الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

الطَّفرات —‏ اساس للتطور؟‏

الطَّفرات —‏ اساس للتطور؟‏

الفصل ٨

الطَّفرات —‏ اساس للتطور؟‏

١،‏ ٢ اية آليَّة يُقال انها اساس للتطور؟‏

هنالك صعوبة اخرى تواجه نظرية التطور.‏ كيف يُفترض ان يكون قد حدث بالضبط؟‏ وما هي الآلية الاساسية التي يُفترض انها مكَّنت صنفا من الاشياء الحية من التطور الى صنف آخر؟‏ يقول مؤيدو التطور ان تغييرات مختلفة داخل نواة الخلية تقوم بدورها.‏ وفي المقام الاول بين هذه هي التغييرات «العرَضية» المعروفة بـ‍ الطَّفرات mutations‏.‏ ويُعتقد ان الاجزاء الخصوصية المتعلقة بهذه التغييرات الطفْرية هي الموَرِّثات والصبغيات في الخلايا الجنسية،‏ اذ يمكن تمرير الطَّفرات فيها الى المتحدرين من المرء.‏

٢ ‏«الطَّفرات .‏ .‏ .‏ هي اساس التطور،‏» تصرِّح دائرة معارف الكتاب العالمي.‏١ وعلى نحو مماثل،‏ دعا الپالينتولوجي ستِيڤن ستانلي الطَّفرات بـ‍ «المواد الخام» للتطور.‏٢ وأعلن عالم الوراثة پيو كولَر ان الطَّفرات «ضرورية للتقدم التطوري.‏»‏٣

٣ اي نوع من الطَّفرات يلزم للتطور؟‏

٣ غير ان الطَّفرات اللازمة للتطور ليست من ايّ نوع كان.‏ فقد اشار روبرت جاسترو الى الحاجة الى «التراكم البطيء للطَّفرات المؤاتية.‏»‏٤ وأضاف كارل ساڠَن:‏ «الطَّفرات —‏ تغييرات فجائية في الوراثة —‏ تتوالد على شَبَه الاصل.‏ وتزوِّد التطور مواده الخام.‏ وتختار البيئة تلك الطَّفرات القليلة التي تعزز البقاء،‏ منتجة سلسلة تحولات بطيئة من شكل من اشكال الحياة الى آخر،‏ يكون الاصل لأنواع جديدة.‏»‏٥

٤ اية صعوبة تنشأ عند الادِّعاء بأن الطَّفرات ربما كانت ذات علاقة بالتغييرات التطورية السريعة؟‏

٤ وقيل ايضًا ان الطَّفرات قد تكون مفتاحًا للتغيير السريع الذي تستدعيه نظرية «التوازن المتقطِّع.‏» ذكر جون ڠليدْمان اذ كتب في ساينس دايجست:‏ ‏«يعتقد مؤيدو التعديل التطوري بأن الطَّفرات في المورِّثات المنظِّمة regulatory genes الاساسية قد تكون تماما الثقَّابات الوراثية التي تحتاج اليها نظريتهم عن التغييرات الفجائية.‏» أما العالِم البريطاني بالحيوان كولِن پاتِرْسون فلاحظ:‏ «ان التخمين هو بلا حدود.‏ فنحن لا نعرف شيئًا عن هذه المورِّثات الرئيسية المنظِّمة.‏»‏٦ ولكن بعيدًا عن مثل هذه التخمينات،‏ من المقبول عمومًا ان الطَّفرات التي يُفترض انها كانت ذات علاقة بالتطور هي تغييرات عرَضية صغيرة تتراكم على مدى فترة طويلة من الزمن.‏

٥ كيف تنشأ الطَّفرات؟‏

٥ وكيف تنشأ الطَّفرات؟‏ يُعتقد ان معظمها يحدث في العملية العادية لتكاثر الخلايا.‏ ولكنَّ التجارب اظهرت انه يمكن ان تسببها ايضًا عوامل خارجية كالاشعاع والمواد الكيميائية.‏ وكم مرة يتكرر حدوثها؟‏ ان تكاثر المواد الوراثية في الخليَّة ثابت على نحو لافت للنظر.‏ ونسبيا،‏ اذ يؤخذ بعين الاعتبار عدد الخلايا التي تنقسم في الشيء الحي،‏ لا تحدث الطَّفرات مرارًا كثيرة.‏ وكما علَّقت دائرة المعارف الاميركية،‏ فإن تكاثُر «سلاسل الـ‍ DNA التي تؤلِّف المورِّثة دقيق على نحو لافت للنظر.‏ وأخطاء الطبع او النَسخ حوادث نادرة.‏»‏٧

