الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

خلافات في التطور —‏ لماذا؟‏

خلافات في التطور —‏ لماذا؟‏

الفصل ٢

خلافات في التطور —‏ لماذا؟‏

عندما كانت الطبعة المئوية الخصوصية من اصل الانواع لداروين ستُنشر،‏ دُعي لكتابة مقدمتها و.‏ ر.‏ طومسون الذي كان آنذاك مديرًا لمعهد الكومنولث للمراقبة الأحيائية في اوتاوا،‏ كندا.‏ فقال فيها:‏ «كما نعلم،‏ هنالك تفاوت كبير في الرأي بين علماء الأحياء،‏ ليس فقط في اسباب التطور بل ايضا في العملية ذاتها.‏ وهذا التفاوت موجود لان الدليل غير كافٍ ولا يسمح بأي استنتاج اكيد.‏ ولذلك من الصائب واللائق ان نلفت انتباه الجمهور غير العلمي الى الخلافات الخاصة بالتطور.‏»‏a

١،‏ ٢ (‏أ)‏ كيف عُرِّفت الكلمة «واقع»؟‏ (‏ب)‏ ما هي بعض الامثلة عن الوقائع؟‏

يشعر الذين يدعمون نظرية التطور بأنها الآن واقع مثبَت.‏ ويعتقدون ان التطور «حدث فعلي،‏» «امر حاصل،‏» او «حقيقة،‏» كما يعرِّف احد القواميس الكلمة «واقع.‏» ولكن هل هذا صحيح؟‏

٢ على سبيل الإيضاح:‏ اعتُقِد ذات مرة ان الارض مسطَّحة،‏ أما الآن فقد ثبت بالتأكيد انها كُروية الشكل.‏ هذا واقع.‏ واعتُقِد ذات مرة ان الارض مركز الكون وأن السموات تدور حول الارض.‏ أما الآن فنعلم بالتأكيد ان الارض تدور في مدار حول الشمس.‏ وهذا ايضا واقع.‏ والامور العديدة التي كانت مرةً مجرد نظريات متنازَع فيها،‏ ثبت بالأدلَّة انها واقع راسخ،‏ امر حاصل،‏ حقيقة.‏

٣ (‏أ)‏ ماذا يدل على ان التطور ك‍ «واقع» مثبت لا يزال موضع شك؟‏ (‏ب)‏ اي منهج يساعد في فحص مكانة التطور الحالية؟‏

٣ فهل يضعنا استقصاء الأدلَّة المعروضة لمصلحة التطور على الاساس الراسخ نفسه؟‏ مما يستحق الانتباه ان اوجهًا مختلفة من النظرية،‏ منذ نشر الكتاب اصل الانواع لتشارلز داروين في السنة ١٨٥٩،‏ كانت موضع خلاف كبير حتى بين كبار علماء التطور.‏ وهذا النزاع اليوم هو اكثر توترًا من ايّ وقت مضى.‏ ومن المنوِّر التأمل في ما يقوله مؤيدو التطور انفسهم عن هذه المسألة.‏

التطور تحت الهجوم

٤-‏٦ ماذا يحدث بين الذين يروِّجون التطور؟‏

٤ عبّرت المجلة العلمية ديسْكَڤَر عن الحالة بهذه الطريقة:‏ «التطور .‏ .‏ .‏ ليس فقط تحت الهجوم من قِبل المسيحيين الاصوليين،‏ بل يشك ايضا في صحته علماء مشهورون.‏ وبين الپالينتولوجيون،‏ العلماء الذين يدرسون سجل الاحافير fossil‏،‏ هنالك خروج متزايد عن النظرة الداروينية السائدة.‏»‏١ وصرّح فرنسيس هِتْشِنْڠ،‏ مؤيد للتطور ومؤلف الكتاب عنق الزرافة،‏ قائلا:‏ «بالرغم من قبولها في العالم العلمي على انها المبدأ الموحِّد العظيم لعِلم الأحياء فان الداروينية،‏ بعد مضيّ قرن وربع،‏ تعاني مقدارًا مدهشًا من الصعاب.‏»‏٢

