الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

المكسيك

المكسيك

المكسيك

عند ذكر المكسيك يفكِّر اشخاص كثيرون في الراقصين المكسيكيين الذين يلبسون ثيابا غنية بالالوان،‏ عازفي الڠيتار الذين يعزفون الحان السّريناد الرومنطقية،‏ والبلدات الصغيرة الهادئة ببيوتٍ جدرانها مبيَّضة وسطوحها مكسوَّة بالآجر الاحمر.‏ ويفكِّر آخرون في ازدحام السير في المدن الضخمة مثل مكسيكو،‏ ڠوادالاخارا،‏ او مونتيري.‏ ويتذكر البعض اناسا متواضعين ومضيافين،‏ يبتسمون ويصافحون مصافحة ودية.‏ المكسيك هو كل هذه الامور ولكنه ايضا اكثر من ذلك بكثير.‏

انه بلد يوجد فيه ازدهار روحي.‏ وعلى الرغم من ان شهود يهوه نشاطى في اكثر من ٢٣٠ بلدا حول العالم منذ السنة ١٩٨٧،‏ فإن اكثر من ١٠ في المئة من دروس الكتاب المقدس البيتية التي يعقدونها هو في المكسيك.‏ وبرنامج تعليم الكتاب المقدس هذا يعطي نتائج.‏ فخلال السنوات الخمس الماضية،‏ تقدَّم ٤٢٠‏,١٥٤ في المكسيك للمعمودية رمزا الى انتذارهم ليهوه.‏

ولكن لا يزال هنالك الكثير لفعله من اجل اعطاء شهادة شاملة في كل انحاء المكسيك.‏ فمجموع عدد السكان يبلغ اكثر من ٨٧ مليونا.‏ واللغة الرسمية هي الاسپانية؛‏ ولكن يجري التكلم بلغات ولهجات اخرى.‏ ورغم انه لم تصل شهادة شاملة الى الجميع في المكسيك،‏ يجمع يهوه اشخاصا لخدمته من كل المجموعات المتنوعة التي تؤلف الامة.‏ فكيف يُنجَز ذلك؟‏ للاجابة عن ذلك،‏ ندعوكم الى مرافقتنا في رحلة عبر تاريخ شهود يهوه في المكسيك.‏

ولكن،‏ ستجدونه مساعدا اولا ان تعرفوا شيئا عن شعب المكسيك والحوادث التي صاغت وجهة نظرهم.‏

خلفية شعب المكسيك

ما هو اصلهم؟‏ ان النظرية الاوسع انتشارا هي ان القبائل الاولى التي سكنت المكسيك هي من اصل آسيوي وأنها عبرت الى ما نعرفه اليوم بالاميركتين عن طريق مضيق بيرنڠ.‏ وكانت مستقرة في المكسيك قبل العصر الميلادي بكثير.‏

يبرز في تاريخ المكسيك اكثر من قبيلة رئيسية واحدة من الهنود.‏ فقد كانت هنالك قبائل الاولمك،‏ المايا،‏ الزاپوتك،‏ والتولتك.‏ وعندما ابتدأ الاسپان يحتلُّون جزر الهند الغربية خلال تسعينات الـ‍ ١٤٠٠،‏ كانت قبيلة الازتك تحكم الكثير مما هو الآن جنوبي وسط المكسيك.‏ وقدَّر البعض ان عدد السكان في عاصمتهم تينوشتيتلان كان يبلغ ٠٠٠‏,٢٥٠.‏ ولكن في السنة ١٥٢١،‏ عندما استسلم آخر امبراطور ازتكي لهرنان كورتس،‏ وقع هذا البلد تحت سيطرة اسپانيا.‏

كان الازتكيون يعبدون الشمس،‏ وكانوا يعبدون ايضا قوى الطبيعة،‏ كالمطر والنار،‏ التي نسبوا اليها حفظ الحياة.‏ وبوصول الاسپان،‏ كان هنالك اصطدام للحضارات.‏ فتحت الحكم الاسپاني،‏ فُرض الدين الكاثوليكي الروماني على الهنود بموجب مرسوم للدولة.‏ وبمرور الوقت،‏ توقفت الذبائح البشرية المرتبطة بعبادتهم السابقة،‏ ولكنَّ معتقدات وممارسات اخرى اندمجت في دينهم الجديد.‏

وبالاضافة الى الاستغلال من قِبَل الحكام الاوروپيين،‏ كان هنالك قمع ماكر على اساس الدين الجديد.‏ وكيف ذلك؟‏ كانت الكنيسة تضبط التعليم الذي كان فقط في متناول الطبقات الغنية وذات النفوذ،‏ فيما جرى ابقاء عامة الشعب اميِّين وجهَّالا.‏ وجعلهم ذلك فريسة سهلة للتعصُّب الديني.‏

مرَّت ثلاثة قرون تقريبا،‏ صارت خلالها المعتقدات والعادات الكاثوليكية الرومانية جزءا من بنية حياة الشعب؛‏ ثم في السنة ١٨١٠ اندلع التمرّد على الحكم الاسپاني.‏ وكان يقوده كاهن،‏ ميڠِل ايدالڠو اي كوستييا،‏ وقد وسم بداية الحروب التي قادت الى الاستقلال.‏ واستمرت الدولة الجديدة في التحالف اللصيق مع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية،‏ واستمر الشعب يدينون بالكاثوليكية.‏

ولكن بمرور الوقت،‏ صارت الحكومة مقتنعة بأن الدين يؤذي اكثر مما ينفع،‏ ولذلك كان بين لايِس دي رِفورما (‏قوانين الاصلاح)‏ قانون سُنَّ سنة ١٨٥٩ لفصل الكنيسة عن الدولة.‏ ونصَّ هذا القانون ايضا على مصادرة كل املاك الكنيسة.‏

وفي اواخر السنة ١٩١٠ هزَّت الثورةُ البلدَ مجدَّدا،‏ وهذه المرة في محاولة للإطاحة بدكتاتورية پورفيريو دياز.‏ وقاد نجاحها الى محاولة جديدة سنة ١٩١٧ لتنفيذ قوانين الاصلاح.‏ وفي هذا الوقت،‏ اقرَّ القانون في المكسيك حرية الاديان ولكن بشروط معيَّنة كان القصد منها خصوصا الحدّ من نفوذ الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.‏ وإذ هدأت الثورة،‏ كان يتقدَّم شيء آخر سيجلب حرية اعظم ايضا.‏ وكان ذلك نشر البشارة عن قصد اللّٰه للجنس البشري.‏

ألبوم من الحوادث الروحية

ان رواية عمل شهود يهوه في المكسيك هي كمجموعة من الصور،‏ ألبوم تاريخي ثمين.‏ ويعود تاريخ اول صفحة من ألبومنا الى سنة ١٨٩٣.‏ ففي تلك السنة كتب رجل في المكسيك يدعى ستيفنسون رسالة تظهر الاهتمام ليس فقط بدرس حقائق الكتاب المقدس بل ايضا بالاشتراك فيها مع الآخرين في المكسيك.‏ وكانت الرسالة موجَّهة الى مكتب جمعية برج المراقبة في ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا (‏الولايات المتحدة الاميركية)‏.‏ وجاء فيها:‏ «ارفق طيًّا خمسة دولارات.‏ من فضلكم خذوا منها ما يكفي لاشتراك سنة واحدة لي في ‏‹برج مراقبة زيون›‏ وأرسلوا لي ما يبتاعه ما تبقّى منها من المجلدات الثلاث ‏‹الفجر الالفي،‏›‏ لأنني ارغب في ارسالها الى عدة اصدقاء هنا وفي اوروپا على السواء.‏ ارجو ان اجد في ‏‹برج المراقبة›‏ مقالات يمكن ان تفيد في هذا البلد اذا تُرجمت ونُشرت بالاسپانية؛‏ وربما اتولى ايضا ترجمة مجلدات ‏‹الفجر الالفي،‏›‏ اذا كانت لدي الموارد المالية لنشرها.‏»‏

حدث ذلك خلال عهد پورفيريو دياز —‏ وقت كانت هنالك فيه طبقة ارستقراطية متديِّنة جدا وطبقة عاملة فقيرة جدا في المكسيك.‏ وهذه الطبقة العاملة كانت متديِّنة بإخلاص ويسيطر عليها رجال الدين الكاثوليك.‏ وفي ١٩١٠-‏١٩١١،‏ قاد العنف وسفك الدم المنتشران الى تغيير في الادارة.‏ فعُزل دياز عن منصبه.‏

وبعد ان هدأ الاضطراب الثوري نوعا ما وخرَّبت الحربُ البلدَ ماديا واقتصاديا،‏ ابتدأ بعض الاشخاص يبحثون عن اللّٰه.‏ فاولئك الذين هربوا شمالا الى الولايات المتحدة ابتدأوا يعودون،‏ وكانت بين الامور التي جلبها البعض معهم كنوز في شكل كتب تشرح الكتاب المقدس.‏ وكان هنالك ايضا تلاميذ الكتاب المقدس من الولايات المتحدة الذين قاموا برحلات متكرِّرة الى شمالي المكسيك للاشتراك في البشارة مع الناس هناك.‏ ونتيجة لذلك،‏ تعرَّف افراد منعزلون قليلون في المكسيك بالحق وفعلوا ما في وسعهم لاعطائه للآخرين.‏

المحاولات الاولى للتنظيم

سنة ١٩١٧ سافر ابِل اورتايڠا،‏ شاب مصمِّم على دراسة الطب،‏ الى سان انطونيو،‏ تكساس.‏ وهناك تعلَّم عن قصد اللّٰه للجنس البشري من اخ اسمه موريرا.‏ وغيَّر ابِل خططه؛‏ فعندما عاد الى المكسيك،‏ كان مجهَّزا بشيء افضل،‏ نظام الدهور الالهي.‏ فلم يسرّ عمه،‏ الذي كان قد رتَّب لتعليمه الطب،‏ ولم يتأثر ايضا بمعتقدات ابن اخيه الجديدة.‏ ونتيجة لذلك،‏ اضطر ابِل ان يغادر المنزل.‏ وانتقل الى ضواحي مكسيكو،‏ الى قرية تُعرف بسانتا خوليا.‏ وهناك تحت الاوراق الكثيفة لشجرة كبيرة،‏ ابتدأ يدير الاجتماعات.‏ وفي غضون سنتين،‏ صار الفريق مؤلَّفا من ٣٠ شخصا تقريبا.‏

وإذ ازداد العدد،‏ اتضح انهم كانوا بحاجة الى قاعة ملائمة للاجتماعات.‏ وقد وجدوها في وسط المدينة.‏ وبحلول السنة ١٩١٩،‏ عُقدت ايضا في المكسيك محافل صغيرة لتلاميذ الكتاب المقدس كانت تدوم اربعة ايام.‏

ولكن بُعيد ذلك،‏ افتتن ابِل اورتايڠا بفريق ديني جديد في فرنسا.‏ فتوقف عن معاشرة اخوته المسيحيين السابقين.‏ وحدثت الانقسامات،‏ وبقي قليلون كانوا يحاولون فعل مشيئة يهوه.‏

مكتب الجمعية الاسپاني في لوس انجلوس

في ألبومنا التاريخي لهذه الفترة،‏ نجد روبرتو مونتايرو،‏ كولومبي طويل ونحيف،‏ تعلَّم الحق واعتمد في الولايات المتحدة سنة ١٩١٤.‏ لقد قادته غيرته الاولى الى المجاهدة لفعل كل ما يمكن لنشر البشارة.‏ وقد عمل لبعض الوقت في بيت ايل في بروكلين عندما كان ت.‏ ت.‏ رصل لا يزال رئيسا لجمعية برج المراقبة.‏ واستنادا الى ابنته ماريا لويسا مونتايرو (‏دي بورديير)‏،‏ «من الواضح انه بين السنتين ١٩١٧ و ١٩١٨،‏ ارسل الاخ رذرفورد [الرئيس الثاني لجمعية برج المراقبة] ابي الى لوس انجلوس للاعتناء بفريق يتكلم الاسپانية كان قد تشكَّل هنا وليكون مسؤولا ايضا عن اصدار لا تورّي دِل ڤيخيا،‏ التي هي الآن لا اتالايا [‏برج المراقبة‏]،‏ بالاسپانية.‏» وهكذا،‏ اسَّس روبرتو مونتايرو مكتبا في لوس انجلوس،‏ كاليفورنيا،‏ وابتدأ هناك يترجم مطبوعات الجمعية بالاسپانية ويرسلها الى المتكلمين الاسپانية الذين كانوا يطلبونها.‏

ومن هناك كانت لا تورّي دِل ڤيخيا تصل الى المكسيك.‏ وكانت احيانا تُرسل شهريا؛‏ وأحيانا كل شهرين.‏ ووزَّع هذا المكتب نفسه في لوس انجلوس الكتب التي الَّفها القس رصل.‏ وصار نظام الدهور الالهي وسيناريو رواية الخلق المصورة معروفَين بشكل واسع في المكسيك.‏

مكتب فرع في المكسيك

على الرغم من المشاكل التي عاناها الفريق المرتبط سابقا بأبِل اورتايڠا في مكسيكو،‏ كان هنالك مكسيكيون ذوو ميل قلبي صائب ممن كانوا جائعين للحق واستمروا في درس الكتاب المقدس بمساعدة مطبوعات برج المراقبة.‏ وكانت تأتي رسائل من مختلف انحاء الجمهورية طلبا للمطبوعات.‏ ونتيجة لذلك،‏ قام روبرتو مونتايرو في اواخر سنة ١٩٢٠ بجولة في المكسيك وزار بعض المهتمين.‏ والتقى الفريقَ في مكسيكو —‏ الذي كان مؤلَّفا آنذاك من ١٣ شخصا —‏ وأيضا الفرق التي كانت تتشكل في مونتيري،‏ ڠوادالاخارا،‏ پْوَبلا،‏ وڤيراكروز.‏

وبحلول السنة ١٩٢٥،‏ تشكلت عدة صفوف،‏ او جماعات.‏ وفي غضون السنوات القليلة التالية،‏ ارتفع عدد هذه الصفوف الى تسعة.‏ ولكن بحلول السنة ١٩٢٩ بقيت اربعة فقط.‏

ثم في اواخر السنة ١٩٢٩ اولى الاخ رذرفورد اهتماما خصوصيا للمكسيك،‏ مؤسِّسا مكتب فرع في مكسيكو.‏ وعيِّن دايڤيد اوسوريو مورالِس،‏ اخ شاب من الولايات المتحدة،‏ مسؤولا عن العمل.‏ وبتنظيم افضل محليا،‏ احرز عمل البشارة تقدُّما اعظم.‏

في تلك الايام،‏ كانت العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية الرومانية والحكومة متوترة.‏ وكانت بعض الكنائس الكاثوليكية قد أُغلقَت.‏ وعندما شجب رئيس اساقفة المكسيك،‏ دون هوسيه مورا اي دِل ريو،‏ بنود الدستور في السنة ١٩٢٦،‏ وُضع في السجن.‏ وقد احدث كل ذلك بداية حرب كْرِيسْتيروس.‏ ومرة اخرى،‏ شرع الجنود وقوات المعارضة المسلَّحة في القتال في وسط الجمهورية.‏ وبعد نحو اربع سنوات من القتال،‏ جرى التوصُّل الى اتفاق،‏ واستؤنفت العبادة في الكنائس.‏ لكنَّ العلاقة بين الكنيسة والدولة كانت مجرد علاقة تسامح متبادل.‏ واستمر دستور ١٩١٧،‏ الذي وضع قيودا على الدين،‏ ساري المفعول.‏ وبين شعب المكسيك كان هنالك بعض الذين كانوا جياعا وعطاشا للبر،‏ لكنَّ قليلين عرفوا اين يجدوه.‏

التسجيل لدى السلطات الحكومية

في ٢٣ ايار ١٩٣٠ قدَّم مكتب فرع الجمعية طلبا الى امانة سر الدولة لتسجيل جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم.‏ وبين الاهداف الرئيسية الواردة كان ما يلي:‏

‏«انَّ جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم لديها هدف ان تنشر،‏ بكل وسيلة ممكنة،‏ مبادئ وحقائق تُسهِم في تثقيف جميع الطبقات الاجتماعية،‏ وخصوصا الطبقة الدنيا،‏ ساعية الى رفع حالتها اقتصاديا،‏ وكذلك ادبيا،‏ عقليا وجسديا.‏»‏

وأُشير في الطلب الى واقع ان الجمعية،‏ في السعي الى تحقيق اهدافها،‏ وزَّعت مواد مطبوعة بالاضافة الى الاستفادة من وسائل الاتصال الاخرى،‏ وأنها رتَّبت لمحاضرات عامة جرى فيها بحث مواضيع على ضوء الكتاب المقدس،‏ وأنها نظَّمت صفوفا للدرس.‏ وفي ذلك الوقت كانت الحكومة المكسيكية تحاول ان تضع حدًّا للتعصب الديني وكذلك الجهل الذي يتولَّد منه.‏ ولذلك شدَّد الطلب على النواحي التثقيفية من عملنا.‏ وعن طبيعة النشاط الديني للجمعية ذكر الجزء «ه‍» من البند الثاني:‏

‏«أنَّ اعضاءها لديهم توقير عميق،‏ وقولا وعملا يسبِّحون خالق السماء والارض،‏ يهوه اللّٰه،‏ ويعبِّرون عن مشاعرهم دون استخدام الطقوس والشعائر،‏ الخ،‏ بل فقط بالمناقشة والمحاجّة اللتين تجلبان القناعة والاكتفاء للقلب،‏ فيما يعارضون بشدة تدخل رجال الدين في الشؤون الدنيوية ولا يوافقون على التحكم في الضمير وكبح المنطق.‏» وبعد ذلك ذُكر بشكل جليّ اننا «لا نشكِّل بدعة دينية،‏» وأُوردت احدى عشرة نقطة دعما لذلك.‏

وفي ٢ حزيران ١٩٣٠،‏ تسلَّمنا جوابا من امانة سر الدولة جاء فيه:‏ «ترخِّص امانة السر هذه لجمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم العمل الذي جرى التماسه،‏ شرط أَلّا تخرق الجمعية المذكورة آنفا ما تقرّه القوانين المفروضة في مسألة العبادة الدينية والسلوك امام الآخرين .‏ .‏ .‏»‏

ولاحقا في ١٤ كانون الاول ١٩٣٢،‏ قُدِّم طلب جديد لتغيير الاسم من جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم الى سوسيِداد دي لا تورّي دِل ڤيخيا (‏جمعية برج المراقبة)‏،‏ دون تغيير المبادئ التي سبق ان ذُكرت.‏ ولكن أُضيفت فقرات توضيحية تشمل ما يلي:‏

‏«نحن لا نشترك في السياسة.‏ ونحن نؤمن بأن يهوه [هو] خالق السموات والارض،‏ وأن الكتاب المقدس هو كلمته التي تكشف عن مقاصده للجنس البشري.‏ أنه وعد بتأسيس حكومته وسلطته على الارض،‏ تحت توجيه الرب يسوع المسيح،‏ وأننا الآن في وقت تأسيس هذه الحكومة،‏ التي ستكون لسعادة امم العالم جميعا.‏»‏

وذكرت فقرة اخرى الموقف الحيادي للجمعية.‏ فأشعرت الوزارة بتسلُّم الطلب في ٢٠ كانون الاول ١٩٣٢.‏ وهكذا منذ اكثر من ٦٠ سنة تسجَّلت الوكالة الشرعية التي يستخدمها شهود يهوه لدى السلطات المكسيكية.‏ وانسجاما مع الاهداف المذكورة في ذلك التاريخ الباكر،‏ تنتشر الكرازة بالبشارة في كل انحاء البلد.‏

البشارة تصل الى ولاية تشيياپاس

حتى قبل التسجيل،‏ وصلت البشارة الى ولاية تشيياپاس،‏ في الجزء الجنوبي من البلد،‏ وقد حملها الى هناك شخص لم يكن من تلاميذ الكتاب المقدس،‏ كما كان يُدعى شهود يهوه آنذاك.‏ فمن هذه المنطقة،‏ ذهب رجل ثري يُدعى دِل پينو الى اوروپا ليدرس الطب.‏ وبينما هو هناك،‏ تعلَّم ايضا الكثير من تلاميذ الكتاب المقدس.‏ وعند عودته الى المكسيك،‏ اعدّ قاعة كان يدعو اليها عمّاله في «مزرعة مونتسيرّات» بالاضافة الى قسوس انجيليين محليين.‏ وكان يعرف كيف يستخدم الكتاب المقدس،‏ ونال متعة عظيمة من شرح الحقائق العقائدية للمجتمعين.‏

كان احد الذين اصغوا الى هذه المناقشات بعقل وقلب متقبِّلَين الشاب هوسيه مالدونادو،‏ الذي كان يعمل في المزرعة سنة ١٩٢٤.‏ ولا يوجد ايّ دليل على ان مستخدِمه،‏ الدكتور دِل پينو،‏ عاشر فعليا في وقتٍ ما شهود يهوه،‏ على الرغم من انه كان يتسلَّم مطبوعات برج المراقبة.‏ ولكنَّ حقائق الكتاب المقدس التي سمعها الشاب هوسيه حرَّكت فيه الرغبة في الاشتراك في الكرازة بحق الكتاب المقدس.‏ وفي السنة ١٩٢٧،‏ استقر هوسيه في توستلا ڠوتييريس،‏ ومن هناك نشر البشارة ووزَّع مطبوعات الكتاب المقدس في كل انحاء ولاية تشيياپاس —‏ وذلك دون ايّ تدريب من الهيئة.‏ وفي مدينة اخرى،‏ تاپاتشولا،‏ قرب حدود ڠواتيمالا،‏ ابتدأت هوسيفينا رودريڠيس ايضا بالكرازة برسالة الكتاب المقدس في ذلك الوقت.‏

بعد سنوات قليلة قام اخ اسمه كارّايون بزيارة هوسيه مالدونادو وهوسيفينا رودريڠيس كليهما.‏ واستخدم منزل الاخ مالدونادو كمركز لنشاطاته،‏ اذ كان يعود الى هناك من اجل مخزون المطبوعات كل اربعة او خمسة ايام فيما كان يعمل في كل المنطقة على طول الساحل الپاسيفيكي بين أريياڠا وتاپاتشولا.‏ كانت المناظر هناك جميلة،‏ لكنَّ الطرقات الجبلية لم تكن جيدة،‏ ولذلك كان معظم التنقل يجري سيرا على الاقدام.‏ وفي الامسيات كان الاخ كارّايون يلقي الخطابات ويقدِّم بعد ذلك مطبوعات الجمعية.‏ كان يوزَّع الكثير من المطبوعات بهذه الطريقة.‏ ولكنه دمج نشاطه الكرازي مع بيع البضائع.‏

وفي محفل في مكسيكو سنة ١٩٣١،‏ جرى ارشاد موزِّعي المطبوعات الجائلين ان يركِّزوا على توزيع مطبوعات الكتاب المقدس بدلا من بيع منتوجات اخرى.‏ فرفض الاخ كارّايون ذلك وترك الهيئة.‏ ثم انضم الى رجل اسمه پيريس،‏ في ڤيراكروز.‏ ومع الوقت،‏ شكَّلا فريقا يُدعى إِستوديانتيس ناسيوناليس دي لا بيبليا (‏تلاميذ الكتاب المقدس الوطنيون)‏.‏

أما بالنسبة الى هوسيه مالدونادو،‏ فقد تأثر منذ البداية بواقع ان هيئة يهوه هي من جميع الامم.‏ وتأثر عميقا بما سمعه في ذلك المحفل في مكسيكو.‏ فقد ابرز البرنامج الاسم شهود يهوه والمسؤولية التي ترافق حمل هذا الاسم.‏ وقبل اختتام المحفل،‏ قرَّر الاخ مالدونادو ان يخصِّص كامل وقته للكرازة كموزِّع مطبوعات جائل.‏ حقا،‏ كانت هنالك حاجة عظيمة الى كارزين بالبشارة.‏ وفي ذلك الوقت،‏ كان هنالك فقط ٨٢ شاهدا في البلد بكامله.‏

