الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

ميكرونيزيا

ميكرونيزيا

ميكرونيزيا

الفردوس.‏ قد تجعلكم هذه الكلمة تفكِّرون في جزيرة مدارية مخضرة،‏ سماء زرقاء صافية،‏ أشجار نخل تتمايل في النسيم العليل،‏ شواطئ رملية بيضاء،‏ مياه محيط صافية فيها اسماك زاهية الالوان،‏ وغروب شمس رائع.‏ ينطبق وصف الفردوس هذا على ميكرونيزيا.‏ فجمالها اخّاذ.‏

لكن تجدون ايضا هنا امورا لا تربطونها بالفردوس ابدا.‏ فقد تركت المعارك الضارية في الحرب العالمية الثانية آثارها الشنيعة في هذه الجزر،‏ واليوم يواجه شعب ميكرونيزيا المشاكل الاقتصادية،‏ الجريمة،‏ والمرض.‏ ويدرك عدد متزايد منهم ان مشاكل الجنس البشري المتأصِّلة يجب ان تُحَلّ قبل ان تصير ميكرونيزيا حقا فردوسا.‏

التنوُّع،‏ تابل الحياة الميكرونيزية

توجد مجموعات جزر مختلفة في ميكرونيزيا،‏ وينفرد كلّ منها بجاذبيّته وحضارته.‏ والمدهش ان لكلٍّ منها لغته الخاصة المتميِّزة،‏ التي لا يمكن ان يفهمها حتى الاشخاص في مجموعات الجزر القريبة.‏

لن تجدوا جزيرة ميكرونيزية نموذجية.‏ فبعضها غني،‏ والآخر فقير.‏ والجزر البركانية الوعرة مثل پونپاي ترتفع اكثر من ٩٠٠ متر (‏٠٠٠‏,٣ قدم)‏،‏ في حين ان بعض الجزر المرجانية الحلقية الضيقة منبسطة جدا حتى انها لا ترتفع سوى متر واحد (‏بضع اقدام)‏ فوق مستوى البحر.‏ وماجورو في جزر مارشال هي احدى هذه الجزر المرجانية الحلقية.‏ وخلال الطقس العاصف،‏ تغمر الامواج احيانا اجزاء كاملة من هذه الجزيرة المرجانية.‏

ان الشعب الميكرونيزي شعب ودود ينجذب المرء اليه.‏ وكثيرون منهم يعيشون من خيرات الارض والبحر.‏ فهم يحصدون قوتهم الرئيسي من ارض العائلة،‏ وقد يربّون بضع دجاجات او خنازير،‏ ويصطادون السمك من المحيط.‏

يُظن ان هذه الجزر المنعزلة استوطنتها اصلا شعوب ابحرت شرقا من آسيا او غربا من ميلانيزيا،‏ لكنَّ المستكشفين الاسپان في القرن الـ‍ ١٦ كانوا اول الغربيين الذين وطئوا ميكرونيزيا.‏ وقد جلبوا معهم دينهم.‏ وتنعم الكنيسة الكاثوليكية الرومانية اليوم بمكانة راسخة في معظم الجزر،‏ الى جانب شكل عام من الدين الپروتستانتي اسَّسه مرسلو العالم المسيحي في اواخر القرن الـ‍ ١٩.‏

ڠوام:‏ مركز النشاط في الجزر

تشمل ميكرونيزيا،‏ التي يعني اسمها «الجزر الصغيرة،‏» نحو ٠٠٠‏,٢ جزيرة متفرِّقة،‏ ١٢٥ منها تقريبا مأهولة.‏ وتنتشر هذه الجزر على جزء من الكرة الارضية تعادل مساحته تقريبا مساحة الجزء القاريّ من الولايات المتحدة.‏ غير ان الجزر صغيرة جدا بحيث ان مساحتها مجتمعة تبلغ نحو ١٠٠‏,٣ كيلومتر مربع (‏٢٠٠‏,١ ميل٢‏)‏ —‏ ليس اكبر بكثير من مساحة رود آيلند،‏ اصغر ولاية في الولايات المتحدة.‏

ان بوابة ميكرونيزيا هي ڠوام،‏ ومنها تنطلق رحلات جوية الى العديد من الجزر الاخرى.‏ ومن سكان ميكرونيزيا الـ‍ ٠٠٠‏,٤٧٠،‏ يعيش ٠٠٠‏,١٥٠ في ڠوام.‏ وڠوام هي اكبر الجزر الميكرونيزية،‏ اذ يبلغ طولها ٥١ كيلومترا (‏٣٢ ميلا)‏.‏ وهي ايضا اكثرها تطورا.‏ فالطرقات الرئيسية المزدحمة ونمط الحياة السريع تميِّز هذه الجزيرة من الجزر الاخرى حيث تجري الامور على نحو ابطأ.‏

ان ڠوام،‏ التي طالما اثارت اهتمام القِوى العسكرية نظرا الى موقعها الاستراتيجي في المحيط الهادئ،‏ هي في الوقت الحاضر معقل اميركي.‏ فالجيش الاميركي يسيطر على اكثر من ثلث مساحتها.‏ ولكنّ ڠوام موقع استراتجي لنشر بشارة ملكوت اللّٰه ايضا.‏ ففي مكتب فرع جمعية برج المراقبة،‏ تُطبع المواد التي تُستعمل لتعليم الكتاب المقدس بـ‍ ١١ لغة من اجل توزيعها في كل انحاء ميكرونيزيا.‏

حق الملكوت يصل الى ‹آخر الحدود›‏

في خطاب تدشين تسهيلات فرع ڠوام في نيسان ١٩٨٠،‏ وصف مِلتون هنشل،‏ من الهيئة الحاكمة،‏ ميكرونيزيا بأنها «احد الحدود الاخيرة» لعمل الكرازة بالملكوت.‏ ولأن ميكرونيزيا تتألف من جزر منعزلة كثيرة ويُنطق فيها بعدد هائل من اللغات الاصلية،‏ تبيَّن ان هذه ‹الحدود الاخيرة› المدارية تقدِّم تحديات ضخمة.‏

واجه المرسلون الامناء هذه التحديات طوال ٤٠ سنة بالعمل الدؤوب وبالإبداع.‏ وخلال تلك السنوات،‏ خدم ما لا يقل عن ١٧٥ مرسلا في ميكرونيزيا،‏ وهذا كان عاملا مهما في نمو الجماعات الـ‍ ٢٦ والشهود الـ‍ ٣٠٠‏,١ تقريبا النشاطى الآن في الجزر.‏

قليلون فقط من المرسلين الـ‍ ٦٣ الذين يخدمون حاليا في ميكرونيزيا حضروا مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس.‏ فمعظمهم فاتحون من الفيليپين وهاواي دُعوا الى تبني الخدمة الارسالية.‏ وعنى ذلك بالنسبة الى العديدين التخلي عن وسائل الراحة في موطنهم واستبدالها بنمط حياة بدائي اكثر.‏ ففي بعض الجزر قلّما تجدون طرقا جيدة،‏ وليست هنالك كهرباء ولا امدادات للماء.‏ ويتعرَّض المرسلون لأمراض وأدواء كثيرة؛‏ وعليهم ان يتحملوا الطقس الحار والرطب،‏ والعنيف احيانا.‏ فالاعاصير المدارية المدمِّرة هي خطر محدق على مدار السنة تقريبا.‏ لكنَّ المرسلين رأوا ثمارا مكافئة لأتعابهم.‏

ان حق الكتاب المقدس قد تأسس بشكل راسخ في كلٍّ من الجزر الرئيسية.‏ وكان بين اول مَن اعتنقوا رسالة الملكوت اشخاص ذوو نفوذ في الجزر.‏ ففي پونپاي،‏ مثلا،‏ كان هنالك كارل دانيس،‏ عضو في الهيئة التشريعية في الجزيرة.‏ وفي كوسراي كان فريدي ادوين،‏ الذي يتكلم سبع لغات وتربطه قرابة بالملك،‏ بين اول الشهود.‏ وقد ساهم أوڠسطين كاسترو،‏ الذي كان يدرس ليصير كاهنا،‏ في تأسيس جماعة في سايپان.‏ وفي ڠوام،‏ استعمل الملاكم السابق طوني سالسيدو شعبيته ليعطي الناس رسالة يمكن ان تساعدهم على التمتع بسلام لم يتمتعوا به قط في محيط جزيرتهم الرائع.‏

كيف بلغت البشارة ڠوام

لم يكن طوني سالسيدو اول شاهد يصل الى ميكرونيزيا.‏ وفي الواقع،‏ لم يكن شاهدا عند وصوله.‏ فقد قدم ڠوام من الفيليپين عام ١٩٤٨ بصفته عاملا متعاقدا،‏ ليعمل في اعادة البناء بعد الحرب.‏ وكان كثيرون من رفقائه العمال شهودا ليهوه،‏ فبدأوا يعلِّمون طوني الكتاب المقدس.‏

نظَّم هؤلاء الاخوة الغيورون اول جماعة في ميكرونيزيا في كانون الاول ١٩٥١،‏ لكنهم اضطروا كلهم الى مغادرة ڠوام عام ١٩٥٤،‏ ما عدا طوني،‏ عندما انهارت شركتهم.‏ وسُمح لطوني،‏ الذي تخلى عن مهنة الملاكمة،‏ بأن يبقى لأنه كان متزوجا بفتاة ڠوامية.‏

في اواسط خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كانت الاجتماعات تُعقد في منزل عائلة سالسيدو،‏ ونمت الجماعة الى ١٢ فردا.‏ وكانت مقاطعتهم الجزيرة كلها.‏ قال طوني:‏ «كل يوم سبت كنا نذهب في خدمة الحقل طوال النهار،‏ وسرعان ما صار الناس في كل القرى يعرفوننا.‏»‏

اوضاع صعبة في انتظارهم

قديما في ذلك الوقت لم تكن ڠوام اطلاقا كما هي اليوم جزيرة منتجعات نابضة بالحياة.‏ وسام وڤيرجينيا وايڠر،‏ المرسلان الاولان المعيَّنان في ڠوام،‏ يتذكران جيدا وصولهما عام ١٩٥٤.‏

قال سام:‏ «في ذلك الوقت،‏ كانت ڠوام قاعدة عسكرية ليس إلّا.‏» وأضاف:‏ «كانت الحرب قد خرَّبت الجزيرة؛‏ وكانت القنابل غير المنفجرة والذخيرة الحية في كل مكان،‏ كانت المعدات الحربية تصدأ،‏ وكان يُقبض على قناصين يابانيين ويُعتقلون.‏ استأجرت وزوجتي كوخا مصنوعا من المواد الجاهزة،‏ لم يكن فيه براد،‏ ولا مكيف هواء،‏ ولا سرير ولا اية مفروشات اخرى.‏ فكنا ننام على سريرَين خفيفَين للجيش مصنوعَين من قماش تغطيهما ناموسيتان.‏»‏

كانت جهود الزوجين وايڠر في الكرازة ناجحة جدا بحيث انه سرعان ما لزم مكان اوسع للاجتماع،‏ فاستأجرت الجماعة مطعما للجيش شاغرا ونظَّفته تنظيفا شاملا.‏ وكان البناء يقع مقابل كنيسة كاثوليكية.‏ وعندما اقام اخوتنا اللافتة «قاعة ملكوت،‏» احتجّ الكاهن الكاثوليكي.‏

ثم ضربت الصاعقة.‏ فخلال عاصفة رعدية نادرا ما يحدث مثلها،‏ دمَّرت صاعقة الجزء العلوي من برج الكنيسة وحطَّمت عدة اصنام.‏ قال وايڠر:‏ «اخبر الكاهن رعيته بأن اللّٰه كان ينوي ضرب قاعة الملكوت ولكنه اخطأ الهدف.‏ وعندما لم يصدِّق الناس هذا التفسير،‏ اختلق الكاهن قصة اخرى.‏ فقال ان اللّٰه دمَّر الكنيسة لأنهم كانوا بحاجة الى كنيسة اكبر وأفضل.‏»‏

دخول المقاطعة الموضوعة تحت الوصاية

عندما عُيِّن الزوجان وايڠر مُرسلَين الى اليابان،‏ زادت مسؤوليات ميرل لوماستر،‏ وهو اخ طويل القامة كان يبتسم في اغلب الاحيان ولكنه كان جدِّيا دائما في ما يتعلق بالحق.‏ طلبت جمعية برج المراقبة من ميرل ان يقوم برحلة استكشاف في ميكرونيزيا عام ١٩٦٠.‏ وبما ان الجزر كانت تحت وصاية الولايات المتحدة،‏ فقد لزمه اذن بالسفر من المندوب السامي،‏ وكان هذا رجلا فظا غير متعاون فقال للوماستر:‏ «لن تدخل المقاطعة التي تحت الوصاية ما دمت انا حيا.‏»‏

لكنّ ذلك حدث في مدى حياته.‏ فبعد ثلاثة اشهر فقط،‏ عُيِّن مندوب سامٍ آخر،‏ فنال ميرل اذنا بالسفر.‏ وبذلك اصبح اول من تكلَّم برسالة الملكوت في جزر سايپان،‏ شوك،‏ پونپاي،‏ بيلاو،‏ وياپ.‏