٥ وبعد مؤتمر مهم لنحو ١٥٠ اختصاصيًّا في التطور عُقد في شيكاڠو،‏ ايلينوي،‏ اختتم بيان بالقول:‏ «[التطور] يقاسي أكبر وأعمق ثورة له منذ حوالي ٥٠ عامًا.‏ .‏ .‏ .‏ وكيف حدث التطور تماما هو الآن موضع نزاع كبير بين علماء الاحياء.‏ .‏ .‏ .‏ ولم يكن هنالك حل واضح في الآفاق للنزاعات.‏»‏٣

٦ وقال الپالينتولوجي نايْلز إلدْريدْج،‏ مؤيد للتطور مشهور:‏ «ان الشك الذي تسرَّب في يقين الثقة والاعتداد بالنفس للعشرين سنة الماضية لعلم الاحياء التطوري قد هيّج العواطف.‏» وتحدَّث عن «انعدام الاتفاق التام حتى ضمن المعسكرات المتحاربة،‏» وأضاف قائلا ان «الامور فعلا مضطربة في هذه الايام .‏ .‏ .‏ ويبدو احيانًا وكأن عدد الاختلافات في الرأي فى كل محور [تطوري] يساوي عدد علماء الاحياء.‏»‏٤

٧،‏ ٨ كيف علَّق كاتب محترم على اصل الانواع لداروين؟‏

٧ وقال محرر في الـ‍ تايمز اللندنية،‏ كريستوفر بوكَر (‏وهو يقبل التطور)‏،‏ ما يلي عنه:‏ «كانت نظريةً جميلةً في بساطتها وجذابة.‏ والمشكلة الوحيدة،‏ كما ادرك داروين نفسه الى حد ما على الاقل،‏ هي انها كانت ملآنة عيوبا ضخمة.‏» وعن اصل الانواع لداروين،‏ قدَّم الملاحظة الآتية:‏ «امامنا هنا السخرية العظمى انّ الكتاب الذي اشتهر بشرح اصل الانواع لا يفعل في الواقع شيئا من ذلك.‏» ‏—‏ الأحرف المائلة مضافة.‏

٨ وصرّح بوكَر ايضا:‏ «بعد قرن من موت داروين،‏ لا نزال بلا أدنى فكرة يمكن اثباتها او حتى معقولة عن الطريقة التي حدث بها التطور فعلا —‏ مما ادّى في السنوات الاخيرة الى سلسلة غير عادية من المعارك حول القضية بأسرها.‏ .‏ .‏ .‏ توجد حالة حرب تكاد تكون علنية بين مؤيدي التطور انفسهم،‏ اذ يحثّ كل مذهب [تطوري] على تعديل جديد.‏» واختتم:‏ «أما كيف ولماذا حدث ذلك فعلا فليست لدينا ويُحتمل ان لا تكون لدينا ابدًا اية فكرة.‏»‏٥

٩ كيف وُصفت الحالة بين مؤيدي التطور في الازمنة الاخيرة؟‏

٩ ووافق مؤيد التطور هِتْشِنْڠ،‏ قائلا:‏ «انفجرت العداءات بخصوص نظرية التطور .‏ .‏ .‏ أُقيمت في المرتفعات مواقع دفاعية لمصلحة النظرية وضدها،‏ وقُذفت الإهانات من كلا الطرفين مثل قنابل الهاون.‏» وقال ان ذلك مجادلة اكاديمية ذات أبعاد بالغة الاثر،‏ «من المحتمل ان تكون واحدةً من تلك المرات في العِلم التي فيها يَطرح فجأة ثقلُ الدليل المعاكس فكرةً جرى التمسك بها لأمد طويل وتحل محلها فكرة جديدة.‏»‏٦ ولاحظت العالِم الجديد البريطانية ان «عددًا متزايدًا من العلماء،‏ وعلى الاخص عددًا متزايدًا من مؤيدي التطور .‏ .‏ .‏ يجادلون ان النظرية التطورية الداروينية ليست بتاتًا نظرية علمية حقيقية.‏ .‏ .‏ .‏ وللكثير من النقّاد أسمى اوراق الاعتماد الفكرية.‏»‏٧

