«اتحبني اكثر من هؤلاء؟»
«يَا سِمْعَانُ بْنَ يُوحَنَّا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هٰؤُلَاءِ؟». — يو ٢١:١٥.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ١٢٨، ٤٥
١، ٢ أَيُّ دَرْسٍ تَعَلَّمَهُ بُطْرُسُ بَعْدَمَا أَمْضَى ٱللَّيْلَ بِطُولِهِ فِي صَيْدِ ٱلسَّمَكِ؟
أَمْضَى سَبْعَةٌ مِنْ تَلَامِيذِ يَسُوعَ ٱللَّيْلَ بِطُولِهِ يَصْطَادُونَ عِنْدَ بَحْرِ ٱلْجَلِيلِ، وَلٰكِنْ دُونَ جَدْوَى. وَكَانَ يَسُوعُ ٱلْمُقَامُ وَاقِفًا عَلَى ٱلشَّطِّ يُرَاقِبُهُمْ. فَقَالَ لَهُمْ: «‹أَلْقُوا ٱلشَّبَكَةَ إِلَى جَانِبِ ٱلْمَرْكَبِ ٱلْأَيْمَنِ فَتَجِدُوا›. فَأَلْقَوْهَا، وَلٰكِنَّهُمْ لَمْ يَعُودُوا يَقْدِرُونَ أَنْ يَجْذِبُوهَا مِنْ كَثْرَةِ ٱلسَّمَكِ». — يو ٢١:١-٦.
٢ وَلَاحِقًا، بَعْدَمَا قَدَّمَ لَهُمْ يَسُوعُ ٱلْفُطُورَ، ٱلْتَفَتَ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَقَالَ لَهُ: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُوحَنَّا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هٰؤُلَاءِ؟». عَرَفَ يَسُوعُ أَنَّ بُطْرُسَ يُحِبُّ صَيْدَ ٱلسَّمَكِ كَثِيرًا. فَرُبَّمَا أَرَادَ بِسُؤَالِهِ هٰذَا أَنْ يَتَأَكَّدَ أَنَّ بُطْرُسَ يُحِبُّهُ وَيُحِبُّ تَعَالِيمَهُ أَكْثَرَ مِنْ مِهْنَةِ ٱلصَّيْدِ. عِنْدَئِذٍ أَجَابَ هٰذَا ٱلتِّلْمِيذُ: «نَعَمْ، يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْرِفُ أَنَّ عِنْدِي لَكَ مَوَدَّةً». (يو ٢١:١٥) وَمُنْذُ ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ، أَثْبَتَ بُطْرُسُ أَنَّهُ يُحِبُّ يَسُوعَ فِعْلًا. فَقَدِ ٱنْشَغَلَ بِعَمَلِ ٱلتَّلْمَذَةِ وَأَصْبَحَ أَحَدَ أَعْمِدَةِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْبَاكِرَةِ.
٣ أَيُّ خَطَرٍ يَلْزَمُ أَنْ يَحْذَرَ مِنْهُ ٱلْمَسِيحِيُّ؟
مت ١٣:١٩-٢٢؛ مر ٤:١٩) فَإِذَا لَمْ نَحْتَرِسْ، يُمْكِنُ لِمَشَاغِلِ ٱلْحَيَاةِ أَنْ تُعِيقَ عِبَادَتَنَا. لِذَا حَذَّرَ يَسُوعُ تَلَامِيذَهُ قَائِلًا: «اِنْتَبِهُوا لِأَنْفُسِكُمْ لِئَلَّا تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ بِٱلْإِفْرَاطِ فِي ٱلْأَكْلِ وَٱلْإِسْرَافِ فِي ٱلشُّرْبِ وَهُمُومِ ٱلْحَيَاةِ». — لو ٢١:٣٤.
