الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

الفصل ٢

‏«تكونون لي شهودا»‏

‏«تكونون لي شهودا»‏

يَسُوعُ يُهَيِّئُ رُسُلَهُ لِيَتَوَلَّوُا ٱلْقِيَادَةَ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ

مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١:‏١-‏٢٦

١-‏٣ كَيْفَ يُفَارِقُ يَسُوعُ رُسُلَهُ،‏ وَأَيُّ أَسْئِلَةٍ تَنْشَأُ؟‏

 كَمْ يَتَمَنَّى ٱلرُّسُلُ لَوْ تَدُومُ هٰذِهِ ٱللَّحَظَاتُ ٱلْغَالِيَةُ دَهْرًا!‏ فَٱلْأَسَابِيعُ ٱلْقَلِيلَةُ ٱلْمَاضِيَةُ حَمَلَتْ لَهُمْ سَعَادَةً مَا بَعْدَهَا سَعَادَةٌ.‏ وَهَلْ مِنْ عَجَبٍ؟‏ فَمُعَلِّمُهُمْ قَامَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ!‏ وَقِيَامَتُهُ ٱنْتَشَلَتْهُمْ مِنَ ٱلْحَضِيضِ وَرَفَعَتْ مَعْنَوِيَّاتِهِمْ إِلَى ٱلْقِمَّةِ.‏ وَطَوَالَ ٤٠ يَوْمًا ظَهَرَ لَهُمْ مِرَارًا مُقَدِّمًا ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلشُّرُوحَاتِ وَٱلتَّشْجِيعِ.‏ وَلٰكِنْ هَا هُوَ ٱلْيَوْمَ يَتَرَاءَى لَهُمْ لِلْمَرَّةِ ٱلْأَخِيرَةِ .‏ .‏ .‏

٢ فَيَقِفُ ٱلرُّسُلُ عَلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ مُصْغِينَ بِٱنْتِبَاهٍ إِلَى كُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ ٱلْمَسِيحِ.‏ إِلَّا أَنَّ ٱلْوَقْتَ يَمُرُّ فِي لَمْحِ ٱلْبَصَرِ.‏ وَفِي نِهَايَةِ حَدِيثِهِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيُبَارِكُهُمْ،‏ ثُمَّ يَرْتَفِعُ تَدْرِيجِيًّا عَنْهُمْ فِيمَا هُمْ يُحَدِّقُونَ إِلَيْهِ.‏ وَمَعَ أَنَّ سَحَابَةً تَحْجُبُهُ أَخِيرًا عَنْ أَنْظَارِهِمْ،‏ تَبْقَى عُيُونُهُمْ مُسَمَّرَةً نَحْوَ ٱلسَّمَاءِ.‏ —‏ لو ٢٤:‏٥٠؛‏ اع ١:‏٩،‏ ١٠‏.‏

٣ يُشَكِّلُ هٰذَا ٱلْمَشْهَدُ نُقْطَةَ تَحَوُّلٍ فِي حَيَاةِ ٱلرُّسُلِ.‏ فَهَا هُوَ سَيِّدُهُمْ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ يَصْعَدُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ.‏ فَمَا عَسَاهُمْ يَفْعَلُونَ؟‏ لَا شَكَّ أَنَّهُ هَيَّأَهُمْ لِمُتَابَعَةِ ٱلْعَمَلِ ٱلَّذِي وَضَعَ هُوَ حَجَرَ أَسَاسِهِ.‏ فَكَيْفَ أَعَدَّهُمْ لِهٰذِهِ ٱلْمُهِمَّةِ ٱلصَّعْبَةِ؟‏ هَلْ تَجَاوَبُوا مَعَهُ؟‏ وَكَيْفَ يَنْعَكِسُ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ؟‏ يُقَدِّمُ ٱلْإِصْحَاحُ ٱلْأَوَّلُ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ أَجْوِبَةً مُشَجِّعَةً عَنْ هٰذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ.‏

‏«بَرَاهِينُ قَاطِعَةٌ» (‏اعمال ١:‏١-‏٥‏)‏

٤ كَيْفَ يَسْتَهِلُّ لُوقَا ٱلرِّوَايَةَ فِي سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ؟‏

٤ يَسْتَهِلُّ لُوقَا رِوَايَتَهُ مُخَاطِبًا ثَاوُفِيلُسَ،‏ ٱلرَّجُلَ نَفْسَهُ ٱلَّذِي وَجَّهَ إِلَيْهِ إِنْجِيلَهُ سَابِقًا.‏ a فَيَبْدَأُ ٱلْحَدِيثَ بِمُلَخَّصٍ عَنِ ٱلْأَحْدَاثِ ٱلْمُسَجَّلَةِ فِي خَاتِمَةِ إِنْجِيلِهِ مُسْتَعْمِلًا كَلِمَاتٍ مُخْتَلِفَةً وَمُقَدِّمًا تَفَاصِيلَ إِضَافِيَّةً.‏ وَبِذٰلِكَ يُظْهِرُ أَنَّ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةَ تَكْمِلَةٌ لِسَابِقَتِهَا.‏

