الفصل ٩
«اللّٰه ليس محابيا»
اَلْبِشَارَةُ تَبْلُغُ ٱلْأُمَمِيِّينَ غَيْرَ ٱلْمَخْتُونِينَ
مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٠:١–١١:٣٠
١-٣ مَاذَا شَاهَدَ بُطْرُسُ فِي رُؤْيَا، وَمَا أَهَمِّيَّةُ أَنْ نَفْهَمَ مَغْزَاهَا؟
لِنَعُدْ بِٱلزَّمَنِ إِلَى ٱلْوَرَاءِ إِلَى خَرِيفِ ٱلْعَامِ ٣٦ بم فَنَجِدَ بُطْرُسَ يُصَلِّي عَلَى سَطْحِ بَيْتٍ فِي يَافَا. فِي هٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلْوَاقِعِ عِنْدَ ٱلْبَحْرِ يَحِلُّ ٱلرَّسُولُ ضَيْفًا مُنْذُ أَيَّامٍ عَلَى رَجُلٍ ٱسْمُهُ سِمْعَانُ. وَلٰكِنْ رُوَيْدًا! فَسِمْعَانُ هٰذَا يَعْمَلُ دَبَّاغًا. وَقَلَّمَا قَبِلَ ٱلْيَهُودُ ضِيَافَةَ رِجَالٍ كَهٰؤُلَاءِ. a لَا بُدَّ إِذًا أَنَّ بُطْرُسَ تَرَفَّعَ عَنْ هٰذِهِ ٱلنَّظْرَةِ ٱلْمُتَحَيِّزَةِ. مَعَ ذٰلِكَ، كَانَ أَمَامَهُ ٱلْمَزِيدُ بَعْدُ لِيَعْرِفَهُ عَنْ نَظْرَةِ يَهْوَهَ، ٱلْإِلٰهِ ٱلَّذِي لَا يُحَابِي ٱلْوُجُوهَ. فَلْنَرَ سَوِيًّا أَيُّ دَرْسٍ مُهِمٍّ تَعَلَّمَهُ.
٢ يَقَعُ بُطْرُسُ فِي غَيْبَةٍ فِيمَا هُوَ يُصَلِّي. وَيُشَاهِدُ فِي رُؤْيَا مَنْظَرًا يَخْدِشُ مَشَاعِرَ أَيِّ يَهُودِيٍّ: إِنَاءً نَازِلًا مِثْلَ مُلَاءَةِ كَتَّانٍ فِيهَا حَيَوَانَاتٌ نَجِسَةٌ طَقْسِيًّا. وَإِذْ يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَذْبَحَ وَيَأْكُلَ، يُجِيبُ: «لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئًا دَنِسًا أَوْ نَجِسًا». فَيُؤْمَرُ عِنْدَئِذٍ لَا مَرَّةً وَلَا مَرَّتَيْنِ بَلْ ثَلَاثًا: «مَا طَهَّرَهُ ٱللّٰهُ، كُفَّ عَنْ أَنْ تَدْعُوَهُ أَنْتَ دَنِسًا». (اع ١٠:١٤-١٦) إِذَّاكَ يَقَعُ بُطْرُسُ فِي حَيْرَةٍ، لٰكِنَّ حَيْرَتَهُ مَا كَانَتْ لِتَدُومَ طَوِيلًا.
٣ فَمَا مَغْزَى هٰذِهِ ٱلرُّؤْيَا؟ لَا بُدَّ لَنَا أَنْ نَجِدَ ٱلْإِجَابَةَ عَنِ ٱلسُّؤَالِ لِأَنَّ رُؤْيَا بُطْرُسَ تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا حَقِيقَةً جَوْهَرِيَّةً تَتَعَلَّقُ بِنَظْرَةِ يَهْوَهَ إِلَى ٱلْبَشَرِ. وَكَمَسِيحِيِّينَ حَقِيقِيِّينَ، لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَشْهَدَ كَامِلًا عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ إِنْ لَمْ نَتَبَنَّ نَظْرَتَهُ إِلَى ٱلنَّاسِ. فَلْنَتَأَمَّلْ إِذًا فِي مُجْرَيَاتِ ٱلْأَحْدَاثِ فَيَزُولَ ٱلْغُمُوضُ ٱلَّذِي يَكْتَنِفُ ٱلرُّؤْيَا.
اعمال ١٠:١-٨)
«يُوَاظِبُ عَلَى ٱلتَّضَرُّعِ إِلَى ٱللّٰهِ» (٤، ٥ مَنْ هُوَ كَرْنِيلِيُوسُ، وَمَاذَا حَدَثَ فِيمَا كَانَ يُصَلِّي؟
٤ فِي مَدِينَةِ قَيْصَرِيَّةَ عَلَى بُعْدِ ٥٠ كلم تَقْرِيبًا شَمَالِيَّ يَافَا، وَقَعَ حَدَثٌ مُهِمٌّ ٱرْتَبَطَ ٱرْتِبَاطًا وَثِيقًا بِرُؤْيَا بُطْرُسَ. فَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِقِ، رَأَى هُنَاكَ رَجُلٌ يُدْعَى كَرْنِيلِيُوسَ رُؤْيَا إِلٰهِيَّةً. وَمَنْ هُوَ كَرْنِيلِيُوسُ؟ إِنَّهُ قَائِدُ مِئَةٍ فِي ٱلْجَيْشِ ٱلرُّومَانِيِّ وَرَجُلٌ «مُتَعَبِّدٌ». b وَنَسْتَنْتِجُ أَيْضًا أَنَّهُ رَبُّ عَائِلَةٍ مِثَالِيٌّ إِذْ كَانَ «يَخَافُ ٱللّٰهَ مَعَ جَمِيعِ أَهْلِ بَيْتِهِ». وَمَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَهَوِّدًا بَلْ أُمَمِيًّا غَيْرَ مَخْتُونٍ، تَحَنَّنَ عَلَى ٱلْيَهُودِ ٱلْمُعْوِزِينَ وَتَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ. وَكَانَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ ٱلْأَمِينُ «يُوَاظِبُ عَلَى ٱلتَّضَرُّعِ إِلَى ٱللّٰهِ». — اع ١٠:٢.