مآزق بشأن الاصول

١٠ هل ثبت ان الاصل التطوري للحياة على الارض هو واقع؟‏

١٠ وعن مسألة اصل الحياة،‏ قال الفلكي روبرت جاسترو:‏ «لغمِّهم [العلماء] ليس لديهم حل واضح المعالم،‏ لان الكيميائيين لم ينجحوا قط في نسخ تجارب الطبيعة المتعلقة بخلق الحياة من الجماد.‏ فالعلماء لا يعرفون كيف وقع ذلك.‏» وأضاف:‏ «لا برهان لدى العلماء على ان الحياة لم تَنتج من عمل خَلقي.‏»‏٨

١١ اية صعوبة تقدِّمها اعضاء الجسم المعقدة لنظرية التطور؟‏

١١ ولكنَّ الصعوبة لا تقف عند اصل الحياة.‏ تأملوا في اعضاء الجسم كالعين،‏ الاذن،‏ الدماغ.‏ فجميعها مذهلة في تعقيدها الى حد يفوق بمراحل اكثر الاجهزة البشرية الصنع تعقيدا.‏ والمشكلة التي تعترض التطور هي ان كل اجزاء هذه الاعضاء يجب ان تعمل معًا كي ينظر المرء او يسمع او يفكِّر.‏ وتكون اعضاء كهذه عديمة النفع حتى تكتمل كافة اجزائها الفردية.‏ ولذلك ينشأ السؤال:‏ هل كان في وسع عنصر الصدفة غير الموجَّه،‏ الذي يُعتقد انه القوة الدافعة وراء التطور،‏ ان يجمع كل هذه الاجزاء في الوقت المناسب لانتاج آليات معقّدة بهذه الدرجة من الإتقان؟‏

١٢ (‏أ)‏ كيف علَّق داروين على اصل العين؟‏ (‏ب)‏ هل المشكلة اقرب الى الحل اليوم؟‏

١٢ اعترف داروين بأن ذلك يشكِّل مشكلة.‏ كتب على سبيل المثال:‏ «ان الافتراض ان العين .‏ .‏ .‏ يمكن ان تكون قد تشكَّلت بـ‍ [التطور] يبدو،‏ وأعترف بصراحة،‏ منافيا للعقل الى اقصى حد.‏»‏٩ لقد مرّ اكثر من قرن على ذلك الوقت.‏ فهل انحلَّت المشكلة؟‏ كلا.‏ وعلى العكس،‏ فان ما تعلمناه منذ زمن داروين عن العين يُظهر انها اكثر تعقيدًا ايضا مما كان يتصوَّره.‏ وهكذا قال جاسترو:‏ «يبدو ان العين صُمِّمت؛‏ ولا يستطيع ايّ مصمِّم للمقاريب telescopes ان يصنع شيئا افضل.‏»‏١٠

١٣ ماذا استنتج احد العلماء بشأن الدماغ؟‏

١٣ اذا صحَّ ذلك في العين،‏ فماذا عن الدماغ البشري؟‏ وبما انه لا تتطور حتى الآلة البسيطة بالصدفة،‏ كيف يكون تطور الدماغ واقعا وهو اكثر تعقيدًا الى ابعد الحدود؟‏ استنتج جاسترو:‏ «من الصعب قبول تطور العين البشرية كنتاج للصدفة؛‏ ومن الاصعب ايضا قبول تطور الذكاء البشري كنتاج للاختلالات العشوائية في خلايا ادمغة اسلافنا.‏»‏١١

مآزق بشأن الاحافير

١٤ هل صحيح ان الدليل الاحفوري يؤيِّد التطور؟‏

١٤ لقد نبش العلماء ملايين العظام الدفينة وغيرها من الأدلَّة على الحياة الماضية،‏ وهذه تُدعى احافير fossils‏.‏ فلو كان التطور حقيقة لوُجد بالتأكيد في كل هذه دليل وافر على تطور جنس من الاشياء الحية الى جنس آخر.‏ ولكنَّ النشرة لمتحف فيلد للتاريخ الطبيعي في شيكاڠو علّقت:‏ «ارتبطت دائما نظرية داروين عن [التطور] ارتباطًا وثيقًا بأدلَّة الاحافير،‏ ويفترض معظم الناس على الارجح ان الاحافير تزوِّد قسمًا هامًّا جدًّا من الحجة العامة المقدَّمة لمصلحة التفاسير الداروينية لتاريخ الحياة.‏ ولسوء الحظ،‏ ليس ذلك صحيحا تمامًا.‏»‏

