الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

اليابان

اليابان

اليابان

ان العمل الشاق الدؤوب،‏ ووحدة القصد،‏ هما بين الميزات التي رفعت اليابان من دمار الحرب العالمية الثانية الى دورها العصري كواحدة من عمالقة الصناعة في العالم.‏ ويُعرف اليوم هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه ١٢٥ مليونا بالاسماء التجارية لآلات التصوير،‏ السيارات،‏ والادوات الكهربائية التي تُصنَّع فيه،‏ كما يُعرف بأزهار الكرز،‏ الازاليا،‏ وجبل فوجي المكلَّل بالثلوج والذي يبلغ ارتفاعه ٧٧٦‏,٣ مترا (‏٣٨٨‏,١٢ قدما)‏.‏

لكنَّ التقدُّم الثيوقراطي بعد الحرب كان له وقع اكبر ايضا.‏ ففي سنة ١٩٥١،‏ حضر المحفل الكوري في طوكيو نحو ٤٠ مرسلا متخرجا من مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس ونحو ٢٠٠ ناشر ياباني.‏ وقال ن.‏ ه‍.‏ نور،‏ رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك،‏ انه يتطلع بشوق الى الوقت الذي يكون فيه المنادون بالملكوت اليابانيون كثيرين جدا،‏ بحيث يصير العثور على المرسلين بينهم صعبا.‏ ولم يكن ذلك الوقت بعيدا!‏ فبيسوع المسيح كأساس،‏ لزم المرسلين،‏ كعاملين مع اللّٰه،‏ عشر سنوات لجمع اول ٠٠٠‏,١ ناشر ياباني.‏ ولكن في سنة ١٩٩٢،‏ كان يضاف كل شهر ما معدله ٠٠٠‏,١ ناشر جديد.‏ (‏قارنوا ١ كورنثوس ٣:‏٩-‏١١‏.‏)‏ والمجموع العام لخدام ملكوت اللّٰه في الجزر التي تشكِّل اليابان بلغ ذروة من ٦٦٣‏,٢٢٠،‏ وكانت هنالك ذروة جديدة كل شهر لأكثر من ١٨ سنة.‏ وما حدث هو جزء مثير من اتمام اشعياء ٦٠:‏٨،‏ ٩ التي تقول:‏ «مَن هؤلاء الطائرون كسحاب وكالحمام الى بيوتها.‏ ان الجزائر تنتظرني».‏

وأورد الكتاب السنوي لعام ١٩٧٣ (‏بالانكليزية)‏ شيئا من تاريخ اليابان الباكر هذا حتى سنة ١٩٧٢،‏ عندما كان هنالك نحو ٠٠٠‏,١٤ ناشر،‏ بمن فيهم اكثر من ٠٠٠‏,٣ في خدمة الفتح السريعة التوسُّع.‏ ويجري هنا استعراض هذا التاريخ وتمديده ٢٥ سنة.‏

بزور حق الملكوت الباكرة

كيف زُرعت البزور،‏ التي اعطت مثل هذا الحصاد الروحي الوافر،‏ في هذه الارض البوذية والشنتوية تقليديا؟‏ في سنة ١٩١١،‏ قام ت.‏ ت.‏ رصل،‏ رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك،‏ بجولة استطلاعية في اليابان.‏ وأخبر ان مرسلي العالم المسيحي كانوا مثبَّطين بشكل ملحوظ،‏ وأن الناس عامة لم يعربوا الا عن اهتمام حقيقي ضئيل بالدين.‏ لكنه شعر بأن ما كان الناس بحاجة اليه هو «انجيل الملكوت».‏ وقد عُيِّن ر.‏ ر.‏ هوليستر،‏ وهو اميركي،‏ كممثِّل للجمعية في المشرق.‏ وتُرجمت نشرات وكتب،‏ بما فيها نظام الدهور الالهي،‏ ووزِّعت ملايين النسخ بشكل رئيسي بواسطة عاملين مأجورين من اهل البلد.‏ وفي سنة ١٩٢٦،‏ أُرسل جونزو أَكاشي،‏ اميركي من اصل ياباني،‏ الى اليابان كممثِّل للجمعية.‏ وتأسس مكتب الفرع في كوبي في اوائل سنة ١٩٢٧،‏ ونُقل الى طوكيو في وقت لاحق من تلك السنة.‏ وبحلول سنة ١٩٣٨ ازداد عدد موزِّعي المطبوعات الجائلين الذين يوزِّعون المجلات والكتب الى ١١٠.‏ لكنَّ القومية الدينية المتعصبة كانت تحتدم في كل انحاء البلد،‏ مما ادَّى مباشرة الى الحرب العالمية الثانية.‏ وفي ٢١ حزيران ١٩٣٩،‏ اعتقل في آن واحد ١٣٠ عضوا من الـ‍ تودايْشا (‏التي تعني «جمعية المنارة»،‏ كما كانت الهيئة المحلية لشهود يهوه تُدعى آنذاك)‏ وسُجنوا،‏ مما انهى فعليا النشاط المنظَّم خلال سنوات الحرب.‏

ومن المؤسف ان ناظر الفرع ارتدَّ تحت الضغط.‏ وقد تبعه معظم الـ‍ تودايْشا هاجرين خدمة يهوه،‏ باستثناء اقلية وليّة مثل عائلتَي إيشي ومييورا.‏ ويمكن نسب فشل هذا الفريق ايضا الى اتِّباعهم رجلا،‏ هو جونزو أَكاشي.‏ فقد تبنَّى عادة اليابانيين التقليدية لتعدُّد الزوجات،‏ مع انه كانت لديه زوجة.‏ وقد استمرت في خدمة الفتح بأمانة طوال اكثر من ٤٠ سنة في نيويورك،‏ ولا يزال البعض في جماعة وست مانهاتن يتذكرونها بإعزاز بصفتها الاخت اوڠاواتشي.‏ وعندما اتى مرسلو جلعاد الى اليابان بعد الحرب،‏ وجدوا فريقا كبيرا من الـ‍ تودايْشا في اوساكا.‏ وقد كانوا يطلبون مالا لقاء المعموديات،‏ والاسوأ ايضا انهم اتَّبعوا أَكاشي في تبني نمط حياة فاسد جدا ادبيا.‏ ورفضوا التخلي عن طريقة الحياة هذه؛‏ لذلك من اجل نقاوة الجماعة،‏ لزم فصل نحو ٣٠ شخصا منهم.‏

اولئك الذين بقوا امناء

بالتباين،‏ تأملوا في جيزو وماتسو إيشي،‏ اللذين كانا بين اوائل اليابانيين الموزِّعين للمطبوعات الجائلين.‏ فقد غطيا البلد بكامله خلال السنوات ١٩٢٩ الى ١٩٣٩.‏ وفي حزيران ١٩٣٩،‏ اعتُقلا وسُجنا في سَنداي.‏ ولا تزال ماتسو تتذكَّر سنتها الاولى في السجن الانفرادي في زنزانة صغيرة جدا،‏ قذرة،‏ وتغزوها البراغيث باستمرار.‏ ولم يكن يُسمح لها بأخذ دشٍّ او الاستحمام،‏ وكان بقّ الفراش يلسع جسدها.‏ وقد نقص وزنها الى ٣٠ كيلوڠراما (‏٧٠ پاوندا)‏،‏ مجرد جلد على عظم،‏ وشارفت الموت.‏ وعندما أُرسلت الى سجن آخر،‏ استعادت شيئا من صحتها،‏ وأُطلق سراحها نحو اواخر سنة ١٩٤٤.‏ وقد عومل زوجها على هذا النحو،‏ وأظهر استقامته في ما بعد ايضا عندما رفض اجراءات نقل الدم.‏ (‏اعمال ٢١:‏٢٥‏)‏ مات وهو في الـ‍ ٧١ من عمره.‏ ولا تزال ماتسو شاهدة امينة حتى هذا اليوم.‏ تقول:‏ «معظم الذين كانوا قبل الحرب متفوقين في المقدرة،‏ والذكاء،‏ تركوا هيئة اللّٰه عندما تعرَّضوا لضغط شديد.‏ .‏ .‏ .‏ والذين بقوا امناء لم تكن عندهم مقدرات خصوصية ولم يكونوا بارزين.‏ لا شك في انه يجب ان نثق جميعا بيهوه من كل قلبنا».‏ —‏ امثال ٣:‏٥‏.‏

والزوجان الامينان الآخران هما كاتْسْوو وهاجينو مييورا،‏ اللذان انخرطا في خدمة الموزعين الجائلين للمطبوعات في سنة ١٩٣١.‏ وقد اعتُقلا هما ايضا في سنة ١٩٣٩ في هيروشيما.‏ ورفضا عبادة الامبراطور او دعم النزعة العسكرية اليابانية.‏ فضُرب كاتْسْوو بعنف،‏ وعانى في الحجز حتى دمَّرت قنبلة ذرية السجن في آب سنة ١٩٤٥.‏ ومع انه كان فقط في الـ‍ ٣٨ من عمره،‏ كان منهارا صحيا.‏ وعند اطلاق سراحه بدا كعجوز.‏ وعاد الى الشمال الى إيشينوموري،‏ حيث كانت هاجينو،‏ التي أُطلق سراحها في وقت ابكر،‏ تربي ابنهما الصغير تسوتومو.‏

فكيف وجد كاتْسْوو ثانية هيئة يهوه؟‏ علمت صحيفة اليابان الرئيسية اساهي‏،‏ ان خمس شابات مرسلات من برج المراقبة،‏ أتين الى اوساكا ليعشن النمط الياباني في بيت ياباني.‏ فزارهن مراسلون للصحيفة وأعدّوا مقالة مصوَّرة رائعة تقارن الاخوات الخمس بملائكة نزلوا من السماء،‏ مثل ازهار الكرز.‏ وزوَّدت المقالة ايضا عنوان بيت المرسلات.‏ وعلى بُعد مئات الكيلومترات الى الشمال،‏ صادف ان قرأ كاتْسْوو المقالة.‏ وعلى الفور اتصل ثانية بالهيئة وانخرط في عمل الفتح.‏ وخدم بأمانة حتى موته سنة ١٩٥٧.‏

ولا تزال،‏ مِييو إيدي البالغة من العمر الآن ٩٢ سنة،‏ تخدم حتى هذا اليوم في كوبي،‏ اليابان.‏ وقد كابدت مشقات جمَّة خلال سنواتها الـ‍ ٦٥ في الحق.‏ ونُشرت قصة حياتها المثيرة للاهتمام في برج المراقبة عدد ١ ايلول ١٩٩١.‏

مرسلو سنة ١٩٤٩

صارت ظروف الكرازة مؤاتية اكثر بكثير بعد الحرب العالمية الثانية.‏ ولكن في سنة ١٩٤٧،‏ أَشعر جونزو أَكاشي مكتب جمعية برج المراقبة في بروكلين،‏ نيويورك،‏ انه لم يعد يوافق على تعاليم الكتاب المقدس.‏ فكتب الاخ نور على الفور الى هاواي طالبا متطوعين هاواييين من اصل ياباني لكي يحضروا الصف الـ‍ ١١ لمدرسة جلعاد لنيل التدريب الارسالي.‏ وناظر فرع هاواي،‏ الذي كان سكرتير ج.‏ ف.‏ رذرفورد في اوائل عشرينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ ناشد قائلا:‏ «ولكن ايها الاخ نور،‏ ماذا عن الزوجين هاسلِت؟‏».‏ لذلك وجِّهت الدعوة ايضا الى دون هاسلِت وزوجته مايبل،‏ مع انهما كانا يناهزان الـ‍ ٥٠ من عمرهما.‏ وفي جلعاد،‏ علَّم شينيتشي توهارا وإلسي تانيڠاوا اللغة اليابانية لأكثر من ٢٠ تلميذا.‏

وخلال سنة ١٩٤٩،‏ تسلَّم «الهاواييون» —‏ دون ومايبل هاسلِت،‏ جيري ويوشي توما،‏ شينيتشي وماساكو توهارا وأولادهما الثلاثة،‏ وإلسي تانيڠاوا —‏ تعييناتهم في مدينة طوكيو التي مزَّقها القصف.‏ وفي السنة عينها،‏ تبعهم فريق أوسترالي مؤلف من أدريان تومپسون،‏ پرسي وايلما ايزلوب،‏ ولويد ومِلبا باري،‏ الذين عيِّنوا في مدينة كوبي التي دمَّرتها الحرب.‏ وصار هؤلاء المرسلون الاوائل في اليابان يُعرفون بـ‍ «مرسلي سنة ١٩٤٩».‏ وقد مات منهم ستة في تعيينهم،‏ فيما كانوا لا يزالون يقومون بعملهم.‏ ولا يزال ثمانية آخرون يخدمون كامل الوقت في اليابان وفي بروكلين،‏ نيويورك.‏ وفي سنة ١٩٤٩،‏ قدَّم ايضا ثمانية ناشرين محليين تقارير عن الوقت الذي صرفوه في خدمة الملكوت.‏

النمو في طوكيو

احرز الفريق الهاواييّ تقدما ملحوظا في طوكيو.‏ تتذكَّر يوشي توما انه في تلك السنة لِما بعد الحرب،‏ عملوا في المقاطعة «من خندق مسقوف الى آخر».‏ تقول:‏ «كان الناس فقراء ويجاهدون للشفاء من تأثيرات الحرب.‏ وكان الطعام يُقنَّن،‏ فكان دون هاسلِت يقف في الصف مع جيرانه ليحصل على ملفوفة واحدة».‏ لكنَّ اصحاب البيوت كانوا لبقين ولطفاء،‏ يصغون بصبر فيما كان هؤلاء المرسلون يجاهدون في تقديم عروضهم باليابانية.‏ ولزم ان يتعلم المرسلون ان يخلعوا احذيتهم عند دخول البيت.‏ ثم يدخلون الى غرفة مجاورة.‏ لكنَّ السقوف كانت منخفضة،‏ ولذلك كان دون هاسلِت،‏ الذي كان طويلا،‏ يُصاب بندوب كثيرة من جراء ارتطام رأسه بالسقف.‏ وفي غضون سنة او اثنتين،‏ بنى «الهاواييون» اساسا صلبا في طوكيو،‏ التي تضمُّ الآن ١٣٩ جماعة.‏

ومن «مرسلي سنة ١٩٤٩»،‏ رسم الشاهدان الممسوحان دون ومايبل هاسلِت مثالا رائعا في خدمة الحقل حتى عندما تقدما في السن.‏ وعندما مات دون في سنة ١٩٦٦،‏ كان جميع الاخوة الستة الذين حملوا تابوته الى قاعة الملكوت من اجل مراسم الدفن احداثا علَّمهم الحق ويخدمون في ذلك الوقت في عائلة بيت ايل في طوكيو،‏ اليابان،‏ المؤلفة من ١٩ عضوا.‏

عاشت مايبل بعد موت دون ثماني سنوات.‏ وعندما كانت في سبعيناتها،‏ أُصيبت بسرطان القولون.‏ وقد وافق مستشفى رئيسي في طوكيو في تورانومون،‏ احتراما لمشاعرها،‏ ان تُجرى لها عملية جراحية بدون دم شرط ان تدخل المستشفى قبل اسبوعين من العملية.‏ وفي اول يوم لها هناك،‏ زار غرفتها طبيب شاب يدفعه الفضول لمعرفة سبب رفضها الدم.‏ فأدَّى ذلك الى مناقشات رائعة في الكتاب المقدس تتابعت كل يوم حتى العملية الجراحية.‏ وبسبب خطورة الحالة،‏ اجرى العملية اربعة اطباء.‏ وعندما استعادت مايبل وعيها،‏ صاحت:‏ «اللعنة عليك يا آدم!‏».‏ وكم كان ذلك ملائما!‏ بقيت مايبل في العناية الفائقة ليوم واحد فقط،‏ في حين بقي اياما عديدة في وحدة العناية الفائقة اربعةُ مرضى آخرون قاموا بالجراحة نفسها ذلك اليوم ولكن مع اجراءات نقل الدم.‏ وماذا عن الطبيب الشاب؟‏ اخبر مايبل لاحقا:‏ ‹انت لم تعلمي ذلك،‏ ولكن كان هنالك خمسة اطباء في غرفة العمليات تلك.‏ فقد دخلتُ انا ايضا لأتأكد انهم لن يعطوك دما›.‏ وقد تابع الدكتور توميناڠا درسه في الكتاب المقدس في يوكوهاما.‏ واليوم،‏ هو ووالده الطبيب وزوجتاهما اعضاء نشاطى في الجماعة.‏ ثمر رائع من اقامة في المستشفى!‏

تابعت مايبل خدمتها الارسالية من بيت المرسلين في طوكيو ميتا.‏ وعندما كانت في الـ‍ ٧٨ من عمرها،‏ عاودها السرطان،‏ وصارت حبيسة الفراش.‏ ولكن عندما عاد المرسلون الى البيت ذات مساء وسردوا الاختبارات الرائعة التي حصلوا عليها في حملة اخبار الملكوت‏،‏ اصرَّت مايبل ان يُلبسوها ويأخذوها لتوزِّع اخبار الملكوت‏.‏ وكانت تملك من القوة ما يكفي لتزور ثلاثة بيوت مجاورة فقط،‏ البيوت الثلاثة نفسها التي شهدت لها اولا عندما وصلت الى اليابان.‏ وبعد عدة اسابيع أنهت مسلكها الارضي وانتقلت الى تعيينها السماوي.‏ —‏ قارنوا لوقا ٢٢:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

التطورات في كوبي

وفي كوبي ايضا سرعان ما صار النمو واضحا.‏ وعُقد اول محفل كوري ثيوقراطي حقيقي في اليابان،‏ على الارض الرحبة التابعة لبيت المرسلين في كوبي،‏ من ٣٠ كانون الاول ١٩٤٩ الى ١ كانون الثاني ١٩٥٠.‏ وارتفع عدد الحضور في الاجتماع العام يوم الاحد الى ١٠١،‏ وقد عُقد في قاعة المحاضرات في مدرسة تارومي،‏ في كوبي.‏ واعتمد ثلاثة في الحمام العام الكبير في تارومي.‏

احرز أدريان تومپسون،‏ من فريق مرسلي كوبي،‏ تقدما ملحوظا في اللغة اليابانية،‏ وعُيِّن سنة ١٩٥١ ليكون اول ناظر دائرة في اليابان.‏ وأصبح في ما بعد اول ناظر كورة.‏ وقد عمل الكثير ليضع اساسا صلبا لنمو مقبل.‏ وقد اشتهر هذا الابن،‏ الذي كان ولدا لأخت فاتحة امينة لوقت طويل في نيوزيلندا،‏ كلاعب رڠبي من الفئة الاولى،‏ ولكن عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية،‏ ترك بريق شهرة الالعاب الرياضية،‏ اصبح شاهدا معتمدا،‏ ثم تبنى الخدمة كامل الوقت في أوستراليا.‏ ومع ان «طومي» مات سنة ١٩٧٧،‏ فإنه لن يغيب عن البال نظرا الى طاقته التي لم تكن محدودة و ‹غيرته› ليهوه.‏ —‏ عدد ٢٥:‏١١‏.‏

لزم وقت ليعتاد المرسلون البيوت،‏ الثقافة،‏ واللغة اليابانية،‏ لكنَّ اهتمامهم الرئيسي كان إخبار الآخرين بحق الكتاب المقدس.‏ وقال «تايڠر» (‏پرسي)‏ ايزلوب،‏ أوسترالي ودود من كوينزلند،‏ مسترجعا الماضي:‏ «كنا ندير الكثير من الدروس في الكتاب المقدس.‏ كنت اعقد ٣٦ درسا،‏ وكان لإيلما والباقين العدد نفسه تقريبا.‏ كان التلاميذ يأتون الى بيت المرسلين ليدرسوا،‏ وكان البعض يأتون كل يوم.‏ كانت تُدار دروس الكتاب المقدس في كل غرفة في البيت،‏ ثلاثة او اكثر كل ليلة.‏ وكنا نفتح مواد الدرس بالانكليزية واليابانية على السواء.‏ ولمساعدة التلاميذ،‏ كنا كلانا نعدّ الاسطر الى حيث يوجد الجواب.‏ كان ذلك يسير ببطء،‏ لكنَّ مقدرتهم على الفهم بمجرد قراءة الآيات ومقارنتها بالمطبوعات كانت مذهلة.‏ وهم اليوم في الحق!‏».‏

في الايام الباكرة،‏ كان المرسلون يملكون القليل من مطبوعات الملكوت لكرازتهم.‏ ثم توفَّرت في كوبي كرتونة من الطبعة اليابانية لـ‍ النور‏،‏ الكتاب الثاني،‏ والتي يرجع تاريخها الى ما قبل الحرب،‏ لكنَّ الناس كانوا يقولون:‏ ‹افضِّل ان ابدأ اولا بقراءة الكتاب الاول›.‏ لكنَّ احد اليابانيين الاوائل الذي اعتنق الحق في كوبي،‏ اهتم من خلال قراءة الكتاب الثاني،‏ وصار على مرّ الوقت ناضجا مؤهلا ليخدم كناظر دائرة.‏ وسرعان ما صارت المواد من كتاب ‏«ليكن اللّٰه صادقا»‏ تُستخدم.‏ فقد قام البعض ممَّن كانوا يدرسون بترجمة فصول الكتاب،‏ وكانت هذه الترجمات تُنسخ وتُعار للمرسلين لتُستعمل في دروس اخرى في الكتاب المقدس.‏ لكنَّ بعض هذه الترجمات كان مشكوكا فيه.‏ وقد صُدمت ايلما ايزلوب عندما وجدت انه قد أُدرجت ‹تفسيرات السيدة ايلما ايزلوب› كحواشٍ في صفحات احدى الترجمات.‏

بعد نحو عشر سنوات،‏ في مدينة فوكووُوكا،‏ حصل مع پرسي اختبار مهم.‏ فقد طلب كيميهيرو ناكاتا،‏ سجين عنيف محكوم عليه بالاعدام،‏ كان قد دُفع له ليقتل رجلين،‏ درسا في الكتاب المقدس،‏ وكان پرسي مَن درس معه.‏ ونتيجة ذلك،‏ تخلى كيميهيرو كليا عن ‹شخصيته القديمة›.‏ اعتمد في السجن،‏ وقد وصفه پرسي بأنه «واحد من ناشري الملكوت الاكثر غيرة الذين عرفتهم».‏ (‏افسس ٤:‏٢٢-‏٢٤‏)‏ درس كيميهيرو نظام برايل ونسخ كتاب ‏«ليكن اللّٰه صادقا»‏ وكراسة ‏«بشارة الملكوت هذه»‏‏،‏ ومقالات من برج المراقبة و استيقظ!‏ بحسب نظام برايل.‏ ووُزِّعت هذه المطبوعات في انحاء مختلفة من اليابان،‏ بما فيها مدارس للعميان.‏ لكن في صباح ١٠ حزيران ١٩٥٩،‏ توقفت سيارة للشرطة امام بيت المرسلين.‏ فقد طلب كيميهيرو ان يحضر پرسي تنفيذ حكم الاعدام فيه ذلك الصباح.‏ فاستجاب پرسي له.‏ وفي الباحة حيث سينفَّذ الحكم،‏ تحدثا بإيجاز،‏ ورنَّما اخيرا ترنيمة ملكوت معا.‏ وقال كيميهيرو لپرسي:‏ «لماذا ترتعش يا پرسي؟‏ انا مَن ينبغي ان يكون مضطربا».‏ وقبل ان يُشنق،‏ كانت كلماته الاخيرة:‏ «اشعر اليوم بثقة كبيرة بيهوه،‏ وبالذبيحة الفدائية،‏ وبرجاء القيامة.‏ سأنام قليلا،‏ وسألقاكم كلكم في الفردوس،‏ اذا شاء يهوه».‏ وأرسل تحياته الحارة الى اخوته حول العالم.‏ مات كيميهيرو لتأخذ العدالة مجراها،‏ معطيا حياة بحياة —‏ ليس كمجرم ميؤوس منه وقاسٍ،‏ بل كخادم ليهوه منتذر،‏ معتمد،‏ وأمين.‏ —‏ قارنوا اعمال ٢٥:‏١١‏.‏

ماتت ايلما ايزلوب بعد صراع مع السرطان دام عشر سنوات تقريبا،‏ في بيت ايل في ايبينا،‏ اليابان،‏ في ٢٩ كانون الثاني ١٩٨٨.‏ بعد ذلك حضر پرسي الاجتماعات السنوية للجمعية مرات عديدة،‏ كعضو في جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في پنسلڤانيا،‏ وقدَّم تقريرا جيدا عن اليابان في اجتماع سنوي حديث العهد؛‏ ثم مات هو ايضا في سنة ١٩٩٦.‏

ورغم عائق اللغة،‏ ابتدأت مِلبا باري درسا في الكتاب المقدس في اول يوم لها في خدمة الحقل في كوبي،‏ في اواخر سنة ١٩٤٩.‏ نتج من الدرس ناشران جديدان،‏ ومِيو تكاجي هي واحدة منهما،‏ وقد انخرطت في خدمة الفتح طوال عقود عديدة.‏ واخبرت مِلبا لاحقا انها تأثَّرت عند رؤية اختين مرسلتين تجتازان حقلا وحِلا لزيارتها.‏ والآن بعد ٤٨ سنة،‏ يحمل كرسي ذو دواليب مِيو وينقلها من بيت الى بيت فيما تتابع خدمتها.‏ وفي اقل من ثلاث سنوات،‏ وقبل ان يُعاد تعيين مِلبا في الخدمة الارسالية في طوكيو،‏ ساعدت نحو سبعة اشخاص على قبول الحق.‏ وقد احتمل هؤلاء الكثير على مرّ السنين،‏ ولحسن التوفيق،‏ نجوا ايضا من زلزال كوبي العظيم سنة ١٩٩٥.‏

مزيد من المرسلين الى الحقل

في اوائل سنة ١٩٥٠،‏ أُعيد تعيين خمس اخوات من الصف الـ‍ ١١ لجلعاد في كوبي،‏ اليابان،‏ اذ لم يتمكنّ من الحصول على تأشيرة دخول الى كاليدونيا الجديدة.‏ وكانت بينهن لويس داير،‏ التي قضت حتى الآن ٦٧ سنة في خدمة الفتح،‏ ومولي هَرون.‏ وكانتا رفيقتين طوال السنوات الـ‍ ٤٩ الماضية،‏ وهما تخدمان في الوقت الحاضر في بيت المرسلين في طوكيو ميتا.‏ وقد نُشرت قصة حياة لويس في برج المراقبة عدد ١٥ حزيران ١٩٨٠،‏ بالانكليزية.‏

وتتذكَّر مولي هَرون:‏ «كان البيت في كوبي واسعا،‏ وعقدنا الذكرى بعد ستة اشهر من وصول المرسلين الاوائل.‏ وقد حضر نحو ١٨٠ شخصا،‏ مالئين غرفة الطعام والمدخل،‏ حتى ان البعض كانوا يصغون من النوافذ الى الخطاب الذي كان يُترجم».‏ وبعد سماع اعلان في ذلك الاجتماع يتعلق بخدمة الحقل،‏ حضر في صباح اليوم التالي (‏الاحد)‏ نحو ٣٥ شخصا للاشتراك فيها.‏ يذكر الاخ باري:‏ «كان على كل مرسل ان يأخذ ثلاثة او اربعة من المهتمين الجدد الى الابواب،‏ وبما ان المرسلين لم يكونوا يتكلمون اللغة بطلاقة بعد،‏ كان اصحاب البيوت يلتفتون الى رفقائنا اليابانيين ويتحدثون اليهم.‏ ولم نعلم قط ماذا كان هؤلاء المهتمون الجدد يخبرون اصحاب البيوت».‏

وفي أواخر حزيران ١٩٥٠،‏ اندلعت فجأة الحرب الكورية.‏ وأراد طبعا المرسلون في اليابان ان يعرفوا كيف كان الاعضاء الثمانية من صفهم،‏ الذين يخدمون في كوريا،‏ يدبِّرون امرهم.‏ ولم يكن عليهم الانتظار طويلا.‏ ففي اليوم الثاني بعد نشوب الحرب،‏ كان بعض مرسلي كوبي في طريق العودة الى البيت في قطار للعمال المسافرين يوميا.‏ ووصل قطار من الجهة المعاكسة الى المحطة في الوقت نفسه.‏ وعندما انطلق القطاران،‏ رأى مرسلو كوبي الاعضاء الثمانية لفريق مرسلي كوريا يقفون على الرصيف المقابل.‏ ويا له من لقاء!‏ لقد تمكَّن الاخوة الذين كانوا في كوريا من مغادرة البلد على متن آخر طائرة أجلَت المدنيين.‏ والآن ارتفع العدد في بيت المرسلين في كوبي من ١٠ الى ١٨ مرسلا.‏ وقد نالت المقاطعة في تلك المدينة،‏ التي دُمِّر معظمها،‏ شهادة شاملة جدا‏.‏

وسرعان ما انتقل سكوت وأليس كاونتس الى بيت المرسلين في طوكيو،‏ ولكن في تشرين الاول،‏ انتقل جميع مرسلي كوريا الثمانية الى بيت جديد افتُتح في ناڠويا.‏ ومن فريق كوريا،‏ عاد فقط الى ذلك البلد دون ستيل وزوجته،‏ أيرلين،‏ عندما سنحت الظروف.‏