‏«لدينا مقاطعة كبيرة في المكسيك»‏

اذ هدف الاخ مالدونادو الى توسيع خدمته،‏ عبَّر في السنة التالية عن الرغبة في الكرازة في ڠواتيمالا،‏ المجاورة لولاية تشيياپاس.‏ فأجاب فرع الجمعية في المكسيك:‏ «اخانا العزيز مالدونادو:‏ لدينا مقاطعة كبيرة في المكسيك.‏ ويمكننا القول انها مقاطعة عذراء.‏ هنالك نحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٥ ساكن في المكسيك.‏ ويجب ان تقدَّم على الاقل ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٧ شهادة وقد قدَّمنا ٠٠٠‏,٢٠٠ فقط .‏ .‏ .‏ لا يزال هنالك عمل يكفي لنحو ١٠٠ موزِّع مطبوعات جائل للسنوات الخمس التالية.‏ والآن لدينا فقط ٣٣ في الحقل.‏ ولذلك يمكنك ان تتخيَّل كم من العمل لدينا بعدُ للقيام به في هذا البلد.‏» (‏كانت الشهادة شهادة شفهية عن يهوه ومقاصده يرافقها توزيع بعض المطبوعات حيثما امكن)‏.‏

قَبِل الاخ مالدونادو وزوجته تعيينهما للشهادة في ولاية موريلوس،‏ جنوبي مكسيكو؛‏ وبعد ذلك ولاية تشيياپاس مجدَّدا،‏ ولاحقا ڠيريرو،‏ الواقعة الى غرب تشيياپاس.‏ ‹عندما وصلنا الى ولاية ڠيريرو،‏ اشترينا حمارا يُدعى ڤولكان احبته زوجتي كثيرا،‏› يخبرنا الاخ مالدونادو،‏ ‹لأنه لم يكن هنالك نقل عام في أرسِليا.‏ وكنا نضع على احد جانبَي الحمار المطبوعات،‏ وعلى الجانب الآخر حقيبة ثيابنا.‏›‏

اتت نهاية سنة ١٩٣٣ لتجد الاخ مالدونادو في ولاية ڤيراكروز على الساحل الشرقي.‏ وفيما هو هناك أُرسل جهاز جديد للاستعمال في عمل الكرازة من مكسيكو:‏ آلة اسطوانات كهربائية.‏ وعندما كانت تُستعمل مع مكبِّر للصوت،‏ كان بإمكان حضور كبير سماع محاضرة مسجَّلة مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ وكان الاخ مالدونادو يستخدم هذا الجهاز في اجتماعات الجماعة وفي مواقع اخرى لتقديم شهادة عامة.‏ وفيما كان يسافر مع زوجته الى اماكن منعزلة للشهادة،‏ كانا ينقلان الآلة على ظهر حمار (‏ليس ڤولكان،‏ لأنه بيع في وقت حاجة)‏.‏

ويلخِّص الاخ مالدونادو عمله بهذه الطريقة:‏ «كنت فاتحا من السنة ١٩٣١ الى السنة ١٩٤١.‏ وكنت اسافر لأن الفاتح كان في ذلك الوقت يعمل في ولايات كاملة وليس في بلدة واحدة فقط.‏»‏

ولعدد من السنين،‏ كانا يحملان معهما طفلتهما الصغيرة.‏ وأحيانا كانا يهدَّدان بمسدسات او ببنادق صيد.‏ وأُلقي الاخ مالدونادو في السجن،‏ وضُرب في احدى المناسبات.‏ وعندما بلغت ابنتهما السابعة من العمر،‏ شعرا بأنه من الحكمة ان يستقرا في مكسيكو.‏ وهناك استمرا في الاشتراك في الخدمة.‏ ولاحقا،‏ ترك الهيئة لفترة من الوقت،‏ ولكنه عاد اخيرا واستمر في خدمة يهوه حتى مماته.‏

الولايات الشمالية تنال شهادة

في غضون ذلك،‏ في الجزء الشمالي من البلد،‏ كان عدد من الاشخاص،‏ دون ان يعرفوا احدهم عن الآخر،‏ يعبرون الحدود من الولايات المتحدة للاشتراك في رسالة الملكوت مع الشعب المكسيكي.‏

وبين هؤلاء كان مانويل امايا بِليز،‏ شاب طويل ونحيف كان قد سمع الحق من احد العمال الرفقاء في ألپاسو،‏ تكساس،‏ في السنة ١٩٢٢.‏ وفي ذلك الوقت كان نشيطا في مجموعة تحاول اثارة الرأي العام من اجل الاصلاح.‏ وقد اوضح وضعه كما يلي:‏ «كانت لديّ افكار شبه جنونية.‏ وكنت احب كثيرا ايّ شيء يهاجم رجال الدين،‏ الرأسمالية والسياسة.‏» وتلبية لدعوة زميله في العمل،‏ ذهب ليسمع خطابا ألقاه روبرتو مونتايرو.‏ وعلى الرغم من تردُّده في البداية،‏ ابتدأ مانويل يخدم كناشر للملكوت في السنة ١٩٢٨.‏ وقد رمز الى انتذاره بالمعمودية في السنة ١٩٣١ وعيِّن «مدير صف» في ألپاسو.‏ ولكنه اراد ان يفعل المزيد لنشر الحق.‏

علَّق لاحقا:‏ «كنت اصلّي الى يهوه ان يسمح لي بالمجيء الى المكسيك للقيام بعمل الملكوت.‏» وعندما حدثت اعادة تنظيم حيث كان يعمل،‏ زوَّد تعويضه المالَ اللازم للانتقال.‏ وهكذا اعتمد في السنة عينها،‏ وحمَّل هو وزوجته سيارة فورد من طراز T ١٩٢٦ مع مقطورة صغيرة الممتلكات التي لم يستطيعا بيعها وتوجَّها جنوبا الى سيوداد كامارڠو،‏ في وسط ولاية تشيواوا.‏

ولتحصيل بعض المال،‏ كان مانويل يبسط على الارض في السوق بضائع كان قد جلبها معه.‏ تذكَّر قائلا:‏ «حالما جمعت سنتاڤوات قليلة،‏ ذهبت الى مكسيكو ووصلت الى مكتب الفرع.‏» فصُنعت الترتيبات له ليبدأ بحملة كرازية ابتداء من سيوداد كامارڠو.‏

حملات الاخ امايا الكرازية

قال الاخ امايا:‏ «ابتدأت اعمل بطريقتي الخاصة،‏ ولكن دائما انسجاما مع الهيئة.‏» كانت لديه تشكيلة واسعة من كتب الجمعية بالاسپانية —‏ الانقاذ،‏ المصالحة،‏ الخليقة،‏ الحكومة،‏ النبوة،‏ الحياة،‏ والنور.‏ وكان يقدِّم الشهادة ويوزِّع قدر ما يستطيع من المطبوعات.‏ فابتدأ بعض الاشخاص يظهرون الاهتمام.‏

جال الاخ امايا مرة بعد اخرى حتى غطى ولاية تشيواوا وولاية دورانڠو كلتيهما —‏ قسم كبير من شمال-‏وسط المكسيك.‏ ولكي يتأكد ان لديه كمية وافرة من المطبوعات للاستعمال،‏ كان يطلب ان ترسل الجمعية شحنات الى بلدات متنوعة على طول طريقه،‏ ليطالب بها عند وصوله.‏ وعندما كان يوزِّع المطبوعات،‏ غالبا ما كان يقايضها بالمواد الغذائية،‏ لأن كثيرين من الناس كانوا افقر من ان يقدِّموا تبرعا.‏

وفي ولاية كوواويلا،‏ في المنطقة التي تُدعى لا لاڠونا،‏ التقى رجلا قال له:‏ «انا ايضا شاهد.‏» وكان هذا الشخص فلورِنتينو باندا،‏ الذي انتقل جنوبا من تكساس في السنة ١٩٣٣.‏ ومعا خدما المنطقة،‏ وبعد ذلك لاحق الاخ باندا الاهتمام عندما عاد الاخ امايا الى موطنه في سيوداد كامارڠو.‏ ولاحقا،‏ خدم الاخ باندا لسنوات عديدة كناظر جائل برفقة زوجته.‏

كان الاخ امايا ناجحا جدا في مساعدة الناس على تعلُّم الحق والصيرورة خداما غيورين ليهوه.‏ ففي ڤايِه دي أيِندِه،‏ تعلَّم رودولفو ماينِز الحق بمساعدة الاخ امايا.‏ وفي عدة مناسبات دافع الاخ ماينِز عن الحق امام السلطات،‏ وفي احدى المناسبات،‏ تحدَّى كاهنا محليا داعيا اياه الى المناقشة.‏ وهناك في ڤايِه دي أيِندِه،‏ ساعد الاخ امايا ايضا عائلة بورديير.‏ ولاحقا خدم خيلداردو بورديير في مكتب الجمعية في المكسيك؛‏ ثم تزوج ابنة روبرتو مونتايرو،‏ ماريا لويسا.‏ وقد بقيا امينَين حتى الوقت الحاضر.‏

خدم مانويل امايا يهوه بأمانة حتى مماته في السنة ١٩٧٤.‏ وكانت قد انضمت اليه زوجته انخِليتا في خدمة يهوه.‏ وخدمت بأمانة اكثر من ٥٠ سنة قبل مماتها في السنة ١٩٩٠.‏

كيف كان العمل في مكسيكو؟‏

عقب تأسيس مكتب الفرع في مكسيكو في السنة ١٩٢٩،‏ احرزت الكرازة بالبشارة تقدُّما اعظم.‏ فبحلول السنة التالية،‏ كانت تعمل ٣ صفوف في العاصمة و ١٩ في بقية البلد.‏

وبين اولئك الذين اظهروا جوعا روحيا كان شاب في مكسيكو ينتمي الى الكنيسة الارثوذكسية اليونانية.‏ وكثيرا ما كان يفحص مع يوناني آخر الاسفار المقدسة في مكان عمله.‏ وذات يوم في السنة ١٩٢٩ اتى صديقه الى المحل ومعه كتاب نظام الدهور الالهي.‏ وقد ابهجهما ما قرأاه.‏ فحصلا على مزيد من المطبوعات —‏ كتب وكراريس.‏ قال إركولِس داكوس وهو يروي انطباعاته الاولى:‏ «لقد اثَّرت فيَّ حقا هذه الكراريس وكتاب الانقاذ.‏»‏

في الاسبوع الاول الذي دُعي فيه إركولِس لأول مرة،‏ حضر اجتماعا لدرس لا تورّي دِل ڤيخيا.‏ وعاد في ذلك اليوم الى المنزل ومعه صندوق من الكتب والكراريس —‏ له وليوزِّعها على الآخرين.‏ وسرعان ما ابتدأ يتكلم الى الاصدقاء والزُّبن على السواء عن بشارة ملكوت اللّٰه.‏ واعتمد في تلك السنة عينها،‏ السنة ١٩٢٩.‏ وفي السنة التالية،‏ اذ كان يتوق الى الاشتراك في الحق مع اقربائه،‏ حزم حقائبه ليزور اليونان.‏

وبعد سنة ونصف،‏ عاد إركولِس الى المكسيك،‏ اكثر حماسا من ذي قبل.‏ فوجد ان الجماعة التي كان يعاشرها تضاعفت.‏

لقد اولى اهتماما خصوصيا للساحة المركزية في مكسيكو.‏ وفي الابنية الحكومية،‏ وجد كثيرين ممن كانوا مستعدين للاصغاء.‏ وللوصول الى الرئيس كتب إركولِس رسالة؛‏ فطلب ردٌّ من سكرتير الرئيس ان يتفضَّل بإرسال بعض المطبوعات.‏

وبعد عودة الاخ داكوس من اليونان بأشهر قليلة،‏ أُعطي زخم متزايد للعمل في المكسيك.‏

الاخ رذرفورد يزور المكسيك

من ٢٦ الى ٢٨ تشرين الثاني ١٩٣٢،‏ عُقد محفل قومي في مكسيكو.‏ وكان حاضرا الاخ رذرفورد وإدواردو (‏ادوين)‏ كِلر من المركز الرئيسي للجمعية في بروكلين،‏ نيويورك.‏ وخلال هذه الزيارة ألقى الاخ رذرفورد محاضرات في خمس محطات اذاعية.‏ وكان بالامكان سماع البرامج في كل انحاء البلد وقد جرى تقبّلها بشكل مؤاتٍ.‏

صنع الاخ رذرفورد الترتيبات وهو في المكسيك لاستبدال ناظر الفرع لانه وُجد منهمكا في سلوك لا يليق بالمسيحي.‏ فدُعي روبرتو مونتايرو الى الانتقال الى المكسيك ليتولى مسؤولية الفرع.‏ ولكن،‏ لأنه لم يستطع المجيء فورا،‏ تُرك الاخ كِلر للاشراف على الامور مؤقتا.‏

وصل الاخ مونتايرو في نيسان ١٩٣٣.‏ كانت المشاكل الاخيرة في الاشراف قد اثَّرت بشكل غير مؤاتٍ في خدمة الحقل؛‏ وكان الكثير من البناء الروحي لازما.‏ كشف تقرير في عدد تشرين الثاني ١٩٣٣ من بولِتين (‏النشرة،‏ الآن خدمتنا للملكوت‏)‏‏:‏ «انخفض عدد العاملين من ذروة ٢٥٣ في السنة ١٩٣٢ الى ذروة ١٠٥ في السنة ١٩٣٣ .‏ .‏ .‏ انخفض العدد الى ٤٨ في شباط.‏»‏

عائلة مونتايرو تصير عائلة البتل

كيف نُظِّم مكتب الفرع عندما وصلت عائلة مونتايرو الى المكسيك؟‏ يخبرنا روبرتو الابن،‏ الذي يعيش الآن في لوس انجلوس،‏ كاليفورنيا (‏الولايات المتحدة الاميركية)‏:‏

‏«وصلتُ الى مكسيكو مع عائلتي وأنا في الخامسة من عمري.‏ كنا نعيش في منزل مؤلف من ثلاثة طوابق (‏بما في ذلك الطابق السفلي)‏ اشترته الجمعية لاحقا وصار اول مكتب فرع تملكه لا تورّي دِل ڤيخيا.‏ .‏ .‏ .‏

‏«بُعيد ذلك،‏ دعا ابي الاخ سامويل كامپوس الى العمل في مكتب الفرع في المحاسبة،‏ ولأنه كان يتكلم لغتين،‏ ساعد ابي على ترجمة المطبوعات بالاسپانية.‏ كانت امي تعتني بتقارير خدمة الحقل والملفات.‏ وعلى مرّ السنين علّمنا ابي اختي وأنا الطبع على الآلة الكاتبة والاختزال بحيث استطعنا ان نساعد في المكتب.‏

‏«وبعد ان صرنا بارعَين في ذلك،‏ كنا نرجع الى البيت من المدرسة،‏ وبين امور اخرى كنا نطبع نسخة نظيفة لمخطوطات الترجمة ونساعد في المراسلة.‏ اعتبرنا ذلك امتيازا عظيما.‏ ومع مرور الوقت،‏ اتى اخوة آخرون للعمل في الفرع،‏ [ماريو] مار وزوجته،‏ كونتشيتا؛‏ هوسيه كينتانيا وزوجته،‏ سيبيرا؛‏ كارلوس بيياڠاس؛‏ ولفترة قصيرة،‏ دانيال مندوسا .‏ .‏ .‏

‏«وبين مسؤوليات الاخ مار العديدة كان الاشراف على المطبعة التي جرى شراؤها لطبع إل إنفورمادور،‏ الآن خدمتنا للملكوت،‏ بالاضافة الى مختلف اوراق الدعوة والنماذج الاخرى التي كانت تُستعمل في المكتب.‏ والاخ الفونسو ڠارسيا،‏ اخ آخر كان يخدم في البتل،‏ وأنا عملنا تحت اشرافه في تنضيد الحروف الطباعية اليدوي،‏ تشغيل المطبعة،‏ وتشغيل مقطع الورق الذي كان يُستعمل لقطع النماذج لتصير بحجمها النهائي.‏ وكنا في الـ‍ ١٣ او الـ‍ ١٤ من العمر عندما ابتدأنا بهذا العمل.‏ وقد تعلَّمنا الكثير مما نفعنا عندما صرنا راشدين،‏ تماما كما هي الحال مع الاخوة الاحداث الآن عندما يخدمون في مختلف بيوت ايل.‏»‏

الجمهورية بكاملها كانت مقاطعته

كان هنالك آخرون اتوا ايضا من الولايات المتحدة لأنهم سمعوا ان الحاجة ماسة جنوبي الحدود.‏ وكان پيدرو دي أندا،‏ الذي اعتمد في السنة ١٩٢٥،‏ واحدا منهم.‏ فقد اخبره اخ اميركي كان قد قضى بعض الوقت في المكسيك عن الحقل الخصب لحق الكتاب المقدس في المكسيك.‏ ودون تردُّد انتقل الاخ دي أندا الى المكسيك.‏ يخبرنا:‏ «اتيت الى مدينة [نويڤو] لاريدو بتوق شديد الى الخدمة.‏» ومن تلك المدينة الواقعة على الحدود اجتاز جنوبا الى مونتيري،‏ ثم الى ولاية زاكاتيكاس.‏

وصل الى بلدة كونْسِپسيون دِل اورو،‏ زاكاتيكاس،‏ مجهَّزا بفونوڠراف،‏ وذهب الى ساحة البلدة،‏ حيث وضع اسطوانة لكي يديرها.‏ فماذا كان ردّ الفعل؟‏ يخبرنا:‏

‏«ظهر رجل ثري جدا ومتعصب خلال الخطاب وابتدأ يتكلم الى الناس الذين كانوا متجمعين،‏ مخبرا اياهم اننا اعداء العذراء والكنيسة الكاثوليكية .‏ .‏ .‏ ابتدأوا يلتقطون القضبان والحجارة بهدف قتلنا؛‏ ولذلك قلت:‏ ‹يا اهل المدينة،‏ لحظة من فضلكم!‏ لسنا حيوانات لتعاملونا مثلها.‏ نحن بشر،‏ وما نفعله هو اننا نحاول ان نجلب لكم رسالة حياة!‏› وسألتهم إن كنت قد اجبرت ايًّا منهم على الايمان برسالتي.‏ ثم شكرتهم على انتباههم.‏ وجمعنا مطبوعاتنا والفونوڠراف وغادرنا.‏»‏

لاحقا،‏ تجمَّع فريق مسلَّح في البيت الذي كان الاخ دي أندا يقيم فيه.‏ فماذا الآن؟‏ لقد كانوا المعمدانيين في البلدة.‏ وكانوا يعتبرون انفسهم «اخوة» پيدرو دي أندا وقد جاءوا للدفاع عنه!‏ فعبَّر عن تقديره لمبادرتهم لكنه اوضح ان ذلك ليس ضروريا،‏ لأنّ يهوه هو الذي يحميه.‏

ووسَّع الاخ دي أندا مقاطعته تدريجيا ليغطي الجمهورية بكاملها،‏ خادما ليس فقط في الشمال بل ايضا في ولايات دورانڠو،‏ پْوَبلا،‏ ڤيراكروز،‏ وتشيياپاس.‏

‏‹أَرسِلوا ناشرا›‏

عندما كان ماريو مار يتعلم الحق في السنة ١٩٣٤،‏ لم يلتقِ قط احدا من شهود يهوه.‏ اذًا،‏ كيف صار ناشرا؟‏ يقول:‏ ‹ذات مرة عندما كان هنالك مرض في عائلتي ذهبت الى بيت احد الجيران.‏ فوجدت كتابَي الخليقة والمصالحة،‏ وبسبب الشدة التي كنت فيها،‏ ابتدأت اقرأهما.‏› ولاحقا،‏ بعد الانتقال من الولايات المتحدة الى سان ميڠِل دي كامارڠو،‏ ولاية تاموليپاس،‏ كتب الى الجمعية.‏ «في ذلك الوقت كانت تجري مواكب دينية في البلدة بسبب الجفاف،‏» يتذكَّر.‏ «لذلك قلت لهم ان يرسلوا ناشرا ليتكلم الى الناس لأنهم كانوا متعصبين جدا.‏ فأجابت لا تورّي دِل ڤيخيا ان طلبي جيد جدا ولذلك سيعيِّنونني للبدء بعمل الكرازة هناك.‏ وأرسلوا اليّ ٧٥ كراسا بالاسپانية بعناوين مثل الشدة العالمية —‏ لماذا؟‏ العلاج،‏ حاكم بارّ،‏ وفرز الناس.‏»‏

وباستخدام الكراريس،‏ ابتدأ ماريو يكرز بالبشارة اولا في سان ميڠِل دي كامارڠو،‏ ثم في البلدات المحيطة.‏ وقد احبّ هذا العمل،‏ لذلك كتب الى الجمعية ليسأل عن الخدمة في اماكن اخرى.‏ فأجابت الجمعية فورا ان مقاطعته ستكون الجزء الشمالي من ولاية نويڤو ليون.‏ ودون تردّد ابتدأ ماريو بالعمل.‏ يقول:‏ «خدمت كفاتح ولم اكن معتمدا.‏» وبالاضافة الى ذلك،‏ لم يكن قد تدرَّب،‏ لكنَّ يهوه زوَّد المساعدة.‏ وقد ابتدأت زوجة ماريو ايضا بمرافقته.‏

وعندما مرضَت لاحقا،‏ كتب ماريو مجدَّدا الى الجمعية من اجل الارشاد،‏ سائلا اياهم عن المكان الذي يكون من الافضل ان يستقرَّا فيه لمدة قصيرة.‏ فأرسلت اليهما الجمعية عنوان رومان مورينو في مدينة مونتيري.‏ وهكذا التقيا اخيرا شهود يهوه الرفقاء.‏ والآن كان باستطاعة ماريو وزوجته ان يحضرا الاجتماعات،‏ وسرعان ما اعتمدا.‏

وفي محفل عُقد في مونتيري في السنة ١٩٣٥،‏ دُعي الاخ مار الى الخدمة في مكتب الفرع.‏ وبعد مدة،‏ كثيرا ما كان يُرسل كخادم اقليم،‏ او ناظر دائرة.‏

كثيرون من الاخوة في كل انحاء البلد يتذكرون ان الاخ مار هو اول مَن عرَّفهم بالحق.‏ وقد خدم بأمانة حتى موته في السنة ١٩٨٨.‏ ولا تزال زوجته خادمة وليَّة ليهوه.‏

حق الكتاب المقدس ينتشر في الشمال الغربي

كما في الاماكن الاخرى،‏ كانت تبرز فِرَق لشهود يهوه خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ في الشمال والغرب —‏ في ولايات كاليفورنيا السفلى،‏ سونورا،‏ وسينالووا.‏

وعند بداية ذلك العقد التقى لوسيانو تشايدِز،‏ الذي كان يعيش في كولياكان،‏ ولاية سينالووا،‏ بامرأة كانت تتكلم دائما ضد الدين،‏ قائلة ان كل الاديان محكوم عليها بالهلاك.‏ كان البعض يعتقدون انها مجنونة،‏ ولكنَّ المرأة كانت فقط تردِّد ما تعلَّمته من كُتُب كانت قد ارسلتها اليها اختها في الولايات المتحدة.‏ فأخذ منها لوسيانو احد هذه الكتب —‏ النسخة الاسپانية من قيثارة اللّٰه —‏ وقرأه ثلاث مرات.‏ فاقتنع بصحته،‏ ولذلك كتب الى الجمعية.‏ وفي الردّ عليه،‏ ارسلوا اليه مطبوعات ليبتدئ بها عمله كموزِّع مطبوعات جائل في المنطقة.‏ ولاحقا،‏ اعتمد عند حضوره محفلا في السنة ١٩٣٤.‏

