الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

الفصل ٢٤

‏«تشجَّع جدا!‏»‏

‏«تشجَّع جدا!‏»‏

بُولُسُ يَنْجُو مِنَ ٱلْمَوْتِ وَيُرَافِعُ أَمَامَ فِيلِكْسَ

مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٢٣:‏١١–‏٢٤:‏٢٧

١،‏ ٢ لِمَ لَا يَتَفَاجَأُ بُولُسُ حِينَ يُوَاجِهُ ٱضْطِهَادًا مَرِيرًا فِي أُورُشَلِيمَ؟‏

 يَنْفُذُ بُولُسُ بِجِلْدِهِ فِي ٱللَّحْظَةِ ٱلْأَخِيرَةِ!‏ فَٱلْجُنُودُ ٱلرُّومَانُ يَخْطَفُونَهُ مِنْ أَيْدِي أَعْضَاءِ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ ٱلسَّاخِطِينَ.‏ لَقَدْ عَانَى ٱلرَّسُولُ ٱلْأَسِيرُ ٱضْطِهَادًا مَرِيرًا فِي أُورُشَلِيمَ،‏ غَيْرَ أَنَّهُ مُتَوَقِّعٌ مُعَامَلَةً كَهٰذِهِ.‏ فَقَدْ قِيلَ لَهُ إِنَّ «قُيُودًا وَضِيقَاتٍ» بِٱنْتِظَارِهِ هُنَاكَ.‏ (‏اع ٢٠:‏٢٢،‏ ٢٣‏)‏ اَلصُّورَةُ ضَبَابِيَّةٌ،‏ أَمَّا مَعَالِمُهَا فَوَاضِحَةٌ:‏ أَمَامَ بُولُسَ مُعَانَاةٌ طَوِيلَةٌ بَعْدُ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِ ٱلْمَسِيحِ.‏ —‏ اع ٩:‏١٦‏.‏

٢ سَبَقَ لَنَا ٱلْقَوْلُ إِنَّ جَمْعًا مِنَ ٱلْيَهُودِ حَاوَلُوا ٱغْتِيَالَ ٱلرَّسُولِ.‏ ثُمَّ كَادَ أَعْضَاءُ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ أَنْ «يُمَزِّقُوا بُولُسَ إِرْبًا إِرْبًا»،‏ فِيمَا كَانُوا يَتَنَازَعُونَ حَوْلَ مُرَافَعَتِهِ.‏ أَمَّا ٱلْآنَ فَهَا هُوَ سَجِينٌ فِي عُهْدَةِ ٱلْجُنُودِ ٱلرُّومَانِ بِٱنْتِظَارِ ٱلْمَزِيدِ مِنَ ٱلِٱتِّهَامَاتِ وَٱلْمُحَاكَمَاتِ.‏ (‏اع ٢١:‏٣١؛‏ ٢٣:‏١٠‏)‏ وَلَا عَجَبَ فِي ذٰلِكَ.‏ فَٱلْأَنْبِيَاءُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ أَنْفُسُهُمْ نَبَّهُوا بُولُسَ أَنَّهُ يُقَيَّدُ وَيُسَلَّمُ «إِلَى أَيْدِي أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ».‏ (‏اع ٢١:‏٤،‏ ١٠،‏ ١١‏)‏ وَفِي خِضَمِّ كُلِّ هٰذِهِ ٱلصُّعُوبَاتِ،‏ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلرَّسُولَ فِي أَمَسِّ ٱلْحَاجَةِ إِلَى ٱلتَّشْجِيعِ.‏

٣ مِنْ أَيْنَ نَسْتَمِدُّ ٱلتَّشْجِيعَ لِمُوَاصَلَةِ عَمَلِنَا ٱلْكِرَازِيِّ؟‏

٣ مِنْ جَانِبِنَا،‏ نَعْلَمُ «أَنَّ جَمِيعَ ٱلَّذِينَ يَرْغَبُونَ فِي أَنْ يَحْيَوْا بِتَعَبُّدٍ لِلّٰهِ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ سَيُضْطَهَدُونَ أَيْضًا» فِي وَقْتِ ٱلنِّهَايَةِ هٰذَا.‏ (‏٢ تي ٣:‏١٢‏)‏ لِذَا بَيْنَ ٱلْحِينِ وَٱلْآخَرِ نَحْتَاجُ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ إِلَى ٱلتَّشْجِيعِ لِنُوَاصِلَ عَمَلَنَا ٱلْكِرَازِيَّ.‏ أَوَلَا نَشْعُرُ بِٱلِٱمْتِنَانِ إِذًا لِمَا يُقَدِّمُهُ لَنَا «ٱلْعَبْدُ ٱلْأَمِينُ ٱلْفَطِينُ» مِنْ تَشْجِيعٍ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ مِنْ خِلَالِ ٱلْمَطْبُوعَاتِ وَٱلِٱجْتِمَاعَاتِ؟‏!‏ (‏مت ٢٤:‏٤٥‏)‏ وَيَهْوَهُ شَخْصِيًّا يُؤَكِّدُ لَنَا أَنَّ جَمِيعَ أَعْدَاءِ ٱلْبِشَارَةِ سَيَفْشَلُونَ لَا مَحَالَةَ،‏ وَلَنْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْضُوا عَلَى شَعْبِهِ وَلَا أَنْ يُوقِفُوا عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ.‏ (‏اش ٥٤:‏١٧؛‏ ار ١:‏١٩‏)‏ وَلٰكِنْ مَاذَا عَنِ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ؟‏ كَيْفَ ٱسْتَمَدَّ ٱلتَّشْجِيعَ ٱللَّازِمَ لِمُوَاصَلَةِ ٱلشَّهَادَةِ كَامِلًا رَغْمَ ٱلْمُقَاوَمَةِ؟‏ وَكَيْفَ تَفَاعَلَ مَعَ هٰذَا ٱلتَّشْجِيعِ؟‏

