الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

ڠوادلوپ

ڠوادلوپ

ڠوادلوپ

تصوروا انكم في جزر الهند الغربية،‏ في جزيرة صغيرة جنوبي ڠوادلوپ.‏ انتم في بلدة يبلغ عدد سكانها ٠٠٠‏,٦ فقط حيث نادرا ما يحدث ايّ شيء مثير على الاطلاق.‏ لكن اليوم تُفرغ من مركب ينقل بشكل دائم الناس والمعدات اطنانٌ من انابيب الحديد وصفائح الالمنيوم على الرصيف.‏ وفي غضون يوم تُنقل هذه المواد المعدنية الى ضواحي البلدة وتركَّب.‏ ويجري انشاء قاعة محافل تسع نحو الف شخص.‏ ولا حاجة الى لافتات لإعلان الحدث.‏ فالجميع يعرفون ان هنالك فريقا واحدا فقط يمكن ان ينظِّم مثل هذا المحفل هنا.‏

وبعد اسبوع ترسو في وقت واحد ثلاثة مراكب اخرى.‏ والبلدة بكاملها تراقب فيما يسير الف شخص —‏ رجال،‏ نساء،‏ واولاد —‏ من الرصيف الى مكان المحفل.‏ انهم يحملون حقائب،‏ اسرّة نقّالة،‏ امدادات مائية.‏ هؤلاء الناس هم شهود يهوه.‏ وهم في البلدة ليس فقط لحضور محفل بل ايضا للتحدث الى السكان عن حق الكتاب المقدس.‏ وعلى مرّ السنين غالبا ما قابلهم الجميع في ڠوادلوپ وفي الجزر المجاورة.‏

فكيف وصل حق الكتاب المقدس اولا الى هذه الجزر؟‏ ايّ نوع من الناس يعيشون هنا؟‏ ايّ نوع من الجزر يسكنون؟‏

مزيج من الحضارات

جزيرة المياه الجميلة —‏ كاروكِرا كما دعاها الهنود الكاريبيون —‏ كان اسم ڠوادلوپ قبل ان يصل كولومبُس بوقت طويل الى هنا في السنة ١٤٩٣.‏ ولا شك في ان الهنود كانوا يفكرون في الانتعاش الذي تزوده شلالات ڠوادلوپ العديدة وجمال المياه المحيطة بڠوادلوپ.‏ لكننا سنخبركم لاحقا عن نوع آخر من المياه التي تتدفق بغزارة في ڠوادلوپ اليوم.‏ وما تنتجه انما هو اكثر جمالا ايضا.‏

وفي الواقع،‏ تتألف ڠوادلوپ من جزيرتين،‏ مع عدد من المقاطعات الاصغر التابعة لها (‏ماري ڠالانت،‏ جزر القديسات،‏ لاديزيراد،‏ جزر الارض الصغيرة،‏ سان بارتيليمي،‏ وجزء من سان مارتان)‏.‏ وعلى الخريطة تبدو الجزيرتان الرئيسيتان كفراشة ممدودة الاجنحة.‏ في الغرب هنالك باس تير بسلسلة جبالها البركانية،‏ وفي الشرق هنالك ڠراند تير،‏ هضبة بآكام تشبه الفسيفساء.‏ وما يزيدهما جمالا الشواطئ ذات المياه الفيروزية،‏ الريف الاخضر،‏ والغابة المدارية الكثيرة الشلالات.‏

جاء اناس من عروق متنوعة الى شواطئ ڠوادلوپ.‏ فكان الآراواكيون السكان الاوائل؛‏ وفي ما بعد اتى الكاريبيون،‏ سابقين ايًّا من المستوطنين الاوروپيين.‏ ولم يكن إلا بعد اكثر من ١٤٠ سنة من رحلة كولومبُس،‏ التي موّلها الاسپان،‏ ان الاوروپيين استوطنوا ڠوادلوپ؛‏ وهؤلاء المستوطنون كانوا فرنسيين،‏ لا اسپانيين.‏ وتدريجيا تخلصوا من الكاريبيين،‏ بنوا مصانع السكّر،‏ وأدخلوا عمل السخرة.‏

ومن الناحية السياسية،‏ ڠوادلوپ هي محافظة فرنسية،‏ وقد اتى فرنسيون كثيرون للعيش هنا في العقود الاخيرة.‏ لكنَّ الجزر الرئيسية يسكنها في الاغلب شعب اسود اخذت تجارة الرقيق اسلافَه عنوة من السواحل الافريقية.‏ لكنَّ نحو ١٠ في المئة من السكان تحدَّروا من عمال جُلبوا من الهند عقب إبطال الاسترقاق في ڠوادلوپ في السنة ١٨٤٨.‏ وجزر القديسات وسان بارتيليمي،‏ اثنتان من المقاطعات التابعة الست،‏ آهلة بشكل رئيسي بالـ‍ Blancs-pays (‏البيض المحليين)‏،‏ الذين كان اسلافهم البريتانيون والنورمنديون بين المستعمِرين الاوائل.‏ وهنالك ايضا عائلات لبنانية وسورية قليلة تدير مؤسسات تجارية هنا.‏

يُعتبر معظم السكان من الروم الكاثوليك.‏ لكنَّ المجتمع الهندي يستمر في ممارسة الطقوس الهندوسية رغم دمجه في المجتمع الكاثوليكي.‏ فسواريهم المقدسة بأعلام برَّاقة الالوان تشاهَد هنا وهناك في الريف.‏ ومعتقدات عدد كبير لا تزال مشبعة بخرافات الاسلاف التي يحافظ عليها الى حدٍّ بعيد الكَنبوازور (‏السحرة)‏.‏

ومع ذلك،‏ يحترم الناس هنا عادةً الكتاب المقدس.‏ فهم يؤمنون بأنه كلمة اللّٰه.‏ وفي صلواتهم يستعمل كثيرون مقتطفات من المزامير.‏ وفي الواقع،‏ غالبا ما يُترَك الكتاب المقدس مفتوحا،‏ وأحيانا بجانب شمعة مضاءة،‏ الى مزمور يُعتقَد انه يجلب الحماية والبركة للبيت.‏

لقد ولَّد مزيج الحضارات المتنوعة —‏ الافريقية،‏ الاوروپية،‏ والآسيوية —‏ طريقة حياة تسودها الرقة واللطف.‏ وهاتان الصفتان الجيدتان تجعلان اشخاصا كثيرين متقبلين لرسالة الملكوت ومن الممتع التحدث اليهم.‏

بدايات متواضعة

ان تاريخ شهود يهوه في ڠوادلوپ مثال جيد لما يمكن ان ينجزه روح يهوه في الناس المخلصين والمتواضعي القلوب الذين يقبلون الدعوة الالهية ان ‹يأخذوا ماء حياة مجانا.‏› (‏رؤيا ٢٢:‏١٧‏)‏ لقد زار الشهود ڠوادلوپ قديما في السنة ١٩٣٦.‏ ولكن في السنة ١٩٣٨ جرى البدء بالشهادة على اساس قانوني على ارصفة ميناء پوانت أ پيتْر.‏

كان قد ابتدأ تزويد الجزيرة بالكهرباء منذ وقت قصير،‏ وكان يمكن ان تُرى سيارات قليلة فقط في الشوارع.‏ كان المرفأ ناشطا.‏ والمراكب من مختلف الحجوم ترسو هناك.‏ وكان التجار ومستخدَموهم يروحون ويجيئون،‏ وكذلك عمال الارصفة الذين يُعنون بالاكياس الكبيرة،‏ صناديق الشحن الثقيلة،‏ والبراميل الضخمة.‏ وخلال استراحة الغداء كان رجل يجلس في الظل على عتبة،‏ محاطا بالعمال.‏ وكان يتكلم عن الكتاب المقدس.‏ هذا الرجل،‏ الذي كان في اربعيناته،‏ هو سيريل ونستون.‏ كان متزوجا ومن مواليد دومينيكا،‏ جزيرة تقع جنوبي ڠوادلوپ.‏ وكان طويل القامة،‏ ذا عينين رماديتين وبهيَّ الطلعة،‏ يتكلم بهدوء باللغة الكرييولية.‏ كان مبشرا كامل الوقت،‏ او فاتحا،‏ ويعمل ايضا بكدّ ليزوِّد حاجات عائلته الجسدية.‏

كان كونداي بوشان بين اول الذين اصغوا بانتباه الى سيريل ونستون.‏ قال:‏ «كنا نعمل معا كعاملَي رصيف في الميناء.‏» وأضاف:‏ «وقت الظهر،‏ كنا نجلس عدة عمال آخرين وأنا حول سيريل،‏ وكنا نتمتع بالاصغاء الى شرحه للكتاب المقدس.‏ وفي فترة قصيرة جمع فريقا صغيرا من دومينيكا كانوا يعملون معنا،‏ ونظّم اجتماعات.‏ وكان هنالك خمسة اشخاص يحضرون.‏»‏

استأجر الاخ ونستون كمكان للاجتماع غرفة في كاز رينيه سايي وزوجته.‏ والـ‍ كاز الهندي الغربي هو مبنى مؤلف من ألواح مسمَّرة على هيكل من العوارض،‏ بسقف من ألواح الحديد المموَّجة.‏ وفي الداخل تُفصَل الغرف بواسطة قواطع بفتحات في الاعلى من اجل دوران الهواء.‏ ويمكن سماع الاصوات بسهولة عبر الجدار الفاصل،‏ لذلك كانت السيدة سايي تصغي في ايام الاجتماعات الى الخطابات.‏ وبهذه الطريقة صارت هي وزوجها مهتمَّين بحق الكتاب المقدس.‏

تذكر نويما ميسودان (‏الآن اپورو)‏ اتصالها الاول بهذا الفريق:‏ «ازعجني واقع ان زوجي ابتدأ يأتي الى البيت متأخرا في ايام معيَّنة.‏ فخفت ان يكون مهتما بامرأة اخرى.‏ فتبعته في احدى الامسيات.‏ كان ذلك في ٢٥ كانون الاول ١٩٣٩.‏ دخل الى كاز في ضاحية پوانت أ پيتْر.‏ وبعد عدة دقائق دخلتُ هذا البيت.‏ ويا لها من مفاجأة ان اجد نفسي وسط فريق من نحو ١٢ شخصا!‏ فجلستُ وأصغيتُ.‏» وهكذا ابتدأت تحضر الاجتماعات.‏ واذ لم تكن هنالك كهرباء،‏ كان على كل واحد ان يجلب معه شمعة.‏

مشقات زمن الحرب

عقب اجتياح المانيا لپولندا اعلنت فرنسا الحرب على المانيا في ٣ ايلول ١٩٣٩.‏ فكان لذلك اثر في جزر الأنتيل الفرنسية،‏ لأن التجارة مع فرنسا سرعان ما توقفت فعليا.‏ وفي السنة ١٩٤٠ صارت ڠوادلوپ تحت سلطة حكومة ڤيشي الفرنسية التي تعاونت مع النازيين.‏ والاتصالات مع الولايات المتحدة توقفت تماما.‏ لم يعد بامكان ڠوادلوپ ان تصدِّر الروم والموز،‏ او تستورد مؤن الطعام والمنتوجات الاخرى.‏ حتى ان شحنة من مطبوعات الكتاب المقدس المرسلة من نيويورك حُرقت على ارصفة ميناء پوانت أ پيتْر.‏

لكن في السنة ١٩٤٠ ابتدأ الفريق الصغير الذي كان يجتمع لدرس الكتاب المقدس في احدى ضواحي پوانت أ پيتْر يعمل كفريق منعزل لشهود يهوه،‏ تحت توجيه جمعية برج المراقبة.‏ فكان اول فريق في ڠوادلوپ.‏

الغيرة مع التحرُّر من خوف الانسان

ان بعض الذين كانوا يحضرون اجتماعات هذا الفريق سرعان ما جعلوا الحق خاصتهم.‏ وهكذا في ايلول ١٩٤٠ عمَّد الاخ ونستون سبعة اشخاص في نهر لا ليزارد،‏ قرب پتي بور.‏ ولكن لماذا في نهر في حين ان هنالك شواطئ عديدة يمكن الوصول اليها بسهولة؟‏ كان الاخوة يعتقدون ان ذلك ملائم اكثر.‏ أفلم يعتمد يسوع نفسه في نهر الاردن؟‏ لكن طبعا،‏ كل ما يلزم حقا هو ايّ مكان فيه ماء يسمح بالتغطيس.‏ *