عندما ذهب الاخ تشايدِز الى مدينة المرفإ مازاتلان كموزِّع مطبوعات جائل (‏فاتح)‏،‏ وجد هيلبِرتو كوڤاروبياس يعاشر فريقا صغيرا من الشهود يجتمع هناك.‏ وإذ نال هيلبِرتو التشجيع،‏ احرز تقدُّما حسنا.‏ وهو يتذكر جيدا معموديته.‏ فقد قاده الاخوة الى البحر وقالوا له ان ينزل تحت الماء ويحبس نَفَسه قدر ما يستطيع.‏ وعندما صعد،‏ اعلنوا انه معتمد.‏ وطبعا،‏ ليست هذه هي الطريقة التي نجري بها المعمودية في هذه الايام.‏ لكنَّ هيلبِرتو اثبت انه غيور في خدمة يهوه،‏ وساهم في نشر البشارة بقيادته الشهود المحليين في خدمة الحقل وهم يكرزون في كل البلدات حول مازاتلان.‏

وفي المنطقة نفسها،‏ أُلقي پيدرو سالديڤار في السجن،‏ متَّهما بجريمة لم يرتكبها.‏ ولمساعدته على قضاء الوقت خلال اكثر من ثلاثة اشهر من السجن،‏ اخذت له ابنته كتبا ومجلات ليقرأها.‏ وفي احد الايام كان بين المطبوعات التي جلبتها كراس بقلم ج.‏ ف.‏ رذرفورد.‏ والرسالة التي تضمَّنها عن قصد اللّٰه ان يؤسس عالما جديدا بارًّا عزَّت پيدرو كثيرا.‏ وبُعيد ذلك وُجد المجرم الحقيقي،‏ وأُطلق سراح پيدرو.‏ فانطلق فورا لايجاد مزيد من المطبوعات كالكراس الذي قرأه.‏ وقد حصل على بعضها.‏ وقبل مضي وقت طويل،‏ اخذته احدى الجارات التي هي شاهدة الى الاجتماعات،‏ حيث كان هيلبِرتو كوڤاروبياس يأخذ القيادة.‏ وكما فعل هيلبِرتو،‏ قام هو ايضا بحملة كرازية.‏ فاجتاز الى الشمال عبر سينالووا والى الجزء الشمالي من ولاية سونورا.‏ ولا يزال يُذكر كأحد موزعي المطبوعات الجائلين الاولين الذين نشروا رسالة الملكوت في تلك المنطقة.‏

صحيح ان بعض حملات الشهود الكرازية اخذتهم الى مناطق بعيدة،‏ لكنَّ عددهم كان قليلا والمقاطعة شاسعة.‏ وعندما تشكَّلت رسميا في السنة ١٩٣٨ جماعة مازاتلان،‏ سينالووا،‏ عُيِّنت ولاية سينالووا بكاملها مقاطعة لها.‏

كنز وحمار ميت

الى غرب ولاية سونورا تقع كاليفورنيا السفلى،‏ شبه جزيرة موازية للساحل الشمالي الغربي للبرّ المكسيكي الرئيسي.‏ وعلى بُعد نحو ثلثَي المسافة جنوبا في شبه الجزيرة،‏ كان هنالك في سنة ١٩٣٤ شاهد شاب يتحدث الى الناس عن الكتاب المقدس.‏ وقد اسفر عمله عن نتائج جيدة،‏ ولكن ماذا حصل له؟‏

تخبرنا إستِر پيريس:‏ «في السنة ١٩٣٤ جاء شاب الى لا پوريسيما،‏ ولاية كاليفورنيا السفلى،‏ ليتحدث عن الكتاب المقدس.‏ .‏ .‏ .‏ كان ابي يعمل .‏ .‏ .‏ في الحكومة وأخبرنا انه تسلَّم رسائل من الجمعية تسأل عن الشاب،‏ لكنهم لم يعرفوا شيئا عنه.‏» فقد اختفى الشاب.‏ «وتحرَّت السلطات لترى ما اذا كانت تستطيع ان تجد الجثة،‏ ولكن لم يوجد شيء سوى هيكل عظمي لحمار كان مربوطا .‏ .‏ .‏ والذين وجدوه وجدوا ايضا حقيبة ملآنة كتبا لها غُلُف ملوَّنة.‏ .‏ .‏ .‏ اخذوا الحقيبة الى البلدة وابتدأوا يقرأون الكتب.‏ وعلى الرغم من انهم لم يفهموها،‏ ادركوا ان الكتب تقتبس من كتاب آخر —‏ الكتاب المقدس.‏»‏

لم يُعرف قط ما حدث بالضبط للشاهد الشاب.‏ لكنَّ الناس كانوا يقرأون المطبوعات التي جلبها،‏ وكان لدى بعضهم اهتمام شديد بفهم الكتاب المقدس.‏

وبالتباين مع ذلك،‏ اغتنم واحد من الپروتستانت في البلدة الفرصة لجمع أتباع له.‏ فنظَّم في فريق الذين اظهروا اهتماما بقراءة الكتب.‏ ولاحقا اشتركوا في لا اتالايا وابتدأوا يدرسونها.‏ تخبرنا الاخت پيريس عما تطوَّر:‏

‏«لأن الپروتستانتي ترأس الفريق،‏ لم يرِدْ ان يتصل ايّ شخص بالجمعية.‏ ولكن بعد ذلك اتت رسالة من الجمعية تسأل عما اذا كانت هنالك وسيلة ما للمواصلات متوافرة بحيث يستطيعون ان يرسلوا ممثلا للزيارة.‏ فقال السيد خوان ارسيه (‏الپروتستانتي)‏ لأبي ألَّا يجيب الجمعية .‏ .‏ .‏ لكنَّ ابي ورجلا آخر اسمه فرانسيسكو كَتَبا سرًّا رسالة الى الجمعية،‏ قائلَين ان هنالك مواصلات وان ممثل الجمعية يستطيع ان يأتي.‏ .‏ .‏ .‏ وصادف انني كنت في البلدة حين وصل الاخ،‏ شاب يُدعى تِران پاردو .‏ .‏ .‏

‏«وحتى قبل ان يستيقظ الاخ في اليوم التالي،‏ كان الفريق بكامله هناك ينتظر ليحيّيه ويطرح عليه الاسئلة.‏ ورتَّب الاخ لاجتماع بعد الظهر وكنا جميعا حاضرين،‏ ما مجموعه نحو ٢٥.‏ وبعد ان ألقى الاخ خطابه سأل:‏ ‹مَن يريد ان يذهب ويخدم يهوه؟‏› فرفع الجميع ايديهم،‏ عندئذ قال:‏ ‹تعالَوا غدا صباحا في الساعة التاسعة،‏ فأعطيكم ارشادات عن كيفية قيامكم بالعمل.‏› وباكرا في الصباح التالي كنا جميعا هناك.‏ فأعطانا الاخ بطاقة شهادة وقال لنا ان نعرض البطاقة وبعد ذلك ان نقدِّم الكراريس.‏ وأتذكّر انني تعيَّنت لأذهب مع امي.‏ وعند العودة،‏ كنا سعداء جدا لأننا كنا قد تمكنّا من توزيع الكراريس على الناس.‏» طبعا،‏ انسحب الپروتستانتي،‏ ولم يروه قط ثانية في الاجتماعات.‏

التغلُّب على العقبات في الجنوب الشرقي

في هذه الاثناء،‏ كان عمل الكرازة يُنجز في الجنوب الشرقي بصعوبة كبيرة.‏ فقد كان هنالك فقر مدقع في ولايتَي تشيياپاس وتاباسكو،‏ وخصوصا في المناطق الاكثر انعزالا في التلال.‏ فكيف كانت ستصل رسالة الملكوت الى هؤلاء الاشخاص؟‏

عندما تعلَّم دانيال اورتيس الحق في السنة ١٩٣٢،‏ كان يعيش في توستلا ڠوتييريس،‏ ولاية تشيياپاس.‏ لقد قبل الرسالة هو وعائلته فورا.‏ وعلى الرغم من انه لم تكن لديهم ارشادات حول كيفية ادارة الاجتماعات،‏ كانت عائلته اضافة الى آخرين —‏ فريق يبلغ مجموعه ١٢ —‏ يدرسون معا،‏ مستعملين مطبوعات الجمعية.‏ ولاحقا،‏ عندما ذهب الاخ اورتيس في رحلة الى مكسيكو الى مكتب الفرع،‏ حصل على مطبوعات ليوزعها على الآخرين.‏ وعاد الى موطنه (‏الآن في سينتالاپا)‏ يطفح بالحماس.‏ وعندما كان الفريق يشترك في خدمة الحقل،‏ كان البعض يحملون مطبوعاتهم في حقائب ظهر،‏ وكان آخرون يغلِّفونها بالورق.‏ أما هو فكان لديه صندوق ملآن مطبوعات مدلًّى بحبال من عمود محمول بين ناشرَين.‏ فكان يتوقع ان يوزِّع الكثير من المطبوعات،‏ وقد فعل ذلك.‏

وعندما كانت عائلة اورتيس تحضر محفلا في السنة ١٩٣٤،‏ دُعيَت الى الانضمام الى صفوف الفاتحين.‏ وكانت مقاطعتهم ستصير ولاية تاباسكو.‏ يروي الاخ اورتيس:‏ «اشتريت حصانَين،‏ الواحد للحمولة والآخر لابنتي إستِلا البالغة من العمر ١٢ سنة.‏ كنا جميعا خمسة اشخاص.‏ وقد رافقتنا ابنتي البالغة من العمر ١٥ سنة،‏ ابنة متزوجة،‏ وأخ آخر عمره ١٥ سنة.‏»‏

لقد غطَّوا بلدات عديدة في تاباسكو ووزعوا الكثير من المطبوعات.‏ ولكن أُلقي القبض عليهم في تاپيهالاپا وأُخذوا الى مركز القيادة العسكري.‏ «كان المحافظ عميدا،‏» اخبر لاحقا الاخ اورتيس.‏ «وسألني بقسوة إنْ كنت لا اعرف ان هذا النوع من المطبوعات محظور في الولاية.‏ فأجبت بالقول انني اعتقد اننا في جمهورية المكسيك وان لديّ اذنا صادرا من امانة سر الدولة.‏ فأجاب ان قيمته تعادل قيمة الورقة التي هو مكتوب عليها.‏ وأخذوا منا كل ممتلكاتنا الثمينة وكل المطبوعات التي كانت لدينا في حقائبنا.‏»‏

ولكنَّ ما كان يهتم به الاخ اورتيس اكثر،‏ هو خير اثنتين من الفريق كانتا في بلدة اخرى.‏ فقد كانت ابنة الاخ اورتيس وأخت اخرى تشهدان معا هناك.‏ وكانت الشرطة تعرف ان اثنتين كانتا ناقصتين من الفريق،‏ ولذلك ارسلوا رجالا للبحث عنهما.‏ «كان ذلك نحو الساعة السادسة مساء،‏» يقول الاخ اورتيس،‏ «وكانت البلدة على بُعد ٢٠ كيلومترا (‏١٢ ميلا)‏ في منطقة جبلية وكانت تمطر.‏ كنت اتصوَّر انهم سيصلون الى هناك نحو منتصف الليل.‏ ولم اشأ ان افكر في ما يمكن ان يحدث لهاتين الاختين،‏ فتاتان في الـ‍ ١٦ والـ‍ ٢٠ من العمر،‏ بين يدَي اولئك [الرجال].‏ واحدى الفتاتين كانت ابنتي،‏ لذلك تخيَّلوا اية افكار غزت عقلي.‏» لذلك صلّى جِديًّا حتى غلبه النعاس اخيرا.‏ وكم ارتاح في الصباح التالي عندما وجد ان يهوه قد استجاب صلاته وأنه لم يجرِ التحرُّش بالفتاتَين!‏

بعد ان احتُجز الفريق عدة ايام دون طعام كافٍ او تسهيلات صحية،‏ عُيِّن حَرَس من الشرطة ليخرجهم من الولاية.‏ وعند اطلاق سراحهم،‏ كان احد الامور الاولى التي قاموا بها انهم جلبوا الصابون،‏ بحثوا عن نهر،‏ واغتسلوا وغسلوا ثيابهم.‏ واذ تحرَّروا مجدَّدا،‏ شرعوا فورا في الكرازة بالبشارة،‏ ولكن الآن في ولاية تشيياپاس.‏ وبصرف النظر عن العقبات،‏ لم يتعبوا من استكشاف الارض للعثور على خراف يهوه الثمينة.‏ لقد كانوا فاتحين حقيقيين.‏

في ذلك الوقت،‏ كان فرع المكسيك يهتم ايضا بڠواتيمالا.‏ وكثيرا ما طلبت الجمعية من الاخ اورتيس الذهاب الى تلك المنطقة ليساعد في العثور على المشبهين بالخراف وإطعامهم.‏

وبعمر ٨٠ عاما في السنة ١٩٧٢،‏ كان الاخ اورتيس لا يزال يخدم كفاتح.‏ وكانت لديه ذكريات للنشاط عزيزة عليه كان قد اختبرها في فترة اربعة عقود،‏ ولكنه كان مهتما بشدة ايضا بالاستمرار في القيام بما يستطيع في خدمة يهوه.‏ قال:‏

‏«على الرغم من ان السنوات قد استنفدت طاقتي،‏ يستمر يهوه في تجديد قوتي،‏ وأشعر بالسعادة عند رؤية الزيادة في عدد الذين يحملون اسمه.‏ فذلك يملأني ابتهاجا ويدفعني الى نشاط اعظم .‏ .‏ .‏ انا شاكر ولكن تعوزني الكلمات للتعبير عن عرفاني بالجميل،‏ وهذا يجعلني استجمع طاقتي الزهيدة للاستمرار.‏»‏

روينا هنا اختبارات قليلة فقط لخدام يهوه قبل الحرب العالمية الثانية.‏ فلا يمكن شمل كل شيء في هذه الرواية.‏ ومعظم الذين شاركوا بغيرة كبيرة في نشر رسالة الملكوت في المكسيك خلال عشرينات وثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ قد ماتوا الآن.‏ ولكنَّ كل الذين استمروا بأمانة في خدمة يهوه،‏ سواء بطريقة بارزة او بطرائق غير معروفة إلّا محليا،‏ تركوا مثالا جديرا بالاقتداء.‏

موسيقى الڤالس اولا،‏ ثم محاضرة قوية

من السنة ١٩٣٨ حتى السنة ١٩٤٣ خدمت السيارات المجهَّزة بمكبِّرات للصوت بفعَّالية كبيرة لنشر حقائق الكتاب المقدس في هذا الجزء من العالم.‏ وقد وُضعت موضع الاستعمال في المكسيك سبعٌ من هذه المركبات المجهَّزة بمكبِّرات للصوت على سطحها وآلة اسطوانات في داخلها.‏ وكانت تذيع محاضرات دينامية من الكتاب المقدس ألقاها في الاصل الاخ رذرفورد وسُجِّلت لاحقا بالاسپانية بصوت إدواردو كِلر.‏

وبين الاخوة الذين اشتركوا في عمل السيارات المجهَّزة بمكبِّرات للصوت كان هوسيه كينتانيا (‏الذي دُعي لاحقا بتحبُّب «الجَدّ» في مكتب الفرع)‏،‏ دانيال مندوسا،‏ وڤيكتور رُويز.‏ وبعد سنة تقريبا من تسلُّم هوسيه كينتانيا وزوجته بعض مطبوعات برج المراقبة لأول مرة،‏ كانا يشاركان في خدمة البتل.‏ يتذكر الاخ كينتانيا:‏ «لم اكن افهم الكثير عن العمل لأنه كان قد مرّ وقت قليل جدا منذ ابتدأت اتعرّف به،‏ ولم تكن لديّ ثقافة دنيوية كبيرة.‏» ورغم ذلك،‏ قبِل فورا الدعوة الى المساعدة في إصلاح السيارات التي كانت ستُستعمل في نشر حق الكتاب المقدس.‏ وبعد ان اشترك هوسيه في العمل عدة اشهر،‏ ادرك الاخوة انه لم يكن معتمدا بعدُ.‏ وقيل له انه اذا اراد الاستمرار في خدمة البتل،‏ يجب ان يعتمد.‏ فأطاع فورا هذا المطلب المؤسس على الاسفار المقدسة في آب ١٩٣٨.‏

وكيف كان يُنجَز العمل بهذه السيارات المجهَّزة بمكبِّرات للصوت؟‏ عادة كان يسافر خمسة اخوة معا.‏ وعند الوصول الى بلدة،‏ كانوا يذيعون محاضرة مثقِّفة مؤسسة على الكتاب المقدس بحيث يستطيع ان يسمع الجميع.‏ ثم كان اخَوان يكرزان من بيت الى بيت في احد جانبَي الشارع وأخَوان آخران في الجانب الآخر من الشارع،‏ فيما كان السائق يبقى قرب السيارة ليجيب عن اسئلة الفضوليين.‏ يخبرنا الاخ كينتانيا بتواضع:‏ «كل ما فعلته كان التحدث الى الذين يقتربون وتقديم المطبوعات لهم.‏»‏

وللفت انتباه الناس،‏ كانت تُدار في بعض الاحيان تسجيلات لموسيقى الڤالس قبل المحاضرات.‏ وتخيَّلوا دهشة الناس —‏ بعد الاستماع الى بعض الموسيقى،‏ كانوا يسمعون محاضرة حيوية تشهِّر الدين الباطل!‏

يروي دانيال مندوسا،‏ الذي اشترك في هذا العمل:‏ «كان الناس في بادئ الامر يبدون متحمسين .‏ .‏ .‏ ولكنهم كانوا بعد ذلك ينسحبون ليستشيروا الكاهن.‏ وسرعان ما كان يحدث اضطراب في البلدة بكاملها وكان البعض يأتون ومعهم عصي وحجارة لطردنا.‏»‏

في احدى البلدات،‏ حاول رجل طويل وقوي ان يقلب سيارة الاخ كينتانيا المجهَّزة بمكبِّر للصوت.‏ وكان قد رفع جانبا واحدا عاليا عندما طُرح ارضا.‏ فهرب مندهشا ومذعورا،‏ وهو يصرخ،‏ «لا تقتربوا؛‏ هذه السيارة تسكنها الابالسة!‏» فماذا حدث؟‏ لقد فاجأته صدمة كهربائية قوية.‏ فكان الاخ كينتانيا قد وصَّل الجهاز الكهربائي بهيكل السيارة.‏ وعلى الرغم من اننا لا نوصي بهذا الامر اليوم،‏ فقد استخدم ذلك ليحمي نفسه والجهاز ممن يعاملونهم بعنف شديد.‏

وحتى عندما توقف استعمال السيارات المجهَّزة بمكبِّرات للصوت،‏ استعمل افراد من الشهود فونوڠرافات قابلة للحمل.‏ وقد صُنع نحو ٣٠٠ من هذه الفونوڠرافات في الفرع.‏ ومجدَّدا،‏ كان «الجَدّ» كينتانيا مساعدا ماهرا في المشروع.‏ وهو يتذكر صنع علب الفونوڠرافات ثم وضع مكبِّرات الصوت والمحرِّكات.‏ يقول:‏ «كانت تجرَّب ليُعرف ما اذا كانت تعمل جيدا وما اذا كانت ستخدم جيدا،‏ ثم كانت تُرسل الى الاخوة لاستعمالها من بيت الى بيت.‏»‏

طبعا بعد مدة من الوقت،‏ تعلَّم الناشرون بمساعدة العروض والمواعظ المطبوعة في إلـ‍ إنفورمادور (‏المخبر،‏ الآن خدمتنا للملكوت‏)‏،‏ وكذلك التدريب الذي جرى نيله في مدرسة الخدمة الثيوقراطية،‏ الشيءَ الكثير عن محادثة الناس والاجابة عن اسئلتهم باقتباسات من الكتاب المقدس.‏

خرِّيجو جلعاد يصلون!‏

أُدخل برنامج متنوع للتعليم بين شهود يهوه ابتداء من اوائل اربعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ وقد اثَّر تأثيرا عميقا في عمل المناداة بالملكوت حول العالم.‏ وشمل جزء من هذا البرنامج تدريب مستخدَمي الفرع على معالجة عملهم بالطريقة نفسها التي يُعالج بها في المركز الرئيسي العالمي في بروكلين،‏ نيويورك.‏ وقد اخذ القيادة في ذلك ناثان.‏ ه‍.‏ نور،‏ الذي صار رئيس جمعية برج المراقبة في السنة ١٩٤٢.‏ والفرع في المكسيك استفاد من ذلك بطريقة مباشرة عندما اتى الاخ نور الى هنا للمرة الاولى،‏ في شباط ١٩٤٣.‏ وخلال زيارته،‏ في اجتماع خصوصي عُقد مع ناشرين من مناطق في كل انحاء البلد،‏ حثَّهم على التغلُّب على ميراث الاميّة الذي كان يعوق الناس في اميركا اللاتينية الذين طالما تأثروا بالكاثوليكية الرومانية.‏ وأنجز ايضا الكثير من العمل مع هيئة مستخدَمي الفرع،‏ وبحلول وقت مغادرته،‏ كان مكتب الفرع وبيت ايل مجهَّزَين جيدا ومنظمَين بشكل افضل.‏

كان لا يزال هنالك الكثير لفعله في المكسيك.‏ فمنذ الحرب العالمية الاولى،‏ كانت هنالك زيادة تدريجية في عدد مسبِّحي يهوه في المكسيك،‏ ولكنها كانت بطيئة.‏ وفي السنة ١٩٤٣،‏ كان هنالك ٥٦٥‏,١ ناشرا يقدِّمون تقريرا عن نشاطهم كل شهر،‏ وكانوا يعملون بجد.‏ وكان ناشرو الجماعة يشهدون،‏ بمعدل ٢٨ ساعة للشخص في الشهر.‏ وكان معدل الفاتحين القانونيين ١٣٧ ساعة في الشهر.‏

في تلك السنة دشَّنت الجمعية مدرسة اثَّرت تأثيرا بالغا في عمل الكرازة بالملكوت والتلمذة.‏ فقد تأسست كلية جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس.‏ (‏تغيَّر الاسم لاحقا الى مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس.‏)‏ وكان هدفها إعداد خدام فاتحين ذوي خبرة للخدمة حيث يمكن ان تكون هنالك حاجة اليهم في الحقل العالمي.‏ وفي ١ شباط ابتدأت الصفوف الاولى.‏ ووُضعت الخطط لإرسال بعض المتخرجين الى المكسيك.‏

في بادئ الامر،‏ واجه الاخوة عوائق قانونية عند محاولة الحصول على تأشيرات لخريجي جلعاد.‏ فالحرب العالمية الثانية كانت لا تزال مستمرة؛‏ والى جانب ذلك اندلع الاضطهاد في نويڤو لاريدو،‏ ولاية تاموليپاس (‏على الحدود مع الولايات المتحدة)‏،‏ على الشهود،‏ وأُلقي البعض في السجن.‏ وكانت هذه الحالة تؤخِّر الاعمال الكتابية المتعلقة بالتأشيرات.‏ يخبر ناظر الفرع في ذلك الوقت،‏ جوان بورجوا،‏ ما يلي في تقريره لعام ١٩٤٥:‏

‏«عندما أُعلن عن كلية جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس وهدفها للمرة الاولى،‏ كنا نحن هنا في المكسيك ننتظر بشوق تاريخ اول تخرُّج لأننا كنا واثقين بأن عددا كبيرا من المتخرجين،‏ الذين تدرَّبوا خصوصا للخدمة الثيوقراطية الاجنبية،‏ سيُرسلون الى العمل في مقاطعة المكسيك التي لم تُخدم من قبل تقريبا.‏ وكان من المتوقع ايضا ان يصير الخصم شديد الاهتياج ويبذل اقصى جهده ليعوق اخوتنا عن الدخول.‏ وفي آب ١٩٤٣،‏ اعلمتنا الجمعية انه اذا استطعنا الحصول على الاذن الضروري لدخولهم المكسيك،‏ فسيُعيَّن نحو ٣٠ من هؤلاء المرشدين (‏خرجي جلعاد)‏ للعمل في المكسيك.‏

