الفصل ٢٧
‹شهد كاملا عن ملكوت اللّٰه›
بُولُسُ ٱلسَّجِينُ يُتَابِعُ ٱلْكِرَازَةَ فِي رُومَا
مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٢٨:١١-٣١
١ مِمَّ تَأَكَّدَ بُولُسُ وَلُوقَا وَأَرِسْتَرْخُسُ، وَلِمَاذَا؟
نَحْوَ ٱلْعَامِ ٥٩ بم، يُغَادِرُ بُولُسُ ٱلسَّجِينُ جَزِيرَةَ مَالِطَةَ يُرَافِقُهُ لُوقَا وَأَرِسْتَرْخُسُ. (اع ٢٧:٢) وُجْهَتُهُمُ ٱلتَّالِيَةُ هِيَ إِيطَالِيَا، أَمَّا وَسِيلَةُ ٱلنَّقْلِ فَهِيَ مَرْكَبٌ كَبِيرٌ يَنْقُلُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ حُمُولَةَ حُبُوبٍ وَعَلَيْهِ فِي مُقَدَّمِهِ صُورَةُ «ٱبْنَيْ زَفْسٍ». (اع ٢٨:١١) طَاقِمُ ٱلسَّفِينَةِ يَشُدُّ ظَهْرَهُ بِٱبْنَيِ ٱلْإِلٰهِ ٱلْيُونَانِيِّ زَفْسٍ، ٱلتَّوْأَمِ كَاسْتُور وَبُولُوكْس. غَيْرَ أَنَّ ٱلرُّكَّابَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلثَّلَاثَةَ لَا يَحْتَمُونَ إِلَّا تَحْتَ جَنَاحَيْ يَهْوَهَ. وَإِلٰهُهُمُ ٱلْحَقِيقِيُّ بِذَاتِهِ أَكَّدَ لِبُولُسَ أَنَّهُ سَيَشْهَدُ لِلْحَقِّ فِي رُومَا حَيْثُ يَقِفُ أَمَامَ قَيْصَرَ نَفْسِهِ. — اع ٢٣:١١؛ ٢٧:٢٤.
٢، ٣ أَيُّ مَسَارٍ يَتْبَعُهُ مَرْكَبُ بُولُسَ، وَمَنْ دَعَمَ ٱلرَّسُولَ مِنْ بِدَايَةِ ٱلرِّحْلَةِ؟
٢ يَرْسُو ٱلْمَرْكَبُ فِي سِيرَاقُوسَةَ، مَدِينَةٍ جَمِيلَةٍ فِي صِقِلِّيَةَ تُضَاهِي أَثِينَا وَرُومَا مِنْ حَيْثُ ٱلْأَهَمِّيَّةُ. وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، يُبْحِرُ إِلَى رِيغِيُونَ ٱلْوَاقِعَةِ جَنُوبِيَّ إِيطَالِيَا. ثُمَّ يَصِلُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّانِي بِوَقْتٍ قِيَاسِيٍّ إِلَى مَرْفَإِ بُوطِيُولِي ٱلْإِيطَالِيِّ (قُرْبَ نَابُولِي ٱلْيَوْمَ). فَيَقْطَعُ ١٧٥ مِيلًا بَحْرِيًّا مُسْتَعِينًا بِٱلرِّيحِ ٱلْجَنُوبِيَّةِ. — اع ٢٨:١٢، ١٣.
٣ وَهٰكَذَا أَصْبَحَ ٱلرَّسُولُ قَابَ قَوْسَيْنِ مِنْ رُومَا حَيْثُ سَيَمْثُلُ أَمَامَ ٱلْإِمْبَرَاطُورِ نَيْرُونَ. فِي كُلِّ خُطْوَةٍ مِنْ هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلطَّوِيلَةِ، وَقَفَ «إِلٰهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ» إِلَى جَانِبِ بُولُسَ. (٢ كو ١:٣) وَكَمَا نَرَى فِي مَا يَلِي، سَيَظَلُّ يَهْوَهُ مَادًّا لَهُ يَدَ ٱلْمُسَاعَدَةِ فِي حِينِ يَبْقَى هُوَ عَلَى غَيْرَتِهِ ٱلْمُتَّقِدَةِ.
