الدرس ١٤
«هذه هي شريعة الهيكل»
فكرة الدرس الرئيسية: دروس من رؤيا الهيكل مفيدة في أيام حزقيال وفي أيامنا أيضًا
١، ٢ (أ) ماذا تَعلَّمنا في الدرس السابق عن رؤيا حزقيال؟ (ب) أي سؤالين سنُناقشهما في هذا الدرس؟
مثلما رأينا في الدرس السابق، الهيكل الذي رآه حزقيال ليس هو الهيكل الروحي العظيم الذي تكلَّم عنه بولس بعد مئات السنين. وتعلَّمنا أن يهوه أعطى هذه الرؤيا ليُذكِّر شعبه بأهمية المقاييس التي وضعها للعبادة النقية. وهو لم يكن سيستعيد علاقته بهم إلا إذا عادوا واحترموا هذه المقاييس. لذلك لا نستغرب أن يُكرِّر يهوه مرتين هذه الفكرة المهمة في آية واحدة: «هذه هي شريعة الهيكل». — إقرأ حزقيال ٤٣:١٢.
٢ أما الآن فسنُناقش السؤال: أي دروس تُعلِّمها هذه الرؤيا تُفيد الأسرى اليهود؟ والجواب عن هذا السؤال يوصلنا إلى السؤال الثاني: ماذا نتعلم نحن من رؤيا حزقيال في هذه الأيام الأخيرة الصعبة؟
أي دروس حملتها هذه الرؤيا قديمًا؟
٣ لماذا ربما أحسَّ الشعب بالخجل بعدما سمعوا عن الجبل العالي؟
٣ كي نُجيب عن هذا السؤال، سنُناقش بعض الأمور المميَّزة المتعلِّقة بهيكل حزقيال. لنتأمل أولًا في الجبل العالي. على الأرجح، حين سمع الشعب عن الجبل العالي في رؤيا حزقيال، ربطوا بينه وبين نبوة إشعيا المُفرحة عن الرد. (إش ٢:٢) ووجود هيكل يهوه على جبل عالٍ جدًّا علَّمهم درسًا مهمًّا: يجب أن تكون العبادة النقية مُرفَّعة، سامية، وأعلى من أي شيء آخر. طبعًا، العبادة النقية هي أساسًا مُرفَّعة لأن الإله الذي أسَّسها «أعلى بكثير من كل الآلهة». (مز ٩٧:٩) لكن المشكلة كانت في شعب يهوه الذين لم يقوموا بدورهم. فمرة بعد مرة، تركوا العبادة النقية ولوَّثوها وقلَّلوا من قيمتها. وبقي الوضع هكذا طوال مئات السنين. ولكن في هذه الرؤيا، كان بيت يهوه المقدس موجودًا في الأعالي، ومليئًا بالمجد، ومُرفَّعًا إلى المكانة التي يستحقها. ولا شك أن هذا الوصف دفع الأسرى الذين قلوبهم طيبة أن يشعروا بالخجل.
٤، ٥ أي رسالة أراد يهوه أن يوصلها من خلال بوابات الهيكل العالية؟
٤ البوابات العالية. في بداية الجولة، رأى حزقيال الملاك يقيس بوابات الهيكل التي وصل طولها إلى نحو ٣٠ مترًا. (حز ٤٠:١٤) ورأى أيضًا غرفًا للحرس في هذه المداخل. ثم قال يهوه لحزقيال: «انتبِه جيدًا إلى مدخل الهيكل». لماذا؟ لأن الشعب اعتاد أن يُدخِل إلى بيت يهوه المقدس «أجانب قلوبهم غير مختونة وأجسادهم غير مختونة». وهكذا، كان هؤلاء «يُنجِّسون» هيكله. — حز ٤٤:٥، ٧.