٥،‏ ٦ (‏أ)‏ مَاذَا أَبْقَى إِيمَانَ أَتْبَاعِ يَسُوعَ قَوِيًّا؟‏ (‏ب)‏ لِمَ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ إِيمَانَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ قَائِمٌ عَلَى «بَرَاهِينَ قَاطِعَةٍ»؟‏

٥ فِي ٱلْأَعْمَال ١:‏٣ يُخْبِرُنَا ٱلْكَاتِبُ مَاذَا سَيُبْقِي إِيمَانَ أَتْبَاعِ يَسُوعَ قَوِيًّا فِي ٱلْأَيَّامِ ٱلْقَادِمَةِ.‏ نَقْرَأُ:‏ «أَظْهَرَ [يَسُوعُ] نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ قَاطِعَةٍ».‏ إِنَّ لُوقَا،‏ «ٱلطَّبِيبَ ٱلْحَبِيبَ»،‏ هُوَ ٱلْوَحِيدُ بَيْنَ كَتَبَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلَّذِي يَسْتَعْمِلُ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْمَنْقُولَةَ إِلَى «بَرَاهِينَ قَاطِعَةٍ».‏ (‏كو ٤:‏١٤‏)‏ وَهِيَ مُصْطَلَحٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي ٱلْكِتَابَاتِ ٱلطِّبِّيَّةِ ٱلْقَدِيمَةِ يُشِيرُ إِلَى أَدِلَّةٍ دَامِغَةٍ مَوْثُوقٍ بِهَا.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ يَسُوعَ قَدَّمَ أَدِلَّةً كَهٰذِهِ حِينَ تَرَاءَى لِأَتْبَاعِهِ مَرَّاتٍ عِدَّةً،‏ تَارَةً لِشَخْصٍ أَوِ ٱثْنَيْنِ وَطَوْرًا لِجَمِيعِ ٱلرُّسُلِ.‏ حَتَّى إِنَّهُ ظَهَرَ فِي إِحْدَى ٱلْمُنَاسَبَاتِ لِأَكْثَرَ مِنْ ٥٠٠ مُؤْمِنٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً.‏ (‏١ كو ١٥:‏٣-‏٦‏)‏ فَيَا لَهَا مِنْ بَرَاهِينَ قَاطِعَةٍ!‏

٦ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ إِنَّ إِيمَانَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ ٱلْيَوْمَ مَبْنِيٌّ عَلَى «بَرَاهِينَ قَاطِعَةٍ».‏ فَبَيْنَ أَيْدِينَا أَدِلَّةٌ تُبَرْهِنُ أَنَّ يَسُوعَ عَاشَ عَلَى ٱلْأَرْضِ وَمَاتَ عَنْ خَطَايَانَا،‏ ثُمَّ أُقِيمَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ.‏ مَثَلًا،‏ إِنَّ ٱلشَّهَادَاتِ ٱلْجَدِيرَةَ بِٱلثِّقَةِ فِي كَلِمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمُلْهَمَةِ ٱلَّتِي أَدْلَى بِهَا شُهُودُ عِيَانٍ حَوْلَ هٰذِهِ ٱلْأَحْدَاثِ تُشَكِّلُ دَلِيلًا لَا يَقْبَلُ ٱلشَّكَّ.‏ وَدَرْسُهَا بِرُوحِ ٱلصَّلَاةِ يُقَوِّي إِيمَانَنَا إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ.‏ وَلْنَتَذَكَّرْ:‏ اَلْأَدِلَّةُ ٱلْحَاسِمَةُ هِيَ مَا يَرْسُمُ ٱلْخَطَّ ٱلْفَاصِلَ بَيْنَ ٱلْإِيمَانِ ٱلْأَعْمَى وَٱلْإِيمَانِ ٱلْأَصِيلِ ٱلضَّرُورِيِّ لِنَيْلِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ.‏ —‏ يو ٣:‏١٦‏.‏

٧ أَيُّ مِثَالٍ رَسَمَهُ يَسُوعُ أَمَامَ أَتْبَاعِهِ فِي ٱلتَّعْلِيمِ وَٱلْكِرَازَةِ؟‏

٧ يُخْبِرُ ٱلْعَدَدُ ٱلثَّالِثُ أَيْضًا أَنَّ يَسُوعَ «تَكَلَّمَ عَمَّا يَخْتَصُّ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ» مَعَ رُسُلِهِ.‏ فَشَرَحَ مَثَلًا ٱلنُّبُوَّاتِ ٱلَّتِي تُظْهِرُ أَنَّ ٱلْمَسِيَّا لَا بُدَّ أَنْ يُعَانِيَ وَيَمُوتَ.‏ (‏لو ٢٤:‏١٣-‏٣٢،‏ ٤٦،‏ ٤٧‏)‏ وَحِينَ أَوْضَحَ دَوْرَهُ ٱلْمَسِيَّانِيَّ هٰذَا،‏ شَدَّدَ فِي حَدِيثِهِ عَلَى ٱلْمَلَكُوتِ لِكَوْنِهِ هُوَ مَلِكَهُ ٱلْمُنْتَظَرَ.‏ وَمَلَكُوتُ ٱللّٰهِ كَانَ عَلَى ٱلدَّوَامِ مِحْوَرَ كِرَازَةِ يَسُوعَ.‏ وَلَا يَزَالُ أَتْبَاعُهُ ٱلْيَوْمَ يَسِيرُونَ عَلَى خُطَاهُ فِي بِشَارَتِهِمْ.‏ —‏ مت ٢٤:‏١٤؛‏ لو ٤:‏٤٣‏.‏