«شَكَرَ ٱللّٰهَ وَتَشَجَّعَ» (اعمال ٢٨:١٤، ١٥)
٤، ٥ (أ) كَيْفَ أَحْسَنَ ٱلْإِخْوَةُ ٱسْتِقْبَالَ بُولُسَ وَرَفِيقَيْهِ فِي بُوطِيُولِي، وَلِمَ حَظِيَ ٱلرَّسُولُ بِهٰذَا ٱلْقَدْرِ مِنَ ٱلْحُرِّيَّةِ؟ (ب) مَا بَعْضُ ٱلْفَوَائِدِ ٱلنَّاجِمَةِ عَنْ سُلُوكِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَسَنِ حَتَّى خِلَالَ وُجُودِهِمْ فِي ٱلسِّجْنِ؟
٤ يَرْوِي لُوقَا مَا حَدَثَ فِي بُوطِيُولِي، قَائِلًا: «وَجَدْنَا إِخْوَةً، فَٱلْتَمَسُوا مِنَّا أَنْ نَبْقَى عِنْدَهُمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ». (اع ٢٨:١٤) حِينَ ٱهْتَمَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةُ بِحَاجَاتِ بُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ لِسَبْعَةِ أَيَّامٍ، تَرَكُوا لَنَا قُدْوَةً فِي ٱلضِّيَافَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ كُوفِئُوا بِأَضْعَافِ مَا قَدَّمُوا إِذِ ٱسْتَمَدُّوا ٱلتَّشْجِيعَ ٱلرُّوحِيَّ مِنْ بُولُسَ وَرَفِيقَيْهِ. وَلٰكِنْ كَيْفَ لِسَجِينٍ أَنْ يَحْظَى بِهٰذَا ٱلْقَدْرِ مِنَ ٱلْحُرِّيَّةِ؟ لَعَلَّ ذٰلِكَ مَرَدُّهُ أَنَّ ٱلرَّسُولَ ٱكْتَسَبَ ثِقَةَ حُرَّاسِهِ ٱلْمُطْلَقَةَ.
٥ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، غَالِبًا مَا عُومِلَ خُدَّامُ يَهْوَهَ ٱلْعَصْرِيُّونَ فِي ٱلسُّجُونِ وَمُعَسْكَرَاتِ ٱلِٱعْتِقَالِ مُعَامَلَةً مُمَيَّزَةً بِفَضْلِ سُلُوكِهِمِ ٱلْمَسِيحِيِّ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، رَاحَ رَجُلٌ فِي رُومَانِيَا مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِٱلسَّجْنِ ٧٥ سَنَةً بِتُهْمَةِ ٱلسَّلْبِ يَدْرُسُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ. وَقَدْ نَجَحَ فِي إِحْدَاثِ تَغْيِيرٍ جَذْرِيٍّ فِي شَخْصِيَّتِهِ، لِدَرَجَةِ أَنَّ ٱلْمَسْؤُولِينَ ٱئْتَمَنُوهُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى ٱلْبَلْدَةِ دُونَ مُرَافَقَةٍ لِلتَّبَضُّعِ مِنْ أَجْلِ ٱلسِّجْنِ! مَعَ ذٰلِكَ، تَبْقَى أَهَمُّ فَوَائِدِ سُلُوكِنَا ٱلْحَسَنِ أَنَّهُ يُمَجِّدُ يَهْوَهَ ٱللّٰهَ. — ١ بط ٢:١٢.
٦، ٧ كَيْفَ أَعْرَبَ ٱلْإِخْوَةُ ٱلرُّومَانُ عَنْ مَحَبَّةٍ لَافِتَةٍ؟
٦ مِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَنَّ بُولُسَ وَرَفِيقَيْهِ مَشَوْا ٥٠ كلم تَقْرِيبًا مِنْ بُوطِيُولِي إِلَى كَابْوَا عَلَى ٱلطَّرِيقِ ٱلْأَبِّيَاوِيِّ ٱلْمُؤَدِّي إِلَى رُومَا. وَهٰذَا ٱلطَّرِيقُ ٱلشَّهِيرُ كَانَ مَرْصُوفًا بِقِطَعٍ كَبِيرَةٍ مُسَطَّحَةٍ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ ٱلْبُرْكَانِيَّةِ وَمُحَاطًا بِمَنَاظِرَ خَلَّابَةٍ مِنَ ٱلرِّيفِ ٱلْإِيطَالِيِّ. وَفِي بَعْضِ أَجْزَائِهِ كَانَ يُرَى ٱلْبَحْرُ ٱلْمُتَوَسِّطُ أَيْضًا. كَمَا أَنَّهُ مَرَّ بِمُسْتَنْقَعَاتِ بُونْتِين، مِنْطَقَةٍ تَبْعُدُ نَحْوَ ٦٠ كلم عَنْ رُومَا ضَمَّتْ سَاحَةَ سُوقِ أَبِّيُوسَ. وَبِحَسَبِ لُوقَا، مَا إِنْ «سَمِعَ ٱلْإِخْوَةُ» فِي مَدِينَةِ رُومَا بِقُدُومِ بُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى أَتَوْا لِمُلَاقَاتِهِمْ. فَجَاءَ بَعْضُهُمْ إِلَى سَاحَةِ ٱلسُّوقِ فِيمَا ٱنْتَظَرَ آخَرُونَ فِي ٱلْخَانَاتِ ٱلثَّلَاثَةِ، مَحَطَّةٍ لِلِٱسْتِرَاحَةِ تَبْعُدُ ٥٠ كلم تَقْرِيبًا عَنْ رُومَا. أَوَلَيْسَتْ مُبَادَرَتُهُمْ هٰذِهِ دَلَالَةً عَلَى مَحَبَّةٍ لَافِتَةٍ؟! — اع ٢٨:١٥.