هل تفيد ام تضرّ؟‏

٦،‏ ٧ اية نسبة من الطَّفرات هي ضارة بدلا من ان تكون مفيدة؟‏

٦ اذا كانت الطَّفرات المفيدة اساسًا للتطور،‏ فما هي نسبة المفيدة منها؟‏ هنالك اتفاق غامر على هذه النقطة بين مؤيدي التطور.‏ مثلا،‏ يصرِّح كارل ساڠَن:‏ «اكثريَّتها ضارَّة او مميتة.‏»‏٨ ويذكر پيو كولَر:‏ «النسبة الكبرى من الطَّفرات مؤذية للفرد الحامل المورِّثة الخاضعة لطفرة.‏ لقد وُجِد في التجارب انه مقابل كل طفرة ناجحة او نافعة هنالك آلاف عديدة ضارَّة.‏»‏٩

٧ ولذلك،‏ باستثناء الطَّفرات «المحايدة،‏» تفوق الطَّفرات الضارة عددًا تلك التي يُفترض انها مفيدة بنسبة آلاف الى واحد.‏ وتذكر دائرة المعارف البريطانية:‏ ‏«ان نتائج كهذه يجب توقُّعها من التغييرات العرَضية الواقعة في ايّ تنظيم معقَّد.‏»‏١٠ ولهذا السبب يقال ان الطَّفرات مسؤولة عن مئات الامراض التي تُحدَّد وراثيا.‏١١

٨ كيف تُثبت النتائج الفعلية صحة ما لاحظَته دائرة معارف؟‏

٨ ولسبب الطبيعة الضارة للطَّفرات،‏ اعترفت دائرة المعارف الاميركية:‏ ‏«يبدو انه من الصعب التوفيق بين واقع كون معظم الطَّفرات مضرّة للعضوية والنظرة ان الطَّفرة هي مصدر المواد الخام للتطور.‏ وفي الحقيقة،‏ ان الطوافر المصوَّرة في الكتب الدراسية لعلم الأحياء هي مجموعة شواذ ومسوخ،‏ ويبدو ان الطَّفرة عملية هدَّامة عوضا عن ان تكون بنَّاءة.‏»‏١٢ فعندما وُضعت حشرات خاضعة لطفرة في تنافس مع حشرات عادية،‏ كانت النتيجة دائمًا هي نفسها.‏ وكما لاحظ ج.‏ لِدْيارْد ستابينز:‏ «بعد اجيال زاد او قلَّ عددها،‏ زالت الطوافر.‏»‏١٣ فانها لم تقدر على المنافسة لانها لم تتحسن بل انحطَّت وتضرَّرت.‏

٩،‏ ١٠ لماذا لا مبرِّر للادِّعاء بأن الطَّفرات تعلِّل التطور؟‏

٩ في كتابه ينابيع الحياة اعترف الكاتب العلمي اسحق أزيموڤ:‏ «ان معظم الطَّفرات هي للاسوإ.‏» ولكنه أكَّد بعدئذ:‏ «على المدى الطويل،‏ من المؤكد ان الطَّفرات تجعل مجرى التطور يتقدم ويرتقي.‏»‏١٤ ولكن هل الامر هو كذلك؟‏ هل تُعتبر اية عملية تُنتج ضررًا اكثر من ٩٩٩ مرة من ٠٠٠‏,‏١ مفيدة؟‏ اذا اردتم بناء بيت،‏ فهل تستأجرون بنَّاءً يُنتج آلاف الاعمال المعيبة قبالة كل عمل صحيح؟‏ اذا اتَّخذ سائق سيارة آلاف القرارات الخاطئة مقابل كل قرار جيِّد في قيادته،‏ فهل ترغبون في الركوب معه؟‏ اذا قام جرَّاح بآلاف الإجراءات الخاطئة مقابل كل اجراء صائب في عملياته،‏ فهل ترغبون في ان يُجري لكم عملية جراحية؟‏

١٠ قال مرةً دوبجانسكي،‏ عالم الوراثة:‏ «ان الحادث،‏ التغيير العشوائي،‏ في اية آليَّة دقيقة لا يكاد يُتوقع ان يحسِّنها.‏ واقحام عصا في معَدَّات ساعة او جهاز راديو نادرا ما يجعلها تعمل بشكل افضل.‏»‏١٥ ولذلك اسألوا نفسكم:‏ هل يبدو معقولا انَّ ما يتميَّز بتعقيد مُذهل من خلايا،‏ اعضاء،‏ اطراف،‏ وعمليات موجودة في الاشياء الحية قد شُيِّد باجراء هدَّام؟‏

