مارتينيك
مارتينيك
يذكِّر الاسم مارتينيك اناسا في اجزاء كثيرة من الارض بشيء ما. فقد يعيد الى الذاكرة صورة الشمس، الشواطئ ذات الرمل الابيض، والبحار الزرقاء. وقد يجعل الشخص يفكر في اشياء جميلة في الحياة كقصب السكر والموز، والرَّم ايضا. وقد تتضمَّن الصورة السكان الاصليين ذوي البشرة السوداء او السمراء وقد ارتسمت على وجوههم ابتسامات عريضة، مقدِّمين صواني من الفواكه الغريبة للزوّار كتعبير عن الترحيب بهم. وبالنسبة الى آخرين، تذكّر مارتينيك بثوران جبل پيليه سنة ١٩٠٢ والدمار التام لمدينة سان پيار، التي كانت آنذاك العاصمة الاقتصادية والثقافية للمنطقة.
وهذه الجزيرة صغيرة جدا بالمقارنة مع غيرها. فطولها يبلغ ٨٠ كيلومترا (٥٠ ميلا) وعرضها ٣٥ كيلومترا (٢٢ ميلا) فقط. وبالرغم من ذلك، لعبت على نحو متفاوت دورا مهما في الشؤون الدولية. وبين القرنين الـ ١٧ والـ ١٩، تحاربت الامبراطوريات الاستعمارية هنا من دون رحمة من اجل السيادة في الاميركتين والكاريبي. وتغيّر مالكو سانت دومينڠ (هايتي)، ڠوادلوپ، مارتينيك، وجزر اخرى من جزر الهند الغربية وفقا لنتيجة المعارك.
كانت مارتينيك لعقود عديدة مركزا مهما لتجارة العبيد في الكاريبي رغم كونها مجرد جزيرة صغيرة. ولا يستطيع المرء التكلم
عن شعب مارتينيك دون ذكر اغلال العبودية التي وسمت ماضيه والتي تفسِّر مقدارا كبيرا من احوال الشعب الحاضرة.نحن نتكلم عن شعب استُعبد لفترة طويلة، ويفتخر بأن يكون حرّا. انهم شعبٌ موسوم بتناقضات غريبة. فهم يتسمون بحرصهم على الاحتفاظ بحريتهم ويريدون ان يجعلوا ذلك معروفا. وفي الوقت نفسه، يتكيَّفون مع الثقافة الفرنسية التي فرضها الاستعمار — ثقافة تقدِّر الاغلبية العظمى قيمَها وثروتها من نواحٍ عديدة. يعتنق الشعب المذهب الكاثوليكي الروماني كدين لهم بالرغم من انه فُرِض عليهم من قِبل اسيادهم الظالمين. أضف الى ذلك الواقع انهم تعلموا عبادة اله لا يعرفون الا القليل عنه. وقد صوِّر لهم كإله يؤيِّد عبودية الزنوج بسبب الادعاء انه لعن عرقهم. ويُقال انه يملك صفتي المحبة والعدل، ولكن يبدو ان قناعا وُضع لهاتين الصفتين، مما يدعو الى الغرابة. ودينهم مؤسس بشكل رئيسي على شعائر وتقاليد حيث المعتقدات الدقيقة والتحاليل اللاهوتية هي عديمة الاهمية. (على نحو مماثل، من الملاحَظ ان جزيرة باربادوس المجاورة تعتنق الدين الانڠليكاني لأن بريطانيا استعمرتها).
وإذ يوشك هذا القرن ان ينتهي، فإن اكثرية الشعب في مارتينيك، بالرغم من انهم يفضِّلون ان يعتبروا انفسهم احرارا، يكدحون تحت اغلال العبودية لسيِّدَين متطلبَين. فمن جهة، هم مثقَلون بنظام ديني من الشعائر والتقاليد التي تفشل في اشباع الجوع الروحي الحقيقي. ومن جهة ثانية، جامعة ٥:١٠.
يكدحون دون نجاح لإرضاء رغبات لا نهاية لها نمت بسبب التأثير الكبير لطريقة الحياة المادية التي فرضتها الحضارة الغربية. —رسالة حرية لا تقدَّر بثمن
في هذه الجزيرة المدارية أُعلنت رسالة الحرية بزخم متزايد خلال الخمسين سنة الماضية. انها الحرية التي اشار اليها يسوع المسيح عندما قال: «تعرفون الحق والحق يحرركم». (يوحنا ٨:٣٢) انها حرية من عبودية الكذب، حرية من الاسر لنظام اقتصادي يستغل الناس بقسوة، وحرية من الخطية والموت.
بدأ زرع بذور هذا الحق سنة ١٩٤٦ عندما قضى جورج موستاش، من ڠوادلوپ، اسبوعين وهو يشهد في فور دو فرانس وفي سان پيار. وبعد ثلاث سنوات، في ٩ آب ١٩٤٩، وصل الى الجزيرة اربعة مرسلين (زوجان وأختان شابتان)، متخرجين من مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس. لقد كانوا دايڤيد وسيليا هومر، ماري لولو، وفرانسيس بايلي. كانوا من الولايات المتحدة. ويتكلمون الفرنسية ولكن ليس بشكل جيد. رغم ذلك، تمكَّنوا في سنة ونصف من توزيع ٦٣١ كتابا وأكثر من ٢٠٠ كراس توضح الكتاب المقدس، وبدأوا ٣٢ درسا في الكتاب المقدس مع افراد وعائلات. ولكنَّ رجال الدين الكاثوليك، الذين كانوا يتمتعون بسلطة كبيرة في ذلك الوقت وغير مستعدين على الاطلاق ان يُشكَّ في سلطتهم، استعملوا نفوذهم لطرد المرسلين من الجزيرة في كانون الثاني ١٩٥١. فتوقفت كاملا الكرازة بالبشارة في مارتينيك لأكثر من ثلاث سنوات.
البدء بالعمل من جديد
في ١٠ تموز ١٩٥٤، وصل ڠْزاڤيِه وسارة نول من مرسيليا، فرنسا. كانا كلاهما خادمين كامل الوقت، وكان ڠْزاڤيِه يخدم كناظر جماعة في مرسيليا.
لا يزال بإمكانهما تذكر وصولهما الى هذه الجزيرة التي بدت لهما وكأنها الطرف الآخر من العالم، على بُعد ٠٠٠,٧ كلم [٤٠٠,٤ ميل] من موطنهما. ولم ينسيا انطباعهما الاول عن الحرارة والرطوبة، ولم ينسيا ايضا روح المرح، الضيافة، وطبع الناس الودِّي.
من الايام الاولى، تعلَّما العيش بأقل قدر ممكن من وسائل الراحة. فبعد ان سكنا لبضعة ايام مع رجل كان موقفه من شهود يهوه وديًّا، وجدا بيتا خشبيا جديدا، لكنَّ ذلك كان مجرد بناء مصنوع من جدران خشبية وأرض خشبية. وشكَّلت السطح الواحٌ من الحديد المموَّج، ولم يكن هنالك سقف داخلي ولا تسهيلات للمراحيض. عند الغسق، كانت مهمة الأخ نول ان يفرغ دلو الاقذار في احدى الوهاد. وكانت رحلته الاولى مع الدلو في ١٤ تموز، تاريخ العيد الوطني الفرنسي. وكان عليه ان يجتاز الساحة العامة التي تُدعى ستالينڠراد، والتي كانت تعجُّ بنشاطات مرتبطة بالعيد. وبينما كان يمشي في الساحة، ودلوه ظاهرة لأعين مجموعات من الناس المستمتعين الذين خرجوا للاسترخاء وتنشق الهواء النقي، انفجر الناس ضحكا. لقد كان حدثا فريدا من نوعه! فلم يروا من قبل قط رجلا ابيض يُنجز عملا كهذا!