١٥ (‏أ)‏ كيف نظر داروين الى الأدلَّة الاحفورية في ايامه؟‏ (‏ب)‏ ماذا تكشفه الأدلَّة بعد مضيّ اكثر من قرن على تجميع الاحافير؟‏

١٥ ولِمَ لا؟‏ تابعت النشرة قولها بأن داروين «احرجه سجل الاحافير لانه لم يتّفق مع ما انبأ به .‏ .‏ .‏ فالسجل الجيولوجي لم يُعطِ آنذاك وهو لا يعطي الآن سلسلة متدرِّجة تدرُّجا دقيقا للتطور التقدمي البطيء.‏» وفي الواقع،‏ الآن،‏ بعد مضيّ اكثر من قرن على تجميع الاحافير،‏ شرحت النشرة،‏ ‏«لدينا من امثلة الانتقال التطوري اقل ايضا مما كان لدينا في زمن داروين.‏»‏١٢ ولماذا الحالة على هذا النحو؟‏ لان الأدلَّة الاحفورية الاكثر المتوافرة اليوم تُظهر ان بعض الامثلة التي استُخدمت في ما مضى لتأييد التطور يُرَى الآن انها لا تؤيده على الاطلاق.‏

١٦ بماذا يعترف الآن العديد من علماء التطور؟‏

١٦ هذا الفشل في الأدلَّة الاحفورية لتأييد التطور التدريجي اقلق العديد من مؤيدي التطور.‏ وتكلَّم ستِيڤن ستانلي في الجدول الزمني التطوري الجديد عن «فشل السجل بوجه عام في الكشف عن انتقالات تدريجية من فئة رئيسية الى اخرى.‏» وقال:‏ «ان سجل الاحافير المعروف لا يتّفق،‏ ولم يتّفق قط،‏ مع [التطور البطيء].‏»‏١٣ واعترف ايضا نايْلز إلدْريدْج:‏ «ان النمط الذي طُلب منا ايجاده في السنوات الـ‍ ١٢٠ الماضية لا وجود له.‏»‏١٤

نظريات أحدث

١٧ كيف علَّقت ساينس دايجست على النظريات الاحدث؟‏

١٧ كل ذلك حمل علماء كثيرين على مناصرة نظريات تطورية مبتكرة.‏ وعبّرت ساينس دايجست عن الوضع بهذه الطريقة:‏ «يقترح بعض العلماء تغييرات تطورية اكثر سرعة ايضا،‏ ويعالجون الآن بجدِّية تامة فِكَرًا لم تروَّج في ما مضى إلا في الخيال.‏»‏١٥

١٨ اية صعوبة تثيرها أحدث النظريات القائلة بأن الحياة ابتدأت في الفضاء الخارجي؟‏

١٨ مثلا،‏ استنتج بعض العلماء ان الحياة لا يمكن ان تكون قد نشأت تلقائيا على الارض.‏ وهم يظنّون،‏ على الضد من ذلك،‏ انها نشأت ضرورةً في الفضاء الخارجي ثم سبحت نازلةً الى الارض.‏ غير ان ذلك يُرجِع مشكلة اصل الحياة اكثر الى الوراء والى حيّز أشدّ حظْرًا.‏ فالأخطار التي تواجه الحياة في المحيط العدائي للفضاء الخارجي معروفة جيدا.‏ فهل يُحتمل ان تكون الحياة قد ابتدأت تلقائيا في مكان آخر من الكون وبقيَت في تلك الاحوال القاسية حتى وصلَت الى الارض،‏ ثم تطوَّرت لاحقًا الى الحياة كما نعرفها؟‏

١٩،‏ ٢٠ اية نظرية جديدة يروِّجها بعض مؤيدي التطور؟‏

١٩ وبما ان سجل الاحافير لا يكشف عن تطور تدريجي للحياة من صنف الى آخر،‏ يضع بعض مؤيدي التطور النظرية بأنه لا بد ان العملية حدثت بانتفاضات ووثبات،‏ وليس بسرعة ثابتة.‏ وكما تشرح دائرة معارف الكتاب العالمي:‏ ‏«يظن العديد من علماء الاحياء انه يمكن انتاج انواع جديدة عن طريق التغييرات الجذرية الفجائية في المورِّثات.‏»‏١٦