هل تُنتج الطَّفرات ايّ شيء جديد؟‏

١١-‏١٣ هل تُنتج الطَّفرات في حال من الاحوال ايّ شيء جديد؟‏

١١ وحتى اذا كانت كل الطَّفرات مفيدة،‏ فهل تستطيع ان تُنتج ايّ شيء جديد؟‏ كلا،‏ لا تستطيع.‏ فلا يَنتج من الطَّفرة إلا تغيير في ميزة سبق ان وُجدت.‏ انها تزوِّد تنوعًا،‏ ولكنها لا تُنتج ابدًا ايّ شيء جديد.‏

١٢ تعطي دائرة معارف الكتاب العالمي مثالا لما قد تُحدثه طفرة مفيدة:‏ «قد تكون لنَبْتة في منطقة جافة مورِّثة طافرة تجعلها تنمي جذورًا أكبر وأقوى.‏ فيكون للنبتة احتمال بقاء افضل مما لغيرها من نوعها بسبب مقدرة جذورها على امتصاص كمية اكبر من الماء.‏»‏١٦ ولكن هل ظهر شيءٌ جديد؟‏ كلا،‏ فهي لا تزال النبتة نفسها.‏ وهي لا تتطور الى شيء آخر.‏

١٣ قد تغيِّر الطَّفرات لون الشعر او نسيجه.‏ ولكنَّ الشعر يبقى دائمًا شعرًا.‏ فلن يتحول ابدًا الى ريش.‏ وربما تغيِّر الطَّفرات يد الشخص.‏ فقد تصبح اصابعها شاذة.‏ وأحيانًا قد تكون ايضًا لليد ست اصابع او تشويه آخر.‏ ولكنها دائمًا يد.‏ ولا تتغير ابدًا الى شيء آخر.‏ فلا يأتي الى الوجود شيء جديد،‏ ولا يمكن ان يأتي ابدًا.‏

تجارب ذبابة الفواكه

١٤،‏ ١٥ ماذا كشَفت عقود من التجارب على ذباب الفواكه؟‏

١٤ قليلة هي تجارب الطَّفرة التي يمكن ان تعادل التجارب الواسعة التي أُجريت على ذبابة الفواكه الشائعة،‏ أليفة الندى Drosophila melanogaster‏.‏ فمنذ اوائل القرن العشرين عرَّض العلماء ملايين من هذا الذباب للاشعة السينية.‏ فزاد ذلك تكرُّر الطَّفرات الى اكثر من مئة ضعف ما كان عاديا.‏

١٥ فماذا اظهرت التجارب بعد كل تلك العقود؟‏ كشف دوبجانسكي احدى النتائج:‏ «الطَّوافر الواضحة المعالم لـ‍ أليفة الندى،‏ التي بها أُنجزت وفرة من الأبحاث التقليدية في علم الوراثة،‏ تكاد تكون،‏ بلا استثناء،‏ متخلِّفة عن ذباب الصنف البَرِّي في قدرتها على البقاء،‏ الإخصاب،‏ طول العمر.‏»‏١٧ وكانت النتيجة الاخرى ان الطَّفرات لم تُنتج قط ايّ شيء جديد.‏ فاتخذ ذباب الفواكه اجنحةً وأرجلا وأجسامًا مشوَّهة الشكل وغيرها من الانحرافات،‏ ولكنه بقي دائمًا ذباب فواكه.‏ وعندما تزاوج الذباب الخاضع لطفرة بعضه مع بعض،‏ وُجد انه بعد عدد من الاجيال،‏ شرع بعض ذباب الفواكه العادي يَنتج.‏ ولو تُرك هذا الذباب العادي في حالته الطبيعية لتفوَّق اخيرًا على الطَّوافر الاضعف في البقاء،‏ حافظا ذبابة الفواكه في الشكل الذي وُجدت فيه اصلا.‏

١٦ كيف تساعد الشفرة الوراثية على حفظ العضويات؟‏

١٦ لدى الـ‍ DNA‏،‏ الشفرة الوراثية،‏ مقدرة لافتة للنظر على ترميم الضرر الوراثي الذي يصيبه.‏ وهذا يساعد على حفظ نوع العضوية الذي دُوِّنت له الشفرة الوراثية.‏ وتَروي الاميركية العلمية كيف ان «حياة كل عضوية واستمرارها من جيل الى جيل» تحفظهما «الأنزيمات التي ترمِّم باستمرار» الضرر الوراثي.‏ تذكر المجلة:‏ «على الخصوص،‏ ان الضرر الخطير لجزيئات الـ‍ DNA يمكن ان يُحدث تجاوبًا طارئًا تُخلَّق فيه كمِّيات زائدة من أنزيمات الترميم.‏»‏١٨