٥ بَيْنَمَا كَانَ كَرْنِيلِيُوسُ يُصَلِّي قُرَابَةَ ٱلثَّالِثَةِ بَعْدَ ٱلظُّهْرِ، ظَهَرَ لَهُ مَلَاكٌ فِي رُؤْيَا وَقَالَ: «إِنَّ صَلَوَاتِكَ وَصَدَقَاتِكَ قَدْ صَعِدَتْ تَذْكَارًا أَمَامَ ٱللّٰهِ». (اع ١٠:٤) وَنُزُولًا عِنْدَ طَلَبِ ٱلْمَلَاكِ، أَوْفَدَ كَرْنِيلِيُوسُ رِجَالًا لِٱسْتِدْعَاءِ ٱلرَّسُولِ بُطْرُسَ. فَبَعْدَ قَلِيلٍ، سَيَسْمَعُ هٰذَا ٱلْأُمَمِيُّ ٱلْأَغْلَفُ رِسَالَةَ ٱلْخَلَاصِ، فَيُفْتَحُ أَمَامَهُ بَابٌ طَالَمَا كَانَ مُوْصَدًا فِي وَجْهِهِ.
٦، ٧ (أ) اُرْوُوا ٱخْتِبَارًا يُظْهِرُ أَنَّ يَهْوَهَ يَسْتَجِيبُ صَلَوَاتِ ٱلرَّاغِبِينَ بِصِدْقٍ فِي مَعْرِفَةِ ٱلْحَقِيقَةِ عَنْهُ. (ب) مَاذَا نَسْتَخْلِصُ مِنِ ٱخْتِبَارَاتٍ كَهٰذِهِ؟
٦ وَهَلْ يَسْتَجِيبُ ٱللّٰهُ صَلَوَاتِ ٱلرَّاغِبِينَ بِصِدْقٍ فِي مَعْرِفَةِ ٱلْحَقِيقَةِ عَنْهُ؟ تَأَمَّلْ فِي ٱلِٱخْتِبَارِ ٱلتَّالِي. بَعْدَمَا قَبِلَتِ ٱمْرَأَةٌ فِي أَلْبَانْيَا نُسْخَةً مِنْ بُرْجُ ٱلْمُرَاقَبَةِ تَتَنَاوَلُ فِي إِحْدَى مَقَالَاتِهَا مَوْضُوعَ تَرْبِيَةِ ٱلْأَوْلَادِ، c قَالَتْ لِلشَّاهِدَةِ ٱلَّتِي زَارَتْهَا: «هَلْ تُصَدِّقِينَ إِنْ أَخْبَرْتُكِ أَنِّي صَلَّيْتُ لِلتَّوِّ طَالِبَةً ٱلْمُسَاعَدَةَ فِي تَرْبِيَةِ ٱبْنَتَيَّ؟ لَا بُدَّ أَنَّ ٱللّٰهَ أَرْسَلَكِ أَنْتِ! فَكَلَامُكِ ضَرَبَ عَلَى ٱلْوَتَرِ ٱلْحَسَّاسِ». نَتِيجَةً لِذٰلِكَ، بَاشَرَتْ هِيَ وَٱبْنَتَاهَا دَرْسَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، ثُمَّ ٱنْضَمَّ إِلَيْهِنَّ زَوْجُهَا فِي مَا بَعْدُ.
٧ أَلَعَلَّ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةَ فَرِيدَةٌ مِنْ نَوْعِهَا؟ إِطْلَاقًا! فَٱخْتِبَارَاتٌ كَهٰذِهِ تَتَكَرَّرُ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ بِنِسْبَةٍ لَا تَتْرُكُ مَجَالًا لِلِٱعْتِقَادِ أَنَّهَا وَلِيدَةُ ٱلصُّدْفَةِ. اَلْخُلَاصَةُ؟ أَوَّلًا، يَسْتَجِيبُ يَهْوَهُ لِمَنْ يُصَلُّونَ بِإِخْلَاصٍ طَالِبِينَ مَعْرِفَتَهُ. (١ مل ٨:٤١-٤٣؛ مز ٦٥:٢) وَثَانِيًا، يَدْعَمُ ٱلْمَلَائِكَةُ عَمَلَنَا ٱلْكِرَازِيَّ. — رؤ ١٤:٦، ٧.
