المكسيك
المكسيك
عند ذكر المكسيك يفكِّر اشخاص كثيرون في الراقصين المكسيكيين الذين يلبسون ثيابا غنية بالالوان، عازفي الڠيتار الذين يعزفون الحان السّريناد الرومنطقية، والبلدات الصغيرة الهادئة ببيوتٍ جدرانها مبيَّضة وسطوحها مكسوَّة بالآجر الاحمر. ويفكِّر آخرون في ازدحام السير في المدن الضخمة مثل مكسيكو، ڠوادالاخارا، او مونتيري. ويتذكر البعض اناسا متواضعين ومضيافين، يبتسمون ويصافحون مصافحة ودية. المكسيك هو كل هذه الامور ولكنه ايضا اكثر من ذلك بكثير.
انه بلد يوجد فيه ازدهار روحي. وعلى الرغم من ان شهود يهوه نشاطى في اكثر من ٢٣٠ بلدا حول العالم منذ السنة ١٩٨٧، فإن اكثر من ١٠ في المئة من دروس الكتاب المقدس البيتية التي يعقدونها هو في المكسيك. وبرنامج تعليم الكتاب المقدس هذا يعطي نتائج. فخلال السنوات الخمس الماضية، تقدَّم ٤٢٠,١٥٤ في المكسيك للمعمودية رمزا الى انتذارهم ليهوه.
ولكن لا يزال هنالك الكثير لفعله من اجل اعطاء شهادة
شاملة في كل انحاء المكسيك. فمجموع عدد السكان يبلغ اكثر من ٨٧ مليونا. واللغة الرسمية هي الاسپانية؛ ولكن يجري التكلم بلغات ولهجات اخرى. ورغم انه لم تصل شهادة شاملة الى الجميع في المكسيك، يجمع يهوه اشخاصا لخدمته من كل المجموعات المتنوعة التي تؤلف الامة. فكيف يُنجَز ذلك؟ للاجابة عن ذلك، ندعوكم الى مرافقتنا في رحلة عبر تاريخ شهود يهوه في المكسيك.ولكن، ستجدونه مساعدا اولا ان تعرفوا شيئا عن شعب المكسيك والحوادث التي صاغت وجهة نظرهم.
خلفية شعب المكسيك
ما هو اصلهم؟ ان النظرية الاوسع انتشارا هي ان القبائل الاولى التي سكنت المكسيك هي من اصل آسيوي وأنها عبرت الى ما نعرفه اليوم بالاميركتين عن طريق مضيق بيرنڠ. وكانت مستقرة في المكسيك قبل العصر الميلادي بكثير.
يبرز في تاريخ المكسيك اكثر من قبيلة رئيسية واحدة من الهنود. فقد كانت هنالك قبائل الاولمك، المايا، الزاپوتك، والتولتك. وعندما ابتدأ الاسپان يحتلُّون جزر الهند الغربية خلال تسعينات الـ ١٤٠٠، كانت قبيلة الازتك تحكم الكثير مما هو الآن جنوبي وسط المكسيك. وقدَّر البعض ان عدد السكان في عاصمتهم تينوشتيتلان كان يبلغ ٠٠٠,٢٥٠. ولكن في السنة ١٥٢١، عندما استسلم آخر امبراطور ازتكي لهرنان كورتس، وقع هذا البلد تحت سيطرة اسپانيا.
كان الازتكيون يعبدون الشمس، وكانوا يعبدون ايضا قوى الطبيعة، كالمطر والنار، التي نسبوا اليها حفظ الحياة. وبوصول الاسپان، كان هنالك اصطدام للحضارات. فتحت الحكم الاسپاني، فُرض الدين الكاثوليكي الروماني على الهنود بموجب مرسوم للدولة. وبمرور الوقت، توقفت الذبائح البشرية المرتبطة بعبادتهم السابقة، ولكنَّ معتقدات وممارسات اخرى اندمجت في دينهم الجديد.
وبالاضافة الى الاستغلال من قِبَل الحكام الاوروپيين، كان هنالك قمع ماكر على اساس الدين الجديد. وكيف ذلك؟ كانت الكنيسة تضبط التعليم الذي كان فقط في متناول الطبقات الغنية وذات النفوذ، فيما جرى ابقاء عامة الشعب اميِّين وجهَّالا. وجعلهم ذلك فريسة سهلة للتعصُّب الديني.
مرَّت ثلاثة قرون تقريبا، صارت خلالها المعتقدات والعادات الكاثوليكية الرومانية جزءا من بنية حياة الشعب؛ ثم في السنة ١٨١٠ اندلع التمرّد على الحكم الاسپاني. وكان يقوده كاهن، ميڠِل ايدالڠو اي كوستييا، وقد وسم بداية الحروب التي قادت الى الاستقلال. واستمرت الدولة الجديدة في التحالف اللصيق مع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، واستمر الشعب يدينون بالكاثوليكية.
ولكن بمرور الوقت، صارت الحكومة مقتنعة بأن الدين يؤذي اكثر مما ينفع، ولذلك كان بين لايِس دي رِفورما (قوانين الاصلاح) قانون
سُنَّ سنة ١٨٥٩ لفصل الكنيسة عن الدولة. ونصَّ هذا القانون ايضا على مصادرة كل املاك الكنيسة.وفي اواخر السنة ١٩١٠ هزَّت الثورةُ البلدَ مجدَّدا، وهذه المرة في محاولة للإطاحة بدكتاتورية پورفيريو دياز. وقاد نجاحها الى محاولة جديدة سنة ١٩١٧ لتنفيذ قوانين الاصلاح. وفي هذا الوقت، اقرَّ القانون في المكسيك حرية الاديان ولكن بشروط معيَّنة كان القصد منها خصوصا الحدّ من نفوذ الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. وإذ هدأت الثورة، كان يتقدَّم شيء آخر سيجلب حرية اعظم ايضا. وكان ذلك نشر البشارة عن قصد اللّٰه للجنس البشري.
ألبوم من الحوادث الروحية
ان رواية عمل شهود يهوه في المكسيك هي كمجموعة من الصور، ألبوم تاريخي ثمين. ويعود تاريخ اول صفحة من ألبومنا الى سنة ١٨٩٣. ففي تلك السنة كتب رجل في المكسيك يدعى ستيفنسون رسالة تظهر الاهتمام ليس فقط بدرس حقائق الكتاب المقدس بل ايضا بالاشتراك فيها مع الآخرين في المكسيك. وكانت الرسالة موجَّهة الى مكتب جمعية برج المراقبة في ألليڠيني، پنسلڤانيا (الولايات المتحدة الاميركية). وجاء فيها: «ارفق طيًّا خمسة دولارات. من فضلكم خذوا منها ما يكفي لاشتراك سنة واحدة لي في ‹برج مراقبة زيون› وأرسلوا لي ما يبتاعه ما تبقّى منها من المجلدات الثلاث ‹الفجر الالفي،› لأنني ارغب في ارسالها الى عدة اصدقاء هنا وفي اوروپا على السواء. ارجو ان اجد في ‹برج المراقبة› مقالات يمكن ان تفيد في هذا البلد اذا تُرجمت ونُشرت بالاسپانية؛ وربما اتولى ايضا ترجمة مجلدات ‹الفجر الالفي،› اذا كانت لدي الموارد المالية لنشرها.»
حدث ذلك خلال عهد پورفيريو دياز — وقت كانت هنالك فيه
طبقة ارستقراطية متديِّنة جدا وطبقة عاملة فقيرة جدا في المكسيك. وهذه الطبقة العاملة كانت متديِّنة بإخلاص ويسيطر عليها رجال الدين الكاثوليك. وفي ١٩١٠-١٩١١، قاد العنف وسفك الدم المنتشران الى تغيير في الادارة. فعُزل دياز عن منصبه.وبعد ان هدأ الاضطراب الثوري نوعا ما وخرَّبت الحربُ البلدَ ماديا واقتصاديا، ابتدأ بعض الاشخاص يبحثون عن اللّٰه. فاولئك الذين هربوا شمالا الى الولايات المتحدة ابتدأوا يعودون، وكانت بين الامور التي جلبها البعض معهم كنوز في شكل كتب تشرح الكتاب المقدس. وكان هنالك ايضا تلاميذ الكتاب المقدس من الولايات المتحدة الذين قاموا برحلات متكرِّرة الى شمالي المكسيك للاشتراك في البشارة مع الناس هناك. ونتيجة لذلك، تعرَّف افراد منعزلون قليلون في المكسيك بالحق وفعلوا ما في وسعهم لاعطائه للآخرين.
المحاولات الاولى للتنظيم
سنة ١٩١٧ سافر ابِل اورتايڠا، شاب مصمِّم على دراسة الطب، الى سان انطونيو، تكساس. وهناك تعلَّم عن قصد اللّٰه للجنس البشري من اخ اسمه موريرا. وغيَّر ابِل خططه؛ فعندما عاد الى المكسيك، كان مجهَّزا بشيء افضل، نظام الدهور الالهي. فلم يسرّ عمه، الذي كان قد رتَّب لتعليمه الطب، ولم يتأثر ايضا بمعتقدات ابن اخيه الجديدة. ونتيجة لذلك، اضطر ابِل ان يغادر المنزل. وانتقل الى ضواحي مكسيكو، الى قرية تُعرف بسانتا خوليا. وهناك تحت الاوراق الكثيفة لشجرة كبيرة، ابتدأ يدير الاجتماعات. وفي غضون سنتين، صار الفريق مؤلَّفا من ٣٠ شخصا تقريبا.
وإذ ازداد العدد، اتضح انهم كانوا بحاجة الى قاعة ملائمة للاجتماعات. وقد وجدوها في وسط المدينة. وبحلول السنة ١٩١٩، عُقدت ايضا في المكسيك محافل صغيرة لتلاميذ الكتاب المقدس كانت تدوم اربعة ايام.
ولكن بُعيد ذلك، افتتن ابِل اورتايڠا بفريق ديني جديد في فرنسا. فتوقف عن معاشرة اخوته المسيحيين السابقين. وحدثت الانقسامات، وبقي قليلون كانوا يحاولون فعل مشيئة يهوه.
مكتب الجمعية الاسپاني في لوس انجلوس
في ألبومنا التاريخي لهذه الفترة، نجد روبرتو مونتايرو، كولومبي طويل ونحيف، تعلَّم الحق واعتمد في الولايات المتحدة سنة ١٩١٤. لقد قادته غيرته الاولى الى المجاهدة لفعل كل ما يمكن لنشر البشارة. وقد عمل لبعض الوقت في بيت ايل في بروكلين عندما كان ت. ت. رصل لا يزال رئيسا لجمعية برج المراقبة. واستنادا الى ابنته ماريا لويسا مونتايرو (دي بورديير)، «من الواضح انه بين السنتين ١٩١٧ و ١٩١٨، ارسل الاخ رذرفورد [الرئيس الثاني لجمعية برج المراقبة] ابي الى لوس انجلوس للاعتناء بفريق يتكلم الاسپانية كان قد تشكَّل هنا وليكون مسؤولا ايضا عن اصدار لا تورّي دِل ڤيخيا، التي هي الآن لا اتالايا [برج المراقبة]، بالاسپانية.» وهكذا، اسَّس روبرتو مونتايرو مكتبا في لوس انجلوس، كاليفورنيا، وابتدأ هناك يترجم مطبوعات الجمعية بالاسپانية ويرسلها الى المتكلمين الاسپانية الذين كانوا يطلبونها.
ومن هناك كانت لا تورّي دِل ڤيخيا تصل الى المكسيك. وكانت احيانا تُرسل شهريا؛ وأحيانا كل شهرين. ووزَّع هذا المكتب نفسه في لوس انجلوس الكتب التي الَّفها القس رصل. وصار نظام الدهور الالهي وسيناريو رواية الخلق المصورة معروفَين بشكل واسع في المكسيك.
مكتب فرع في المكسيك
على الرغم من المشاكل التي عاناها الفريق المرتبط سابقا بأبِل اورتايڠا في مكسيكو، كان هنالك مكسيكيون ذوو ميل قلبي صائب
ممن كانوا جائعين للحق واستمروا في درس الكتاب المقدس بمساعدة مطبوعات برج المراقبة. وكانت تأتي رسائل من مختلف انحاء الجمهورية طلبا للمطبوعات. ونتيجة لذلك، قام روبرتو مونتايرو في اواخر سنة ١٩٢٠ بجولة في المكسيك وزار بعض المهتمين. والتقى الفريقَ في مكسيكو — الذي كان مؤلَّفا آنذاك من ١٣ شخصا — وأيضا الفرق التي كانت تتشكل في مونتيري، ڠوادالاخارا، پْوَبلا، وڤيراكروز.وبحلول السنة ١٩٢٥، تشكلت عدة صفوف، او جماعات. وفي غضون السنوات القليلة التالية، ارتفع عدد هذه الصفوف الى تسعة. ولكن بحلول السنة ١٩٢٩ بقيت اربعة فقط.
ثم في اواخر السنة ١٩٢٩ اولى الاخ رذرفورد اهتماما خصوصيا للمكسيك، مؤسِّسا مكتب فرع في مكسيكو. وعيِّن دايڤيد اوسوريو مورالِس، اخ شاب من الولايات المتحدة، مسؤولا عن العمل. وبتنظيم افضل محليا، احرز عمل البشارة تقدُّما اعظم.
في تلك الايام، كانت العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية الرومانية
والحكومة متوترة. وكانت بعض الكنائس الكاثوليكية قد أُغلقَت. وعندما شجب رئيس اساقفة المكسيك، دون هوسيه مورا اي دِل ريو، بنود الدستور في السنة ١٩٢٦، وُضع في السجن. وقد احدث كل ذلك بداية حرب كْرِيسْتيروس. ومرة اخرى، شرع الجنود وقوات المعارضة المسلَّحة في القتال في وسط الجمهورية. وبعد نحو اربع سنوات من القتال، جرى التوصُّل الى اتفاق، واستؤنفت العبادة في الكنائس. لكنَّ العلاقة بين الكنيسة والدولة كانت مجرد علاقة تسامح متبادل. واستمر دستور ١٩١٧، الذي وضع قيودا على الدين، ساري المفعول. وبين شعب المكسيك كان هنالك بعض الذين كانوا جياعا وعطاشا للبر، لكنَّ قليلين عرفوا اين يجدوه.التسجيل لدى السلطات الحكومية
في ٢٣ ايار ١٩٣٠ قدَّم مكتب فرع الجمعية طلبا الى امانة سر الدولة لتسجيل جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم. وبين الاهداف الرئيسية الواردة كان ما يلي:
«انَّ جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم لديها هدف ان تنشر، بكل وسيلة ممكنة، مبادئ وحقائق تُسهِم في تثقيف جميع الطبقات الاجتماعية، وخصوصا الطبقة الدنيا، ساعية الى رفع حالتها اقتصاديا، وكذلك ادبيا، عقليا وجسديا.»
وأُشير في الطلب الى واقع ان الجمعية، في السعي الى تحقيق اهدافها، وزَّعت مواد مطبوعة بالاضافة الى الاستفادة من وسائل الاتصال الاخرى، وأنها رتَّبت لمحاضرات عامة جرى فيها بحث مواضيع على ضوء الكتاب المقدس، وأنها نظَّمت صفوفا للدرس. وفي ذلك الوقت كانت الحكومة المكسيكية تحاول ان تضع حدًّا للتعصب الديني وكذلك الجهل الذي يتولَّد منه. ولذلك شدَّد الطلب
على النواحي التثقيفية من عملنا. وعن طبيعة النشاط الديني للجمعية ذكر الجزء «ه» من البند الثاني:«أنَّ اعضاءها لديهم توقير عميق، وقولا وعملا يسبِّحون خالق السماء والارض، يهوه اللّٰه، ويعبِّرون عن مشاعرهم دون استخدام الطقوس والشعائر، الخ، بل فقط بالمناقشة والمحاجّة اللتين تجلبان القناعة والاكتفاء للقلب، فيما يعارضون بشدة تدخل رجال الدين في الشؤون الدنيوية ولا يوافقون على التحكم في الضمير وكبح المنطق.» وبعد ذلك ذُكر بشكل جليّ اننا «لا نشكِّل بدعة دينية،» وأُوردت احدى عشرة نقطة دعما لذلك.
وفي ٢ حزيران ١٩٣٠، تسلَّمنا جوابا من امانة سر الدولة جاء فيه: «ترخِّص امانة السر هذه لجمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم العمل الذي جرى التماسه، شرط أَلّا تخرق الجمعية المذكورة آنفا ما تقرّه القوانين المفروضة في مسألة العبادة الدينية والسلوك امام الآخرين . . .»
ولاحقا في ١٤ كانون الاول ١٩٣٢، قُدِّم طلب جديد لتغيير الاسم
من جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم الى سوسيِداد دي لا تورّي دِل ڤيخيا (جمعية برج المراقبة)، دون تغيير المبادئ التي سبق ان ذُكرت. ولكن أُضيفت فقرات توضيحية تشمل ما يلي:«نحن لا نشترك في السياسة. ونحن نؤمن بأن يهوه [هو] خالق السموات والارض، وأن الكتاب المقدس هو كلمته التي تكشف عن مقاصده للجنس البشري. أنه وعد بتأسيس حكومته وسلطته على الارض، تحت توجيه الرب يسوع المسيح، وأننا الآن في وقت تأسيس هذه الحكومة، التي ستكون لسعادة امم العالم جميعا.»
وذكرت فقرة اخرى الموقف الحيادي للجمعية. فأشعرت الوزارة بتسلُّم الطلب في ٢٠ كانون الاول ١٩٣٢. وهكذا منذ اكثر من ٦٠ سنة تسجَّلت الوكالة الشرعية التي يستخدمها شهود يهوه لدى السلطات المكسيكية. وانسجاما مع الاهداف المذكورة في ذلك التاريخ الباكر، تنتشر الكرازة بالبشارة في كل انحاء البلد.
البشارة تصل الى ولاية تشيياپاس
حتى قبل التسجيل، وصلت البشارة الى ولاية تشيياپاس، في الجزء الجنوبي من البلد، وقد حملها الى هناك شخص لم يكن من تلاميذ الكتاب المقدس، كما كان يُدعى شهود يهوه آنذاك. فمن هذه المنطقة، ذهب رجل ثري يُدعى دِل پينو الى اوروپا ليدرس الطب.
وبينما هو هناك، تعلَّم ايضا الكثير من تلاميذ الكتاب المقدس. وعند عودته الى المكسيك، اعدّ قاعة كان يدعو اليها عمّاله في «مزرعة مونتسيرّات» بالاضافة الى قسوس انجيليين محليين. وكان يعرف كيف يستخدم الكتاب المقدس، ونال متعة عظيمة من شرح الحقائق العقائدية للمجتمعين.كان احد الذين اصغوا الى هذه المناقشات بعقل وقلب متقبِّلَين الشاب هوسيه مالدونادو، الذي كان يعمل في المزرعة سنة ١٩٢٤. ولا يوجد ايّ دليل على ان مستخدِمه، الدكتور دِل پينو، عاشر فعليا في وقتٍ ما شهود يهوه، على الرغم من انه كان يتسلَّم مطبوعات برج المراقبة. ولكنَّ حقائق الكتاب المقدس التي سمعها الشاب هوسيه حرَّكت فيه الرغبة في الاشتراك في الكرازة بحق الكتاب المقدس. وفي السنة ١٩٢٧، استقر هوسيه في توستلا ڠوتييريس، ومن هناك نشر البشارة ووزَّع مطبوعات الكتاب المقدس في كل انحاء ولاية تشيياپاس — وذلك دون ايّ تدريب من الهيئة. وفي مدينة اخرى، تاپاتشولا، قرب حدود ڠواتيمالا، ابتدأت هوسيفينا رودريڠيس ايضا بالكرازة برسالة الكتاب المقدس في ذلك الوقت.
بعد سنوات قليلة قام اخ اسمه كارّايون بزيارة هوسيه مالدونادو وهوسيفينا رودريڠيس كليهما. واستخدم منزل الاخ مالدونادو كمركز لنشاطاته، اذ كان يعود الى هناك من اجل مخزون المطبوعات كل اربعة او خمسة ايام فيما كان يعمل في كل المنطقة على طول الساحل الپاسيفيكي بين أريياڠا وتاپاتشولا. كانت المناظر هناك جميلة، لكنَّ الطرقات الجبلية لم تكن جيدة، ولذلك كان معظم التنقل يجري سيرا على الاقدام. وفي الامسيات كان الاخ كارّايون يلقي الخطابات ويقدِّم بعد ذلك مطبوعات الجمعية. كان يوزَّع الكثير من المطبوعات بهذه الطريقة. ولكنه دمج نشاطه الكرازي مع بيع البضائع.
وفي محفل في مكسيكو سنة ١٩٣١، جرى ارشاد موزِّعي المطبوعات الجائلين ان يركِّزوا على توزيع مطبوعات الكتاب المقدس بدلا من بيع منتوجات اخرى. فرفض الاخ كارّايون ذلك وترك الهيئة. ثم انضم الى رجل اسمه پيريس، في ڤيراكروز. ومع الوقت، شكَّلا فريقا يُدعى إِستوديانتيس ناسيوناليس دي لا بيبليا (تلاميذ الكتاب المقدس الوطنيون).
أما بالنسبة الى هوسيه مالدونادو، فقد تأثر منذ البداية بواقع ان هيئة يهوه هي من جميع الامم. وتأثر عميقا بما سمعه في ذلك المحفل في مكسيكو. فقد ابرز البرنامج الاسم شهود يهوه والمسؤولية التي ترافق حمل هذا الاسم. وقبل اختتام المحفل، قرَّر الاخ مالدونادو ان يخصِّص كامل وقته للكرازة كموزِّع مطبوعات جائل. حقا، كانت هنالك حاجة عظيمة الى كارزين بالبشارة. وفي ذلك الوقت، كان هنالك فقط ٨٢ شاهدا في البلد بكامله.