١٧ لماذا تثبَّط ڠولتشميت في تجارب الطَّفرات؟‏

١٧ وهكذا،‏ في كتاب داروين تعاد محاكمته،‏ يقُصّ المؤلِّف ما يلي عن عالِم الوراثة المعتبَر،‏ الراحل ريتشارد ڠولتشميت:‏ «بعد ملاحظة الطَّفرات في ذباب الفواكه لسنوات كثيرة اعترى اليأس ڠولتشميت.‏ وقال نائحا ان التغييرات كانت متناهية الصغر الى حد انه اذا جُمعت ألف طفرة في عيِّنة واحدة فلن يكون هنالك مع ذلك نوع جديد.‏»‏١٩

العُثَّة المرقَّطة

١٨،‏ ١٩ اي ادعاء يجري بخصوص العُثَّة المرقَّطة،‏ ولماذا؟‏

١٨ في المطبوعات التطورية كثيرا ما يشار الى العُثَّة المرقَّطة peppered moth لانكلترا كمثال عصري للتطور وهو يجري.‏ ذكرت دائرة معارف الحيوانات البرية الاممية:‏ ‏«هذا هو أروع تغيير تطوري شاهده الانسان على الاطلاق.‏»‏٢٠ وبعد الإشارة الى انزعاج داروين من عجزه عن اظهار تطور حتى نوع واحد،‏ اضاف جاسترو في كتابه العمالقة الحُمر والاقزام البيض:‏ ‏«لو عَلِم بذلك لكان بين يديه مثال يزوِّده بالدليل الذي احتاج اليه.‏ لقد كانت الحالة حالة نادرة للغاية.‏»‏٢١ والحالة كانت طبعا العُثَّة المرقَّطة.‏

١٩ فماذا حصل تمامًا للعُثَّة المرقَّطة؟‏ في بادئ الامر،‏ كان الشكل الافتح لهذه العُثَّة اكثر شيوعا من الشكل الاغمق.‏ وهذا النوع الافتح انسجم جيدًا مع جذوع الاشجار ذات اللون الافتح،‏ مما وقاه من الطيور اكثر.‏ ولكن في ما بعد،‏ اسودَّت جذوع الاشجار لسبب سنين من التلوث من المناطق الصناعية.‏ والآن عمل لون العُث الأفتح على ضرره،‏ اذ استطاعت الطيور ان تلتقطه بسرعة اكثر وتلتهمه.‏ وبناء على ذلك،‏ تمكَّن الضرب الاغمق من العُث المرقَّط،‏ الذي يقال انه من الطَّوافر،‏ من البقاء بصورة أفضل اذ صعُبَ على الطيور ان تراه على جذوع الاشجار المسودَّة بالسُّخام.‏ وسرعان ما اصبح الضرب الاغمق الصنف السائد.‏

٢٠ كيف شرحَت مجلة طبية انكليزية ان العُثَّة المرقَّطة لم تكن تتطور؟‏

٢٠ ولكن هل كانت العُثَّة المرقَّطة تتطور الى صنف آخر من الحشرات؟‏ كلا،‏ فقد كانت لا تزال تمامًا العُثَّة المرقَّطة نفسها،‏ بمجرد لون مختلف.‏ ولذلك اشارت المجلة الطبية الانكليزية عند الطلب الى استخدام هذا المثال في محاولة إثبات التطور كشيء «رديء السمعة.‏» وصرَّحت:‏ «هذا برهان ممتاز على عمل التمويه،‏ ولكن بما ان ذلك يبتدئ من العُث وينتهي الى العُث ولا تتشكل انواع جديدة،‏ فهو في غير موضعه على الاطلاق كدليل على التطور.‏»‏٢٢

٢١ ماذا يمكن القول عن المقدرة المزعومة للجراثيم على النمو مقاوِمةً للمضادات الحيوية؟‏

٢١ ان الادعاء غير الدقيق بأن العُثَّة المرقَّطة تتطور يشبه العديد من الامثلة الاخرى.‏ مثلا،‏ بما ان بعض الجراثيم اثبتت مقاومتها للمضادات الحيوية،‏ يُدَّعَى ان التطور جارٍ.‏ ولكنَّ الجراثيم الأشد احتمالا لا تزال الصنف نفسه،‏ ولم تتطور الى ايّ شيء آخر.‏ ويُعترَف ايضًا بأن التغيير ربما كان سببه،‏ لا الطَّفرات،‏ بل واقع كون بعض الجراثيم منيعة اولا.‏ وعندما ابادت العقاقير الأُخريات،‏ تكاثرت المنيعات وصارت سائدة.‏ وكما يقول التطور من الفضاء:‏ ‏«ولكننا نشك في ان تشتمل هذه الحالات على ايّ شيء آخر سوى انتقاء مورِّثات سبق ان كانت موجودة.‏»‏٢٣