٢٠ ان بعض أتباع هذه النظرية سمّوا العملية «التوازن المتقطِّع» punctuated equilibrium‏.‏ ومعنى ذلك ان الانواع تحتفظ بما لها من «توازن» (‏تكاد تبقى بلا تغيير)‏،‏ ولكن بين حين وآخر يحدث «تقطُّع» (‏قفزة كبيرة يتطوَّر بها الشيء الى آخر)‏.‏ وهذا تمامًا عكس النظرية التي قبِلها جميع مؤيدي التطور تقريبًا لعقود عديدة.‏ أما الهوّة بين النظريتين فأوضحها العنوان الرئيسي التالي في ذا نيويورك تايمز:‏ ‏«الهجوم على نظرية التطور السريع.‏» وأشارت المقالة الى ان الفكرة الاحدث لـ‍ «التوازن المتقطِّع» قد «اثارت معارضة جديدة» بين المتمسكين بالنظرة التقليدية.‏١٧

٢١ (‏أ)‏ مهما كانت النظرية التطورية التي تُقبَل،‏ فأية ادلَّة ينبغي ان توجد؟‏ (‏ب)‏ ومع ذلك،‏ ماذا تُظهر الوقائع؟‏

٢١ ومهما كانت النظرية التي يجري تبنيها،‏ فمن المعقول انه ينبغي ان تكون هنالك بعض الأدلَّة على الاقل لتظهر ان جنسا من الحياة يتحوّل الى جنس آخر.‏ ولكنَّ الفجوات بين مختلف اصناف الحياة التي وُجدت في سجل الاحافير،‏ بالاضافة الى الفجوات بين شتّى اصناف الاشياء الحية على الارض اليوم،‏ لا تزال قائمة.‏

٢٢،‏ ٢٣ كيف جرى تحدي فكرة داروين الخاصة بـ‍ «بقاء الاصلح» في الآونة الاخيرة؟‏

٢٢ وكذلك من المهم ان نرى ما حدث لفكرة داروين التي قُبلت لزمن طويل بشأن «بقاء الاصلح.‏» لقد سمّاها «الانتقاء الطبيعي.‏» اي انه اعتقد ان الطبيعة «انتقت» اصلح الاشياء الحية للبقاء.‏ واذ اكتسبت هذه الكائنات «الصالحة،‏» على ما يُظن،‏ ميزات جديدة عادت عليها بالفوائد،‏ تطوَّرت ببُطْء.‏ غير ان الأدلَّة خلال الـ‍ ١٢٥ سنة الماضية تُبيِّن انه،‏ في حين يمكن فعلا ان يبقى الاصلح،‏ لا يشرح ذلك كيف اتى.‏ فقد يكون اسدٌ أصلح من اسد آخر،‏ ولكنَّ ذلك لا يفسِّر كيف اصبح اسدًا.‏ ثم ان كل ذريته ستكون ايضا أُسودًا،‏ لا شيئا آخر.‏

٢٣ وهكذا،‏ علّق المحرر طوم بيثِل في مجلة هارپرز:‏ ‏«ارتكب داروين غلطة خطيرة تكفي لتقويض نظريته.‏ وهذه الغلطة لم يُدرَك انها هكذا إلا في الآونة الاخيرة.‏ .‏ .‏ .‏ فقد تكون عضويةٌ organism حقًّا ‹أصلح› من غيرها .‏ .‏ .‏ إلا ان ذلك،‏ طبعًا،‏ ليس شيئا يساعد على خلق العضويّة،‏ .‏ .‏ .‏ ومن الواضح انه،‏ كما أعتقد،‏ كان هنالك في هذه الفكرة خطأ كبير جدًّا.‏» ثم اضاف بيثِل:‏ «الخلاصة،‏ في رأيي،‏ مذهلة جدًّا:‏ أعتقد ان نظرية داروين على وشك الانهيار.‏»‏١٨

واقع ام نظرية؟‏

٢٤،‏ ٢٥ (‏أ)‏ ما هي بعض المجالات التي لم تبلغ فيها نظرية التطور مقياس الواقع المثبت؟‏ (‏ب)‏ وفقا لما قاله احد مؤيدي التطور عن النظرية الحديثة،‏ كيف يمكن اعتبارها؟‏