٥ لقد ترك البعض «أجسادهم» غير مختونة، وهم بذلك كسروا وصية واضحة أعطاها اللّٰه منذ أيام إبراهيم. (تك ١٧:٩، ١٠؛ لا ١٢:١-٣) أما الأشخاص الذين «قلوبهم» غير مختونة، فمشكلتهم أخطر. فهم كانوا أشخاصًا عنيدين ومتمردين، لا يقبلون توجيه يهوه وإرشاده. وأشخاص كهؤلاء ممنوع عليهم الدخول إلى بيت يهوه المقدس لتقديم العبادة. فيهوه يكره المنافقين. لكن شعبه سمح للنفاق أن ينمو ويزدهر في بيت إلههم. والآن يريد يهوه أن يوصل رسالة واضحة من خلال البوابات وغرف الحرس: التساهل ممنوع بعد الآن! فعلى الشعب أن يحترم المقاييس الرفيعة التي وضعها يهوه ليُحدِّد مَن يدخل إلى بيته. وإلا فلن يرضى عنهم أبدًا وعن عبادتهم.
٦، ٧ (أ) أي رسالة أراد يهوه أن يوصلها إلى شعبه من خلال السور حول منطقة الهيكل؟ (ب) ماذا كان شعب يهوه يفعل سابقًا قرب الهيكل؟ (أُنظر الحاشية.)
٦ السور حول منطقة الهيكل. أحد الأمور المميَّزة في هذه الرؤيا هو السور حول منطقة الهيكل. فقد قال حزقيال إن طول كل جهة من هذا السور وصل إلى ٥٠٠ قصبة، أي ٥٥٥,١ مترًا! (حز ٤٢:١٥-٢٠) أما مباني الهيكل والساحتان، فشكَّلت مُربَّعًا صغيرًا لا يتجاوز طول كل جهة منه ٥٠٠ ذراع، أي ٢٥٩ مترًا. إذًا كانت هناك مساحة شاسعة حول الهيكل يُحيط بها هذا السور الخارجي. a فما الهدف من كل ذلك؟
٧ قال يهوه: «ليتوقفوا الآن عن خيانتي وليُبعِدوا عني جثث ملوكهم. عندئذٍ أسكن بينهم إلى الأبد». (حز ٤٣:٩) على الأرجح، تُشير «جثث ملوكهم» إلى أصنام كانوا يعبدونها. ويهوه أراد أن يكون هناك مساحة شاسعة حول الهيكل لينقل إليهم هذه الرسالة: «لا أريد أن أرى هذا القرَف قرب بيتي! أبعِدوه بعيدًا!». وإذا أطاع الشعب وصية يهوه وقدَّموا له عبادة نقية، فسيسكن بينهم إلى الأبد.
٨، ٩ ماذا ربما تعلَّم الشعب من كلمات يهوه القوية للنظار والمسؤولين؟
٨ توجيهات قوية للمسؤولين. خاطب يهوه الذين لديهم مسؤوليات كبيرة بين شعبه، ووجَّه إليهم كلمات جمعت بين الحزم والمحبة. وهذا واضح في كلامه إلى اللاويين. فقد وبَّخهم بقوة لأنهم ابتعدوا عنه عندما غرق الشعب في عبادة الأصنام. لكنه مدح أبناء صادوق، «الذين اهتموا بالمسؤوليات المتعلِّقة بمكان [يهوه] المقدس حين ابتعد الإسرائيليون» عن إلههم. لقد أخذ يهوه في الاعتبار أعمال الفريقين، وعاملهما كليهما بعدل ورحمة. (حز ٤٤:١٠، ١٢-١٦) وهو لم يوبِّخ اللاويين فقط، بل أيضًا رؤساء إسرائيل. — حز ٤٥:٩.
٩ وهكذا أظهر يهوه بوضوح أن المسؤولين والنظار كان عليهم أن يُقدِّموا حسابًا أمامه. فلا أحد أكبر من أن ينصحه يهوه ويوبِّخه ويؤدِّبه. بل على العكس، يجب أن يكون النظار والمسؤولون مثالًا في تطبيق مقاييس يهوه.
١٠، ١١ كيف نعرف أن بعض الأسرى الذين عادوا إلى أورشليم استفادوا من رؤيا حزقيال؟
١٠ بالفعل، حملت هذه الرؤيا دروسًا كثيرة. فهل استفاد منها الذين عادوا إلى أورشليم؟ لا نعرف بالضبط ماذا كان رأي الرجال والنساء الأمناء آنذاك بهذه الرؤيا المميزة. لكن كلمة اللّٰه تخبرنا الكثير عن ما فعلوه حين عادوا إلى أورشليم وكيف صاروا ينظرون إلى عبادة يهوه النقية. فهم حاولوا أن يُطبِّقوا المبادئ التي نقلها يهوه إليهم في رؤيا حزقيال. وقد نجحوا إلى حدٍّ ما، خصوصًا إذا قارنَّاهم بأجدادهم المتمردين الذين عاشوا قبل الأسر.