مساعدة شخصية من رئيس الجمعية

حلت المأساة بڠوام في تشرين الثاني ١٩٦٢،‏ عندما اجتاح اعصار «كارِن» الجزيرة برياح بلغت سرعتها نحو ٣٢٠ كيلومترا في الساعة (‏٢٠٠ ميل/‏ساعة)‏،‏ قاتلا تسعة اشخاص ومخلّفا اضرارا بلغت ملايين الدولارات.‏ ومن المفرح ان احدا من الاخوة لم يمت،‏ ولكنهم خسروا قاعة ملكوتهم.‏ وعندما بدا ان لا امل في الحصول على بناء جديد،‏ اتت النجدة من اخت معتمدة حديثا اذ تبرَّعت بسخاء بأرض.‏ فبُنيت هناك قاعة ملكوت اكبر،‏ انتهى بناؤها في الوقت المناسب لزيارة اقليمية قام بها،‏ عام ١٩٦٤،‏ الاخ ن.‏ ه‍.‏ نور،‏ رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك.‏

وإذ كان الاخ نور يخطط ان تُعطى شهادة مكثفة لهذا الجزء من المسكونة،‏ عيَّن ستة مرسلين وصلوا حديثا للعمل في اجزاء مختلفة من ميكرونيزيا.‏ وقال لهم:‏ «فيما قد تبدو هذه المناطق اجنبية،‏ تذكَّروا انكم ما زلتم في موطنكم،‏ كوكب الارض.‏ المسيح وحده كان حقا مرسلا اجنبيا،‏ لأنه ترك السماء ليخدم هنا.‏ فابقوا في تعيينكم الى ان يتم العمل!‏»‏

في السنوات القليلة التي سبقت ذلك،‏ كان النظار الجائلون يقومون برحلة الى الجزر مرة كل سنة على متن سفينة شحن.‏ فكانوا يزورون الشهود القليلين جدا في الجزر،‏ ويكرزون حيثما كانت السفينة تتوقف،‏ وكانوا يمنحون تشجيعا اضافيا لكل مَن اظهر اهتماما في الزيارات السابقة.‏ فاقترح الاخ نور ان تُجرى الزيارات الدائرية مرتين في السنة بالطائرة.‏

النظار الجائلون يساهمون في الزيادة

ابتداءً من سنة ١٩٦٨،‏ كان نثانيَل ميلر،‏ ناظر جائل من هاواي،‏ يقوم بتلك الجولة الجوية في ميكرونيزيا.‏ وبما ان العديد من الميكرونيزيين الأكبر سنًّا كانوا يتكلمون اليابانية،‏ وميلر كان مرسلا في اليابان،‏ فقد كان اختيارا منطقيا لذلك التعيين الشاق.‏ ولماذا شاق؟‏ يتذكر ميلر:‏ «كان السفر جوا ذهابا وإيابا من هونولولو عبر تلك الجزر يغطي اكثر من ٠٠٠‏,١٤ كيلومتر (‏٠٠٠‏,٩ ميل)‏.‏»‏

وعند وصوله الى ڠوام،‏ وجد جماعة مثبَّطة.‏ فلم يكن هنالك نمو،‏ ولم تكن المقاطعة تغطى بانتظام.‏ فاقترح ميلر ان يُرسَل اربعة مرسلين اضافيين الى ڠوام،‏ وأن يُفتتح بيت ثانٍ للمرسلين في الطرف الجنوبي من الجزيرة.‏

وعام ١٩٦٩،‏ صارت ڠوام ومقاطعات ميكرونيزيا تحت اشراف فرع هاواي.‏ وابتداء من عام ١٩٧٠،‏ صار روبرت ك.‏ كاوازاكي الاكبر،‏ منسِّق لجنة فرع هاواي،‏ يزور ايضا ميكرونيزيا،‏ خادما المحافل الدائرية والكورية وبيوت المرسَلين مرة في السنة.‏

سرعان ما صارت نتائج هذا الاهتمام الشخصي من الرعاة الروحيين جلية.‏ فمحافل «اناس المشيئة الصالحة» الكورية لعام ١٩٧٠ التي عُقدت في ڠوام جذبت ذروة حضور تبلغ ٢٩١،‏ وزوَّدت الصحف،‏ الراديو،‏ والتلفزيون تغطية اعلامية يومية.‏ لكن كان هنالك بالتأكيد مجال لمزيد من العاملين في هذا الجزء من الحقل.‏ فمن اين كانوا سيأتون؟‏

كان روبرت وميلدرد فوجيوارا فاتحَين قانونيَّين يديران متجرا للبقالة في هاواي،‏ ولكنهما كانا يتوقان الى الخدمة حيث الحاجة اعظم.‏ فحققا هذا الحلم عام ١٩٧٠ بالانتقال الى ڠوام مع اولادهما الثلاثة الذين تتراوح اعمارهم بين ٨ و ١٦ سنة.‏ فهل كان هذا الانتقال مفيدا لهما ولأولادهما؟‏ لقد كبر الآن جميع اولادهما وتزوجوا،‏ وهم جميعا خدام غيورون ليهوه.‏ يخدم اثنان من الاولاد في فرع ڠوام،‏ والثالث فاتح.‏ وعندما وصلت عائلة فوجيوارا الى ڠوام كانت هنالك جماعة واحدة.‏ وكان لديهم فرح الاشتراك في العمل فيما ازداد عدد الجماعات الى تسع،‏ مع فريق اضافي.‏ وهذه الجماعات منظمة للاعتناء بالناس الذين يتكلمون ست لغات.‏ وأتت عائلات عديدة اخرى للمساعدة خلال سبعينات وثمانينات الـ‍ ١٩٠٠.‏

عنوان الفرع سهل التذكر

عام ١٩٧٦ دمر اعصار «پاميلا» قاعة ملكوت ڠوام التي بُنيت عام ١٩٦٤ ووُسِّعت عام ١٩٦٩.‏ قال اخ:‏ «بدت ڠوام وكأن محدلة قد سوَّت الجزيرة.‏»‏

وبدلا من اعادة بناء مكان الاجتماع الوضيع الحجم،‏ بُنيت تسهيلات فرع جديدة على شكل L،‏ وكانت تتألف من مكتب،‏ مطبعة،‏ ست غرف نوم،‏ وقاعة ملكوت واسعة تتسع لـ‍ ٤٠٠ شخص يمكن ان تُعقد فيها المحافل ايضا.‏ وقد بنيت بجدران من الباطون المسلَّح سمْكها ٢٠ سنتيمترا (‏٨ انشات)‏ لتصمد في وجه الاعاصير.‏ وعلَّق اخ كان قد انتقل من هاواي:‏ «لقد كانت كبيرة جدا بحيث اعتقدنا اننا لن نملأها ابدا.‏ فكان هنالك ١٢٠ شاهدا فقط في الجزيرة بكاملها وكنا نسرح ونمرح في ذلك المكان.‏» وبعد مجرد سنوات قليلة،‏ كادت تلك القاعة الضخمة تضيق بعدد الحضور في المحافل.‏

ان الاخ ميلر،‏ المعروف بمصافحته الحيوية وضحكته المميَّزة،‏ صار اول منسِّق للجنة فرع ڠوام.‏ وانضم اليه في اللجنة اخَوان مُختبَران ‏—‏ روبرت ساڤِدج،‏ الذي كان ناظر فرع في ڤيتنام،‏ وهيدِيو سوميدا،‏ الذي كان قد خدم في لجنة الفرع في هاواي.‏

عندما بُني الفرع،‏ كان البريد يُجمع من صندوق في مكتب البريد.‏ لكن في احد الايام،‏ اتى احد عمال الحكومة وأوضح انه كان يعيِّن عناوين للشوارع حتى يصير تسليم البريد ممكنا.‏ وفيما كان يرسم الرقم «١٤٣» على البناء،‏ سأله ميلر ماذا سيكون اسم الشارع.‏ فقال الرجل:‏ «لا اعرف.‏ لنبحث في الخريطة ونرَ.‏» ولدهشة ميلر،‏ كانت الحكومة قد سمَّت الشارع شارع يهوه.‏

مشاريع بناء «اصنعها بنفسك»‏

كان يلزم القيام بأعمال بناء اخرى.‏ وفي اوائل ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ وجد جيم پرسنڠر،‏ في الولايات المتحدة،‏ ان معمل الاسمنت الذي يملكه يستهلك الكثير من وقته،‏ فاختار وزوجته جين ان يبسِّطا حياتهما.‏ فصنعا مركبا شراعيا طوله ١٥ مترا (‏٥٠ قدما)‏ بدنه من الباطون،‏ وسمَّياه پترا،‏ وأبحرا الى ڠوام.‏ وقد تبيَّن ان مركب الزوجين پرسنڠر كان ذا فائدة عظيمة في مشاريع البناء.‏

بين عامي ١٩٨٢ و ١٩٩١،‏ بُنيت قاعات الملكوت وبيوت المرسلين على ست من الجزر الميكرونيزية.‏ ونقص مواد البناء جعل البناء تحديا.‏ فقد كان على الاخوة في بعض مشاريع البناء ان يصنعوا قطع الباطون يدويا.‏ فكانوا يسكبون الاسمنت في قالب صغير ويتركونه ليجمد.‏ وكانوا يصنعون الحصى بسحق المرجان،‏ وكان عليهم ان يجلبوا حاجتهم من الرمل.‏ وغالبا ما كان الـ‍ پترا يُستعمل لنقل المواد والعمال من جزيرة الى اخرى.‏ يوضح جيم پرسنڠر:‏ «عندما كنا نبني قاعة الملكوت في جزيرة شوك،‏ لم يكن بإمكاننا شراء الرمل من الجزيرة،‏ لذلك كنا نبحر الى جزيرة صغيرة غير مأهولة،‏ ونعبئ الرمل من الشاطئ في اكياس.‏ ثم كنا نحمِّل المركب الاكياس ونبحر راجعين الى موقع البناء.‏»‏

كانت لدى راي شولتس خبرة في الهندسة العسكرية،‏ وكان ناظرا لمعظم مشاريع البناء الميكرونيزية.‏ ونواة فريق عمله كانت تتألف من كالڤن آريي،‏ آڤري تيپل،‏ ومايلز اينويي،‏ الذين اتوا من هاواي للمساعدة على بناء الفرع الجديد ثم استقروا بڠوام.‏ وغالبا ما تدبَّروا معا امرهم مستخدِمين ما توفَّر لديهم لإنهاء مهمة معيَّنة.‏

مزيد من النمو تحت اشراف جديد

غادر الاخ ميلر ڠوام عام ١٩٨٧ عندما علم ان زوجته مصابة بمرض مميت.‏ فخلفه كمنسِّق للفرع آرثر وايت الطويل والنشيط،‏ الذي كان قد خدم في لجنتَي الفرع في هاواي وڠوام وكان يسافر ايضا عبر ميكرونيزيا كناظر كورة منذ سنة ١٩٨١.‏ وتحت اشرافه خضع فرع ڠوام لتغييرات عديدة.‏ فقد اضيفت قاعتا ملكوت الى مجمَّع الفرع،‏ وسُدَّت الحاجة الماسة الى مساحة اوسع للمكاتب والمصنع وأيضا الى المزيد من الغرف للسكن،‏ بواسطة مشروع بناء أُكمل عام ١٩٩٥.‏

ويخدم معه في لجنة الفرع جوليان أكي وسالڤادور سوريانو،‏ وهما مرسَلان منذ فترة طويلة في ميكرونيزيا.‏ ومن المحزن ان هيدِيو سوميدا،‏ الذي كان من اعضاء اللجنة الاولى،‏ مات بعدما ساهم في تأسيس الفرع في ڠوام طوال سنوات عديدة.‏

التكلُّم بلغات اجنبية

مع نمو جزيرة ڠوام،‏ نما عدد سكانها الاجانب.‏ وأُضيف بعض المرسَلين للاعتناء بالحقل التڠالوڠي،‏ الايلوكوِي،‏ الكوري،‏ والصيني.‏

وطوال ١٤ سنة كان إرنستو وڠلوريا ڠابريال يشهدان للجالية الفيليپينية،‏ التي تؤلِّف ربع عدد سكان ڠوام.‏ والجماعتان التڠالوڠية والايلوكوِية معا هما اكبر من اية من الجماعات الانكليزية الخمس في الجزيرة.‏

وصل المرسل الكوري جونڠ-‏سونڠ تشونڠ عام ١٩٨٥.‏ ويتذكر:‏ «كان الطقس حارا ورطبا جدا بحيث كنت وزوجتي نستحم عدة مرات في اليوم لازالة عرقنا.‏» غير انهما كانا يكرزان ساعات طويلة في الحر،‏ وساعد مثالهما في المثابرة على تأسيس جماعة صغيرة انما قوية.‏