«لدينا مقاطعة كبيرة في المكسيك»
اذ هدف الاخ مالدونادو الى توسيع خدمته، عبَّر في السنة التالية عن الرغبة في الكرازة في ڠواتيمالا، المجاورة لولاية تشيياپاس. فأجاب فرع الجمعية في المكسيك: «اخانا العزيز مالدونادو: لدينا مقاطعة كبيرة في المكسيك. ويمكننا القول انها مقاطعة عذراء. هنالك نحو ٠٠٠,٠٠٠,١٥ ساكن في المكسيك. ويجب ان تقدَّم على الاقل ٠٠٠,٠٠٠,٧ شهادة وقد قدَّمنا ٠٠٠,٢٠٠ فقط . . . لا يزال هنالك عمل يكفي لنحو ١٠٠ موزِّع مطبوعات جائل للسنوات الخمس التالية. والآن لدينا فقط ٣٣ في الحقل. ولذلك يمكنك ان تتخيَّل كم من العمل لدينا بعدُ للقيام به في هذا البلد.» (كانت الشهادة شهادة شفهية عن يهوه ومقاصده يرافقها توزيع بعض المطبوعات حيثما امكن).
قَبِل الاخ مالدونادو وزوجته تعيينهما للشهادة في ولاية موريلوس، جنوبي مكسيكو؛ وبعد ذلك ولاية تشيياپاس مجدَّدا، ولاحقا ڠيريرو، الواقعة الى غرب تشيياپاس. ‹عندما وصلنا الى ولاية ڠيريرو، اشترينا حمارا يُدعى ڤولكان احبته زوجتي كثيرا،› يخبرنا الاخ مالدونادو، ‹لأنه لم يكن هنالك نقل عام في أرسِليا. وكنا نضع على احد جانبَي الحمار المطبوعات، وعلى الجانب الآخر حقيبة ثيابنا.›
اتت نهاية سنة ١٩٣٣ لتجد الاخ مالدونادو في ولاية ڤيراكروز على الساحل الشرقي. وفيما هو هناك أُرسل جهاز جديد للاستعمال في عمل الكرازة من مكسيكو: آلة اسطوانات كهربائية. وعندما كانت تُستعمل مع مكبِّر للصوت، كان بإمكان حضور كبير سماع محاضرة مسجَّلة مؤسسة على الكتاب المقدس. وكان الاخ مالدونادو يستخدم هذا الجهاز في اجتماعات الجماعة وفي مواقع اخرى لتقديم شهادة عامة. وفيما كان يسافر مع زوجته الى اماكن منعزلة للشهادة، كانا ينقلان الآلة على ظهر حمار (ليس ڤولكان، لأنه بيع في وقت حاجة).
ويلخِّص الاخ مالدونادو عمله بهذه الطريقة: «كنت فاتحا من السنة ١٩٣١ الى السنة ١٩٤١. وكنت اسافر لأن الفاتح كان في ذلك الوقت يعمل في ولايات كاملة وليس في بلدة واحدة فقط.»
ولعدد من السنين، كانا يحملان معهما طفلتهما الصغيرة. وأحيانا كانا يهدَّدان بمسدسات او ببنادق صيد. وأُلقي الاخ مالدونادو في السجن، وضُرب في احدى المناسبات. وعندما بلغت ابنتهما السابعة من العمر، شعرا بأنه من الحكمة ان يستقرا في مكسيكو. وهناك استمرا في الاشتراك في الخدمة. ولاحقا، ترك الهيئة لفترة من الوقت، ولكنه عاد اخيرا واستمر في خدمة يهوه حتى مماته.
الولايات الشمالية تنال شهادة
في غضون ذلك، في الجزء الشمالي من البلد، كان عدد من الاشخاص، دون ان يعرفوا احدهم عن الآخر، يعبرون الحدود من الولايات المتحدة للاشتراك في رسالة الملكوت مع الشعب المكسيكي.
وبين هؤلاء كان مانويل امايا بِليز، شاب طويل ونحيف كان قد سمع الحق من احد العمال الرفقاء في ألپاسو، تكساس، في السنة ١٩٢٢. وفي ذلك الوقت كان نشيطا في مجموعة تحاول اثارة الرأي العام من اجل الاصلاح. وقد اوضح وضعه كما يلي: «كانت لديّ افكار شبه جنونية. وكنت احب كثيرا ايّ شيء يهاجم رجال الدين، الرأسمالية والسياسة.» وتلبية لدعوة زميله في العمل، ذهب ليسمع خطابا ألقاه روبرتو مونتايرو. وعلى الرغم من تردُّده في البداية، ابتدأ مانويل يخدم كناشر للملكوت في السنة ١٩٢٨. وقد رمز الى انتذاره بالمعمودية في السنة ١٩٣١ وعيِّن «مدير صف» في ألپاسو. ولكنه اراد ان يفعل المزيد لنشر الحق.
علَّق لاحقا: «كنت اصلّي الى يهوه ان يسمح لي بالمجيء الى المكسيك للقيام بعمل الملكوت.» وعندما حدثت اعادة تنظيم حيث كان يعمل، زوَّد تعويضه المالَ اللازم للانتقال. وهكذا اعتمد في السنة عينها، وحمَّل هو وزوجته سيارة فورد من طراز T ١٩٢٦ مع مقطورة صغيرة الممتلكات التي لم يستطيعا بيعها وتوجَّها جنوبا الى سيوداد كامارڠو، في وسط ولاية تشيواوا.
ولتحصيل بعض المال، كان مانويل يبسط على الارض في السوق بضائع كان قد جلبها معه. تذكَّر قائلا: «حالما جمعت سنتاڤوات قليلة، ذهبت الى مكسيكو ووصلت الى مكتب الفرع.» فصُنعت الترتيبات له ليبدأ بحملة كرازية ابتداء من سيوداد كامارڠو.
حملات الاخ امايا الكرازية
قال الاخ امايا: «ابتدأت اعمل بطريقتي الخاصة، ولكن دائما انسجاما مع الهيئة.» كانت لديه تشكيلة واسعة من كتب الجمعية بالاسپانية — الانقاذ، المصالحة، الخليقة، الحكومة، النبوة، الحياة، والنور. وكان يقدِّم الشهادة ويوزِّع قدر ما يستطيع من المطبوعات. فابتدأ بعض الاشخاص يظهرون الاهتمام.
جال الاخ امايا مرة بعد اخرى حتى غطى ولاية تشيواوا وولاية دورانڠو كلتيهما — قسم كبير من شمال-وسط المكسيك. ولكي يتأكد ان لديه كمية وافرة من المطبوعات للاستعمال، كان يطلب ان ترسل الجمعية شحنات الى بلدات متنوعة على طول طريقه، ليطالب بها عند وصوله. وعندما كان يوزِّع المطبوعات، غالبا ما كان يقايضها بالمواد الغذائية، لأن كثيرين من الناس كانوا افقر من ان يقدِّموا تبرعا.
وفي ولاية كوواويلا، في المنطقة التي تُدعى لا لاڠونا، التقى رجلا قال له: «انا ايضا شاهد.» وكان هذا الشخص فلورِنتينو باندا، الذي انتقل جنوبا من تكساس في السنة ١٩٣٣. ومعا خدما المنطقة، وبعد ذلك لاحق الاخ باندا الاهتمام عندما عاد الاخ امايا الى موطنه في سيوداد كامارڠو. ولاحقا، خدم الاخ باندا لسنوات عديدة كناظر جائل برفقة زوجته.
كان الاخ امايا ناجحا جدا في مساعدة الناس على تعلُّم الحق والصيرورة خداما غيورين ليهوه. ففي ڤايِه دي أيِندِه، تعلَّم رودولفو ماينِز الحق بمساعدة الاخ امايا. وفي عدة مناسبات دافع الاخ ماينِز عن الحق امام السلطات، وفي احدى المناسبات، تحدَّى كاهنا محليا داعيا اياه الى المناقشة. وهناك في ڤايِه دي أيِندِه، ساعد الاخ امايا ايضا عائلة بورديير. ولاحقا خدم خيلداردو بورديير في مكتب الجمعية في المكسيك؛ ثم تزوج ابنة روبرتو مونتايرو، ماريا لويسا. وقد بقيا امينَين حتى الوقت الحاضر.
خدم مانويل امايا يهوه بأمانة حتى مماته في السنة ١٩٧٤. وكانت قد انضمت اليه زوجته انخِليتا في خدمة يهوه. وخدمت بأمانة اكثر من ٥٠ سنة قبل مماتها في السنة ١٩٩٠.
كيف كان العمل في مكسيكو؟
عقب تأسيس مكتب الفرع في مكسيكو في السنة ١٩٢٩، احرزت الكرازة بالبشارة تقدُّما اعظم. فبحلول السنة التالية، كانت تعمل ٣ صفوف في العاصمة و ١٩ في بقية البلد.
وبين اولئك الذين اظهروا جوعا روحيا كان شاب في مكسيكو ينتمي الى الكنيسة الارثوذكسية اليونانية. وكثيرا ما كان يفحص مع يوناني آخر الاسفار المقدسة في مكان عمله. وذات يوم في السنة ١٩٢٩ اتى صديقه الى المحل ومعه كتاب نظام الدهور الالهي. وقد ابهجهما ما قرأاه. فحصلا على مزيد من المطبوعات — كتب
وكراريس. قال إركولِس داكوس وهو يروي انطباعاته الاولى: «لقد اثَّرت فيَّ حقا هذه الكراريس وكتاب الانقاذ.»في الاسبوع الاول الذي دُعي فيه إركولِس لأول مرة، حضر اجتماعا لدرس لا تورّي دِل ڤيخيا. وعاد في ذلك اليوم الى المنزل ومعه صندوق من الكتب والكراريس — له وليوزِّعها على الآخرين. وسرعان ما ابتدأ يتكلم الى الاصدقاء والزُّبن على السواء عن بشارة ملكوت اللّٰه. واعتمد في تلك السنة عينها، السنة ١٩٢٩. وفي السنة التالية، اذ كان يتوق الى الاشتراك في الحق مع اقربائه، حزم حقائبه ليزور اليونان.
وبعد سنة ونصف، عاد إركولِس الى المكسيك، اكثر حماسا من ذي قبل. فوجد ان الجماعة التي كان يعاشرها تضاعفت.
لقد اولى اهتماما خصوصيا للساحة المركزية في مكسيكو. وفي الابنية الحكومية، وجد كثيرين ممن كانوا مستعدين للاصغاء. وللوصول الى الرئيس كتب إركولِس رسالة؛ فطلب ردٌّ من سكرتير الرئيس ان يتفضَّل بإرسال بعض المطبوعات.
وبعد عودة الاخ داكوس من اليونان بأشهر قليلة، أُعطي زخم متزايد للعمل في المكسيك.
الاخ رذرفورد يزور المكسيك
من ٢٦ الى ٢٨ تشرين الثاني ١٩٣٢، عُقد محفل قومي في مكسيكو. وكان حاضرا الاخ رذرفورد وإدواردو (ادوين) كِلر من المركز الرئيسي للجمعية في بروكلين، نيويورك. وخلال هذه الزيارة ألقى الاخ رذرفورد محاضرات في خمس محطات اذاعية. وكان بالامكان سماع البرامج في كل انحاء البلد وقد جرى تقبّلها بشكل مؤاتٍ.
صنع الاخ رذرفورد الترتيبات وهو في المكسيك لاستبدال ناظر الفرع لانه وُجد منهمكا في سلوك لا يليق بالمسيحي. فدُعي روبرتو
مونتايرو الى الانتقال الى المكسيك ليتولى مسؤولية الفرع. ولكن، لأنه لم يستطع المجيء فورا، تُرك الاخ كِلر للاشراف على الامور مؤقتا.وصل الاخ مونتايرو في نيسان ١٩٣٣. كانت المشاكل الاخيرة في الاشراف قد اثَّرت بشكل غير مؤاتٍ في خدمة الحقل؛ وكان الكثير من البناء الروحي لازما. كشف تقرير في عدد تشرين الثاني ١٩٣٣ من بولِتين (النشرة، الآن خدمتنا للملكوت): «انخفض عدد العاملين من ذروة ٢٥٣ في السنة ١٩٣٢ الى ذروة ١٠٥ في السنة ١٩٣٣ . . . انخفض العدد الى ٤٨ في شباط.»
عائلة مونتايرو تصير عائلة البتل
كيف نُظِّم مكتب الفرع عندما وصلت عائلة مونتايرو الى المكسيك؟ يخبرنا روبرتو الابن، الذي يعيش الآن في لوس انجلوس، كاليفورنيا (الولايات المتحدة الاميركية):
«وصلتُ الى مكسيكو مع عائلتي وأنا في الخامسة من عمري. كنا نعيش في منزل مؤلف من ثلاثة طوابق (بما في ذلك الطابق السفلي) اشترته الجمعية لاحقا وصار اول مكتب فرع تملكه لا تورّي دِل ڤيخيا. . . .
«بُعيد ذلك، دعا ابي الاخ سامويل كامپوس الى العمل في مكتب الفرع في المحاسبة، ولأنه كان يتكلم لغتين، ساعد ابي على ترجمة المطبوعات بالاسپانية. كانت امي تعتني بتقارير خدمة الحقل والملفات. وعلى مرّ السنين علّمنا ابي اختي وأنا الطبع على الآلة الكاتبة والاختزال بحيث استطعنا ان نساعد في المكتب.
«وبعد ان صرنا بارعَين في ذلك، كنا نرجع الى البيت من المدرسة، وبين امور اخرى كنا نطبع نسخة نظيفة لمخطوطات الترجمة ونساعد في المراسلة. اعتبرنا ذلك امتيازا عظيما. ومع مرور الوقت،
اتى اخوة آخرون للعمل في الفرع، [ماريو] مار وزوجته، كونتشيتا؛ هوسيه كينتانيا وزوجته، سيبيرا؛ كارلوس بيياڠاس؛ ولفترة قصيرة، دانيال مندوسا . . .«وبين مسؤوليات الاخ مار العديدة كان الاشراف على المطبعة التي جرى شراؤها لطبع إل إنفورمادور، الآن خدمتنا للملكوت، بالاضافة الى مختلف اوراق الدعوة والنماذج الاخرى التي كانت تُستعمل في المكتب. والاخ الفونسو ڠارسيا، اخ آخر كان يخدم في البتل، وأنا عملنا تحت اشرافه في تنضيد الحروف الطباعية اليدوي، تشغيل المطبعة، وتشغيل مقطع الورق الذي كان يُستعمل لقطع النماذج لتصير بحجمها النهائي. وكنا في الـ ١٣ او الـ ١٤ من العمر عندما ابتدأنا بهذا العمل. وقد تعلَّمنا الكثير مما نفعنا عندما صرنا راشدين، تماما كما هي الحال مع الاخوة الاحداث الآن عندما يخدمون في مختلف بيوت ايل.»
الجمهورية بكاملها كانت مقاطعته
كان هنالك آخرون اتوا ايضا من الولايات المتحدة لأنهم سمعوا ان الحاجة ماسة جنوبي الحدود. وكان پيدرو دي أندا، الذي اعتمد في السنة ١٩٢٥، واحدا منهم. فقد اخبره اخ اميركي كان قد قضى بعض الوقت في المكسيك عن الحقل الخصب لحق الكتاب المقدس في المكسيك. ودون تردُّد انتقل الاخ دي أندا الى المكسيك. يخبرنا: «اتيت الى مدينة [نويڤو] لاريدو بتوق شديد الى الخدمة.» ومن تلك المدينة الواقعة على الحدود اجتاز جنوبا الى مونتيري، ثم الى ولاية زاكاتيكاس.
وصل الى بلدة كونْسِپسيون دِل اورو، زاكاتيكاس، مجهَّزا بفونوڠراف، وذهب الى ساحة البلدة، حيث وضع اسطوانة لكي يديرها. فماذا كان ردّ الفعل؟ يخبرنا:
«ظهر رجل ثري جدا ومتعصب خلال الخطاب وابتدأ يتكلم الى
الناس الذين كانوا متجمعين، مخبرا اياهم اننا اعداء العذراء والكنيسة الكاثوليكية . . . ابتدأوا يلتقطون القضبان والحجارة بهدف قتلنا؛ ولذلك قلت: ‹يا اهل المدينة، لحظة من فضلكم! لسنا حيوانات لتعاملونا مثلها. نحن بشر، وما نفعله هو اننا نحاول ان نجلب لكم رسالة حياة!› وسألتهم إن كنت قد اجبرت ايًّا منهم على الايمان برسالتي. ثم شكرتهم على انتباههم. وجمعنا مطبوعاتنا والفونوڠراف وغادرنا.»لاحقا، تجمَّع فريق مسلَّح في البيت الذي كان الاخ دي أندا يقيم فيه. فماذا الآن؟ لقد كانوا المعمدانيين في البلدة. وكانوا يعتبرون انفسهم «اخوة» پيدرو دي أندا وقد جاءوا للدفاع عنه! فعبَّر عن تقديره لمبادرتهم لكنه اوضح ان ذلك ليس ضروريا، لأنّ يهوه هو الذي يحميه.
ووسَّع الاخ دي أندا مقاطعته تدريجيا ليغطي الجمهورية بكاملها، خادما ليس فقط في الشمال بل ايضا في ولايات دورانڠو، پْوَبلا، ڤيراكروز، وتشيياپاس.
‹أَرسِلوا ناشرا›
عندما كان ماريو مار يتعلم الحق في السنة ١٩٣٤، لم يلتقِ قط احدا من شهود يهوه. اذًا، كيف صار ناشرا؟ يقول: ‹ذات مرة عندما كان هنالك مرض في عائلتي ذهبت الى بيت احد الجيران. فوجدت كتابَي الخليقة والمصالحة، وبسبب الشدة التي كنت فيها،
ابتدأت اقرأهما.› ولاحقا، بعد الانتقال من الولايات المتحدة الى سان ميڠِل دي كامارڠو، ولاية تاموليپاس، كتب الى الجمعية. «في ذلك الوقت كانت تجري مواكب دينية في البلدة بسبب الجفاف،» يتذكَّر. «لذلك قلت لهم ان يرسلوا ناشرا ليتكلم الى الناس لأنهم كانوا متعصبين جدا. فأجابت لا تورّي دِل ڤيخيا ان طلبي جيد جدا ولذلك سيعيِّنونني للبدء بعمل الكرازة هناك. وأرسلوا اليّ ٧٥ كراسا بالاسپانية بعناوين مثل الشدة العالمية — لماذا؟ العلاج، حاكم بارّ، وفرز الناس.»وباستخدام الكراريس، ابتدأ ماريو يكرز بالبشارة اولا في سان ميڠِل دي كامارڠو، ثم في البلدات المحيطة. وقد احبّ هذا العمل، لذلك كتب الى الجمعية ليسأل عن الخدمة في اماكن اخرى. فأجابت الجمعية فورا ان مقاطعته ستكون الجزء الشمالي من ولاية نويڤو ليون. ودون تردّد ابتدأ ماريو بالعمل. يقول: «خدمت كفاتح ولم اكن معتمدا.» وبالاضافة الى ذلك، لم يكن قد تدرَّب، لكنَّ يهوه زوَّد المساعدة. وقد ابتدأت زوجة ماريو ايضا بمرافقته.
وعندما مرضَت لاحقا، كتب ماريو مجدَّدا الى الجمعية من اجل الارشاد، سائلا اياهم عن المكان الذي يكون من الافضل ان يستقرَّا فيه لمدة قصيرة. فأرسلت اليهما الجمعية عنوان رومان مورينو في مدينة مونتيري. وهكذا التقيا اخيرا شهود يهوه الرفقاء. والآن كان باستطاعة ماريو وزوجته ان يحضرا الاجتماعات، وسرعان ما اعتمدا.
وفي محفل عُقد في مونتيري في السنة ١٩٣٥، دُعي الاخ مار الى الخدمة في مكتب الفرع. وبعد مدة، كثيرا ما كان يُرسل كخادم اقليم، او ناظر دائرة.
كثيرون من الاخوة في كل انحاء البلد يتذكرون ان الاخ مار هو اول مَن عرَّفهم بالحق. وقد خدم بأمانة حتى موته في السنة ١٩٨٨. ولا تزال زوجته خادمة وليَّة ليهوه.
حق الكتاب المقدس ينتشر في الشمال الغربي
كما في الاماكن الاخرى، كانت تبرز فِرَق لشهود يهوه خلال ثلاثينات الـ ١٩٠٠ في الشمال والغرب — في ولايات كاليفورنيا السفلى، سونورا، وسينالووا.
وعند بداية ذلك العقد التقى لوسيانو تشايدِز، الذي كان يعيش في كولياكان، ولاية سينالووا، بامرأة كانت تتكلم دائما ضد الدين، قائلة ان كل الاديان محكوم عليها بالهلاك. كان البعض يعتقدون انها مجنونة، ولكنَّ المرأة كانت فقط تردِّد ما تعلَّمته من كُتُب كانت قد ارسلتها اليها اختها في الولايات المتحدة. فأخذ منها لوسيانو احد هذه الكتب — النسخة الاسپانية من قيثارة اللّٰه — وقرأه ثلاث مرات. فاقتنع بصحته، ولذلك كتب الى الجمعية. وفي الردّ عليه، ارسلوا اليه مطبوعات ليبتدئ بها عمله كموزِّع مطبوعات جائل في المنطقة. ولاحقا، اعتمد عند حضوره محفلا في السنة ١٩٣٤.