الحقول تنضج للحصاد

كانت ڠريس وڠلادس ڠريڠوري بين الذين شاركوا في افتتاح بيت المرسلين في ناڠويا.‏ وقد وجدتا ان المقاطعة ناضجة للحصاد.‏ وفي نيسان ١٩٥١،‏ التقت ڠريس إيسامو سوڠييورا البالغ من العمر ١٨ سنة،‏ والذي كان يعمل عند تاجر يبيع الپيانوات.‏ تتذكَّر ڠلادس:‏ «ان والدة إيسامو ربَّته في المذهب الشنتوي،‏ وقيل له ان اليابان هي شينشو (‏الارض الالهية)‏،‏ وإن الكاميكازي (‏الريح الالهية)‏ ستحمي اليابان وتساعدهم ليربحوا الحرب.‏ لكنَّ ايمانه بالآلهة اليابانية تحطَّم عندما استسلمت اليابان،‏ وعانى الظروف الاقتصادية المريعة،‏ والنقص في الطعام من جرّاء الحرب.‏ ومات والده من سوء التغذية بعد انتهاء الحرب بسنة واحدة.‏ وقد تجاوب الحدث إيسامو مع الرجاء بأرض فردوسية واعتمد في محفل دائري في تشرين الاول سنة ١٩٥١».‏

وقد حضر ذلك المحفل نحو ٥٠ مرسلا،‏ مع ٢٥٠ يابانيا تقريبا.‏ وقد تأثَّر إيسامو عميقا بالواقع ان المرسلين كانوا يختلطون بحرية باليابانيين دون تحامل،‏ مع انه لم يكن قد مضى على انتهاء الحرب الا ست سنوات.‏ وبعد ٤٥ سنة من الخدمة من كل النفس،‏ بما في ذلك مدرسة جلعاد،‏ والعمل الدائري والكوري،‏ يخدم الاخ سوڠييورا الآن في بيت ايل في ايبينا كعضو في لجنة الفرع.‏

وتتذكَّر ڠلادس ڠريڠوري انها زارت امرأة كانت بوذية بالاسم والتفتت لاحقا الى كنائس العالم المسيحي؛‏ لكنها تركتها،‏ خائبة الامل.‏ وقد تثبَّطت عندما لم يتمكن القسوس من ان يوضحوا مَن هو اللّٰه،‏ ولماذا لا يستعملون الاسم الشخصي للّٰه،‏ مع انه يرد تقريبا ٠٠٠‏,٧ مرة في كتابها المقدس (‏البانڠوتاي،‏ ترجمة كلاسيكية قديمة)‏.‏ وبدلا من الاجابة عن اسئلتها الكثيرة،‏ قال لها رجل الدين ان «تؤمن فقط».‏ وقد حصلت هذه المرأة من جارتها على نسخة من برج المراقبة (‏تصدر شهريا باليابانية منذ ايار ١٩٥١)‏ كانت ڠلادس قد وضعتها عندها.‏ وإذ تأثَّرت بما قرأته،‏ بحثت عن ڠلادس.‏ وفي ما يتعلق بهذا الاختبار،‏ قالت ڠلادس لاحقا:‏ «عندما رأت اجوبة الكتاب المقدس عن اسئلتها،‏ مسّ ذلك قلبها.‏ فحضرت على الفور درس الكتاب الجَماعي.‏ وهناك سمعت اعلانات الخدمة لليوم التالي وعبَّرت عن رغبتها في الذهاب ايضا.‏ فحاولنا ان نجعلها تتريَّث بإخبارها انه يلزم ان تدرس قليلا اولا.‏ فقالت:‏ ‹حسنا،‏ سأدرس،‏ ولكن اريد ان اذهب الى الخدمة ايضا!‏›.‏ ففعلت ذلك،‏ وصرفت اكثر من ٥٠ ساعة في ذلك الشهر الاول!‏ وفي غضون سنة اعتمدت وبدأت بالفتح،‏ ثم خدمت كفاتحة خصوصية مثمرة.‏ ولا تزال في خدمة الفتح وهي في الـ‍ ٨٠ من عمرها».‏

يهوه جعله ينمو

كانت الاخوات المرسلات الخمس اللواتي عيِّنّ في اوساكا سنة ١٩٥١ مسرورات لأن اناسا كثيرين اتوا مباشرة الى بيت المرسلين من اجل الدرس.‏ لكنَّ هؤلاء المرسلات الجديدات وجدن صعوبة في تمييز شخص ياباني من آخر.‏ تقول لاينا ڤينتِلر،‏ من سويسرا:‏ «عندما كان الناس يصلون،‏ كنا نحن الخمس جميعنا نذهب كفريق وندعهم يختارون مديرة درسهم الصحيحة».‏ وفي محاولة للاقتداء بالعادة اليابانية،‏ كانت المرسلات يصففن الاخفاف ليستعملها الناس الذين يأتون الى البيت،‏ لكنَّ المرسلات لم يكنّ يعرفن الفرق بين الاخفاف التي يستعملها الضيوف والاخفاف التي تُستعمل في الحمام.‏ وذات يوم،‏ اخذت احدى التلميذات لاينا جانبا وأوضحت:‏ «ليس من عادتنا ان نضع اخفاف الحمام للضيوف».‏ وقد تعلَّمت المرسلات تدريجيا.‏

ومن وقت الى آخر،‏ كان الاخوة المرسلون في كوبي يزورون اوساكا ليقدِّموا بعض المساعدة للاخوات العوازب الخمس هناك.‏ ولم يكن في كل اوساكا آنذاك الا ناشرون قليلون.‏ وفي احدى المناسبات،‏ انضمّ لويد باري الى بعض المرسلات في اوساكا لحضور حفلة اوپرا أُقيمت في الهواء الطلق،‏ في مدرَّج كبير للبايسبول في كوشيين.‏ وعلَّق قائلا:‏ ‹ألا يكون رائعا لو نتمكن من ملء هذا المدرَّج بمحفل يوما ما!‏›.‏ امر بدا مستحيلا.‏

ولكن نحو نهاية سنة ١٩٩٤،‏ دُعي الاخ باري،‏ وهو الآن عضو في الهيئة الحاكمة،‏ في بروكلين،‏ الى إلقاء خطاب التدشين في قاعة محافل هيوڠو المبنية حديثا،‏ والتي تخدم ٥٢ جماعة في منطقة كوبي.‏ لقد كان اجتماعا مبهجا حضره عدد من الناشرين اليابانيين الاوائل هناك.‏ وقد خُطِّط لعقد محفل اكبر بكثير لليوم التالي.‏ وأين كان سيُعقد؟‏ ليس الا في مدرَّج البايسبول في كوشيين.‏ وقد اجتمع اكثر من ٠٠٠‏,٤٠ شخص،‏ وكم كانوا فريقا منظَّما!‏ وحضر ايضا كثيرون في ٤٠ موقعا آخر في كل انحاء اليابان،‏ جُعلوا على اتصال بواسطة الهاتف.‏ وهكذا كان مجموع الحضور اكثر من ٠٠٠‏,٢٥٤ شخص —‏ حتى اكثر من الذين حضروا المحفل الضخم في نيويورك سنة ١٩٥٨.‏ فكم كان يهوه «يُنمي» بطريقة رائعة في اليابان!‏ —‏ ١ كورنثوس ٣:‏٦،‏ ٧‏.‏

وفي وقت باكر من سنة ١٩٥١،‏ افتُتح بيت للمرسلين في يوكوهاما.‏ وقد تبيَّن ان هذه المدينة ايضا كانت حقلا مثمرا جدا.‏ وڠوردن ديرن،‏ الاخ المسؤول عن بيت المرسلين منذ البداية،‏ وهو الآن ارمل،‏ يتابع خدمته كامل الوقت في فرع طوكيو في ايبينا.‏ وهنالك اليوم ١١٤ جماعة في يوكوهاما،‏ والتوسُّع يستمر،‏ فيما يُكمل الاخوة المحليون العمل الذي ابتدأه المرسلون.‏

في سنة ١٩٥٢،‏ تأسس ايضا بيت للمرسلين في مدينة كيوتو.‏ ونُقل المرسلون من اوساكا وكوبي الى كيوتو لينضموا هناك الى فريق غيور من المرسلين الجدد.‏ وفي نيسان ١٩٥٤،‏ أُعيد ايضا تعيين لويس داير ومولي هَرون من كوبي الى كيوتو.‏

وفي كيوتو،‏ هنالك نحو الف معبد،‏ واحد في كل زاوية تقريبا.‏ ولم تُقصف المدينة خلال الحرب،‏ لحفظ المعابد.‏ تتذكَّر لويس:‏ «فيما كنا هناك التقينا شوزو ميما،‏ تاجر بقول بالجملة،‏ كان يتعافى في البيت من مرض مزمن.‏ ومع انه كان بوذيا غيورا،‏ اخبرني انه يريد ان يعرف عن الاله الحقيقي.‏ فكان من السهل جدا الابتداء معه بدرس في الكتاب المقدس.‏ وفي وقت لاحق درست زوجته وبناته ايضا،‏ واعتنقت كامل العائلة الحق.‏ وأصبح شوزو الودود عمودا روحيا في جماعة كيوتو».‏

انضمت مارڠريت ڤينتِلر،‏ من سويسرا،‏ الى اختها الاكبر لاينا في كيوتو.‏ واكتشفت انه في هذا التعيين الجديد عليها ان تعتاد الاشارات كما تعتاد الكلام.‏ على سبيل المثال،‏ ان الرجل الذي يتوقَّع ان تقرِّر زوجته ما اذا كانت ستقبل المطبوعات ام لا،‏ يومئ بخنصره (‏الاصبع الصغرى)‏ ليشير الى انها ليست في البيت.‏ وقد ترفع الزوجة من جهة اخرى ابهامها،‏ الذي يمثِّل الزوج،‏ لتقول انه ليس في البيت.‏ وصارت مارڠريت تدرك انه عندما يواصل الناس في كيوتو تصفُّح المجلات المقدَّمة،‏ قالبين بتمهُّل صفحة كل مرة،‏ فهُم في الواقع يرفضونها بلغة الجسد ويريدونها ان تدرك ذلك دون ان يضطروا الى قوله.‏ ولكن،‏ على اية حال،‏ لم تكن كل الاجوبة سلبية،‏ سواء بالكلمات او بلغة الجسد.‏ وهنالك اليوم ٣٩ جماعة مزدهرة لشهود يهوه في كيوتو.‏

التغلب على فصول الشتاء الباردة واللغة الجديدة

عندما وصل في سنة ١٩٥٣ الى اليابان من هاواي المزيد من المرسلين،‏ بمن فيهم أدِلين ناكو ورفيقتها ليليان سامسون،‏ عُيِّنوا في مدينة سَنداي الشمالية الباردة.‏ ففي الليل تنخفض درجات الحرارة الى ٥ درجات مئوية تحت الصفر (‏٢٣°ف)‏.‏ وكان دون ومايبل هاسلِت قد اسسا بيت المرسلين الجديد هناك في تشرين الاول المنصرم وانضم اليهما شينيتشي وماساكو توهارا.‏ ولأن هؤلاء الهاواييين نشأوا في المنطقة المدارية،‏ وجدوا ان فصول الشتاء الباردة في سَنداي تشكِّل تحديا.‏ وصاروا معروفين بصفتهم «الهاواييين المبرَّدين الطازجين».‏

تتذكَّر ليليان:‏ «لأول مرة في حياتنا تعلَّمنا كيف نقطع الخشب للموقد.‏ ولم تكن هنالك حرارة الا في المطبخ فقط،‏ لذلك كنا نحاول ان نُدفئ اسرَّتنا بـ‍ يوتانپو‏،‏ اداة يابانية لتدفئة الاسرّة مصنوعة من المعدن.‏ وخلال النهار،‏ كنا نشتري إيشي ياكِييمو (‏بطاطا حلوة تُطبخ على الحجارة الساخنة)‏،‏ نضعها في جيوبنا لنُدْفئ ايدينا،‏ ثم نأكلها عند تناول الغداء».‏

لكنَّ البرد لم يكن وحده ما سبَّب المشاكل.‏ فإلى ان تعلَّم المرسلون قراءة الاحرف الابجدية اليابانية،‏ كانت هنالك حالات مربكة.‏ لم تنسَ بعد أدِلين اليوم الذي فيه ضغطت على جهاز انذار الحريق للطوارىء،‏ معتقدة انه جرس باب احمر،‏ بسبب عجزها عن قراءة اليابانية.‏ فهرع الناس من شققهم ليروا ماذا حدث.‏ ونالت بسبب ذلك توبيخا شديد اللهجة.‏

لكنَّ ذكريات هؤلاء المرسلين تشمل اكثر بكثير من الاختبارات الشخصية خلال سنواتهم الباكرة في اليابان.‏ فبالنسبة اليهم،‏ ان الآلاف الكثيرة من اخوتهم وأخواتهم اليابانيين والحوادث التي تشاركوا فيها،‏ تحتلّ كلها مكانا في «ألبومهم العائلي».‏ ونحن ندعوكم الى التأمل في صفحات هذا الألبوم،‏ فيما نسترجع حوادث اخرى ساهمت في نمو المجتمع الثيوقراطي في اليابان.‏

الفاتحون الخصوصيون يفتتحون حقولا جديدة

كان نشاط الفاتحين الخصوصيين عاملا مهما في ايصال رسالة الملكوت الى اقصى زوايا الارض.‏ وقد تدرَّب بعضهم شخصيا على يد المرسلين،‏ وأظهروا ليهوه غيرة مماثلة.‏ وفيما كان المرسلون يعملون في تعييناتهم،‏ أُرسل هؤلاء الفاتحون الخصوصيون اليابانيون الى مدن وقرى اصغر.‏ وأظهر كثيرون من الفاتحين الخصوصيين الاوائل تفانيا واحتمالا مميَّزَين،‏ مع انهم اعتمدوا قبل وقت قصير فقط من تعيينهم.‏

حصلت هيساكو واكُوي على تعيينها بعد سنة وأربعة اشهر فقط من معموديتها.‏ وخدمت هي ورفيقتها،‏ تاكاكو ساتو،‏ معا كفاتحتين خصوصيتين منذ سنة ١٩٥٧.‏ وقد ساعدتا كلتاهما،‏ في تسعة تعيينات،‏ اكثر من ٨٠ شخصا ليصيروا شهودا معتمدين.‏

وفي ما يتعلق بنتائج بركة يهوه على احد اول الدروس التي ادارتها هيساكو في الكتاب المقدس،‏ تقول:‏ «كانت من روَّاد الكنيسة الغيورين،‏ لكنها قالت:‏ ‹اذا كان درسا في الكتاب المقدس،‏ فيمكنني ان ادرس كل يوم›.‏ وعندما تعلَّمت ان اسم اللّٰه هو يهوه وأنه أبو يسوع،‏ تركت الكنيسة وسرعان ما صارت تذهب في خدمة الحقل».‏ ولم تفتُر غيرتها عندما انتقلت الى منطقة شديدة البرودة حيث لم يكن هنالك جماعة.‏ واليوم،‏ زوجها وأولادها الاربعة جميعهم في الحق.‏ ويخدم الشبان الثلاثة كشيوخ،‏ أما ابنتها فهي فاتحة خصوصية.‏

وعندما كانت هيساكو وتاكاكو في تسورو،‏ منطقة ياماناشي،‏ وجدتا ان النمو كان بطيئا جدا.‏ ولم يكن يحضر الاجتماعات إلّا اربعة او خمسة اشخاص.‏ ففكَّر ناظر الدائرة انه ربما ينبغي ان يُعاد تعيينهما في مقاطعة مثمرة اكثر،‏ لكنَّ الاختين لم ترغبا في ترك تسورو.‏ وقد شعرتا بقوة بأنه لا بد ان يكون ليهوه خراف هناك،‏ نظرا الى انه ارسلهما الى تسورو.‏ لذلك قال ناظر الدائرة:‏ «اذا اتى ١٨ شخصا الى المحاضرة العامة في نهاية هذا الاسبوع،‏ فسأنقل الى الجمعية رغبتكما في البقاء في هذا التعيين».‏ وقد بذلت الفاتحتان كل ما في وسعهما على اساس الاسفار المقدسة لجلب الناس الى الاجتماع يوم الاحد.‏ ومن المدهش ان ١٩ شخصا حضروا!‏ وفي الاسبوع التالي،‏ تراجع عدد الحضور الى اربعة او خمسة،‏ لكنَّ الفاتحتين تمكنتا من متابعة عملهما في تلك المقاطعة.‏ واليوم،‏ هنالك في جماعة تسورو فريق رائع من الناشرين وقاعة ملكوت جميلة.‏

كازوكو كوباياشي،‏ فاتحة خصوصية اخرى خدمت طوال ٤٠ سنة في افتتاح مقاطعات جديدة.‏ وعندما التقتها لأول مرة پولين ڠرين،‏ وهي مرسلة في كيوتو،‏ كانت كازوكو تسعى الى اكتشاف القصد من الحياة.‏ أرتها پولين جامعة ١٢:‏١٣‏،‏ فاقتنعت كازوكو.‏ واستنتجت ان طريقة حياة المرسلين تنسجم الى حد بعيد مع الطريقة التي ينبغي ان يعيشها المسيحي،‏ لذلك جعلت حياة كهذه هدفها الخاص.‏ وعندما عُيِّنت كفاتحة خصوصية،‏ كان قد مضى على معموديتها ثلاث سنوات فقط.‏ لكنها سرعان ما ابتدأت تشعر بيد يهوه الواقية الحبية تدعمها في خدمتها الخصوصية،‏ ولمست نتائج جيدة.‏ فهمت كازوكو ايضا كيف يشعر الناس في القرى الريفية،‏ اي كيف ان الخوف مما قد يعتقده الآخرون يؤثر في قراراتهم.‏ فكيف تغلبت على ذلك؟‏ تقول:‏ «بذلت جهودا لأصير صديقتهم.‏ فأنا احب الناس،‏ وأينما ذهبت،‏ كنت احاول ان اتذكر ان يهوه يحبهم ايضا.‏ لذلك كان سهلا ان اصير صديقتهم».‏

في آذار ١٩٧١،‏ ارسل مكتب الفرع المزيد من الفاتحين الخصوصيين الجدد ليكرزوا في المقاطعات المنعزلة.‏ والمثالان النموذجيان هما اختان حدثتان في اول عشريناتهما تقريبا،‏ أكِمي إيدي (‏الآن اوهارا)‏،‏ ابنة مِييو إيدي بالتبني،‏ وكازوكو يوشييوكا (‏الآن توكووموري)‏،‏ اللتان عيِّنتا في كاڠا،‏ في وسط اليابان.‏ وحتى ذلك الحين،‏ خدمتا تحت «مظلَّة» اهلهما وجماعتهما الواقية.‏ «أما الآن،‏ فالامور مختلفة»،‏ تتذكَّر كازوكو،‏ وتضيف:‏ «لقد كنا الوحيدتين اللتين تعلنان البشارة في المقاطعة التي عيِّنا فيها».‏ وللمساعدة على إذابة الجليد بينهما وبين الناس الذين كانوا ينظرون الى الغرباء بارتياب،‏ تدرَّبتا على التعريف بأنفسهما باللهجة المحلية،‏ مستخدمتَين التنغيم نفسه تماما الذي يستخدمه الناس.‏ وكان بين الذين قبلوا الحق ثلاثة شبان في فريق ألعاب القوى.‏ تروي كازوكو انه عندما بدأ الثلاثة بالانطلاق في خدمة الحقل،‏ واجهت صعوبة في اللحاق بهم.‏ فقد كانوا عدَّائين للمسافات الطويلة،‏ وكانوا حرفيا يركضون من بيت مزرعة الى آخر.‏

وبقيام الفاتحين الخصوصيين الغيورين بالشهادة في المقاطعات غير المعيَّنة سابقا،‏ ازداد عدد الجماعات والفِرق المنعزلة،‏ حتى بلغ الـ‍ ٠٠٠‏,١ في كانون الثاني ١٩٧٦.‏

التطورات في اوكيناوا

أُحرز تقدُّم ايضا في الجزر الاوكيناوية.‏ فقد صارت هذه الجزر،‏ الذي يبلغ عدد سكانها ٠٠٠‏,٢٠٠‏,١ شخص،‏ تحت اشراف الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.‏ والاوكيناويون هم بالطبيعة هادئون،‏ صبورون،‏ حارون،‏ وودّيون.‏ واخوتنا واخواتنا الاوكيناويون يعربون ايضا عن صفات رائعة للاحتمال والغيرة للحق.‏

صارت اوكيناوا تابعة لفرع اليابان،‏ وزارها لويد باري،‏ ناظر الفرع في طوكيو آنذاك،‏ لأول مرة سنة ١٩٥٣.‏ وقد التقى اربعة اخوة،‏ كلهم عمال ترميم من الفيليپين،‏ فقادوه على الفور الى مركز تأهيل للجيش الاميركي،‏ حيث كان ثلاثة جنود محتجزين.‏ كان هؤلاء الاحداث قد اخذوا موقفهم الى جانب حق الكتاب المقدس لكنهم كانوا غير لبقين نوعا ما.‏ وبلغوا حدّ التطرف.‏ على سبيل المثال،‏ ابقوا المركز بكامله مستيقظا بسبب ترنيمهم بصوت عالٍ ترانيم الملكوت في وقت متأخر من الليل.‏ فجرت مساعدتهم ليكونوا اكثر اتزانا.‏ وعلى ذكر ذلك،‏ ذكر القسيس الملحق بالسجن،‏ فيما كان يراجع بعض المسائل،‏ ان ملكوت المسيح يبعد الف سنة.‏ وأحد هؤلاء الاحداث خدم لاحقا كعضو في عائلة بيت ايل في بروكلين؛‏ وصار الثلاثة جميعهم خداما مسؤولين في الجماعة المسيحية.‏ وخلال تلك الزيارة عُقد اجتماع مع اكثر من ١٠٠ شخص من سكان الجزر،‏ تجمعوا في كوخ مصنوع من المواد الجاهزة.‏

كانت يوشيكو هيڠا،‏ احدى المواطنات الأُوكيناويات،‏ حاضرة في ذلك الاجتماع.‏ والعادة في اوكيناوا هي التخلص من بقايا الاموات في كهف كبير،‏ يكون مدخله على شكل الرحم —‏ مما يشير الى ان الذين يموتون يعودون الى المكان الذي اتوا منه.‏ وقد وجدت يوشيكو ملجأ في كهف كهذا خلال معركة اوكيناوا المريعة في الحرب العالمية الثانية.‏ وإذ كانت تنظر الى بقايا الناس هناك،‏ اقتنعت بأن الاموات كانوا حقا امواتا.‏ وعند درسها الكتاب المقدس،‏ قبلت على الفور تعاليمه عن حالة الموتى ورجاء القيامة الرائع.‏

اصبحت يوشيكو اول ناشرة اوكيناوية وأول فاتحة قانونية.‏ كانت المحطة الاذاعية المحلية متحمسة لبثّ مناقشات في الكتاب المقدس،‏ لكنَّ رجال دين العالم المسيحي لم يهتموا بتقديم البرامج.‏ من ناحية اخرى،‏ وجدت المحطة الاذاعية ان يوشيكو راغبة جدا في ملء الفراغ في البرنامج.‏ وهكذا قرأت لأشهر عديدة مقالات من مجلات برج المراقبة‏.‏

وسرعان ما صار ممكنا ترتيب محفل دائري لنحو ١٢ ناشرا جديدا محليا،‏ وقد عولجت اجزاء المحفل باليابانية،‏ بالتناوب بين أدريان تومپسون ولويد باري.‏ وتوسَّع العمل بسرعة،‏ وازداد عدد الناشرين والفاتحين بسرعة فائقة.‏

انخرطت يوشيكو هيڠا في عمل الفتح في ايار ١٩٥٤.‏ وطوال ٤٣ سنة من خدمة الفتح الامينة،‏ ساعدت اكثر من ٥٠ فردا على تعلُّم الحق،‏ وأتى كثيرون من اوائل ‹رسائل توصيتها› من كنيسة شوري المحلية.‏ (‏٢ كورنثوس ٣:‏١-‏٣‏)‏ وهي تتابع عملها كفاتحة في ڠنووان.‏

ميتسوكو تومويوري،‏ شاهدة أخرى متحمسة جدا،‏ وهي ارملة ابتدأت بخدمة الفتح مع ابنتها ماساكو في سنة ١٩٥٧ في شوري،‏ عاصمة اوكيناوا القديمة.‏ ولا تزال عينا ميتسوكو تشرقان وهي تخبر عن السنوات الـ‍ ٤٠ الماضية التي تمتعت فيها بخدمة الفتح وعن الناس الكثيرين الذين ساعدتهم على اعتناق الحق الذي يقود الى الحياة الابدية.‏

في سنة ١٩٦٥،‏ اسست جمعية برج المراقبة فرعا في اوكيناوا،‏ عُيِّن فيه كناظر فرع،‏ شينيتشي توهارا،‏ مرسل هاواييّ.‏ (‏هو من اصل اوكيناوي.‏)‏ وقد استمر هذا الترتيب حتى بعد ان اصبحت الجزر من جديد تحت سيطرة الحكومة اليابانية في سنة ١٩٧٢.‏ وعندما وُضع ترتيب لجنة الفرع موضع العمل في شباط ١٩٧٦،‏ عُيِّن شينيتشي توهارا،‏ جيمس لِنْتُن،‏ (‏مرسل اوسترالي)‏،‏ وشوكيتشي اوني،‏ (‏مواطن اوكيناوي وخريج جلعاد)‏ ليخدموا في اللجنة.‏

المثابرة لازمة

خلال سنة الخدمة ١٩٧٦،‏ وفي محاولة لتوسيع الكرازة بالبشارة،‏ عيِّن فاتحون خصوصيون في المزيد من الجزر تحت اشراف فرع اوكيناوا.‏ وفي بعض الجزر،‏ كان هنالك تجاوب حسن.‏ وفي جزر اخرى،‏ لزمت سنوات كثيرة قبل التمكن من التغلب على العادات،‏ الخرافة،‏ والروابط العائلية القوية.‏ وقد لزم الفاتحين الخصوصيين المعيَّنين للعمل هناك مقدار كبير من المثابرة.‏ وبسبب عدم ثقة الناس المحليين بالغرباء،‏ غالبا ما كان يستحيل ايجاد سكن على الرغم من وجود منازل فارغة كثيرة.‏ وأحيانا كان البيت الوحيد المتوفِّر بيتا انتحر فيه شخص ما.‏ ولكن،‏ بسبب خرافة محلية،‏ لم يكن بالامكان استخدام بيت كهذا كمكان للاجتماع.‏

رغم ذلك،‏ مع الكثير من المثابرة،‏ ابتدأ الفاتحون يجنون الثمار.‏ ففي جزيرة توكونو شيما،‏ اتت عائلة الى الخطاب العام خلال زيارة ناظر الدائرة.‏ وكان الاب يولي رياضة مصارعة الثيران المحلية الشعبية جدا اهتماما عمليا.‏ (‏تتبارى الثيران مع بعضها البعض لتحديد مَن منها يملك قوة الدفع الاقوى.‏)‏ وكان عنده ثور فريد من نوعه مدرَّب على الاشتراك في المباريات.‏ لكنَّ اهتمامه بالكتاب المقدس أُثير بواسطة ابنته التي تكلم شهود يهوه اليها في اليابان.‏ وقد قبلت العائلة درسا في الكتاب المقدس،‏ وصار هو،‏ وزوجته،‏ وابنته،‏ وثلاثة ابناء شهودا منتذرين.‏ واعتنقت الحق ايضا عائلتان مجاورتان.‏ وأصبح هذا الفريق خليَّة نشاط حقيقية.‏ وهنالك في الوقت الحاضر في هذه الجزيرة الصغيرة،‏ جماعة مؤلفة من ٤٩ ناشرا،‏ و ١٦ فاتحا.‏

وفي جزيرة ايشيڠاكي الجنوبية النائية،‏ فوجئ الناشرون بحدث،‏ وهو ملاكم مشهور،‏ يبحث عنهم ويطلب درسا في الكتاب المقدس.‏ فقد سبق ان درس في يوكوهاما،‏ لكنه خاف من تحمل المسؤولية التي يلقيها حق الكتاب المقدس عليه.‏ ولتجنب ذلك،‏ فرّ الى ايريوموتي،‏ جزيرة قليلة السكان حيث كان متأكدا انه لن يكون فيها ايّ شاهد ليهوه.‏ ولكن لم يمضِ وقت طويل حتى رأى صدفة مطبوعات برج المراقبة،‏ وصُعق عندما عرف ان شهود يهوه يكرزون هناك ايضا.‏ فاستنتج انه لا سبيل الى الهروب من وجه يهوه.‏ (‏قارنوا يونان ١:‏٣‏.‏)‏ واذ استخدم عنوان احد الناشرين الذي كان مكتوبا في احدى المطبوعات،‏ بحث عن الشهود في جزيرة إشيڠاكي المجاورة.‏ وفي وقت قصير،‏ صار شاهدا منتذرا وفاتحا حماسيا.‏