‏«إِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ» (‏اعمال ١:‏٦-‏١٢‏)‏

٨،‏ ٩ (‏أ)‏ أَيُّ فِكْرَتَيْنِ مَغْلُوطَتَيْنِ كَانَتَا تُرَاوِدَانِ رُسُلَ يَسُوعَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ صَحَّحَ يَسُوعُ أَفْكَارَ رُسُلِهِ،‏ وَأَيُّ دَرْسٍ نَسْتَمِدُّهُ ٱلْيَوْمَ؟‏

٨ عَلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ،‏ ٱجْتَمَعَ ٱلرُّسُلُ لِلْمَرَّةِ ٱلْأَخِيرَةِ بِيَسُوعَ عَلَى ٱلْأَرْضِ وَسَأَلُوهُ بِلَهْفَةٍ:‏ «يَا رَبُّ،‏ أَفِي هٰذَا ٱلْوَقْتِ تَرُدُّ ٱلْمَمْلَكَةَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟‏».‏ (‏اع ١:‏٦‏)‏ كَشَفَ سُؤَالُهُمْ هٰذَا عَنْ فِكْرَتَيْنِ مَغْلُوطَتَيْنِ كَانَتَا تُرَاوِدَانِ ٱلرُّسُلَ.‏ أَوَّلًا،‏ ٱفْتَرَضُوا أَنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ سَيُرَدُّ إِلَى إِسْرَائِيلَ ٱلطَّبِيعِيِّ.‏ ثَانِيًا،‏ أَظْهَرَتْ كَلِمَاتُهُمْ:‏ «فِي هٰذَا ٱلْوَقْتِ» عَنْ تَوَقُّعِهِمْ أَنْ يُبَاشِرَ ٱلْمَلَكُوتُ ٱلْمَوْعُودُ بِهِ حُكْمَهُ عَلَى ٱلْفَوْرِ.‏ فَكَيْفَ سَاعَدَهُمْ يَسُوعُ عَلَى تَصْحِيحِ أَفْكَارِهِمْ؟‏

٩ عَرَفَ ٱلْمَسِيحُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَنَّ ٱلْفِكْرَةَ ٱلْأُولَى سَتُصَحَّحُ بَعْدَ وَقْتٍ قَصِيرٍ.‏ فَقَدْ أَوْشَكَ أَتْبَاعُهُ أَنْ يَشْهَدُوا وِلَادَةَ أُمَّةٍ جَدِيدَةٍ،‏ إِسْرَائِيلَ ٱلرُّوحِيِّ،‏ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ.‏ وَتَعَامُلَاتُ ٱللّٰهِ مَعَ إِسْرَائِيلَ ٱلطَّبِيعِيِّ دَنَتْ مِنْ نِهَايَتِهَا.‏ أَمَّا فِي مَا يَخْتَصُّ بِٱلْفِكْرَةِ ٱلثَّانِيَةِ فَذَكَّرَهُمْ يَسُوعُ بِلُطْفٍ بِمَا يَلِي:‏ «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا ٱلْأَزْمِنَةَ وَٱلْأَوْقَاتَ ٱلَّتِي حَدَّدَهَا ٱلْآبُ بِمَا لَدَيْهِ مِنْ سُلْطَانٍ».‏ (‏اع ١:‏٧‏)‏ فَيَهْوَهُ ٱللّٰهُ هُوَ أَعْظَمُ مَنْ وَضَعَ ٱلْمَوَاعِيدَ وَٱلْتَزَمَ بِهَا.‏ وَيَسُوعُ بِذَاتِهِ قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ إِنَّ ٱلِٱبْنَ نَفْسَهُ لَمْ يَعْرِفْ آنَذَاكَ ‹ٱلْيَوْمَ وَٱلسَّاعَةَ› حِينَ تَأْتِي ٱلنِّهَايَةُ؛‏ لَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا أَحَدٌ «إِلَّا ٱلْآبُ وَحْدَهُ».‏ (‏مت ٢٤:‏٣٦‏)‏ وَكَلِمَاتُ يَسُوعَ لِتَلَامِيذِهِ تَصِحُّ فِي أَيَّامِنَا أَيْضًا.‏ فَإِذَا ٱهْتَمَمْنَا فَوْقَ ٱلْحَدِّ بِمَوْعِدِ نِهَايَةِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ،‏ فَنَحْنُ فِي ٱلْوَاقِعِ نَحْمِلُ هَمًّا لَيْسَ لَنَا.‏

١٠ أَيُّ مَوْقِفٍ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُنْمِيَهُ،‏ وَلِمَ؟‏

