الفصل ٦
استفانوس: رجل ‹ممتلئ نعمة وقدرة›
دُرُوسٌ نَسْتَمِدُّهَا مِنْ شَهَادَةِ إِسْتِفَانُوسَ ٱلْجَرِيئَةِ أَمَامَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ
مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٦:٨–٨:٣
١-٣ أَيُّ مَوْقِفٍ مُرْعِبٍ وَاجَهَهُ إِسْتِفَانُوسُ، وَمَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِهِ؟ (ب) أَيَّ أَسْئِلَةٍ يُنَاقِشُ هٰذَا ٱلْفَصْلُ؟
اَلْمَكَانُ: قَاعَةُ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ ٱلْمَهِيبَةُ ٱلْوَاقِعَةُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ قُرْبَ هَيْكَلِ أُورُشَلِيمَ. اَلْمُجْتَمِعُونَ: ٧١ قَاضِيًا نَافِذًا وَمُتَسَلِّطًا لَا يَأْبَهُ مُعْظَمُهُمْ لِلْمُتَّهَمِ ٱلْمَاثِلِ أَمَامَهُمْ. اَلدَّاعِي إِلَى ٱلْجَلْسَةِ: قَيَافَا، رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ نَفْسُهُ ٱلَّذِي رَأَسَ ٱلْجَلْسَةَ ٱلْقَضَائِيَّةَ حِينَ حُكِمَ عَلَى يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ بِٱلْإِعْدَامِ قَبْلَ أَشْهُرٍ قَلِيلَةٍ. اَلْمُتَّهَمُ: إِسْتِفَانُوسُ، أَحَدُ تَلَامِيذِ يَسُوعَ.
٢ فِي هٰذَا ٱلظَّرْفِ ٱلْعَصِيبِ، أَيَّةُ مَشَاعِرَ خَالَجَتْ إِسْتِفَانُوسَ؟ هَلِ ٱسْتَأْثَرَ ٱلْخَوْفُ بِقَلْبِهِ؟ إِطْلَاقًا! بَلِ ٱرْتَسَمَتْ عَلَى وَجْهِهِ أَمَارَاتٌ حَيَّرَتِ ٱلنَّاظِرِينَ. وَإِذْ حَدَّقَ إِلَيْهِ ٱلْقُضَاةُ مِنْ مَقَاعِدِهِمِ ٱلْمَصْفُوفَةِ فِي شَكْلٍ نِصْفِ دَائِرِيٍّ، رَأَوْا وَجْهَهُ «كَوَجْهِ مَلَاكٍ». (اع ٦:١٥) فَكَمَا يَتَّصِفُ ٱلْمَلَائِكَةُ بِٱلشَّجَاعَةِ وَٱلْهُدُوءِ لِأَنَّهُمْ يَنْقُلُونَ رَسَائِلَ يَهْوَهَ ٱللّٰهِ، كَذٰلِكَ هِيَ ٱلْحَالُ مَعَ إِسْتِفَانُوسَ. حَتَّى ٱلْقُضَاةُ ٱلْحَاقِدُونَ لَاحَظُوا ذٰلِكَ. فَمِنْ أَيْنَ لَهُ هٰذِهِ ٱلسَّكِينَةُ؟
٣ تَحْمِلُ لَنَا ٱلْإِجَابَةُ نَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلدُّرُوسِ. وَلٰكِنْ مِنَ ٱلْمُنَاسِبِ أَوَّلًا أَنْ نَعْرِفَ مَاذَا أَوْصَلَ إِسْتِفَانُوسَ إِلَى ٱلْمَحْكَمَةِ وَكَيْفَ دَافَعَ عَنْ إِيمَانِهِ سَابِقًا. ثُمَّ نُنَاقِشُ كَيْفَ عَسَانَا نَحْنُ أَنْ نَقْتَدِي بِهِ.