وبعد زيارة اقليمية من مِلتون هنشل في ايلول سنة ١٩٨٠،‏ صارت اوكيناوا مرة ثانية تحت اشراف فرع اليابان.‏ واستمر الاخ توهارا وزوجته والاخ اوني وزوجته في الخدمة كامل الوقت في اوكيناوا،‏ وعاد الاخ والاخت لِنْتُن الى العمل الكوري في الجزر الاكبر لليابان.‏

الاخوة الجائلون يلعبون دورا مهما

بسبب روح التضحية بالذات التي اظهرها النظار الجائلون وزوجاتهم،‏ استطاعوا ان يساهموا بطرائق كثيرة في نمو ونضج الجماعات اليابانية.‏ وكان لخدمتهم تأثير بنَّاء في الجماعات.‏ ويدرك الاخوة ان هؤلاء النظار وزوجاتهم تركوا ‹بيوتا وأما وأبا لأجل الانجيل›.‏ —‏ مرقس ١٠:‏٢٩‏.‏

عندما كان نظار الدوائر يزورون الجماعات في الايام الابكر،‏ لم يكن هنالك الا القليل جدا من المساكن المتوفِّرة التي تمنح عزلة حقيقية.‏ لكنَّ قبولهم بابتهاج ايّ شيء توفَّر جعلهم محبوبين الى الاخوة.‏ يتذكَّر كييتشي يوشيدا بشيء من الفكاهة وقتا يعود الى سنة ١٩٨٣،‏ عندما اقام هو وزوجته عند اخ عازب وعائلته غير المؤمنة في بيت مزرعة كبير في الجزء الشمالي من هونشو.‏ يقول:‏ «رحَّبت بنا العائلة ترحيبا حارا وأرونا اين سنقيم —‏ غرفة فيها مذبح بوذي كبير.‏ وفيما كنا نخلد الى النوم،‏ ودون تحذير،‏ فتح الجدُّ وهو بلباس النوم،‏ الباب المنزلق،‏ ودون ان ينبس بكلمة،‏ قرع جرس المذبح،‏ اشعل البخور،‏ ادّى صلاته،‏ وخرج من الجهة الاخرى للغرفة.‏ وتبعه آخرون.‏ فقضينا الاسبوع بكامله ونحن بحالة ترقُّب لا نعلم متى او من ايّ اتجاه سيأتي زوّار المذبح.‏ لكننا قضينا اسبوعا ممتعا مع هذه العائلة اللطيفة والمضيافة».‏

يبلغ النظار الجائلون،‏ وعددهم في الوقت الحاضر ٢٠٩،‏ معدلا من نحو ٢٠ سنة في الخدمة كامل الوقت.‏ وكان معظمهم في السابق فاتحين خصوصيين.‏ وهذه الخلفية تمكِّنهم من تقديم تدريب جيد في الشهادة من باب الى باب.‏ وحماستهم لخدمة الحقل تساهم كثيرا في روح الفتح الممتازة في اليابان.‏

ساعد بعض نظار الدوائر هؤلاء على حثّ الافراد والعائلات على الانتقال الى مناطق حيث الحاجة اعظم الى شهود للملكوت.‏ ومنح آخرون انتباها خصوصيا لرفقاء الزواج غير المؤمنين،‏ الامر الذي آل الى صيرورة البعض شهودا معتمدين.‏ وجرت ايضا مساعدة الاحداث على ابتغاء اهداف روحية نتيجة الاهتمام الشخصي الخصوصي الذي أُظهر لهم والمثال الذي رسمه الاخوة الجائلون.‏

المرسلون يستمرون في المشاركة

بحلول سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ عُيِّن المرسلون في مدن اصغر.‏ وفي هذه الاماكن يميل الناس الى ان يكونوا محافظين اكثر ومتمسكين اكثر بالتقاليد،‏ لذلك تقدَّم عمل التلمذة ببطء اكثر.‏ وحيث كانت هنالك جماعات،‏ كان المرسلون يساعدون الاخوة المحليين على نيل خبرة بجعلهم يأخذون القيادة.‏ وبعض المدن التي خدموا فيها كانت:‏ أكيتا،‏ ڠيفو،‏ كوفو،‏ كاواڠوتشي،‏ كوتشي،‏ ناڠانو،‏ واكاياما،‏ وياماڠاتا.‏

وقد حاولوا بصبر مساعدة الشهود المحليين على تقدير الحكمة من اعتناق كل حقائق الكتاب المقدس.‏ (‏عبرانيين ٦:‏١‏)‏ يتذكَّر ماساو فوجيماكي،‏ الناظر المشرف في احدى الجماعات في كوفو،‏ عندما كانت الجماعة تدرس الكتاب جعل حياتكم العائلية سعيدة‏.‏ وجد اخ مسن صعوبة في فهم الارشاد ان يعبِّر الازواج علنا عن مودتهم لزوجاتهم.‏ قال:‏ «ان هذا الامر مستحيل طبعا بالنسبة الينا نحن الذين نشأنا قبل الحرب».‏ فقدَّم له ريتشارد بايلي،‏ احد المرسلين في الجماعة،‏ المساعدة بلطف وعلى انفراد قائلا:‏ ‹ينبغي ان تتفوَّق الحقائق التي ندرسها على الخلفية القومية او الجيل؛‏ فهي دائما عملية ودائما نافعة.‏ وإذا قلَّلنا من شأن ايّ جزء من الحق،‏ يمكن ان نتجرأ حتى على رفض اهم اوجهه›.‏ (‏لوقا ١٦:‏١٠‏)‏ ففهم الاخ النقطة،‏ وبعد ذلك شوهد جالسا بسعادة الى جانب زوجته —‏ اختبار جديد بالنسبة اليهما.‏

وبطرائق اخرى ايضا،‏ استفاد الاخوة المحليون من معاشرة المرسلين.‏ قالت احدى الاخوات ما يلي:‏ «كانوا مرحين وعرفوا كيف يخدمون اللّٰه بفرح.‏ تعلمت ايضا منهم اهمية الالتصاق بالمبادئ المؤسسة على المحبة بدلا من وضع القواعد».‏ —‏ تثنية ١٠:‏١٢؛‏ اعمال ١٣:‏٥٢‏.‏

وساعد المرسلون كثيرين ليشعروا اكثر بأنهم جزء من معشر الاخوة العالمي.‏ تتذكَّر كازوكو ساتو،‏ التي درست اولا في طوكيو مع مِلبا باري،‏ كيف تقوَّت فيما كانت تخدم كفاتحة في منطقة ريفية حيث يوجد الكثير من الحقد الديني.‏ وإذ شعرت بالوحدة،‏ كتبت الى المرسلين الذين عاشرتهم في جماعتها السابقة:‏ «انا اكرز وحدي».‏ فأتاها الردّ برسالة تحمل تعابير من مرسلين عديدين،‏ كُتب بعضها بعناية وجهد بالأبجدية الصوتية اليابانية،‏ تقول:‏ «كازوكو،‏ لست وحدك!‏ أصغي،‏ فمن وراء بستان التفاح ستسمعين وقع اقدام،‏ اقدام الاخوة الغيورين والامناء من حول العالم».‏ —‏ قارنوا رؤيا ٧:‏٩،‏ ١٠‏.‏

وفي الوقت الحاضر،‏ لا يزال ٤١ مرسلا يخدمون من خمسة بيوت للمرسلين في اليابان:‏ في ياماڠاتا،‏ إيواكي،‏ توياما،‏ واثنين في طوكيو.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ يخدم تسعة مرسلين في العمل الجائل،‏ وتسعة في بيت ايل في ايبينا.‏ وقد رسم هؤلاء المرسلون مثالا حسنا في الولاء ليهوه ولهيئته.‏ وبالقول والعمل،‏ ساهموا في جعل شهود يهوه في اليابان ‹يتَّسعون› في نظرتهم الى الحق ويعمِّقون فهمهم له.‏ —‏ ٢ كورنثوس ٦:‏١٣؛‏ افسس ٣:‏١٨‏.‏

نشاطات الصيف لتغطية المقاطعات غير المعيَّنة

شارك آخرون ايضا في نشر البشارة في المدن والبلدات النائية.‏ ففي سنة ١٩٧١ وجِّهت دعوة الى الفاتحين القانونيين للعمل في المقاطعات غير المعيَّنة خلال اشهر الصيف.‏ ثم في سنة ١٩٧٤،‏ أُدخل ترتيب الفاتحين الخصوصيين الوقتيين لأشهر الصيف الثلاثة.‏ وكل سنة،‏ كان ٥٠ فاتحا خصوصيا وقتيا يعيَّنون في ٢٥ منطقة مختلفة،‏ وكانت تُوزَّع كميات كبيرة من المطبوعات.‏

وبحلول سنة ١٩٨٠،‏ لم يبقَ الا نحو ٠٠٠‏,٨٠٠‏,٧ شخص يعيشون في مقاطعات لم تكن معيَّنة لأية جماعة في اليابان.‏ لذلك بدلا من تعيين فاتحين خصوصيين وقتيين،‏ دعا مكتب الفرع الجماعات،‏ فِرق الفاتحين القانونيين،‏ والعائلات الى العمل في المقاطعات غير المعيَّنة خلال اشهر الصيف.‏ وبالنسبة الى الشهود اليابانيين،‏ الذين يفضِّلون اكثر القيام بكل شيء معا،‏ كانت تلك فكرة ممتعة.‏

كانت النتائج مبهجة للقلب.‏ ففي سنة ١٩٨٦،‏ اقترب ناشر كان يعمل في مقاطعة غير معيَّنة من بيت جبلي في قرية ميوا في منطقة إيباراكي،‏ فرحَّبت به ربة منزل كانت تحمل بين يديها الكتابين:‏ جعل حياتكم العائلية سعيدة و كتابي لقصص الكتاب المقدس‏.‏ وقد حصلت على هذين الكتابين في مناسبة ابكر وقرأتهما مرارا كثيرة.‏ وكانت تبحث بلا جدوى في المكتبات عن كتاب مقدس،‏ ولذلك سُرَّت عندما سمعت ان عائلة مسيحية كانت ستنتقل الى القرية.‏ فابتُدئ على الفور بدرس في الكتاب المقدس معها،‏ والآن العائلة بكاملها في الحق.‏

وعيِّنت تدريجيا سائر البلدات والقرى للجماعات المجاورة.‏

ارشادات مخصصة للشيوخ

فيما كانت الكرازة بالبشارة تنتشر،‏ كان عدد الجماعات وحجمها ينموان ايضا.‏ وغالبا ما كان هنالك اخ واحد كفؤ،‏ وربما اثنان،‏ ليأخذ القيادة في جماعة واحدة.‏ والقليل منهم نال الكثير من التدريب في مسائل الجماعة.‏ ولكن بعد ادخال ترتيب الشيوخ في ١ تشرين الاول ١٩٧٢،‏ دُعي الشيوخ المعيَّنون حديثا الى مكتب الفرع في تومازو،‏ ومُنحوا اسبوعين من الارشاد الخصوصي.‏

كانت هذه المدرسة حدثا بارزا حقا.‏ فقد حاول المعلمون ان يساعدوا الاخوة ليروا اهمية ان يظهروا المحبة الحقيقية وأن يكونوا متزنين ومتعقلين في التعامل مع الرفقاء الشهود.‏ (‏٢ كورنثوس ١:‏٢٤‏،‏ ع‌ج‏)‏ وشدَّدوا ايضا على اهمية ان يعتني المرء بعائلته روحيا.‏ (‏١ تيموثاوس ٣:‏٤؛‏ ٥:‏٨‏)‏ وهذا ما لم يكن يُشدَّد عليه عادة في الأُسر الآسيوية.‏

كان الاخوة يتوقون الى اخذ كل ما امكن من الارشاد الذي تعلموه في المدرسة الى منطقتهم.‏ لكنَّ كثيرين كانوا يميلون الى حفظ الارشادات كما كانوا يفعلون في المدرسة.‏ يتذكَّر تاكاشي أبي،‏ احد المعلمين:‏ «كان التلاميذ يسهرون حتى وقت متأخر من الليل يدوِّنون باجتهاد الملاحظات المستقاة من المناقشات التي جرت في ذلك اليوم.‏ وقد حاولنا ان نثنيهم عن اخذ الكثير من الملاحظات ووضع القواعد،‏ ونحثهم بالمقابل على استعمال مقدرتهم التفكيرية وتطبيق مبادئ الكتاب المقدس».‏ —‏ رومية ١٢:‏١؛‏ عبرانيين ٥:‏١٤‏.‏

وقد قام اخوة كثيرون بتضحية شخصية كبيرة ليحضروا هذه المدرسة.‏ فقد سافر البعض من هوكايدو المغطاة بالثلوج،‏ والتي تبعد ٣٠٠‏,١ كيلومتر (‏٨٠٠ ميل)‏ الى الشمال؛‏ وآخرون من اوكيناوا تحت المدارية،‏ والتي تبعد ٨٠٠‏,١ كيلومتر (‏١٠٠‏,١ ميل)‏ الى الجنوب.‏ وكان بين الذين حضروا اشخاص واجهوا احتمال الاضطرار الى البحث عن استخدام دنيوي جديد عندما يعودون الى عائلاتهم.‏ وفي سنة ١٩٧٧،‏ عُقدت دورات دراسية لمدة يومين في اماكن مختلفة في كل انحاء البلد.‏ فسهَّل ذلك اكثر حضور الاخوة.‏

مواجهة المقاومة العائلية

ان الصيرورة مسيحيا في اليابان لها تحدياتها.‏ توضح هيروكو إتو،‏ التي تخدم كفاتحة منذ ٣٧ سنة:‏ «يتعرض الجدد لكثير من الاضطهاد من الاقرباء الذين يعيشون في مجتمعهم،‏ وخصوصا في المقاطعات الريفية.‏ فالاقرباء يخجلون من ان يكون في العائلة عضو مختلف عن الآخرين في المجتمع،‏ وخوف الانسان قوي للغاية».‏

احبَّت والدة هيروكو،‏ يوريكو إتو،‏ الكتاب المقدس حتى قبل ان تلتقي شهود يهوه.‏ ولكن في سنة ١٩٥٤،‏ عندما ساعدوها على تقدير قصد اللّٰه ليس فقط بأخذ قطيع صغير من المسيحيين الامناء الى السماء بل ايضا بجعل الارض فردوسا مليئا بخدام ليهوه سعداء،‏ اندفعت الى إخبار الآخرين بهذه البشارة.‏ فساعدت هي وأولادها بصبر كثيرين على ان يتغلبوا على خوف الانسان لينالوا رضى يهوه.‏

وفي ما يتعلق بجهود هيروكو لمساعدة امرأة مخلصة،‏ حصل معها الاختبار التالي.‏ واجهت ربة منزل ابتدأت تدرس مقاومة من حماتها،‏ التي كانت تعيش وزوجها معها.‏ ولأنها لا تريد ان تعكِّر صفو السلام العائلي،‏ توقفت ربة المنزل عن الدرس.‏ تقول هيروكو:‏ «كنت انتظرها في الشارع وأشجعها ان تكون لطيفة مع حماتها.‏ وأن تظهر بالمثال التأثير الجيد لدرس الكتاب المقدس.‏ وكانت بلباقة تطرح على زوجها اسئلة تتعلق بما كانت تدرسه فصار تدريجيا مهتما.‏ في البداية قال لها زوجها:‏ ‹في منطقة ريفية كهذه،‏ يستحيل على المرء ان يصير مسيحيا›.‏ لكنَّ محبتهما ليهوه ساعدتهما على التغلب على الكثير من المقاومة».‏ والآن هما وابنهما الاكبر معتمدون.‏ ويدير الزوج،‏ وهو خادم مساعد،‏ درس الكتاب الجماعي في بيته،‏ وقد فاجأت امه الجميع بحضورها الاجتماع عندما ألقى خطابه العام الاول.‏

غالبا ما تأتي المقاومة من رفقاء الزواج.‏ وبعض الازواج يقاومون بسبب الغيرة او لأنهم نشأوا في بيئة تشيع فيها نعرة الذكور.‏ عندما بدأت كايكو إتشيمارو المتزوجة حديثا تدرس الكتاب المقدس في اوائل سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ قاومها زوجها هيرويوكي بشدة وأمرها الَّا تحضر الاجتماعات.‏ اوضح هيرويوكي لاحقا:‏ «لم اتمكن من احتمال فكرة حلولي في المرتبة الثانية بعد دينها».‏ وكانت كايكو تحب زوجها،‏ لذلك طلبت منه بلباقة ان يتحقق ما اذا كان ما تدرسه جيدا.‏ فقرَّر ان يدرس الكتاب المقدس وحده لكنه لم يستطع فهمه.‏ اخيرا سأل زوجته هل بإمكانه ان يحضر درسها.‏ وأصبح كلاهما شاهدين معتمدين.‏ وصار هيرويوكي اخيرا فاتحا قانونيا ويخدم الآن كشيخ.‏

بعد ان بدأ عمل المناداة بالملكوت في تشيكوڠو في سنة ١٩٧١،‏ كانت مايوكي ساكاموتو احدى اوائل الذين قبلوا رسالة الكتاب المقدس.‏ فصار زوجها تويوتا يقاوم عندما بدأت هي وابنه الحدث يحضران الاجتماعات في مدينة مجاورة.‏ وإذ صمَّم تويوتا على ايقافها،‏ زاد من حدة مقاومته.‏ وطوال ١٤ سنة،‏ وحتى بعد ان اعتمدت سنة ١٩٧٣،‏ استمر في مقاومتها.‏ وذات مرة صوَّب مسدسا نحوها وصاح:‏ «سأقتلك اذا لم تتركي»!‏ فأثارت ردة فعلها الهادئة اهتمام تويوتا.‏ وتساءل عما جعلها ثابتة الى هذا الحد.‏

ورغم كل هذا،‏ سعت مايوكي الى اظهار المحبة لزوجها.‏ ولم تتخلَّ قط عن محاولة مساعدته على تعلُّم الحق.‏ (‏١ بطرس ٣:‏١،‏ ٢‏)‏ وذات يوم،‏ اذ تضايق تويوتا من الواقع ان زوجته وابنه كانا يخدمان كفاتحين فيما كان يقوم هو بالعمل الدنيوي،‏ ذهب الى مكان عمله واستقال.‏ وقام بخطوة مهمة لأن الرجال اليابانيين يعتبرون عموما عملهم شبه مقدس.‏ وأمل تويوتا ان تشعر زوجته وابنه بالشفقة نحوه.‏ ولكن عندما وصل الى البيت وأخبرهما بما فعل،‏ صفَّقا فرحا.‏ فحمله ذلك على التفكير مليا في الامر.‏ وسرعان ما بدأ يدرس.‏ وعلى مرّ الوقت انضم اليهما في عمل الفتح،‏ وهو يخدم الآن كشيخ مسيحي.‏

في بداية سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كثيرا ما كان الرجال الذين يحضرون اجتماعاتنا لأول مرة يلاحظون وجود النساء والاولاد فقط‍.‏ ولكن منذ ذلك الحين،‏ احرز عشرات الآلاف من الرجال تقدما روحيا ممتازا.‏ والآن للهيئة بنية صلبة مؤلفة من رجال ناضجين روحيا يعتنون بكل الحاجات التنظيمية.‏ وبينهم بعض الذين كانوا مقاومين في سبعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏

الفاتحون يذهبون الى المدرسة

بسبب ارتفاع نسبة الخدام الفاتحين (‏٢٥ الى ٣٠ في المئة)‏ في كل جماعة في سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ انخرط كثيرون في مدرسة خدمة الفتح،‏ التي بدأت في كانون الثاني ١٩٧٨ في اليابان.‏ وقد ساهم هذا التدريب كثيرا في نضج الجماعات.‏

كان الفاتحون الخصوصيون والمرسلون والنظار الجائلون،‏ بالاضافة الى زوجاتهم،‏ اول من دعوا الى المدرسة.‏ يتذكَّر شيڠيرو يوشييوكا،‏ احد المعلمين الاوائل:‏ «كان مساعدا كثيرا وجود هؤلاء الفاتحين ذوي الخبرة في الصفوف الاولى.‏ فقد تمكنَّا من اخبار الصفوف التالية بما تعلمناه من تعليقات واختبارات هؤلاء الخدام الناضجين».‏

وابتداء من شباط ١٩٨٠،‏ صارت مدرسة خدمة الفتح تُعقد في كل دائرة.‏ ونظار الدوائر والاخوة الناضجون الآخرون الذين حضروا المقرَّر خدموا كمعلمين.‏ وفي السنوات الثماني التي تلت افتتاح المدرسة،‏ كان هنالك كمعدَّل زيادة ٢٢ في المئة سنويا في عدد الفاتحين القانونيين،‏ بالمقارنة مع زيادة ١٢ في المئة في عدد الناشرين.‏ والآن،‏ لدى معظم الدوائر قانونيا صفان او اكثر من صفوف مدرسة خدمة الفتح التي تضم من ٢٥ الى ٣٠ تلميذا كل سنة.‏

ان معظم الفاتحين الذين يحضرون هذه المدرسة هم جدد في الحق الى حد ما،‏ ولكن نتيجة للتدريب في هذه المدرسة،‏ ينالون ثقة ومهارة في خدمتهم ويتعلمون دروسا قيِّمة في العيش المسيحي.‏ عبَّرت فاتحة عن ذلك بهذه الطريقة:‏ «قبل الآن،‏ كانت الخدمة،‏ تدريب الاولاد،‏ الشخصية المسيحية،‏ ومعرفة الكتاب المقدس امورا كلها مختلطة في ذهني.‏ ولكن من خلال المقرَّر الدراسي الذي دام عشرة ايام،‏ صرت قادرة على فرزها كلها ووضعها في اماكنها المناسبة».‏ وفي ايلول ١٩٩٧،‏ كان قد عُقد ٦٥٠‏,٣ صفا،‏ بحضور بلغ ١٥٨‏,٨٧ فاتحا.‏

كل انواع الناس يتجاوبون

يشكِّل الناس من خلفيات متنوعة جدا بنية مثيرة للاهتمام للهيئة الثيوقراطية في اليابان.‏ وتوشيياكي نيوا هو شيخ لطيف يخدم في احدى الجماعات في يوكوهاما.‏ لكن عند نهاية الحرب العالمية الثانية،‏ كان قد تدرَّب على قيادة اوكا،‏ طائرة صاروخية،‏ من اجل هجوم انتحاري للكاميكازي ضد السفن البحرية الاميركية.‏ وكانت خدمة كهذه تُعتبر دليلا على التعبُّد للامبراطور.‏ لكنَّ الحرب انتهت قبل ان تسنح له الفرصة ليموت من اجل بلده.‏ وفي ما بعد درست زوجته الكتاب المقدس مع شهود يهوه.‏ وعندما علم توشيياكي ان الشهود بقوا حياديين تماما خلال الحرب،‏ اهتم هو ايضا.‏ وفي سنة ١٩٧٧ انضمّ الى زوجته في اخبار الآخرين برسالة الكتاب المقدس عن السلام.‏

وفي عالم التسلية ايضا،‏ وجدنا اناسا غيَّروا بسرور نمط حياتهم ليصيروا مسبِّحين ليهوه.‏ فقد شكَّل يوشيهيرو ناڠاساكي فرقة جاز ديكسيلاند مع اصدقاء عديدين من الكلية.‏ وطلبوا من رجل كان قد علَّمهم الجاز ان يصير قائد فرقتهم.‏ وكان هذا الرجل،‏ يوشيماسا كاساي،‏ وهو احد اهم عازفي الجاز في اليابان،‏ قد صار في غضون ذلك الوقت على اتصال بـ‍ «ترومي» يونڠ،‏ وهو عازف بوق اتى من هاواي للزيارة.‏ يتذكَّر يوشيهيرو،‏ الذي يخدم الآن في لجنة الفرع:‏ «ابتدأت الدروس في ذلك اليوم تماما،‏ ليس في الموسيقى بل في الحق.‏ ولم نكن مهتمين البتة،‏ ولكن لأنه كان شديد الحماسة ولا نريد ان نخسره كقائد لفرقتنا،‏ اصغينا اليه».‏ حتى انهم وافقوا على الدرس.‏ لكنَّ نقطة التحول عند يوشيهيرو كانت عندما حضر محفلا دائريا في نيسان ١٩٦٦.‏ وفي المحفل،‏ دعته تلميذة من المدرسة الثانوية كان يوشيهيرو قد التقاها سابقا،‏ الى الانضمام اليها في خدمة الحقل.‏ فكانت هي تشهد من الكتاب المقدس،‏ وهو يقدِّم ورقة دعوة الى اصحاب البيوت.‏ يتذكَّر:‏ «لأول مرة،‏ بدأ الحق فعلا يعني شيئا لي».‏ وبعد ان حضر ذلك المحفل،‏ صار يذهب في الخدمة كل يوم وأحرز تقدُّما سريعا.‏ وأربعة من ستة اعضاء من تلك الفرقة هم الآن شهود نشاطى.‏

كان شينجي ساتو كاهنا في مزار إيزومو المشهور في منطقة شيماني،‏ وهو احد اهم المزارات الشنتوية في اليابان.‏ وخدم ايضا كمعلم لطائفة إيزومو اوياشيروكيو.‏ ومع انه خدم ككاهن شنتوي لنحو ٢٠ سنة،‏ خيّب امله الظلم وفقدان المحبة اللذان كان يلاحظهما بين الكهنة.‏ فأدرك ان الآلهة الشنتوية لا تقدِّم الخلاص،‏ وابتدأ يبحث عن الاله الحقيقي.‏ وباشر قراءة الكتاب المقدس،‏ لكن كانت لا تزال اسئلة كثيرة تراوده.‏

وفي ذلك الحين،‏ كان ان التقى في الشارع احد معارفه،‏ وهو يعلم انه واحد من شهود يهوه.‏ لذلك طرح اسئلة شعر بأنها تحدِّد هوية الدين الحقيقي:‏ «هل دينكم لا علاقة له بالسياسة؟‏ هل منظمتكم منظمة لا تتوخى الربح؟‏ هل مصدر تعاليمكم اللّٰه لا البشر؟‏ هل الناس في مركزكم الرئيسي يطبِّقون ما يبشرون به؟‏» ثم سأل:‏ «اذا كانت منظمتكم تستوفي هذه الشروط،‏ فهل تتكرَّم وتعلّمني الكتاب المقدس»؟‏ ويا للراحة التي شعر بها عندما تحرَّر اخيرا من بابل العظيمة!‏ (‏رؤيا ١٨:‏٤‏)‏ يقول:‏ «كوني الآن واحدا من شهود يهوه وأعلِّم الآخرين طريق الاله الحقيقي،‏ اشعر تماما كما هو مسجل في الامثال:‏ ‹بركة الرب هي تُغْني ولا يزيد معها تعبا›».‏ —‏ امثال ١٠:‏٢٢‏.‏

ثمة فنانون وموسيقيون مشهورون،‏ كاتب مسلسلات رسوم هزلية،‏ مصارع سومو،‏ ودرَّاجون محترفون تخلوا جميعهم عن امجادهم الغابرة.‏ ورأى اختصاصيون كالاطباء،‏ خطَّاط مشهور،‏ ومحامون نور الحق وهم يستعملون مهاراتهم ليروِّجوا مصالح الملكوت.‏ والذين كانوا سابقا اعضاء في عصابات،‏ قُطَّاع طرق،‏ رجال شرطة،‏ وسياسيين يسكنون بسلام مع اخوتهم الروحيين.‏ (‏اشعياء ١١:‏٦-‏٩‏)‏ ورهبان بوذيون،‏ كهنة شنتويون،‏ وامرأة اسست دينها الخاص يخرجون من بابل العظيمة.‏ (‏رؤيا ١٨:‏٢‏)‏ ويعمل معا في مشاريع ثيوقراطية معلِّمون،‏ رجال اعمال يابانيون بارزون،‏ وحرفيون.‏ لقد نمت هيئة يهوه لتشمل كل انواع الناس الذين جرت مساعدتهم ‹ليلبسوا الانسان الجديد المخلوق بحسب اللّٰه في البر وقداسة الحق›.‏ —‏ افسس ٤:‏٢٤‏.‏

روح الفتح الحماسية

على الرغم من ان المقاطعة تتقلَّص واللامبالاة الدينية تزداد،‏ لا تزال هنالك حماسة كبيرة لخدمة الفتح.‏ وفي الربيع،‏ عندما ينضمّ عدد كبير من الفاتحين الاضافيين الى صفوف الفاتحين،‏ يرتفع مجموع كل الفاتحين الى اكثر من ٥٠ في المئة من الناشرين.‏ وفي آذار ١٩٩٧،‏ انخرط ٧٣٧‏,١٠٨ في عمل الفتح.‏

لطالما يُطرح هذا السؤال:‏ «لماذا هنالك فاتحون كثيرون جدا في اليابان»؟‏ يبدو ان هنالك عدة عوامل.‏ لقد وضع مرسلون غيورون الاساس للنمو في اليابان بعد الحرب،‏ ويسعى تلاميذ ذوو تقدير الى التمثل بالذين يعلِّمونهم.‏ (‏لوقا ٦:‏٤٠‏)‏ ونتيجة ذلك،‏ انتقل إرث الغيرة للخدمة الى الجيل التالي من التلاميذ.‏ ويصحّ عموما ايضا ان البيوت اليابانية هي بسيطة الى حد ما،‏ مما يستلزم وقتا قليلا لترتيبها،‏ وفي اغلب الاحوال،‏ تكون الحياة عادة بسيطة.‏ ويمكن ان يسهِّل ذلك اكثر على ربات البيوت ان يمنحن الاولوية للمصالح الروحية.‏ (‏متى ٦:‏٢٢،‏ ٣٣‏)‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ المناخ في اليابان معتدل عموما،‏ والاحوال السياسية والاقتصادية مؤاتية في البلد.‏