٣ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ سُؤَالِ يَسُوعَ؟ عَلَيْنَا أَنْ نَنْتَبِهَ لِئَلَّا تَضْعُفَ مَحَبَّتُنَا لَهُ أَوْ نَتَلَهَّى عَنْ عَمَلِ ٱلْمَلَكُوتِ. فَيَسُوعُ عَرَفَ كَيْفَ تُؤَثِّرُ هُمُومُ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ فِينَا. فَفِي مَثَلِ ٱلزَّارِعِ، ذَكَرَ أَنَّ ٱلْبَعْضَ يَقْبَلُونَ فِي ٱلْبِدَايَةِ «كَلِمَةَ ٱلْمَلَكُوتِ» وَيُحْرِزُونَ بَعْضَ ٱلتَّقَدُّمِ. لٰكِنَّ «هَمَّ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هٰذَا وَقُوَّةَ ٱلْغِنَى ٱلْخَادِعَةَ يَخْنُقَانِ ٱلْكَلِمَةَ»، فَيَصِيرُونَ بِلَا ثَمَرٍ. (٤ كَيْفَ نَفْحَصُ مَدَى مَحَبَّتِنَا لِلْمَسِيحِ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.)
٤ مِثْلَ بُطْرُسَ، نُبَرْهِنُ أَنَّنَا نُحِبُّ يَسُوعَ حِينَ نُعْطِي ٱلْأَوْلَوِيَّةَ لِلْبِشَارَةِ. وَكَيْفَ نَتَأَكَّدُ أَنَّ هٰذَا ٱلْعَمَلَ مَا زَالَ فِي ٱلْمَرْتَبَةِ ٱلْأُولَى؟ لِيَسْأَلْ كُلٌّ مِنَّا نَفْسَهُ: ‹مَا ٱلْأَحَبُّ إِلَى قَلْبِي: خِدْمَةُ يَهْوَهَ أَمِ ٱلنَّشَاطَاتُ ٱلدُّنْيَوِيَّةُ؟›. لِلْإِجَابَةِ عَنْ هٰذَا ٱلسُّؤَالِ، سَنَتَأَمَّلُ فِي ثَلَاثَةِ مَجَالَاتٍ يُمْكِنُ أَنْ تُضْعِفَ مَحَبَّتَنَا لِلْمَسِيحِ: اَلْعَمَلِ، ٱلتَّسْلِيَةِ، وَٱلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ.
أَبْقِ ٱلْعَمَلَ فِي مَكَانِهِ ٱلصَّحِيحِ
٥ أَيَّةُ مَسْؤُولِيَّةٍ تَقَعُ عَلَى رُؤُوسِ ٱلْعَائِلَاتِ؟
٥ لَمْ يَعْتَبِرْ بُطْرُسُ ٱلصَّيْدَ مُجَرَّدَ هِوَايَةٍ بَلْ مَصْدَرَ رِزْقِهِ. وَٱلْيَوْمَ، يَعْرِفُ رُؤُوسُ ٱلْعَائِلَاتِ أَنَّ يَهْوَهَ يَطْلُبُ مِنْهُمْ أَنْ يُؤَمِّنُوا مَعِيشَةَ عَائِلَاتِهِمْ. (١ تي ٥:٨) وَلَا بُدَّ أَنْ يَعْمَلُوا بِجِدٍّ لِيُتَمِّمُوا هٰذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّةَ. لٰكِنَّ تَأْمِينَ لُقْمَةِ ٱلْعَيْشِ فِي هٰذِهِ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ يُسَبِّبُ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْهَمِّ.