٢٤ في تلخيصه لبعض ما يعترض التطور من مشاكل غير محلولة،‏ علّق فرنسيس هِتْشِنْڠ:‏ «لقد فشلت [نظرية التطور الحديثة] في ثلاثة مجالات حاسمة حيث يمكن امتحانها:‏ سجل الاحافير يكشف عن نمط من القفزات التطوُّرية بدلا من التغيير المتدرِّج.‏ الموَرِّثات آليةٌ قوية تحافظ على الاستقرار وظيفتها الرئيسية منع تطور اشكال جديدة.‏ الطَّفرات العشوائية خطوة فخطوة على المستوى الجُزَيئي لا تقدر ان تشرح التعقيد المنظَّم والمتزايد للحياة.‏» —‏ الأحرف المائلة مضافة.‏

٢٥ ثم اختتم هِتْشِنْڠ بهذه الملاحظة:‏ «على الاقل،‏ يمكن ان يرتاب المرء من نظرية تطورية محفوفة بهذا المقدار من الشكوك حتى بين معلِّميها.‏ واذا كانت الداروينية حقًّا المبدأ الموحِّد العظيم لعِلم الأحياء،‏ فهي تحوي مجالات من الجهل ضخامتها فوق العادة.‏ انها عاجزة عن شرح بعضٍ من أهم ما هنالك من مسائل جوهرية:‏ كيف صارت المواد الكيميائية الجامدة حية،‏ اية قواعد نحْوية تتحكَّم في الشفرة الوراثية genetic code‏،‏ كيف تحدِّد الموَرِّثات شكل الاشياء الحية.‏» وفي الواقع،‏ صرّح هِتْشِنْڠ بأنه يعتبر نظرية التطور الحديثة «غير وافية الى حد تستحق عنده ان تعامَل كمسألة ايمان.‏»‏١٩

٢٦ لماذا ليس من المعقول الاستمرار في الإصرار على ان التطور واقع؟‏

٢٦ إلا ان العديد من مؤيّدي التطور يشعرون بأن لديهم اسبابًا كافيةً للإصرار على ان التطور واقع.‏ فيشرحون ان المجادلات تقتصر على التفاصيل.‏ ولكن،‏ اذا كان لاية نظرية اخرى مثل هذه الصعوبات الهائلة الباقية،‏ ومثل هذه التناقضات الكبرى بين مؤيّديها،‏ فهل يُعلَن بهذه السرعة انها واقع؟‏ ومجرد التكرار ان امرًا ما هو واقع لا يجعله واقعًا.‏ وكما كتب الأَحيائي جون ر.‏ ديورانت في ذا ڠارديان اللندنية:‏ «ينقاد العديد من العلماء لإغواء الجزم،‏ .‏ .‏ .‏ فقد عُرضت قضية اصل الانواع،‏ مرارًا وتكرارًا،‏ وكأنها بُتَّت بصورة نهائية.‏ وما من امر يمكن ان يكون أبعد عن الحقيقة.‏ .‏ .‏ .‏ ولكنَّ الميل الى الجزم دائم،‏ وذلك لا يُفيد قضية العِلم.‏»‏٢٠

٢٧ ما هو اطار الأدلَّة الآخر الذي يقدِّم اساسا لفهم الطريقة التي بها وصلت الحياة الى هنا؟‏

٢٧ ومن جهة اخرى،‏ ماذا عن الخلق كتفسير لكيفية وصول الحياة الى هنا؟‏ هل يقدِّم اطارا للأدلَّة أسلم من الادّعاءات التي طالما ايَّدت التطور؟‏ وأيضا،‏ هل يُلقي سفر التكوين،‏ بصفته أشهر روايات الخلق،‏ ضوءًا يمكن الوثوق به على الطريقة التي بها وصلت الارض والاشياء الحية الى هنا؟‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[النبذة في الصفحة ١٤]‏

‏«الداروينية،‏ بعد مضيّ قرن وربع،‏ تعاني مقدارًا مدهشًا من الصعاب»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٥]‏

‏«كيف حدث التطور تماما هو الآن موضع نزاع كبير بين علماء الاحياء»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٩]‏