١١ فقد بذل أشخاص أمناء كل جهدهم ليُعلِّموا الشعب المبادئ الإلهية. نذكر من هؤلاء الرجال مثلًا النبيَّين حجاي وزكريا، الكاهن والناسخ عزرا، والحاكم نحميا. (عز ٥:١، ٢) فهم علَّموا الشعب مبادئ مشابهة للمبادئ التي تضمَّنتها رؤيا حزقيال. فأوضحوا لهم أن العبادة النقية يجب أن تكون مُرفَّعة وأن تأتي قبل الأمور المادية والأهداف الشخصية. (حج ١:٣، ٤) كما شدَّدوا كم مهم أن يحترم الشعب المقاييس التي حدَّدها يهوه للعبادة النقية. مثلًا، طلب عزرا ونحميا بحزم من اليهود أن يتركوا زوجاتهم الأجنبيات اللواتي أضعفن الشعب روحيًّا. (إقرأ عزرا ١٠:١٠، ١١؛ نح ١٣:٢٣-٢٧، ٣٠) وماذا عن عبادة الأصنام؟ على ما يبدو، صار الشعب بعد الأسر يكرهون هذه الخطية التي وقعوا فيها سابقًا عدة مرات. وما القول في الكهنة والرؤساء؟ مثلما رأينا في رؤيا حزقيال، هم أيضًا كانت لديهم حصة كبيرة من التوبيخ. (نح ١٣:٢٢، ٢٨) وكثيرون منهم قبلوه بكل تواضع. — عز ١٠:٧-٩، ١٢-١٤؛ نح ٩:١-٣، ٣٨.
١٢ كيف بارك يهوه الأسرى الذين عادوا إلى أورشليم؟
١٢ بسبب ذلك، بارك يهوه شعبه بأمور رائعة كانوا قد نسوها منذ وقت طويل. فبدأوا من جديد يتمتعون بعلاقة مميزة مع إلههم، وعادوا يعيشون في بحبوحة وسلام. (عز ٦:١٩-٢٢؛ نح ٨:٩-١٢؛ ١٢:٢٧-٣٠، ٤٣) وأخيرًا، بدأ الشعب يلتزمون بمقاييس يهوه الرفيعة ويعبدونه عبادة نقية. فالدروس التي أراد يهوه أن يوصلها من خلال رؤيا حزقيال حرَّكت قلوب كثيرين منهم. كخلاصة إذًا، أفادت هذه الرؤيا الأسرى كثيرًا. فهي علَّمتهم درسَين مهمَّين: (١) أن يلتزموا بالمقاييس التي وضعها يهوه للعبادة النقية، و (٢) أن العبادة النقية ستُرَد ويهوه سيُبارك شعبه ما داموا يعبدونه بطريقة تُرضيه. ولا شك أن هذا الأمر شجَّعهم كثيرا. ولكن ماذا عنا؟ هل تتم هذه الرؤيا في أيامنا؟
كيف نستفيد من رؤيا حزقيال في أيامنا؟
١٣، ١٤ (أ) كيف نعرف أن الرؤيا عن الهيكل تتم أيضًا في أيامنا؟ (ب) بأي طريقتين تُفيدنا هذه الرؤيا اليوم؟ (أُنظر أيضًا الإطار ١٣أ: «هيكلان مختلفان ودروس مختلفة».)
