اَلْفَصْلُ ٱلتَّاسِعُ
تصرفتْ بفطنة
١-٣ (أ) أَيُّ خَطَرٍ دَاهِمٍ كَانَ يُحْدِقُ بِبَيْتِ أَبِيجَايِلَ؟ (ب) مَاذَا سَنَعْرِفُ عَنْ هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةِ ٱلْمُمَيَّزَةِ؟
رَأَتْ أَبِيجَايِلُ ٱلذُّعْرَ فِي عَيْنَيِ ٱلْفَتَى. وَكَيْفَ لَا يَكُونُ خَائِفًا مَرْعُوبًا وَثَمَّةَ خَطَرٌ دَاهِمٌ يَلُوحُ فِي ٱلْأُفُقِ؟! فَفِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ بِٱلذَّاتِ، كَانَ حَوَالَيْ ٤٠٠ مُحَارِبٍ يَزْحَفُونَ نَحْوَ بَيْتِ نَابَالَ، زَوْجِ أَبِيجَايِلَ، عَازِمِينَ عَلَى قَتْلِ كُلِّ ٱلذُّكُورِ فِيهِ. وَلٰكِنْ مَا ٱلسَّبَبُ؟
٢ إِنَّهُ نَابَالُ. لَقَدْ تَصَرَّفَ بِقَسَاوَةٍ وَوَقَاحَةٍ كَعَادَتِهِ. لٰكِنَّهُ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ أَهَانَ شَخْصًا غَيْرَ عَادِيٍّ، ٱلْقَائِدَ ٱلْمَحْبُوبَ لِفِرْقَةٍ مِنَ ٱلْمُحَارِبِينَ ٱلْأَوْلِيَاءِ ٱلْبَارِعِينَ فِي ٱلْقِتَالِ. لِذَا ٱسْتَغَاثَ بِأَبِيجَايِلَ عَامِلٌ عِنْدَ نَابَالَ، رُبَّمَا أَحَدُ رُعَاتِهِ، وَاثِقًا أَنَّهَا سَتَجِدُ سَبِيلًا لِإِنْقَاذِهِمْ مِنْ هٰذِهِ ٱلْوَرْطَةِ. وَلٰكِنْ مَاذَا فِي وُسْعِ ٱمْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْ تَفْعَلَ فِي وَجْهِ مُحَارِبِينَ أَشِدَّاءَ؟
مَاذَا فِي وُسْعِ ٱمْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْ تَفْعَلَ فِي وَجْهِ مُحَارِبِينَ أَشِدَّاءَ؟
٣ فِي ٱلْبِدَايَةِ، لِنَتَعَرَّفْ أَكْثَرَ بِهٰذِهِ ٱلْمَرْأَةِ ٱلْمُمَيَّزَةِ. فَمَنْ كَانَتْ أَبِيجَايِلُ؟ كَيْفَ طَرَأَتْ تِلْكَ ٱلْمُشْكِلَةُ؟ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِهَا فِي ٱلْإِيمَانِ؟
«فَطِنَةٌ جِدًّا وَجَمِيلَةُ ٱلصُّورَةِ»
٤ أَيَّ رَجُلٍ كَانَ نَابَالُ؟
٤ كَانَ نَابَالُ وَأَبِيجَايِلُ عَلَى طَرَفَيْ نَقِيضٍ. فَهُوَ مَا كَانَ لِيَحْظَى بِزَوْجَةٍ أَفْضَلَ مِنْهَا، فِي حِينِ وَجَدَتْ هِيَ نَفْسَهَا مُقْتَرِنَةً بِرَجُلٍ لَا أَسْوَأَ مِنْهُ وَلَا أَفْظَعَ. وَبِمَا أَنَّهُ ثَرِيٌّ، ٱعْتَبَرَ نَفْسَهُ شَخْصًا مُهِمًّا لِلْغَايَةِ. وَلٰكِنْ كَيْفَ نَظَرَ ١ صم ٢٥:٢، ٣، ١٧، ٢١، ٢٥.
ٱلْآخَرُونَ إِلَيْهِ؟ قَلَّمَا نَجِدُ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ شَخْصِيَّةً نُعِتَتْ بِصِفَاتٍ ٱزْدِرَائِيَّةٍ مَعِيبَةٍ مِثْلَ نَابَالَ. حَتَّى ٱسْمُهُ بِحَدِّ ذَاتِهِ يَعْنِي «غَبِيًّا». وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ عَلَيْهِ وَالِدَاهُ هٰذَا ٱلِٱسْمَ عِنْدَ ٱلْوِلَادَةِ أَمْ لُقِّبَ بِهِ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، فَإِنَّهُ ٱسْمٌ عَلَى مُسَمًّى. فَهٰذَا ٱلرَّجُلُ كَانَ «قَاسِيًا وَسَيِّئَ ٱلْأَعْمَالِ»، وَقَدْ خَافَهُ ٱلْجَمِيعُ وَكَرِهُوهُ لِأَنَّهُ سِكِّيرٌ وَشَرِسُ ٱلطِّبَاعِ. —٥، ٦ (أ) أَيَّةُ صِفَاتٍ تَحَلَّتْ بِهَا أَبِيجَايِلُ؟ (ب) لِمَاذَا رُبَّمَا تَزَوَّجَتْ أَبِيجَايِلُ رَجُلًا لَا خَيْرَ فِيهِ كَنَابَالَ؟
٥ أَمَّا أَبِيجَايِلُ فَٱخْتَلَفَتْ كُلَّ ٱلِٱخْتِلَافِ عَنْ زَوْجِهَا. وَٱسْمُهَا يَعْنِي «أَبِي يَفْرَحُ». فَبِشَكْلٍ عَامٍّ، يُسَرُّ ٱلْأَبُ وَيَفْتَخِرُ بِحُسْنِ ٱبْنَتِهِ وَجَمَالِهَا، لٰكِنَّ ٱلْأَبَ ٱلْحَكِيمَ يَكُونُ أَكْثَرَ فَرَحًا حِينَ يَتَبَيَّنُ فِيهَا جَمَالًا دَاخِلِيًّا. وَفِي أَغْلَبِ ٱلْأَحْيَانِ، لَا يَعِي ٱلشَّخْصُ ٱلَّذِي يُوهَبُ جَمَالًا خَارِجِيًّا حَاجَتَهُ إِلَى تَنْمِيَةِ صِفَاتٍ كَٱلْفِطْنَةِ وَٱلْحِكْمَةِ وَٱلشَّجَاعَةِ وَٱلْإِيمَانِ. غَيْرَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةَ لَا تَنْطَبِقُ عَلَى أَبِيجَايِلَ. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُشِيدُ بِفِطْنَتِهَا وَبِجَمَالِهَا أَيْضًا. — اقرأ ١ صموئيل ٢٥:٣.