وتُعطى شهادة مكثَّفة لسكان ڠوام.‏ فهنالك كمعدل شاهد واحد لكل ٢٦٢ من السكان.‏

كيريباتي:‏ يعرفوننا بـ‍ تي كُواوا

مع ان حق الملكوت وصل ڠوام اولا من الفيليپين،‏ فقد بلغ كيريباتي (‏التي كانت تُعرف آنذاك بجزر جيلبرت)‏ من نيوزيلندا.‏ كانت الجزر مستعمرة بريطانية،‏ وكانت هنالك قيود على كرازتنا،‏ لكنَّ هويا پاكستون مُنح اذنا بالدخول عام ١٩٥٩ بصفته صيدليّا وبقي هناك حتى عام ١٩٦٧.‏ فوجد مجموعة من الجزر المرجانية الحلقية الرائعة الجمال —‏ ضيقة جدا في الغالب،‏ وحارّة ورطبة دائما —‏ تمتد على كلا جانبَي خط الاستواء.‏

كان عمل هويا يأخذه الى كل جزر جيلبرت حيث كان يبحث مع زوجته بريل وابنيهما الصغيرين عن فرص للتكلم عن الكتاب المقدس.‏ وخلال نزهة،‏ سألت امرأة ابنهما ستيفن،‏ البالغ من العمر خمس سنوات،‏ هل الهه له اسم.‏ فأجاب ستيفن:‏ «نعم.‏ واسمه يهوه.‏» فدفع جوابه الآخرين الى طرح الاسئلة.‏ وسرعان ما صار الزوجان پاكستون يديران درسا في الكتاب المقدس مع فريق كبير كل يوم احد.‏

وقبل عودة عائلة پاكستون الى نيوزيلندا رتبوا لاجتماع خصوصي في جزيرة مرجانية حلقية غير مأهولة.‏ فأُلقي خطاب معمودية في ذلك النهار،‏ ورمز خمسة جيلبرتيين الى انتذارهم ليهوه بالتغطيس في الماء في البحيرة التي تحيط بها الجزيرة.‏ لكن من المحزن ان الغيرة التي اظهرها سكان الجزر هؤلاء في بادئ الامر خفَّت تدريجيا.‏

بعد ذلك،‏ ذهب رجل جيلبرتي اسمه ناريكي كاوتو الى اوستراليا ليتعلَّم المحاسبة.‏ وفيما كان هناك،‏ درس ايضا الكتاب المقدس مع شهود يهوه واعتمد.‏ يتذكر الاخ كاوتو:‏ «عندما عدت عام ١٩٧٨ مع عائلتي،‏ بدأنا نسأل هل هنالك اشخاص آخرون من شهود يهوه في كيريباتي.‏» وسرعان ما ادرك ان شهود يهوه كانوا غير معروفين عمليا في هذه الجزر.‏ يقول:‏ «وجدنا زوجَين مسنَّين ورجلا آخر وأولاده،‏ لكن لم يكن هنالك اجتماعات منظمة،‏ ولم يكن ايّ من مطبوعات الجمعية متوفِّرا باللغة الجيلبرتية.‏ فابتدأنا نجتمع كل يوم احد.‏ كنا نصلّي،‏ نقرأ في الكتاب المقدس،‏ وبما انني كنت الوحيد الذي يعرف قراءة الانكليزية،‏ كنت اوضح شيئا من مطبوعات الجمعية.‏»‏

قاعة الملكوت —‏ اكثر من مجرد بناء

عام ١٩٨٢ عُزِّز الفريق الصغير في كيريباتي بوصول پول وماريانا تابونيڠاو،‏ مرسلان كانا قد عُيِّنا هناك.‏ فعُقدت الاجتماعات في بيت المرسلين ثم نُقلت الى غرفة صف،‏ لكنَّ شهود يهوه لم يُعتبَروا «دينا حقيقيا» إلّا بعد ان بُنيت قاعة ملكوتهم عام ١٩٩١.‏ قام متطوعون من دول عديدة بمعظم العمل،‏ وتعجَّب الناس المحليون من ان «غرباء» يقدمون وقتهم ومالهم ليساعدوا في البناء.‏ وبذلك صارت قاعة الملكوت دليلا ملموسا على الوحدة الحبية بين شعب يهوه.‏

نتيجة لذلك،‏ انجذب كثيرون الى الحق.‏ قالت اخت اعتمدت بُعيد انتهاء مشروع البناء:‏ «تأثرت بعمق بواقع ان هذه الجماعة الصغيرة كانت تنال مساعدة زائرين من بلاد اجنبية.‏» وقد ازدادت هذه الجماعة «الصغيرة» من ٢٨ ناشرا عام ١٩٩٠ الى نحو ٧٠ اليوم،‏ مما يجعلها احدى الجماعات الاسرع نموا في ميكرونيزيا.‏

كتب الجمعية تنال تقديرا رفيعا

رغم وجود بعض النشرات والكراسات،‏ لم يكن إلّا بعد وصول كتاب يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض عام ١٩٩٤ انّ السكان المحليين تمكَّنوا من قراءة احد كتب الجمعية بلغتهم الخاصة.‏ يقول ادي پوساماي،‏ وهو مرسل يخدم هو وزوجته بأمانة:‏ «ليس هنالك إلّا مطبوعات قليلة من ايّ نوع باللغة الجيلبرتية،‏ ولا شيء ابدا يشبه هذا الكتاب من حيث النوعية.‏»‏

صدر كتاب ان تحيوا الآن بست لغات ميكرونيزية،‏ وكان للطبعة الجيلبرتية وقع كبير.‏ وقد حث هذا الكتاب العديد من سكان الجزر على درس الكتاب المقدس.‏ حتى ان البعض شوهدوا وهم يأخذون نسختهم من كتاب ان تحيوا الى الكنيسة.‏

ابتكر الناس في كيريباتي على نحو تحببي اسماء مستعارة ليصفوا الاديان الموجودة في جزرهم.‏ فلأن الپروتستانت يغمضون اعينهم عندما يصلّون،‏ فهم يُعرفون بـ‍ كماتو،‏ التي معناها «ينوِّم.‏» والسبتيون يُعرفون بـ‍ إيتيبونڠ،‏ او «الايام السبعة.‏» فماذا يسمّون شهود يهوه؟‏ يسمّونهم تي كُواوا،‏ التي تعني بكل بساطة «الحق.‏»‏

جزر مارشال:‏ فرصة للخدمة

كان هنالك شهود في ڠوام منذ اكثر من عشر سنوات قبلما حمل زوجان اميركيان مغامران البشارة الى جزر مارشال،‏ التي تقع على بعد نحو ٢٠٠‏,٣ كيلومتر (‏٠٠٠‏,٢ ميل)‏ جنوبي شرقي ڠوام.‏ فقد كان پاوِل ميكِلْسِن وزوجته نايوما ينويان الذهاب الى جزر بَهاما ليخدما حيث الحاجة اعظم،‏ ولأجل ذلك،‏ اشتريا مركبا شراعيا طوله ١٠ امتار (‏٣٤ قدما)‏ سمَّياه استقامة.‏ لكن قبل ان يتمكَّنا من الشروع في رحلتهما،‏ عُرضت على پاوِل وظيفة الاشراف على بناء محطة توليد كهرباء كبيرة في جزر مارشال.‏ وشجعته جمعية برج المراقبة على قبول المنصب.‏ فبسبب القيود القانونية التي كانت موضوعة آنذاك على دخول الاجانب الى جزر مارشال،‏ لم يكن فيها شهود البتة.‏

وفيما كان الاخ ميكِلْسِن يهتم بمسؤولياته المتعلقة ببناء محطة توليد الكهرباء،‏ كان يستفيد وزوجته قدر الامكان من ظرفهما ليساعدا سكان الجزر روحيا.‏ وفي سنة ١٩٦٠ وصلا الى جزيرة كواجالاين المرجانية الحلقية ورسوَا لاحقا في جزيرة ماجورو المرجانية الحلقية،‏ حيث تعلَّما اللغة المارشالية.‏ وعندما كانا يكرزان،‏ نادرا ما كان سكان الجزر الودودون يرفضون السماع،‏ وبحلول عام ١٩٦٤،‏ كان پاوِل ونايوما يديران ١٢ درسا في الكتاب المقدس،‏ بما فيها درس مع الـ‍ ايرويج لاپ لاپ (‏الملك الاعلى)‏ في ماجورو.‏

عام ١٩٦٥،‏ انضم جوليان أكي وملڤن آه يو،‏ وكلاهما مرسَلان،‏ الى الزوجَين ميكِلْسِن،‏ وخلال بضعة اشهر فقط،‏ كان هذان الاخوان الحماسيان قد تعلّما ما يكفي من اللغة المارشالية ليقدِّما موعظة بسيطة وكانا قد بنيا ايضا بيتا للمرسلين له شكل الحرف A.‏

ولتزويد مكان للاجتماعات،‏ أُنشئت قاعة ملكوت مؤقتة بمد الشراع الرئيسي لمركب الاستقامة فوق عدة اعمدة من جذوع الكاذي المغروسة في الارض.‏ قال الاخ ميكِلْسِن:‏ «كلَّما زاد عدد جموعنا،‏ اضفنا اشرعة اكثر.‏» وأضاف:‏ «واستعملنا بعد ذلك الشراع المَظين؛‏ ثم بعد ذلك بقليل الشراع المثلث.‏ وحين لم يعد هنالك اشرعة،‏ حان الوقت لبناء قاعة ملكوت ‹لائقة›.‏»‏

سكان الجزر يتأثرون بالمرسلين الجدد

عند بداية سنة الخدمة ١٩٦٦،‏ قرر الاخوان أكي وآه يو انه حان الوقت ليتعرفا اكثر بمقاطعتهما،‏ ولذلك حجزا مكانا على متن سفينة شحن معدنية البدن كانت تتوقف في الجزر المرجانية الخارجية لجزر مارشال.‏ وكان ايضا على متن رحلة الاستكشاف هذه التي دامت ٢٤ يوما خادم ديني پروتستانتي متزوج حديثا كان قد مضى على وجوده في الجزر ثلاث سنوات.‏ وكانت الاعلانات بواسطة الراديو تُعلم كل جزيرة مرجانية ان «الكاهن» وزوجته سيصلان عما قريب.‏ وكم خاب امل سكان الجزر عندما تكلم الخادم الديني من خلال مترجم!‏ فلم يكن قد كلَّف نفسه عناء تعلّم اللغة المارشالية.‏

وعندما حذّر هذا الخادم الديني سامعيه طالبا منهم ان يتجنَّبوا «الراعيَين الزائفَين» اللذَين كانا على متن السفينة،‏ صار الناس اكثر شوقا الى رؤية مرسلَي شهود يهوه،‏ اللذَين كانا يتكلمان لغتهم المارشالية ويخبرانهم امورا رائعة من الكتاب المقدس.‏ وتكرارا كانوا يتوسَّلون اليهما:‏ «ابقيا معنا وعلِّمانا الكتاب المقدس.‏ سنهتم باحتياجاتكما.‏ ابقيا معنا فقط حتى تصل السفينة التالية!‏»‏

صدمة حضارية لناظر الدائرة

عندما سافر نثانيَل ميلر بالطائرة من هاواي في رحلته الدائرية الاولى عبر ميكرونيزيا عام ١٩٦٨،‏ اخذته المرحلة الاولى من رحلته الى ماجورو.‏ وهو يتذكر:‏ «اذكر اول مرة شاهدت فيها الجزر المرجانية الحلقية الصغيرة جدا التي تشكل جزر مارشال.‏ هبطنا بطائرة الـ‍ دي سي ٩ لنحط،‏ لكننا علونا مجددا ودرنا حول المطار.‏ وإذ نظرت الى اسفل،‏ رأيت رجالا يطردون خنازير من على المدرج لإخلائه لكي نحط.‏ وكان هنالك عائق آخر وهو سيارة متوقفة على المدرج.‏ فحملتها مجموعة من الرجال وأبعدوها!‏»‏

بالنسبة الى شخص آتٍ من هونولولو،‏ كان ذلك صدمة حضارية.‏ فمطار ماجورو كانت لديه «قاعة مسافرين» في الهواء الطلق مبنية من سعف اشجار جوز الهند،‏ ومدرج من مرجان.‏ قال ميلر:‏ «لم اكن معتادا فكرة ارتطام الحجارة المرجانية بهيكل الطائرات وهي تحط.‏» وعندما وطئ الارض،‏ وُضع هو وحقائبه في مؤخر شاحنة وأُخذ الى بيت المرسلين على طريق غير مستوية وغير معبَّدة.‏

في ذلك الوقت كان سقف قاعة الملكوت من القصدير ولم يكن لها جدران،‏ وكانت ارضها من التراب اليابس فقط.‏ يروي ميلر:‏ «تكلمت بواسطة مترجم الى فريق صغير مؤلف من ٢٠ شخصا في زيارتي الاولى.‏» ويضيف قائلا:‏ «وقطع الخطاب خنزير كبير دخل يجول في قاعة الملكوت!‏»‏

