الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

الفصل ٢٠

‏«كلمة يهوه تنمو وتقوى» رغم المقاومة

‏«كلمة يهوه تنمو وتقوى» رغم المقاومة

أَبُلُّوسُ وَبُولُسُ يُسَاهِمَانِ فِي تَقَدُّمِ ٱلْبِشَارَةِ

مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٨:‏٢٣–‏١٩:‏٤١

١،‏ ٢ (‏أ)‏ أَيُّ خَطَرٍ وَاجَهَهُ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ فِي أَفَسُسَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نُنَاقِشُ فِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ؟‏

 أَفَسُسُ غَارِقَةٌ فِي ٱلْفَوْضَى .‏ .‏ .‏ أَفْوَاجٌ هَائِجَةٌ مِنَ ٱلْبَشَرِ يَتَدَافَعُونَ!‏ يَصِيحُونَ!‏ يَصْرُخُونَ!‏ يَخْبِطُونَ ٱلْأَرْضَ بِأَقْدَامِهِمْ!‏ مَوْجَةُ ٱلرَّعَاعِ تَجْرُفُ فِي طَرِيقِهَا ٱثْنَيْنِ مِنْ رُفَقَاءِ بُولُسَ وَتَحْمِلُهُمَا إِلَى مُدَرَّجِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلضَّخْمِ.‏ فَيَخْلُو ٱلشَّارِعُ ٱلْعَرِيضُ حَيْثُ ٱلْمَتَاجِرُ،‏ فِيمَا يَتَضَاعَفُ ٱلْجَمْعُ ٱلْمَسْعُورُ وَيَقْتَحِمُ ٱلْمُدَرَّجَ ٱلَّذِي يَسَعُ ٠٠٠‏,٢٥ شَخْصٍ.‏ اَلْجَمْعُ بِمُعْظَمِهِ يَجْهَلُ سَبَبَ ٱلشَّغَبِ.‏ لٰكِنَّهُمْ يَشْتَبِهُونَ أَنَّ هَيْكَلَهُمْ وَإِلَاهَتَهُمُ ٱلْحَبِيبَةَ أَرْطَامِيسَ فِي خَطَرٍ.‏ فَيَرُوحُونَ يُرَدِّدُونَ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ:‏ «عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ ٱلْأَفَسُسِيِّينَ!‏».‏ —‏ اع ١٩:‏٣٤‏.‏

٢ مَرَّةً جَدِيدَةً،‏ يَعْمِدُ ٱلشَّيْطَانُ إِلَى عُنْفِ ٱلرَّعَاعِ لِلْحَدِّ مِنِ ٱنْتِشَارِ ٱلْبِشَارَةِ.‏ إِلَّا أَنَّ ٱلتَّهْدِيدَ بِٱلْعُنْفِ لَيْسَ تَكْتِيكَهُ ٱلْوَحِيدَ.‏ وَفِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ،‏ نَسْتَعْرِضُ عَدَدًا مِنْ مَكَايِدِهِ ٱلَّتِي لَجَأَ إِلَيْهَا لِتَقْوِيضِ عَمَلِ وَوَحْدَةِ مَسِيحِيِّي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ.‏ لٰكِنَّنَا سَنَجِدُ أَنَّ تَكْتِيكَاتِهِ كُلَّهَا فَشِلَتْ فَشَلًا ذَرِيعًا.‏ فَقَدْ «كَانَتْ كَلِمَةُ يَهْوَهَ تَنْمُو وَتَقْوَى بِٱقْتِدَارٍ».‏ (‏اع ١٩:‏٢٠‏)‏ فَكَيْفَ ٱنْتَصَرَ أُولٰئِكَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي حَرْبِهِمْ؟‏ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلْفَضْلَ عَائِدٌ أَوَّلًا وَأَخِيرًا إِلَى يَهْوَهَ ٱللّٰهِ.‏ وَلٰكِنْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ هُمْ أَيْضًا أَنْ يَلْعَبُوا ٱلدَّوْرَ ٱلْمَنُوطَ بِهِمْ.‏ وَٱلْأَمْرُ عَيْنُهُ يَصِحُّ فِينَا نَحْنُ ٱلْيَوْمَ.‏ فَبِمَعُونَةِ رُوحِ يَهْوَهَ،‏ عَلَيْنَا ٱكْتِسَابُ صِفَاتٍ تُسَاعِدُنَا أَنْ نُتَمِّمَ خِدْمَتَنَا بِنَجَاحٍ.‏ وَفِي هٰذَا ٱلْإِطَارِ،‏ لِنَتَأَمَّلْ بِدَايَةً فِي مِثَالِ أَبُلُّوسَ.‏

‏«مُتَضَلِّعٌ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ» (‏اعمال ١٨:‏٢٤-‏٢٨‏)‏

٣،‏ ٤ أَيُّ نَقْصٍ تَبَيَّنَهُ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا عِنْدَ أَبُلُّوسَ،‏ وَكَيْفَ سَاعَدَاهُ؟‏

٣ فِيمَا كَانَ بُولُسُ مُتَوَجِّهًا إِلَى أَفَسُسَ خِلَالَ رِحْلَتِهِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلثَّالِثَةِ،‏ وَصَلَ إِلَى هُنَاكَ يَهُودِيٌّ ٱسْمُهُ أَبُلُّوسُ.‏ وَأَبُلُّوسُ فِي ٱلْأَصْلِ مِنْ مَدِينَةٍ مِصْرِيَّةٍ عَرِيقَةٍ تُدْعَى ٱلْإِسْكَنْدَرِيَّةَ.‏ وَقَدِ ٱمْتَازَ بِصِفَاتٍ ٱسْتِثْنَائِيَّةٍ؛‏ فَكَانَ فَصِيحَ ٱللِّسَانِ،‏ ‹مُتَضَلِّعًا مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ›،‏ ‹وَمُتَّقِدًا بِٱلرُّوحِ›.‏ كَمَا نَقْرَأُ عَنْهُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِجُرْأَةٍ وَحَمَاسَةٍ أَمَامَ ٱلْيَهُودِ فِي ٱلْمَجْمَعِ.‏ —‏ اع ١٨:‏٢٤،‏ ٢٥‏.‏