عندما ذهب الاخ تشايدِز الى مدينة المرفإ مازاتلان كموزِّع مطبوعات جائل (فاتح)، وجد هيلبِرتو كوڤاروبياس يعاشر فريقا صغيرا من الشهود يجتمع هناك. وإذ نال هيلبِرتو التشجيع، احرز تقدُّما حسنا. وهو يتذكر جيدا معموديته. فقد قاده الاخوة الى البحر وقالوا له ان ينزل تحت الماء ويحبس نَفَسه قدر ما يستطيع. وعندما صعد، اعلنوا انه معتمد. وطبعا، ليست هذه هي الطريقة التي نجري بها المعمودية في هذه الايام. لكنَّ هيلبِرتو اثبت انه غيور في خدمة يهوه، وساهم في نشر البشارة بقيادته الشهود المحليين في خدمة الحقل وهم يكرزون في كل البلدات حول مازاتلان.
وفي المنطقة نفسها، أُلقي پيدرو سالديڤار في السجن، متَّهما بجريمة لم يرتكبها. ولمساعدته على قضاء الوقت خلال اكثر من ثلاثة اشهر من السجن، اخذت له ابنته كتبا ومجلات ليقرأها. وفي احد الايام كان بين المطبوعات التي جلبتها كراس بقلم
ج. ف. رذرفورد. والرسالة التي تضمَّنها عن قصد اللّٰه ان يؤسس عالما جديدا بارًّا عزَّت پيدرو كثيرا. وبُعيد ذلك وُجد المجرم الحقيقي، وأُطلق سراح پيدرو. فانطلق فورا لايجاد مزيد من المطبوعات كالكراس الذي قرأه. وقد حصل على بعضها. وقبل مضي وقت طويل، اخذته احدى الجارات التي هي شاهدة الى الاجتماعات، حيث كان هيلبِرتو كوڤاروبياس يأخذ القيادة. وكما فعل هيلبِرتو، قام هو ايضا بحملة كرازية. فاجتاز الى الشمال عبر سينالووا والى الجزء الشمالي من ولاية سونورا. ولا يزال يُذكر كأحد موزعي المطبوعات الجائلين الاولين الذين نشروا رسالة الملكوت في تلك المنطقة.صحيح ان بعض حملات الشهود الكرازية اخذتهم الى مناطق بعيدة، لكنَّ عددهم كان قليلا والمقاطعة شاسعة. وعندما تشكَّلت رسميا في السنة ١٩٣٨ جماعة مازاتلان، سينالووا، عُيِّنت ولاية سينالووا بكاملها مقاطعة لها.
كنز وحمار ميت
الى غرب ولاية سونورا تقع كاليفورنيا السفلى، شبه جزيرة موازية للساحل الشمالي الغربي للبرّ المكسيكي الرئيسي. وعلى بُعد نحو ثلثَي المسافة جنوبا في شبه الجزيرة، كان هنالك في سنة ١٩٣٤
شاهد شاب يتحدث الى الناس عن الكتاب المقدس. وقد اسفر عمله عن نتائج جيدة، ولكن ماذا حصل له؟تخبرنا إستِر پيريس: «في السنة ١٩٣٤ جاء شاب الى لا پوريسيما، ولاية كاليفورنيا السفلى، ليتحدث عن الكتاب المقدس. . . . كان ابي يعمل . . . في الحكومة وأخبرنا انه تسلَّم رسائل من الجمعية تسأل عن الشاب، لكنهم لم يعرفوا شيئا عنه.» فقد اختفى الشاب. «وتحرَّت السلطات لترى ما اذا كانت تستطيع ان تجد الجثة، ولكن لم يوجد شيء سوى هيكل عظمي لحمار كان مربوطا . . . والذين وجدوه وجدوا ايضا حقيبة ملآنة كتبا لها غُلُف ملوَّنة. . . . اخذوا الحقيبة الى البلدة وابتدأوا يقرأون الكتب. وعلى الرغم من انهم لم يفهموها، ادركوا ان الكتب تقتبس من كتاب آخر — الكتاب المقدس.»
لم يُعرف قط ما حدث بالضبط للشاهد الشاب. لكنَّ الناس كانوا
يقرأون المطبوعات التي جلبها، وكان لدى بعضهم اهتمام شديد بفهم الكتاب المقدس.وبالتباين مع ذلك، اغتنم واحد من الپروتستانت في البلدة الفرصة لجمع أتباع له. فنظَّم في فريق الذين اظهروا اهتماما بقراءة الكتب. ولاحقا اشتركوا في لا اتالايا وابتدأوا يدرسونها. تخبرنا الاخت پيريس عما تطوَّر:
«لأن الپروتستانتي ترأس الفريق، لم يرِدْ ان يتصل ايّ شخص بالجمعية. ولكن بعد ذلك اتت رسالة من الجمعية تسأل عما اذا كانت هنالك وسيلة ما للمواصلات متوافرة بحيث يستطيعون ان يرسلوا ممثلا للزيارة. فقال السيد خوان ارسيه (الپروتستانتي) لأبي ألَّا يجيب الجمعية . . . لكنَّ ابي ورجلا آخر اسمه فرانسيسكو كَتَبا سرًّا رسالة الى الجمعية، قائلَين ان هنالك مواصلات وان ممثل الجمعية يستطيع ان يأتي. . . . وصادف انني كنت في البلدة حين وصل الاخ، شاب يُدعى تِران پاردو . . .
«وحتى قبل ان يستيقظ الاخ في اليوم التالي، كان الفريق بكامله هناك ينتظر ليحيّيه ويطرح عليه الاسئلة. ورتَّب الاخ لاجتماع بعد الظهر وكنا جميعا حاضرين، ما مجموعه نحو ٢٥. وبعد ان ألقى الاخ خطابه سأل: ‹مَن يريد ان يذهب ويخدم يهوه؟› فرفع الجميع ايديهم، عندئذ قال: ‹تعالَوا غدا صباحا في الساعة التاسعة، فأعطيكم ارشادات عن كيفية قيامكم بالعمل.› وباكرا في الصباح التالي كنا جميعا هناك. فأعطانا الاخ بطاقة شهادة وقال لنا ان نعرض البطاقة وبعد ذلك ان نقدِّم الكراريس. وأتذكّر انني تعيَّنت لأذهب مع امي. وعند العودة، كنا سعداء جدا لأننا كنا قد تمكنّا من توزيع الكراريس على الناس.» طبعا، انسحب الپروتستانتي، ولم يروه قط ثانية في الاجتماعات.
التغلُّب على العقبات في الجنوب الشرقي
في هذه الاثناء، كان عمل الكرازة يُنجز في الجنوب الشرقي بصعوبة كبيرة. فقد كان هنالك فقر مدقع في ولايتَي تشيياپاس وتاباسكو، وخصوصا في المناطق الاكثر انعزالا في التلال. فكيف كانت ستصل رسالة الملكوت الى هؤلاء الاشخاص؟
عندما تعلَّم دانيال اورتيس الحق في السنة ١٩٣٢، كان يعيش في توستلا ڠوتييريس، ولاية تشيياپاس. لقد قبل الرسالة هو وعائلته فورا. وعلى الرغم من انه لم تكن لديهم ارشادات حول كيفية ادارة الاجتماعات، كانت عائلته اضافة الى آخرين — فريق يبلغ مجموعه ١٢ — يدرسون معا، مستعملين مطبوعات الجمعية. ولاحقا، عندما ذهب الاخ اورتيس في رحلة الى مكسيكو الى مكتب الفرع، حصل على مطبوعات ليوزعها على الآخرين. وعاد الى موطنه (الآن في سينتالاپا) يطفح بالحماس. وعندما كان الفريق يشترك في خدمة الحقل، كان البعض يحملون مطبوعاتهم في حقائب ظهر، وكان آخرون يغلِّفونها بالورق. أما هو فكان لديه صندوق ملآن مطبوعات مدلًّى بحبال من عمود محمول بين ناشرَين. فكان يتوقع ان يوزِّع الكثير من المطبوعات، وقد فعل ذلك.
وعندما كانت عائلة اورتيس تحضر محفلا في السنة ١٩٣٤، دُعيَت الى الانضمام الى صفوف الفاتحين. وكانت مقاطعتهم ستصير ولاية تاباسكو. يروي الاخ اورتيس: «اشتريت حصانَين، الواحد للحمولة والآخر لابنتي إستِلا البالغة من العمر ١٢ سنة. كنا جميعا خمسة اشخاص. وقد رافقتنا ابنتي البالغة من العمر ١٥ سنة، ابنة متزوجة، وأخ آخر عمره ١٥ سنة.»
لقد غطَّوا بلدات عديدة في تاباسكو ووزعوا الكثير من المطبوعات. ولكن أُلقي القبض عليهم في تاپيهالاپا وأُخذوا الى مركز القيادة العسكري. «كان المحافظ عميدا،» اخبر لاحقا الاخ اورتيس. «وسألني بقسوة إنْ كنت لا اعرف ان هذا النوع من المطبوعات
محظور في الولاية. فأجبت بالقول انني اعتقد اننا في جمهورية المكسيك وان لديّ اذنا صادرا من امانة سر الدولة. فأجاب ان قيمته تعادل قيمة الورقة التي هو مكتوب عليها. وأخذوا منا كل ممتلكاتنا الثمينة وكل المطبوعات التي كانت لدينا في حقائبنا.»ولكنَّ ما كان يهتم به الاخ اورتيس اكثر، هو خير اثنتين من الفريق كانتا في بلدة اخرى. فقد كانت ابنة الاخ اورتيس وأخت اخرى تشهدان معا هناك. وكانت الشرطة تعرف ان اثنتين كانتا ناقصتين من الفريق، ولذلك ارسلوا رجالا للبحث عنهما. «كان ذلك نحو الساعة السادسة مساء،» يقول الاخ اورتيس، «وكانت البلدة على بُعد ٢٠ كيلومترا (١٢ ميلا) في منطقة جبلية وكانت تمطر. كنت اتصوَّر انهم سيصلون الى هناك نحو منتصف الليل. ولم اشأ ان افكر في ما يمكن ان يحدث لهاتين الاختين، فتاتان في الـ ١٦ والـ ٢٠ من العمر، بين يدَي اولئك [الرجال]. واحدى الفتاتين كانت ابنتي، لذلك تخيَّلوا اية افكار غزت عقلي.» لذلك صلّى جِديًّا حتى غلبه النعاس اخيرا. وكم ارتاح في الصباح التالي عندما وجد ان يهوه قد استجاب صلاته وأنه لم يجرِ التحرُّش بالفتاتَين!
بعد ان احتُجز الفريق عدة ايام دون طعام كافٍ او تسهيلات صحية، عُيِّن حَرَس من الشرطة ليخرجهم من الولاية. وعند اطلاق سراحهم، كان احد الامور الاولى التي قاموا بها انهم جلبوا الصابون، بحثوا عن نهر، واغتسلوا وغسلوا ثيابهم. واذ تحرَّروا مجدَّدا، شرعوا فورا في الكرازة بالبشارة، ولكن الآن في ولاية تشيياپاس. وبصرف النظر عن العقبات، لم يتعبوا من استكشاف الارض للعثور على خراف يهوه الثمينة. لقد كانوا فاتحين حقيقيين.
في ذلك الوقت، كان فرع المكسيك يهتم ايضا بڠواتيمالا. وكثيرا ما طلبت الجمعية من الاخ اورتيس الذهاب الى تلك المنطقة ليساعد في العثور على المشبهين بالخراف وإطعامهم.
وبعمر ٨٠ عاما في السنة ١٩٧٢، كان الاخ اورتيس لا يزال يخدم كفاتح. وكانت لديه ذكريات للنشاط عزيزة عليه كان قد اختبرها في فترة اربعة عقود، ولكنه كان مهتما بشدة ايضا بالاستمرار في القيام بما يستطيع في خدمة يهوه. قال:
«على الرغم من ان السنوات قد استنفدت طاقتي، يستمر يهوه في تجديد قوتي، وأشعر بالسعادة عند رؤية الزيادة في عدد الذين يحملون اسمه. فذلك يملأني ابتهاجا ويدفعني الى نشاط اعظم . . . انا شاكر ولكن تعوزني الكلمات للتعبير عن عرفاني بالجميل، وهذا يجعلني استجمع طاقتي الزهيدة للاستمرار.»
روينا هنا اختبارات قليلة فقط لخدام يهوه قبل الحرب العالمية الثانية. فلا يمكن شمل كل شيء في هذه الرواية. ومعظم الذين شاركوا بغيرة كبيرة في نشر رسالة الملكوت في المكسيك خلال عشرينات وثلاثينات الـ ١٩٠٠ قد ماتوا الآن. ولكنَّ كل الذين استمروا بأمانة في خدمة يهوه، سواء بطريقة بارزة او بطرائق غير معروفة إلّا محليا، تركوا مثالا جديرا بالاقتداء.
موسيقى الڤالس اولا، ثم محاضرة قوية
من السنة ١٩٣٨ حتى السنة ١٩٤٣ خدمت السيارات المجهَّزة بمكبِّرات للصوت بفعَّالية كبيرة لنشر حقائق الكتاب المقدس في هذا الجزء من العالم. وقد وُضعت موضع الاستعمال في المكسيك سبعٌ من هذه المركبات المجهَّزة بمكبِّرات للصوت على سطحها وآلة اسطوانات في داخلها. وكانت تذيع محاضرات دينامية من الكتاب المقدس ألقاها في الاصل الاخ رذرفورد وسُجِّلت لاحقا بالاسپانية بصوت إدواردو كِلر.
وبين الاخوة الذين اشتركوا في عمل السيارات المجهَّزة بمكبِّرات للصوت كان هوسيه كينتانيا (الذي دُعي لاحقا بتحبُّب «الجَدّ» في
مكتب الفرع)، دانيال مندوسا، وڤيكتور رُويز. وبعد سنة تقريبا من تسلُّم هوسيه كينتانيا وزوجته بعض مطبوعات برج المراقبة لأول مرة، كانا يشاركان في خدمة البتل. يتذكر الاخ كينتانيا: «لم اكن افهم الكثير عن العمل لأنه كان قد مرّ وقت قليل جدا منذ ابتدأت اتعرّف به، ولم تكن لديّ ثقافة دنيوية كبيرة.» ورغم ذلك، قبِل فورا الدعوة الى المساعدة في إصلاح السيارات التي كانت ستُستعمل في نشر حق الكتاب المقدس. وبعد ان اشترك هوسيه في العمل عدة اشهر، ادرك الاخوة انه لم يكن معتمدا بعدُ. وقيل له انه اذا اراد الاستمرار في خدمة البتل، يجب ان يعتمد. فأطاع فورا هذا المطلب المؤسس على الاسفار المقدسة في آب ١٩٣٨.وكيف كان يُنجَز العمل بهذه السيارات المجهَّزة بمكبِّرات للصوت؟ عادة كان يسافر خمسة اخوة معا. وعند الوصول الى بلدة، كانوا يذيعون محاضرة مثقِّفة مؤسسة على الكتاب المقدس بحيث يستطيع ان يسمع الجميع. ثم كان اخَوان يكرزان من بيت الى بيت في احد جانبَي الشارع وأخَوان آخران في الجانب الآخر من الشارع، فيما كان السائق يبقى قرب السيارة ليجيب عن اسئلة الفضوليين. يخبرنا الاخ كينتانيا بتواضع: «كل ما فعلته كان التحدث الى الذين يقتربون وتقديم المطبوعات لهم.»
وللفت انتباه الناس، كانت تُدار في بعض الاحيان تسجيلات لموسيقى الڤالس قبل المحاضرات. وتخيَّلوا دهشة الناس — بعد الاستماع الى بعض الموسيقى، كانوا يسمعون محاضرة حيوية تشهِّر الدين الباطل!
يروي دانيال مندوسا، الذي اشترك في هذا العمل: «كان الناس في بادئ الامر يبدون متحمسين . . . ولكنهم كانوا بعد ذلك ينسحبون ليستشيروا الكاهن. وسرعان ما كان يحدث اضطراب في البلدة بكاملها وكان البعض يأتون ومعهم عصي وحجارة لطردنا.»
في احدى البلدات، حاول رجل طويل وقوي ان يقلب سيارة الاخ
كينتانيا المجهَّزة بمكبِّر للصوت. وكان قد رفع جانبا واحدا عاليا عندما طُرح ارضا. فهرب مندهشا ومذعورا، وهو يصرخ، «لا تقتربوا؛ هذه السيارة تسكنها الابالسة!» فماذا حدث؟ لقد فاجأته صدمة كهربائية قوية. فكان الاخ كينتانيا قد وصَّل الجهاز الكهربائي بهيكل السيارة. وعلى الرغم من اننا لا نوصي بهذا الامر اليوم، فقد استخدم ذلك ليحمي نفسه والجهاز ممن يعاملونهم بعنف شديد.وحتى عندما توقف استعمال السيارات المجهَّزة بمكبِّرات للصوت، استعمل افراد من الشهود فونوڠرافات قابلة للحمل. وقد صُنع نحو ٣٠٠ من هذه الفونوڠرافات في الفرع. ومجدَّدا، كان «الجَدّ» كينتانيا مساعدا ماهرا في المشروع. وهو يتذكر صنع علب الفونوڠرافات ثم وضع مكبِّرات الصوت والمحرِّكات. يقول: «كانت تجرَّب ليُعرف ما اذا كانت تعمل جيدا وما اذا كانت ستخدم جيدا، ثم كانت تُرسل الى الاخوة لاستعمالها من بيت الى بيت.»
طبعا بعد مدة من الوقت، تعلَّم الناشرون بمساعدة العروض والمواعظ المطبوعة في إلـ إنفورمادور (المخبر، الآن خدمتنا للملكوت)، وكذلك التدريب الذي جرى نيله في مدرسة الخدمة الثيوقراطية، الشيءَ الكثير عن محادثة الناس والاجابة عن اسئلتهم باقتباسات من الكتاب المقدس.
خرِّيجو جلعاد يصلون!
أُدخل برنامج متنوع للتعليم بين شهود يهوه ابتداء من اوائل اربعينات الـ ١٩٠٠، وقد اثَّر تأثيرا عميقا في عمل المناداة بالملكوت حول العالم. وشمل جزء من هذا البرنامج تدريب مستخدَمي الفرع على معالجة عملهم بالطريقة نفسها التي يُعالج بها في المركز الرئيسي العالمي في بروكلين، نيويورك. وقد اخذ القيادة في ذلك ناثان. ه. نور، الذي صار رئيس جمعية برج المراقبة في السنة ١٩٤٢. والفرع في المكسيك استفاد من ذلك بطريقة مباشرة عندما اتى الاخ نور الى هنا للمرة الاولى، في شباط ١٩٤٣. وخلال زيارته، في اجتماع خصوصي عُقد مع ناشرين من مناطق في كل انحاء البلد، حثَّهم على التغلُّب على ميراث الاميّة الذي كان يعوق الناس في اميركا اللاتينية الذين طالما تأثروا بالكاثوليكية الرومانية. وأنجز ايضا الكثير من العمل مع هيئة مستخدَمي الفرع، وبحلول وقت مغادرته، كان مكتب الفرع وبيت ايل مجهَّزَين جيدا ومنظمَين بشكل افضل.
كان لا يزال هنالك الكثير لفعله في المكسيك. فمنذ الحرب العالمية الاولى، كانت هنالك زيادة تدريجية في عدد مسبِّحي يهوه في المكسيك، ولكنها كانت بطيئة. وفي السنة ١٩٤٣، كان هنالك ٥٦٥,١ ناشرا يقدِّمون تقريرا عن نشاطهم كل شهر، وكانوا يعملون بجد. وكان ناشرو الجماعة يشهدون، بمعدل ٢٨ ساعة للشخص في الشهر. وكان معدل الفاتحين القانونيين ١٣٧ ساعة في الشهر.
في تلك السنة دشَّنت الجمعية مدرسة اثَّرت تأثيرا بالغا في عمل
الكرازة بالملكوت والتلمذة. فقد تأسست كلية جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس. (تغيَّر الاسم لاحقا الى مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس.) وكان هدفها إعداد خدام فاتحين ذوي خبرة للخدمة حيث يمكن ان تكون هنالك حاجة اليهم في الحقل العالمي. وفي ١ شباط ابتدأت الصفوف الاولى. ووُضعت الخطط لإرسال بعض المتخرجين الى المكسيك.في بادئ الامر، واجه الاخوة عوائق قانونية عند محاولة الحصول على تأشيرات لخريجي جلعاد. فالحرب العالمية الثانية كانت لا تزال مستمرة؛ والى جانب ذلك اندلع الاضطهاد في نويڤو لاريدو، ولاية تاموليپاس (على الحدود مع الولايات المتحدة)، على الشهود، وأُلقي البعض في السجن. وكانت هذه الحالة تؤخِّر الاعمال الكتابية المتعلقة بالتأشيرات. يخبر ناظر الفرع في ذلك الوقت، جوان بورجوا، ما يلي في تقريره لعام ١٩٤٥:
«عندما أُعلن عن كلية جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس وهدفها للمرة الاولى، كنا نحن هنا في المكسيك ننتظر بشوق تاريخ اول تخرُّج لأننا كنا واثقين بأن عددا كبيرا من المتخرجين، الذين تدرَّبوا
خصوصا للخدمة الثيوقراطية الاجنبية، سيُرسلون الى العمل في مقاطعة المكسيك التي لم تُخدم من قبل تقريبا. وكان من المتوقع ايضا ان يصير الخصم شديد الاهتياج ويبذل اقصى جهده ليعوق اخوتنا عن الدخول. وفي آب ١٩٤٣، اعلمتنا الجمعية انه اذا استطعنا الحصول على الاذن الضروري لدخولهم المكسيك، فسيُعيَّن نحو ٣٠ من هؤلاء المرشدين (خرجي جلعاد) للعمل في المكسيك.«بذلنا كل ما في وسعنا للحصول على الاذن، لكنَّ عددا لا يصدَّق من العوائق ظهر ليمنع دخول هؤلاء المرشدين الى المكسيك. كنا على وشك الاستسلام، معتقدين ان مشيئة يهوه كانت بخلاف ذلك، عندما وصل الاخ نور الى هنا في شباط من تلك السنة. لم يكفّ عن المحاولة فقام ببعض الترتيبات الخصوصية وإذا ‹بالمستحيل› يُنجز! وفي آذار ذُلِّلت العقبات مما منح الاخ والاخت اندرسون حق الدخول، وبُعيد ذلك، في نيسان، مُنح سبعة مرشدين ثيوقراطيين اضافيين، خريجي الصف الاول لجلعاد، حق الدخول الى البلد.»