اين هم الموتى —‏ حقا؟‏

تعزِّز الكنائس المارشالية بعض المعتقدات غير العادية البتة.‏ ففي احد الايام،‏ اراد وليَم ماديسون،‏ وهو شمّاس پروتستانتي،‏ ان يختبر جوليان أكي فقال له:‏ «في فيلبي،‏ كتب بولس ان ‹كل ركبة ممَّن في السماء ومَن على الارض ومَن تحت الارض ستجثو ليسوع.‏› وسؤالي هو التالي:‏ ‹مَن هم الذين تحت الارض؟‏›» (‏فيلبي ٢:‏١٠‏)‏ عندما اوضح الاخ أكي انهم الموتى الذين سيقامون،‏ طار وليَم فرحا.‏ فقد كان منزعجا من تعليم كنيسته ان الذين «تحت الارض» هم الـ‍ ري مينانووي،‏ اي «الناس الصغار» الذين،‏ بحسب الاساطير المارشالية،‏ لا يظهرون فوق الارض إلّا في سكون الليل.‏

فرتَّب وليَم فورا ان تدرس عائلته الكتاب المقدس مع الاخ أكي،‏ واعتمد وزوجته ألمينا معا عام ١٩٦٦.‏ وهو يخدم كشيخ منذ عام ١٩٨٣،‏ فيما تخدم هي كفاتحة قانونية منذ ٢٨ سنة،‏ اكثر مما خدم ايّ شخص آخر في ميكرونيزيا.‏

تعلِّم الكنائس المارشالية ايضا ان الهاوية قدر حديدية كبيرة في السماء يُسلق فيها الخطاة في ماء يغلي.‏ وكان سايلاس اندريكي ككثيرين غيره يؤمن بعقيدة «الموت في السماء» هذه.‏ لكن عندما أُظهر له من الكتاب المقدس ان الموتى يعودون الى التراب،‏ قبِل سايلاس الحق واعتمد عام ١٩٦٩.‏ (‏تكوين ٣:‏١٩‏)‏ وقد لعب دورا اساسيا جدا في الحصول على قطعة ارض من اجل قاعة ملكوت جديدة،‏ وصار ايضا اول مترجم مارشالي.‏ وتشكَّلت جماعة في ماجورو عام ١٩٦٧.‏ وإذ صارت المسؤولية على عاتق اخوة محليين مثل وليَم وسايلاس،‏ تمكَّن جوليان أكي ودونالد برڠس،‏ وهو مرسل كان قد وصل حديثا،‏ من الانتقال الى ايباي،‏ وهي جزيرة مرجانية حلقية صغيرة جدا في جزر مارشال الغربية.‏

تعادل مساحة ايباي مساحة اربع مجموعات ابنية تقريبا،‏ ولم يكن عدد سكان الجزيرة المارشاليين يتعدى بضع مئات الى ان ارتفع الى اكثر من ٠٠٠‏,٨ بسبب وجود وظائف عسكرية اميركية مربحة في جزيرة كواجالاين المرجانية المجاورة.‏ وكل يوم ينتقل سكان الجزيرة على متن عبّارة ليعملوا في القاعدة العسكرية الكبيرة في كواجالاين.‏

بث راديوي الى المارشاليين

استُعمل الراديو كوسيلة للكرازة في كل انحاء ميكرونيزيا،‏ لكنه استُغِلّ اكثر في جزر مارشال.‏ وإذاعة WSZO،‏ التي تُعرف بـ‍ «الصوت الذهبي لجزر مارشال،‏» تقدِّم للمستمعين شيئا اثمن ايضا من الذهب.‏ فمنذ عام ١٩٧٠،‏ ينتج شيوخ جماعة ماجورو خطابات اسبوعية على الراديو مدتها ١٥ دقيقة باللغة المارشالية،‏ وهي مصمَّمة خصوصا لتبلغ الناس في الجزر المرجانية البعيدة.‏ ولا يسَع المرسلين إلّا ان يبتسموا حين يسمعون الناس من طوائف اخرى يصفرون الترنيمة الافتتاحية للبرنامح:‏ «نحن شهود ليهوه!‏»‏

القليلون يصيرون كثيرين

ان الاخوة المارشاليين هم مثال بارز للمحبة والغيرة.‏ وروبرت ساڤِدج،‏ الذي كان يزور جزر مارشال كناظر جائل في اواخر سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ يذكر الترحيب الذي كان يناله وزوجته في قاعة الملكوت.‏ فيقول:‏ «كان اكثر من مئة اخ وأخت يقفون في دائرة وكان كل واحد منهم يصافحنا ويرحِّب بنا.‏ وترنيمهم لترانيم الملكوت كان في غاية الروعة!‏ فدون ايّة مرافقة موسيقية،‏ كان الاخوة والاخوات يرنمون بتناغم،‏ منتجين لحنا رائعا.‏»‏

كليمنتي ويونيس آرينييڠو هما مرسلان منذ ٢٨ عاما،‏ وقد خدما في جزر مارشال منذ عام ١٩٧٧ ورأيا نموا مدهشا خلال ذلك الوقت.‏ وعندما وصل جوليان ولورين كانامو الى ماجورو كمرسلَين عام ١٩٨٢،‏ كان معدل الحضور في الاجتماعات العامة ٨٥.‏ أما الآن فهنالك جماعتان،‏ ويبلغ معدل الحضور نحو ٣٢٠.‏ فلماذا ازدهر العمل؟‏ يوضح الاخ كانامو:‏ «ليست هذه الجزر فردوسا على الاطلاق.‏» ويتابع:‏ «فمشاكل القلب،‏ السفلس،‏ والداء السكري شائعة،‏ وقد ابتُليت الجزر بوفيات الرضع.‏ وأصاب الأيدز البعض ايضا.‏ والناس مستاؤون،‏ وهم يلتفتون الى الحق.‏»‏

سايپان:‏ مواجهة التحدي

يزدهر الحق في سايپان ايضا،‏ لكنَّ الامر لم يكن دائما كذلك.‏ فقد كان المرسلان الاولان يتفاديان الحجارة التي كانا يُرميان بها نهارا،‏ ويقيمان في بيت «مسكون» ليلا.‏ وفي النهاية استلزم الامر اعصارا لكي تنفذ رسالة الملكوت الى هذه المقاطعة الصعبة.‏

عندما ذهب ارنست وكاي مانيون الى سايپان عام ١٩٦٢،‏ وجدا ان الكنيسة الكاثوليكية تسيطر على الجزيرة.‏ وكانت تلك الديانة الوحيدة التي عرفها الناس المحليون،‏ ويُزعم انه،‏ لإبقاء الحالة على هذا النحو،‏ اتلف الكاهن الاعلى الكتب المقدسة القليلة التي كان يملكها اعضاء كنيسته.‏ ونتيجة لذلك،‏ لم يكن الناس المحليون يؤمنون بالكتاب المقدس،‏ والمحزن هو ان قليلين منهم كانوا قد شاهدوا كتابا مقدسا في حياتهم.‏

وكانت المقاطعة صعبة جدا بحيث انه عندما وجد الزوجان مانيون انه من الضروري ان يغادرا سايپان عام ١٩٦٦،‏ لم يكن سوى شخص واحد قد اظهر اهتماما صادقا.‏ لكنَّ روبرت وشارون ليڤنڠستون ابتدأا من حيث توقف الزوجان مانيون.‏

يتذكر الاخ ليڤنڠستون:‏ «حين كنا نقترب من شارع،‏ غالبا ما كانت كل الابواب والنوافذ تغلق،‏ فكنا احيانا نخدم كل فترة قبل الظهر دون ان يفتح لنا احد الباب.‏ وكان الصبية الصغار يرموننا بالحجارة من بعيد،‏ وغالبا ما كانت شارون هدفا لتعابيرهم وإيماءاتهم البذيئة.‏ وكان بعض الناس يفلتون كلابهم علينا،‏ والنساء العجائز كن يرسمن اشارة الصليب عند مرورنا،‏ لكي يحمين انفسهن دون شك من الشر.‏»‏

هل يجب ان يغادر المرسلون الجزيرة؟‏

تنتشر الارواحية في كل انحاء ميكرونيزيا،‏ وبيت المرسلين في سايپان،‏ وهو بيت مستأجَر،‏ كان يقع في منطقة منعزلة تحدث فيها ليلا امور لا تفسير لها.‏ فانتقل المرسلون،‏ وموقع بيت المرسلين اليوم هو مثالي،‏ فهو قرب المحيط،‏ في جوار طريق رئيسية.‏

بعد ان كُرز ببشارة الملكوت خمس سنوات في سايپان،‏ أُجري عرض عام لأحد افلام الجمعية.‏ ولم يحضر سوى شخص واحد —‏ امرأة كانت قد درست على نحو متقطِّع طوال اربع سنوات،‏ وكانت مع ذلك تختبئ من وقت الى آخر من المرسلَين.‏ كانت قد مضت سنتان على وجودهما في تعيينهما ونادرا ما تكلما مع احد.‏ فهل كان ينبغي ان ‹ينفضا غبار ارجلهما› ويغادرا سايپان؟‏ —‏ متى ١٠:‏١٤‏.‏

الاعصار يقنع الناس بالاستماع

حينما بدا للمرسلَين ان لا احد سيستمع ابدا،‏ ضرب اعصار مدمِّر عام ١٩٦٨ وأقنع الناس بأن يتنبَّهوا لما كان شهود يهوه يقولونه.‏ فقد اجتاح اعصار «جين» سايپان برياح بلغت سرعتها ٣٢٠ كيلومترا في الساعة (‏٢٠٠ ميل/‏ساعة)‏ ودمَّر ٩٠ في المئة من المباني في الجزيرة.‏ وقالت تلميذة الكتاب المقدس المتقطِّعة:‏ «اعتقدت انها كانت هرمجدون.‏»‏

قال الاخ ليڤنڠستون:‏ «اتذكر بوضوح كيف كنا متقوقعَين تحت طاولة المطبخ.‏ كنا نشاهد مشدوهَين فيما كانت الجدران والسقف تنتفخ نحو الخارج وتنحني الى الداخل تحت ضغط الرياح.‏ وكان الضجيج كهدير طائرة نفاثة على اهبة الاقلاع ترافقه جرجرة قطار للشحن.‏ صلَّيت الى يهوه ان يبسط خيمة حمايته فوقنا.‏ ولكن،‏ لكي تسمع شارون صلاتي،‏ كان عليّ ان اصرخ بأعلى صوتي في اذنها.‏»‏

فهل استجيبت الصلاة؟‏ مع ان مدرسة وديرا كاثوليكيَّين في الجوار دُمِّرا تدميرا شاملا،‏ بقي بيت مرسلي شهود يهوه الخشبي القديم واقفا.‏ مرّ الاعصار في الصباح،‏ وعُقدت الذكرى السنوية لعشاء الرب في تلك الامسية.‏ ومع ان كل الجزيرة كانت في اضطراب،‏ اجتمع اربعة اشخاص بسلام على ضوء الكاز في بيت المرسلين.‏ فابتدأ اناس عديدون في سايپان يتساءلون هل جلب اللّٰه العاصفة ليعاقبهم.‏

المثابرة تُكافأ

اخيرا،‏ اتخذت المرأة التي كانت قد درست لأربع سنوات موقفها الى جانب الحق واعتمدت في ٤ تموز ١٩٧٠.‏ واعتمد ايضا في ذلك اليوم اوڠسطين (‏ڠس)‏ وتايكو كاسترو.‏ في احدى الفترات،‏ كان ڠس يدرس ليصير كاهنا كاثوليكيا،‏ لكنَّ تايكو هي من كانت تبحث عن الحق.‏ وعندما وجدته،‏ بدأت فورا تحضر الاجتماعات.‏

لم يقتنع ڠس بسهولة،‏ وهو رجل من شعب الشامورو هادئ ومظهره مميَّز.‏ قال:‏ «كل يوم احد كنت أُدعى الى الاجتماعات لكنني كنت ارفض الحضور بسبب خوف الانسان.‏ فلم اكن اريد ان يراني الناس في الاجتماعات.‏ فكنت مقرَّبا جدا من الكهنة،‏ وكان والداي كاثوليكيَّين مخلصَين.‏ فكانا سيعتقدان انني فقدت صوابي.‏»‏

ظن ڠس ان مأزقه انتهى عندما أُرسل الى هاواي مدة ستة اشهر ليتدرب على وظيفة.‏ لكنه في احد الايام وجد ملاحظة تحت بابه يُطلب منه فيها ان يتصل بفاتح محلي.‏ فقد كتب المرسلان في سايپان الى اصدقاء لهما في هاواي وطلبا ان يتصل به احد.‏ رفض ڠس عروضا عديدة لدرس الكتاب المقدس،‏ لكنَّ الاخ الفاتح كان مثابرا.‏ فقال له انه اذا كانت ساعة في الاسبوع كثيرة عليه،‏ يمكنهما ان يدرسا مدة ٣٠ دقيقة.‏

‏«قبلتُ اخيرا ان ادرس مدة ١٥ دقيقة في الاسبوع،‏» يتذكر ڠس.‏ «لكن ليس لأنني كنت اريد ان ادرس الكتاب المقدس.‏ فهدفي كان ان اجد خطأ واحدا فقط لأُنهي الدرس.‏» فارتدَّت خطته عليه.‏ وتبيَّن ان الدرس مشوِّق للغاية حتى ان ڠس سرعان ما طلب ان يُعقد مدة ساعة مرتين في الاسبوع.‏