اعرب هؤلاء التلاميذ الاولون في ڠوادلوپ عن الاخلاص والغيرة،‏ وكذلك عدم الخوف من الانسان.‏ وإذ تذكّر الاخ بوشان الايام الباكرة،‏ قال:‏ «كنا في ايام الآحاد نخرج في عمل الكرازة.‏ لم يكن لدينا ايّ تدريب وكنا نملك القليل جدا من المعرفة؛‏ فكان كل واحد يتكلم بأية طريقة تبدو له الافضل.‏ وإذ كنت مقتنعا بأنني مسؤول عن هداية اكبر عدد ممكن من الناس،‏ وقفت امام الكنيسة الكاثوليكية في پوانت أ پيتْر عند نهاية القداس وصرخت:‏ ‹يا شعب پوانت أ پيتْر،‏ أَصغوا الى كلمة يهوه .‏ .‏ .‏› فكنت قد قرأت انه هكذا كان الانبياء قديما يكرزون.‏ وبعد ان تكلمت لفترة قصيرة احتشد جمع.‏ فأصغى البعض،‏ فيما ابتدأ آخرون يضجّون.‏ وكان المركز الرئيسي للشرطة قريبا،‏ فأُلقي القبض علينا زوجتي وأنا.‏ وقضينا الليلة التالية في مخفر الشرطة.‏» لكنَّ ذلك لم يثبطهما عن الخدمة في المستقبل.‏

كان اولڠا لالند،‏ شاب في الـ‍ ٢٠ من عمره،‏ شخصا آخر لم يحجم عن الكرازة عندما تعلَّم الحق.‏ ففي الاحد الثاني لاجتماعه مع الفريق الصغير من الشهود اشترك معهم في عمل الشهادة.‏ وصار اخا غيورا وتقدميا جدا،‏ شخصا لا يخاف الانسان.‏ وإذ وُهِب صوتا جهيرا،‏ لم يكن تجاهله ممكنا.‏

لكنَّ امتحانات الامانة التي واجهها هؤلاء المسيحيون شملت اكثر من الشهادة العلنية.‏

امتحان التواضع اثناء العزلة

كانت لدى الاخوة كمية محدودة من المواد لدرس الكتاب المقدس.‏ ومعظم الاشخاص الـ‍ ٣٠ الذين كانوا يجتمعون مع الفريق المنعزل من الشهود هنا لم يكونوا قد بلغوا بعد النضج الروحي.‏ وقيود زمن الحرب حرمتهم مزيدا من الاتصال بالمركز الرئيسي للجمعية.‏ وفضلا عن ذلك،‏ في هذا الوقت نفسه مرض سيريل ونستون وعاد الى دومينيكا حيث مات بعد ثلاثة اشهر.‏ لقد احبّه الاخوة،‏ لكنهم الآن سمحوا لمشاكل خطيرة بأن تتطور بينهم.‏ فقد ارادوا ان يخدموا يهوه،‏ لكنهم كانوا يرون الهيئة بصورة عامة من وجهة نظر بشرية.‏ فالاخ سايي،‏ الذي كانت الاجتماعات تُعقد في بيته،‏ شعر بأنه هو المسؤول.‏ فعارضه آخرون.‏ وبلغ النزاع الداخلي الذروة بحلول ٢٩ تشرين الثاني ١٩٤٢،‏ عندما قرَّرت الغالبية العظمى،‏ التي يقودها الاخ ميسودان،‏ ان تنسحب وتجتمع في مكان آخر.‏ واستمر الاخ سايي في عقد الاجتماعات في بيته.‏ ولم تكن الخلافات بين الفريقين عقائدية؛‏ انما كانت تشمل الشخصيات.‏

وعلى الرغم من الصدع،‏ اشترك الفريقان في الشهادة،‏ وكان الناس يصغون.‏ وفي كلا الجانبين كان هنالك اخوة وأخوات مخلصون.‏ ولكن عندما لا تُطبَّق مبادئ الكتاب المقدس،‏ تتطور حالات لا تليق بالمسيحيين.‏ يحضّ الكتاب المقدس:‏ «لا يكون بينكم انشقاقات.‏» ‹اجتهدوا ان تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام.‏› —‏ ١ كورنثوس ١:‏١٠؛‏ افسس ٤:‏١-‏٣‏.‏

وخلال هذه الفترة العصيبة نجح الاخ سايي في اعادة الاتصال بالمركز الرئيسي للجمعية.‏ فقدّرت الجمعية جهوده في القيام بذلك اضافة الى جهوده المتواصلة في جعل مطبوعات الكتاب المقدس تصل الى الجزيرة خلال الحرب.‏ وأُرسلت رسالة الى ڠوادلوپ في ١٦ شباط ١٩٤٤،‏ تعيِّن الاخ سايي خادم جماعة (‏ناظرا مشرفا)‏.‏ وبحلول ذلك الوقت كان قد بلغ سن الـ‍ ٣٠.‏ وعلى الرغم من مركزه الاجتماعي المتواضع ومظهره الدال على بنية ضعيفة،‏ كان رجلا صريحا جدا وثابت العزم.‏

وبعد تعيين الاخ سايي ليكون خادم الجماعة كتبت الجمعية الى الفريق الآخر،‏ قائلة:‏ «انتم ايها الاخوة هناك،‏ الذين انفصلتم .‏ .‏ .‏،‏ يجب ان تتحدوا وتتعاونوا معه من الآن فصاعدا لتقدُّم مصالح الملكوت.‏ وكما ان المسيح ليس منقسما .‏ .‏ .‏ كذلك يجب ان يكون جسد المسيح على الارض متحدا .‏ .‏ .‏ نعتقد ان ولاءكم للرب ولملكوته سيحثكم انتم المعنيين جميعا ان تضعوا جانبا اية مشاعر شخصية ربما كانت لديكم حيال المسألة،‏ وتنتظروا الرب ليصدر اية احكام قد يشعر بضرورة تنفيذها في ايّ شخص يرتكب الخطأ،‏ وأن يمضي كل واحد قُدُما ويخدم الرب.‏» لكنَّ الجهود لتسوية الخلاف آنذاك لم تثمر.‏ فلم يوافق الجميع ان الاخ سايي لديه المؤهلات اللازمة لتعيينه.‏ ورغم ان كثيرين ارادوا ان يتحد الفريقان،‏ كان من الصعب ان يضعوا جانبا المشاعر الشخصية.‏ ولأن الاخوة كان ينقصهم النضج الروحي استمر الانشقاق حتى السنة ١٩٤٨.‏

وفي السنة ١٩٤٤ اخبرت الجماعة التي كانت الجمعية تعترف بها عن تسعة ناشرين فقط.‏

اجتماعات كانت بالتأكيد عامة

لنشر رسالة حق الكتاب المقدس،‏ ألقى الشهود محاضرات في الشوارع خلال الامسيات المدارية المعتدلة.‏ وتكلم الخطيب بصوت عالٍ كفاية ليس فقط ليسمعه حضوره المباشر بل ايضا ليلفت انتباه المارَّة.‏ وغالبا ما كان يشارك الاخ لالند،‏ بصوته القوي،‏ في امتياز الخدمة هذا.‏ والمشهد الذي يذكره هو هذا:‏ «بعد غروب الشمس،‏ كنا نجتمع معا في دائرة تحت شجرة او عند زاوية شارع.‏ وفي وسط الفريق كان يقف الخطيب؛‏ وآخرون كانوا ينيرون المكان بواسطة مشاعل.‏ كان البرنامج يبدأ بترنيمة وصلاة.‏ وقد يدوم الخطاب ٣٠ دقيقة او ساعة،‏ ويعتمد ذلك على ما حضَّره الخطيب.‏ ولم تكن المواضيع متنوعة كثيرا،‏ اذ ان هدفها الرئيسي كان ضرب الدين الباطل.‏»‏

ونتيجة لهذه الاجتماعات،‏ جرت مساعدة عدد من الاشخاص على تعلُّم الحق.‏ لكن لم يقدِّر الجميع الخطابات.‏ فأحيانا،‏ تحت جُنح الظلام،‏ كان اناس يرشقون الفريقَ بالحجارة.‏ ومع ذلك،‏ لم يكن الاخوة ليغادروا حتى انتهاء الاجتماع.‏ فقد فكَّروا:‏ «اذا كان الجنود على استعداد لمواجهة نيران البنادق في زمن الحرب،‏ فلماذا لا نكون على استعداد لأن نُقذَف ببعض الحجارة من اجل البشارة؟‏» (‏٢ تيموثاوس ٢:‏٣‏)‏ حتى ان بعض الشهود أُصيبوا بجروح في الرأس.‏ وفي احدى الامسيات فيما كانت اخت تحمل مصباحا زيتيا كبيرا للخطيب،‏ اخطأ حجر مقذوف باتجاه المصباح المرمى وأصاب عوضا عن ذلك رأس احد المستمعين.‏ وعندما مات الشخص في ما بعد في المستشفى،‏ اقتيد المذنب الى المحكمة وعوقب بشدة.‏

اخ ينال بعض التدريب

في السنة ١٩٤٥ قرَّر الاخ لالند ان يذهب الى ڠِييانا الفرنسية،‏ حيث كانت تسكن امه.‏ ولم تكن هنالك اية جماعة حيث استقر،‏ بالقرب من سان-‏لوران دو ماروني،‏ لكنَّ ذلك لم يثنِه عن الشهادة.‏

ذكر الكتاب السنوي لاحقا:‏ «ذهب أخَوان الى ڠِييانا الفرنسية في كانون الثاني.‏ وعند اتصالهما بالناس في سان-‏لوران أُخبِر الأخَوان،‏ ‹هنالك رجل نحو اعلى النهر يتكلم مثلكما تماما.‏› فاستأجر الأخَوان سيارة للبحث عن هذا الرجل،‏ وكما قيل لهما،‏ وجدا هناك رجلا جاء من ڠوادلوپ وكان يلقي محاضرات عامة.‏ ولم تكن لديه اية مطبوعات؛‏ لكنه لم ينقطع عن التكلم عن الملكوت.‏ وخصمه الاكبر كان الكاهن،‏ الذي كان مشغولا بتحذير الناس من الاصغاء الى ما لدى هذا ‹الرجل المجنون› ليقوله.‏»‏

وعندما عاد الأخَوان الى پاراماريبو،‏ سورينام،‏ حيث كان لدى الجمعية مكتب فرع،‏ ذهب الاخ لالند معهما.‏ وهناك التقى فاتحين شجَّعوه على الانخراط في الخدمة كامل الوقت.‏ فتعلَّم كيف يلاحق الاهتمام ويدير دروسا بيتية في الكتاب المقدس.‏ وأثناء وجوده في پاراماريبو،‏ تعلّم ايضا الكثير عن الهيئة الثيوقراطية وكيف تعمل —‏ فوجد ان امامه الكثير ليتعلمه!‏ وبعد ثلاثة اشهر عُيِّن ليخدم كفاتح خصوصي وأُرسل ليعود الى سان-‏لوران.‏

تنمية وحدانية الروح

في هذه الاثناء كانت الجمعية متنبهة للحالة الخطرة الموجودة في ڠوادلوپ،‏ بوجود فريقين يسعيان الى خدمة يهوه لكن دون الاتحاد احدهما بالآخر.‏ وفي السنة ١٩٤٧ أُرسل جاشوا ستيلمان،‏ ناظر دائرة يتكلم الانكليزية،‏ من جزيرة مجاورة لزيارة جماعة پوانت أ پيتْر.‏ فجرى الترحيب بالأخ ستيلمان بفرح كبير،‏ و ٢٦ —‏ يشملون كما يتضح افرادا من كلا الفريقين —‏ اشتركوا معه في خدمة الحقل خلال اسبوع زيارته.‏ لكن لم يكن باستطاعته ان يتكلم الفرنسية،‏ وكما اوضح في تقريره،‏ لم يكن باستطاعة الاخوة ان يقرأوا او يترجموا الارشادات التي جرى تسلُّمها بالانكليزية.‏ فكان التنظيم مفقودا بشكل ميؤوس منه.‏ وكان الاخوة يدرسون واحدا من كتب الجمعية ثلاث مرات في الاسبوع،‏ انما لم تكن هنالك مجلات برج المراقبة.‏ ومع ذلك،‏ كما اشار الاخ ستيلمان،‏ كانت هنالك رغبة قوية في الاشتراك في خدمة الحقل.‏ لكنَّ نصحه المعطى بقصد اعادة توحيد الفريقين لم يسفر عن اية نتائج مباشرة.‏

وبعدئذ،‏ تلبية لطلب الجمعية،‏ رجع الاخ لالند الى ڠوادلوپ في السنة ١٩٤٨.‏ وحالما وصل،‏ ابتدأ يعمل نحو مصالحة الفريقين.‏ فكان بعض الاخوة جدّيِّين جدا في رغبتهم في ان يتحدوا من جديد حتى انهم استيقظوا في الساعة ٤ صباحا وصعدوا الى تلة للصلاة الى يهوه لكي يبارك الجهود لتحقيق الوحدة.‏ وفي تلك السنة نفسها،‏ في آذار،‏ جرى ردّ الوحدة بعد انشقاق دام اكثر من خمس سنوات.‏ فقفز معدل عدد الناشرين من ١٣ في السنة ١٩٤٧ الى ٢٨ في السنة ١٩٤٨،‏ بذروة بلغت ٤٦.‏ وكما يقول المزمور ١٣٣:‏١‏:‏ «هوذا ما أحسن وما أجمل ان يسكن الاخوة معا (‏باتحاد)‏.‏»‏