٤ وَفِي أَفَسُسَ،‏ سَمِعَ ٱلزَّوْجَانِ ٱلْمَسِيحِيَّانِ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا أَبُلُّوسَ يَتَكَلَّمُ.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّهُمَا سُرَّا بِسَمَاعِهِ يُعَلِّمُ «عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ مَا يَخْتَصُّ بِيَسُوعَ».‏ غَيْرَ أَنَّهُمَا سُرْعَانَ مَا تَبَيَّنَا ثُغْرَةً بَارِزَةً فِي مَعْرِفَتِهِ.‏ فَهُوَ كَانَ «عَارِفًا مَعْمُودِيَّةَ يُوحَنَّا فَقَطْ».‏ فَهَلْ تَهَيَّبَ صَانِعَا ٱلْخِيَامِ ٱلْمُتَوَاضِعَانِ فَصَاحَةَ أَوْ تَعْلِيمَ أَبُلُّوسَ؟‏ كَلَّا.‏ بَلْ «أَخَذَاهُ إِلَيْهِمَا وَفَصَّلَا لَهُ طَرِيقَ ٱللّٰهِ عَلَى وَجْهٍ أَصَحَّ».‏ (‏اع ١٨:‏٢٥،‏ ٢٦‏)‏ وَمَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِ أَبُلُّوسَ ٱلْخَطِيبِ ٱلْبَارِعِ وَٱلْمُثَقَّفِ؟‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهُ أَعْرَبَ عَنْ إِحْدَى أَهَمِّ ٱلصِّفَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ:‏ اَلتَّوَاضُعِ.‏

٥،‏ ٦ مَاذَا مَكَّنَ أَبُلُّوسَ مِنْ زِيَادَةِ كَفَاءَتِهِ فِي خِدْمَةِ يَهْوَهَ،‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِهِ؟‏

٥ وَبَعْدَمَا قَبِلَ مُسَاعَدَةَ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا،‏ أَصْبَحَ أَبُلُّوسُ خَادِمًا أَكْثَرَ كَفَاءَةً.‏ فَسَافَرَ إِلَى أَخَائِيَةَ حَيْثُ «سَاعَدَ كَثِيرًا» ٱلَّذِينَ آمَنُوا.‏ كَمَا نَجَحَ فِي ٱلْكِرَازَةِ لِيَهُودِ تِلْكَ ٱلْمِنْطَقَةِ ٱلَّذِينَ أَصَرُّوا أَنَّ يَسُوعَ لَيْسَ ٱلْمَسِيَّا ٱلْمُنْبَأَ بِهِ.‏ يَرْوِي لُوقَا:‏ «كَانَ بِٱشْتِدَادٍ يُفْحِمُ ٱلْيَهُودَ عَلَانِيَةً،‏ وَهُوَ يُبَيِّنُ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ».‏ (‏اع ١٨:‏٢٧،‏ ٢٨‏)‏ وَهٰكَذَا أَصْبَحَ أَبُلُّوسُ عُضْوًا فَعَّالًا فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ وَمِثْلَ بُولُسَ،‏ لَعِبَ دَوْرًا مُهِمًّا فِي تَقْوِيَةِ «كَلِمَةِ يَهْوَهَ».‏ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِهِ؟‏

٦ لَا غِنَى لِلْمَسِيحِيِّينَ عَنْ تَنْمِيَةِ ٱلتَّوَاضُعِ.‏ صَحِيحٌ أَنَّنَا نَنْعَمُ بِبَرَكَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ،‏ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَوَاهِبَ طَبِيعِيَّةً أَمْ خِبْرَةً أَمْ مَعْرِفَةً مُكْتَسَبَةً،‏ وَلٰكِنْ عَلَيْنَا دَوْمًا أَنْ نُرَجِّحَ كَفَّةَ ٱلتَّوَاضُعِ؛‏ وَإِلَّا تَتَحَوَّلُ ٱلنِّعْمَةُ إِلَى نَقْمَةٍ!‏ فَنُصْبِحُ عِنْدَئِذٍ تُرْبَةً خِصْبَةً لِزِوَانِ ٱلْكِبْرِيَاءِ.‏ (‏١ كو ٤:‏٧؛‏ يع ٤:‏٦‏)‏ أَمَّا إِذَا كُنَّا مُتَوَاضِعِينَ بِكُلِّ مَعْنَى ٱلْكَلِمَةِ،‏ فَسَنُصَمِّمُ عَلَى ٱعْتِبَارِ ٱلْآخَرِينَ يَفُوقُونَنَا.‏ (‏في ٢:‏٣‏)‏ فَلَا نَسْتَاءُ عِنْدَئِذٍ مِنَ ٱلتَّقْوِيمِ وَلَا نَرْفُضُ ٱلتَّعَلُّمَ مِنَ ٱلْآخَرِينَ.‏ وَلَا نَتَشَبَّثُ بِآ‌رَائِنَا حِينَ نُدْرِكُ أَنَّهَا تَتَعَارَضُ مَعَ أَحْدَثِ مَا يَكْشِفُهُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ.‏ وَمَا دُمْنَا مُتَوَاضِعِينَ،‏ نَظَلُّ نَافِعِينَ لِيَهْوَهَ وَلِيَسُوعَ.‏ —‏ لو ١:‏٥١،‏ ٥٢‏.‏