٦ أَيَّةُ ضُغُوطٍ يُسَبِّبُهَا ٱلْعَمَلُ ٱلْيَوْمَ؟
٦ فَبِسَبَبِ ٱلْمُنَافَسَةِ ٱلشَّدِيدَةِ وَقِلَّةِ ٱلْوَظَائِفِ، يَعْمَلُ كَثِيرُونَ سَاعَاتٍ طَوِيلَةً وَبِرَاتِبٍ قَلِيلٍ أَحْيَانًا. كَمَا أَنَّ ٱلشَّرِكَاتِ تَضْغَطُ عَلَى مُوَظَّفِيهَا لِيَزِيدُوا ٱلْإِنْتَاجَ، وَهٰذَا يَسْتَنْزِفُهُمْ جَسَدِيًّا وَعَقْلِيًّا وَعَاطِفِيًّا. مَعَ ذٰلِكَ، يُضْطَرُّ كَثِيرُونَ أَنْ يُلَبُّوا مَطَالِبَ رَبِّ ٱلْعَمَلِ لِئَلَّا يَخْسَرُوا وَظِيفَتَهُمْ.
٧، ٨ (أ) لِمَنْ نَدِينُ بِٱلْوَلَاءِ أَوَّلًا وَأَخِيرًا؟ (ب) أَيُّ دَرْسٍ مُهِمٍّ تَعَلَّمَهُ أَخٌ فِي تَايْلَنْد؟
٧ لٰكِنَّنَا كَمَسِيحِيِّينَ لَا نَدِينُ بِوَلَائِنَا لِرَبِّ ٱلْعَمَلِ، بَلْ وَلَاؤُنَا أَوَّلًا وَأَخِيرًا هُوَ لِيَهْوَهَ ٱللهِ. (لو ١٠:٢٧) أَمَّا ٱلْعَمَلُ فَهُوَ مُجَرَّدُ وَسِيلَةٍ لِنُؤَمِّنَ حَاجَاتِنَا فِيمَا نَخْدُمُ يَهْوَهَ. وَإِذَا لَمْ نَحْتَرِسْ، يُمْكِنُ أَنْ يُضْعِفَ ٱلْعَمَلُ رُوحِيَّاتِنَا. يُخْبِرُ أَخٌ مِنْ تَايْلَنْد: «أَحْبَبْتُ وَظِيفَتِي فِي تَصْلِيحِ ٱلْكُمْبْيُوتِرَاتِ. إِلَّا أَنَّهَا تَطَلَّبَتْ مِنِّي أَنْ أَعْمَلَ سَاعَاتٍ طَوِيلَةً. لِذَا لَمْ يَعُدْ لَدَيَّ وَقْتٌ كَافٍ لِلْأُمُورِ ٱلرُّوحِيَّةِ. لٰكِنِّي أَدْرَكْتُ أَخِيرًا أَنَّ عَلَيَّ تَغْيِيرَ وَظِيفَتِي كَيْ أَطْلُبَ ٱلْمَلَكُوتَ أَوَّلًا».
٨ وَيُتَابِعُ قَائِلًا: «دَرَسْتُ ٱلْمَوْضُوعَ وَٱدَّخَرْتُ ٱلْمَالَ طَوَالَ سَنَةٍ تَقْرِيبًا. ثُمَّ قَرَّرْتُ أَنْ أَصْنَعَ متى ٥:٣، ٦.