٦ وَلٰكِنْ رُبَّ سَائِلٍ يَقُولُ: ‹لِمَاذَا تَزَوَّجَتْ هٰذِهِ ٱلشَّابَّةُ ٱلذَّكِيَّةُ رَجُلًا لَا خَيْرَ فِيهِ كَنَابَالَ؟›. لَا يَغِبْ عَنْ بَالِكَ أَنَّ مُعْظَمَ ٱلزِّيجَاتِ فِي أَزْمِنَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ كَانَتْ مُدَبَّرَةً. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذٰلِكَ، تَبْقَى مُوَافَقَةُ ٱلْوَالِدِينَ عَلَى جَانِبٍ كَبِيرٍ جِدًّا مِنَ ٱلْأَهَمِّيَّةِ. فَهَلْ أَيَّدَ وَالِدَا أَبِيجَايِلَ هٰذَا ٱلزَّوَاجَ، أَوْ رُبَّمَا دَبَّرَاهُ، لِأَنَّهُمَا أُخِذَا بِثَرْوَةِ نَابَالَ وَمَكَانَتِهِ ٱلْبَارِزَةِ؟ هَلْ قَبِلَا بِهِ تَحْتَ وَطْأَةِ ٱلْفَقْرِ؟ مَهْمَا يَكُنِ ٱلْأَمْرُ، لَمْ يُجَمِّلِ ٱلْمَالُ شَخْصِيَّةَ نَابَالَ وَيَجْعَلْ مِنْهُ زَوْجًا مُنَاسِبًا.
٧ (أ) مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَنَّبَ ٱلْوَالِدُونَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَمْتَلِكَ أَوْلَادُهُمْ نَظْرَةً سَلِيمَةً إِلَى ٱلزَّوَاجِ؟ (ب) عَلَامَ كَانَتْ أَبِيجَايِلُ مُصَمِّمَةً؟
٧ يَحْرِصُ ٱلْوَالِدُونَ ٱلْحُكَمَاءُ عَلَى تَعْلِيمِ أَوْلَادِهِمْ أَنْ يَمْتَلِكُوا نَظْرَةً سَلِيمَةً إِلَى ٱلزَّوَاجِ. فَهُمْ لَا يَدْفَعُونَهُمْ إِلَى ٱتِّخَاذِ هٰذِهِ ٱلْخُطْوَةِ طَمَعًا بِٱلْمَالِ، ١ كو ٧:٣٦) وَلٰكِنْ فِي حَالَةِ أَبِيجَايِلَ، كَانَ ٱلْأَوَانُ قَدْ فَاتَ لِتُعِيدَ ٱلنَّظَرَ فِي قَرَارِهَا. فَهِيَ تَزَوَّجَتْ مِنْ نَابَالَ لِسَبَبٍ مَا وَكَانَتْ مُصَمِّمَةً عَلَى ٱلتَّأَقْلُمِ مَعَ وَضْعِهَا ٱلصَّعْبِ قَدْرَ ٱسْتِطَاعَتِهَا.
وَلَا يُشَجِّعُونَهُمْ عَلَى ٱلْمُوَاعَدَةِ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحُوا نَاضِجِينَ وَمُؤَهَّلِينَ لِتَحَمُّلِ مَسْؤُولِيَّاتِ ٱلزَّوَاجِ. («ثَارَ عَلَيْهِمْ وَٱنْتَهَرَهُمْ»
٨ مَنْ ذَا ٱلَّذِي أَهَانَهُ نَابَالُ، وَلِمَ كَانَ تَصَرُّفُهُ فِي غَايَةِ ٱلْحَمَاقَةِ؟
٨ فَوْقَ هٰذِهِ ٱلْعِيشَةِ ٱلْمُرَّةِ، وَضَعَ نَابَالُ أَبِيجَايِلَ فِي مَوْقِفٍ لَا تُحْسَدُ عَلَيْهِ. فَٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي أَهَانَهُ زَوْجُهَا لَمْ يَكُنْ سِوَى دَاوُدَ، خَادِمِ يَهْوَهَ ٱلْأَمِينِ ٱلَّذِي مَسَحَهُ ٱلنَّبِيُّ صَمُوئِيلُ بِٱعْتِبَارِهِ ٱلشَّخْصَ ٱلَّذِي ٱخْتَارَهُ ٱللهُ مَلِكًا خَلِيفَةً لِشَاوُلَ. (١ صم ١٦:١، ٢، ١١-١٣) وَقَدْ كَانَ آنَذَاكَ يُقِيمُ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ مَعَ مُحَارِبِيهِ ٱلْأَوْلِيَاءِ ٱلـ ٦٠٠، هَارِبًا مِنَ ٱلْمَلِكِ شَاوُلَ ٱلْحَسُودِ ٱلَّذِي سَعَى إِلَى قَتْلِهِ.
