الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

قبرص

قبرص

قبرص

عندما كرز الرسول بولس ورفقاء سفره في قبرص في القرن الاول،‏ لاقوا اضطهادا شديدا.‏ وحاول نبي كذاب،‏ ساحر يُدعى باريَشوع،‏ ان يؤثر في الوالي سعيا الى ايقاف خدمتهم.‏ ونظرا الى ما استعمله الساحر من اساليب،‏ وصفه بولس صراحةً بأنه ‹ممتلئ كل غش وخبث ابن ابليس عدو كل بر شخص يفسد سبل اللّٰه المستقيمة.‏› (‏اعمال ١٣:‏٦-‏١٢‏)‏ وفي الازمنة العصرية ايضا استخدم بعض رجال الدين في قبرص اساليب مماثلة في مساعيهم لاعاقة الشعب هناك عن التعلُّم عن قصد يهوه العظيم ان يبارك كل عائلات الارض.‏

ولكن لا يوافق الجميع هنا في قبرص على ما يقوله ويفعله رجال الدين هؤلاء.‏ فالقبارصة مشهورون بروح الضيافة.‏ وعادةً،‏ تُقدَّم الفاكهة المجفَّفة للزائرين؛‏ أما اذا كان يوما من ايام الصيف الحارة فقد يُقدَّم لهم كوب بارد ومنعش من شراب الليمون الحامض ليتمتعوا به وهم جالسون في ظل كرمة مثقلة بالعناقيد.‏

المناخ معتدل هنا.‏ تقع قبرص في شرقي البحر الابيض المتوسط،‏ على بُعد نحو ٦٠ ميلا (‏١٠٠ كلم)‏ غرب الساحل السوري و ٤٠ ميلا (‏٦٠ كلم)‏ جنوب تركيا.‏ والجزيرة بحد ذاتها رائعة الجمال.‏ تنبسط الشطآن الرملية لتلامس مياه المتوسط الدافئة.‏ وجبال ترودُس،‏ التي تمتد على طول الجزء الجنوبي الغربي للجزيرة،‏ تقدم محيطا منعشا ومعطَّرا برائحة الصنوبر للذين ينشدون ملجأً من حرّ الصيف.‏ ويألف النظرُ رؤيةَ الكروم وأشجار التين والزيتون والخرنوب.‏ وعندما تُزهر اشجار اللوز،‏ يبدو الريف متَّزرًا بغطاء من الثلج.‏ وحينما تُزهر اشجار الحمضيات،‏ يعبق الجو بأريج عَطِر.‏ وفي المناطق الريفية كثيرا ما يُرى الرعاة وهم يقتادون قطعانهم من الخرفان والماعز الى المراعي.‏ ان طريقة حياة كثيرين من هؤلاء الاشخاص ترجع الى زمن يسبق كثيرا العصر الميلادي.‏

قبرص في التاريخ

خضعت الجزيرة،‏ مع ان طولها ١٢٨ ميلا (‏٢٠٦ كلم)‏ فقط،‏ بطرائق كثيرة لتأثير الدول العالمية السبع كلها لتاريخ الكتاب المقدس،‏ وفي الواقع وقعت تحت السيطرة المباشرة لستّ منها.‏ والدولة العالمية الثامنة،‏ الامم المتحدة،‏ مارست هي ايضا نفوذا بهدف حفظ السلام بين المجتمعات الناطقة باليونانية وتلك التي تتكلم التركية.‏

دخلت المسيحية قبرص في الجزء الباكر من القرن الاول ب‌م.‏ فبعد موجة الاضطهاد التي عقبت موت استفانوس في اورشليم،‏ ذهب بعض التلاميذ المشتَّتين الى قبرص وكرزوا للمجتمع الكبير من اليهود الساكنين في الجزيرة آنذاك.‏ (‏اعمال ١١:‏١٩‏)‏ وفي ما بعد أُدرِجت قبرص في رحلة بولس الارسالية الاولى،‏ نحو السنة ٤٧-‏٤٨ ب‌م.‏ وأحد رفقاء سفره كان من مواليد قبرص وقد تمتع بمعاشرة رسل يسوع المسيح في اورشليم بعد سكب الروح القدس في السنة ٣٣ ب‌م.‏ ولقَّبوه ببرنابا (‏ابن التعزية)‏.‏ (‏اعمال ٤:‏٣٤-‏٣٧‏)‏ وخلال خدمة بولس وبرنابا في قبرص،‏ شهدا اولا في سلاميس الواقعة على الساحل الشرقي ثم شقّا طريقهما عبر الجزيرة الى پافوس الواقعة غربا.‏ وخرائب سلاميس وپافوس تشهد لمركزهما المرموق في الوقت الذي فيه انجز بولس ورفقاؤه خدمتهم هناك.‏

وفي پافوس كان انّ الوالي الروماني سرجيوس بولس اهتدى الى المسيحية رغم التشويش الذي سبَّبه باريَشوع الساحر.‏ وكان الوالي،‏ بحسب قول الكتاب المقدس،‏ «مندهشا من تعليم الرب.‏» —‏ اعمال ١٣:‏١٢‏.‏

بعد نحو سنتين،‏ عاد برنابا برفقة نسيبه مرقس الى قبرص للقيام بمزيد من التبشير.‏ —‏ اعمال ١٥:‏٣٦-‏٤١‏.‏

‏‹تلاميذ الكتاب المقدس هم الجامعة›‏

وفي الازمنة العصرية ايضا يُنجَز تبشير مكثَّف في قبرص.‏ وقد سُرّ المخلصون بتعلم ما يعلمه الكتاب المقدس نفسه بالتباين مع تقاليد الناس.‏ وإحدى الاشارات الباكرة الى ان تعليما كهذا قد بلغ قبرص تظهر في برج المراقبة عدد ١ تشرين الاول ١٩٢٢.‏ تدل رسالة نُشرَت في ذلك العدد على ان رجل دين ارمنيا تسلَّم نشرة تظهر ان النفس تموت،‏ وأنها ليست خالدة.‏ لقد كان شاكرا على ما قرأه.‏ ولكنه كان منزعجا بشدة من الحالة الروحية للكنائس في قبرص.‏ وعنها كتب:‏ «هنالك الكثير .‏ .‏ .‏ من ابنية الكنائس هنا.‏ ولكن ما من حياة روحية؛‏ لقد فُقِدت منذ زمن بعيد.‏ ورجال الدين يعيشون حياة منحطَّة اكثر من عامة الشعب.‏ لم يعُد في وسعي إلا ان انوح،‏ ابكي وأصرخ كإرميا.‏ انني ابذل قصارى جهدي لأقدِّم لبن الحق لليونانيين،‏ الارمن،‏ الاتراك،‏ واليهود.‏» وكان هنالك ارمن آخرون خارج قبرص يفعلون ايضا ما في وسعهم ليخبروا الشعب القبرصي حق الكتاب المقدس.‏

ثم في ايلول ١٩٢٤ عاد سيرُس خارالامبوس من الولايات المتحدة الى بلده الام قبرص.‏ وكان تلميذا للكتاب المقدس،‏ وقد احضر معه عددا كبيرا من النشرات،‏ بما فيها مخزون وافر من نشرات بعنوان اين هم الموتى؟‏ فذهب الى مكتب البريد المركزي في العاصمة نيقوسيا،‏ وأرسل مطبوعة الى كل واحد من وجهاء القرى وأيضا الى المعلمين في كل بلدة وقرية.‏ في تلك الايام كان البريد يُحمل على ظهر حمار،‏ وكان يُرسَل الى القرى مرةً في الاسبوع.‏

احدى المطبوعات،‏ وهي نشرة بعنوان منبر الشعوب،‏ وصلت الى معلم مدرسة في كسيلوفاڠو،‏ قرية في منطقة لزراعة البطاطا في الجزء الجنوبي الشرقي من الجزيرة.‏ وأحد المزارعين المحليين،‏ انتونيس سْپِتسيوتيس،‏ زار المعلم.‏ وكان انتونيس رجلا مولعا بالدرس،‏ فراح يبحث حوله عن شيء يقرأه.‏ فرأى النشرة وسرعان ما انهمك في محتوياتها.‏ وناقشها مع قروي آخر،‏ انذرِيَس خريستو.‏ وعلى مر الوقت حصلا على مزيد من مطبوعات جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس وقرآها.‏ وأخبرا الآخرين ايضا بما كانا يتعلمانه،‏ وبعض هؤلاء انضموا اليهما في درس للكتاب المقدس.‏

كان كليوپاس،‏ لاهوتي من الكنيسة الارثوذكسية اليونانية،‏ احد الذين ابدوا اهتماما.‏ ومع انه صار صديقا لشعب يهوه،‏ إلا انه لم يأخذ قط موقفا ايجابيا الى جانب الحق.‏ ولكنه كان يقول:‏ ‹الكاثوليكية هي روضة الاطفال،‏ الپروتستانتية المدرسة الابتدائية،‏ أما تلاميذ الكتاب المقدس فهم الجامعة.‏›‏

ولكن لم يتكلم الجميع بمثل هذا اللطف عن تلاميذ الكتاب المقدس.‏ فالشهادة غير الرسمية التي قام بها انتونيس سْپِتسيوتيس وأنذرِيَس خريستو جلبت عليهما غضب قريتهما.‏ وبلغ الخبر رئيس اساقفة قبرص،‏ فأُرسِل اللاهوتيون ليبطلوا تأثير الاخوَين.‏ وجرى خلال السنتين التاليتين عدد من المناقشات —‏ لاهوتي من جهة،‏ والاخ سْپِتسيوتيس من جهة اخرى.‏ لم تُستأجَر اية قاعة لهذه المناسبات؛‏ فقد خدم المقهى المحلي القصد،‏ لأن الناس يجتمعون هناك.‏ وأخيرا جرى حرم الاخوَين كليهما من الكنيسة الارثوذكسية اليونانية وأُنكِر عليهما الحق في ان يتزوجا او يُدفَنا.‏ وفي الواقع،‏ عندما مات ولد لأنذرِيَس خريستو،‏ رفض الكاهن المحلي فعلا دفن الولد في مدفن القرية ما لم يحضر انذرِيَس قداس يوم الاحد صباحا.‏ فماذا كانت النتيجة؟‏ لقد دُفن الولد في نهاية الامر،‏ ولكنَّ انذرِيَس لم يذهب الى الكنيسة.‏

في هذه الاثناء،‏ كان تريفون كالوڠيرو يتعلم الحق،‏ وهو مفتش صحة من قرية في مقاطعة نيقوسيا،‏ وفيما كان يزور القرى لامر يختص بعمله،‏ كان يستعمل الكتاب المقدس على افضل وجه ليشهِّر تعليمَي نار الهاوية والثالوث.‏ ولكن بعد ان بُتِرَت احدى ساقيه بسبب المرض،‏ صار الناس يُعيِّرونه بقولهم ان اللّٰه يعاقبه لأنه غيَّر اديان الناس.‏ وقد آلمه ذلك كثيرا،‏ تماما كما ازداد حزن ايوب بسبب حجج رفقائه الملتوية.‏ (‏قارنوا ايوب ٤:‏٧،‏ ٨؛‏ ١٢:‏٤‏.‏)‏ لكنَّ تريفون بقي اخا امينا حتى موته سنة ١٩٦٠.‏

فاتحون غيورون ينشرون البشارة

اكتسب العمل في الجزيرة زخما جيدا سنة ١٩٣٤ عندما وصل من اليونان الأخَوان ماتِياكيس وترياندافيلوپولُس.‏ وأرسل مكتب المركز الرئيسي في بروكلين،‏ نيويورك،‏ ٤٣ علبة كرتونية من الكتب باليونانية،‏ بالتركية،‏ وغيرهما من اللغات لاستعمالها.‏ كان هذان الاخوَان غيورَين ولكن كان عليهما ان يواجها اولا الكثير من اللامبالاة.‏ فقد اعتقد الشعب المضلَّل من رجال الدين ان الاخوَين شيوعيان او پروتستانتيان وجرى تحذيرهم من انهما يحاولان تغيير دين الشعب.‏ لكنَّ الناس في البلدات الاكبر،‏ وخصوصا رجال الاعمال،‏ كانوا فضوليين وأرادوا ان يعرفوا عن هذا «الدين الجديد.‏»‏