‏«بذلنا كل ما في وسعنا للحصول على الاذن،‏ لكنَّ عددا لا يصدَّق من العوائق ظهر ليمنع دخول هؤلاء المرشدين الى المكسيك.‏ كنا على وشك الاستسلام،‏ معتقدين ان مشيئة يهوه كانت بخلاف ذلك،‏ عندما وصل الاخ نور الى هنا في شباط من تلك السنة.‏ لم يكفّ عن المحاولة فقام ببعض الترتيبات الخصوصية وإذا ‹بالمستحيل› يُنجز!‏ وفي آذار ذُلِّلت العقبات مما منح الاخ والاخت اندرسون حق الدخول،‏ وبُعيد ذلك،‏ في نيسان،‏ مُنح سبعة مرشدين ثيوقراطيين اضافيين،‏ خريجي الصف الاول لجلعاد،‏ حق الدخول الى البلد.‏»‏

فرِد وبلانش اندرسون

كان فرِد وبلانش اندرسون محبوبَين ومن البقية الممسوحة وقد خصَّصا الجزء الاكبر من حياتهما للخدمة كامل الوقت في المكسيك.‏ وبسبب حادث وقع عندما كان الاخ اندرسون صغيرا،‏ وجب بتر احدى ساقَيه عندما كان في المكسيك.‏ ورغم ذلك،‏ داوم على خدمة المقاطعة في مكسيكو،‏ مستعملا عكازَين.‏ وكان فرِد اندرسون وديّا ومرحا.‏ وكان حضور الاخ اندرسون وزوجته الفاتنة (‏التي كانت اخواتها المسيحيات يدعونها بمودة بلانكيتا)‏ يملأ قلوب مكسيكيين كثيرين محبة وتقديرا.‏

وكلمات الاخ اندرسون تخبر الكثير عنه.‏ قال:‏ «ابتدأنا نعدِّل بسرور وبروح الصلاة حياتنا وندرِّب انفسنا على [الخدمة في الخارج].‏ وقد ساعدنا تدريب جلعاد كثيرا على ذلك.‏ فلخمسة اشهر ونصف كنا نعمل ونكدّ ونجهد انفسنا لنحشو عقولنا بقدر ما نستطيع،‏ لكنَّ هذه الاشهر مضت في طرفة عين!‏ وسرعان ما جاء يوم التخرج.‏ كنا نظن ان فرحنا كامل في جلعاد —‏ انه لا يمكن ان نكون اسعد او اقرب الى اللّٰه.‏ ولكن كان لدينا الكثير لنتعلمه،‏ وهذا ما حصل في تعييننا الاجنبي.‏»‏

وبعد عدد من السنين في ذلك التعيين،‏ قال:‏ «لا نعرف كم هو عدد اولئك المتواضعين الذين ساعدناهم ليأتوا الى نور حق يهوه المجيد.‏ ولكننا نعرف الى ايّ حد عظيما كان فرحنا في الاشتراك في صلاح يهوه.‏» وقد خدم الاخ والاخت اندرسون سنوات عديدة في العمل الدائري في المكسيك،‏ وبعد ذلك في البتل في المكسيك،‏ حيث انهيا مسلكهما الارضي —‏ هو في السنة ١٩٧٣ وهي في السنة ١٩٨٧.‏

رفيقتان لنصف قرن

كتبت روزا ماي دراير،‏ متخرجة اخرى من جلعاد،‏ بعد اول عقد قضته في المكسيك انه من الـ‍ ٢١ الذين عيِّنوا في الاصل في المكسيك استطاع ١١ البقاء.‏ وأضافت:‏ «انا متأكدة ان هؤلاء الاحد عشر سيقولون معي:‏ ‹لن اكون اذا خيِّرتُ في مكان آخر.‏›»‏

بسبب العوائق في طريق دخول البلد،‏ خدمت روزا ماي دراير وشيرلي هندريكسون سنتين قرب حدود تكساس-‏المكسيك.‏ وخلال هذا الوقت كانتا تتعلمان شيئا من الاسپانية.‏ ورغم ان شيرلي متفائلة بطبيعتها،‏ تتذكر ان مقاطعتهما هناك كانت صعبة.‏ ولذلك ابتهجت بما وجدته في مكسيكو.‏ في البداية،‏ لم يعيَّن ايّ شاهد محلي لمرافقتهما كما توقَّعتا.‏ وبدلا من ذلك،‏ اخذهما شخص الى زاوية،‏ وقال:‏ «ها هي مقاطعتكما،‏» دون ايّ تدريب في تلك المقاطعة.‏ واضافة الى ذلك،‏ كانت معرفتهما للاسپانية محدودة.‏ ومع ذلك،‏ بدلا من التثبُّط،‏ واصَلتا نشاطهما بأفضل طريقة ممكنة.‏ تقول شيرلي عن هذه الاوقات:‏ «اتذكَّر اول بناية دخلت اليها وأنا ارتجف قليلا،‏ ووزَّعت الكتب الاربعة التي كنت احملها عند الابواب الاربعة الاولى واضطررت الى العودة الى البيت من اجل مزيد من المطبوعات.‏ وقد تشجَّعتُ بذلك ولم اعانِ قط اية مشكلة بعد ذلك.‏» ومنذ سنوات قليلة،‏ حضرت شيرلي زفاف حفيدة امرأة كانت تدير معها درسا في الكتاب المقدس خلال سنواتها الباكرة في المكسيك.‏ ويا له من فرح ان تجد ٥٠ متحدرا من هذه العائلة يخدمون يهوه!‏ وقد خدم واحد منهم كناظر جائل،‏ وكانت اخرى من اعضاء عائلة البتل.‏

كانت شيرلي وروزا ماي رفيقتَين في الخدمة من السنة ١٩٣٧ (‏قبل الذهاب الى جلعاد معا)‏ الى السنة ١٩٩١،‏ عندما ماتت «روزيتا» في تعيينها في المكسيك.‏ اربع وخمسون سنة من الخدمة —‏ وفيها كلها تقريبا كانتا معا!‏

آخرون اتوا

جملةً،‏ اتى ٥٦ متخرجا من جلعاد من بلدان اخرى الى المكسيك للاشتراك في العمل العظيم للتعليم الالهي الذي يجري هنا.‏ وبالاضافة الى الذين ذُكروا آنفا،‏ كان هنالك آخرون من الصف الاول لمدرسة جلعاد:‏ روبن اڠيريه،‏ شارلوت بُوِن،‏ ماكسين برادشو،‏ جيرالدين تشرتش،‏ جوليا كلوڠستون،‏ بِتي كونس،‏ رصل كورنيليوس،‏ دوروثي ڠاردنر،‏ ڤِرليه ڠارفاين،‏ فرانسِس ڠوتش،‏ إلڤا ڠريڤس،‏ ثُرستون وماري هيلدرينڠ،‏ فِرن ميلر،‏ ماكسين ميلر،‏ وپابلو پيريس.‏ وقد وصل مؤخرا في السنة ١٩٨٨ مزيد من المتخرجين.‏ والخدمة في الحقل التي انجزها جميع هؤلاء جلبت الفرح لهم وللآخرين.‏ وكانت هنالك ايضا تطورات غير متوقعة ولكن سعيدة.‏

مثلا،‏ بعد ان قضت شارلوت بُوِن سنتين في المكسيك،‏ عيِّنت في السلڤادور.‏ ثم في السنة ١٩٥٦ صارت زوجة البرت شرودر،‏ احد اساتذتها السابقين في جلعاد،‏ الذي صار لاحقا عضوا في الهيئة الحاكمة.‏

وماكسين ميلر،‏ في السنة ١٩٤٩،‏ تزوجت سامويل ڠارسيا،‏ متخرج مكسيكي من جلعاد كان يخدم في ذلك الوقت في فرع المكسيك بصفته الممثل القانوني للجمعية.‏ وعندما وصلت الى مكسيكو في السنة ١٩٤٦،‏ كانت هنالك اربع جماعات فقط.‏ وبحلول سنة ١٩٦١ كانت هنالك ٧٠.‏ وبحلول اوائل السنة ١٩٩٤ ازداد عدد الجماعات في مكسيكو وضواحيها الى ٥١٤‏,١.‏ فيا للتوسع الرائع الذي شهدته!‏ وهل كانت خدمتها كامل الوقت كلها افراحا فقط؟‏ «كلا،‏ هذا ليس صحيحا،‏» علَّقت ذات مرة.‏ «فهنالك لحظات عصيبة واختبارات صعبة ايضا،‏ لكنَّ الافراح تفوق الى حد بعيد الاحزان،‏ وهذه الافراح هي التي تبرز عندما اتذكَّر السبيل الذي سلكته سعيا الى تحقيق هدفي في الحياة كخادمة ليهوه اللّٰه.‏» وقد ماتت وهي تخدم بأمانة في تعيينها في السنة ١٩٩٢.‏

بعد ان خدمت إستِر ڤارتانيان في المكسيك نحو ثماني سنوات،‏ تزوجت سنة ١٩٥٥ خريج جلعاد رودولفو لوسانو،‏ الذي كان قد وصل مؤخرا الى المكسيك.‏ وفيما كانت تسكن في الفرع،‏ كانت تشهد في المدينة وتساعد كثيرين على المجيء الى معرفة يهوه.‏ وقد احرزت نجاحا عظيما في مساعدة عائلات بكاملها.‏ ورغم ان الزوج في البداية قد يرفض ان يدرس،‏ كانت تتأكد دائما ان يشمله الدرس اخيرا.‏ وأسلوبها اللطيف وخصوصا في التحدث الى الناس جعل كثيرين يتجاوبون مع الرسالة.‏ فكانت تقترب منهم،‏ متكلِّمة الاسپانية بلكنتها الاجنبية،‏ وتقول:‏ «يا حبيبي،‏ كييرو ابلارتِه دي ألڠو مْوي إمپورتانتِه.‏ [يا حبيبي،‏ اريد ان اتحدث اليك عن امر مهم جدا.‏]» فكانوا يصغون.‏ والآن تخدم الاخت لوسانو مع زوجها كعضوَين في عائلة البتل في المكسيك.‏

النظار المسيحيون المحبّون في الفرع

طبعا،‏ ان بعض خريجي جلعاد الذين أُرسلوا الى المكسيك عُيِّنوا للاعتناء بالمسؤوليات في مكتب الفرع،‏ وقد احسنوا القيام بعملهم.‏ وقبل ذلك قام جوان بورجوا،‏ الذي كان ناظر الفرع بعد روبرتو مونتايرو،‏ بهذا التعيين من السنة ١٩٤٣ الى السنة ١٩٤٧،‏ الوقت الذي اضطر فيه ان يعود الى الولايات المتحدة.‏ ثم صار پابلو پيريس،‏ متخرج من الصف الاول لجلعاد،‏ ناظر الفرع لثلاث سنوات ونصف.‏

ومنذ ذلك الحين يحمل آخرون حمل المسؤولية هذا ويتولَّون الاشراف الحبي.‏ وبين هؤلاء كان رودولفو لوسانو اربع سنوات ونصفا،‏ جورج پاپادِم سنتين،‏ وسامويل فرند سبع سنوات ونصفا.‏ وابتدأ وليَم سِمپكِنس يعتني بالاشراف على الفرع في السنة ١٩٦٥،‏ وعندما تأسس ترتيب لجنة الفرع في السنة ١٩٧٦،‏ استمر في الخدمة كجزء من لجنة فرع المكسيك حتى السنة ١٩٨٦.‏ وقد ساهم كل واحد مساهمة قيِّمة في عمل الملكوت هنا في المكسيك.‏ وبعد ان خدم روبرت ترايسي سنوات عديدة في كولومبيا،‏ وصل الى المكسيك سنة ١٩٨٢،‏ ومنذ ذلك الحين يخدم بصفته منسق لجنة الفرع.‏

البقاء على اتصال بالجماعات

سعى خدام المناطق والاقاليم (‏الدوائر)‏ الى زيارة وتشجيع شهود يهوه في كل انحاء المكسيك خلال سنة الخدمة ١٩٤٠.‏ ثم بعد انقطاع لفترة من الوقت،‏ أُعيد تأسيس عمل النظار الجائلين.‏ وقد زوِّد هذه المرة تدريب متخصِّص للاخوة قبل ارسالهم.‏

شملت زيارة الجماعات اكثر بكثير من شراء بطاقة باص او قطار ثم القيام بالرحلة.‏ فغالبية الجماعات كانت صغيرة ومعزولة كليا عن الطرقات العامة او السكك الحديدية.‏ وقبل التمكن من ارسال الاخوة،‏ كان مكتب الفرع يكتب الى كل فريق للاستفسار عن كيفية الوصول الى موقع جماعتهم.‏ اجابت احدى الجماعات:‏ «ان الخط الوحيد الذي يمر بقرب هذا المكان هو الخط التلڠرافي.‏» فأخبر الفرع بروكلين ما يلي:‏ «للوصول الى بعض الجماعات،‏ يجب ان يذهب الخادم على البغل او سيرا على القدمَين،‏ وأحيانا اياما كل مرة.‏ والناشرون يبتهجون بالزيارة،‏ وعندما يصل يجتمع جميع اناس حسن النية آتين من اماكن تبعد اميالا.‏»‏

وللمساعدة في تقوية الاخوة،‏ عرض بعض الاخوة من عائلة البتل في اواسط اربعينات الـ‍ ١٩٠٠ ان يستخدموا عطلتهم لزيارة الجماعات كما يعيِّنها المكتب.‏ فأُرسل سامويل وألفونسو ڠارسيا الى سيلاكَيْواپان،‏ ولاية واهاكا.‏ وبعد السفر يوما بالباص،‏ قضيا يومين آخرين في الترتيب لاستخدام الاحصنة،‏ ثم تابعا على صهوة حصان يومين آخرين الى وجهتهما.‏ وقضيا خمسة ايام سعيدة في العمل مع الشهود المحليين في خدمة الحقل؛‏ وأجريا ايضا معمودية؛‏ ثم استعدَّا للعودة الى مكسيكو.‏ لكنَّ عملهما اغاظ الكاهن الكاثوليكي المحلي فأثار إل پْرِسيدنتِه،‏ المحافظ المحلي.‏ وفي تلك الليلة اقتحم حشد من ٢٥ رجلا تقريبا بيت الشاهدة التي كان يقيم عندها الاخَوان.‏ ويتذكر سامويل ڠارسيا الحادثة بوضوح.‏

كان الحشد مسلَّحا بمناجل،‏ سيوف،‏ سكاكين،‏ هراوى،‏ ومسدسات.‏ فقبضوا على الاخوَين،‏ اخرجوهما بالقوة،‏ وضربوهما بقساوة.‏ وعندما حاولت الاخت المسيحية التي كانا يقيمان في بيتها ان تتدخل،‏ ضُربت هي وأحد ابنائها.‏ وقد جُرحت ذراع احد الاخوَين وأصابع يده اليسرى عميقا الى العظم.‏ وإذ ضُربا وهدِّدا اكثر،‏ اقتيدا الى خارج البلدة.‏ ولكن الى اين أُخذا؟‏ يتذكر سامويل ڠارسيا:‏ «حاولوا ان يُدَلُّونا من الشجر،‏ ولكن عندما اظهرنا اننا لم نكن خائفَين ووثقنا كاملا بيهوه،‏ تركونا نذهب.‏ واضطررنا ان نمشي يومين عبر الجبال لنصل الى الطريق العام.‏»‏

في اثناء ذلك،‏ وصلت اخبار المشاكل الى مكتب الفرع.‏ فأرسلت الجمعية التماسا ملحًّا الى حاكم ولاية واهاكا.‏ وأخيرا،‏ عندما عاد الاخَوان الى البتل،‏ تردَّد الحارس في فتح الباب لأنه لم يعرفهما،‏ اذ عوملا معاملة سيئة جدا.‏ ولكن عندما يفكر الاخ ڠارسيا في ما حدث،‏ هذا ما يتذكره:‏ ‹لم يتخلَّ عنا يهوه.‏› وماذا عن الاخت التي كانا يقيمان في بيتها؟‏ لقد كتبت الى المكتب طالبة المزيد من المطبوعات لكي تستمر في الشهادة.‏

من محفل الى آخر

قبل عدة سنوات من هذه الحوادث،‏ حضر ادولفو مودِستو ساليناس،‏ شاب حيوي،‏ اول محفل قومي له.‏ كان ذلك سنة ١٩٤١ في مسرح الشعب في مكسيكو.‏ وفي ذلك الوقت لم تخطر بباله قط فكرة ان يكون يوما ما ناظرا جائلا.‏

شجَّع ڠونسالو رودريڠيس،‏ خادم الاخوة (‏كما كان نظار الدوائر معروفين آنذاك)‏،‏ ادولفو ان يخدم في البتل.‏ ونتيجة لذلك،‏ تطوّع ادولفو في كانون الاول ١٩٤٧ لخدمة البتل في مكسيكو.‏ وفي تلك السنة عينها،‏ ابتدأت المحافل الدائرية تُعقد في المكسيك.‏ في بادئ الامر،‏ كان الاخوة في البتل ينظمونها ويشتركون في البرنامج.‏ ثم في السنة ١٩٥١،‏ عُيِّن ادولفو ساليناس ليكون اول ناظر كورة في البلد،‏ مساعِدا نظار الدوائر وخادما في المحافل الدائرية.‏ وقد زوَّده رودولفو لوسانو وسامويل ڠارسيا التدريب المفيد في محافله الاولى.‏ ثم تركاه ليتابع طريقه وحده.‏ وفي تلك السنة،‏ عُقد ١٨ محفلا دائريا في كل انحاء البلد.‏

في البداية،‏ لم تكن ترتيبات المحافل وكذلك مهمات ناظر الكورة محدَّدة جيدا.‏ ففي بعض المحافل لم يكن هنالك ناظر دائرة،‏ ولذلك كان الاخوة المحليون يفعلون ما في وسعهم لتنظيم الامور.‏ وكان على ناظر الكورة ان يكون متعدِّد المهارات.‏ فعند وصوله الى موقع المحفل،‏ كان يساعد الاخوة على إقامة الاقسام.‏ وكان يجلب معه اجهزة الصوت،‏ وأيضا الافران وأجهزة المطبخ الاخرى من اجل الكفيتيريا.‏ وكانت ليونور ساليناس تساعد زوجها في تهيئة امور عديدة للمحفل.‏ وكانا يظلان كل النهار في خدمة الحقل،‏ وفي المساء كانا يساعدان في التحضيرات للمحافل.‏

ويتذكر الاخ ساليناس انه في المحافل الدائرية الاولى لم يكن هنالك برنامج مفصَّل لاتِّباعه.‏ وكان الاخوة يُمنحون فرصة طرح الاسئلة،‏ فيحاول هو الاجابة عنها.‏ وكانوا يطرحون اسئلة مثل،‏ «هل من المسموح لبس الخواتم والاساور؟‏» «هل قتل الحيوانات جريمة؟‏» و «ما معنى العدد ٦٦٦؟‏» ولإعطاء اجوبة صحيحة كان عليه ان يأخذ معه الكثير من مطبوعات الجمعية.‏

تدريجيا،‏ جرى الترتيب للتفاصيل المتعلقة بالمحافل الدائرية.‏ وكل شيء صار اكثر سلاسة.‏

وبعد ان خدم الاخ ساليناس كناظر كورة ١٣ سنة تقريبا،‏ دُعي الى حضور مدرسة جلعاد في السنة ١٩٦٤.‏ واستعدادا لذلك،‏ كان يجب ان يتعلم الانكليزية.‏ كان ذلك صعبا عليه،‏ ولكنه استفاد من المقرَّر وأُعيد بعد ذلك الى المكسيك ليستمر في العمل الكوري.‏ ولا يزال في الخدمة كامل الوقت،‏ على الرغم من معاناته بعض المشاكل الصحية.‏ وكانت زوجته،‏ ليونور،‏ التي رافقته منذ السنة ١٩٥٥،‏ دعما رائعا له.‏ يذكر الاخ ساليناس:‏ «اذ اعود بالذاكرة الى السنة ١٩٤١،‏ السنة التي تعلَّمت فيها الحق،‏ اجد انه مرّ [اكثر من ٥٠] سنة،‏ وخلال كل هذا الوقت،‏ كنت اتعلم امورا رائعة من كلمة اللّٰه.‏ كان عمري اقل من ٢٠ عاما في السنة ١٩٤١.‏ وأنا شاكر ليهوه وهيئته على تغيير حياتي من حياة دون مستقبل الى حياة ذات قصد.‏»‏

بذل جهد كبير لحضور المحافل

سنة بعد اخرى كانت المحافل القومية تُعقد في مكسيكو،‏ وقد حضرها معظم الاخوة المكسيكيين.‏ ولكن بالنسبة الى البعض،‏ شمل ذلك مشقة كبيرة بسبب النقص في الموارد المالية.‏ وعندما كانت المحافل صغيرة،‏ كان يجري ايواء كل الحاضرين من خارج العاصمة في البتل.‏ ثم في اوائل اربعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ جرى الترتيب للاقامة في بيوت مختلف الاخوة.‏ وفقر كثيرين من اخوتنا كان يفطر قلوبنا،‏ وكنا نتأثر عميقا بالجهد الذي يبذلونه للمجيء من الاقاليم الى مكسيكو ليتمتعوا بالطعام الروحي.‏

كم كنا مسرورين عندما صار ممكنا صنع الترتيبات لعقد محافل اقرب الى بيوتهم!‏ فالآن لم يعودوا مضطرين الى السفر بعيدا.‏ ورغم ذلك،‏ كان لا يزال على بعض الاخوة ان يقوموا بتضحيات كبيرة لكي يحضروا.‏ مثلا،‏ في السنة ١٩٤٩،‏ سافر ٢٠ مندوبا من ولاية تاباسكو —‏ ١٨ رجلا وامرأتان —‏ اكثر من ٢٠٠ ميل (‏٣٢٠ كلم)‏ سيرا على الاقدام للوصول الى محفل في ولاية ڤيراكروز.‏ وقد قاموا بالرحلة في ١٥ يوما متتاليا!‏ واستغرقت الرحلة بكاملها ما مجموعه ٣٥ يوما تقريبا.‏

لا تورّي دِل ڤيخيا دي مِهيكو —‏ جمعية ثقافية

تتذكرون انه قديما في السنة ١٩٣٢ رخَّصت الحكومة لِـ‍ لا تورّي دِل ڤيخيا دي مِهيكو.‏ ولكن،‏ كانت هنالك عقبات بسبب القيود التي فرضها القانون على كل الاديان.‏ فقدِّمت الاعتراضات على نشاط الشهود من بيت الى بيت،‏ اذ اشترط القانون انّ ‹كل عمل ديني للعبادة العلنية يجب ان يُزاوَل داخل الهياكل.‏› وللسبب نفسه قدِّمت الاعتراضات على محافلنا في الاماكن العامة.‏ وكان ذلك مشكلة،‏ لأن هذه المحافل كانت تكبر باستمرار.‏ وحيازة الملكية اثارت المشاكل ايضا،‏ لأن القانون تطلب ان يصير كل مبنى يُستخدم لمقاصد دينية ملكية فدرالية.‏

لهذه الاسباب وغيرها قرَّرت الجمعية انه من الحكمة اعادة التنظيم،‏ بهدف التشديد اكثر على طبيعة عملنا الثقافية.‏ ولذلك قدِّم الطلب في ١٠ حزيران ١٩٤٣ الى امانة سر وزارة الخارجية من اجل تسجيل لا تورّي دِل ڤيخيا بصفتها جمعية مدنية،‏ وجرت الموافقة على ذلك في ١٥ حزيران ١٩٤٣.‏