١٠ رَغْمَ ذٰلِكَ،‏ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَحْذَرَ ٱلِٱسْتِخْفَافَ بِرُسُلِ يَسُوعَ ٱلَّذِينَ تَحَلَّوْا بِإِيمَانٍ كَبِيرٍ.‏ فَقَدْ قَبِلُوا ٱلتَّقْوِيمَ بِتَوَاضُعٍ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ سُؤَالَهُمْ نَمَّ عَنْ طَرِيقَةِ تَفْكِيرٍ خَاطِئَةٍ،‏ إِلَّا أَنَّهُ كَشَفَ عَنْ حُسْنِ نِيَّتِهِمْ أَيْضًا.‏ فَقَدْ حَثَّ يَسُوعُ أَتْبَاعَهُ مِرَارًا:‏ «دَاوِمُوا عَلَى ٱلسَّهَرِ».‏ (‏مت ٢٤:‏٤٢؛‏ ٢٥:‏١٣؛‏ ٢٦:‏٤١‏)‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ كَانَ ٱلرُّسُلُ يَقِظِينَ رُوحِيًّا وَمُتَنَبِّهِينَ لِأَيِّ أَدِلَّةٍ تُشِيرُ أَنَّ يَهْوَهَ عَلَى وَشْكِ ٱتِّخَاذِ إِجْرَاءٍ مُعَيَّنٍ.‏ وَنَحْنُ أَيْضًا مِنَ ٱلْمُلِحِّ أَنْ نُنْمِيَ مَوْقِفًا شَبِيهًا بِمَوْقِفِهِمْ هٰذَا،‏ وَلَا سِيَّمَا فِي هٰذِهِ «ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ» ٱلْبَالِغَةِ ٱلْخُطُورَةِ.‏ —‏ ٢ تي ٣:‏١-‏٥‏.‏

١١،‏ ١٢ (‏أ)‏ أَيُّ تَفْوِيضٍ أَوْكَلَهُ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ مِنَ ٱلْمُلَائِمِ أَنْ يَأْتِيَ يَسُوعُ عَلَى ذِكْرِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ فِي مَعْرِضِ حَدِيثِهِ عَنْ تَفْوِيضِ ٱلْكِرَازَةِ؟‏

١١ ذَكَّرَ يَسُوعُ رُسُلَهُ بَأَهَمِّ عَمَلٍ فِي حَيَاتِهِمْ،‏ قَائِلًا:‏ «سَتَنَالُونَ قُدْرَةً مَتَى أَتَى ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَيْكُمْ،‏ وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ».‏ (‏اع ١:‏٨‏)‏ وَعَلَيْهِ،‏ فَإِنَّ خَبَرَ قِيَامَةِ يَسُوعَ سَيُذَاعُ أَوَّلًا فِي أُورُشَلِيمَ حَيْثُ أُعْدِمَ،‏ ثُمَّ تَنْتَشِرُ ٱلرِّسَالَةُ فِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَفِي ٱلسَّامِرَةِ وُصُولًا إِلَى ٱلْمَنَاطِقِ ٱلْأَبْعَدِ.‏

١٢ لَاحِظْ أَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَذْكُرْ تَفْوِيضَ ٱلْكِرَازَةِ إِلَّا بَعْدَ تَجْدِيدِ وَعْدِهِ لَهُمْ بِمَنْحِهِمِ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ مُعِينًا.‏ وَفِي سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ تَرِدُ عِبَارَةُ «ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» بِصِيَغِهَا ٱلْمُخْتَلِفَةِ أَكْثَرَ مِنْ ٤٠ مَرَّةً.‏ فَهٰذَا ٱلسِّفْرُ ٱلْمُؤَثِّرُ يُبَيِّنُ بِوُضُوحٍ ٱلْمَرَّةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى أَنَّنَا عَاجِزُونَ عَنْ فِعْلِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ دُونَ مَعُونَةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.‏ وَنَحْنُ ٱلْيَوْمَ فِي أَمَسِّ ٱلْحَاجَةِ إِلَيْهِ.‏ فَلْنُدَاوِمْ إِذًا عَلَى ٱلصَّلَاةِ طَلَبًا لِهٰذَا ٱلْمُعِينِ.‏ —‏ لو ١١:‏١٣‏.‏

١٣ مَا نِطَاقُ تَفْوِيضِ ٱلْكِرَازَةِ ٱلْمُوكَلِ إِلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ،‏ وَلِمَ يَجِبُ أَنْ نَنْهَمِكَ فِيهِ؟‏

١٣ كَمْ تَغَيَّرَ مُذَّاكَ مَدْلُولُ ٱلْعِبَارَةِ «إِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ»!‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ قَبِلَ شُهُودُ يَهْوَهَ عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ هٰذَا ٱلتَّعْيِينَ كَمَا رَأَيْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ،‏ عَالِمِينَ أَنَّ ٱللّٰهَ يَشَاءُ أَنْ يَسْمَعَ شَتَّى ٱلنَّاسِ ٱلْبِشَارَةَ عَنْ مَلَكُوتِهِ.‏ (‏١ تي ٢:‏٣،‏ ٤‏)‏ فَهَلْ أَنْتَ مُنْهَمِكٌ فِي عَمَلِ ٱلْإِنْقَاذِ هٰذَا؟‏ أَيْنَمَا بَحَثْتَ فَلَنْ تَجِدَ عَمَلًا يَمْنَحُكَ هٰذَا ٱلْقَدْرَ مِنَ ٱلِٱكْتِفَاءِ وَٱلسَّعَادَةِ،‏ عَمَلًا يُمَكِّنُكَ يَهْوَهُ مِنْ إِتْمَامِهِ.‏ وَسِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ يَكْشِفُ ٱلْكَثِيرَ عَنِ ٱلْأَسَالِيبِ وَٱلْمَوَاقِفِ ٱللَّازِمَةِ لِإِتْمَامِهِ بِفَعَّالِيَّةٍ.‏