إِحْبَاطُ «مُؤَامَرَةٍ» لِتَصْفِيَةِ بُولُسَ (‏اعمال ٢٣:‏١١-‏٣٤‏)‏

٤،‏ ٥ (‏أ)‏ كَيْفَ ٱسْتَمَدَّ بُولُسُ ٱلشَّجَاعَةَ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ جَاءَ ٱلتَّشْجِيعُ فِي حِينِهِ؟‏

٤ اِسْتَمَدَّ بُولُسُ ٱلشَّجَاعَةَ ٱللَّازِمَةَ فِي ٱللَّيْلَةِ ٱلَّتِي تَلَتْ إِنْقَاذَهُ مِنَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ.‏ يُخْبِرُنَا ٱلسِّجِلُّ ٱلْمُلْهَمُ:‏ «وَقَفَ بِهِ ٱلرَّبُّ وَقَالَ:‏ ‹تَشَجَّعْ جِدًّا!‏ لِأَنَّكَ كَمَا كُنْتَ تَشْهَدُ كَامِلًا بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ،‏ كَذٰلِكَ لَا بُدَّ أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومَا أَيْضًا›».‏ (‏اع ٢٣:‏١١‏)‏ وَهٰكَذَا تَأَكَّدَ لِلرَّسُولِ بِفَضْلِ كَلِمَاتِ يَسُوعَ ٱلْمُقَوِّيَةِ أَنَّهُ سَيَنْجُو مِنَ ٱلْخَطَرِ وَيَصِلُ إِلَى رُومَا حَيْثُ يَحْظَى بِٱمْتِيَازِ تَأْدِيَةِ شَهَادَةٍ عَنْ يَسُوعَ.‏

‏«اكثر من اربعين رجلا منهم يترصدون له».‏ —‏ اعمال ٢٣:‏٢١

٥ جَاءَ هٰذَا ٱلتَّشْجِيعُ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ.‏ فَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي،‏ دَبَّرَ أَكْثَرُ مِنْ ٤٠ رَجُلًا يَهُودِيًّا «مُؤَامَرَةً وَتَعَاهَدُوا قَائِلِينَ إِنَّهُ مَلْعُونٌ مَنْ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ قَبْلَ قَتْلِ بُولُسَ».‏ وَهٰذِهِ «ٱلْمُؤَامَرَةُ ٱلْمُتَحَالَفُ عَلَيْهَا» دَلِيلٌ صَارِخٌ أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْيَهُودَ ٱسْتَمَاتُوا إِلَى ٱلتَّخَلُّصِ مِنَ ٱلرَّسُولِ.‏ فَفِي ٱعْتِقَادِهِمْ،‏ سَتَحِلُّ بِهِمِ ٱللَّعْنَةُ فِي حَالِ لَمْ يَبْلُغُوا مَأْرَبَهُمْ.‏ (‏اع ٢٣:‏١٢-‏١٥‏)‏ وَقَضَتْ خُطَّتُهُمُ ٱلَّتِي مَنَحَهَا كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلشُّيُوخُ ٱلضَّوْءَ ٱلْأَخْضَرَ أَنْ يُعَادَ بُولُسُ إِلَى ٱلسَّنْهَدْرِيمِ لِٱسْتِجْوَابِهِ مُجَدَّدًا،‏ كَأَنَّ ٱلْقُضَاةَ رَاغِبُونَ فِي ٱلتَّحَقُّقِ مِنْ أَمْرِهِ بِأَكْثَرِ دِقَّةٍ.‏ فِي هٰذَا ٱلْوَقْتِ،‏ يَتَرَصَّدُ ٱلْمُتَآ‌مِرُونَ لِلرَّسُولِ عَلَى ٱلطَّرِيقِ لِيَنْقَضُّوا عَلَيْهِ وَيَقْتُلُوهُ.‏

٦ كَيْفَ ٱنْفَضَحَتِ ٱلْمُؤَامَرَةُ لِلتَّخَلُّصِ مِنَ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ،‏ وَأَيُّ مِثَالٍ يَجِدُهُ ٱلشَّبَابُ ٱلْيَوْمَ فِي هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ؟‏