ٱلْمُثَلَّجَاتِ وَأَبِيعَهَا فِي ٱلشَّارِعِ. فِي ٱلْبِدَايَةِ، تَثَبَّطْتُ لِأَنَّنِي وَاجَهْتُ مَشَاكِلَ مَالِيَّةً. وَكُنْتُ كُلَّمَا ٱلْتَقَيْتُ زُمَلَائِي ٱلسَّابِقِينَ، يَضْحَكُونَ عَلَيَّ لِأَنِّي فَضَّلْتُ بَيْعَ ٱلْمُثَلَّجَاتِ فِي ٱلشَّارِعِ عَلَى تَصْلِيحِ ٱلْكُمْبْيُوتِرَاتِ فِي مَكْتَبٍ مُكَيَّفٍ. لِذَا صَلَّيْتُ إِلَى يَهْوَهَ، وَطَلَبْتُ مِنْهُ ٱلْمُسَاعَدَةَ لِأَتَخَطَّى هٰذِهِ ٱلصُّعُوبَاتِ وَأُخَصِّصَ ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلْوَقْتِ لِلْأُمُورِ ٱلرُّوحِيَّةِ. وَسُرْعَانَ مَا أَتَى ٱلْفَرَجُ. فَبِمَا أَنَّنِي تَعَرَّفْتُ عَلَى أَذْوَاقِ زَبَائِنِي وَٱزْدَدْتُ مَهَارَةً فِي صُنْعِ ٱلْمُثَلَّجَاتِ، صِرْتُ أَبِيعُ يَوْمِيًّا كُلَّ ٱلْكَمِّيَّةِ ٱلَّتِي أَصْنَعُهَا». وَهَلْ تَحَسَّنَ وَضْعُهُ بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ عَمَلِهِ ٱلسَّابِقِ؟ نَعَمْ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَضْعُهُ ٱلْمَالِيُّ أَفْضَلَ. وَهُوَ ٱلْآنَ أَسْعَدُ وَلَا يُعَانِي مِنَ ٱلْهَمِّ وَٱلْإِجْهَادِ. وَٱلْأَهَمُّ أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى يَهْوَهَ. — اقرأ٩ كَيْفَ نُبْقِي ٱلْعَمَلَ فِي مَكَانِهِ ٱلصَّحِيحِ؟
٩ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْعَمَلَ بِٱجْتِهَادٍ يُفَرِّحُ يَهْوَهَ وَيَعُودُ عَلَيْنَا بِٱلْفَائِدَةِ، وَلٰكِنْ عَلَيْنَا أَنْ نُبْقِيَهُ فِي مَكَانِهِ ٱلصَّحِيحِ. (ام ١٢:١٤) قَالَ يَسُوعُ: «دَاوِمُوا أَوَّلًا عَلَى طَلَبِ مَلَكُوتِهِ وَبِرِّهِ، وَهٰذِهِ كُلُّهَا [أَيْ، ضَرُورِيَّاتُ ٱلْحَيَاةِ] تُزَادُ لَكُمْ». (مت ٦:٣٣) وَلِنَعْرِفَ إِنْ كُنَّا نَنْظُرُ إِلَى ٱلْعَمَلِ بِٱتِّزَانٍ، يَجِبُ أَنْ يَسْأَلَ كُلٌّ مِنَّا نَفْسَهُ: ‹هَلْ أَجِدُ ٱلنَّشَاطَاتِ ٱلرُّوحِيَّةَ رُوتِينِيَّةً وَمُمِلَّةً فِي حِينِ أُحِبُّ عَمَلِي وَأَتَمَتَّعُ بِهِ؟›. يُسَاعِدُنَا ٱلتَّأَمُّلُ فِي هٰذَا ٱلسُّؤَالِ أَنْ نَعْرِفَ مَا ٱلْأَحَبُّ إِلَى قَلْبِنَا.
١٠ أَيُّ دَرْسٍ مُهِمٍّ عَلَّمَهُ يَسُوعُ؟
١٠ وَيَسُوعُ عَلَّمَنَا مَاذَا نَطْلُبُ أَوَّلًا. فَذَاتَ مَرَّةٍ، زَارَ مَرْيَمَ وَأُخْتَهَا مَرْثَا. فَٱلْتَهَتْ مَرْثَا بِتَحْضِيرِ ٱلطَّعَامِ، أَمَّا مَرْيَمُ فَجَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ تَسْمَعُ كَلَامَهُ. وَعِنْدَمَا تَشَكَّتْ مَرْثَا أَنَّ أُخْتَهَا لَا تُسَاعِدُهَا، أَجَابَهَا يَسُوعُ: «مَرْيَمُ ٱخْتَارَتِ ٱلنَّصِيبَ ٱلصَّالِحَ، وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا». (لو ١٠:٣٨-٤٢) وَبِهٰذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ، عَلَّمَ يَسُوعُ دَرْسًا مُهِمًّا. فَعَلَيْنَا أَنْ نَخْتَارَ «ٱلنَّصِيبَ ٱلصَّالِحَ»، أَيْ نُعْطِيَ ٱلْأَوْلَوِيَّةَ لِلْأُمُورِ ٱلرُّوحِيَّةِ. وَهٰكَذَا، نُثْبِتُ أَنَّنَا نُحِبُّهُ وَأَنَّنَا لَا نَلْتَهِي بِٱلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ.