ومع ذلك،‏ لم يكن الجميع مسرورين بإعادة التوحيد هذه.‏ فأوضح قليلون انهم لا يريدون ذلك.‏ وأسس البعض بدعة دعيت «لو ميساجي دو سيون» ثم اعدُّوا نشرات ووزعوها امام مكان اجتماع اخوتهم المسيحيين السابقين.‏ واشترى احد قادتهم دراجة نارية ليتمكن من اللحاق بالشهود وإضعاف نشاطهم وهم يشتركون في خدمة الحقل.‏ ولكنه اصطدم في احدى هذه الحملات بعربة يجرّها ثور ملآنة بقصب السكر،‏ ومات في المستشفى.‏ ولم يُسمَع عن فريقه في ما بعد.‏

ولكنَّ تنمية وحدانية الروح شملت اكثر من الاجتماع معا والخروج معا في خدمة الحقل.‏ (‏افسس ٤:‏١-‏٣‏)‏ ففي ذلك الوقت كان يُحظر محليا على الاخوات لبس الحلى،‏ قصُّ شعرهن،‏ او حضور الاجتماعات في قاعة الملكوت دون ارتداء غطاء للرأس.‏ وكان ذلك نتيجة اساءة الفهم لمشورة معيَّنة في الاسفار المقدسة.‏ وكانوا بحاجة الى عون اضافي ليكونوا في وحدة تامة مع مجتمع شعب يهوه العالمي النطاق.‏ وأتى بعض هذا العون في ما بعد في السنة ١٩٤٨ عندما ارسلت الجمعية متخرِّجَين ارساليين من مدرسة جلعاد الى ڠوادلوپ.‏

المرسلان الاولان

منحت السلطات الفرنسية كينيث تشانت ووالتر إيڤانز،‏ وكلاهما كنديان،‏ اذنا لمدة سنة في الاقامة في ڠوادلوپ.‏ وبوجودهما كان هنالك نشاط متزايد في الجماعة.‏ لكنَّ ذلك سبّب ايضا مقاومة اثارها رجال الدين على ما يتضح.‏ وفي اوائل السنة ١٩٤٩ جرى تسليم المرسلَين إشعارا رسميا بمغادرة الجزيرة في الحال.‏

ومع ذلك،‏ قوَّت اقامتهما القصيرة الامد الاخوة روحيا.‏ فقد فهم الاخوة المحليون مبادئ الكتاب المقدس بأكثر وضوح،‏ وشرعوا في احراز التقدم في تطبيق الترتيبات التنظيمية نفسها التي كان يستخدمها شهود يهوه في كل العالم.‏

جماعة في ديبون

بدأت بزور الحق تنبت تدريجيا خارج پوانت أ پيتْر،‏ اكبر بلدة في ڠوادلوپ.‏ ووُضِع اساس الجماعة الثانية في السنة ١٩٤١ عندما كان دوڤِرڤول نستور مريضا في المستشفى في پوانت أ پيتْر.‏ فهناك سمع الحق للمرة الاولى وقبله.‏ وبعد عودته الى البيت،‏ استمر الاخوة في زيارته وتقويته.‏ وحاول مبشر مجيئي ان يثنيه حتى انه قال:‏ «كنت اعتقد ان بيتك سيكون هيكلا رائعا للرب.‏» لكن كما آلت اليه الامور،‏ عندما نُظِّمت الجماعة الثانية في السنة ١٩٤٨،‏ استُخدم بيت الاخ نستور كقاعة للملكوت.‏ وكان يقع في ديبون،‏ قرية تستقر عند سفح جبل،‏ على بعد ١٦ ميلا (‏٢٦ كلم)‏ من پوانت أ پيتْر.‏

واليوم هنالك جماعة مزدهرة تتألف من اكثر من مئة ناشر في ديبون،‏ تجتمع في قاعة جميلة للملكوت بُنيت في السنة ١٩٨٩.‏

الشهادة الغيورة وقت الظهر

في پور لْوِي،‏ الواقعة على بعد ١٢ ميلا (‏٢٠ كلم)‏ تقريبا شمالي پوانت أ پيتْر،‏ تمتع جورج موستاش بامتياز زرع بزور اضافية لحق الملكوت بعدما وصلت البشارة اليه هناك في السنة ١٩٤٣.‏ واذ تذكَّر تلك الايام الباكرة،‏ قال:‏ «في مصنع السكر في بوپور،‏ عند استراحة الظهر يوميا،‏ كنت ألقي خطابا مرتجلا في المنجرة حيث كنت اعمل.‏ وذات يوم تحدّاني طالب لاهوت متقدم في السن كان يضايقني باستمرار قائلا:‏ ‹إن كنت تعبد الاله الحقيقي،‏ فها هو موقد الحدّاد مشتعل؛‏ حاول ان تمشي في النار!‏› وبصوت يدوِّي في كل انحاء المتجر،‏ اجبت:‏ ‹اذهب يا شيطان لأنه مكتوب:‏ «لا تجرّب الرب الهك.‏»›» —‏ انظروا متى ٤:‏٥-‏٧‏.‏

وأيام الآحاد كان الاخ موستاش يسير عدة اميال ليشهد اكثر للرفقاء العمال الذين اظهروا رغبة في سماع المزيد.‏ وغالبا ما كان يبقى في خدمة الحقل من الساعة الثامنة صباحا حتى السابعة ليلا،‏ وأحيانا دون طعام.‏ وكان قائد الفريق الصغير من المجيئيين في پور لْوِي بين الذين كان يزورهم الاخ موستاش كل اسبوع،‏ وسرعان ما صار شاهدا.‏ وقبل آخرون ايضا الحق،‏ وبينهم دانيال بونكور،‏ الذي يواصل نشاطه بأمانة حتى هذا الوقت،‏ وألفرد كليون،‏ الذي كان يخدم بأمانة كشيخ عندما مات في آب ١٩٩٣.‏

مياه الحق تتدفق في باس تير

خلال عقد اربعينات الـ‍ ١٩٠٠ ابتدأت مياه الحق تتدفق،‏ اولًا قليلا ثم بغزارة،‏ في باس تير،‏ عاصمة ڠوادلوپ الادارية.‏ عندما كان اوجين ألِكْسر،‏ وهو نجار،‏ في پونت أ پيتْر،‏ سمع سيريل ونستون يشرح حقائق الكتاب المقدس.‏ وفي السنة ١٩٤٨ اتخذت عائلة ألِكْسر موقفها الى جانب العبادة الحقة.‏ وعُقدت اجتماعات قانونية في بيتهم في باس تير.‏ وبعد سنة انضم اليهم شاب يدعى ڤِرناي أندريمون.‏ وكل يوم احد كان يسافر الاخ ميسودان او الاخ موستاش —‏ وفي ما بعد،‏ الاخ لالند —‏ بالباص مسافة ٣٧ ميلا (‏٦٠ كلم)‏ من پوانت أ پيتْر الى باس تير لمساعدة المهتمين هناك.‏ وقد كوفئت جهودهم.‏ فبعد نحو ٤٥ سنة تزدهر الآن ثماني جماعات في تلك المنطقة:‏ ثلاث في باس تير،‏ واحدة في ڠوربير،‏ اثنتان في باييف،‏ واثنتان في سان كلود.‏

وفي الوقت نفسه،‏ في بلدة مول،‏ على الساحل الشرقي من ڠراند تير،‏ أُسِّس فريق صغير بعد ان ذهب اخ من پوانت أ پيتْر للشهادة هناك.‏ وكانت عائلة روسكاد من اوائل الذين اخذوا موقفهم الى جانب الحق في هذه المنطقة،‏ وكانت الاجتماعات تُعقد في بيتهم.‏ وكان أناستاز توشار اول مَن صار شاهدا في هذا الفريق،‏ وقد اثبت في ما بعد انه شيخ مخلص جدا،‏ وخدم بصفته كذلك حتى موته في السنة ١٩٨٦.‏ وهنالك الآن في هذه المنطقة خمس جماعات نشيطة يتألف كلّ منها من اكثر من مئة ناشر.‏

كاهن يجذب مستمعين

في يوم احد سنة ١٩٥٣،‏ بعد ان قضى فريق من نحو ٢٠ ناشرا الصباح وهم يشهدون في قرية لامنتان،‏ في شمال شرقي باس تير،‏ ألقوا خطابا عاما في ساحة القرية التي كانت طبعا امام الكنيسة الكاثوليكية.‏ وبعد الترنيمة الافتتاحية،‏ بدأت المحاضرة من الكتاب المقدس.‏ واذ اغتاظ الكاهن،‏ اخذ يغلق ابواب الكنيسة الكبيرة بعنف في محاولة لحجب صوت الخطيب.‏ ولكن نتيجة للغلق العنيف افلت تمثال من على الحائط وتحطَّم امام الكنيسة.‏ وبغيظ مضاعف دقَّ الكاهن كل اجراس الكنيسة.‏ فجاء اناس كثيرون راكضين.‏ وصدم تصرّف الكاهن البعض.‏ وكان من المستحيل متابعة الخطاب في ذلك الموقع،‏ لكنَّ صاحب مخزن دعا الخطيب لإلقاء المحاضرة امام بيته.‏ فجرى ذلك بحضور رائع.‏

واليوم تزدهر في تلك المقاطعة ثلاث جماعات ويتألف كلّ منها من اكثر من مئة ناشر.‏ وهذا ايضا هو المكان الذي فيه بنينا قاعة محفلنا الفسيحة.‏

اقتدى الاحداث برجال الدين وحاولوا ايضا تعطيل خطاباتنا العامة.‏ فخلال خطاب أُلقي في الريف قرب قرية سانت روز،‏ احاط فريق من الكشَّافة الكاثوليك بالخطيب والشهود القليلين الآخرين الحاضرين.‏ فابتدأ البعض ينفخون في ابواقهم،‏ وآخرون يضربون على مقالٍ حديدية كبيرة لحجب صوت الخطيب.‏ لم يحاول ليونار كليمان ان يرفع صوته ليصير اعلى من الضجيج؛‏ وعوضا عن ذلك،‏ فيما كان يتابع،‏ مثّل خطابه دون كلام،‏ مستخدما الاشارات وحركة الشفتين.‏ وبعد وقت قصير توقف الكشَّافة وغادروا.‏ فتابع اخونا خطابه.‏ وفي هذه المنطقة ايضا جرت تنمية الاهتمام تدريجيا،‏ وهنالك الآن ثلاث جماعات.‏

نهاية حقبة

ان تلك الاجتماعات العامة في الهواء الطلق في ڠوادلوپ هي الآن شيء من الماضي.‏ ففي السنة ١٩٥٣،‏ إثر نشوب اضطرابات في الاجتماعات السياسية،‏ حظرت السلطات جميع الاجتماعات العامة في الهواء الطلق بالاضافة الى استعمال مكبّرات الصوت في مواقع في الهواء الطلق.‏ ومنذ ذلك الحين كان على الاخوة ان يجدوا اماكن اخرى لعقد الاجتماعات.‏

ومع ذلك،‏ من السنة ١٩٣٨ الى السنة ١٩٥٣،‏ ساعدت الخطابات العامة في الهواء الطلق على اعطاء شهادة علنية فعَّالة.‏ فكان الناشرون شجعانا وغيورين في دعم هذا النشاط.‏ وقد سافر معظمهم الى اماكن الاجتماعات سيرا على الاقدام.‏ وكان البعض يركبون اثنين على الدراجة الواحدة.‏ وعندما كانوا يملكون بعض المال الاضافي كانوا يستأجرون باصا لذلك اليوم.‏ وفي تلك الايام،‏ من بين ١٠٠ ناشر،‏ كان واحد فقط يملك سيارة —‏ فورد عتيقة الطراز.‏

١٩٥٤ —‏ سنة بارزة

عندما كان الاخ نور،‏ رئيس الجمعية آنذاك،‏ وأمين سرّه،‏ مِلتون هنشل،‏ في طريق عودتهما من اميركا الجنوبية في اوائل السنة ١٩٥٤،‏ حطَّت طائرتهما في مطار پوانت أ پيتْر.‏ كان ذلك في الصباح الباكر جدا،‏ لكنَّ الاخوة المحليين كانوا هناك للقائهما.‏ فأكَّد لهم الاخ نور انه سيجري ارسال المزيد من المرسلين حالما يكون ذلك ممكنا لمساعدتهم.‏