فرِد وبلانش اندرسون
كان فرِد وبلانش اندرسون محبوبَين ومن البقية الممسوحة وقد خصَّصا الجزء الاكبر من حياتهما للخدمة كامل الوقت في المكسيك. وبسبب حادث وقع عندما كان الاخ اندرسون صغيرا، وجب بتر احدى ساقَيه عندما كان في المكسيك. ورغم ذلك، داوم على خدمة المقاطعة في مكسيكو، مستعملا عكازَين. وكان فرِد اندرسون وديّا ومرحا. وكان حضور الاخ اندرسون وزوجته الفاتنة (التي كانت اخواتها المسيحيات يدعونها بمودة بلانكيتا) يملأ قلوب مكسيكيين كثيرين محبة وتقديرا.
وكلمات الاخ اندرسون تخبر الكثير عنه. قال: «ابتدأنا نعدِّل
بسرور وبروح الصلاة حياتنا وندرِّب انفسنا على [الخدمة في الخارج]. وقد ساعدنا تدريب جلعاد كثيرا على ذلك. فلخمسة اشهر ونصف كنا نعمل ونكدّ ونجهد انفسنا لنحشو عقولنا بقدر ما نستطيع، لكنَّ هذه الاشهر مضت في طرفة عين! وسرعان ما جاء يوم التخرج. كنا نظن ان فرحنا كامل في جلعاد — انه لا يمكن ان نكون اسعد او اقرب الى اللّٰه. ولكن كان لدينا الكثير لنتعلمه، وهذا ما حصل في تعييننا الاجنبي.»وبعد عدد من السنين في ذلك التعيين، قال: «لا نعرف كم هو عدد اولئك المتواضعين الذين ساعدناهم ليأتوا الى نور حق يهوه المجيد. ولكننا نعرف الى ايّ حد عظيما كان فرحنا في الاشتراك في صلاح يهوه.» وقد خدم الاخ والاخت اندرسون سنوات عديدة في العمل الدائري في المكسيك، وبعد ذلك في البتل في المكسيك،
حيث انهيا مسلكهما الارضي — هو في السنة ١٩٧٣ وهي في السنة ١٩٨٧.رفيقتان لنصف قرن
كتبت روزا ماي دراير، متخرجة اخرى من جلعاد، بعد اول عقد قضته في المكسيك انه من الـ ٢١ الذين عيِّنوا في الاصل في المكسيك استطاع ١١ البقاء. وأضافت: «انا متأكدة ان هؤلاء الاحد عشر سيقولون معي: ‹لن اكون اذا خيِّرتُ في مكان آخر.›»
بسبب العوائق في طريق دخول البلد، خدمت روزا ماي دراير وشيرلي هندريكسون سنتين قرب حدود تكساس-المكسيك. وخلال هذا الوقت كانتا تتعلمان شيئا من الاسپانية. ورغم ان شيرلي متفائلة بطبيعتها، تتذكر ان مقاطعتهما هناك كانت صعبة. ولذلك ابتهجت بما وجدته في مكسيكو. في البداية، لم يعيَّن ايّ شاهد محلي لمرافقتهما كما توقَّعتا. وبدلا من ذلك، اخذهما شخص الى زاوية، وقال: «ها هي مقاطعتكما،» دون ايّ تدريب في تلك المقاطعة. واضافة الى ذلك، كانت معرفتهما للاسپانية محدودة. ومع ذلك، بدلا من التثبُّط، واصَلتا نشاطهما بأفضل طريقة ممكنة. تقول شيرلي عن هذه الاوقات: «اتذكَّر اول بناية دخلت اليها وأنا ارتجف قليلا، ووزَّعت الكتب الاربعة التي كنت احملها عند الابواب الاربعة الاولى واضطررت الى العودة الى البيت من اجل مزيد من المطبوعات. وقد تشجَّعتُ بذلك ولم اعانِ قط اية مشكلة بعد ذلك.» ومنذ سنوات قليلة، حضرت شيرلي زفاف حفيدة امرأة كانت تدير معها درسا في الكتاب المقدس خلال سنواتها الباكرة في المكسيك. ويا له من فرح ان تجد ٥٠ متحدرا من هذه العائلة يخدمون يهوه! وقد خدم واحد منهم كناظر جائل، وكانت اخرى من اعضاء عائلة البتل.
كانت شيرلي وروزا ماي رفيقتَين في الخدمة من السنة ١٩٣٧ (قبل الذهاب الى جلعاد معا) الى السنة ١٩٩١، عندما ماتت «روزيتا»
في تعيينها في المكسيك. اربع وخمسون سنة من الخدمة — وفيها كلها تقريبا كانتا معا!آخرون اتوا
جملةً، اتى ٥٦ متخرجا من جلعاد من بلدان اخرى الى المكسيك للاشتراك في العمل العظيم للتعليم الالهي الذي يجري هنا. وبالاضافة الى الذين ذُكروا آنفا، كان هنالك آخرون من الصف الاول لمدرسة جلعاد: روبن اڠيريه، شارلوت بُوِن، ماكسين برادشو، جيرالدين تشرتش، جوليا كلوڠستون، بِتي كونس، رصل كورنيليوس، دوروثي ڠاردنر، ڤِرليه ڠارفاين، فرانسِس ڠوتش، إلڤا ڠريڤس، ثُرستون وماري هيلدرينڠ، فِرن ميلر، ماكسين ميلر، وپابلو پيريس. وقد وصل مؤخرا في السنة ١٩٨٨ مزيد من المتخرجين. والخدمة في الحقل التي انجزها جميع هؤلاء جلبت الفرح لهم وللآخرين. وكانت هنالك ايضا تطورات غير متوقعة ولكن سعيدة.
مثلا، بعد ان قضت شارلوت بُوِن سنتين في المكسيك، عيِّنت في السلڤادور. ثم في السنة ١٩٥٦ صارت زوجة البرت شرودر، احد اساتذتها السابقين في جلعاد، الذي صار لاحقا عضوا في الهيئة الحاكمة.
وماكسين ميلر، في السنة ١٩٤٩، تزوجت سامويل ڠارسيا، متخرج مكسيكي من جلعاد كان يخدم في ذلك الوقت في فرع المكسيك بصفته الممثل القانوني للجمعية. وعندما وصلت الى مكسيكو في السنة ١٩٤٦، كانت هنالك اربع جماعات فقط. وبحلول سنة ١٩٦١ كانت هنالك ٧٠. وبحلول اوائل السنة ١٩٩٤ ازداد عدد الجماعات في مكسيكو وضواحيها الى ٥١٤,١. فيا للتوسع الرائع الذي شهدته! وهل كانت خدمتها كامل الوقت كلها افراحا فقط؟ «كلا، هذا ليس صحيحا،» علَّقت ذات مرة. «فهنالك لحظات عصيبة واختبارات صعبة ايضا، لكنَّ الافراح تفوق الى حد بعيد الاحزان، وهذه الافراح هي التي تبرز عندما اتذكَّر السبيل الذي سلكته سعيا الى تحقيق هدفي
في الحياة كخادمة ليهوه اللّٰه.» وقد ماتت وهي تخدم بأمانة في تعيينها في السنة ١٩٩٢.بعد ان خدمت إستِر ڤارتانيان في المكسيك نحو ثماني سنوات، تزوجت سنة ١٩٥٥ خريج جلعاد رودولفو لوسانو، الذي كان قد وصل مؤخرا الى المكسيك. وفيما كانت تسكن في الفرع، كانت تشهد في المدينة وتساعد كثيرين على المجيء الى معرفة يهوه. وقد احرزت نجاحا عظيما في مساعدة عائلات بكاملها. ورغم ان الزوج في البداية قد يرفض ان يدرس، كانت تتأكد دائما ان يشمله الدرس اخيرا. وأسلوبها اللطيف وخصوصا في التحدث الى الناس جعل كثيرين يتجاوبون مع الرسالة. فكانت تقترب منهم، متكلِّمة الاسپانية بلكنتها الاجنبية، وتقول: «يا حبيبي، كييرو ابلارتِه دي ألڠو مْوي إمپورتانتِه. [يا حبيبي، اريد ان اتحدث اليك عن امر مهم جدا.]» فكانوا يصغون. والآن تخدم الاخت لوسانو مع زوجها كعضوَين في عائلة البتل في المكسيك.
النظار المسيحيون المحبّون في الفرع
طبعا، ان بعض خريجي جلعاد الذين أُرسلوا الى المكسيك عُيِّنوا للاعتناء بالمسؤوليات في مكتب الفرع، وقد احسنوا القيام بعملهم. وقبل ذلك قام جوان بورجوا، الذي كان ناظر الفرع بعد روبرتو مونتايرو، بهذا التعيين من السنة ١٩٤٣ الى السنة ١٩٤٧، الوقت الذي اضطر فيه ان يعود الى الولايات المتحدة. ثم صار پابلو پيريس، متخرج من الصف الاول لجلعاد، ناظر الفرع لثلاث سنوات ونصف.
ومنذ ذلك الحين يحمل آخرون حمل المسؤولية هذا ويتولَّون الاشراف الحبي. وبين هؤلاء كان رودولفو لوسانو اربع سنوات ونصفا، جورج پاپادِم سنتين، وسامويل فرند سبع سنوات ونصفا. وابتدأ وليَم سِمپكِنس يعتني بالاشراف على الفرع في السنة ١٩٦٥، وعندما تأسس ترتيب لجنة الفرع في السنة ١٩٧٦، استمر في الخدمة كجزء
من لجنة فرع المكسيك حتى السنة ١٩٨٦. وقد ساهم كل واحد مساهمة قيِّمة في عمل الملكوت هنا في المكسيك. وبعد ان خدم روبرت ترايسي سنوات عديدة في كولومبيا، وصل الى المكسيك سنة ١٩٨٢، ومنذ ذلك الحين يخدم بصفته منسق لجنة الفرع.البقاء على اتصال بالجماعات
سعى خدام المناطق والاقاليم (الدوائر) الى زيارة وتشجيع شهود يهوه في كل انحاء المكسيك خلال سنة الخدمة ١٩٤٠. ثم بعد انقطاع لفترة من الوقت، أُعيد تأسيس عمل النظار الجائلين. وقد زوِّد هذه المرة تدريب متخصِّص للاخوة قبل ارسالهم.
شملت زيارة الجماعات اكثر بكثير من شراء بطاقة باص او قطار ثم القيام بالرحلة. فغالبية الجماعات كانت صغيرة ومعزولة كليا عن الطرقات العامة او السكك الحديدية. وقبل التمكن من ارسال الاخوة، كان مكتب الفرع يكتب الى كل فريق للاستفسار عن كيفية الوصول الى موقع جماعتهم. اجابت احدى الجماعات: «ان الخط الوحيد الذي يمر بقرب هذا المكان هو الخط التلڠرافي.» فأخبر الفرع بروكلين ما يلي: «للوصول الى بعض الجماعات، يجب ان يذهب الخادم على البغل او سيرا على القدمَين، وأحيانا اياما كل مرة. والناشرون يبتهجون بالزيارة، وعندما يصل يجتمع جميع اناس حسن النية آتين من اماكن تبعد اميالا.»
وللمساعدة في تقوية الاخوة، عرض بعض الاخوة من عائلة البتل في اواسط اربعينات الـ ١٩٠٠ ان يستخدموا عطلتهم لزيارة الجماعات كما يعيِّنها المكتب. فأُرسل سامويل وألفونسو ڠارسيا الى سيلاكَيْواپان، ولاية واهاكا. وبعد السفر يوما بالباص، قضيا يومين آخرين في الترتيب لاستخدام الاحصنة، ثم تابعا على صهوة حصان يومين آخرين الى وجهتهما. وقضيا خمسة ايام سعيدة في العمل مع الشهود المحليين في خدمة الحقل؛ وأجريا ايضا معمودية؛ ثم استعدَّا
للعودة الى مكسيكو. لكنَّ عملهما اغاظ الكاهن الكاثوليكي المحلي فأثار إل پْرِسيدنتِه، المحافظ المحلي. وفي تلك الليلة اقتحم حشد من ٢٥ رجلا تقريبا بيت الشاهدة التي كان يقيم عندها الاخَوان. ويتذكر سامويل ڠارسيا الحادثة بوضوح.كان الحشد مسلَّحا بمناجل، سيوف، سكاكين، هراوى، ومسدسات. فقبضوا على الاخوَين، اخرجوهما بالقوة، وضربوهما بقساوة. وعندما حاولت الاخت المسيحية التي كانا يقيمان في بيتها
ان تتدخل، ضُربت هي وأحد ابنائها. وقد جُرحت ذراع احد الاخوَين وأصابع يده اليسرى عميقا الى العظم. وإذ ضُربا وهدِّدا اكثر، اقتيدا الى خارج البلدة. ولكن الى اين أُخذا؟ يتذكر سامويل ڠارسيا: «حاولوا ان يُدَلُّونا من الشجر، ولكن عندما اظهرنا اننا لم نكن خائفَين ووثقنا كاملا بيهوه، تركونا نذهب. واضطررنا ان نمشي يومين عبر الجبال لنصل الى الطريق العام.»في اثناء ذلك، وصلت اخبار المشاكل الى مكتب الفرع. فأرسلت الجمعية التماسا ملحًّا الى حاكم ولاية واهاكا. وأخيرا، عندما عاد الاخَوان الى البتل، تردَّد الحارس في فتح الباب لأنه لم يعرفهما، اذ عوملا معاملة سيئة جدا. ولكن عندما يفكر الاخ ڠارسيا في ما حدث، هذا ما يتذكره: ‹لم يتخلَّ عنا يهوه.› وماذا عن الاخت التي كانا يقيمان في بيتها؟ لقد كتبت الى المكتب طالبة المزيد من المطبوعات لكي تستمر في الشهادة.
من محفل الى آخر
قبل عدة سنوات من هذه الحوادث، حضر ادولفو مودِستو ساليناس، شاب حيوي، اول محفل قومي له. كان ذلك سنة ١٩٤١ في مسرح الشعب في مكسيكو. وفي ذلك الوقت لم تخطر بباله قط فكرة ان يكون يوما ما ناظرا جائلا.
شجَّع ڠونسالو رودريڠيس، خادم الاخوة (كما كان نظار الدوائر معروفين آنذاك)، ادولفو ان يخدم في البتل. ونتيجة لذلك، تطوّع ادولفو في كانون الاول ١٩٤٧ لخدمة البتل في مكسيكو. وفي تلك السنة عينها، ابتدأت المحافل الدائرية تُعقد في المكسيك. في بادئ الامر، كان الاخوة في البتل ينظمونها ويشتركون في البرنامج. ثم في السنة ١٩٥١، عُيِّن ادولفو ساليناس ليكون اول ناظر كورة في البلد، مساعِدا نظار الدوائر وخادما في المحافل الدائرية. وقد زوَّده رودولفو لوسانو وسامويل ڠارسيا التدريب المفيد في محافله الاولى. ثم تركاه ليتابع
طريقه وحده. وفي تلك السنة، عُقد ١٨ محفلا دائريا في كل انحاء البلد.في البداية، لم تكن ترتيبات المحافل وكذلك مهمات ناظر الكورة محدَّدة جيدا. ففي بعض المحافل لم يكن هنالك ناظر دائرة، ولذلك كان الاخوة المحليون يفعلون ما في وسعهم لتنظيم الامور. وكان على ناظر الكورة ان يكون متعدِّد المهارات. فعند وصوله الى موقع المحفل، كان يساعد الاخوة على إقامة الاقسام. وكان يجلب معه اجهزة
الصوت، وأيضا الافران وأجهزة المطبخ الاخرى من اجل الكفيتيريا. وكانت ليونور ساليناس تساعد زوجها في تهيئة امور عديدة للمحفل. وكانا يظلان كل النهار في خدمة الحقل، وفي المساء كانا يساعدان في التحضيرات للمحافل.ويتذكر الاخ ساليناس انه في المحافل الدائرية الاولى لم يكن هنالك برنامج مفصَّل لاتِّباعه. وكان الاخوة يُمنحون فرصة طرح الاسئلة، فيحاول هو الاجابة عنها. وكانوا يطرحون اسئلة مثل، «هل من المسموح لبس الخواتم والاساور؟» «هل قتل الحيوانات جريمة؟» و «ما معنى العدد ٦٦٦؟» ولإعطاء اجوبة صحيحة كان عليه ان يأخذ معه الكثير من مطبوعات الجمعية.
تدريجيا، جرى الترتيب للتفاصيل المتعلقة بالمحافل الدائرية. وكل شيء صار اكثر سلاسة.
وبعد ان خدم الاخ ساليناس كناظر كورة ١٣ سنة تقريبا، دُعي الى حضور مدرسة جلعاد في السنة ١٩٦٤. واستعدادا لذلك، كان يجب ان يتعلم الانكليزية. كان ذلك صعبا عليه، ولكنه استفاد من المقرَّر وأُعيد بعد ذلك الى المكسيك ليستمر في العمل الكوري. ولا يزال في الخدمة كامل الوقت، على الرغم من معاناته بعض المشاكل
الصحية. وكانت زوجته، ليونور، التي رافقته منذ السنة ١٩٥٥، دعما رائعا له. يذكر الاخ ساليناس: «اذ اعود بالذاكرة الى السنة ١٩٤١، السنة التي تعلَّمت فيها الحق، اجد انه مرّ [اكثر من ٥٠] سنة، وخلال كل هذا الوقت، كنت اتعلم امورا رائعة من كلمة اللّٰه. كان عمري اقل من ٢٠ عاما في السنة ١٩٤١. وأنا شاكر ليهوه وهيئته على تغيير حياتي من حياة دون مستقبل الى حياة ذات قصد.»بذل جهد كبير لحضور المحافل
سنة بعد اخرى كانت المحافل القومية تُعقد في مكسيكو، وقد حضرها معظم الاخوة المكسيكيين. ولكن بالنسبة الى البعض، شمل ذلك مشقة كبيرة بسبب النقص في الموارد المالية. وعندما كانت المحافل صغيرة، كان يجري ايواء كل الحاضرين من خارج العاصمة في البتل. ثم في اوائل اربعينات الـ ١٩٠٠، جرى الترتيب للاقامة في بيوت مختلف الاخوة. وفقر كثيرين من اخوتنا كان يفطر قلوبنا، وكنا نتأثر عميقا بالجهد الذي يبذلونه للمجيء من الاقاليم الى مكسيكو ليتمتعوا بالطعام الروحي.
كم كنا مسرورين عندما صار ممكنا صنع الترتيبات لعقد محافل اقرب الى بيوتهم! فالآن لم يعودوا مضطرين الى السفر بعيدا. ورغم ذلك، كان لا يزال على بعض الاخوة ان يقوموا بتضحيات كبيرة لكي يحضروا. مثلا، في السنة ١٩٤٩، سافر ٢٠ مندوبا من ولاية تاباسكو — ١٨ رجلا وامرأتان — اكثر من ٢٠٠ ميل (٣٢٠ كلم) سيرا على الاقدام للوصول الى محفل في ولاية ڤيراكروز. وقد قاموا بالرحلة في ١٥ يوما متتاليا! واستغرقت الرحلة بكاملها ما مجموعه ٣٥ يوما تقريبا.
لا تورّي دِل ڤيخيا دي مِهيكو — جمعية ثقافية
تتذكرون انه قديما في السنة ١٩٣٢ رخَّصت الحكومة لِـ لا تورّي دِل ڤيخيا دي مِهيكو. ولكن، كانت هنالك عقبات بسبب القيود التي
فرضها القانون على كل الاديان. فقدِّمت الاعتراضات على نشاط الشهود من بيت الى بيت، اذ اشترط القانون انّ ‹كل عمل ديني للعبادة العلنية يجب ان يُزاوَل داخل الهياكل.› وللسبب نفسه قدِّمت الاعتراضات على محافلنا في الاماكن العامة. وكان ذلك مشكلة، لأن هذه المحافل كانت تكبر باستمرار. وحيازة الملكية اثارت المشاكل ايضا، لأن القانون تطلب ان يصير كل مبنى يُستخدم لمقاصد دينية ملكية فدرالية.لهذه الاسباب وغيرها قرَّرت الجمعية انه من الحكمة اعادة التنظيم، بهدف التشديد اكثر على طبيعة عملنا الثقافية. ولذلك قدِّم الطلب في ١٠ حزيران ١٩٤٣ الى امانة سر وزارة الخارجية من اجل تسجيل لا تورّي دِل ڤيخيا بصفتها جمعية مدنية، وجرت الموافقة على ذلك في ١٥ حزيران ١٩٤٣.
ومع اعادة الترتيب هذه، توقف الترنيم في اجتماعاتنا، وصارت امكنة الاجتماع تُعرف بقاعات للدروس الثقافية. ولم تكن هنالك صلوات مسموعة في الاجتماعات، رغم انه لم يكن هنالك ما يمكن ان يمنع الشخص من قول صلاة مخلصة بصمت في قلبه. وجرى تجنُّب كل مظهر للخدمة الدينية، وكانت اجتماعاتنا في الواقع مصمَّمة للتثقيف. وعندما ابتدأ الشهود في البلدان الاخرى يدعون فرقهم المحلية بما يقابل الكلمة الانكليزية «congregations،» استمر الشهود في المكسيك يستعملون الكلمة التي تقابل الكلمة الانكليزية «companies.» واستمر الشهود يزورون الناس من بيت الى بيت، وبغيرة اكبر ايضا؛ ولكن جرى تجنُّب الاستعمال المباشر للكتاب المقدس عند الابواب. وبدلا من ذلك، حفظ الناشرون الآيات عن ظهر قلب بحيث استطاعوا اقتباسها. واستفادوا ايضا من كتاب «امتحنوا كل شيء،» الذي هو مجموعة من الاقتباسات من الاسفار المقدسة
عن مواضيع عديدة. وكان الكتاب المقدس يُستخدم فقط في الزيارات المكررة وفي الدروس (التي دُعيت دروسا «ثقافية» بدلا من دروس «الكتاب المقدس»).وظل عمل شهود يهوه الرئيسي هو نفسه، اي الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه.