«أَثَارُوا ٱلشَّعْبَ» (اعمال ٦:٨-١٥)
٤، ٥ (أ) أَيُّ دَوْرٍ فَاعِلٍ لَعِبَهُ إِسْتِفَانُوسُ فِي ٱلْجَمَاعَةِ؟ (ب) كَيْفَ كَانَ إِسْتِفَانُوسُ «مُمْتَلِئًا نِعْمَةً وَقُدْرَةً»؟
٤ عَرَفْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ أَنَّ إِسْتِفَانُوسَ عُضْوٌ فَعَّالٌ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلنَّاشِئَةِ. فَرَأَيْنَا أَنَّهُ ٱخْتِيرَ بَيْنَ ٱلرِّجَالِ ٱلسَّبْعَةِ ٱلْمُتَوَاضِعِينَ ٱلَّذِينَ هَبُّوا لِتَقْدِيمِ ٱلْمُسَاعَدَةِ حِينَ أَتَاحَ لَهُمُ ٱلرُّسُلُ ٱلْفُرْصَةَ. وَيَزْدَادُ إِعْجَابُنَا بِتَوَاضُعِهِ حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي ٱلْمَوَاهِبِ ٱلَّتِي تَمَتَّعَ بِهَا. فَٱلْأَعْمَال ٦:٨ تُخْبِرُنَا عَنْ قُدْرَتِهِ عَلَى صُنْعِ «عَلَامَاتٍ عَجِيبَةٍ وَآيَاتٍ عَظِيمَةٍ» تَمَامًا كَبَعْضِ ٱلرُّسُلِ. كَمَا تَتَحَدَّثُ عَنْهُ بِوَصْفِهِ «مُمْتَلِئًا نِعْمَةً وَقُدْرَةً». فَمَا ٱلْمَقْصُودُ بِهٰذِهِ ٱلْعِبَارَةِ؟
٥ اِتَّصَفَ إِسْتِفَانُوسُ عَلَى مَا يَبْدُو بِٱلرِّقَّةِ وَٱللُّطْفِ، فَكَانَ شَخْصًا مَحْبُوبًا. هٰذَا وَقَدْ سَعَى بِجِدٍّ إِلَى إِقْنَاعِ سَامِعِيهِ، فَأَحَسُّوا بِصِدْقِ نَوَايَاهُ وَفَوَائِدِ ٱلْحَقَائِقِ ٱلَّتِي نَادَى بِهَا. مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، ٱمْتَلَأَ قُدْرَةً مِنْ رُوحِ يَهْوَهَ إِذْ خَضَعَ بِتَوَاضُعٍ لِتَوْجِيهِهِ. وَبَدَلَ أَنْ تَحْمِلَهُ مَوَاهِبُهُ وَقُدُرَاتُهُ عَلَى ٱلتَّكَبُّرِ، وَجَّهَ كُلَّ ٱلتَّسْبِيحِ إِلَى يَهْوَهَ وَأَعْرَبَ عَنِ ٱهْتِمَامٍ حُبِّيٍّ بِٱلنَّاسِ. فَلَا عَجَبَ أَنَّ مُقَاوِمِيهِ حَسَبُوا لَهُ أَلْفَ حِسَابٍ.
٦-٨ (أ) أَيُّ تُهْمَةٍ مُزْدَوِجَةٍ وَجَّهَهَا ٱلْمُقَاوِمُونَ إِلَى إِسْتِفَانُوسَ، وَلِمَاذَا؟ (ب) لِمَ يَسْتَفِيدُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلتَّأَمُّلِ فِي مِثَالِ إِسْتِفَانُوسَ؟
٦ ذَاتَ مَرَّةٍ، قَامَ عَدَدٌ مِنَ ٱلرِّجَالِ يُجَادِلُونَ إِسْتِفَانُوسَ، لٰكِنَّهُمْ «لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا ٱلْحِكْمَةَ وَٱلرُّوحَ ٱللَّذَيْنِ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِمَا». a فَلَمَّا رَأَوْا أَنْ لَا حِيلَةَ لَهُمْ، حَمِيَ غَضَبُهُمْ وَ «ٱسْتَمَالُوا سِرًّا» رِجَالًا لِيُلَفِّقُوا لَهُ تُهْمَةً. وَقَدْ «أَثَارُوا ٱلشَّعْبَ» وَٱلشُّيُوخَ وَٱلْكَتَبَةَ، فَأَخَذُوهُ بِٱلْقُوَّةِ وَسَاقُوهُ إِلَى ٱلسَّنْهَدْرِيمِ. (اع ٦:٩-١٢) إِذَّاكَ وَجَّهَ إِلَيْهِ ٱلْمُقَاوِمُونَ تُهْمَةً مُزْدَوِجَةً: اَلتَّجْدِيفَ عَلَى ٱللّٰهِ وَعَلَى مُوسَى. كَيْفَ؟
٧ لَقَدِ ٱدَّعَوْا زُورًا أَنَّ إِسْتِفَانُوسَ جَدَّفَ عَلَى ٱللّٰهِ بِٱلتَّكَلُّمِ ضِدَّ «ٱلْمَوْضِعِ ٱلْمُقَدَّسِ»، أَيْ هَيْكَلِ أُورُشَلِيمَ، وَعَلَى مُوسَى بِٱلتَّكَلُّمِ ضِدَّ ٱلشَّرِيعَةِ سَاعِيًا إِلَى تَغْيِيرِ ٱلْعَوَائِدِ ٱلَّتِي نَقَلَهَا إِلَيْهِمْ هٰذَا ٱلنَّبِيُّ. (اع ٦:١٣) وَكَانَتِ ٱلتُّهْمَةُ فِي غَايَةِ ٱلْخُطُورَةِ لِأَنَّ ٱلْيَهُودَ فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ عَلَّقُوا أَهَمِّيَّةً كَبِيرَةً عَلَى ٱلْهَيْكَلِ، ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ بِأَدَقِّ تَفَاصِيلِهَا، وَٱلتَّقَالِيدِ ٱلشَّفَهِيَّةِ ٱلْعَدِيدَةِ ٱلْمُضَافَةِ إِلَيْهَا. بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى، عَنَتِ ٱلتُّهْمَةُ أَنَّهُ رَجُلٌ خَطِيرٌ يَسْتَحِقُّ ٱلْمَوْتَ!