ويبدو ان الخلفية الثقافية وخصائص هذا البلد لا تزال تشكِّل عاملا آخر ايضا.‏ فاليابانيون عموما يطيعون التوجيهات،‏ يتجاوبون مع التشجيع الصادر من فريق،‏ وهم حماسيون في عملهم.‏ وفي ما يتعلق بهذا،‏ فإن شينيتشي توهارا،‏ اميركي من اصل ياباني اتى الى اليابان كواحد من اوائل مرسلي فترة ما بعد الحرب،‏ قال:‏ ‹مات طيارو الكاميكازي من اجل الامبراطور بتصويب طائراتهم نحو سفن العدو الحربية.‏ فإذا كان اليابانيون امناء للاسياد البشر الى هذا الحد،‏ فماذا يفعلون اذا وجدوا السيد الحقيقي،‏ يهوه؟‏›.‏ نعم،‏ تكمن رغبة شديدة في ارضاء يهوه وراء كل طلب فتح.‏

الوالدون الذين ينخرطون في خدمة الفتح

مَن هم الفاتحون؟‏ اكثرهم اخوات،‏ ومعظمهن متزوجات ولديهن اولاد.‏ وكثيرات ممَّن يخدمن كفاتحات لا يحظين بالدعم الروحي من ازواجهن وأقربائهن غير المؤمنين.‏

موتزوكو من فوجيساوا،‏ التي تخدم كفاتحة منذ اكثر من ٢٠ سنة،‏ تقول:‏ «عندما ابتدأت اخدم كفاتحة،‏ كان عمر ابنتي الصغرى اشهرا قليلة فقط‍.‏ ولم يكن زوجي،‏ الذي يعمل في مصرف،‏ يأتي عادة الى البيت الا بعد ان نعود من اجتماعاتنا المسائية.‏ ومع ان ذلك تطلب مقدارا كبيرا من الجهد،‏ اردت ان استمر في خدمتي كفاتحة».‏ وقد كوفئت عندما انضم اليها في خدمة الفتح اولادها الثلاثة كلهم،‏ بعد تخرُّجهم من المدرسة الثانوية.‏ وبعد سنوات كثيرة من المقاومة ثم عدم الاهتمام،‏ بدأ زوجها ايضا يتغيَّر.‏ وكم كانت سعادة موتزوكو كبيرة عندما سمعت ابنها يلقي النصف الاول من خطاب عام في الجماعة،‏ وتلاه زوجها مقدِّما ما تبقى!‏

للآباء الفاتحين ايضا تأثير جيد.‏ كان هيساتاكا يعلم ان والده قد تخلَّى عن مركزه كمعلم لمعالجة البيانات ليتمكن من الخدمة كفاتح.‏ وخلال عطلة هيساتاكا الصيفية من المدرسة الابتدائية،‏ دعاه والده الى مرافقته في عمله،‏ توزيع الحليب في الصباح الباكر.‏ يتذكَّر هيساتاكا:‏ «وحين انسابت خيوط الشمس البرتقالية الرائعة في السماء من جهة الشرق،‏ عبَّر لي ابي عن مكنونات نفسه مخبرا كم مكافئة هي خدمة يهوه من كل النفس.‏ وما من كلمات كان يمكن ان تؤثر فيّ مثلما اثَّرت فيّ رؤيته يكدّ بفرح من اجل يهوه».‏ ويخدم هيساتاكا الآن كعضو في عائلة بيت ايل في ايبينا.‏

النجاة من كاروشي

ان ربّ العائلة الياباني النموذجي متفانٍ كثيرا في عمله ويصرف ساعات طويلة كثيرة في مكان استخدامه.‏ لكنَّ آباء كثيرين كانوا ذات مرة يجهدون انفسهم حتى الـ‍ كاروشي (‏الموت من الافراط في العمل)‏ هم الآن منتذرون لا لشركة دنيوية بل ليهوه اللّٰه وقد انضموا الى عائلته في خدمة الفتح.‏

شونجي من منطقة كوبي،‏ كان يعمل في شركة بناء كبيرة،‏ يقول:‏ «ان ما كان يدفعني هو تعلقي بعملي والرغبة في النجاح.‏ وعندما تكون مراكز العمل بعيدة عن البيت،‏ كنت في احسن الاحوال اعود الى عائلتي في نهايات الاسابيع فقط».‏ فماذا غيَّر كل ذلك؟‏ يجيب:‏ «كنت اخاف الموت،‏ وأقلق بشأن ما قد يحدث لعائلتي اذا متُّ.‏ وحيَّرني سبب كون زوجتي وابني دومًا فرحَين جدا عند الخروج في البشارة».‏ وفيما كان شونجي يساعد الجماعة المحلية بالتفاصيل التقنية المتعلقة ببناء قاعة ملكوتهم،‏ شجعه شيخ على حيازة درس في الكتاب المقدس.‏ ففعل ذلك،‏ وهو يشارك الآن عائلته في فرح خدمة الفتح القانوني.‏ ويتمتع ايضا بالخدمة في لجنة بناء اقليمية.‏

يلزم ايمان حقيقي واعراب عن روح التضحية بالذات ليترك رؤوس العائلات ما كان يُعتبر استخداما مضمونا في شركة مدى الحياة،‏ ثم يعملوا في وظائف بدوام جزئي وغير ثابتة نوعا ما كي يتسنى لهم الوقت لخدمة الفتح.‏ غيَّر والد ميتسونوبو من تشيبا عمله.‏ ففي الشركة الضخمة حيث كان يعمل وحيث ترقّى زملاؤه السابقون الى مراكز ادارية،‏ كان يذهب من مكتب الى مكتب،‏ ويجمع الاوراق المهملة لإعادة استعمالها.‏ وبتقدير حقيقي يقول ميتسونوبو:‏ «كم انا شاكر لوالديَّ اللذين علَّماني شخصيا كيف اقدِّر كنز خدمة الفتح،‏ مما ساعدني على جعلها مهنتي»!‏ ان الذين يقومون بتعديلات كهذه في الحياة مقتنعون بأن المكافآت المالية هي وقتية فقط وبأن الكنوز الروحية لها قيمة اكبر بكثير.‏ —‏ متى ٦:‏١٩-‏٢١‏.‏

اعتنوا بصحتكم لتعيشوا اطول!‏

ان بعض الذين يرغبون بشوق في ان يبذلوا قصارى جهدهم في خدمة يهوه،‏ يتغلبون ايضا على المشاكل الصحية الخطيرة.‏ «في احسن الاحوال،‏ ستعيشين لتري ابنك يكبر.‏ لا ترهقي نفسك ابدا في العمل،‏ بل اعتني بنفسك جيدا لتعيشي اطول».‏ هذا ما قاله الطبيب الذي شخَّص مشاكل يايكو أونو الصحية المتعلقة بقلبها،‏ وقد كان ابنها آنذاك في الثالثة من عمره.‏ فسألت نفسها وهي عائدة الى البيت من المستشفى:‏ «كيف يمكنني ان اعيش ما تبقى من حياتي دون ان اشعر بالندم؟‏».‏ وحالما وصلت الى البيت،‏ كانت قد قرَّرت ان تصبح فاتحة.‏ وعندما علم اقرباؤها بذلك قلقوا،‏ لكنَّ ذلك لم يجعلها تبدِّل رأيها.‏ تقول:‏ ‹ابتدأت بخدمة الفتح في ايلول ١٩٧٨.‏ لم اكن اعلم آنذاك انني حامل.‏ وصارت امي مريضة جدا.‏ وازدادت حالتي سوءا.‏ لكنَّ كلمات يسوع منحتني الشجاعة:‏ «بإيمان مثل حبة خردل يمكن ان ينتقل الجبل».‏ (‏متى ١٧:‏٢٠‏)‏ فقرّرتُ ان افعل ما في وسعي›.‏

وبعد ١٧ سنة،‏ قالت يايكو:‏ «اشعر بأن ذراعَي يهوه المعزيتين كانتا تحيطان بي».‏ وكادت المشاكل تسحقها احيانا،‏ لكنها كانت تتحدث عن بركات يهوه،‏ وهذا ساعدها على المثابرة.‏ وإذ تأثر زوجها بغيرتها،‏ بدأ يدرس.‏ وكانت ذروة فرحها عندما صار رفيقا لها في خدمة الفتح،‏ استجابة لصلواتها الحارة.‏

هذه هي مقدرة الفاتحين في اليابان.‏ ويمكن ذكر كثيرين غيرهم —‏ افراد كالأخ الذي شُلّ من رقبته فما دون لكنه كان دائما مصدر تشجيع للآخرين فيما خدم كفاتح وخصوصا بواسطة المراسلة،‏ والاخت التي وُلدت تماما عند بداية القرن العشرين وقضت سنواتها الـ‍ ١٣ الاخيرة حتى سنة ١٩٩٤ كفاتحة في منطقة محاطة بالثلوج،‏ والشيخ الاعمى الذي انتقل الى بلدة ليخدم كفاتح ويساعد الجماعة الصغيرة هناك.‏ كل هؤلاء،‏ كالشهود الامناء القدامى،‏ على الرغم من ضعفاتهم الجسدية،‏ «تقووا» باللّٰه ليفعلوا مشيئته.‏ —‏ عبرانيين ١١:‏٣٢-‏٣٤‏.‏

ترجمة العالم الجديد باليابانية

ان استعمال الكتاب المقدس في الخدمة العلنية سمة تثبت هوية شهود يهوه عالميا.‏ وفي اليابان،‏ كان الناشرون يتوقون الى الحصول على كتاب مقدس سهل القراءة ودقيق باليابانية العصرية.‏ فقد كان كثيرون يبذلون اقصى جهدهم ليفهموا الترجمة التقليدية.‏ وعلى الرغم من اساليبها الرائعة في التعبير واستعمالها الدائم لاسم اللّٰه القدوس،‏ كان صعبا على الذين تعلَّموا بعد الحرب ان يفهموا تركيب جملها القديم.‏ لذلك في كانون الثاني ١٩٧٠ شعر الاخوة في الفرع بفرح غامر إذ تسلَّموا رسالة من المركز الرئيسي تجيز ترجمة الجزء اليوناني من ترجمة العالم الجديد باليابانية.‏

وبعد ثلاث سنوات،‏ في محفل «الانتصار الالهي» الاممي في اوساكا،‏ اندفع حشد مؤلف من ٢٦٣‏,٣١ شخصا الى التصفيق بفرح عندما اعلن لايْمَن سْوينڠل،‏ من الهيئة الحاكمة،‏ اصدار الطبعة اليابانية لـ‍ ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية.‏ وخلال السنوات التسع التي تلت اصدارها،‏ وُزِّعت ٠٠٠‏,١٤٠‏,١ نسخة،‏ اكثر من عدد الناشرين حين صدرت لأول مرة بـ‍  ٧٥ ضعفا تقريبا.‏ وطُبع هذا الكتاب المقدس في الولايات المتحدة،‏ لكن لم يطل الوقت حتى صار الطبع والتجليد يجريان في تسهيلاتنا في اليابان.‏

هل يمكن تحسين اماكن الاجتماعات؟‏

فيما كان لا يزال عدد الجماعات يتضاعف في كل انحاء اليابان،‏ اتَّضح اكثر فأكثر ان وجود اماكن ملائمة للاجتماع هو حاجة ملحة.‏ فقبل سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كانت جماعات قليلة جدا تملك مكانا لاجتماعها.‏ وفي الواقع،‏ لم يكن هنالك الا تسع قاعات للملكوت دُشِّنت خلال عقد ستينات الـ‍ ١٩٠٠ بكامله.‏ وكانت معظم الجماعات تجتمع في قاعات عامة مستأجرة او في بيوت خاصة.‏

وإذ تتذكَّر أيي ناكامورا،‏ احدى الاخوات في هيروساكي،‏ عناء الذهاب الى هذه «الاجتماعات المتنقلة» تقول:‏ «نحو سنة ١٩٦٣،‏ كنا نستأجر كل نهاية اسبوع القاعة الثقافية في المدينة،‏ وفي الايام التي تُغلق فيها القاعة ابوابها،‏ كانت الجماعة المؤلفة من ١٥ شخصا تقريبا يحضرون الاجتماعات في بيتي.‏ وكان علينا جميعا ان نتعاون على حمل المجلات،‏ المطبوعات،‏ مِقرأ الخطيب القابل للحمل،‏ وغيرها من الاشياء كلما كنا نجتمع».‏ وغالبا ما كانت تفوح رائحة تبغ قوية من القاعات المستأجرة بالاضافة الى وجود الشعارات والزخارف السياسية او الدينية.‏ ولم يكن ايّ منها ينسجم مع المضمون الروحي لاجتماعات الشهود.‏

تتذكَّر مولي هَرون ولويس داير القاعة التي استأجرتاها في كيوتو للاجتماعات.‏ كانت ارض الغرفة مفروشة بالتاتامي،‏ او حصيرة من قش،‏ في الطابق الثاني من احد المتاجر.‏ وعند كلا جانبَيها،‏ كانت هنالك غرف اخرى.‏ ففي الجانب الاول كانت تقدَّم دروس في الساميسن،‏ آلة وترية يابانية؛‏ وفي الجانب الآخر كان الرجال يلعبون الـ‍ «ڠو»،‏ لعبة داما يابانية.‏ وقالت لويس داير:‏ «وسط هذه الجلبة المتواصلة،‏ حاولنا ان ندير درس برج المراقبة‏.‏ فكان ذلك المكان كل ما لدينا لنستخدمه في تلك الايام».‏ ولأنه لم يكن عندنا اماكن دائمة للاجتماع كباقي الفِرق الدينية،‏ مال الناس الى الشعور بأننا مجرد بدعة تافهة ووقتية.‏

بحلول اواسط سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ وبسبب ازدياد عدد الجماعات الجديدة،‏ كان الاخوة يبحثون عن ابنية يمكن ان يستخدموها كقاعات ملكوت.‏ وبحلول تموز سنة ١٩٧٤،‏ كانت ٦٤٦ جماعة تستخدم نحو ٢٠٠ قاعة ملكوت في كل انحاء البلد.‏ وقد دُشنت منها ١٣٤ قاعة خلال سنة الخدمة ١٩٧٤ وحدها.‏

ورغم ان دخل اخوتنا المالي كان محدودا،‏ لم تكن لإبداعهم حدود.‏ مثلا،‏ في جزيرة كيوشو،‏ بَنَت جماعة كيتاكيوشو واكاماتسو قاعة ملكوت مساحتها ١٣٠ مترا مربعا (‏٤٠٠‏,١ قدم مربعة)‏ على قطعة ارض قدَّمها احد الناشرين المحليين.‏ وحصلت الجماعة على الواح خشبية مستعملة وعلى قرميد للسطح دون مقابل من خمسة بيوت كانت تُهدم.‏ وحصلوا ايضا مجانا على خشب من حمام عام لم يعد قيد الاستعمال.‏ ومواد البناء الوحيدة التي اشتروها هي من اجل الاجزاء التي ستكون منظورة عند اكمال القاعة.‏ ومن صالة سينما مجاورة مُهمَلة،‏ حصلوا على الكراسي مجانا،‏ اعادوا دهنها،‏ ووضعوها في القاعة.‏ وبعد ستة اشهر من العمل المُضني،‏ صار الاخوة يملكون قاعة ملكوت جميلة.‏

ولأن اسعار الاراضي كانت باهظة،‏ فإن بعض الشهود الذين عندهم ممتلكات في المناطق المدينية،‏ هدموا بيوتهم وأعادوا بناءها مع قاعة ملكوت في الطابق الاول وأقاموا فوقها.‏

ضرورة بناء فرع لمواكبة النمو

تماما كما ان ثياب الولد تضيق عليه باستمرار وهو ينمو،‏ هكذا ايضا كانت هنالك حاجة متكررة الى توسيع التسهيلات التي استخدمها فرع اليابان،‏ للاهتمام بنمو عدد الشهود في البلد.‏ وفي سنة ١٩٧١،‏ رُسمت خرائط لبناء مصنع مؤلف من ثلاثة طوابق وبيت ايل مؤلف من خمسة طوابق في نومازو،‏ يُطلّان مباشرة على جبل فوجي الجميل.‏

في البداية،‏ كانت مباني المصنع تُستخدم بشكل اساسي لطبع الطبعة اليابانية من برج المراقبة و استيقظ!‏‏.‏ وبهذا الخصوص،‏ كانت خطوة مهمة ان يُطبع العدد الخاص من استيقظ!‏ عدد ٨ تشرين الاول ١٩٧٢،‏ على المطبعة الرحوية،‏ طوكيو كيكاي،‏ المركبة حديثا والتي يبلغ وزنها ٤٠ طنا.‏ فقد كانت اول مجلة يصدرها اخوتنا في مطبعتنا في نومازو.‏ لكنَّ العاملين في المطبعة لزمهم تعلُّم الكثير.‏ فأحيانا كانوا يتساءلون هل سيكون باستطاعتهم يوما ما ان يديروا المطبعة كما ينبغي.‏ قال احد الاخوة العاملين في المطبعة:‏ «في تلك الايام،‏ كان الحبر في بعض الاحرف ثخينا جدا بحيث كان يمكنكم تقريبا ان تقرأوها باللمس»!‏ وكانت الاحرف الاخرى باهتة او غير واضحة.‏ ولكن اذ نال الاخوة خبرة،‏ تحسنت نوعية الطباعة باطراد وازداد عدد المجلات التي وزِّعت في خدمة الحقل.‏

وعندما تكلم الاخ نور في برنامج تدشين تسهيلات الفرع هذه في نومازو سنة ١٩٧٣،‏ اجتمع الضيوف في الطابق الثالث الفارغ من المصنع الجديد.‏ وإذ اشار الى ما كان الطابق سيُستخدم من اجله،‏ قال:‏ «يمثِّل هذا المكان الفارغ ايمانكم.‏ ونحن نعتقد انه خلال سنة او اثنتين ستكون هنالك حاجة الى هذا المكان.‏ فهيئة اللّٰه تمضي قدما،‏ وبسرعة فائقة».‏

وكما تكهَّن الاخ نور،‏ سرعان ما استُخدم المكان الشاغر.‏ فبحلول سنة ١٩٧٤ كانت هنالك حاجة الى مبنيَين اضافيَين،‏ واحد لخزن المعدّات والآخر لإيواء العمال.‏ يقول طوشيو هونما:‏ «كان هذا اول بناء يتولاه الشهود وحدهم في اليابان».‏ ويضيف:‏ «وقد كنا نوعا ما قلقين بشأن ما اذا كان سيوجد ما يكفي من العمال ذوي الخبرة ام لا.‏ وقد باركنا اللّٰه بتزويده اشخاصا مثل تادازو فوكاياما،‏ مشرف على البناء عنده اكثر من ٣٠ سنة خبرة مع متعهِّد بناء مهم».‏

بعد ان ابعدت سنوات من العمل تادازو عن بيته،‏ تخلّى عن عمله ليصرف وقتا اكثر مع عائلته.‏ لذلك كانت مشاعره متضاربة عندما طُلب منه ان يفكِّر في امكانية المجيء الى نومازو ليشرف على توسُّع بيت ايل.‏ فهل كان سيضطر الى ترك عائلته ثانية؟‏ وأتاه الرد من الفرع:‏ «كلا!‏».‏ فقد وجِّهت الدعوة ايضا الى زوجته وابنَيه اللذين كانا بعمر ١٨ و ٢٠ سنة.‏

ومع ان المنشآت التي شُيِّدت في ذلك الوقت كانت صغيرة نسبيا بالمقارنة مع ما كان سيأتي،‏ فقد اعطى هذا المشروع الاخوة خبرة وثقة بأنه بمساعدة يهوه يمكنهم ان يتسلَّموا مشاريع اضخم ايضا.‏

الاخوة المحليون يتحملون مسؤوليات اثقل

في نيسان ١٩٧٥،‏ ترك لويد باري،‏ الذي كان ناظرا للفرع منذ سنة ١٩٥٢،‏ اليابان ليخدم كعضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏ وقد اشترك بغيرة في العمل خلال الوقت الذي نمت فيه الهيئة الثيوقراطية من ٨ ناشرين في سنة ١٩٤٩ الى اكثر من ٠٠٠‏,٣٠ منادٍ غيور بالملكوت.‏ وعند رحيله عُهد بالاشراف على الفرع الى طوشيو هونما،‏ اخ ياباني كان يخدم آنذاك كناظر للمصنع.‏

وفي ما يتعلق بقدرات الاخ هونما،‏ قال مساعده في المصنع:‏ «لم يكن طوشيو ممَن يقفون مكتوفي الايدي،‏ منتظرا ان يأتي شخص ويقول له ما يجب ان يفعله خطوة فخطوة.‏ فيمكنكم ان تعطوه عملا وتقولوا له:‏ ‹هذا هو الاتجاه الذي سنمضي فيه›،‏ فيندفع فورا الى القيام به.‏ وقد كان منظِّما جيدا ويحثّ الناس على الاندفاع في العمل».‏

حدث تغيير آخر تنظيمي في شباط ١٩٧٦.‏ فانسجاما مع كل الفروع الاخرى حول العالم،‏ أُوكل الاشراف على الفرع في اليابان الى لجنة مؤلفة من اخوة بدلا من ناظر فرع واحد.‏ وكان اول خمسة عيِّنوا:‏ طوشيو هونما،‏ المنسِّق،‏ ماساتارو اودا،‏ شيڠيو إيكيهاتا،‏ كيتشيرو تاناكا،‏ وجيمس مانتز.‏ وقد قبل هؤلاء الاخوة اليابانيون هذا الترتيب الجديد بسهولة،‏ لأنهم كانوا معتادين كثيرا على مفهوم اتِّخاذ القرارات من خلال مجموعة من الاشخاص وبالاجماع.‏ وعلَّق احد اعضاء اللجنة لاحقا:‏ «مع ترتيب لجنة الفرع،‏ يتطلع الاخوة الى فريق من الاخوة الناضجين كممثِّلين للهيئة.‏ وهذا يؤدي الى ان يوجِّه الاخوة انتباههم الى هيئة اللّٰه لا الى فرد واحد».‏ وعندما يجب اتِّخاذ قرار مهم،‏ يزوِّد هذا الترتيب فريقا من رجال روحيين ذوي خلفيات وقدرات مختلفة ليتأملوا فيه وليطلبوا توجيه الروح القدس وكلمة اللّٰه.‏

وفي كانون الثاني ١٩٨٣،‏ اصبح ماساتارو اودا،‏ الذي كان يخدم في بيت ايل منذ شباط ١٩٦٠،‏ منسِّقا للفرع.‏ وقد حلّ محل الاخ هونما،‏ الذي كان عليه في ذلك الوقت ان يُعيل ابنا عمره سنتان.‏ وآخرون ممَّن خدموا منذ ذلك الوقت في لجنة الفرع لفترات متفاوتة من الوقت يشملون:‏ ريوسووكي فوجيموتو،‏ پرسي ايزلوب،‏ إيسامو سوڠييورا،‏ يوشيهيرو ناڠاساكي،‏ ماكوتو ناكاجيما،‏ كنجي ميموورا،‏ وريتشارد بايلي.‏ ويخدم حاليا سبعة اخوة في لجنة الفرع.‏ وإذ يتوسَّع العمل،‏ يساهم كل واحد من هؤلاء الاخوة بتواضع بمواهبه من اجل تقدُّم مصالح ملكوت اللّٰه في هذا الجزء من الحقل العالمي.‏

ويعلِّق الاخ اودا:‏ «في هذه المرحلة،‏ عندما نسترجع الماضي،‏ يمكننا ان نرى الحكمة الالهية وراء ترتيب اللجنة.‏ فمنذ سنة ١٩٧٦،‏ عندما بوشر ترتيب اللجنة،‏ توسع العمل الى حدّ ان رجلا واحدا لا يستطيع ان يتولاه.‏ فيهوه اعطى الحكمة للهيئة الحاكمة لتفوِّض المسؤولية الى اخوة كثيرين،‏ وبهذه الطريقة لم تجرِ اعاقة سير العمل بنعومة».‏

الاخوة المحليون ينظِّمون المحافل

على نحو مماثل،‏ في سبعينات الـ‍ ١٩٠٠ بدأت تُفوَّض المسؤولية المتعلقة بتنظيم المحافل الى الشهود المحليين.‏ وأحد اوائل نظار الكور اليابانيين الذي عيِّن ليخدم كناظر محفل كان تاكاشي أبي.‏ فقد اكتسب خبرة قيِّمة بالعمل مع المرسلين مثل پرسي ايزلوب.‏ كان پرسي ناظر المحفل في محفل «السلام على الارض» الاممي الذي عُقد في مدرَّج طوكيو كوراكووِن لسباق الدراجات سنة ١٩٦٩.‏ وبعد سنتين،‏ خدم الاخ أبي كناظر للمحفل الاممي الذي عُقد في المدرَّج نفسه.‏ وبسبب الخبرة التي اكتسبها من المحفل الذي عُقد سنة ١٩٦٩،‏ سارت الامور على ما يرام.‏ لكنَّ مسؤولية اثقل كانت ستأتي.‏

في سنة ١٩٧٣،‏ عيَّنت الجمعية الاخ أبي ليكون ناظر المحفل في محفل «الانتصار الالهي» الاممي الذي كان سيُعقد في اوساكا لمدة خمسة ايام.‏ وكان من المتوقع ان يحضر نحو ٠٠٠‏,٣٠ شخص،‏ بمن فيهم ٤٠٠ مندوب اجنبي.‏ وكيف كان ردّ فعله؟‏ يتذكَّر:‏ «عندما تسلمت رسالة التعيين،‏ مرضت جدا ولزمت الفراش اياما عديدة،‏ حتى انني لم اكن قادرا على الجلوس.‏ ولم استطع التفكير الّا بتحدي تنظيم كل اقسام المحفل.‏ وكم اسعدني تسلُّم كراس تنظيم المحفل من الجمعية،‏ قبل اشهر قليلة من انعقاده!‏ وباتِّباع الاجراءات المؤسسة على الاسفار المقدسة،‏ حُلَّت مشاكل كثيرة».‏

وأحد اول التحديات كان تأمين ما يكفي من المقاعد لكل المندوبين.‏ وكان المحفل سيُعقد في باحة الاحتفالات في الحديقة التذكارية للمعارض (‏١٩٧٠)‏ في اوساكا،‏ ولكن لم يكن في الباحة مقاعد او منبر.‏ فطُلبت من الجماعات المجاورة معلومات تتعلق بمقاعد قابلة للطيّ يمكن استئجارها للمحفل.‏ وقد جرى الاتصال بكل مديري المدارس في مدينة واحدة.‏ وسُئل ايضا رئيس اضخم مصنع للادوات الكهربائية في اليابان عما اذا كانت شركته مستعدة لتأجير كراسيّ للمحفل.‏ فاجتمع ممثِّل الشركة بناظر المحفل بخصوص هذا الطلب.‏ ومع ان الشركة لم تكن تملك كراسيَّ اضافية قابلة للطيّ يمكن استئجارها،‏ ابدوا استعدادهم للتبرع بالمال لاستئجار ٠٠٠‏,٥ كرسيّ.‏ ولكن كانت لا تزال هنالك حاجة الى المزيد من المقاعد.‏ والحل؟‏ صنع مقاعد خشبية من سقائل مستأجرة من احدى شركات البناء.‏ وقد جرى اكمال المقاعد الخشبية قبل المحفل بأيام قليلة،‏ وأصغى حضور مؤلف من ٢٦٣‏,٣١ شخصا الى الخطاب العام.‏ وبسبب عدد شهود يهوه المتزايد في اليابان وفي اوكيناوا،‏ كانت هذه آخر مرة يمكن فيها ان يجتمعوا كلهم في محفل واحد.‏

وقد حضر المحفل خمسة اعضاء من الهيئة الحاكمة بالاضافة الى ناظر المصنع من المركز الرئيسي العالمي في بروكلين،‏ وشجعوا الحضور.‏ وكان مندوبون آخرون حاضرين من المانيا،‏ أوستراليا،‏ پاپوا غينيا الجديدة،‏ بريطانيا،‏ ڠواتيمالا،‏ كندا،‏ المملكة المتحدة،‏ نيجيريا،‏ نيوزيلندا،‏ هاواي،‏ والولايات المتحدة،‏ مما جعل المحفل امميا حقا.‏

وبعد محفل اوساكا هذا،‏ ابتدأ المزيد من الاخوة المحليين بتحمُّل مسؤوليات تنظيم المحافل.‏ وسهَّل ذلك اكثر على الاخوة ان يوازنوا بين العمل الذي يسبق المحفل ومسؤولياتهم الاخرى.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ صار بإمكان النظار الجائلين ان يركِّزوا الآن على تعيينهم بدلا من تخصيص اشهر قبل كل محفل للعمل الذي يختصّ به.‏