تسلَّم الفاتحان من بروكلين اسماء بعض المشتركين في مجلتي الجمعية.‏ وأحد المشتركين كان كليوپاس،‏ اللاهوتي.‏ وقد حصل على الكثير من مطبوعات الجمعية ودعا الفاتحَين ايضا الى بيته الى وجبة طعام في مناسبات عديدة.‏ واصطحب ايضا الاخ ماتِياكيس الى النادي الهليني في لارنكا،‏ حيث قدّمه الى الآخرين بصفته ‹رجلا من اثينا يمثِّل هيئة تُصدر كتبا نافعة تشرح الكتاب المقدس.‏› في تلك الامسية،‏ تمكّن الاخ ماتِياكيس من توزيع ٨٤ كتابا مجلدا و ١٢٠ كراسا وحصل ايضا على ١٠ اشتراكات في العصر الذهبي.‏

ومن لارنكا،‏ شق الفاتحان طريقهما على الساحل الجنوبي الشرقي الى كسيلوفاڠو،‏ على بُعد نحو ١٦ ميلا (‏٢٦ كلم)‏،‏ حيث زارا انتونيس سْپِتسيوتيس وأنذرِيَس خريستو.‏ وكان هذان الاخوان يبذلان كل ما في وسعهما ليخبرا الآخرين بما تعلّماه،‏ ولكن يا لفرحهما عندما سنحت فرصة احراز فهم ادقّ للاسفار المقدسة!‏ فتأسست اول جماعة لشهود يهوه في قبرص في قريتهما.‏

ثم اتجه الفاتحان الى فاماڠوستا.‏ وكانت هذه منطقة بساتين ليمون وطواحين هواء بالقرب من خرائب سلاميس القديمة.‏ وفيما الفاتحان يكرزان هناك،‏ وصلت رسالة من الجمعية.‏ وقد اعلمتهما بأنّ زوجَين يتكلمان اليونانية اسم عائلتهما لاڠاكوس سيصلان من مصر ليساعدا في العمل.‏ يا له من خبر سار!‏ وعند وصولهما،‏ قرر الفريق ان يركِّز الاخ والاخت لاڠاكوس على البلدات فيما يشهد الفاتحان الآخران في المناطق الريفية.‏

وسرعان ما تشكلت جماعة اخرى.‏ وهذه كانت في نيقوسيا.‏ وداخل الجزء المسوَّر القديم للبلدة،‏ كان هنالك عدد كبير من السكان القبارصة-‏الاتراك،‏ وكان الاخوة يجتمعون في بيت يملكه رجل مسلم.‏

وشيئا فشيئا،‏ كان المزيد من النتائج على وشك الظهور.‏ لقد تبنّى بعض الاخوة القبارصة-‏اليونانيين خدمة الفتح.‏ وأحدهم كان كريستوس كورتِليديس،‏ رجل قصير القامة يلمع بريقٌ في عينيه الزرقاوين.‏ ويا للمثال البارز الذي رسمه في الشجاعة والولاء!‏ وخلال سنواته الـ‍ ١٧ في خدمة الفتح،‏ غطّى تقريبا كل القرى الـ‍ ٦٥٠ في الجزيرة.‏ ولم تكن هذه حياة سهلة.‏ فعندما لا يُعرَب عن روح الضيافة،‏ كثيرا ما كان ينام في العراء.‏ وحتى حادثة موته فتحت المجال لشهادة جيدة.‏ فقد ابى الكاهن في قريته الام ان يسمح بأن يُدفَن في المدفن المحلي.‏ ووجب اللجوء الى مفوّض المقاطعة.‏ ووقت الدفن حضر ١٥٠ شخصا للاستماع الى خطاب المأتم.‏

ان عودة الاخ ترياندا فيلوپولُس الى اليونان وذهاب الزوجين لاڠاكوس الى سوريا عنيا نهاية فريق الفاتحين الاساسي.‏ ولكن سنة ١٩٣٨ كان هنالك اربعة فاتحين محليين وسبعة ناشرين يخبرون بالبشارة،‏ وحضر ٤٠ شخصا ذكرى موت المسيح.‏

في تلك السنة عينها عرف پانايوتيس ڠاڤرييليديس وعائلةٌ من جيرانه الحق.‏ ووسط اضطهاد شديد تشكل فريق صغير لدرس الكتاب المقدس والخدمة في قرية پولِميثيا يتألف من الام في تلك العائلة وبناتها الثلاث،‏ مع پانايوتيس.‏ وعن رد فعل اهل القرية قال پانايوتيس:‏ ‹عندما كان يجتمع فريقنا الصغير،‏ كان من العادي ان نسمع قرعا شديدا للباب والشبابيك.‏ وبلغت مقاومة احد الرجال حدَّ ذهابه الى منزل الاخوات وضربهن.‏ وأنا ايضا لزم ان اذهب الى المستشفى للمعالجة.‏ ولكن،‏ بشكل غريب،‏ فيما كان هذا الرجل نفسه يعبر بعد ايام قليلة جسرا وهو على شاحنة عائدا من العمل الى بيته،‏ سقط الى النهر في الاسفل ومات.‏›‏

رقابة المطبوعات في زمن الحرب

خلال الحرب العالمية الثانية انتُهزت انظمة رقابة المطبوعات كأساس لمصادرة المطبوعات التي تصدرها جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏ ولم يتسلَّم الاخوة المجلات لدرس الكتاب المقدس التي كانت تُرسَل الى قبرص.‏ وبدلا من ذلك،‏ كانت تُكدَّس في المكتب العام للبريد في العاصمة.‏

ودون اية مطبوعة فعليا،‏ كيف تدبَّر الشهود امرهم؟‏ كانوا يطبعون على اوراق،‏ مقتطفاتٍ من مطبوعات سابقة للجمعية ويوزِّعونها في خدمة الحقل.‏ ومن وقت الى آخر عندما كانت تصلهم نسخة من برج المراقبة،‏ كانوا يترجمونها بسرعة ويستعملونها للدرس.‏ وكانت تُعقد ايضا المحافل في ذلك الوقت.‏ وبازدياد عدد الناشرين تشكَّلت جماعة اضافية.‏

وأخيرا،‏ قبل اشهر قليلة من نهاية الحرب،‏ أُفرج عن ٠٠٠‏,٣ مجلة و ١٧ علبة كرتونية من كتبنا وكراريسنا.‏ لقد رأى طبعا مستخدَمو مكتب البريد الكومةَ تكبر،‏ وأبدى بعضهم اهتماما.‏ ونتيجة لذلك،‏ امكن وضع ٤٥ كتابا لديهم.‏

هل يستطيعان ان يتزوجا؟‏

هنالك ظروف اخرى تتعلق بشهود يهوه ابقت ايضا الرسميين مدركين لوجود الشهود.‏ ففي سنة ١٩٣٩ اراد الاخ ماتِياكيس ان يتزوج.‏ لكنَّ الزواج لم يكن بالامر السهل على شهود يهوه في قبرص آنذاك.‏ ولماذا؟‏ لأن السلطات لم تكن تعترف بشهود يهوه كفريق ديني ولذلك لم تكن تمنحهم الاذن في عقد زواج مدني.‏ وأعاقت ظروف زمن الحرب الجهود للاتصال بالاخوة في المركز الرئيسي في بروكلين لطلب المشورة.‏ وأخيرا اصدر مكتب الفرع في لندن شهادة تذكر ان شهود يهوه في قبرص مرتبطون بجمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم في انكلترا.‏ وعلى اساس هذه الشهادة،‏ وافقت السلطات البريطانية في قبرص ان يتزوج الاخ ماتِياكيس زواجا مدنيا.‏

وعلى مرّ السنين صار هذان الزوجان الامينان معروفَين بروح الضيافة.‏ وكان بيتهما مفتوحا دائما للاخوة،‏ ويجري تذكُّر لطفهما تجاه كل المحتاجين.‏

وصول خرّيجي جلعاد

ان اول خريج لجلعاد وصل الى الجزيرة هو انتونيوس كاراندينوس،‏ يوناني كان مقيما في الولايات المتحدة.‏ لقد وصل سنة ١٩٤٧ حين كان هنالك مجرد ٣٣ ناشرا للملكوت.‏ وكان قد عمل كبحار وكان رجلا قوي البنية.‏ وكان ايضا مؤيدا مخلصا للحق،‏ وهذا كان مهمّا في مواجهة المقاومة العنيفة التي لاقاها خلال خدمته في قبرص.‏

عنفت المقاومة خصوصا عندما ابتدأ الاخوة بعرض المجلات في شهادة الشوارع.‏ وفي فاماڠوستا كان يزعجهم باستمرار رجل خدم كأداة في يد الكنيسة.‏ فكان يحرض الناس ضد الشهود.‏ ونتيجة لذلك،‏ وجد الاخ كاراندينوس انه محاط بالرعاع،‏ مما عرقل السير.‏ فأُخذ الاخ كاراندينوس مع الذي اثار المشكلة الى المحكمة؛‏ وغُرِّما كلاهما.‏ وتلت حوادث اخرى.‏ وأحيانا وجب ان يدعو الاخوة الشرطة لتخليص الناشرين من الرعاع.‏

كان يوما سعيدا للاخوة سنة ١٩٤٨ عندما وصل الى قبرص مرسلان اضافيان طُرِدا من اليونان.‏ وفي ايار من السنة نفسها،‏ وصل ايضا دون رندل،‏ خريج من الصف الثامن لجلعاد طُرد من مصر.‏ في تلك السنة اسست الجمعية مكتب فرع في قبرص،‏ وناظره كان انثوني سيدارِس.‏ وعلى مرّ السنين عُيِّن آخرون من خرِّيجي جلعاد في قبرص،‏ وأُنشئت بيوت للمرسلين في بعض البلدات الرئيسية.‏ وقد تبيَّن ان هؤلاء الاخوة مصدر رائع للدعم في تنظيم الجماعات بطريقة ثيوقراطية وأَخْذ القيادة في تدريب الناشرين في خدمة الحقل.‏

ولكن قبل ان يتمكنوا من تقديم الكثير من المساعدة،‏ كان يلزم ان يتعلموا تكلُّم اليونانية،‏ وأدّى ذلك الى بعض الحوادث الطريفة.‏ قال اخ مقتبسا الرؤيا ١٢:‏٧ ان ‹ميخائيل والانكليز حاربوا التنين،‏› بدلا من «ميخائيل وملائكته،‏» لأن «ملائكة» و «انكليز» تبدوان متشابهتين جدا في اليونانية.‏ ولكن كثيرا ما كان اصحاب البيوت يعيرون الانتباه لأجنبي يحاول ان يتكلم لغتهم.‏ وذات مرة قال اخ جديد بعدما اعتمد لأحد المرسلين:‏ ‹ما اثَّر فيَّ عندما زرتَني هو واقع انك تتكبَّد عناء تعلُّم لغتي مع انك اجنبي.‏ فجعلني ذلك اشعر بأنه يجب ان أُدقق في ما تحمله اليّ.‏›‏

الكنيسة تثير الفضول بشأن الشهود

مع انه كان هنالك،‏ كمعدل،‏ نحو ٥٠ ناشرا فقط لملكوت يهوه في الجزيرة في سنة ١٩٤٨،‏ شعرت الكنيسة الارثوذكسية بالحاجة الى ‹وضع حد لهذه الهرطقة،‏› حسب تعبيرهم.‏ فأية اساليب استعملوا؟‏ صدر منشور عام يشهِّرنا،‏ وطُبع في الكثير من الصحف اليومية وقُرئ في الكنائس في كل انحاء الجزيرة.‏ وأُرسل الاولاد ليوزِّعوا نسخا من باب الى باب،‏ وأُلصِقت النسخ على الجدران وأعمدة التلڠراف.‏ ووُصفنا بأننا غير وطنيين،‏ اضداد للمسيح،‏ وعملاء للصهيونية.‏