وقد تحقق وعده بعد ذلك بوقت قصير.‏ ففي ١٧ آذار ١٩٥٤ نزل راكبان من طائرة حطَّت في مطار پوانت أ پيتْر.‏ إلّا انه لم يكن هنالك احد للقائهما لأن الرحلة كانت متأخرة جدا عن موعدها.‏ لكنَّ رجال الشرطة ابدَوا استعدادهم لنقلهما الى مصبغة الاخ لالند.‏ وهذان المسافران،‏ أخَوان تخرجا حديثا من مدرسة جلعاد،‏ اتيا من فرنسا.‏ احدهما كان پيير يانكي،‏ اخ طويل القامة،‏ والآخر پول توڤيرون.‏

بعد ايام قليلة من قدوم المرسلَين،‏ وصل الاخ هنشل.‏ وفي هذه الاثناء،‏ كان مركب المرسلين التابع للجمعية الايمان في الميناء،‏ وكان الطاقم مشغولا بصنع الترتيبات لمحفل كان سيُعقد في مدرسة محلية ابتداء من ٢٦ آذار.‏

عندما ابتدأ البرنامج،‏ كان الجو سارًّا،‏ رغم ان الاخوة كانوا متوترين قليلا،‏ توَّاقين ان يجري كل شيء بنعومة.‏ وبعد عدة خطابات وتمثيليات،‏ عُلِّقت شاشة مؤقتة.‏ ثم شاهدوا للمرة الاولى فيلم الجمعية مجتمع العالم الجديد وهو يعمل.‏ واستطاعوا ان يرَوا بأمّ عيونهم الدليل الواضح الذي قوَّى اقتناعهم بأن هذه هي هيئة اللّٰه.‏ وجميع الحاضرين تأثروا بعمق عندما رأوا كيف تعمل الهيئة بسلام واتحاد.‏ ولاحظت الاخوات ايضا واقع انه في البلدان الاخرى كانت اخواتهنَّ المسيحيات يتزينَّ بالحلى،‏ رغم ان ذلك لم يكن بإفراط.‏ وفضلا عن ذلك،‏ تشجَّع حاضرو المحفل هؤلاء بالمعرفة ان مرسلَين كانا في وسطهم،‏ أخَوين ارسلتهما الهيئة كان مثالهما في خدمة يهوه سيقوي الجماعة.‏ وكانت الاثارة عظيمة في ذلك المساء —‏ عظيمة جدا بالنسبة الى الناظر المشرف لجماعة پوانت أ پيتْر،‏ كلوتير ميسودان.‏ فقد ذهب الى البيت وفي تلك الليلة نفسها مات وهو نائم دون ان تدري زوجته حتى الصباح.‏

وفي اليوم الثاني من المحفل،‏ اعلن الاخ هنشل عن تأسيس مكتب فرع لجمعية برج المراقبة في ڠوادلوپ.‏ وكان سيهتم بالكرازة بالبشارة في ڠوادلوپ ومارتينيك.‏ وعُيِّن پيير يانكي ليكون خادم الفرع.‏ وجرى تزويد التوجيه التنظيمي الادق الذي كان ضروريا جدا في هذه الجزر.‏

عقب المحفل شرع المرسلان في العمل.‏ فاستأجرا بيتا خشبيا صغيرا لتزويد مكان لمكتب الفرع.‏ ولاحقا،‏ اشترت الجمعية بيتا صيفيا متواضعا في حديقة مدينة ريزي،‏ حيث عمل المكتب حتى كانون الاول ١٩٦٦.‏ واضافة الى الاعتناء بالعمل في الفرع،‏ اشترك الاخ يانكي في خدمة الحقل في پوانت أ پيتْر،‏ صارفا قدر ما استطاع من الوقت مع الاخوة.‏ وفي هذه الاثناء،‏ زار الاخ توڤيرون الجماعات والناشرين المنعزلين كناظر دائرة حتى وجد من الضروري ان يعود الى فرنسا،‏ بعد نحو سنة.‏

المساعدة من بيت عائم للمرسلين

ان التقدير لهيئة يهوه اثارته الزيارات الدورية للمرسلين الذين كانوا يسافرون من جزيرة الى جزيرة على متن مركب.‏ ولنحو عقد كانت للجمعية مراكب خدمت كبيوت عائمة للمرسلين في جزر الهند الغربية.‏ في بادئ الامر،‏ كان مركبا شراعيا طوله ٥٩ قدما (‏١٨ م)‏ دعي سيبيا،‏ وفي ما بعد استُبدل بمركب اكبر،‏ النور.‏ واستُخدم ايضا مركب طوله ٧٢ قدما (‏٢٢ م)‏ بمروحتي دفع سمِّي الايمان.‏ وعلى الرغم من ان المرسلين على متن المراكب كانوا يتكلمون الانكليزية (‏ومعظم الناشرين في ڠوادلوپ لا يتكلمونها)‏،‏ جرى تقدير زياراتهم كثيرا جدا.‏ ولا يزال الناشرون هنا يذكرون غيرة هؤلاء المرسلين وهم يعملون مع الناشرين المحليين،‏ مخصِّصين اياما كاملة لخدمة الحقل.‏

وفي زيارتهم الاخيرة،‏ على متن النور في السنة ١٩٥٦،‏ قضى المرسلون من ٢٦ تموز الى ٧ آب كارزين في جزيرتَي ماري ڠالانت ولاديزيراد.‏ وفي ماري ڠالانت،‏ عرضوا فيلم مجتمع العالم الجديد وهو يعمل.‏ قال احد الحاضرين:‏ «لو اعطيتموني عشرة آلاف فرنك فرنسي لما تمكنتم من ابهاج قلبي كما في هذه الليلة!‏»‏

فاتحان يُرسَلان من فرنسا

جرى احراز تقدم جيد في ڠوادلوپ والمقاطعات التابعة لها.‏ ولجعل العمل يستمر في السير قُدُما،‏ ارسلت الجمعية فاتحَين آخرَين من فرنسا.‏ فوصل نيكولا وليليان بريزار في كانون الاول ١٩٥٥.‏ والاخ بريزار هو شخص بطبيعة دينامية ومرحة على السواء.‏ وعند وصولهما عُيِّنت لهما ضواحي پوانت أ پيتْر المكتظة بالسكان.‏

وفي تلك المقاطعة يسكن اناس كثيرون في بيوت خشبية يرتكز كلٌّ منها على اربعة حجارة لإبعاد الارضية ٢٠ انشا (‏٥‏,٠ م)‏ عن سطح الارض.‏ والبيوت جميعها قريبة جدا بعضها من بعض.‏ وأثناء القيام بزيارات هناك ذات يوم،‏ حصل للاخ بريزار حادث لا يزال يضحكه.‏ يتذكر:‏ «رافقتُ زوجتي الى درس في الكتاب المقدس تعقده مع سيدة مسنَّة،‏ لكنَّ عمر بيتها الخشبي بدا اكبر من عمرها!‏ واذ دُعينا الى الدخول،‏ اتجهتُ نحو وسط الغرفة الصغيرة وإذا بالارضية تنهار فجأة فسقطت من خلالها!‏ فاعتذرتُ بشدة،‏ لكنَّ السيدة المسكينة كانت مرتبكة اكثر بكثير.‏»‏

عمل الاخ بريزار وزوجته في هذه المقاطعة نحو ثمانية اشهر ثم عُيِّنا في العمل الدائري.‏ وفي السنة ١٩٥٨ جرت دعوتهما الى حضور الصف الـ‍ ٣٢ لمدرسة جلعاد وبعد ذلك أُعيد تعيينهما في ڠوادلوپ.‏ وعندما تزوج الاخ يانكي وأسَّس عائلة في السنة ١٩٦٠،‏ صار الاخ بريزار خادم الفرع.‏ ولا يزال يخدم كمنسِّق للجنة الفرع،‏ والاخ يانكي،‏ الذي بقي في ڠوادلوپ،‏ يخدم معه في هذه اللجنة.‏

المقاومة تنشئ امتحانا للايمان

بسبب المقاومة الدينية التي كانت احيانا عنيفة حقا،‏ كان على كثيرين ممَّن قبلوا الحق كما هو مرسوم في الكتاب المقدس ان يتَّخذوا موقفهم في ظروف صعبة جدا.‏ وكانت فلورا پيمبا واحدة من هؤلاء.‏ فقد بدأت مع زوجها بفحص الكتاب المقدس.‏ ولكن عندما بدأ بعض الجيران بالضغط عليهما،‏ تخلى زوجها،‏ الذي كان يدير مخزن بقالة عائليا،‏ عن درسه خوفا من ان يخسر زبائنه.‏ لكنَّ زوجته احتملت وأحرزت تقدما روحيا جيدا.‏ فصار جوّ البيت متوترا.‏ حتى ان الرجل هدَّد بقتل زوجته.‏ وبعد ان اكتشفت سكينا كبيرا تحت وسادته،‏ فرّت قاطعة ١٠ اميال (‏١٦ كلم)‏ عبر غابة مدارية ومزارع موز،‏ والتجأت الى عائلة من الشهود.‏ وبينما كانت مختبئة من زوجها،‏ قرَّرت ان تعتمد،‏ قائلة:‏ «اذا كان عليَّ ان اواجه الموت بسبب ايماني فإني اريد ان يجري اعتباري بين خدام يهوه!‏» وهكذا،‏ في السنة ١٩٥٧،‏ قبل شروق الشمس ذات صباح اعتمدت في البحر.‏

وعلى الرغم من جهودها للمصالحة،‏ خسرت عائلتها الجسدية.‏ ولكن بحسب وعد يسوع في متى ١٩:‏٢٩‏،‏ ربحت عائلة روحية كبيرة.‏ وهذه الاخت الامينة انخرطت في الخدمة كامل الوقت،‏ ولا تزال فاتحة في لامنتان لأكثر من ٣٠ سنة!‏

محفل لا يُنسى

عندما عُقد محفل المشيئة الالهية الاممي في مدينة نيويورك في السنة ١٩٥٨،‏ حضر مندوبون من ١٢٣ بلدا ومجموعة جزر.‏ وكان بينهم تسعة عشر شاهدا من ڠوادلوپ.‏ وما رأوه وسمعوه زاد تقديرهم للترتيب الثيوقراطي.‏ قال ڤِرناي أندريمون،‏ الذي كان احد هؤلاء المندوبين:‏ «كان ذلك المحفل بمثابة انارة لي.‏ فقد فهمت كيف يجب القيام بالامور.‏» وإذ عبَّر ناظر الفرع عن المشاعر العامة للفريق بكامله،‏ كتب:‏ «كم كانت ابصارنا شاخصة وآذاننا صاغية لإدراك وفهم كل ما تمكنّا من رؤيته!‏ وعندما يكون المرء آتيا من احدى جزر البحر الكاريبي الصغيرة،‏ لا يكون ما يثير الدهشة مجرد الامتداد الواسع غير العادي للبلد،‏ ولا الابنية الهائلة المرتفعة عاليا في الهواء،‏ ولا حركة المرور الكثيفة المذهلة في الشوارع،‏ بل المشهد المذهل لجموع غفيرة امام عينيه،‏ نعم،‏ جميع الاخوة والاخوات من اربع زوايا الارض وهم يعبدون الاله الحقيقي الوحيد بسلام واتحاد.‏ وقد امتلأ مدرَّجان هائلان بهم!‏»‏

وحتى في ما يمكن ان يعتبره البعض امورا صغيرة،‏ اثَّر هذا المحفل في حياة اخوتنا.‏ على سبيل المثال،‏ شعر ليونيل نستور،‏ اخ في الـ‍ ٧٨ من العمر استُخدم ايضا بيته كقاعة للملكوت،‏ بالحاجة الى دهنه ليمثل هيئة يهوه بصورة افضل.‏ ونتيجة لذلك،‏ كانت قاعة الملكوت هذه اول بيت يُدهن في قريته.‏

بدايات متواضعة في آنس بِرتران

حتى السنة ١٩٥٨ لم تسنح لكثيرين من الناس الساكنين في مقاطعة آنس بِرتران،‏ الواقعة في الطرف الشمالي من ڠراند تير،‏ ڠوادلوپ،‏ فرصة سماع رسالة الملكوت.‏ ولكن في تلك السنة أرى مارك إدرو كتابا مقدسا لدونا تاسيتا،‏ صديق له كان خبازا،‏ وقال:‏ «هذا الكتاب هو كلمة اللّٰه!‏» وكان كلاهما كاثوليكيَّين ممارسَين.‏ ولاحقا،‏ عندما عرض بائع من باب الى باب على دونا كتابا مقدسا،‏ اشترى واحدا له وابتدأ يقرأه.‏ ورغم انه لم يكن بإمكانه ان يقرأ الفرنسية جيدا،‏ فقد استخدم قاموسا.‏ ودعا ايضا صديقه مارك إدرو ليأتي الى منزله،‏ وكانا كلاهما،‏ مع زوجة دونا،‏ يقرأان الكتاب المقدس ويحاولان مناقشته ايام الاربعاء والسبت.‏