محافل «الايمان الظافر» الاممية لسنة ١٩٧٨

كان محفل «الايمان الظافر»،‏ الذي عُقد سنة ١٩٧٨ ودام خمسة ايام،‏ رابع محفل اممي يُعقد في اليابان.‏ وهذه المرة،‏ استُخدمت اربعة مواقع للمحفل من اجل استيعاب الجميع.‏ وبلغت ذروة الحضور في المحفل الرئيسي الذي عُقد في اوساكا ٧٨٥‏,٣١ شخصا،‏ بمن فيهم اكثر من ٢٠٠ مندوب من الولايات المتحدة،‏ كندا،‏ المانيا،‏ سويسرا،‏ بالاضافة الى غيرها من بلدان اوروپا،‏ آسيا،‏ وأميركا الجنوبية.‏ وقد حضر للمشاركة في برنامج المحفل،‏ ثلاثة اعضاء من الهيئة الحاكمة.‏

كانت روح تعاون رائعة تنمو على مرّ السنين.‏ وصار عند الاخوة ملء الثقة انه بمساعدة يهوه يمكنهم ان يتولوا حتى التعيينات الثيوقراطية الرئيسية.‏

من صالة بولينڠ الى قاعة للمحافل

صار واضحا انه بالاضافة الى الحصول على قاعات ملكوت،‏ احتاج الاخوة الى طريقة تضمن لهم الحصول على تسهيلات اكبر من اجل المحافل.‏ فبحلول اوائل سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ لم تكن تؤجَّر تسهيلات عامة كثيرة لفِرق دينية،‏ وكان يمكن ان تُلغى العقود لاستعمال ملاعب مغلقة في آخر لحظة لأن الاولوية كانت للمباريات الرياضية المحلية.‏ يتذكَّر هيروفومي موروهاشي،‏ الذي خدم كناظر محفل في منطقة طوكيو لسنوات كثيرة،‏ حادثة خصوصية حرَّكت الاخوة ليبدأوا بالبحث عن قاعة محافل خاصة بهم.‏ يقول:‏ «في سنة ١٩٧٤،‏ دفعنا عربونا قدره ٠٠٠‏,٢٠٠ ين (‏٧٠٠ دولار اميركي)‏ لاستخدام قاعة في ساحة لألعاب التسلية في مدينة اوياما من اجل عقد محفلنا الدائري.‏ وفي وقت لاحق أفلس هذا المكان المخصَّص لألعاب التسلية.‏ ووجدنا صعوبة بالغة في محاولة استرداد العربون بالاضافة الى البحث عن موقع آخر للمحفل».‏ عندئذ اراهم پرسي ايزلوب صورا من أوستراليا عن مصنع قديم للحياكة حُوِّل الى قاعة محافل جميلة.‏ فشعر الاخوة في طوكيو انه حان الوقت ليجرِّبوا شيئا كهذا.‏

وقد وجدوا صالة بولينڠ لم تكن تُستعمل.‏ كانت تقع في هيڠاشي-‏ماتسوياما،‏ في ضواحي طوكيو.‏ وإذ كان صاحب المبنى لا يعرف شيئا عن شهود يهوه،‏ كتب الى عائلة كان يقيم عندها في الولايات المتحدة وسألهم عن شهود يهوه.‏ وقد حصل على ردّ ايجابي جدا يفيد ان شهود يهوه كانوا الفريق الديني الاكثر جدارة بالثقة في الولايات المتحدة.‏ ومنذ ذلك الوقت سارت الامور على ما يرام،‏ وأُبرم عقد.‏

وهكذا،‏ في كانون الاول ١٩٧٦،‏ أُكملت اول قاعة محافل في اليابان.‏ وفي غضون ذلك،‏ كان مشروع بناء مهم آخر قيد الانشاء.‏

يهوه يوجِّه سير العمل

عندما دُشِّنت تسهيلات نومازو الموسَّعة سنة ١٩٧٧،‏ كان هنالك اكثر من ٠٠٠‏,٤٠ ناشر.‏ فطُلب من الفرع ان يبحث عن ارض اكبر من قطعة الارض في نومازو بنسبة ٣٠٠ في المئة.‏ كان هنالك مصنع نسيج قديم في ايبينا،‏ في الوسط بين نومازو وطوكيو،‏ مساحته نحو ٧ هكتارات (‏١٨ اكرا)‏.‏ وقد كان اكبر من موقع نومازو بـ‍ ٦٠٠‏,١ في المئة.‏ ولكن هل كانت الهيئة الحاكمة ستوافق على خطوة كهذه في بلد حيث اسعار الاراضي باهظة جدا؟‏ لقد كانت هذه الارض ستكلِّف اكثر من ضعف السعر الذي دفعته الولايات المتحدة الى روسيا لقاء شراء ألاسكا سنة ١٨٦٧.‏ لفترة قصيرة،‏ لم يكن هنالك جواب من المركز الرئيسي.‏ «ثم اتى الاخ باري فجأة من نيويورك مع ماكس لارسن،‏ ناظر مصنع الجمعية في بروكلين،‏ ليعاينا قطعة الارض،‏ وأُعطينا الموافقة» كما يقول طوشيو هونما.‏ ويضيف:‏ «إذ ننظر الآن الى الوراء الى الزيادات التي وصلنا اليها في السنوات الـ‍ ٢٠ الماضية،‏ نشكر يهوه على توجيهنا لنشتري هذه الارض الضخمة».‏

في كانون الثاني ١٩٧٩،‏ بوشر بناء مصنع مؤلف من طابقين،‏ مبنى للمكاتب،‏ ثلاثة ابنية للسكن تحتوي على ١٦١ غرفة لبيت ايل،‏ قاعة ملكوت،‏ ومبنيين اصغر لبعض الاشغال.‏ وقد كان احد اكبر مشاريع البناء التي تولاها يوما شهود يهوه في ايّ مكان في العالم حتى ذلك الوقت.‏

ترك ارباب عائلات كثيرون ذوو مهارات في البناء وظائفهم السابقة وانتقلوا مع عائلاتهم الى ايبينا او الى مدن مجاورة ليشتركوا في عمل البناء.‏ وأحد هؤلاء كان يوشيياكي نيشييو.‏ فعندما تلقَّى دعوته الاولى الى المشاركة في المشروع كسمكريّ،‏ كان قد انتقل قبل وقت قصير الى بلدة صغيرة في جزيرة شيكوكو ليخدم حيث الحاجة اعظم.‏ وإذ كان لديه ثلاثة اولاد صغار،‏ وكان آنذاك عاطلا عن العمل،‏ ولا يملك الكثير من المال،‏ رفض الدعوة في البداية.‏ ولكن عندما تلقَّى دعوته الثالثة بالبريد السريع،‏ شعر بأن يهوه هو مَن يأمره بالذهاب.‏ فناقش المسألة مع زوجته،‏ التي ابدت استعدادها لدعم العائلة في غيابه.‏ يتذكَّر يوشيياكي:‏ «عندما وصلت الى بيت ايل،‏ ادركت اولا انه جرت دعوتنا نحن الخمسة جميعا!‏ كان ذلك رائعا!‏».‏ وقد نشأ الاولاد الثلاثة ليصيروا فاتحين،‏ وواحد منهم يخدم الآن كعضو في عائلة بيت ايل في ايبينا.‏

‏«مرة بعد اخرى رأينا يهوه يفتح الابواب امامنا بخصوص ذلك البناء»،‏ يتذكَّر جيمس مانتز،‏ رئيس لجنة البناء.‏ ويُضيف:‏ «لقد واجهنا ما بدا انه عقبات صعبة جدا،‏ فحكومة منطقة كاناڠاوا كانت تفرض بعض القوانين الاكثر صرامة للحدّ من التلوُّث في كل البلد.‏ وأُمرنا ألا نُفرغ قطرة واحدة من مياه البواليع في القناة التي تجري في قطعة الارض.‏ لكنَّ يهوه فتح الطريق امامنا.‏ فقد كان المصنع القديم في هذه الارض يبرِّد مكناته بالماء من ثلاث آبار.‏ وكانت المياه تجري في قناة كانت تُستخدم لري محاصيل الجيران.‏ وعندما سمع الجيران انه سيجري ايقاف مخزون المياه هذا،‏ قصدوا مركز البلدية وتشكوا:‏ ‹نحن نعتمد على المياه الخارجة من قطعة الارض هذه من اجل ريّ محاصيلنا›.‏ لذلك ألغى المسؤولون قرارهم وحدَّدوا الكمية الادنى من المياه التي كان يجب ان نرميها في القناة كل يوم لتزويدها للمزارعين.‏ وبالاضافة الى مياه البواليع المكرَّرة التي كانت تجري في القناة،‏ كان علينا ان نضخّ المياه من آبارنا لنسد حاجات المزارعين».‏

في ١٥ ايار ١٩٨٢،‏ وبحضور فردريك فرانز،‏ رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك،‏ دُشِّنت الابنية التي أُكملت لخدمة يهوه.‏ وكان لويد باري وزوجته،‏ مِلبا،‏ حاضرَين ايضا وشاركا في برنامج التدشين.‏ وعندما قابل الاخ باري ١٤ شخصا من رفقائه المتخرجين من جلعاد،‏ الذين أُرسلوا الى اليابان من الصف الـ‍ ١١،‏ كان بإمكان الحضور ان يشعروا بمحبته العميقة للاخوة اليابانيين.‏

التقدُّم في الكمية والنوعية

استمر عدد الناشرين في الازدياد؛‏ وكذلك الطلب للمطبوعات.‏ وحتى قبل تدشين التسهيلات في ايبينا،‏ في تشرين الاول ١٩٧٩،‏ امتلك الفرع اول مطبعة اوفست بشريط ورق.‏ كانت هذه المطبعة تزن ٧٥ طنا،‏ وطولها ٢٠ مترا (‏٦٤ قدما)‏،‏ ويمكنها ان تنتج ٣٠٠ مجلة في الدقيقة بالالوان الطبيعية.‏ فهل كانت هذه ستسد حاجاتنا؟‏

يتذكَّر الاخ مانتز:‏ «في سنة ١٩٨١،‏ زارنا الاخ جارس كناظر اقليم.‏ ولاحظ اننا نعمل نوبتَي عمل على مطبعتنا،‏ فأوصى بأن نطلب الموافقة على شراء مطبعة ثانية.‏ ترددنا في طلب مطبعة ثانية لأننا شعرنا بأن استخدام واحدة فقط اقتصادي اكثر.‏ لكننا تلقينا في غضون شهر تعليمات من بروكلين لطلب مطبعتنا الأوفست الدوَّارة الثانية.‏ ولم نكن ندرك في ذلك الوقت ما كان مخبَّأ لنا.‏ ولكن عندما تسلمناها في ايار،‏ بعد سنة واحدة،‏ كان يجب ان نبدأ على الفور بانتاج ترجمة العالم الجديد كاملة باليابانية لإصدارها في المحافل الكورية بعد شهرين فقط.‏ وكان يجب ايضا اصدار الكتاب يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض في هذه المحافل.‏ وهكذا استطعنا ان نرى ثانية يد يهوه توجِّه الامور.‏ فما كنا لنستطيع مطلقا ان ننتج مجلتينا،‏ الكتاب المقدس،‏ والكتاب،‏ وكلها على مطبعة واحدة».‏

جرى تركيب مطبعة ثالثة شديدة القوة من نوع ميتسوبيشي،‏ سنة ١٩٨٤.‏ كان لها شريطَا ورق وأربع وحدات طبع للطباعة بالألوان وكذلك وحدة طبع اضافية للطباعة باللون الاسود؛‏ وكانت قادرة على انتاج ٠٠٠‏,١ مجلة في الدقيقة.‏ وكانت في ذلك الوقت اسرع مطبعة في البلد وصارت حديث عمال المطابع الدنيوية.‏ إتشكي ماتسوناڠا،‏ الذي نال تدريبا خصوصيا لتشغيل المطبعة،‏ تأثر بمشاهدتها تعمل بأقصى سرعتها.‏ قال:‏ «لكنَّ المؤثِّر اكثر ايضا هو التأمل في السرعة الفائقة التي ستنتشر بها الرسالة المطبوعة».‏

فكيف كان يمكن انتاج ٠٠٠‏,٦٠ مجلة في الساعة بشكل فعَّال؟‏ ان الاخوة في مشغل الآلات صمَّموا اخيرا وركَّبوا جهاز ناقل كهربائي ينقل المجلات من المطبعة الى مكان الرزم بواسطة وحدة مِكبس سائلي وآلة تشذيب بثلاثة سكاكين.‏ يوضح المشرف على هذه العملية:‏ «تزوَّد المطبعة كل ٢٠ دقيقة بلفافة ورق وزنها نصف طن،‏ وعند الطرف الآخر من الخط،‏ تُحزم المجلات مباشرة في علب كرتونية عليها ملصَق،‏ فتصير جاهزة للشحن».‏ وفي غضون خمس دقائق تمرّ الورقة من اللفافة عبر المطبعة،‏ آلة التشذيب،‏ ثم الى الكرتونة.‏ وتسدّ هذه العملية المترابطة الحاجة الى عدد من العمال والى فسحة كبيرة للخزن.‏

ان هذه الطباعة ذات النوعية الرفيعة التي انتجتها هذه الآلة،‏ مع التحسينات في العمل الفني،‏ ونوعية الورق،‏ عزَّزت اكثر جاذبية المجلات.‏ وقدَّمها الناشرون بحماسة في خدمة الحقل.‏

‏«عدد كبير من الاختصاصيين»‏

انسجاما مع التحرك نحو طباعة الأوفست،‏ بدأت الجمعية باستخدام الكمپيوتر في عملياتها التي تسبق الطبع.‏ فهل كان هنالك شهود يابانيون يملكون خلفية تقنية كافية يمكنهم ان يتفرّغوا لتولّي هذا التغيير؟‏ نعم!‏ صار ياسوو إشي،‏ احد الروّاد التقنيين في حقل علم الكمپيوتر في اليابان،‏ خادما منتذرا ليهوه.‏ وكان قد شارك ايضا زملاءه في ايمانه.‏ وكانت النتيجة ان ستة اشخاص من مهندسي انظمة الكمپيوتر والخبراء بالبرمجة صاروا شهودا معتمدين.‏ وقد قبِل هذا الفريق بكامله الدعوة الى المشاركة في مشروع الجمعية،‏ البعض كأعضاء في بيت ايل والآخرون كمساعدين.‏ وإذ يتذكَّر طوشيو هونما،‏ المنسِّق في لجنة الفرع آنذاك،‏ ما حدث يقول:‏ «كان عند يهوه عدد كبير من الاختصاصيين،‏ وفي الوقت المناسب تماما حين كانت هنالك حاجة اليهم».‏

وفي ما يتعلق بنوع الكمپيوتر الذي سيُستخدَم،‏ كان مكتب بروكلين قد اوصى باستئجار جهاز كمپيوتر IBM رئيسي طراز ٤٣٤١ كان سيتوفَّر قريبا في الاسواق.‏ وفرع الجمعية في اليابان كان الثاني بالقرعة الذي سيتسلَّم احد اجهزة الكمپيوتر الرئيسية الاحدث هذه.‏ لكنَّ وكيل الشركة في اليابان شعر بأنه من المستحسن اعطاؤه لأحد زبائنهم الدائمين ممَّن يملكون الموارد ليقوموا بالبرمجة.‏ فسارع الاخوة الخمسة والاخت الذين يعملون في مشروعنا الى وضع المواصفات التي تناسب الحاجات الفريدة عند الجمعية.‏ وبعد ان رأت الشركة هذه المواصفات المفصَّلة،‏ ادرجت على الفور طلبنا في شحنتها الاولى لهذا الطراز الجديد.‏

وتحت التوجيه البارع لهؤلاء الاختصاصيين،‏ نال اكثر من ٤٠ متطوعا من اخوتنا وأخواتنا الاحداث تدريبا ليصيروا مبرمجين.‏ وكان الهدف بناء نظام آلي كامل من اجل تنضيد الحروف المطبعية والاخراج الفني لمطبوعات الجمعية باللغة اليابانية.‏ وصار النظام يدعى SCRIPT (‏نظام انتاج الرموز بالتنضيد التصويري)‏.‏ وفي اقل من سنتين،‏ صار جاهزا للتجربة.‏ وكان كتاب ‏«ليأت ملكوتك»‏ المؤلف من ١٩٢ صفحة اول مطبوعة تصدر بواسطة هذا النظام.‏

وبحلول سنة ١٩٨٧ كانت طاقة اجهزة الكمپيوتر الشخصية الدنيوية تتقدَّم الى حدّ امكنها عنده ان تستوعب الحاجات الخصوصية للنص الياباني.‏ لذلك عندما تعطلت المنضدة التصويرية المرتبطة بنظام SCRIPT،‏ تحوَّل العمل الى نظام تنضيد الحروف المطبعية التابع للجمعية الاقل كلفة.‏ والاوجه الخصوصية التي طوَّرها اخوتنا لنظام SCRIPT،‏ والتي تضمنت «الحروف الابجدية» اليابانية المؤلفة من نحو ٠٠٠‏,٨ حرف ياباني معقَّد،‏ أُدخلت عندئذ الى نظام الـ‍ MEPS.‏ وهنالك عدد من المبرمجين الذين عملوا على النظام الياباني المحلي يعملون الآن في فروع اخرى لدعم نظام النشر العالمي التابع للجمعية.‏

قسم جديد يبدأ

لنحو ٣٠ سنة،‏ كانت مطبعة الجمعية في بروكلين تزوِّد اليابان بالكتب اللازمة لتوزيعها في الحقل.‏ ولكن فيما كان عمل بناء المصنع الجديد يتقدَّم في ايبينا سنة ١٩٧٨،‏ اتُّخذ القرار ان يبدأ فرع اليابان بإنتاج كتبه.‏

وإذ علم رئيس شركة كبيرة للمواد اللاصقة بما كنا نخطط له،‏ قام بزيارتنا.‏ وعندما اكتشف اننا كنا نعتزم صنع موادنا اللاصقة،‏ اقترح ان يقدِّم المواد الاولية والمعدات التي سنحتاج اليها.‏ او اذا كنا نرغب،‏ يسرُّه ان يعدّ الغراء لنا على نفقته.‏ ولماذا؟‏ قبل سنوات قليلة،‏ زار معرضا لآلات الطباعة والتجليد في شيكاڠو،‏ الولايات المتحدة الاميركية.‏ وهناك التقى وفريقه اخوة من بيت ايل في بروكلين،‏ الذين دعوهم الى جولة في مطبعة جمعية برج المراقبة في نيويورك.‏ وقد تأثَّر الفريق كثيرا بالعمل كله،‏ وخصوصا لطف الاخوة وعملهم الشاق.‏ وأراد الفريق الآن ان يساعدنا بأية وسيلة ممكنة.‏ فتبيَّن انه سيكون ارخص ان نبتاع موادنا اللاصقة منه بدلا من صنعها بأيدينا.‏ وبواسطته،‏ صار بإمكاننا نحن ايضا ان نتصل بمزوِّدي مواد آخرين،‏ مما اسفر عن توفير مال كثير.‏

وتعاون كثيرون من اصحاب مصانع الآلات بالطريقة نفسها.‏ فعندما اتى الى ايبينا ممثِّلون عن اصحاب مصانع آلات تشذيبِ وآلات تجميع مَلازم الكتب ليبرموا عقدا،‏ تأثروا عميقا بكل ما رأوه في موقع البناء،‏ وخصوصا رؤية المتطوعين العاملين باجتهاد.‏ ونتيجة لذلك عرضوا ان يخفضوا سعر مكناتهم ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١ ين (‏٠٠٠‏,١٠ دولار اميركي)‏.‏

مَن يمكنه ان يدرِّب الاخوة؟‏

لم يكن هنالك احد في المصنع يملك خبرة عملية بتجليد الكتب.‏ وكان روبرت پوبودا قد دُعي الى بروكلين لينال تدريبا يستغرق نحو ستة اسابيع وليحصل على معلومات لتدريب الاخوة في اليابان.‏ وقد تُرجمت المواد وعُقدت مدرسة تتعلق بتجليد الكتب.‏ وأُضيفت الى ذلك مساعدة اختصاصيين من شركات تجارية اتوا وعلَّموا الاخوة استعمال مواد تجليد الكتب.‏ ورتَّبنا نحن ايضا للقيام بجولة في بعض معامل التجليد التجارية لنراقب عملهم.‏

وذات مرة،‏ بعد ان قمنا بجولة في معمل تجليد،‏ دُعيَ الاخوة الى مكتب الرئيس.‏ وسأل:‏ «هل تعرفون لماذا سمحت لكم بالمجيء؟‏».‏ وتابع:‏ «نحن عادة لا نسمح ابدا بأن يرى مصنعنا اشخاص من خارج معملنا للتجليد،‏ ولكن قبل اسبوع من طلبكم اذنا لتقوموا بجولة،‏ طرقت شاهدة بابي وقدَّمت لي مجلتَي برج المراقبة و استيقظ!‏‏.‏ تأثَّرتُ بآدابها وبما قرأته في المجلتين».‏ وقبِل المزيد من المطبوعات،‏ بما في ذلك اشتراك في برج المراقبة و استيقظ!‏ وعرض ان يساعد على تدريب عدد من الاخوة مدة شهر في مصنعه.‏

وعلى مرّ السنوات منذ ذلك الحين،‏ استمر الذين يعملون في معمل التجليد في تحسين مهاراتهم وفي تعميق معرفتهم.‏ حتى ان شركات تجارية لتجليد الكتب ارسلت عمَّالها في جولة الى مصنعنا.‏ وهم لا يخفون تأثرهم بالنظافة وبما يلاحظونه من انتباه للتفاصيل.‏ يتذكَّر جيمس مانتز،‏ ناظر المصنع السابق:‏ «أُعطيت شركة واحدة للتجليد اذنا لتصوِّر ڤيديو فيما كان ممثِّلوها يقطعون المسار المعتاد للجولة.‏ وخطَّطوا لاستخدام كاسيت الڤيديو لتدريب العمال في مصنعهم.‏ فقد كانوا يملكون المعدات نفسها ويقومون بعمل مشابه،‏ لكنهم ارادوا استخدام خدام بيت ايل كأمثلة بسبب موقفهم الظاهر على وجوههم السعيدة وهم يعملون،‏ ولأنهم كانوا يُنجزون العمل بسرعة فائقة».‏ ويتذكَّر الاخ مانتز ايضا دهشة المدير التنفيذي لمؤسسة وهو يتجوَّل في معمل التجليد التابع للجمعية.‏ قال المدير التنفيذي:‏ «يتأثر الاحداث اليابانيون بما يدعونه متلازمة الثلاث (‏كافات)‏ —‏ كيكن،‏ كيتاناي،‏ و كيتسووي».‏ وتعني هذه الخطر،‏ القذارة،‏ والتطلُّب.‏ فإذا كان العمل يشمل ايّا من هذه الثلاث،‏ لا يبدي معظم الاحداث اهتماما.‏ لكن ذلك لا ينطبق على مصنع ايبينا.‏

أُظهر اهتمام خصوصي بمعملنا للتجليد الفاخر.‏ فقد صار معمل التجليد في تسهيلاتنا في ايبينا احد اهم مصادر المعلومات المتعلقة بالتجليد الفاخر في اليابان.‏ وفي معمل التجليد هذا،‏ تُنتَج الكتب المقدسة الجلدية الغلاف بأعداد كبيرة.‏

انتاج ترجمة العالم الجديد كاملة

ان التحوّل الى طباعة الأوفست،‏ تأسيس معمل التجليد،‏ وتطوير نظام الـ‍ SCRIPT،‏ وضعت كلها الاساس لإنتاج ترجمة العالم الجديد كاملة.‏

وأتى الاذن في الشروع في ترجمة الجزء العبراني للاسفار المقدسة لـ‍ ترجمة العالم الجديد سنة ١٩٧٥.‏ وكان ذلك سيتطلب جهدا جماعيا.‏ واختير ثلاثة مترجمين ليشتركوا في المشروع.‏ فماذا كان يمكن فعله للمحافظة على انسجام رفيع المستوى بين مختلف العمَّال؟‏ ان اللوائح الشاملة والمفصَّلة لطريقة ترجمة الكلمات الانكليزية،‏ مع معلومات عن اسماء العلَم،‏ الحيوانات،‏ النباتات،‏ المعادن،‏ الالوان،‏ الامراض،‏ وأسماء الاشياء مثل الادوات،‏ الثياب،‏ الاطعمة،‏ والتقدمات الذبيحية،‏ أُعدَّت كلها واشترك فيها المترجمون.‏ وكان يجب ايضا درس المئات من مجموعات الكلمات المترادفة والجمل المهمة بدقة وإضافتها الى اللوائح.‏ وفي وقت لاحق،‏ كان مترجمو الكتاب المقدس اليابانيون بين الذين دُعُوا ليشتركوا في خبرتهم مع الذين كانوا يصمِّمون نظام كمپيوتر يساعد على ترجمة الكتاب المقدس في المركز الرئيسي.‏ وكانت اقتراحاتهم بين الاقتراحات التي يستعملها الآن مترجمو الكتاب المقدس حول العالم.‏

طُبعت ترجمة العالم الجديد الكاملة باليابانية وجُلِّدت ايضا في تسهيلاتنا في ايبينا.‏ ولإنتاج الكتب المقدسة الـ‍ ٠٠٠‏,١٣٦ اللازمة لإصدارها في محافل «حق الملكوت» الكورية الـ‍ ١٧ سنة ١٩٨٢،‏ عمل قسم الرسوم البيانية،‏ غرفة الطباعة،‏ ومعمل التجليد ٢٤ ساعة في اليوم.‏ وعمل بعض الاخوة من ١٢ الى ١٦ ساعة.‏ وقد حثَّهم على العمل تذكرهم انهم كانوا يواصلون نوع العمل الذي قام به عزرا،‏ ‹كاتب ماهر لشريعة اللّٰه›،‏ في الازمنة القديمة.‏ إلا ان عزرا قام بعمله بيديه،‏ اما هم فكانوا يستخدمون مطبعة أوفست بشريط ورق فائقة السرعة لإنجاز ذلك باليابانية.‏ وكمذكِّر للتمثل بهذا الكاتب الماهر،‏ علَّقوا كلمات عزرا ٧:‏٦ على جانب المطبعة.‏

حضر في تلك السنة كل الاخوة العاملين في معمل التجليد المحفل الاخير في فوكوشيما.‏ وأكملوا آخر كتاب مقدس لازم للاصدار تماما قبل ثماني دقائق من نهاية آخر يوم عمل قبل المحفل.‏ يتذكَّر شيڠيرو يوشييوكا،‏ الذي كان يعمل في معمل التجليد آنذاك:‏ «كنا منهكين،‏ ولكن عندما رأينا دموع الفرح تنهمر على وجوه الاخوة الذين تسلَّموا بعد طول انتظار ترجمة العالم الجديد الكاملة،‏ شعرنا كلنا بأن الامر كان يستحق الجهد».‏

وبوجود ترجمة الكتاب المقدس باليابانية على الكمپيوتر،‏ لم يكن صعبا انتاج طبعات مختلفة بأحجام متنوعة.‏ وعلى مرّ السنين،‏ منذ اكمال ترجمة العالم الجديد باليابانية سنة ١٩٨٢،‏ جرى انتاج ما يقارب ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٣ نسخة منها بطبعات متنوعة.‏

زيادات اضافية لاستيعاب النمو

تماما كالمراهق الذي ينمو بسرعة،‏ جعل التنظيم الثيوقراطي في اليابان تسهيلات الفرع تنمو بسرعة.‏ ففي شباط ١٩٨٤ أُعلن عن توسُّع اضافي،‏ ويشمل هذه المرة مصنعا مُلحقا مؤلفا من ستة طوابق ومبنى للسكن مؤلفا من ثمانية طوابق،‏ مع طوابق سفلية لكليهما.‏ ومساحة المصنع الجديد تبلغ نحو ٥٠٠‏,٢٢ متر مربع (‏٠٠٠‏,٢٤٣ قدم مربَّعة)‏،‏ ضعف مساحة المصنع الاصلي في ايبينا.‏ ويضمُّ المبنى السكني الجديد ١٢٨ غرفة لإيواء المتطوعين في بيت ايل.‏

بدأ عمل البناء في الجزء الاضافي في ايلول ١٩٨٤،‏ وأُكمل في شباط ١٩٨٨.‏ وخلال هذه الفترة تجاوز عدد الناشرين في اليابان الـ‍ ٠٠٠‏,١٠٠ شخص،‏ واستمر في النمو.‏ ولم يكن هذا المشروع سيجهِّز الفرع ليخدم الحاجات المتزايدة في الحقل الياباني فحسب بل ليساعد البلدان الاخرى في حاجات الطباعة ايضا.‏ وفي ١٣ ايار ١٩٨٩،‏ دُشِّن المبنيان الجديدان لخدمة يهوه،‏ الاله الذي سبَّب الزيادة التي جعلت التسهيلات ضررورية.‏