نَظْرَتُنَا إِلَى ٱلتَّسْلِيَةِ
١١ مَاذَا تَقُولُ كَلِمَةُ ٱللهِ عَنِ ٱلرَّاحَةِ وَٱلِٱسْتِرْخَاءِ؟
١١ كُلُّنَا نَحْتَاجُ إِلَى ٱلرَّاحَةِ وَٱلِٱسْتِرْخَاءِ بَعْدَ يَوْمِ عَمَلٍ طَوِيلٍ. تَقُولُ كَلِمَةُ ٱللهِ: «لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيُرِيَ نَفْسَهُ ٱلْخَيْرَ مِنْ كَدِّهِ». (جا ٢:٢٤) وَيَسُوعُ عَرَفَ أَنَّ تَلَامِيذَهُ بِحَاجَةٍ إِلَى ٱلرَّاحَةِ. لِذَا قَالَ لَهُمْ بَعْدَمَا ٱجْتَهَدُوا فِي عَمَلِ ٱلْبِشَارَةِ: «تَعَالَوْا أَنْتُمْ عَلَى ٱنْفِرَادٍ إِلَى مَكَانٍ خَلَاءٍ وَٱسْتَرِيحُوا قَلِيلًا». — مر ٦:٣١، ٣٢.
١٢ أَيُّ أَمْرٍ يَلْزَمُ أَنْ نَحْذَرَ مِنْهُ؟ أَعْطِ مِثَالًا.
١٢ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلتَّسْلِيَةَ مُفِيدَةٌ، وَلٰكِنْ عَلَيْنَا أَنْ نَحْذَرَ لِئَلَّا تُصْبِحَ هَمَّنَا ٱلرَّئِيسِيَّ. فَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ، شَاعَ ٱلْقَوْلُ: «لِنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ، لِأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ». (١ كو ١٥:٣٢) وَٱلْيَوْمَ، تَسُودُ فِي ٱلْعَالَمِ رُوحٌ مُمَاثِلَةٌ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، بَعْدَمَا ٱبْتَدَأَ شَابٌّ فِي أُورُوبَّا يَحْضُرُ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ، تَوَقَّفَ عَنْ مُعَاشَرَةِ شَعْبِ يَهْوَهَ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا جِدًّا بِٱلتَّسْلِيَةِ. لٰكِنَّهُ أَدْرَكَ بِمُرُورِ ٱلْوَقْتِ أَنَّ ٱلتَّرْكِيزَ عَلَيْهَا لَمْ يَجْلُبْ لَهُ سِوَى ٱلْمَشَاكِلِ وَخَيْبَةِ ٱلْأَمَلِ. لِذَا ٱسْتَأْنَفَ دَرْسَهُ لِلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، وَلَاحِقًا أَصْبَحَ نَاشِرًا مُعْتَمِدًا. قَالَ: «لَيْتَنِي لَمْ أَبْتَعِدْ عَنْ يَهْوَهَ كُلَّ هٰذِهِ ٱلْفَتْرَةِ! أَنَا أَعْرِفُ ٱلْآنَ أَنَّ ٱلسَّعَادَةَ ٱلْحَقِيقِيَّةَ تَأْتِي مِنْ خِدْمَةِ يَهْوَهَ، لَا مِنَ ٱلتَّسْلِيَةِ ٱلَّتِي يُقَدِّمُهَا هٰذَا ٱلْعَالَمُ».