٨ وَمَعَ ٱلْأَسَفِ، لَيْسَ غَرِيبًا عَنْ رِجَالِ ٱلدِّينِ أَنْ يَلْجَأُوا إِلَى وَسَائِلَ كَهٰذِهِ لِلتَّضْيِيقِ عَلَى خُدَّامِ ٱللّٰهِ. فَإِلَى يَوْمِنَا هٰذَا، يُثِيرُ ٱلْمُقَاوِمُونَ ٱلدِّينِيُّونَ أَحْيَانًا أَصْحَابَ ٱلنُّفُوذِ لِٱضْطِهَادِ شُهُودِ يَهْوَهَ. فَكَيْفَ نُجِيبُ عَنِ ٱلِٱتِّهَامَاتِ ٱلزَّائِفَةِ وَأَنْصَافِ ٱلْحَقَائِقِ؟ إِنَّ ٱلْمُرَافَعَةَ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا إِسْتِفَانُوسُ تُفِيدُنَا كَثِيرًا فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ.
شَهِدَ بِجُرْأَةٍ عَنْ «إِلٰهِ ٱلْمَجْدِ» (اعمال ٧:١-٥٣)
٩، ١٠ مَاذَا يَزْعَمُ ٱلنُّقَّادُ بِشَأْنِ مُرَافَعَةِ إِسْتِفَانُوسَ أَمَامَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ، وَمَاذَا يَجِبُ أَنْ نُبْقِيَ فِي بَالِنَا؟
٩ بِٱلْعَوْدَةِ إِلَى ٱلْمَشْهَدِ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْفَصْلِ، بَدَتْ مَلَامِحُ إِسْتِفَانُوسَ هَادِئَةً وَمَلَائِكِيَّةً فِيمَا ٱسْتَمَعَ إِلَى ٱلتُّهْمَةِ ٱلْمُوَجَّهَةِ إِلَيْهِ. وَبَعْدَ تِلَاوَةِ ٱلتُّهْمَةِ، ٱلْتَفَتَ إِلَيْهِ قَيَافَا وَسَأَلَهُ: «هَلْ هٰذِهِ ٱلْأُمُورُ هٰكَذَا؟». (اع ٧:١) فَحَانَ عِنْدَئِذٍ دَوْرُ إِسْتِفَانُوسَ فِي ٱلْكَلَامِ.
١٠ يَنْتَقِدُ بَعْضُ ٱلْمُعَلِّقِينَ مُرَافَعَةَ إِسْتِفَانُوسَ زَاعِمِينَ أَنَّهُ لَمْ يَتَطَرَّقْ إِلَى مَا وُجِّهَ إِلَيْهِ رَغْمَ طُولِ جَوَابِهِ. غَيْرَ أَنَّهُ فِي ٱلْوَاقِعِ رَسَمَ مِثَالًا رَائِعًا نَحْتَذِي بِهِ فِي ‹ٱلدِّفَاعِ› عَنِ ٱلْبِشَارَةِ. (١ بط ٣:١٥) لِنُبْقِ فِي بَالِنَا فِيمَا نَسْتَعْرِضُ جَوَابَهُ أَنَّهُ ٱتُّهِمَ بِٱلتَّجْدِيفِ عَلَى ٱللّٰهِ بِٱحْتِقَارِ ٱلْهَيْكَلِ، وَعَلَى مُوسَى بِٱلتَّكَلُّمِ ضِدَّ ٱلشَّرِيعَةِ. فَتَنَاوَلَ رَدُّهُ تَارِيخَ إِسْرَائِيلَ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ أَجْزَائِهِ، مُسَلِّطًا ٱلضَّوْءَ بِعِنَايَةٍ عَلَى نِقَاطٍ مُحَدَّدَةٍ. فَلْنَتَأَمَّلْ فِي مَا يَلِي فِي كُلِّ جُزْءٍ عَلَى حِدَةٍ.
١١، ١٢ (أ) لِمَ كَانَ ذِكْرُ مِثَالِ إِبْرَاهِيمَ فِي مَحَلِّهِ؟ (ب) إِلَامَ رَمَى إِسْتِفَانُوسُ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ يُوسُفَ؟
١١ زَمَنُ ٱلْآبَاءِ ٱلْأَجِلَّاءِ. (اع ٧:١-١٦) بِدَايَةً، تَكَلَّمَ إِسْتِفَانُوسُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي ٱكْتَسَبَ بِإِيمَانِهِ ٱحْتِرَامَ ٱلْيَهُودِ. فَٱنْطَلَقَ مِنْ هٰذِهِ ٱلنُّقْطَةِ ٱلْمُشْتَرَكَةِ ٱلْمُهِمَّةِ لِيُشَدِّدَ أَنَّ يَهْوَهَ، «إِلٰهَ ٱلْمَجْدِ»، أَظْهَرَ نَفْسَهُ أَوَّلًا لِإِبْرَاهِيمَ فِي مَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ. (اع ٧:٢) وَفِي ٱلْوَاقِعِ، كَانَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ مُتَغَرِّبًا فِي أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ، وَلَمْ يَكُنْ لَا ٱلْهَيْكَلُ وَلَا ٱلشَّرِيعَةُ مَوْجُودَيْنِ أَسَاسًا فِي أَيَّامِهِ. فَهَلْ يَجْرُؤُ أَحَدٌ بَعْدُ عَلَى ٱلِٱدِّعَاءِ أَنَّ ٱلْأَمَانَةَ لِلّٰهِ مَوْقُوفَةٌ حَصْرًا عَلَى هٰذَيْنِ ٱلتَّرْتِيبَيْنِ؟!