٦ غَيْرَ أَنَّ ٱلْمُؤَامَرَةَ بَلَغَتْ مَسَامِعَ ٱبْنِ أُخْتِ بُولُسَ ٱلَّذِي فَاتَحَ خَالَهُ فِي ٱلْمَسْأَلَةِ.‏ فَمَا كَانَ مِنَ ٱلرَّسُولِ إِلَّا أَنْ طَلَبَ مِنْهُ إِبْلَاغَ قَائِدِ ٱلْجُنْدِ ٱلرُّومَانِيِّ كُلُودِيُوسَ لِيسِيَاسَ بِٱلْمَوْضُوعِ.‏ (‏اع ٢٣:‏١٦-‏٢٢‏)‏ وَعَلَى غِرَارِ ٱبْنِ أُخْتِ بُولُسَ ٱلَّذِي نَجْهَلُ ٱسْمَهُ،‏ يُبَدِّي شُبَّانٌ وَشَابَّاتٌ كَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ بِشَجَاعَةٍ مَصْلَحَةَ شَعْبِ ٱللّٰهِ عَلَى مَصْلَحَتِهِمِ ٱلشَّخْصِيَّةِ.‏ وَهُمْ يَبْذُلُونَ قُصَارَى جُهْدِهِمْ لِتَرْوِيجِ مَصَالِحِ ٱلْمَلَكُوتِ.‏ فَمَا رَأْيُكَ،‏ أَلَا يُعِزُّ يَهْوَهُ هٰؤُلَاءِ ٱلشَّبَابَ ٱلْأُمَنَاءَ؟‏

٧،‏ ٨ أَيَّةُ تَدَابِيرَ ٱتَّخَذَهَا كُلُودِيُوسُ لِيسِيَاسُ حِرْصًا عَلَى سَلَامَةِ بُولُسَ؟‏

٧ حَالَمَا أُطْلِعَ قَائِدُ ٱلْأَلْفِ كُلُودِيُوسُ لِيسِيَاسُ عَلَى ٱلْمُؤَامَرَةِ ٱلْمُدَبَّرَةِ ضِدَّ بُولُسَ،‏ عَيَّنَ ٤٧٠ جُنْدِيًّا وَرَامِحًا وَفَارِسًا لِنَقْلِ ٱلرَّسُولِ سَالِمًا تِلْكَ ٱللَّيْلَةَ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ حَيْثُ يُسَلَّمُ فَوْرَ وُصُولِهِ لِلْحَاكِمِ فِيلِكْسَ.‏ a فَمَعَ أَنَّ عَدَدًا لَيْسَ بِقَلِيلٍ مِنَ ٱلْيَهُودِ سَكَنُوا قَيْصَرِيَّةَ،‏ كَانَتْ غَالِبِيَّةُ سُكَّانِهَا مِنَ ٱلْأُمَمِيِّينَ.‏ كَمَا ٱسْتَتَبَّ ٱلْأَمْنُ وَٱلِٱسْتِقْرَارُ فِيهَا بِعَكْسِ أُورُشَلِيمَ ٱلَّتِي دَفَعَتِ ٱلْعَصَبِيَّةُ ٱلدِّينِيَّةُ ٱلْكَثِيرَ مِنْ سُكَّانِهَا إِلَى ٱفْتِعَالِ أَعْمَالِ شَغَبٍ.‏ زِدْ عَلَى ذٰلِكَ أَنَّ ٱلرُّومَانَ ٱتَّخَذُوا مِنْ قَيْصَرِيَّةَ مَقَرًّا إِدَارِيًّا وَعَسْكَرِيًّا لِلْإِشْرَافِ عَلَى وِلَايَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏

٨ وَعَمَلًا بِٱلْقَانُونِ ٱلرُّومَانِيِّ،‏ بَعَثَ لِيسِيَاسُ رِسَالَةً إِلَى فِيلِكْسَ لِيَضَعَهُ فِي ٱلصُّورَةِ.‏ وَمِنْ أَهَمِّ مَا جَاءَ فِيهَا أَنَّ لِيسِيَاسَ أَنْقَذَ بُولُسَ مِنَ ٱلْمَوْتِ عَلَى يَدِ ٱلْيَهُودِ مَا إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُوَاطِنٌ رُومَانِيٌّ.‏ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ يُحِيلُ بُولُسَ إِلَيْهِ،‏ لَا لِأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ شَكْوَى «تَسْتَحِقُّ ٱلْمَوْتَ أَوِ ٱلْقُيُودَ»،‏ بَلْ بِسَبَبِ خُطَّةٍ تُحَاكُ ضِدَّهُ.‏ وَهٰكَذَا يَتَمَكَّنُ ٱلْحَاكِمُ بِنَفْسِهِ مِنَ ٱلِٱسْتِمَاعِ إِلَى ٱلْمُتَّهِمِينَ وَإِصْدَارِ ٱلْحُكْمِ فِي ٱلْقَضِيَّةِ.‏ —‏ اع ٢٣:‏٢٥-‏٣٠‏.‏

٩ (‏أ)‏ كَيْفَ ٱنْتُهِكَتْ حُقُوقُ بُولُسَ ٱلْمَدَنِيَّةُ ٱلرُّومَانِيَّةُ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ نَلْجَأُ أَحْيَانًا إِلَى ٱلْحُقُوقِ ٱلَّتِي يَكْفِلُهَا لَنَا ٱلْقَانُونُ؟‏