واذ كان دونا توّاقا الى فهم المزيد،‏ بحث عن الرجل الذي باعه الكتاب المقدس،‏ ولكن عبثا.‏ إلّا ان احد جيرانه قال ان له ابن عم،‏ جورج موستاش،‏ من شهود يهوه ويسرّه ان يساعده.‏ وعلى اساس ما تعلَّمه دونا من جاره عن شهود يهوه،‏ زار ايضا بعض الاشخاص ليشهد لهم لأنه لم يرد ان يكون ايمانه ميتا.‏ —‏ يعقوب ٢:‏٢٦‏.‏

وبعد نحو نصف سنة،‏ عندما سمع دونا من جاره ان شهود يهوه سيعقدون محفلا قرب پوانت أ پيتْر،‏ قرَّر دونا،‏ زوجته،‏ ومارك إدرو ان يحضروا ويعتمدوا.‏ وحتى ذلك الوقت لم يكونوا قد التقوا بعد احدا من شهود يهوه.‏ وعندما وصلوا،‏ رحَّب بهم الشهود.‏ وأوضح الثلاثة رغبتهم في ان يخدموا يهوه ويعتمدوا.‏ فسألهم الاخوة بلطف عددا من الاسئلة ثم اوضحوا انه يلزمهم قبل المعمودية درس بيتي في الكتاب المقدس.‏ وتأثرت قلوب افراد هذا الفريق بجوّ المحفل الاخوي الدافئ.‏ فعادوا الى آنس بِرتران ممتلئين قوة وتصميما.‏ وكان تقدمهم في درس الكتاب المقدس سريعا،‏ وبعد نحو نصف سنة اعتمدوا.‏

لقد اشتركوا بحماس في حق الكتاب المقدس مع الآخرين في قريتهم.‏ ولكن كانت هنالك مقاومة شديدة.‏ فعندما زارهم الأخ بريزار كناظر دائرة،‏ فعل الكاهن الكاثوليكي المحلي كل ما في وسعه لمنعه من البقاء.‏ وكان دونا قد استأجر غرفة حيث يمكن ان يمكث ناظر الدائرة وزوجته.‏ ولكن بعد اليوم الاول من خدمة الحقل خلال زيارته تدخَّل الكاهن وطلب ارجاع المفتاح.‏ واذ فشل في ذلك،‏ ذهب الى صاحب المُلك وهدَّد بأن يحرم أُم المالك اذا لم يتمكن من استرجاع المفتاح.‏ وعند سماع ذلك،‏ أُغمي على المرأة المسكينة!‏ وفي اليوم التالي حاول الكاهن مرة ثانية،‏ بواسطة محامٍ،‏ ولكن دون نجاح لأن مثل هذا الامر غير قانوني.‏ وخلال زيارة ناظر الدائرة هذه وُجِد عدد من الخراف وبوشرت دروس في الكتاب المقدس.‏ وبعد عدة اشهر،‏ في اوائل السنة ١٩٦٠،‏ عُقد محفل دائري في تلك القرية،‏ مما اعطى شهادة اضافية.‏ وعند اجراء المعمودية ذهب اكثر من ٥٠٠ شخص من القرية الى الشاطئ للمشاهدة.‏ لم يجرِ القيام بالعمل من بيت الى بيت في ذلك اليوم.‏ فجميع الشهود كانوا عند الشاطئ،‏ محاطين بفريق يتوق الى تعلُّم المزيد عن شهود يهوه والرسالة التي يكرزون بها.‏

منذ ذلك الحين تشكَّلت جماعتان في آنس بِرتران.‏ وقد خدم دونا تاسيتا كفاتح خصوصي مدة ٢٢ سنة وهو شيخ في آنس بِرتران.‏

البحث عن لص —‏ ايجاد خروف

ذات يوم في اوائل ستينات الـ‍ ١٩٠٠ زار شرطي بيت المرسلين في لو ريزي.‏ لقد كان يستعلم عن سرقة حصلت في الجوار.‏ كان الاخ بريزار وزوجته في البيت،‏ فانتهزا الفرصة ليشهدا له.‏ وبعد الاستماع،‏ سأل الرجل:‏ ‹كيف يمكنني الحصول على كتاب مقدس؟‏ هل لديكما ايّ عنوان يمكنني الكتابة اليه؟‏ ان ما تتكلمان عنه مهم جدا وقد اعطاني افكارا للتأمل فيها باعتناء!‏› وفي الحال تسلَّم كتابا مقدسا،‏ مع بعض المطبوعات الاخرى.‏ وبعد اسبوع كتب رسالة فيها العديد من الاسئلة.‏ وسرعان ما كان يُعقد درس في الكتاب المقدس مرتين في الاسبوع.‏

قال الاخ بريزار،‏ مخبرا عن النتيجة:‏ «حتى لو لم يجد ذلك الشرطي اللص،‏ فقد وجدنا نحن خروفا،‏ بلطف يهوه غير المستحق!‏» وهذا الشرطي السابق هو الآن شيخ في احدى جماعات پوانت أ پيتْر.‏

ايجاد مكان للمحافل

اذ نمت الهيئة في ڠوادلوپ،‏ كانت هنالك مشكلة يلزم حلُّها.‏ اين يمكننا ايجاد تسهيلات نعقد فيها محافلنا؟‏ لاكثر من عشر سنوات استخدمنا مدرسة خاصة في پوانت أ پيتْر اضافة الى قاعات احتفالات المدينة في أبيمي وكاپيستير.‏ لكنَّ هذه القاعات صارت اصغر من ان تسعنا.‏ فكان علينا ان نسعى الى الحصول على شيء آخر.‏

في جوار مصبغة الاخ لالند كانت هنالك قطعة ارض خالية.‏ فتكرّم المالك وجعلها متوافرة لنا مجانا لعقد محفلنا الدائري في اواخر كانون الاول ١٩٦٤.‏ وفي غضون ايام قليلة نصبنا بناء خشبيا من اعمدة مركَّزة في الارض ومجموعة معا في الاعلى بواسطة ألواح خشبية.‏ وفوقها وضعنا قماشا مشمعا كسقف.‏ وكانت الجوانب مفتوحة،‏ مما يسهِّل الوصول الى منطقة الجلوس.‏ وكان فرح الاخوة المحليين واجتهادهم وهم يعملون مصدر تشجيع عظيم لاولئك الشهود الذين اتوا للمساعدة.‏ ويا لها من بركة ان يكون عدد الحضور نحو ٧٠٠ —‏ ذروة جديدة!‏ فكان واضحا اننا بحاجة الى تسهيلاتنا الخاصة للمحافل المقبلة.‏

وضع الاخوة تصميما لبناء فريد من نوعه،‏ مستخدمين انابيب حديدية للهيكل وألواحا من الالومنيوم للسقف.‏ فكان هنالك مكان يتّسع لِـ‍ ٧٠٠ مقعد.‏ وكانت «قاعة المحافل» بكاملها قابلة للحمل!‏ كان هنالك نحو ٤٥٠ ناشرا في ڠوادلوپ آنذاك،‏ فشعرنا بأنه سيكون هنالك مكان وافر.‏

استُخدم البناء في البداية لمحفل في جوار باس تير،‏ في كانون الثاني ١٩٦٦.‏ وعندما حان وقت المحاضرة العامة احتشد جمع متحمس من ٩٠٧ اشخاص في قاعة المحافل وحولها للاستماع.‏ فصارت الآن اصغر من اللازم!‏ وفي السنوات التي تلت،‏ كان علينا ان نوسِّعها مرة بعد اخرى.‏

وغالبا ما كانت تُبرمج المحافل الدائرية لتُعقد في تشرين الثاني،‏ وهو شهر ممطر.‏ وبسبب الطقس الرديء،‏ غالبا ما كان هنالك الكثير من الوحل،‏ وعلمنا انه من الحكمة ان نأتي منتعلين الجزمات.‏ وعادة كان يجري اختيار نهاية الاسبوع التي يكون فيها القمر بدرًا للمحفل ليتمكن الاخوة من العودة الى البيت ليلا بمساعدة هذه الاضاءة الطبيعية.‏ وقد سهّل نور القمر ايضا عمل تفكيك بعض التجهيزات مباشرة بعد الفترة الختامية من المحفل.‏

ان امكانية نقل قاعتنا وبالتالي عقد محافلنا في اية بقعة من مقاطعتنا كان لها تأثير ممتاز في الكرازة بالبشارة في ڠوادلوپ.‏ وفضلا عن ذلك،‏ زوَّد تركيب وتفكيك هذه القاعة ثلاث مرات في السنة الفرصة ليتعلَّم اخوتنا ان يعملوا معا وينمّوا روح التضحية بالذات.‏ ولا شك في ان بركة يهوه كانت على هذا الترتيب!‏

طريقة حياة مختلفة

عندما انتقل ارمان ومارڠريت فوستيني من فرنسا الى ڠوادلوپ في السنة ١٩٦٣ للمساعدة في الخدمة،‏ وجدا ان الحياة هنا مختلفة قليلا.‏ وفي بادئ الامر اندهشا عندما كان اصحاب البيوت يصرخون دون المجيء الى الباب:‏ «ادخلوا من فضلكم.‏» كان الناس فقراء وكان لديهم القليل من المال ولكن غالبا ما كانوا يُسرّون بمقايضة الفاكهة والخُضَر بمطبوعات الكتاب المقدس.‏ وهكذا اذ شرع الاخ والاخت فوستيني في خدمة الحقل،‏ كانا يجدان احيانا انهما يحملان ليس فقط المطبوعات بل ايضا الموز،‏ المنڠا،‏ اليام،‏ والبيض.‏

جرى تعيينهما للقيام بالعمل الدائري،‏ ويذكر الاخ فوستيني:‏ «رحّب بنا الاخوة بحرارة،‏ ولكن في مسألة الدقة في المواعيد،‏ كان يجب احراز تقدُّم كبير.‏ ففي الريف لم تكن لدى معظمهم ساعة يد وبالتالي كانوا يحدِّدون الوقت بالنظر الى الشمس.‏ ونتيجة لذلك،‏ كان موعد الاجتماعات يتأخر احيانا مدة ساعة.‏ ومع تغيُّر الفصول،‏ كان لدينا المزيد من الأخطاء في التوقيت!‏»‏

المساعدة لماري ڠالانت

في السنة نفسها التي وصل فيها الاخ والاخت فوستيني الى ڠوادلوپ،‏ قدِّمت شهادة خصوصية لجزيرة ماري ڠالانت،‏ الواقعة على بعد نحو ٢٥ ميلا (‏٤٠ كلم)‏ جنوبي پوانت أ پيتْر.‏ فقد قضى الاخ فوستيني مع فريق من ١٦ فاتحا اضافيا شهرا كاملا هناك وهم يشهدون لسكان الجزيرة الـ‍ ٠٠٠‏,١٤.‏ وعُرض فيلم الجمعية مجتمع العالم الجديد وهو يعمل هناك عدة مرات خلال ذلك الشهر.‏ ثم عُيِّن فاتحون خصوصيون بعد عدة سنوات للشهادة في هذه الجزيرة.‏ واثنان منهم،‏ فريديريك فردينان وليو جاكلان،‏ ربّيا عائلتيهما هناك.‏

ولإعطاء الدعم للفاتحين الخصوصيين في جزيرة ماري ڠالانت،‏ قرَّرنا ان ننقل قاعة محافلنا الى الجزيرة في نيسان ١٩٦٩ ونعقد محفلا هناك.‏ اخبر ناظر الدائرة،‏ الاخ فوستيني:‏ «كان محفلا فريدا من نوعه.‏ تخيَّلوا دهشة شعب ڠران بور،‏ بلدة صغيرة عدد سكانها ٠٠٠‏,٦،‏ وهم يشهدون ‹غزو› ألف شاهد نزلوا من ثلاثة مراكب وفي يد كلٍّ منهم صفيحة تحتوي على ٢٠ ليترا من الماء!‏ ففي فترة الجفاف هذه،‏ كانت المياه نادرة وقدَّر سكان الجزيرة ان يجلب زائروهم بعض الماء معهم،‏ موفِّرين بذلك مخزون الصهريج.‏ وكانت هذه هي المرة الاولى التي يرَون فيها مشهدا كهذا —‏ صفا لامتناهيا من الناس ينتقلون من الارصفة عبر البلدة الى موقع المحفل.‏ زار الشهود سكّان الجزيرة بكاملها،‏ وفي بعض الحالات عدة مرات في الصباح نفسه.‏ وفي غضون ايام قليلة،‏ سنحت لهم الفرصة ليعرفوا هيئة اللّٰه ويقدِّروها.‏» وهنالك الآن ثلاث جماعات في جزيرة ماري ڠالانت.‏