وكيف تجاوب شعب يهوه؟‏ كان الناس في ذلك الوقت فضوليين بشأن الشهود.‏ وأرادوا ان يعرفوا لماذا تقاومنا الكنيسة بهذه القوة.‏ فباشر اخوتنا حملة دامت اربعة اشهر تُرك فيها ٠٠٠‏,٧٢ كراس بين ايدي الناس —‏ سبع مرات اكثر من مجموع المطبوعات التي وُزِّعت خلال السنة السابقة بكاملها.‏ فمنح ذلك الناس فرصة ليكتشفوا هم بأنفسهم ما يعلِّمه شهود يهوه.‏ وقرأ كثيرون مطبوعاتنا بدافع الفضول.‏ ومن ناحية اخرى،‏ ضُرب بعض الاخوة ورُجموا.‏ وفي ليماسول أُخذ اخ وأخت الى المحكمة،‏ بتهمة الهداية وإثارة المشاكل،‏ وحُكم عليهما بالسجن مدة شهر واحد.‏

مناقشة في مقرّ رئيس الاساقفة

خلال ذلك الوقت التقى دون رندل سيِّدا ذا نفوذ في نيقوسيا تربطه علاقة وثيقة بالكنيسة الارثوذكسية.‏ قال الاخ رندل لاحقا عن الاختبار:‏ ‹بعد مناقشة ممتعة تركت لدى الرجل كتاب ‏«ليكن اللّٰه صادقا،‏»‏ وفي زيارة مكرَّرة اراد ان يعرف المزيد.‏ ولكنه قال انه يرغب في الاستماع الى مناقشة بيني وبين رئيس اساقفة الكنيسة الارثوذكسية اليونانية،‏ الذي يعرفه.‏ وسأل «هل انت مستعد؟‏»‏

‏‹وافق ناظر الفرع،‏ الاخ سيدارِس،‏ على مرافقتي الى مقرّ رئيس الاساقفة.‏ عند وصولنا قيل لنا ان رئيس الاساقفة «متوعك» وإنما يمكننا ان نتكلم مع احد لاهوتيي الكنيسة الملحَقين بالبلاط الاكليريكي.‏ بعد مناقشة طويلة،‏ سألتُ اللاهوتي عن موقف الكنيسة الارثوذكسية اليونانية عندما ينشأ خلاف بين الكتاب المقدس وتقاليد الكنيسة.‏ فأجاب ان الكنيسة تقبل تقاليد الكنيسة.‏ وهذا ما فعله!‏ فعندما اقتُبِسَت كولوسي الاصحاح ١،‏ العدد ١٥‏،‏ التي تذكر ان يسوع هو «بكر كل خليقة،‏» هتف على الفور:‏ «هذه هرطقة آريوس!‏» لقد اتَّضح مَن هم المؤيدون الحقيقيون للكتاب المقدس.‏›‏

وفرة من الدعاية المجانية

على الرغم من المقاومة المستمرة،‏ ارتفع معدل عدد الناشرين من ١٤١ سنة ١٩٤٩ الى ٢٠٤ سنة ١٩٥٠،‏ وحضر ٢٤١ شخصا الاحتفال بالعشاء التذكاري سنة ١٩٥٠.‏ في تلك السنة رُتِّب محفل دائري في پافوس حيث كرز الرسول بولس.‏ فاستُئجرت دار سينما،‏ لكنَّ الاسقف المحلي وغيره من الاشخاص البارزين في البلدة مارسوا ضغطا على المالك في محاولة لجعله يخلّ باتفاقيته معنا.‏ وحاول المجلس المحلي حملَنا على الغاء محفلنا بالحدّ من عدد الاشخاص الذين يمكن ان يكونوا في دار السينما وبفرض ضريبة باهظة على استعمال المبنى.‏ وعندما بُذلت الجهود لرؤية مفوَّض المقاطعة البريطاني لحلّ المسألة،‏ أُعيقت كلها.‏ لذلك قام ناظر الفرع،‏ وهو بريطاني،‏ بزيارة شخصية لمنزل المفوَّض وأوضح ان الرسميين المحليين يضايقون شهود يهوه.‏ وقدَّرنا جدا ما فعله المفوَّض لمساعدتنا.‏ وقد جُعلت ساحة كبيرة متاخمة للسينما متوافرة،‏ وهذه زوَّدت متَّسعا من المكان للذين لا يتمكنون من الجلوس في الداخل.‏

اغتاظ اسقف پافوس.‏ وكالساحر باريَشوع قديما،‏ الذي حاول ان يحوِّل الوالي الروماني سرجيوس بولس عن سماع كرازة بولس،‏ استعمل الاسقف كل «سحره الاكليريكي» الذي يصنع المعجزات.‏ (‏قارنوا اعمال ١٣:‏٦-‏١٢‏.‏)‏ فجعل منشورا يُوزَّع لتنبيه الشعب الى ان شاهدين فاتحين يعيشان في مقاطعة پافوس جرى حرمهما.‏ وسرعان ما تلا هذا منشور آخر يشهِّر شهود يهوه بصفتهم «الهرطقة المعروفة بالألفيِّين،‏» التي هي،‏ على حد قوله،‏ «بدعة ابليسية من نتاج مخيلة القرن الماضي المريضة.‏» ودعمًا للكنيسة،‏ كان الاحداث الذين يوزِّعون المنشورات يقفون بالقرب من كل ناشر يشهد في الشارع.‏ وكان هؤلاء الاحداث يعطون منشورات المقاومة هذه قسرا لكل مَن يبدي اهتماما بما يفعله الشهود.‏

وانضمت بعض الصحف،‏ ولكن ليس كلها،‏ الى الهجوم على شعب يهوه.‏ اعلنت نيو پوليتيكال ريڤيو في پافوس سنة ١٩٥٠:‏ «يبلغ عدد أتباع يهوه الآن المئات في مقاطعتنا.‏ وغدا سيزدادون ليصيروا آلافا وسيشكلون خطرا على وجود كنيستنا ذاته.‏ لهذه الاسباب من الضروري ان يتحرك السينودس المقدس وأساقفتنا بسرعة ويحققوا في هذه المسألة الرهيبة على الفور ودون ارجاء او تأجيل.‏» وذكرت صحيفة اخرى،‏ پافوس،‏ مستهزئة بوضوح بالكنيسة،‏ في عددها ٤ ايار ١٩٥٠:‏ «حالة الفقر والشقاء التي تعمّ بعض القرى،‏ الى جانب الممتلكات الواسعة التي تملكها الاديرة والكنيسة،‏ كل هذه الامور خلقت مناخا ملائما لانتشار المعتقد الالفي.‏ نذكر على سبيل المثال قرية،‏ وبالتحديد إپيسكوپي،‏ حيث تملك الكنيسة كل الارض تقريبا ويعمل سكانها عبيدا يستأجرون الارض او يصيرون كالعبيد عند الاقطاعيين.‏ .‏ .‏ .‏ فلا عجب اذا صار نصف سكان هذه القرية شهودا ليهوه.‏ .‏ .‏ .‏ مما تقدَّم،‏ يجب ان تفهم الكنيسة القبرصية انها لن تسود بواسطة حرب المنشورات.‏ فقد عثر الالفيون على نقطة ضعف الاكليروس .‏ .‏ .‏ ولا تكفي محاربتهم بالمنشورات.‏»‏

بكل هذه الدعاية،‏ صار شهود يهوه حديث البلدة.‏ وإذ اثير الآن الى حد بعيد اهتمام الناس،‏ اتت اعداد كبيرة منهم لحضور الخطاب العام في السينما.‏ وحضر ٥٠٠ على الاقل.‏

اول زيارة لرئيس الجمعية

ان الحدث الذي فرَّح الاخوة القبارصة كثيرا كان زيارة الاخ نور،‏ في كانون الاول ١٩٥١،‏ برفقة مِلتون هنشل.‏ وكانت السينما المَلَكية موقع محفل لثلاثة ايام.‏ وكانت مبنى حديثا،‏ وعلَّق الاخ نور:‏ ‹نودّ ان يكون لدينا مكان كهذا في نيويورك لمحافلنا الدائرية.‏› كان قد جرى التخطيط لمحفل لثلاثة ايام،‏ ولكن لأن السينما المَلَكية كانت في جزء سكني من المدينة القديمة،‏ حُجِزت سينما پالاس في قلب نيقوسيا للخطاب العام الذي سيقدمه الاخ نور صباح يوم الاحد.‏ وصُنعت الترتيبات من اجل دعاية كاملة لهذا الخطاب.‏ فرُفعت اربع لافتات كبيرة أُعِدَّت باليونانية والانكليزية على جانب السينما المَلَكية.‏ ووُزِّع مئتا ملصَق في كل انحاء العاصمة.‏ وكانت الدعايات تُعرض على الشاشات في اكبر دور السينما.‏ وحملت الصحف الانكليزية،‏ التركية،‏ واليونانية اعلانات للخطاب العام «هل يتغلب الدين على الازمة العالمية؟‏» ولا عجب أن العاملين في الصحيفة الشيوعية الرئيسية قالوا انه لا يمكنهم ان يعلنوا الخطاب ‹لأنه ضد مبادئ الحزب،‏› وأن اعضاء هيئة العاملين في الصحيفة القومية الرئيسية قالوا انه ‹يجب اولا ان يحصلوا على إذن من رئيس الاساقفة.‏›‏

بكل هذه الدعاية،‏ تساءلنا ماذا سيكون رد فعل مقاومينا الدينيين.‏ وسرعان ما اكتشفنا ذلك.‏ فقد مُزِّقت ذات ليلة اللافتات على السينما المَلَكية.‏ فبلَّغنا الشرطة.‏ وطبع رئيس الاساقفة نشرة حثّ فيها:‏ ‏«احذروا!‏ ابتعدوا عن الألفيّين.‏»‏ وقال جزء من النشرة:‏ ‹هل ترون؟‏ لقد دعَوا اجنبيا ايضا ليدعمهم.‏ .‏ .‏ .‏ انهم ذئاب بثياب حملان يأتون ليلتهموا خراف المسيح السريعة التأثر.‏ .‏ .‏ .‏ فلا تقتربوا منهم،‏ لا تعيروهم ايّ انتباه.‏ تجاهلوهم،‏ فربما يعودون الى رشدهم ويجري تقويمهم.‏ من المقرّ المقدس لرئيس الاساقفة.‏›‏

وهل كان يمكن ان يقدم الاخ نور خطابه العام في سينما پالاس دون ازعاج؟‏ فليصف شاهد عيان ما حدث.‏ يتذكر دون رندل:‏ ‹بعد الساعة ٠٠:‏١٠ قبل الظهر مباشرة اقتربتُ من السينما.‏ كانت الشرطة خارج المدخل،‏ ورأيت حشدا من الاحداث يجيئون ويروحون بهدف دخول السينما لإثارة المتاعب.‏ وبما انه كان هنالك اخوة يعرفون كثيرين من مثيري الشغب،‏ فقد كانوا يساعدون افراد الشرطة الذين يحاولون ابقاء الرعاع بعيدا عن المدخل.‏ كان عليّ ان اشق طريقي بينهم لأدخل.‏ عند الساعة ٣٠:‏١٠ قبل الظهر،‏ بدأ الاخ نور خطابه بحضور ٤٢٠ شخصا.‏ لكنَّ المشاغبين الدينيين في الخارج شرعوا يقرعون الابواب بشدة.‏ فأوقفت الشرطة ذلك بسرعة.‏ لكنَّ السؤال الآن كان:‏ كيف سنتمكن من الخروج من السينما بعد البرنامج؟‏ قرر الاخوة انهم،‏ بمساعدة الشرطة،‏ سيُبقون الرعاع امام السينما.‏ ثم عند نهاية الخطاب،‏ طُلِب منا ان نغادر المبنى من المخرج الخلفي،‏ وهذا ما فعلناه بهدوء،‏ متجنبين بذلك اية مواجهة.‏›‏