٩، ١٠ (أ) فِي أَيَّةِ ظُرُوفٍ نَاضَلَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ لِلْبَقَاءِ عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ؟ (ب) لِمَ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْتَرَضِ أَنْ يُقَدِّرَ نَابَالُ مَعْرُوفَ دَاوُدَ وَرِجَالِهِ؟ (اُنْظُرْ أَيْضًا حَاشِيَةَ ٱلْفِقْرَةِ ١٠.)
٩ عَاشَ نَابَالُ فِي مَدِينَةِ مَعُونَ وَعَمِلَ فِي ٱلْكَرْمَلِ * ٱلْمُجَاوِرَةِ حَيْثُ ٱمْتَلَكَ أَرْضًا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ. كَانَتْ هَاتَانِ ٱلْمَدِينَتَانِ تَقَعَانِ وَسْطَ مُرْتَفَعَاتٍ خَضْرَاءَ خِصْبَةٍ مُنَاسِبَةٍ لِتَرْبِيَةِ ٱلْغَنَمِ ٱلَّتِي ٱقْتَنَى نَابَالُ ٣٬٠٠٠ مِنْهَا. أَمَّا ٱلْأَرَاضِي ٱلْمُحِيطَةُ بِهِمَا فَكَانَتْ مُقْفِرَةً. فَإِلَى ٱلْجَنُوبِ تَقَعُ بَرِّيَّةُ فَارَانَ ٱلشَّاسِعَةُ. وَإِلَى ٱلشَّرْقِ، يَمْتَدُّ ٱلطَّرِيقُ ٱلْمُؤَدِّي إِلَى بَحْرِ ٱلْمِلْحِ فِي أَرَاضٍ قَاحِلَةٍ تَكْثُرُ فِيهَا ٱلْمَغَاوِرُ وَٱلْوِدْيَانُ ٱلصَّغِيرَةُ. فِي هٰذِهِ ٱلْمَنَاطِقِ، نَاضَلَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ لِلْبَقَاءِ عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ. فَكَانُوا حَتْمًا يَكُدُّونَ فِي ٱلْبَحْثِ عَنِ ٱلطَّعَامِ وَيَتَحَمَّلُونَ شَتَّى ٱلْمَصَاعِبِ. وَلَا بُدَّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْتَقُونَ رُعْيَانَ نَابَالَ ٱلْغَنِيِّ.
١٠ وَكَيْفَ عَامَلُوا هٰؤْلَاءِ ٱلرُّعْيَانَ؟ لَمْ يَكُنْ صَعْبًا أَنْ يَسْرِقُوا مِنْهُمْ شَاةً ١ صموئيل ٢٥:١٥، ١٦.) فَٱلرُّعَاةُ وَقُطْعَانُهُمْ تَعَرَّضُوا آنَذَاكَ لِمَخَاطِرَ جَمَّةٍ، سَوَاءٌ مِنَ ٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلضَّارِيَةِ ٱلَّتِي زَخَرَتْ بِهَا ٱلْمِنْطَقَةُ، أَوْ مِنَ ٱلْهَجَمَاتِ ٱلْمُتَكَرِّرَةِ ٱلَّتِي شَنَّهَا ٱلْغُزَاةُ وَٱللُّصُوصُ ٱلْغُرَبَاءُ ٱلَّذِينَ كَانُوا يَدْخُلُونَ إِسْرَائِيلَ مِنْ حُدُودِهَا ٱلْجَنُوبِيَّةِ ٱلْقَرِيبَةِ جِدًّا. *
بَيْنَ ٱلْفَيْنَةِ وَٱلْأُخْرَى، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ هٰذَا ٱلْقَبِيلِ. بِٱلْأَحْرَى، كَانُوا أَشْبَهَ بِسُورٍ حَمَى غَنَمَ نَابَالَ وَخُدَّامَهُ. (اقرأ١١، ١٢ (أ) كَيْفَ أَعْرَبَ دَاوُدُ عَنِ ٱللَّبَاقَةِ وَٱلِٱحْتِرَامِ فِي تَعَامُلِهِ مَعَ نَابَالَ؟ (ب) مَا ٱلْخَطَأُ فِي رَدَّةِ فِعْلِ نَابَالَ؟
١١ طَبْعًا، لَمْ يَكُنْ سَهْلًا أَلْبَتَّةَ أَنْ يُؤَمِّنَ دَاوُدُ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ طَعَامًا لِكُلِّ رِجَالِهِ. لِذَا أَرْسَلَ ذَاتَ يَوْمٍ عَشَرَةَ رُسُلٍ إِلَى نَابَالَ طَلَبًا لِلْمُسَاعَدَةِ. وَٱخْتَارَ بِحِكْمَةٍ أَنْ يَلْتَمِسَ طَلَبَهُ هٰذَا فِي مَوْسِمِ جَزِّ ٱلْغَنَمِ ٱلَّذِي كَانَ مُنَاسَبَةً مُبْهِجَةً ٱعْتَادَ ٱلنَّاسُ خِلَالَهَا أَنْ يُقِيمُوا ٱلْوَلَائِمَ وَيُجْزِلُوا ٱلْعَطَاءَ. كَمَا حَرِصَ عَلَى ٱنْتِقَاءِ كَلِمَاتِهِ، مُسْتَخْدِمًا تَعَابِيرَ لَطِيفَةً وَأُسْلُوبًا مُهَذَّبًا فِي ٱلْمُخَاطَبَةِ. حَتَّى إِنَّهُ أَشَارَ إِلَى نَفْسِهِ بِٱلتَّعْبِيرِ «ٱبْنِكَ دَاوُدَ»، رُبَّمَا ٱحْتِرَامًا لِهٰذَا ٱلرَّجُلِ ٱلْأَكْبَرِ سِنًّا. وَلٰكِنْ كَيْفَ أَجَابَ نَابَالُ ٱلرُّسُلَ ٱلْعَشَرَةَ؟ — ١ صم ٢٥:٥-٨.