١٣ هل نحن متأكدون أن هيكل حزقيال ينطبق على أيامنا أيضًا؟ نعم. تذكَّر وجه الشبه بين نبوة حزقيال ونبوة إشعيا: الهيكل في رؤيا حزقيال كان على «جبل عالٍ جدًّا». والأمر نفسه ذكره إشعيا حين قال إن «جبل بيت يهوه يكون ثابتًا فوق رؤوس الجبال». لكن إشعيا أضاف فكرة مهمة حين أخبرنا متى ستتم هذه النبوة. قال: «في آخر الأيام». (حز ٤٠:٢؛ إش ٢:٢-٤؛ أُنظر أيضًا ميخا ٤:١-٤.) فهاتان النبوتان تتمان خلال الأيام الأخيرة، تحديدًا منذ سنة ١٩١٩. ففي تلك السنة، بدأ يهوه يردُّ العبادة النقية ويرفِّعها، كأنه يضعها على جبل عالٍ جدًّا. b
١٤ إذًا لا شك أن رؤيا حزقيال تنطبق على العبادة النقية اليوم. ومثلما أفادت اليهود الأسرى قديمًا، تُفيدنا نحن أيضًا. فهي تُعلِّمنا (١) أن نلتزم بالمقاييس التي وضعها يهوه للعبادة النقية، و (٢) أنَّ العبادة النقية ستُرَد ويهوه سيُبارك شعبه.
مقاييس العبادة النقية اليوم
١٥ ماذا يجب أن نُبقي في بالنا فيما نتأمل في هيكل حزقيال؟
١٥ تخيَّل أننا نقوم بجولة مع حزقيال لنتعرف أكثر على الهيكل الضخم الذي رآه ونتأمل في تفاصيل محدَّدة فيه. صحيح أن الهيكل الذي نراه ليس هو نفسه الهيكل الروحي العظيم، ولكن هناك دروس كثيرة نتعلمها منه تُفيدنا في عبادتنا. فما هي بعض هذه الدروس؟
١٦ ماذا نتعلم من القياسات المفصَّلة في رؤيا حزقيال؟ (أُنظر الصورة في بداية الدرس.)
١٦ لمَ كل هذه القياسات؟ لنرجعْ إلى الملاك الذي بدا وكأنه من نحاس. فقد رآه حزقيال يقيس الهيكل بالتفصيل، بما في ذلك السوران والبوابات وغرف الحرس والساحتان والمذبح. لا شك أن القارئ سيتفاجأ من كثرة القياسات ويتساءل عن سبب وجودها. (حز ٤٠:١–٤٢:٢٠؛ ٤٣:١٣، ١٤) ولكن لنفكِّر في النقاط المهمة التي نتعلمها من هذه التفاصيل. فيهوه أراد أن يُشدِّد على أهمية المقاييس التي يضعها هو، لا البشر. لذلك، كل مَن يقول إن اللّٰه لا يهمُّه كيف نعبده مخطئ جدًّا. إضافة إلى ذلك، يُعطي القياس المفصَّل للهيكل ضمانة أن يهوه سيفي بوعده ويرَدُّ العبادة النقية. فهذا الوعد دقيق لدرجةِ أن حزقيال صار يرى الهيكل بأدق تفاصيله وقياساته وكأنه موجود فعلًا. وهذه الرؤيا تُعطي ضمانة أيضًا للذين يعيشون في الأيام الأخيرة. فهي تؤكد لهم أن العبادة النقية ستُرَد في أيامهم.
١٧ بماذا يُذكِّرنا السور الذي يُحيط بمنطقة الهيكل؟
١٧ السور حول منطقة الهيكل. مثلما ذكرنا، رأى حزقيال سورًا يُحيط بكامل منطقة الهيكل. وهذا التفصيل ذكَّر شعب اللّٰه أن يُبقوا النجاسة الروحية بكل أشكالها بعيدة عن العبادة النقية ولا يُلوِّثوا بها بيت يهوه. (إقرأ حزقيال ٤٣:٧-٩.) وهذه الفكرة لا تزال مفيدة لنا اليوم. فشعب اللّٰه ظلَّ في الأسر الروحي في بابل العظيمة لمئات السنين. لكنه تحرَّر سنة ١٩١٩. وفي تلك السنة، عيَّن المسيح العبد الأمين الحكيم. ومنذ ذلك الوقت، بذل شعب اللّٰه جهدًا أكبر ليتخلَّصوا من العقائد والممارسات الملوَّثة بعبادة الأصنام. فهم لا يُريدون أبدًا أن يلوِّثوا العبادة النقية بأي نجاسة روحية. حتى إنهم لا يتعاطون بالمسائل التجارية في قاعات الملكوت كي يُبقوا هذه الأمور الدنيوية منفصلة عن عبادتهم ليهوه. — مر ١١:١٥، ١٦.