٩ فَمَا مَدَى مِصْدَاقِيَّةِ لِيسِيَاسَ؟‏ لَمْ يَصْدُقْ هٰذَا ٱلْقَائِدُ مِئَةً فِي ٱلْمِئَةِ.‏ فَعَلَى مَا يَبْدُو،‏ حَاوَلَ أَنْ يُجَمِّلَ صُورَتَهُ فِي نَظَرِ فِيلِكْسَ.‏ فَهُوَ أَوَّلًا لَمْ يَهُبَّ إِلَى نَجْدَةِ بُولُسَ لِأَنَّهُ ٱكْتَشَفَ أَنَّهُ مُوَاطِنٌ رُومَانِيٌّ.‏ كَمَا أَخْفَى أَنَّهُ ‹قَيَّدَ ٱلرَّسُولَ بِسِلْسِلَتَيْنِ› ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ ‹يُسْتَجْوَبَ بِٱلْجَلْدِ›،‏ مُنْتَهِكًا حُقُوقَهُ ٱلْمَدَنِيَّةَ بِصِفَتِهِ مُوَاطِنًا رُومَانِيًّا.‏ (‏اع ٢١:‏٣٠-‏٣٤؛‏ ٢٢:‏٢٤-‏٢٩‏)‏ وَعَصْرِيًّا،‏ يَسْتَخْدِمُ ٱلشَّيْطَانُ تَعَصُّبَ ٱلْمُقَاوِمِينَ ٱلدِّينِيَّ لِيُؤَجِّجَ نَارَ ٱلِٱضْطِهَادِ،‏ فَنُصْبِحُ بِٱلتَّالِي عُرْضَةً أَنْ تُنْتَهَكَ حُقُوقُنَا ٱلْمَدَنِيَّةُ.‏ لٰكِنَّنَا عَلَى غِرَارِ بُولُسَ غَالِبًا مَا نَحْتَمِي بِٱلْقَانُونِ وَنَسْتَفِيدُ مِنَ ٱلْحُقُوقِ ٱلَّتِي يَكْفَلُهَا لَنَا.‏

‏«أُدَافِعُ .‏ .‏ .‏ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ» (‏اعمال ٢٣:‏٣٥–‏٢٤:‏٢١‏)‏

١٠ أَيَّةُ تُهَمٍ خَطِيرَةٍ وُجِّهَتْ إِلَى بُولُسَ؟‏

١٠ فِي قَيْصَرِيَّةَ،‏ أُبْقِيَ بُولُسُ «تَحْتَ حِرَاسَةٍ فِي قَصْرِ هِيرُودُسَ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيِّ» بِٱنْتِظَارِ وُصُولِ مُتَّهِمِيهِ مِنْ أُورُشَلِيمَ.‏ (‏اع ٢٣:‏٣٥‏)‏ وَبَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ،‏ وَصَلَ وَفْدٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ حَنَانِيَّا رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ وَخَطِيبٍ يُدْعَى تَرْتُلُّسَ وَعَدَدٍ مِنَ ٱلشُّيُوخِ.‏ بِدَايَةً،‏ مَدَحَ تَرْتُلُّسُ فِيلِكْسَ مُنَوِّهًا بِصَنَائِعِهِ مِنْ أَجْلِ ٱلْيَهُودِ.‏ وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ هَدَفَهُ كَانَ تَمَلُّقَ ٱلْحَاكِمِ وَٱسْتِرْضَاءَهُ.‏ b ثُمَّ تَطَرَّقَ إِلَى ٱلْمَسْأَلَةِ ٱلْمَطْرُوحَةِ عَلَى طَاوِلَةِ ٱلْبَحْثِ.‏ فَأَشَارَ إِلَى بُولُسَ بِصِفَتِهِ «وَبَاءً وَمُثِيرَ فِتَنٍ بَيْنَ جَمِيعِ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْمَسْكُونَةِ وَزَعِيمًا لِبِدْعَةِ ٱلنَّاصِرِيِّينَ».‏ وَٱتَّهَمَهُ أَيْضًا أَنَّهُ حَاوَلَ «أَنْ يَنْتَهِكَ حُرْمَةَ ٱلْهَيْكَلِ».‏ «عِنْدَئِذٍ ٱشْتَرَكَ ٱلْيَهُودُ [ٱلْآخَرُونَ] أَيْضًا فِي ٱلتَّهَجُّمِ عَلَيْهِ،‏ مُؤَكِّدِينَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْأُمُورَ هِيَ هٰكَذَا».‏ (‏اع ٢٤:‏٥،‏ ٦،‏ ٩‏)‏ كَخُلَاصَةٍ إِذًا،‏ ٱتُّهِمَ بُولُسُ بِإِثَارَةِ ٱلْفِتَنِ،‏ تَزَعُّمِ بِدْعَةٍ خَطِيرَةٍ،‏ وَٱنْتِهَاكِ حُرْمَةِ ٱلْهَيْكَلِ.‏ وَهٰذِهِ كُلُّهَا تُهَمٌ ثَقِيلَةٌ قَدْ تُوصِلُ إِلَى ٱلْإِعْدَامِ.‏ فَكَيْفَ دَافَعَ ٱلرَّسُولُ عَنْ نَفْسِهِ؟‏