ومع اعادة الترتيب هذه،‏ توقف الترنيم في اجتماعاتنا،‏ وصارت امكنة الاجتماع تُعرف بقاعات للدروس الثقافية.‏ ولم تكن هنالك صلوات مسموعة في الاجتماعات،‏ رغم انه لم يكن هنالك ما يمكن ان يمنع الشخص من قول صلاة مخلصة بصمت في قلبه.‏ وجرى تجنُّب كل مظهر للخدمة الدينية،‏ وكانت اجتماعاتنا في الواقع مصمَّمة للتثقيف.‏ وعندما ابتدأ الشهود في البلدان الاخرى يدعون فرقهم المحلية بما يقابل الكلمة الانكليزية «congregations،‏» استمر الشهود في المكسيك يستعملون الكلمة التي تقابل الكلمة الانكليزية «companies.‏» واستمر الشهود يزورون الناس من بيت الى بيت،‏ وبغيرة اكبر ايضا؛‏ ولكن جرى تجنُّب الاستعمال المباشر للكتاب المقدس عند الابواب.‏ وبدلا من ذلك،‏ حفظ الناشرون الآيات عن ظهر قلب بحيث استطاعوا اقتباسها.‏ واستفادوا ايضا من كتاب ‏«امتحنوا كل شيء،‏»‏ الذي هو مجموعة من الاقتباسات من الاسفار المقدسة عن مواضيع عديدة.‏ وكان الكتاب المقدس يُستخدم فقط في الزيارات المكررة وفي الدروس (‏التي دُعيت دروسا «ثقافية» بدلا من دروس «الكتاب المقدس»)‏.‏

وظل عمل شهود يهوه الرئيسي هو نفسه،‏ اي الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه.‏

صفوف تعليم القراءة والكتابة

بانسجام مع ميثاق لا تورّي دِل ڤيخيا،‏ ادرنا حملة لتعليم القراءة والكتابة،‏ بالاضافة الى ارشاد الناس في تعاليم الكتاب المقدس.‏ وهكذا في ١٧ ايار ١٩٤٦،‏ سجَّلت لا تورّي دِل ڤيخيا لدى الحكومة مركزا لصفوف تعليم القراءة والكتابة في مكسيكو.‏ وقد ادارها هوسيه مالدونادو.‏

وبما ان الحكومة كانت مهتمة بتشجيع تعليم القراءة والكتابة،‏ فقد زوَّدت كتبا دراسية للمبتدئين لاستخدامها في الصفوف.‏ ولاحقا،‏ عندما اصدرت جمعية برج المراقبة كراس تعلَّموا القراءة والكتابة بالاسپانية،‏ استخدموا هذا الكراس.‏ وقدَّرت الحكومة ما كان يُنجَز.‏ ففي رسالة مؤرخة في ٢٥ كانون الثاني ١٩٦٦،‏ قالت الحكومة:‏ «بموافقة المدير العام،‏ يسرّني ان اهنئ مؤسستكم .‏ .‏ .‏ على التعاون الوطني الذي تقدِّمونه للاميّين في الجمهورية.‏ .‏ .‏ .‏ آمل ألّا يخفّ حماسكم لمتابعة هذه المعركة الدؤوبة ضد الاميّة والتي يشترك فيها جميع المكسيكيين الصالحين.‏»‏

ومنذ تدشين الصفوف حتى السنة ١٩٦٦،‏ تعلَّم ٨٤٢‏,٣٣ شخصا القراءة والكتابة.‏ وفي السنة ١٩٩٣،‏ كان المجموع ٧٦٦‏,١٢٧.‏ واضافة الى ذلك،‏ جرت مساعدة ٢٠١‏,٣٧ شخص على تحسين مهارتهم في القراءة والكتابة.‏ وفيما كان هؤلاء الاشخاص يتعلمون القراءة والكتابة،‏ كانوا يتعلمون ايضا ان يقدِّروا التدابير الروحية —‏ مطبوعات درس الكتاب المقدس التي تصدرها الجمعية،‏ وكذلك اجتماعات الجماعة.‏

الطهارة الادبية في هيئة يهوه

عندما ابتدأ الترتيب للمحافل الدائرية،‏ ابتدأت ايضا فترة من مزيد من التطهير في هيئة يهوه.‏ كانت هنالك عادةٌ متأصلة عميقا جدا في المكسيك في تلك السنوات وهي ان «يسرق» الشاب شابة ويعيش معها دون زواج.‏ ولم يكن الاثنان عادةً يتزوجان لأنهما اعتادا الطرق القديمة التي يُسمح بها في الدين الباطل.‏ وكانا يعيشان معا بالاتفاق المتبادل.‏ وهذه كانت الحال مع عديدين عندما ابتدأوا بمعاشرة شهود يهوه.‏

كان الاخ ساليناس يقدِّر مبادئ الكتاب المقدس حول الآداب وساعد الاخوة على فهمها.‏ (‏متى ١٩:‏٣-‏٩؛‏ عبرانيين ١٣:‏٤‏)‏ وحيثما ذهب كان يشجِّعهم على جعل زواجهم شرعيا.‏

لم يكن ذلك جديدا بالنسبة الى شهود يهوه.‏ فقديما كان عدد ايلول-‏تشرين الاول ١٩٢٤ من لا تورّي دِل ڤيخيا قد ناقش المسألة:‏ «هل من الملائم انتخاب اخ ليس متزوجا شرعيا برفيقته كشيخ صف؟‏» والجواب:‏ «ان ذلك غير ملائم مطلقا.‏» وأُعطيَت اسباب مؤسسة على الاسفار المقدسة لذلك.‏ وجرت التوصية ايضا ألّا يعتمد الاشخاص الذين لم يقوِّموا شؤون زواجهم بعد.‏ ومع ذلك،‏ كان هنالك في المكسيك خدام جماعات عديدون لم يتزوجوا شرعيا.‏

ولكن في السنة ١٩٥٢،‏ ولفائدة شهود يهوه حول العالم،‏ أُعطيَت ارشادات محدَّدة حول تسوية حياة المرء اذا اراد ان يستمر في كونه جزءا من هيئة يهوه.‏ ففي بعض الحالات كان الرجال متزوجين،‏ ثم افترقوا،‏ وبعد ذلك ابتدأوا يعيشون مع امرأة اخرى،‏ دون ان يطلِّقوا الاولى او يتزوجوا الثانية.‏ والبعض تزوجوا مرة ثانية دون ان يطلِّقوا الزوجة السابقة.‏ وهكذا،‏ تطلَّب الامر جهدا كبيرا من هؤلاء الاخوة لتقويم حياتهم ليخدموا يهوه.‏

كان من المفرح رؤية كيفية تجاوب الاخوة بالقيام بالترتيبات اللازمة لجعل زواجهم شرعيا.‏ وفي بعض الجماعات كانت فِرق من ٢٠ زوجا وأكثر يتزوجون في الوقت نفسه.‏ ولكن كان هنالك بعض الذين،‏ على الرغم من مقاييس يهوه البارة،‏ لم يريدوا ان يغيِّروا طريقة حياتهم.‏ وقد ترك بعضهم؛‏ وفُصل آخرون.‏

يتذكر احد الاخوة انه عندما ذهب هو ورفيقته ليتزوجا،‏ متَّبعا ارشادات الهيئة،‏ ذهب اولاده معهما.‏ وعندما سأل القاضي:‏ «هل ترغب في الاتحاد بهذه المرأة،‏ قابلا اياها زوجة لك حتى يفرِّق الموت بينكما؟‏» تردَّد في الاجابة،‏ فشجعته ابنته الصغيرة قائلة بقلق،‏ ‏«دي كي سي،‏ پاپاسيتو!‏ [ابي،‏ من فضلك قل نعم!‏]،‏» وعند ذلك اعطى على الفور جوابا ايجابيا للقاضي.‏

لزم الوقت والصبر

لزم الوقت ليتكيَّف البعض مع المقاييس الادبية السامية لهيئة يهوه،‏ وخصوصا في ما يتعلق بالزواج واستعمال المشروبات الكحولية،‏ ولكن تدريجيا صار الاخوة يقدِّرون اهمية اطاعة طرق يهوه.‏ —‏ ١ بطرس ٤:‏٣‏.‏

قال مكتب الفرع في تقريره لسنة الخدمة ١٩٥٣:‏ «انهينا ما كنا قد ابتدأنا به السنة الماضية،‏ اي تطهير الهيئة من الذين لا يستحقون ان يكونوا فيها.‏ وسبَّب ذلك انخفاض عدد الناشرين كثيرا في الاشهر الخمسة الاولى من سنة الخدمة.‏ فقد انخفض بنسبة ٧ في المئة عن معدل السنة الماضية،‏ ولكن من شباط فصاعدا،‏ ازداد الى حد انه بحلول نهاية سنة الخدمة وصلنا الى زيادة ٩ في المئة على معدل السنة الماضية.‏» وأخيرا،‏ اذ تطهَّرت كاملا هيئة يهوه في المكسيك،‏ كانت مستعدة لدخول فترة من الازدهار الروحي الذي امتد الى الوقت الحاضر.‏

محافل لا ننساها ابدا

هنالك بعض المحافل التي لم ينسها قط اولئك الذين كانوا حاضرين.‏ عُقد احدها في مكسيكو في ١٣-‏١٥ نيسان ١٩٤٥.‏ ولم يصل احد من المندوبين في سيارة يملكها شخصيا.‏ فقد اتى اكثر من ٢٠٠ بالقطار من مونتيري.‏ وكانت لافتة على احدى الحافلات من الخارج تخبر عن مكان ذهابهم،‏ والمندوبون في جميع المحطات على طول الطريق شهدوا للبائعين والفضوليين الذين يقتربون.‏ وللوصول الى المحفل مشت عائلة ومعهم طفل من بيتهم في تشيواوا سبعة ايام ثم ذهبوا بالخط الحديدي.‏ وكان ن.‏ ه‍.‏ نور و ف.‏ و.‏ فرانز حاضرَين ايضا،‏ من المركز الرئيسي العالمي في نيويورك.‏ وفي اول يوم من المحفل خرج ٧١٧،‏ من اصل الـ‍ ١٠٧‏,١ الذين كانوا حاضرين،‏ في خدمة الحقل للاعلان عن المحاضرة العامة،‏ «عالم واحد،‏ حكومة واحدة،‏» التي كان سيلقيها الاخ نور في ارينا مِهيكو.‏ وقد أُلقي هذا الخطاب بنجاح،‏ رغم جهود المماحكين الكاثوليك لايقاف الاجتماع.‏

ان بعض المحافل البارزة اكثر قرَّبت الشهودَ في المكسيك الى اخوتهم المسيحيين في البلدان الاخرى.‏ وبينها محفل المشيئة الالهية الاممي،‏ الذي عُقد في نيويورك في السنة ١٩٥٨.‏ وكان مندوبون من ١٢٣ بلدا حاضرين،‏ وبينهم ٥٠٣ كانوا قد سافروا من المكسيك.‏ وكانت لديهم فرصة سماع،‏ مقابلة،‏ ومعاشرة الرفقاء الشهود من كل انحاء الارض.‏ وعُقد محفل مبهج آخر كهذا في مكسيكو سنة ١٩٦٦،‏ عندما سافر مئات المندوبين من نحو اثني عشر بلدا آخر الى المكسيك لينضموا الى اخوتهم هناك في اكبر محفل رعته لا تورّي دِل ڤيخيا في المكسيك حتى ذلك الحين.‏ وكان حاضرا في هذه المناسبة عدد اكثر ٣٠ مرة من عدد الحضور في المحفل الذي عُقد في مكسيكو سنة ١٩٤٥.‏

افلام الجمعية

نحو اواسط خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ ادخلت الجمعية وجها آخر في برنامجها للتعليم.‏ يتذكر الاخ ساليناس:‏ «ان ما ساهم مساهمة كبيرة في العمل هو افلام الجمعية بقياس ١٦ مم مجتمع العالم الجديد وهو يعمل،‏ سعادة مجتمع العالم الجديد،‏ محفل المشيئة الالهية الاممي لشهود يهوه،‏ اعلان ‹البشارة الابدية› حول العالم،‏ ولا يمكن ان يكذب اللّٰه.‏ ويمكنكم ان تدركوا التأثير الذي كان لها في الناس الذين لم يعرفوا عملنا جيدا.‏» عَرَض الفيلم الاول عمل مكاتب الجمعية.‏ وأظهرت الافلام الثلاثة التالية محافل عُقدت في مختلف انحاء العالم.‏ وساعد الفيلم الاخير الجماهير على تخيُّل حوادث الكتاب المقدس الرئيسية وفهم مغزاها لأيامنا.‏

غالبا ما كانت هذه الافلام تُعرض في فناء بيت او في قاعة مستأجرة.‏ وكانت توزَّع الدعوات؛‏ ونتيجة لذلك،‏ كان يحضر اشخاص كثيرون.‏ وبعد ذلك كانت تدوَّن اسماء الذين يريدون معلومات اضافية.‏

في السنة ١٩٥٨ في تِنِكسپا،‏ ڠيريرو،‏ صنع الشهود الترتيبات لعرض فيلم الجمعية الاخير في قطعة ارض قرب مكان اجتماعهم.‏ وعندما كان الاخوة ينظفون قطعة الارض،‏ اثارت زيارة غير متوقعة من شرطي الشكوك في ما اذا كانوا سيتمكنون من تقديم العرض.‏ وأخبر الشرطي خادم الجماعة انه يجب ان يذهب ليرى المحافظ.‏ فذهب الاخ،‏ فسأله المحافظ،‏ «اين ستعرضون الفيلم؟‏» وعندما سمع الجواب،‏ قال:‏ «لمَ لا تعرضونه هنا في المنصة في الساحة العامة؟‏» «اذا لم يكن هنالك مانع .‏ .‏ .‏» فرتّب المحافظ ان تزوَّد الكهرباء.‏ وأُخرجت المقاعد من السينما،‏ حتى ان البعض جلبوا معهم كراسيهم الخاصة لأنه كانت هنالك مقاعد لـ‍ ٩٠٠ شخص فقط.‏ وقد اتى حوالي ٠٠٠‏,٢،‏ وحوَّلوا الحادثة الى مناسبة خصوصية،‏ عارضين الطعام ليتمتع به الجميع.‏ حقا،‏ كلما كان الاخ ساليناس يعرض افلام الجمعية في الولايات الشمالية من الجمهورية،‏ كان يوجد حضور يبلغ ٥٠٠،‏ ٨٠٠،‏ او حتى ٠٠٠‏,١.‏

تسهيلات الفرع لمجاراة العمل

عندما كان روبرتو مونتايرو وعائلته يؤلفون عائلة البتل في المكسيك،‏ زوَّد البيت الذي انتقلوا اليه في ٧١ شارع مِلكور اوكامپو،‏ في مكسيكو،‏ فسحة وافرة للتجهيزات ولمكتب الفرع.‏ وكان هنالك حوالي ١٠٠ منادٍ بالملكوت فقط نشاطى في المكسيك في ذلك الوقت.‏ ولكن بحلول السنة ١٩٤٦،‏ ازداد عدد الشهود النشاطى الى ٧٣٢‏,٣،‏ منظَّمين في ٢٢٣ جماعة.‏ وللاعتناء ببرنامج التعليم الواسع الذي كان يقوم به الشهود في كل انحاء المكسيك،‏ كانت تلزم تسهيلات موسَّعة.‏ وبشكل ملائم،‏ أُكمل في تلك السنة مكتب فرع جديد وبتل مجاوران للبناء السابق ووُضعا موضع الاستعمال.‏

وبحلول السنة ١٩٦٢ كانت هذه التسهيلات تُستعمل الى الحد الاقصى،‏ ولذلك دُشِّن مبنى اضافي آخر للفرع من خمسة طوابق.‏ وشمل ذلك مطبعة صغيرة لإنتاج المخبر (‏الآن خدمتنا للملكوت‏)‏ بالاسپانية والنماذج التي استخدمها مكتب الفرع والـ‍ ٠٠٠‏,٢٧ النشاطى آنذاك في عمل التعليم الثيوقراطي في المكسيك.‏ وتحت اشراف هذا المكتب،‏ كانت مدرسة خدمة الملكوت تزوِّد ايضا الارشاد لنظار الجماعات والفاتحين الخصوصيين المتفرقين في كل انحاء البلد.‏

تعصُّب ديني مستمر

على الرغم من ان الحكومة كانت قد حاولت لعقود ان تضع حدًّا للتعصب الديني،‏ ومع ان عمل شهود يهوه كان معروفا في كل انحاء البلد،‏ اثار التقدُّم الذي احرزه الشهود في تعليم الناس حنقَ رجال الدين.‏ وخلال ستينات الـ‍ ١٩٠٠ صارت المقاومة في بعض الاماكن اشد ضراوة من ايّ وقت مضى.‏

مثلا،‏ جرت برمجة محفل دائري في بلدة لوس رايِس دي لا پاس،‏ ولاية مكسيكو،‏ في ٤ و ٥ آب ١٩٦٣.‏ وعندما بدأ المحفل،‏ حاول الكاهن المحلي،‏ مستعملا مكبِّرات للصوت موضوعة على جدران الكنيسة وموجَّهة مباشرة نحو مكان المحفل،‏ ان يحجب ما يقال في البرنامج.‏ فأُلقيت خطابات تثير الانفعالات،‏ وانهالت على الشهود اهانات لإثارة غضب الذين في الكنيسة.‏ وجرى تحريض مئات الكاثوليك الذين كانوا عادة هادئين ووديين على العنف.‏ فخرجوا مندفعين من الكنيسة ممسكين بعصي وهراوى وحجارة.‏ والآن اذ صار الرعاع في حالة يتعذر ضبطها،‏ هاجموا الشهود الذين كانوا مجتمعين.‏ فتأذى اكثر من ٣٠ شاهدا.‏ وجرى رمي بيتين من بيوت الشهود بالحجارة،‏ وهدِّمت الجدران.‏

ولكن بفضل تدخل شرطة الطريق العام الفدرالية في الوقت الملائم،‏ تمكن الاخوة الذين اتوا من خارج البلدة من المغادرة بأمان.‏ وأخيرا يوم الاثنين فرَّق الجيش الرعاع الغضاب.‏

وأعطت الصحيفة اليومية إكسِلسيور في ٦ آب ١٩٦٣ هذا التقرير:‏ «هرب كاهن ابرشية لوس رايِس دي لا پاس،‏ هيسوس ميزا،‏ الذي اشارت اليه السلطات القضائية بصفته مثير اعمال الشغب،‏ من البلدة في سيارة يرافقه مئات من اعضاء ابرشيته المسلَّحين بالحجارة،‏ الهراوى،‏ والمناجل.‏»‏

لكنَّ عمل الرعاع هذا ساعد على فتح عيون بعض الناس المستقيمي القلب.‏ وبعد مدة،‏ عندما كرز الشهود مرة اخرى في هذه البلدة،‏ حصلوا على نتائج جيدة جدا.‏ فقد كان الناس خجلين من تصرفهم،‏ وابتدأوا تدريجيا يسمعون.‏ وعندما حدث عمل الرعاع كانت هنالك جماعتان في المنطقة.‏ ومن هاتين،‏ نشأت حوالي ٥٠ جماعة اخرى.‏

تعصب ديني في ساوايو

ثمة بلدة اخرى انفجر فيها اضطهاد مخزٍ في آب ١٩٦٤ وهي ساوايو،‏ ولاية ميتشوواكان.‏ فقد كان فاتحون خصوصيون يكرزون بغيرة هناك.‏ وكانوا يعقدون بعض الاجتماعات مع فريق صغير من المهتمين.‏ ومن ناحية اخرى،‏ كان يهدِّدهم ويهينهم الرعاع الذين جمعهم الكاهن المحلي.‏ واشترك في سوء المعاملة هذه اشخاص من ساوايو وكذلك من هيكيلپان المجاورة.‏ وكان على الاخوة ان يواجهوا بجرأة الرعاع المؤلفين من ٢٠٠ الى ٣٠٠ شخص ليس مرة فقط بل عدة مرات.‏

وفي ١٣ آب،‏ تأزمت الحالة كثيرا عندما احاط اكثر من ٠٠٠‏,٥ شخص ببيت احد الفاتحين.‏ وكانوا قد جلبوا معهم البنزين،‏ عازمين على إشعال النار في البيت واحراقه مع سكانه.‏ وكان داخل البيت اخ،‏ خمس اخوات،‏ وفتاة في السادسة من العمر.‏ حاول بعض رجال الشرطة ان يوقفوا الرعاع المهتاجين،‏ ولكنهم لم يحرزوا نجاحا كبيرا.‏ إلا انه في اللحظة الحاسمة ظهرت على المسرح على نحو غير متوقع ثلاث شاحنات من الجنود.‏ وبسرعة أُنقذ الشهود وأُجبر الرعاع على التفرُّق.‏ وفي التعليق على الوضع عبَّرت الصحف عن الاسف العميق للتصرف المتعصب لرجال الدين،‏ الذين سبَّبوا المشكلة.‏

كان الوضع خطِرا جدا بحيث اعتُبر من الحكمة ان ينتقل الفاتحون الخصوصيون من المنطقة.‏ ولكن بعد مدة ارسلت الجمعية فاتحين الى بلدات مجاورة،‏ وخدموا بحذر في طريقهم الى ساوايو وهيكيلپان.‏ وقد احرزوا نجاحا كبيرا حتى انه في السنة ١٩٧٤،‏ بعد عشر سنوات من ذلك الاضطهاد،‏ تأسست جماعة في هيكيلپان،‏ وفي السنة ١٩٩٠ تأسست جماعة اخرى في ساوايو.‏

اخرج الرجل شيئا من جيبه الخلفي

نظرا الى الاضطهاد العنيف الذي حدث،‏ هل يمكنكم ان تلوموا الشهود اذا كانوا احيانا يرتقبون شرًّا؟‏ يتذكر هوسيه مورا اختبارا كهذا في ولاية جاليسكو.‏ وهو يضحك من ذلك الآن،‏ ولكنه آنذاك لم يكن على يقين من ان الامر مضحك.‏

فكان قد اقتبس لرجل الآية في المزمور ١١٥:‏١٦‏:‏ «السموات سموات للرب.‏ أما الارض فأعطاها لبني آدم.‏» فمدَّ الرجل يده بسرعة الى الجيب الخلفي لسرواله.‏ فاعتقد الاخ مورا انه كان يخرج سلاحا.‏ ويا لها من راحة عندما اخرج كتابا يحتوي على العهد الجديد والمزامير!‏ وتحقَّق الرجل من الآية في كتابه المقدس وقبِل الرسالة.‏ وسرعان ما صار هذا الرجل وعائلته كلها شهودا ليهوه.‏ «لكنه لاحظ انني صرت مضطربا بعض الشيء،‏» يقول الاخ مورا؛‏ «ولذلك الآن عندما نرى احدنا الآخر احيانا،‏ نتذكر هذه الحادثة ونضحك.‏»‏

تجاوب سارّ في السنوات الاخيرة

رغم الاضطهاد،‏ استمر عدد مسبّحي يهوه في الازدياد في كل انحاء البلد.‏ وصارت الكرازة بالبشارة اكثر فعَّالية فيما نما الاخوة في فهم المسائل التنظيمية والمؤسسة على الكتاب المقدس.‏ وتدريجيا صار الناشرون يدركون اكثر الحاجة الى ملاحقة الاهتمام الذي جرى اظهاره والاعتناء بالخراف.‏ ونتيجة لذلك،‏ ازداد عدد دروس الكتاب المقدس.‏ وفي السنة ١٩٧٠ كان هنالك كمعدل ٩٦١‏,٤٣ درسا يُعقد كل شهر؛‏ وبعد عشر سنوات ارتفع الرقم الى ٥٠٨‏,٩٠.‏ وكانت بعض هذه مع اشخاص تقدَّموا بسرعة كبيرة.‏

صحّ ذلك في لينو مورالِس وزوجته.‏ فكان لينو قد ذهب مع صديق ليحجّ الى تمثال العذراء في بلدة في ڠواتيمالا.‏ (‏كان يعيش في المكسيك،‏ في ولاية تشيياپاس.‏)‏ واتفقا ان يدخلا كلٌّ على حدة ليتلوا صلواتهما امام التمثال.‏ يروي لينو:‏ «عندما مرّ وقت طويل ولم يخرج،‏ اختلست النظر باحترام كبير عبر باب الكنيسة،‏ ويا للسلوك غير اللائق الذي رأيته!‏ فقد كان صديقي يرفع تنورة تمثال العذراء!‏ وعندما صرخت اليه،‏ ‹ماذا تفعل؟‏› تظاهر بسرعة انه يصلّي.‏ فدعوته بتحدٍّ ان يخرج،‏ وعندما خرج رفعت قبضتيَّ لأضربه.‏ ولزمه بعض الوقت ليقنعني بما كان يفعله.‏ وعندما هدأت،‏ اخبرني ان التمثال خيَّب امله لانه عندما ركع ليقبِّل قدمَي التمثال،‏ ادرك ان الوجه والقدمَين فقط كانت مصقولة جيدا ولكن تحت الثوب كانت هنالك مجرد قطع صغيرة من الخشب.‏»‏