١٢ بَعْدَئِذٍ ٱنْتَقَلَ إِسْتِفَانُوسُ إِلَى ٱلْحَدِيثِ عَنْ شَخْصِيَّةٍ أُخْرَى يُجِلُّهَا مُسْتَمِعُوهُ، وَهُوَ يُوسُفُ. لٰكِنَّهُ ذَكَّرَهُمْ أَنَّ آبَاءَ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ ٱضْطَهَدُوا أَخَاهُمُ ٱلْبَارَّ يُوسُفَ وَبَاعُوهُ لِلْعُبُودِيَّةِ. مَعَ ذٰلِكَ، ٱسْتَخْدَمَهُ ٱللّٰهُ لِإِنْقَاذِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ مِنَ ٱلْمَجَاعَةِ. لَقَدْ أَدْرَكَ إِسْتِفَانُوسُ دُونَ شَكٍّ أَوْجُهَ ٱلشَّبَهِ بَيْنَ يُوسُفَ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، إِلَّا أَنَّهُ تَكَتَّمَ عَلَيْهَا لِيَشُدَّ ٱنْتِبَاهَ سَامِعِيهِ أَطْوَلَ مُدَّةٍ مُمْكِنَةٍ.
١٣ لِمَ ٱسْتَفَاضَ إِسْتِفَانُوسُ فِي ٱلْحَدِيثِ عَنْ مُوسَى، وَأَيُّ مِحْوَرٍ بَرَزَ عِنْدَئِذٍ؟
١٣ زَمَنُ مُوسَى. (اع ٧:١٧-٤٣) اِسْتَفَاضَ إِسْتِفَانُوسُ فِي ٱلْحَدِيثِ عَنْ مُوسَى. وَهٰذِهِ خُطْوَةٌ ذَكِيَّةٌ لِأَنَّ قِسْمًا كَبِيرًا مِنَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ ٱنْتَمَوْا إِلَى ٱلصَّدُّوقِيِّينَ ٱلَّذِينَ رَفَضُوا ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ بِرُمَّتِهَا، عَدَا تِلْكَ ٱلْمُدَوَّنَةَ بِيَدِ مُوسَى. زِدْ عَلَى ذٰلِكَ أَنَّهُ ٱتُّهِمَ بِٱلتَّجْدِيفِ عَلَى هٰذَا ٱلنَّبِيِّ. فَرَدَّتْ كَلِمَاتُهُ مُبَاشَرَةً عَلَى ٱلتُّهْمَةِ، إِذْ بَيَّنَتْ كَمْ يَحْتَرِمُ مُوسَى وَٱلشَّرِيعَةَ. (اع ٧:٣٨) بَعْدَئِذٍ لَفَتَ نَظَرَ سَامِعِيهِ أَنَّ مُوسَى نَفْسَهُ لَاقَى ٱلرَّفْضَ مِمَّنْ حَاوَلَ مُسَاعَدَتَهُمْ. فَهُمْ رَفَضُوهُ أَوَّلًا حِينَ كَانَ فِي ٱلْأَرْبَعِينَ مِنَ ٱلْعُمْرِ. ثُمَّ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ عُقُودٍ رَاحُوا يَتَحَدَّوْنَ سُلْطَتَهُ ٱلْمَرَّةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى. b وَهٰكَذَا يَبْرُزُ ٱلْمِحْوَرُ ٱلْأَسَاسِيُّ مِنْ خُطْبَةِ إِسْتِفَانُوسَ: رَفْضُ شَعْبِ ٱللّٰهِ ٱلْمُتَكَرِّرُ ٱلْقَادَةَ ٱلْمُعَيَّنِينَ مِنْ يَهْوَهَ.
١٤ كَيْفَ دَعَمَ مِثَالُ مُوسَى نُقْطَتَيْنِ رَئِيسِيَّتَيْنِ مِنْ مُرَافَعَةِ إِسْتِفَانُوسَ؟
١٤ وَفِي مَعْرِضِ حَدِيثِهِ عَنْ مُوسَى، ذَكَّرَ إِسْتِفَانُوسُ ٱلْحُضُورَ أَنَّ هٰذَا ٱلنَّبِيَّ أَخْبَرَ عَنْ قِيَامِ نَبِيٍّ مِثْلِهِ فِي إِسْرَائِيلَ. فَمَنْ هُوَ؟ وَكَيْفَ يُعَامَلُ عِنْدَ مَجِيئِهِ؟ تَرَكَ إِسْتِفَانُوسُ ٱلْإِجَابَةَ مُعَلَّقَةً إِلَى خَاتِمَةِ حَدِيثِهِ. فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ، أَبْرَزَ كَلَامُهُ ٱلنُّقْطَةَ ٱلتَّالِيَةَ: لَقَدْ أَدْرَكَ مُوسَى أَنَّ يَهْوَهَ قَادِرٌ عَلَى تَقْدِيسِ أَيِّ مَكَانٍ مِثْلَمَا قَدَّسَ ٱلْأَرْضَ عِنْدَ ٱلْعُلَّيْقَةِ ٱلْمُتَّقِدَةِ حَيْثُ كَلَّمَهُ. أَفَيُعْقَلُ إِذًا أَنْ تُحَدَّ عِبَادَةُ يَهْوَهَ وَتُحْصَرَ فِي بِنَاءٍ وَاحِدٍ كَهَيْكَلِ أُورُشَلِيمَ؟! هٰذَا مَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ إِسْتِفَانُوسُ فِي مَا يَلِي.