بعد نحو عشر سنوات اضطر الاخ والاخت فوستيني ان يعودا الى فرنسا.‏ وتمكَّنا لاحقا من العودة الى جزر البحر الكاريبي،‏ والاخ فوستيني هو الآن عضو في لجنة فرع مارتينيك.‏

الاشتراك في مياه الحق في جزر لا ديزيراد والقديسات

بعد الزيارة الاخيرة التي قام بها مركب الجمعية النور في السنة ١٩٥٦،‏ قلَّما كانت تقدَّم الشهادة في لا ديزيراد،‏ جزيرة اخرى من الجزر التابعة لڠوادلوپ.‏ ولكن في السنة ١٩٦٧،‏ عيَّنت الجمعية ميدار وتورينّا جان-‏لْوي،‏ وهما فاتحان خصوصيان،‏ للخدمة هناك.‏ كانت الجزيرة التي يبلغ طولها ٧ أميال (‏١١ كلم)‏ وعرضها ٥‏,١ ميلا (‏٤‏,٢ كلم)‏ قاحلة في الاغلب ودون مياه جارية،‏ لكنَّ ٥٦٠‏,١ شخصا كانوا يعيشون هناك،‏ وكان يلزم ان يُعطَوا الفرصة لسماع رسالة الملكوت.‏ ومن السنة ١٩٦٩ الى السنة ١٩٧٢ خدم هناك فاتحان خصوصيان آخران.‏ وقد بقي جاك ميرنيون،‏ فاتح خصوصي آخر،‏ من السنة ١٩٧٥ الى السنة ١٩٨٨،‏ على الرغم من الاحوال الصعبة.‏

وبعد عدة سنوات تأسست جماعة صغيرة.‏ وكان هنري تاليه،‏ وهو طبيب،‏ يخدم مع عائلته هناك في السنة ١٩٨٧.‏ وبمساعدة اخوة عديدين،‏ وخصوصا الذين من مول وسان فرانسوا،‏ نظَّم بناء قاعة للملكوت.‏

وبعد سنتين دمَّر اعصار هوڠو جزيرة لا ديزيراد.‏ لاحظ احد الاخوة:‏ «تضرَّرت قاعة الملكوت كثيرا.‏ لكنَّ محبة الاخوة هبَّت لنجدتنا،‏ وسرعان ما تسلَّمنا ما كان لازما لإصلاح القاعة وبيوت الناشرين المتضرِّرة.‏ كنا اول مَن بدأوا بالترميم في الجزيرة،‏ مستمرين في الوقت نفسه في عملنا الكرازي،‏ والناس في المقاطعة لاحظوا ذلك بتأثير مؤاتٍ.‏ ومنذ ذلك الحين يجري قبولنا بشكل افضل عندما نكرز.‏»‏

على بعد ثمانية اميال (‏١٣ كلم)‏ من باس تير تقع جزر القديسات التي يبلغ عدد سكانها ٠٠٠‏,٣.‏ وبحلول ايلول ١٩٧٠ كان قد تعيَّن هناك فاتحان خصوصيان،‏ أميك انڠرڤيل وجان جابيه.‏ وكان يلزم الكثير من الصبر،‏ ولكن اخيرا في السنة ١٩٨٠ تأسست جماعة صغيرة،‏ وهنالك الآن ١٨ ناشرا.‏

جزيرة سان مارتان تسمع البشارة

ان الجزء الشمالي من سان مارتان،‏ الواقعة على بعد نحو ١٥٥ ميلا (‏٢٥٠ كلم)‏ شمالي غربي پوانت أ پيتْر،‏ هو ايضا مقاطعة تابعة لڠوادلوپ.‏ ويدير الفرنسيون نصف الجزيرة والنصف الآخر الهولنديون،‏ ولكن عموما يجري التكلم بالانكليزية.‏ ومع ذلك،‏ بصرف النظر عن اللغة التي يتكلمها الافراد،‏ فهم يحتاجون الى سماع البشارة.‏

في اوائل اربعينات الـ‍ ١٩٠٠ تعلَّم جورج مانويل،‏ احد سكان سان مارتان،‏ الحق وهو في ڠوادلوپ.‏ وفي السنة ١٩٤٩ رسا مركب الجمعية سيبيا على مقربة من سان مارتان للمرة الاولى،‏ ونزل الطاقم للتحدث الى الناس عن الكتاب المقدس.‏ وبعد ذلك،‏ اعتمد جورج دورموا وليونس بوارار،‏ مدير حركة الميناء.‏ وبحلول السنة ١٩٥٣ كان هنالك ستة ناشرين في الجزيرة.‏

كان بين الذين قبلوا المطبوعات تشارلز ڠامس،‏ رغم انه لم يكن شخصا متدينا كثيرا.‏ ولكنه عندما قرأ برج المراقبة،‏ اقتنع بأنه وجد الدين الحقيقي.‏ واشترك مع اخيه جان وأخته كارمن في ما تعلمه.‏ وبعد ان درست كارمن ڠامس وابنتها ليونيه هودج مدة من الوقت،‏ ذهبتا الى بيت المرسلين الساعة السابعة ذات صباح وطلبتا ان تعتمدا.‏ واذ تأكد الاخ الموجود هناك انهما تعرفان ما كانتا تفعلان،‏ دعا اخا آخر وأُجريت المعمودية قبل الفطور!‏

لقد فهمتا حقا ما يعنيه الانتذار ليهوه.‏ وفي السنة التالية،‏ ١٩٥٩،‏ انخرطت ليونيه في الخدمة كامل الوقت،‏ وتبعتها امها بعد فترة قصيرة.‏ وبعد خمس وثلاثين سنة،‏ لا تزال هاتان الاختان المسيحيتان الامينتان فاتحتين خصوصيتين.‏

جماعة في جزيرة سان مارتان

مع مرور الوقت،‏ بدأ عدد كبير من سكان هايتي بالانتقال الى سان مارتان للعمل.‏ فقَبِل بعضهم الحق،‏ وفي السنة ١٩٧٣ تأسست جماعة تتكلم الفرنسية.‏ وقد ساعد فاتحان خصوصيان،‏ جوناداب وجاكلين لالند،‏ في بناء هذه الجماعة حتى ذهابهما الى مدرسة جلعاد.‏

ثم في السنة ١٩٧٥ كان هنالك حدث شكَّل نقطة تحوّل حقيقية في عمل الملكوت في سان مارتان.‏ ففي ١٣ و ١٤ شباط،‏ عُقد محفل في ملعب ماريڠو لكرة القدم.‏ ونُقلت اجزاء من قاعة محفلنا القابلة للحمل الى هناك بالمركب لتزويد سقف.‏ ترك هذا المحفل انطباعا قويا جدا في ذهن كثيرين من سكان الجزيرة.‏ وساعدهم على التقدير ان حفنة الشهود في جزيرتهم هي جزء من هيئة عظيمة.‏

وفي غضون سنوات قليلة،‏ ازداد عدد سكان سان مارتان من ٠٠٠‏,٨ الى ٠٠٠‏,٢٨ بسبب تطور السياحة.‏ وبُنيت قاعة ملكوت جميلة تتسع لِـ‍ ٢٥٠ مقعدا في مقاطعة ماريڠو السكنية،‏ وهنالك الآن جماعتان تتكلمان الفرنسية في هذه الجزيرة.‏

بعض المقاومة في جزيرة سان بارتيليمي

ان سان بارتيليمي،‏ الواقعة على بعد ١٣٠ ميلا (‏٢١٠ كلم)‏ شمالي غربي ڠوادلوپ،‏ هي احدى مقاطعاتها التابعة الاخرى.‏ وقد ازدهرت ذات مرة بسبب القراصنة الذين استخدموها كمركز لعملياتهم.‏ أما اليوم فهي مركز للعطل المترفة.‏ والسكان،‏ البالغ عددهم نحو ٠٠٠‏,٥،‏ متحدرون من البحارة البريتانيين والنورمنديين،‏ وكذلك المستوطنين السويديين.‏ انهم شعب يتحلَّى بعادات حميدة؛‏ يعملون بجِد وهم من الكاثوليك المتدينين.‏ فهل سيقبل بعضهم رسالة الملكوت؟‏

في ايلول ١٩٧٥ انتقل جان وفرنسواز كامبو،‏ زوجان شابان من فرنسا خدما كفاتحين خصوصيين،‏ الى الجزيرة لإعطاء السكان هذه الفرصة.‏ وعلى الرغم من مقاومة رجال الدين الشديدة،‏ زرعا بزور الحق بوفرة خلال السنوات الثلاث التي كانا فيها في الجزيرة.‏ وبعد سنوات،‏ قضى پيير اخو جان،‏ مع زوجته،‏ ميشال،‏ سنتين في جزيرة سان بارتيليمي كفاتحين خصوصيين.‏ وكان عملهما مثمرا.‏ فتأسس فريق صغير للدرس والخدمة،‏ ودعمته في ما بعد اربع اخوات نشيطات،‏ فاتحات خصوصيات:‏ پاتريشا باربيّون (‏الآن موديتان،‏ فاتحة خصوصية مع زوجها في جمهورية الدومينيكان)‏،‏ جيراني بينان (‏الآن ليما،‏ من اعضاء عائلة البتل في ڠوادلوپ مع زوجها)‏،‏ انجيلين ڠارسيا (‏الآن كوسي،‏ وهي تخدم المقاطعة الاسپانية في ڠوادلوپ)‏،‏ وجوزي لانسرتان.‏ ويقدِّم الآن ثمانية عشر ناشرا تقرير النشاط في هذه الجماعة.‏

المحافظة على الحياد المسيحي

في جميع الامم،‏ شهود يهوه حياديون في ما يتعلق بنزاعات العالم.‏ وبما انهم لا يشتركون في نزاعات كهذه،‏ فهم لا يشتركون في التدريب العسكري.‏ ولا يملي عليهم ايّ انسان ما يجب فعله؛‏ فهم يطيعون كلمة اللّٰه.‏ (‏اشعياء ٢:‏٢-‏٤؛‏ متى ٢٦:‏٥٢؛‏ يوحنا ١٧:‏١٦‏)‏ والالتصاق بهذه الكلمة يعرِّض الافراد من الشهود لامتحانات الامانة.‏

عندما اعتمد شاب في ڠوادلوپ في اواسط ستينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ علم انه سيواجه قريبا مثل هذا الامتحان.‏ ولتقوية ايمانه انخرط مباشرة في خدمة الفتح الاضافي.‏ وعندما استُدعي الى الخدمة العسكرية،‏ اوضح للسلطات موقفه كمسيحي.‏ فماذا كانت النتيجة؟‏ وُضع في السجن،‏ وحده في زنزانة.‏ وأُطلقت التهديدات:‏ «انْ لم تغيِّر رأيك،‏ فستبقى في السجن سنتين على الاقل.‏ وفضلا عن ذلك،‏ ستكون وحدك في زنزانة طوال هذا الوقت،‏ ولذلك فكِّر جيدا —‏ وحدك سنتين!‏» لكنَّ اخانا اجاب:‏ «هذا ما تظنون،‏ لكنني لن اكون وحدي على الاطلاق كما تقولون!‏ فيهوه اللّٰه سيكون معي ويقويني بروحه.‏» واذ فاجأهم جوابه،‏ تركوه وشأنه.‏ وقد أثَّر فيهم ثباته،‏ هدوؤه،‏ ومسلكه الجيد،‏ ونتيجة لذلك،‏ ابتدأوا يظهرون له الاحترام.‏ وأدركوا ان لا شيء يمكن ان يغيِّر قراره ان يبقى امينا ‹ليهوه الذي له،‏› بحسب تعبيرهم.‏