١٢ لَقَدِ ٱحْتَدَمَ غَيْظُهُ «فَثَارَ عَلَيْهِمْ وَٱنْتَهَرَهُمْ»، حَسْبَمَا ذَكَرَ ٱلْفَتَى ٱلَّذِي لَجَأَ إِلَى أَبِيجَايِلَ، كَمَا يَرِدُ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْفَصْلِ. وَعَبَّرَ عَنِ ٱمْتِعَاضِهِ مِنْ طَلَبِهِمْ وَتَبَاخَلَ عَلَيْهِمْ بِخُبْزِهِ وَمَائِهِ وَذَبِيحِهِ. وَٱسْتَهْزَأَ أَيْضًا بِدَاوُدَ وَحَقَّرَهُ وَاصِفًا إِيَّاهُ بِٱلْخَادِمِ ٱلْهَارِبِ. وَلَعَلَّ نَظْرَتَهُ هٰذِهِ شَبِيهَةٌ بِنَظْرَةِ شَاوُلَ ٱلَّذِي أَبْغَضَ دَاوُدَ. فَكِلَاهُمَا لَمْ يَمْتَلِكْ نَظْرَةَ يَهْوَهَ ٱلَّذِي أَحَبَّ دَاوُدَ وَرَأَى فِيهِ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، لَا عَبْدًا مُتَمَرِّدًا. — ١ صم ٢٥:١٠، ١١، ١٤.
١٣ (أ) كَيْفَ نَوَى دَاوُدُ فِي ٱلْبِدَايَةِ ٱلرَّدَّ عَلَى إِهَانَةِ نَابَالَ؟ (ب) مَا عَلَاقَةُ ٱلْمَبْدَإِ فِي يَعْقُوب ١:٢٠ بِرَدِّ فِعْلِ دَاوُدَ؟
١ صم ٢٥:١٢، ١٣، ٢١، ٢٢) صَحِيحٌ أَنَّ سُخْطَ دَاوُدَ كَانَ مُبَرَّرًا، غَيْرَ أَنَّ طَرِيقَتَهُ فِي ٱلتَّعْبِيرِ عَنْهُ خَاطِئَةٌ. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَقُولُ: «سُخْطُ ٱلْإِنْسَانِ لَا يُنْتِجُ بِرَّ ٱللهِ». (يع ١:٢٠) وَلٰكِنْ كَيْفَ ٱسْتَطَاعَتْ أَبِيجَايِلُ أَنْ تُنْقِذَ أَهْلَ بَيْتِهَا؟
١٣ عِنْدَمَا عَادَ ٱلرُّسُلُ وَأَخْبَرُوا دَاوُدَ بِمَا حَصَلَ، ٱسْتَشَاطَ غَضَبًا وَأَمَرَ رِجَالَهُ قَائِلًا: «لِيَتَقَلَّدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ سَيْفَهُ». ثُمَّ تَقَلَّدَ هُوَ أَيْضًا سَيْفَهُ وَتَوَجَّهَ مَعَ ٤٠٠ مِنْ رِجَالِهِ إِلَى بَيْتِ نَابَالَ، مُتَعَهِّدًا أَنْ يَقْضِيَ عَلَى كُلِّ ٱلذُّكُورِ فِيهِ. («مُبَارَكَةٌ رَجَاحَةُ عَقْلِكِ»
١٤ (أ) لِمَ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ أَبِيجَايِلَ ٱتَّخَذَتِ ٱلْخُطْوَةَ ٱلْأُولَى لِتَقْوِيمِ خَطَإِ نَابَالَ ٱلْفَادِحِ؟ (ب) مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنَ ٱلِٱخْتِلَافِ ٱلْكَبِيرِ بَيْنَ نَابَالَ وَأَبِيجَايِلَ؟ (اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.)
١٤ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ أَبِيجَايِلَ ٱتَّخَذَتِ ٱلْخُطْوَةَ ٱلْأُولَى لِتَقْوِيمِ هٰذَا ٱلْخَطَإِ ٱلْفَادِحِ. فَقَدْ أَظْهَرَتِ ٱسْتِعْدَادًا لِلْإِصْغَاءِ بِخِلَافِ زَوْجِهَا ٱلَّذِي وَصَفَهُ ٱلْفَتَى بِأَنَّهُ «رَجُلٌ لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا يُمْكِنُ ٱلْكَلَامُ مَعَهُ». * (١ صم ٢٥:١٧) فَنَابَالُ كَانَ يَرْفُضُ ٱلْإِصْغَاءَ إِلَى ٱلْآخَرِينَ بِسَبَبِ ٱعْتِدَادِهِ بِنَفْسِهِ، صِفَةٌ يَتَطَبَّعُ بِهَا كَثِيرُونَ حَتَّى أَيَّامِنَا هٰذِهِ. غَيْرَ أَنَّ أَبِيجَايِلَ كَانَتْ بَعِيدَةً كُلَّ ٱلْبُعْدِ عَنْ ذٰلِكَ، ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي دَفَعَ ٱلْفَتَى ٱلْخَادِمَ دُونَ شَكٍّ إِلَى ٱلِٱسْتِنْجَادِ بِهَا.