١٨، ١٩ (أ) ماذا نتعلم من البوابات العالية التي رآها حزقيال؟ (ب) لماذا لا يجب أن نُساير الذين يستخفون بمقاييس يهوه؟ أعطِ مثلًا.
١٨ البوابات العالية. ماذا نتعلم من البوابات العالية التي رآها حزقيال؟ لا شك أن ارتفاع هذه البوابات ذكَّر اليهود الأسرى أن المقاييس الأخلاقية التي يضعها يهوه عالية جدًّا. وماذا عن أيامنا؟ نحن نعبد يهوه اليوم في هيكله الروحي العظيم. إذًا، ألا يجب أن ننتبه أكثر إلى سلوكنا ونبتعد كليًّا عن النفاق؟ (رو ١٢:٩؛ ١ بط ١:١٤، ١٥) وخلال الأيام الأخيرة، وجَّه يهوه شعبه تدريجيًّا ليتبعوا بدقة مقاييسه الأخلاقية. c فقد علَّمهم مثلًا أن الخاطئ غير التائب لا يجب أن يبقى في الجماعة. (١ كو ٥:١١-١٣) وأكثر من ذلك، تُعلِّمنا غرف الحرس في مداخل البوابات أن لا أحد اليوم يقدر أن يدخل إلى الهيكل الروحي إذا لم يكن يهوه راضيًا عنه. لنفترض مثلًا أن هناك شخصًا يعيش في السر حياة لا تُرضي اللّٰه. طبعًا، يقدر شخص كهذا أن يدخل قاعة ملكوت، لكنه لن ينال رضى يهوه حتى يُغيِّر حياته. (يع ٤:٨) فما أحلى الطريقة التي يحمي بها يهوه عبادته النقية وسط عالم فاسد ومُنحَط!
١٩ لقد تنبَّأ الكتاب المقدس أن هذا العالم سيصير منحطًّا كثيرًا قبل النهاية. فهو أخبرنا أن ‹الناس الأشرار والدجالين سيتقدَّمون من سيئ إلى أسوأ، مُضِلِّين ومُضَلِّين›. (٢ تي ٣:١٣) واليوم، يخدع الشيطان أشخاصًا أكثر وأكثر ويوهمهم أن مقاييس يهوه الرفيعة صارمة فوق اللزوم أو قديمة أو خاطئة. فماذا عنك؟ هل ستسمح للشيطان أن يخدعك؟ مثلًا، إذا حاول شخص أن يُقنعك أن مقاييس اللّٰه عن المثلية الجنسية خاطئة، فهل تتجاهل كلمة اللّٰه وتقتنع بما يقوله؟ لقد ذكر الكتاب المقدس بوضوح أن الذين يقومون بأعمال كهذه يعملون «أمورًا فاحشة»، ويهوه يُحذِّرنا من تقبُّل أي سلوك فاسد. (رو ١:٢٤-٢٧، ٣٢) لذلك عندما نواجه وضعًا كهذا، لنتخيَّل هيكل حزقيال مع بواباته العالية ولنُذكِّر أنفسنا بهذه الحقيقة الثابتة: مهما انحطت مقاييس هذا العالم الشرير، فلن يتنازل يهوه أبدًا عن مقاييسه الرفيعة. فهل ستؤيِّد أباك السماوي وتدافع عن مقاييسه؟
عندما نُشارك في العبادة النقية، نقدِّم «ذبيحة تسبيح» ليهوه
٢٠ أي دروس من رؤيا حزقيال تُشجِّع ‹الجمع الكثير›؟
٢٠ الساحتان. عندما رأى حزقيال كم كانت الساحة الخارجية كبيرة، لا بد أنه فرح كثيرًا. فساحة كهذه تسع أعدادًا كبيرة جدًّا من خدام يهوه. أما اليوم فيعبد المسيحيون يهوه في مكان أقدس بكثير. مع ذلك، يمكنهم أن يستفيدوا كثيرًا من هيكل حزقيال. كيف؟ لنتأمل مثلًا في ‹الجمع الكثير› الواقفين في الساحة الخارجية من هيكل يهوه الروحي. (رؤ ٧:٩، ١٠، ١٤، ١٥) فحزقيال رأى غرف طعام حول تلك الساحة الخارجية. وفي هذه الغرف، استطاع خدام يهوه أن يأكلوا من ذبائح المشاركة التي أحضروها. (حز ٤٠:١٧) بكلمات أخرى، كان بإمكانهم أن يأكلوا مع يهوه إن جاز التعبير! وهذا يدلُّ على الصداقة والسلام بينهم وبين إلههم. صحيح أننا لا نُقدِّم اليوم الذبائح مثلما فعل اليهود أيام الشريعة، لكننا نُقدِّم «ذبيحة تسبيح» ليهوه عندما نشارك في العبادة النقية. وهذا يشمل مثلًا تبشير الناس والتعبير عن إيماننا في الاجتماعات من خلال الأجوبة والترانيم. (عب ١٣:١٥) كما أننا نتغذى بالطعام الروحي الذي يُهيِّئه يهوه لنا. فلا شك أن مشاعرنا تُشبه مشاعر أبناء قورح الذين قالوا: «يوم واحد في بيتك أحسن من ألف في أي مكان آخر». — مز ٨٤:١٠.
٢١ ماذا يتعلم المسيحيون المختارون من الكهنة في رؤيا حزقيال؟
٢١ الكهنة. كي يدخل الكهنة واللاويون إلى الساحة الداخلية، كان عليهم أن يعبروا من بوابات. وقد لاحظ حزقيال أن هذه البوابات تُشبه البوابات التي يمرُّ عبرها غير اللاويين ليدخلوا إلى الساحة الخارجية. وقد استعمل يهوه هذه الطريقة الذكية ليلفت نظر اللاويين أن عليهم هم أيضًا أن يلتزموا بمقاييسه للعبادة النقية. وماذا عن شعب اللّٰه اليوم؟ طبعًا، لم يعد بيننا كهنة يتناقلون هذا الامتياز من جيل إلى جيل. لكن يهوه قال للمسيحيين المختارين: «أما أنتم ‹فعِرق مُختار، كهنة وملوك›». (١ بط ٢:٩) في إسرائيل قديمًا، كان الكهنة يعبدون يهوه في ساحة منفصلة. أما اليوم، فالمختارون لا يعبدون يهوه في مكان منفصل بعيدًا عن إخوتهم. مع ذلك، هناك أمر يُميِّزهم. فيهوه قد تبناهم، وصاروا أولاده. (غل ٤:٤-٦) ولكن رغم هذه العلاقة المميزة، هناك تذكيرات مهمة في رؤيا حزقيال للمسيحيين المختارين. فيهوه لم يستثنِ الكهنة من النصائح والتوبيخ. لذلك علينا جميعًا كمسيحيين أن نتذكر أننا جزء من «رعية واحدة»، ونخدم تحت توجيه «راعٍ واحد». — إقرأ يوحنا ١٠:١٦.
٢٢، ٢٣ (أ) ماذا يتعلم الشيوخ اليوم من الرئيس في رؤيا حزقيال؟ (ب) ماذا قد يحدث في المستقبل؟
٢٢ الرئيس. لم يكن الرئيس في رؤيا حزقيال من سبط اللاويين. وفي الهيكل، كان عليه أن يخضع للكهنة. مع ذلك، لعب الرئيس دورًا مهمًّا. فمن الواضح أنه كان ناظرًا بين الشعب، وكان يساعدهم في إحضار الذبائح. (حز ٤٤:٢، ٣؛ ٤٥:١٦، ١٧؛ ٤٦:٢) هذا الرئيس هو مثال لمَن لديهم مسؤوليات اليوم في الجماعة. فالشيوخ المسيحيون، بمن فيهم نظار الدوائر، يظلُّون خاضعين للعبد الأمين الذي عيَّنه يسوع. (عب ١٣:١٧) وهم يبذلون كل جهدهم ليُساعدوا شعب اللّٰه على تقديم ذبائح تسبيح في الاجتماعات والخدمة. (أف ٤:١١، ١٢) ولا يغيب عن بالهم أن يهوه وبَّخ رؤساء إسرائيل لأنهم استغلوا سلطتهم لمصلحتهم الشخصية. (حز ٤٥:٩) وهم يعرفون جيدًا أن لا أحد أكبر من أن ينصحه يهوه ويوبِّخه. لذلك يُقدِّرون أي فرصة من يهوه ليتحسَّنوا في إنجاز مسؤولياتهم كرعاة ونظار. — إقرأ ١ بطرس ٥:١-٣.