مرَّت الشهور،‏ وحان الوقت لمحفل سنة ١٩٦٦ الكوري بمحور «ابناء حرية اللّٰه.‏» وكم كانت مفاجأة عندما أُطلق سراح هذا الاخ وكان حاضرا في اليوم الافتتاحي!‏ وخلال احدى الفترات روى اختباره.‏ ولم يكن يعرف ان ضابطا في الجيش كان حاضرا في ثياب مدنية.‏ وبعد الفترة صعد الضابط الى الاخ وهنّأه بحرارة لتمسُّكه بثبات بما يؤمن به.‏ واذ التفت الضابط الى اخ آخر كان حاضرا،‏ قال:‏ «كل ما قاله اخوك صحيح تماما؛‏ كل شيء حصل كما اخبرنا.‏ كنتُ مشمولا بهذه القضية.‏ لديكم هنا رجل ذو قيمة،‏ جدير بالاحترام،‏ امين لإلهه،‏ ثابت في قراره.‏ انه يعرف ماذا يريد،‏ وعندما يقول لا،‏ تكون لا،‏ ولا شيء يمكن ان يغيّر رأيه في ذلك.‏» ثم اضاف:‏ «هل تعرف ما قالته لي زوجتي؟‏ قالت:‏ ‹لا تظنوا انكم فعلتم ذلك بملء ارادتكم.‏ كلا،‏ انما الهه،‏ يهوه،‏ هو الذي فعل ذلك له ليتمكن من حضور محفله.‏ الهه يهوه اقوى من الهنا!‏›» لقد تأثر الضابط بشكل واضح واختتم بالقول:‏ «انني معجب بكم،‏ ولو سنحت لي في الماضي الفرصة لأعرف ما تعرفونه عن اللّٰه،‏ لما كنت بالتأكيد ما انا عليه الآن.‏»‏

تحديات جديدة

مع تطور السياحة والتجارة منذ السنة ١٩٧٠،‏ صارت ڠوادلوپ اكثر ازدهارا.‏ وجرت تغييرات في المقاطعة.‏ فانتقل الناس اليها من الجزر الاخرى،‏ وخصوصا من دومينيكا وهايتي.‏ وبحلول كانون الثاني ١٩٨٧ كان من الضروري تشكيل جماعة تتكلم الانكليزية في پوانت أ پيتْر.‏ وفضلا عن ذلك،‏ بدا الناس على عَجَلة اكثر فأكثر.‏ وفي خدمتنا من باب الى باب صار من الضروري استعمال مقدمات مباشرة وفعَّالة لجعل الناس يصغون.‏

وداخل الهيئة الثيوقراطية كانت هنالك ايضا تغييرات هامة.‏ فبحلول سنة ١٩٧٢،‏ وانسجاما مع ما كان يجري حول العالم بين شهود يهوه،‏ كانت هيئة شيوخ،‏ عوضا عن ناظر واحد،‏ تزوِّد الاشراف في كل جماعة.‏ وقبل ذلك كنا نشير الى «جماعة الاخ فلان الفلاني.‏» كان نظار الجماعات موضع احترام الجميع وكانت لديهم سلطة كبيرة.‏ ومع ذلك،‏ رحَّب هؤلاء الاخوة بالتغييرات التي جعلت الترتيبات التنظيمية منسجمة بشكل اوثق مع الاسفار المقدسة.‏ وبعد مرحلة الانتقال،‏ اعلن الاخ بريزار:‏ «تأثرنا بالروح البديعة التي اعرب عنها اخوتنا.‏ ولا شك في ان ذلك كان امتحانا للتواضع لكلٍّ منهم.‏ ونحن فخورون بأن نرى انهم جميعا اجتازوه بنجاح.‏»‏

ساهمت مدرسة خدمة الملكوت ايضا في تحسين الحالة الروحية في الجماعات.‏ فقد حضر الصف الاول في ڠوادلوپ،‏ في السنة ١٩٦١،‏ ١٩ شيخا.‏ ولكن بعد ٣٠ سنة عندما اجتمع الشيوخ من الارخبيل بكامله من اجل الارشاد حضر ٣٠٠.‏ وكمعدل،‏ لدى كل جماعة الآن خمسة شيوخ يعتنون بحاجاتها الروحية.‏

لقد اعرب هؤلاء الرعاة الروحيون عن الاهتمام الحبي بالقطيع ليس فقط في الاحوال الطبيعية نسبيا بل ايضا خلال الازمات.‏

الاحترام لشريعة اللّٰه المتعلقة بالدم

لأن البعض من اعضاء الهيئة الطبية لا يظهرون الاحترام الكافي لحقوق المرضى،‏ واجه شهود يهوه حالات صعبة في جهودهم لإطاعة مطلب يهوه المتعلق بالامتناع عن الدم.‏ (‏اعمال ١٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ وأراد الشيوخ ان يزوِّدوا مزيدا من المساعدة للشهود الذين كانوا يواجهون ازمة طبية.‏ وهكذا في اوائل السنة ١٩٨٧ اجتمعت لجنة الفرع لمناقشة الحالة مع شاهدين كانا ايضا طبيبين.‏ وصار واضحا انه تلزم اتصالات افضل بالهيئات الطبية.‏ فعُيِّنت لجنة للاهتمام بذلك.‏ ورتبوا لاجتماع مع الاختصاصيين في التبنيج في المستشفى،‏ وأثبت ذلك انه نافع جدا.‏

مع شهود يهوه في معظم انحاء العالم الاخرى،‏ لدى الاخوة في ڠوادلوپ الآن لجان اتصال بالمستشفيات.‏ وجرى تدريب سبعة عشر اخا بشكل جيد لهذه الخدمة في حلقات دراسية تديرها الجمعية.‏

بركان يهدِّد

شملت ازمات اخرى كوارث طبيعية.‏ ففي السنة ١٩٧٦ صار سوفريير،‏ وهو بركان كان ساكنا لفترة طويلة،‏ ناشطا من جديد.‏ وفي اوائل السنة تكرَّرت الاهتزازات اكثر فاكثر.‏ ونحو الساعة التاسعة صباحا في ٨ تموز انشقّ صدع في جانب الجبل،‏ مطلقا سحابة كبيرة من الغاز والبخار.‏ وابتدأ الرماد البركاني يتساقط على باس تير والقرى المجاورة.‏ وغطّى الغبار الرمادي الناس والارض.‏ وبسبب النشاطات الزلزالية البركانية الكثيفة،‏ امرت السلطات في ١٥ آب بالإجلاء التام والمباشر لِـ‍ ٠٠٠‏,٧٢ شخص.‏ ولم يكن إلا بعد خمسة اشهر ان سُمح لهم بالعودة الى بيوتهم.‏

جرى اجلاء سبع جماعات.‏ وزُوِّدت المساعدة الفورية للتأكد ان اخوتنا لديهم مسكن خلال وقت الشدة هذا.‏ والناشرون الذين اجتمعوا وعملوا معا سابقا صاروا الآن مشتَّتين هنا وهناك.‏ ولتزويد المساعدة الروحية اللازمة،‏ عُقد اجتماع خصوصي مع الشيوخ والخدام المساعدين.‏ وجرى حثهم جميعا على السعي الى ايجاد الناشرين من جماعاتهم والبقاء على اتصال لصيق بهم.‏ وأُجريت الترتيبات الخصوصية لحفظ القطيع من التشتُّت.‏ فكانوا سيحضرون الاجتماعات الجماعية في المنطقة التي يقيمون فيها،‏ لكنَّ الترتيبات صُنعت ايضا ليحضروا درس الكتاب الجماعي المؤسس خصوصا لهم والذي يشرف عليه شيخ او خادم مساعد من جماعتهم الاصلية.‏ وأثبت ذلك انه بركة حقيقية.‏ فلم يُفقد ايّ خروف!‏

ليلة مرعبة

بعد ثلاث عشرة سنة حلَّت ازمة اخرى.‏ فيوم السبت في ١٦ ايلول ١٩٨٩،‏ ضرب اعصار هوڠو دون رحمة ڠوادلوپ.‏ لم تكن هذه هي المرة الاولى التي فيها دمّر اعصار الجزيرة.‏ ففي السنة ١٩٦٦ اقتلع اعصار اينِز سقوف معظم البيوت الخشبية،‏ وتوقفت الطاقة الكهربائية عن العمل لمدة شهر.‏ لكنَّ ما حدث في السنة ١٩٨٩ كان اكثر تدميرا بكثير.‏ فالرياح العاصفة،‏ التي بلغت سرعة بعضها اكثر من ١٦٠ ميلا في الساعة (‏٢٦٠ كلم/‏سا)‏،‏ ضربت الجزيرة لساعات.‏ وبدا ان الليل لن ينتهي ابدا.‏ وعندما بزغ الفجر اخيرا،‏ كان المشهد صاعقا.‏ فقد بدت الشوارع كساحات معارك تبعثر فيها الحطام.‏ وكان نحو ٠٠٠‏,٣٠ بلا مأوى.‏ وبين الشهود دُمِّر ١١٧ بيتا،‏ وتضرَّر بشكل فادح ٣٠٠ بيت آخر.‏ ودُمِّرت جزئيا ثماني قاعات،‏ وتضرَّرت ١٤ قاعة اخرى.‏

وعندما تسبَّب اعصار اينِز بالدمار في السنة ١٩٦٦،‏ جلب شهود يهوه من پورتو ريكو،‏ مارتينيك،‏ ڠِييانا الفرنسية،‏ وسانت كروا مؤن الاغاثة.‏ ولكن عندما دمّر اعصار هوڠو ڠوادلوپ في السنة ١٩٨٩،‏ وفّرت الهيئة الحاكمة فورًا اموالا للاغاثة.‏ وسرعان ما زوَّد الاخوة من مارتينيك،‏ فرنسا،‏ وأماكن اخرى ما يلزم من الطعام،‏ اللباس،‏ والمواد لإعادة البناء.‏ وأتى البعض شخصيا لتقديم المساعدة.‏ وقد تأثَّر الاخوة والاخوات في ڠوادلوپ بعمق بفيض المحبة هذا.‏ ولم ينسَوا ما صُنع لأجلهم.‏

وقوَّت احداث اخرى ايضا روابط الاخوَّة الاممية.‏

المحفل الاممي الاول

في السنة ١٩٧٨ حصل الناشرون في ڠوادلوپ على الامتياز العظيم لإضافة محفل اممي.‏ وبلغت ذروة عدد الحضور ٢٧٤‏,٦،‏ وكان ذلك في وقت كان لدينا ٦٠٠‏,٢ شاهد محلي فقط.‏ وكم كان مفرحا ان نرحّب بمندوبين من بلجيكا،‏ سويسرا،‏ كندا،‏ الولايات المتحدة،‏ وأماكن اخرى!‏ وعندما اقترح مدير فندق ان يزيد الاخوة المسؤولون عن المنامة اجرة الفندق ١٠ في المئة وأن يُعطى هذا المبلغ لهم،‏ رفض الاخوة،‏ موضحين ان ذلك عدم استقامة.‏ فشعر المدير بالخجل لتقديمه الاقتراح وقال:‏ «انتم يا شهود يهوه مختلفون حقا.‏ لقد قدَّمتُ هذا الاقتراح لأنه سبق ان وافقَت عليه فرق دينية اخرى .‏ .‏ .‏ لكنكم مختلفون حقا!‏»‏

ان نجاح هذا المحفل اوضح اكثر الحاجة الملحة الى ايجاد موقع دائم لمحافلنا.‏

قاعة محافل جديدة

وُسِّعت قاعة محافلنا القابلة للحمل مرات عديدة.‏ وصارت مجموعةً من الانشاءات التي تزن نحو ٣٠ طنا،‏ وتسع مقاعد لنحو ٠٠٠‏,٥ شخص.‏ وكانت مهمة هائلة ان تُنقَل،‏ تُنصَب،‏ وتُفكَّك عند كل محفل.‏ ولكن من الواضح ان يهوه كان يعرف حاجاتنا.‏

بالتقدمات السخية لكل الجماعات في هذه الجزر،‏ جرى شراء قطعة ارض،‏ موقعها ملائم،‏ تزيد مساحتها على ١٣ أكرا (‏٥ هكتارات)‏.‏ وفي السنة التالية،‏ ١٩٨٠،‏ استعملنا الموقع الجديد للمرة الاولى —‏ وأيضا بقاعة محافلنا القابلة للحمل.‏ وفي هذه المناسبة،‏ في محفل «المحبة الالهية» الكوري،‏ بلغ عدد الحضور ذروة جديدة من ٠٤٠‏,٧.‏ ولكن هذه المرة لم يكن من الضروري تفكيك كل شيء عقب الفترة الاخيرة.‏ فيا لها من راحة!‏

استُخدِم هذا الترتيب الجديد عدة سنوات.‏ ثم ادركنا انه حان الوقت لبناء شيء يدوم اكثر.‏ فشرع اخوة اكفاء في العمل،‏ وصمِّمت قاعة فسيحة،‏ قاعة مفتوحة الجوانب للتهوية الطبيعية.‏ وكانت قاعة المحافل الجديدة ستصير نصف دائرية،‏ بمقاعد لِـ‍ ٠٠٠‏,٤.‏ فجرى الحصول على رخصة البناء،‏ وبوشر العمل في السنة ١٩٨٧.‏ وبحلول تموز،‏ بعد ستة اشهر من ابتداء العمل في موقع البناء،‏ كان قد أُكمِل ثلثا المشروع وتمكنَّا من استعماله لمحفلينا الكوريين في تلك السنة.‏ ومن ذلك الحين فصاعدا،‏ لم يعد هنالك وحل ولا جزمات!‏