ترحيب مدهش
في وقت ابكر من ذلك اليوم قضى الاخ نول ساعات في ترتيب الكتب والكراريس التي تركها المرسلون عندما طُرِدوا. والعديد من هذه الكتب كان قد تضرر من الحشرات، ولكن كان هنالك مخزون كافٍ في حالة ملائمة لتستخدمه عائلة نول في شهادتها العلنية عندما بدأت في الصباح التالي.
اليكم بعضا من ذكريات الاخ نول عن يومه الاول في الخدمة: «عند الذهاب في عمل الكرازة لأول مرة هنا، خشيتُ وزوجتي الاتصال بالناس، معرفتهم، ومعرفة ايّ نوع من الترحيب سنلقاه. كانت الحقيقة ابعد من توقعاتنا. بدأنا الخدمة في وسط البلدة، التي كان عدد سكانها في ذلك الوقت يبلغ ٠٠٠,٦٠ نسمة. وفي ذلك الصباح، التقيتُ زوجتي مرتين عندما كنا نعود الى البيت لنملأ من جديد حقائبنا التي نحملها للشهادة بكتب مثل ‹الحق يحرركم› و‹الملكوت قريب›، بالاضافة الى كراريس مثل ‹رئيس السلام›.
وغالبا ما كان اصحاب البيوت يقولون: «سآخذ كتابك كتذكار لمرورك»، او، «اذا كان هذا يتكلم عن اللّٰه، فسآخذه». خلال الاسبوعين
الاولين، وزِّع حوالي ٢٠٠ كتاب ومئات الكراريس. كان من السهل البدء بمحادثات لأن الناس كانوا فضوليين ومستعدين للترحيب بالغرباء. فيا له من تشجيع ان نُستقبل بضيافة كبيرة!تساءل الاخ والاخت نول هل يقدران ان يدرسا مع الكثير جدا من الناس! ولكنّهما تعلما بسرعة انه يجب ان يفرِّقا بين الذين يظهرون ضيافة طبيعية فحسب والذين يرغبون حقا في ان يعرفوا ويطبقوا الحق الآتي من اللّٰه. ولقد اراد البعض ان يتعلموا. يتذكر الاخ نول: «عرَّفَنا الشخص الذي قابَلنا عند وصولنا الى مارتينيك ببعض العمال والمتمرنين في منشرته. وبدأنا في الليلة نفسها بدرس وبدرسين آخرين في الاسبوع الاول».
كان احد هذه الدروس مع زوجين شابين هما پول ونيكول جاكلان. كانا يدرسان ثلاث مرات في الاسبوع ويحرزان تقدما جيدا. وسرعان ما صارا يشتركان مع عائلة نول في الشهادة من بيت الى بيت. ومع هذين الناشرين الجديدين، بدأ عمل الكرازة يأخذ طابعا محليا.
«تو-تو-تو»
عند الوصول الى البيت، يجب ان يصرخ المرء: «تو-تو-تو، هل من احد في البيت؟». ومن الداخل، غالبا ما يجيب صوت: «لماذا؟». وبعد ان يصرخ الناشر مرة ثانية ليعرِّف بنفسه، يجيب صاحب البيت: «ادخل واجلس». وكانت تتبع ذلك محادثات مثيرة.
في معظم الاحيان، كان الناس مستعدين للتحدث. فضغوط الحياة لم تكن معروفة في مارتينيك في تلك الايام. وقليلون هم الذين كانوا يقولون ما نسمعه اليوم باستمرار: «ليس عندي وقت». ولكن كثيرا ما كانت النتيجة: «أفهم كل ما تقولونه، ولكنني لن اترك دين آبائي وأجدادي». وحتى عندما كان يبدو ان هنالك بعض الاهتمام ليسأل الناشرون:
«هل يمكن ان نراكم من جديد قريبا؟» غالبا ما كان الجواب: «ان شاء اللّٰه».عبَّر الناس عموما عن احترام كبير للكتاب المقدس. لكنَّ قليلين جدا هم الذين امتلكوه. فقد حاول رجال الدين الكاثوليك جاهدين ان لا يكون للناس اي اطلاع على الكتاب المقدس. وبالرغم من ذلك، استطاع قليلون من الناس ان يحصلوا على الترجمة الفرنسية الپروتستانتية لواضعها لْوِي سيڠوند. وقد حصل عليها البعض من باعة متجوّلين، وآخرون من جيرانٍ مجيئيين سبتيين، وقليلون آخرون من الانجيليين.
رجال الدين يطلقون الانذار
بعد خمسة اشهر من ابتداء شهود يهوه نشاطهم الكرازي من جديد في فور دو فرانس، أبرزت صحيفة تُصدرها الكنيسة الكاثوليكية السؤال «من هم شهود يهوه؟». وعرضت حوارا بين كاهن وابن ابرشية: «هل تعرف يهوه، يا ابتِ؟». يجيب الكاهن باستهزاء: «طبعا! انت تتكلم اللغة العبرانية الآن؟». ثم تلا ذلك سلسلة متتابعة من الافتراءات على شهود يهوه وتشويه ماكر لتعاليمهم. حتى انه ظهرت صورة كاريكاتورية للأخت نول في كراسة كنسية.
وفي وقت لاحق، رغم انه لم يكن هنالك الا القليل جدا من الشهود في الجزيرة، أعلن كاهن كان منزعجا بشكل واضح من هؤلاء الكارزين بالملكوت: «آلاف الناس الصالحين هم على وشك ان يصيروا شهودا ليهوه لأنهم غير مطلعين جيدا على دينهم الخاص». كان الامر كما اوضح يسوع المسيح في مثله عن الرجل الغني ولعازر. لقد كان عامة الناس يشتهون الفتات الروحي من مائدة الكهنة الاثرياء. — انظروا لوقا ١٦:١٩-٣١.
زيارة نوتردام دو ڠران رُتور
قبل سنوات قليلة، في السنة ١٩٤٨، كان قد تزعزع ايمان العديد من الكاثوليك. فقد دبرت الاسقفية مكيدة كبيرة. أُحضر تمثال مريم من فرنسا وسط احتفالات كثيرة. وعبر في كل مكان من مارتينيك، فمجَّده الشعب الى حدٍّ لم يسبق له مثيل حتى الى هذا اليوم. ووُضِع تمثال «العذراء» في قارب صغير تجرُّه دواليب، وجرى التنقّل به في الشوارع. وعلى طول الطريق، ملأ الناس ذلك القارب بالمال والمجوهرات من اجل «السيدة العذراء». في ذلك الوقت كان سكان مارتينيك، فقراء كانوا او اغنياء، يلبسون الحليّ الذهبية فقط. ونتيجة لذلك، كان ما جُمع مبلغا كبيرا من المال.
هنالك العديد من الاشخاص الذين لا يزالون يتذكرون بوضوح ما حصل. تتذكر مارت لوران، التي اصبحت الآن واحدة من شهود يهوه، وصول «السيدة العذراء». تقول: «كانت ليلة سبت، في اوائل آذار ١٩٤٨، في الساحة العامة المحيطة بالساڤان، المتنزَّه الذي يقع على شاطئ البحر، في فور دو فرانس. كانت الساحة ملآنة اناسا عندما رأينا فجأة نورا خافتا في البحر، بجانب رأس لا پوانت دي ناڠر. وكان الجمع الهائل مهتاجا من الاثارة؛ وصلت ‹العذراء› بالقارب!». فذهبت پياريت أنطوني مرة بعد اخرى لوضع التقدمات. وزيّنت هي وزوجها بيتهما بالازهار وعلّقا لافتة نُقش عليها: Chez Nous Soyez Reine (كوني ملكة في بيتنا). في جوٍّ كهذا، انجرف الناس عاطفيا، وكانوا كرماء جدا، معتقدين ان «العذراء» ستنجز العجائب. على سبيل المثال، كان هنالك رجل تعاني ابنته اعتلالا عضليا. فتبع جاثيا القاربَ الصغير ذا الدواليب، آملا ان تشفي العذراء ابنته.