يخدم الاخ كاسترو كشيخ في جماعة سايپان لسنوات عديدة.‏ وقضى ابنه الاول ثلاث سنوات في بتل بروكلين وتخرجت ابنته الكبرى من مدرسة جلعاد عام ١٩٩٠ لتصير مرسلة.‏ ولديه ابن آخر هو شيخ اليوم،‏ وابنة اخرى فاتحة.‏

رياء الكنيسة يجعل البعض يلتفتون الى الحق

جعلت عوامل كثيرة المقاطعة في سايپان تلين.‏ وأحدها هو ان اصرار شهود يهوه صار موضع اعجاب.‏ فمنذ سنوات،‏ لاحظ رسمي في المقاطعة التي تحت الوصاية ان عمل الشهود الكرازي يسبِّب ضجة ليست بقليلة في المجتمع،‏ فسأل اخا عن عدد اعضاء الجماعة.‏ وعندما اخبره الاخ انهم ١٢،‏ اجاب الرسمي:‏ «اثنا عشر!‏ من الطريقة التي تكلَّم بها الناس في سايپان،‏ اعتقدت انه لا بد ان تكونوا مئة!‏»‏

ورياء الكنيسة الكاثوليكية ايضا جعل الناس ينتبهون لرسالة الملكوت.‏ ففي ما مضى،‏ كان الكهنة يعلّمون الشعب ان «الپروتستانت هم اردياء مثل ابليس.‏» ولاحقا اخبر الكهنة اعضاء رعيتهم ان شهود يهوه «اردأ من الپروتستانت،‏» مما دفع الناس ذوي القلوب المستقيمة الى ان يسألوا:‏ «كيف يمكن ان يكون ايّ شيء اردأ من ابليس؟‏»‏

لقد تغيّر موقف الناس من الحق بشكل جذري جدا بحيث ان سايپان اليوم لديها افضل نسبة ناشرين الى السكان في ميكرونيزيا —‏ ١ الى ٢٧٦.‏ وعام ١٩٩١،‏ أُكملت قاعة ملكوت من الباطون تتسع لـ‍ ٣٥٠ شخصا،‏ وهنالك اليوم جماعتان كبيرتان تجتمعان هناك،‏ واحدة انكليزية والاخرى تڠالوڠية.‏

البشارة تنتشر بقوة في تينيان

من سايپان،‏ بلغت البشارة تينيان،‏ جزيرة صغيرة تبعد اقل من ثمانية كيلومترات (‏٥ اميال)‏.‏ والمطَّلعون على تاريخ الحرب العالمية الثانية يعرفون انه من تينيان اقلعت الـ‍ إنولا ڠاي،‏ قاذفة القنابل الاميركية من طراز ب-‏٢٩ لتلقي قنبلة ذرية على هيروشيما باليابان.‏ وابتداء من عام ١٩٧٠،‏ كان الشهود من سايپان يقضون نهايات الاسابيع من وقت الى آخر موزِّعين مجلات برج المراقبة و استيقظ!‏ في تينيان.‏ وكانت هذه المجلات تظهر انه وفقا لتصميم يهوه،‏ حان الوقت لمحبّي البر من كل الامم ان يطبعوا سيوفهم سككا ولا يتعلَّموا الحرب في ما بعد.‏ —‏ اشعياء ٢:‏٤‏.‏

إلّا انه لم يكن ايّ شاهد يعيش في تينيان الى ان وصل،‏ في نيسان ١٩٩٢،‏ روبرت ولي مورو،‏ اللذان كانا قد خدما في ايرلندا.‏ غير ان البذار كانت قد زُرعت.‏

ان جوزف مانڠلونيا،‏ ابن العمدة،‏ والذي كانت عائلته ذات النفوذ السياسي تضم عددا من المشترعين في تينيان،‏ ادرك قيمة ما كان يقرأه في برج المراقبة و استيقظ!‏،‏ فقرر انه وجد الحق،‏ وكان يخبر الآخرين عنه.‏ وفي محاولة لثنيه عن المعمودية،‏ عرض عليه اقرباؤه وظيفة سياسية ذات دخل عالٍ يمكن ان تعيل على نحو مريح زوجته وولديه.‏ لكنَّ جوزف اجاب:‏ «سوف يدمر يهوه اللّٰه حكومتكم عمّا قريب.‏ فلماذا اريد ان اكون جزءا منها؟‏» وقد دفع موقفه الجريء العديد من اقربائه الى الانضمام اليه في خدمة يهوه.‏

بعد ان مُنحت المساعدة الشخصية باستمرار للمهتمين،‏ لزمت سنتان فقط لتتأسس جماعة مزدهرة من ٢٤ ناشرا.‏ واليوم هنالك بيت مرسلين وقاعة ملكوت في تينيان.‏

شوك:‏ البداية في كوخ من مواد جاهزة

بعد سايپان،‏ اتى دور جزر شوك (‏تروك سابقا)‏ في الاستفادة من الخدمة القانونية لمرسلي برج المراقبة.‏ كان ميرل لوماستر قد زار هذه الجزر زيارة قصيرة عام ١٩٦١،‏ لكن عام ١٩٦٥،‏ اتى پول وليليان وليامز وسكنا في شوك —‏ وكانا اول المرسلين الاكثر من ٣٠ الذين تكيَّفوا مع الظروف البدائية هنا.‏

عندما وصلا الى جزيرة موين الرئيسية عام ١٩٦٥،‏ كان من الصعب عليهما ان يجدا بيتا للمرسلين بسبب التعصب الديني.‏ وأخيرا عرض عليهما مدير متجر ان يؤجرهما نصف كوخه المصنوع من مواد جاهزة.‏ فأغضب ذلك الكهنة الكاثوليك الى درجة انهم ذهبوا مباشرة الى زعيم القرية وطلبوا ان يُطرد شهود يهوه من الجزر.‏ فأجاب الزعيم:‏ «لقد اتيتم الينا منذ سنوات وقلتم لنا ان يحب واحدنا الآخر،‏ فلماذا تقولون لنا الآن ان نبغض؟‏» فعجز الكهنة عن الاجابة.‏ وبقي المرسلان.‏

كان ايجاد الاهتمام سهلا،‏ وسرعان ما صار يُعقد ٣٠ درسا في الكتاب المقدس في هذه الجزر،‏ التي كانت في ما مضى اهم قاعدة بحرية لليابان في الحرب العالمية الثانية.‏ وقد دمرت قاذفات القنابل الاميركية جزءا كبيرا من الاسطول الياباني هنا،‏ واليوم يأتي الغطّاسون بالمنشاق وبأجهزة التنفس المستقلة من كل انحاء العالم الى البحيرة التي تحيط بها جزيرة شوك ليستكشفوا مقبرة السفن والطائرات الغارقة تحت الماء.‏ أما الذين يخصصون الوقت ليتعرَّفوا بالناس فيفتتنون من ناحية اخرى.‏ وقد تضحِكهم الاسماء الغريبة.‏ فقد يلتقون شخصا اسمه «بير» (‏بيرة)‏،‏ «وِسپر» (‏همسة)‏،‏ «پادلوك» (‏قفل)‏،‏ او «سنو وايت» (‏الثُّلَيجة البيضاء)‏.‏ وقد سمَّى رجل ابناءه الثلاثة «سردين،‏» «تونة،‏» و «سپام» (‏نوع من اللحم المعلَّب)‏.‏

ومن اوائل سكان جزر شوك الذين درسوا الحق مع الزوجَين وليامز كانت زوجة مدير المتجر،‏ كيومي شيراي،‏ وكانت پروتستانتية متديِّنة ومسؤولة في جمعية الشابات المسيحيات.‏ ولم يكن زوجها يريد ان تغيِّر دينها،‏ وقد انفصل عنها عندما اعتمدت كواحدة من شهود يهوه.‏ وكانت معمودية كيومي حديث الجزيرة وذلك جزئيا لأنها اعتمدت في المحيط حيث امكن الجميع ان يروا ذلك.‏ وإلى اليوم،‏ لا تزال تُجرى المعموديات في بعض الجزر الميكرونيزيّة في المحيط.‏

بعدما تركها زوجها،‏ انتقلت كيومي الى دوبلون،‏ جزيرة قريبة في مجموعة شوك.‏ فكرزت بغيرة،‏ وسرعان ما غطت كل الجزيرة باستثناء بيت واحد يقع في اعالي تلة.‏ فقد تجنبت ذلك البيت،‏ لأن المرأة العجوز التي كانت تسكنه كانت معروفة بأنها وسيطة ارواحية.‏ لكن في احد الايام دفع شيء كيومي الى تسلق تلك التلة الشاهقة.‏ ولدهشتها،‏ رحبت المرأة العجوز،‏ اميكو كاتا،‏ برسالة الملكوت التي كانت تحملها،‏ ومع الوقت صارت هي ايضا فاتحة غيورة‏.‏

اخوات كثيرات لكن اخوة قليلون

يواجه الشهود في شوك تحديا خصوصيا.‏ فالاخوة،‏ وخصوصا العزّاب منهم،‏ نادرون جدا!‏ فلا يوجد سوى اخوَين تروكيَّين معتمدَين —‏ وكلاهما متزوجان.‏ فمجتمع هذه الجزر اموميّ،‏ ومعظم الرجال معروفون بالسكر،‏ الشجار،‏ والفساد الادبي.‏ وهذا يفسِّر لماذا هنالك اليوم خمسة اخوة مرسلين يخدمون وحدهم كشيوخ في الجماعات الصغيرة في ثلاث جزر منفصلة —‏ موين،‏ دوبلون،‏ وتول.‏ وفي الواقع،‏ قبل وصول المساعدة من المرسلين،‏ كانت جماعة موين تتألف وقتيا من ٢٣ امرأة.‏

يقول دايڤيد فيستر،‏ احد المرسلين:‏ «يمكن ان يكون هذا امتحانا حقيقيا لأخواتنا.‏ فالفتيات الصغيرات ينشأن وتكبر معهن فكرة تربية الكثير من الاولاد،‏ لكن لا يوجد في الوقت الحاضر شبان في جماعتنا يمكن ان يتزوجوهن.‏ وتمتلك بعض اخواتنا محبة عميقة ليهوه،‏ ويحترمن مشورة الكتاب المقدس ان ‹يتزوجن في الرب فقط.‏› (‏١ كورنثوس ٧:‏٣٩‏)‏ أما بالنسبة الى الاخريات،‏ فهذا يمنعهن من خدمة يهوه.‏»‏

قضى سالڤادور سوريانو،‏ وهو الآن عضو في لجنة فرع ڠوام،‏ ١٤ سنة مرسلا في دوبلون حيث كان الاخ الوحيد.‏ وهو يقول:‏ «ذكَّرني ذلك بالمزمور ٦٨:‏١١ التي تقول ان النساء المبشرات جند كثير.‏»‏

رحلة غير عادية الى قاعة الملكوت

يستعمل دائما المرسلون في كل انحاء ميكرونيزيا سياراتهم او شاحناتهم الصغيرة ليساعدوا الناس على الوصول الى الاجتماعات،‏ لكن هنالك وسيلة نقل ربما لم يجربها سوى باراك بومان.‏ فعندما تدهورت صحة اخت ممتلئة الجسم في الـ‍ ٧٠ من عمرها ومنعتها من السير مسافة ثلاثة كيلومترات (‏٢ ميل)‏ لبلوغ قاعة الملكوت،‏ حاول باراك ان يبتدع طريقة ليساعدها.‏ فقال لها:‏ «ارغب في ان اوصلك الى الاجتماع،‏ لكن ليس لديّ سوى عربة يد لاستعمالها.‏» ولدهشته اجابته:‏ «موافقة،‏ لا مانع عندي.‏»‏

ويمكنكم ان تتصوروا المشهد فيما كانا يجريان في الدرب في طريقهما الى الاجتماع —‏ وأيضا الجهد الذي كان لازما من جهة باراك.‏ فكان يغادر البيت في السابعة صباحا بعربة يد فارغة،‏ ويعود الى القاعة وأختنا على متنها في الوقت المناسب الذي يبدأ فيه البرنامج في التاسعة والنصف صباحا.‏

اسفرت غيرة شهود يهوه للخدمة وتقديرهم للاجتماعات عن نتائج جيدة.‏ وفي الواقع،‏ كان حضور الذكرى لعام ١٩٩٥ اكثر من عدد الشهود في شوك بعشر مرات!‏