٧ كَيْفَ رَسَمَ بُولُسُ وَأَبُلُّوسُ مِثَالًا فِي ٱلتَّوَاضُعِ؟‏

٧ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ،‏ يَنْزِعُ ٱلتَّوَاضُعُ فَتِيلَ ٱلْمُنَافَسَةِ.‏ تَخَيَّلْ كَمْ تَحَرَّقَ ٱلشَّيْطَانُ لِنَشْرِ بُذُورِ ٱلشِّقَاقِ بَيْنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأَوَائِلِ.‏ وَكَمْ كَانَ سَيَفْرَحُ دُونَ شَكٍّ لَوِ ٱنْجَرَّ شَخْصَانِ نَشِيطَانِ كَأَبُلُّوسَ وَبُولُسَ إِلَى ٱلْمُنَافَسَةِ،‏ أَوْ رُبَّمَا ٱلتَّسَابُقِ عَنْ حَسَدٍ إِلَى مَرْكَزِ ٱلصَّدَارَةِ بَيْنَ ٱلْإِخْوَةِ!‏ كَانَ ٱلْوُقُوعُ فِي هٰذَا ٱلْفَخِّ مِنْ أَسْهَلِ مَا يَكُونُ.‏ فَفِي كُورِنْثُوسَ رَاحَ ٱلْبَعْضُ يَقُولُونَ:‏ «أَنَا لِبُولُسَ»،‏ وَٱلْبَعْضُ ٱلْآخَرُ:‏ «أَنَا لِأَبُلُّوسَ».‏ فَهَلْ أَجَّجَ هٰذَانِ ٱلْمَسِيحِيَّانِ رُوحَ ٱلِٱنْقِسَامِ هٰذَا؟‏ مُطْلَقًا!‏ فَقَدِ ٱعْتَرَفَ بُولُسُ بِتَوَاضُعٍ بِمُسَاهَمَةِ أَبُلُّوسَ فِي ٱلْعَمَلِ،‏ مَانِحًا إِيَّاهُ ٱمْتِيَازَاتٍ إِضَافِيَّةً.‏ وَمِنْ نَاحِيَتِهِ،‏ ٱتَّبَعَ أَبُلُّوسُ تَوْجِيهَ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ.‏ (‏١ كو ١:‏١٠-‏١٢؛‏ ٣:‏٦،‏ ٩؛‏ تي ٣:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ فَيَا لَلْمِثَالِ ٱلرَّائِعِ ٱلَّذَي رَسَمَاهُ لَنَا!‏

حَاجَّ «لِإِقْنَاعِهِمْ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ» (‏اعمال ١٨:‏٢٣؛‏ ١٩:‏١-‏١٠‏)‏

٨ أَيُّ مَسَارٍ ٱتَّخَذَهُ بُولُسُ وَهُوَ عَائِدٌ إِلَى أَفَسُسَ،‏ وَلِمَاذَا؟‏

٨ فِي وَقْتٍ سَابِقٍ،‏ وَعَدَ ٱلرَّسُولُ بِٱلْعَوْدَةِ إِلَى أَفَسُسَ.‏ a وَبِٱلْفِعْلِ،‏ صَدَقَ بُولُسُ بِوَعْدِهِ.‏ (‏اع ١٨:‏٢٠،‏ ٢١‏)‏ وَلٰكِنْ لَاحِظْ كَيْفَ عَادَ إِلَيْهَا.‏ لَقَدْ تَرَكْنَاهُ فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ فِي أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ.‏ وَكُلُّ مَا تَوَجَّبَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ لِلْوُصُولِ إِلَى أَفَسُسَ ٱجْتِيَازُ ٱلْمَسَافَةِ ٱلْقَصِيرَةِ إِلَى سَلُوقِيَةَ،‏ ثُمَّ رُكُوبُ إِحْدَى ٱلسُّفُنِ وَٱلْإِبْحَارُ مُبَاشَرَةً إِلَى وُجْهَتِهِ.‏ لٰكِنَّ ٱلسِّجِلَّ يُخْبِرُنَا أَنَّ بُولُسَ «ٱجْتَازَ فِي ٱلنَّوَاحِي ٱلدَّاخِلِيَّةِ».‏ وَبِحَسَبِ أَحَدِ ٱلتَّقْدِيرَاتِ،‏ نَاهَزَ طُولُ سَفْرَتِهِ كَمَا تَصِفُهَا ٱلْأَعْمَال ١٨:‏٢٣ وَ ١٩:‏١ مَسَافَةَ ٦٠٠‏,١ كلم.‏ فَلِمَ آثَرَ ٱلرَّسُولُ هٰذَا ٱلْمَسَارَ ٱلشَّاقَّ؟‏ لِأَنَّهُ جَعَلَ نُصْبَ عَيْنَيْهِ أَنْ «يُقَوِّيَ جَمِيعَ ٱلتَّلَامِيذِ».‏ (‏اع ١٨:‏٢٣‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّ رِحْلَتَهُ ٱلْإِرْسَالِيَّةَ ٱلثَّالِثَةَ تَطَلَّبَتْ مِنْهُ ٱلْكَثِيرَ تَمَامًا كَٱلْأُولَى وَٱلثَّانِيَةِ،‏ إِلَّا أَنَّهَا ٱسْتَأْهَلَتْ فِي نَظَرِهِ أَنْ يَبْذُلَ نَفْسَهُ فِيهَا.‏ وَٱلْيَوْمَ،‏ أَوَلَا يُعْرِبُ ٱلْخُدَّامُ ٱلْجَائِلُونَ وَزَوْجَاتُهُمْ مَشْكُورِينَ عَنْ رُوحٍ مُمَاثِلَةٍ؟‏!‏

٩ لِمَ وَجَبَ عَلَى مَجْمُوعَةٍ مِنَ ٱلتَّلَامِيذِ أَنْ يَعْتَمِدُوا مُجَدَّدًا،‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْهُمْ؟‏

٩ فَوْرَ وُصُولِهِ إِلَى أَفَسُسَ،‏ وَجَدَ ٱلرَّسُولُ نَحْوَ ٱثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ تَلَامِيذِ يُوحَنَّا ٱلْمُعَمِّدِ.‏ وَعَرَفَ مِنْهُمْ أَنَّهُمُ ٱعْتَمَدُوا بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا ٱلَّتِي مَا عَادَتْ نَافِذَةً.‏ أَمَّا مَعْلُومَاتُهُمْ عَنِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ فَكَانَتْ شِبْهَ مَعْدُومَةٍ.‏ فَأَطْلَعَهُمْ بُولُسُ عَلَى أَحْدَثِ ٱلْمَعْلُومَاتِ.‏ وَهُمْ بِدَوْرِهِمْ تَجَاوَبُوا بِتَوَاضُعٍ وَكَانُوا رَاغِبِينَ فِي ٱلتَّعَلُّمِ مَثَلُهُمْ مَثَلُ أَبُلُّوسَ.‏ وَبَعْدَمَا ٱعْتَمَدُوا بِٱسْمِ يَسُوعَ،‏ نَالُوا ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ وَبَعْضَ ٱلْمَوَاهِبِ ٱلْعَجَائِبِيَّةِ.‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ مُجَارَاةَ هَيْئَةِ يَهْوَهَ ٱلثِّيُوقْرَاطِيَّةِ ٱلتَّقَدُّمِيَّةِ تَعُودُ عَلَى ٱلْمَرْءِ بِٱلْفَوَائِدِ.‏ —‏ اع ١٩:‏١-‏٧‏.‏