«كَانَ بُطْرُسُ مُتَحَيِّرًا جِدًّا» (اعمال ١٠:٩-٢٣أ)
٨، ٩ مَاذَا كَشَفَ ٱلرُّوحُ لِبُطْرُسَ، وَكَيْفَ تَجَاوَبَ؟
٨ فِيمَا أَوْشَكَ رُسُلُ كَرْنِيلِيُوسَ أَنْ يَبْلُغُوا بَيْتَ سِمْعَانَ، «كَانَ بُطْرُسُ مُتَحَيِّرًا جِدًّا» فِي مَا تَعْنِيهِ ٱلرُّؤْيَا. (اع ١٠:١٧) فَهَلْ يَقْبَلُ أَنْ يُرَافِقَ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالَ وَيَدْخُلَ بَيْتَ أُمَمِيٍّ، هُوَ ٱلَّذِي رَفَضَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَنَاوُلَ أَطْعِمَةٍ حَرَّمَتْهَا ٱلشَّرِيعَةُ؟ بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى، كَشَفَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ لِبُطْرُسَ مَشِيئَةَ يَهْوَهَ فِي هٰذَا ٱلصَّدَدِ. قِيلَ لَهُ: «هُوَذَا ثَلَاثَةُ رِجَالٍ يَطْلُبُونَكَ. فَقُمِ ٱنْزِلْ وَٱذْهَبْ مَعَهُمْ دُونَ أَنْ تَشُكَّ فِي شَيْءٍ أَبَدًا، لِأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ». (اع ١٠:١٩، ٢٠) وَلَا رَيْبَ أَنَّ ٱلرُّؤْيَا ٱلَّتِي نَالَهَا سَابِقًا أَعَدَّتْهُ لِلْخُضُوعِ لِتَوْجِيهِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.
٩ لِذَا حَالَمَا عَلِمَ بُطْرُسُ أَنَّ ٱللّٰهَ وَجَّهَ كَرْنِيلِيُوسَ لِٱسْتِدْعَائِهِ، دَعَا هٰؤُلَاءِ ٱلرُّسُلَ ٱلْأُمَمِيِّينَ إِلَى ٱلدَّاخِلِ «وَأَضَافَهُمْ». (اع ١٠:٢٣أ) فَهٰذَا ٱلرَّسُولُ ٱلْمُذْعِنُ أَخَذَ يَسْتَوْعِبُ ٱلْكُشُوفَاتِ ٱلْجَدِيدَةَ عَنِ ٱلْمَشِيئَةِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ وَيَضَعُهَا مَوْضِعَ ٱلْعَمَلِ.
١٠ كَيْفَ يُوَجِّهُ يَهْوَهُ شَعْبَهُ، وَمَاذَا يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَسْأَلَ أَنْفُسَنَا؟
١٠ حَتَّى يَوْمِنَا هٰذَا، يُوَجِّهُ يَهْوَهُ شَعْبَهُ بِكَشْفِ مَشِيئَتِهِ تَدْرِيجِيًّا. (ام ٤:١٨) وَهُوَ يُرْشِدُ «ٱلْعَبْدَ ٱلْأَمِينَ ٱلْفَطِينَ» بِوَاسِطَةِ رُوحِهِ ٱلْقُدُسِ. (مت ٢٤:٤٥) لِذٰلِكَ نَقْرَأُ أَحْيَانًا مَعْلُومَاتٍ تُوضِحُ فَهْمَنَا لِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ أَوْ نَتَلَقَّى إِرْشَادَاتٍ عَنْ تَعْدِيلَاتٍ تَنْظِيمِيَّةٍ. إِذَّاكَ يَحْسُنُ بِكُلٍّ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ: ‹مَا رَدَّةُ فِعْلِي تِجَاهَ تَحْسِينَاتٍ كَهٰذِهِ؟ هَلْ أُذْعِنُ لِتَوْجِيهِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ؟›.
«أَمَرَهُمْ أَنْ يَعْتَمِدُوا» (اعمال ١٠:٢٣ب-٤٨)
١١، ١٢ مَاذَا فَعَلَ بُطْرُسُ فَوْرَ وُصُولِهِ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ، وَأَيَّةُ أُمُورٍ كَانَ قَدِ ٱسْتَوْعَبَهَا؟
١١ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي، تَوَجَّهَ بُطْرُسُ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ يُرَافِقُهُ رُسُلُ كَرْنِيلِيُوسَ ٱلثَّلَاثَةُ ‹وَسِتَّةُ إِخْوَةٍ› مِنْ يَافَا أَصْلُهُمْ يَهُودِيٌّ. (اع ١١:١٢) وَإِذْ كَانَ كَرْنِيلِيُوسُ يَتَرَقَّبُ بُطْرُسَ، جَمَعَ «أَنْسِبَاءَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ ٱلْأَحِمَّاءَ» ٱلَّذِينَ كَانُوا جَمِيعًا مِنَ ٱلْأُمَمِ عَلَى مَا يَبْدُو. (اع ١٠:٢٤) وَفَوْرَ وُصُولِهِ، أَقْدَمَ بُطْرُسُ عَلَى خُطْوَةٍ لَمْ يَحْسَبْ نَفْسَهُ قَطُّ قَادِرًا عَلَى ٱتِّخَاذِهَا: دُخُولِ بَيْتِ أُمَمِيٍّ أَغْلَفَ! أَوْضَحَ مَوْقِفَهُ قَائِلًا: «أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ جَيِّدًا كَيْفَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْيَهُودِيِّ أَنْ يُخَالِطَ رَجُلًا مِنْ جِنْسٍ آخَرَ أَوْ يَقْتَرِبَ إِلَيْهِ، إِلَّا أَنَّ ٱللّٰهَ أَرَانِي أَلَّا أَدْعُوَ إِنْسَانًا مَا دَنِسًا أَوْ نَجِسًا». (اع ١٠:٢٨) إِذًا أَدْرَكَ بُطْرُسُ أَنَّ ٱلرُّؤْيَا لَا تَقْتَصِرُ عَلَى ٱلسَّمَاحِ بِتَنَاوُلِ أَطْعِمَةٍ كَانَتْ مُحَرَّمَةً فِي ٱلسَّابِقِ. لَاحِظْ أَنَّهُ قَالَ: «اَللّٰهُ أَرَانِي أَلَّا أَدْعُوَ إِنْسَانًا مَا [وَلَا حَتَّى أُمَمِيًّا] دَنِسًا أَوْ نَجِسًا».