١٤،‏ ١٥ (‏أ)‏ مَاذَا قَالَ ٱلْمَلَاكَانِ عَنْ عَوْدَةِ ٱلْمَسِيحِ،‏ وَمَاذَا قَصَدَا؟‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْحَاشِيَةَ أَيْضًا.‏)‏ (‏ب)‏ كَيْفَ عَادَ يَسُوعُ «بِٱلطَّرِيقَةِ نَفْسِهَا» كَمَا غَادَرَ؟‏

١٤ وَرَدَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْفَصْلِ أَنَّ يَسُوعَ ٱرْتَفَعَ عَنْ رُسُلِهِ ٱلْأَحَدَ عَشَرَ وَتَوَارَى عَنْ أَبْصَارِهِمْ.‏ لٰكِنَّهُمْ ظَلُّوا وَاقِفِينَ يُحَدِّقُونَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ.‏ بَعْدَئِذٍ ظَهَرَ مَلَاكَانِ وَلَفَتَا ٱنْتِبَاهَهُمْ،‏ قَائِلَيْنِ:‏ «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْجَلِيلِيُّونَ،‏ لِمَاذَا تَقِفُونَ نَاظِرِينَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ؟‏ فَيَسُوعُ هٰذَا ٱلَّذِي رُفِعَ عَنْكُمْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ سَيَأْتِي هٰكَذَا بِٱلطَّرِيقَةِ نَفْسِهَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ ذَاهِبًا إِلَى ٱلسَّمَاءِ».‏ (‏اع ١:‏١١‏)‏ فَهَلْ قَصَدَا أَنَّ يَسُوعَ سَيَعُودُ بِٱلْجِسْمِ نَفْسِهِ كَمَا تُعَلِّمُ بَعْضُ ٱلْأَدْيَانِ؟‏ كَلَّا.‏ وَمَا ٱلدَّلِيلُ؟‏

١٥ لَمْ يَقُلِ ٱلْمَلَاكَانِ إِنَّ يَسُوعَ سَيَعُودُ بِٱلشَّكْلِ نَفْسِهِ،‏ بَلْ «بِٱلطَّرِيقَةِ نَفْسِهَا».‏ b فَبِأَيِّ طَرِيقَةٍ رَحَلَ عَنْهُمْ؟‏ كَانَ يَسُوعُ قَدِ ٱخْتَفَى عَنِ ٱلْأَنْظَارِ حِينَ تَكَلَّمَ ٱلْمَلَاكَانِ.‏ وَحْدَهُمُ ٱلرُّسُلُ ٱلْأَحَدَ عَشَرَ أَدْرَكُوا أَنَّهُ غَادَرَ جِوَارَ ٱلْأَرْضِ مُتَّجِهًا إِلَى أَبِيهِ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ.‏ فَهَلْ عَادَ بِٱلطَّرِيقَةِ نَفْسِهَا؟‏ نَعَمْ.‏ فَلَا أَحَدَ فِي يَوْمِنَا هٰذَا يُدْرِكُ أَنَّ يَسُوعَ حَاضِرٌ بِٱلسُّلْطَةِ ٱلْمَلَكِيَّةِ إِلَّا ٱلَّذِينَ يَتَّصِفُونَ بِٱلتَّمْيِيزِ ٱلرُّوحِيِّ.‏ (‏لو ١٧:‏٢٠‏)‏ لِذَا مِنَ ٱلضَّرُورِيِّ أَنْ نُمَيِّزَ ٱلْأَدِلَّةَ عَلَى حُضُورِهِ وَنُطْلِعَ ٱلْآخَرِينَ عَلَيْهَا كَيْ يُدْرِكُوا هُمْ أَيْضًا إِلْحَاحَ ٱلْأَزْمِنَةِ.‏

‏«أَظْهِرْ .‏ .‏ .‏ أَيَّ هٰذَيْنِ ٱلِٱثْنَيْنِ قَدِ ٱخْتَرْتَ» (‏اعمال ١:‏١٣-‏٢٦‏)‏

١٦-‏١٨ (‏أ)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنَ ٱلْأَعْمَال ١:‏١٣،‏ ١٤ عَنِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ مِثَالٍ تَرَكَتْهُ لَنَا مَرْيَمُ أُمُّ يَسُوعَ؟‏ (‏ج)‏ لِمَ ٱلِٱجْتِمَاعَاتُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ ضَرُورِيَّةٌ لَنَا ٱلْيَوْمَ؟‏