أَظْهَرَتْ أَبِيجَايِلُ ٱسْتِعْدَادًا لِلْإِصْغَاءِ إِلَى ٱلْآخَرِينَ بِخِلَافِ زَوْجِهَا نَابَالَ
١٥، ١٦ (أ) كَيْفَ أَظْهَرَتْ أَبِيجَايِلُ أَنَّهَا تُشْبِهُ ٱلزَّوْجَةَ ٱلْقَدِيرَةَ ٱلْمَوْصُوفَةَ فِي سِفْرِ ٱلْأَمْثَالِ؟ (ب) لِمَاذَا لَا يُعْتَبَرُ تَصَرُّفُ أَبِيجَايِلَ تَمَرُّدًا عَلَى حَقِّ زَوْجِهَا فِي ٱلرِّئَاسَةِ؟
١٥ فَكَّرَتْ أَبِيجَايِلُ بِسُرْعَةٍ فِي حَلٍّ لِلْمُشْكِلَةِ وَلَمْ تَتَوَانَ عَنْ تَنْفِيذِهِ. ام ٣١:١٠-٣١) بَعْدَ ذٰلِكَ، أَرْسَلَتْ مُؤَنَ ٱلطَّعَامِ مَعَ بَعْضِ خُدَّامِهَا ثُمَّ تَبِعَتْهُمْ وَحْدَهَا. لٰكِنَّهَا «لَمْ تُخْبِرْ زَوْجَهَا نَابَالَ»، وَفْقًا لِلرِّوَايَةِ. — ١ صم ٢٥:١٨، ١٩.
يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «أَسْرَعَتْ أَبِيجَايِلُ». وَٱللَّافِتُ أَنَّ ٱلْفِعْلَ ‹أَسْرَعَ› يَرِدُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ عِنْدَ ٱلْحَدِيثِ عَنْهَا فِي هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةِ. فَقَدْ أَسْرَعَتْ وَأَعَدَّتْ هَدِيَّةً سَخِيَّةً لِدَاوُدَ وَرِجَالِهِ: أَرْغِفَةَ خُبْزٍ وَخَمْرًا وَخِرْفَانًا وَحَبًّا مَشْوِيًّا وَأَقْرَاصًا مِنَ ٱلزَّبِيبِ وَقَوَالِبَ مِنَ ٱلتِّينِ. فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهَا كَانَتْ تَعْرِفُ جَيِّدًا مَا لَدَيْهَا مِنْ مُؤَنٍ وَتَقُومُ بِوَاجِبَاتِهَا ٱلْمَنْزِلِيَّةِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ، مَثَلُهَا مَثَلُ ٱلزَّوْجَةِ ٱلْقَدِيرَةِ ٱلْمَوْصُوفَةِ لَاحِقًا فِي سِفْرِ ٱلْأَمْثَالِ. (١٦ فَهَلْ يَعْنِي ذٰلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ تَتَمَرَّدُ عَلَى حَقِّهِ فِي ٱلرِّئَاسَةِ؟ كَلَّا. لَا نَنْسَ أَنَّ نَابَالَ ٱرْتَكَبَ شَرًّا ضِدَّ خَادِمٍ مَسَحَهُ يَهْوَهُ، تَصَرُّفٌ كَانَ سَيُودِي بِحَيَاةِ ٱلْعَدِيدِ مِنْ أَفْرَادِ بَيْتِ نَابَالَ ٱلْأَبْرِيَاءِ. وَلَوْ لَمْ تَتَدَخَّلْ أَبِيجَايِلُ، لَٱعْتُبِرَتْ رُبَّمَا شَرِيكَةً فِي ذَنْبِ زَوْجِهَا. لِذَا وَجَبَ عَلَيْهَا فِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ أَنْ تُعْطِيَ خُضُوعَهَا لِلهِ ٱلْأَوْلَوِيَّةَ عَلَى خُضُوعِهَا لِزَوْجِهَا.