١٣ (أ) أَوْضِحْ كَيْفَ تُشَكِّلُ ٱلتَّسْلِيَةُ خَطَرًا عَلَيْنَا. (ب) كَيْفَ نُحَافِظُ عَلَى نَظْرَةٍ مُتَّزِنَةٍ إِلَى ٱلتَّسْلِيَةِ؟
١٣ لِنَتَذَكَّرْ أَنَّ ٱلْهَدَفَ مِنَ ٱلتَّسْلِيَةِ هُوَ ٱلِٱنْتِعَاشُ وَٱسْتِعَادَةُ ٱلنَّشَاطِ. فَكَمْ مِنَ ٱلْوَقْتِ نُخَصِّصُهُ لَهَا؟ لِنَتَأَمَّلْ فِي ٱلْإِيضَاحِ ٱلتَّالِي. يُحِبُّ كَثِيرُونَ مِنَّا أَنْ يَأْكُلُوا ٱلْحَلْوَى مِنْ حِينٍ إِلَى آخَرَ. لٰكِنَّ ٱلْإِكْثَارَ مِنْهَا يُضِرُّ بِصِحَّتِنَا. أَمَّا ٱلتَّرْكِيزُ عَلَى ٱلطَّعَامِ ٱلْمُغَذِّي فَيُبْقِينَا أَصِحَّاءَ. بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، يُضْعِفُ ٱلتَّشْدِيدُ عَلَى ٱلتَّسْلِيَةِ رُوحِيَّاتِنَا. فَكَيْفَ نُحَافِظُ عَلَى نَظْرَةٍ مُتَّزِنَةٍ إِلَيْهَا؟ بِإِمْكَانِنَا أَنْ نُسَجِّلَ ٱلْوَقْتَ ٱلَّذِي نَقْضِيهِ أُسْبُوعِيًّا فِي ٱلنَّشَاطَاتِ ٱلرُّوحِيَّةِ مِثْلِ حُضُورِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ، ٱلِٱشْتِرَاكِ فِي ٱلْخِدْمَةِ، ٱلدَّرْسِ ٱلشَّخْصِيِّ، وَٱلْعِبَادَةِ ٱلْعَائِلِيَّةِ. ثُمَّ نُقَارِنُهُ بِٱلْوَقْتِ ٱلَّذِي نَقْضِيهِ فِي ٱلنَّشَاطَاتِ ٱلتَّرْفِيهِيَّةِ مِثْلِ ٱلرِّيَاضَةِ، مُمَارَسَةِ ٱلْهِوَايَاتِ، مُشَاهَدَةِ ٱلتِّلِفِزْيُونِ، وَلَعِبِ أَلْعَابِ ٱلْفِيدْيُو. فَمَاذَا تَكْشِفُ ٱلْأَرْقَامُ؟ هَلْ يَلْزَمُ أَنْ نُخَفِّفَ مِنَ «ٱلْحَلْوَى»؟ — اقرأ افسس ٥:١٥، ١٦.
١٤ مَاذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نَخْتَارَ تَسْلِيَةً مُفِيدَةً؟
١٤ أَمَّا ٱخْتِيَارُ ٱلتَّسْلِيَةِ فَيَرْجِعُ إِلَيْنَا، سَوَاءٌ كُنَّا أَفْرَادًا أَوْ رُؤُوسَ عَائِلَاتٍ. فَبِإِمْكَانِنَا أَنْ نَخْتَارَ عَلَى ذَوْقِنَا، شَرْطَ أَنْ تَكُونَ ٱلتَّسْلِيَةُ مُنْسَجِمَةً مَعَ إِرْشَادِ يَهْوَهَ. * وَٱلتَّسْلِيَةُ ٱلْمُفِيدَةُ ‹عَطِيَّةٌ مِنَ ٱللهِ›. (جا ٣:١٢، ١٣) طَبْعًا، تَخْتَلِفُ ٱلْأَذْوَاقُ وَٱلْخِيَارَاتُ مِنْ شَخْصٍ إِلَى آخَرَ. (غل ٦:٤، ٥) وَلٰكِنْ بِغَضِّ ٱلنَّظَرِ عَنِ ٱلتَّسْلِيَةِ ٱلَّتِي نَخْتَارُهَا، يَجِبُ أَنْ نُبْقِيَهَا فِي مَكَانِهَا ٱلصَّحِيحِ. قَالَ يَسُوعُ: «حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا». (مت ٦:٢١) فَإِذَا كُنَّا نُحِبُّ يَسُوعَ، نُرَكِّزُ تَفْكِيرَنَا وَكَلَامَنَا وَأَعْمَالَنَا عَلَى عَمَلِ ٱلْمَلَكُوتِ. — في ١:٩، ١٠.