بمرور الوقت، أُخبر ان التمثال قد أُعيد الى فرنسا، ولكنّ ذلك كان خدعة. فقد اكتُشف لاحقا ان التمثال كان قد أُخفي في مخزن. ووفقا خروج ٢٠:٤، ٥؛ مزمور ١١٥:٤-٨؛ ١ يوحنا ٥:٢١.
لإشاعة محلية، كانت احدى الطائرات التي وقعت في وقت لاحق في البحر تنقل المال وممتلكات اخرى جُمعت بالاضافة الى مدبِّري المكيدة. وفي اعتقاد الاكثرية، كان ذلك عقابهم من اللّٰه. وحتى اليوم، عندما يتكلم الناس عن هذه الحادثة، ينتهز شهود يهوه الفرصة ليظهروا لهم ما يقوله الكتاب المقدس عن الصنمية. —الزواج وليس مجرد المساكنة
نجت بعض العادات الافريقية من العبودية ولم تعترض الكنيسة الكاثوليكية عليها شريطة ان يقوم المشاركون بالشعائر الكاثوليكية ايضا. في هذا الجو، كانت المساكنة بين اشخاص غير متزوجين سائدة. وبينما كانت الاخت نول تشترك في الخدمة، كان الناس يسألونها: «هل لديك اولاد؟». وعندما تجيب: «كلا»، يسألونها: «وزوجك؟». فلم يكن غريبا وجود رجال لديهم اولاد من نساء غير زوجتهم الشرعية. وكان يجب على الذين يريدون ان يصيروا مسيحيين حقيقيين التخلي عن هذه الممارسات غير المؤسسة على الاسفار المقدسة. — عبرانيين ١٣:٤.
كان الشخص الاول في مارتينيك الذي واجه هذه الحالة امرأة لديها ستة اولاد من ثلاثة رجال مختلفين، وكانت تعيش مع والد طفلها الاخير عندما بدأت تدرس الكتاب المقدس. ادركت مارڠريت ليلاي بسرعة التغييرات الهائلة التي يجب ان تقوم بها اذا كانت تريد ارضاء يهوه. (١ كورنثوس ٦:٩-١١) فطلبت من زوجها الذي اقترنت به بزواج عرفي ان يغادر، وبالرغم من انها كانت تعاني مشاكل صحية، واجهت بشجاعة صعوبات مالية لتعتني بأولادها الستة. اعتمدت سنة ١٩٥٦. ولاحقا، صارت اول شخص من سكان مارتينيك يصبح فاتحا خصوصيا.
ارادت ايضا جانّ ماكسيمان التي كانت قد انجبت اولادا لزوجها الذي اقترنت به بزواج عرفي ان تعتمد. وكان قد وعدها مرات عديدة
انه قبل المحفل التالي سيسجل زواجهما شرعيا، ولكنّه لم يفِ قط بوعده. وأخيرا، سنة ١٩٥٩، عندما اقترب محفل آخر، انتهزت فرصة غيابه لتترك المنزل. وعند عودته، اندهش كثيرا عندما رأى انها ذهبت وأن الكثير من الاثاث قد اختفى! لم يتردد الجيران في اخباره بمكان وجودها. فأصرَّ على ان تعود الى المنزل، ووعدها بأن يتزوجا في غضون اسبوعين، سيقوم خلالهما بالترتيبات الضرورية. فكان جوابها واضحا: «سأعود في اليوم الذي نتزوج فيه، وليس قبل ذلك». فأُجريت الترتيبات الضرورية وتزوجا شرعيا خلال عشرة ايام. وقد مرَّت العديدات من اخواتنا باختبارات مماثلة.اكتسب شهود يهوه صيتا انهم يمارسون دينا يُنظر فيه الى الزواج كمؤسسة الهية. اندهشت احدى موظفات الخدمات المدنية لقرية لو ڤوكلان عندما رأت انه في فترة قصيرة من الوقت، خدم جاك وپياريت نيلسون، فاتحان خصوصيان محليان، كشاهدين لحفلي زفاف أُجري كل منهما لرفيقين كانا يعيشان معا لعدة سنوات دون زواج. وقد كان لدى تلك الموظفة كتاب جعل حياتكم العائلية سعيدة، ولكنّها وعدت الآن بقراءته مرة ثانية لأن وضعها مماثل لحالة الاشخاص الذين زوَّجَتهم قبل فترة قصيرة. وقبل ان تنتهي محادثتهم، قالت لشاهدَينا بنغمة تنمُّ عن ارتياح: «Jamais deux sans trois» («اذا كان هنالك اثنان، فسيوجد ايضا ثالث»). وقد تبرهنت صحة ذلك في هذه الحالة، لأنه بعد وقت ليس بطويل، كان الفاتحان امامها مرة ثانية يقومان بدورهما كشاهدين لزواج رفيقين ثالثَين كانا قد درسا معهما.
التحرر من اساءة استعمال الكحول
تشتهر مارتينيك بالرَّم. وهذا المشروب الكحولي المصنوع من قصب السكر يمكن ايجاده في كل مكان في الجزيرة. ويتمتع به الكثيرون، ولكن يمكن ان يكون مؤذيا جدا اذا استُعمل بإفراط. في
خمسينات الـ ١٩٠٠ كان باستطاعة المرء ان يدخل الى الحانة ويحصل على كأس رَم ملآنة لقاء ٥٠ سنتيما فقط (نحو ١٠ سنتات اميركية). فتُوضع امام الزبون زجاجة رَم، زجاجة شراب قصب السكر، وبضع شرحات من الليمون الحامض الاخضر المحلي، ويُسمح له بأن يمزج شرابه الخاص.هل استطاع الكتاب المقدس مساعدة الاشخاص الذين كانوا يفرطون في شرب الرَّم باستمرار؟ نعم، بالتأكيد! (١ بطرس ٤:٣) وأول شخص كان امرأة اعتادت الشرب الى حد ان الجلوس قبالتها والتكلم معها كان مزعجا للغاية. اضافة الى ذلك، كانت تعيش مع رجل لم يكن متزوجا بها وكان مستعبدا للكحول بقدر ما كانت هي. وفي غضون اشهر، توقفت عن الشرب نتيجة ما تعلمته من درسها البيتي في الكتاب المقدس، وتركت زوجها الذي اقترنت به بزواج عرفي. وكل من كان يعرفها لاحظ التغييرات. فتحسنت صحتها. وتحسنت حياتها المهنية، وثُبِّت مركزها كموظفة رسمية. وعندما تلقت مبلغا من المال لقاء عمل قامت به، استعملته لحضور محفل «المشيئة الالهية» الاممي لشهود يهوه في نيويورك سنة ١٩٥٨. وإلى هذا اليوم، وبالرغم من ان إليزا لافين تبلغ الـ ٩٠ من العمر، فهي تشترك قانونيا في الكرازة ببشارة الملكوت. وهي ايضا مثال للسلوك المسيحي الحسن. يمكن لكلمة اللّٰه حقا ان تحرر الشخص من عبودية الكحول.