١١،‏ ١٢ كَيْفَ دَحَضَ بُولُسُ ٱلتُّهَمَ ٱلْمُوَجَّهَةَ إِلَيْهِ؟‏

١١ عِنْدَمَا حَانَ دَوْرُ بُولُسَ فِي ٱلْكَلَامِ،‏ قَالَ:‏ «أُدَافِعُ عَمَّا فِي أُمُورِي عَنْ طِيبِ نَفْسٍ».‏ ثُمَّ أَنْكَرَ ٱلتُّهَمَ ٱلْمُوَجَّهَةَ إِلَيْهِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا.‏ فَهُوَ لَمْ يَنْتَهِكْ حُرْمَةَ ٱلْهَيْكَلِ وَلَا حَاوَلَ أَنْ يُثِيرَ ٱلْفِتَنَ.‏ وَأَشَارَ أَنَّهُ غَابَ عَنْ أُورُشَلِيمَ «سِنِينَ لَيْسَتْ بِقَلِيلَةٍ» وَعَادَ حَامِلًا «صَدَقَاتٍ»،‏ أَيْ تَبَرُّعَاتٍ لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلَّذِينَ رُبَّمَا ٱفْتَقَرُوا جَرَّاءَ ٱلْمَجَاعَةِ وَٱلِٱضْطِهَادِ.‏ وَشَدَّدَ ٱلرَّسُولُ أَنَّهُ كَانَ «مُتَطَهِّرًا بِحَسَبِ ٱلطُّقُوسِ» قَبْلَ دُخُولِهِ ٱلْهَيْكَلَ،‏ وَأَنَّهُ سَعَى بِضَمِيرٍ حَيٍّ أَنْ يَبْقَى «غَيْرَ مُلَطَّخٍ بِٱلْإِسَاءَةِ إِلَى ٱللّٰهِ وَٱلنَّاسِ».‏ —‏ اع ٢٤:‏١٠-‏١٣،‏ ١٦-‏١٨‏.‏

١٢ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ ٱعْتَرَفَ ٱلرَّسُولُ أَنَّهُ يُؤَدِّي خِدْمَةً مُقَدَّسَةً لِإِلٰهِ آبَائِهِ «بِحَسَبِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي يَدْعُونَهُ ‹بِدْعَةً›».‏ لٰكِنَّهُ أَكَّدَ عَلَى إِيمَانِهِ «بِكُلِّ مَا جَاءَ فِي ٱلشَّرِيعَةِ وَكُتِبَ فِي ٱلْأَنْبِيَاءِ».‏ وَمَثَلُهُ مَثَلُ مُتَّهِمِيهِ،‏ تَمَسَّكَ بِٱلرَّجَاءِ «أَنَّهُ سَوْفَ تَكُونُ قِيَامَةٌ لِلْأَبْرَارِ وَٱلْأَثَمَةِ».‏ ثُمَّ تَحَدَّاهُمْ قَائِلًا:‏ «فَلْيَقُلِ ٱلْحَاضِرُونَ هُنَا أَنْفُسُهُمْ أَيَّ سُوءٍ وَجَدُوا فِيَّ حِينَ وَقَفْتُ أَمَامَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ،‏ إِلَّا مِنْ جِهَةِ هٰذَا ٱلْقَوْلِ ٱلَّذِي صَرَخْتُ بِهِ وَأَنَا وَاقِفٌ بَيْنَهُمْ:‏ ‹عَلَى قِيَامَةِ ٱلْأَمْوَاتِ أَنَا أُحَاكَمُ ٱلْيَوْمَ أَمَامَكُمْ!‏›».‏ —‏ اع ٢٤:‏١٤،‏ ١٥،‏ ٢٠،‏ ٢١‏.‏

١٣-‏١٥ لِمَ يُعْتَبَرُ بُولُسُ مِثَالًا جَيِّدًا فِي تَقْدِيمِ شَهَادَةٍ جَرِيئَةٍ أَمَامَ ٱلسُّلُطَاتِ ٱلدُّنْيَوِيَّةِ؟‏

١٣ تَرَكَ بُولُسُ نَمُوذَجًا نَتَّبِعُهُ فِي حَالِ ٱسْتُدْعِينَا يَوْمًا لِلْمُثُولِ أَمَامَ ٱلسُّلُطَاتِ ٱلدُّنْيَوِيَّةِ بِسَبَبِ عِبَادَتِنَا،‏ وَٱتُّهِمْنَا زُورًا بِإِثَارَةِ ٱلْعُنْفِ أَوِ ٱلتَّحْرِيضِ عَلَى ٱلْفِتْنَةِ أَوِ ٱلِٱنْتِمَاءِ إِلَى «بِدْعَةٍ خَطِيرَةٍ».‏ فَٱلرَّسُولُ لَمْ يَتَمَلَّقِ ٱلْحَاكِمَ مُمْطِرًا إِيَّاهُ بِعِبَارَاتِ إِطْرَاءٍ وَمَدِيحٍ مِثْلَمَا فَعَلَ تَرْتُلُّسُ.‏ بَلْ حَافَظَ عَلَى رَصَانَتِهِ وَكَلَّمَهُ بِكُلِّ ٱحْتِرَامٍ،‏ مُقَدِّمًا شَهَادَةً لَبِقَةً،‏ صَادِقَةً،‏ وَصَرِيحَةً.‏ وَأَشَارَ أَنَّ «ٱلْيَهُودَ مِنْ إِقْلِيمِ آسِيَا» ٱلَّذِينَ ٱتَّهَمُوهُ بِتَدْنِيسِ ٱلْهَيْكَلِ غَائِبُونَ عَنِ ٱلْجَلْسَةِ،‏ فِي حِينِ أَنَّ ٱلْقَانُونَ يَحْفَظُ لَهُ ٱلْحَقَّ فِي مُوَاجَهَتِهِمْ وَسَمَاعِ ٱتِّهَامَاتِهِمْ.‏ —‏ اع ٢٤:‏١٨،‏ ١٩‏.‏

