مَن هو الانسان الروحي؟
«لِيُعْطِكُمُ ٱللهُ . . . أَنْ يَكُونَ لَكُمْ فِي مَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْقِفُ ٱلْعَقْلِيُّ عَيْنُهُ ٱلَّذِي كَانَ عِنْدَ ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ». — رو ١٥:٥.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ٨٤، ٥
١، ٢ (أ) كَيْفَ يَسْتَفِيدُ كَثِيرُونَ لِأَنَّهُمْ أَشْخَاصٌ رُوحِيُّونَ؟ (ب) أَيُّ أَسْئِلَةٍ مُهِمَّةٍ تُنَاقِشُهَا هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةُ؟
قَالَتْ أُخْتٌ مِنْ كَنَدَا: «اَلتَّرْكِيزُ عَلَى ٱلرُّوحِيَّاتِ يَزِيدُ فَرَحِي، وَيُسَاعِدُنِي أَنْ أُوَاجِهَ مَشَاكِلِي ٱلْيَوْمِيَّةَ». وَذَكَرَ أَخٌ مِنَ ٱلْبَرَازِيل: «أَنَا مُتَزَوِّجٌ مِنْ ٢٣ سَنَةً وَزَوَاجِي سَعِيدٌ. وَٱلسِّرُّ أَنِّي وَزَوْجَتِي نَسْعَى لِنُقَوِّيَ رُوحِيَّاتِنَا». وَقَالَ أَخٌ مِنَ ٱلْفِيلِيبِّين: «لِأَنِّي أُرَكِّزُ عَلَى ٱلرُّوحِيَّاتِ، أَتَمَتَّعُ بِسَلَامِ ٱلْعَقْلِ وَأَعْرِفُ كَيْفَ أُعَامِلُ ٱلْإِخْوَةَ مِنْ مُخْتَلِفِ ٱلْحَضَارَاتِ».
٢ تُوضِحُ تَعَابِيرُ كَهٰذِهِ كَمْ تُفِيدُنَا ٱلرُّوحِيَّاتُ. فَكَيْفَ نُقَوِّي رُوحِيَّاتِنَا وَنَتَمَتَّعُ بِهٰذِهِ ٱلْفَوَائِدِ؟ قَبْلَ أَنْ نَجِدَ ٱلْجَوَابَ، عَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ كَيْفَ يَصِفُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ ٱلْإِنْسَانَ ٱلرُّوحِيَّ. لِذَا سَنُنَاقِشُ فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ ثَلَاثَةَ أَسْئِلَةٍ: (١) مَاذَا يُمَيِّزُ ٱلْإِنْسَانَ ٱلرُّوحِيَّ؟ (٢) أَيُّ أَمْثِلَةٍ تُسَاعِدُنَا
أَنْ نَتَقَدَّمَ رُوحِيًّا؟ وَ (٣) كَيْفَ تَقْوَى رُوحِيَّاتُنَا حِينَ نُفَكِّرُ مِثْلَ ٱلْمَسِيحِ؟مَاذَا يُمَيِّزُ ٱلْإِنْسَانَ ٱلرُّوحِيَّ؟
٣ مَا ٱلْفَرْقُ بَيْنَ «ٱلْإِنْسَانِ ٱلْمَادِّيِّ» وَ «ٱلْإِنْسَانِ ٱلرُّوحِيِّ»؟
٣ يُشَجِّعُنَا ٱلرَّسُولُ بُولُسُ أَنْ نَكُونَ أَشْخَاصًا رُوحِيِّينَ. وَيُوضِحُ ٱلْفَرْقَ بَيْنَ «ٱلْإِنْسَانِ ٱلرُّوحِيِّ» وَ«ٱلْإِنْسَانِ ٱلْمَادِّيِّ» أَوِ ٱلْجَسَدِيِّ. (اقرأ ١ كورنثوس ٢:١٤-١٦.) فَيَقُولُ إِنَّ ٱلْإِنْسَانَ ٱلْمَادِّيَّ «لَا يَقْبَلُ أُمُورَ رُوحِ ٱللهِ، لِأَنَّهَا عِنْدَهُ حَمَاقَةٌ، وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهَا». أَمَّا ٱلْإِنْسَانُ ٱلرُّوحِيُّ، «فَإِنَّهُ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ» وَلَهُ «فِكْرُ ٱلْمَسِيحِ»، أَيْ يَسْعَى لِيُفَكِّرَ مِثْلَهُ. لٰكِنَّ هٰذَا لَيْسَ ٱلِٱخْتِلَافَ ٱلْوَحِيدَ بَيْنَ ٱلِٱثْنَيْنِ.