پونپاي:‏ تنمية الثمار الروحية

لم يكن وليَم وأديلا ياپ اول شاهدَين وطئا پوناپي (‏الآن پونپاي)‏،‏ احدى اكبر الجزر في وسط المحيط الهادئ.‏ فقد قام ميرل لوماستر ببعض الكرازة هنا عام ١٩٦١،‏ وفي اوائل عام ١٩٦٥ كان قد زار الجزيرة مدة كافية ليستأجر متجرا مهجورا يمكن استعماله كبيت للمرسلين.‏ لكن عندما وصل الزوجان ياپ،‏ وجدا انه يجب استعمال الساطور ليتمكنا من دخول البناء.‏ يقول وليَم:‏ «قضينا اياما عديدة ونحن نقطع ما نما من عشب طوال ست سنوات.‏ فلا احد كان قد اعتنى بالمكان،‏ ولذلك صار هذا البناء مسكنا لكل ما يمكن تصوره من حيوانات ضارة وزاحفة.‏»‏

وكان الزوجان ياپ نشيطَين وكسبا بسرعة الاحترام بصفتهما كارزَين جريئَين لا يكلّان.‏ وبين الذين شهدا لهم كان حاكم الجزيرة.‏ وقد زوَّداه بنسخة من ترجمة العالم الجديد.‏ فأعجبه وضوح الترجمة،‏ لكنَّه كان يميل قليلا الى الحكم على الكتاب المقدس من خلال غلافه.‏ وكما عبَّر،‏ لم يكن للغلاف الاخضر «مظهر الكتاب المقدس»؛‏ ولذلك اعطاه الزوجان ياپ طبعة ذات غلاف جلدي اسود وأطراف مذهَّبة بدل كتابه الاخضر.‏ فأسعد ذلك الحاكم الى حد انه صار يستعمل كتابه المقدس الجديد عندما يلقِّن اليمين ويزوِّج.‏

من «كنيسة المطبخ» الى قاعة الملكوت

عام ١٩٦٦،‏ وهب كارل دانيس،‏ وهو عضو سابق في المجلس التشريعي في پونپاي،‏ نصف ارضه لتكون موقع اول قاعة ملكوت في پونپاي.‏ كان كارل زعيما ذكيا ومُعتبَرا،‏ وهو رجل قصير القامة بشرته مائلة الى السمرة وعيناه ودِّيتان لونهما ازرق غامق.‏ وكانت زوجته ريهكا ابنة آخر ملك لجزيرة موكيل.‏ درس هذان الزوجان الپوناپيّان الكتاب المقدس في امسيات عديدة كل اسبوع على ضوء مصابيح الكاز وتقدما بسرعة الى حد المعمودية.‏

وإلى ان بُنيت قاعة الملكوت،‏ كانت كل اجتماعات الجماعة الخمسة التي تُدار بالانكليزية تُعقد في مطبخ الزوجَين دانيس،‏ مما دفع بعض اعضاء المجتمع الى تسمية هذا الفريق الصغير من الشهود بـ‍ «كنيسة المطبخ.‏» وكان اقل من عشرة يحضرون الاجتماعات.‏ وعندما كانوا يرنمون الترنيمة «من بيتٍ إلى بيت» التي ترجموها بالپوناپية،‏ كان الجيران يقولون بسخرية:‏ «أليس ما نسمعه صوت النمل وهو يرتِّل؟‏»‏

بدأ المرسلان يريان ما تخبِّئه مقاطعتهما عندما اذِن لهما العمدة باستعمال ملعب البايسبول في القرية ليعرضا فيلما عن المحفل الاممي لعام ١٩٥٨ الذي عُقد في مدينة نيويورك.‏ وسبق ذلك اسابيع من الاعلان عن الفيلم في الراديو،‏ وعندما حان الوقت،‏ امتلأ المدرَّج الصغير بالناس.‏ كانت الشاشة شرشفا منشّى ممدودا بين عمودَين،‏ فاستطاع الناس ان يشاهدوا من جانبَي الشرشف.‏ وكم شخصا حضر؟‏ نحو ٠٠٠‏,٢ —‏ سُدس عدد سكان الجزيرة!‏

ومنذ ذلك الحين تعاظم «صوت النمل،‏» والآن يجتمع اكثر من ١٣٠ كل يوم احد في قاعة ملكوت مريحة.‏

بيلاو:‏ جزرها العديدة

كانت پالاو (‏الآن جمهورية بيلاو)‏ مجموعة اخرى من مجموعات الجزر التي زارها ميرل لوماستر في رحلته الاستكشافية التي بدأها عام ١٩٦١.‏ وعام ١٩٦٧،‏ أُرسل الى هناك كمرسلَين ايموس وجيري دانيالز المتخرِّجان من مدرسة جلعاد.‏ فشعرا وكأنهما أُرسِلا الى ابعد جزء من الارض.‏ تذكَّر ايموس:‏ «عندما حطت الطائرة في پالاو،‏ حوَّلت اتجاهها عائدةً الى ڠوام.‏ فكانت پالاو آخر نقطة تبلغها الطائرة.‏»‏

تتألف بيلاو،‏ كما وجدا،‏ من نحو ٣٠٠ جزيرة تُبهج العيون،‏ ومن ضمنها مجموعة فريدة تُدعى جزر الصخر،‏ وهي مكان رائع يقصده السيَّاح.‏ وإذ يغطي هذه الجزر الصغيرة نبات مداري كثيف،‏ تبدو وكأنها فطر اخضر ينمو على سطح البحر.‏

القرويون يذهبون من باب الى باب

فيما كان الاخ والاخت دانيالز يجاهدان لتعلُّم الپالاوية،‏ بدأا يكرزان من بيت الى بيت.‏ ولدهشتهما،‏ كان القرويون الفضوليون يلحقون بهما ويستمعون الى المحادثات التي كانا يجريانها مع الجيران.‏

وأحد الدروس الأولى التي عقداها كان مع ابن زعيم،‏ وكان يعيش في قرية نْڠِيْوَال البعيدة في جزيرة تقع عند طرف مجموعة الجزر هذه.‏ وحسبما امكنه،‏ كان يسافر الى كورور،‏ الجزيرة التي كان يعيش فيها المرسلان.‏ لكنه كان يحثهما دائما على زيارة قريته والتحدث الى الناس هناك.‏ كان الاخ والاخت دانيالز مترددَين في القيام بالرحلة.‏ يخبر ايموس:‏ «ان السبيل الوحيد للوصول الى هناك كان باجتياز مياه تعجّ بالتماسيح.‏ لكن عندما زارنا ناظر الدائرة،‏ تمكنَّا اخيرا من القيام بالرحلة لأن شخصا آخر كنا ندرس معه وافق على قيادة القارب.‏» فذهبوا من بيت الى بيت للكرازة للقرويين،‏ وعندما ألقوا خطابا عاما،‏ حضر ١١٤.‏

شمّاسة تعلن اسم يهوه بجرأة

عام ١٩٦٨ تكلَّم مرسلا الشهود الى اوباسانڠ ماد،‏ شمّاسة متعبِّدة من الكنيسة السبتيّة في بيلاو.‏ وبالرغم من معارضة زوجها وقادة الكنيسة،‏ فهمَت اوباسانڠ بسرعة الحق عن اسم اللّٰه،‏ الثالوث،‏ والقيامة.‏

قالت اوباسانڠ:‏ «في احد الايام دُعيت في الكنيسة الى ان اقود الجماعة في الصلاة.‏ ومع انني عرفت انني سأتعرَّض للكثير من الانتقادات من قِبل رفقائي السبتيِّين،‏ صلَّيت الى يهوه.‏ وسرعان ما تركتُ الكنيسة وانضممتُ الى المرسلين في عمل الكرازة.‏»‏

ان اوباسانڠ،‏ التي تبلغ الآن ٧٠ سنة من العمر،‏ خدمت كفاتحة مدة ٢١ سنة رغم معاناتها الامراض الجسدية وفقدان زوجها وولديها في الموت.‏ وهي دعامة من القوة الروحية بلطفها وابتسامتها الحاضرة.‏

الكرازة بالمركب يمكن ان تكون مغامرة

اراد ايموس وجيري دانيالز ان يشهدا لجزيرة بابلتُواپ (‏المعروفة محليا ببابلداوپ)‏،‏ لكن لم تكن هنالك طرق تربط القرى المطلة على المحيط في الجزيرة،‏ فلم يكن بلوغها ممكنا إلّا بحرا.‏ فتلطّف اخ محلي وبنى لهما قاربا،‏ لكن لم يكن لديهما محرِّك.‏ في ذلك الوقت تقريبا،‏ حضر ايموس وجيري محفلا في ڠوام.‏ وهناك التقيا اخا من الولايات المتحدة كان يعرف رئيس مجلس ادارة مصنع لمحرِّكات القوارب.‏ وسرعان ما صار لديهما محرِّك خارجي جديد لقاربهما.‏ وذكر ايموس:‏ «يهوه يزوِّد دائما حاجاتنا.‏»‏

في كل انحاء ميكرونيزيا،‏ الشهادة بواسطة القارب في الجزر الواقعة عند طرف مجموعات الجزر تدوم النهار بكامله.‏ ويتطلَّب الامر تحضيرا دقيقا.‏ فيجب ان يُحسب المد والجزر.‏ يقول احد المرسلين:‏ «ننطلق دائما قبل ساعتَين من المد ونعود بعد ساعتين من المد التالي (‏بعد نحو ١٤ ساعة)‏ وذلك لئلّا تتضرر مروحتنا او ينغرز المركب.‏» ويُحمَّل المركب مسبقا الطعام،‏ بالاضافة الى مطبوعات كافية،‏ وثياب نظيفة،‏ ويُحفظ الكل في اكياس پلاستيكية.‏ وفي الجزر التي تفتقر الى رصيف للسفن،‏ يضطر المرسلون ان يمشوا في المحيط ليبلغوا قاربهم.‏ وحتى إن لم يكونوا مبلَّلين،‏ يصلهم رذاذ المحيط على الارجح او تبللهم موجة خلال الرحلة.‏ وتُقدَّم دائما صلاة قبل ان ينطلقوا،‏ وعندما يكون المحيط هائجا،‏ تُقدَّم في بعض الاحيان صلوات صامتة كثيرة من على متن القارب.‏

على مرّ السنين،‏ تعلّم المرسلون الذين يخدمون في ميكرونيزيا ان يبحروا في مياه البحيرات الشاطئية الضحلة مهما كانت احوال الطقس،‏ وقد صاروا بارعين في بناء القوارب وفي تصليح المحرِّكات الخارجية.‏

كثير من المشي —‏ ضيافة حارة

بما ان بعض القرى لا يمكن الوصول اليها بالسيارة او بالسفينة،‏ فقد يقضي المرسلون ساعات سائرين في دروب جميلة داخل الادغال تحدّها اشجار جوز الهند ليبلغوا الناس المتواضعين.‏ ولأن الطقس حار ورطب،‏ لا يلبس الاخوة هنا ربطات عنق في خدمة الحقل،‏ والأحذية غالبا ما تكون عبارة عن خفّ مطاطي (‏يسمَّى زوري)‏.‏

قال هاري دني،‏ الذي خدم مرسلا في بيلاو طوال ٢١ سنة:‏ «نجد دائما آذانا صاغية الى الحق.‏ ولكي يُظهر هؤلاء الناس المنعزلون ضيافتهم،‏ غالبا ما يتسلَّقون شجرة جوز هند،‏ ويقطفون ثمرة طازجة،‏ ثم يقطعون اعلاها بالساطور،‏ ويقدِّمون لكم شرابا في ‹علبته› الاصلية.‏»‏

يعيش هاري وزوجته رينيه في بيت المرسلين نفسه مع جانيت سيناس وروجيه كونّو،‏ وهما مرسلان عازبان لا يزال كلّ منهما في تعيينه منذ ٢٤ سنة.‏ وهؤلاء المرسلون الاربعة ساعدوا معا جماعة بيلاو على النمو الى ٦٠ ناشرا،‏ وتُدار دروس الكتاب الجماعية الآن بثلاث لغات —‏ الپالاوية،‏ التڠالوڠية،‏ والانكليزية.‏

ياپ:‏ عينا يهوه عليها

في السنة التي تلت ابتداء المرسلين المدرَّبين في جلعاد بالخدمة في بيلاو،‏ وصل جاك وأوريليا واتسن الى ياپ.‏ وقدِم مرسلان آخران في السنة التالية.‏ ومع ان ياپ صغيرة —‏ ولا يعرفها معظم الناس —‏ يعرف يهوه هذه الجزر ويُظهر اهتماما حبيا بسكانها.‏ انها اربع جزر قريبة جدا بعضها من بعض متصلة بجسور،‏ وتربطها ايضا تقاليد قديمة.‏ ياپ لها لغة غير محكية في ايّ مكان آخر من العالم،‏ لها نقود حجرية،‏ وشعب لم يتأثر البتة بالحضارة الغربية.‏ وحتى اليوم،‏ يمكن ان يرى المرء بين سكان ياپ الـ‍ ٥٠٠‏,١٠،‏ رجالا يلبسون مآزر زاهية الالوان،‏ ونساء يلبسن تنانير مصنوعة من الاعشاب،‏ وفي بعض الاحيان دون ثياب تغطي الجزء الاعلى من اجسادهن.‏

