُّ أَنْ أَعِيشَ فِيهِ هُوَ ٱلْبُرْتُغَال». وَلٰكِنْ يَا لَلْمُفَاجَأَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ فِي ٱنْتِظَارِهَا! فَبَعْدَ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ تَلَقَّيْنَا دَعْوَةً لِلْخِدْمَةِ فِي ٱلْبُرْتُغَال. وَهٰذَا سَبَّبَ صَدْمَةً قَوِيَّةً لِمَارِي. أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ أَنَّ عَمَلَنَا كَانَ مَحْظُورًا هُنَاكَ. وَلٰكِنْ رَغْمَ كُلِّ شَيْءٍ، قَبِلْنَا ٱلدَّعْوَةَ وَٱنْتَقَلْنَا إِلَى تَعْيِينِنَا ٱلْجَدِيدِ.
تَعْيِينُنَا فِي ٱلْبُرْتُغَال
وَصَلْنَا إِلَى لِشْبُونَة بِٱلْبُرْتُغَال فِي آبَ (أُغُسْطُس) ١٩٦٤. وَلٰكِنْ، بِمَا أَنَّ ٱلْإِخْوَةَ كَانُوا يَتَعَرَّضُونَ لِٱضْطِهَادٍ شَدِيدٍ مِنَ
ٱلشُّرْطَةِ ٱلسِّرِّيَّةِ، لَزِمَ أَلَّا نَتَوَاصَلَ مَعَهُمْ. فَٱسْتَأْجَرْنَا غُرْفَةً صَغِيرَةً إِلَى أَنْ نَحْصُلَ عَلَى ٱلْإِقَامَةِ، وَبَعْدَ ذٰلِكَ ٱسْتَأْجَرْنَا شِقَّةً. وَأَخِيرًا بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ، تَمَكَّنَّا مِنَ ٱلِٱتِّصَالِ بِمَكْتَبِ ٱلْفَرْعِ. وَكَمْ فَرِحْنَا حِينَ حَضَرْنَا أَوَّلَ ٱجْتِمَاعٍ لَنَا فِي ٱلْبَلَدِ!كَانَتِ ٱلشُّرْطَةُ تُفَتِّشُ بُيُوتَ ٱلْإِخْوَةِ يَوْمِيًّا. وَبِسَبَبِ ٱلْحَظْرِ، أُغْلِقَتْ قَاعَاتُ ٱلْمَلَكُوتِ وَعُقِدَتِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتُ فِي ٱلْبُيُوتِ. كَمَا أُخِذَ مِئَاتُ ٱلْإِخْوَةِ وَٱلْأَخَوَاتِ إِلَى مَرَاكِزِ ٱلشُّرْطَةِ مِنْ أَجْلِ ٱسْتِجْوَابِهِمْ. وَأُسِيئَتْ مُعَامَلَتُهُمْ كَيْ يُجْبِرُوهُمْ أَنْ يَكْشِفُوا أَسْمَاءَ ٱلْإِخْوَةِ ٱلَّذِينَ يُدِيرُونَ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ. لِذٰلِكَ، ٱعْتَادَ ٱلْإِخْوَةُ أَنْ يَسْتَعْمِلُوا ٱلِٱسْمَ ٱلْأَوَّلَ دُونَ ذِكْرِ ٱسْمِ ٱلْعَائِلَةِ، كَيْ يَحْمُوا وَاحِدُهُمُ ٱلْآخَرَ. فَفَعَلْنَا نَحْنُ أَيْضًا مِثْلَهُمْ.
كَانَ هَمُّنَا ٱلْأَوَّلُ أَنْ يَحْصُلَ ٱلْإِخْوَةُ عَلَى ٱلْمَطْبُوعَاتِ، لِأَنَّ ذٰلِكَ يُسَاعِدُهُمْ عَلَى ٱحْتِمَالِ ظُرُوفِهِمِ ٱلصَّعْبَةِ. لِذَا كَانَتْ مَارِي تَطْبَعُ ٱلْمَقَالَاتِ ٱلدِّرَاسِيَّةَ لِمَجَلَّةِ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ عَلَى وَرَقِ سْتَانْسِل، وَهُوَ نَوْعٌ خَاصٌّ مِنَ ٱلْوَرَقِ يُسْتَخْدَمُ لِطِبَاعَةِ ٱلنُّسَخِ.