١٤ وَلَعَلَّ أَكْثَرَ مَا يَسْتَرْعِي ٱلِٱنْتِبَاهَ فِي كَلَامِ بُولُسَ أَنَّهُ لَمْ يَتَرَدَّدْ فِي ٱلشَّهَادَةِ عَنْ مُعْتَقَدَاتِهِ.‏ فَقَدْ أَكَّدَ بِشَجَاعَةٍ إِيمَانَهُ بِرَجَاءِ ٱلْقِيَامَةِ ٱلَّذِي كَانَ أَسَاسًا سَبَبَ ٱلْبَلْبَلَةِ ٱلَّتِي وَقَعَتْ فِي ٱلسَّنْهَدْرِيمِ.‏ (‏اع ٢٣:‏٦-‏١٠‏)‏ فَلِمَ شَدَّدَ ٱلرَّسُولُ عَلَى رَجَاءِ ٱلْقِيَامَةِ فِي مُرَافَعَتِهِ؟‏ اَلسَّبَبُ يَكْمُنُ فِي رَغْبَتِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ شَهَادَةً عَنْ يَسُوعَ وَقِيَامَتِهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ،‏ وَاقِعَةٍ رَفَضَهَا هٰؤُلَاءِ ٱلْمُقَاوِمُونَ رَفْضًا قَاطِعًا.‏ (‏اع ٢٦:‏٦-‏٨،‏ ٢٢،‏ ٢٣‏)‏ بِٱخْتِصَارٍ إِذًا،‏ دَارَ ٱلْجِدَالُ حَوْلَ رَجَاءِ ٱلْقِيَامَةِ عُمُومًا وَٱلْإِيمَانِ بِيَسُوعَ وَقِيَامَتِهِ خُصُوصًا.‏

١٥ أُسْوَةً بِبُولُسَ،‏ يُمْكِنُنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نُقَدِّمَ شَهَادَةً جَرِيئَةً وَنَسْتَمِدَّ ٱلشَّجَاعَةَ مِنْ كَلِمَاتِ يَسُوعَ إِلَى تَلَامِيذِهِ.‏ فَبَعْدَمَا قَالَ لَهُمْ:‏ «تَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ ٱلْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي»،‏ وَعَدَ:‏ «وَلٰكِنَّ ٱلَّذِي يَحْتَمِلُ إِلَى ٱلنِّهَايَةِ هُوَ يَخْلُصُ».‏ وَلَا دَاعِيَ حِينَذَاكَ إِلَى ٱلْقَلَقِ بِشَأْنِ مَا نَقُولُ.‏ فَيَسُوعُ طَمْأَنَ جَمِيعَ تَلَامِيذِهِ،‏ ذَاكِرًا:‏ «عِنْدَمَا يَسُوقُونَكُمْ لِيُسَلِّمُوكُمْ،‏ لَا تَحْمِلُوا هَمًّا مِنْ قَبْلُ بِمَ تَتَكَلَّمُونَ،‏ بَلْ مَهْمَا أُعْطِيتُمْ فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ فَبِذٰلِكَ تَكَلَّمُوا،‏ لِأَنَّكُمْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ ٱلْمُتَكَلِّمِينَ،‏ بَلِ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ».‏ —‏ مر ١٣:‏٩-‏١٣‏.‏

‏«اِرْتَاعَ فِيلِكْسُ» (‏اعمال ٢٤:‏٢٢-‏٢٧‏)‏

١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ أَيُّ دَوْرٍ لَعِبَهُ فِيلِكْسُ فِي مُحَاكَمَةِ بُولُسَ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ ٱرْتَاعَ فِيلِكْسُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ وَلٰكِنْ مَاذَا دَفَعَهُ إِلَى مُقَابَلَةِ بُولُسَ مُجَدَّدًا؟‏

١٦ لَمْ تَكُنْ هٰذِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ يَسْمَعُ فِيهَا ٱلْحَاكِمُ فِيلِكْسُ عَنِ ٱلْمُعْتَقَدَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ يَذْكُرُ ٱلسِّجِلُّ:‏ «أَمَّا فِيلِكْسُ،‏ فَإِذْ كَانَ يَعْرِفُ بِدِقَّةٍ تَامَّةٍ أُمُورَ هٰذَا ‹ٱلطَّرِيقِ› [تَعْبِيرٌ ٱسْتُخْدِمَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْبَاكِرَةِ]،‏ أَخَذَ يُمَاطِلُهُمْ وَقَالَ:‏ ‹حِينَ يَنْزِلُ لِيسِيَاسُ قَائِدُ ٱلْجُنْدِ أُقَرِّرُ فِي أُمُورِكُمْ›.‏ وَأَمَرَ ٱلضَّابِطَ أَنْ يُحْفَظَ ٱلرَّجُلُ تَحْتَ ٱلْحِرَاسَةِ،‏ وَيُخَفَّفَ عَنْهُ ٱلْحَجْزُ،‏ وَأَلَّا يَنْهَى أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ خِدْمَتِهِ».‏ —‏ اع ٢٤:‏٢٢،‏ ٢٣‏.‏