اجراس الكنيسة تنذر بهجوم آخر

سنة ١٩٥٢ كانت فاماڠوستا بلدة جميلة فيها بساتين البرتقال والليمون ولها شاطئ رملي طويل.‏ تبعد هذه البلدة الواقعة على الساحل الشرقي للجزيرة اميالا قليلة فقط عن خرائب مدينة سلاميس القديمة،‏ حيث كرز الرسول بولس ورفقاؤه.‏ أما اليوم فقد صارت فاماڠوستا بمعظمها،‏ منذ الاجتياح التركي سنة ١٩٧٤،‏ مدينة مهجورة،‏ بعدد قليل جدا من السكان.‏ ولكن في السنة ١٩٥٢ كان شهود يهوه قد خططوا لعقد محفل في احدى دور السينما في البلدة.‏ وإذ عرفنا جيدا ان الكنيسة الارثوذكسية اليونانية اعلنت حربا شاملة على شهود يهوه وبسبب ما حدث في المحافل السابقة،‏ طلبنا ان تكون الشرطة موجودة.‏ كان صباح الاحد جميلا،‏ وكان الاخوة يتطلعون بشوق الى الخطاب العام المرتَّب القاؤه في منتصف ما قبل الظهر.‏ ولكن قبل الوقت المعيَّن لابتداء الخطاب بعشر دقائق وفيما كان ٣٥٠ شخصا جالسين في السينما،‏ كانت هنالك دلائل على ان مشكلة على وشك الحدوث.‏ كان انتونيوس كاراندينوس،‏ مرسل في البلدة،‏ احد الحجاب عند المدخل الامامي للسينما.‏ وإليكم وصفه لما حدث:‏

‏«قبل ١٠ دقائق فقط من الوقت المعيَّن لابتداء الخطاب،‏ ابتدأ يجلجل جرس كنيسة ارثوذكسية مجاورة.‏ وكما علمنا لاحقا،‏ كانت هذه علامةً للكهنة ولعشرات المراهقين ليبدأوا مسيرتهم الى السينما.‏ ويا للمنظر الذي بدا!‏ كهنة يترأسون حشدا من الاحداث المصمِّمين على دخول السينما.‏ فاستعددنا للمتاعب.‏ كان باب السينما مغلقا،‏ وعندما حاولوا ان يدخلوا عنوةً،‏ عاملني كاهن بخشونة فتمزقت ثيابي.‏ وصارت الحالة اخطر،‏ فطُلب المزيد من رجال الشرطة للدعم فوصلوا سريعا.‏ وإذ أُحبِطت مساعي الحشد لانهاء الاجتماع،‏ صرخوا وهاجوا علينا خارج السينما.‏»‏

وإذ باءت جهود الكهنة بالفشل،‏ قادوا الحشد عائدين الى الكنيسة.‏ لقد منحنا يهوه الانتصار.‏

منتهكو القانون يؤخذون الى المحكمة

في وقت سابق كان اساقفة الكنيسة،‏ كهنتها،‏ ولاهوتيوها قد أُرسِلوا الى البلدات والقرى في كل انحاء الجزيرة لحثّ الشعب:‏ «عندما يزور شهود يهوه قريتكم او بلدتكم،‏ اطردوهم!‏» لم يطِع الجميع طلب الاكليروس.‏ وتابع الاخوة بحثهم عن المشبهين بالخراف.‏ لكن كان لهذا التحريض حتما صدًى.‏ تخبرنا الاخت ڠالاتيا ماتِياكيس عن حادثة كانت موجودة في اثنائها:‏

‏‹في وقت باكر من صباح يوم احد اجتمع ٢٠ منا لخدمة الحقل.‏ واختيرت ثلاث قرى.‏ ولزمتنا ساعتان لنصل الى المقاطعة.‏ في اكبر قرية عمل عشرة من الاخوة من بيت الى بيت؛‏ والعشرة الباقون قُسموا ليعملوا في القريتين الاخرَيين.‏ وفي احدى القريتين الصغيرتين،‏ طُرِد الاخوة نحو الساعة ٣٠:‏١٠ قبل الظهر.‏ وكانت القرية الاكبر قد أُكملت تقريبا،‏ بنتائج جيدة،‏ عندما ثارت ثائرة الرعاع.‏ فنزلت الكراسي على رأس أخَوين يشهدان في وسط القرية،‏ وانهالت عليهما الحجارة وهما يغادران القرية.‏ ثم جمع كاهن القرية حشدا يبلغ عدده نحو ٢٠٠ شخص لجمعِنا.‏ فبحثوا عنا متسلِّحين بعصيّ ثقيلة وضاربين على العلب التَّنَكية.‏ فعُثِر اولا على اخ وأخت.‏ فنزلت العصيّ على ظهر الاخ،‏ وانهالت الحجارة على الاخت.‏ وحدث الامر نفسه لمعظمنا.‏ وساروا بنا في انحاء القرية.‏ وخدمت الآثار التي بقيت من جراء الضربات كشهادة ضد اولئك القرويين عندما كان على بعض الاخوة ان يذهبوا الى مستشفى حكومي لإجراء فحص.‏›‏

قدَّم اخوتنا شكوى الى المحكمة.‏ وبعد سماع الشهادة لثلاثة ايام قال القاضي:‏ «لقد صدّقتُ جملةً الدليل الذي قدّمه المدَّعون وأنا اجد المتَّهَمين مذنبين بكل التهم.‏ .‏ .‏ .‏ وأنا لا اصدق القول الزاعم ان المدَّعين كانوا يعلّمون ان المسيح زائف،‏ الى آخره.‏ .‏ .‏ .‏ لقد ذهب المدَّعون الى قرية المدَّعى عليهم بهدف تعليم عقيدتهم؛‏ وقد فعلوا ذلك بسلام ولا يحق للمدَّعى عليهم ان يهاجموهم.‏»‏

مع ان بعض القضاة كانوا غير متحيِّزين،‏ طردت الحكومة،‏ بين السنة ١٩٥٢ و ١٩٥٣،‏ مرسلَين هما انتونيوس كاراندينوس وإمانيويل پاتِراكيس،‏ بصفتهما غير مرغوب فيهما.‏ لقد جاهد هذان الاخوان جهاد الايمان الحسن وهما في قبرص،‏ ويجري تذكُّرهما بمحبة.‏

مشاهدة مجتمع العالم الجديد وهو يعمل

تسلَّمنا سنة ١٩٥٥ فيلم الجمعية مجتمع العالم الجديد وهو يعمل.‏ وأتت جموع كثيرة لتحضره.‏ ولم يحصل الاخوة فقط على بصيرة افضل في هيئة يهوه،‏ ولكنَّ اشخاصا من اهل العالم حصلوا عليها ايضا.‏

وبين الاختبارات الممتعة كان الاختبار التالي:‏ في قرية كسيلوفاڠو،‏ التي يبلغ عدد سكانها ٥٠٠‏,١،‏ وافق صاحب السينما المحلية ان يدعَنا نستعملها دون اجر.‏ وفي ليلة عرض الفيلم،‏ ارسل الكاهن المحلي قرويًّا ليسجِّل اسماء جميع الحاضرين.‏ وبأية نتيجة؟‏ عندما طلب الكاهن لائحة الاسماء،‏ اجاب القروي:‏ «نظرا الى ان القرية بكاملها حضرت تقريبا،‏ كيف يمكنني ان اكتب كل الاسماء؟‏»‏

ازمنة التغيير

كانت قبرص منذ سنة ١٨٧٨ خاضعة للسيطرة البريطانية.‏ ولكن تحت توجيه رئيس الاساقفة مكاريوس،‏ قام القبارصة اليونانيون في خمسينات الـ‍ ١٩٠٠ بحملة للإنوسيس،‏ او الوحدة مع اليونان،‏ على اساس الروابط المشتركة كاللغة والدين.‏ أما القسم الناطق بالتركية من السكان فعارض ذلك.‏

ولكن كان هنالك اهتياج يهدف الى الاستقلال عن الاستعمار البريطاني.‏ ومن سنة ١٩٥٥ الى ١٩٦٠،‏ استعجلت منظَّمة تدعى إيوكا قضية الاستقلال بهجمات المغاوير على البريطانيين.‏ ان شهود يهوه حياديون كاملا في مسائل سياسية كهذه،‏ ولكنهم دون شك تأثروا بما كان يجري حولهم.‏

وقع احد الحوادث الاولى في هذه الحملة في فاماڠوستا بجوار مكتب فرع الجمعية.‏ فقد تعرَّض مخيَّم عسكري بريطاني مجاور للهجوم.‏ وبشكل مبرَّر شعر المرسلون الخمسة العائشون في الفرع بضغط شديد،‏ فهم بريطانيون جميعا.‏

وفي مناسبة اخرى،‏ كان المرسلان دنِس ماثيوز وزوجته،‏ مايڤيس،‏ قد وصلا قبل وقت قصير الى البيت.‏ وعندما فتحا الباب الخلفي،‏ انفجرت قنبلة في بيت جار هو جندي بريطاني.‏ وفيما كان واضع القنبلة يُطارَد في بستان برتقال يقع مقابل بيت المرسلين،‏ حصل اطلاق نار.‏ وسرعان ما قُرع الباب،‏ لكنَّ المرسلين خافا ان يفتحا،‏ فصرخا لمعرفة مَن الطارق.‏ كان الجندي البريطاني يسأل بقلق عما اذا كان اهل البيت سالمين.‏

وذات مرة عندما كان الاخَوان رندل وڠاڤرييليديس في كسيلوفاڠو ليساعدا في التحضير لمحفل دائري،‏ حدثت جلبة كبيرة في الخارج خلال درس برج المراقبة الاسبوعي للجماعة.‏ فظهر جنود بريطانيون عند المدخل.‏ وأعلمونا انه قُتل جندي بريطاني وأُصيب آخرون بجروح بليغة في ضواحي القرية.‏ ونتيجة لذلك،‏ مُنِع التجوُّل في المنطقة كلها،‏ وطلبوا من الاخ رندل ان يقول لجميع الموجودين في القاعة ان يغادروا فورا الى بيوتهم.‏ وفي اليوم التالي،‏ جُمع كل سكان المنطقة الذكور،‏ بمَن فيهم الاخ رندل،‏ مع انه بريطاني،‏ ووُضعوا ضمن سياج من الاسلاك الشائكة للاستجواب.‏ لم يكن شهود يهوه طبعا متورطين في القتل،‏ ولذلك أُطلق سراحهم اخيرا وتابعوا استعداداتهم للمحفل المقبل.‏

ولكن مرةً بعد اخرى وجب ايقاف النشاطات الثيوقراطية قبل فترة قصيرة من الابتداء بها لأن المواجهات بين إيوكا والقوات البريطانية كانت تفرض مَنْع التجوُّل وقيودا اخرى.‏ وكان يُمنَع وجود ايٍّ كان في الطرقات بعد حلول الليل،‏ لذلك وجب عقد الاجتماعات خلال ساعات النهار.‏ ومرت فترات احتُجِز فيها الناس في بيوتهم اربعة ايام.‏ وكان كل شخص يشك في جاره ويخشى ابداء رأيه.‏ ولكن على الرغم من القيود استمر شهود يهوه في تعزية ذوي القلوب المستقيمة.‏

نهاية الاستعمار

استمر الصراع ضد الحكم البريطاني في قبرص حتى سنة ١٩٦٠.‏ ثم عند منتصف ليل ١٦ آب،‏ صارت قبرص جمهورية وأخيرا عضوا في الامم المتحدة.‏ ووسط مظاهر الابتهاج الشديد،‏ شعر القبارصة اليونانيون اخيرا بأنهم احرار من الهيمنة الاجنبية.‏ ولكن هل هذه حرية حقيقية؟‏ ماذا حدث لشهود يهوه في ظل الجمهورية الجديدة؟‏ دعوا الوقائع التاريخية تخبرنا.‏

قبل نهاية السنة،‏ حدث هجومان بالقنابل على شهود يهوه.‏ ومَن كان المسؤول؟‏ حدث الهجوم الاول في كسيلوفاڠو.‏ فقد وُضعت قنبلتان على شرفة قاعة الملكوت.‏ وكان الهجوم كما يبدو ضد شهود يهوه كفريق ديني.‏ ولأن القنبلتين انفجرتا بعد منتصف الليل لم يتأذَّ احد،‏ مع ان قاعة الملكوت تضرَّرت.‏