حَرْبُنَا ضِدَّ ٱلْمَادِّيَّةِ
١٥، ١٦ (أ) كَيْفَ تُشَكِّلُ ٱلْأُمُورُ ٱلْمَادِّيَّةُ شَرَكًا لَنَا؟ (ب) أَيَّةُ نَصِيحَةٍ حَكِيمَةٍ أَعْطَاهَا يَسُوعُ؟
١٥ كَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ مَهْوُوسُونَ بِأَحْدَثِ ٱلْأَزْيَاءِ وَٱلْأَجْهِزَةِ ٱلْإِلِكْتُرُونِيَّةِ، وَهَلُمَّ جَرًّا. لِذَا عَلَى كُلِّ مَسِيحِيٍّ أَنْ يَفْحَصَ نَفْسَهُ بِطَرْحِ أَسْئِلَةٍ مِثْلِ: ‹هَلْ مُتَابَعَتِي لآِخِرِ أَخْبَارِ ٱلسَّيَّارَاتِ وَٱلْمُوضَةِ تَسْتَغْرِقُ وَقْتًا أَطْوَلَ مِنْ تَحْضِيرِي لِلِٱجْتِمَاعَاتِ؟ وَهَلْ أَنَا مُنْشَغِلٌ جِدًّا بِشُؤُونِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْيَوْمِيَّةِ بِحَيْثُ لَا أَصْرِفُ وَقْتًا كَافِيًا فِي ٱلصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ؟›. إِذَا لَمْ نَنْتَبِهْ، يُمْكِنُ أَنْ يَطْغَى حُبُّ لو ١٢:١٥) وَلٰكِنْ لِمَ أَعْطَى هٰذَا ٱلتَّحْذِيرَ؟
ٱلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ عَلَى مَحَبَّتِنَا لِلْمَسِيحِ. فَلْنُبْقِ فِي بَالِنَا تَحْذِيرَ يَسُوعَ: «اِحْتَرِسُوا مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنَ ٱلطَّمَعِ». (١٦ قَالَ يَسُوعُ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِرَبَّيْنِ». وَأَضَافَ: «لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَكُونُوا عَبِيدًا لِلهِ وَٱلْمَالِ». فَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُرَكِّزَ عَلَى ٱلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ، وَفِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ أَنْ نُعْطِيَ يَهْوَهَ أَفْضَلَ مَا عِنْدَنَا. ‹فَإِمَّا أَنْ نُبْغِضَ ٱلْوَاحِدَ وَنُحِبَّ ٱلْآخَرَ، أَوْ نَلْتَصِقَ بِٱلْوَاحِدِ وَنَحْتَقِرَ ٱلْآخَرَ›. (مت ٦:٢٤) وَبِمَا أَنَّنَا جَمِيعًا نَاقِصُونَ، فَعَلَيْنَا أَنْ نُحَارِبَ بِٱسْتِمْرَارٍ «شَهَوَاتِ جَسَدِنَا»، بِمَا فِيهَا رُوحُ ٱلْمَادِّيَّةِ. — اف ٢:٣.