١٥، ١٦ (أ) لِمَ أَضَافَ ذِكْرُ ٱلْمَسْكَنِ قُوَّةً إِلَى حُجَّةِ إِسْتِفَانُوسَ؟ (ب) بِمَ ٱخْتَتَمَ إِسْتِفُانُوسُ حَدِيثَهُ عَنِ ٱلْهَيْكَلِ؟
١٥ اَلْمَسْكَنُ وَٱلْهَيْكَلُ. (اع ٧:٤٤-٥٠) أَشَارَ إِسْتِفَانُوسُ إِلَى حَقِيقَةٍ يَعْرِفُهَا سَامِعُوهُ. فَقَبْلَ بِنَاءِ ٱلْهَيْكَلِ فِي أُورُشَلِيمَ أَمَرَ ٱللّٰهُ مُوسَى بِصُنْعِ ٱلْمَسْكَنِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ خَيْمَةٍ نَقَّالَةٍ مُخَصَّصَةٍ لِتَقْدِيمِ ٱلْعِبَادَةِ. فَمَنْ يَجْرُؤُ ٱلْآنَ عَلَى ٱلِٱدِّعَاءِ أَنَّ ٱلْمَكَانَ حَيْثُ قَدَّمَ مُوسَى نَفْسُهُ ٱلْعِبَادَةَ أَدْنَى شَأْنًا مِنَ ٱلْهَيْكَلِ؟!
١٦ وَلَاحِقًا عِنْدَمَا بَنَى سُلَيْمَانُ ٱلْهَيْكَلَ فِي أُورُشَلِيمَ، رَفَعَ إِلَى ٱللّٰهِ صَلَاةً مُلْهَمَةً تُعَلِّمُنَا دَرْسًا مُهِمًّا. نَقَلَ إِسْتِفَانُوسُ فَحْوَاهَا قَائِلًا: «اَلْعَلِيُّ لَا يَسْكُنُ فِي بُيُوتٍ مَصْنُوعَةٍ بِأَيْدٍ». (اع ٧:٤٨؛ ٢ اخ ٦:١٨) فَحِينَ يَخْتَارُ يَهْوَهُ ٱسْتِعْمَالَ هَيْكَلٍ لِإِتْمَامِ مَقَاصِدِهِ، فَإِنَّ مَكَانًا كَهٰذَا لَا يَحُدُّهُ. فَلَا دَاعِيَ إِذًا أَنْ يَشْعُرَ ٱلْمُؤْمِنُونَ أَنَّ ٱلْعِبَادَةَ ٱلْحَقَّةَ تَعْتَمِدُ عَلَى بِنَاءٍ صَنَعَتْهُ أَيْدِي ٱلْبَشَرِ. وَأَخِيرًا، ٱخْتَتَمَ حُجَّتَهُ بِٱقْتِبَاسٍ مُفْحِمٍ مِنْ سِفْرِ إِشَعْيَا: «اَلسَّمَاءُ عَرْشِي، وَٱلْأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ. أَيَّ بَيْتٍ تَبْنُونَ لِي؟ يَقُولُ يَهْوَهُ. أَمْ أَيُّ مَوْضِعٍ يَكُونُ لِرَاحَتِي؟ أَلَيْسَتْ يَدِي صَنَعَتْ كُلَّ هٰذِهِ؟». — اع ٧:٤٩، ٥٠؛ اش ٦٦:١، ٢.
١٧ (أ) كَيْفَ كَشَفَتْ مُرَافَعَةُ إِسْتِفَانُوسَ مَوَاقِفَ سَامِعِيهِ؟ (ب) كَيْفَ دَافَعَ إِسْتِفَانُوسُ عَنْ نَفْسِهِ؟
١٧ أَلَا تُوَافِقُ أَنَّ إِسْتِفَانُوسَ كَشَفَ بِبَرَاعَةٍ حَتَّى ٱلْآنَ مَوَاقِفَ مُتَّهِمِيهِ ٱلْخَاطِئَةَ؟ فَقَدْ أَظْهَرَ أَنَّ يَهْوَهَ لَيْسَ إِلٰهًا جَامِدًا تُقَيِّدُهُ ٱلتَّقَالِيدُ، بَلْ إِلٰهٌ يَتَّصِفُ بِٱلْمُرُونَةِ وَيَصْنَعُ ٱلتَّعْدِيلَاتِ بِمُرُورِ ٱلْوَقْتِ بُغْيَةَ تَحْقِيقِ قَصْدِهِ. أَمَّا أُولٰئِكَ ٱلَّذِينَ يُكَبِّلُهُمْ تَوْقِيرُهُمُ ٱلْهَيْكَلَ وَٱلتَّقَالِيدَ وَٱلْعَادَاتِ ٱلْمَزِيدَةَ إِلَى ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ فَلَمْ يَسْتَوْعِبُوا ٱلْقَصْدَ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ وَمِنْ هَيْكَلِهِمِ ٱلْعَظِيمِ. فَكَانَ كَمَنْ يَسْأَلُ: أَلَيْسَتْ طَاعَةُ يَهْوَهَ هِيَ ٱلْوَسِيلَةُ ٱلْفُضْلَى لِإِكْرَامِ ٱلشَّرِيعَةِ وَٱلْهَيْكَلِ؟! عَلَى ضَوْءِ مَا تَقَدَّمَ، شَكَّلَتْ مُرَافَعَةُ إِسْتِفَانُوسَ أَفْضَلَ دِفَاعٍ عَنْ نَفْسِهِ، هُوَ ٱلَّذِي لَمْ يَدَّخِرْ جُهْدًا فِي إِطَاعَةِ يَهْوَهَ.