١٦ لَا عَجَبَ أَنَّ ٱلرُّسُلَ «عَادُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ».‏ (‏لو ٢٤:‏٥٢‏)‏ وَلٰكِنْ هَلْ تَجَاوَبُوا مَعَ تَوْجِيهَاتِ ٱلْمَسِيحِ وَإِرْشَادَاتِهِ؟‏ تُخْبِرُنَا ٱلْأَعْمَال ١:‏١٣،‏ ١٤ أَنَّهُمْ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِي «عُلِّيَّةٍ» وَتَكْشِفُ لَنَا تَفَاصِيلَ مُثِيرَةً عَنِ ٱجْتِمَاعَاتٍ كَهٰذِهِ.‏ فَفِي فِلَسْطِينَ قَدِيمًا،‏ غَالِبًا مَا ضَمَّتِ ٱلْبُيُوتُ غُرْفَةً فِي ٱلطَّبَقَةِ ٱلْعُلْيَا يُصْعَدُ إِلَيْهَا عَلَى سُلَّمٍ خَارِجِيٍّ.‏ وَرُبَّمَا كَانُوا آنَذَاكَ مُجْتَمِعِينَ فِي بَيْتِ وَالِدَةِ مَرْقُسَ ٱلْمَذْكُورِ فِي ٱلْأَعْمَال ١٢:‏١٢‏.‏ عَلَى أَيِّ حَالٍ،‏ كَانَتِ «ٱلْعُلِّيَّةُ» عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مَكَانًا بَسِيطًا مُلَائِمًا لِٱجْتِمَاعِ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ.‏ فَمَنْ حَضَرَ ٱلِٱجْتِمَاعَ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ،‏ وَمَاذَا حَصَلَ خِلَالَهُ؟‏

١٧ لَاحِظْ أَنَّ ٱلِٱجْتِمَاعَ لَمْ يَقْتَصِرْ لَا عَلَى ٱلرُّسُلِ وَلَا عَلَى ٱلرِّجَالِ فَحَسْبُ.‏ فَقَدْ ضَمَّ ٱلْحُضُورُ «بَعْضَ ٱلنِّسَاءِ»،‏ بِمَنْ فِيهِمْ مَرْيَمُ أُمُّ يَسُوعَ.‏ وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْمَرَّةُ ٱلْأَخِيرَةُ ٱلَّتِي يَأْتِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ فِيهَا عَلَى ذِكْرِ مَرْيَمَ بِٱلِٱسْمِ.‏ وَيَحْسُنُ بِنَا أَنْ نُبْقِيَ فِي ذِهْنِنَا هٰذِهِ ٱلصُّورَةَ عَنْ مَرْيَمَ:‏ صُورَةَ ٱمْرَأَةٍ لَمْ تَطْلُبِ ٱلْمَجْدَ وَٱلْبُرُوزَ،‏ بَلِ ٱجْتَمَعَتْ بِتَوَاضُعٍ بِإِخْوَتِهَا وَأَخَوَاتِهَا ٱلرُّوحِيِّينَ لِتَقْدِيمِ ٱلْعِبَادَةِ.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّهَا سُرَّتْ بِوُجُودِ أَبْنَائِهَا ٱلْأَرْبَعَةِ ٱلْآخَرِينَ إِلَى جَانِبِهَا ٱلْآنَ،‏ هُمُ ٱلَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِيَسُوعَ خِلَالَ حَيَاتِهِ ٱلْأَرْضِيَّةِ.‏ (‏مت ١٣:‏٥٥؛‏ يو ٧:‏٥‏)‏ فَمُنْذُ مَوْتِ أَخِيهِمْ غَيْرِ ٱلشَّقِيقِ وَقِيَامَتِهِ فَتَحَ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ صَفْحَةً جَدِيدَةً.‏ —‏ ١ كو ١٥:‏٧‏.‏

١٨ مِنَ ٱلْمُثِيرِ لِلِٱهْتِمَامِ أَيْضًا سَبَبُ ٱجْتِمَاعِ هٰؤُلَاءِ ٱلتَّلَامِيذِ.‏ تَقُولُ ٱلْأَعْمَال ١:‏١٤‏:‏ «هٰؤُلَاءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُدَاوِمُونَ مَعًا عَلَى ٱلصَّلَاةِ».‏ فَٱلِٱجْتِمَاعَاتُ كَانَتْ وَلَا تَزَالُ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنَ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ فَنَحْنُ نَجْتَمِعُ مَعًا لِنَتَبَادَلَ ٱلتَّشْجِيعَ وَنَنَالَ ٱلْإِرْشَادَ وَٱلْمَشُورَةَ،‏ وَٱلْأَهَمُّ لِنُقَدِّمَ ٱلْعِبَادَةَ مَعًا لِأَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ.‏ وَحِينَ نُصَلِّي لِيَهْوَهَ وَنُرَنِّمُ تَسَابِيحَ لَهُ،‏ نَقُومُ بِعَمَلٍ مَرْضِيٍّ أَمَامَهُ وَضَرُورِيٍّ جِدًّا لَنَا.‏ فَلْنُصَمِّمْ إِذًا أَلَّا نَتْرُكَ هٰذِهِ ٱلتَّجَمُّعَاتِ ٱلْمُقَدَّسَةَ وَٱلْبَنَّاءَةَ.‏ —‏ عب ١٠:‏٢٤،‏ ٢٥‏.‏