تغييرات في الفرع

فيما كان كل ذلك يجري،‏ كانت تحدث تغييرات في مكتب الفرع.‏ ففي كل انحاء العالم،‏ تغيّر الاشراف في شباط ١٩٧٦ في فروع الجمعية.‏ وعوضا عن ان يكون هنالك ناظر رئيسي واحد في كل فرع،‏ صُنعت الترتيبات للجنة من ثلاثة اعضاء او اكثر للاعتناء بهذه المسؤولية تحت اشراف الهيئة الحاكمة.‏ وفي ڠوادلوپ،‏ عُهِد في مسؤولية الاشراف هذه الى نيكولا بريزار،‏ پيير يانكي،‏ وجان-‏پيير ڤيتشيك.‏ وعندما وجد الاخ ڤيتشيك،‏ الذي كان مرسلا،‏ انه من الضروري ان يعود الى فرنسا،‏ حلّ محلّه فلاڤيان بينان.‏ ثم دعي پول انڠرڤيل،‏ وفي ما بعد جان كامبو،‏ ناظر دائرة،‏ للخدمة في لجنة الفرع.‏

والتقدم التقني الذي أُحرِز في المركز الرئيسي العالمي وفي مختلف الفروع افاد ايضا ڠوادلوپ.‏ فمجلة برج المراقبة المعدَّة للدرس جرى تسلّمها في آن واحد مع الاخوة في بلدان اخرى.‏ وطُبعت خدمتنا للملكوت بالفرنسية في الوقت نفسه كالانكليزية.‏ وهكذا بمختلف الطرائق شعرنا بأننا موحَّدون اكثر مع باقي الهيئة.‏ ورغم اننا موجودون في جزر قليلة وسط البحر،‏ لا نشعر بأننا منعزلون.‏ فنحن نخدم ‹باتحاد› مع اخوتنا المسيحيين.‏ —‏ اشعياء ٥٢:‏٨‏.‏

مقرّ ملائم لفرع ينمو

في السنة ١٩٦٦ اشترت الجمعية بيتا في ٤٦ مورن اودول،‏ على مقربة من پوانت أ پيتْر،‏ ليخدم كمكتب فرع.‏ وجرى توسيعه لاحقا بتشييد مبنى آخر بجوار البيت،‏ مبنى شمل مكاتب ومخزنا للمطبوعات بالاضافة الى قاعة للملكوت.‏ ولكن بالنظر الى الزيادة في عدد مسبحي يهوه في ڠوادلوپ،‏ لزم شيء اكبر.‏ وهكذا في نهاية السنة ١٩٨٨ وافقت الهيئة الحاكمة على بناء بيت ايل ومكتب فرع جديدين كليا.‏

لكنَّ ايجاد عقار مناسب في جزيرة صغيرة مثل ڠوادلوپ انما هو تحدٍّ.‏ إلّا ان يهوه،‏ مالك الارض،‏ يمكنه تزويد ما يلزم،‏ وقد فعل ذلك.‏ فتمكنَّا من الحصول على قطعة ارض مساحتها نحو ٥‏,٢ اكر (‏١ هكتار)‏ على تلة تطل على البحر في سانت آن.‏ وزوَّد مكتب البناء التابع للجمعية في نيويورك الرسوم التمهيدية والطبعات الزرقاء.‏ وميشال كونُوُو،‏ مهندس معماري فرنسي،‏ زوَّد العون القيِّم.‏ وقد جرت الموافقة على البناء بسرعة فائقة،‏ بفضل رئيس بلدية سانت آن،‏ المجلس البلدي المحلي،‏ ومكاتب التخطيط للمدينة.‏

بدأ عمل البناء في ايلول ١٩٩٠.‏ واشترك متطوعون من ١٤ بلدا في معرفتهم وخبرتهم وساعدوا في العمل.‏ وفي غضون سنتين لم يُكمل عمل البناء فحسب بل تشكَّلت ايضا روابط صداقة متينة بين الشهود في ڠوادلوپ والمتطوعين من البلدان الاخرى الذين عملوا معهم جنبا الى جنب.‏ وفي السنة ١٩٥٤،‏ عندما كان مِلتون هنشل حاضرا لإعلان تشكيل فرع ڠوادلوپ،‏ كان هنالك ١٢٨ ناشرا هنا.‏ وكان ايضا حاضرا في ٢٩ و ٣٠ آب ١٩٩٢ —‏ عندما كان عدد الناشرين في تقريرنا ٨٣٩‏,٦ —‏ لتدشين تسهيلات فرعنا الجديدة الرائعة وتخصيصها ليهوه اللّٰه.‏ وبروح ودية دعا جيراننا ذلك «قرية شهود يهوه الصغيرة.‏»‏

مقاطعتنا،‏ تحدٍّ

ان المقاطعة المحدودة في ڠوادلوپ هي تحدٍّ يجب ان يقبله كل ناشر.‏ وكمعدل،‏ لدينا ١٢ بيتا فقط لكل ناشر.‏ فكيف نعالج هذا الوضع؟‏ الاستعداد ضروري.‏ توضح اخت فاتحة:‏ «اجعل الناس يعتادون رؤيتي.‏ ولا ازال اجد دروسا جديدة بالتفكير مليا في مقاطعتي.‏ فأنا افكِّر فيها وكأنها مؤلفة من افراد.‏» ويقول ناظر خدمة في احدى جماعات پوانت أ پيتْر،‏ حيث النسبة هي ناشر واحد لكل ٢٨ من السكان:‏ «الناس على استعداد للاصغاء فقط اذا كان لدينا شيء مثير للاهتمام لنقوله.‏» ورغم ان الناشر يسأل احيانا:‏ «اين سنكرز؟‏» يشجعنا عدد دروس الكتاب المقدس المتزايد على الدوام (‏الآن اكثر من ٥٠٠‏,٨)‏ على مواصلة الكرازة بالبشارة.‏

والاستعمال المباشر للكتاب المقدس عامل رئيسي في فعَّالية خدمتنا.‏ والناس عموما في ڠوادلوپ يحترمون الكتاب المقدس بصفته كلمة اللّٰه المكتوبة،‏ ويتأثرون عندما نظهر لهم كيف يشرح الحوادث الجارية.‏ والاستعمال الفعَّال للايضاحات يشجع الناس ايضا على التفكير.‏ ولاخوتنا وأخواتنا المسنين خصوصا خيال واسع في هذا المجال.‏ فطريقة الحياة هنا عندما كانوا شبانا كانت تشجِّع على التأمل في الطبيعة.‏ ولذلك يمكن ان يوضحوا رسالة الملكوت بالاشارة الى الاشياء الطبيعية حولهم،‏ كما فعل يسوع.‏ —‏ متى ٦:‏٢٥-‏٣٢‏.‏

اجمل من ايّ وقت مضى

انجز يهوه امورا عظيمة في ڠوادلوپ بواسطة روحه.‏ فقد وجد اناسا متواضعين،‏ كطين الخزاف الطيّع،‏ لم يرفضوا ان يصاغوا بحسب مشيئته.‏ وفي هذا اليوم،‏ يوم يهوه ‹لزلزلة› كل الامم برسائل دينونته،‏ يجمع ايضا «المشتهى» ويدخلهم في الدار الارضية لهيكله الروحي العظيم.‏ (‏حجي ٢:‏٧‏)‏ ففي السنة ١٩٦٨،‏ بعد ثلاثين سنة من وصول سيريل ونستون الى ڠوادلوپ،‏ اخبر تقريرنا عن ٠٠٠‏,١ ناشر للمرة الاولى.‏ وبحلول السنة ١٩٧٤ تضاعف هذا الرقم.‏ وفي السنة ١٩٨٢ بلغنا الرقم ٠٠٠‏,٣.‏ والـ‍ ٠٠٠‏,٣،‏ بعد سبع سنوات،‏ صاروا ٠٠٠‏,٦.‏ واليوم،‏ يجتمع اكثر من ٢٥٠‏,٧ ناشرا في ٨٦ جماعة.‏ ومع ان النسبة هي ناشر واحد الى كل ٥٣ من السكان،‏ لا نزال مصمِّمين على البقاء مشغولين في الكرازة والتعليم،‏ ناظرين الى يهوه من اجل بركته.‏ لقد صارت «جزيرة المياه الجميلة،‏» بمعنى روحي،‏ اجمل من ايّ وقت مضى.‏ ولا شك في ان اشخاصا اكثر سيلبُّون بعدُ الدعوة «تعال» وسيأخذون «ماء حياة مجانا.‏» —‏ رؤيا ٢٢:‏١٧‏.‏

‏[الحاشية]‏

^ ‎الفقرة 23‏ قارنوا اعمال ٢:‏٤١‏،‏ التي تخبر عن معمودية نحو ٣٠٠٠ شخص،‏ ليس في نهر الاردن على ما يتضح —‏ الامر الذي كان سيتطلب من المرشحين للمعمودية مسيرة نحو ٢٠ ميلا (‏٣٠ كلم)‏ ذهابا —‏ انما في برك في اورشليم او قربها.‏

‏[الخريطة في الصفحة ١١٦]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

ڠوادلوپ

ڠراند تير

باس تير

پونت أ پيتْر

‏[الخريطة في الصفحة ١٥١]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

ڠوادلوپ

سان مارتان

سان بارتيليمي

لاديزيراد

جزر الارض الصغيرة

جزر القديسات

ماري ڠالانت

‏[الصورة في الصفحة ١٢٠]‏

كونداي بوشان،‏ احد اوائل الذين اصغوا بتقدير الى البشارة في ڠوادلوپ

‏[الصورة في الصفحة ١٢٣]‏

زوج نويما ميسودان (‏الآن اپورو)‏ كان يأتي الى البيت متأخرا؛‏ فتبعته —‏ الى اجتماع لتلاميذ الكتاب المقدس!‏

‏[الصورة في الصفحة ١٢٤]‏

رينيه سايي يعمّد شهودا جددا في سنة ١٩٤٥

‏[الصورة في الصفحة ١٢٥]‏

اولڠا لالند في محفل في فرنسا،‏ يقدِّم تقريرا عن العمل في ڠوادلوپ

‏[الصورة في الصفحة ١٣٠]‏

سمع دوڤِرڤول نستور الحق للمرة الاولى ثم قبله وهو في المستشفى

‏[الصورة في الصفحة ١٣١]‏

جورج موستاش كان يشهد يوميا وقت الظهر في مكان استخدامه

‏[الصورة في الصفحة ١٣٣]‏

جماعة باس تير في اواخر خمسينات الـ‍ ١٩٠٠

‏[الصورة في الصفحة ١٣٦]‏

باص ملآن بالناشرين متوجِّه الى خدمة الحقل في الريف

‏[الصورة في الصفحة ١٣٨]‏

مرسلون في مركب «النور» يشتركون بغيرة في اعطاء شهادة

‏[الصورة في الصفحة ١٣٩]‏

نيكولا وليليان بريزار أُرسلا اولا الى ڠوادلوپ من فرنسا،‏ في السنة ١٩٥٥

‏[الصورة في الصفحة ١٤١]‏

فلورا پيمبا،‏ التي اخذت موقفها الى جانب يهوه في وجه المحنة الشديدة

‏[الصورة في الصفحة ١٤٢]‏

من اليسار الى اليمين:‏ ميكاييلّا ودونا تاسيتا،‏ مع مارك إدرو،‏ في السنة ١٩٩٤

‏[الصورة في الصفحة ١٤٣]‏

ڤِرناي أندريمون،‏ احد الـ‍ ١٩ مندوبا من ڠوادلوپ في المحفل الاممي في السنة ١٩٥٨

‏[الصورة في الصفحتين ١٤٦ و ١٤٧]‏

قاعة محافل ڠوادلوپ القابلة للحمل

‏[الصورة في الصفحة ١٥٠]‏

ارمان ومارڠريت فوستيني،‏ اللذان خدما طوال ١٠ سنوات في ڠوادلوپ؛‏ الآن في مارتينيك

‏[الصورتان في الصفحة ١٥٨]‏

اكثر من ١٠٠ سنة من العمر؛‏ تخدم كل واحدة منهما يهوه لأكثر من ٣٠ سنة

لوراينشا جان-‏لْوي

كاثرين ڠامس

‏[الصور في الصفحة ١٦١]‏

قاعة محافل في لامنتان

‏[الصورتان في الصفحة ١٦٢]‏

مكتب الفرع وعائلة البتل في ڠوادلوپ

‏[الصورة في الصفحة ١٦٧]‏

لجنة الفرع (‏من اليسار الى اليمين)‏:‏ پول انڠرڤيل،‏ نيكولا بريزار،‏ پيير يانكي،‏ جان كامبو