‏«يبدو ان العين صُمِّمت؛‏ ولا يستطيع ايّ مصمِّم للمقاريب ان يصنع شيئا افضل»‏

‏[النبذة في الصفحة ٢١]‏

‏«ان النمط الذي طُلب منا ايجاده في السنوات الـ‍ ١٢٠ الماضية لا وجود له»‏

‏[النبذة في الصفحة ٢١]‏

‏«يقترح بعض العلماء فِكَرًا [تطورية] لم تروَّج في ما مضى إلا في الخيال»‏

‏[النبذة في الصفحة ٢٢]‏

النظريات الجديدة تناقض ما كان مقبولا لعقود عديدة

‏[النبذة في الصفحة ٢٣]‏

‏«أعتقد ان نظرية داروين على وشك الانهيار»‏

‏[النبذة في الصفحة ٢٤]‏

‏«عُرضت قضية اصل الانواع،‏ مرارًا وتكرارًا،‏ وكأنها بُتَّت بصورة نهائية.‏ وما من امر يمكن ان يكون أبعد عن الحقيقة»‏

‏[الاطار في الصفحة ١٩]‏

‏«علماء الكُمپيوتر في وضع حرج في سعيهم لمضاهاة البصر البشري»‏

اخبرت ذا نيويورك تايمز تحت العنوان الرئيسي اعلاه ما يلي:‏

«الخبراء الذين يتابعون احد احلام الانسان الاكثر جرأة —‏ أن يبتدعوا آلات تُفكِّر —‏ تعثَّروا عند اتخاذهم ما يبدو اوَّل خطوة بدائية.‏ لقد فشلوا فى إتقان البصر.‏

«وبعد عقدين من الأبحاث يلزمهم بعدُ ان يعلِّموا الآلات العمل الذي يبدو بسيطا،‏ وهو ان تدرك الاشياء اليومية وتُفرِّق بين الواحدة والأُخرى.‏

«فطوَّروا بدلا من ذلك احترامًا جديدًا عميقًا لما في البصر البشري من دقّة وتعقيد.‏ .‏ .‏ .‏ وشبكيَّة العين retina يحسدها علماء الكُمپيوتر.‏ ان عُصيّاتها rods ومخاريطها cones التي يبلغ عددها ١٠٠ مليون وطبقاتها من العَصَبونات neurons تُنجِز ما لا يقلّ عن ١٠ بلايين عملية حسابية في الثانية.‏»‏b

‏[الصورة في الصفحة ١٦]‏

كتب محرر يقبل نظرية التطور في الـ‍ تايمز اللندنية عن كتاب اصل الانواع لداروين:‏ «امامنا هنا السخرية العظمى انّ الكتاب الذي اشتهر بشرح اصل الانواع لا يفعل في الواقع شيئا من ذلك»‏

‏[الصورة في الصفحة ١٧]‏

صرّح احد مؤيدي التطور:‏ «أُقيمت .‏ .‏ .‏ مواقع دفاعية لمصلحة النظرية وضدها،‏ وقُذفت الإهانات من كلا الطرفين مثل قنابل الهاون»‏

‏[الصورتان في الصفحة ١٨]‏

قال الفلكي روبرت جاسترو:‏ «من الصعب قبول تطور العين البشرية كنتاج للصدفة؛‏ ومن الاصعب ايضا قبول تطور الذكاء البشري كنتاج للاختلالات العشوائية في خلايا ادمغة اسلافنا»‏

‏[الصور في الصفحة ٢٠]‏

‏«بعض الحالات التقليدية للتغيير الدارويني في سجل الاحافير .‏ .‏ .‏ لزم نبذها او تعديلها نتيجةً لمعلومات اكثر تفصيلا.‏»‏c ‏—‏ داڤيد روپ،‏ متحف فيلد للتاريخ الطبيعي في شيكاڠو

إيوهيپُّس (‏حصان سَلَفي)‏ Eohippus

أرْكيوپْتِريكْس (‏مجنَّح قديم)‏ Archaeopteryx

السمك الرِّئوي Lungfish

‏[الصورة في الصفحة ٢٢]‏

في حين يمكن ان يبقى الاصلح،‏ لا يشرح ذلك كيف اتى النظريات الجديدة تناقض ما كان مقبولا لعقود عديدة