١٩-‏٢١ (‏أ)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ دَوْرِ بُطْرُسَ ٱلْفَعَّالِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ؟‏ (‏ب)‏ مَا ٱلْحَاجَةُ إِلَى بَدِيلٍ عَنْ يَهُوذَا،‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ طَرِيقَةِ مُعَالَجَةِ هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ؟‏

١٩ وَاجَهَتْ أَتْبَاعَ ٱلْمَسِيحِ مَسْأَلَةٌ تَنْظِيمِيَّةٌ مُهِمَّةٌ تَوَلَّى ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ ٱلْقِيَادَةَ فِي مُعَالَجَتِهَا.‏ (‏الاعداد ١٥-‏٢٦‏)‏ أَوَلَا نَتَعَزَّى حِينَ نَعْرِفُ كَمْ تَغَيَّرَ بُطْرُسُ فِي ٱلْأَسَابِيعِ ٱلْقَلِيلَةِ ٱلْمَاضِيَةِ مُنْذُ أَنْكَرَ سَيِّدَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؟‏!‏ (‏مر ١٤:‏٧٢‏)‏ فَنَحْنُ جَمِيعًا مُعَرَّضُونَ لِٱرْتِكَابِ ٱلْخَطَايَا وَبِحَاجَةٍ إِلَى ٱلتَّذَكُّرِ أَنَّ يَهْوَهَ «صَالِحٌ وَغَفُورٌ» يُسَامِحُ مَنْ يَتُوبُ إِلَيْهِ تَوْبَةً صَادِقَةً.‏ —‏ مز ٨٦:‏٥‏.‏

٢٠ أَدْرَكَ بُطْرُسُ ضَرُورَةَ ٱخْتِيَارِ بَدِيلٍ عَنِ ٱلرَّسُولِ ٱلْخَائِنِ يَهُوذَا،‏ وَلٰكِنْ مَنْ؟‏ لَقَدْ أَشَارَ أَنَّ ٱلرَّسُولَ ٱلْجَدِيدَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تَبِعُوا يَسُوعَ طِيلَةَ خِدْمَتِهِ وَشَهِدُوا قِيَامَتَهُ.‏ (‏اع ١:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏ وَكَلِمَاتُهُ هٰذِهِ ٱنْسَجَمَتْ مَعَ وَعْدِ يَسُوعَ ٱلتَّالِي:‏ «تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا،‏ يَا مَنْ تَبِعْتُمُونِي،‏ عَلَى ٱثْنَيْ عَشَرَ عَرْشًا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ».‏ (‏مت ١٩:‏٢٨‏)‏ فَكَمَا يَظْهَرُ،‏ قَصَدَ يَهْوَهُ لِٱثْنَيْ عَشَرَ رَسُولًا مِمَّنْ تَبِعُوا يَسُوعَ خِلَالَ خِدْمَتِهِ ٱلْأَرْضِيَّةِ أَنْ يُشَكِّلُوا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ ‹ٱثْنَيْ عَشَرَ حَجَرَ أَسَاسٍ› لِأُورُشَلِيمَ ٱلْجَدِيدَةِ.‏ (‏رؤ ٢١:‏٢،‏ ١٤‏)‏ لِذٰلِكَ أَتَاحَ ٱللّٰهُ لِبُطْرُسَ أَنْ يَرَى أَنَّ ٱلنُّبُوَّةَ ٱلْقَائِلَةَ «لِيَأْخُذْ مَهَامَّ إِشْرَافِهِ آخَرُ» تَنْطَبِقُ عَلَى يَهُوذَا.‏ —‏ مز ١٠٩:‏٨‏.‏

٢١ وَكَيْفَ ٱخْتِيرَ ٱلرَّسُولُ ٱلْجَدِيدُ؟‏ بِٱسْتِخْدَامِ وَسِيلَةٍ شَائِعَةٍ فِي أَزْمِنَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ،‏ أَلَا وَهِيَ إِلْقَاءُ قُرْعَةٍ.‏ (‏ام ١٦:‏٣٣‏)‏ وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْمَرَّةُ ٱلْأَخِيرَةُ ٱلَّتِي تُخْبِرُ فِيهَا ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ عَنِ ٱللُّجُوءِ إِلَى ٱلْقُرْعَةِ لِٱتِّخَاذِ ٱلْقَرَارَاتِ.‏ فَحَسْبَمَا يَظْهَرُ،‏ بَطَلَتْ هٰذِهِ ٱلْمُمَارَسَةُ عِنْدَ سَكْبِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ لَاحِقًا.‏ وَلٰكِنْ لَاحِظْ سَبَبَ ٱسْتِعْمَالِهَا آنَذَاكَ.‏ صَلَّى ٱلرُّسُلُ قَائِلِينَ:‏ «يَا يَهْوَهُ،‏ ٱلْعَارِفُ قُلُوبَ ٱلْجَمِيعِ،‏ أَظْهِرْ أَنْتَ أَيَّ هٰذَيْنِ ٱلِٱثْنَيْنِ قَدِ ٱخْتَرْتَ».‏ (‏اع ١:‏٢٣،‏ ٢٤‏)‏ فَقَدْ أَرَادُوا أَنْ يَنْتَقِيَ يَهْوَهُ بِنَفْسِهِ ٱلشَّخْصَ ٱلْمُنَاسِبَ.‏ فَٱخْتَارَ مَتِّيَاسَ ٱلَّذِي كَانَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ وَاحِدًا مِنَ ٱلتَّلَامِيذِ ٱلسَّبْعِينَ ٱلَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ لِلْكِرَازَةِ.‏ وَهٰكَذَا أَصْبَحَ مَتِّيَاسُ وَاحِدًا مِنَ ‹ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ›.‏ c —‏ اع ٦:‏٢‏.‏