الثمر الناتج من قلب الجزيرة
على خريطة مارتينيك، تبدو الجزيرة وكأنها تحيط بخليج فور دو فرانس. ودون ايّ شك، هنا يقع قلب المقاطعة. فعلى طول الجهة الشمالية من الخليج، توجد ثلاث بلدات متجاورة — فور دو فرانس، شولشير، ولو لامنتان. ويعيش نصف سكان مارتينيك تقريبا في هذه المنطقة. وباستثناء الزراعة، تتركز معظم نشاطات الجزيرة هنا. والكرازة بالبشارة
بدأت في هذه المنطقة، وباستثناءات قليلة فقط، اتى الناشرون الاوائل من هنا.وفي وقت باكر، سنة ١٩٥٥، بدأ الاخ والاخت نول القيام برحلات خارج العاصمة لنشر رسالة الملكوت. وكانا يقضيان النهار كلّه في البشارة ويعودان الى المنزل في المساء. وفي اسبوع، يذهبان يوم الجمعة الى لو لامنتان، ثم في الاسبوع التالي الى قرية لو فرانسوا قرب الساحل الشرقي. وشيئا فشيئا بدأ الناس بقبول الحق. وكان بين الاشخاص الاوائل في لو لامنتان: جانّ ماري-أناييس، سوزان ڠيتو، ليليان نيرال، وپوليت جان-لْوِي. وفي لو فرانسوا، كانت هنالك عائلات ڠودار وكاداس وپيار لْوازو. وفي وقت لاحق، أُرسل فاتحون خصوصيون الى لو لامنتان. وبين هؤلاء كان ڤالنتين كارِل ونيكولا رينال. (صار الاخ كارِل لاحقا عضوا في لجنة الفرع.) وهنالك الآن سبع جماعات في تلك المناطق وفي مناطق اخرى قريبة منها الى الجنوب.
بدا ان بعض الاشخاص كانت لهم بداية جيدة، لكنَّهم تركوا لاحقا الطريق الضيق. لقد هزمتهم هموم الحياة، المادية، والفساد الادبي. وقبِل كثيرون آخرون كلمة الملكوت في قلوبٍ برهنت انها كالارض الجيدة التي تنتج ثمرا لسنوات كثيرة. (متى ١٣:١٨-٢٣) والاغلبية الساحقة من الذين اعتنقوا العبادة الحقة في تاريخ باكر لا يزالون يخدمون يهوه بولاء. وبين هؤلاء هنالك اخوة اعتمدوا في مارتينيك قبل اكثر من ٣٠ سنة وهم: ليون وكريستيان بِلاي، جول نوبول، جرمان بِرتولو، ڤنسان مولر، روجيه روزامون، ألبير نيلسون، ڤنسان زِبو، وفيليپ دوردون. وقد اظهروا جميعا محبة عظيمة ليهوه وهم يقضون حداثتهم في خدمته. انهم لم يعودوا احداثا، ولكنّهم جميعا مستمرون في الخدمة كشيوخ في الجماعات. وآخرون ماتوا — وبينهم، توسّان لادا، الذي يتذكره القدماء لطبعه الهادئ وابتسامته الدافئة. وهنالك كثيرون آخرون يمكن اضافتهم الى لائحة الاخوة القدماء الذين كانوا او لا يزالون امثلة حسنة للايمان والغيرة. ويتبع الجيل الاحدث خطواتهم، وبالنسبة الى الاكبر سنا، فإنّ هذا هو مصدر فرح عظيم.
النساء يبشّرن بولاء
في تلك الايام الباكرة، كان عدد من الاخوات اللواتي كنّ معلمات في وزارة التربية الوطنية يقمن ايضا بعمل رائع كمعلمات لكلمة اللّٰه. وبينهن كانت ستيلا نِلزي. لقد كانت اولى المعتمدات بين هذه المجموعة، واستمرت في الخدمة بغيرة حتى عندما كانت تعتني بأمها المسنَّة، التي ماتت عن عمر ١٠٢ سنة. وهنالك ايضا اندريه زوزور، التي كانت مديرة مدرسة والتي دافعت بفعالية عن حق كلمة اللّٰه، بالاضافة الى الاخت ڤيكتور فووس (الآن لازيمان)، التي بقيت ثابتة بالرغم من المقاومة العائلية القوية. وقد اثَّر مثال الاخت فووس الحسن تأثيرا جيدا في اولادها. نتيجة لذلك، يخدم احد ابنائها كشيخ لعدة سنوات، وابنتها مارلين، هي مرسلة في مالي.
انهت اخريات سباقهن المسيحي بسبب السنّ او المرض. وقد صحَّ ذلك مع ليونيد پوپانكور التي كانت قد تقاعدت في سن مبكرة وخدمت كفاتحة طوال ١٦ سنة. ومع ان الاخت پوپانكور ماتت سنة ١٩٩٠، تخدم ابنتها جاكلين كمرسلة في ڠيانا الفرنسية. ورسمت الاخت إيما اورسوليه ايضا مثالا حسنا في الدفاع عن حقِّ الكتاب المقدس، وحاولت خصوصا مساعدة اولادها على السير في طرق يهوه. فانخرطت ثلاث من بناتها في خدمة الفتح، ويخدم ابنها هنري كعضو في لجنة الفرع في مارتينيك.
لا تزال سارة نول، التي اتت الى مارتينيك كفاتحة خصوصية منذ ٤٣ سنة، غيورة في الخدمة كامل الوقت وهي بعمر ٨٢ سنة. وبالرغم من ان المقاطعة تُخدَم تكرارا، تستمر في احراز نجاح بارز في توزيع برج
المراقبة واستيقظ!. وبتطبيق اقتراحات الجمعية في ما يتعلق بالعمل في المقاطعات التجارية، تمكنت من الوصول الى معظم مكاتب الحكومة. وكانت تقوم بجولة مجلات تضمنت مبنى البلدية، مركز الشرطة الرئيسي، وزارة الاشغال العامة، وأماكن اخرى كثيرة. ووزَّعت في بعض الاشهر ٥٠٠ مجلة. وخلال سنواتها في مارتينيك، وزَّعت اكثر من ٠٠٠,١١١ مجلة.المياه تتسلق الجبال
في مارتينيك يوجد الكثير من الجبال. ويُقال ان اميرالا انكليزيا اراد ان يعطي الملك جورج الثاني فكرة عن شكل البلد، فأخذ ورقة صغيرة، جعَّدها، ورماها على الطاولة. وقال: «يا سيدي، هذه هي مارتينيك!». وهنالك مَثَل كرييولي يقول: «دْلو پا كا مونتي مورن» («المياه لا يمكن ان تتسلق الجبال»). ولكن في مارتينيك، هنالك مياه تصعد الجبال. تقع المدينة القديمة، فور دو فرانس، عند سفح العديد من التلال بموازاة سطح البحر. ولقد صعدت مياه حق الكتاب المقدس تلك التلال. — رؤيا ٢٢:١٧.
سنة ١٩٥٦، بالرغم من انه لم يكن في الجزيرة سوى سبعة ناشرين وثلاثة فاتحين، وُزِّع ٠٠٠,٥ كتاب، اكثر من ٠٠٠,٩ مجلة، والعديد من الكراسات. والكثير من هذه المطبوعات وزِّع في محطات الباص على الركاب الذين كانوا يصلون من او يغادرون الى كل انحاء الجزيرة. وكان الاخ والاخت نول يذهبان ايضا الى اسواق السمك والخضر لتقديم المجلات، وقد بشَّرا في الكثير من الحانات الواقعة بالقرب من الاسواق. وبهذه الطريقة كان القرويون يعودون الى بيوتهم الواقعة في التلال وأبعد منها، ومعهم مطبوعات الكتاب المقدس الثمينة في حقائبهم.