١٢ لَقَدْ وَجَدَ ٱلرَّسُولُ بِٱنْتِظَارِهِ حُضُورًا مُتَعَطِّشًا إِلَى سَمَاعِهِ. قَالَ لَهْ كَرْنِيلِيُوسُ: «نَحْنُ كُلُّنَا حَاضِرُونَ أَمَامَ ٱللّٰهِ لِنَسْمَعَ جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ يَهْوَهُ أَنْ تَقُولَهُ». (اع ١٠:٣٣) وَيَا لَلْأَثَرِ ٱلَّذِي تَتْرُكُهُ كَلِمَاتٌ كَهٰذِهِ فِي عُبَّادِ يَهْوَهَ! عِنْدَئِذٍ ٱسْتَهَلَّ بُطْرُسُ حَدِيثَهُ بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُؤَثِّرَةِ: «أَنَا أَجِدُ بِٱلتَّأْكِيدِ أَنَّ ٱللّٰهَ لَيْسَ مُحَابِيًا، بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ، مَنْ يَخَافُهُ وَيَعْمَلُ ٱلْبِرَّ يَكُونُ مَقْبُولًا عِنْدَهُ». (اع ١٠:٣٤، ٣٥) إِذًا ٱسْتَوْعَبَ هٰذَا ٱلرَّسُولُ أَنَّ نَظْرَةَ ٱللّٰهِ إِلَى ٱلْبَشَرِ لَا تَصُوغُهَا عَوَامِلُ كَٱلْعِرْقِ أَوِ ٱلْجِنْسِيَّةِ، فَٱنْتَقَلَ ٱلْآنَ إِلَى تَأْدِيَةِ شَهَادَةٍ عَنْ خِدْمَةِ يَسُوعَ وَمَوْتِهِ وَقِيَامَتِهِ.
١٣، ١٤ (أ) مَاذَا مَيَّزَ ٱهْتِدَاءَ كَرْنِيلِيُوسَ وَٱلْأُمَمِيِّينَ ٱلْآخَرِينَ سَنَةَ ٣٦ بم؟ (ب) لِمَ يَنْبَغِي أَلَّا نَحْكُمَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَفْقًا لِمَظْهَرِهِمْ؟
١٣ عِنْدَئِذٍ وَقَعَ حَدَثٌ غَيْرُ مَسْبُوقٍ. نَقْرَأُ: «إِذْ كَانَ بُطْرُسُ بَعْدُ يَتَكَلَّمُ بِهٰذِهِ ٱلْأُمُورِ، حَلَّ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ ٱلَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ». بِكَلِمَةٍ أُخْرَى لَقَدْ سُكِبَتْ هِبَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ عَلَى «أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ». (اع ١٠:٤٤، ٤٥) وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْحَادِثَةُ ٱلْوَحِيدَةُ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ ٱلَّتِي يُسْكَبُ فِيهَا ٱلرُّوحُ عَلَى أَشْخَاصٍ قَبْلَ مَعْمُودِيَّتِهِمْ. إِذَّاكَ أَدْرَكَ بُطْرُسُ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْعَلَامَةَ دَلَالَةٌ عَلَى رِضَى ٱللّٰهِ. فَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَّا أَنْ «أَمَرَ [هٰؤُلَاءِ ٱلْأُمَمِيِّينَ] أَنْ يَعْتَمِدُوا». (اع ١٠:٤٨) فَوَسَمَ ٱهْتِدَاؤُهُمْ عَامَ ٣٦ بم نِهَايَةَ ٱلْمَرْحَلَةِ ٱلَّتِي نَعِمَ فِيهَا ٱلْيَهُودُ بِمَكَانَةٍ خُصُوصِيَّةٍ. (دا ٩:٢٤-٢٧) وَإِذْ تَوَلَّى بُطْرُسُ زِمَامَ ٱلْحَدِيثِ ٱسْتَعْمَلَ مِفْتَاحَ ٱلْمَلَكُوتِ ٱلثَّالِثَ وَٱلْأَخِيرَ. (مت ١٦:١٩) فَفَتَحَ ٱلْبَابَ أَمَامَ ٱلْأُمَمِيِّينَ ٱلْغُلْفِ لِيُصْبِحُوا مَسِيحِيِّينَ مَمْسُوحِينَ بِٱلرُّوحِ.