وفي الحادث الثاني،‏ أُلقيت قنبلة على البيت حيث يسكن اربعة فاتحين خصوصيين في پِنتايا.‏ ولسعادتنا،‏ كانوا خارجا في خدمة الحقل في ذلك الوقت.‏ عرف صاحب البيت مَن المسؤول وقال:‏ ‹سأزور الاسقف وأطلب منه ان يدفع لقاء الضرر الناتج.‏ وفي الوقت نفسه،‏ سأقول له انه اذا اراد ان يكسب أتباعا للمسيح،‏ يجب ان يفعل ذلك بالكرازة كما يفعل شهود يهوه لا بالعنف.‏›‏

واستهدف التعصُّب ايضا اخا وعائلته انتقلوا الى قرية ليوپِتري لمساعدة الجماعة الصغيرة هناك.‏ واعتاد تهديدات مثل ‹سنحرقه حيا› او ‹يجب ان نقتله.‏› كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل عندما طوَّق عدد من المتعصِّبين المقنَّعين بيت الاخ وابتدأوا يطلقون النار من مسدساتهم،‏ صارخين الى الاخ انه سيُقتَل إن لم يغادر في اليوم التالي.‏ ولأن الشرطة رفضت تقديم الحماية للاخ وعائلته،‏ قرروا الانتقال من القرية.‏ ولكن على الرغم من كل المحاولات لترهيب الاخوة في ليوپِتري،‏ هنالك اليوم جماعة في القرية،‏ وتمكَّن الاخوة مؤخرا من بناء قاعة ملكوت جديدة وجميلة.‏

وقع حادث حقير في امسية ١١ ايلول ١٩٦٢.‏ فقد كان انذرِيَس پسالتيس وزوجته،‏ نينا،‏ برفقة يونيس ماكراي،‏ في بيت المرسلين في فاماڠوستا عندما دخل من النافذة رجال مقنَّعون.‏ فضربوا الاخ پسالتيس.‏ ثم ربطوا الاختين وأذلُّوهما بحلق رأسيهما.‏ (‏قارنوا ١ كورنثوس ١١:‏٦‏.‏)‏ وبعد تفتيش البيت بدقة،‏ غادروا.‏

وأخيرا في كانون الاول ١٩٦٣ بلغ التوتر بين الفريقين العرقيين الرئيسيَّين في الجزيرة نقطة الانفجار.‏ فاندلع العنف.‏ وكان القتال ضاريا بشكل خصوصي في احدى ضواحي نيقوسيا،‏ البلدة التي تُدعى تراخوناس،‏ حيث كان هنالك مزيج من السكان القبارصة الاتراك واليونانيين.‏ وكان عدد من شهود يهوه ساكنين في تراخوناس،‏ وكانوا قد بنوا قاعة ملكوت كبيرة هناك.‏ فجلب الاخوة الساكنون خارج تلك المقاطعة طعاما للرفقاء المؤمنين في المنطقة المضطربة،‏ معرِّضين حياتهم للخطر.‏ ولكن للاسف،‏ طُعن اخ،‏ أندرونيكوس ميخايليديس،‏ حتى الموت وهو يحاول ان يصل الى مكان عمله.‏

امتحان للاستقامة

سنة ١٩٦٤ واجه الشهود الذكور الاحداث خصوصا امتحانا لاستقامتهم.‏ فقد صدَّقت الحكومة القبرصية على قانون التجنيد الاجباري في حين كان الصراع مستمرا بين مجتمَعَي القبارصة الاتراك واليونانيين.‏ وكان هنالك قرار خطير ينبغي ان يتخذه الشهود الذين يجري استدعاؤهم الى الخدمة العسكرية وهم في سن الجندية.‏ فهل يلتصقون بتعاليم يسوع المسيح تحت الضغط؟‏ في اعماق قلوبهم،‏ هل هم حقا مسيحيون حياديون؟‏ (‏متى ٢٦:‏٥٢؛‏ يوحنا ١٧:‏١٥،‏ ١٦‏)‏ وهل يستمرون في الوثوق بيهوه من كل قلوبهم؟‏ —‏ امثال ٣:‏٥،‏ ٦؛‏ اشعياء ٢:‏٢-‏٤‏.‏

اظهر كثيرون ايمانا كهذا.‏ لكنَّ البعض سايروا ولم يعودوا جزءًا من الجماعة المسيحية الحيادية.‏ واختار شهود احداث آخرون ان يغادروا الجزيرة،‏ مما جعل معدل عدد الناشرين يهبط من ٥١٦ سنة ١٩٦٣ الى ٣٩٤ سنة ١٩٦٦.‏ فشعَرت الجماعات بالتثبط الى حد ما.‏

اتُّخذت الاجراءات لتشديد ايمان الاخوة.‏ ولهذه الغاية،‏ جرى الترتيب لمحافل اليوم الواحد حيث كانت تناقَش مشورة الاسفار المقدسة التي هي في حينها.‏ وتبيَّن ان النتائج مشجعة.‏ ولكنَّ الامتحانات لم تنتهِ كلها.‏

اختلاق الاذى بواسطة القانون

في حزيران ١٩٦٦ سُدِّدت ضربة اخرى الى هيئة يهوه.‏ فقد قدَّم مجلس الوزراء الى البرلمان مشروع قانون يؤثر الى حد بعيد في عمل شهود يهوه الكرازي.‏ وكان مشروع قانون يحظر الهداية،‏ وقد اشترط انَّ كل مَن يزور الناس في بيوتهم لهذا القصد او يوزِّع المطبوعات الدينية بهدف الهداية لا يكون فقط عرضة للسجن حتى سنتين بل يدفع ايضا غرامة مالية.‏

قُدِّمت شكاوى كثيرة الى مجلس نواب قبرص،‏ وجرت زيارة الممثلين المقيمين للحكومة البريطانية ولحكومة الولايات المتحدة.‏ وأرسلت الجمعية رسالة الى الامين العام للامم المتحدة.‏ ونتيجة لالتماسات جهات كثيرة،‏ لم يُعرَض مشروع القانون حتى الآن للتصديق عليه.‏

الشروع في برنامج بناء

مع توسُّع عمل المناداة بالملكوت نمت الحاجة الى اماكن ملائمة للاجتماع.‏ وفي سنة ١٩٦٧،‏ عندما كان عدد الناشرين هنا ٤٣١ فقط،‏ انشأ فرع الجمعية في قبرص صندوقا للبناء،‏ وكان الاخوة متحمسين للتوقُّعات.‏

شجَّعَنا الاخ هنشل كثيرا خلال زيارته الاقليمية في نيسان ١٩٦٨.‏ في ذلك الوقت وصل الى الجزيرة مرسلان جديدان،‏ لويس كوپسيس وزوجته ستيلا.‏ وقد قدَّم الاخ كوپسيس مساعدة قيِّمة لبرنامج البناء بالمساهمة في تنظيم العمل وتفانيه المثالي.‏

وتأسيس شركة محلية تدعى جماعة شهود يهوه (‏قبرص)‏ المحدودة،‏ في آذار ١٩٦٠،‏ كان خطوة مهمة في خططنا للبناء.‏ وتضمَّن الميثاق بين امور اخرى ترتيبات لاجل الحق الشرعي في امتلاك ملكية.‏

كان المشروع الاول بناء قاعة ملكوت فسيحة في فاماڠوستا تتسع لـ‍ ٢٣٠ شخصا.‏ ولم يخدم هذا التسهيل فقط الجماعة المحلية بل زوَّد ايضا،‏ مع الساحة المتاخمة التي تظللها عريشة ضخمة،‏ موقعا لعقد المحافل الدائرية.‏

والامر التالي الذي نال الانتباه كان مكتب فرع الجمعية.‏ فقد استعملنا لنحو ٢٠ سنة اماكن مُستأجرة.‏ والآن اشترت الجمعية قطعة ارض في أيوس ذوميتيوس،‏ احدى ضواحي العاصمة.‏ وهنا شيَّد الاخوة بناء من اربعة طوابق يشمل قاعة ملكوت في الطابق الاول.‏ ودشَّن هذا البناء سنة ١٩٦٩ ف.‏ و.‏ فرانز،‏ الذي كان آنذاك نائب رئيس جمعية برج المراقبة.‏

في تلك الاثناء بُنيت قاعة ملكوت جميلة في كسيلوفاڠو،‏ موقع اول جماعة لشهود يهوه في قبرص تأسست في اوائل ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ كان هنالك الكثير من المقاومة في هذه القرية عندما بدأ المهتمون الاوائل بالحق هنا يشهدون للآخرين.‏ ولكن اذ رأى القرويون الاخوة والاخوات يعملون معا لثلاثة اسابيع،‏ ١٥ ساعة او اكثر يوميا،‏ لبناء قاعتهم للملكوت،‏ لم يسَع البعض إلا ان يتأثروا ايجابيا.‏ وهنالك الآن قاعة ملكوت تتسع لـ‍ ٤٥٠ شخصا في وسط القرية تماما.‏ وفي داخلها وحولها،‏ هنالك ايضا متسع من المكان لعقد المحافل الدائرية والكورية.‏

والبلدة التالية التي حصلت على قاعة ملكوتها الخاصة كانت ليماسول،‏ وهي ثاني اكبر بلدة في الجزيرة ومنتجع يقع على شاطئ الساحل الجنوبي.‏ وبالاضافة الى قاعة الملكوت،‏ جرى الترتيب لبيت للمرسلين في الطابق العلوي.‏ وسنة ١٩٧٤،‏ عندما وجب إخلاء مبنى الفرع في نيقوسيا،‏ جرى تكييف جزء من الطابق العلوي ليستخدمه المكتب.‏

وقد أُعير اهتمام ايضا لبلدة پافوس المذكورة في الكتاب المقدس.‏ ومع ان الزيادة كانت بطيئة جدا هنا في البداية،‏ حدث نمو ضخم في منطقة پافوس في سنوات احدث.‏ فوجب توسيع قاعة الملكوت التي بُنيت في الاصل وهي تتسع الآن لجماعتين.‏

بُنيت قاعة ملكوت رائعة في بلدة لارنكا،‏ والقاعة المبنية من مواد مصنَّعة مسبقا في قرية ليوپِتري استُبدلت بمكان للاجتماع ملائم اكثر للساكنين في ما يُدعى كوكينا خوريا،‏ او قرى الارض الحمراء،‏ بسبب التربة الحمراء.‏

والناشرون الغيورون والفاتحون الخصوصيون ناشطون ايضا في الزاوية الشمالية الغربية الجميلة انما البائرة للجزيرة،‏ منطقة مشهورة سياحيا بسبب ما يُدعى حمامات افروديت.‏ وبسبب التجاوب مع رسالة الملكوت،‏ اشتُريت قطعة ارض في پوليس خريسوكوس.‏ وقد بُنيت الآن قاعة ملكوت تتسع لـ‍ ٧٠ شخصا وهي تُستعمل كمركز للتعليم الالهي في تلك المنطقة.‏

الزيجات والمآتم

لأن السلطات هنا لم تعترف بنا كدين لسنوات كثيرة،‏ لم تكن الزيجات والمآتم سهلة على شهود يهوه في قبرص.‏ وفي ما يتعلق بالقبارصة اليونانيين،‏ لا يمكن ان يتزوج الشخص او يُدفن إلا بواسطة كنيسة قبرص الرسمية.‏ ولكن في السنة ١٩٤٨ قدَّم محامي الجمعية في الجزيرة طلبا الى السلطات البريطانية المستعمِرة لتفوِّض الحكومة الى خادم من شهود يهوه اجراء الزيجات.‏ ويا لفرح الاخوة عندما ظهر اعلان في الجريدة الرسمية للحكومة سنة ١٩٤٩ يذكر انه فُوِّض الى الشاهد،‏ ساڤاس دروسيوتيس،‏ اجراء الزيجات!‏ وفي ما بعد،‏ اجازت الحكومة ايضا لإخوة آخرين ان يؤدّوا هذه الخدمة.‏