٤، ٥ بِمَ يَتَّصِفُ ٱلْإِنْسَانُ ٱلْمَادِّيُّ؟
٤ لِنَتَأَمَّلْ أَوَّلًا فِي طَرِيقَةِ تَفْكِيرِ ٱلْإِنْسَانِ ٱلْمَادِّيِّ. فَشَخْصٌ كَهٰذَا يَتَبَنَّى مَوْقِفَ ٱلْعَالَمِ ٱلَّذِي يُرَكِّزُ عَلَى ٱلرَّغَبَاتِ ٱلْأَنَانِيَّةِ، أَيْ يَتَأَثَّرُ ‹بِٱلرُّوحِ ٱلَّذِي يَعْمَلُ ٱلْآنَ فِي أَبْنَاءِ ٱلْعِصْيَانِ›. (اف ٢:٢) فَهٰذَا ٱلرُّوحُ يَدْفَعُ ٱلْأَغْلَبِيَّةَ أَنْ يُقَلِّدُوا ٱلنَّاسَ مِنْ حَوْلِهِمْ. فَيَفْعَلُونَ مَا يَحْلُو لَهُمْ وَيَتَجَاهَلُونَ مَبَادِئَ ٱللهِ. كَمَا أَنَّ ٱلْإِنْسَانَ ٱلْجَسَدِيَّ غَالِبًا مَا يُرَكِّزُ تَفْكِيرَهُ عَلَى ٱلْأُمُورِ ٱلْجَسَدِيَّةِ، وَيَعْتَبِرُ مَرْكَزَهُ وَمُمْتَلَكَاتِهِ وَحُقُوقَهُ أَهَمَّ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ آخَرَ.
٥ وَبِمَاذَا أَيْضًا يَتَّصِفُ ٱلْإِنْسَانُ ٱلْمَادِّيُّ؟ غَالِبًا مَا يُمَارِسُ شَخْصٌ كَهٰذَا «أَعْمَالَ ٱلْجَسَدِ». (غل ٥:١٩-٢١) وَقَدْ ذَكَرَ بُولُسُ فِي كُورِنْثُوسَ ٱلْأُولَى نَوَاحِيَ أُخْرَى مِنْ سُلُوكِ ٱلْإِنْسَانِ ٱلْمَادِّيِّ. وَمِنْ بَيْنِهَا زَرْعُ ٱلشِّقَاقَاتِ وَٱلِٱنْقِسَامَاتِ، عَدَمُ ٱحْتِرَامِ ٱلرِّئَاسَةِ، رَفْعُ دَعَاوَى عَلَى ٱلْإِخْوَةِ فِي ٱلْمَحَاكِمِ، وَٱلشَّرَاهَةُ إِلَى ٱلطَّعَامِ وَٱلشَّرَابِ. فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ، يَضْعُفُ ٱلْإِنْسَانُ ٱلْمَادِّيُّ أَمَامَ ٱلْإِغْرَاءَاتِ وَيَسْتَسْلِمُ لَهَا. (ام ٧:٢١، ٢٢) وَقَدْ كَتَبَ يَهُوذَا عَنْ أَشْخَاصٍ أَصْبَحُوا مَادِّيِّينَ جِدًّا لِدَرَجَةِ أَنَّهُمْ صَارُوا ‹بِلَا رُوحِيَّاتٍ›. — يه ١٨، ١٩.