١٤ وَٱلْيَوْمَ نُدْرِكُ نَحْنُ ٱلْمُنَادِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ ٱلْحَقِيقَةَ ٱلتَّالِيَةَ: «لَيْسَ عِنْدَ ٱللّٰهِ مُحَابَاةٌ». (رو ٢:١١) فَهُوَ يَشَاءُ أَنْ «يَخْلُصَ شَتَّى ٱلنَّاسِ». (١ تي ٢:٤) لِذَا حَذَارِ أَنْ نَحْكُمَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَفْقًا لِمَظْهَرِهِمْ! وَلَا نَنْسَ أَنَّ تَفْوِيضَنَا، ٱلشَّهَادَةَ كَامِلًا عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ، يَشْمُلُ ٱلْكِرَازَةَ لِلْجَمِيعِ بِغَضِّ ٱلنَّظَرِ عَنْ عِرْقِهِمْ، جِنْسِيَّتِهِمْ، شَكْلِهِمْ، أَوْ دِينِهِمْ.
«رَضَخُوا وَمَجَّدُوا ٱللّٰهَ» (اعمال ١١:١-١٨)
١٥، ١٦ لِمَ خَاصَمَ بَعْضُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ بُطْرُسَ، وَكَيْفَ بَرَّرَ مَوْقِفَهُ؟
١٥ تَوَجَّهَ بُطْرُسُ إِلَى أُورُشَلِيمَ مُتَلَهِّفًا دُونَ شَكٍّ إِلَى تَقْدِيمِ تَقْرِيرٍ عَنْ آخِرِ ٱلْمُسْتَجِدَّاتِ. وَلٰكِنْ يَبْدُو أَنَّ ٱلْأَنْبَاءَ سَبَقَتْهُ. فَعَرَفَ ٱلْإِخْوَةُ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ أَنَّ ٱلْأُمَمِيِّينَ «قَبِلُوا أَيْضًا كَلِمَةَ ٱللّٰهِ». وَلَمَّا وَصَلَ «ٱبْتَدَأَ ٱلَّذِينَ يُؤَيِّدُونَ ٱلْخِتَانَ يُخَاصِمُونَهُ». فَقَدِ ٱغْتَاظُوا لِأَنَّهُ «دَخَلَ بَيْتَ رِجَالٍ غُلْفٍ وَأَكَلَ مَعَهُمْ». (اع ١١:١-٣) وَلَمْ تَكُنِ ٱلْمَسْأَلَةُ ٱلْمَطْرُوحَةُ آنَذَاكَ هَلْ يُمْكِنُ لِلْأُمَمِيِّينَ أَنْ يَصِيرُوا أَتْبَاعًا لِلْمَسِيحِ. فَهٰؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ أَصَرُّوا عَلَى ٱلْأُمَمِيِّينَ أَنْ يَحْفَظُوا ٱلشَّرِيعَةَ، بِمَا فِيهَا مَطْلَبُ ٱلْخِتَانِ، بُغْيَةَ تَقْدِيمِ عِبَادَةٍ مَقْبُولَةٍ لِيَهْوَهَ. فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ بَعْضَهُمُ ٱسْتَصْعَبَ طَيَّ صَفْحَةِ ٱلشَّرِيعَةِ.
١٦ فَكَيْفَ بَرَّرَ بُطْرُسُ مَوْقِفَهُ؟ بِحَسَبِ ٱلْأَعْمَال ١١:٤-١٦، قَصَّ ٱلرَّسُولُ عَلَى سَامِعِيهِ أَرْبَعَ حَوَادِثَ تُزَوِّدُ ٱلدَّلِيلَ عَلَى تَوْجِيهِ يَهْوَهَ: (١) اَلرُّؤْيَا ٱلْإِلٰهِيَّةَ ٱلَّتِي ظَهَرَتْ لَهُ (الاعداد ٤-١٠)؛ (٢) إِرْشَادَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ (العددان ١١، ١٢)؛ (٣) ظُهُورَ ٱلْمَلَاكِ لِكَرْنِيلِيُوسَ (العددان ١٣، ١٤)؛ (٤) سَكْبَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ عَلَى ٱلْأُمَمِيِّينَ (العددان ١٥، ١٦). ثُمَّ خَتَمَ بِسُؤَالٍ حَاسِمٍ: «إِنْ كَانَ ٱللّٰهُ قَدْ أَعْطَاهُمُ [ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ] ٱلْهِبَةَ نَفْسَهَا [ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ] كَمَا لَنَا نَحْنُ [ٱلْيَهُودَ] ٱلَّذِينَ آمَنَّا بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، فَمَنْ أَنَا حَتَّى أَسْتَطِيعَ أَنْ أُعِيقَ ٱللّٰهَ؟». — اع ١١:١٧.