٢٢ هل واقع اثبات بعض الحشرات مناعتها ضد السموم يعني انها تتطور؟‏

٢٢ والعملية نفسها يمكن ان تكون ايضا الحالة مع بعض الحشرات كونها منيعة ضد السموم المستعملة لابادتها.‏ فإمَّا قتلت السموم تلك الحشرات التي استُخدمت ضدها،‏ وإمَّا كانت غير فعَّالة.‏ والحشرات التي قُتلت لم تستطع تنمية مقاومة لانها ماتت.‏ أما بقاء الحشرات الاخرى فيمكن ان يعني انها كانت منيعة في بادئ الامر.‏ ومثل هذه المناعة عامل وراثي يَظهر في بعض الحشرات ولكن ليس في غيرها.‏ وعلى ايّ حال،‏ فالحشرات بقِيَت من الجنس نفسه.‏ ولم تكن تتطور الى شيء آخر.‏

‏«كأجناسها»‏

٢٣ اي مقياس لسفر التكوين أكَّدته ايضا الطَّفرات؟‏

٢٣ والرسالة التي تؤكدها مرة اخرى الطَّفرات هي صيغة الاصحاح الاول من سفر التكوين‏:‏ الاشياء الحية تتكاثر «كأجناسها» فقط.‏ والسبب هو ان الشفرة الوراثية تمنع النبتة او الحيوان من الابتعاد كثيرًا عن المعدل.‏ فالتنوُّع الكبير ممكن (‏كما يُرى،‏ مثلا،‏ بين البشر،‏ القطاط،‏ او الكلاب)‏ ولكن ليس الى حدّ يتحول فيه الشيء الحي الى آخر.‏ وتُبرهِن ذلك كل تجربة أُجريَت في ميدان الطَّفرات.‏ وقد تَبرهَن ايضًا قانون النشوء الحيوي biogenesis‏،‏ وهو ان الحياة لا تأتي إلا من حياة وُجدت قبلها،‏ وأن العضوية الاب وذريتها هما من «الجنس» نفسه.‏

٢٤ كيف بيَّنت تجارب التوليد ان الاشياء الحية تتكاثر «كأجناسها» فقط؟‏

٢٤ تؤكِّد ذلك ايضًا تجارب التوليد.‏ فقد حاول العلماء الاستمرار في تغيير حيوانات ونباتات مختلفة الى ما لا نهاية بواسطة التهجين.‏ فكانوا يودّون ان يعرفوا اذا كان يمكنهم ان ينموا،‏ مع الوقت،‏ اشكالا جديدة من الحياة.‏ وبأية نتيجة؟‏ تُخبر عند الطلب:‏ ‏«يجد المُوَلِّدون عادةً انه بعد عدة اجيال يجري الوصول الى الحدّ الاقصى الذي بعده يستحيل ايّ تحسين اضافي،‏ ولم تتشكل انواع جديدة .‏ .‏ .‏ وهكذا يبدو ان اجراءات التوليد تدحض التطور بدلا من ان تدعمه.‏»‏٢٤

٢٥،‏ ٢٦ ماذا تقول المطبوعات العلمية عن حدود التكاثر في الاشياء الحية؟‏

٢٥ ويجري ابداء الملاحظة عينها في مجلة العِلم:‏ ‏«الانواع لديها فعلا المقدرة على اختبار تعديلات بسيطة في خصائصها الجسدية وغيرها،‏ ولكنَّ هذه محدودة وعلى المدى الابعد تنعكس في تذبذب حول [معدل] وسَطِي.‏»‏٢٥ اذًا،‏ ما تَرِثهُ الاشياء الحية ليس امكانية التغيُّر المستمر بل بالأحرى (‏١)‏ الثبات و (‏٢)‏ مجالات محدودة من التنوُّع.‏

٢٦ وهكذا،‏ يذكر كتاب الجُزيئات الى الخلايا الحيَّة:‏ ‏«بعد دورات لا تُعَدّ من التناسل،‏ تحتفظ الخلايا من الجَزَر او من كبد الفأر احتفاظًا ثابتًا بالهوية النسيجية والعضوية الخاصة بكل منهما.‏»‏٢٦ ويقول التعايش في تطور الخلية:‏ ‏«الحياة كلها .‏ .‏ .‏ تتناسل بوفاء لا يُصدَّق.‏»‏٢٧ و الاميركية العلمية تلاحظ ايضا:‏ «تتصف اشكال الاشياء الحية بتنوُّع هائل،‏ ولكنَّ الشكل في اية سلالة معيَّنة ثابت ثباتًا عجيبًا:‏ تبقى الخنازير خنازير وأشجار السِّنديان اشجار سِنديان جيلا فجيلا.‏»‏٢٨ وعلَّق كاتب علمي:‏ «شُجيرات الورد تُخرِج دائمًا وردًا،‏ ولا تُخرج ابدًا كاميليا.‏ والمعز تَلِد جداء،‏ وليس ابدًا حملانا.‏» واستنتج ان الطَّفرات «لا يمكن ان تعلِّل التطور عموما —‏ لماذا هنالك سمك،‏ زواحف،‏ طيور،‏ وثدييَّات.‏»‏٢٩