١٧ وَبَعْدَ أَيَّامٍ،‏ ٱسْتَدْعَى فِيلِكْسُ،‏ مَعَ زَوْجَتِهِ ٱلْيَهُودِيَّةِ دُرُوسِلَّا،‏ ٱلرَّسُولَ بُولُسَ «وَسَمِعَ مِنْهُ عَنِ ٱلْإِيمَانِ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ».‏ (‏اع ٢٤:‏٢٤‏)‏ وَلٰكِنْ حِينَ تَكَلَّمَ ٱلرَّسُولُ عَنِ «ٱلْبِرِّ وَضَبْطِ ٱلنَّفْسِ وَٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْآتِيَةِ،‏ ٱرْتَاعَ فِيلِكْسُ»،‏ رُبَّمَا لِأَنَّ ضَمِيرَهُ أَنَّبَهُ بِسَبَبِ مَسْلَكِهِ ٱلرَّدِيءِ.‏ لِذٰلِكَ صَرَفَ بُولُسَ قَائِلًا:‏ «اِذْهَبِ ٱلْآنَ،‏ وَمَتَى حَصَلْتُ عَلَى فُرْصَةٍ أَسْتَدْعِيكَ ثَانِيَةً».‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ قَابَلَ هٰذَا ٱلْحَاكِمُ بُولُسَ عِدَّةَ مَرَّاتٍ لَاحِقًا إِنَّمَا لَيْسَ بِهَدَفِ ٱلتَّعَلُّمِ عَنِ ٱلْحَقِّ،‏ بَلْ طَمَعًا بِٱلْحُصُولِ عَلَى رَشْوَةٍ.‏ —‏ اع ٢٤:‏٢٥،‏ ٢٦‏.‏

١٨ لِمَ تَحَدَّثَ ٱلرَّسُولُ مَعَ فِيلِكْسَ وَزَوْجَتِهِ عَنِ «ٱلْبِرِّ وَضَبْطِ ٱلنَّفْسِ وَٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْآتِيَةِ»؟‏

١٨ وَلٰكِنْ لِمَ كَلَّمَ بُولُسُ فِيلِكْسَ وَزَوْجَتَهُ عَنِ «ٱلْبِرِّ وَضَبْطِ ٱلنَّفْسِ وَٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْآتِيَةِ»؟‏ لَا نَنْسَ أَنَّهُمَا رَغِبَا فِي مَعْرِفَةِ مَا يَشْمُلُهُ «ٱلْإِيمَانُ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ».‏ فَجَاءَ جَوَابُ بُولُسَ ٱلْمُطَّلِعِ عَلَى تَارِيخِهِمَا ٱلْفَاسِدِ وَٱلْقَاسِي وَٱلظَّالِمِ لِيُوضِحَ مَا يَتَطَلَّبُهُ ٱتِّبَاعُ يَسُوعَ مِنَ ٱلْجَمِيعِ.‏ وَكَلِمَاتُ ٱلرَّسُولِ أَظْهَرَتِ ٱلتَّبَايُنَ ٱلصَّارِخَ بَيْنَ مَقَايِيسِ ٱللّٰهِ ٱلْبَارَّةِ وَنَمَطِ حَيَاةِ هٰذَيْنِ ٱلزَّوْجَيْنِ.‏ وَعَلَيْهِ لَزِمَ أَنْ يَتَنَبَّهَا إِلَى نُقْطَتَيْنِ مُهِمَّتَيْنِ.‏ أَوَّلًا،‏ ٱلْبَشَرُ جَمِيعًا مَسْؤُولُونَ عَنْ أَفْكَارِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ أَمَامَ ٱللّٰهِ.‏ وَثَانِيًا،‏ إِنَّ ٱلْحُكْمَ ٱلَّذِي سَيُصْدِرُهُ فِيلِكْسُ عَلَى بُولُسَ لَا يُذْكَرُ بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ حُكْمِ ٱللّٰهِ عَلَيْهِ وَعَلَى زَوْجَتِهِ.‏ فَلَا عَجَبَ أَنِ ٱرْتَاعَ هٰذَا ٱلْحَاكِمُ ٱلْفَاسِدُ.‏

١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ نُعَامِلَ مَنْ يُبْدُونَ ٱهْتِمَامًا ظَاهِرِيًّا بِٱلْحَقِّ لٰكِنَّهُمْ فِي ٱلْحَقِيقَةِ يَسْعَوْنَ وَرَاءَ مَصْلَحَتِهِمِ ٱلشَّخْصِيَّةِ؟‏ (‏ب)‏ مَا ٱلدَّلِيلُ أَنَّ فِيلِكْسَ لَمْ يَكُنْ فِي صَفِّ بُولُسَ؟‏

١٩ فِي خِدْمَتِنَا،‏ قَدْ نَجِدُ أَشْخَاصًا مِثْلَ فِيلِكْسَ يُبْدُونَ ٱهْتِمَامًا ظَاهِرِيًّا بِٱلْحَقِّ،‏ لٰكِنَّهُمْ فِي ٱلْحَقِيقَةِ لَا يَسْعَوْنَ إِلَّا وَرَاءَ مَصْلَحَتِهِمِ ٱلشَّخْصِيَّةِ.‏ فَكَيْفَ نَتَعَاطَى مَعَهُمْ؟‏ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَأْخُذَ حَذَرَنَا مِنْ أَمْثَالِ هٰؤُلَاءِ.‏ إِلَّا أَنَّنَا فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ نُخْبِرُهُمْ بِلَبَاقَةٍ عَنْ مَقَايِيسِ ٱللّٰهِ ٱلْبَارَّةِ،‏ تَشَبُّهًا بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ،‏ لَعَلَّ ٱلْحَقَّ يَمَسُّ قُلُوبَهُمْ.‏ أَمَّا إِذَا ظَهَرَ بِوُضُوحٍ أَنَّهُمْ لَا يَنْوُونَ أَنْ يَهْجُرُوا مَسْلَكَهُمُ ٱلْخَاطِئَ،‏ نَدَعُهُمْ وَشَأْنَهُمْ وَنَبْحَثُ عَمَّنْ يَبْحَثُونَ بِصِدْقٍ عَنِ ٱلْحَقِّ.‏