١٨ بِأَيَّةِ طَرَائِقَ نَقْتَدِي بِإِسْتِفَانُوسَ؟
١٨ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مُرَافَعَةِ إِسْتِفَانُوسَ؟ كَانَ هٰذَا ٱلتِّلْمِيذُ وَاسِعَ ٱلِٱطِّلَاعِ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. وَنَتَمَثَّلُ بِهِ ٱلْيَوْمَ حِينَ نَدْرُسُ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ بِدَأَبٍ وَٱجْتِهَادٍ لِنَسْتَعْمِلَ «كَلِمَةَ ٱلْحَقِّ بِطَرِيقَةٍ صَائِبَةٍ». (٢ تي ٢:١٥) كَمَا نَتَعَلَّمُ مِنْ لِيَاقَتِهِ وَحُسْنِ تَصَرُّفِهِ. فَرَغْمَ عُدْوَانِيَّةِ مُسْتَمِعِيهِ، أَبْقَى ٱلْحَدِيثَ دَائِرًا قَدْرَ ٱلْإِمْكَانِ حَوْلَ نِقَاطٍ مُشْتَرَكَةٍ بِٱلتَّرْكِيزِ عَلَى أُمُورٍ يُكِنُّونَ لَهَا تَقْدِيرًا عَمِيقًا. هٰذَا وَقَدْ خَاطَبَهُمْ بِٱحْتِرَامٍ دَاعِيًا ٱلشُّيُوخَ «آبَاءً». (اع ٧:٢) وَٱقْتِدَاءً بِهِ، نَحْرِصُ نَحْنُ أَيْضًا عَلَى نَقْلِ حَقَائِقِ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ «بِوَدَاعَةٍ وَٱحْتِرَامٍ عَمِيقٍ». — ١ بط ٣:١٥.
١٩ كَيْفَ نَقَلَ إِسْتِفَانُوسُ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ رِسَالَةَ ٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ إِلَى ٱلسَّنْهَدْرِيمِ؟
١٩ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، نَحْنُ لَا نُحْجِمُ عَنِ ٱلْمُنَادَاةِ بِحَقَائِقِ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ خَوْفًا مِنْ جَرْحِ مَشَاعِرِ ٱلنَّاسِ وَلَا نُلَطِّفُ رَسَائِلَ ٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ. وَإِسْتِفَانُوسُ خَيْرُ مِثَالٍ فِي هٰذَا ٱلْإِطَارِ. فَهُوَ عَرَفَ دُونَ شَكٍّ أَنَّ أَيًّا مِنَ ٱلْبَرَاهِينِ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا لَمْ يُؤَثِّرْ أَلْبَتَّةَ فِي ٱلْقُضَاةِ ٱلْمُتَحَجِّرِينَ. مَعَ ذٰلِكَ، ٱنْدَفَعَ بِٱلرُّوحِ فِي نِهَايَةِ حَدِيثِهِ إِلَى ٱلْإِشَارَةِ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ أَنَّ قَادَةَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ يُشْبِهُونَ آبَاءَهُمُ ٱلَّذِينَ رَفَضُوا يُوسُفَ وَمُوسَى وَسَائِرَ ٱلْأَنْبِيَاءِ. (اع ٧:٥١-٥٣) وَفِي ٱلْوَاقِعِ، هٰؤُلَاءِ ٱلْقُضَاةُ أَنْفُسُهُمْ هُمْ مَنْ قَتَلُوا ٱلْمَسِيَّا ٱلَّذِي أَخْبَرَ بِمَجِيئِهِ مُوسَى وَبَاقِي ٱلْأَنْبِيَاءِ. فَهَلْ مِنِ ٱنْتِهَاكٍ أَفْظَعُ مِنْ هٰذَا لِلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ؟!