٧ وَمِنَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ سَاحَةَ سُوقِ أَبِّيُوسَ لَمْ تُوَفِّرِ ٱلرَّاحَةَ لِلْمُسَافِرِينَ مِنْ عَنَاءِ رِحْلَتِهِمْ. فَٱلشَّاعِرُ ٱلرُّومَانِيُّ هُورَاس مَثَلًا، يَصِفُهَا بِأَنَّهَا «مَكَانٌ يَعِجُّ بِٱلْبَحَّارَةِ وَأَصْحَابِ ٱلْفَنَادِقِ ٱلسَّفَلَةِ». وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ «ٱلْمِيَاهَ نَتِنَةٌ إِلَى أَقْصَى ٱلدَّرَجَاتِ»، حَتَّى إِنَّهُ أَبَى أَنْ يَتَنَاوَلَ ٱلطَّعَامَ هُنَاكَ! وَلٰكِنْ رَغْمَ كُلِّ هٰذِهِ ٱلْعَوَامِلِ ٱلرَّدِيئَةِ، سَرَّ ٱلْإِخْوَةَ مِنْ رُومَا أَنْ يَنْتَظِرُوا بُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ لِيُرَافِقُوهُمْ فِي ٱلْمَرْحَلَةِ ٱلْأَخِيرَةِ مِنْ سَفْرَتِهِمْ.
٨ لِمَ شَكَرَ بُولُسُ ٱللّٰهَ «إِذْ أَبْصَرَ» إِخْوَتَهُ؟
٨ «وَإِذْ أَبْصَرَ» بُولُسُ ٱلْإِخْوَةَ ٱلَّذِينَ رُبَّمَا عَرَفَ بَعْضَهُمْ مِنْ قَبْلُ، «شَكَرَ ٱللّٰهَ وَتَشَجَّعَ». (اع ٢٨:١٥) تَخَيَّلْ: لَقَدْ تَقَوَّى ٱلرَّسُولُ وَتَعَزَّى لِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ إِخْوَتِهِ ٱلْأَحِبَّاءِ! وَلِمَ شَكَرَ ٱللّٰهَ؟ أَدْرَكَ بُولُسُ أَنَّ ٱلْمَحَبَّةَ ٱلْخَالِصَةَ وَجْهٌ مِنْ أَوْجُهِ ثَمَرِ ٱلرُّوحِ. (غل ٥:٢٢) وَٱلْيَوْمَ أَيْضًا يَدْفَعُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أَنْ يُضَحُّوا فِي سَبِيلِ إِخْوَتِهِمْ وَيُعَزُّوا مَنْ تُلِمُّ بِهِمِ ٱلْمِحَنُ. — ١ تس ٥:١١، ١٤.
٩ كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِمَوْقِفِ ٱلْإِخْوَةِ ٱلَّذِينَ ٱلْتَقَوْا بُولُسَ؟
٩ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، يَدْفَعُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ مَنْ يَتَجَاوَبُونَ مَعَ تَوْجِيهِهِ أَنْ يَسْتَضِيفُوا ٱلْخُدَّامَ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ، بِمَنْ فِيهِمِ ٱلنُّظَّارُ ٱلْجَائِلُونَ وَٱلْمُرْسَلُونَ، ٱلَّذِينَ يُضَحِّي كَثِيرُونَ مِنْهُمْ لِتَوْسِيعِ خِدْمَتِهِمْ. فَٱسْأَلْ نَفْسَكَ: ‹هَلْ يُمْكِنُنِي أَنْ أُسْهِمَ أَكْثَرَ فِي نَجَاحِ زِيَارَةِ نَاظِرِ ٱلدَّائِرَةِ، رُبَّمَا بِٱسْتِضَافَتِهِ هُوَ وَزَوْجَتِهِ إِذَا كَانَ مُتَزَوِّجًا؟ وَهَلْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أُرَتِّبَ لِلْكِرَازَةِ بِرِفْقَتِهِمَا؟›. لَا تَظُنَّ لَحْظَةً أَنَّ جُهُودَكَ هٰذِهِ تَذْهَبُ سُدًى. يَكْفِي أَنْ تُفَكِّرَ كَمْ فَرِحَ ٱلْإِخْوَةُ ٱلرُّومَانُ وَهُمْ يُصْغُونَ إِلَى ٱخْتِبَارَاتِ ٱلْمُبَشِّرِينَ ٱلثَّلَاثَةِ ٱلْمُشَجِّعَةِ حَتَّى تَرَى عَيِّنَةً عَنِ ٱلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي تَنْتَظِرُكَ. — اع ١٥:٣، ٤.