وشكَّلت مسألة الدفن ايضا مشكلة،‏ لأنه غالبا ما كانت هنالك معارضة من الكهنة الارثوذكس الذين كانوا يرفضون السماح بأن يُدفَن شهود يهوه او اولادهم في ما تعتبره الكنيسة «ارضا مكرَّسة.‏» وفي البلدات،‏ حيث تملك كل طائفة دينية مدفنها الخاص،‏ كانت هذه المشكلة تزداد حدة.‏ أما في القرى،‏ فكانت الحالة مختلفة الى حد ما؛‏ فالضرائب التي يدفعها المقيمون تغطي نفقات الدفن في المدفن المحلي.‏ ولكنَّ رجال الدين انكروا هذا الحق في بعض الحالات.‏ وكان يصعب على اخوتنا معالجة هذه المشاكل وهم يحاولون في الوقت نفسه ان يواجهوا فقدان عضو في العائلة.‏ فوجب حل المشكلة.‏

وأخيرا،‏ سنة ١٩٥٠،‏ منحت السلطات شهود يهوه حق امتلاك ارضهم الخاصة للدفن.‏ فوهب اخ قطعة ارض خارج العاصمة لهذا القصد.‏ وبعد سنوات،‏ سنة ١٩٨٩،‏ لزم مدفن آخر،‏ وأُذِن لنا في استعمال قطعة ارض في قرية نيسو،‏ حيث يقع مكتب الفرع الحالي للجمعية.‏ وقد تبيَّن ان هذه الترتيبات هي بركة عظيمة لشعب يهوه وقد ساعدت على إبطال ادعاء الكهنة الارثوذكس انه ‹اذا صرت من شهود يهوه،‏ فستُدفن ككلب.‏›‏

مع ان شهود يهوه مُنحوا الحق الشرعي في اجراء الزيجات،‏ بُذلت الجهود،‏ سنة ١٩٧١،‏ لابطال هذا الحق.‏ فأبلغَنا رسمي مقاطعة نيقوسيا انه قبل التمكن من اجراء الزيجات،‏ يجب على الطرفَين في الزواج ان يقدِّما شهادة من الابرشية مفادها انهما لم يعودا عضوَين في الكنيسة الارثوذكسية اليونانية.‏ وكما توقَّعنا،‏ لم تكن الابرشية مستعدة لإصدار شهادات كهذه.‏ وعنى هذا عمليا انه لا يمكن لأيّ من شهود يهوه ان يتزوج.‏ ولكن،‏ بمساعدة بعض الرسميين المحبين للحرية الذين ادركوا ان طلَب شهادات كهذه هو شيء حرَّض عليه الكهنة،‏ أُلغي هذا المطلب.‏

محفل «الانتصار الالهي» الاممي

في تشرين الثاني سنة ١٩٧٢ قام الاخ نور بزيارة لقبرص للاعتناء بشؤون محافل «الانتصار الالهي» الاممية.‏ فجرى الترتيب لجولات في اراضي الكتاب المقدس مع المحافل.‏ ولفرحنا كانت قبرص مشمولة،‏ وكان سيُعقَد محفل اممي في العاصمة،‏ نيقوسيا،‏ في تموز ١٩٧٣.‏

بذلنا على الفور جهودا للحصول على مدرَّج او موقع آخر مناسب للمحفل،‏ ولكننا فشلنا،‏ بشكل رئيسي بسبب الرسميين ورجال الاعمال الذين خشوا رد فعل الكنيسة.‏ لذلك قررنا ان نستعمل ملكية محيطة بقاعة ملكوت كبيرة في تراخوناس.‏ وكانت الجمعية تملك قطعة ارض مقابل قاعة الملكوت،‏ وتمكَّنا من استئجار ارض متاخمة.‏ كان مشروعا ضخما ان نبني سقفا من الخيزران يغطي كامل المساحة لوقاية المندوبين من الحر.‏ ويوميا،‏ في درجة حرارة تتعدى ١٠٠ درجة فهرنهايت (‏٤٠° م)‏،‏ عمل اخوتنا وأخواتنا لإكمال المهمة.‏

لكنَّ احدى المشاكل الكبرى كانت الحصول على ما يكفي من الماء لسد حاجات المحفل.‏ ففصل الشتاء الذي سبق المحفل شهد هطولا ضئيلا للامطار،‏ وكان الماء يُزوَّد ثلاثة ايام في الاسبوع.‏ فماذا يمكن فعله؟‏ كان اخ،‏ يقع بيته بالقرب من قاعة الملكوت،‏ يملك بئرا في حديقته.‏ وكان مستعدا ان يسمح للاخوة باستعمالها،‏ ولكن لم يُستقَ ماء من البئر منذ فترة من الوقت.‏ فكم ستعطي؟‏ نظَّفها الاخوة،‏ ركَّبوا مضخة،‏ ثم انتظروا حابسين انفاسهم لرؤية النتيجة.‏ فابتدأت تتدفق كمية هائلة من الماء!‏ ولكن هل هي صالحة للشرب؟‏ أُجريت الفحوص.‏ والنتيجة:‏ صالحة ١٠٠ في المئة!‏ لقد بدت كعجيبة عصرية.‏ وكم كنا شاكرين يهوه على هذا الحل لمشكلة كبيرة!‏

بسبب النشاط المتزايد حول قاعة الملكوت،‏ سرعان ما ادرك المقاومون ان امرا خصوصيا يحدث.‏ ثم قبل انبلاج الصبح ذات يوم،‏ استيقظ الاخ الذي يتاخم بيته قاعة الملكوت لأن غرفة نومه صارت مضاءة نتيجة النيران.‏ فكانت كومة من الخيزران تشتعل بشدة في المكان.‏ انه حريق عمدي!‏ كان اعداؤنا غِضابا من جديد.‏ ومن ذلك الحين فصاعدا،‏ اتُّخذت احتياطات اضافية لضمان الامن.‏

كانت الجمعية قد طلبت ان تُحضَّر مسرحيات قصيرة تصف العادات المحلية وحياة سكان الجزيرة لفائدة الزوار الكثيرين الذين سيأتون الى الجزيرة ولا يفهمون اللغة اليونانية.‏ وكل صباح من الساعة ٠٠:‏٨ حتى ٣٠:‏٩،‏ قبل برنامج المحفل العادي،‏ قُدِّمت هذه المسرحيات القصيرة التثقيفية وتمتع بها كثيرا كل الموجودين.‏ وكانت هنالك ايضا جولات في الاماكن التاريخية المتعلقة بسجل الكتاب المقدس.‏

كان عقد محفل اممي في قبرص اختبارا مثيرا وبنَّاءً للاخوة المحليين.‏ فقد اتاح لهم الفرصة ليعاشروا شخصيا شهودا من قوميات كثيرة.‏ وهذا ساعد على توسيع ادراكهم لاخوَّتهم الاممية.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ فإن الدعاية التي نتجت من مقاومة الكنيسة الارثوذكسية في ما يتعلق بهذا المحفل ساعدت المزيد من الاشخاص في قبرص ليدركوا جيدا نشاط شهود يهوه.‏

١٩٧٤ —‏ سنة تغيير

كانت قبرص محجّ السيَّاح.‏ وكان الاقتصاد مزدهرا.‏ واعتقد قبارصة كثيرون ان كل شيء على ما يرام.‏ ولكنَّ الحالة شهدت تغيُّرا مأساويا في ١٥ تموز ١٩٧٤.‏

منذ مدة طويلة كان سكان الجزيرة منقسمين سياسيا.‏ وكانت هنالك فئتان متعارضتان في المجتمع القبرصي-‏اليوناني.‏ فمن جهة كان هنالك مؤيدو الرئيس،‏ رئيس الاساقفة مكاريوس؛‏ ومن جهة اخرى،‏ مؤيدو الجنرال الراحل يِورِيوس ڠريڤاس،‏ قائد الإيوكا المشهور الذي ترأس الثورة ضد الاستعمار البريطاني.‏ وفي انقلاب مسلَّح،‏ أُطيح بالرئيس مكاريوس وفقد كثيرون حياتهم.‏ ولكنَّ هذه الاحداث لم تكن إلا بداية لمزيد من الحوادث المأساوية.‏

بعد ان بقي دون رندل في انكلترا ١٤ سنة لاسباب صحية،‏ عاد الى قبرص سنة ١٩٧٢ وكان يخدم كناظر دائرة.‏ وفي ذلك الوقت كان يسكن في الساحل الشمالي للجزيرة على بعد ٤٠ ميلا (‏٦٠ كلم)‏ فقط من ساحل تركيا الجنوبي.‏ وإليكم وصفه لما حدث:‏

‏‹كنت اسكن مع رفيقي پول اندرِيو في قرية كاراكومي،‏ التي تقع على بُعد نحو ميل ونصف [٢ كلم] شرقي كيرينيا.‏ ونحو الساعة الخامسة من صباح ٢٠ تموز،‏ سمعتُ انفجارا مدوِّيا.‏ ومن نافذة مطبخنا،‏ رأيتُ عمود دخان يرتفع من منطقة ميناء كيرينيا.‏ وأعلنت محطة اذاعية تركية في الجزيرة انه بسبب الاوضاع غير المستقرة التي تطورت نتيجة «الانقلاب» القبرصي-‏اليوناني،‏ وصل جنود من البَر التركي الى الساحل الشمالي لحماية الاقلية القبرصية-‏التركية الساكنة في قبرص.‏ وسرعان ما ادركنا اننا في جو حرب.‏ وأحصينا ٧٥ طائرة مروحية فوق رؤوسنا.‏ وكان المظليون يهبطون مباشرة خلف الجبال المحيطة بالبلدة.‏ واستمر القصف من البحر والجو عدة ايام؛‏ ثم اضطررنا الى مغادرة بيتنا في وقت متأخر ذات مساء اذ كان الجنود الاتراك يتقدمون نحو القرية.‏

‏‹بعد عدة ايام قضيناها في الجبال،‏ عدنا الى بيتنا ولكن سرعان ما كنا محاطين بالجنود الاتراك.‏ ولم يجرِ ازعاجنا.‏ تساءلنا عما حل بإخوتنا في جماعتنا الصغيرة في كيرينيا.‏ وأخيرا وجدنا عائلة الاخ كيريازيس —‏ وهم جملةً سبعة شهود —‏ فأبهجتنا جدا رؤية واحدنا الآخر.‏ وفي اليوم التالي كنا جالسين تحت شجرة في حديقتهم ندرس الآية اليومية عندما وصل جنود اتراك.‏ وأُمِرنا بأن ندخل البيت.‏ وسرعان ما أُخذنا الى فندق دوم الذي كان تحت سيطرة قوات الامم المتحدة.‏ ولم يُسمح لي ولپول بالعودة الى بيتنا،‏ وإنما احتُجِزنا مع الاخ كيريازيس وعائلته بالاضافة الى نحو ٦٥٠ شخصا آخر في الفندق هناك في كيرينيا.‏ وبعد عدة ايام،‏ لأنني بريطاني،‏ أُخذت الى نيقوسيا،‏ سرت في منطقة مجردة من السلاح،‏ وأُطلق سراحي.‏ أما اخوتنا القبارصة-‏اليونانيون فبقوا محتَجَزين في الفندق اشهرا عديدة قبل اطلاق سراحهم.‏ وخلال ذلك الوقت،‏ بقوا اقوياء روحيا بعقد اجتماعات قانونية لدرس الكتاب المقدس،‏ وانهمكوا في إخبار رسالة التعزية الموجودة في الكتاب المقدس للآخرين الذين كانوا محتَجَزين في الفندق.‏›‏