«أَيُّهَا ٱلرَّبُّ يَسُوعُ، ٱقْبَلْ رُوحِي» (اعمال ٧:٥٤–٨:٣)
٢٠، ٢١ مَاذَا فَعَلَ ٱلسَّنْهَدْرِيمُ عِنْدَ سَمَاعِ كَلِمَاتِ إِسْتِفَانُوسَ، وَكَيْفَ قَوَّاهُ يَهْوَهُ؟
٢٠ ثَارَتْ ثَائِرَةُ ٱلْقُضَاةِ عِنْدَ سَمَاعِ كَلِمَاتِ إِسْتِفَانُوسَ ٱلْمُحِقَّةِ. فَفَقَدُوا أَعْصَابَهُمْ وَأَخَذُوا يَصِرُّونَ بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ. وَلَا بُدَّ أَنَّ هٰذَا ٱلرَّجُلَ ٱلْأَمِينَ أَدْرَكَ فِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ أَنَّ أَحَدًا لَنْ يَرْحَمَهُ، تَمَامًا كَمَا حَدَثَ مَعَ سَيِّدِهِ يَسُوعَ.
٢١ كَانَ إِسْتِفَانُوسُ آنَذَاكَ فِي أَمَسِّ ٱلْحَاجَةِ إِلَى ٱلشَّجَاعَةِ لِمُوَاجَهَةِ مَا يَنْتَظِرُهُ. فَأَعْطَاهُ إِلٰهُهُ ٱلْمُحِبُّ يَهْوَهُ رُؤْيَا جَدَّدَتْ قِوَاهُ دُونَ شَكٍّ. فَأَبْصَرَ مَجْدَ ٱللّٰهِ وَيَسُوعَ وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ أَبِيهِ. وَفِيمَا رَاحَ يَصِفُ مَا يَرَاهُ، وَضَعَ ٱلْقُضَاةُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى آذَانِهِمْ. لِمَاذَا؟ فِي وَقْتٍ سَابِقٍ، أَعْلَنَ يَسُوعُ أَمَامَ ٱلْمَحْكَمَةِ نَفْسِهَا أَنَّهُ ٱلْمَسِيَّا، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ سَيَجْلِسُ قَرِيبًا عَنْ يَمِينِ أَبِيهِ. (مر ١٤:٦٢) وَقَدْ أَثْبَتَتْ رُؤْيَا إِسْتِفَانُوسَ صِحَّةَ أَقْوَالِ يَسُوعَ، مُدِينَةً ٱلسَّنْهَدْرِيمَ بِخِيَانَةِ ٱلْمَسِيَّا وَقَتْلِهِ. فَمَا كَانَ مِنْهُمْ إِلَّا أَنِ ٱنْقَضُّوا عَلَيْهِ جَمِيعًا طَالِبِينَ رَجْمَهُ. c
٢٢، ٢٣ مَا أَوْجُهُ ٱلشَّبَهِ بَيْنَ مَوْتِ إِسْتِفَانُوسَ وَمَوْتِ سَيِّدِهِ، وَلِمَ يُمْكِنُ لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ ٱلتَّحَلِّي بِٱلثِّقَةِ مِثْلَهُ؟
٢٢ فَارَقَ إِسْتِفَانُوسُ ٱلْحَيَاةَ هَادِئَ ٱلْقَلْبِ، وَاثِقًا بِيَهْوَهَ، مُسَامِحًا قَاتِلِيهِ تَمَامًا مِثْلَ سَيِّدِهِ. قَالَ وَهُوَ يُرْجَمُ: «أَيُّهَا ٱلرَّبُّ يَسُوعُ، ٱقْبَلْ رُوحِي». فَلَرُبَّمَا كَانَ لَا يَزَالُ يَرَى ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ وَأَبَاهُ فِي ٱلرُّؤْيَا. لٰكِنَّ ٱلْأَكِيدَ أَنَّهُ عَرَفَ كَلِمَاتِ يَسُوعَ ٱلْمُعَزِّيَةَ: «أَنَا ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ». (يو ١١:٢٥) ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ إِلَى ٱللّٰهِ فِي ٱلصَّلَاةِ، قَائِلًا: «يَا يَهْوَهُ، لَا تَحْسُبْ عَلَيْهِمْ هٰذِهِ ٱلْخَطِيَّةَ». وَبَعْدَ أَنْ قَالَ هٰذَا رَقَدَ. — اع ٧:٥٩، ٦٠.
٢٣ وَهٰكَذَا أَصْبَحَ إِسْتِفَانُوسُ أَوَّلَ شَهِيدٍ مَسِيحِيٍّ يَأْتِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَلَى ذِكْرِهِ. (اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ « إِسْتِفَانُوسُ: شَهِيدٌ أَمْ شَاهِدٌ؟».) لٰكِنَّهُ مَعَ ٱلْأَسَفِ لَيْسَ آخِرَ ٱلشُّهَدَاءِ. فَإِلَى يَوْمِنَا هٰذَا يُقْتَلُ بَعْضُ خُدَّامِ يَهْوَهَ ٱلْأُمَنَاءِ عَلَى يَدِ مُتَعَصِّبِينَ دِينِيِّينَ وَمُتَطَرِّفِينَ سِيَاسِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ ٱلْمُقَاوِمِينَ ٱلشَّرِسِينَ. مَعَ ذٰلِكَ، لَدَيْنَا أَسْبَابٌ وَجِيهَةٌ تَدْفَعُنَا إِلَى ٱلثِّقَةِ بِوَعْدِ يَسُوعَ بِٱلْقِيَامَةِ تَمَامًا كَإِسْتِفَانُوسَ. فَٱلْمَسِيحُ يَحْكُمُ ٱلْآنَ مَلِكًا وَيَتَمَتَّعُ بِسُلْطَةٍ هَائِلَةٍ مِنْ يَهْوَهَ. وَمَا مِنْ عَائِقٍ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ إِقَامَةِ أَتْبَاعِهِ ٱلْأُمَنَاءِ مِنَ ٱلْمَوْتِ. — يو ٥:٢٨، ٢٩.