١٠ لِمَ ٱنْتَقَلَ بُولُسُ مِنَ ٱلْمَجْمَعِ إِلَى قَاعَةِ مَدْرَسَةٍ،‏ وَكَيْفَ رَسَمَ لَنَا مِثَالًا فِي ذٰلِكَ؟‏

١٠ كَانَتْ مَدِينَةُ أَفَسُسَ بِٱنْتِظَارِ ٱلْمَزِيدِ بَعْدُ.‏ تَأَمَّلْ فِي مَا حَدَثَ.‏ لَقَدْ كَرَزَ بُولُسُ بِجُرْأَةٍ فِي ٱلْمَجْمَعِ عَلَى مَدَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ.‏ لٰكِنَّ ٱلْبَعْضَ تَقَسَّوْا وَأَصْبَحُوا مُقَاوِمِينَ لِلْبِشَارَةِ مَعَ أَنَّهُ حَاجَّهُمْ «لِإِقْنَاعِهِمْ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ».‏ إِذَّاكَ،‏ لَمْ يُضَيِّعْ بُولُسُ ٱلْوَقْتَ مَعَ هٰؤُلَاءِ ‹ٱلطَّاعِنِينَ فِي «ٱلطَّرِيقِ»›،‏ بَلْ رَتَّبَ لِيَخْطُبَ فِي قَاعَةِ مَدْرَسَةٍ.‏ (‏اع ١٩:‏٨،‏ ٩‏)‏ وَكُلُّ مَنْ رَغِبَ فِي إِحْرَازِ تَقَدُّمٍ رُوحِيٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ ٱلِٱنْتِقَالُ مِنَ ٱلْمَجْمَعِ إِلَى ٱلْقَاعَةِ.‏ وَنَحْنُ ٱلْيَوْمَ نُنْهِي ٱلْمُنَاقَشَةَ بَعْضَ ٱلْأَحْيَانِ عِنْدَمَا نُلَاحِظُ أَنَّ صَاحِبَ ٱلْبَيْتِ غَيْرُ مُسْتَعِدٍّ لِلْإِصْغَاءِ إِلَيْنَا،‏ أَوْ أَنَّ جُلَّ مَا يُرِيدُ هُوَ ٱلْخَوْضُ فِي جَدَلٍ بِيزَنْطِيٍّ.‏ فَمَا زَالَ هُنَاكَ ٱلْكَثِيرُ بَعْدُ مِنَ ٱلْمُشَبَّهِينَ بِٱلْخِرَافِ ٱلرَّاغِبِينَ فِي سَمَاعِ رِسَالَتِنَا ٱلْمُشَجِّعَةِ.‏

١١،‏ ١٢ (‏أ)‏ كَيْفَ رَسَمَ بُولُسُ مِثَالًا فِي ٱلتَّحَلِّي بِٱلِٱجْتِهَادِ وَٱلْمُرُونَةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ يَسْعَى شُهُودُ يَهْوَهَ إِلَى ٱلِٱتِّصَافِ بِٱلِٱجْتِهَادِ وَٱلْمُرُونَةِ فِي خِدْمَتِهِمِ ٱلْعَلَنِيَّةِ؟‏

١١ يُحْتَمَلُ أَنَّ بُولُسَ تَكَلَّمَ فِي قَاعَةِ ٱلْمَدْرَسَةِ تِلْكَ يَوْمِيًّا مِنَ ٱلسَّاعَةِ ١١ ق‌ظ حَتَّى ٤ ب‌ظ.‏ (‏اع ١٩:‏٩‏)‏ وَهٰذِهِ ٱلْفَتْرَةُ كَانَتْ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَكْثَرَ سَاعَاتِ ٱلنَّهَارِ هُدُوءًا،‏ وَلٰكِنْ أَشَدَّهَا حَرًّا.‏ وَكَثِيرُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ تَوَقَّفُوا فِيهَا عَنِ ٱلْعَمَلِ لِيَأْكُلُوا وَيَرْتَاحُوا.‏ تَخَيَّلْ:‏ إِذَا دَاوَمَ بُولُسُ عَلَى هٰذَا ٱلْبَرْنَامَجِ ٱلْحَافِلِ سَنَتَيْنِ كَامِلَتَيْنِ،‏ يَتَخَطَّى مَجْمُوعُ ٱلسَّاعَاتِ ٱلَّتِي صَرَفَهَا فِي ٱلتَّعْلِيمِ ٠٠٠‏,٣ سَاعَةٍ!‏ b وَهُنَا عَامِلٌ آخَرُ يُفَسِّرُ لمَ كَانَتْ كَلِمَةُ يَهْوَهَ تَنْمُو وَتَقْوَى.‏ فَقَدِ ٱتَّصَفَ ٱلرَّسُولُ بِٱلِٱجْتِهَادِ وَٱلْمُرُونَةِ،‏ مُكَيِّفًا بَرْنَامَجَ خِدْمَتِهِ لِكَيْ تُلَائِمَ حَاجَاتِ ٱلنَّاسِ فِي ذٰلِكَ ٱلْمُجْتَمَعِ.‏ وَبِأَيِّ نَتِيجَةٍ؟‏ «جَمِيعُ سُكَّانِ إِقْلِيمِ آسِيَا،‏ يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ،‏ سَمِعُوا كَلِمَةَ ٱلرَّبِّ».‏ (‏اع ١٩:‏١٠‏)‏ فَهَلْ يَخْتَلِفُ ٱثْنَانِ فِي أَنَّ بُولُسَ أَدَّى بِٱلْفِعْلِ شَهَادَةً كَامِلَةً؟‏!‏