صفوف تعليم القراءة والكتابة
بانسجام مع ميثاق لا تورّي دِل ڤيخيا، ادرنا حملة لتعليم القراءة والكتابة، بالاضافة الى ارشاد الناس في تعاليم الكتاب المقدس. وهكذا في ١٧ ايار ١٩٤٦، سجَّلت لا تورّي دِل ڤيخيا لدى الحكومة مركزا لصفوف تعليم القراءة والكتابة في مكسيكو. وقد ادارها هوسيه مالدونادو.
وبما ان الحكومة كانت مهتمة بتشجيع تعليم القراءة والكتابة، فقد زوَّدت كتبا دراسية للمبتدئين لاستخدامها في الصفوف. ولاحقا، عندما اصدرت جمعية برج المراقبة كراس تعلَّموا القراءة والكتابة بالاسپانية، استخدموا هذا الكراس. وقدَّرت الحكومة ما كان يُنجَز. ففي رسالة مؤرخة في ٢٥ كانون الثاني ١٩٦٦، قالت الحكومة: «بموافقة المدير العام، يسرّني ان اهنئ مؤسستكم . . . على التعاون الوطني الذي تقدِّمونه للاميّين في الجمهورية. . . . آمل ألّا يخفّ حماسكم لمتابعة هذه المعركة الدؤوبة ضد الاميّة والتي يشترك فيها جميع المكسيكيين الصالحين.»
ومنذ تدشين الصفوف حتى السنة ١٩٦٦، تعلَّم ٨٤٢,٣٣ شخصا القراءة والكتابة. وفي السنة ١٩٩٣، كان المجموع ٧٦٦,١٢٧. واضافة الى ذلك، جرت مساعدة ٢٠١,٣٧ شخص على تحسين مهارتهم في القراءة والكتابة. وفيما كان هؤلاء الاشخاص يتعلمون القراءة والكتابة، كانوا يتعلمون ايضا ان يقدِّروا التدابير الروحية — مطبوعات درس الكتاب المقدس التي تصدرها الجمعية، وكذلك اجتماعات الجماعة.
الطهارة الادبية في هيئة يهوه
عندما ابتدأ الترتيب للمحافل الدائرية، ابتدأت ايضا فترة من مزيد من التطهير في هيئة يهوه. كانت هنالك عادةٌ متأصلة عميقا جدا في المكسيك في تلك السنوات وهي ان «يسرق» الشاب شابة ويعيش معها دون زواج. ولم يكن الاثنان عادةً يتزوجان لأنهما اعتادا الطرق القديمة التي يُسمح بها في الدين الباطل. وكانا يعيشان معا بالاتفاق المتبادل. وهذه كانت الحال مع عديدين عندما ابتدأوا بمعاشرة شهود يهوه.
كان الاخ ساليناس يقدِّر مبادئ الكتاب المقدس حول الآداب وساعد الاخوة على فهمها. (متى ١٩:٣-٩؛ عبرانيين ١٣:٤) وحيثما ذهب كان يشجِّعهم على جعل زواجهم شرعيا.
لم يكن ذلك جديدا بالنسبة الى شهود يهوه. فقديما كان عدد ايلول-تشرين الاول ١٩٢٤ من لا تورّي دِل ڤيخيا قد ناقش المسألة: «هل من الملائم انتخاب اخ ليس متزوجا شرعيا برفيقته كشيخ صف؟» والجواب: «ان ذلك غير ملائم مطلقا.» وأُعطيَت اسباب مؤسسة على الاسفار المقدسة لذلك. وجرت التوصية ايضا ألّا يعتمد الاشخاص الذين لم يقوِّموا شؤون زواجهم بعد. ومع ذلك، كان هنالك في المكسيك خدام جماعات عديدون لم يتزوجوا شرعيا.
ولكن في السنة ١٩٥٢، ولفائدة شهود يهوه حول العالم، أُعطيَت ارشادات محدَّدة حول تسوية حياة المرء اذا اراد ان يستمر في كونه جزءا من هيئة يهوه. ففي بعض الحالات كان الرجال متزوجين، ثم افترقوا، وبعد ذلك ابتدأوا يعيشون مع امرأة اخرى، دون ان يطلِّقوا الاولى او يتزوجوا الثانية. والبعض تزوجوا مرة ثانية دون ان يطلِّقوا الزوجة السابقة. وهكذا، تطلَّب الامر جهدا كبيرا من هؤلاء الاخوة لتقويم حياتهم ليخدموا يهوه.
كان من المفرح رؤية كيفية تجاوب الاخوة بالقيام بالترتيبات اللازمة لجعل زواجهم شرعيا. وفي بعض الجماعات كانت فِرق من ٢٠ زوجا وأكثر يتزوجون في الوقت نفسه. ولكن كان هنالك بعض الذين، على الرغم من مقاييس يهوه البارة، لم يريدوا ان يغيِّروا طريقة حياتهم. وقد ترك بعضهم؛ وفُصل آخرون.
يتذكر احد الاخوة انه عندما ذهب هو ورفيقته ليتزوجا، متَّبعا ارشادات الهيئة، ذهب اولاده معهما. وعندما سأل القاضي: «هل ترغب في الاتحاد بهذه المرأة، قابلا اياها زوجة لك حتى يفرِّق الموت بينكما؟» تردَّد في الاجابة، فشجعته ابنته الصغيرة قائلة بقلق، «دي كي سي، پاپاسيتو! [ابي، من فضلك قل نعم!]،» وعند ذلك اعطى على الفور جوابا ايجابيا للقاضي.
لزم الوقت والصبر
لزم الوقت ليتكيَّف البعض مع المقاييس الادبية السامية لهيئة يهوه، وخصوصا في ما يتعلق بالزواج واستعمال المشروبات الكحولية، ولكن تدريجيا صار الاخوة يقدِّرون اهمية اطاعة طرق يهوه. — ١ بطرس ٤:٣.
قال مكتب الفرع في تقريره لسنة الخدمة ١٩٥٣: «انهينا ما كنا قد ابتدأنا به السنة الماضية، اي تطهير الهيئة من الذين لا يستحقون ان يكونوا فيها. وسبَّب ذلك انخفاض عدد الناشرين كثيرا في الاشهر الخمسة الاولى من سنة الخدمة. فقد انخفض بنسبة ٧ في المئة عن معدل السنة الماضية، ولكن من شباط فصاعدا، ازداد الى حد انه بحلول نهاية سنة الخدمة وصلنا الى زيادة ٩ في المئة على معدل السنة الماضية.» وأخيرا، اذ تطهَّرت كاملا هيئة يهوه في المكسيك، كانت مستعدة لدخول فترة من الازدهار الروحي الذي امتد الى الوقت الحاضر.
محافل لا ننساها ابدا
هنالك بعض المحافل التي لم ينسها قط اولئك الذين كانوا حاضرين. عُقد احدها في مكسيكو في ١٣-١٥ نيسان ١٩٤٥. ولم يصل احد من المندوبين في سيارة يملكها شخصيا. فقد اتى اكثر من ٢٠٠ بالقطار من مونتيري. وكانت لافتة على احدى الحافلات من الخارج تخبر عن مكان ذهابهم، والمندوبون في جميع المحطات على طول الطريق شهدوا للبائعين والفضوليين الذين يقتربون. وللوصول الى المحفل مشت عائلة ومعهم طفل من بيتهم في تشيواوا سبعة ايام ثم ذهبوا بالخط الحديدي. وكان ن. ه. نور و ف. و. فرانز حاضرَين ايضا، من المركز الرئيسي العالمي في نيويورك. وفي اول يوم من المحفل خرج ٧١٧، من اصل الـ ١٠٧,١ الذين كانوا حاضرين، في خدمة الحقل للاعلان عن المحاضرة العامة، «عالم واحد، حكومة واحدة،» التي كان سيلقيها الاخ نور في ارينا مِهيكو. وقد أُلقي هذا الخطاب بنجاح، رغم جهود المماحكين الكاثوليك لايقاف الاجتماع.
ان بعض المحافل البارزة اكثر قرَّبت الشهودَ في المكسيك الى اخوتهم المسيحيين في البلدان الاخرى. وبينها محفل المشيئة الالهية الاممي، الذي عُقد في نيويورك في السنة ١٩٥٨. وكان مندوبون من ١٢٣ بلدا حاضرين، وبينهم ٥٠٣ كانوا قد سافروا من المكسيك. وكانت لديهم فرصة سماع، مقابلة، ومعاشرة الرفقاء الشهود من كل انحاء الارض. وعُقد محفل مبهج آخر كهذا في مكسيكو سنة ١٩٦٦، عندما سافر مئات المندوبين من نحو اثني عشر بلدا آخر الى المكسيك لينضموا الى اخوتهم هناك في اكبر محفل رعته لا تورّي دِل ڤيخيا في المكسيك حتى ذلك الحين. وكان حاضرا في هذه المناسبة عدد اكثر ٣٠ مرة من عدد الحضور في المحفل الذي عُقد في مكسيكو سنة ١٩٤٥.
افلام الجمعية
نحو اواسط خمسينات الـ ١٩٠٠، ادخلت الجمعية وجها آخر في برنامجها للتعليم. يتذكر الاخ ساليناس: «ان ما ساهم مساهمة كبيرة في العمل هو افلام الجمعية بقياس ١٦ مم مجتمع العالم الجديد وهو يعمل، سعادة مجتمع العالم الجديد، محفل المشيئة الالهية الاممي لشهود يهوه، اعلان ‹البشارة الابدية› حول العالم، ولا يمكن ان يكذب اللّٰه. ويمكنكم ان تدركوا التأثير الذي كان لها في الناس الذين لم يعرفوا عملنا جيدا.» عَرَض الفيلم الاول عمل مكاتب الجمعية. وأظهرت الافلام الثلاثة التالية محافل عُقدت في مختلف انحاء العالم. وساعد الفيلم الاخير الجماهير على تخيُّل حوادث الكتاب المقدس الرئيسية وفهم مغزاها لأيامنا.
غالبا ما كانت هذه الافلام تُعرض في فناء بيت او في قاعة مستأجرة. وكانت توزَّع الدعوات؛ ونتيجة لذلك، كان يحضر اشخاص كثيرون. وبعد ذلك كانت تدوَّن اسماء الذين يريدون معلومات اضافية.
في السنة ١٩٥٨ في تِنِكسپا، ڠيريرو، صنع الشهود الترتيبات لعرض فيلم الجمعية الاخير في قطعة ارض قرب مكان اجتماعهم. وعندما كان الاخوة ينظفون قطعة الارض، اثارت زيارة غير متوقعة من شرطي الشكوك في ما اذا كانوا سيتمكنون من تقديم العرض. وأخبر الشرطي خادم الجماعة انه يجب ان يذهب ليرى المحافظ. فذهب الاخ، فسأله المحافظ، «اين ستعرضون الفيلم؟» وعندما سمع الجواب، قال: «لمَ لا تعرضونه هنا في المنصة في الساحة العامة؟» «اذا لم يكن هنالك مانع . . .» فرتّب المحافظ ان تزوَّد الكهرباء. وأُخرجت المقاعد من السينما، حتى ان البعض جلبوا معهم كراسيهم
الخاصة لأنه كانت هنالك مقاعد لـ ٩٠٠ شخص فقط. وقد اتى حوالي ٠٠٠,٢، وحوَّلوا الحادثة الى مناسبة خصوصية، عارضين الطعام ليتمتع به الجميع. حقا، كلما كان الاخ ساليناس يعرض افلام الجمعية في الولايات الشمالية من الجمهورية، كان يوجد حضور يبلغ ٥٠٠، ٨٠٠، او حتى ٠٠٠,١.تسهيلات الفرع لمجاراة العمل
عندما كان روبرتو مونتايرو وعائلته يؤلفون عائلة البتل في المكسيك، زوَّد البيت الذي انتقلوا اليه في ٧١ شارع مِلكور اوكامپو، في مكسيكو، فسحة وافرة للتجهيزات ولمكتب الفرع. وكان هنالك حوالي ١٠٠ منادٍ بالملكوت فقط نشاطى في المكسيك في ذلك الوقت. ولكن بحلول السنة ١٩٤٦، ازداد عدد الشهود النشاطى الى ٧٣٢,٣، منظَّمين في ٢٢٣ جماعة. وللاعتناء ببرنامج التعليم الواسع الذي كان يقوم به الشهود في كل انحاء المكسيك، كانت تلزم تسهيلات موسَّعة. وبشكل ملائم، أُكمل في تلك السنة مكتب فرع جديد وبتل مجاوران للبناء السابق ووُضعا موضع الاستعمال.
وبحلول السنة ١٩٦٢ كانت هذه التسهيلات تُستعمل الى الحد الاقصى، ولذلك دُشِّن مبنى اضافي آخر للفرع من خمسة طوابق. وشمل ذلك مطبعة صغيرة لإنتاج المخبر (الآن خدمتنا للملكوت) بالاسپانية والنماذج التي استخدمها مكتب الفرع والـ ٠٠٠,٢٧ النشاطى آنذاك في عمل التعليم الثيوقراطي في المكسيك. وتحت اشراف هذا المكتب، كانت مدرسة خدمة الملكوت تزوِّد ايضا الارشاد لنظار الجماعات والفاتحين الخصوصيين المتفرقين في كل انحاء البلد.
تعصُّب ديني مستمر
على الرغم من ان الحكومة كانت قد حاولت لعقود ان تضع حدًّا للتعصب الديني، ومع ان عمل شهود يهوه كان معروفا في كل انحاء البلد، اثار التقدُّم الذي احرزه الشهود في تعليم الناس حنقَ رجال الدين. وخلال ستينات الـ ١٩٠٠ صارت المقاومة في بعض الاماكن اشد ضراوة من ايّ وقت مضى.
مثلا، جرت برمجة محفل دائري في بلدة لوس رايِس دي لا پاس، ولاية مكسيكو، في ٤ و ٥ آب ١٩٦٣. وعندما بدأ المحفل، حاول الكاهن المحلي، مستعملا مكبِّرات للصوت موضوعة على جدران الكنيسة وموجَّهة مباشرة نحو مكان المحفل، ان يحجب ما يقال في البرنامج. فأُلقيت خطابات تثير الانفعالات، وانهالت على الشهود اهانات لإثارة غضب الذين في الكنيسة. وجرى تحريض مئات الكاثوليك الذين كانوا عادة هادئين ووديين على العنف. فخرجوا مندفعين من الكنيسة ممسكين بعصي وهراوى وحجارة. والآن اذ صار الرعاع في حالة يتعذر ضبطها، هاجموا الشهود الذين كانوا مجتمعين. فتأذى اكثر من ٣٠ شاهدا. وجرى رمي بيتين من بيوت الشهود بالحجارة، وهدِّمت الجدران.
ولكن بفضل تدخل شرطة الطريق العام الفدرالية في الوقت الملائم، تمكن الاخوة الذين اتوا من خارج البلدة من المغادرة بأمان. وأخيرا يوم الاثنين فرَّق الجيش الرعاع الغضاب.
وأعطت الصحيفة اليومية إكسِلسيور في ٦ آب ١٩٦٣ هذا التقرير: «هرب كاهن ابرشية لوس رايِس دي لا پاس، هيسوس ميزا، الذي اشارت اليه السلطات القضائية بصفته مثير اعمال الشغب، من البلدة في سيارة يرافقه مئات من اعضاء ابرشيته المسلَّحين بالحجارة، الهراوى، والمناجل.»
لكنَّ عمل الرعاع هذا ساعد على فتح عيون بعض الناس
المستقيمي القلب. وبعد مدة، عندما كرز الشهود مرة اخرى في هذه البلدة، حصلوا على نتائج جيدة جدا. فقد كان الناس خجلين من تصرفهم، وابتدأوا تدريجيا يسمعون. وعندما حدث عمل الرعاع كانت هنالك جماعتان في المنطقة. ومن هاتين، نشأت حوالي ٥٠ جماعة اخرى.تعصب ديني في ساوايو
ثمة بلدة اخرى انفجر فيها اضطهاد مخزٍ في آب ١٩٦٤ وهي ساوايو، ولاية ميتشوواكان. فقد كان فاتحون خصوصيون يكرزون بغيرة هناك. وكانوا يعقدون بعض الاجتماعات مع فريق صغير من المهتمين. ومن ناحية اخرى، كان يهدِّدهم ويهينهم الرعاع الذين جمعهم الكاهن المحلي. واشترك في سوء المعاملة هذه اشخاص من ساوايو وكذلك من هيكيلپان المجاورة. وكان على الاخوة ان يواجهوا بجرأة الرعاع المؤلفين من ٢٠٠ الى ٣٠٠ شخص ليس مرة فقط بل عدة مرات.
وفي ١٣ آب، تأزمت الحالة كثيرا عندما احاط اكثر من ٠٠٠,٥ شخص ببيت احد الفاتحين. وكانوا قد جلبوا معهم البنزين، عازمين على إشعال النار في البيت واحراقه مع سكانه. وكان داخل البيت اخ، خمس اخوات، وفتاة في السادسة من العمر. حاول بعض رجال الشرطة ان يوقفوا الرعاع المهتاجين، ولكنهم لم يحرزوا نجاحا كبيرا. إلا انه في اللحظة الحاسمة ظهرت على المسرح على نحو غير متوقع ثلاث شاحنات من الجنود. وبسرعة أُنقذ الشهود وأُجبر الرعاع على التفرُّق. وفي التعليق على الوضع عبَّرت الصحف عن الاسف العميق للتصرف المتعصب لرجال الدين، الذين سبَّبوا المشكلة.
كان الوضع خطِرا جدا بحيث اعتُبر من الحكمة ان ينتقل الفاتحون الخصوصيون من المنطقة. ولكن بعد مدة ارسلت الجمعية
فاتحين الى بلدات مجاورة، وخدموا بحذر في طريقهم الى ساوايو وهيكيلپان. وقد احرزوا نجاحا كبيرا حتى انه في السنة ١٩٧٤، بعد عشر سنوات من ذلك الاضطهاد، تأسست جماعة في هيكيلپان، وفي السنة ١٩٩٠ تأسست جماعة اخرى في ساوايو.اخرج الرجل شيئا من جيبه الخلفي
نظرا الى الاضطهاد العنيف الذي حدث، هل يمكنكم ان تلوموا الشهود اذا كانوا احيانا يرتقبون شرًّا؟ يتذكر هوسيه مورا اختبارا كهذا في ولاية جاليسكو. وهو يضحك من ذلك الآن، ولكنه آنذاك لم يكن على يقين من ان الامر مضحك.
فكان قد اقتبس لرجل الآية في المزمور ١١٥:١٦: «السموات سموات للرب. أما الارض فأعطاها لبني آدم.» فمدَّ الرجل يده بسرعة الى الجيب الخلفي لسرواله. فاعتقد الاخ مورا انه كان يخرج سلاحا. ويا لها من راحة عندما اخرج كتابا يحتوي على العهد الجديد والمزامير! وتحقَّق الرجل من الآية في كتابه المقدس وقبِل الرسالة. وسرعان ما صار هذا الرجل وعائلته كلها شهودا ليهوه. «لكنه لاحظ انني صرت مضطربا بعض الشيء،» يقول الاخ مورا؛ «ولذلك الآن عندما نرى احدنا الآخر احيانا، نتذكر هذه الحادثة ونضحك.»
تجاوب سارّ في السنوات الاخيرة
رغم الاضطهاد، استمر عدد مسبّحي يهوه في الازدياد في كل انحاء البلد. وصارت الكرازة بالبشارة اكثر فعَّالية فيما نما الاخوة في فهم المسائل التنظيمية والمؤسسة على الكتاب المقدس. وتدريجيا صار الناشرون يدركون اكثر الحاجة الى ملاحقة الاهتمام الذي جرى اظهاره والاعتناء بالخراف. ونتيجة لذلك، ازداد عدد دروس الكتاب
المقدس. وفي السنة ١٩٧٠ كان هنالك كمعدل ٩٦١,٤٣ درسا يُعقد كل شهر؛ وبعد عشر سنوات ارتفع الرقم الى ٥٠٨,٩٠. وكانت بعض هذه مع اشخاص تقدَّموا بسرعة كبيرة.صحّ ذلك في لينو مورالِس وزوجته. فكان لينو قد ذهب مع صديق ليحجّ الى تمثال العذراء في بلدة في ڠواتيمالا. (كان يعيش في المكسيك، في ولاية تشيياپاس.) واتفقا ان يدخلا كلٌّ على حدة ليتلوا صلواتهما امام التمثال. يروي لينو: «عندما مرّ وقت طويل ولم يخرج، اختلست النظر باحترام كبير عبر باب الكنيسة، ويا للسلوك غير اللائق الذي رأيته! فقد كان صديقي يرفع تنورة تمثال العذراء! وعندما صرخت اليه، ‹ماذا تفعل؟› تظاهر بسرعة انه يصلّي. فدعوته بتحدٍّ ان يخرج، وعندما خرج رفعت قبضتيَّ لأضربه. ولزمه بعض الوقت ليقنعني بما كان يفعله. وعندما هدأت، اخبرني ان التمثال خيَّب امله لانه عندما ركع ليقبِّل قدمَي التمثال، ادرك ان الوجه والقدمَين فقط كانت مصقولة جيدا ولكن تحت الثوب كانت هنالك مجرد قطع صغيرة من الخشب.»