«تُعَارَضُ فِي كُلِّ مَكَانٍ» (اعمال ٢٨:١٦-٢٢)
١٠ كَيْفَ عَاشَ بُولُسُ فِي رُومَا، وَمَاذَا فَعَلَ بُعَيْدَ وُصُولِهِ؟
١٠ عِنْدَمَا وَصَلَ ٱلْمُسَافِرُونَ أَخِيرًا إِلَى رُومَا، «سُمِحَ لِبُولُسَ بِأَنْ يَمْكُثَ وَحْدَهُ مَعَ ٱلْجُنْدِيِّ ٱلَّذِي يَحْرُسُهُ». (اع ٢٨:١٦) وَقَدْ جَرَتِ ٱلْعَادَةُ أَنَّ ٱلسَّجِينَ ٱلَّذِي لَا يُوضَعُ تَحْتَ ٱلْحِرَاسَةِ ٱلْمُشَدَّدَةِ يُقَيَّدُ بِسِلْسِلَةٍ تَرْبِطُهُ بِحَارِسِهِ. مَعَ ذٰلِكَ، مَا كَانَتْ هٰذِهِ ٱلْقُيُودُ لِتَمْنَعَ بُولُسَ ٱلْمُبَشِّرَ ٱلْغَيُورَ عَنْ تَقْدِيمِ شَهَادَةٍ كَامِلَةٍ. لِذٰلِكَ بَعْدَمَا ٱسْتَرَاحَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ مِنْ عَنَاءِ ٱلرِّحْلَةِ، جَمَعَ أَعْيَانَ ٱلْيَهُودِ ٱلسَّاكِنِينَ فِي رُومَا لِيُعَرِّفَهُمْ بِنَفْسِهِ وَيَشْهَدَ لَهُمْ.
١١، ١٢ كَيْفَ حَاوَلَ بُولُسُ أَنْ يَتَخَطَّى أَيَّ تَمْيِيزٍ رُبَّمَا أَضْمَرَهُ لَهُ ٱلْيَهُودُ؟
١١ قَالَ لِزُوَّارِهِ: «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْإِخْوَةُ، مَعَ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ شَيْئًا ضِدَّ ٱلشَّعْبِ أَوْ عَوَائِدِ آبَائِنَا، سُلِّمْتُ سَجِينًا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَيْدِي ٱلرُّومَانِيِّينَ. فَهٰؤُلَاءِ بَعْدَ ٱلِٱسْتِجْوَابِ، رَغِبُوا أَنْ يُطْلِقُونِي، لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِيَّ عِلَّةٌ لِلْمَوْتِ. غَيْرَ أَنَّهُ حِينَ ٱسْتَمَرَّ ٱلْيَهُودُ يُعَارِضُونَ، أُرْغِمْتُ عَلَى رَفْعِ دَعْوَايَ إِلَى قَيْصَرَ، وَلٰكِنْ لَا كَأَنَّ عِنْدِي شَيْئًا لِأَتَّهِمَ بِهِ أُمَّتِي». — اع ٢٨:١٧-١٩.
١٢ حِينَ خَاطَبَ ٱلرَّسُولُ مُسْتَمِعِيهِ ٱلْيَهُودَ بِصِفَتِهِمْ «إِخْوَةً»، حَاوَلَ أَنْ يَجِدَ قَوَاسِمَ مُشْتَرَكَةً مَعَهُمْ وَيَتَخَطَّى أَيَّ تَمْيِيزٍ رُبَّمَا أَضْمَرُوهُ لَهُ. (١ كو ٩:٢٠) كَمَا أَوْضَحَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ مُوَجِّهًا أَصَابِعَ ٱلِٱتِّهَامِ إِلَى أَبْنَاءِ أُمَّتِهِ، بَلْ رَافِعًا دَعْوَاهُ إِلَى قَيْصَرَ. غَيْرَ أَنَّ ٱلْيَهُودَ ٱلْمَحَلِّيِّينَ لَمْ يَكُونُوا عَلَى عِلْمٍ بِٱسْتِئْنَافِ بُولُسَ. (اع ٢٨:٢١) فَمَا سَبَبُ هٰذِهِ ٱلثُّغْرَةِ فِي ٱلتَّوَاصُلِ بَيْنَ يَهُودِ رُومَا وَأُولٰئِكَ ٱلسَّاكِنِينَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ؟ يَقُولُ أَحَدُ ٱلْمَرَاجِعِ: «لَا بُدَّ أَنَّ سَفِينَةَ بُولُسَ كَانَتْ مِنْ أُولَى ٱلسُّفُنِ ٱلْوَاصِلَةِ إِلَى إِيطَالِيَا بَعْدَ ٱنْقِضَاءِ فَصْلِ ٱلشِّتَاءِ، فِي ٱلْوَقْتِ ٱلَّذِي عَجِزَ فِيهِ أَيُّ مُمَثِّلٍ عَنِ ٱلسُّلُطَاتِ ٱلْيَهُودِيَّةِ أَوْ أَيُّ رِسَالَةٍ بِشَأْنِ ٱلْقَضِيَّةِ عَنْ بُلُوغِ ٱلْمَدِينَةِ».