كان ميرل لوماستر قد قام ببعض الشهادة هنا عام ١٩٦٤،‏ لكنَّ جاك وأوريليا واتسن امِلا ان يتمكنا من المكوث.‏ لكن لم يكن من السهل عليهما تعلّم اللغة الياپيّة.‏ فالمواد المكتوبة الوحيدة التي كان يمكن ايجادها،‏ كانت بعض كتيِّبات الانظمة الحكومية،‏ وكتاب التعليم الديني الكاثوليكي.‏ فكان الزوجان واتسن يصغيان الى الشعب ويحاولان تقليد ما يسمعانه.‏ وفي السنة التالية،‏ كان شاب ياپيّ،‏ اظهر اهتماما بالحق،‏ مستعدا ايضا لإعطاء دروس في اللغة.‏ فقضى المرسلون شهرهم الاول وهم يحاولون مساعدته على تعلّم الانكليزية التي كانوا يتكلّمونها لكي يعلِّمهم كيف يتكلّمون الياپيّة.‏

اجتماعات في «المصرف»‏

ان الكاهن الكاثوليكي المحلي والخادم الديني اللوثري،‏ اللذين كانا متعاديَين سابقا،‏ وحَّدا جهودهما ليوزِّعا نشرة تدين الشهود.‏ واستخدم الكاهن ايضا تأثيره ليجعل المرسلين يُطردون من بيتهم،‏ وبدا من المستحيل ايجاد بيت جديد.‏ فكان الكاهن قد حذَّر المالكين من تأجير بيوت للمرسلين،‏ ولذلك نقل الاخَوان زوجتَيهما وقتيا الى الفندق فيما اقاما في كوخ تبلغ مساحته ٥‏,٣ بـ‍ ٤ امتار (‏١٢ بـ‍ ١٤ قدما)‏ وأرضيته متداعية.‏

ياپ مشهورة خصوصا بنقدها الحجري الذي يبلغ عمره قرونا،‏ وهو عبارة عن عجلات ضخمة من حجر الكلس،‏ تُسمَّى راي،‏ ويتراوح قطرها بين ٦‏,٠ و ٥‏,٣ امتار (‏٢ و ١٢ قدما)‏.‏ ومع ان النقد الحجري لم يعد يُستعمل لشراء الاراضي او تسديد الديون،‏ فإنه يُقدَّر تقديرا رفيعا لقيمته التاريخية.‏ وقد وجد الاخوة انه ذو قيمة من نواحٍ اخرى ايضا.‏ فعندما خسروا بيت المرسلين عُقدت الاجتماعات لفترة تحت شجرة كبيرة حيث كانت النقود الحجرية معروضة.‏ وبما ان قطع النقد الحجري في «مصرف» القرية هذا كانت تنتصب على نحو مستقيم،‏ فقد كانت تخدم كمساند مريحة لظهر الحضور،‏ فيما كان برميل سعته ١٩٠ ليترا (‏٥٠ ڠالونا)‏ موضوع الى جانبها يخدم كمنضدة للكتاب المقدس.‏

لكنهم لم يكونوا قد وجدوا بعد مكانا للسكن.‏ يذكر واتسن:‏ «بدا وكأن العمل كان سيتوقف.‏ لكنَّ يهوه اتى لنجدتنا.‏» ففي الليلة التي سبقت مغادرة المرسلين لحضور محفل في ڠوام،‏ سألهم رجل هل يريدون ان يستأجروا بيتا.‏ ولربما كان هذا البيت البناء الافضل في ياپ —‏ بناء من باطون يقاوم الاعاصير ويتسع للاجتماعات والسكن على السواء.‏

تقديم دليل على ايمانهم

وصل مرسلان آخران من هاواي عام ١٩٧٠،‏ وهما پلاسيدو ومارشا باييستيروس.‏ وكان النمو بطيئا.‏ يتذكر پلاسيدو:‏ «كثيرا ما كنا نحن المرسلين الاربعة فقط نحضر الاجتماعات المعقودة في غرفة الاستقبال في بيتنا.‏»‏

لكن في النهاية حصل نمو فيما كان الاخوة المحليون يحرزون تقدما روحيا.‏ وأحدهم،‏ جون رالاد،‏ واجه ظروفا صعبة.‏ فعندما بدأ جون بدرس الكتاب المقدس،‏ كانت شركة البناء التي يملكها في طور تشييد كنيسة.‏ ورغم الضغوط التي واجهته من كل جهة،‏ كان جون مصمِّما على ان ضميره لن يسمح له بإكمال الكنيسة.‏ وهو يخدم الجماعة اليوم كشيخ.‏

وكان على يَو نيفمد ان يقوم باختيار مهم.‏ فعندما تكلَّم اليه الشهود لأول مرة عام ١٩٧٠،‏ كانت لديه زوجتان.‏ ولكي يطيع وصايا يهوه،‏ وجب ان يعيد تنظيم حياته بكاملها.‏ واليوم يخدم الاخ نيفمد وزوجته الواحدة يهوه بسعادة معا.‏ وهو شيخ،‏ وعندما يذهب الى الاجتماعات،‏ يقود شاحنته الصغيرة وفيها ١٥ شخصا من اقربائه.‏

شعب يهوه هم حقا في كل مكان

قال پلاسيدو باييستيروس ذات مرة:‏ «من وجهة نظر بشرية،‏ ليست ياپ سوى بقعة ارض صغيرة في الكرة الارضية،‏ والآلاف القليلة من الناس العائشين هنا غير مهمين بالمقارنة مع بلايين البشر.‏ ومع ذلك،‏ يهوه يفكر في هؤلاء الناس.‏ فعندما وصلت لم اكن احلم ان يأتي يوم يصدر فيه عدد شهري من برج المراقبة بالياپية وأننا سنوزِّع كتبا باللغة الياپية من باب الى باب.‏»‏

يُظهر اختبار طريف الى ايّ حد يُعرَّف باسم يهوه على نطاق واسع.‏ ففي احد الايام التقى پلاسيدو سائحا جالسا على ضفة نهر،‏ على مسافة اميال من اقرب مكان يقصده السياح،‏ وبعيدا حتى عن نهاية الطريق.‏ وعندما سأله الاخ هل ضلّ طريقه،‏ اجاب الرجل:‏ «لا،‏ لقد اردت فقط ان ابتعد قدر الامكان لأجد مكانا هادئا افكِّر فيه.‏» وعندما سأل السائح پلاسيدو لماذا هو هنا،‏ اوضح پلاسيدو انه مرسل،‏ واحد من شهود يهوه.‏ فصرخ السائح:‏ «آه لا!‏ انا من بروكلين،‏ ليس بعيدا عن مقرِّكم الرئيسي.‏ ارى انه من المستحيل ان اتجنبكم!‏»‏

كوسراي:‏ هنا ايضا اسم يهوه معروف

بعد حضور محفل «السلام على الارض» الاممي لعام ١٩٦٩ في هاواي،‏ ادركت عائلة غيورة من پونپاي انه يمكنهم ان يكونوا اول من ينادي في جزيرة كوسراي الجميلة بالسلام الذي يمكن لملكوت اللّٰه فقط ان يجلبه.‏ وإذ حرّك المحفل فريدي ادوين،‏ نقل عائلته مسافة ٥٨٠ كيلومترا (‏٣٦٠ ميلا)‏ الى هذه البقعة المنعزلة في المحيط،‏ والتي كانت مرفأ مشهورا لصيد الحيتان خلال القرن الـ‍ ١٩.‏ وكان من الطبيعي ان تنتقل عائلة ادوين،‏ لان زوجة فريدي،‏ ليليان،‏ كانت ابنة ملك كوسراي،‏ وكانت لغة كوسراي احدى اللغات السبع التي يتكلّمها فريدي.‏

قبل ان يصير فريدي من شهود يهوه،‏ كان عضوا في اللجنة الپروتستانتية التي ترجمت الكتاب المقدس باللغة الپوناپية.‏ وبعد انتقاله الى كوسراي،‏ ساعدت مهاراته في الترجمة على جعل مطبوعات جمعية برج المراقبة متوفِّرة بلغة كوسراي.‏ وآخرون في عائلته هم مشغولون ايضا بالمناداة برسالة الملكوت.‏ فقد تخلَّت ابنته دِسينا عن منحة جامعية لتصير الفاتحة الخصوصية الاولى في ميكرونيزيا.‏ وخدمت ابنته الاخرى،‏ ميلدرد،‏ كفاتحة قانونية،‏ وغالبا ما خدمت زوجة فريدي كفاتحة اضافية.‏

المساعدة تصل لبناء قاعة ملكوت

كان زكرايا پولي،‏ وهو اصلا من شوك،‏ اول ميكرونيزي يصير مرسلا.‏ وقد ساهم في تشكيل الجماعة في كوسراي،‏ وساعد ايضا عام ١٩٧٧ على بناء قاعة الملكوت وبيت المرسلين هناك.‏

لم تُبنَ قاعة الملكوت في نهاية اسبوع.‏ فكل يوم احد تصير هذه الجزيرة التي تسيطر عليها الكنيسة الپروتستانتية هادئة جدا لأن هنالك شريعة «سبت» تمنع البيع والشراء والشرب،‏ وصيد السمك وحتى اللعب.‏ غير ان قاعة الملكوت بُنيت بسرعة كافية لتدهش الناس المحليين.‏ فقد استعمل الاخوة كل ما كان متوفِّرا محليا ليحضِّروا مسبقا قدر الامكان اجزاء البناء.‏ واشتُريت المواد الاخرى من پونپاي وأُرسلت بحرا.‏ وسرعان ما ابتدأت تظهر معالم البناء بعدما بلغت الشحنات الاخيرة كوسراي،‏ يرافقها عمّال متطوِّعون من پونپاي.‏ ولا تزال قاعة الملكوت هذه تُستعمل اليوم —‏ ليس فقط للاجتماعات الاسبوعية انما ايضا من اجل المحافل.‏

الجماعة البعيدة تسبِّح يهوه

عندما تأسست الجماعة في كوسراي عام ١٩٧٦،‏ كانت بعيدة جدا عن الفرع بحيث ان تقارير الخدمة الشهرية كانت تبلَّغ الى پونپاي بواسطة راديو للهواة.‏ فلم تبدأ الخدمات الجوية التجارية الى كوسراي بواسطة الطائرات النفاثة إلّا عام ١٩٧٩.‏ وفي حين ان البريد كان يُنقل بحرا بين الجزر،‏ كانت تمر ستة اشهر احيانا قبل ان يصل.‏

واليوم،‏ لدى كل المطارات في ميكرونيزيا مدارج مزفَّتة يمكنها ان تستقبل الطائرات النفاثة،‏ أما في بدايات ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ فقد عنى السفر الى كوسراي رحلة ملآنة مغامرات على متن طائرة تتسع لسبعة ركّاب.‏ يتذكَّر آرثر وايت:‏ «في احدى الرحلات التي قمت بها وزوجتي الى كوسراي،‏ واجهتنا عاصفة هوجاء،‏ وبدا وكأننا تهنا.‏ فقد كان الطيّار يحلّق بالطائرة على ارتفاع ٣٠ مترا (‏١٠٠ قدم)‏ فوق سطح المحيط ويبحث عن الجزيرة.‏ وكانت المرأة في المقعد خلفنا تصلي بصوت مرتفع.‏ وعرفنا انه إن لم يجد الطيّار كوسراي،‏ فقد نضيع في البحر؛‏ لكنَّ الجزيرة ظهرت اخيرا،‏ وتمكنَّا من الهبوط —‏ على طريق من الحصى ضيقة كانت تُستعمل كمدرج.‏»‏

قضى جيمس تامورا ١٧ سنة مرسلا في پونپاي وكوسراي.‏ وعبَّر عن مشاعر كثيرين عندما قال:‏ «اجد الفرح في رؤية العمل ينمو وفي رؤية اسم يهوه يُعرَّف في هذه الجزر المنعزلة في المحيط الهادئ.‏»‏

روتا:‏ سجل للاحتمال

في جزيرة روتا الصغيرة،‏ التي تُرى بصعوبة من ڠوام،‏ تُصنع احيانا اعلانات بواسطة مكبِّرات الصوت.‏ وفي احد الايام عام ١٩٧٠،‏ سُمع صوت العمدة من مكبِّرات الصوت يُعلِم سكان روتا ان شهود يهوه هم في الجزيرة وأنهم سيأتون الى بيوتهم.‏ «فمن فضلكم افتحوا لهم ابوابكم،‏» كما اعلن العمدة،‏ «ورحِّبوا بزيارتهم.‏»‏

كان اوڠسطين كاسترو احد الاخوة الثلاثة الذين كرزوا في روتا في ذلك اليوم.‏ فوزَّع كتبا عديدة لعمدة روتا،‏ الذي كان يعرفه من خلال وظيفته الحكومية في سايپان.‏ وهذا ما دفع العمدة الى صنع اعلانه للعموم.‏ وخلال ساعتين وزَّع الاخوة الزائرون كل المطبوعات التي كانت في حقائبهم.‏ لكن في الوقت نفسه كانت تتشكل مقاومة من رجال الدين.‏