وضع المرء الاهتمام بعائلته قبل الاهتمامات الاخرى

سلَّطت وسائل الاعلام في البلد الاضواء احيانا على شهود يهوه.‏ وثمة حملة اعلامية سنة ١٩٨٦ ايقظت الوعي الى مدى اعتناء شهود يهوه بأولادهم.‏ فقد ذكر عنوان رئيسي في ماينيتشي دايلي نيوز ‏(‏بالانكليزية)‏:‏ «مدير اعلى يتخلى عن وظيفته ليكون مع العائلة».‏ في اليابان،‏ يواجه الاب الذي لديه اولاد مراهقون مأزقا عندما ينتقل عمله حتى ولو عنى ذلك ترقية.‏ فالانتقالات تُجرى بغض النظر عن وضع العائلة.‏ وغالبا ما يُبعِد الوالدون فكرة الرحيل عن مسقط رأسهم كعائلة،‏ عندما يكون اولادهم في المدرسة الثانوية.‏ فيقبل الاب عادة الانتقال ويترك عائلته.‏ ويُدعى هذا الامر باليابانية تانشينفونين.‏ وقد اوردت المقالة في الصحيفة ان تاكيشي تامورا،‏ وهو واحد من شهود يهوه،‏ كان قد عيِّن مديرا عاما لمكتب كْيوشو للسكك الحديدية القومية اليابانية.‏ لكنه اختار ان يستقيل بدلا من ان يتبوَّأ هذا المركز الرفيع ويترك عائلته.‏ قال الاخ تامورا،‏ كما اقتُبس منه في احدى الصحف:‏ «ان وظيفة المدير العام يمكن ان يأخذها ايّ كان.‏ ولكنني الاب الوحيد لأولادي».‏

وقع الناس في الحيرة.‏ ففي وقت ابكر نقلت وسائل الاعلام صورة وحشية عن شهود يهوه،‏ واصفة اياهم بأنهم شعب مستعدون ان يتركوا اولادهم يموتون.‏ ومع ذلك،‏ هوذا رجل امتلك ما يكفي من الشجاعة ليستقيل من مركز يرغب معظم الرجال في السكك الحديدية القومية اليابانية في فعل ايّ شيء للحصول عليه،‏ لأنه يريد البقاء مع عائلته.‏ وقد ذهب مراسلون تلفزيونيون من بيت الى بيت.‏ وقابلوا رجال الاعمال الـ‍ تانشينفونين وهم ينزلون من القطار ليقضوا نهاية الاسبوع مع عائلاتهم.‏ وسأل المراسلون هؤلاء الناس كيف شعروا حيال قرار الاخ تامورا.‏ فكان ردّ الفعل المشترك:‏ ‹يُعجبني قراره.‏ ليتني املك الشجاعة لأحذو حذوه›.‏

يقول الاخ تامورا اذ يتذكر ما حدث:‏ «لا اعلم كيف حصلت صحيفة ماينيتشي على المعلومات.‏ فعادة عندما تتسرب معلومات كهذه،‏ يعمد مكتب السكك الحديدية الى تغيير تعيين كامل هيئة الموظفين للبرهان فقط ان ما ورد لم يكن صحيحا.‏ لكن هذه المرة تُرك الامر تماما كما اعلنته وسائل الاعلام.‏ فلا بد ان ليهوه يدا في كل ذلك.‏ فمن خلال وسائل الاعلام،‏ فهم اليابانيون ان شهود يهوه هم اناس يعتنون بعائلتهم».‏ واليوم،‏ الاخ تامورا وعائلته يخدمون كلهم كمبشرين كامل الوقت.‏ وهو الناظر المشرف في جماعته،‏ وابنه يخدم كمتطوع وقتي في بيت ايل.‏

التقدُّم في اوكيناوا

بعدما صارت اوكيناوا تحت اشراف فرع اليابان،‏ أُحرز تقدُّم جيد اضافي في تلك المقاطعة،‏ حيث لا تزال التقاليد القديمة تمارس تأثيرا قويا في حياة الناس.‏ لم تؤخر الشيخوخة كيكو سوناڠاوا،‏ البالغة من العمر ٧٠ سنة،‏ عن تبني عمل الفتح.‏ لقد كانت طوال سنوات كثيرة مستعبدة للـ‍ يوتا المحلية،‏ او الوسيطة الارواحية.‏ لكنها تأثَّرت عميقا عندما تعلَّمت من الاسفار المقدسة ان للاله الحقيقي اسما وأنه يستطيع ان يعرف ما في القلب.‏ فأتلفت على الفور كل شيء تملكه له صلة بالـ‍ يوتا.‏ ثم صمَّمت ان تتعلم القراءة لكي تتمكن من نيل معرفة أكمل عن مشيئة اللّٰه.‏ فقدَّم لها مدير درسها بصبر المساعدة اللازمة.‏ اعتمدت سنة ١٩٨١،‏ وانخرطت في السنة التالية في خدمة الفتح.‏

ومع انها كانت اميَّة في السابق،‏ تستطيع الآن ان تعلِّم زوجا مسنا لتلميذة في الكتاب المقدس ان يقرأ ويكتب لكي يتمكن هو وزوجته من التقدُّم معا نحو المعمودية.‏ وقدَّم الزوجان ذوا التقدير لجماعة اكاميتشي قطعة ارض ملائمة لتُبنى عليها قاعة ملكوت جديدة رائعة.‏ وبوركت ايضا جهود كيكو عندما تحرَّرت اختاها الصغيرتان ايضا من تأثير الـ‍ يوتا لتخدما الاله الحقيقي،‏ يهوه.‏

وفي سنة ١٩٨٩،‏ قبِل زوجان مسنان في هاماماتسو تعيينا للشهادة في جزيرة أڠوني جيما الصغيرة،‏ والتي تبعد نحو ٦٠ كيلومترا (‏٤٠ ميلا)‏ عن شاطئ اوكيناوا.‏ وقد باعا خاتمَي زواجهما ليوفِّرا الاموال اللازمة للسفر الى هذه الجزيرة النائية.‏ وخُصِّص عشرون يوما لزيارة ٦٠٠ بيت في الجزيرة.‏ وذات يوم،‏ عندما كانا يسيران بمحاذاة سياج من حجر تحت شمس الصيف اللاذعة،‏ قدَّمت لهما فتاتان صغيرتان ماء من مطرتهما.‏ واذ تأثَّر الزوجان بلطف الفتاتين،‏ قرَّرا زيارة والديهما.‏ وعندما عرَّفا بنفسهما كشاهدين ليهوه،‏ عانقهما الوالدان بحرارة.‏ فهؤلاء الناس لم يروا ايّ شاهد ليهوه منذ انتقالهم من اوكيناوا قبل ثمانية اشهر.‏ فرُتِّب لعقد درس في الكتاب المقدس بالبريد،‏ وسُلِّم الدرس في وقت لاحق الى جماعة في ناها،‏ اوكيناوا.‏ واعتمد الوالدان مع ابنتهما الكبرى سنة ١٩٩٣.‏ وهم يساعدون اناسا كثيرين في تلك الجزيرة المنعزلة على تعلُّم الحق.‏

في سنة ١٩٨٠،‏ عندما اصبحت اوكيناوا مجددا تحت اشراف فرع اليابان،‏ وصل عدد الناشرين في اوكيناوا والجزر المجاورة الى ٩٥٨ شخصا في ٢٢ جماعة.‏ وهنالك الآن اكثر من ٦٠٠‏,٢ منادٍ بالملكوت يخدمون بنشاط في منطقة اوكيناوا.‏

لجان بناء اقليمية تقدِّم المساعدة

كانت الجماعات طوال عدة عقود تبني قاعات ملكوتها بكل ما تيسَّر محليا من خبرة وموارد،‏ لكن كانت هنالك مشاكل انشائية،‏ وقانونية،‏ بالاضافة الى مشاكل اخرى.‏ فمعظم الجماعات لم تُعِر تنسيق الالوان اهتماما كبيرا.‏ وشكَّل متطوعون تنقصهم المهارات الجزء الاساسي من العمَّال،‏ وقد لزم وقت طويل لإكمال المشاريع.‏ وبعض مشاريع البناء،‏ التي تطلبت اشهرا وحتى سنوات،‏ عرَّض روحيات الجماعة للخطر ولا سيما الذين كانوا منهمكين في البناء.‏ وقد حان الوقت للتأمل في امكانية تطبيق مبادئ البناء السريع التي كانت تُستخدم في الولايات المتحدة.‏

فتشكَّلت اول لجنة بناء اقليمية في منطقة طوكيو في ايلول ١٩٩٠.‏ وتأسست سبع أُخر عقب ذلك لتغطي انحاء اخرى من البلد.‏ وفي آذار ١٩٩١ شُيِّدت في ناكاميناتو،‏ في منطقة إيباراكي،‏ اول قاعة ملكوت في اليابان استُخدمت فيها اساليب البناء السريع.‏ ومع ان عاصفة هوجاء سببت في اليوم الثاني تأخيرا مؤقتا،‏ أُكملت القاعة ذات المقاعد الـ‍ ١٢٠ في اربعة ايام فقط.‏

ومنذ ذلك الحين،‏ ارتفع عدد لجان البناء الاقليمة الـ‍ ٨ الاصلية في كل انحاء اليابان الى ١١،‏ وقد ساعدت على بناء ما يتراوح بين ٨٠ و ١٠٠ قاعة ملكوت كل سنة.‏ ويشمل ذلك ابنية تحتوي قاعات ملكوت مزدوجة وقاعات لها في الطابق الارضي موقف للسيارات بسبب ارتفاع سعر الاراضي.‏ وفي اوكيناوا اضطرت لجنة البناء الاقليمية الى تعديل الخرائط لمواجهة الاعاصير التي تضرب الجزر تكرارا.‏

قبل يوم من التاريخ المعيَّن للبدء بمشروع البناء السريع لجماعة كوتشيندا في اوكيناوا،‏ مات الاخ الذي كان قد تبرَّع بالارض.‏ وجرى التخطيط لاجراء المأتم يوم الاحد التالي عند الساعة الـ‍ ٠٠:‏٤ بعد الظهر في قاعة الملكوت التي لم تُبنَ بعد.‏ وكان الاخ معروفا محليا،‏ لذلك أُعلن عن مأتمه في وسائل الاعلام.‏ واذ رأى الناس الاساس الاسمنتي فقط‍ في موقع البناء،‏ سألوا:‏ «هل ستشيِّدون حقا بناء في الوقت المحدَّد للمأتم؟‏».‏ نعم،‏ أُكملت القاعة في الوقت المحدَّد،‏ وأناس كثيرون،‏ بمن فيهم اشخاص من الاوساط القانونية والسياسية،‏ اجتمعوا هناك ليستمعوا الى خطاب الدفن.‏

وفي الوقت الحاضر،‏ هنالك ٧٩٦‏,١ قاعة ملكوت في كل انحاء اليابان واوكيناوا،‏ و ٥١١ منها بُنيت او جدِّدت وفقا لأسلوب البناء السريع.‏ وهذه القاعات هي شهادة بليغة على وجود شهود يهوه وهي تجلب التسبيح الملائم للإله الذي يعبدونه.‏

قاعات محافل في كل انحاء البلد

يمكن قول الامر نفسه عن قاعات المحافل،‏ حيث تُعقد المحافل الدائرية وبرامج ايام المحافل الخصوصية.‏ وابتداء من ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ بُنيت قاعات المحافل الواحدة تلو الاخرى في كانْساي،‏ ايبينا،‏ تشيبا،‏ توكاي،‏ هيوڠو،‏ ڠوما،‏ هوكايدو،‏ وتوتشڠي.‏ وأُكمل بناء تاسع قاعة محافل في كْيوشو سنة ١٩٩٧.‏

غالبا ما ساهم السلوك المثالي للاخوة الكادحين في تغيير قلوب الجيران الذين لم يكن موقفهم مؤاتيا في البداية.‏ فعندما كانت قاعة المحافل تُبنى في توكاي قرب ناڠويا،‏ قاوم احد الجيران بشدة المشروع وحاول ان ينظِّم حملة لإيقافه.‏ وكان يأتي الى الموقع كل يوم ليتحقق مما يحدث.‏ وذات يوم اتى وفي يده منشار.‏ وعندما سأله الاخ المسؤول عن المشروع ماذا ينوي ان يفعل،‏ قال:‏ «كنت اراقب ما قمتم به حتى الآن.‏ ويبدو ان بستان الخيزران يعترض سبيلكم.‏ فدعوني اشترك في الخدمة الطوعية اليوم».‏ واندفع الى المساعدة.‏

في سنة ١٩٩٥،‏ عندما كان الاخوة يبنون قاعة المحافل في هوكايدو،‏ الجزيرة التي تقع في اقصى الشمال،‏ كانت الاموال محدودة جدا.‏ لذلك ابتهجوا بالحصول على ٠٠٠‏,٢ مقعد مجانا.‏ فكيف حدث ذلك؟‏ خلال القيام بعمل البناء،‏ ضرب زلزال كبير كوبي والمدن المجاورة لها،‏ جاعلا ابنية كثيرة عديمة النفع.‏ وبين هذه الابنية كان كوبي كوكوساي كايكان،‏ الذي احتوى على قاعة حفلات موسيقية جميلة.‏ وبعد ان اتُّخذ قرار هدم البناء،‏ اظهر تقرير اخباري في التلفزيون موسيقيين يودِّعون القاعة.‏ وإذ رأى الشهود الذين كانوا يقومون بعمل الاغاثة في كوبي نشرة الاخبار،‏ اتصلوا بالمسؤولين عن البناء وحصلوا على اذن في نزع المقاعد وشحنها الى قاعة المحافل في هوكايدو.‏ وقد كان ثلث المقاعد الـ‍ ٠٠٠‏,٢ جديدا تماما،‏ والباقي صالحا للاستعمال بعد اعادة تنجيده.‏ وكانت الشركة التي هدمت قاعة الحفلات الموسيقية سعيدة لأن المقاعد كانت قد أُزيلت من الطريق.‏

ابتداء من قاعتَي المحافل في توتشڠي وهوكايدو سنة ١٩٩٥،‏ صار الاخوة والاخوات المؤهلون ليخدموا تحت اشراف لجان البناء الاقليمية لبناء قاعات الملكوت منهمكين في بناء قاعات المحافل ايضا.‏ ويقدِّر الاخوة كثيرا قاعات محافلهم وفرصة معاشرة بعضهم بعضا خلال المحافل.‏ ويرون في هذه المباني الرائعة دليلا آخر على بركة يهوه السخية على جهودهم لتقديم ذبيحة تسبيح قيِّمة.‏

مواقع ملائمة للمحافل

خلال ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠ عُقدت معظم المحافل الكورية الكبيرة في مدرَّجات في الهواء الطلق.‏ وشمل ذلك مواجهة حرارة الصيف والرطوبة الشديدتين وكذلك الاعاصير،‏ التي بدأت تضرب اليابان نحو الوقت الذي عُقدت فيه المحافل الصيفية.‏

وفي سنة ١٩٨٣ تقرَّر عقد محفل كوري لأكثر من ٠٠٠‏,٢٠ شخص من ١٨ الى ٢١ آب في ڠرينيري سكوارز في الحديقة التذكارية للمعارض في اوساكا.‏ وعند التحضير،‏ نصب متطوعون خيمتَين كبيرتَين يوم الاحد في ١٤ آب.‏ لكنَّ اعصارا بلغت سرعته ١٦٠ كيلومترا في الساعة (‏١٠٠ ميل/‏الساعة)‏ اتَّجه مباشرة نحو اوساكا.‏ فقرَّر الاخوة ان يفكوا الخيمتين ليتفادوا الخطر.‏ ويقول شوڠو ناكاڠاوا،‏ ناظر المحفل:‏ «بدا المركز الرئيسي للمحفل كمرصد جوي فيما كان الاخوة يراقبون بانتباه تقدُّم الاعصار».‏

‏«وأمسى اليوم الـ‍ ١٦ من آب يوما للصلاة.‏ فإذا كان المحفل سيبدأ في الوقت المحدَّد،‏ يجب ان يبدأ الاخوة بنصب الخيمتين في ١٧ آب عند الساعة ٠٠:‏٥ صباحا.‏ وقد ذكرت صحيفة مسائية في ١٦ آب:‏ ‹عاصفة ممطرة متوقَّعة في منطقة اوساكا›.‏ فإذا كنا سننصب الخيمتين حسب البرنامج،‏ لزم ان يتحرك الاعصار بسرعة اكبر وينعطف يمينا،‏ ولا بد ان تنقشع الغيوم الغربية.‏ وهذا ما حدث بالضبط.‏ ففي اليوم الـ‍ ١٧ عند الساعة ٠٠:‏٤ صباحا،‏ امطرت بغزارة في الجزء الجنوبي من اوساكا ولكن ليس حول موقع المحفل.‏ وفي الوقت المحدَّد أُعيد نصب الخيمتين من اجل المحفل،‏ الذي ابتدأ في اليوم الـ‍ ١٨ عند الساعة ٢٠:‏١ من بعد ظهر يوم الخميس،‏ تماما كما كان مقرَّرا».‏

لكنَّ ميادين الالعاب الداخلية والقاعات التي تسع اكثر من ٠٠٠‏,١٠ شخص صارت تتوفر تدريجيا.‏ وفي تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ بدأ شهود يهوه يستأجرون هذه القاعات المكيَّفة الهواء.‏ وعُقد احد اكبر التجمعات الداخلية هذه في مدرَّج طوكيو المقبَّب سنة ١٩٩٢.‏ وحضر ما مجموعه ٩٠٥‏,٣٩ اشخاص محفل «حملة النور» الكوري هذا.‏ وبما ان المدرَّج كان في وسط طوكيو،‏ قدَّم المحفل شهادة حسنة للمتفرجين.‏ واعترف رجل يعمل قرب المدرَّج لفاتحة زارت بيته،‏ انه وزملاءه في العمل كانوا ينتقدون الشهود.‏ ولكن بعد ان راقب مندوبي المحفل،‏ اعتذر وقال:‏ «الآن،‏ بعد ان تبدَّلت آرائي،‏ سأقرأ هذه المجلات مع زوجتي».‏

ترحيب بالذين جرى اجلاؤهم

في ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ امتُحنت قدرة الاخوة على سدِّ حاجة اخرى.‏ فتماما كما أُتيحت للمسيحيين في القرن الاول فرص ليظهروا عمق محبتهم بتزويد المساعدة للرفقاء المؤمنين المحتاجين في اليهودية،‏ كذلك أُتيحت لشهود يهوه في اليابان في السنوات الاخيرة فرص للاعراب عن هذه الصفات المسيحية في اوقات الكوارث.‏ (‏اعمال ١١:‏٢٨،‏ ٢٩؛‏ رومية ١٥:‏٢٦‏)‏ والطريقة التي اتَّبعوها اعطت دليلا اضافيا على اتمام كلمات يسوع:‏ «بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضا لبعض».‏ —‏ يوحنا ١٣:‏٣٥‏.‏

وأول مثال لأعمال الاغاثة الموسَّعة حدث بعد ان ثار جبل ميهارا في جزيرة إيزو اوشيما في ٢١ تشرين الثاني ١٩٨٦.‏ فعند الساعة ١٧:‏٤ بعد الظهر،‏ شعر جيرو نيشيمورا،‏ وهو شيخ في الجماعة الوحيدة في الجزيرة،‏ بانفجار عظيم.‏ قال الاخ نيشيمورا:‏ «عندما خرجت،‏ كانت هنالك سحابة فطرية الشكل فوق جبل ميهارا تماما كتلك التي لانفجار قنبلة ذرية».‏ وفي غضون ساعة،‏ هزّت ٨٠ زلزلة الجزيرة.‏ وطوال الليل جرى اجلاء اكثر من ٠٠٠‏,١٠ شخص عن الجزيرة.‏

وخلال ساعات قليلة بعد الثوران،‏ عُيِّنت لجان اغاثة في شبه جزيرة إيزو وفي طوكيو للاعتناء بالشهود الذين جرى اجلاؤهم.‏ وبعد ان صدر الامر بالاجلاء،‏ هرع يوشيو ناكامورا مع آخرين من الجماعات في طوكيو الى الارصفة البحرية عند الساعة الثانية صباحا ليساعدوا اعضاء جماعة إيزو اوشيما.‏ قال في وقت لاحق احد الذين جرى اجلاؤهم:‏ «فيما كنا ننزل من السفينة،‏ رأينا لافتة تقول:‏ ‹شهود يهوه›.‏ .‏ .‏ .‏ فاغرورقت عينا زوجتي،‏ اذ غمرها شعور بالارتياح لوجود اخوتنا هناك لملاقاتنا عند الرصيف».‏

ثوران شيمابارا

بعد اقل من خمس سنوات،‏ في حزيران ١٩٩١،‏ ثار جبل فوڠن في شبه جزيرة شيمابارا قرب ناڠازاكي.‏ فقُتل اكثر من ٤٠ شخصا.‏ وقد نجت بأعجوبة احدى الشاهدات وأولادها الذين كان بيتهم على طريق سيل للغاز والرماد الحارين جدا.‏ ومن الناشرين الـ‍ ٤٢ المقترنين بجماعة شيمابارا،‏ اضطر ٣٠ شخصا الى الاجلاء.‏ ولم يعد بإمكان الجماعة ان تستخدم في ما بعد قاعة ملكوتها،‏ لأنها كانت داخل منطقة الخطر.‏ وأُعلمت الجماعات في كل انحاء البلد بحاجات اخوتهم في المنطقة المنكوبة،‏ وفُتح حساب مصرفي للاموال المخصَّصة للاغاثة.‏ وكان التجاوب فوريا؛‏ وكان ضخما جدا الى حدّ ان البنك المحلي فاض بالتحويلات.‏ فطلبوا ان تتوقف التحويلات مؤقتا ريثما يحاولون انجاز المعاملات.‏ وفي اقل من شهر،‏ طلبت لجنة الاغاثة المحلية ان تتوقف الجماعات عن ارسال المال،‏ لأنهم كانوا قد تسلموا اكثر من حاجتهم.‏ وبالاضافة الى الاعتناء بالذين خسروا وظائفهم وأماكن سكنهم،‏ فإن الهبات التي أُرسلت جعلت من الممكن تزويد قاعة ملكوت جديدة رائعة لجماعة شيمابارا وواحدة لجماعة آري التي تشكلت حديثا،‏ والتي انضم اليها الآن نصف اللاجئين.‏

ان اعمال الاغاثة مع الاهتمام الحبي الذي عبَّرت عنه اكثر من ٠٠٠‏,٣ رسالة جرى تسلمها،‏ اثَّرت عميقا في قلوب الشهود في المنطقة المنكوبة.‏ ونتيجة لذلك،‏ في نيسان السنة التي تلت الكارثة،‏ انخرط الناشرون الـ‍ ٢٨ من جماعة شيمابارا وكذلك الاعضاء المعتمدون الـ‍ ٢٠ من جماعة آري كلهم في خدمة الفتح الاضافي في ذلك الشهر.‏ فكان ذلك دليلا على شكرهم ليهوه.‏

مساعدة قانونية لازمة

لم يسرّ الشيطان طبعا بالنشاط الموحَّد لخدام يهوه.‏ وكما في بلدان اخرى،‏ حاول ان يضع حواجز ليعيق تقدُّم شعب يهوه.‏ فلزم احيانا رفع المسائل الى المحاكم.‏ —‏ قارنوا اعمال ٢٥:‏١١‏.‏

ولمعالجة الاوضاع التي تتطلب مشورة قانونية،‏ تأسس مكتب قانوني في مكتب الفرع في اوائل ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وفي سنة ١٩٩١ تطوَّع محامٍ شاب،‏ مع زوجته،‏ ليخدما كامل الوقت في الفرع.‏ وبعد التشاور مع الاخوة الآخرين في المهنة القانونية،‏ اعدّ الكثير من المعلومات المفيدة لهيئات الشيوخ حول مسائل مثل استئجار وامتلاك قاعات ملكوت،‏ معالجة العنف ضد شعب يهوه بشكل مناسب،‏ والخطوات الحكيمة التي يجب اتِّخاذها في ما يتعلق بالخلافات المرتبطة بالطلاق والوصاية على الاولاد.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ زُوِّد الفرع بالمشورة اللازمة لمواجهة التغييرات في القوانين التي تشمل النشر،‏ تصدير مطبوعات الكتاب المقدس،‏ ومسائل مماثلة.‏

الضمير الديني يُطرح امام المحكمة

طُرحت قضية جديرة بالملاحظة امام المحاكم شملت كونيهيتو كوباياشي البالغ من العمر ١٦ سنة،‏ الذي تسجَّل في كلية كوبي البلدية الصناعية والتقنية.‏ (‏في اليابان،‏ تقدِّم الكليات التقنية مقرَّرا غير الزامي يدوم خمس سنوات يشمل السنوات الثلاث للمدرسة الثانوية.‏)‏ واعتادت بعض المدارس ان تُرسب او تطرد الطلاب الذين لا يشتركون في تمارين فنون القتال.‏ فكانوا بالتالي يُحرمون من حقهم في العلم.‏ وخلال زيارة ناظر الاقليم لويد باري للفرع في كانون الاول ١٩٨٦،‏ أُوصي بأن يجري اختيار اخ مثالي كان يواجه هذه المشكلة،‏ ومن المفضَّل ان يكون ابن احد الشيوخ،‏ وأن تُرفع عريضة ضد طرده الى المحاكم.‏

وفي سنة ١٩٩٠،‏ رفض كونيهيتو كوباياشي مع اربعة طلاب آخرين تمارين الكندو (‏مسايفة يابانية)‏ انسجاما مع الامر في اشعياء ٢:‏٤ ان ‹يطبعوا سيوفهم سككا ولا يتعلموا الحرب في ما بعد›.‏ ونتيجة لذلك،‏ لم يُرفَّعوا الى صف اعلى.‏ ومع ان كونيهيتو كان متفوِّقا في صفه من ناحية الدراسة،‏ طُرد لاحقا من المدرسة لرسوبه في صف التربية البدنية سنتين متتاليتين.‏ فرفع كونيهيتو وأربعة آخرون عريضة ضد الاجراء الذي اتَّخذته المدرسة،‏ مدَّعين ان حقوقهم الدستورية لحرية العبادة والعلم قد انتُهكت.‏ وبعد عدة استئنافات،‏ وصلت اخيرا قضية كونيهيتو الى المحكمة العليا.‏ وفي ٨ آذار ١٩٩٦،‏ حكم قضاة هيئة المحكمة الصغرى الثانية للمحكمة العليا بالاجماع لمصلحته،‏ معلنين ان الكلية اخطأت بإجباره على الاختيار بين دينه والعلم.‏ فكانت هذه اول مرة تحكم فيها المحكمة في قضية حيث نُظر في اعتبار الحرية الدينية عاملا ضد حق المدرسة في فرض منهاجها.‏ استدعى المدير الجديد هيئة الطلاب بكاملها،‏ واعترف ان المدرسة تصرفت بعدم تمييز في القضية،‏ وطلب منهم ان «يرحبوا بحرارة بعودة السيد كوباياشي كطالب رفيق».‏ وفي نيسان ١٩٩٦،‏ بعد مرور اربع سنوات على الطرد،‏ بدأ الاخ كوباياشي،‏ الذي يبلغ من العمر الآن ٢١ سنة،‏ بالذهاب مجددا الى المدرسة.‏

ذاع القرار بشكل واسع في كل انحاء البلد،‏ وفرح شهود يهوه بأن اسم يهوه وطرقه البارة لفتا ثانية انظار الناس وبأن شهادة مؤاتية قد قُدِّمت.‏ —‏ متى ١٠:‏١٨‏.‏

اظهار الاحترام لشريعة اللّٰه عن الدم

مع ان اهتمام شهود يهوه بحياة رفقائهم البشر معروف،‏ كان من الضروري بذل جهد شاق للتغلب على التحامل المتأصل عميقا ضد احترام الشهود لقدسية الدم.‏ (‏تكوين ٩:‏٤؛‏ اعمال ١٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ وقبل ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان مكتب الفرع يحتفظ بلائحة بالمستشفيات والاطباء الذي اجروا عمليات جراحية دون دم.‏ لكنها لم تكن لائحة بالاطباء المتعاونين؛‏ فالبعض اجروا عمليات دون دم على مضض ليس إلا.‏

فهل يمكن فعل المزيد لمساعدة الشهود المحتاجين الى اسماء اطباء مستعدين لإجراء جراحة دون دم؟‏ يتذكَّر اكيهيرو وُوُتاني،‏ الذي صار منهمكا بشكل مباشر في سدّ هذه الحاجة:‏ «كنا مُحبطين لأننا غالبا ما كنا نجهل ماذا نفعل بالاتصالات الهاتفية اليائسة بالجمعية طلبا لأسماء اطباء مستعدين لإجراء عملية دون دم».‏ ثم في اوائل سنة ١٩٨٩،‏ وردت تقارير الى اليابان تُفيد ان حلقات دراسية للجنة الاتصال بالمستشفيات كانت تُعقد في الولايات المتحدة.‏ وبدافع الاهتمام،‏ كتب الفرع رسالة استفسار الى المركز الرئيسي في بروكلين.‏ وفي وقت لاحق،‏ في تشرين الثاني من تلك السنة،‏ جرى تسلُّم رسالة من خدمات معلومات المستشفيات في بروكلين تُعلم الفرع ان لجنة النشر وافقت على عقد حلقة دراسية للجنة الاتصال بالمستشفيات في اليابان في آذار ١٩٩٠.‏ وهذه ستكون احدى اولى الحلقات التي ستُعقد خارج الولايات المتحدة.‏

وبالاضافة الى اعضاء لجنة الاتصال بالمستشفيات الـ‍ ٩١ المعيَّنين حديثا،‏ كان سيحضر ١١١ ناظرا جائلا،‏ ٢٥ طبيبا شاهدا من اليابان،‏ ٤٤ اخا من جمهورية كوريا،‏ و ٣ معلمين من بروكلين.‏ وكانت الحلقة الدراسية ستُعقد بالانكليزية وتُترجم بالكورية واليابانية.‏