اَلدِّفَاعُ عَنِ ٱلْبِشَارَةِ فِي ٱلْمَحْكَمَةِ
فِي حَزِيرَانَ (يُونْيُو) ١٩٦٦، عُقِدَتْ مَحْكَمَةٌ مُهِمَّةٌ فِي لِشْبُونَة. فَقَدِ ٱتُّهِمَ جَمِيعُ أَفْرَادِ جَمَاعَةِ فَايْجُو، وَعَدَدُهُمْ ٤٩ أَخًا وَأُخْتًا، بِأَنَّهُمْ حَضَرُوا ٱجْتِمَاعًا غَيْرَ قَانُونِيٍّ فِي أَحَدِ ٱلْبُيُوتِ. قَبْلَ ٱلْجَلْسَةِ، حَاوَلْتُ أَنْ أُسَاعِدَ ٱلْإِخْوَةَ لِيَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِلْمُحَاكَمَةِ. فَلَعِبْتُ دَوْرَ مُحَامِي ٱلِٱتِّهَامِ ٱلَّذِي سَيُحَاوِلُ إِلْصَاقَ ٱلتُّهْمَةِ بِهِمْ، وَهُمْ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُدَافِعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ. صَحِيحٌ أَنَّنَا تَوَقَّعْنَا أَنْ نَخْسَرَ ٱلْقَضِيَّةَ، لٰكِنَّنَا شَعَرْنَا أَنَّهَا سَتَكُونُ شَهَادَةً عَظِيمَةً لِلنَّاسِ فِي ٱلْبَلَدِ. وَفِي ٱلْجَلْسَةِ، ٱخْتَتَمَ مُحَامِي ٱلدِّفَاعِ مُرَافَعَتَهُ بِكَلِمَاتِ غَمَالَائِيلَ ٱلَّتِي قَالَهَا فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ. (اع ٥:٣٣-٣٩) وَكَمَا تَوَقَّعْنَا خَسِرْنَا ٱلْقَضِيَّةَ، وَحُكِمَ عَلَى ٱلْإِخْوَةِ بِٱلسَّجْنِ فَتَرَاتٍ تَتَرَاوَحُ بَيْنَ ٤٥ يَوْمًا وَخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ. لٰكِنَّ أَخْبَارَ ٱلْقَضِيَّةِ ذَاعَتْ فِي ٱلصُّحُفِ. وَٱلْمُفْرِحُ أَيْضًا أَنَّ مُحَامِيَنَا ٱلشُّجَاعَ قَبِلَ دَرْسًا فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، وَكَانَ يَحْضُرُ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ قَبْلَ وَفَاتِهِ.
فِي كَانُونَ ٱلْأَوَّلِ (دِيسَمْبِر) ١٩٦٦، صِرْتُ نَاظِرَ ٱلْفَرْعِ. وَصَرَفْتُ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْوَقْتِ عَلَى ٱلشُّؤُونِ ٱلْقَانُونِيَّةِ. فَقَدْ جَهَّزْنَا حُجَجًا قَوِيَّةً لِنُطَالِبَ بِتَثْبِيتِ شُهُودِ يَهْوَهَ قَانُونِيًّا فِي ٱلْبَلَدِ. (في ١:٧) وَبَعْدَ طُولِ ٱنْتِظَارٍ، صَارَ عَمَلُنَا مُعْتَرَفًا بِهِ شَرْعِيًّا فِي ١٨ كَانُونَ ٱلْأَوَّلِ (دِيسَمْبِر) ١٩٧٤. فَزَارَ ٱلْأَخَوَانِ نَاثَان نُور وَفْرِدْرِيك فْرَانْز ٱلْبُرْتُغَالَ لِيُشَارِكَا ٱلْإِخْوَةَ هٰذِهِ ٱلْفَرْحَةَ فِي ٱجْتِمَاعٍ تَارِيخِيٍّ عُقِدَ فِي أُوبُورْتُو وَلِشْبُونَة، كَانَ مَجْمُوعُ ٱلْحُضُورِ فِيهِ ٤٦٬٨٧٠ شَخْصًا.
وَبِدَعْمِ يَهْوَهَ، تَوَسَّعَ عَمَلُ ٱلْبِشَارَةِ فِي ٱلْعَدِيدِ مِنَ ٱلْجُزُرِ ٱلَّتِي تَتَكَلَّمُ ٱلْبُرْتُغَالِيَّةَ، مِثْلِ جُزُرِ آزُور، ٱلرَّأْسِ ٱلْأَخْضَرِ، سَانْ تُومِيه وَبْرِنْسِيبِي، وَمَادِيرَا. وَمَعَ ٱزْدِيَادِ عَدَدِ ٱلْإِخْوَةِ، ٱحْتَجْنَا إِلَى تَوْسِيعِ ٱلْفَرْعِ. وَفِي ٢٣ نَيْسَانَ (إِبْرِيل) ١٩٨٨، قَدَّمَ ٱلْأَخُ مِلْتُون هِنْشِل خِطَابَ ٱلتَّدْشِينِ بِحُضُورِ ٤٥٬٥٢٢ شَخْصًا، بِمَنْ فِيهِمْ ٢٠ مُرْسَلًا خَدَمُوا سَابِقًا فِي ٱلْبُرْتُغَال.