رجال الدين يعرقلون عمل الكرازة

يخبر ڠس:‏ «لا بد ان احدا اخبر الكاهن الكاثوليكي عنا.‏ كنا في محطة للوقود.‏ وكان شاب على وشك اخذ كتاب الحق الذي يقود الى الحياة الابدية عندما رفع ناظرَيه ورأى الكاهن.‏ فتردَّد وقال لنا متوترا:‏ ‹ارغب في ان أُري الكاهن الكتاب لأعرف هل هنالك ايّ اعتراض عليه.‏› راقَبْنا الكاهن يقلِّب الصفحات.‏ فقد كان يعرفني جيدا،‏ لأنني كنت قد درست لأصير كاهنا.‏ وقال اخيرا للشاب:‏ ‹لا بأس في قبولك الكتاب .‏ .‏ .‏ ما دمت لا تغيِّر دينك.‏›»‏

وازدادت المقاومة بعد ان عُيِّن هوان وماري تايتانو فاتحَين خصوصيَّين عام ١٩٨١ في هذه الجزيرة التي تسيطر عليها الكنيسة الكاثوليكية.‏ يتذكر هوان:‏ «كان الكاهن يتبعنا من باب الى باب ويقول للناس ان يهوه هو اسم آخر للشيطان.‏ وألصق لافتة على كل البيوت تقريبا تقول:‏ ‹هذا بيت كاثوليكي.‏ يرجى احترام ديننا.‏› وكان يرسل ايضا صبية ليصادروا ويحرقوا ايّة مطبوعة وزَّعناها على الناس.‏»‏

البغض والخوف يتملَّكان اصحاب البيوت

كان الزوجان تايتانو من الشامورو،‏ من الخلفية نفسها كشعب روتا،‏ وكان بإمكانهما كليهما تكلم لغة الشامورو،‏ ومع ذلك كانا هدفا للكثير من البغض.‏

قال هوان:‏ «ذات مرة هدَّدني صاحب منزل قائلا انه ‹سيأتي بمضرب بايسبول ويكسر كل عظمة في جسمي.‏› وفي اليوم التالي تعرَّض هذا الرجل لحادث سير،‏ وكُسرت ساقاه وإحدى ذراعَيه.‏ فقال القرويون ان اللّٰه يعاقب الرجل على ما قاله،‏ مما جعلهم يخافون شهود يهوه.‏»‏

موقف ايجابي بالرغم من النتائج السلبية

خلال الربع قرن الماضي،‏ قضى المرسلون ساعات لا تُحصى في الكرازة لشعب روتا.‏ وبعد كل هذا الجهد،‏ لا يوجد سوى ثمانية منادين بالملكوت بين السكان الـ‍ ٥٠٠‏,٢،‏ ويشمل هذا الرقم زوجَين فاتحَين خصوصيَّين.‏ ورغم ذلك،‏ لا يزال الشهود الامناء يبنون سجلا جيدا للاحتمال،‏ ويقاومون التثبط.‏

قال المرسل ڠاري آندرسن:‏ «مما لا شك فيه ان روتا صعبة.‏ لكن حتى اسوأ الحالات لن تدوم الى الابد.‏ روتا ستتغيّر.‏ فلا شيء مستحيل بدعم يهوه.‏»‏

ناوُورو:‏ ايجاد الغنى الحقيقي

كانت جمهورية ناوُورو،‏ بسكانها الـ‍ ٠٠٠‏,٧ تقريبا،‏ تُعتبر في ما مضى احدى اغنى دول العالم،‏ ولكن هناك ايضا،‏ يحتاج الناس الى رسالة الملكوت.‏ فالكثير من غناهم اتى نتيجة تخريب جزء كبير من جزيرتهم الصغيرة بالتعدين السطحي بحثا عن الفُسفات.‏ وهي بعيدة كل البعد عن ان تكون فردوسا حقيقيا.‏ والآن تعاني هذه الجزيرة مشاكل اقتصادية خطيرة ايضا.‏

ومع ذلك أُحبطت الجهود الاولى لأخذ رسالة الملكوت الى ناوُورو.‏ فعندما ألقى مرسل زائر من جزر مارشال بذار الحق في ناوُورو عام ١٩٧٩،‏ رُحِّل ورافقه الى الطائرة ثلاثة من رجال الشرطة.‏

لكن قبل ان يُرحَّل،‏ درس الكتاب المقدس مع هَمفري تاتوم.‏ واستمر هَمفري في الدرس وحده،‏ وعندما توقَّف نات ميلر في ناوُورو كناظر جائل،‏ طلب هَمفري ان يعتمد.‏ يتذكر ميلر:‏ «بما ان عملنا كان يُعتبر غير شرعي،‏ انتظرنا حتى حلول الظلام.‏ ومشينا معا نحو ٣٠ مترا (‏١٠٠ قدم)‏ داخل المحيط الهادئ،‏ وغُطِّس دون ان يراه السكان المحليون.‏»‏

قبل سنة ١٩٩٥،‏ كان نشاط الكرازة من باب الى باب ممنوعا في ناوُورو.‏ ولا يزال يُمنع الغرباء من الاشتراك في الخدمة من بيت الى بيت،‏ لكنَّ الحكومة تسمح الآن لمواطني ناوُورو بحرية الكرازة،‏ مما يتيح للفريق الصغير من الشهود المعتمدين هناك ان يتكلَّموا بحرية عن الكتاب المقدس.‏

الى ان مات الاخ تاتوم عام ١٩٩٥،‏ كان يخدم كشيخ في جماعة ناوُورو الصغيرة جدا.‏ وقد خدم ايضا كمترجم بلغة ناوُورو،‏ مما جعل النشرات ودعوات الذِّكرى متوفِّرة لرفقائه الشهود.‏ ومع ان عدد شهود يهوه في ناوُورو قليل،‏ فهم يسعون الى توجيه انتباه جيرانهم الى قيمة الغنى الروحي،‏ نوع الغنى الذي يقود الى الحياة الابدية.‏ —‏ امثال ٣:‏١،‏ ٢،‏ ١٣-‏١٨‏.‏

يُعرف عن جزر المحيط الهادئ بأنها فردوس ارضي،‏ لكن تحت هذه الصورة الرومنطيقية تكمن حقيقة قاسية —‏ العديد من الميكرونيزيين يجاهدون من اجل البقاء.‏ فقد فسد نمط حياتهم الذي كان بسيطا في ما مضى بسبب الامور الخطرة في الحضارة —‏ التلفزيون،‏ الجريمة،‏ المخدِّرات،‏ والامراض المعدية،‏ هذا إن لم نذكر إلّا القليل.‏ ويدرك الناس اكثر فأكثر ان رسالة الملكوت التي يكرز بها شهود يهوه هي الحل الوحيد لمشاكلهم المتفاقمة.‏

يشرف فرع ڠوام،‏ الذي يدير عمل الكرازة في ميكرونيزيا،‏ على عدد من الناشرين اقل مما يشرف عليه اغلب فروع الجمعية الاخرى الـ‍ ١٠٣،‏ ولكنّ مقاطعته هي من اكبر المقاطعات في العالم.‏ ومع ان اخوتنا وأخواتنا في هذه الجزر المنعزلة تفصل بينهم مساحات شاسعة من المحيط،‏ فهم يشعرون بالعلاقة الحميمة ضمن هيئة يهوه.‏ فمطبوعات الكتاب المقدس التي يحصلون عليها قانونيا بلغاتهم الخاصة،‏ والمحافل الدورية،‏ والزيارات الروحية القانونية من النظار الجائلين تجعلهم مدركين جدا انهم جزء من معشر اخوة عالمي.‏

والمرسلون الذين يخدمون في تعيينات منعزلة كهذه ينالون ايضا مذكِّرات بالمحبة التي بين شعب يهوه.‏ فكل صيف،‏ تُصنع الترتيبات ليسافروا الى ڠوام لحضور المحفل الكوري الذي غالبا ما يُعقد وقت زيارة ناظر الاقليم.‏ ورودني اجميني،‏ مرسل لأكثر من ٢٠ عاما خدم ايضا كناظر جائل في ميكرونيزيا،‏ اوضح ذات مرة اهمية هذه الرحلة السنوية الى ڠوام.‏ قال:‏ «انها تقرِّب المرسلين في الجزر المختلفة.‏ وهي تساعدنا كلنا على الاحتمال.‏»‏

وهنالك تدابير اخرى تساعد اخوتنا في تلك الجزر البعيدة.‏ فتحت توجيه الهيئة الحاكمة،‏ جرى تأسيس خدمات معلومات المستشفيات في فرع ڠوام عام ١٩٩٣،‏ وهذه نظَّمت منذ ذلك الحين لجان اتصال بالمستشفيات في كل مجموعات الجزر في ميكرونيزيا.‏ وكل سنة تدار مدرسة خدمة الفتح للذين في الخدمة كامل الوقت،‏ وتُعقد مدرسة خدمة الملكوت دوريا لتدريب نظار الجماعات.‏ وأنشأ فرع ڠوام ايضا دائرة بناء عام ١٩٩٤،‏ لتنسيق عمل التخطيط والبناء لقاعات الملكوت وبيوت المرسلين في ميكرونيزيا.‏

ان الجهود الدؤوبة للمرسلين والناشرين خلال العقود الاربعة الماضية ساعدت كثيرين من سكان الجزر على معرفة يهوه ومحبته.‏ والآن يأخذ بعض سكان الجزر هؤلاء القيادة في الجماعات المحلية ويعملون بجد للمناداة بقصد اللّٰه ان تصير كل الارض فردوسا.‏

لا يزال هنالك الكثير من العمل لإنجازه في ميكرونيزيا،‏ لكن بفضل الحماية والتوجيه الحبيَّين من هيئة يهوه،‏ تتم النبوة في اشعياء ٥١:‏٥‏:‏ «اياي [يهوه] ترجو الجزائر وتنتظر ذراعي.‏»‏

‏[الخريطة في الصفحة ٢١٠]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)‏

اليابان

ميكرونيزيا

سايپان

روتا

ڠوام

ياپ

بيلاو

پونپاي

شوك

كوسراي

ناوُورو

جزر مارشال

كيريباتي

هاواي

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٢٠٨]‏

‏[الصورة في الصفحة ٢١٣]‏

سام وڤيرجينيا وايڠر امام اول قاعة ملكوت في ڠوام

‏[الصورتان في الصفحة ٢١٥]‏

الى الاعلى:‏ ميرل وفيرن لوماستر،‏ مرسلان

نثانيَل ميلر،‏ (‏مع زوجته الراحلة ألين)‏ اول منسِّق للجنة فرع ڠوام

‏[الصور في الصفحة ٢١٦]‏

مكتب فرع ڠوام،‏ مع لجنة الفرع (‏من اليسار الى اليمين:‏ جوليان أكي،‏ سالڤادور سوريانو،‏ آرثر وايت)‏

‏[الصورة في الصفحة ٢١٨]‏

المرسلون الذين اتوا من اجل الاجتماع خلال زيارة ناظر الاقليم عام ١٩٩٤

‏[الصور في الصفحة ٢٢٣]‏

١،‏ ٢-‏ قاعة الملكوت/‏بيت المرسلين في كيريباتي،‏ التي بُنيت بدعم من بلدان اخرى

٣-‏ ناريكي كاوتو وزوجته تنيتي

٤-‏ درس في الكتاب المقدس خلال انعقاده في كيريباتي

‏[الصورة في الصفحة ٢٢٧]‏

ناشرون في قاعة ملكوت ايباي

‏[الصورة في الصفحة ٢٢٨]‏

اوڠسطين كاسترو،‏ شيخ محلي غيور

‏[الصورة في الصفحة ٢٢٩]‏

روبرت وشارون ليڤنڠستون

‏[الصورة في الصفحة ٢٣٤]‏

استقبال حار لمرسلين جدد

‏[الصورة في الصفحة ٢٣٦]‏

عندما تذهبون بالمركب للكرازة،‏ كونوا مستعدين لأن تتبلَّلوا

‏[الصورة في الصفحة ٢٣٧]‏

قاعة ملكوت للاجتماعات بدلا من مطبخ

‏[الصورة في الصفحة ٢٣٧]‏

كارل وريهكا دانيس،‏ اول شاهدَين محليَّين في پونپاي

‏[الصورة في الصفحة ٢٣٨]‏

المرسل نيل ماكي هو مترجِم ايضا

‏[الصورتان في الصفحة ٢٤١]‏

اوباسانڠ ماد،‏ وهي فاتحة لزمن طويل،‏ جاهزة للخدمة

الى اليسار:‏ فريق لخدمة الحقل في شاحنة صغيرة

‏[الصورتان في الصفحة ٢٤٣]‏

الشهادة في ياپ

الى اليمين:‏ ميرل لوماستر مع النقود الياپيّة في «مصرف» القرية

‏[الصورة في الصفحة ٢٤٦]‏

يتطلّب عبور الجسور في كوسراي قدما ثابتة

‏[الصورة في الصفحة ٢٤٦]‏

فريدي ادوين الى اليسار مع زوجته،‏ اولاده،‏ وحفدائه

‏[الصورة في الصفحة ٢٥١]‏

الشهود الذين يواجهون التحدي في روتا