غير تاركين اجتماعنا
بعد اسابيع قليلة فقط من وصول الاخ والاخت نول الى مارتينيك، بدأا بتشجيع الذين كانوا يدرسون على حضور الاجتماعات. (عبرانيين ) ونتيجة لذلك، اجتمع قليلون منهم في حجرة الجلوس في بيت خشبي بسيط في مورن پيشوڤان في فور دو فرانس. كانت الغرفة تتسع لنحو عشرة اشخاص فقط. وبينما كانت عائلة نول تشترك في الخدمة، كثيرا ما كان الناس يسألون هل هنالك مكان للاجتماع يمكنهم ان يأتوا اليه. فتاق المرسلون الى مكان ملائم اكثر. ١٠:٢٣-٢٥
بعد ذلك عرض مدير فندق في فور دو فرانس، وهو لا يزال يتذكر المرسلين الشهود الاوائل (الذين اقاموا في نُزْله لفترة)، استعمال غرفة الطعام في مطعمه بعد ظهر ايام الآحاد، لأن المطعم يكون مقفلا في ذلك اليوم. كان المطعم يقع في شارع شولشير، الذي سمِّي باسم السياسي الفرنسي الذي اصدر مرسوم ٢٧ نيسان ١٨٤٨، وفيه حدَّد الشروط لإبطال الاسترقاق. وكانت الكاتدرائية تقع في الشارع نفسه. أما الآن، وبعد ان اصبح لدى الشهود مكان افضل للاجتماع فيه، فقد فكروا في انّ اعدادا كبيرة من الناس سيحضرون. ولكن لفترة من الوقت، اجتمع هناك من ٥ الى ١٠ اشخاص فقط، في قاعة قادرة على استيعاب اكثر من ١٠٠ شخص. وعندما كانوا يدعون آخرين الى الحضور، كان الجواب عادة: «ان شاء اللّٰه، آتي». ولكن في الواقع نادرا ما كان احد يفكر جديا في ما يقوله الكتاب المقدس عن مشيئة اللّٰه في هذه المسألة.
ولكن كانت السيدة مارسو، وهي معلمة متقاعدة، تحضر اولا الخدمات الكنسية في الكاتدرائية ثم تأتي بانتظام لتصغي الى رسالة الكتاب المقدس. وأليس لاسُس، التي كانت تنظف في الكاتدرائية، حضرت ايضا هذه الاجتماعات. وصارتا كلتاهما شاهدتين وليَّتين ليهوه. ولكن كان الشهود في الواقع يحتاجون الى مكان اجتماعٍ يكون ملائما اكثر لحجم الفريق.
بعد عدة اشهر، نقلوا اجتماعاتهم الى Villa Ma Fleur de Mai (ڤيلّا زهرتي النوّاريّة)، في كليريار في فور دو فرانس، التي كانت تُستعمل آنذاك
كبيت للمرسلين. اندهشت ستيلا نِلزي، التي كانت قد بدأت بحضور الاجتماعات، من ملاحظة أُبديت في احدى المناسبات. تتذكر لاحقا: «قال العريف: ‹هذا اهم بيت في كل مارتينيك!›». ولكنها اضافت: «سرعان ما فهمت لاحقا انه على حق. كان البيت متواضعا وقد زوِّد بمقاعد صُنعت من الواح خشبية كانت قد استعملت قبلا كصناديق، ووُضِعت عليها وسادات رقيقة مصنوعة من اوراق كرتونية. ولكن في ذلك البيت كان المرء يتعلم عن القصد الرائع ليهوه اللّٰه وابنه يسوع المسيح، مشيئتهما، وشخصيتهما التي لا تضاهى. نعم، لقد كان حقا اهم بيت!».سنة ١٩٦٠ ارتفع عدد الناشرين الى ٤٧. ومرة ثانية، كان ضروريا ايجاد مكان آخر واسع كفاية للاجتماع فيه. قدَّمت ادريان روديه غرفتين في الطابق السفلي من بيتها في بِلڤو. وبعد سنتين اقترحت ان نزيل الحائط المتبقي لتوسيع مكان اجتماعنا وأن تنتقل هي الى الطابق العلوي. تضاعف عدد الناشرين في مجرد سنتين. وصار هنالك ٩٤ ناشرا، بالاضافة الى ١٧٧ درسا بيتيا في الكتاب المقدس. وبما ان بعض الناشرين كانوا من الجهة الاخرى من فور دو فرانس، بدا من الحكمة تشكيل فريق ثانٍ. وهذا الفريق كان يجتمع في منزل إينُوار پويزي في سانت تيريز، منطقة صغيرة في الجزء الجنوبي من فور دو فرانس.
واستمر التوسع. وبحلول سنة ١٩٦٤ بلغ معدل الناشرين ١٥٧ ناشرا. ولاستيعاب الذين كانوا يحضرون الاجتماعات، جرى شراء بيت في منطقة بِلڤو في فور دو فرانس وحُوِّل الى قاعة ملكوت. وبعد خمس سنوات بُنيت قاعة ملكوت جديدة في جزء آخر من المدينة. لقد تكرَّم سيزير وإلڤير كازيما بتقديم سطح بيتهما الاسمنتي، فبُنيت عليه قاعة الملكوت.
عندما كانت المحافل صغيرة
عُقد اول محفل سنة ١٩٥٥. وقد جرى عقده في منزل الاخ والاخت نول. ولتشجيع الشهود الـ ٥ في مارتينيك، قام سبعة وعشرون من
ڠوادلوپ برحلة. لم يبلغ مجموع عدد الحضور الـ ٤٠. لكنَّ برنامج المحفل زوَّد وفرة من الطعام الروحي. فكم كان مفرحا ان يكونوا معا في جو روحي وأخوي!في تلك الايام، كان من الصعب الابتداء بالاجتماعات في الوقت المحدَّد. وعندما كان الاشخاص يأتون متأخرين، كانت تحصل في بعض الاحيان مواقف مضحكة. فخلال محفل في سنة ١٩٥٦، اظهرت تمثيلية كاهنا، في زيّه التقليدي، ذاهبا الى بيت احد الاشخاص ليثنيه عن قراءة مطبوعات شهود يهوه. فلبس اخ، كانت له لحية آنذاك، لباس كاهن ليلعب هذا الدور. ولم يدرك شخص مهتم وصل متأخرا انها كانت مجرد تمثيلية. بعد الاجتماع، قال بانفعال: ‹لا اوافق على ما فعله ذلك الكاهن. فشهود يهوه لا يذهبون الى الكاتدرائية ليسبِّبوا الاضطراب، ولا ينبغي ان يأتي الكاهن الى هنا ليفعل ذلك!›.
رسالة حرية الى الساحل الشمالي الشرقي
بمرور الوقت، احتاجت اجزاء الجزيرة البعيدة عن العاصمة الى مزيد من الاهتمام. يمتد ساحل مارتينيك الغربي بمحاذاة البحر الكاريبي، وساحلها الشرقي بمحاذاة المحيط الاطلسي. ونتيجة لذلك، تضرب الرياح التجارية الساحل الشرقي مباشرة، مسببة امطارا غزيرة ورطوبة مرتفعة. وفي التلال والهضاب الريّانة لتلك المنطقة، ينمو كل شيء — قصب السكر، البقول الخضراء، الموز، وفواكه اخرى. والقرى الكبيرة، التي يصطف معظمها على طول الساحل، تعتمد ايضا على صيد السمك.