وماذا كانت نتيجة تلك العملية العسكرية؟‏ احتلت القوات التركية نحو ثلث الجزيرة.‏ وصار اكثر من ٠٠٠‏,٢٠٠ شخص لاجئين.‏ وكان شعب يهوه بينهم.‏ وفقد اكثر من ٣٠٠ اخ ممتلكاتهم الارضية.‏ وتشتَّتت اربع جماعات.‏ وصمد البتل في وجه الهجوم الضاري،‏ لكنَّ ندوب الحرب بدت على مصاريع المبنى التي ملأها الرصاص.‏ وبما اننا نقدِّر الحياة اكثر من الممتلكات،‏ قررنا ان نخلي مبنى الفرع.‏ ولكن عندما خمد القتال،‏ بُذلت الجهود لاسترجاع بعض الملفات من مكتب الجمعية.‏ فوجدنا ان القوات القبرصية-‏اليونانية قد داهمت مبنى الفرع.‏ وكان الباب الامامي قد خُلع،‏ وكتب جندي على احد الجدران:‏ ‹اللّٰه لا يحبنا لأننا لم نجد شيئا قيِّما هنا.‏›‏

تشكَّلت على الفور لجنة للاعتناء بحاجات اخوتنا اللاجئين.‏ والذين لم يتأثروا مباشرة من الصراع فتحوا بيوتهم لإخوتهم المسيحيين.‏ وسرعان ما وصلت مؤن الاغاثة من شهود يهوه في اليونان والمال من فرع بريطانيا.‏ فقدَّر الاخوة المحليون حقا الاهتمام الذي اظهرته الهيئة الحاكمة بمساعدتهم في ضيقتهم.‏ فيا لرباط الوحدة الرائع الذي يقرِّب كل خدام يهوه واحدهم الى الآخر!‏

تزويد قاعة محافل

بسبب انتقال القبارصة-‏الاتراك من جنوبي الجزيرة الى شمالها،‏ توافرت لنا سينما تركية في بلدة ليماسول،‏ فوقَّعنا عقدا مع صاحب المُلك التركي قبل مغادرته.‏ كان المبنى متضررا جدا خلال الحرب.‏ لكنَّ الاخوة عملوا جاهدين لإصلاح السطح وجعل المكان عموما صالحا للاستعمال.‏ وتمكَّنت احدى الجماعات في البلدة من استعمال جزء من المبنى لاجتماعاتها.‏ يمكن ان تتسع السينما لـ‍ ٨٠٠ شخص،‏ وكانت هنالك فسحة حول السينما يمكن استعمالها لاقسام المحفل.‏ لقد كان الحصول على موقع مناسب لمحافلنا مشكلة على الدوام،‏ ولذلك كان هذا ما نحتاج اليه تماما.‏

ولكن قبل مضي وقت طويل اراد البعض من ذوي النفوذ ان يأخذوا السينما منا بعد ان مات صاحب المُلك السابق.‏ ولكن جرى الترتيب اخيرا مع السلطات لنستعمل السينما وجزءا من الملكية المحيطة بها.‏ وعلى مر السنين خضع المبنى لتحسينات كثيرة حتى بلغ مقياسا مقبولا لعبادة الهنا،‏ يهوه.‏

عندما حصلنا على السينما،‏ كانت تزوِّد مكانا كافيا لكل الشهود في قبرص.‏ ولكن،‏ في سنة ١٩٩٤،‏ رتَّبنا لعقد ثلاثة محافل كورية هناك،‏ لاستيعاب الشهود والاشخاص المهتمين الذين سيحضرون.‏

مسألة تتعلق بالضمير المسيحي

خلال ١٩٧٨/‏١٩٧٩ ظهر عدد من المقالات الصحفية يناقش موقف الحياد الذي يتَّخذه شهود يهوه في ما يتعلق بالتجنيد الاجباري.‏ ولأن القانون لم ينص على احكام للاعتراض بسبب الضمير،‏ حُكم على شهود كثيرين بالسجن مدة من الوقت.‏

ومنذ سنة ١٩٨٠ سُجن على الاقل ١٣٠ شاهدا ليهوه بسبب موقف حيادهم،‏ وأُعيد البعض الى السجن مرة ثانية،‏ ثالثة،‏ ورابعة.‏ وقضية يِورِيوس أناستاسي پِترو البالغ من العمر ٢٨ سنة مثيرة للاهتمام.‏ ففي ١ ايلول ١٩٩٣ أُدين كمعترض بسبب الضمير للمرة الرابعة وحُكم عليه بالسجن مدة ستة اشهر.‏ وكمجموع،‏ بلغت فترات سجنه سنتين وشهرين.‏ وبخصوص هذا الشاهد،‏ ذكرت صحيفة اسبوعية قبرص عدد ٩ ايلول ١٩٩٣ اعتراض جمعية حقوق الانسان،‏ قائلة:‏ ‹لسوء الحظ،‏ لا شيء يردع السلطات عن سجنه مرة خامسة،‏ سادسة،‏ وسابعة.‏ ألم يحِن الوقت لتكف السلطات عن ازعاجه؟‏›‏

كل اسبوع يزور شيوخ مختلفون اخوتنا الذين في السجن لاسباب تتعلق بالحياد ليناقشوا معهم برج المراقبة الى جانب معلومات روحية بناءة اخرى.‏ ونحن نقدِّر تعاون سلطات السجن التي جعلت هذا ممكنا.‏ والاخوة الذين يواجهون قضية الحياد يعتبرونها امتحانا للايمان وفرصة لتخصيص المزيد من الوقت للدرس الشخصي للكتاب المقدس اثناء وجودهم في السجن.‏ والتعليقات التالية لبعضهم هي نموذجية:‏ ‹نحن مستعدون ان نبقى في السجن ما دام يهوه يسمح بذلك،‏› و‹لم نقُم من قبل قط بمثل هذا المقدار من الدرس.‏›‏

يتسلَّم وزراء الحكومة رسائل احتجاج كثيرة من هيئات حقوق الانسان طالبةً من السلطات القبرصية ان تحل مسألة الاعتراض بسب الضمير.‏ ونتيجة لذلك،‏ حث عدد من المقالات الصحفية مؤخرا السلطات على جعل دستورها منسجما مع ما هو شائع اليوم في اوروپا.‏ على سبيل المثال،‏ قالت صحيفة أليثيا عدد ٢٤ كانون الثاني ١٩٩٤ بخصوص المعترضين بسبب الضمير:‏ ‹يجب تسوية هذه المسألة بأسرع ما يمكن انسجاما مع اقتراحات اوروپا والامم المتحدة.‏›‏

حثّ البرلمان الاوروپي ايضا الامم الاعضاء على الاعتراف شرعيا بالاعتراض بسبب الضمير على الخدمة العسكرية.‏ وفي سنة ١٩٩٣ نُشرت مقالة مفصَّلة في منبر قبرص القضائي تحث السلطات في قبرص على التفكير جدِّيا في ما فعلته بلدان كالسويد والنَّذَرلند في معالجة هذه الحالة.‏

مبنى جديد للفرع

سنة ١٩٨١ حدثت في فرع الجمعية تغييرات على الصعيد الاداري.‏ وللاعتناء بحاجات الفرع طُلب من دون رندل،‏ الذي كان يخدم آنذاك في بتل اليونان،‏ ان يعود الى قبرص لتولِّي مهمات منسق لجنة الفرع.‏ وفي السنة التالية أُضيف الى عائلة البتل في قبرص زوجان قبرصيان-‏يونانيان،‏ انذرِيَس كوندويورڠيس وزوجته مارو،‏ كانا يخدمان كفاتحين خصوصيين في انكلترا.‏ وعندما تبيَّن ان المبنى في ليماسول يصير اضيق من اللازم،‏ سُرَّت عائلة البتل سنة ١٩٨٥ عندما اذنت الهيئة الحاكمة في بناء تسهيلات جديدة للفرع.‏

مع ان الاخوة كانوا تواقين الى الابتداء بالعمل في التسهيلات الجديدة،‏ كانت هنالك مشاكل ينبغي معالجتها.‏ فأين سيشيَّد المبنى الجديد؟‏ تقرَّر ان تُستعمَل لهذا القصد الارض التي تملكها شركة قبرص لشهود يهوه في ليماسول.‏ وخلال سنة ١٩٨٧ قُدِّمت التصاميم الهندسية الى البلدية المحلية،‏ وطُلبت رخصة بناء.‏ ولكن،‏ حالما صار معروفا ان شهود يهوه ينوون ان يبنوا،‏ اخذ ممثلو الكنيسة الارثوذكسية اليونانية يطوفون في الجوار ليحصلوا على تواقيع لبيان اعتراض.‏ ونتيجة لذلك رفضت السلطات مَنح رخصة بناء.‏ والسببان اللذان أُعطيا كانا «لحماية الامن والسلامة العامة اللذين سيُهدَّدان اذا مُنح الإذن» وأيضا «القصد من مشروع البناء.‏»‏

ولأن الرفض تأسس بشكل واضح على التحامل الديني،‏ رفع الاخوة القضية الى المحكمة.‏ وهناك كان القرار لمصلحة شهود يهوه.‏ وذكر الحكم ان البلدية «لا سلطة لديها لرفض مَنح رخصة بناء لاسباب تتعلق بالامن والنظام العام.‏» وتابع الحكم:‏ «أما السبب الآخر المقدَّم،‏ وبالتحديد ‹القصد من مشروع البناء،‏› .‏ .‏ .‏ فيفصح عن السبب الحقيقي الذي من اجله رُفض طلب مقدِّمي الطلب.‏» وكانت تسوية هذه المسألة قضائيا امرا نافعا.‏

ولكن حتى قبلما اصدرت المحكمة قرارها،‏ صار ظاهرا بشكل متزايد انه من غير الحكمة ان يقع مكتب الفرع في منطقة فيها مقاومة شديدة جدا.‏ وبعناية الهية،‏ حدث في ذلك الوقت ان اخا عرض على الجمعية شراء ملكية يملكها في قرية نيسو،‏ على بعد اميال قليلة فقط من نيقوسيا.‏ وعلى ارض مساحتها اكر (‏٤‏,٠ هكتار)‏ كان هنالك مبنى مؤلف من اربع شقق.‏ وخلف المبنى يقع بستان ليمون،‏ ومن قدام فناء تحيط به جنبات مزهرة وأشجار نخيل.‏ وكانت قاعة الملكوت المحلية تقع بالقرب منه مباشرة.‏ كانت الملكية مثالية للفرع.‏ والمساحة اكبر من التي كانت ستصير متوافرة في ليماسول،‏ وكان يلزم اجراء تعديلات طفيفة،‏ والملكية تقع في الوسط،‏ والمحيط ودّي.‏ وبعدما وافقت لجنة النشر في الهيئة الحاكمة،‏ جرى شراء الملكية سنة ١٩٨٨،‏ وفي حزيران من السنة عينها انتقلت اليها عائلة البتل.‏

احكام قضائية تساعد العمل

بالاضافة الى القضية القضائية المتعلقة بمشروع مبنى الفرع،‏ كانت هنالك مناسبات اخرى وجب فيها اتخاذ اجراء لـ‍ ‹تثبيت البشارة شرعيا› في قبرص.‏ وأحيانا لزم رفع الدعاوى الى محكمة الجزيرة العليا.‏ —‏ فيلبي ١:‏٧‏،‏ ع‌ج‏.‏

ان احدى النقاط الاساسية التي يلزم ايضاحها هي:‏ هل شهود يهوه هم ما يُعرف قانونيا بـ‍ «دين معروف»؟‏ اذا كان الامر كذلك،‏ يجب ان يُعامَلوا اذًا كأيّ دين آخر موجود.‏ تقول المادة ١٨ من الدستور القبرصي:‏

‏«١-‏ كل شخص له الحق في حرية التفكير،‏ الضمير والدين.‏

‏«٢-‏ كل الاديان التي ليست معتقداتها او شعائرها سرية هي حرة.‏

‏«٣-‏ كل الاديان متساوية امام القانون.‏»‏

عرَّفت السلطات القضائية «الدين المعروف» بأنه «دين يمكن ان ‹يعرفه› كل شخص؛‏ دين ليست عقائده ومبادئه سرية،‏ وعبادته تحدث علنا.‏» وشهود يهوه يبلغون كل هذه المقاييس.‏