١٧، ١٨ كَيْفَ تَصَرَّفَتْ أَبِيجَايِلُ حَالَمَا أَبْصَرَتْ دَاوُدَ، مَاذَا قَالَتْ، وَلِمَ كَانَ لِكَلِمَاتِهَا أَثَرٌ بَالِغٌ؟
١٧ حَالَمَا ٱلْتَقَتْ أَبِيجَايِلُ دَاوُدَ وَرِجَالَهُ، أَسْرَعَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً وَنَزَلَتْ عَنْ حِمَارِهَا وَتَذَلَّلَتْ لِدَاوُدَ. (١ صم ٢٥:٢٠، ٢٣) ثُمَّ عَبَّرَتْ لَهُ مُطَوَّلًا عَنْ مَشَاعِرَ صَادِقَةٍ، مُتَوَسِّلَةً إِلَيْهِ بِحَرَارَةٍ أَنْ يَصْفَحَ عَنْ زَوْجِهَا وَبَيْتِهَا. وَمَا ٱلَّذِي جَعَلَ كَلِمَاتِهَا بَالِغَةَ ٱلْأَثَرِ؟
١٨ لَقَدْ تَحَمَّلَتْ مَسْؤُولِيَّةَ مَا حَدَثَ وَنَاشَدَتْهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهَا شَخْصِيًّا. وَقَالَتْ بِصَرِيحِ ٱلْعِبَارَةِ إِنَّ زَوْجَهَا غَبِيٌّ مِثْلُ ٱسْمِهِ، وَرُبَّمَا قَصَدَتْ بِذٰلِكَ أَنَّ دَاوُدَ أَسْمَى مِنْ أَنْ يُلَطِّخَ يَدَيْهِ بِرَجُلٍ كَهٰذَا. وَعَبَّرَتْ أَيْضًا عَنْ ثِقَتِهَا بِهِ بِوَصْفِهِ مُمَثِّلَ يَهْوَهَ، مُدْرِكَةً أَنَّهُ «يُحَارِبُ حُرُوبَ يَهْوَهَ». كَمَا بَيَّنَتْ أَنَّهَا عَلَى عِلْمٍ بِوَعْدِ ٱللهِ أَنْ يُوَلِّيَهُ ٱلْمُلْكَ. فَقَدْ قَالَتْ: «يُقِيمُكَ يَهْوَهُ قَائِدًا عَلَى إِسْرَائِيلَ». فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ، حَثَّتْهُ أَلَّا يَتَّخِذَ أَيَّ خُطْوَةٍ قَدْ تَجْعَلُهُ مُذْنِبًا بِسَفْكِ ٱلدَّمِ، أَوْ تُصْبِحُ لَاحِقًا «مَصْدَمَةً» لَهُ، إِشَارَةً كَمَا يَتَّضِحُ إِلَى ١ صموئيل ٢٥:٢٤-٣١.) فَمَا أَلْطَفَ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ وَمَا أَحْلَى وَقْعَهَا فِي ٱلنَّفْسِ!
عَذَابِ ٱلضَّمِيرِ. (اقرأ١٩ كَيْفَ تَجَاوَبَ دَاوُدُ مَعَ أَبِيجَايِلَ، وَلِمَ مَدَحَهَا؟
١٩ وَكَيْفَ تَجَاوَبَ دَاوُدُ مَعَ أَبِيجَايِلَ؟ قَبِلَ هَدِيَّتَهَا قَائِلًا: «مُبَارَكٌ يَهْوَهُ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي أَرْسَلَكِ ٱلْيَوْمَ لِلِقَائِي! وَمُبَارَكَةٌ رَجَاحَةُ عَقْلِكِ، وَمُبَارَكَةٌ أَنْتِ ٱلَّتِي مَنَعْتِنِي ٱلْيَوْمَ أَنْ أُذْنِبَ بِسَفْكِ ٱلدَّمِ». فَقَدْ مَدَحَهَا عَلَى شَجَاعَتِهَا وَإِسْرَاعِهَا إِلَى لِقَائِهِ، وَٱعْتَرَفَ أَنَّهَا مَنَعَتْهُ أَنْ يُذْنِبَ بِسَفْكِ ٱلدَّمِ. ثُمَّ قَالَ لَهَا: «اِصْعَدِي بِسَلَامٍ إِلَى بَيْتِكِ»، وَأَرْدَفَ بِتَوَاضُعٍ: «قَدْ سَمِعْتُ لِصَوْتِكِ». — ١ صم ٢٥:٣٢-٣٥.
«هُوَذَا أَمَتُكَ»
٢٠، ٢١ (أ) لِمَاذَا يُعْتَبَرُ ٱسْتِعْدَادُ أَبِيجَايِلَ لِلْعَوْدَةِ إِلَى زَوْجِهَا أَمْرًا جَدِيرًا بِٱلثَّنَاءِ؟ (ب) كَيْفَ أَعْرَبَتْ أَبِيجَايِلُ عَنِ ٱلشَّجَاعَةِ وَٱلْفِطْنَةِ فِي ٱخْتِيَارِهَا ٱلْوَقْتَ ٱلْمُنَاسِبَ لِلتَّحَدُّثِ إِلَى نَابَالَ؟
٢٠ بَعْدَمَا مَضَتْ أَبِيجَايِلُ فِي سَبِيلِهَا، لَا بُدَّ أَنَّهَا أَمْعَنَتِ ٱلتَّفْكِيرَ فِي هٰذَا ٱللِّقَاءِ وَلَاحَظَتِ ٱلْفَرْقَ بَيْنَ ذَاكَ ٱلرَّجُلِ ٱلْأَمِينِ ٱللَّطِيفِ وَزَوْجِهَا ٱلْفَظِّ ٱلْفَاقِدِ ٱلْحِسَّ. غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تُطْلِقِ ٱلْعِنَانَ لِهٰذِهِ ٱلْأَفْكَارِ. تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ: «جَاءَتْ أَبِيجَايِلُ إِلَى نَابَالَ». نَعَمْ، عَادَتْ إِلَى رَجُلِهَا مُصَمِّمَةً كَٱلسَّابِقِ أَنْ تَبْذُلَ قُصَارَى جُهْدِهَا فِي إِتْمَامِ دَوْرِهَا كَزَوْجَةٍ. وَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُخْبِرَهُ عَنِ ٱلْهَدِيَّةِ ٱلَّتِي قَدَّمَتْهَا لِدَاوُدَ وَرِجَالِهِ، فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَعْرِفَ بِٱلْأَمْرِ. كَمَا لَزِمَ أَنْ تُطْلِعَهُ عَلَى ٱلْخَطَرِ ٱلَّذِي كَانَ يَحُومُ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِذٰلِكَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ وَتَلْحَقَ بِهِ مَهَانَةٌ كَبِيرَةٌ. وَلٰكِنْ حِينَ وَصَلَتْ إِلَى ٱلْبَيْتِ، لَمْ تُخْبِرْهُ فِي ٱلْحَالِ لِأَنَّهُ كَانَ يُقِيمُ وَلِيمَةً كَوَلِيمَةِ مَلِكٍ وَقَدْ أَسْرَفَ جِدًّا فِي ٱلشُّرْبِ. — ١ صم ٢٥:٣٦.