وهذه ايضا منطقة يكشف تاريخها عن تجارة العبيد وعن تحريرهم. ففي قرية لو لوران، تذكِّر اسماء بعض المناطق بذلك العصر، على سبيل المثال، فون جان ليبر (وادي الشعب المحرَّر) وفون ماسّاكْر (وادي المذبحة). وبالرغم من إبطال الاسترقاق، وجد شهود يهوه عندما اخذوا
رسالة ملكوت اللّٰه الى هذه المنطقة، ان الناس لا يزالون بحاجة الى التحرر. فقد احتاج الناس الى التحرر من الدين الباطل والخرافات، الامر الذي يحدث فقط باعتناق حق الكتاب المقدس.تحطيم الصور ورميها في الشارع
في ١ تشرين الثاني ١٩٥٤ قام المرسلون برحلتهم الاولى الى باس پوانت، في الساحل الشمالي، التي تبعد ٥٠ كلم (٣٠ ميلا) عن فور دو فرانس. والطريق المؤدي الى هذه القرية، التي تشتهر بصيد السمك والزراعة، شديد الانحدار. وكان الطريق في حالة سيئة، وخصوصا بعد فصل الامطار، فاضطُرَّ المرسلون في بعض الاماكن الى النزول عن دراجاتهم الصغيرة المجهزة بمحركات ودفعها.
كانوا يأملون زيارة مديرة المدرسة في القرية. ففي وقت ابكر، كانت على اتصال بشهود يهوه في فرنسا وعندها اشتراك في استيقظ!، ولكن كان اشتراكها قد انتهى الآن. وقد تبرهن ان الزيارة نافعة جدا. فقد اوضحت السيدة انها، بالرغم من كونها معلمة دين، توقفت عن حضور الكنيسة بعد ان تكلم الكاهن بعدم احترام عن مؤسسة الزواج. وأظهرت اهتماما بما يقوله الكتاب المقدس عن النفس وعن الحياة الابدية في فردوس ارضي. وبعيد ذلك، رجعت الى فرنسا، وهناك نذرت نفسها ليهوه واعتمدت.
في مارتينيك، كانت تُعدُّ شخصا بارزا في المجتمع وكانت تُعرف بأنها كاثوليكية مخلصة. فتخيلوا الفوضى التي حدثت بعد ان عادت الى مارتينيك وحطمت جميع اصنامها، الصغيرة والكبيرة، ورمت القطع المكسورة امام منزلها لتلتقطها مصلحة تجميع النفايات. (قارنوا تثنية ٩:١٦، ٢١.) كان الكاهن حانقا، لذلك حضَّر بعض العظات الحماسية وألقاها لينتقد بقسوة سلوك هذه الكاثوليكية السابقة. ونتيجة لذلك، صار الجميع يتكلمون عمّا سمَّوه دين السيدة كريسّان. وطوال ٤٢ سنة، وكواحدة من شهود يهوه، وقفت ڠبريال كريسّان، التي هي بعمر ٨٨ سنة، نفسها لتحقيق اغلى امانيها: «لتكن كل دقة من دقات قلبي لتسبيح يهوه».
وقررت امرأة كاثوليكية اخرى، جارةٌ سمعت الكاهن يتكلم جهرا بهذه الطريقة الخبيثة ضد الاخت كريسّان، ان تسألها عن الامر. كانت هذه ليوني دُكْتيل، أمّ لـ ١١ ولدا وزوجة ساعي بريد محلي. وإذ اقتنعت بأن ما تتعلمه من الاخت كريسّان هو فعلا الحق، ابتدأت بدرس الكتاب المقدس مع اولادها. وخلال السنوات التي تلت، صارت هي وتسعة من اولادها شهودا منتذرين ومعتمدين. وبعد عدد من السنوات، تزوجت احدى بناتها، إدڠار، بجِرار تريڤيني، الذي اصبح في ما بعد عضوا في لجنة الفرع.
وقبل ان تتعلم ليوني دُكْتيل الحق بعشر سنين بمساعدة الاخت كريسّان، كانت جورجيت جوزيف، احدى جاراتهما، قد سمعت الاسم
يهوه في ترتيلة رُتِّلت خلال احتفال في الكنيسة المجيئية. وقد جذب الاسم انتباهها، والآن كانت جارتها، السيدة دُكْتيل، تخبرها ان احدى السيدات قد فسرت لها كلمة يهوه. فأرادت في الحال ان تعرف المزيد. وصار الجميع، هي، اولادها الثمانية، ولاحقا زوجها، شهودا ليهوه.شكَّلت تلك العائلات القليلة نواة العبّاد الحقيقيين على الشاطئ الشمالي للجزيرة من جهة المحيط الاطلسي. وفي السنوات التالية، كانت بذار الحق من باس پوانت تُزرَع في البلدات والقرى على الساحل الاطلسي. ونمت هذه البذار وأزهرت في لو لوران، ماريڠو، سانت ماري، ترينيتيه، ولو روبير، بالاضافة الى أجوپا بوييون، ڤير پريه، وڠرو مورن في داخل الجزيرة.
ساهم الفاتحون الغيورون في انتشار الحق على طول الساحل الشرقي. فقد انتقلت أوسمان لياندر، وهي ارملة، الى سانت ماري في سنة ١٩٦٥، وفتحت منزلها لعقد الاجتماعات. وفي كانون الاول ١٩٦٧، وصلت الى لو روبير فاتحتان خصوصيتان من ڠوادلوپ هما أركاد بِلڤو وماريز مانسويلا، وقد ثابرتا بالرغم من مقاومة الكاهن الكاثوليكي المحلي. سنة ١٩٧٠، ابتدأت ألين أدِلايد وجاكلين پوپانكور بتقديم الشهادة في لو لوران، حيث استطاعت ألين استعمال الاسفار المقدسة لمساعدة ممارِسة عيافة سابقة على التحرر من سيطرة الشياطين. وبعد ثلاث سنوات انضمت اليهما ثلاث اخريات، ميشال وجانّ اورسوليه وجوزيت مِرين. وقد تركت هؤلاء الفاتحات في لو لوران عملهن كمعلمات ليشتركن في عمل تعليمي اهم بكثير — تعليم الحق الذي يقود الى الحياة الابدية.
لماذا اراد الكاهن كتاب الحق؟
تروي جانّ اورسوليه: «في سنة ١٩٧٤، ارسلت الينا الجمعية رسالة من شخص يعيش في لو لوران. لقد ابدى الرجل اهتماما شديدا
بالحصول على مطبوعات شهود يهوه وخصوصا كتاب الحق الذي يقود الى الحياة الابدية، الذي كان قد رآه في منزل احد الاشخاص. وفي الصباح التالي، بدأنا البحث عن الرجل. لم يكن اسمه مألوفا لنا، لذلك اضطررنا ان نسأل ساعي البريد عمّن يكون. وكم اندهشنا عندما عرفنا ان تلك الرسالة كانت قد أُرسلت الى الجمعية من كاهن الابرشية!«ذهبنا الى بيت الكاهن ونحن نتساءل عن نوع الترحيب الذي سنلقاه. عرَّفنا الرجل بنفسه وأخبرنا ببرودة انه لا يرغب في التكلم معنا وأنه مهتم فقط بالمطبوعات. لقد كنا حائرات. ولكن، بعد تلك الزيارة بفترة من الوقت، غالبا ما اخبرنا الناس في ذلك المجتمع ان الكاهن فسَّر لهم بعض الامور بالطريقة نفسها التي نقوم بها. لذلك استنتجنا انه يستعمل دون شك مطبوعاتنا ليحضِّر عظاته».