يتذكر الاخ وُوُتاني:‏ «خلال الحلقة الدراسية،‏ شدَّد المعلِّمون تكرارا على الحاجة الى ‹تزويد الاطباء بالمعلومات›».‏ وأضاف:‏ «وقد عبَّر البعض عن شكوك جدية بشأن ما اذا كانت مقابلة الاطباء وزيارة المستشفيات بهدف تزويد الاطباء بالمعلومات ستكونان امرا مقبولا في اليابان.‏ وخصوصا لأن اليابانيين يقبلون عادة دون تردد ايّ علاج يصفه الاطباء،‏ والاطباء لا يميلون الى مناقشة ما يفعلونه مع الاشخاص العاديين.‏ ولكن بعد الحلقة الدراسية،‏ شكَّل المعلمون الثلاثة مع اعضاء لجنة الاتصال فِرَقا وزاروا المستشفيات في منطقة طوكيو،‏ مما اسفر عن نتائج جيدة جدا».‏

تزويد وسائل الاعلام والاطباء بالمعلومات

بسبب التقارير المتحاملة والمعلومات غير الدقيقة التي ظهرت في الصحافة،‏ ساد شعور بأنه ينبغي ان تُبذل جهود لتزويد وسائل الاعلام وكذلك الاطباء بالمعلومات عن موقفنا من الدم.‏ ولذلك،‏ ابتداء من ايلول ١٩٩٠،‏ بعد اصدار كراسة كيف يمكن للدم ان ينقذ حياتكم؟‏‏،‏ شنَّ الفرع حملة ليجتمع بالمراسلين الصحفيين الذين كانوا يكتبون مقالات طبية في الصحف الوطنية والمحلية.‏ وتبين ان ذلك ناجح جدا.‏ حتى ان بعض المراسلين الصحفيين،‏ اذ تأثَّروا بما رأوه،‏ عرضوا ان يكتبوا مقالة عن الاطباء الذين يجرون جراحة دون دم.‏

والنتيجة الاخرى الرائعة لهذه الحملة كانت ان المراسلين الصحفيين العلميين في الصحف البارزة في البلد،‏ اخبروا لجنة الاتصال بالمستشفيات في اوساكا ان لجنة الاخلاقيات التابعة للمركز الوطني لأمراض جهاز دوران الدم كانت تناقش كيفية التعامل مع الشهود.‏ فكُتبت على الفور رسالة طُلبت فيها مقابلة مدير المركز.‏ فحضر هذا الاجتماع مدير لجنة الاخلاقيات ونائبه على السواء.‏ ونتيجة لذلك،‏ في ٢٢ نيسان ١٩٩١،‏ اتُّخذ قرار ان تُحترم حقوق الشهود في رفض اجراءات نقل الدم.‏

وبعد هذه البداية الرائعة،‏ جرى الاتصال بلجان الاخلاقيات في مستشفيات اخرى وبنتائج مماثلة.‏ وعندما كانت لجنة الاخلاقيات لمستشفيات طوكيو المتروپوليتية ومراكز التوليد تعدّ خطوطا ارشادية حول كيفية التعامل مع رفض اجراءات نقل الدم لأسباب دينية،‏ دُعي الى المشاركة ممثِّل عن خدمات معلومات المستشفيات من الفرع وأعضاء من لجان الاتصال بالمستشفيات في طوكيو.‏ وأوصى اعضاء اللجنة الـ‍ ١٣ بأن تحترم المستشفيات الـ‍ ١٦ كلها التي تُديرها حكومة طوكيو المتروپوليتية رغبات المرضى الراشدين الذين يرغبون في معالجة دون دم حتى لو شعر الاطباء بأن الدم ضروري.‏ وأوردت ماينيتشي شيمبون (‏باليابانية)‏:‏ «وفي حال جُلب مريض الى المستشفى وهو فاقد الوعي لكن في حوزته وثيقة تشهد بأنه لا يرغب في ان يُجرى له نقل دم،‏ يجب ان يعطي الطبيب تلك الرغبة الاولوية».‏ وأضافت:‏ «تُحترم رغبات طلاب المدارس الثانوية بشأن نقل الدم كما لو كانوا راشدين».‏

حتى المستشفيات التي علَّقت في ما مضى لافتات كُتب عليها «لا نقبل شهود يهوه» غيَّروا موقفهم،‏ وهم مستعدون لمعالجة الشهود ولاستخدام اساليب دون دم في فعلهم ذلك.‏ وهنالك الآن اكثر من ٠٠٠‏,١٥ اسم على لائحة الاطباء المتعاونين.‏ واذا سهت لجنة الاتصال بالمستشفيات المحلية عن بعض الاطباء كانوا يشعرون بأنهم أُهملوا.‏ وفي تشرين الاول ١٩٩٥ بدأ مستشفى شين-‏طوكيو في ماتسودو ببرنامج معالجة دون دم يحترم تماما موقف الشهود من الدم.‏ لذلك اتُّخذت خطوات مستقبلية رائعة في هذه المسألة الحيوية.‏

المحبة مع التنظيم

كما انبأ يسوع المسيح،‏ لا تزال الزلازل الكبيرة في هذه الايام الاخيرة تضرب مكانا بعد آخر.‏ (‏متى ٢٤:‏٣،‏ ٧‏)‏ وقد ضرب احدها منطقة كوبي يوم الثلاثاء في ١٧ كانون الثاني ١٩٩٥.‏ وأودى هذا الزلزال،‏ الذي بلغت قوته ٢‏,٧ درجات على مقياس ريختر،‏ بحياة اكثر من ٠٠٠‏,٥ شخص وشرَّد آلافا آخرين.‏ وبين الـ‍ ٠٠٠‏,٩ شاهد الذين يعيشون في المنطقة المتضررة،‏ فقدَ ١٣ شاهدا معتمدا وناشران غير معتمدين حياتهم.‏ وقد وُجد في صباح ذلك اليوم هيروشي وكازو كانيكو،‏ زوجان هما فاتحان خصوصيان يخدمان في جماعة نيشينوميا المركزية،‏ تحت انقاض شقة قديمة.‏ ولزم اكثر من اربع ساعات لإخراج الاخ كانيكو،‏ اما زوجته كازو فكانت قد سُحقت حتى الموت.‏ ولأن هيروشي بقي تحت ثقل الانقاض وقتا طويلا،‏ توقفت كليتاه عن العمل،‏ مما تركه في وضع خطر لأيام كثيرة.‏ قال هيروشي:‏ «اثَّر فيَّ عميقا الادراك كم هي عديمة النفع الامتعة المادية».‏ وأضاف:‏ «وبالتباين،‏ ادركت اهمية الصفات الداخلية كالايمان والرجاء.‏ فهاتان الصفتان تساعداننا على التغلب على اسوإ الظروف التي قد نواجهها».‏

وبدافع المحبة الشديدة للاخوة،‏ سارع الشهود الى تقديم المساعدة.‏ ولحسن التوفيق،‏ كانت الدوائر في منطقة كوبي منظمة بطريقة تقسم المدينة من الشمال الى الجنوب.‏ وبما ان الزلزال ضرب المنطقة على طول الخط الساحلي من الشرق الى الغرب،‏ كانت في كل دائرة جماعات لم تتضرَّر بحيث امكنها ان تساعد المحتاجين.‏ والشيوخ في الجماعات غير المتضررة المجاورة اخذوا المبادرة في تنظيم عمل الاغاثة.‏ وفي اليوم الذي تلا اول هزة،‏ سلَّمت قافلة من ١٦ دراجة نارية الطعام والماء الى الجماعات في الوسط التجاري لمدينة كوبي.‏

وأنشأ نظار الدوائر بسرعة مراكز اغاثة مؤقتة للاعتناء بالشهود في المنطقة المتضررة.‏ وعيَّن الفرع ست قاعات للملكوت لم تُدمَّر كمستودعات لمؤن الاغاثة.‏ يتذكَّر يوشيهيرو ناڠاساكي،‏ وهو عضو في لجنة الفرع وصل الى المنطقة المتضررة راكبا دراجة نارية لأحد الرفقاء الشهود،‏ ما يلي:‏ «في غضون خمس ساعات،‏ مُلئت هذه القاعات حتى فاضت».‏ ومضى يقول:‏ «ولزم ان نطلب من الاخوة ان يُرسل‍وا مؤن الاغاثة الى قاعات محافل مجاورة».‏ وأُنشئت مراكز للمؤن حيث يمكن لممثِّلين من الجماعات المحلية ان يحصلوا على المواد اللازمة،‏ فيتمكن عندئذ الشيوخ في كل جماعة من توزيع المؤن على اعضائها.‏

يشجع الكتاب المقدس المسيحيين ان ‹يعملوا الخير للجميع ولا سيما لأهل الايمان›.‏ (‏غلاطية ٦:‏١٠‏)‏ وقد تقاسم الشهود بسرور مع جيرانهم ما تسلموه.‏ فبعد يومين من زلزال كوبي،‏ عندما لاحظ‍ احد الشيوخ الشهود ان مؤن الاغاثة التي للشهود كانت كافية في حين كان اناس آخرون في حاجة ماسة،‏ ارسل بسرعة سيارتَي ڤان ملآنتين مؤن طعام الى مركز محلي للاجئين.‏

منح مساعدة اضافية

لُفت الانتباه ايضا الى الحاجات العاطفية والروحية.‏ وصُنعت على الفور ترتيبات لمتابعة اجتماعات الجماعة.‏ واجتمعت احدى الجماعات في متنزَّه،‏ يوم وقوع الزلزال.‏ وبحلول يوم الاحد الذي تلا الزلزال،‏ عقدت معظم الجماعات في المنطقة كالعادة درسها لـ‍ برج المراقبة‏.‏ وللاعتناء بحاجات المتضررين العاطفية والروحية،‏ أُرسل سبعة نظار دوائر الى الدوائر الخمس المتضررة بالاضافة الى نظار دوائرهم الحاليين.‏ وقد قاموا بزيارات خصوصية لتقوية الاخوة ولمساعدتهم على ابقاء مصالح الملكوت اولا في حياتهم رغم الكارثة.‏

كانت عشر قاعات ملكوت غير صالحة للاستعمال.‏ وكانت بيوت اخوة كثيرين قد دُمِّرت تماما او جزئيا.‏ فنظَّمت كلٌّ من لجان البناء الاقليمية الـ‍ ١١ في اليابان فِرقا من نحو ٢١ عاملا لترميم البيوت المتضررة.‏ وأتى فريق اغاثة من الشهود من الولايات المتحدة على نفقتهم الخاصة للمشاركة في العمل.‏ وعندما انهت هذه الفِرق عملها،‏ كانوا قد رمَّموا ٠٢٣‏,١ بيتا ورفعوا انقاض ٤ بيوت كانت قد دُمِّرت.‏ وأعاد اخوة يتَّصفون بالتضحية بالذات،‏ اتوا من كل انحاء البلد،‏ بناء خمس قاعات ملكوت وترميم اربع.‏

عومل اعضاء العائلة غير المؤمنين بلطف مماثل لذاك الذي أُظهر للاعضاء المؤمنين في هذه الأُسر.‏ ثمة اخت زوجها غير مؤمن ولديها اربعة اولاد خسرت ابنها الثاني في الزلزال.‏ وقد بقيت العائلة في قاعة الملكوت مع ٧٠ شاهدا آخر مدة اسبوع.‏ وإذ لاحظ الزوج كيف اظهر الاخوة الاهتمام وقدَّموا المساعدة العملية،‏ صار يقدِّر هيئة يهوه.‏ وذات يوم،‏ زار المركز الرئيسي للاغاثة في سويتا.‏ وهناك رأى اخوة كثيرين يعملون بكد لفائدة اناس لا يعرفونهم.‏ فأُثيرت مشاعره،‏ ولم يستطع ان يحبس دموعه.‏ وفي ذلك اليوم عينه،‏ وافق على درس في الكتاب المقدس.‏

مواجهة التغييرات بطريقة بناءة

على مرّ السنين،‏ تغيَّر الوضع في اليابان.‏ فبحلول نهاية آذار ١٩٩٢،‏ بعد ثلاث وأربعين سنة من وصول فريق المرسلين الاول سنة ١٩٤٩،‏ كانت المقاطعة المعيَّنة لفرع اليابان تُغطَّى كلها بانتظام ببشارة الملكوت.‏ لكنَّ موقف الناس وظروفهم تغيَّرت ايضا،‏ فتتطلب ذلك مرونة من جهة شهود يهوه.‏

علَّق رودني كييالوها،‏ مرسل قضى سنوات كثيرة في العمل الجائل:‏ «قبل خمس وعشرين سنة [في سبعينات الـ‍ ١٩٠٠] كان الشعب الياباني لطيفا وودّيا جدا.‏ وعندما كان الشهود يزورونهم كانوا يصغون،‏ حتى ولو لم يكونوا مهتمين».‏ وكان الناس يصرفون الوقت في القراءة ويملكون عموما احتراما ساميا للآداب الجيدة والنظام الاجتماعي.‏ لكن تدريجيا،‏ صار الازدهار المادي المتزايد يلهيهم اكثر.‏ وابتدأت ربات المنازل بدخول ميدان العمل.‏ واناس قلائل يمكن ايجادهم في البيت خلال النهار.‏ وغالبا ما يكون الموجودون في البيت مشغولين اكثر من ان يتبادلوا احاديث مطوَّلة عن الدين،‏ ولا يرغبون في قبول المطبوعات التي يشعرون بأن لا وقت عندهم لقراءتها.‏

وشُيِّدت ابنية سكنية ذات اجراءات امنية مشدَّدة وبيوت ذات انظمة اتصال داخلية.‏ فكان على الناشرين في هذه المناطق ان يتكيَّفوا مع تقديم عروضهم من خلال انظمة الاتصال الداخلية.‏ وتعلَّموا ان يعودوا لزيارة الذين اعربوا عن لطف وآداب جيدة.‏ رفضت امرأة ان تتحدث من خلال نظام الاتصال الداخلي الى هيروكو،‏ وهي فاتحة تخدم في ساپّورو،‏ لأنها شنتوية.‏ واذ اقتنعت هيروكو بأنه لا بد ان يكون للمرأة قلب طيب بسبب رنة صوتها الفرحة وأسلوبها اللبق،‏ عادت لزيارتها.‏ وطوَّرت تدريجيا صداقة من خلال نظام الاتصال الداخلي.‏ وبعد مرور عشرة اشهر على زيارات كهذه،‏ استُقبِلت اخيرا بـ‍ «انتظري لحظة من فضلك»،‏ ثم اتت المرأة الى الباب ودعتها الى بيتها.‏ وسرعان ما ادّت مناقشة حول مسألة عائلية الى درس في الكتاب المقدس،‏ ثم الى المعمودية.‏ فقد كان للاخت الجديدة،‏ التي هي الآن فاتحة،‏ قلب طيب حقا.‏

وبما ان اناسا كثيرين نادرا ما يوجدون في البيت خلال النهار،‏ اوصت خدمتنا للملكوت بزيادة شهادة الامسيات والشهادة في الشوارع.‏ فتجاوب الناشرون على الفور بحماسة.‏ وسرعان ما صار بالامكان رؤيتهم في كل انحاء اليابان،‏ يوزِّعون برج المراقبة و استيقظ!‏ في الشوارع،‏ ولا سيما حول محطات القطارات التي تنشط فيها الحركة.‏

والمثال النموذجي هو اخت قرب يوكوهاما.‏ فمع انها كانت تعمل بدوام كامل،‏ ارادت ان تنخرط في الفتح الاضافي.‏ فاقترح احد الشيوخ انه يمكنها ان تقوم بالشهادة في الشوارع قرب محطة قطار من الساعة ٠٠:‏٦ الى الساعة ٠٠:‏٨ صباحا كل يوم قبل الذهاب الى عملها الدنيوي.‏ وبعد ان تغلبت على خجلها والسخرية التي واجهها بها في البداية بعض الذاهبين الى عملهم،‏ صارت تقوم بجولة مجلات لنحو ٤٠ شخصا سرَّهم ان يحصلوا على المجلات.‏ وشمل هؤلاء الذاهبين الى عملهم،‏ عمَّال المحطة،‏ ومالكي المتاجر المجاورة.‏ وبلغ معدَّل توزيعها المجلات ٢٣٥ مجلة في الشهر في مقاطعة حيث كان الفاتحون يوزِّعون عادة نحو ٣٠ مجلة.‏ وبمشاركتها الناس في نقاط من الاسفار المقدسة لدقائق قليلة فقط كل يوم،‏ استطاعت ان تبدأ بستة دروس مختلفة في الكتاب المقدس —‏ واحد منها مع رجل شرطة.‏

طبَّق ناشرون آخرون الاقتراحات المتعلقة بشهادة الهاتف ليصلوا الى الناس في الابنية ذات الاجراءات الامنية المشدَّدة.‏ وقد فتحت المثابرة وابراز موضوع جذاب الطريق امام دروس كثيرة في الكتاب المقدس.‏ عندما سألت اخت،‏ كانت تستعمل الهاتف،‏ احدى النساء هل فكرت مليًّا في ما يخبئه المستقبل لها ولعائلتها،‏ ردّت المرأة بالايجاب.‏ فخيبة املها من قدرة الآخرين على المساعدة اثَّرت في صحتها.‏ ونتيجة ذلك اعتزلت في البيت.‏ وإذ تأثَّرت بالاهتمام المخلص الذي عبَّرت عنه الشاهدة،‏ وافقت على لقائها في سوپرماركت مجاورة.‏ وعندما رأت محتويات كتاب حياتكم العائلية،‏ وافقت دون تردد على درس في الكتاب المقدس.‏

انتج النشاط الفعَّال في الحقل مع نضج الجماعات نموا ثابتا ومتواصلا.‏ والتعاقب الحالي للذرى المتتابعة في عدد الناشرين ابتدأ في كانون الثاني ١٩٧٩ ويستمر دون انقطاع طوال اكثر من ١٨ سنة.‏ وخلال النصف الاخير من ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠ وأوائل تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ بلغ معدل الزيادة في عدد الناشرين في اليابان اكثر من ٠٠٠‏,١٠ شخص كل سنة.‏ وبحلول آذار ١٩٩٥،‏ كان هنالك ٠٠٠‏,٢٠٠ منادٍ بالملكوت في البلد.‏ وبحلول آب ١٩٩٧،‏ كان ٦٦٣‏,٢٢٠ ناشرا مقترنين بـ‍ ٧٨٥‏,٣ جماعة،‏ بالمقارنة مع ١٩٩‏,١٤ ناشرا في ٣٢٠ جماعة في آب ١٩٧٢.‏ لكنَّ عددا متزايدا من هؤلاء الناشرين لا يتكلمون في الاصل اليابانية.‏

مساعدة لفِرق اللغات الاجنبية

بسبب ازدهار الاقتصاد الياباني،‏ انتقل الى البلد عمَّال كثيرون يتكلمون لغات اخرى غير اليابانية.‏ وبينهم شهود ليهوه.‏ فلم تعد اليابان بلدا حيث اللغة الاصلية لكل شخص تقريبا هي اليابانية.‏ فكيف يمكن مساعدة السكان الذين يتكلمون لغات اجنبية روحيا؟‏

قبل ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان هنالك اشخاص قليلون نسبيا يتكلمون لغة اجنبية.‏ وكانت قد تشكَّلت فِرق او جماعات منعزلة صغيرة في ميساوا،‏ تاتشيكاوا،‏ وأوكيناوا لفائدة نساء وأولاد الموظفين العسكريين الاميركيين بالاضافة الى مهتمين آخرين.‏

تشكَّلت اكبر هذه الفِرق او الجماعات من اجل القواعد العسكرية الاميركية في اوكيناوا.‏ وفي سنة ١٩٦٨،‏ انتقل كارل وإڤالين أمرسون،‏ مرسلان سابقان في كوريا،‏ مع ابنهما الصغير لمساعدة الذين يتكلمون الانكليزية في اوكيناوا.‏ وانضم اليهما لاحقا في هذا الحقل المثمر بيل وماري إڤز ووين وپني فرايزي من الصفَّين الـ‍ ٤٠ والـ‍ ٥٢ لجلعاد.‏ ووين،‏ اذ كان يقود حول قاعدة كادينا الجوية الواسعة سيارة صغيرة بحالة سيئة،‏ سعة اسطوانات محركها ٣٦٠ سم٣‏،‏ كان فعَّالا خصوصا في العمل بين المجنَّدين بسبب خلفيته العسكرية.‏ وتمكَّن وين وپني معا من مساعدة نحو ١٠٠ شخص على المعمودية خلال السنوات الـ‍ ١٥ التي قضوها في الخدمة في اوكيناوا.‏ وكانت خدمتهما فعَّالة حتى ان الضابط القائد لإحدى القواعد طلب ان يكرزا في مكان آخر.‏ ولماذا؟‏ تشكَّى قائلا:‏ «انكم تأخذون افضل رجالي».‏

ومع ان الناس كانوا ينتقلون باستمرار من الجماعة واليها،‏ عندما كانت تحصل تعيينات لقواعد عسكرية اخرى،‏ فقد حضر حرفيا آلاف الناس الاجتماعات وجرت مساعدة المئات على اخذ موقفهم بجانب يهوه.‏ واستمر معظمهم في خدمة يهوه عند عودتهم الى الولايات المتحدة.‏ وأصبح البعض شيوخا وخداما مساعدين.‏ وأحد هؤلاء كان نيك سايمنلي،‏ الذي حضر في وقت لاحق الصف الـ‍ ٩٣ لجلعاد،‏ متَّبعا خطوات الشخص الذي درس معه.‏ وهو يخدم الآن في الإكوادور مع زوجته.‏

مقاطعة باللغة الانكليزية في اليابان

نحو نهاية سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ وبنهاية حرب ڤيتنام،‏ انحلت تدريجيا فِرق اللغة الانكليزية في اليابان.‏ ولكن في اوائل ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ اذ لاحظ جيمس مانتز الاصغر عدد الناس الذين يتكلمون الانكليزية حول قاعدة اتسوڠي البحرية الجوية الاميركية،‏ والتي تبعد فقط ١٥ دقيقة بالسيارة عن بيت ايل،‏ دعا والديه اللذين كانا يعيشان آنذاك في كاليفورنيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ ليعبُرا الى الشرق ويُعينا.‏ (‏قارنوا اعمال ١٦:‏٩‏.‏)‏ وهكذا في آذار ١٩٨١،‏ وبعمر ٦٢ و ٥٩،‏ انتقل جيمس مانتز الاكبر وزوجته روث الى ساڠاميهارا قرب قاعدة اتسوڠي.‏ تتذكَّر روث:‏ «كانت مقاطعتنا ايّ مكان يمكن ان نجد فيه اناسا يتكلمون الانكليزية».‏ ويتذكَّر عضو في عائلة بيت ايل في ايبينا:‏ «عند القيام بخدمة الشوارع،‏ غالبا ما كانت روث توقف الجنود الاميركيين الشبان الراكبين الدراجات ويداها مفتوحتان لتُريهم المجلات».‏ ومن المحزن ان جيمس مانتز الاكبر مات بُعيد وصوله الى اليابان،‏ لكنَّ روث بقيت في المنطقة وساعدت عددا من الناس على اعتناق الحق.‏ وفي تشرين الاول ١٩٨٥،‏ صار الفريق الانكليزي الصغير في ساڠاميهارا جماعة.‏

وفيما كان الاقتصاد الياباني يزدهر اكثر خلال ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان عدد الاجانب يزداد بشكل مثير.‏ وآلاف كثيرون من الفيليپينيين،‏ الاميركيين الجنوبيين،‏ الافريقيين،‏ الصينيين،‏ والكوريين تقاطروا الى البلد كعمَّال اجانب.‏ فاتَّخذت الجمعية خطوات لتوسيع المساعدة الروحية لتشمل هؤلاء العمَّال الاجانب.‏ والفاتحون اليابانيون الذين يتكلمون الانكليزية،‏ بمن فيهم كثيرون يخدمون في بيت ايل،‏ عُيِّنوا ليمنحوا المساعدة.‏ قال اخ كان لسنوات طويلة في الجماعة الانكليزية:‏ «عندما بدأت الجمعية تأخذ القيادة في ذلك،‏ حصلت زيادة سريعة».‏ وبحلول ١ ايلول ١٩٩٧،‏ كانت هنالك ١٨ جماعة انكليزية،‏ مؤلِّفةً دائرة منفصلة.‏

مساعدة للبرازيليين

ان اعدادا كبيرة من اليابانيين الذين هاجر والدوهم او اجدادهم الى البرازيل عادوا الى اليابان للعمل،‏ لكنهم لم يكونوا يفهمون اليابانية ولا الانكليزية.‏ وفي سنة ١٩٨٦،‏ انتقل زوجان كانا مرسلين سابقين،‏ وهما كازويوكي وناناكو كيريتاني اللذان خدما في البرازيل،‏ الى يوكوهاما حيث كان هنالك بعض الاخوات وتلاميذ الكتاب المقدس الذين يتكلمون الپرتغالية.‏ وباشر هذا الفريق الصغير درس برج المراقبة مع اختصار لمدرسة الخدمة الثيوقراطية مرة في الشهر باللغة الپرتغالية.‏

وفي ربيع سنة ١٩٩١،‏ دعت الجمعية ثلاثة شيوخ برازيليين،‏ كانوا يعيشون في طوكيو،‏ وهم ناڠويا،‏ وتويوهاشي،‏ والاخ كيريتاني ايضا،‏ الى مناقشة النمو في الحقل الپرتغالي.‏ وفي آب ١٩٩١ باشرت اربع فِرق پرتغالية العمل.‏ وقد استخدم الفرع خداما متطوعين من بيت ايل وابتُدئ بصف لتعليم اللغة الپرتغالية في بيت ايل.‏ وقد تعلَّموا بشوق اللغة وصاروا جزءا من اساس الفِرَق الپرتغالية.‏ وسرعان ما صارت الفِرق التي تشكَّلت حديثا جماعات،‏ وفي غضون ست سنوات كانت هنالك ٢١ جماعة تتكلم الپرتغالية،‏ فشكَّلت هي ايضا دائرتها الخاصة.‏

افتتاح الحقل الاسپاني

في ايلول ١٩٨٧،‏ عُقد اول اجتماع باللغة الاسپانية لمساعدة ثماني اخوات كن مع الفريق الپرتغالي حتى ذلك الوقت.‏ وكان الاخ لويس دلڠادو،‏ اخ عازب من الپيرو،‏ يأخذ القيادة.‏ وفي تلك الايام كان بعض هؤلاء الاخوات يسافرن ست ساعات ليحضرن الاجتماعات الاسپانية،‏ لكنَّ المساعدة الروحية التي نلنها جعلت ذلك يستحق العناء.‏ فبسبب عائق اللغة،‏ كانت بعض اللواتي تزوجن مواطنين يابانيين من اجل الضمان المالي يعانين مشاكل زوجية ويواجهن ايضا صعوبة في التعبير عن مشاعرهن للشيوخ في الجماعات اليابانية.‏

وشكَّلت ايضا خدمة الحقل تحديا للفريق الاسپاني.‏ ولتنظيم المقاطعات،‏ كانوا يسافرون الى كل المحطات الـ‍ ٢٩ التابعة لخط يامانوتي،‏ خط القطار الذي يكتنف وسط طوكيو،‏ بحثا عن اسماء اسپانية على الابواب.‏ ورغم التعب وتبديد الوقت،‏ زوَّد هذا النشاط مقاطعة تكفيهم للعمل.‏

خلال النهار،‏ كانت فِرق من الاخوات تزور المناطق حيث تعيش نساء كولومبيات كثيرات.‏ فالنساء كنَّ يعملن في حانات تديرها عادة المافيا اليابانية ياكوزا‏.‏ وعندما كان يبدو ان امرأة تحرز تقدُّما روحيا،‏ كانت الـ‍ ياكوزا تتدخل وتنقلها الى مكان آخر.‏ لكنَّ واحدة من تلميذات الكتاب المقدس هؤلاء،‏ تقدَّمت الى حد الادراك انه ينبغي ان تغيِّر عملها لكي ترضي يهوه.‏ وعنى ذلك الهرب والاختباء من الـ‍ ياكوزا‏.‏ وبمساعدة مديرة درسها،‏ تمكنت اخيرا من العودة الى بلدها.‏

وهكذا،‏ في بداية تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ عندما انتقل عدد كبير من العمَّال الى اليابان من پيرو،‏ الارجنتين،‏ پاراڠواي،‏ بوليڤيا،‏ وغيرها من البلدان،‏ كان ليهوه فريق اسپاني صغير مهيأ للاعتناء بحاجاتهم الروحية.‏ وفي سنة ١٩٩١ بوشر صف باللغة الاسپانية لخدام بيت ايل الراغبين في المساعدة.‏ وفي غضون سنة واحدة كان البعض يلقون خطابات عامة.‏ وفي سنة ١٩٩٣ تشكَّلت اول جماعة اسپانية في منطقة طوكيو.‏ وبحلول سنة ١٩٩٧،‏ كانت هنالك ١٣ جماعة اسپانية مزدهرة.‏ وتشكِّل هذه الجماعات دائرة منفصلة بلغة اجنبية.‏