١٣، ١٤ كَيْفَ مَهَّدَ بُولُسُ لِرِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ، وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِهِ؟
١٣ بَعْدَئِذٍ مَهَّدَ بُولُسُ لِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ بِكَلِمَاتٍ سَتُثِيرُ حَتْمًا فُضُولَ ضُيُوفِهِ ٱلْيَهُودِ. قَالَ: «لِهٰذَا ٱلسَّبَبِ ٱلْتَمَسْتُ أَنْ أَرَاكُمْ وَأُكَلِّمَكُمْ، فَأَنَا مِنْ أَجْلِ رَجَاءِ إِسْرَائِيلَ مُوثَقٌ بِهٰذِهِ ٱلسِّلْسِلَةِ». (اع ٢٨:٢٠) وَرَجَاءُ إِسْرَائِيلَ مُرْتَبِطٌ ٱرْتِبَاطًا وَثِيقًا بِٱلْمَسِيَّا وَمَلَكُوتِهِ ٱللَّذَيْنِ تُنَادِي بِهِمَا ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ. فَرَدَّ شُيُوخُ ٱلْيَهُودِ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا نَرَى مُنَاسِبًا أَنْ نَسْمَعَ مِنْكَ أَفْكَارَكَ، لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَنَا مِنْ جِهَةِ هٰذِهِ ٱلْبِدْعَةِ أَنَّهَا تُعَارَضُ فِي كُلِّ مَكَانٍ». — اع ٢٨:٢٢.
١٤ اَلْيَوْمَ أَيْضًا بِإِمْكَانِنَا ٱلِٱقْتِدَاءُ بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ كُلَّمَا سَنَحَتْ لَنَا ٱلْفُرْصَةُ أَنْ نُنَادِيَ بِرِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ. فَلْنَسْتَخْدِمْ عِبَارَاتٍ أَوْ أَسْئِلَةً تُثِيرُ تَفْكِيرَ سَامِعِينَا بِهَدَفِ جَذْبِ ٱهْتِمَامِهِمْ. وَفِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ، نَجِدُ ٱقْتِرَاحَاتٍ مُفِيدَةً فِي مَطْبُوعَاتٍ مِثْلِ اَلْمُبَاحَثَةُ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَ اِسْتَفِيدُوا مِنَ ٱلتَّعْلِيمِ ٱلْمُزَوَّدِ فِي مَدْرَسَةِ ٱلْخِدْمَةِ ٱلثِّيُوقْرَاطِيَّةِ. فَهَلْ تَسْتَفِيدُ إِلَى أَقْصَى حَدٍّ مِنْ هٰذِهِ ٱلْإِصْدَارَاتِ ٱلْمُسَاعِدَةِ عَلَى دَرْسِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ؟
مِثَالٌ فِي ‹ٱلشَّهَادَةِ كَامِلًا› (اعمال ٢٨:٢٣-٢٩)
١٥ مَا ٱلنَّوَاحِي ٱلْأَرْبَعُ ٱلْبَارِزَةُ فِي شَهَادَةِ بُولُسَ؟
١٥ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْمُعَيَّنِ، جَاءَ ٱلْيَهُودُ إِلَى مَنْزِلِ بُولُسَ «وَهُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا». فَشَرَحَ لَهُمْ مُخْتَلِفَ ٱلْمَوَاضِيعِ، «مُؤَدِّيًا شَهَادَةً كَامِلَةً عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ، وَمُحَاجًّا لِإِقْنَاعِهِمْ بِشَأْنِ يَسُوعَ مِنْ شَرِيعَةِ مُوسَى وَٱلْأَنْبِيَاءِ، مِنَ ٱلصَّبَاحِ حَتَّى ٱلْمَسَاءِ». (اع ٢٨:٢٣) لَاحِظْ فِي مَا يَلِي أَرْبَعَ نَوَاحٍ جَدِيرَةٍ بِٱلِٱقْتِدَاءِ فِي شَهَادَتِهِ. أَوَّلًا، رَكَّزَ بُولُسُ عَلَى مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ. ثَانِيًا، حَاجَّ سَامِعِيهِ «لِإِقْنَاعِهِمْ». ثَالِثًا، ٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ مُنْطَلَقًا لِكَلَامِهِ. وَرَابِعًا، تَحَلَّى بِرُوحِ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ إِذْ شَهِدَ «مِنَ ٱلصَّبَاحِ حَتَّى ٱلْمَسَاءِ». وَبِأَيِّ نَتِيجَةٍ؟ بَعْضُ ٱلْحُضُورِ «آمَنَ بِمَا قِيلَ» وَٱلْبَعْضُ ٱلْآخَرُ لَمْ يُؤْمِنْ. فَٱخْتَلَفُوا فِي مَا بَيْنَهُمْ وَ «ٱبْتَدَأُوا يَنْصَرِفُونَ». — اع ٢٨:٢٤، ٢٥أ.