وهذه الحادثة مع موت ابنه الصغير، اثَّرت بعمق في وجهة نظر لينو. وماذا حدث بعد ذلك؟ تتذكر زوجته: «اتت امرأتان الى بابي وتحدثتا اليَّ عن الكتاب المقدس وسرعان ما اقنعتاني بأنهما تتكلمان الحق. وتركتا معي كتابا ووعدتا بأن تعودا لاحقا. وبُعيد مغادرتهما، ابتدأت تمطر. واذ استمر المطر، عادت المرأتان، ولكن الآن مع زوجيهما، باحثين عن مخبإ من المطر. لكنَّ المطر لم يخفّ طوال بعد الظهر، فاضطروا الى النوم حتى الصباح التالي في بيتي. وقد استفدنا من هذا الوقت — هم في تقديم حقائق الكتاب المقدس، وأنا في تعلّمها. وغادروا باكرا في اليوم التالي، واعدين بالعودة. والذي
اخذ القيادة في التكلم كان فاتحا قانونيا. وكان هو وزوجته من الجزء الجنوبي من الولاية؛ وكان رفيقهما كارالامپيو من بلدة لا ترينيتاريا. ولدهشتي الكبيرة، اتى زوجي الى البيت في ذلك اليوم عينه بعد الظهر. (كان لينو يعمل بعيدا في مدرسة ريفية.) وبعد العشاء اخبرته ان كارزين قد زاروني وتركوا معي كتابا. فبدأنا بالتأمل فيه معا الى جانب الشرح الذي قدَّموه لي، ولم نستطع ان نتوقف عن قراءته. وقبل ان ندرك ذلك، كان الليل قد انقضى وابتدأ النهار يبزغ. ولم ننم تلك الليلة.»ابتدأَت زوجة لينو تحضِّر فطورهما فيما كان لينو يُسرج الحصان. وسافر في ذلك الصباح ١٢ ميلا (٢٠ كلم)، كل الطريق الى لا ترينيتاريا ليبحث عن كارالامپيو. ووجد البيت، ولكن لم يكن هنالك
احد في المنزل، لأن كارالامپيو خرج ليكرز. لكنَّ لينو ترك رسالة مع جاره في البيت المجاور. يتذكر لينو: «عدت الى البيت مكتئبا بعض الشيء، ولكن يا للمفاجأة! فباكرا في الصباح التالي، سمعت شخصا يقرع الباب. وعندما خرجت، وجدت الكارزَين! فحوالي الساعة السابعة مساء، تلقَّيا الرسالة اننا كنا نبحث عنهما. فاستعدا فورا وسافرا سيرا على الاقدام كل الليل، ووصلا الى بيتي عند بزوغ الفجر. وهكذا خلال اقل من ٤٨ ساعة من توزيعهما ذلك الكتاب، ورغم المسافة وكون الوقت ليلا، كان هذان الكارزان يقومان بزيارة مكررة.»دامت الزيارة المكررة ثلاثة ايام! وخلال هذا الوقت علَّما لينو وزوجته الحقائق الاساسية من كلمة اللّٰه. وفي اليوم الرابع رافقا كلاهما الشاهدين في الكرازة للآخرين. وبهذه البداية، شرعت عائلة كبيرة في خدمة يهوه.
‹أَعيدوا ابني الى الحياة، وإلّا فسأرميكم خارجا›
في ولاية واهاكا، قبِل إديلبِرتو هوارِس ايضا الحق بسرعة. «كنت في حداد على موت اخي وابني اللذين انتحرا في اليوم نفسه،» تذكَّر. «وعند رؤية هذه الحادثة المشؤومة، التفتُّ فورا الى آلهتي (التماثيل) التي كانت تشغل كامل الحائط في احد جوانب بيتي وقلت لها انها يجب ان تعيد ابني الى الحياة، وإلا فسأرميها خارجا. وبعد ثمانية ايام، عندما رأيت ان هذه الآلهة لم تعرب عن قوتها على الاطلاق، ازلتها من بيتي. وبكيت بكاء مرًّا على فقدان حبيبَيّ.
«اقترب مني معلم مدرسة وحاول ان يعزِّيني. وأعطاني العهد الجديد واقترح ان اقرأه، ولكن بما انني لم اكن قد رأيت كتابا مقدسا من قبل، فانني لم اهتم به وخبأته. نحو ذلك الوقت زارني خمسيني.
وفيما كنا نتحدث، رأيت رجلا معه محفظة جلدية. وعرفه الخمسيني انه واحد من شهود يهوه واقترح ان ندعوه ليدخل لانه يعرف اكثر عن الاسفار المقدسة. فدخل الشاهد وعندما علم انني في حداد، ابتدأ يتحدث اليَّ عن القيامة. وكان ذلك في الواقع يهمني كثيرا.»ابتدأ هذا الشاهد يزور إديلبِرتو قانونيا، على الرغم من ان ذلك كان يتطلب ان يقوم برحلة طويلة سيرا على الاقدام. «ثم ابتدأت اتحدث الى الآخرين عن ايماني الجديد،» قال إديلبِرتو. «صار ثلاثة منهم مهتمين بالحق وابتدأوا يلتقون في بيتي؛ لذلك عندما كان الناشر يزورنا، كان اربعة منا يدرسون الكتاب المقدس.»
مقررات قصيرة للدروس «الثقافية»
صدر كتاب الحق الذي يقود الى الحياة الابدية، الكتاب الذي دُعي آنذاك ‹القنبلة الزرقاء،› في السنة ١٩٦٨، وجرى تشجيعنا على درسه مع الناس في غضون ستة اشهر. لكن لم يستغرق درسه هذه المدة الطويلة مع كل شخص. ففي احدى الحالات دُرس الكتاب في اقل من اسبوعين. يخبر مكتب الفرع عن ذلك:
«تعلَّمت سيدة الحق بواسطة اشتراك في برج المراقبة أُهدي لها. وعندما زار خادم الكورة وزوجته مدينة مجاورة، حضرت المحفل الدائري. فتحدث الاخ وزوجته اليها ولاحظا رغبتها المخلصة في خدمة يهوه وفي مساعدة الناس في البلدة الصغيرة حيث تسكن. ولذلك جرى الترتيب لدرس كتاب الحق معها. لكنَّ المشكلة كانت عدم وجود وقت كافٍ للدرس، كما ذكرت الجمعية، لأنها كانت ستمكث في مدينة المحفل اسبوعين فقط ثم ستعود الى بلدتها في اعالي الجبال على متن طائرة صغيرة. ولذلك ادارت زوجة خادم الكورة معها درسا مكثَّفا لمدة اسبوعين. وفي الواقع أُدير الدرس من الجمعة الى الجمعة في ثلاثين ساعة، وجرت تغطية كتاب الحق بكامله. وقد ارادت هذه السيدة ان تستغلّ الوقت المتوافر، ولذلك
كان يصرف خادم الكورة وزوجته في بعض فترات ما بعد الظهر والامسيات ساعتين او ثلاثا مجيبَين عن اسئلتها العديدة. وفي نهاية الاسبوعين كانت كل الاجوبة مسطَّرا تحتها في كتابها وكانت متحمِّسة جدا للعودة الى بلدتها المنعزلة ومساعدة الآخرين.»لقد اعتمدت قبل ان تترك المدينة في نهاية الاسبوع الثاني. وعندما عادت الى موطنها، سرعان ما كانت تدير ثمانية دروس، وكان درس برج المراقبة يُدار بحضور ١٥ شخصا، وجرى تشكيل فريق منعزل. وهنالك الآن جماعة في منطقتها.
ترتيب الشيوخ يفيد الجماعات
انسجاما مع مشورة الاسفار المقدسة من العبد الامين الحكيم، أُسست ترتيبات جديدة تتعلق بالاشراف على الجماعات في السنة ١٩٧٢. فكان سيُستبدل خادم الجماعة، الذي كان يشرف على كل شيء، بهيئة شيوخ. والى الحد الممكن جرى القيام بذلك. ولكن آنذاك، كما هي الحال الآن، كانت هنالك جماعات عديدة كان الناشرون فيها شاكرين على وجود حتى اخ واحد في وسطهم، او ربما اثنين، كفء ليكون شيخا. وأصبح العديد من الذين كانوا خدام جماعات شيوخا تحت الترتيب الجديد، لكنَّ البعض لم يبلغوا فعلا متطلبات الاسفار المقدسة. واولئك الاكفاء لا يمكن ان يكونوا اشخاصا يعاملون الرعية بقساوة، كما كان البعض يفعلون في الماضي. (١ بطرس ٥:٢، ٣) وبوجود رجلَين او اكثر اكفاء بحسب الاسفار المقدسة يخدمون كهيئة شيوخ، اصبحت الهيئة اكثر رأفة في الاعتناء بحاجات الرعية، وبالتالي متمثلة بدقة اكثر بيسوع المسيح، الراعي الصالح.
وحتى الوقت الحاضر هنالك حاجة الى مزيد من الرجال الاكفاء
ليخدموا كشيوخ. وبسبب النمو السريع في عدد الشهود، هنالك في بعض الجماعات (التي كان يُشار اليها بـ companies حتى السنة ١٩٨٩) شيخ واحد فقط وعدة خدام مساعدين للاعتناء بها؛ وفي بعض الحالات، يقوم الخدام المساعدون بكل المسؤوليات. ففي تانتويوكا، ڤيراكروز، كانت هنالك جماعتان ولكن شيخ واحد فقط. وقد انتقل إِنريكِه إِرناندِس مونتِس (شيخ وفاتح) مع عائلته الى المنطقة للمساعدة. وفي الجماعة التي عُيِّن فيها، كان هنالك كثيرون من المهتمين بحيث لم تسَع قاعة الملكوت الجميع. وكان ضروريا تنظيم الفريق في قسمين واعادة الاجتماعات للفريق الثاني. وقبل سنوات قليلة وجد الشيخ الوحيد في پالمِيَّاس، سينالووا، ان لديه ٢١ فردا يريدون ان يعتمدوا في المحفل التالي. ففعل كل ما في وسعه لمراجعة اسئلة المرشحين للمعمودية معهم جميعا.وحتى حيث يكون عدد الاخوة الاكفاء محدودا، ينتج ترتيب الاشتراك في المسؤوليات انتباها افضل للخراف.
اتيان وقت تمحيص
كانت هنالك توقعات شديدة متعلقة بالسنة ١٩٧٥ وما يمكن ان تعنيه في اتمام قصد يهوه. لقد علَّق البعض آمالهم على هذا التاريخ كموعد لتدمير النظام القديم وتأسيس عالم اللّٰه الجديد. وعندما لم تتحقق هذه التوقعات، توقف البعض عن خدمة اللّٰه. وأصبح عدد منهم مرتدِّين. لكنَّ الاغلبية الساحقة من شهود يهوه دفعتهم المحبة ليهوه. لقد عرفوا ان كلمة اللّٰه لا تفشل ابدا.
وبثقة تامة بيهوه، تجهَّزت الهيئة العالمية خلال ١٩٧٥-١٩٧٦ لنمو اضافي. ولم يخب املنا. لقد شاركت المكسيك مشاركة جديرة بالملاحظة في التوسّع الذي حدث. فماذا ساهم في ذلك؟
عائلات كبيرة اتَّحدت في خدمة يهوه
ان العائلات في المكسيك كبيرة. ولذلك عندما يتأسس درس في الكتاب المقدس، غالبا ما يشترك ثلاثة او اربعة اشخاص او اكثر. وبشكل عام، تبقى العائلات متحدة، والاولاد يحترمون والديهم كثيرا. واحدى نتائج ذلك هي انه اذا اعتنق الوالدون الحق يعتنقه الاولاد ايضا. وعندما تُطبَّق مشورة الكتاب المقدس، تقوى الروابط العائلية اكثر، وغالبا ما تشارك عائلات بكاملها معا في خدمة يهوه.
يجري جعل الاحداث يشعرون بأنهم جزء من ترتيب الجماعة. وفي الاجتماعات، يحيّي كل شخص الآخرين الموجودين بمصافحة حارة — ويشمل ذلك الاحداث. ونادرا ما يعرب الاولاد عن موقف عدم المبالاة في الاجتماعات. فالجميع يريدون ان يشاركوا، وهم متشوقون الى المساعدة في النشاطات الاخرى في القاعة.
غالبا ما تُرى عائلات بكاملها وهي تشترك في خدمة الحقل معا. وفي بعض الحالات يُبذل جهد لتشترك اغلبية العائلة في خدمة الفتح. على سبيل المثال، في جماعة اوريِنتِه في زاپاتا، ولاية موريلوس، لدى ڠيلِبالدو إرناندِس وزوجته ثلاث بنات هن فاتحات خصوصيات وثلاث هن فاتحات قانونيات (في مقاطعة منعزلة). وابناهما هما ناشران وخادمان مساعدان، وابنتاهما الاخريان (في الـ ١١ و ١٢ من العمر) قُبلتا كناشرتين غير معتمدتين. ففي هذه العائلة المؤلفة من ١٢، هنالك ٦ ناشري جماعة و ٦ فاتحين!
وفي جماعة إسترِيا في مدينة أڠواسكاليِنتيس، في ولاية أڠواسكاليِنتيس، يخدم سابينو مارتينِس دوران كشيخ وفاتح قانوني. وزوجته وابنته هما ايضا فاتحتان قانونيتان. وأحد ابنائه فاتح قانوني وخادم مساعد في الجماعة نفسها. والابن الآخر عضو في عائلة بتل المكسيك، وابن آخر ايضا يشترك في عمل البناء في الفرع.
الاحترام الابوي ادَّى الى نتائج جيدة
ان احترام اعضاء العائلة واحدهم للآخر يساهم دون شك في انتشار رسالة الملكوت. وما يوضح ذلك اكثر اختبار في ولاية تشيواوا.
سمع الشيوخ في ناڤوهوا، ولاية سونورا، انه في إل تريڠو دي روسو، الواقعة في الجبال في ولاية تشيواوا، كان هنالك اشخاص يدرسون الكتاب المقدس بمساعدة مطبوعات الجمعية، ككتاب الحق. فقام شيخ وخادم مساعد برحلة صعبة طوال النهار ليتحققا الخبر ويساعدا هؤلاء المهتمين حديثا. فوجدا ان استاذ مدرسة وزوجته، اللذين لم يكونا شاهدين، يعقدان دروسا في الكتاب المقدس مع الناس. وكانا يجتمعان مرتين في الاسبوع بحضور يبلغ ٢٥ الى ٣٠. فكيف حدث ذلك؟
كانت والدة استاذ المدرسة وهي واحدة من شهود يهوه قد زارت ابنها. وخلال إقامتها كرزت لبعض الناس في المنطقة ووزَّعت كتب الحق معهم. واذ رأت الاهتمام الذي اظهره هؤلاء الناس، توسَّلت الى ابنها وكنَّتها ان يساعداهم. ولم يكن هذان الزوجان من شهود يهوه، رغم ان الام كانت قد ارشدته في طرق يهوه عندما كان صغيرا. ولكن بسبب محبة الابن لأمه واحترامه لها، وافق ان يدرس مع الناس، وطبعا كانت الكنَّة مستعدة للتعاون. واذ درسا مع الفريق، أُثير اهتمامهما. وفي خلال اربعة اشهر اكملا كتاب الحق. فرتَّب الاخَوان من ناڤوهوا لزيارات قانونية يقوم بها الشيوخ وناشرون آخرون. وأول الذين اصبحوا ناشرين في هذا الفريق كان استاذ المدرسة وزوجته. واعتمدا في المحفل الكوري في السنة ١٩٨٩. وفي حزيران ١٩٩٠، تشكَّلت جماعة من عشرة ناشرين في إل تريڠو دي روسو، وتقريبا لدى كل واحد يسكن في هذه المنطقة درس في الكتاب المقدس.
مدرسة جلعاد الثقافية تسد حاجة
كانت لدى كثيرين من الخدام الفاتحين الاحداث في المكسيك رغبة في الخدمة في بلدان اخرى حيث الحاجة أمَسّ. ولكن، بسبب الحاجة العظيمة في الحقل المكسيكي، لم يجرِ تشجيعهم على الانتقال خارج البلد، وقليلون جدا جرت دعوتهم الى حضور مدرسة جلعاد. وبالاضافة الى ذلك، كان حضور مدرسة جلعاد يتطلَّب تعلُّم اللغة الانكليزية، التي كانت صعبة على البعض. ولكن خلال ١٩٨٠-١٩٨١ استطاع ٧٢ حدثا مكسيكيا من الفاتحين ان ينالوا تدريبا خصوصيا في مدرسة جلعاد الثقافية في المكسيك من اجل الخدمة حيث يمكن ان تكون هنالك حاجة اليهم في اميركا اللاتينية.
وبما انه لم تكن لدى هؤلاء المتخرجين مشكلة في اللغة وكانوا ذاهبين الى بلدان لديها حضارات مشابهة كثيرا لحضارة المكسيك، استطاعوا ان يتكيَّفوا بسهولة وفق الحياة في البلدان التي جرى تعيينهم فيها.
تدشين تسهيلات فرع جديد
واذ استمر النمو التنظيمي، صارت المكاتب في ٧١ شارع مِلكور اوكامپو اصغر من ان تعتني بالعمل الذي يجري هناك. فاشترت لا تورّي دِل ڤيخيا في السنة ١٩٧٣ ارضا خارج مكسيكو، في منطقة تدعى إل تيهوكوتِه، وهناك بُني بتل جديد رحب يتَّسع لاكثر من مئة شخص. فانتقلت عائلة البتل الى هناك ودُشِّن في نيسان ١٩٧٤. وكان يبدو انه سيزوِّد مكانا فسيحا يمكِّننا من الاعتناء بالعمل سنوات عديدة. لكنَّ الامر لم يكن كذلك! فمع ازدياد سرعة النمو في عدد الشهود صار التوسيع ضروريا، ولذلك دُشِّنت تسهيلات اضافية في السنة ١٩٨٥ ومبانٍ اضافية في السنة ١٩٨٩.
وبالاضافة الى تزويد تسهيلات مكتبية ومكان لايواء اعضاء
عائلة البتل، لزمت ايضا تدابير من اجل انتاج كميات كبيرة من مطبوعات الكتاب المقدس للحقل المكسيكي. وازدادت صعوبة تسلُّم مؤن المجلات من خارج البلد. فأردنا ان نطبع مجلاتنا الخاصة، ولكنَّ القانون لم يسمح لجمعية مدنية بأن تقوم بذلك. ولتسوية الوضع رتَّبنا في السنة ١٩٨٣ ان تطبع شركة تجارية محلية لا اتالايا ودِسپِرتاد! وجرَّبنا ايضا طبع الكتب وتجليدها في دور نشر متنوعة. لكنَّ افضل ما تمكَّنا من الحصول عليه بسعر معقول كان طبعات غلافها من ورق. وكانت النوعية الرديئة والتسليم المتأخر مشكلتين دائمتين.عندئذ تقرَّر تشكيل جمعية اخرى مخصَّصة للنشر. وكان عملها ينسجم مع كل المتطلّبات القانونية لعمل كهذا في هذا البلد. فجرى شراء وتجديد معمل على بعد نحو ١٥ دقيقة من البتل، ورُكِّبت مطبعة جديدة هناك. ويا للفرح عندما أُعلن ان جمعية برج المراقبة في بروكلين ارسلت مطبعتين دوارتين من نوع مان على متن سفينة متَّجهة الى المكسيك! ولكن كم كان مخيبا للامل ان نعلم انه عندما واجهت السفينة عاصفة هوجاء على الطريق، دمِّرت المطبعتان تدميرا شبه تام! فتوجَّه روبرتو ڠاما، عضو في لجنة الفرع، الى مرفإ ڤيراكروز ليتسلم المطبعتين — او ما تبقَّى منهما. فبكى عندما رآهما.
فهل يمكن بناء هاتين المطبعتين من جديد؟ ربما في وقت آخر وفي ظروف اخرى كانت ستفكَّك المطبعتان الى قطع. ولكن في هذه الحالة، كان يجب ان تشغَّلا، ولم يكن ذلك مهمة مستحيلة على الاخوة الذين تعلَّموا كيفية ابتكار ايّ شيء واستعماله لتزويد ضرورات الحياة. فأرسلت الجمعية اخوَين من بروكلين لمساعدة
الاخوة المكسيكيين، وبالجهد والمثابرة العظيمين، مع الصبر، أُصلحت القطع المكسورة او استُبدلت ورُكِّبت المطبعة الاولى. والشكر ليهوه، صارت تعمل! وبعد ذلك أُصلحت المطبعة الثانية.كان هنالك فرح حقيقي عندما طُبعت لا اتالايا عدد ١ تشرين الاول ١٩٨٤. وبدأ طبع دِسپِرتاد! ابتداء من عدد ٢٢ ايار ١٩٨٥. وكم كان مريحا اخيرا قطع العلاقات مع شركات الطبع العالمية!
كانت ستصل مطبعتَا أوفست بشريط ورق تطبع بأربعة الوان من نوع هانشو في السنة ١٩٨٧، ولذلك جرى توسيع المعمل ليتسع لهما. وفي ايلول سنة ١٩٨٨، طُبعت «ميرا! إستوي اسيِندو نوِيڤاس توداس لاس كوساس» (كراسة «ها انا اصنع كل شيء جديدا») بالالوان الطبيعية! ومنذ ذلك الحين تُطبع هنا كل الكتب والمجلات الضرورية للمكسيك، وكذلك للعديد من بلدان اميركا الوسطى. وتطبع المطبعتان بأربعة الوان اربعة ملايين مجلة في الشهر.