مساعدة الذين من آسيا

تقاطر ايضا عدد كبير من الصينيين الى اليابان.‏ وكان بينهم آلاف التلاميذ وكذلك متحدرون من اولاد يابانيين كانوا قد تُركوا في الصين عند نهاية الحرب العالمية الثانية.‏ وقُدِّر ان اكثر من ٠٠٠‏,٣٠٠ صيني يعيشون في اليابان،‏ وأن ٠٠٠‏,٢٠٠ منهم هم في منطقة طوكيو الكبرى.‏ وإذ رفع الاخوة عيونهم ونظروا الحقل الصيني،‏ استطاعوا ان يروا انه ابيضَّ للحصاد،‏ ‹لكنَّ الفعلة كانوا قليلين›.‏ —‏ متى ٩:‏٣٧؛‏ يوحنا ٤:‏٣٥‏.‏

قضى ماسايوكي ياماموتو وزوجته ماساكو ثماني سنوات في الخدمة الارسالية في تايوان.‏ وفي سنة ١٩٩٢،‏ جرى تعليم الصينية لعدد من خدام بيت ايل الراغبين في مساعدة الناس الذين يتكلمون الصينية.‏ فاتصل ماسايوكي على الفور بالذين يتكلمون القليل من اللغة الصينية،‏ وتأسس فريق صيني يضمّ ٢٨ ناشرا.‏ وكانوا بغالبيتهم فاتحين يابانيين تواقين الى مساعدة المهتمين الذين يتكلمون تلك اللغة،‏ رغم انهم هم انفسهم كانوا لا يزالون يجاهدون لتعلُّم لغتهم الصينية.‏ وقد أثَّرت غيرة الشهود اليابانيين هذه في قلوب الصينيين.‏ ثمة امرأة شابة حصلت على كتاب اعظم انسان عاش على الاطلاق من اخ كان يدرس في المدرسة نفسها التي كانت تذهب اليها.‏ وقد قرأت الكتاب في اسبوع واحد.‏ فدفعها ذلك الى الابتداء بحضور كل الاجتماعات.‏ وقد ذُهلت لرؤية يابانيين كثيرين جدا يدرسون الصينية فقط ليتمكنوا من اخبار البشارة للناس الذين يتكلمون الصينية.‏ فتقدَّمت هي وأخوها الاصغر بسرعة،‏ وفي غضون سنة اعتمدا.‏ وقد كانت تعقد دروسا في الكتاب المقدس حتى قبل ان تعتمد.‏

في ايار ١٩٩٣،‏ عُقد اول محفل دائري صيني.‏ وكان عدد الحضور ٣٩٩ شخصا واعتمد ٨ اشخاص.‏ وسرعان ما تشكَّلت خمس جماعات تتكلم الصينية المندَرينية،‏ وكذلك فريق لدرس الكتاب بالصينية في جماعة يابانية.‏

فِرق بلغات اخرى

في اواخر ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ ابتدأ پن پيتورس وزوجته،‏ فيكسانڠ،‏ بدرس الكتاب المقدس.‏ وكانا كلاهما لاجئَين من كمبوديا،‏ وقد فقدا والديهما في المذبحة التي حصلت في وطنهما.‏ وبما انه لم تكن هنالك مطبوعات للدرس باللغة الكمبودية،‏ كان التقدُّم بطيئا .‏ لكنهما اعتمدا اخيرا.‏ وإذ كانا مهتمَّين بالحاجات الروحية للرفقاء اللاجئين من كمبوديا،‏ حاولا ان يديرا معهم دروسا في الكتاب المقدس.‏ وسرعان ما تشكَّل فريق صغير بالكمبودية.‏ وقد نالا مساعدة اضافية في سنة ١٩٩٤ عندما بدأت برج المراقبة تصدر بالكمبودية.‏ وبعد ذلك،‏ ابتدأ عشرة اخوة من بيت ايل يدرسون اللغة وعُيِّنوا ليحضروا الاجتماعات الكمبودية.‏

ومع ان اكبر فريق للغة الاجنبية في اليابان هو الفريق الكوري،‏ فإن معظمهم يفهمون اليابانية،‏ لذلك لم تكن هنالك لسنوات جماعة منفصلة لهم.‏ ولكن على مرّ الوقت تبيَّن ان الكوريين الذين يعيشون في اليابان يمكن ان يفهموا الحق بشكل اسرع اذا درسوه بلغتهم الام.‏ فأدّى ذلك الى تشكيل فريق كوري قرب بيت ايل في نيسان ١٩٩٦،‏ وفي وقت لاحق،‏ فريق في مدينة إيتامي،‏ في منطقة هيوڠو.‏

ولا يجب التغاضي عن الجماعات بلغة الاشارات.‏ فقد تعلَّم متطوعون راغبون كثيرون لغة الاشارات اليابانية ليساعدوا الثقيلي السمع في كل انحاء البلد.‏ ومنذ سنة ١٩٨٢ تنظِّم الجمعية ترجمة بلغة الاشارات في بعض المحافل الكورية.‏ لكنَّ جهودا متضافرة لمساعدة الثقيلي السمع بدأت في سنة ١٩٩٢ عندما تشكَّلت جماعات بلغة الاشارات في مدينتَي فوكووُوكا و كوماموتو.‏ وأُعدَّت ايضا كاسيتات ڤيديو بلغة الاشارات.‏ وهنالك الآن ١١ جماعة و ٩ فِرق اصغر في كل انحاء اليابان تساعد بشكل فعَّال الثقيلي السمع.‏

وهكذا بذل شهود يهوه في اليابان جهدا حسنا ليبلغوا فِرق اللغات الكثيرة في البلد كي يساعدوهم على الاستفادة من البشارة باللغة التي يفهمونها اكثر.‏

الحماسة لمدرسة جديدة

في سنة ١٩٩٣ سنحت للشيوخ والخدام المساعدين العزاب في اليابان فرصة جديدة مثيرة.‏ فقد أُتيحت لهم فرصة توسيع خدمتهم داخل البلد وخارجه على السواء.‏ ومن الولايات المتحدة،‏ أُرسل جيمس هندرر ودايڤيد بيڠلر،‏ اثنان من الاخوة عندهما سنوات كثيرة من الخبرة في العمل الجائل،‏ ليديرا الصف الاول لمدرسة تدريب الخدام في اليابان.‏ وكان حاضرا ايضا في هذا الصف الاول،‏ الذي أُجريَ باللغة الانكليزية،‏ سبعة مراقبين من الفيليپين،‏ جمهورية كوريا،‏ واليابان.‏ وقد أُعدَّ هؤلاء المراقبون ليخدموا كمعلمين في بلدانهم.‏

بالتحدث عن الطريقة التي استفاد بها التلاميذ من المدرسة،‏ قال احدهم في الصف الاول:‏ «اعتقد ان كثيرين منا وجدوا صعوبة في التفكير في بعض المسائل واتِّخاذ قرارات بشأنها بتطبيق مبادئ الكتاب المقدس ذات العلاقة.‏ وكان اسهل علينا استعمال القواعد.‏ لكن خلال المدرسة،‏ وباستعمال سؤالين تكرَّرا،‏ ‹لماذا›؟‏ و ‹كيف›؟‏ تدرَّبنا ان نتأمل في الاسباب وراء الوقائع والاجوبة».‏ وإذ يكرِّر تلميذ آخر في الصف النقطة نفسها،‏ يتذكَّر ما حدث عندما اقترح احد المعلمين ان يستعد الخادم المساعد،‏ الذي يهتم بالمجلات،‏ على عرض لاستخدامه في تقديم المجلات التي وصلت حديثا ثم ان يقدم هذا العرض امام الناشرين.‏ وأحد الاسئلة التي طرحها تلميذ حول ذلك لفت الانتباه الى توضيح مثير حول الفرق بين البر والصلاح.‏ اوضح المعلم:‏ «يشمل البر اتمام الارشادات المكتوبة،‏ لكنَّ الصلاح يتجاوز ما هو مطلوب لفائدة الآخرين.‏ فيلزم ألَّا نكون ابرارا فحسب بل ان نكون صالحين ايضا ونبذل ما في وسعنا ليستفيد اعضاء الجماعة،‏ دون قواعد مكتوبة».‏

ان الاخوة العزاب في اليابان لا يستعجلون عادة في الزواج.‏ فقد بلغ معدَّل عمر الذين حضروا اول ١٨ صفا ٢٩ سنة،‏ ١٣ سنة منها في الحق،‏ و ٨ سنوات في الخدمة كامل الوقت.‏ وبحلول آب ١٩٩٧،‏ كان قد تخرَّج اكثر من ٧٩٠ تلميذا من ٣٣ صفا لمدرسة تدريب الخدام،‏ وآلاف اكثر ينتظرون الحضور.‏ وعند التخرُّج،‏ عُيِّن البعض في العمل الدائري،‏ الفتح الخصوصي،‏ والعمل الارسالي.‏ —‏ مزمور ١١٠:‏٣‏.‏

وتظهر الفوائد بسرعة عندما يخدم هؤلاء الشيوخ والخدام المساعدون المدرَّبون جيدا مع الجماعات.‏ قال احد الشيوخ معلِّقا على التأثير الجيد لمتخرِّج في جماعتهم:‏ «صارت الجماعة اكثر حيوية وسعادة.‏ وازدادت روح الفتح،‏ وكل اعضاء الجماعة قدَّروا تقديرا عميقا اهمية فعل الامور بانسجام مع الترتيب الثيوقراطي.‏ وحماسة الاحداث إزاء المسائل الروحية تضاعفت،‏ وانضمّ كثيرون الى مدرسة الخدمة الثيوقراطية».‏ وهكذا كانت الجماعات تتقوَّى وتُبنى.‏

ارسال مندوبين الى محافل خارج البلد

على مرّ السنين،‏ أُتيحت فرص كثيرة لشهود يهوه في اليابان ‹ليتَّسعوا› في التعبير عن المحبة لمعشر الاخوة العالمي.‏ (‏٢ كورنثوس ٦:‏١٣‏)‏ وبما ان دفع تكاليف السفر خارج البلد صار ممكنا اكثر،‏ دعت الجمعية فرع اليابان الى ارسال مندوبين الى المحافل الاممية الخصوصية التي عُقدت في اوروپا،‏ افريقيا،‏ آسيا،‏ الاميركتين،‏ هاواي،‏ ونيوزيلندا.‏

وكان عدد المندوبين المتجاوبين مع الدعوات يرتفع على مرّ السنين،‏ ولم يكن غريبا ايجاد اعداد كبيرة من الفاتحين وغيرهم من الخدام كامل الوقت بين المندوبين.‏ وفي سنة ١٩٩٦،‏ عندما عُقدت محافل خصوصية في الجمهورية التشيكية وفي هنڠاريا،‏ كان هنالك ١١٤‏,١ خادما كامل الوقت بين المندوبين الـ‍ ٣٢٠‏,١ من اليابان.‏

وما رآه المندوبون اليابانيون وسمعوه في هذه المحافل الخصوصية وسَّع نظرتهم وأعطاهم زخما اضافيا ليخدموا يهوه من كل القلب.‏ يوضح شيڠيو إيكيهاتا،‏ الذي زار جمهورية كوريا،‏ هونڠ كونڠ،‏ الفيليپين،‏ وتايوان لحضور المحافل الاممية لسنة ١٩٧٨:‏ «تأثرت عميقا برباط المحبة الموجود بين الاخوة والاخوات في البلدان الاجنبية.‏ ورؤيتي مباشرة ان شهود يهوه متحدون معا باللغة النقية اثَّرت خصوصا في تقديري لامتيازات خدمتي وفي مضمون صلواتي».‏

وبزيارة البلدان حيث صمد خدام يهوه في وجه الاضطهاد القاسي،‏ وبسماع اختباراتهم منهم مباشرة،‏ أُثيرت مشاعر المندوبين بحيث ارادوا ان يتمثلوا بإيمانهم.‏ حضرت ميساكو اودا اول محفل اممي في الاتحاد السوڤياتي السابق،‏ في سانت پيترسبرڠ سنة ١٩٩٢.‏ تتذكَّر:‏ «عندما بدأت الترنيمة الافتتاحية في اليوم الاول للمحفل،‏ اجهشت بالبكاء اخت روسية تجلس بجانبي.‏ وإذ نظرت حولي استطعت ان ارى اخوات روسيات أُخريات كثيرات والدموع في اعينهن،‏ غير قادرات على انهاء الترنيمة.‏ فشكرت يهوه جدا على لطفه غير المستحق بالسماح لي،‏ انا التي لم اعانِ نوع الاضطهاد الذي قاسوه،‏ بأن اكون هناك معهم وأن اشترك في تلك اللحظة التاريخية لانتصار يهوه والاخوة الامناء».‏

تتذكر جيدا سايكو نامبا (‏الآن ناكاجيما)‏،‏ وهي اخت حدثة فاتحة،‏ المحفل في بونس إيريس سنة ١٩٩٠.‏ تقول:‏ «تعلَّمت من الاخوة والاخوات في الارجنتين كيف اعبِّر عن المحبة والتقدير وكذلك اهمية اظهار مشاعر كهذه للآخرين.‏ فقد عانقتني احدى الاخوات المسنَّات عندما كنا نغادر وقدَّمت لي هدية.‏ وردَّدت وهي تبكي:‏ ‹‏هاستا لويڠو إن الـ‍ پراييزو›‏ [اراك في الفردوس].‏ وبعد عودتي الى اليابان،‏ حاولت ان اعبِّر عن محبة ولطف مماثلين للناس في جماعتي ومقاطعتي».‏ ومعاشرة النظراء الاميركيين اللاتينيين ساعدت ايضا مندوبين يابانيين آخرين،‏ مع انهم كانوا عموما اكثر خجلا وتحفظا،‏ على ان يعبِّروا اكثر عن محبتهم.‏

وعلى مرّ السنين،‏ كان لفرع اليابان امتياز ارسال آلاف المندوبين الى المحافل الخصوصية التي كانت تُعقد في بلدان اخرى.‏ ويشير التجاوب الكبير،‏ عند ارسال الدعوات الى الجماعات،‏ الى المستوى العالي من الحماس والتقدير عند الاخوة لهذه الفرصة،‏ ان يكونوا مع عائلتهم المسيحية الاممية.‏

المساهمة في الحاجة العالمية

انه لامتياز عظيم ان يتمكن المرء من المساهمة الآن بشتى الطرائق في الاخوَّة العالمية.‏ وباكتساب خبرة قيِّمة بالطباعة،‏ صار بإمكان فرع اليابان ان يساعد الفروع المجاورة على سدّ حاجاتهم في الطباعة.‏ ويصدر الآن بعشر لغات اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٩ نسخة من برج المراقبة و استيقظ!‏ كل شهر في مصنع ايبينا.‏

ويطبع الآن فرع اليابان الكتب،‏ الكتب المقدسة،‏ الكراريس،‏ والكراسات بـ‍ ٢٦ لغة،‏ بما فيها التاميلية (‏لسري لانكا)‏،‏ التايية،‏ السنهَليزية،‏ الصينية،‏ اللاوسية،‏ و ١١ لغة فيليپينية —‏ وكلها بالالوان الطبيعية.‏ وتمكِّن مطابع الأوفست الدوَّارة العالية السرعة المصنعَ من التجاوب بسرعة مع حاجات الحقل.‏ ففي ايلول ١٩٩٣،‏ مثلا،‏ أُرسلت مواد الى اليابان لطباعة طبعة خصوصية من الكتاب المقدس الذي طال انتظاره باللغة التڠالوڠية والذي احتوى على ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية.‏ وبحلول اواسط تشرين الاول،‏ كان قد طُبع وشُحن ٠٠٠‏,٧٠ كتاب مقدس باللغة التڠالوڠية،‏ في الوقت المحدَّد تماما لإصداره للاخوة في محافلهم الكورية في كانون الاول.‏ وتبعته بعيد ذلك الكتب المقدسة باللغتَين السيبوانو والايلوكوِية.‏ والتجليد الفاخر للكتب المقدسة باللغتَين الپرتغالية والاسپانية يجري الآن ايضا في المطبعة في ايبينا.‏

بعد ان تأسس قسم خدمات الترجمة في المركز الرئيسي العالمي سنة ١٩٨٩،‏ دُعيَ فرع اليابان الى المشاركة في تقديم المساعدة للمترجمين في كل انحاء آسيا ومناطق المحيط الهادئ.‏ فأكثر من نصف سكان العالم يعيشون هناك،‏ لكنَّ اناسا كثيرين يتكلمون لغات كثيرة،‏ لم تتوفَّر لهم بعد مطبوعات برج المراقبة.‏ فكان للاخوة اليابانيين الذين يملكون مهارات في الترجمة ويُتقنون استعمال معدات الكمپيوتر امتياز زيارة الهند،‏ پاكستان،‏ سري لانكا،‏ نيپال،‏ ماليزيا،‏ تايلند،‏ كمبوديا،‏ إندونيسيا،‏ ميانمار،‏ جزر سليمان،‏ ڠوام،‏ وبلدان اخرى،‏ للمساعدة على ايجاد فِرق من المترجمين،‏ تدريبها،‏ وتنظيمها،‏ وكذلك على انشاء برمجيَّات طوَّرتها الجمعية لمساعدة المترجمين.‏

تشجيع متبادل

ولا يجب التغاضي ايضا عن الاخوة والاخوات اليابانيين الـ‍ ٧٦،‏ الذين قبلوا بشوق تعيينات من اجل تقدُّم مصالح الملكوت في تسعة بلدان اجنبية،‏ تمثُّلا بالمرسلين الذين يخدمون في اليابان.‏ ويشمل هذا الفريق ١٣ متخرِّجا من مدرسة تدريب الخدام.‏ وتشمل البلدان التي عُيِّنوا فيها:‏ البرازيل (‏٧)‏،‏ كمبوديا (‏١)‏،‏ ڠوام (‏٢)‏،‏ ماليزيا (‏٢)‏،‏ نيجيريا (‏١)‏،‏ پاپوا غينيا الجديدة (‏١١)‏،‏ پاراڠواي (‏٨)‏،‏ جزر سليمان (‏٥)‏،‏ وتايوان (‏٣٩)‏.‏ وتشير الرسائل التي جرى تسلُّمها من الذين هم في تعييناتهم الى انهم تعلَّموا التكيُّف بنجاح مع لغات،‏ عادات،‏ وأطعمة جديدة،‏ ومع امراض مدارية،‏ وكانوا ايضا مستعدين للخدمة في مناطق بدائية،‏ وأحيانا دون مياه جارية،‏ غاز،‏ او كهرباء،‏ بالتباين مع حياة الرفاهية في اليابان العصرية.‏ وقد نموا محبة للناس المحليين وتعلَّموا القناعة التقوية.‏ ويسرّهم ان يتمكنوا من دفع مصالح الملكوت الى الامام بهذه الطريقة.‏

عندما جعل التوسُّع الثيوقراطي في اليابان توسيعَ تسهيلات الفرع ضروريا ثانية،‏ ابتُدئ بالعمل بتعاون اممي.‏ يشمل المشروع مبنيَين سكنيَّين متشابهين يتألف كلٌّ منهما من ١٣ طابقا،‏ ومبنى للخدمات من ٥ طوابق.‏ وفي سنة ١٩٩٤،‏ عُيِّن فرنك لي،‏ من الولايات المتحدة،‏ ليخدم كناظر بناء.‏ وستيڤ ڠيڤنز،‏ خادم اممي من الولايات المتحدة،‏ يخدم ايضا في لجنة البناء.‏ وأتى اكثر من ٤٩ متطوعا من انكلترا،‏ أوستراليا،‏ ايطاليا،‏ فرنسا،‏ فنلندا،‏ كندا،‏ كوستاريكا،‏ لوكسمبورڠ،‏ نيوزيلندا،‏ والولايات المتحدة،‏ للمشاركة في العمل.‏ وقد ضحوا جميعهم بسرور بحياة اكثر استقرارا في بلدهم الام ليشتركوا مع اخوتهم في بلاد اجنبية في خبرتهم ومهاراتهم ولتعزيز مصالح الملكوت.‏

والبارز ايضا هو التجاوب الكبير للإخوة اليابانيين،‏ بحيث ان اكثر من ٦٠٠‏,٤ عامل ماهر وعمَّال تنقصهم المهارات قدَّموا طلبات للعمل في المشروع.‏ وكان يجب على معظمهم ان يصنعوا تعديلات كبيرة للعمل في المشروع حتى لفترة قصيرة من الوقت.‏ ويشمل ذلك ترك وظائفهم وعائلاتهم.‏ لكنهم يشعرون بأنهم كوفئوا بسخاء على جهودهم.‏

مسنّون ولكن لا يزالون غيورين

ان نمو هذا الحشد الكبير من مسبّحي يهوه في اليابان ابتدأ بوصول المرسلين من الصف الـ‍ ١١ لجلعاد في سنة ١٩٤٩ و ١٩٥٠.‏ وقد انضم اليهم آخرون،‏ بمن فيهم بعض الافراد من الصف الـ‍ ٧ والمزيد من صفوف لاحقة.‏ ولا يزال تسعة وخمسون منهم في الخدمة كامل الوقت في اليابان.‏ والبعض منهم بلغوا الآن سبعيناتهم وثمانيناتهم،‏ ولا يزالون كلهم غيورين في الخدمة.‏ قالت لويس داير،‏ بعد ٦٤ سنة من الخدمة كامل الوقت المتَّسمة بالتصميم:‏ «اصلِّي دائما بثقة كما فعل داود ببلاغة،‏ ‹عند فناء قوتي.‏ وأيضا الى الشيخوخة والشيب يا اللّٰه لا تتركني›».‏ (‏مزمور ٧١:‏٩،‏ ١٨‏)‏ فيهوه لم يتخلَّ عن هؤلاء الاولياء الذين قضوا الجزء الاكبر من حياتهم في خدمة الملكوت الامينة.‏ وعبَّرت واحدة من اعضاء عائلة المرسلين بهذه الطريقة:‏ «تشبه هيئة يهوه امًّا تغطينا بغطاء دافئ وتضمنا اليها».‏

وفي بيت المرسلين في طوكيو ميتا يوجد الآن واحد وعشرون شخصا من هؤلاء القدامى.‏ والمبنى الاصلي في طوكيو الذي كان يتضمَّن الفرع أُكمل ترميمه ليتَّسع لهؤلاء المرسلين المتقدمين في السن.‏ انها عائلة مرسلين مميَّزة!‏ وكمعدَّل لهم من العمر ٧٤ سنة وفي الحق ٥٠ سنة.‏ وثمانية منهم هم من الصف الـ‍ ١١ لجلعاد.‏ لقد قدَّم اعضاء عائلة المرسلين معا كومة من الشهادة عبر السنين،‏ مساعدين نحو ٥٦٧ شخصا على تعلُّم الحق.‏ ومع ان العديد من اعضاء العائلة قطعوا شوطا كبيرا في ثمانيناتهم ويعانون مشاكل صحية خطيرة،‏ لا يزالون نشاطى.‏ وخلال سنة الخدمة ١٩٩٧،‏ بلغوا معدلا من اكثر من ٤٠ ساعة في خدمة الحقل في الشهر ووزَّعوا ما مجموعه ٢٩١‏,١٧ مجلة ومئات الكتب في مقاطعتهم المخدومة جيدا.‏ وهؤلاء القدامى يكرِّمهم اعضاء الجماعة ويحترمهم جيرانهم.‏

قضت روث ألْرِخ،‏ التي هي الآن في الـ‍ ٨٧ من العمر،‏ ٦٨ سنة من سني حياتها في عمل الفتح والعمل الارسالي.‏ تقول:‏ «كان مقوِّيا لإيماني ان ارى كل هؤلاء الناس يخرجون من الاديان الوثنية ويأتون الى الحق ويصيرون فعلا اخوتنا وأخواتنا».‏

بينما كنا نتأمل في «الالبوم العائلي» الذي يروي التاريخ العصري لشهود يهوه في اليابان،‏ التقينا الكثير من خدام يهوه الغيورين هؤلاء.‏ لكنهم ليسوا الا حفنة من اكثر من ٠٠٠‏,٢٢٠ خادم في اليابان ينادون بالبشارة عن ملكوت اللّٰه.‏ والمرسلون راضون جدا بإنجازات اولادهم وحفدائهم الروحيين،‏ الى الجيل الثالث والرابع.‏ ويتطلعون ايضا باهتمام شديد الى رؤية الدور الذي يعدّه يهوه لهم بعد،‏ خلال الايام الختامية للنظام الحاضر وفي عالمه الجديد الرائع على السواء،‏ القريب جدا الآن!‏

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٦٦]‏

‏[الصور في الصفحة ٧١]‏

ناشرون يابانيون اولياء من فترة ما قبل الحرب:‏ (‏١)‏ جيزو وماتسو إيشي،‏ (‏٢)‏ مِييو إيدي،‏ (‏٣)‏ كاتْسْوو وهاجينو مييورا

‏[الصور في الصفحتين ٧٢ و ٧٣]‏

بعض المرسلين الذين ابتدأوا بالخدمة في اليابان في السنتين ١٩٤٩-‏١٩٥٠:‏ (‏١)‏ دون ومايبل هاسلِت،‏ (‏٢)‏ لويد ومِلبا باري،‏ (‏٣)‏ جيري ويوشي توما،‏ (‏٤)‏ إلسي تانيڠاوا،‏ (‏٥،‏ ٦)‏ پرسي وايلما ايزلوب،‏ (‏٧)‏ نورين تومپسون (‏قبل الزواج ميلر)‏،‏ (‏٨)‏ أدريان تومپسون،‏ (‏٩)‏ لويس داير،‏ (‏١٠)‏ مولي هَرون،‏ (‏١١)‏ شينيتشي وماساكو توهارا

‏[الصورة في الصفحة ٧٩]‏

ن.‏ ه‍.‏ نور (‏اعلى اليسار)‏ مخاطبا الحضور في المحفل،‏ سنة ١٩٥١،‏ في بيت المرسلين في كوبي

‏[الصورة في الصفحة ٨١]‏

ڠريس (‏في الاعلى)‏ وڠلادس ڠريڠوري،‏ من الصف الـ‍ ١١ لمدرسة جلعاد

‏[الصورة في الصفحة ٨٢]‏

مارڠريت ڤينتِلر (‏الى اليمين،‏ من الصف الـ‍ ٢٣ لجلعاد)‏ التي انضمت الى اختها لاينا (‏الصف الـ‍ ١٥)‏ في اليابان

‏[الصورة في الصفحة ٨٨]‏

دون هاسلِت ولويد باري في بيت ايل في طوكيو سنة ١٩٥٣

‏[الصورة في الصفحة ٨٩]‏

فاتحات خصوصيات يابانيات يخدمن منذ ٤٠ سنة (‏من اليسار الى اليمين)‏:‏ تاكاكو ساتو،‏ هيساكو واكُوي،‏ كازوكو كوباياشي

‏[الصورة في الصفحة ٩٠]‏

فرع اوكيناوا سنة ١٩٧٩

‏[الصورة في الصفحة ٩٥]‏

الانطلاق للشهادة في الشتاء في هوكايدو

‏[الصورتان في الصفحة ٩٥]‏

في الاعلى:‏ أدِلين ناكو

في الاسفل:‏ ليليان سامسون

‏[الصورة في الصفحة ٩٩]‏

يوريكو إتو

‏[الصورة في الصفحة ١٠٢]‏

عائلة سعيدة من الفاتحين تنطلق في خدمة الحقل

‏[الصور في الصفحة ١١٠]‏

مكتب الفرع في طوكيو سنة ١٩٤٩-‏١٩٦٢

مكتب الفرع في طوكيو سنة ١٩٦٣-‏١٩٧٣

تسهيلات الفرع في نومازو سنة ١٩٧٢-‏١٩٨٢

‏[الصورة في الصفحة ١١٥]‏

طوشيو هونما،‏ ناظر الفرع في اواسط سبعينات الـ‍ ١٩٠٠

‏[الصورة في الصفحة ١١٦]‏

لجنة الفرع سنة ١٩٩٧ (‏من اليسار الى اليمين)‏:‏ ريتشارد بايلي،‏ شيڠيو إيكيهاتا،‏ إيسامو سوڠييورا،‏ ماساتارو اودا،‏ ماكوتو ناكاجيما،‏ يوشيهيرو ناڠاساكي،‏ كنجي ميموورا

‏[الصورة في الصفحة ١٢٤]‏

شارك جيمس مانتز في الاشراف على المصنع (‏يظهر مع زوجته ساره)‏

‏[الصور في الصفحة ١٣٢]‏

قاعات المحافل:‏ هيوڠو،‏ ايبينا،‏ كانْساي

‏[الصورة في الصفحة ١٣٩]‏

كونيهيتو كوباياشي

‏[الصورة في الصفحة ١٤٢]‏

كوبي بعد الزلزال سنة ١٩٩٥

‏[الصورة في الصفحة ١٥٠]‏

ماسايوكي وماساكو ياماموتو

‏[الصور في الصفحة ١٥٦]‏

مندوبون يابانيون في محافل خارج البلد:‏ (‏١)‏ كينيا (‏٢)‏ جنوب افريقيا،‏ (‏٣)‏ روسيا

‏[الصور في الصفحة ١٥٨]‏

مكتب الفرع وبيت ايل في ايبينا؛‏ وتُظهر الصورة المدرجة اضافات قيد الانجاز في سنة ١٩٩٧