٢٧ ماذا اساء داروين تفسيره بخصوص الشراشير في جُزر ڠالاپاڠوس؟‏

٢٧ ان مسألة التنوُّع داخل الجنس توضح شيئًا اثَّر في تفكير داروين الأصلي عن التطور.‏ لقد لاحظ عندما كان في جُزر ڠالاپاڠوس نوعًا من الطيور يُدعَى الشُّرشور finch‏.‏ كانت هذه الطيور من الصنف نفسه الذي لأسلافها في قارة اميركا الجنوبية،‏ المكان الذي يظهر انها هاجرت منه.‏ ولكن كانت هنالك فوارق غريبة،‏ كما في شكل مناقيرها.‏ ففسَّر داروين ذلك انه تطور جارٍ.‏ ولكنَّ ذلك لم يكن في الواقع اكثر من مثال آخر على التنوُّع ضمن الجنس،‏ الامر الذي يسمح به التركيب الوراثي للمخلوق.‏ فالشراشير كانت لا تزال شراشير.‏ ولم تكن تتحول الى شيء آخر،‏ ولن تتحول ابدًا.‏

٢٨ كيف،‏ اذًا،‏ يمكن القول ان الواقع العلمي هو على انسجام تام مع قاعدة سفر التكوين،‏ «كأجناسها»؟‏

٢٨ وهكذا،‏ فإن ما يقوله سفر التكوين هو على انسجام تام مع الواقع العلمي.‏ فعندما تزرعون بُزورًا،‏ لا تُنتج إلا «كأجناسها،‏» ولذلك يمكنكم زرع حديقة وأنتم واثقون بإمكان الاعتماد على هذا القانون.‏ وعندما تَلِد القطاط،‏ تكون ذرِّيتها دائمًا قطاطًا.‏ وعندما يصير البشر آباء،‏ يكون اولادهم دائمًا بشرا.‏ ان هنالك تنويعًا في اللون والحجم والشكل،‏ ولكن دائمًا ضمن حدود الجنس.‏ فهل رأيتم شخصيا ذات مرة حالةً بخلاف ذلك؟‏ ولا الآخرون رأوا.‏

ليس اساسًا للتطور

٢٩ ماذا قال عالِم احيائي فرنسي عن الطَّفرات؟‏

٢٩ ان الاستنتاج واضح.‏ لا يمكن لأيّ مقدار من التغيير الوراثي العرَضي ان يُحدِث تحوُّلا من جنس من اجناس الحياة الى آخر.‏ وكما قال مرةً العالِم الأحيائي الفرنسي جان روستان:‏ «كلا،‏ لا يمكنني حتمًا ان اجعل نفسي افكر ان هذه ‹الهفوات› الوراثية تمكنت،‏ حتى بتعاون الانتقاء الطبيعي،‏ حتى بفائدة الفترات الزمنية الهائلة التي خلالها يؤثر التطور في الحياة،‏ ان تبني كل العالم،‏ بسخائه وتحسيناته البِنْيَوية،‏ و ‹تكيُّفاته› المُذهلة.‏»‏٣٠

٣٠ اي تعليق ادلى به عالم بالوراثة على الطَّفرات؟‏

٣٠ وبشكل مماثل،‏ صرَّح عالم الوراثة س.‏ ه‍.‏ وادِنڠتون بخصوص الاعتقاد بالطَّفرات:‏ «هذه في الواقع هي النظرية انه اذا بدأتم بأربعة عشر سطرًا من نصّ انكليزي مترابط وغيَّرتم في كل مرة حرفا،‏ محتفظين فقط بما لا يزال له معنى،‏ فستنتهون اخيرًا الى قصيدة من قصائد شيكسپير ذات الـ‍ ١٤ بيتا.‏ .‏ .‏ .‏ يصدمني ذلك كصنف معتوه من المنطق،‏ وأعتقد انه يجب ان نكون قادرين على فعل ما هو احسن.‏»‏٣١