٦ مَاذَا يُمَيِّزُ ٱلشَّخْصَ ٱلرُّوحِيَّ؟
٦ بِعَكْسِ ٱلْإِنْسَانِ ٱلْمَادِّيِّ، يَهْتَمُّ «ٱلْإِنْسَانُ ٱلرُّوحِيُّ» بِعَلَاقَتِهِ مَعَ يَهْوَهَ وَيَتْبَعُ تَوْجِيهَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. وَهُوَ يَجْتَهِدُ لِيَتَمَثَّلَ بِٱللهِ. (اف ٥:١) فَيَهْوَهُ حَقِيقِيٌّ بِٱلنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، لِذٰلِكَ يَسْعَى لِيَرَى ٱلْأُمُورَ مِنْ وُجْهَةِ نَظَرِهِ. كَمَا أَنَّهُ يَحْتَرِمُ مَبَادِئَهُ وَيُطَبِّقُهَا فِي كُلِّ مَجَالَاتِ حَيَاتِهِ. (مز ١١٩:٣٣؛ ١٤٣:١٠) وَبَدَلَ أَنْ يُمَارِسَ أَعْمَالَ ٱلْجَسَدِ، يُظْهِرُ «ثَمَرَ ٱلرُّوحِ». — غل ٥:٢٢، ٢٣.
٧ مَاذَا يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنِ ٱلشَّخْصِ ٱلرُّوحِيِّ؟
٧ يَتَحَدَّثُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ بِطَرِيقَةٍ إِيجَابِيَّةٍ عَنِ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلرُّوحِيِّينَ. تَقُولُ مَتَّى ٥:٣: «سُعَدَاءُ هُمُ ٱلَّذِينَ يُدْرِكُونَ حَاجَتَهُمُ ٱلرُّوحِيَّةَ، فَإِنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ ٱلسَّمٰوَاتِ». وَتُظْهِرُ رُومَا ٨:٦ كَيْفَ نَسْتَفِيدُ حِينَ نَهْتَمُّ بِرُوحِيَّاتِنَا. تَقُولُ: «مَا يُرِيدُهُ ٱلْجَسَدُ إِنَّمَا هُوَ مَوْتٌ، وَأَمَّا مَا يُرِيدُهُ ٱلرُّوحُ فَهُوَ حَيَاةٌ وَسَلَامٌ». فَحِينَ نُرَكِّزُ عَلَى ٱلرُّوحِيَّاتِ، نَنْعَمُ بِٱلسَّلَامِ ٱلدَّاخِلِيِّ وَٱلسَّلَامِ مَعَ ٱللهِ، وَنَرْجُو ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.
٨ لِمَ ٱلْجُهْدُ ضَرُورِيٌّ لِنُحَافِظَ عَلَى رُوحِيَّاتِنَا؟
٨ لٰكِنَّ ٱلْعَالَمَ ٱلَّذِي نَعِيشُ فِيهِ يُشَكِّلُ خَطَرًا عَلَيْنَا. فَلِأَنَّنَا مُحَاطُونَ بِأُنَاسٍ مَادِّيِّينَ، عَلَيْنَا أَنْ نَبْذُلَ جُهْدًا كَبِيرًا لِنُقَوِّيَ رُوحِيَّاتِنَا وَنُحَافِظَ عَلَيْهَا. فَإِذَا لَمْ نَمْلَأْ عَقْلَنَا بِأَفْكَارِ ٱللهِ، يَمْلَأُهُ ٱلْعَالَمُ بِأَفْكَارِهِ وَمَوَاقِفِهِ. إِذًا، كَيْفَ نَتَجَنَّبُ ذٰلِكَ؟ وَكَيْفَ نَتَقَدَّمُ رُوحِيًّا؟
تَعَلَّمْ مِنَ ٱلْأَمْثِلَةِ ٱلْجَيِّدَةِ
٩ (أ) كَيْفَ نَتَقَدَّمُ رُوحِيًّا؟ (ب) أَيُّ أَمْثِلَةٍ جَيِّدَةٍ سَنُنَاقِشُهَا فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟
٩ يُصْبِحُ ٱلْوَلَدُ نَاضِجًا حِينَ يُرَاقِبُ مِثَالَ وَالِدَيْهِ ٱلْجَيِّدَ وَيَتْبَعُهُ. بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، نَتَقَدَّمُ رُوحِيًّا حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي أَمْثِلَةِ أَشْخَاصٍ رُوحِيِّينَ وَنَتْبَعُهَا. أَمَّا ٱلْأَشْخَاصُ ٱلْجَسَدِيُّونَ، فَنَتَعَلَّمُ مِنْهُمْ مَاذَا يَجِبُ أَنْ نَتَجَنَّبَ. (١ كو ٣:١-٤) وَفِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ رِوَايَاتٌ عَدِيدَةٌ عَنْ أَشْخَاصٍ رُوحِيِّينَ وَجَسَدِيِّينَ. لٰكِنْ لِنُرَكِّزِ ٱلْآنَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْثِلَةٍ جَيِّدَةٍ تُسَاعِدُنَا أَنْ نَتَقَدَّمَ رُوحِيًّا: يَعْقُوبَ وَمَرْيَمَ وَيَسُوعَ.
مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِ يَعْقُوبَ؟ (اُنْظُرِ ٱلْفِقْرَةَ ١٠.)
١٠ كَيْفَ أَظْهَرَ يَعْقُوبُ أَنَّهُ شَخْصٌ رُوحِيٌّ؟
١٠ لِنَتَأَمَّلْ أَوَّلًا فِي يَعْقُوبَ ٱلَّذِي عَاشَ، مِثْلَ مُعْظَمِنَا، حَيَاةً صَعْبَةً. فَأَخُوهُ عِيسُو أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ. تك ٢٨:١٠-١٥) كَمَا أَظْهَرَ بِأَقْوَالِهِ وَأَعْمَالِهِ أَنَّهُ أَبْقَى وُعُودَ يَهْوَهَ فِي بَالِهِ. مَثَلًا، حِينَ خَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ عِيسُو، صَلَّى إِلَى يَهْوَهَ أَنْ يُنْقِذَهُ قَائِلًا: «أَنْتَ قَدْ قُلْتَ: ‹إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْكَ وَأَجْعَلُ نَسْلَكَ كَرَمْلِ ٱلْبَحْرِ، ٱلَّذِي لَا يُعَدُّ لِكَثْرَتِهِ›». (تك ٣٢:٦-١٢) لَقَدْ آمَنَ يَعْقُوبُ فِعْلًا بِوُعُودِ يَهْوَهَ، وَحَيَاتُهُ دَلِيلٌ عَلَى ذٰلِكَ.
كَمَا أَنَّ حَمَاهُ خَدَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ. لٰكِنَّ يَعْقُوبَ حَافَظَ عَلَى رُوحِيَّاتِهِ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ مُحَاطًا بِأَشْخَاصٍ مَادِّيِّينَ. فَقَدْ آمَنَ بِٱلْوَعْدِ ٱلَّذِي قَطَعَهُ يَهْوَهُ لِإِبْرَاهِيمَ. وَٱعْتَنَى جَيِّدًا بِعَائِلَتِهِ ٱلَّتِي كَانَتْ سَتَلْعَبُ دَوْرًا مُهِمًّا فِي إِتْمَامِهِ. (مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِ مَرْيَمَ؟ (اُنْظُرِ ٱلْفِقْرَةَ ١١.)