نحن نسعى الى بلوغ الجميع أينما كانوا

١٢ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ نَتَحَلَّى نَحْنُ شُهُودَ يَهْوَهَ ٱلْعَصْرِيِّينَ بِٱلِٱجْتِهَادِ وَٱلْمُرُونَةِ،‏ فَنَسْعَى إِلَى بُلُوغِ ٱلْجَمِيعِ أَيْنَمَا كَانُوا وَوَقْتَمَا وُجِدُوا.‏ فَنُبَشِّرُ فِي ٱلشَّوَارِعِ وَٱلْأَسْوَاقِ وَمَوَاقِفِ ٱلسَّيَّارَاتِ.‏ وَنُرَاسِلُ ٱلنَّاسَ أَوْ نَتَّصِلُ بِهِمْ عَبْرَ ٱلْهَاتِفِ.‏ وَنُخَطِّطُ لِزِيَارَتِهِمْ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ حِينَمَا يَتَوَاجَدُونَ عَادَةً فِي بُيُوتِهِمْ.‏

‏«تَنْمُو وَتَقْوَى» فِي وَجْهِ ٱلْأَرْوَاحِ ٱلشِّرِّيرَةِ (‏اعمال ١٩:‏١١-‏٢٢‏)‏

١٣،‏ ١٤ (‏أ)‏ مَاذَا مَكَّنَ يَهْوَهُ بُولُسَ مِنْ فِعْلِهِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ أَخْطَأَ أَبْنَاءُ سَكَاوَا،‏ وَكَيْفَ يَرْتَكِبُ كَثِيرُونَ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ ٱلْيَوْمَ ٱلْخَطَأَ نَفْسَهُ؟‏

١٣ يُخْبِرُنَا لُوقَا أَنَّ ٱلْأَيَّامَ ٱلتَّالِيَةَ شَهِدَتْ أَحْدَاثًا مُمَيَّزَةً،‏ إِذْ مَكَّنَ يَهْوَهُ بُولُسَ أَنْ يَصْنَعَ «قُوَّاتٍ عَظِيمَةً».‏ تَصَوَّرْ:‏ حَتَّى مَنَادِيلُهُ وَمَآ‌زِرُهُ كَانَتْ تُؤْخَذُ إِلَى ٱلْمُتَأَلِّمِينَ،‏ فَتَتْرُكُهُمُ ٱلْعِلَلُ وَتَخْرُجُ مِنْهُمُ ٱلْأَرْوَاحُ ٱلشِّرِّيرَةُ!‏ c (‏اع ١٩:‏١١،‏ ١٢‏)‏ وَقَدِ ٱسْتَقْطَبَتْ هٰذِهِ ٱلِٱنْتِصَارَاتُ ٱلْكَاسِحَةُ عَلَى قِوَى ٱلشَّيْطَانِ ٱهْتِمَامَ ٱلْكَثِيرِينَ.‏ لٰكِنَّ نَوَايَا بَعْضِهِمْ لَمْ تَكُنْ حَسَنَةً.‏

١٤ فَقَدْ حَاوَلَ قَوْمٌ مِنَ «ٱلْيَهُودِ ٱلطَّوَّافِينَ،‏ ٱلَّذِينَ كَانُوا يُمَارِسُونَ إِخْرَاجَ ٱلشَّيَاطِينِ»،‏ أَنْ يُقَلِّدُوا عَجَائِبَ ٱلرَّسُولِ.‏ فَجَرَّبَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَطْرُدُوا ٱلشَّيَاطِينَ بِٱسْمِ يَسُوعَ وَبُولُسَ.‏ وَهٰذَا مَا حَصَلَ مَثَلًا مَعَ سَبْعَةِ رِجَالٍ مِنْ عَائِلَةٍ كَهَنُوتِيَّةٍ،‏ أَبْنَاءِ رَجُلٍ يُدْعَى سَكَاوَا.‏ إِلَّا أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ قَالَ لَهُمْ:‏ «إِنِّي أَعْرِفُ يَسُوعَ وَأَعْلَمُ مَنْ هُوَ بُولُسُ،‏ أَمَّا أَنْتُمْ فَمَنْ تَكُونُونَ؟‏».‏ ثُمَّ ٱنْقَضَّ «ٱلْإِنْسَانُ ٱلَّذِي كَانَ فِيهِ ٱلرُّوحُ ٱلشِّرِّيرُ» عَلَى هٰؤُلَاءِ ٱلدَّجَّالِينَ،‏ وَاثِبًا كَوَحْشٍ ضَارٍ.‏ فَمَا كَانَ مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ وَلَّوْا هَارِبِينَ،‏ عُرَاةً وَمُجَرَّحِينَ.‏ (‏اع ١٩:‏١٣-‏١٦‏)‏ فَيَا لَلِٱنْتِصَارِ ٱلْكَاسِحِ ٱلَّذِي حَقَّقَتْهُ «كَلِمَةُ يَهْوَهَ»!‏ يَكْفِي فَقَطْ أَنْ نُقَارِنَ بَيْنَ ٱلْقُدْرَةِ ٱلْهَائِلَةِ ٱلَّتِي مُنِحَتْ لِبُولُسَ وَٱلْعَجْزِ ٱلْمُطْبِقِ ٱلَّذِي ٱبْتُلِيَ بِهِ أَتْبَاعُ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْبَاطِلَةِ.‏ وَٱلْيَوْمَ يَفْتَرِضُ ٱلْمَلَايِينُ أَنَّ مُجَرَّدَ ٱلِٱدِّعَاءِ أَنَّهُمْ مَسِيحِيُّونَ أَوِ ٱلِٱسْتِعَانَةِ بِٱسْمِ يَسُوعَ كَافِيَانِ.‏ وَلٰكِنْ كَمَا عَلَّمَ يَسُوعُ نَفْسُهُ،‏ لَا رَجَاءَ حَقِيقِيًّا إِلَّا لِمَنْ يَعْمَلُونَ مَشِيئَةَ أَبِيهِ.‏ —‏ مت ٧:‏٢١-‏٢٣‏.‏

١٥ كَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِ ٱلْأَفَسُسِيِّينَ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِٱلْأَرْوَاحِيَّةِ وَٱلْأَغْرَاضِ ٱلْمُرْتَبِطَةِ بِهَا؟‏