وهذه الحادثة مع موت ابنه الصغير،‏ اثَّرت بعمق في وجهة نظر لينو.‏ وماذا حدث بعد ذلك؟‏ تتذكر زوجته:‏ «اتت امرأتان الى بابي وتحدثتا اليَّ عن الكتاب المقدس وسرعان ما اقنعتاني بأنهما تتكلمان الحق.‏ وتركتا معي كتابا ووعدتا بأن تعودا لاحقا.‏ وبُعيد مغادرتهما،‏ ابتدأت تمطر.‏ واذ استمر المطر،‏ عادت المرأتان،‏ ولكن الآن مع زوجيهما،‏ باحثين عن مخبإ من المطر.‏ لكنَّ المطر لم يخفّ طوال بعد الظهر،‏ فاضطروا الى النوم حتى الصباح التالي في بيتي.‏ وقد استفدنا من هذا الوقت —‏ هم في تقديم حقائق الكتاب المقدس،‏ وأنا في تعلّمها.‏ وغادروا باكرا في اليوم التالي،‏ واعدين بالعودة.‏ والذي اخذ القيادة في التكلم كان فاتحا قانونيا.‏ وكان هو وزوجته من الجزء الجنوبي من الولاية؛‏ وكان رفيقهما كارالامپيو من بلدة لا ترينيتاريا.‏ ولدهشتي الكبيرة،‏ اتى زوجي الى البيت في ذلك اليوم عينه بعد الظهر.‏ (‏كان لينو يعمل بعيدا في مدرسة ريفية.‏)‏ وبعد العشاء اخبرته ان كارزين قد زاروني وتركوا معي كتابا.‏ فبدأنا بالتأمل فيه معا الى جانب الشرح الذي قدَّموه لي،‏ ولم نستطع ان نتوقف عن قراءته.‏ وقبل ان ندرك ذلك،‏ كان الليل قد انقضى وابتدأ النهار يبزغ.‏ ولم ننم تلك الليلة.‏»‏

ابتدأَت زوجة لينو تحضِّر فطورهما فيما كان لينو يُسرج الحصان.‏ وسافر في ذلك الصباح ١٢ ميلا (‏٢٠ كلم)‏،‏ كل الطريق الى لا ترينيتاريا ليبحث عن كارالامپيو.‏ ووجد البيت،‏ ولكن لم يكن هنالك احد في المنزل،‏ لأن كارالامپيو خرج ليكرز.‏ لكنَّ لينو ترك رسالة مع جاره في البيت المجاور.‏ يتذكر لينو:‏ «عدت الى البيت مكتئبا بعض الشيء،‏ ولكن يا للمفاجأة!‏ فباكرا في الصباح التالي،‏ سمعت شخصا يقرع الباب.‏ وعندما خرجت،‏ وجدت الكارزَين!‏ فحوالي الساعة السابعة مساء،‏ تلقَّيا الرسالة اننا كنا نبحث عنهما.‏ فاستعدا فورا وسافرا سيرا على الاقدام كل الليل،‏ ووصلا الى بيتي عند بزوغ الفجر.‏ وهكذا خلال اقل من ٤٨ ساعة من توزيعهما ذلك الكتاب،‏ ورغم المسافة وكون الوقت ليلا،‏ كان هذان الكارزان يقومان بزيارة مكررة.‏»‏

دامت الزيارة المكررة ثلاثة ايام!‏ وخلال هذا الوقت علَّما لينو وزوجته الحقائق الاساسية من كلمة اللّٰه.‏ وفي اليوم الرابع رافقا كلاهما الشاهدين في الكرازة للآخرين.‏ وبهذه البداية،‏ شرعت عائلة كبيرة في خدمة يهوه.‏

‏‹أَعيدوا ابني الى الحياة،‏ وإلّا فسأرميكم خارجا›‏

في ولاية واهاكا،‏ قبِل إديلبِرتو هوارِس ايضا الحق بسرعة.‏ «كنت في حداد على موت اخي وابني اللذين انتحرا في اليوم نفسه،‏» تذكَّر.‏ «وعند رؤية هذه الحادثة المشؤومة،‏ التفتُّ فورا الى آلهتي (‏التماثيل)‏ التي كانت تشغل كامل الحائط في احد جوانب بيتي وقلت لها انها يجب ان تعيد ابني الى الحياة،‏ وإلا فسأرميها خارجا.‏ وبعد ثمانية ايام،‏ عندما رأيت ان هذه الآلهة لم تعرب عن قوتها على الاطلاق،‏ ازلتها من بيتي.‏ وبكيت بكاء مرًّا على فقدان حبيبَيّ.‏

‏«اقترب مني معلم مدرسة وحاول ان يعزِّيني.‏ وأعطاني العهد الجديد واقترح ان اقرأه،‏ ولكن بما انني لم اكن قد رأيت كتابا مقدسا من قبل،‏ فانني لم اهتم به وخبأته.‏ نحو ذلك الوقت زارني خمسيني.‏ وفيما كنا نتحدث،‏ رأيت رجلا معه محفظة جلدية.‏ وعرفه الخمسيني انه واحد من شهود يهوه واقترح ان ندعوه ليدخل لانه يعرف اكثر عن الاسفار المقدسة.‏ فدخل الشاهد وعندما علم انني في حداد،‏ ابتدأ يتحدث اليَّ عن القيامة.‏ وكان ذلك في الواقع يهمني كثيرا.‏»‏

ابتدأ هذا الشاهد يزور إديلبِرتو قانونيا،‏ على الرغم من ان ذلك كان يتطلب ان يقوم برحلة طويلة سيرا على الاقدام.‏ «ثم ابتدأت اتحدث الى الآخرين عن ايماني الجديد،‏» قال إديلبِرتو.‏ «صار ثلاثة منهم مهتمين بالحق وابتدأوا يلتقون في بيتي؛‏ لذلك عندما كان الناشر يزورنا،‏ كان اربعة منا يدرسون الكتاب المقدس.‏»‏

مقررات قصيرة للدروس «الثقافية»‏

صدر كتاب الحق الذي يقود الى الحياة الابدية،‏ الكتاب الذي دُعي آنذاك ‹القنبلة الزرقاء،‏› في السنة ١٩٦٨،‏ وجرى تشجيعنا على درسه مع الناس في غضون ستة اشهر.‏ لكن لم يستغرق درسه هذه المدة الطويلة مع كل شخص.‏ ففي احدى الحالات دُرس الكتاب في اقل من اسبوعين.‏ يخبر مكتب الفرع عن ذلك:‏

‏«تعلَّمت سيدة الحق بواسطة اشتراك في برج المراقبة أُهدي لها.‏ وعندما زار خادم الكورة وزوجته مدينة مجاورة،‏ حضرت المحفل الدائري.‏ فتحدث الاخ وزوجته اليها ولاحظا رغبتها المخلصة في خدمة يهوه وفي مساعدة الناس في البلدة الصغيرة حيث تسكن.‏ ولذلك جرى الترتيب لدرس كتاب الحق معها.‏ لكنَّ المشكلة كانت عدم وجود وقت كافٍ للدرس،‏ كما ذكرت الجمعية،‏ لأنها كانت ستمكث في مدينة المحفل اسبوعين فقط ثم ستعود الى بلدتها في اعالي الجبال على متن طائرة صغيرة.‏ ولذلك ادارت زوجة خادم الكورة معها درسا مكثَّفا لمدة اسبوعين.‏ وفي الواقع أُدير الدرس من الجمعة الى الجمعة في ثلاثين ساعة،‏ وجرت تغطية كتاب الحق بكامله.‏ وقد ارادت هذه السيدة ان تستغلّ الوقت المتوافر،‏ ولذلك كان يصرف خادم الكورة وزوجته في بعض فترات ما بعد الظهر والامسيات ساعتين او ثلاثا مجيبَين عن اسئلتها العديدة.‏ وفي نهاية الاسبوعين كانت كل الاجوبة مسطَّرا تحتها في كتابها وكانت متحمِّسة جدا للعودة الى بلدتها المنعزلة ومساعدة الآخرين.‏»‏

لقد اعتمدت قبل ان تترك المدينة في نهاية الاسبوع الثاني.‏ وعندما عادت الى موطنها،‏ سرعان ما كانت تدير ثمانية دروس،‏ وكان درس برج المراقبة يُدار بحضور ١٥ شخصا،‏ وجرى تشكيل فريق منعزل.‏ وهنالك الآن جماعة في منطقتها.‏

ترتيب الشيوخ يفيد الجماعات

انسجاما مع مشورة الاسفار المقدسة من العبد الامين الحكيم،‏ أُسست ترتيبات جديدة تتعلق بالاشراف على الجماعات في السنة ١٩٧٢.‏ فكان سيُستبدل خادم الجماعة،‏ الذي كان يشرف على كل شيء،‏ بهيئة شيوخ.‏ والى الحد الممكن جرى القيام بذلك.‏ ولكن آنذاك،‏ كما هي الحال الآن،‏ كانت هنالك جماعات عديدة كان الناشرون فيها شاكرين على وجود حتى اخ واحد في وسطهم،‏ او ربما اثنين،‏ كفء ليكون شيخا.‏ وأصبح العديد من الذين كانوا خدام جماعات شيوخا تحت الترتيب الجديد،‏ لكنَّ البعض لم يبلغوا فعلا متطلبات الاسفار المقدسة.‏ واولئك الاكفاء لا يمكن ان يكونوا اشخاصا يعاملون الرعية بقساوة،‏ كما كان البعض يفعلون في الماضي.‏ (‏١ بطرس ٥:‏٢،‏ ٣‏)‏ وبوجود رجلَين او اكثر اكفاء بحسب الاسفار المقدسة يخدمون كهيئة شيوخ،‏ اصبحت الهيئة اكثر رأفة في الاعتناء بحاجات الرعية،‏ وبالتالي متمثلة بدقة اكثر بيسوع المسيح،‏ الراعي الصالح.‏

وحتى الوقت الحاضر هنالك حاجة الى مزيد من الرجال الاكفاء ليخدموا كشيوخ.‏ وبسبب النمو السريع في عدد الشهود،‏ هنالك في بعض الجماعات (‏التي كان يُشار اليها بـ‍ companies حتى السنة ١٩٨٩)‏ شيخ واحد فقط وعدة خدام مساعدين للاعتناء بها؛‏ وفي بعض الحالات،‏ يقوم الخدام المساعدون بكل المسؤوليات.‏ ففي تانتويوكا،‏ ڤيراكروز،‏ كانت هنالك جماعتان ولكن شيخ واحد فقط.‏ وقد انتقل إِنريكِه إِرناندِس مونتِس (‏شيخ وفاتح)‏ مع عائلته الى المنطقة للمساعدة.‏ وفي الجماعة التي عُيِّن فيها،‏ كان هنالك كثيرون من المهتمين بحيث لم تسَع قاعة الملكوت الجميع.‏ وكان ضروريا تنظيم الفريق في قسمين واعادة الاجتماعات للفريق الثاني.‏ وقبل سنوات قليلة وجد الشيخ الوحيد في پالمِيَّاس،‏ سينالووا،‏ ان لديه ٢١ فردا يريدون ان يعتمدوا في المحفل التالي.‏ ففعل كل ما في وسعه لمراجعة اسئلة المرشحين للمعمودية معهم جميعا.‏

وحتى حيث يكون عدد الاخوة الاكفاء محدودا،‏ ينتج ترتيب الاشتراك في المسؤوليات انتباها افضل للخراف.‏

اتيان وقت تمحيص

كانت هنالك توقعات شديدة متعلقة بالسنة ١٩٧٥ وما يمكن ان تعنيه في اتمام قصد يهوه.‏ لقد علَّق البعض آمالهم على هذا التاريخ كموعد لتدمير النظام القديم وتأسيس عالم اللّٰه الجديد.‏ وعندما لم تتحقق هذه التوقعات،‏ توقف البعض عن خدمة اللّٰه.‏ وأصبح عدد منهم مرتدِّين.‏ لكنَّ الاغلبية الساحقة من شهود يهوه دفعتهم المحبة ليهوه.‏ لقد عرفوا ان كلمة اللّٰه لا تفشل ابدا.‏

وبثقة تامة بيهوه،‏ تجهَّزت الهيئة العالمية خلال ١٩٧٥-‏١٩٧٦ لنمو اضافي.‏ ولم يخب املنا.‏ لقد شاركت المكسيك مشاركة جديرة بالملاحظة في التوسّع الذي حدث.‏ فماذا ساهم في ذلك؟‏

عائلات كبيرة اتَّحدت في خدمة يهوه

ان العائلات في المكسيك كبيرة.‏ ولذلك عندما يتأسس درس في الكتاب المقدس،‏ غالبا ما يشترك ثلاثة او اربعة اشخاص او اكثر.‏ وبشكل عام،‏ تبقى العائلات متحدة،‏ والاولاد يحترمون والديهم كثيرا.‏ واحدى نتائج ذلك هي انه اذا اعتنق الوالدون الحق يعتنقه الاولاد ايضا.‏ وعندما تُطبَّق مشورة الكتاب المقدس،‏ تقوى الروابط العائلية اكثر،‏ وغالبا ما تشارك عائلات بكاملها معا في خدمة يهوه.‏

يجري جعل الاحداث يشعرون بأنهم جزء من ترتيب الجماعة.‏ وفي الاجتماعات،‏ يحيّي كل شخص الآخرين الموجودين بمصافحة حارة —‏ ويشمل ذلك الاحداث.‏ ونادرا ما يعرب الاولاد عن موقف عدم المبالاة في الاجتماعات.‏ فالجميع يريدون ان يشاركوا،‏ وهم متشوقون الى المساعدة في النشاطات الاخرى في القاعة.‏

غالبا ما تُرى عائلات بكاملها وهي تشترك في خدمة الحقل معا.‏ وفي بعض الحالات يُبذل جهد لتشترك اغلبية العائلة في خدمة الفتح.‏ على سبيل المثال،‏ في جماعة اوريِنتِه في زاپاتا،‏ ولاية موريلوس،‏ لدى ڠيلِبالدو إرناندِس وزوجته ثلاث بنات هن فاتحات خصوصيات وثلاث هن فاتحات قانونيات (‏في مقاطعة منعزلة)‏.‏ وابناهما هما ناشران وخادمان مساعدان،‏ وابنتاهما الاخريان (‏في الـ‍ ١١ و ١٢ من العمر)‏ قُبلتا كناشرتين غير معتمدتين.‏ ففي هذه العائلة المؤلفة من ١٢،‏ هنالك ٦ ناشري جماعة و ٦ فاتحين!‏

وفي جماعة إسترِيا في مدينة أڠواسكاليِنتيس،‏ في ولاية أڠواسكاليِنتيس،‏ يخدم سابينو مارتينِس دوران كشيخ وفاتح قانوني.‏ وزوجته وابنته هما ايضا فاتحتان قانونيتان.‏ وأحد ابنائه فاتح قانوني وخادم مساعد في الجماعة نفسها.‏ والابن الآخر عضو في عائلة بتل المكسيك،‏ وابن آخر ايضا يشترك في عمل البناء في الفرع.‏

الاحترام الابوي ادَّى الى نتائج جيدة

ان احترام اعضاء العائلة واحدهم للآخر يساهم دون شك في انتشار رسالة الملكوت.‏ وما يوضح ذلك اكثر اختبار في ولاية تشيواوا.‏

سمع الشيوخ في ناڤوهوا،‏ ولاية سونورا،‏ انه في إل تريڠو دي روسو،‏ الواقعة في الجبال في ولاية تشيواوا،‏ كان هنالك اشخاص يدرسون الكتاب المقدس بمساعدة مطبوعات الجمعية،‏ ككتاب الحق.‏ فقام شيخ وخادم مساعد برحلة صعبة طوال النهار ليتحققا الخبر ويساعدا هؤلاء المهتمين حديثا.‏ فوجدا ان استاذ مدرسة وزوجته،‏ اللذين لم يكونا شاهدين،‏ يعقدان دروسا في الكتاب المقدس مع الناس.‏ وكانا يجتمعان مرتين في الاسبوع بحضور يبلغ ٢٥ الى ٣٠.‏ فكيف حدث ذلك؟‏

كانت والدة استاذ المدرسة وهي واحدة من شهود يهوه قد زارت ابنها.‏ وخلال إقامتها كرزت لبعض الناس في المنطقة ووزَّعت كتب الحق معهم.‏ واذ رأت الاهتمام الذي اظهره هؤلاء الناس،‏ توسَّلت الى ابنها وكنَّتها ان يساعداهم.‏ ولم يكن هذان الزوجان من شهود يهوه،‏ رغم ان الام كانت قد ارشدته في طرق يهوه عندما كان صغيرا.‏ ولكن بسبب محبة الابن لأمه واحترامه لها،‏ وافق ان يدرس مع الناس،‏ وطبعا كانت الكنَّة مستعدة للتعاون.‏ واذ درسا مع الفريق،‏ أُثير اهتمامهما.‏ وفي خلال اربعة اشهر اكملا كتاب الحق.‏ فرتَّب الاخَوان من ناڤوهوا لزيارات قانونية يقوم بها الشيوخ وناشرون آخرون.‏ وأول الذين اصبحوا ناشرين في هذا الفريق كان استاذ المدرسة وزوجته.‏ واعتمدا في المحفل الكوري في السنة ١٩٨٩.‏ وفي حزيران ١٩٩٠،‏ تشكَّلت جماعة من عشرة ناشرين في إل تريڠو دي روسو،‏ وتقريبا لدى كل واحد يسكن في هذه المنطقة درس في الكتاب المقدس.‏

مدرسة جلعاد الثقافية تسد حاجة

كانت لدى كثيرين من الخدام الفاتحين الاحداث في المكسيك رغبة في الخدمة في بلدان اخرى حيث الحاجة أمَسّ.‏ ولكن،‏ بسبب الحاجة العظيمة في الحقل المكسيكي،‏ لم يجرِ تشجيعهم على الانتقال خارج البلد،‏ وقليلون جدا جرت دعوتهم الى حضور مدرسة جلعاد.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ كان حضور مدرسة جلعاد يتطلَّب تعلُّم اللغة الانكليزية،‏ التي كانت صعبة على البعض.‏ ولكن خلال ١٩٨٠-‏١٩٨١ استطاع ٧٢ حدثا مكسيكيا من الفاتحين ان ينالوا تدريبا خصوصيا في مدرسة جلعاد الثقافية في المكسيك من اجل الخدمة حيث يمكن ان تكون هنالك حاجة اليهم في اميركا اللاتينية.‏

وبما انه لم تكن لدى هؤلاء المتخرجين مشكلة في اللغة وكانوا ذاهبين الى بلدان لديها حضارات مشابهة كثيرا لحضارة المكسيك،‏ استطاعوا ان يتكيَّفوا بسهولة وفق الحياة في البلدان التي جرى تعيينهم فيها.‏

تدشين تسهيلات فرع جديد

واذ استمر النمو التنظيمي،‏ صارت المكاتب في ٧١ شارع مِلكور اوكامپو اصغر من ان تعتني بالعمل الذي يجري هناك.‏ فاشترت لا تورّي دِل ڤيخيا في السنة ١٩٧٣ ارضا خارج مكسيكو،‏ في منطقة تدعى إل تيهوكوتِه،‏ وهناك بُني بتل جديد رحب يتَّسع لاكثر من مئة شخص.‏ فانتقلت عائلة البتل الى هناك ودُشِّن في نيسان ١٩٧٤.‏ وكان يبدو انه سيزوِّد مكانا فسيحا يمكِّننا من الاعتناء بالعمل سنوات عديدة.‏ لكنَّ الامر لم يكن كذلك!‏ فمع ازدياد سرعة النمو في عدد الشهود صار التوسيع ضروريا،‏ ولذلك دُشِّنت تسهيلات اضافية في السنة ١٩٨٥ ومبانٍ اضافية في السنة ١٩٨٩.‏

وبالاضافة الى تزويد تسهيلات مكتبية ومكان لايواء اعضاء عائلة البتل،‏ لزمت ايضا تدابير من اجل انتاج كميات كبيرة من مطبوعات الكتاب المقدس للحقل المكسيكي.‏ وازدادت صعوبة تسلُّم مؤن المجلات من خارج البلد.‏ فأردنا ان نطبع مجلاتنا الخاصة،‏ ولكنَّ القانون لم يسمح لجمعية مدنية بأن تقوم بذلك.‏ ولتسوية الوضع رتَّبنا في السنة ١٩٨٣ ان تطبع شركة تجارية محلية لا اتالايا ودِسپِرتاد!‏ وجرَّبنا ايضا طبع الكتب وتجليدها في دور نشر متنوعة.‏ لكنَّ افضل ما تمكَّنا من الحصول عليه بسعر معقول كان طبعات غلافها من ورق.‏ وكانت النوعية الرديئة والتسليم المتأخر مشكلتين دائمتين.‏

عندئذ تقرَّر تشكيل جمعية اخرى مخصَّصة للنشر.‏ وكان عملها ينسجم مع كل المتطلّبات القانونية لعمل كهذا في هذا البلد.‏ فجرى شراء وتجديد معمل على بعد نحو ١٥ دقيقة من البتل،‏ ورُكِّبت مطبعة جديدة هناك.‏ ويا للفرح عندما أُعلن ان جمعية برج المراقبة في بروكلين ارسلت مطبعتين دوارتين من نوع مان على متن سفينة متَّجهة الى المكسيك!‏ ولكن كم كان مخيبا للامل ان نعلم انه عندما واجهت السفينة عاصفة هوجاء على الطريق،‏ دمِّرت المطبعتان تدميرا شبه تام!‏ فتوجَّه روبرتو ڠاما،‏ عضو في لجنة الفرع،‏ الى مرفإ ڤيراكروز ليتسلم المطبعتين —‏ او ما تبقَّى منهما.‏ فبكى عندما رآهما.‏

فهل يمكن بناء هاتين المطبعتين من جديد؟‏ ربما في وقت آخر وفي ظروف اخرى كانت ستفكَّك المطبعتان الى قطع.‏ ولكن في هذه الحالة،‏ كان يجب ان تشغَّلا،‏ ولم يكن ذلك مهمة مستحيلة على الاخوة الذين تعلَّموا كيفية ابتكار ايّ شيء واستعماله لتزويد ضرورات الحياة.‏ فأرسلت الجمعية اخوَين من بروكلين لمساعدة الاخوة المكسيكيين،‏ وبالجهد والمثابرة العظيمين،‏ مع الصبر،‏ أُصلحت القطع المكسورة او استُبدلت ورُكِّبت المطبعة الاولى.‏ والشكر ليهوه،‏ صارت تعمل!‏ وبعد ذلك أُصلحت المطبعة الثانية.‏

كان هنالك فرح حقيقي عندما طُبعت لا اتالايا عدد ١ تشرين الاول ١٩٨٤.‏ وبدأ طبع دِسپِرتاد!‏ ابتداء من عدد ٢٢ ايار ١٩٨٥.‏ وكم كان مريحا اخيرا قطع العلاقات مع شركات الطبع العالمية!‏

كانت ستصل مطبعتَا أوفست بشريط ورق تطبع بأربعة الوان من نوع هانشو في السنة ١٩٨٧،‏ ولذلك جرى توسيع المعمل ليتسع لهما.‏ وفي ايلول سنة ١٩٨٨،‏ طُبعت ‏«ميرا!‏ إستوي اسيِندو نوِيڤاس توداس لاس كوساس»‏ (‏كراسة ‏«ها انا اصنع كل شيء جديدا»‏‏)‏ بالالوان الطبيعية!‏ ومنذ ذلك الحين تُطبع هنا كل الكتب والمجلات الضرورية للمكسيك،‏ وكذلك للعديد من بلدان اميركا الوسطى.‏ وتطبع المطبعتان بأربعة الوان اربعة ملايين مجلة في الشهر.‏