التماس اللّٰه وإيجاده
سنة ١٩٦٧، شكَّل اربعة فاتحين خصوصيين اضافيين — أوكتاڤ تِليز، زوجته ألڤينا، وإيلي ولوسيت ريڠالاد — ما اصبح جماعة ترينيتيه. وقد خرج إيلي ريڠالاد في اليوم الذي تلا وصوله ليقوم بالبشارة. وأين ابتدأ؟ اذ تجاوز البيوت على الشمال وعلى اليمين، ذهب مباشرة الى بيت السيدة موتوسامي وطرق بابها. لم يلتقها من قبل قط، ولم يعطه احد اسمها. ولكن دعوها تروي قصتها:
«من الطفولة، كنت متعلقة كثيرا بديني الكاثوليكي. وعملت لسنوات عديدة في مركز الرعاية اليومية للأطفال الذي كان الكهنة يديرونه. ولكن خاب املي بسبب الرياء الموجود في الكنيسة. وكان تعلقي بها يضعف تدريجيا. وعندما حان الوقت ليتلقى ابناي الاكبران التعليم الكاثوليكي، كان موقفي منقسما بين اصرار اقرباء زوجي الكاثوليك، مقاومة زوجي الشيوعي، وتأثير اختي المجيئية. لم اعرف ماذا افعل. قضيت جزءا كبيرا
من الليل في الصلاة الى اللّٰه من اجل المساعدة على ايجاد الحل. وفي الصباح التالي طرق الاخ ريڠالاد بابي، معرِّفا بنفسه كواحد من شهود يهوه. لقد اتى مباشرة الى منزلي. كنت اول شخص يتكلم معه في ترينيتيه».اعتمدت ليزيت موتوسامي وزوجها الشيوعي سابقا بعد ثمانية اشهر. واليوم، بعد اكثر من ٣٠ سنة، يستمران في خدمة يهوه مع كامل عائلتهما. ويخدم ثلاثة من ابنائهما كشيوخ. فعلا، عندما يلتمس الناس جديا الاله الحقيقي يجدونه، تماما كما يقول الكتاب المقدس. — اعمال ١٧:٢٦، ٢٧.
لقد برهنت المقاطعة انها مثمرة، وتشكَّلت جماعات. واحدة في ترينيتيه، ومنها نشأت ست جماعات اخرى — اثنتان في لو روبير، واحدة في سانت ماري، واحدة في ڠرو مورن، واحدة في ڤير پريه، وأخرى في ترينيتيه. وتستمر جميعها في النمو، مما يجلب الاكرام ليهوه.
الكهنة يهاجمون
في كل مكان في مارتينيك كان تناقص سيطرة رجال الدين على الناس الذين ابقوهم في جهل مصدرَ غضب لهم. عبَّر احد كهنة الابرشية عن غضبه عندما صادف شابتين تزوران اقرباء جار ميت في باس پوانت، سنة ١٩٥٦. وإذ عرف ان الشابتين تدرسان الكتاب المقدس مع شهود يهوه، اتَّهمهما بأنهما مرتدَّتان وهدَّدهما بنار الهاوية لأنهما توقفتا عن حضور القداس. وعندما اجابته احدى الشابتين بحزم، صفعها بكل قوته، وإذ حمي غضبه، ركب في سيارته الجيپ وغادر.
في لو روبير، بعد وصول اختين فاتحتين سنة ١٩٦٧، منع الكاهن ابناء ابرشيته من فتح ابوابهم لهما. وذات يوم، اذ استشاط غضبا، أوشك ان يصدمهما بسيارته. وفي كراسات الابرشية، ازدادت الانذارات القاسية والغاضبة، ومن على منابر الوعظ، استنزل الكهنة لعنات كنسية رسمية بكلمات لاذعة على الموصوفتين بأنهما ‹عميلتا الشيطان اللتان اتتا لتعكرا سلام الكنيسة الكاثوليكية الرومانية›.
اشتركت الطوائف الدينية الاخرى في الهجوم. واتهمتنا باطلا الديانات الانجيلية بشكل خصوصي بأننا لا نؤمن بيسوع المسيح. واتَّهمنا المجيئيون بعدم احترام السبت، في حين ان معظمهم يحفظونه بكلامهم لا بأعمالهم. ولفترة من الوقت سمح الاخوة لأنفسهم بأن يشتركوا في مناقشات لا تنتهي ابدا مع قسوس تلك الاديان. وغالبا ما كانت المناقشات تنتهي في وقت متأخر من الليل ودون فائدة. فتعلمنا تدريجيا، بمساعدة العبد الامين الحكيم، ان نستخدم وقتنا في البحث عن المشبهين بالخراف الذين يتمتعون حقا بالاستماع الى صوت الراعي الصالح، وإيجادهم.
مع ذلك، فتحت هذه المناقشات اعين القليلين من المشبهين بالخراف. وهذا ما حدث مع جول نوبول في فور دو فرانس. فقد لاحظ رومية ١٠:٤؛ كولوسي ٢:١٣-١٦.) والاخ نوبول هو الآن شيخ بين شهود يهوه. ورأت جرترود بوڤال من ترينيتيه، التي كانت مجيئية سبتية، خداع قسّها خلال مناقشة مع أوكتاڤ تِليز، الذي كان يخدم هناك كفاتح خصوصي مع زوجته، ألڤينا. وبعد سنوات، وبالرغم من السن المتقدمة والصحة الرديئة، لا تزال الاخت بوڤال ملتصقة بولاء بهيئة يهوه.
ان القس كان يتظاهر فقط بأنه يقتبس من الكتاب المقدس — ولكنه في الواقع كان يختلق الآيات — في محاولة لدعم التعليم ان المسيحيين يجب ان يحفظوا السبت. (قارنواعند سفح البركان — هل يصغون؟
في الجزء الشمالي الغربي من الجزيرة، تقع مدن سان پيار، لو پريشور، لو كاربيه، ولو مورن روج، جميعها حول جبل پيليه، الذي اشتُهر بشكل محزن بتدميره سان پيار وإهلاك سكانها الـ ٠٠٠,٣٠ سنة ١٩٠٢.
وفي ما يتعلق بالثوران الذي حدث في ٨ ايار من تلك السنة، يتذكر الناس بشكل رئيسي ان سكان سان پيار تجاهلوا الانذارات ورفضوا الفرار. فطيلة شهر كان البركان يقذف بقوة الدخان، الرماد، وقِطعا من الصخر. وغطَّى الرماد سان پيار. وقتل السيل الطيني خمسة وعشرين شخصا. كان الناس خائفين، ومع ذلك لم يفرُّوا. من جهة، كان سبب ذلك موقفهم المؤيد لمذهب الجبرية؛ ومن جهة ثانية، كان السبب ان قادة الشعب، بمن فيهم رجال الدين، قد حرَّضوهم على البقاء. وهذان العاملان نفسهما يؤثران في ردّ فعل كثيرين تجاه الانذار بيوم يهوه المخوف والوشيك. — يوئيل ٢:٣١، ٣٢.
كثيرون من سكان مارتينيك يؤمنون بمذهب الجبرية، وعندما تواجههم المصاعب، يهزون اكتافهم ويقولون: «انها مشيئة اللّٰه». وغالبا ما نحاول مساعدتهم على التفكير في هذه المسألة بمناقشة ما حصل في وقت ثوران
جبل پيليه. فنسألهم: «اذا كانت هذه هي ‹مشيئة اللّٰه›، فلماذا كان الناجي الوحيد من هذه الكارثة شخصا كان يُسجن تكرارا وقد وُضِع في حبس انفرادي في زنزانة تحت الارض، في حين هلك كل ‹المسيحيين الصالحين› وكل الكنائس مع ‹قديسيها›؟».في اوائل ستينات الـ ١٩٠٠، ابتدأ الناشرون يسافرون من فور دو فرانس بانتظام الى حدٍّ ما الى المجتمعات في المنطقة المجاورة للبركان ليوصلوا اليهم رسالة الملكوت. ولكن كان الخوف يسيطر على الناس بقوة. وكانوا يتساءلون، «ماذا سيقول الآخرون؟». وبسبب الخوف من ان يرفضهم الجيران، لم يرد احد ان يحدِّد هويته مع شهود يهوه. وفي سنة ١٩٦٢، اتت عائلة شارپانتييه من فرنسا لتعيش في لو مورن روج، مباشرة شمال شرقي سان پيار. كانت الزوجة، مادلين، فاتحة خصوصية. ولسنوات عديدة، زرعت وزوجها، رينِه، بذار حق الملكوت في هذه المنطقة.