١٦-١٨ لِمَ لَمْ يَسْتَغْرِبْ بُولُسُ رَدَّةَ فِعْلِ ٱلْيَهُودِ ٱلسَّلْبِيَّةَ، وَكَيْفَ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَشْعُرَ حِينَ تُرْفَضُ رِسَالَتُنَا؟
١٦ لَمْ يَسْتَغْرِبِ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ مَا حَدَثَ. فَهٰذَا تَمَامًا مَا أَنْبَأَ بِهِ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ، وَمَا ٱعْتَادَ أَنْ يَلْقَاهُ مِنْ سَامِعِيهِ. (اع ١٣:٤٢-٤٧؛ ١٨:٥، ٦؛ ١٩:٨، ٩) لِذٰلِكَ فِيمَا رَاحَ ضُيُوفُهُ ٱلَّذِينَ رَفَضُوا ٱلْبِشَارَةَ يَنْصَرِفُونَ، قَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا كَلَّمَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ آبَاءَنَا بِإِشَعْيَا ٱلنَّبِيِّ، قَائِلًا: ‹اِذْهَبْ إِلَى هٰذَا ٱلشَّعْبِ وَقُلْ: «تَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلَا تَفْهَمُونَ، وَتَنْظُرُونَ نَظَرًا وَلَا تُبْصِرُونَ. لِأَنَّهُ قَدْ غَلُظَ قَلْبُ هٰذَا ٱلشَّعْبِ»›». (اع ٢٨:٢٥ب-٢٧) وَبِٱلْفِعْلِ غَلُظَ قَلْبُ مُسْتَمِعِي بُولُسَ حَتَّى عَجِزَتْ رِسَالَةُ ٱلْمَلَكُوتِ عَنِ ٱلتَّأْثِيرِ فِيهِمْ. فَيَا لَحَالِهِمِ ٱلْمَأْسَاوِيَّةِ!
١٧ لٰكِنَّ ٱلرَّسُولَ خَتَمَ قَائِلًا إِنَّ «ٱلْأُمَمَ . . . سَيَسْمَعُونَ لَهُ» بِخِلَافِ هٰؤُلَاءِ ٱلْيَهُودِ. (اع ٢٨:٢٨؛ مز ٦٧:٢؛ اش ١١:١٠) وَقَدْ تَكَلَّمَ هُنَا عَنِ ٱقْتِنَاعٍ إِذْ سَبَقَ وَرَأَى بِأُمِّ ٱلْعَيْنِ أُمَمِيِّينَ كُثُرًا يَتَجَاوَبُونَ مَعَ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ. — اع ١٣:٤٨؛ ١٤:٢٧.
١٨ وَعَلَى غِرَارِ بُولُسَ، لَا نُحِسَّ بِٱلْمَهَانَةِ حِينَ يَرْفُضُ ٱلنَّاسُ بِشَارَتَنَا. فَلَا يَخْفَ عَلَيْنَا أَنَّ عَدَدًا قَلِيلًا نِسْبِيًّا يَجِدُونَ ٱلطَّرِيقَ ٱلْمُؤَدِّيَ إِلَى ٱلْحَيَاةِ. (مت ٧:١٣، ١٤) بِٱلْمُقَابِلِ لِنَفْرَحْ عِنْدَمَا يُقْبِلُ ٱلَّذِينَ قُلُوبُهُمْ مُهَيَّأَةٌ لِلْحَيَاةِ إِلَى ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ وَلْنُؤَهِّلْ بِهِمْ بِذِرَاعَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ. — لو ١٥:٧.
‹يَكْرِزُ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ› (اعمال ٢٨:٣٠، ٣١)
١٩ كَيْفَ ٱسْتَغَلَّ بُولُسُ ظُرُوفَهُ إِلَى أَبْعَدِ حَدٍّ؟
١٩ يُنْهِي لُوقَا رِوَايَةَ ٱلْأَعْمَالِ بِكَلِمَاتٍ إِيجَابِيَّةٍ وَمُشَجِّعَةٍ، ذَاكِرًا أَنَّ ٱلرَّسُولَ «بَقِيَ سَنَتَيْنِ كَامِلَتَيْنِ فِي بَيْتٍ ٱسْتَأْجَرَهُ لِنَفْسِهِ، وَكَانَ يَسْتَقْبِلُ بِٱلتَّرْحَابِ جَمِيعَ ٱلَّذِينَ يَدْخُلُونَ إِلَيْهِ، كَارِزًا لَهُمْ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ وَمُعَلِّمًا مَا يَخْتَصُّ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ بِكُلِّ حُرِّيَّةِ كَلَامٍ، وَدُونَ عَائِقٍ». (اع ٢٨:٣٠، ٣١) وَبِذٰلِكَ رَسَمَ لَنَا بُولُسُ مِثَالًا فِي ٱلضِّيَافَةِ وَٱلْإِيمَانِ وَٱلْغَيْرَةِ.
٢٠، ٢١ اُذْكُرُوا أَمْثِلَةً عَنْ أَشْخَاصٍ ٱسْتَفَادُوا مِنْ شَهَادَةِ بُولُسَ فِي رُومَا.