١٥ بَعْدَمَا أُذِلَّ أَبْنَاءُ سَكَاوَا،‏ ٱنْتَشَرَ خَوْفُ ٱللّٰهِ بَيْنَ ٱلنَّاسِ،‏ مِمَّا دَفَعَ أَشْخَاصًا كَثِيرِينَ إِلَى ٱعْتِنَاقِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ وَتَرْكِ ٱلْمُمَارَسَاتِ ٱلْأَرْوَاحِيَّةِ.‏ فَٱلْمُجْتَمَعُ ٱلْأَفَسُسِيُّ كَانَ مُنْغَمِسًا فِي ٱلْفُنُونِ ٱلسِّحْرِيَّةِ.‏ وَقَدَ شَاعَ ٱسْتِعْمَالُ ٱلرُّقَى وَٱلتَّمَائِمِ وَٱلتَّعَاوِيذِ ٱلَّتِي غَالِبًا مَا كَانَتْ تُكْتَبُ كِتَابَةً.‏ أَمَّا ٱلْآنَ فَٱنْدَفَعَ أَفَسُسِيُّونَ كُثُرٌ إِلَى إِحْضَارِ كُتُبِهِمْ عَنِ ٱلْفُنُونِ ٱلسِّحْرِيَّةِ وَإِحْرَاقِهَا عَلَنًا،‏ مَعَ أَنَّ قِيمَتَهَا تُسَاوِي فِي أَيَّامِنَا عَشَرَاتِ آلَافِ ٱلدُّولَارَاتِ.‏ d «وَهٰكَذَا كَانَتْ كَلِمَةُ يَهْوَهَ تَنْمُو وَتَقْوَى بِٱقْتِدَارٍ».‏ (‏اع ١٩:‏١٧-‏٢٠‏)‏ فَمِنْ جَدِيدٍ،‏ أَحْرَزَ ٱلْحَقُّ ٱنْتِصَارًا بَاهِرًا عَلَى ٱلشَّيْطَانِيَّةِ وَٱلتَّعَالِيمِ ٱلْبَاطِلَةِ.‏ وَيَحْسُنُ بِنَا نَحْنُ أَيْضًا ٱلْعَائِشِينَ فِي عَالَمٍ غَارِقٍ فِي ٱلْأَرْوَاحِيَّةِ أَنْ نَقْتَدِيَ بِأَهْلِ أَفَسُسَ ٱلْأُمَنَاءِ.‏ فَإِذَا عَرَفْنَا أَنَّ أَحَدَ أَغْرَاضِنَا مُرْتَبِطٌ بِهَا،‏ فَلْنُبَادِرْ فَوْرًا إِلَى ٱلتَّخَلُّصِ مِنْهُ.‏ وَلْنَتَحَاشَ تَمَامًا هٰذِهِ ٱلْمُمَارَسَاتِ ٱلْمَقِيتَةَ مَهْمَا كَانَ ٱلثَّمَنُ!‏

‏«حَدَثَ ٱضْطِرَابٌ لَيْسَ بِقَلِيلٍ» (‏اعمال ١٩:‏٢٣-‏٤١‏)‏

‏«أيها الرجال،‏ انتم تعرفون جيدا ان رغد عيشنا هو من هذا العمل».‏ —‏ اعمال ١٩:‏٢٥

١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ كَيْفَ أَثَارَ دِيمِتْرِيُوسُ ٱلشَّغَبَ فِي أَفَسُسَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ تَجَلَّتْ نُعَرَةُ ٱلْأَفَسُسِيِّينَ ٱلدِّينِيَّةُ؟‏

١٦ لِنَتَفَحَّصِ ٱلْآنَ تَكْتِيكًا شَيْطَانِيًّا آخَرَ تَطَرَّقَ إِلَيْهِ لُوقَا.‏ نَقْرَأُ:‏ «حَدَثَ ٱضْطِرَابٌ لَيْسَ بِقَلِيلٍ بِشَأْنِ ‹ٱلطَّرِيقِ›».‏ وَكَلَامُ لُوقَا عَنِ «ٱضْطِرَابٍ لَيْسَ بِقَلِيلٍ» لَمْ يَكُنْ مِنْ بَابِ ٱلْمُبَالَغَةِ.‏ e (‏اع ١٩:‏٢٣‏)‏ أَمَّا أَصْلُ ٱلْمُشْكِلَةِ فَهُوَ صَائِغُ فِضَّةٍ ٱسْمُهُ دِيمِتْرِيُوسُ.‏ فَكَيْفَ أَشْعَلَ فَتِيلَ ٱلشَّغَبِ؟‏ لَقَدِ ٱسْتَأْثَرَ دِيمِتْرِيُوسُ بِٱنْتِبَاهِ غَيْرِهِ مِنَ «ٱلصُّنَّاعِ» بِتَذْكِيرِهِمْ أَوَّلًا أَنَّ رَغْدَ عَيْشِهِمْ مَرَدُّهُ إِلَى بَيْعِ ٱلْأَصْنَامِ.‏ ثُمَّ لَمَّحَ أَنَّ ٱلرِّسَالَةَ ٱلَّتِي كَرَزَ بِهَا بُولُسُ تَقْطَعُ رِزْقَهُمْ لِأَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ لَا يَعْبُدُونَ ٱلْأَوْثَانَ.‏ بَعْدَئِذٍ خَاطَبَ فِيهِمْ رُوحَهُمُ ٱلْقَوْمِيَّةَ وَعَصَبِيَّتَهُمْ لِمَدِينَتِهِمْ،‏ مُحَذِّرًا أَنَّ إِلَاهَتَهُمْ أَرْطَامِيسَ وَهَيْكَلَهُمُ ٱلْمَشْهُورَ عَالَمِيًّا يُوَاجِهَانِ خَطَرَ ‹ٱلِٱنْهِيَارِ›.‏ —‏ اع ١٩:‏٢٤-‏٢٧‏.‏