١١ كَيْفَ نَعْرِفُ أَنَّ مَرْيَمَ رَكَّزَتْ عَلَى رُوحِيَّاتِهَا؟
١١ رَسَمَتْ مَرْيَمُ أَيْضًا مِثَالًا رَائِعًا لَنَا. فَقَدْ رَكَّزَتْ عَلَى ٱلرُّوحِيَّاتِ، وَلِذٰلِكَ ٱخْتَارَهَا يَهْوَهُ لِتَكُونَ أُمَّ يَسُوعَ. تَأَمَّلْ مَثَلًا فِي ٱلتَّعَابِيرِ ٱلْجَمِيلَةِ ٱلَّتِي سَبَّحَتْ بِهَا ٱللهَ عِنْدَمَا زَارَتْ زَكَرِيَّا وَأَلِيصَابَاتَ. (اقرأ لوقا ١:٤٦-٥٥.) فَكَلِمَاتُهَا أَظْهَرَتْ أَنَّهَا أَحَبَّتْ كَلِمَتَهُ وَعَرَفَتِ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْعِبْرَانِيَّةَ جَيِّدًا. (تك ٣٠:١٣؛ ١ صم ٢:١-١٠؛ مل ٣:١٢) كَمَا وَضَعَتْ هِيَ وَيُوسُفُ مَشِيئَةَ يَهْوَهَ قَبْلَ رَغَبَاتِهِمَا. فَرَغْمَ أَنَّهُمَا كَانَا مُتَزَوِّجَيْنِ حَدِيثًا، لَمْ تَكُنْ لَهُمَا عَلَاقَةٌ زَوْجِيَّةٌ إِلَى أَنْ وَلَدَتْ يَسُوعَ. (مت ١:٢٥) وَمَعَ مُرُورِ ٱلْوَقْتِ، كَانَتْ مَرْيَمُ تُلَاحِظُ مَا يَحْدُثُ فِي حَيَاةِ يَسُوعَ، وَتُصْغِي إِلَى أَقْوَالِهِ ٱلْحَكِيمَةِ. وَٱعْتَادَتْ أَنْ «تَحْفَظَ بِٱعْتِنَاءٍ كُلَّ هٰذَا ٱلْكَلَامِ فِي قَلْبِهَا». (لو ٢:٥١) مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّهَا ٱهْتَمَّتْ بِقَصْدِ ٱللهِ ٱلْمُتَعَلِّقِ بِٱلْمَسِيَّا. فَهَلْ تَتَمَثَّلُ بِهَا وَتَفْعَلُ دَوْمًا مَا يَطْلُبُهُ يَهْوَهُ مِنْكَ؟
١٢ (أ) كَيْفَ تَمَثَّلَ يَسُوعُ بِأَبِيهِ؟ (ب) كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِيَسُوعَ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.)
١٢ يَسُوعُ هُوَ طَبْعًا أَفْضَلُ مِثَالٍ لَنَا. فَخِلَالَ حَيَاتِهِ وَخِدْمَتِهِ، تَمَثَّلَ بِأَبِيهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فِي ٱلتَّفْكِيرِ وَٱلشُّعُورِ وَٱلتَّصَرُّفِ. كَمَا عَاشَ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ مَشِيئَةِ ٱللهِ وَمَبَادِئِهِ. (يو ٨:٢٩؛ ١٤:٩؛ ١٥:١٠) لَاحِظْ مَثَلًا وَصْفَ إِشَعْيَا لِرَأْفَةِ يَهْوَهَ، وَقَارِنْهُ بِوَصْفِ مَرْقُسَ لِمَشَاعِرِ يَسُوعَ. (اقرأ اشعيا ٦٣:٩؛ مرقس ٦:٣٤.) فَهَلْ نَتَمَثَّلُ بِيَسُوعَ وَنَتَعَاطَفُ مَعَ ٱلَّذِينَ يَحْتَاجُونَ إِلَى ٱلْمُسَاعَدَةِ؟ وَهَلْ نُرَكِّزُ عَلَى عَمَلِ ٱلْبِشَارَةِ وَٱلتَّعْلِيمِ مِثْلَمَا فَعَلَ؟ (لو ٤:٤٣) فَٱلْأَشْخَاصُ ٱلرُّوحِيُّونَ يَتَعَاطَفُونَ مَعَ ٱلْآخَرِينَ وَيُسَاعِدُونَهُمْ.
١٣، ١٤ (أ) مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنَ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلرُّوحِيِّينَ فِي أَيَّامِنَا؟ (ب) اُذْكُرْ مِثَالًا يُظْهِرُ كَيْفَ تَقَدَّمَ ٱلْبَعْضُ رُوحِيًّا.