جماعة شهود يهوه في المكسيك

كانت هيئة شهود يهوه في المكسيك تعمل دائما وفق القواعد الاساسية نفسها المتَّبعة في الانحاء الاخرى من العالم.‏ ومنذ السنة ١٩٣١،‏ حدَّد ايضا الاخوة هويتهم افراديا كشهود ليهوه.‏ ولكن،‏ لسنوات عديدة،‏ كان ضروريا ان تعمل الهيئة في المكسيك كجمعية مدنية وتثقيفية،‏ كما جرى توضيحه سابقا.‏

إلا انه في عقد ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ ابتدأت التغييرات تحدث.‏ فكان ممثلو الحكومة يزورون بشكل متكرر بعض اماكن اجتماعاتنا ويصرّون ان يجري تسجيلها لدى الحكومة كأماكن للاجتماعات الدينية وأن تصبح ملكية فدرالية.‏ ومن جهة اخرى،‏ ازدادت صعوبة استئجار اماكن عامة من اجل محافلنا الكورية والدائرية لأن السلطات اصرَّت ان القانون يمنع الاجتماعات الدينية في الاماكن العامة.‏

قاد ذلك الى اجتماعات مع ممثلي الحكومة في السنة ١٩٨٨.‏ وقد علمنا ان السلطات،‏ رغم انه لم يكن لديها تشكٍّ من هيئتنا من جهة السلوك،‏ شعرت بارتياب كبير بسبب ما اخبرها الآخرون عن هيئتنا وموقفنا من الرموز الوطنية.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ كانوا يعتقدون ان هيئتنا تعمل سرا لأنه لا يمكن تحديد اماكن الاجتماعات بسهولة.‏ وفي اجتماعاتنا مع السلطات،‏ نالت شهادة مفصَّلة عن معتقدات شهود يهوه.‏ وجرى توضيح موقف حيادنا المسيحي،‏ وكذلك احترامنا للسلطات الحكومية،‏ مع الموازنة بين ذلك وإصرارنا على الاحجام عما نعتبره صنمية.‏ وكان القرار النهائي الناتج عن هذه المقابلات ان هيئتنا يجب ان تعمل علانية كدين شهود يهوه،‏ حتى لو عنى ذلك ان كل اماكن اجتماعاتنا ستصير ملكا للحكومة.‏ كان ذلك سيسمح للسلطات بأن تتعرَّف بعملنا بشكل افضل،‏ وشعرنا بأن ذلك يجب ان يعطي نتائج ايجابية.‏ ورغم ذلك،‏ لم تُحل المسألة المتعلقة بكيفية تمكننا من عقد محافل كبيرة.‏

في السنة ١٩٨٩،‏ وبموافقة الهيئة الحاكمة،‏ كُتبت رسالة الى كل الجماعات تقول انه ابتداء من ١ نيسان سنعمل في المكسيك كهيئة دينية.‏ وبعد ذلك،‏ أُعطيت تفاصيل اضافية في عدد حزيران من نوِيسترو مينيستِريو دِل راينو (‏خدمتنا للملكوت‏)‏ التي كانت تُدعى إنفورمادور (‏المخبر‏)‏ دي لا تورّي دِل ڤيخيا.‏ ومنذ ذلك الحين صار الكتاب المقدس يُستعمل من بيت الى بيت،‏ وصارت الصلوات تُقال في الاجتماعات.‏ وفي ما بعد ابتدأنا نرنِّم الترانيم في الاجتماعات.‏

يمكنكم ان تتخيَّلوا الفرح الذي جلبه ذلك للجماعات!‏ وسالت دموع الفرح على وجوه الاخوة في قاعات الدرس الثقافي،‏ او قاعات الدرس (‏التي صارت الآن قاعات الملكوت)‏،‏ وفي المحافل الكورية والدائرية عندما ابتدأت الصلوات والترانيم الجماعية.‏ وفضلا عن ذلك،‏ فإن الاستعمال المباشر للكتاب المقدس في شهادتنا من بيت الى بيت بثَّ في الاخوة غيرة متزايدة،‏ جعل عملهم اكثر فعَّالية،‏ ومنحهم اكتفاء عظيما.‏ ودون ادراك الامر كاملا،‏ اقمنا ايضا اساسا للدفاع عن مسلك حياتنا المسيحي على الصعيد القانوني.‏

الاولاد الشهود تحت ضغط كبير

كان اولاد شهود يهوه يخضعون دائما لضغط كبير لأنهم لا يحيُّون العلم ‏—‏ ايّ علم كان.‏ وقد اوضح الاولاد افراديا او بصحبة والديهم موقفهم لمعلِّميهم.‏ فكان يُقبل توضيحهم احيانا،‏ ولكن في اغلب الحالات،‏ كانوا يُطردون من المدرسة.‏ وعندما كان يُطرد الاولاد،‏ كان الوالدون يبحثون عن مدرسة معلِّموها اكثر تساهلا بحيث يمكن ان يكمل الاولاد تعليمهم.‏ ولكن لم يكن ممكنا فعل شيء قانونيا لأنه لم يكن هنالك اساس للدفاع عن حقوق الاولاد امام السلطات.‏

واذ ازداد عدد الناشرين،‏ ازداد الضغط على الاولاد الشهود.‏ وانتقدت مقالات الصحف موقف شهود يهوه.‏ ولكن بما اننا نعمل الآن كهيئة دينية في المكسيك،‏ حان الوقت لمباشرة حملة دفاع عن الضمير المسيحي للاولاد الشهود في المدارس.‏

معركة من اجل حرية الضمير في المدارس

في السنة ١٩٨٩،‏ جرى القيام بمناشدات قوية للسلطات الفدرالية في سبيل حق الاولاد في التعلُّم وفقا لما يضمنه دستور البلد.‏ وتعاون المحامون الشهود في كل البلد مع اللجان التي تألَّفت لتنسيق معالجة هذه القضايا تحت توجيه قسم القضايا القانونية في الفرع.‏ وعندما جوبه رسميو المدارس بدعوى قانونية،‏ تنازل كثيرون منهم.‏ لقد رُفعت اكثر من مئة قضية الى المحكمة.‏ فحُكم في تسع وأربعين لمصلحة شهود يهوه،‏ و ٢٨ لا تزال معلَّقة.‏ واستُؤنفت ثمانٍ وعشرون قضية امام ماخيسترادوس دي لوس كولِخيادوس دي سيركويتو (‏المحاكم التي هي اعلى من القضاة الفدراليين)‏،‏ وصدرت في ١٤ منها احكام مؤاتية،‏ مما وضع سابقة قانونية للمحاكم الادنى.‏ لم يُمنح الاولاد ايّ اعفاء،‏ لكنَّ القضاة حكموا،‏ وفقا للقانون،‏ انه لا يمكن ان يُحرم ايّ ولد من التعلم لأي سبب.‏ وعندما كان رسميو التعليم يتصرفون اعتباطيا،‏ كانت تتدخَّل السلطات الفدرالية في العديد من القضايا.‏ وأصبح بعض رسميي التعليم الرسمي اكثر تعقُّلا في ما يتعلق بالامر،‏ وأصدروا بعض التوجيهات المؤاتية.‏

نُظِّم برنامج ليزور الشهود رسميي المدارس في كل انحاء البلد لاعطائهم معلومات مباشرة عن موقف شهود يهوه من الاحتفالات المدنية.‏ فجرى اعطاؤهم معلومات مؤسسة على الكتاب المقدس والقانون.‏ وكان عديدون منهم يعرفون القليل جدا عن شهود يهوه.‏ وتدريجيا ادرك الرسميون ان رفض الاولاد الشهود الاشتراك في احتفالات معيَّنة هو موقف متعلق بالضمير ومؤسَّس على مبادئ دينية وأنهم مع ذلك يحترمون الرموز الوطنية والسلطات.‏ (‏خروج ٢٠:‏٤؛‏ رومية ١٣:‏١‏)‏ ورغم ان المشاكل لم تُحلّ كاملا،‏ فقد قُدِّمت شهادة جيدة للقضاة،‏ رسميي المدارس،‏ والمعلِّمين،‏ ونتيجة لذلك،‏ اهتم بعضهم بالحق.‏ —‏ متى ١٠:‏١٨-‏٢٠‏.‏

يزور الاخوة الآن احد القضاة الفدراليين في سيوداد هوارِس،‏ تشيواوا،‏ الذي كان قد اصدر قرارا مؤاتيا.‏ وأخبرهم مؤخرا انه قد انتهى تقريبا من قراءة كتاب الحياة —‏ كيف وصلت الى هنا؟‏ بالتطوُّر ام بالخَلق؟‏ ثم فتح جارور مكتبه وقال،‏ «لديَّ هنا الكتاب المقدس الذي جلبتموه لي،‏ وهذان الكتابان هما افضل رفيقين لي.‏»‏

وثمة قاضية فدرالية اخرى في تشيلپانسينڠو،‏ ڠيريرو،‏ كانت قد اعلنت قرارا مؤاتيا،‏ طلبت من الاخوة ان يوضحوا لها موقف حيادنا المسيحي.‏ فقدَّرت التوضيح وأشارت الى انه رغم عدم فهمها موقفنا بوضوح من قبل،‏ كانت سعيدة لأن قرارها،‏ الذي كان متوافقا مع القانون،‏ كان لمصلحتنا.‏ وقبلت ايضا بعض مطبوعات الكتاب المقدس.‏

المحافل الكورية والدائرية —‏ شهادة عظيمة

وكيف تأثَّر عقد محافلنا الكورية والدائرية بواقع ان هيئتنا صار يُعترف بها الآن لا كمجرد جمعية ثقافية بل كدين شهود يهوه؟‏ عندما عُرضت اولا هذه الحالة في السنة ١٩٨٨ على السلطات،‏ ارشدونا الى القانون الذي لا يسمح للاديان بأن تعقد اجتماعات علنية خارج اماكن اجتماعاتها العادية.‏ واقترحوا في ذلك الوقت انه بدلا من استخدام اماكن عامة،‏ لدينا تسهيلاتنا الكبيرة الخاصة من اجل المحافل الكورية والدائرية.‏ فألححنا في السؤال عمّا اذا كان بإمكاننا الحصول على اذن خصوصي لعقد تجمُّعاتنا الكبيرة في اماكن عامة.‏ فقالوا انه بإمكاننا ان نقدِّم طلباتنا،‏ وسيجري التَّأمل فيها.‏ لم يمنعونا من عقد اجتماعاتنا الكبيرة،‏ لأننا كنا نعقدها دائما وكانت اديان اخرى تقوم ايضا بتجمعاتها الدينية العلنية.‏ يتذكر احد الاخوة المسؤولين في الجمعية كيف انتهى ذلك الاجتماع:‏ «عندما كنا نودِّعهم،‏ قلت،‏ ‹لقد فهمنا اننا سنستمر كما كنا نفعل حتى يُعدَّ ترتيب آخر.‏› فوافقوا،‏ وتبادلنا التحيات في جو ودّي.‏»‏

ولذلك استمرت الجمعية في الترتيب للمحافل الكورية والدائرية،‏ لكننا ابتدأنا نستعمل بطاقات تُعلَّق على طية صدر السترة،‏ تماما كما يفعل الشهود في باقي انحاء العالم.‏ وابتدأنا نرنِّم ونصلّي في محافلنا.‏ وبدلا من تجنب الاعلان،‏ رحَّبنا بلطف بالمراسلين.‏ وتأثَّر المفتشون الحكوميون الذين حضروا المحافل في مواقع مختلفة بشكل مؤات.‏ وببركة يهوه،‏ قدَّمت المحافل شهادة عظيمة لاسمه.‏

وخلال الاشهر الاخيرة من سنة ١٩٩٣،‏ عُقدت محافل «التعليم الالهي» الكورية الـ‍ ١٦١ في ٧٤ مدينة،‏ وبلغ عدد الحضور ٠٤٠‏,٨٣٠ وعدد المعتمدين ٦٦٢‏,١٥.‏ وكان ذلك بالتأكيد متباينا مع البدايات الباكرة.‏

دعوة استيقاظ للكنيسة الكاثوليكية

تحدَّث عدد كبير من الصحف في البلد بشكل ايجابي جدا عن بعض محافلنا الأخيرة،‏ وقدَّم ذلك بدوره شهادة انعكست ايجابيا على اسم يهوه.‏ قالت إِل نورتِه عدد ٢٧ تشرين الاول ١٩٩١ في مونتيري،‏ ولاية نويڤو ليون:‏ «رغم ان ٠٠٠‏,٢٥ من شهود يهوه كانوا في ملعب مونتيري للبايسبول،‏ لم تكن هنالك في الداخل نفايات،‏ دفع،‏ صراخ،‏ ولم تكن هنالك حاجة الى دوريات شرطة .‏ .‏ .‏ حضر الحشد،‏ الاولاد،‏ المراهقون والراشدون،‏ الحدثَ باللباس الرسمي؛‏ فكان الرجال مميَّزين بوضع ربطة عنق والنساء بالتنانير الطويلة ذات الالوان غير الفاقعة.‏ وفي يد كل واحد تقريبا نسخة من الكتاب المقدس،‏ ترجمة الشهود الخاصة التي تُدعى ترجمة العالم الجديد،‏ التي كان الجميع يستخدمونها كلَّما اشار الخطباء الى بعض الاصحاحات فيها.‏» وفي المدينة نفسها اقتبس تقرير اخباري كلمات مونسنيور كاثوليكي قال:‏ «ان الرسالة التي تركها الاجتماع السنوي لشهود يهوه كانت دعوة استيقاظ للكنيسة الكاثوليكية الى تعزيز ايمانها.‏»‏

ووصفت مراسلة صحفية كانت حاضرة في محفل لشهود يهوه في ارينا مِهيكو ما رأته وسمعته ثم قالت:‏ «بالنسبة اليّ،‏ انصرفت وأنا مستغرقة في التفكير.‏ ونظرت حولي الى ابرشياتنا،‏ مجتمعاتنا،‏ نظرت الى داخلي وشعرت بالخجل من الدليل الضعيف الذي اقدِّمه على الايمان الذي أعترف به وأعتقد به بثبات.‏ .‏ .‏ .‏ لذلك غادرت محفل شهود يهوه،‏ فاحصة ضميري وطالبة القوة للصيرورة شاهدة حقيقية للايمان الحقيقي.‏» وفي مدينة مونكلوڤا الشمالية،‏ ولاية كوواويلا،‏ قالت صحيفة لا ڤوس:‏ «يجب ان نعترف بحقيقة ما ينجزونه .‏ .‏ .‏ منذ ايام قليلة،‏ في هذا المكان نفسه،‏ كان لدى الكاثوليك اجتماع وكان حاضرا ايضا قائد الكنيسة الكاثوليكية في الولاية ولم يبدُ المدرَّج نظيفا كما هو الآن .‏ .‏ .‏ حتى بعد ثلاثة ايام من الاجتماعات،‏ نظَّفوا المدرَّج قبل ان يتركوه .‏ .‏ .‏ وبيقين نجرؤ على القول ان الوقت الوحيد الذي يبدو فيه هذا الملعب جميلا و‹صالحا للاستعمال› هو عندما يعقد شهود يهوه اجتماعاتهم فيه.‏»‏

قضية الاستعمال الملائم للدم

ان وضعنا الشرعي الحاضر في المكسيك كشهود ليهوه جعلنا في حالة افضل للدفاع عن موقفنا المؤسس على الكتاب المقدس في ما يتعلق بالدم.‏ لقد كان صعبا دائما ان يحصل اخوتنا على الانتباه في المستشفيات.‏ ولم يكن الاطباء في المكسيك معتادين ان يجري الشك في معرفتهم وسلطتهم بشأن الاعتناء بمرضى المستشفيات.‏ فكان الاخوة الذين يحتاجون الى عملية يوضحون موقفهم الديني للاطباء،‏ ولكن لم يكن يُحترم ضميرهم إلا في حالات قليلة جدا.‏ وكان عليهم ان يذهبوا من مؤسسة طبية الى اخرى محاولين ايجاد اطباء يعالجونهم دون استعمال الدم.‏

وبقصد تحسين الوضع،‏ عُقد مؤتمر طبي في المكسيك من ٢٥ الى ٢٧ كانون الثاني ١٩٩١.‏ وأشرف عليه اخوة من بروكلين.‏ وبعد ذلك تأسَّس مكتب معلومات المستشفيات في مكتب الفرع،‏ وشُكِّلت لجان الاتصال بالمستشفيات في كل انحاء البلد.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ تتسلَّم المؤسسات الطبية في البلد كمية كبيرة من الشهادة حول موقف شهود يهوه من الدم.‏

في نيسان ١٩٩١،‏ دُعي بعض الاخوة الذين يعملون في لجان الاتصال الى آكابولكو،‏ ولاية ڠيريرو،‏ من اجل اول مؤتمر لاميركا اللاتينية حول طب نقل الدم وبنوك الدم.‏ وحضر ممثلون من ١٢ بلدا في اميركا الوسطى والجنوبية.‏ وذُكر في خطاب بعنوان «التنظيم،‏ المقايسة،‏ والاطار القانوني» ان «شهود يهوه هم فريق يرفض بسبب اقتناعاته الدينية استخدام الدم،‏ وهذا يجعل البحث عن بدائل الزاميا.‏» والطبيب الذي قدَّم هذه المعلومات تحدَّث بإيجاز عن لجان الاتصال بالمستشفيات.‏ فكانت قد جرت قبلا مقابلة مع هذا الطبيب وعرف كيفية تنظيمنا.‏ وكانت هنالك فترة مخصَّصة للاسئلة،‏ وعندما اصرَّ البعض ان الحياة يجب ان تُنقذ رغم الاقتناعات الدينية،‏ قال الطبيب ببساطة،‏ «اذا اردتم تجنب المشاكل القانونية،‏ فمن الافضل ان تعاملوا هذا الفريق الديني باحترام.‏» ثم اضاف انه،‏ بحسب قانون الصحة العام،‏ يجب الحصول على موافقة المريض قبل استخدام الدم.‏

وقُدِّمت سلسلة اخرى من الخطابات في قاعة الاجتماعات في محكمة العدل العليا.‏ وخلال احد الخطابات،‏ طرح محام سؤالين يؤثران في شهود يهوه:‏ «هل هو شرعي حرمان شهود يهوه من الخدمات الصحية لمجرد انهم لا يتبرعون بالدم؟‏» و «هل هو صحيح وشرعي نقل الدم بالقوة الى المرضى الشهود؟‏» وأظهر المدير القانوني لامانة سر وزارة الصحة انه لا يوجد شيء في القانون يتطلَّب ان يتبرَّع المريض بالدم لقاء العناية الطبية.‏ ذكر:‏ «ان العناية الطبية واجب يفرضه الدستور العام للجمهورية على كل المؤسسات الطبية،‏ ويجب ان تُقدَّم دون ايّ قيد.‏ ان رفض تقديم العناية الطبية هو جريمة.‏» وهذه الخطابات مهَّدت الطريق لبعض المقابلات الايجابية جدا مع رسميي امانة سر وزارة الصحة.‏

يقول تقرير من مكتب معلومات المستشفيات:‏ «جرت مقابلة المدير القانوني لامانة سر وزارة الصحة في المكسيك.‏ وجرى توضيح ترتيب لجان الاتصال بالمستشفيات،‏ فاعتبر ذلك رائعا جدا.‏ ثم طلب منا ان نوضح مباشرة من الكتاب المقدس اساس موقفنا الديني.‏ وبدا انه فهمه جيدا وقال انه سيجعلنا على اتصال بمراجع طبية اخرى لكي يسمعوا هم ايضا موقفنا والترتيبات التي لدينا.‏ كانت احدى المقابلات التي تلت مع طبيب هو رئيس قسم تسجيلات الزرع وقد قام بعمليات زرع كُلى لشهود يهوه بنجاح كبير.‏ وبرهنت هذه المقابلات انها ممتعة جدا،‏ لأن الاطباء كانوا متأثرين بالطريقة التي صرنا فيها منظمين على نطاق عالمي لإحراز تفاهم افضل بين المرضى الشهود وهيئة مستخدمي المستشفيات.‏»‏

الأعداد تتكلَّم

بينما كان كل ذلك جاريا،‏ استمر الناشرون نشاطى في الكرازة بالبشارة.‏ وحدث نمو بارز منذ السنة ١٩٣١ حين قدَّم ٨٢ تقريرهم عن خدمة الحقل.‏ وبحلول السنة ١٩٦١،‏ كانت لدينا ذروة ١٧١‏,٢٥ ناشرا.‏ وتحسَّن نشاط دروس الكتاب المقدس،‏ ولكن لم يكن هنالك اخوة كثيرون بعدُ مدرَّبون على ادارة دروس.‏ فتعلَّم الناشرون شيئا فشيئا،‏ وقاد ذلك الى احرازهم نجاحا اكبر في العمل من بيت الى بيت،‏ في القيام بزيارات مكررة،‏ وفي ادارة دروس الكتاب المقدس.‏

ولذلك بحلول السنة ١٩٧١ كانت هنالك ذروة جديدة من اكثر من ٠٠٠‏,٥٠ ناشر.‏ وفي سبع سنوات من ثمانٍ،‏ كانت لدينا زيادة اكثر من ١٠ في المئة؛‏ وأحيانا وصلت الى ١٤ في المئة.‏ والى جانب ذلك،‏ كان يعتمد اكثر من ٠٠٠‏,٥ شخص كل سنة تقريبا خلال سبعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ ولزمت عشر سنوات فقط بعد السنة ١٩٧١ لتزداد صفوف الناشرين ٠٠٠‏,٥٠ تقريبا.‏ وفي السنة ١٩٨١،‏ كانت هنالك ذروة ١٧١‏,١٠١.‏ وبحلول ذلك الوقت قارب عدد دروس الكتاب المقدس ذروة عدد الناشرين،‏ ومن ذلك الوقت فصاعدا،‏ هنالك كمعدل اكثر من درس بيتي في الكتاب المقدس لكل ناشر.‏

لم تخفَّ غيرة الاخوة لخدمة الحقل.‏ فقد انتهت سنة الخدمة ١٩٩٤ بذروة ٥٩٣‏,٤٠٤ ناشرا.‏ ويبلغ عدد دروس الكتاب المقدس الآن اكثر من ٠٠٠‏,٥٣٥.‏ وكان عدد الحضور في احتفال الذكرى ١٦٠‏,٣٧٩‏,١ في السنة ١٩٩٤،‏ مما يشير الى ان ١ من كل ٦٣ شخصا في البلد قد حضر.‏ ويظهر الجدول ادناه كيف ازداد نشاط خدام يهوه في هذا البلد خلال السنوات منذ ١٩٣١.‏

كما يظهر الجدول،‏ شهد العقد الذي ابتدأ سنة ١٩٨١ زيادة سريعة في عدد الدروس البيتية في الكتاب المقدس،‏ من معدل ٦٣٦‏,١٠٠ في السنة ١٩٨١ الى ٣٨٩‏,٤٧٢ في السنة ١٩٩١،‏ زيادة ٣٦٩ في المئة في عشر سنوات،‏ ولم تتوقَّف!‏

ان الابتداء بدرس في الكتاب المقدس سهل جدا في المكسيك.‏ مثلا،‏ عرض ناشر في مونتيري،‏ ولاية نويڤو ليون،‏ درسا في الكتاب المقدس على امرأة في المرة الاولى التي تحدَّث اليها على الباب.‏ فقبلت حالا.‏ ولاحقا سأل عن سبب موافقتها بسرعة على درس الكتاب المقدس في بيتها.‏ فأجابت:‏ «انت اول شخص يعرض عليَّ درسا في الكتاب المقدس.‏»‏