١٧ (أ) لِمَ لَا يُحَافِظُ ٱلْبَعْضُ عَلَى نَظْرَةٍ مُتَّزِنَةٍ إِلَى ٱلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ؟ (ب) مَاذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نُقَاوِمَ رُوحَ ٱلْمَادِّيَّةِ؟
١٧ يَسْتَصْعِبُ كَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ ٱلْمُحَافَظَةَ عَلَى نَظْرَةٍ مُتَّزِنَةٍ إِلَى ٱلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ، لِأَنَّهُمْ يُرَكِّزُونَ عَلَى إِشْبَاعِ رَغَبَاتِهِمْ. (اقرأ ١ كورنثوس ٢:١٤.) فَقُوَى إِدْرَاكِهِمْ ضَعِيفَةٌ جِدًّا حَتَّى إِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ ٱلصَّوَابِ وَٱلْخَطَإِ. (عب ٥:١١-١٤) نَتِيجَةً لِذٰلِكَ، تَقْوَى رَغْبَتُهُمْ فِي ٱلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ، فَلَا يَشْبَعُونَ مِنْهَا أَبَدًا. (جا ٥:١٠) فَكَيْفَ نُحَارِبُ هٰذَا ٱلتَّفْكِيرَ؟ بِقِرَاءَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ بِٱنْتِظَامٍ. (١ بط ٢:٢) فَٱلتَّأَمُّلُ فِي كَلِمَةِ ٱللهِ مَكَّنَ يَسُوعَ مِنْ مُقَاوَمَةِ تَجَارِبِ ٱلشَّيْطَانِ. وَٱلْيَوْمَ أَيْضًا، يُسَاعِدُنَا تَطْبِيقُ ٱلْمَبَادِئِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ أَنْ نُقَاوِمَ رُوحَ ٱلْمَادِّيَّةِ. (مت ٤:٨-١٠) وَهٰكَذَا، نُثْبِتُ لِيَسُوعَ أَنَّنَا نُحِبُّهُ أَكْثَرَ مِنَ ٱلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ.
مَا هِيَ أَوْلَوِيَّاتُكَ؟ (اُنْظُرِ ٱلْفِقْرَةَ ١٨.)
١٨ عَلَامَ أَنْتَ مُصَمِّمٌ؟
١٨ عِنْدَمَا سَأَلَ يَسُوعُ بُطْرُسَ: «أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هٰؤُلَاءِ؟»، أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَهُ أَنْ يُعْطِيَ ٱلْأَوْلَوِيَّةَ لِلْأُمُورِ ٱلرُّوحِيَّةِ. وَبِٱلْفِعْلِ، كَانَ بُطْرُسُ ٱسْمًا عَلَى مُسَمًّى. فَٱسْمُهُ يَعْنِي «قِطْعَةً مِنْ صَخْرَةٍ»، وَقَدْ أَعْرَبَ عَنْ صِفَاتٍ تُشْبِهُ ٱلصَّخْرَ. (اع ٤:٥-٢٠) فَلْنُصَمِّمْ نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نُحَافِظَ عَلَى مَحَبَّةٍ قَوِيَّةٍ لِلْمَسِيحِ، وَنُبْقِيَ ٱلْعَمَلَ وَٱلتَّسْلِيَةَ وَٱلْأُمُورَ ٱلْمَادِّيَّةَ فِي مَكَانِهَا ٱلصَّحِيحِ. وَهٰكَذَا نَضُمُّ صَوْتَنَا إِلَى بُطْرُسَ وَنَقُولُ لِيَسُوعَ: «يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْرِفُ أَنَّ عِنْدِي لَكَ مَوَدَّةً».
^ الفقرة 14 اُنْظُرْ مَقَالَةَ «هَلْ تَسْلِيَتُكَ مُفِيدَةٌ؟» فِي بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ، عَدَدِ ١٥ تِشْرِينَ ٱلْأَوَّلِ (أُكْتُوبِر) ٢٠١١، ٱلصَّفَحَاتِ ٩-١٢، ٱلْفِقْرَاتِ ٦-١٥.