جماعة شهود يهوه في المكسيك
كانت هيئة شهود يهوه في المكسيك تعمل دائما وفق القواعد الاساسية نفسها المتَّبعة في الانحاء الاخرى من العالم. ومنذ السنة ١٩٣١، حدَّد ايضا الاخوة هويتهم افراديا كشهود ليهوه. ولكن، لسنوات عديدة، كان ضروريا ان تعمل الهيئة في المكسيك كجمعية مدنية وتثقيفية، كما جرى توضيحه سابقا.
إلا انه في عقد ثمانينات الـ ١٩٠٠، ابتدأت التغييرات تحدث. فكان ممثلو الحكومة يزورون بشكل متكرر بعض اماكن اجتماعاتنا ويصرّون ان يجري تسجيلها لدى الحكومة كأماكن للاجتماعات الدينية وأن تصبح ملكية فدرالية. ومن جهة اخرى، ازدادت صعوبة استئجار اماكن عامة من اجل محافلنا الكورية والدائرية لأن
السلطات اصرَّت ان القانون يمنع الاجتماعات الدينية في الاماكن العامة.قاد ذلك الى اجتماعات مع ممثلي الحكومة في السنة ١٩٨٨. وقد علمنا ان السلطات، رغم انه لم يكن لديها تشكٍّ من هيئتنا من جهة السلوك، شعرت بارتياب كبير بسبب ما اخبرها الآخرون عن هيئتنا وموقفنا من الرموز الوطنية. وبالاضافة الى ذلك، كانوا يعتقدون ان هيئتنا تعمل سرا لأنه لا يمكن تحديد اماكن الاجتماعات بسهولة. وفي اجتماعاتنا مع السلطات، نالت شهادة مفصَّلة عن معتقدات شهود يهوه. وجرى توضيح موقف حيادنا المسيحي، وكذلك احترامنا للسلطات الحكومية، مع الموازنة بين ذلك وإصرارنا على الاحجام عما نعتبره صنمية. وكان القرار النهائي الناتج عن هذه المقابلات ان هيئتنا يجب ان تعمل علانية كدين شهود يهوه، حتى لو عنى ذلك ان كل اماكن اجتماعاتنا ستصير ملكا للحكومة. كان ذلك سيسمح للسلطات بأن تتعرَّف بعملنا بشكل افضل، وشعرنا بأن ذلك يجب ان يعطي نتائج ايجابية. ورغم ذلك، لم تُحل المسألة المتعلقة بكيفية تمكننا من عقد محافل كبيرة.
في السنة ١٩٨٩، وبموافقة الهيئة الحاكمة، كُتبت رسالة الى كل الجماعات تقول انه ابتداء من ١ نيسان سنعمل في المكسيك كهيئة دينية. وبعد ذلك، أُعطيت تفاصيل اضافية في عدد حزيران من نوِيسترو مينيستِريو دِل راينو (خدمتنا للملكوت) التي كانت تُدعى إنفورمادور (المخبر) دي لا تورّي دِل ڤيخيا. ومنذ ذلك الحين صار الكتاب المقدس يُستعمل من بيت الى بيت، وصارت الصلوات تُقال في الاجتماعات. وفي ما بعد ابتدأنا نرنِّم الترانيم في الاجتماعات.
يمكنكم ان تتخيَّلوا الفرح الذي جلبه ذلك للجماعات! وسالت دموع الفرح على وجوه الاخوة في قاعات الدرس الثقافي، او قاعات الدرس (التي صارت الآن قاعات الملكوت)، وفي المحافل الكورية والدائرية عندما ابتدأت الصلوات والترانيم الجماعية. وفضلا عن ذلك، فإن الاستعمال المباشر للكتاب المقدس في شهادتنا من بيت الى بيت بثَّ في الاخوة غيرة متزايدة، جعل عملهم اكثر فعَّالية، ومنحهم اكتفاء عظيما. ودون ادراك الامر كاملا، اقمنا ايضا اساسا للدفاع عن مسلك حياتنا المسيحي على الصعيد القانوني.
الاولاد الشهود تحت ضغط كبير
كان اولاد شهود يهوه يخضعون دائما لضغط كبير لأنهم لا يحيُّون العلم — ايّ علم كان. وقد اوضح الاولاد افراديا او بصحبة والديهم موقفهم لمعلِّميهم. فكان يُقبل توضيحهم احيانا، ولكن في اغلب الحالات، كانوا يُطردون من المدرسة. وعندما كان يُطرد الاولاد، كان الوالدون يبحثون عن مدرسة معلِّموها اكثر تساهلا بحيث يمكن ان يكمل الاولاد تعليمهم. ولكن لم يكن ممكنا فعل شيء قانونيا لأنه لم يكن هنالك اساس للدفاع عن حقوق الاولاد امام السلطات.
واذ ازداد عدد الناشرين، ازداد الضغط على الاولاد الشهود. وانتقدت مقالات الصحف موقف شهود يهوه. ولكن بما اننا نعمل الآن كهيئة دينية في المكسيك، حان الوقت لمباشرة حملة دفاع عن الضمير المسيحي للاولاد الشهود في المدارس.
معركة من اجل حرية الضمير في المدارس
في السنة ١٩٨٩، جرى القيام بمناشدات قوية للسلطات الفدرالية في سبيل حق الاولاد في التعلُّم وفقا لما يضمنه دستور البلد.
وتعاون المحامون الشهود في كل البلد مع اللجان التي تألَّفت لتنسيق معالجة هذه القضايا تحت توجيه قسم القضايا القانونية في الفرع. وعندما جوبه رسميو المدارس بدعوى قانونية، تنازل كثيرون منهم. لقد رُفعت اكثر من مئة قضية الى المحكمة. فحُكم في تسع وأربعين لمصلحة شهود يهوه، و ٢٨ لا تزال معلَّقة. واستُؤنفت ثمانٍ وعشرون قضية امام ماخيسترادوس دي لوس كولِخيادوس دي سيركويتو (المحاكم التي هي اعلى من القضاة الفدراليين)، وصدرت في ١٤ منها احكام مؤاتية، مما وضع سابقة قانونية للمحاكم الادنى. لم يُمنح الاولاد ايّ اعفاء، لكنَّ القضاة حكموا، وفقا للقانون، انه لا يمكن ان يُحرم ايّ ولد من التعلم لأي سبب. وعندما كان رسميو التعليم يتصرفون اعتباطيا، كانت تتدخَّل السلطات الفدرالية في العديد من القضايا. وأصبح بعض رسميي التعليم الرسمي اكثر تعقُّلا في ما يتعلق بالامر، وأصدروا بعض التوجيهات المؤاتية.نُظِّم برنامج ليزور الشهود رسميي المدارس في كل انحاء البلد لاعطائهم معلومات مباشرة عن موقف شهود يهوه من الاحتفالات المدنية. فجرى اعطاؤهم معلومات مؤسسة على الكتاب المقدس والقانون. وكان عديدون منهم يعرفون القليل جدا عن شهود يهوه. وتدريجيا ادرك الرسميون ان رفض الاولاد الشهود الاشتراك في احتفالات معيَّنة هو موقف متعلق بالضمير ومؤسَّس على مبادئ دينية وأنهم مع ذلك يحترمون الرموز الوطنية والسلطات. (خروج ٢٠:٤؛ رومية ١٣:١) ورغم ان المشاكل لم تُحلّ كاملا، فقد قُدِّمت شهادة جيدة للقضاة، رسميي المدارس، والمعلِّمين، ونتيجة لذلك، اهتم بعضهم بالحق. — متى ١٠:١٨-٢٠.
يزور الاخوة الآن احد القضاة الفدراليين في سيوداد هوارِس، تشيواوا، الذي كان قد اصدر قرارا مؤاتيا. وأخبرهم مؤخرا انه قد انتهى تقريبا من قراءة كتاب الحياة — كيف وصلت الى هنا؟ بالتطوُّر ام بالخَلق؟ ثم فتح جارور مكتبه وقال، «لديَّ هنا الكتاب المقدس الذي جلبتموه لي، وهذان الكتابان هما افضل رفيقين لي.»
وثمة قاضية فدرالية اخرى في تشيلپانسينڠو، ڠيريرو، كانت قد اعلنت قرارا مؤاتيا، طلبت من الاخوة ان يوضحوا لها موقف حيادنا المسيحي. فقدَّرت التوضيح وأشارت الى انه رغم عدم فهمها موقفنا بوضوح من قبل، كانت سعيدة لأن قرارها، الذي كان متوافقا مع القانون، كان لمصلحتنا. وقبلت ايضا بعض مطبوعات الكتاب المقدس.
المحافل الكورية والدائرية — شهادة عظيمة
وكيف تأثَّر عقد محافلنا الكورية والدائرية بواقع ان هيئتنا صار يُعترف بها الآن لا كمجرد جمعية ثقافية بل كدين شهود يهوه؟ عندما عُرضت اولا هذه الحالة في السنة ١٩٨٨ على السلطات، ارشدونا الى القانون الذي لا يسمح للاديان بأن تعقد اجتماعات علنية خارج اماكن اجتماعاتها العادية. واقترحوا في ذلك الوقت انه بدلا من استخدام اماكن عامة، لدينا تسهيلاتنا الكبيرة الخاصة من
اجل المحافل الكورية والدائرية. فألححنا في السؤال عمّا اذا كان بإمكاننا الحصول على اذن خصوصي لعقد تجمُّعاتنا الكبيرة في اماكن عامة. فقالوا انه بإمكاننا ان نقدِّم طلباتنا، وسيجري التَّأمل فيها. لم يمنعونا من عقد اجتماعاتنا الكبيرة، لأننا كنا نعقدها دائما وكانت اديان اخرى تقوم ايضا بتجمعاتها الدينية العلنية. يتذكر احد الاخوة المسؤولين في الجمعية كيف انتهى ذلك الاجتماع: «عندما كنا نودِّعهم، قلت، ‹لقد فهمنا اننا سنستمر كما كنا نفعل حتى يُعدَّ ترتيب آخر.› فوافقوا، وتبادلنا التحيات في جو ودّي.»ولذلك استمرت الجمعية في الترتيب للمحافل الكورية والدائرية، لكننا ابتدأنا نستعمل بطاقات تُعلَّق على طية صدر السترة، تماما كما يفعل الشهود في باقي انحاء العالم. وابتدأنا نرنِّم ونصلّي في محافلنا. وبدلا من تجنب الاعلان، رحَّبنا بلطف بالمراسلين. وتأثَّر المفتشون الحكوميون الذين حضروا المحافل في مواقع مختلفة بشكل مؤات. وببركة يهوه، قدَّمت المحافل شهادة عظيمة لاسمه.
وخلال الاشهر الاخيرة من سنة ١٩٩٣، عُقدت محافل «التعليم الالهي» الكورية الـ ١٦١ في ٧٤ مدينة، وبلغ عدد الحضور ٠٤٠,٨٣٠
وعدد المعتمدين ٦٦٢,١٥. وكان ذلك بالتأكيد متباينا مع البدايات الباكرة.دعوة استيقاظ للكنيسة الكاثوليكية
تحدَّث عدد كبير من الصحف في البلد بشكل ايجابي جدا عن بعض محافلنا الأخيرة، وقدَّم ذلك بدوره شهادة انعكست ايجابيا على اسم يهوه. قالت إِل نورتِه عدد ٢٧ تشرين الاول ١٩٩١ في مونتيري، ولاية نويڤو ليون: «رغم ان ٠٠٠,٢٥ من شهود يهوه كانوا في ملعب مونتيري للبايسبول، لم تكن هنالك في الداخل نفايات، دفع، صراخ، ولم تكن هنالك حاجة الى دوريات شرطة . . . حضر الحشد، الاولاد، المراهقون والراشدون، الحدثَ باللباس الرسمي؛ فكان الرجال مميَّزين بوضع ربطة عنق والنساء بالتنانير الطويلة ذات الالوان غير الفاقعة. وفي يد كل واحد تقريبا نسخة من الكتاب المقدس، ترجمة الشهود الخاصة التي تُدعى ترجمة العالم الجديد، التي كان الجميع يستخدمونها كلَّما اشار الخطباء الى بعض الاصحاحات فيها.» وفي المدينة نفسها اقتبس تقرير اخباري كلمات مونسنيور كاثوليكي قال: «ان الرسالة التي تركها الاجتماع السنوي لشهود يهوه كانت دعوة استيقاظ للكنيسة الكاثوليكية الى تعزيز ايمانها.»
ووصفت مراسلة صحفية كانت حاضرة في محفل لشهود يهوه في ارينا مِهيكو ما رأته وسمعته ثم قالت: «بالنسبة اليّ، انصرفت وأنا مستغرقة في التفكير. ونظرت حولي الى ابرشياتنا، مجتمعاتنا، نظرت الى داخلي وشعرت بالخجل من الدليل الضعيف الذي اقدِّمه على الايمان الذي أعترف به وأعتقد به بثبات. . . . لذلك غادرت محفل شهود يهوه، فاحصة ضميري وطالبة القوة للصيرورة شاهدة حقيقية للايمان الحقيقي.» وفي مدينة مونكلوڤا الشمالية، ولاية
كوواويلا، قالت صحيفة لا ڤوس: «يجب ان نعترف بحقيقة ما ينجزونه . . . منذ ايام قليلة، في هذا المكان نفسه، كان لدى الكاثوليك اجتماع وكان حاضرا ايضا قائد الكنيسة الكاثوليكية في الولاية ولم يبدُ المدرَّج نظيفا كما هو الآن . . . حتى بعد ثلاثة ايام من الاجتماعات، نظَّفوا المدرَّج قبل ان يتركوه . . . وبيقين نجرؤ على القول ان الوقت الوحيد الذي يبدو فيه هذا الملعب جميلا و‹صالحا للاستعمال› هو عندما يعقد شهود يهوه اجتماعاتهم فيه.»قضية الاستعمال الملائم للدم
ان وضعنا الشرعي الحاضر في المكسيك كشهود ليهوه جعلنا في حالة افضل للدفاع عن موقفنا المؤسس على الكتاب المقدس في ما يتعلق بالدم. لقد كان صعبا دائما ان يحصل اخوتنا على الانتباه في المستشفيات. ولم يكن الاطباء في المكسيك معتادين ان يجري الشك في معرفتهم وسلطتهم بشأن الاعتناء بمرضى المستشفيات. فكان الاخوة الذين يحتاجون الى عملية يوضحون موقفهم الديني للاطباء، ولكن لم يكن يُحترم ضميرهم إلا في حالات قليلة جدا. وكان عليهم ان يذهبوا من مؤسسة طبية الى اخرى محاولين ايجاد اطباء يعالجونهم دون استعمال الدم.
وبقصد تحسين الوضع، عُقد مؤتمر طبي في المكسيك من ٢٥ الى ٢٧ كانون الثاني ١٩٩١. وأشرف عليه اخوة من بروكلين. وبعد ذلك تأسَّس مكتب معلومات المستشفيات في مكتب الفرع، وشُكِّلت لجان الاتصال بالمستشفيات في كل انحاء البلد. ومنذ ذلك الحين، تتسلَّم المؤسسات الطبية في البلد كمية كبيرة من الشهادة حول موقف شهود يهوه من الدم.
في نيسان ١٩٩١، دُعي بعض الاخوة الذين يعملون في لجان
الاتصال الى آكابولكو، ولاية ڠيريرو، من اجل اول مؤتمر لاميركا اللاتينية حول طب نقل الدم وبنوك الدم. وحضر ممثلون من ١٢ بلدا في اميركا الوسطى والجنوبية. وذُكر في خطاب بعنوان «التنظيم، المقايسة، والاطار القانوني» ان «شهود يهوه هم فريق يرفض بسبب اقتناعاته الدينية استخدام الدم، وهذا يجعل البحث عن بدائل الزاميا.» والطبيب الذي قدَّم هذه المعلومات تحدَّث بإيجاز عن لجان الاتصال بالمستشفيات. فكانت قد جرت قبلا مقابلة مع هذا الطبيب وعرف كيفية تنظيمنا. وكانت هنالك فترة مخصَّصة للاسئلة، وعندما اصرَّ البعض ان الحياة يجب ان تُنقذ رغم الاقتناعات الدينية، قال الطبيب ببساطة، «اذا اردتم تجنب المشاكل القانونية، فمن الافضل ان تعاملوا هذا الفريق الديني باحترام.» ثم اضاف انه، بحسب قانون الصحة العام، يجب الحصول على موافقة المريض قبل استخدام الدم.وقُدِّمت سلسلة اخرى من الخطابات في قاعة الاجتماعات في محكمة العدل العليا. وخلال احد الخطابات، طرح محام سؤالين يؤثران في شهود يهوه: «هل هو شرعي حرمان شهود يهوه من الخدمات الصحية لمجرد انهم لا يتبرعون بالدم؟» و «هل هو صحيح وشرعي نقل الدم بالقوة الى المرضى الشهود؟» وأظهر المدير القانوني لامانة سر وزارة الصحة انه لا يوجد شيء في القانون يتطلَّب ان يتبرَّع المريض بالدم لقاء العناية الطبية. ذكر: «ان العناية الطبية واجب يفرضه الدستور العام للجمهورية على كل المؤسسات الطبية، ويجب ان تُقدَّم دون ايّ قيد. ان رفض تقديم العناية الطبية هو جريمة.» وهذه الخطابات مهَّدت الطريق لبعض المقابلات الايجابية جدا مع رسميي امانة سر وزارة الصحة.
يقول تقرير من مكتب معلومات المستشفيات: «جرت مقابلة المدير القانوني لامانة سر وزارة الصحة في المكسيك. وجرى توضيح ترتيب لجان الاتصال بالمستشفيات، فاعتبر ذلك رائعا جدا. ثم طلب منا ان نوضح مباشرة من الكتاب المقدس اساس موقفنا الديني. وبدا انه فهمه جيدا وقال انه سيجعلنا على اتصال بمراجع طبية اخرى لكي يسمعوا هم ايضا موقفنا والترتيبات التي لدينا. كانت احدى المقابلات التي تلت مع طبيب هو رئيس قسم تسجيلات الزرع وقد قام بعمليات زرع كُلى لشهود يهوه بنجاح كبير. وبرهنت هذه المقابلات انها ممتعة جدا، لأن الاطباء كانوا متأثرين بالطريقة التي صرنا فيها منظمين على نطاق عالمي لإحراز تفاهم افضل بين المرضى الشهود وهيئة مستخدمي المستشفيات.»
الأعداد تتكلَّم
بينما كان كل ذلك جاريا، استمر الناشرون نشاطى في الكرازة بالبشارة. وحدث نمو بارز منذ السنة ١٩٣١ حين قدَّم ٨٢ تقريرهم عن خدمة الحقل. وبحلول السنة ١٩٦١، كانت لدينا ذروة ١٧١,٢٥ ناشرا. وتحسَّن نشاط دروس الكتاب المقدس، ولكن لم يكن هنالك اخوة كثيرون بعدُ مدرَّبون على ادارة دروس. فتعلَّم الناشرون شيئا فشيئا، وقاد ذلك الى احرازهم نجاحا اكبر في العمل من بيت الى بيت، في القيام بزيارات مكررة، وفي ادارة دروس الكتاب المقدس.
ولذلك بحلول السنة ١٩٧١
كانت هنالك ذروة جديدة من اكثر من ٠٠٠,٥٠ ناشر. وفي سبع سنوات من ثمانٍ، كانت لدينا زيادة اكثر من ١٠ في المئة؛ وأحيانا وصلت الى ١٤ في المئة. والى جانب ذلك، كان يعتمد اكثر من ٠٠٠,٥ شخص كل سنة تقريبا خلال سبعينات الـ ١٩٠٠. ولزمت عشر سنوات فقط بعد السنة ١٩٧١ لتزداد صفوف الناشرين ٠٠٠,٥٠ تقريبا. وفي السنة ١٩٨١، كانت هنالك ذروة ١٧١,١٠١. وبحلول ذلك الوقت قارب عدد دروس الكتاب المقدس ذروة عدد الناشرين، ومن ذلك الوقت فصاعدا، هنالك كمعدل اكثر من درس بيتي في الكتاب المقدس لكل ناشر.لم تخفَّ غيرة الاخوة لخدمة الحقل. فقد انتهت سنة الخدمة ١٩٩٤ بذروة ٥٩٣,٤٠٤ ناشرا. ويبلغ عدد دروس الكتاب المقدس الآن اكثر من ٠٠٠,٥٣٥. وكان عدد الحضور في احتفال الذكرى ١٦٠,٣٧٩,١ في السنة ١٩٩٤، مما يشير الى ان ١ من كل ٦٣ شخصا في البلد قد حضر. ويظهر الجدول ادناه كيف ازداد نشاط خدام يهوه في هذا البلد خلال السنوات منذ ١٩٣١.
كما يظهر الجدول، شهد العقد الذي ابتدأ سنة ١٩٨١ زيادة سريعة في عدد الدروس البيتية في الكتاب المقدس، من معدل ٦٣٦,١٠٠ في السنة ١٩٨١ الى ٣٨٩,٤٧٢ في السنة ١٩٩١، زيادة ٣٦٩ في المئة في عشر سنوات، ولم تتوقَّف!