٣١ ماذا دعا احد العلماء الاعتقاد بأن الطَّفرات هي المواد الخام للتطور؟‏

٣١ ان الحقيقة هي كما صرَّح الپروفسور جون مور:‏ «بناء على الفحص والتحليل الدقيقين،‏ ان ايّ توكيد جازم .‏ .‏ .‏ ان طفرات المورِّثات هي المواد الخام لأية عملية تطورية تشمل الانتقاء الطبيعي انما هو تفوُّه بأسطورة.‏»‏٣٢

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[النبذة في الصفحة ٩٩]‏

‏«الطَّفرات .‏ .‏ .‏ هي اساس التطور»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٠٠]‏

الطَّفرات مشبَّهة بـ‍ «حوادث» في الآليَّة الوراثية.‏ غير ان الحوادث تسبب الضرر لا الخير

‏[النبذة في الصفحة ١٠١]‏

‏«يبدو ان الطَّفرة عملية هدَّامة عوضا عن ان تكون بنَّاءة»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٠٥]‏

‏«اذا جُمعت ألف طفرة في عيِّنة واحدة فلن يكون هنالك مع ذلك نوع جديد»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٠٧]‏

‏«هو في غير موضعه على الاطلاق كدليل على التطور»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٠٧]‏

الرسالة التي تؤكدها الطَّفرات هي هذه:‏ الاشياء الحية تتكاثر «كأجناسها» فقط

‏[النبذة في الصفحة ١٠٨]‏

‏«يبدو ان اجراءات التوليد تدحض التطور بدلا من ان تدعمه»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٠٩]‏

‏«تبقى الخنازير خنازير وأشجار السِّنديان اشجار سِنديان جيلا فجيلا»‏

‏[النبذة في الصفحة ١١٠]‏

الطَّفرات «لا يمكن ان تعلِّل التطور عموما»‏

‏[النبذة في الصفحة ١١٠]‏

‏«يصدمني ذلك كصنف معتوه من المنطق،‏ وأعتقد انه يجب ان نكون قادرين على فعل ما هو احسن»‏

‏[الاطار/‏​الصورة في الصفحتين ١١٢ و ١١٣]‏

ايهما يطابق الوقائع؟‏

بعد قراءة الفصول السابقة،‏ من اللائق ان نسأل:‏ ايهما يطابق الوقائع،‏ التطور ام الخلق؟‏ تُبيِّن الأعمدة ادناه النمَط التطوري،‏ النمَط الخَلْقي،‏ والوقائع كما تَظهر في العالم الحقيقي.‏

تكهنات النمَط التطوري تكهنات النمَط الخَلْقي الوقائع كما تَظهر في العالم الحقيقي

الحياة تطورت من لاحياة بواسطة الحياة لا تأتي إلا من حياة قبلها؛‏ (‏١)‏ الحياة لا تأتي إلا من حياة قبلها؛‏

تطور كيميائي عرَضي (‏التولُّد التلقائي)‏ خلَقها اصلا خالق ذكي (‏٢)‏ يستحيل ان تتشكل شفرة وراثية معقَّدة عرَضا

يجب ان تبيِّن الاحافير:‏ (‏١)‏ اشكال يجب ان تبيِّن الاحافير:‏ (‏١)‏ اشكالا الاحافير تبيِّن:‏ (‏١)‏ ظهورًا فجائيًّا لحياة

الحياة البسيطة وهي تنشأ تدريجيا؛‏ معقَّدة تظهر فجأة في تنوُّع كبير؛‏ معقَّدة في تنوُّع كبير؛‏ (‏٢)‏ انفصال

‏(‏٢)‏ اشكالا انتقالية تربط ما بين (‏٢)‏ فجوات تفصل ما بين الأجناس كل جنس جديد عن الاجناس السابقة؛‏

الاشكال السابقة الرئيسية؛‏ لا توجد اشكال رابطة لا توجد اشكال رابطة

اجناس جديدة تبرز تدريجيا؛‏ بدايات لا اجناس جديدة تظهر تدريجيا؛‏ لا اجناس جديدة تظهر تدريجيا،‏ على الرغم

لعظام وأعضاء غير مكتملة في مختلف لا عظام او اعضاء غير مكتملة،‏ بل جميع من التنوُّعات العديدة؛‏ لا عظام او اعضاء

المراحل الانتقالية الاعضاء مكتملة الشكل غير مكتملة الشكل

الطَّفرات:‏ النتيجة النهائية مفيدة؛‏ تُنشئ الطَّفرات ضارة بالحياة المعقَّدة؛‏ الطَّفرات الصغيرة ضارة،‏ والكبيرة مميتة؛‏