٢١ مَرَّةً أُخْرَى، أَعْرَبَتْ أَبِيجَايِلُ عَنِ ٱلشَّجَاعَةِ وَٱلْفِطْنَةِ، فَٱنْتَظَرَتْ إِلَى ٱلصَّبَاحِ ٱلتَّالِي حَتَّى يَفِيقَ نَابَالُ مِنْ سُكْرِهِ. فَهُوَ سَيَسْتَوْعِبُ مَا فَعَلَتْهُ حِينَ يَكُونُ صَاحِيًا، وَإِنْ كَانَتْ سَتَتَعَرَّضُ رُبَّمَا لِخَطَرٍ أَكْبَرَ بِسَبَبِ طِبَاعِهِ ٱلْحَادَّةِ. رَغْمَ ذٰلِكَ، ٱقْتَرَبَتْ مِنْهُ وَأَخْبَرَتْهُ بِٱلْقِصَّةِ كُلِّهَا. وَلَا شَكَّ أَنَّهَا تَوَقَّعَتْ ١ صم ٢٥:٣٧.
أَنْ تَثُورَ ثَائِرَتُهُ أَوْ يَقُومَ رُبَّمَا بِرَدِّ فِعْلٍ عَنِيفٍ، فَإِذَا بِهِ يَبْقَى مَكَانَهُ دُونَ حَرَاكٍ. —٢٢ مَاذَا أَلَمَّ بِنَابَالَ، وَمِمَّ نَحْنُ عَلَى ثِقَةٍ بِشَأْنِ كُلِّ ٱلْمَظَالِمِ وَٱلْإِسَاءَاتِ ٱلَّتِي تُرْتَكَبُ ضِمْنَ ٱلْعَائِلَةِ؟
٢٢ فَمَاذَا أَلَمَّ بِنَابَالَ؟ «مَاتَ قَلْبُهُ فِي دَاخِلِهِ، وَصَارَ كَٱلْحَجَرِ». فَلَعَلَّهُ أُصِيبَ بِسَكْتَةٍ دِمَاغِيَّةٍ. غَيْرَ أَنَّ نِهَايَتَهُ أَتَتْ بَعْدَ نَحْوِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَلٰكِنْ لَيْسَ لِأَسْبَابٍ صِحِّيَّةٍ مَحْضٍ. يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «ضَرَبَ يَهْوَهُ نَابَالَ فَمَاتَ». (١ صم ٢٥:٣٨) وَبِنَيْلِهِ هٰذَا ٱلْعِقَابَ ٱلْعَادِلَ، زَالَ ٱلْكَابُوسُ ٱلَّذِي عَاشَتْهُ أَبِيجَايِلُ طَوَالَ فَتْرَةِ زَوَاجِهَا. صَحِيحٌ أَنَّ يَهْوَهَ لَا يَتَدَخَّلُ ٱلْيَوْمَ وَيُنْزِلُ عِقَابًا عَجَائِبِيًّا، لٰكِنَّ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةَ مُذَكِّرٌ رَائِعٌ لَنَا أَنَّ إِلٰهَنَا لَا يَغْفُلُ عَنْ أَيَّةِ مَظَالِمَ أَوْ إِسَاءَاتٍ تُرْتَكَبُ ضِمْنَ ٱلْعَائِلَةِ. وَهُوَ سَيُجْرِي ٱلْعَدْلَ دَوْمًا فِي ٱلْوَقْتِ ٱلَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا. — اقرأ لوقا ٨:١٧.
٢٣ أَيُّ بَرَكَةٍ أُخْرَى نَالَتْهَا أَبِيجَايِلُ، وَكَيْفَ تَبَيَّنَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْبَرَكَةَ لَمْ تُغَيِّرْ مَوْقِفَهَا ٱلْمُتَوَاضِعَ؟
٢٣ فَضْلًا عَنِ ٱلتَّحَرُّرِ مِنْ زَوَاجٍ غَيْرِ مُوَفَّقٍ، كَانَ فِي ٱنْتِظَارِ أَبِيجَايِلَ بَرَكَةٌ أُخْرَى. فَبَعْدَمَا عَلِمَ دَاوُدُ بِمَوْتِ نَابَالَ، بَعَثَ إِلَيْهَا رُسُلًا وَطَلَبَهَا لِلزَّوَاجِ. فَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَّا أَنْ أَجَابَتْ: «هُوَذَا أَمَتُكَ جَارِيَةٌ لِغَسْلِ أَقْدَامِ خُدَّامِ سَيِّدِي». مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ فُرْصَةَ ٱلزَّوَاجِ بِدَاوُدَ لَمْ تُغَيِّرْ مَوْقِفَهَا ٱلْمُتَوَاضِعَ، فَهِيَ أَبْدَتِ ٱسْتِعْدَادَهَا أَنْ تَكُونَ جَارِيَةً لِخُدَّامِهِ. وَتُتَابِعُ ٱلرِّوَايَةُ لِتُخْبِرَنَا مُجَدَّدًا أَنَّهَا أَسْرَعَتْ وَلٰكِنْ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ كَيْ تُهَيِّئَ نَفْسَهَا لِلذَّهَابِ إِلَى دَاوُدَ. — ١ صم ٢٥:٣٩-٤٢.