١٣ وَٱلْيَوْمَ، يَسْعَى أَشْخَاصٌ رُوحِيُّونَ كَثِيرُونَ لِيَتَمَثَّلُوا بِيَسُوعَ. وَنَحْنُ نَتَعَلَّمُ مِنْ غَيْرَتِهِمْ فِي ٱلْخِدْمَةِ، ضِيَافَتِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ. وَمَعَ أَنَّهُمْ نَاقِصُونَ مِثْلَنَا، يَجْتَهِدُونَ لِيُنَمُّوا صِفَاتٍ جَيِّدَةً وَيُرْضُوا يَهْوَهَ. تَتَذَكَّرُ رَايْتْشِل مِنَ ٱلْبَرَازِيل: «أَحْبَبْتُ أَنْ أَتْبَعَ ٱلْمُوضَةَ دَائِمًا. لِذَا لَمْ أَلْبَسْ ثِيَابًا مُحْتَشِمَةً.
لٰكِنْ حِينَ تَعَلَّمْتُ ٱلْحَقَّ، رَغِبْتُ أَنْ أَتَقَدَّمَ رُوحِيًّا. صَحِيحٌ أَنَّ ٱلتَّغْيِيرَاتِ لَمْ تَكُنْ سَهْلَةً، لٰكِنِّي ٱلْآنَ سَعِيدَةٌ حَقًّا، وَحَيَاتِي لَهَا مَعْنًى».١٤ أَمَّا رَايْلِين مِنَ ٱلْفِيلِيبِّين، فَوَاجَهَتْ تَحَدِّيًا مُخْتَلِفًا. فَقَدْ سَعَتْ لِتَنَالَ تَعْلِيمًا عَالِيًا وَتَجِدَ وَظِيفَةً جَيِّدَةً. تُخْبِرُ: «نَسِيتُ مَعَ ٱلْوَقْتِ أَهْدَافِي ٱلرُّوحِيَّةَ. لٰكِنِّي لَاحَظْتُ أَنَّ شَيْئًا أَهَمَّ مِنَ ٱلْعَمَلِ يَنْقُصُنِي. فَعُدْتُ أُرَكِّزُ عَلَى خِدْمَةِ يَهْوَهَ». وَمُنْذُ ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ، تَثِقُ رَايْلِين بِٱلْوَعْدِ فِي مَتَّى ٦:٣٣، ٣٤. تَقُولُ: «أَنَا مُتَأَكِّدَةٌ أَنَّ يَهْوَهَ سَيَهْتَمُّ بِي». وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ، تَجِدُ أَمْثِلَةً جَيِّدَةً كَهٰذِهِ فِي جَمَاعَتِكَ. أَفَلَا يُشَجِّعُكَ مِثَالُهُمْ أَنْ تَتْبَعَ ٱلْمَسِيحَ؟ — ١ كو ١١:١؛ ٢ تس ٣:٧.
لِيَكُنْ لَكَ «فِكْرُ ٱلْمَسِيحِ»
١٥، ١٦ (أ) كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِيَسُوعَ؟ (ب) كَيْفَ نَتَعَلَّمُ أَنْ نُفَكِّرَ مِثْلَ يَسُوعَ؟
١٥ كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِيَسُوعَ؟ تُشَجِّعُنَا ١ كُورِنْثُوس ٢:١٦ أَنْ يَكُونَ لَنَا «فِكْرُ ٱلْمَسِيحِ». وَتَنْصَحُنَا رُومَا ١٥:٥ أَنْ نُظْهِرَ «ٱلْمَوْقِفَ ٱلْعَقْلِيَّ عَيْنَهُ ٱلَّذِي كَانَ عِنْدَ ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ». فَلِكَيْ نَتَمَثَّلَ بِٱلْمَسِيحِ، عَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ كَيْفَ فَكَّرَ وَشَعَرَ وَتَصَرَّفَ. وَبِمَا أَنَّهُ رَكَّزَ عَلَى عَلَاقَتِهِ بِيَهْوَهَ، يُسَاعِدُنَا ٱلتَّمَثُّلُ بِهِ أَنْ نَقْتَرِبَ إِلَى أَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ. فَكَمْ مُهِمٌّ أَنْ نَتَعَلَّمَ أَنْ نُفَكِّرَ مِثْلَ ٱلْمَسِيحِ!