٢٢،‏ ٢٣ لِمَ عَلَيْنَا أَنْ نُطِيعَ مَنْ يَتَوَلَّوْنَ ٱلْقِيَادَةَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْيَوْمَ وَنُذْعِنَ لَهُمْ؟‏

٢٢ تُذَكِّرُنَا هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةُ بِأَهَمِّيَّةِ ٱلتَّنْظِيمِ بَيْنَ شَعْبِ ٱللّٰهِ.‏ وَإِلَى يَوْمِنَا هٰذَا،‏ يُخْتَارُ رِجَالٌ جَدِيرُونَ بِٱلثِّقَةِ لِلْإِشْرَافِ عَلَى ٱلْجَمَاعَةِ.‏ كَيْفَ؟‏ يَتَأَمَّلُ ٱلشُّيُوخُ مَلِيًّا فِي ٱلْمُؤَهِّلَاتِ ٱلْوَاجِبِ عَلَى هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالِ بُلُوغُهَا بِحَسَبِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَيُصَلُّونَ طَلَبًا لِتَوْجِيهِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.‏ وَعَلَيْهِ،‏ تَعْتَبِرُ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلنُّظَّارَ مُعَيَّنِينَ مِنَ ٱلرُّوحِ.‏ وَنَحْنُ بِدَوْرِنَا نُذْعِنُ لَهُمْ وَنُطِيعُ قِيَادَتَهُمْ مُرَوِّجِينَ بِٱلتَّالِي رُوحَ ٱلتَّعَاوُنِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ.‏ —‏ عب ١٣:‏١٧‏.‏

نحن نطيع النظار المعينيين ونذعن لهم

٢٣ كَخُلَاصَةٍ،‏ تَقَوَّى ٱلتَّلَامِيذُ بِرُؤْيَةِ يَسُوعَ ٱلْمُقَامِ وَتَشَجَّعُوا بِٱلتَّحْسِينَاتِ ٱلتَّنْظِيمِيَّةِ ٱلْجَدِيدَةِ.‏ فَبَاتُوا ٱلْآنَ مُهَيَّئِينَ كَامِلًا لِلْحَدَثِ ٱلتَّارِيخِيِّ ٱلْكَامِنِ أَمَامَهُمْ.‏ وَهٰذَا مَا يُنَاقِشُهُ ٱلْفَصْلُ ٱلتَّالِي.‏

a يُخَاطِبُ لُوقَا هٰذَا ٱلرَّجُلَ فِي إِنْجِيلِهِ بِٱلْكَلِمَاتِ:‏ «يَا صَاحِبَ ٱلسُّمُوِّ ثَاوُفِيلُسُ».‏ لِذَا يُرَجِّحُ ٱلْبَعْضُ أَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ مَكَانَةٍ مَرْمُوقَةٍ،‏ إِنَّمَا لَيْسَ بَعْدُ مُؤْمِنًا.‏ أَمَّا فِي سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ فَيَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ بِبَسَاطَةٍ،‏ قَائِلًا:‏ «يَا ثَاوُفِيلُسُ».‏ وَهٰذَا مَا حَدَا بِبَعْضِ ٱلْعُلَمَاءِ إِلَى ٱلِٱسْتِنْتَاجِ أَنَّهُ أَصْبَحَ مُؤْمِنًا بَعْدَ قِرَاءَةِ إِنْجِيلِ لُوقَا.‏ فَٱلْكَاتِبُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ أَيَّةَ أَلْقَابٍ تَبْجِيلِيَّةٍ،‏ بَلْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ بِٱعْتِبَارِهِ أَحَدَ إِخْوَتِهِ ٱلرُّوحِيِّينَ.‏

b يَسْتَعْمِلُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ هُنَا ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ تروپوس ٱلَّتِي تَعْنِي «ٱلطَّرِيقَةَ» وَلَيْسَ مورفِه ٱلَّتِي تَدُلُّ عَلَى «ٱلْهَيْئَةِ».‏

c عُيِّنَ بُولُسُ لَاحِقًا ‹رَسُولًا لِلْأُمَمِ› لٰكِنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ قَطُّ مِنَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ.‏ (‏رو ١١:‏١٣؛‏ ١ كو ١٥:‏٤-‏٨‏)‏ فَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يَتْبَعْ يَسُوعَ خِلَالَ خِدْمَتِهِ ٱلْأَرْضِيَّةِ،‏ فَلَمْ يَسْتَوْفِ ٱلشُّرُوطَ ٱللَّازِمَةَ لِنَيْلِ هٰذَا ٱلِٱمْتِيَازِ.‏