‏‹الناشرون يفيضون حماسة›‏

يسأل كثيرون من الناس:‏ «ما هو سر الزيادات البارزة في المكسيك في العقد الماضي؟‏»‏

يجيب احد اعضاء لجنة الفرع:‏ «في كل مكان من البلد يفيض الناشرون حماسة،‏ ويبدو البلد بكامله مهتما جدا بالحق.‏ يتمتع الاخوة بسرد اختباراتهم في خدمة الحقل ويطلبون ان يسمعوا اختباراتكم ايضا.‏ الحق يغمر الاخوة،‏ وحياتهم تدور حول الحق.‏ والناشرون غيورون جدا ويكرزون ببشارة الملكوت حيثما يذهبون وقد بارك يهوه جهودهم.‏ وتلخِّص الامثال ١٠:‏٢٢ الامر جيدا بهذه الكلمات:‏ ‹بركة يهوه هي تغني.‏› وشائع جدا ايضا ان يبدأ الاشخاص بحضور الاجتماعات في الوقت نفسه الذي فيه يبدأون بدرس الكتاب المقدس.‏ فهم يبدأون بالدرس عازمين على الصيرورة من شهود يهوه.‏ وهذا يساعدهم على التقدم بسرعة في الحق.‏»‏

مدرسة تدريب الخدام

هنالك الآن تدبير اضافي لمساعدة الاخوة في المكسيك على الصيرورة مجهَّزين بشكل افضل للاعتناء بالحقل الخصب —‏ مدرسة تدريب الخدام.‏ ابتدأ اول صف في المكسيك في تشرين الثاني ١٩٩١.‏ وقد عُقد اثنا عشر صفا منذ ذلك الحين.‏ انه مقرَّر لثمانية اسابيع اعدَّته لجنة التعليم.‏ وتُصمَّم المواد خصوصا لإعداد الشيوخ والخدام المساعدين لسدّ الحاجات الملحَّة في الهيئة الثيوقراطية.‏ وتحت اشراف لجنة الخدمة في الهيئة الحاكمة،‏ يُدعى اخوة عزاب اكفاء في المكسيك الى الحضور لتدريبهم بهدف تحمُّل مسؤوليات اضافية في مناطق حيث الحاجة اعظم.‏ وفي بعض الحالات يعني ذلك الخدمة في بلدان اخرى.‏

تجاوبَ الاخوة بحماس.‏ فعندما أُعلن اولا عن هذه المدرسة،‏ ملأ ٦٠٠ الطلبات التمهيدية!‏ ولأن اخوة احداثا كثيرين يستمرون في جعل انفسهم متوافرين،‏ يُعقد صفان في وقت واحد اكثر من مرة في السنة.‏ ونتيجة لذلك،‏ تُقدَّم عناية افضل لرعية اللّٰه في هذا الجزء من العالم.‏

الفاتحون يستمرون في افتتاح مقاطعات منعزلة

بوجود اكثر من ٨٠٠‏,٩ جماعة في كل انحاء البلد،‏ عُيِّنت الآن كل المدن والبلدات كمقاطعة جماعة.‏ ومع ذلك،‏ هنالك مقاطعات منعزلة كثيرة.‏ ويجعل الفاتحون انفسهم متوافرين للوصول اليها.‏ فيحصلون على عمل بدوام جزئي،‏ او تدعمهم عائلاتهم بطرائق متنوعة،‏ بحيث يتمكنون من الخدمة في هذه المناطق.‏

والى جانب هؤلاء هنالك ٦٧١ فاتحا خصوصيا يخدمون الآن،‏ وغالبا في جماعات صغيرة وأماكن نائية لم تصل اليها البشارة من قبل.‏ انهم يقومون بعمل جيد.‏

وبين الفاتحين الخصوصيين،‏ يخدم البعض كفاتحين متجوِّلين كما يمكن ان ندعوهم.‏ فهم ينتقلون من مكان الى آخر ضمن منطقة معيَّنة لكي يصلوا الى اناس يعيشون في مقاطعات لا يمكن الوصول اليها تقريبا.‏ ويستعمل هؤلاء الاخوة شاحنة صغيرة مغطاة تحمل مؤونة وافرة من المطبوعات ومجهَّزة للنوم.‏ وهكذا يكون لديهم مكان للنوم عندما يدركهم الليل.‏ ولكن في الجبال،‏ غالبا ما يتركون الشاحنة في آخر الطريق وينطلقون سيرا على الاقدام،‏ حاملين الطعام والمؤن الاخرى في حقائب ظهر.‏ وطوال السنوات الخمس الماضية،‏ عيَّنت الجمعية فِرقا عديدة من الاخوة لتقوم بهذا العمل،‏ مما اعطى نتائج ممتازة.‏

وما يلي احد الامثلة للاختبارات المثيرة العديدة التي تمتع بها هؤلاء الاخوة الغيورون:‏ «وجدنا في بلدة ألتاميرانو،‏ في ولاية ڠيريرو،‏ كثيرين من الناس المهتمين بحق كلمة اللّٰه.‏ وفي مجرد شهر واحد ابتدأنا بـ‍ ٤٠ درسا في الكتاب المقدس في بيوت الاشخاص المهتمين.‏ كان احد الدروس مع رجل كاثوليكي بيته ممتلئ صورا.‏ فعندما اتضح له كم خاطئة هي الصنمية في عينَي يهوه وعندما قرأ في كتاب ان تحيوا الى الابد عن ذلك،‏ حطَّم كل صوره.‏ دعوناه الى المحفل الكوري لسنة ١٩٩١ فحضر مع ستة اشخاص آخرين.‏ وابتدأ بحضور كل الاجتماعات،‏ رغم انه كان يجب ان يسافر مسافة ٤٥ كيلومترا [٢٨ ميلا] ليصل الى هناك.‏ وهو يتمم الآن المتطلبات ليكون ناشرا نشيطا.‏»‏

نتيجة لجهود هؤلاء الفاتحين،‏ وُزِّع الكثير من مطبوعات الكتاب المقدس،‏ وتأسَّ‍ست جماعات صغيرة في اماكن لم يكن هنالك فيها شهود من قبل.‏ واذ عبَّر احد الفاتحين عن شعوره تجاه هذا العمل،‏ كتب:‏ «زرنا اماكن جميلة وأناسا رائعين كانوا مستعدين للاستماع.‏ حتى ان كثيرين بكوا وطلبوا منا ان نمكث عندهم مدة اطول،‏ ويجعلكم ذلك حقا تريدون ان تمكثوا بسبب الحاجة هناك .‏ .‏ .‏ وجعلنا ذلك ايضا ندرك كم محب هو يهوه ليستخدم خدامه في نقل البشارة الى هؤلاء الناس الفقراء والمتواضعين الساكنين في مثل هذه المقاطعات المنعزلة.‏»‏

‏‹قاعات اكثر وأفضل›‏

يبدو انه لا يوجد وقت كاف لفعل كل ما يلزم فعله في المكسيك.‏ لقد جرى توسيع برامج البناء لتشمل قاعات الملكوت وقاعات المحافل.‏ وصار شعارنا،‏ «قاعات ملكوت اكثر،‏ افضل،‏ وأكبر،‏» والاخوة في كل انحاء البلد يبنون بحماس اماكن افضل للاجتماعات.‏ وبسبب حضور نحو ٠٠٠‏,٨٠٠ شخص المحافل الكورية،‏ صار استئجار التسهيلات المناسبة صعبا.‏ فمُنح الانتباه لبناء قاعات محافل يمكن ان تسع ليس فقط حضور المحافل الدائرية بل ايضا المحافل الكورية الصغيرة.‏ وفي ظل القوانين الحاضرة،‏ وببركة يهوه،‏ هنالك توقعات رائعة جدا في هذا الخصوص.‏

أُكمل مشروع بارز في مدينة رَينوزا الواقعة على الحدود في ولاية تاموليپاس.‏ لقد تبرَّع رجل كريم بـ‍ ١٠ اكرات [٤ هكتارات] من الارض لبناء قاعة محافل.‏ فعمل اخوة من ثماني دوائر مجاورة في المشروع بحماس،‏ مقدِّمين تضحيات شخصية عظيمة لبناء قاعة محافل تتَّسع لـ‍ ٦٠٠‏,٣ شخص.‏ ويضع ذلك نموذجا نأمل ان نتبعه في انحاء اخرى من البلد.‏ وفي تشرين الثاني ١٩٩٢،‏ دشَّن ألبرت شرودر من الهيئة الحاكمة قاعة المحافل هذه في رَينوزا.‏

طوال عدد من السنين،‏ كانت لدينا قاعتان صغيرتان للمحافل في مكسيكو.‏ وكل واحدة تسع نحو الف شخص.‏ ولكن في ٩ ايار ١٩٩٣،‏ في ضاحية مدينة تولتيتلان،‏ دشَّن جون إ.‏ بار من الهيئة الحاكمة قاعة جميلة تتَّسع لـ‍ ٠٠٠‏,٣ شخص.‏ وقد بناها اخوة حماسيون من مكسيكو في سنة واحدة فقط.‏ ان قاعة المحافل هذه هي حقا اكرام ليهوه.‏

بناء على نطاق اوسع من ايّ وقت مضى

استمر نشاط شهود يهوه في التوسع بسرعة كبيرة.‏ فخلال السنوات العشر الماضية فقط،‏ ازداد عدد الشهود من نحو ٠٠٠‏,١٥٠ الى اكثر من ٠٠٠‏,٤٠٠.‏ وارتفع عدد الافراد والفرق العائلية الذين تُدار معهم دروس بيتية في الكتاب المقدس من نحو ٠٠٠‏,١٨٠ الى اكثر من ٠٠٠‏,٥٣٥.‏ وتلزم كميات كبيرة من مطبوعات الكتاب المقدس للدرس.‏ وفي السنة الماضية وزَّع شهود يهوه في المكسيك اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٣٠ كتاب،‏ كراس،‏ ومجلة توضح الكتاب المقدس،‏ بالاضافة الى ملايين النشرات.‏ وهنالك مشروع جارٍ لبناء فرع جديد —‏ اكبر مشروع جرى حتى الآن.‏ وسيزوِّد المأوى لنحو ٨٠٠ خادم بتل اضافي.‏ وحجم المعمل سيكبر اربع مرات.‏ ويتطلَّب مشروع البناء نحو خمس سنوات والكثير من التعاون الاممي.‏

نتطلَّع الى الامام الى حيازة معمل قادر على انتاج كتب مقدسة،‏ كتب،‏ كراريس،‏ مجلات،‏ ومطبوعات اخرى بكميات كافية لسدّ الجوع الروحي للناس المخلصين ليس فقط في المكسيك بل ايضا في بلدان اخرى في اميركا اللاتينية.‏

رعاة روحيون لرعية اللّٰه

يشرف الاخوة الذين يؤلفون لجنة الفرع على مجالات متنوعة من العمل في مكتب الفرع وفي الاماكن الاخرى،‏ وهم يسافرون قانونيا ليخدموا في المحافل الدائرية والكورية.‏ ويعمل ذلك على ابقائهم على اتصال وثيق بكل اوجه العمل الذي يجري هنا في المكسيك.‏ وتدعمهم زوجاتهم بولاء في المسؤوليات الصعبة التي لديهم.‏ وكفريق،‏ خدم هؤلاء الاخوة ما معدله ٤١ سنة منذ المعمودية،‏ و ٣٧ سنة في الخدمة كامل الوقت.‏ وجميعهم اعضاء في عائلة البتل.‏

ويخدم في الحقل ٣٤ ناظر كورة و ٤٤٦ ناظر دائرة.‏ وهنالك ٨١٠‏,٩ جماعات،‏ ويتشكَّل ما معدله ٢٠ جماعة جديدة كل شهر.‏ وهكذا يبقى هؤلاء النظار الجائلون،‏ مع الشيوخ والخدام المساعدين في الجماعات،‏ مشغولين جدا بالاعتناء بالرعية.‏ ولدينا كمعدل ٧‏,١ شيخ و ٨‏,٢ خادم مساعد لكل جماعة.‏ ولذلك يحتاج الكثير من الجماعات بإلحاح الى مزيد من الاخوة الاكفاء.‏ وعلاوة على ذلك،‏ يؤدي الازدياد الدائم في عدد الناشرين الى تشكيل جماعات اكثر،‏ وكلها تحتاج الى شيوخ وخدام مساعدين اكفاء.‏ والقليلون الذين يخدمون في كل جماعة يقومون بعمل جيد في رعاية خراف يهوه.‏ —‏ يوحنا ٢١:‏١٥-‏١٧‏.‏

القانون الجديد للجمعيات الدينية والعبادة العلنية

طوال الـ‍ ١٣٥ سنة الماضية،‏ اتَّبعت المكسيك سياسة فصل الكنيسة عن الدولة.‏ وفي سنة ١٨٦٥،‏ صارت الحالة متوترة جدا بحيث قُطعت العلاقات بين المكسيك والڤاتيكان.‏ ونظرا الى اختبار الحكومة الماضي مع الدين،‏ وضعت قيودا اثَّرت في كل الاديان.‏ ومع ذلك،‏ عندما بدأ كارلوس ساليناس دي ڠورتاري مدة حكمه كرئيس للجمهورية في كانون الاول ١٩٨٨،‏ كان يمكن التوقع انه سيحصل تغيير في السياسة المتعلقة بالدين وأنه ستُقام علاقات مع الڤاتيكان.‏ وعندما قدَّم الرئيس خطابه الافتتاحي،‏ حضر ممثلو الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ذوو المناصب الرفيعة.‏

كان من الطبيعي ان تنشأ الاسئلة عن كيف يمكن ان يؤثر ذلك في عمل شهود يهوه.‏ وبعد هذا الاعراب عن الرضى نحو الكنيسة الكاثوليكية،‏ حثَّ رجال الدين الكاثوليك على تغييرات في الدستور لاعطاء مزيد من الحرية للهيئات الدينية.‏ وقد نوقشت هذه القضية في الصحف باستمرار طوال سنتين،‏ مما اعدّ الطريق ليكون للهيئات الدينية مركز قانوني في المكسيك.‏ وحتى ذلك الوقت،‏ كان للدين وجود واقعي ولكن دون مركز او حقوق قانونية.‏ وكان واضحا ان رجال الدين لم يسعوا الى الاعتراف الشرعي فقط بل ايضا الى الامتيازات المتعلقة بالسياسة والثقافة.‏ وفضلا عن ذلك،‏ لمَّح بعض رجال الدين الكاثوليك في تصريحاتهم انه يجب ان يُقيَّد شهود يهوه ولا يُ‍عطَوا وضعا شرعيا.‏ وأخيرا،‏ قام الكونڠرس في كانون الثاني ١٩٩٢ ببعض التعديلات في ما قاله الدستور عن الدين.‏ ولاحقا،‏ في شهر تموز،‏ صيغت القوانين الفرعية لجعل التغييرات نافذة المفعول.‏ وسمِّيت هذه قانون الجمعيات الدينية والعبادة العلنية.‏

كان هدف القانون اعطاء الجمعيات الدينية مزيدا من الحرية.‏ وينص القانون على ان الهيئات الدينية يمكنها الآن ان تحوز ممتلكات.‏ وأُجيز لها ايضا عقد الاجتماعات والتجمعات الدينية خارج معابدها.‏ ويذكر بند الرموزَ الوطنية،‏ ويمكن للشخص ان يخمِّن انه وُضع وشهود يهوه في البال.‏ وعلى اية حال،‏ في ٧ ايار ١٩٩٣،‏ منحت امانة سر الدولة الاعتراف الشرعي لـ‍ لا تورّي دِل ڤيخيا ولوس تِستيڠوس دي هييوڤا اون مِهيكو.‏ ولدينا الثقة ان القانون الجديد سيسمح لعمل شهود يهوه بالتقدم في المكسيك وسيُسمح لنا بالاستمرار بحرية كاملة،‏ منتفعين من الحقوق والامتيازات القانونية التي لم تكن متوفِّرة لنا سابقا.‏ ودون ادراك ذلك،‏ كان شهود يهوه في المكسيك يستعدون لهذه الحرية حتى قبل سنِّ القانون.‏

هنالك ما هو اكثر بكثير لإخباره عن المكسيك

من المستحيل ان نشمل هنا كل ما حدث في تاريخ شهود يهوه في المكسيك.‏ وما رأيناه هو مجرد مراجعة مختصرة لألبوم تاريخنا.‏ كانت بعض المشاهد الباكرة نوعا ما مثل الصور الباهتة بالاسود والابيض.‏ والاحداث الاخيرة فيها اثارة وحياة من النوع الذي ينقله بشكل افضل شريط الڤيديو.‏

وبالنسبة الى الذين يعاشرون شهود يهوه مؤخرا،‏ يمكن ان تدهشهم المحن التي واجهها اولئك الذين شاركوا في افتتاح العمل في المكسيك.‏ فهم معتادون الفردوس الروحي حيث يوجد طعام روحي وافر،‏ حيث يوجد مئات الآلاف من العشراء الخائفين اللّٰه،‏ وحيث تُنجَز خدمة اللّٰه بطريقة منظمة جيدا.‏ وعلى الرغم من ذلك،‏ لا يزال شهود يهوه في بعض انحاء المكسيك يبذلون جهدا كبيرا للوصول الى اجتماعاتهم.‏ ولا يزال البعض يحتاجون الى المساعدة على القراءة لكي يستفيدوا من التدابير الروحية المتوافرة.‏ وهنالك ايضا نظار جائلون لا يزال عليهم ان يخوضوا انهارا ويتسلقوا جبالا ليصلوا الى الجماعات التي يخدمونها.‏ وبالنسبة الى الذين هم في المدن،‏ قد يبدو ان العيش هناك يقدم شيئا اكثر من الناحية المادية،‏ ولكن هنالك ايضا اغراءات اكثر.‏ وبصرف النظر عن الضغوط التي يختبرها شهود يهوه في المكسيك،‏ يبتهجون بأن يكونوا متَّحدين بإخوتهم وأخواتهم المسيحيين حول العالم في خدمة يهوه —‏ عمل يجلب لهم الفرح والاكتفاء الحقيقيين.‏

رغم انكم تعرفون الآن الكثير عن تاريخ شهود يهوه في المكسيك،‏ فأنتم لم تتعرَّفوا بجميع اخوتكم وأخواتكم هنا.‏ ولكن لديهم جميعا اختبارات ممتعة يمكن ان يسردوها.‏ وعلاوة على ذلك،‏ لا تزال هنالك حشود نأمل ان نبلغ قلوبها بالبشارة.‏ وأملنا المخلص هو ان يصبح هؤلاء ايضا جزءا من هذه العائلة التي تتوسع بسرعة والتي تنظر الى يهوه بصفته الها وأبا لها.‏ واذا تأثَّرنا بالتوسع في السنوات الاخيرة،‏ فماذا سنقول بعد هرمجدون عندما يبدأ يسوع المسيح بأن يقيم من الاموات ملايين المكسيكيين الذين هم الآن في قبورهم ويمنحهم الفرصة ليتعلموا عن يهوه وطرقه البارة؟‏ ولذلك لا يحتوي هذا التقرير على كل الاخبار من المكسيك.‏ فبعض الحوادث الاكثر اثارة تكمن امامنا.‏ وببركة يهوه،‏ سيكون هنالك الكثير جدا لإخباره.‏

‏[الجدول في الصفحة ٢٤٢]‏

ذروة الناشرين معدل الناشرين دروس الكتاب المقدس

١٩٣١ ٨٢

١٩٤١ ٨٥٩

١٩٥١ ٣٣٥‏,١٠ ٣٦٦‏,٨ ٤٠٩‏,٥

١٩٦١ ١٧١‏,٢٥ ٢٣٥‏,٢٢ ١٩٨‏,١٨

١٩٧١ ٣٨٤‏,٥٤ ٢٥٦‏,٥١ ٢٧٠‏,٥٠

١٩٨١ ١٧١‏,١٠١ ٦١٠‏,٩٨ ٦٣٦‏,١٠٠

١٩٩١ ٩٦٥‏,٣٣٥ ٦٣٤‏,٣١٩ ٣٨٩‏,٤٧٢

١٩٩٤ ٥٩٣‏,٤٠٤ ٦٢٣‏,٣٨٨ ٩١٢‏,٥٣٥

‏[الخريطة في الصفحة ١٦٩]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

المكسيك

مونتيري

ڠوادالاخارا

مكسيكو

ڤيراكروز

‏[الصورة في الصفحة ١٧٠]‏

بعض اوجه الدين الازتكي اندمجت في الدين الكاثوليكي

‏[الصورة في الصفحة ١٧٥]‏

فريق لتلاميذ الكتاب المقدس في مكسيكو،‏ نحو السنة ١٩٢٠

‏[الصورتان في الصفحة ١٧٧]‏

‏«النشرة» تعلن تسجيل الجمعية في المكسيك،‏ مع بطاقة هوية الناشر

‏[الصورة في الصفحة ١٧٨]‏

هوسيه مالدونادو،‏ احد الفاتحين الاولين في المكسيك

‏[الصورتان في الصفحة ١٨٤]‏

مانويل امايا ووسيلة النقل التي استعملها كفاتح

‏[الصورة في الصفحة ١٨٨]‏

پيدرو دي أندا كرز في كل انحاء البلد

‏[الصورة في الصفحة ١٩١]‏

بعد قراءة مطبوعات الجمعية،‏ قبِل ماريو مار تعيينا للكرازة قبل ان يلتقي اي شاهد

‏[الصورة في الصفحة ١٩٢]‏

محفل للشهود (‏تِستيڠوس)‏ في مكسيكو في السنة ١٩٣٤

‏[الصورتان في الصفحة ١٩٨]‏

الفاتحون الاولون مع وسيلتهم للنقل في ولاية ڤيراكروز

‏[الصورة في الصفحة ٢٠٠]‏

فرِد وبلانش اندرسون،‏ متخرجان من جلعاد خصَّصا الجزء الاكبر من حياتهما للخدمة في المكسيك

‏[الصورتان في الصفحة ٢٠٢]‏

شيرلي هندريكسون (‏اليسار)‏ وروزا ماي درايِر —‏ رفيقتان في الخدمة لأكثر من ٥٠ سنة

‏[الصور في الصفحة ٢٠٧]‏

آخرون من خريجي جلعاد خدموا في الحقل المكسيكي:‏

‏(‏١)‏ إليزابث ترايسي،‏ (‏٢)‏ جين فرند،‏ (‏٣)‏ إستِر لوپيز،‏ (‏٤)‏ روبن اڠيريه،‏ (‏٥)‏ رصل كورنيليوس،‏ (‏٦)‏ إستِر ڤارتانيان (‏لوسانو)‏،‏ (‏٧)‏ ميلدرِد سِمپكِنس،‏ (‏٨)‏ ماكسين ميلر (‏ڠارسيا)‏

‏[الصور في الصفحة ٢٠٩]‏

بعض الذين ساعدوا على الاشراف في الفرع

‏(‏١)‏ رودولفو لوسانو،‏ (‏٢)‏ جورج پاپادِم،‏ (‏٣)‏ سامويل فرند،‏ (‏٤)‏ وليَم سِمپكِنس،‏ (‏٥)‏ روبرت ترايسي

‏[الصورة في الصفحة ٢١٠]‏

ادولفو وليونور ساليناس؛‏ جعلهما تعيينه كناظر كورة يسافران لسنوات عديدة

‏[الصورتان في الصفحة ٢٢٣]‏

تسهيلات الفرع المستخدمة في المكسيك منذ السنة ١٩٨٥

‏[الصور في الصفحتين ٢٣٦ و ٢٣٧]‏

منادون بالملكوت سعداء الآن في المكسيك

‏[الصورتان في الصفحتين ٢٤٤ و ٢٤٥]‏

‏(‏الى اليسار)‏ عائلة البتل في المكسيك في السنة ١٩٩٣ —‏ ولا تزال تنمو!‏ (‏في الاسفل)‏ تسهيلات الفرع الجديدة التي شيِّدت للاعتناء بحاجات الجماعات التي تتوسع بسرعة في المكسيك

‏[الصورة في الصفحة ٢٥٢]‏

لجنة الفرع الحالية في المكسيك (‏من اليسار الى اليمين)‏:‏ روبرت ترايسي،‏ روبرتو ڠاما،‏ كارلوس كاسارِس،‏ سانتوس إسترادا،‏ كوان أنهِل إرناندِس،‏ ورودولفو لوسانو