٢٠ وَمِنْ جُمْلَةِ مَنِ ٱسْتَقْبَلَهُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلتَّرْحَابِ كَانَ أُنِسِيمُسُ، عَبْدٌ فَارٌّ مِنْ كُولُوسِّي. فَسَاعَدَهُ ٱلرَّسُولُ أَنْ يَعْتَنِقَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ. وَهٰكَذَا بَاتَ أُنِسِيمُسُ ‹وَلَدًا› لِبُولُسَ ‹وَأَخًا أَمِينًا وَحَبِيبًا›. (كو ٤:٩؛ فل ١٠-١٢) وَلَا بُدَّ أَنَّ هٰذَا ٱلْمَسِيحِيَّ هَوَّنَ كَثِيرًا عَلَى ٱلرَّسُولِ ٱلْمُعْتَقَلِ. a
٢١ وَمِثَالُ بُولُسَ ٱلْحَسَنُ عَادَ بِٱلْفَائِدَةِ عَلَى آخَرِينَ أَيْضًا. فَقَدْ كَتَبَ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى أَهْلِ فِيلِبِّي: «إِنَّ أُمُورِي قَدْ آلَتْ بِٱلْحَرِيِّ إِلَى تَقَدُّمِ ٱلْبِشَارَةِ، حَتَّى إِنَّ قُيُودِي مِنْ أَجْلِ ٱلْمَسِيحِ صَارَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ ٱلْحَرَسِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيِّ كُلِّهِ وَعِنْدَ ٱلْبَاقِينَ جَمِيعًا؛ وَإِنَّ مُعْظَمَ ٱلْإِخْوَةِ فِي ٱلرَّبِّ، وَهُمْ شَاعِرُونَ بِٱلثِّقَةِ بِسَبَبِ قُيُودِي، يَتَشَجَّعُونَ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ دُونَ خَوْفٍ». — في ١:١٢-١٤.
٢٢ كَيْفَ ٱسْتَغَلَّ بُولُسُ سَجْنَهُ فِي رُومَا؟
٢٢ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ، ٱسْتَغَلَّ بُولُسُ سَجْنَهُ لِكِتَابَةِ رَسَائِلَ مُهِمَّةٍ أُدْرِجَتْ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْيُونَانِيَّةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. b وَٱلْجَدِيرُ بِٱلْمُلَاحَظَةِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَنِ ٱلسِّلَاحِ ٱلرُّومَانِيِّ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ لِيُلْقِيَ ٱلضَّوْءَ عَلَى ٱلسِّلَاحِ ٱلرُّوحِيِّ. (اف ٦:١١-١٧) وَرُبَّمَا ٱسْتَوْحَى هٰذِهِ ٱلصُّورَةَ مِنَ ٱلنَّظَرِ إِلَى ٱلْجُنْدِيِّ ٱلَّذِي يَحْرُسُهُ. (اع ٢٨:١٦) فَأَيَّ دَرْسٍ نَتَعَلَّمُ؟ إِذَا تَحَلَّيْنَا بِدِقَّةِ ٱلْمُلَاحَظَةِ، نَسْتَوْحِي فِي أَحْيَانٍ كَثِيرَةٍ إِيضَاحَاتٍ فَعَّالَةً مِنْ مُحِيطِنَا.
٢٣، ٢٤ كَيْفَ يَتَشَبَّهُ مَسِيحِيُّونَ كَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ بِبُولُسَ فَيُظْهِرُونَ رُوحًا إِيجَابِيَّةً رَغْمَ ٱلسَّجْنِ ظُلْمًا؟
٢٣ يُخْتَتَمُ سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ وَٱلرَّسُولُ لَا يَزَالُ قَيْدَ ٱلِٱعْتِقَالِ. إِلَّا أَنَّهُ نَالَ حُرِّيَّتَهُ بَعْدَ أَرْبَعِ سَنَوَاتٍ قَضَاهَا فِي ٱلسِّجْنِ، ٱثْنَتَيْنِ مِنْهَا فِي قَيْصَرِيَّةَ وَٱثْنَتَيْنِ فِي رُومَا. c (اع ٢٣:٣٥؛ ٢٤:٢٧) وَطَوَالَ هٰذِهِ ٱلْفَتْرَةِ، حَافَظَ ٱلرَّسُولُ عَلَى مَوْقِفٍ إِيجَابِيٍّ بَاذِلًا وُسْعَهُ فِي خِدْمَةِ ٱللّٰهِ. وَبِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، يُسْجَنُ كَثِيرُونَ مِنْ خُدَّامِ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ ظُلْمًا بِسَبَبِ مُعْتَقَدَاتِهِمْ. مَعَ ذٰلِكَ، يُحَافِظُونَ عَلَى فَرَحِهِمْ وَيُثَابِرُونَ فِي ٱلْكِرَازَةِ. تَأَمَّلْ فِي مِثَالِ أَدُولْفُو ٱلَّذِي سُجِنَ فِي إِسْبَانِيَا بِسَبَبِ حِيَادِهِ ٱلْمَسِيحِيِّ. قَالَ لَهُ أَحَدُ ٱلضُّبَّاطِ: «سُلُوكُكَ يُذْهِلُنَا جَمِيعًا! فَقَدْ حَوَّلْنَا حَيَاتَكَ جَحِيمًا. وَكُنْتَ مَهْمَا صَعَّبْنَا عَلَيْكَ ٱلسَّجْنَ، تُقَابِلُ ٱلصُّعُوبَاتِ بِٱبْتِسَامَةٍ عَرِيضَةٍ وَكَلِمَاتٍ لَطِيفَةٍ».