١٧ بَلَغَ دِيمِتْرِيُوسُ مَأْرَبَهُ.‏ فَقَدْ رَاحَ صَاغَةُ ٱلْفِضَّةِ يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ:‏ «عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ ٱلْأَفَسُسِيِّينَ».‏ فَٱمْتَلَأَتِ ٱلْمَدِينَةُ بَلْبَلَةً وَتَشَكَّلَ جَمْعُ ٱلرَّعَاعِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْفَصْلِ.‏ f أَمَّا بُولُسُ فَهَمَّ بِٱلذَّهَابِ إِلَى ٱلْمُدَرَّجِ لِمُخَاطَبَةِ ٱلْحَشْدِ،‏ مَدْفُوعًا بِرُوحِ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلتَّلَامِيذَ أَصَرُّوا عَلَيْهِ أَنْ يَتَلَافَى ٱلْخَطَرَ.‏ فِي تِلْكَ ٱلْأَثْنَاءِ،‏ وَقَفَ رَجُلٌ ٱسْمُهُ ٱلْإِسْكَنْدَرُ أَمَامَ ٱلْجَمْعِ وَحَاوَلَ مُكَالَمَتَهُمْ.‏ فَبِمَا أَنَّهُ يَهُودِيٌّ،‏ فَلَرُبَّمَا أَرَادَ أَنْ يُسَلِّطَ ٱلضَّوْءَ عَلَى ٱلْفَرْقِ بَيْنَ ٱلْيَهُودِ وَهٰؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ.‏ لٰكِنَّ ٱلْجَمْعَ ٱلْهَائِجَ مَا كَانَ لِيُعَلِّقَ أَيَّ أَهَمِّيَّةٍ عَلَى كَلَامِهِ.‏ فَلَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُ يَهُودِيٌّ،‏ سَكَّتُوهُ مُرَدِّدِينَ نَحْوَ سَاعَتَيْنِ:‏ «عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ ٱلْأَفَسُسِيِّينَ!‏».‏ وَإِلَى يَوْمِنَا هٰذَا،‏ تَبْقَى ٱلنُّعَرَةُ ٱلدِّينِيَّةُ آفَةً يَفْقِدُ مَنْ يُصَابُ بِهَا ٱلسَّيْطَرَةَ عَلَى نَفْسِهِ.‏ —‏ اع ١٩:‏٢٨-‏٣٤‏.‏

١٨،‏ ١٩ (‏أ)‏ كَيْفَ هَدَّأَ رَئِيسُ دِيوَانِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلْجَمْعَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ تَحْمِي ٱلسُّلُطَاتُ ٱلدُّنْيَوِيَّةُ أَحْيَانًا شَعْبَ يَهْوَهَ،‏ وَأَيُّ دَوْرٍ نَلْعَبُهُ نَحْنُ فِي نَيْلِ حِمَايَةٍ كَهٰذِهِ؟‏

١٨ أَخِيرًا،‏ هَدَّأَ رَئِيسُ دِيوَانِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلْجَمْعَ ٱلثَّائِرَ.‏ فَأَكَّدَ لَهُمْ هٰذَا ٱلرَّجُلُ ٱلرَّزِينُ أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ لَا يُشَكِّلُونَ خَطَرًا لَا عَلَى هَيْكَلِ أَفَسُسَ وَلَا عَلَى إِلَاهَتِهَا،‏ وَأَنَّ بُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ لَمْ يُخْطِئُوا فِي حَقِّ هَيْكَلِ أَرْطَامِيسَ.‏ كَمَا ذَكَّرَهُمْ بِٱلْأُصُولِ ٱلْمَرْعِيَّةِ لِبَتِّ مَسَائِلَ كَهٰذِهِ.‏ وَلٰكِنْ لَعَلَّ أَكْثَرَ حُجَجِهِ تَأْثِيرًا إِشَارَتُهُ أَنَّهُمْ فِي خَطَرِ إِثَارَةِ غَضَبِ ٱلرُّومَانِ بِسَبَبِ تَجَمُّعِهِمْ غَيْرِ ٱلْمَشْرُوعِ.‏ وَبَعْدَ أَنْ قَالَ هٰذَا صَرَفَ ٱلْحَشْدَ.‏ وَهٰكَذَا،‏ بِفَضْلِ كَلِمَاتِهِ ٱلْمَنْطِقِيَّةِ وَٱلْعَمَلِيَّةِ،‏ خَمَدَ غَضَبُ ٱلرَّعَاعِ بِٱلسُّرْعَةِ نَفْسِهَا ٱلَّتِي ثَارَ بِهَا.‏ —‏ اع ١٩:‏٣٥-‏٤١‏.‏

١٩ لَيْسَتْ هٰذِهِ أَوَّلَ أَوْ آخِرَ مَرَّةٍ يَتَدَخَّلُ فِيهَا شَخْصٌ مُتَّزِنٌ فِي مَرْكَزِ مَسْؤُولِيَّةٍ لِيَحْمِيَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ.‏ وَفِي ٱلْوَاقِعِ،‏ رَأَى ٱلرَّسُولُ يُوحَنَّا فِي رُؤْيَا أَنَّ أَرْكَانَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلثَّابِتَةَ ٱلْمَرْمُوزَ إِلَيْهَا بِٱلْأَرْضِ تَبْتَلِعُ خِلَالَ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ فَيْضًا مِنَ ٱلِٱضْطِهَادِ ٱلشَّيْطَانِيِّ عَلَى أَتْبَاعِ يَسُوعَ.‏ (‏رؤ ١٢:‏١٥،‏ ١٦‏)‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ نَشْهَدُ نَحْنُ ٱلْيَوْمَ إِتْمَامَ هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةِ.‏ فَفِي حَالَاتٍ كَثِيرَةٍ،‏ يَنْدَفِعُ قُضَاةٌ عَادِلُونَ إِلَى ضَمَانِ حُرِّيَّةِ شُهُودِ يَهْوَهَ فِي ٱلِٱجْتِمَاعِ مَعًا لِتَقْدِيمِ ٱلْعِبَادَةِ،‏ وَحِمَايَةِ حَقِّهِمْ فِي ٱلْكِرَازَةِ بِٱلْبِشَارَةِ.‏ وَفِي هٰذَا ٱلْإِطَارِ،‏ قَدْ يَلْعَبُ سُلُوكُنَا دَوْرًا فِي ٱنْتِصَارَاتٍ مُمَاثِلَةٍ.‏ فَعَلَى مَا يَبْدُو،‏ كَسَبَ بُولُسُ بِفَضْلِ سُلُوكِهِ ٱحْتِرَامَ وَوِدَّ بَعْضِ ٱلْمَسْؤُولِينَ ٱلْحُكُومِيِّينَ فِي أَفَسُسَ،‏ فَحَرَصُوا عَلَى سَلَامَتِهِ.‏ (‏اع ١٩:‏٣١‏)‏ فَلْيَتْرُكْ سُلُوكُنَا ٱلْمُتَّصِفُ بِٱلنَّزَاهَةِ وَٱلِٱحْتِرَامِ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ ٱنْطِبَاعًا مُسْتَحَبًّا عِنْدَ ٱلْآخَرِينَ.‏ فَمَنْ يَدْرِي أَيَّ خَيْرٍ جَزِيلٍ قَدْ نَجْنِي بِفَضْلِهِ؟‏