كَلِمَاتٌ حُفِرَتْ فِي ذَاكِرَتِنَا
عَلَى مَرِّ ٱلسِّنِينَ، أَغْنَتْ رِفْقَةُ ٱلْإِخْوَةِ ٱلْأُمَنَاءِ حَيَاتَنَا. فَقَدْ تَعَلَّمْتُ دَرْسًا قَيِّمًا عِنْدَمَا رَافَقْتُ ٱلْأَخَ ثِيُودُور جَارِس فِي إِحْدَى زِيَارَاتِهِ كَنَاظِرِ إِقْلِيمٍ. كَانَ ٱلْفَرْعُ ٱلَّذِي نَزُورُهُ يُوَاجِهُ مُشْكِلَةً خَطِيرَةً، وَٱلْإِخْوَةُ فِي لَجْنَةِ ٱلْفَرْعِ فَعَلُوا كُلَّ مَا فِي ٱسْتِطَاعَتِهِمْ لِحَلِّهَا لٰكِنْ دُونَ جَدْوَى. فَشَجَّعَهُمُ ٱلْأَخُ جَارِس حِينَ قَالَ لَهُمْ: «دَعُوا رُوحَ يَهْوَهَ ٱلْآنَ يَعْمَلُ عَمَلَهُ». وَأَيْضًا لَا أَنْسَى أَبَدًا ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي ذَكَرَهَا ٱلْأَخُ فْرَانْز قَبْلَ سَنَوَاتٍ عَدِيدَةٍ. فَفِي زِيَارَةٍ إِلَى بْرُوكْلِين مَعَ زَوْجَتِي مَارِي، طَلَبْنَا مِنْهُ نَحْنُ وَبَعْضُ ٱلْإِخْوَةِ أَنْ يُقَدِّمَ لَنَا نَصِيحَةً. فَقَالَ لَنَا: «اِلْتَصِقُوا بِهَيْئَةِ يَهْوَهَ ٱلْمَنْظُورَةِ مَهْمَا كَانَتِ ٱلظُّرُوفُ. فَهِيَ ٱلْهَيْئَةُ ٱلْوَحِيدَةُ عَلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي تُتَمِّمُ ٱلْعَمَلَ ٱلَّذِي أَوْكَلَهُ يَسُوعُ إِلَى تَلَامِيذِهِ: اَلْكِرَازَةَ بِمَلَكُوتِ ٱللهِ».
لَقَدْ تَمَتَّعْنَا كَثِيرًا أَنَا وَمَارِي بِهٰذَا ٱلْعَمَلِ. كَمَا أَنَّنَا نَحْمِلُ فِي قُلُوبِنَا أَجْمَلَ ٱلذِّكْرَيَاتِ عَنِ ٱلْفَتْرَةِ ٱلَّتِي خَدَمْتُ فِيهَا كَنَاظِرِ إِقْلِيمٍ. فَقَدْ أَتَاحَتْ لَنَا زِيَارَةُ ٱلْفُرُوعِ ٱلْفُرْصَةَ أَنْ نُعَبِّرَ عَنْ تَقْدِيرِنَا لِخُدَّامِ ٱللهِ مِنْ كَافَّةِ ٱلْأَعْمَارِ. كَمَا شَجَّعْنَاهُمْ أَنْ يُثَابِرُوا عَلَى خِدْمَةِ يَهْوَهَ، أَعْظَمِ ٱمْتِيَازٍ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ.
مَرَّتِ ٱلسَّنَوَاتُ وَهَا أَنَا وَمَارِي ٱلْآنَ قَدْ تَجَاوَزْنَا ٱلثَّمَانِينَ مِنَ ٱلْعُمْرِ. وَيُحْزِنُنِي أَنْ أَرَى مَارِي تُعَانِي ٱلْعَدِيدَ مِنَ ٱلْمَشَاكِلِ ٱلصِّحِّيَّةِ. (٢ كو ١٢:٩) لٰكِنَّ ٱلْمِحَنَ ٱلَّتِي وَاجَهْنَاهَا قَوَّتْ إِيمَانَنَا وَعَزَّزَتْ تَصْمِيمَنَا أَنْ نُحَافِظَ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا. وَحِينَ نَعُودُ بِٱلذَّاكِرَةِ إِلَى ٱلسَّنَوَاتِ ٱلَّتِي قَضَيْنَاهَا فِي ٱلْخِدْمَةِ، نَرَى أَنَّ يَهْوَهَ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِبَرَكَاتٍ كَثِيرَةٍ. *
^ الفقرة 29 فِيمَا كَانَتْ هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةُ تُعَدُّ لِلنَّشْرِ، مَاتَ دُوغْلَاس غِسْت أَمِينًا لِيَهْوَهَ فِي ٢٥ تِشْرِينَ ٱلْأَوَّلِ (أُكْتُوبِر) ٢٠١٥.