١٦ وَكَيْفَ نُفَكِّرُ مِثْلَ يَسُوعَ؟ لَقَدْ رَأَى ٱلتَّلَامِيذُ عَجَائِبَهُ وَسَمِعُوا تَعَالِيمَهُ. كَمَا لَاحَظُوا كَيْفَ يُعَامِلُ مُخْتَلِفَ ٱلنَّاسِ وَيُطَبِّقُ مَبَادِئَ يَهْوَهَ. فَقَالُوا: «نَحْنُ شُهُودٌ عَلَى كُلِّ مَا فَعَلَ». (اع ١٠:٣٩) أَمَّا نَحْنُ فَلَا نَقْدِرُ أَنْ نَرَى يَسُوعَ. لٰكِنَّ رِوَايَاتِ ٱلْأَنَاجِيلِ تُعَرِّفُنَا إِلَيْهِ وَإِلَى شَخْصِيَّتِهِ. فَحِينَ نَقْرَأُ أَنَاجِيلَ مَتَّى وَمَرْقُسَ وَلُوقَا وَيُوحَنَّا وَنَتَأَمَّلُ فِيهَا، نَتَعَلَّمُ عَنْ فِكْرِ ٱلْمَسِيحِ. وَعِنْدَئِذٍ نَقْدِرُ أَنْ نَتْبَعَ «خُطُوَاتِهِ بِدِقَّةٍ» وَنُظْهِرَ «ٱلْمَيْلَ ٱلْعَقْلِيَّ عَيْنَهُ». — ١ بط ٢:٢١؛ ٤:١.
١٧ كَيْفَ يُفِيدُنَا «فِكْرُ ٱلْمَسِيحِ»؟
١٧ وَكَيْفَ نَسْتَفِيدُ حِينَ نُفَكِّرُ مِثْلَ يَسُوعَ؟ مِثْلَمَا يَقْوَى جِسْمُنَا حِينَ نَتَنَاوَلُ طَعَامًا صِحِّيًّا، تَقْوَى رُوحِيَّاتُنَا حِينَ نُغَذِّي عَقْلَنَا بِفِكْرِ ٱلْمَسِيحِ. وَمَعَ ٱلْوَقْتِ، نَعْرِفُ كَيْفَ سَيَتَصَرَّفُ يَسُوعُ لَوْ كَانَ مَحَلَّنَا. وَهٰكَذَا نَأْخُذُ قَرَارَاتٍ تُرْضِي يَهْوَهَ وَتَمْنَحُنَا رَاحَةَ ٱلضَّمِيرِ. أَفَلَا تُشَجِّعُكَ هٰذِهِ ٱلْفَوَائِدُ أَنْ تُطَبِّقَ ٱلنَّصِيحَةَ: «اِلْبَسُوا ٱلرَّبَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ»؟ — رو ١٣:١٤.
١٨ مَاذَا تَعَلَّمْتَ مِنْ هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟
١٨ رَأَيْنَا فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ مَاذَا يُمَيِّزُ ٱلْإِنْسَانَ ٱلرُّوحِيَّ. وَتَأَمَّلْنَا أَيْضًا فِي أَمْثِلَةِ أَشْخَاصٍ رُوحِيِّينَ. وَفِي ٱلنِّهَايَةِ، تَعَلَّمْنَا كَيْفَ يُسَاعِدُنَا «فِكْرُ ٱلْمَسِيحِ» أَنْ نُفَكِّرَ مِثْلَ يَهْوَهَ وَنُقَوِّيَ عَلَاقَتَنَا بِهِ. أَمَّا فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ، فَسَنَتَعَلَّمُ كَيْفَ نَفْحَصُ رُوحِيَّاتِنَا وَنُقَوِّيهَا، وَكَيْفَ تُؤَثِّرُ عَلَى حَيَاتِنَا ٱلْيَوْمِيَّةِ.