٢٠ (‏أ)‏ مَا ٱنْطِبَاعَاتُكَ عَنْ نُمُوِّ كَلِمَةِ يَهْوَهَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ وَٱلْيَوْمَ؟‏ (‏ب)‏ إِلَامَ تَنْدَفِعُ حِينَ تَرَى ٱنْتِصَارَاتِ يَهْوَهَ فِي أَيَّامِنَا؟‏

٢٠ لَا شَكَّ أَنَّنَا تَشَجَّعْنَا كَثِيرًا بَعْدَمَا رَأَيْنَا كَيْفَ «كَانَتْ كَلِمَةُ يَهْوَهَ تَنْمُو وَتَقْوَى» فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ.‏ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ أَلَا نَتَشَجَّعُ حِينَ نَرَى ٱنْتِصَارَاتٍ مُشَابِهَةً تَتَحَقَّقُ بِفَضْلِ يَهْوَهَ؟‏ فَهَلْ تَرْغَبُ أَنْ تَحْظَى بِٱمْتِيَازِ ٱلْمُسَاهَمَةِ فِيهَا وَلَوْ قَلِيلًا؟‏ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ،‏ تَعَلَّمْ مِنَ ٱلْأَمْثِلَةِ ٱلْوَارِدَةِ فِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ.‏ حَافِظْ عَلَى تَوَاضُعِكَ،‏ جَارِ هَيْئَةَ يَهْوَهَ ٱلتَّقَدُّمِيَّةَ،‏ ٱجْتَهِدْ عَلَى ٱلدَّوَامِ،‏ ٱهْرُبْ مِنَ ٱلْأَرْوَاحِيَّةِ،‏ وَٱبْذُلْ قُصَارَى جُهْدِكَ لِتُقَدِّمَ شَهَادَةً حَسَنَةً مِنْ خِلَالِ سُلُوكِكَ ٱلْمُتَّسِمِ بِٱلنَّزَاهَةِ وَٱلِٱحْتِرَامِ.‏

a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏ أَفَسُسُ:‏ عَاصِمَةُ آسِيَا‏».‏

b كَتَبَ بُولُسُ أَيْضَا ١ كُورِنْثُوسَ خِلَالَ إِقَامَتِهِ فِي أَفَسُسَ.‏

c يَجُوزُ أَنَّ بُولُسَ لَفَّ هٰذِهِ ٱلْمَنَادِيلَ حَوْلَ جَبِينِهِ لِئَلَّا يَدْخُلَ ٱلْعَرَقُ فِي عَيْنَيْهِ.‏ أَمَّا ٱلْمَآ‌زِرُ فَلَعَلَّهُ لَبِسَهَا لِأَنَّهُ زَاوَلَ صِنَاعَةَ ٱلْخِيَامِ خِلَالَ أَوْقَاتِ فَرَاغِهِ،‏ رُبَّمَا فِي ٱلصَّبَاحِ ٱلْبَاكِرِ.‏ —‏ اع ٢٠:‏٣٤،‏ ٣٥‏.‏

d يَذْكُرُ لُوقَا أَنَّ ثَمَنَ ٱلْكُتُبِ بَلَغَ ٠٠٠‏,٥٠ قِطْعَةٍ مِنَ ٱلْفِضَّةِ.‏ وَفِي حَالِ كَانَتْ قِطَعُ ٱلْفِضَّةِ دَنَانِيرَ،‏ تَطَلَّبَ جَمْعُ هٰذَا ٱلْمَبْلَغِ آنَذَاكَ ٱلْعَمَلَ بِلَا ٱنْقِطَاعٍ ٠٠٠‏,٥٠ يَوْمٍ،‏ أَيْ مَا يُقَارِبُ ١٣٧ سَنَةً.‏

e يَرَى ٱلْبَعْضُ أَنَّ بُولُسَ أَشَارَ إِلَى هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ حِينَ قَالَ لِلْكُورِنْثِيِّينَ:‏ «كُنَّا إِلَى حَدٍّ بَعِيدٍ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ مِنْ حَيَاتِنَا».‏ (‏٢ كو ١:‏٨‏)‏ وَلٰكِنْ يُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّ حَادِثَةً أَخْطَرَ بِكَثِيرٍ كَانَتْ فِي بَالِهِ.‏ فَعِنْدَمَا كَتَبَ أَنَّهُ ‹قَاتَلَ وُحُوشًا فِي أَفَسُسَ›،‏ لَرُبَّمَا قَصَدَ مُجَابَهَةَ وُحُوشٍ ضَارِيَةٍ فِي حَلْبَةٍ أَوْ مُوَاجَهَةَ ٱلْمُقَاوِمِينَ هُنَاكَ.‏ (‏١ كو ١٥:‏٣٢‏)‏ فَكِلَا ٱلْمَعْنَيَيْنِ ٱلْحَرْفِيُّ وَٱلْمَجَازِيُّ جَائِزٌ.‏

f كَانَتْ رَابِطَاتُ أَوْ نِقَابَاتُ ٱلصُّنَّاعِ قَادِرَةً عَلَى ٱلتَّأْثِيرِ بِعُمْقٍ فِي ٱلْمُجْتَمَعِ.‏ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ،‏ حَرَّضَتْ رَابِطَةُ ٱلْخَبَّازِينَ فِي أَفَسُسَ عَلَى أَعْمَالِ شَغَبٍ مُمَاثِلَةٍ بَعْدَ نَحْوِ قَرْنٍ.‏