١٧، ١٨ (أ) أَيُّ ٱمْتِحَانٍ وَاجَهَهُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ؟ (ب) لِمَ يُشَكِّلُ صَوْنُ وَحْدَةِ ٱلْجَمَاعَةِ تَحَدِّيًا، وَأَيُّ سُؤَالَيْنِ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَطْرَحَهُمَا عَلَى أَنْفُسِنَا؟
١٧ وَقَفَ هٰؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي مُفْتَرَقِ طُرُقٍ بَعْدَ سَمَاعِ شَهَادَةِ بُطْرُسَ. فَهَلْ يُنَقُّونَ نُفُوسَهُمْ كَامِلًا مِنَ ٱلتَّحَيُّزِ وَيَقْبَلُونَ ٱلْأُمَمِيِّينَ ٱلْمُعْتَمِدِينَ حَدِيثًا إِخْوَةً لَهُمْ؟ تَذْكُرُ ٱلرِّوَايَةُ: «لَمَّا سَمِعُوا ذٰلِكَ، رَضَخُوا وَمَجَّدُوا ٱللّٰهَ قَائِلِينَ: ‹إِذًا قَدْ أَعْطَى ٱللّٰهُ ٱلَّذِينَ مِنَ ٱلْأُمَمِ أَيْضًا ٱلتَّوْبَةَ لِلْحَيَاةِ›». (اع ١١:١٨) وَمَوْقِفُهُمُ ٱلْإِيجَابِيُّ هٰذَا صَانَ وَحْدَةَ ٱلْجَمَاعَةِ.
١٨ وَفِي أَيَّامِنَا، يُشَكِّلُ صَوْنُ ٱلْوَحْدَةِ تَحَدِّيًا لِأَنَّ ٱلْعُبَّادَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ يَأْتُونَ «مِنْ كُلِّ ٱلْأُمَمِ وَٱلْقَبَائِلِ وَٱلشُّعُوبِ وَٱلْأَلْسِنَةِ». (رؤ ٧:٩) فَتَمْتَازُ جَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ بِتَنَوُّعٍ مِنَ ٱلْعُرُوقِ وَٱلْحَضَارَاتِ وَٱلْخَلْفِيَّاتِ. لِذَا يَحْسُنُ بِكُلٍّ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ: ‹هَلِ ٱسْتَأْصَلْتُ ٱلتَّحَيُّزَ كَامِلًا مِنْ قَلْبِي؟ وَهَلْ أَنَا مُصَمِّمٌ أَلَّا أَسْمَحَ لِلْعَصَبِيَّاتِ ٱلسَّائِدَةِ فِي ٱلْعَالَمِ، قَوْمِيَّةً كَانَتْ أَمْ قَبَلِيَّةً أَمْ حَضَارِيَّةً أَمْ عِرْقِيَّةً، أَنْ تُؤَثِّرَ فِي عَلَاقَتِي بِإِخْوَتِي ٱلْمَسِيحِيِّينَ؟›. تَذَكَّرْ مَا حَصَلَ مَعَ بُطْرُسَ (صَفَا) بَعْدَ مُرُورِ سَنَوَاتٍ قَلِيلَةٍ مِنِ ٱهْتِدَاءِ أَوَائِلِ ٱلْأُمَمِيِّينَ. فَقَدِ ٱسْتَسْلَمَ لِلتَّحَيُّزِ ٱلسَّائِدِ حَوْلَهُ وَ «رَاحَ يَتَنَحَّى وَيَفْرِزُ نَفْسَهُ» عَنِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأُمَمِيِّينَ حَتَّى ٱسْتَحَقَّ أَنْ يُقَوِّمَهُ بُولُسُ. (غل ٢:١١-١٤) فَلْنَحْتَرِسْ إِذًا عَلَى ٱلدَّوَامِ مِنْ شَرَكِ ٱلتَّحَيُّزِ.
«آمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ» (اعمال ١١:١٩-٢٦أ)
١٩ لِمَنْ كَرَزَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ فِي أَنْطَاكِيَةَ، وَبِأَيِّ نَتِيجَةٍ؟
١٩ هَلْ بَاشَرَ أَتْبَاعُ يَسُوعَ ٱلْكِرَازَةَ لِلْأُمَمِيِّينَ غَيْرِ ٱلْمَخْتُونِينَ؟ لَاحِظْ مَا حَصَلَ لَاحِقًا فِي أَنْطَاكِيَةَ سُورِيَّةَ. d فَقَدْ سَكَنَتْ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةَ جَالِيَةٌ يَهُودِيَّةٌ كَبِيرَةٌ عَاشَتْ فِي وِفَاقٍ نَوْعًا مَا مَعَ ٱلْأُمَمِيِّينَ. لِذَا شَكَّلَتْ أَنْطَاكِيَةُ بِيئَةً مُلَائِمَةً لِإِيصَالِ ٱلْبِشَارَةِ إِلَيْهِمْ. وَبِٱلْفِعْلِ ٱبْتَدَأَ بَعْضُ ٱلتَّلَامِيذِ مِنْ أُصُولٍ يَهُودِيَّةٍ يُبَشِّرُونَ «ٱلَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ ٱلْيُونَانِيَّةَ». (اع ١١:٢٠) وَلَمْ تَشْمُلْ كِرَازَتُهُمْ هٰذِهِ ٱلْيَهُودَ ٱلنَّاطِقِينَ بِٱلْيُونَانِيَّةِ فَحَسْبُ، بَلِ ٱلْأُمَمِيِّينَ ٱلْغُلْفَ أَيْضًا. وَٱلنَّتِيجَةُ؟ بَارَكَ يَهْوَهُ عَمَلَهُمْ «فَآمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ». — اع ١١:٢١.