٢٤ أَيُّ دَوْرٍ لَعِبَهُ شَاوُلُ فِي قَتْلِ إِسْتِفَانُوسَ، وَأَيُّ صَدًى تَرَكَهُ مَوْتُ هٰذَا ٱلرَّجُلِ ٱلْأَمِينِ؟
٢٤ وَقَعَتْ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةُ عَلَى مَرْأًى مِنْ شَابٍّ يُدْعَى شَاوُلَ. وَكَانَ رَاضِيًا بِقَتْلِ إِسْتِفَانُوسَ، حَتَّى إِنَّهُ حَرَسَ أَرْدِيَةَ رَاجِمِيهِ. بُعَيْدَ ذٰلِكَ تَزَعَّمَ مَوْجَةَ ٱضْطِهَادٍ وَحْشِيٍّ عَلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ. غَيْرَ أَنَّ مَوْتَ إِسْتِفَانُوسَ تَرَكَ صَدًى وَاسِعًا. فَقَدْ قَوَّى مِثَالُهُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ عَلَى ٱلْبَقَاءِ أُمَنَاءَ وَإِحْرَازِ ٱلنَّصْرِ مِثْلَهُ. أَمَّا شَاوُلُ ٱلَّذِي عُرِفَ لَاحِقًا بِٱلِٱسْمِ بُولُسَ، فَكَانَ سَيَنْدَمُ نَدَمًا شَدِيدًا عَلَى دَوْرِهِ فِي هٰذِهِ ٱلْجَرِيمَةِ. (اع ٢٢:٢٠) فَعِنْدَمَا ٱسْتَذْكَرَ مَاضِيَهُ، قَالَ: «كُنْتُ سَابِقًا مُجَدِّفًا وَمُضْطَهِدًا وَوَقِحًا». (١ تي ١:١٣) مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ إِسْتِفَانُوسَ وَمُرَافَعَتَهُ لَمْ يَغِيبَا عَنْ ذِهْنِ بُولُسَ. حَتَّى إِنَّهُ تَطَرَّقَ فِي بَعْضِ خِطَابَاتِهِ وَكِتَابَاتِهِ إِلَى مَوَاضِيعَ جَاءَتْ فِي خُطْبَةِ إِسْتِفَانُوسَ. (اع ٧:٤٨؛ ١٧:٢٤؛ عب ٩:٢٤) وَمَعَ ٱلْوَقْتِ، تَعَلَّمَ ٱلِٱقْتِدَاءَ كَامِلًا بِإِيمَانِ وَشَجَاعَةِ هٰذَا ٱلرَّجُلِ ‹ٱلْمُمْتَلِئِ نِعْمَةً وَقُدْرَةً›. وَلٰكِنْ يَبْقَى ٱلسُّؤَالُ مُعَلَّقًا: هَلْ نَقْتَدِي نَحْنُ بِمِثَالِهِ؟
a اِنْتَمَى بَعْضُ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُقَاوِمِينَ إِلَى «مَجْمَعَ ٱلْمُحَرَّرِينَ». وَهُمْ عَلَى مَا يُظَنُّ إِمَّا يَهُودٌ تَحَرَّرُوا مِنَ ٱلْأَسْرِ ٱلرُّومَانِيِّ أَوْ عَبِيدٌ مُحَرَّرُونَ ٱعْتَنَقُوا ٱلدِّيَانَةَ ٱلْيَهُودِيَّةَ. بَعْضُهُمْ كَانَ مِنْ كِيلِيكِيَةَ، ٱلْمِنْطَقَةِ نَفْسِهَا ٱلَّتِي أَتَى مِنْهَا شَاوُلُ ٱلطَّرْسُوسِيُّ. لٰكِنَّ ٱلسِّجِلَّ لَا يَكْشِفُ هَلْ كَانَ شَاوُلُ وَاحِدًا مِنْ أَبْنَاءِ كِيلِيكِيَةَ ٱلَّذِينَ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا إِسْتِفَانُوسَ.
b تَنْفَرِدُ مُرَافَعَةُ إِسْتِفَانُوسَ بِذِكْرِ مَعْلُومَاتٍ لَا نَجِدُهَا فِي أَيِّ مَكَانٍ آخَرَ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. فَيُخْبِرُنَا مَثَلًا أَنَّ مُوسَى تَثَقَّفَ فِي مِصْرَ، وَيُطْلِعُنَا عَلَى عُمْرِهِ حِينَ هَرَبَ إِلَى مِدْيَانَ وَمُدَّةِ إِقَامَتِهِ هُنَاكَ.
d مِنَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْعَرَبِيَّةَ «شَهِيدًا» عَنَتْ فِي ٱلْأَصْلِ «شَاهِدًا» مَثَلُهَا مَثَلُ ٱلْكَلِمَةِ ٱلْيُونَانِيَّةِ.