٢٤ أَيَّةُ تَحَدِّيَاتٍ وَاجَهَتْهَا أَبِيجَايِلُ فِي حَيَاتِهَا ٱلْجَدِيدَةِ، وَكَيْفَ نَظَرَ إِلَيْهَا زَوْجُهَا وَإِلٰهُهَا يَهْوَهُ؟
٢٤ طَبْعًا، لَا يَعْنِي ذٰلِكَ أَنَّ حَيَاتَهَا مَعَ دَاوُدَ كَانَتْ دَوْمًا مَفْرُوشَةً بِٱلْوُرُودِ. فَهُوَ مُتَزَوِّجٌ مِنِ ٱمْرَأَةٍ أُخْرَى تُدْعَى أَخِينُوعَمَ. صَحِيحٌ أَنَّ يَهْوَهَ سَمَحَ بِتَعَدُّدِ ٱلزَّوْجَاتِ، إِلَّا أَنَّ هٰذَا ٱلْوَضْعَ شَكَّلَ تَحَدِّيًا كَبِيرًا لِلنِّسَاءِ ٱلْأَمِينَاتِ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ. هٰذَا وَإِنَّ دَاوُدَ لَمْ يَكُنْ قَدْ تُوِّجَ مَلِكًا بَعْدُ، فَقَدْ كَانَ سَيُذَلِّلُ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْعَقَبَاتِ وَٱلصُّعُوبَاتِ قَبْلَ أَنْ يَخْدُمَ يَهْوَهَ فِي هٰذَا ٱلْمَنْصِبِ. لٰكِنَّ أَبِيجَايِلَ سَاعَدَتْهُ وَدَعَمَتْهُ فِي ٱلسَّرَّاءِ وَٱلضَّرَّاءِ، وَأَنْجَبَتْ لَهُ وَلَدًا بِمُرُورِ ٱلْوَقْتِ. وَخِلَالَ مِشْوَارِ حَيَاتِهِمَا، أَدْرَكَتْ أَنَّهَا تَحْظَى بِرَجُلٍ يُقَدِّرُهَا وَيَحْمِيهَا. حَتَّى إِنَّهُ أَنْقَذَهَا فِي إِحْدَى ٱلْمُنَاسَبَاتِ مِنْ يَدِ ٱلْخَاطِفِينَ. (١ صم ٣٠:١-١٩) وَهٰكَذَا ٱقْتَدَى دَاوُدُ بِيَهْوَهَ، ٱلْإِلٰهِ ٱلَّذِي يُحِبُّ وَيُقَدِّرُ ٱلنِّسَاءَ ٱلْفَطِنَاتِ ٱلشُّجَاعَاتِ ٱلْأَمِينَاتِ كَأَبِيجَايِلَ.
^ الفقرة 9 لَا يُقْصَدُ بِٱلْكَرْمَلِ هُنَا جَبَلُ ٱلْكَرْمَلِ ٱلشَّهِيرُ ٱلَّذِي شَهِدَ لَاحِقًا مُوَاجَهَةً حَاسِمَةً بَيْنَ ٱلنَّبِيِّ إِيلِيَّا وَأَنْبِيَاءِ ٱلْبَعْلِ. (اُنْظُرِ ٱلْفَصْلَ ١٠.) بَلْ هِيَ مَدِينَةٌ فِي ٱلْجَنُوبِ تَقَعُ عِنْدَ طَرَفِ بَرِّيَّةِ فَارَانَ.
^ الفقرة 10 عَلَى ٱلْأَرْجَحِ، شَعَرَ دَاوُدُ أَنَّ حِمَايَةَ أَصْحَابِ ٱلْأَرَاضِي ٱلْمَحَلِّيِّينَ وَقُطْعَانِهِمْ هِيَ خِدْمَةٌ لِيَهْوَهَ ٱللهِ. فَفِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ، كَانَ ٱلْمُتَحَدِّرُونَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ يَسْكُنُونَ تِلْكَ ٱلْأَرَاضِيَ إِتْمَامًا لِقَصْدِ يَهْوَهَ. لِذَا ٱعْتُبِرَتْ حِمَايَتُهَا مِنْ فِرَقِ ٱلْغُزَاةِ وَٱلنَّاهِبِينَ ٱلْغُرَبَاءِ شَكْلًا مِنْ أَشْكَالِ ٱلْخِدْمَةِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.
^ الفقرة 14 إِنَّ عِبَارَةَ «رَجُلٌ لَا خَيْرَ فِيهِ» تَعْنِي حَرْفِيًّا «ٱبْنَ بَلِيعَالَ [ٱلْبُطْلِ]». وَبِحَسَبِ بَعْضِ تَرْجَمَاتِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ بِلُغَاتٍ أُخْرَى، يُوصَفُ نَابَالُ هُنَا بِأَنَّهُ «لَا يُصْغِي إِلَى أَحَدٍ»، وَخُلَاصَةُ ٱلْقَوْلِ هِيَ: «عَبَثًا ٱلتَّكَلُّمُ مَعَهُ».