ميزات جديدة لا تُنتج ايّ شيء جديد لا تُنتج ابدًا ايّ شيء جديد

اصل الحضارة تدريجي،‏ ينشأ من الحضارة معاصرة للانسان؛‏ الحضارة تَظهر مع الانسان؛‏

بدايات فظة ووحشية معقَّدة منذ البداية سُكَّان الكهوف أيًّا كانوا عاصروا الحضارة

اللغة تطورت من اصوات حيوانية اللغة معاصرة للانسان؛‏ اللغات اللغة معاصرة للانسان؛‏ اللغات القديمة

بسيطة الى لغات حديثة معقَّدة القديمة معقَّدة وتامة غالبا ما تكون أكثر تعقيدًا من الحديثة

هور الانسان منذ ملايين السنين ظهور الانسان منذ حوالي ٠٠٠‏,‏٦ سنة أقدم السجلات المكتوبة يرجع تاريخها الى

حوالي ٠٠٠‏,‏٥ سنة فقط

‏.‏ .‏ .‏ الاستنتاج المنطقي

عندما نقارن ما وُجد في العالم الحقيقي بما تكهَّن به التطور،‏ وبما تكهَّن به الخَلق،‏ ألا يكون ظاهرا ايّ نمَط يطابق الوقائع وأيّ نمَط يتضارب معها؟‏ والدليل من عالم الاشياء الحية حولنا ومن سجل الاحافير للاشياء التي عاشت منذ زمن بعيد،‏ يشهد للاستنتاج نفسه:‏ الحياة خُلقت؛‏ ولم تتطور.‏

كلا،‏ لم تبتدئ الحياة في نوع من «الحَساء» البدائي غير المعروف.‏ ولم يصل البشر الى هنا عن طريق اسلاف اشباه قِرَدة.‏ وعوضا عن ذلك،‏ خُلقت الاشياء الحية بوفرة كأصناف فصائل متميِّزة.‏ وكان يمكن لكل شيء حي ان يتكاثر بتنوُّع كبير ضمن «جنسه،‏» ولكن لم يكن ممكنا له ان يعبر الحد الذي يفصل بين مختلف الاجناس.‏ وهذا الحد،‏ كما يمكن ملاحظته بوضوح في الاشياء الحية،‏ يوجبه العُقْم.‏ والتمييز بين الاجناس تحميه الآلية الوراثية الفريدة لكل واحد.‏

إلا ان ما يشهد لخالق هو اكثر بكثير من مجرد الوقائع المطابِقة لتكهنات النمَط الخَلقي.‏ تأملوا في التصاميم والتعقيدات المدهشة الموجودة على الارض وفي الواقع في كل الكون.‏ هذه ايضًا تشهد لوجود ذكاء اسمى.‏ وبعض هذه العجائب فقط،‏ من الكون المَهيب الى التصاميم المعقَّدة في العالم المجهري،‏ سيجري الآن تركيز انتباهنا عليها في عدد من الفصول التالية.‏

‏[الصور في الصفحة ١٠٢]‏

اذا انتج بنَّاءٌ آلاف الاعمال الرديئة قبالة كل عمل صحيح،‏ فهل تستأجرونه؟‏

اذا اتَّخذ سائق سيارة آلاف القرارات الخاطئة مقابل كل قرار جيِّد،‏ فهل تركبون معه؟‏

اذا قام جرَّاح بآلاف الإجراءات الخاطئة مقابل كل اجراء صائب،‏ فهل تدَعونه يُجري لكم عملية جراحية؟‏

‏[الصورة فيالصفحة ١٠٣]‏

دوبجانسكي:‏ ‹اقحام عصا في .‏ .‏ .‏ جهاز راديو نادرا ما يجعله يعمل بشكل افضل›‏

‏[الصور في الصفحة ١٠٤]‏

التجارب على ذباب الفواكه انتجت العديد من الطَّوافر المشوَّهة الشكل،‏ ولكنه بقي دائمًا ذباب فواكه

ذبابة الفواكه العادية

الذباب الطَّوافر

‏[الصورتان في الصفحة ١٠٦]‏

التغيير في لون العُثَّة المرقَّطة ليس تطورًا ولكنه مجرد تنوُّع ضمن الجنس الاساسي

‏[الصور في الصفحة ١٠٨]‏

لفصيلة الكلاب تنوُّع كثير،‏ ولكنَّ الكلاب تبقى دائمًا كلابًا

‏[الصور في الصفحة ١٠٩]‏

هنالك تنوُّع كبير في العائلة البشرية،‏ ولكنَّ البشر يتكاثرون «كجنسهم» فقط

‏[الصور في الصفحة ١١١]‏

الشراشير التي لاحظها داروين في ڠالاپاڠوس تبقى دائمًا شراشير؛‏ ولذلك فإن ما لاحظه كان تنوُّعا لا تطورا