ان الابتداء بدرس في الكتاب المقدس سهل جدا في المكسيك. مثلا، عرض ناشر في مونتيري، ولاية نويڤو ليون، درسا في الكتاب المقدس على امرأة في المرة الاولى التي تحدَّث اليها
على الباب. فقبلت حالا. ولاحقا سأل عن سبب موافقتها بسرعة على درس الكتاب المقدس في بيتها. فأجابت: «انت اول شخص يعرض عليَّ درسا في الكتاب المقدس.»‹الناشرون يفيضون حماسة›
يسأل كثيرون من الناس: «ما هو سر الزيادات البارزة في المكسيك في العقد الماضي؟»
يجيب احد اعضاء لجنة الفرع: «في كل مكان من البلد يفيض الناشرون حماسة، ويبدو البلد بكامله مهتما جدا بالحق. يتمتع الاخوة بسرد اختباراتهم في خدمة الحقل ويطلبون ان يسمعوا اختباراتكم ايضا. الحق يغمر الاخوة، وحياتهم تدور حول الحق. والناشرون غيورون جدا ويكرزون ببشارة الملكوت حيثما يذهبون وقد بارك يهوه جهودهم. وتلخِّص الامثال ١٠:٢٢ الامر جيدا بهذه الكلمات: ‹بركة يهوه هي تغني.› وشائع جدا ايضا ان يبدأ الاشخاص بحضور الاجتماعات في الوقت نفسه الذي فيه يبدأون بدرس الكتاب المقدس. فهم يبدأون بالدرس عازمين على الصيرورة من شهود يهوه. وهذا يساعدهم على التقدم بسرعة في الحق.»
مدرسة تدريب الخدام
هنالك الآن تدبير اضافي لمساعدة الاخوة في المكسيك على الصيرورة مجهَّزين بشكل افضل للاعتناء بالحقل الخصب — مدرسة تدريب الخدام. ابتدأ اول صف في المكسيك في تشرين الثاني ١٩٩١. وقد عُقد اثنا عشر صفا منذ ذلك الحين. انه مقرَّر لثمانية اسابيع اعدَّته لجنة التعليم. وتُصمَّم المواد خصوصا لإعداد الشيوخ والخدام المساعدين لسدّ الحاجات الملحَّة في الهيئة
الثيوقراطية. وتحت اشراف لجنة الخدمة في الهيئة الحاكمة، يُدعى اخوة عزاب اكفاء في المكسيك الى الحضور لتدريبهم بهدف تحمُّل مسؤوليات اضافية في مناطق حيث الحاجة اعظم. وفي بعض الحالات يعني ذلك الخدمة في بلدان اخرى.تجاوبَ الاخوة بحماس. فعندما أُعلن اولا عن هذه المدرسة، ملأ ٦٠٠ الطلبات التمهيدية! ولأن اخوة احداثا كثيرين يستمرون في جعل انفسهم متوافرين، يُعقد صفان في وقت واحد اكثر من مرة في السنة. ونتيجة لذلك، تُقدَّم عناية افضل لرعية اللّٰه في هذا الجزء من العالم.
الفاتحون يستمرون في افتتاح مقاطعات منعزلة
بوجود اكثر من ٨٠٠,٩ جماعة في كل انحاء البلد، عُيِّنت الآن كل المدن والبلدات كمقاطعة جماعة. ومع ذلك، هنالك مقاطعات منعزلة كثيرة. ويجعل الفاتحون انفسهم متوافرين للوصول اليها. فيحصلون على عمل بدوام جزئي، او تدعمهم عائلاتهم بطرائق متنوعة، بحيث يتمكنون من الخدمة في هذه المناطق.
والى جانب هؤلاء هنالك ٦٧١ فاتحا خصوصيا يخدمون الآن، وغالبا في جماعات صغيرة وأماكن نائية لم تصل اليها البشارة من قبل. انهم يقومون بعمل جيد.
وبين الفاتحين الخصوصيين، يخدم البعض كفاتحين متجوِّلين كما يمكن ان ندعوهم. فهم ينتقلون من مكان الى آخر ضمن منطقة معيَّنة لكي يصلوا الى اناس يعيشون في مقاطعات لا يمكن الوصول اليها تقريبا. ويستعمل هؤلاء الاخوة شاحنة صغيرة مغطاة تحمل مؤونة وافرة من المطبوعات ومجهَّزة للنوم. وهكذا يكون لديهم مكان للنوم عندما يدركهم الليل. ولكن في الجبال، غالبا ما يتركون الشاحنة في آخر الطريق وينطلقون سيرا على الاقدام، حاملين الطعام والمؤن الاخرى في حقائب ظهر. وطوال السنوات الخمس الماضية، عيَّنت الجمعية فِرقا عديدة من الاخوة لتقوم بهذا العمل، مما اعطى نتائج ممتازة.
وما يلي احد الامثلة للاختبارات المثيرة العديدة التي تمتع بها هؤلاء الاخوة الغيورون: «وجدنا في بلدة ألتاميرانو، في ولاية ڠيريرو، كثيرين من الناس المهتمين بحق كلمة اللّٰه. وفي مجرد شهر واحد ابتدأنا بـ ٤٠ درسا في الكتاب المقدس في بيوت الاشخاص المهتمين. كان احد الدروس مع رجل كاثوليكي بيته ممتلئ صورا. فعندما اتضح له كم خاطئة هي الصنمية في عينَي يهوه وعندما قرأ في كتاب ان تحيوا الى الابد عن ذلك، حطَّم كل صوره. دعوناه الى المحفل الكوري لسنة ١٩٩١ فحضر مع ستة اشخاص آخرين. وابتدأ بحضور كل الاجتماعات، رغم انه كان يجب ان يسافر مسافة ٤٥ كيلومترا [٢٨ ميلا] ليصل الى هناك. وهو يتمم الآن المتطلبات ليكون ناشرا نشيطا.»
نتيجة لجهود هؤلاء الفاتحين، وُزِّع الكثير من مطبوعات الكتاب المقدس، وتأسَّست جماعات صغيرة في اماكن لم يكن هنالك فيها شهود من قبل. واذ عبَّر احد الفاتحين عن شعوره تجاه هذا العمل، كتب: «زرنا اماكن جميلة وأناسا رائعين كانوا مستعدين للاستماع.
حتى ان كثيرين بكوا وطلبوا منا ان نمكث عندهم مدة اطول، ويجعلكم ذلك حقا تريدون ان تمكثوا بسبب الحاجة هناك . . . وجعلنا ذلك ايضا ندرك كم محب هو يهوه ليستخدم خدامه في نقل البشارة الى هؤلاء الناس الفقراء والمتواضعين الساكنين في مثل هذه المقاطعات المنعزلة.»‹قاعات اكثر وأفضل›
يبدو انه لا يوجد وقت كاف لفعل كل ما يلزم فعله في المكسيك. لقد جرى توسيع برامج البناء لتشمل قاعات الملكوت وقاعات المحافل. وصار شعارنا، «قاعات ملكوت اكثر، افضل، وأكبر،» والاخوة في كل انحاء البلد يبنون بحماس اماكن افضل للاجتماعات. وبسبب حضور نحو ٠٠٠,٨٠٠ شخص المحافل الكورية، صار استئجار التسهيلات المناسبة صعبا. فمُنح الانتباه لبناء قاعات محافل يمكن ان تسع ليس فقط حضور المحافل الدائرية بل ايضا المحافل الكورية الصغيرة. وفي ظل القوانين الحاضرة، وببركة يهوه، هنالك توقعات رائعة جدا في هذا الخصوص.
أُكمل مشروع بارز في مدينة رَينوزا الواقعة على الحدود في ولاية تاموليپاس. لقد تبرَّع رجل كريم بـ ١٠ اكرات [٤ هكتارات] من الارض لبناء قاعة محافل. فعمل اخوة من ثماني دوائر مجاورة في المشروع بحماس، مقدِّمين تضحيات شخصية عظيمة لبناء قاعة محافل تتَّسع لـ ٦٠٠,٣ شخص. ويضع ذلك نموذجا نأمل ان نتبعه في انحاء اخرى من البلد. وفي تشرين الثاني ١٩٩٢، دشَّن ألبرت شرودر من الهيئة الحاكمة قاعة المحافل هذه في رَينوزا.
طوال عدد من السنين، كانت لدينا قاعتان صغيرتان للمحافل في مكسيكو. وكل واحدة تسع نحو الف شخص. ولكن في ٩ ايار
١٩٩٣، في ضاحية مدينة تولتيتلان، دشَّن جون إ. بار من الهيئة الحاكمة قاعة جميلة تتَّسع لـ ٠٠٠,٣ شخص. وقد بناها اخوة حماسيون من مكسيكو في سنة واحدة فقط. ان قاعة المحافل هذه هي حقا اكرام ليهوه.بناء على نطاق اوسع من ايّ وقت مضى
استمر نشاط شهود يهوه في التوسع بسرعة كبيرة. فخلال السنوات العشر الماضية فقط، ازداد عدد الشهود من نحو ٠٠٠,١٥٠ الى اكثر من ٠٠٠,٤٠٠. وارتفع عدد الافراد والفرق العائلية الذين تُدار معهم دروس بيتية في الكتاب المقدس من نحو ٠٠٠,١٨٠ الى اكثر من ٠٠٠,٥٣٥. وتلزم كميات كبيرة من مطبوعات الكتاب المقدس للدرس. وفي السنة الماضية وزَّع شهود يهوه في المكسيك اكثر من ٠٠٠,٠٠٠,٣٠ كتاب، كراس، ومجلة توضح الكتاب المقدس، بالاضافة الى ملايين النشرات. وهنالك مشروع جارٍ لبناء فرع جديد — اكبر مشروع جرى حتى الآن. وسيزوِّد المأوى لنحو ٨٠٠ خادم بتل اضافي. وحجم المعمل سيكبر اربع مرات. ويتطلَّب مشروع البناء نحو خمس سنوات والكثير من التعاون الاممي.
نتطلَّع الى الامام الى حيازة معمل قادر على انتاج كتب مقدسة، كتب، كراريس، مجلات، ومطبوعات اخرى بكميات كافية لسدّ الجوع الروحي للناس المخلصين ليس فقط في المكسيك بل ايضا في بلدان اخرى في اميركا اللاتينية.
رعاة روحيون لرعية اللّٰه
يشرف الاخوة الذين يؤلفون لجنة الفرع على مجالات متنوعة من العمل في مكتب الفرع وفي الاماكن الاخرى، وهم يسافرون قانونيا ليخدموا في المحافل الدائرية والكورية. ويعمل ذلك على
ابقائهم على اتصال وثيق بكل اوجه العمل الذي يجري هنا في المكسيك. وتدعمهم زوجاتهم بولاء في المسؤوليات الصعبة التي لديهم. وكفريق، خدم هؤلاء الاخوة ما معدله ٤١ سنة منذ المعمودية، و ٣٧ سنة في الخدمة كامل الوقت. وجميعهم اعضاء في عائلة البتل.ويخدم في الحقل ٣٤ ناظر كورة و ٤٤٦ ناظر دائرة. وهنالك ٨١٠,٩ جماعات، ويتشكَّل ما معدله ٢٠ جماعة جديدة كل شهر. وهكذا يبقى هؤلاء النظار الجائلون، مع الشيوخ والخدام المساعدين في الجماعات، مشغولين جدا بالاعتناء بالرعية. ولدينا كمعدل ٧,١ شيخ و ٨,٢ خادم مساعد لكل جماعة. ولذلك يحتاج الكثير من الجماعات بإلحاح الى مزيد من الاخوة الاكفاء. وعلاوة على ذلك، يؤدي الازدياد الدائم في عدد الناشرين الى تشكيل جماعات اكثر، وكلها تحتاج الى شيوخ وخدام مساعدين اكفاء. والقليلون الذين يخدمون في كل جماعة يقومون بعمل جيد في رعاية خراف يهوه. — يوحنا ٢١:١٥-١٧.
القانون الجديد للجمعيات الدينية والعبادة العلنية
طوال الـ ١٣٥ سنة الماضية، اتَّبعت المكسيك سياسة فصل الكنيسة عن الدولة. وفي سنة ١٨٦٥، صارت الحالة متوترة جدا بحيث قُطعت العلاقات بين المكسيك والڤاتيكان. ونظرا الى اختبار الحكومة الماضي مع الدين، وضعت قيودا اثَّرت في كل الاديان. ومع ذلك، عندما بدأ كارلوس ساليناس دي ڠورتاري مدة حكمه كرئيس للجمهورية في كانون الاول ١٩٨٨، كان يمكن التوقع انه سيحصل تغيير في السياسة المتعلقة بالدين وأنه ستُقام علاقات
مع الڤاتيكان. وعندما قدَّم الرئيس خطابه الافتتاحي، حضر ممثلو الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ذوو المناصب الرفيعة.كان من الطبيعي ان تنشأ الاسئلة عن كيف يمكن ان يؤثر ذلك في عمل شهود يهوه. وبعد هذا الاعراب عن الرضى نحو الكنيسة الكاثوليكية، حثَّ رجال الدين الكاثوليك على تغييرات في الدستور لاعطاء مزيد من الحرية للهيئات الدينية. وقد نوقشت هذه القضية في الصحف باستمرار طوال سنتين، مما اعدّ الطريق ليكون للهيئات الدينية مركز قانوني في المكسيك. وحتى ذلك الوقت، كان للدين وجود واقعي ولكن دون مركز او حقوق قانونية. وكان واضحا ان رجال الدين لم يسعوا الى الاعتراف الشرعي فقط بل ايضا الى الامتيازات المتعلقة بالسياسة والثقافة. وفضلا عن ذلك، لمَّح بعض رجال الدين الكاثوليك في تصريحاتهم انه يجب ان يُقيَّد شهود يهوه ولا يُعطَوا وضعا شرعيا. وأخيرا، قام الكونڠرس في كانون الثاني ١٩٩٢ ببعض التعديلات في ما قاله الدستور عن الدين. ولاحقا، في شهر تموز، صيغت القوانين الفرعية لجعل التغييرات نافذة المفعول. وسمِّيت هذه قانون الجمعيات الدينية والعبادة العلنية.
كان هدف القانون اعطاء الجمعيات الدينية مزيدا من الحرية. وينص القانون على ان الهيئات الدينية يمكنها الآن ان تحوز ممتلكات. وأُجيز لها ايضا عقد الاجتماعات والتجمعات الدينية خارج معابدها. ويذكر بند الرموزَ الوطنية، ويمكن للشخص ان يخمِّن انه وُضع وشهود يهوه في البال. وعلى اية حال، في ٧ ايار ١٩٩٣، منحت امانة سر الدولة الاعتراف الشرعي لـ لا تورّي دِل ڤيخيا ولوس تِستيڠوس دي هييوڤا اون مِهيكو. ولدينا الثقة ان القانون الجديد سيسمح لعمل شهود يهوه بالتقدم في المكسيك وسيُسمح لنا بالاستمرار بحرية كاملة، منتفعين من الحقوق والامتيازات
القانونية التي لم تكن متوفِّرة لنا سابقا. ودون ادراك ذلك، كان شهود يهوه في المكسيك يستعدون لهذه الحرية حتى قبل سنِّ القانون.هنالك ما هو اكثر بكثير لإخباره عن المكسيك
من المستحيل ان نشمل هنا كل ما حدث في تاريخ شهود يهوه في المكسيك. وما رأيناه هو مجرد مراجعة مختصرة لألبوم تاريخنا. كانت بعض المشاهد الباكرة نوعا ما مثل الصور الباهتة بالاسود والابيض. والاحداث الاخيرة فيها اثارة وحياة من النوع الذي ينقله بشكل افضل شريط الڤيديو.
وبالنسبة الى الذين يعاشرون شهود يهوه مؤخرا، يمكن ان تدهشهم المحن التي واجهها اولئك الذين شاركوا في افتتاح العمل في المكسيك. فهم معتادون الفردوس الروحي حيث يوجد طعام روحي وافر، حيث يوجد مئات الآلاف من العشراء الخائفين اللّٰه، وحيث تُنجَز خدمة اللّٰه بطريقة منظمة جيدا. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال شهود يهوه في بعض انحاء المكسيك يبذلون جهدا كبيرا للوصول الى اجتماعاتهم. ولا يزال البعض يحتاجون الى المساعدة على القراءة لكي يستفيدوا من التدابير الروحية المتوافرة. وهنالك ايضا نظار جائلون لا يزال عليهم ان يخوضوا انهارا ويتسلقوا جبالا ليصلوا الى الجماعات التي يخدمونها. وبالنسبة الى الذين هم في المدن، قد يبدو ان العيش هناك يقدم شيئا اكثر من الناحية المادية، ولكن هنالك ايضا اغراءات اكثر. وبصرف النظر عن الضغوط التي يختبرها شهود يهوه في المكسيك، يبتهجون بأن يكونوا متَّحدين بإخوتهم وأخواتهم المسيحيين حول العالم في خدمة يهوه — عمل يجلب لهم الفرح والاكتفاء الحقيقيين.
رغم انكم تعرفون الآن الكثير عن تاريخ شهود يهوه في المكسيك، فأنتم لم تتعرَّفوا بجميع اخوتكم وأخواتكم هنا. ولكن
لديهم جميعا اختبارات ممتعة يمكن ان يسردوها. وعلاوة على ذلك، لا تزال هنالك حشود نأمل ان نبلغ قلوبها بالبشارة. وأملنا المخلص هو ان يصبح هؤلاء ايضا جزءا من هذه العائلة التي تتوسع بسرعة والتي تنظر الى يهوه بصفته الها وأبا لها. واذا تأثَّرنا بالتوسع في السنوات الاخيرة، فماذا سنقول بعد هرمجدون عندما يبدأ يسوع المسيح بأن يقيم من الاموات ملايين المكسيكيين الذين هم الآن في قبورهم ويمنحهم الفرصة ليتعلموا عن يهوه وطرقه البارة؟ ولذلك لا يحتوي هذا التقرير على كل الاخبار من المكسيك. فبعض الحوادث الاكثر اثارة تكمن امامنا. وببركة يهوه، سيكون هنالك الكثير جدا لإخباره.[الجدول في الصفحة ٢٤٢]
ذروة الناشرين معدل الناشرين دروس الكتاب المقدس
١٩٣١ ٨٢
١٩٤١ ٨٥٩
١٩٥١ ٣٣٥,١٠ ٣٦٦,٨ ٤٠٩,٥
١٩٦١ ١٧١,٢٥ ٢٣٥,٢٢ ١٩٨,١٨
١٩٧١ ٣٨٤,٥٤ ٢٥٦,٥١ ٢٧٠,٥٠
١٩٨١ ١٧١,١٠١ ٦١٠,٩٨ ٦٣٦,١٠٠
١٩٩١ ٩٦٥,٣٣٥ ٦٣٤,٣١٩ ٣٨٩,٤٧٢
١٩٩٤ ٥٩٣,٤٠٤ ٦٢٣,٣٨٨ ٩١٢,٥٣٥
[الخريطة في الصفحة ١٦٩]
(اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)
المكسيك
مونتيري
ڠوادالاخارا
مكسيكو
ڤيراكروز
[الصورة في الصفحة ١٧٠]
بعض اوجه الدين الازتكي اندمجت في الدين الكاثوليكي
[الصورة في الصفحة ١٧٥]
فريق لتلاميذ الكتاب المقدس في مكسيكو، نحو السنة ١٩٢٠
[الصورتان في الصفحة ١٧٧]
«النشرة» تعلن تسجيل الجمعية في المكسيك، مع بطاقة هوية الناشر
[الصورة في الصفحة ١٧٨]
هوسيه مالدونادو، احد الفاتحين الاولين في المكسيك
[الصورتان في الصفحة ١٨٤]
مانويل امايا ووسيلة النقل التي استعملها كفاتح
[الصورة في الصفحة ١٨٨]
پيدرو دي أندا كرز في كل انحاء البلد
[الصورة في الصفحة ١٩١]
بعد قراءة مطبوعات الجمعية، قبِل ماريو مار تعيينا للكرازة قبل ان يلتقي اي شاهد
[الصورة في الصفحة ١٩٢]
محفل للشهود (تِستيڠوس) في مكسيكو في السنة ١٩٣٤
[الصورتان في الصفحة ١٩٨]
الفاتحون الاولون مع وسيلتهم للنقل في ولاية ڤيراكروز
[الصورة في الصفحة ٢٠٠]
فرِد وبلانش اندرسون، متخرجان من جلعاد خصَّصا الجزء الاكبر من حياتهما للخدمة في المكسيك
[الصورتان في الصفحة ٢٠٢]
شيرلي هندريكسون (اليسار) وروزا ماي درايِر — رفيقتان في الخدمة لأكثر من ٥٠ سنة
[الصور في الصفحة ٢٠٧]
آخرون من خريجي جلعاد خدموا في الحقل المكسيكي:
(١) إليزابث ترايسي، (٢) جين فرند، (٣) إستِر لوپيز، (٤) روبن اڠيريه، (٥) رصل كورنيليوس، (٦) إستِر ڤارتانيان (لوسانو)، (٧) ميلدرِد سِمپكِنس، (٨) ماكسين ميلر (ڠارسيا)
[الصور في الصفحة ٢٠٩]
بعض الذين ساعدوا على الاشراف في الفرع
(١) رودولفو لوسانو، (٢) جورج پاپادِم، (٣) سامويل فرند، (٤) وليَم سِمپكِنس، (٥) روبرت ترايسي
[الصورة في الصفحة ٢١٠]
ادولفو وليونور ساليناس؛ جعلهما تعيينه كناظر كورة يسافران لسنوات عديدة
[الصورتان في الصفحة ٢٢٣]
تسهيلات الفرع المستخدمة في المكسيك منذ السنة ١٩٨٥
[الصور في الصفحتين ٢٣٦ و ٢٣٧]
منادون بالملكوت سعداء الآن في المكسيك
[الصورتان في الصفحتين ٢٤٤ و ٢٤٥]
(الى اليسار) عائلة البتل في المكسيك في السنة ١٩٩٣ — ولا تزال تنمو! (في الاسفل) تسهيلات الفرع الجديدة التي شيِّدت للاعتناء بحاجات الجماعات التي تتوسع بسرعة في المكسيك
[الصورة في الصفحة ٢٥٢]
لجنة الفرع الحالية في المكسيك (من اليسار الى اليمين): روبرت ترايسي، روبرتو ڠاما، كارلوس كاسارِس، سانتوس إسترادا، كوان أنهِل إرناندِس، ورودولفو لوسانو