ولكن،‏ في مجال التعليم،‏ كان شهود يهوه يُعامَلون بشكل غير عادل.‏ فالمدارس ترفض ان تُدرج «شهود يهوه» كدين لتلامذتها،‏ مع انه جرت العادة ان يُذكر دين التلميذ في تقارير العلامات المدرسية.‏ رُفعت القضية الى السلطات التربوية.‏ فذكر وزير التربية:‏ ‹نحن لا نعتقد ان هنالك دينا يحمل الاسم شهود يهوه.‏ وشهود يهوه في نظرنا هم حركة او هيئة.‏›‏

وفي مذكرة الى وزارة التربية،‏ بتاريخ ١٦ نيسان ١٩٩١،‏ راجع المدعي العام المسألة في ضوء دستور قبرص.‏ ثم اصدر الرأي ان شهود يهوه هم «دين معروف،‏» ولذلك يجب ان يظهر دين التلامذة في تقارير علاماتهم المدرسية.‏

كان لرأي المدعي العام هذا اثر مؤاتٍ في تطورات قانونية اخرى تتعلق بخدام يهوه في قبرص.‏ وأصدر مكتبه مذكرة من تسع صفحات تذكر ان خدام شهود يهوه يجب ان يُعامَلوا بالطريقة نفسها كخدام الاديان التقليدية في قبرص.‏ وعندما حدث من جديد ضغط من قِبل المقاومين،‏ عمل ذلك على تقوية قرارٍ اتَّخذته السلطات في تموز ١٩٩٠ بخصوص شهود يهوه.‏ وعلى اساس هذا القرار،‏ أُعفي الشيوخ والخدام المساعدون في جماعات شهود يهوه من الخدمة العسكرية لأنه جرى الاعتراف بهم كخدام دينيين.‏

والتطور الآخر الذي تلا رأي المدعي العام يتعلق بالضرائب.‏ ففي ١٧ حزيران ١٩٩٢ اعلنت وزارة التجارة قرارها انَّ هيئة شهود يهوه معفاة من دفع ضريبة الارض،‏ وأُعيدت الضرائب التي دُفعت قبلا منذ سنة ١٩٨١.‏

وبديهي القول ان شهود يهوه في قبرص شاكرون لذوي السلطة الذين تغاضوا عن التحامل وعاملوا كل الاديان دون محاباة.‏

التجميع يستمر

في الازمنة العصرية،‏ مضى على وصول بشارة ملكوت يهوه الى قبرص نحو ٧٠ سنة.‏ فماذا أُنجِز منذ ذلك الحين؟‏

من اقصى الجزيرة الى اقصاها —‏ في البلدات،‏ القرى،‏ وفي الريف —‏ نال الناس مرة بعد اخرى فرصة سماع رسالة الكتاب المقدس.‏ وبعض الاعضاء المقبلين في الملكوت السماوي تعلموا الحق هنا.‏ والآن يُجمع آخرون كثيرون لديهم رجاء الحياة الابدية كعبَّاد ليهوه على ارض فردوسية.‏ وفي الجزء الاول من سنة ١٩٨٥ كان هنالك اكثر من ٠٠٠‏,١ شخص في قبرص يرنِّمون علنا تسابيح يهوه.‏

لكنَّ التجميع لم يتوقف آنذاك.‏ ففي آذار ١٩٩٤ كان هنالك ٥٤٤‏,١ شاهدا نشيطا في قبرص وحضر الذِّكرى ١٤١‏,٣ شخصا.‏ اذًا،‏ هنالك كثيرون لا يزالون يتجاوبون مع برنامج التلمذة ويُظهرون رغبة في تعلُّم جميع ما اوصى به يسوع أتباعه.‏ وفي كل انحاء الجزيرة هنالك ١٦ جماعة،‏ وهم يُبدون غيرة لخدمة يهوه.‏ وخلال سنة الخدمة الماضية كان هنالك دليل جيد على نمو روح الفتح،‏ وخصوصا بين الشهود الاصغر سنا.‏ ففي آذار اشترك ما مجموعه ٢٩٥ شاهدا،‏ اي ١٩ في المئة من مجموع الناشرين،‏ في شكل من اشكال خدمة الفتح.‏

وأُحرِز ايضا تقدُّم في تدريب الاخوة على حمل المزيد من المسؤولية.‏ وكان الامر كذلك خصوصا في ما يتعلق بشيوخ الجماعات بالاضافة الى تنظيم المحافل الكورية والدائرية.‏

والمثابرة لازمة من جهة الناشرين ليستمروا في تغطية مقاطعتهم قانونيا.‏ فخوف الانسان لا يزال سائدا في قبرص حيث المجتمعات متقاربة وخصوصا في المناطق الريفية.‏

عندما تتأصل المحبة لحق الكتاب المقدس في قلب شخص صغير،‏ يكون هذا الصغير احيانا مَن يساعد بقية العائلة على التغلب على عقبة الخوف.‏ وقد صحّ ذلك في عائلة تتألف من ستة اشخاص (‏الاب،‏ الام،‏ وأربعة اولاد صغار)‏ في قرية صغيرة.‏ ابتدأت فاتحة بدرس في الكتاب المقدس مع الام.‏ وبعد الدرس الثالث،‏ حضرت اجتماعا مع الشهود.‏ ولكن عندما نشأت مقاومة عائلية،‏ اوقفت الدرس.‏ لكنَّ ابنتها البالغة من العمر تسع سنوات بكت بلا انقطاع الى ان وافقت الام اخيرا على متابعة الدرس.‏ وسرعان ما ابتدأت العائلة كلها تحضر الاجتماعات.‏ وفي سنة ١٩٩٤ اعتمدت هذه المرأة.‏ وزوجها يدرس الآن،‏ وتلك الابنة مستمرة ايضا في الدرس.‏

فيما يشترك الناشرون بإخلاص في الخدمة،‏ يستمرون في العثور على مثل هؤلاء المتواضعين.‏ ويتعلمون ايضا ان يطوِّروا ثمار روح اللّٰه.‏ وهم يقدِّمون الدليل على انهم مؤيدون اولياء لسلطان يهوه.‏

التحرُّر الحقيقي للقبارصة المستقيمي القلوب

يسجِّل تاريخ قبرص سيطرة الدول الاجنبية على سكانها.‏ وقد ضحَّى قبارصة كثيرون،‏ ممَّن يتكلمون التركية واليونانية على السواء،‏ بحياتهم في ما فهموا انه قضية الحرية.‏ لكنَّ النتائج لم تكن دائما كما تخيَّلوا.‏ ففي هذا الجيل فقدَ القبارصة الاتراك واليونانيون على السواء ارض اجدادهم،‏ وهم لا يرون في الوقت الحاضر املا في العودة اليها.‏ ويصح هذا ايضا في حالة البعض من شهود يهوه.‏ ولم يكن الامر سهلا بالنسبة اليهم.‏

لكنَّ الحرية الحقيقية لا تعتمد على المكان الذي يحيا فيه المرء او على الملكية التي يحوزها.‏ فهذه الحرية هي النوع الذي ينتج من معرفة الحق الدقيقة.‏ ومثل هذه المعرفة،‏ الموجودة في الكتاب المقدس،‏ تحرر الناس من الخرافة والخوف غير المبرَّر.‏ وهي تستبدل التحامل الديني بالمحبة للّٰه وللرفيق الانسان.‏ وتظهر السبيل الى التحرُّر من عبودية الخطية والموت لجميع الذين يؤمنون بتدبير الخلاص الحبي الذي صنعه يهوه اللّٰه بواسطة يسوع المسيح.‏ وإلى هذه البشارة يوجِّه شهود يهوه اناسا من جميع الانواع.‏

ولكن،‏ كما حدث عندما كرز الرسول بولس ورفيقه برنابا في قبرص،‏ يقاوم القادة الدينيون الكرازة ببشارة كهذه.‏ وفي كل التاريخ العصري لخدام يهوه في قبرص،‏ قاومَتهم الكنيسة الارثوذكسية اليونانية بصورة خاصة.‏ لكنَّ الشهود كانوا دائما مدركين جيدا لما هو مكتوب في ارميا ١:‏١٩‏:‏ «يحاربونك ولا يقدرون عليك لأني انا معك يقول (‏يهوه)‏ لأُنقذك.‏»‏

انهم على يقين من ان يهوه سيستمر في انقاذهم من اعدائهم وأنه عن قريب سينقذهم عبر الضيقة العظيمة القادمة الى عالمه الجديد.‏ وحينئذ سيصحّ ما هو مذكور في ميخا ٤:‏٤‏،‏ ليس فقط بمعنى روحي بل ايضا بطريقة حرفية:‏ «يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته ولا يكون مَن يرعب.‏» صحيح ان هنالك قبارصة يمكنهم الآن ان يجلسوا تحت كرمتهم وتينتهم،‏ إلا انهم لا يفعلون ذلك دون خوف.‏ ولكن في «العالم العتيد،‏» الذي يتكلم عنه الكتاب المقدس،‏ سيصير بالامكان التمتع بأحوال كهذه دون خوف من الجريمة،‏ الحرب،‏ او حتى المرض والموت.‏ وهذا سيكون تحرُّرا حقيقيا!‏ نعم،‏ يَعِد يهوه:‏ «ها انا اصنع كل شيء جديدا.‏» ويقول ايضا:‏ «ان هذه الاقوال صادقة وأمينة.‏» —‏ عبرانيين ٢:‏٥-‏٩؛‏ رؤيا ٢١:‏٤،‏ ٥؛‏ مزمور ٣٧:‏٩-‏١١‏.‏

‏[الخريطة في الصفحة ٦٦]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

قبرص

پافوس

نيقوسيا

ليماسول

لارنكا

كسيلوفاڠو

فاماڠوستا

سلاميس

‏[الصورتان في الصفحة ٧١]‏

انتونيس سْپِتسيوتيس (‏الى اليمين)‏ وأنذرِيَس خريستو،‏ اول شاهدين في كسيلوفاڠو

‏[الصورتان في الصفحتين ٧٢ و ٧٣]‏

كرز الرسول بولس لسرجيوس بولس في پافوس رغم مقاومة ساحر (‏الى اليسار:‏ خرائب قصر الوالي)‏

‏[الصورة في الصفحة ٧٦]‏

پانايوتيس ڠاڤرييليديس

‏[الصورة في الصفحة ٧٩]‏

نيكوس وڠالاتيا ماتِياكيس،‏ شاهدان غيوران معروفان بضيافتهما السخية

‏[الصور في الصفحة ٨٠]‏

عدد من المرسلين الاولين المدرَّبين في جلعاد:‏

١-‏ دون رندل

٢-‏ انثوني سيدارِس

٣-‏ إمانيويل پاتِراكيس

٤-‏ انتونيوس كاراندينوس

‏[الصورة في الصفحة ٨١]‏

بعض الاخوات اللواتي خدمن كمرسلات في قبرص (‏من اليسار الى اليمين)‏:‏ جين بايكر،‏ إيڤون وارموز (‏سْپِتسيوتيس)‏،‏ نينا كونستانتي (‏پسالتيس)‏

‏[الصورة في الصفحة ٨٦]‏

ن.‏ ه‍.‏ نور (‏الصف الثاني،‏ الى اليمين)‏ مع اخوة قبارصة ومرسلين

‏[الصورتان في الصفحة ٨٧]‏

عُقد محفل مثير في السينما المَلَكية وسينما پالاس سنة ١٩٥١

‏[الصورة في الصفحة ٩١]‏

شهود مستعدون للذهاب الى مقاطعتهم،‏ سنة ١٩٥٥

‏[الصورتان في الصفحة ١٠٠]‏

محفل اممي تحت سقف من الخيزران،‏ في نيقوسيا،‏ سنة ١٩٧٣

‏[الصورتان في الصفحة ١٠٧]‏

قاعة محافل في ليماسول

‏[الصورتان في الصفحتين ١٠٨ و ١٠٩]‏

مكتب الفرع الحالي وعائلة البتل في قبرص

‏[الصورة في الصفحة ١١٥]‏

لجنة الفرع التي تخدم الآن في قبرص (‏من اليسار الى اليمين)‏:‏ انذرِيَس كوستا افثيميو،‏ انذرِيَس كوندويورڠيس،‏ جيمس پتريديس