٢٠ بِٱلْعَوْدَةِ إِلَى ٱلْحَاكِمِ فِيلِكْسَ،‏ ٱنْكَشَفَتْ دَوَافِعُهُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنَ ٱلْوَقْتِ.‏ نَقْرَأُ:‏ «لَمَّا ٱنْقَضَتْ سَنَتَانِ،‏ خَلَفَ بُورْكِيُوسُ فِسْتُوسُ فِيلِكْسَ.‏ وَإِذْ رَغِبَ فِيلِكْسُ أَنْ يَلْقَى حُظْوَةً عِنْدَ ٱلْيَهُودِ،‏ تَرَكَ بُولُسَ مُقَيَّدًا».‏ (‏اع ٢٤:‏٢٧‏)‏ مِنْ هُنَا،‏ لَمْ يَكُنْ هٰذَا ٱلْحَاكِمُ بِٱلْفِعْلِ فِي صَفِّ بُولُسَ.‏ فَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَتْبَاعَ «ٱلطَّرِيقِ» لَا يُحَرِّضُونَ لَا عَلَى ٱلْفِتْنَةِ وَلَا عَلَى ٱلثَّوْرَةِ.‏ (‏اع ١٩:‏٢٣‏)‏ وَأَدْرَكَ أَيْضًا أَنَّ بُولُسَ لَمْ يَخْرِقْ أَيَّ قَانُونٍ رُومَانِيٍّ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ أَبْقَاهُ قَيْدَ ٱلِٱعْتِقَالِ كَيْ «يَلْقَى حُظْوَةً عِنْدَ ٱلْيَهُودِ».‏

٢١ مَاذَا حَلَّ بِبُولُسَ بَعْدَمَا تَوَلَّى بُورْكِيُوسُ فِسْتُوسُ ٱلْحُكْمَ،‏ وَبِمَ تَشَجَّعَ دُونَ شَكٍّ؟‏

٢١ لَقَدْ رَأَيْنَا فِي ٱلْعَدَدِ ٱلْخِتَامِيِّ مِنَ ٱلْإِصْحَاحِ ٢٤ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ أَنَّ بُولُسَ كَانَ مَسْجُونًا عِنْدَمَا تَوَلَّى بُورْكِيُوسُ فِسْتُوسُ ٱلْحُكْمَ مَكَانَ فِيلِكْسَ.‏ مُذَّاكَ ٱبْتَدَأَتْ سِلْسِلَةٌ مِنْ جَلَسَاتِ ٱلِٱسْتِمَاعِ وَأُحِيلَ ٱلرَّسُولُ ٱلشُّجَاعُ مِنْ مَسْؤُولٍ إِلَى آخَرَ.‏ فَتَمَّتْ فِيهِ كَلِمَاتُ ٱلْمَسِيحِ:‏ «تُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَحُكَّامٍ».‏ (‏لو ٢١:‏١٢‏)‏ وَكَمَا نَرَى لَاحِقًا،‏ يُؤَدِّي ٱلرَّسُولُ شَهَادَةً لِأَعْظَمِ حَاكِمٍ فِي تِلْكَ ٱلْحِقْبَةِ.‏ وَلٰكِنْ خِلَالَ كُلِّ هٰذِهِ ٱلْمَحَطَّاتِ،‏ ظَلَّ إِيمَانُهُ رَاسِخًا لَا يَتَزَعْزَعُ.‏ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَدَّ ٱلشَّجَاعَةَ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ مِنْ كَلِمَاتِ يَسُوعَ:‏ «تَشَجَّعْ جِدًّا!‏».‏

a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏ فِيلِكْسُ:‏ حَاكِمُ ٱلْيَهُودِيَّةِ‏».‏

b شَكَرَ تَرْتُلُّسُ فِيلِكْسَ عَلَى ‹ٱلسَّلَامِ ٱلْعَظِيمِ› ٱلَّذِي نَعِمَتْ بِهِ ٱلْأُمَّةُ فِي ظِلِّ حُكْمِهِ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْيَهُودِيَّةَ فِي ٱلْوَاقِعِ تَعَرَّضَتْ لِخَضَّاتٍ خِلَالَ حُكْمِ فِيلِكْسَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ حُكْمٍ آخَرَ شَهِدَتْهُ قَبْلَ ٱنْدِلَاعِ ٱلثَّوْرَةِ عَلَى رُومَا.‏ وَمِنِ ٱدِّعَاءَاتِهِ ٱلْكَاذِبَةِ أَيْضًا أَنَّ ٱلْيَهُودَ يَقْبَلُونَ إِصْلَاحَاتِهِ «بِكُلِّ شُكْرٍ».‏ أَمَّا ٱلْحَقِيقَةُ فَهِيَ أَنَّ مُعْظَمَ ٱلْيَهُودِ ٱحْتَقَرُوهُ لِأَنَّهُ نَغَّصَ عَيْشَهُمْ وَقَمَعَ ثَوْرَاتِهِمْ بِكُلِّ وَحْشِيَّةٍ.‏ —‏ اع ٢٤:‏٢،‏ ٣‏.‏