٢٣ سيظل يهوه يُهيِّئ نظارًا كفوئين ومحبين كي يُساعدوا شعبه في العالم الجديد. وفي الواقع، التدريب الذي يناله الشيوخ اليوم يُجهِّزهم ليكونوا رعاة كفوئين ومحبين في الفردوس. (مز ٤٥:١٦) ولا شك أن يهوه سيستخدم هؤلاء الرجال بطريقة رائعة آنذاك لفائدتنا جميعًا. وما القول في رؤيا حزقيال وباقي نبوات الرد؟ هل سنفهمها لاحقًا بوضوح أكبر؟ هل هناك جوانب من هذه الرؤيا لا نستوعبها كاملًا اليوم لكنها ستتم إتمامًا مذهلًا في المستقبل؟ ننتظر لنرى.
يهوه يبارك العبادة النقية
٢٤، ٢٥ كيف وصفَت رؤيا حزقيال بركات يهوه على شعبه عندما يعبدونه عبادة نقية؟
٢٤ في النهاية، لنتذكر أهم حدث في رؤيا حزقيال: يدخل يهوه إلى هيكله ويَعِد خدامه أنه سيبقى فيه ما داموا يتبعون مقاييسه للعبادة النقية. (حز ٤٣:٤-٩) فكيف سيؤثِّر حضور يهوه في شعبه وفي الأرض التي يسكنونها؟
٢٥ تصف هذه الرؤيا بركات يهوه من خلال مشهدَين نبويين مشجِّعين: (١) يخرج نهر من المكان المقدس في الهيكل ويُعيد الحياة والخصوبة إلى الأرض، و (٢) تُقسَّم الأرض بطريقة منظَّمة ودقيقة، ويبقى الهيكل ومحيطه في الوسط تقريبًا. لكننا اليوم نعيش في زمن الهيكل الروحي العظيم، زمن أدخل فيه يهوه نظام عبادة جديدًا أكثر قداسة. فلمَ يهمنا هذان المشهدان النبويان؟ (مل ٣:١-٤) سنتعمَّق في هذا السؤال في الدروس ١٩ إلى ٢١.
a أراد يهوه بذلك أن يُظهر لشعبه الخطأ الكبير الذي كانوا يرتكبونه بحقِّ هيكله في أورشليم. لاحظ ماذا فعلوا: «وضعوا مدخلهم قرب مدخلي وإطار بابهم قرب إطار بابي، ولم يفصل بيني وبينهم إلا حائط. وهكذا نجَّسوا اسمي القدوس بالأمور الكريهة التي عملوها». (حز ٤٣:٨) في أورشليم قديمًا، لم يفصل بين هيكل يهوه وبيوت الناس إلا حائط. وعندما ابتعد الشعب عن مقاييس يهوه الرفيعة، وضعوا نجاستهم وأصنامهم في مكان قريب جدًّا من هيكل يهوه المقدس. ويهوه اللّٰه يستحيل أن يقبل بذلك!
b ترتبط رؤيا حزقيال عن الهيكل بنبوات أخرى عن الردِّ تتم في الأيام الأخيرة. لاحِظ مثلًا أوجه الشبه بين حزقيال ٤٣:١-٩ وملاخي ٣:١-٥؛ وبين حزقيال ٤٧:١-١٢ ويوئيل ٣:١٨.
c صار الهيكل الروحي موجودًا سنة ٢٩ بم عندما اعتمد يسوع وبدأ عمله كرئيس كهنة. مع ذلك، بقيت العبادة النقية مُهمَّشة طوال مئات السنين بعد موت رسل يسوع. ولكن منذ سنة ١٩١٩ بشكل خاص، بدأت العبادة النقية تصير مُرفَّعة.