٢٤ وَمَعَ ٱلْوَقْتِ، قَوِيَتْ ثِقَةُ ٱلْحُرَّاسِ بِأَدُولْفُو لِحَدِّ أَنَّهُمْ مَا عَادُوا يُقْفِلُونَ بَابَ زِنْزَانَتِهِ. كَمَا رَاحَ ٱلْجُنُودُ يَزُورُونَهُ لِيَسْتَفْسِرُوا عَنْ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ تَعَوَّدَ دُخُولَ ٱلزِّنْزَانَةِ لِقِرَاءَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ فِيمَا حَرَسَ أَدُولْفُو ٱلْبَابَ. وَهٰكَذَا ٱنْقَلَبَتِ ٱلْآيَةُ، وَتَحَوَّلَ ٱلسَّجِينُ حَارِسًا يُرَاقِبُ حَارِسَهُ! فَلْتَدْفَعْكَ أَمْثِلَةٌ كَهٰذِهِ أَنْ تَتَشَجَّعَ «أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ دُونَ خَوْفٍ» مَهْمَا ٱشْتَدَّتِ ٱلصِّعَابُ!
٢٥، ٢٦ أَيُّ نُبُوَّةٍ مُذْهِلَةٍ شَهِدَ بُولُسُ إِتْمَامَهَا بَعْدَ أَقَلَّ مِنْ ٣٠ سَنَةً عَلَى ٱلتَّفَوُّهِ بِهَا، وَمَا ٱلْقَوْلُ فِي أَيَّامِنَا؟
٢٥ لَقَدْ أُسْدِلَ ٱلسِّتَارُ عَلَى سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ ٱلْمُشَوِّقِ . . . أَمَّا ٱلْمَشْهَدُ ٱلْأَخِيرُ فَصَوَّرَ لَنَا رَسُولًا مَسِيحِيًّا قَيْدَ ٱلْإِقَامَةِ ٱلْجَبْرِيَّةِ ‹يَكْرِزُ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ› لِجَمِيعِ زُوَّارِهِ. فِي أَوَّلِ إِصْحَاحَاتِ ٱلسِّفْرِ، قَرَأْنَا عَنِ ٱلتَّفْوِيضِ ٱلَّذِي أَعْطَاهُ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ حِينَمَا قَالَ: «سَتَنَالُونَ قُدْرَةً مَتَى أَتَى ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ». (اع ١:٨) وَٱلْآنَ بَعْدَ أَقَلَّ مِنْ ٣٠ سَنَةً، يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إِنَّ ٱلْبِشَارَةَ «كُرِزَ بِهَا فِي كُلِّ ٱلْخَلِيقَةِ ٱلَّتِي تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ». d (كو ١:٢٣) فَيَا لَهُ مِنْ دَلِيلٍ دَامِغٍ عَلَى قُدْرَةِ رُوحِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسِ! — زك ٤:٦.
٢٦ وَفِي أَيَّامِنَا، يَسْتَمِدُّ بَاقِي إِخْوَةِ يَسُوعَ وَرُفَقَاؤُهُمُ ‹ٱلْخِرَافُ ٱلْأُخَرُ› ٱلْقُوَّةَ مِنَ ٱلرُّوحِ نَفْسِهِ لِلْمُثَابَرَةِ عَلَى تَأْدِيَةِ «شَهَادَةٍ كَامِلَةٍ عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ» فِي أَكْثَرَ مِنْ ٢٣٠ بَلَدًا. (يو ١٠:١٦؛ اع ٢٨:٢٣) وَعَلَيْهِ يَحْسُنُ بِكُلٍّ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ: ‹هَلْ أَبْذُلُ كُلَّ جُهْدِي لِأُسَاهِمَ فِي هٰذَا ٱلْعَمَلِ؟›.
a أَرَادَ بُولُسُ أَنْ يُبْقِيَ أُنِسِيمُسَ مَعَهُ. لٰكِنَّهُ لَوْ أَقْدَمَ عَلَى هٰذِهِ ٱلْخُطْوَةِ، لَٱنْتَهَكَ ٱلْقَانُونَ ٱلرُّومَانِيَّ وَتَعَدَّى عَلَى حُقُوقِ ٱلْأَخِ ٱلْمَسِيحِيِّ فِلِيمُونَ، سَيِّدِ أُنِسِيمُسَ. لِذٰلِكَ أَعَادَهُ إِلَى سَيِّدِهِ وَحَمَّلَهُ رِسَالَةً تَحُثُّ فِلِيمُونَ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ بِٱلتَّرْحَابِ كَأَخٍ رُوحِيٍّ. — فل ١٣-١٩.
b اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ « رَسَائِلُ بُولُسَ ٱلْخَمْسُ خِلَالَ سَجْنِهِ ٱلْأَوَّلِ فِي رُومَا».
c اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ « مَاذَا حَلَّ بِبُولُسَ بَعْدَ ٱلْعَامِ ٦١ بم؟».
d اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ « اَلْبِشَارَةُ ‹كُرِزَ بِهَا فِي كُلِّ ٱلْخَلِيقَةِ›».