٢٠، ٢١ كَيْفَ أَعْرَبَ بَرْنَابَا عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ، وَكَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِهِ فِيمَا نُتَمِّمُ خِدْمَتَنَا؟
٢٠ عَلَى ٱلْأَثَرِ، أَوْفَدَتِ ٱلْجَمَاعَةُ فِي أُورُشَلِيمَ بَرْنَابَا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ لِتَغْطِيَةِ هٰذَا ٱلْحَقْلِ ٱلَّذِي ٱبْيَضَّ لِلْحَصَادِ. لٰكِنَّهُ عَجِزَ كَمَا يَظْهَرُ عَنِ ٱلِٱهْتِمَامِ وَحْدَهُ بِأَعْدَادِ ٱلْمُهْتَمِّينَ ٱلْمُتَزَايِدَةِ. وَمَنْ أَفْضَلُ مِنْ شَاوُلَ لِيَمُدَّ يَدَ ٱلْمُسَاعَدَةِ، هُوَ ٱلَّذِي سَيُصْبِحُ عَمَّا قَرِيبٍ رَسُولًا لِلْأُمَمِ؟! (اع ٩:١٥؛ رو ١:٥) فَهَلْ رَأَى بَرْنَابَا فِي شَاوُلَ مُنَافِسًا لَهُ؟ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ! بَلْ تَحَلَّى هٰذَا ٱلتِّلْمِيذُ بِٱلِٱحْتِشَامِ، فَأَخَذَ ٱلْمُبَادَرَةَ وَسَافَرَ إِلَى طَرْسُوسَ لِيَبْحَثَ عَنْ شَاوُلَ وَيَأْتِيَ بِهِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. وَهُنَاكَ أَمْضَيَا سَنَةً جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ يُشَدِّدَانِ ٱلتَّلَامِيذَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ. — اع ١١:٢٢-٢٦أ.
٢١ فَكَيْفَ نُعْرِبُ نَحْنُ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ فِيمَا نُتَمِّمُ خِدْمَتَنَا؟ تَشْمُلُ هٰذِهِ ٱلصِّفَةُ أَنْ نَعْرِفَ حُدُودَنَا. فَنَحْنُ نَخْتَلِفُ وَاحِدُنَا عَنِ ٱلْآخَرِ مِنْ حَيْثُ مَقْدِرَاتُنَا وَمَهَارَاتُنَا. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، يَبْرَعُ ٱلْبَعْضُ فِي تَوْزِيعِ ٱلْمَطْبُوعَاتِ لٰكِنَّهُمْ يَسْتَصْعِبُونَ عَقْدَ ٱلزِّيَارَاتِ ٱلْمُكَرَّرَةِ أَوِ ٱلِٱبْتِدَاءَ بِدُرُوسٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. فَلِمَ لَا تَطْلُبُ ٱلْمُسَاعَدَةَ فِي حَالِ أَرَدْتَ أَنْ تُحْرِزَ تَقَدُّمًا فِي أَحَدِ أَوْجُهِ ٱلْخِدْمَةِ؟ فَبِذٰلِكَ تَزْدَادُ فَعَّالِيَّةً وَفَرَحًا فِيمَا تُتَمِّمُ تَفْوِيضَكَ. — ١ كو ٩:٢٦.
«إِرْسَالُ إِعَانَةٍ إِلَى ٱلْإِخْوَةِ» (اعمال ١١:٢٦ب-٣٠)
٢٢، ٢٣ كَيْفَ عَبَّرَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ فِي أَنْطَاكِيَةَ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلْأَخَوِيَّةِ، وَكَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِهِمْ؟
٢٢ كَانَ فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلًا أَنَّ «ٱلتَّلَامِيذَ دُعُوا بِعِنَايَةٍ إِلٰهِيَّةٍ مَسِيحِيِّينَ». (اع ١١:٢٦ب) وَهٰذِهِ ٱلتَّسْمِيَةُ ٱلْمَقْبُولَةُ إِلٰهِيًّا تُشِيرُ إِلَى أَشْخَاصٍ يَسِيرُونَ عَلَى نَهْجِ ٱلْمَسِيحِ. فَمَاذَا حَصَلَ عِنْدَمَا ٱعْتَنَقَ أُمَمِيُّونَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ؟ هَلْ جَمَعَ رِبَاطُ ٱلْأُخُوَّةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مِنْ أَصْلٍ يَهُودِيٍّ؟ تَأَمَّلْ فِي مَا حَصَلَ عِنْدَمَا ضَرَبَتْ مَجَاعَةٌ عَظِيمَةٌ نَحْوَ ٱلْعَامِ ٤٦ بم. e فَٱلْمَجَاعَاتُ قَدِيمًا أَلْحَقَتْ ضَرَرًا بَالِغًا بِٱلْمُعْوِزِينَ ٱلَّذِينَ ٱفْتَقَرُوا إِلَى مَالٍ مُدَّخَرٍ أَوْ طَعَامٍ مُخَزَّنٍ تَحَسُّبًا لِلطَّوَارِئِ. وَكَانَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْعَائِشُونَ آنَذَاكَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ فِي أَمَسِّ ٱلْحَاجَةِ إِلَى ضَرُورِيَّاتِ ٱلْحَيَاةِ، لَا سِيَّمَا أَنَّ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ كَانُوا فُقَرَاءَ عَلَى مَا يَبْدُو. وَعِنْدَمَا عَرَفَ بِهٰذِهِ ٱلضَّائِقَةِ ٱلْإِخْوَةُ فَي أَنْطَاكِيَةَ، بِمَنْ فِيهِمِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْأُمَمِيُّونَ، بَادَرُوا إِلَى إِرْسَالِ «إِعَانَةٍ» إِلَى ٱلْإِخْوَةِ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ. (اع ١١:٢٩) فَيَا لَهٰذَا ٱلتَّعْبِيرِ ٱلصَّادِقِ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلْأَخَوِيَّةِ!
٢٣ وَلَا يَزَالُ شَعْبُ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ يَتَحَلَّى بِٱلرُّوحِ نَفْسِهَا. فَحِينَ نَعْلَمُ أَنَّ إِخْوَتَنَا أَيْنَمَا كَانُوا حَوْلَ ٱلْعَالَمِ يَمُرُّونَ بِضَائِقَةٍ مَا، نُبَادِرُ فَوْرًا إِلَى نَجْدَتِهِمْ. فَلِجَانُ ٱلْفُرُوعِ تُرَتِّبُ بِسُرْعَةٍ لِتَأْلِيفِ لِجَانِ إِغَاثَةٍ تَهْتَمُّ بِإِخْوَتِنَا ٱلْمُتَضَرِّرِينَ جَرَّاءَ ٱلْكَوَارِثِ ٱلطَّبِيعِيَّةِ، كَٱلْأَعَاصِيرِ وَٱلزَّلَازِلِ وَمَوْجَاتِ ٱلتُّسُونَامِي. وَأَعْمَالُ ٱلْإِغَاثَةِ عَلَى أَشْكَالِهَا بُرْهَانٌ عَلَى أُخُوَّتِنَا ٱلْأَصِيلَةِ. — يو ١٣:٣٤، ٣٥؛ ١ يو ٣:١٧.
٢٤ كَيْفَ نُظْهِرُ أَنَّنَا نَحْمِلُ رُؤْيَا بُطْرُسَ مَحْمَلَ ٱلْجِدِّ؟
٢٤ يَحْمِلُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ مَحْمَلَ ٱلْجِدِّ ٱلرُّؤْيَا ٱلَّتِي رَآهَا بُطْرُسُ فِي يَافَا قَبْلَ مَا يَزِيدُ عَلَى ٩٠٠,١ سَنَةٍ. فَإِلٰهُنَا لَا يُحَابِي. وَهُوَ يَشَاءُ أَنْ نَشْهَدَ كَامِلًا عَنْ مَلَكُوتِهِ بِٱلْكِرَازَةِ لِلْجَمِيعِ، بِصَرْفِ ٱلنَّظَرِ عَنْ عِرْقِهِمْ أَوْ جِنْسِيَّتِهِمْ أَوْ مَكَانَتِهِمِ ٱلِٱجْتِمَاعِيَّةِ. فَلْنُصَمِّمْ إِذًا أَنْ نَمْنَحَ جَمِيعَ سَامِعِينَا فُرْصَةَ قُبُولِ ٱلْبِشَارَةِ. — رو ١٠:١١-١٣.
a اِحْتَقَرَ بَعْضُ ٱلْيَهُودِ ٱلدَّبَّاغِينَ لِأَنَّهُمُ ٱحْتَكُّوا بِجُلُودِ ٱلْحَيَوَانَاتِ وَجُثَثِهَا وَلَامَسُوا مَوَادَّ مُنَفِّرَةً بِحُكْمِ عَمَلِهِمْ. وَقَدِ ٱعْتُبِرُوا غَيْرَ جَدِيرِينَ بِدُخُولِ ٱلْهَيْكَلِ وَأُجْبِرُوا أَنْ يَكُونَ مَشْغَلُهُمْ بَعِيدًا ٥٠ ذِرَاعًا (٢٢ م) عَلَى ٱلْأَقَلِّ عَنِ ٱلْبَلَدَاتِ. وَلَعَلَّ هٰذَا هُوَ أَحَدُ ٱلْأَسْبَابِ ٱلَّتِي حَدَتْ بِسِمْعَانَ إِلَى ٱلْعَيْشِ «عِنْدَ ٱلْبَحْرِ». — اع ١٠:٦.
b اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ « اَلْجَيْشُ ٱلرُّومَانِيُّ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ».
c اَلْمَقَالَةُ بِعُنْوَانِ: «نَصَائِحُ سَدِيدَةٌ لِتَرْبِيَةِ ٱلْأَوْلَادِ»، وَقَدْ صَدَرَتْ فِي عَدَدِ ١ تِشْرِينَ ٱلثَّانِي (نُوفَمْبِر) ٢٠٠٦، ٱلصَّفَحَاتِ ٤-٧.
d اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ « أَنْطَاكِيَةُ سُورِيَّةَ».
e يَأْتِي ٱلْمُؤَرِّخُ ٱلْيَهُودِيُّ يُوسِيفُوس عَلَى ذِكْرِ هٰذِهِ ‹ٱلْمَجَاعَةِ ٱلْعَظِيمَةِ› ٱلَّتِي ضَرَبَتْ خِلَالَ حُكْمِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِ كُلُودِيُوس (٤١-٥٤ بم).