لكنَّ تأثير الكنيسة لا يزال قويا في الجزء الشمالي من الجزيرة. ومالكو الاراضي الاثرياء، المتحدرون من المستوطنين الاوائل، يديرون بعض المزارع الكبيرة، ويعيشون في تعاون تام مع رجال الدين الكاثوليك. وفي كل مارتينيك يمكن ان يُعدَّ على الاصابع عدد الرجال البيض المحليين الذين قبلوا الحق.
التحرر من خوف الانسان
في اواسط ستينات الـ ١٩٠٠، بالرغم من ان السكان عموما كانوا مترددين في ان تُحدَّد هويتهم مع شهود يهوه، بدأت المحبة ليهوه وكلمته تؤثر عميقا في رجل وزوجته، هما يولان وبرناديت أورتانس. وأية امتحانات للايمان واجها؟ يرويان: «لأننا كنا اول مَن قبل ‹الدين الجديد›، وجدنا انفسنا على هامش المجتمع. ومررنا بفترة واجهنا فيها اوقاتا صعبة. ففي سنة واحدة، خسرنا ولدين في حادث، وذلك دفع الناس الى القول ان
اللّٰه كان يعاقبنا لأننا تركنا الدين الكاثوليكي. ولكن ما كنا قد تعلمناه عن يهوه ساعدنا على البقاء ثابتين».وبعد كل ذلك، هدَّد مدير يولان، وهو بيكيه (رجل ابيض محلي)، تحت تأثير كاهن، بأن يطرده من العمل اذا لم يرجع الى الكنيسة. ولكنَّ يولان بقي ثابتا، ولأنَّ اخانا كان يعمل بضمير حي لم ينفِّذ مديره تهديداته. وبالرغم من ان الاخ والاخت أورتانس مرّا بأوقات صعبة اخرى، فإنهما يستمران في البقاء خادمين وليَّين ليهوه.
وفي سنة ١٩٦٨، انتقلت عائلة پالڤير من فور دو فرانس الى لو مورن روج. وتدريجيا، اعتنق آخرون العبادة الحقة. وهنالك اليوم جماعة مؤلفة من ٦٠ ناشرا في لو مورن روج.
مساعدة اضافية على مقربة من البركان
ابتداء من سنة ١٩٧٢، عملت اختان فاتحتان خصوصيتان، آن-ماري بيربا وأرليت جيروندان، بشجاعة لمساعدة الناس في سان پيار، لو كاربيه، ولو پريشور. وبالرغم من انهما جلبتا رسالة سلام، كان الناس احيانا يرجمونهما بالحجارة ويضربونهما بالمكانس. وفي تلك المنطقة تحملت نساء كثيرات قبلن الحق المقاومة القاسية من ازواجهن، ولكن نتيجة سلوك الزوجات الجيد، صار الرجال عموما شيئا فشيئا، متسامحين اكثر. — ١ بطرس ٣:١، ٢.
كان شاهد مسنّ، جول مارتينون، مثالا للمثابرة، اذ خدم في سان پيار طوال اكثر من ٢٠ سنة. وخلال ستينات وسبعينات الـ ١٩٠٠، كانت الاجتماعات في هذه المنطقة تعقد في تسهيلات لا تكاد تكون جيدة كفاية. ولكن ساعد اخوة مخلصون مثل جون شاڤينييه، ولاحقا، عائلتا لوموان وپاپايا على تشكيل جماعة رائعة في سان پيار. ووجود قاعة ملكوت جميلة قادرة على استيعاب ٢٠٠ شخص هو دليل على ان شهود يهوه مثبَّتون جيدا عند سفح البركان.
ليلة في شجرة منڠا
وصلت رسالة الملكوت الى لو لامنتان في وقت مبكر يعود الى سنة ١٩٥٥، الَّا ان امتحانات قاسية استمرت تواجه الذين التمسوا عبادة يهوه اللّٰه هناك. ولم يكن رجال الدين السبب دائما. فرجال مارتينيك عموما فخورون برجولتهم، وكثيرون منهم متسلطون جدا على زوجاتهم. وغالبا ما كان على المرأة ان تواجه العنف من زوجها حين تريد ان تعبد يهوه.
تروي احدى اخواتنا في لو لامنتان: «سنة ١٩٧٢، عندما وصلت رسالة الملكوت الى منزلي، كانت الجواب عن كل ما كنت ارغب في معرفته. لكنّ زوجي منعني من الدرس. وبالرغم من ذلك، استمررت في الدرس سرًّا. وعندما عرف، احرق كتابي المقدس وكتابي الدراسي وضربني. وقرر ان ننتقل آملا ان يضع ذلك حدًّا لاهتمامي بالكتاب المقدس.
«عندما بدأت بحضور الاجتماعات، كان يُقفل الباب ليمنعني من الدخول الى المنزل. وغالبا ما كنت انام تحت الشرفة. ثم دمر كل شيء يمكن ان يخدم كملجإ لي، حتى خمّ الدجاج. وكثيرا ما كان يضربني، ومرات كثيرة كنت اذهب دون طعام. ذات مرة، طاردني في منتصف الليل ومعه منجل! وللهروب منه، ركضت بين الجنيبات وتسلَّقت شجرة منڠا بأسرع ما يمكن. لقد نجوت، لكن فقط لأن مصباحه الكهربائي تعطّل. بحث عني لساعات، مارًّا بالقرب من حيث كنت اختبئ، متقوقعة في الشجرة، اصلّي. لقد قضيت كامل تلك الليلة في شجرة المنڠا». ومع ذلك، اعتمدتْ سنة ١٩٧٧. ولاحقا، اتَّخذت ابنتها ايضا موقفها الى جانب يهوه.
التحرر من الخرافة وكيمبوا
عندما يدرس الناس الكتاب المقدس مع شهود يهوه ويطبقون ما يتعلمونه، يختبرون الحرية بطرائق متنوعة. فالكثير من معتقدات وعادات سكان مارتينيك له جذور في الشعائر والخرافات التي جُلبت من افريقيا والتي زُرعت لاحقا في التربة الخصبة للكثلكة الرومانية. والذين صاروا شهودا ليهوه قبل سنوات لا يزالون يتذكرون الخرافات التي تحرروا منها.
انهم يتذكرون انه في يوم الجمعة العظيمة، وقبل القيام بأيّ عمل آخر، كان يُتوقَّع من المرء ان يقبِّل الصليب. وفي ذلك اليوم كان استعمال المسامير والمطارق ممنوعا منعا باتّا، تذكارا للمسيح. وكان ممنوعا ايضا حفر الارض بمجرفة او مذراة لأنه بحسب ما تعلموا فإن «الارض ستنزف». وفي اليوم التالي، صباح يوم السبت، كان يُنظر الى دقِّ الاجراس في الكنيسة الكاثوليكية على انه ينتج بركة للجميع. وللاستفادة من ذلك، بعد ان تُدقَّ الاجراس، كان يُتوقع ان يغطس الناس في الماء، ماء النهر او البحر. وكانوا يغسلون اولادهم المرضى بالماء، محركين المصابين بالكُساح، ليتأكدوا انهم هم ايضا سيستفيدون.
ويتذكر آخرون «حفلة المأتم الراقصة» حيث كان مألوفا الاشتراك فيها عندما يموت شخص ما. وكان ذلك سهرا عند جثة الميت يسوده الضجيج، مع دقّ للطبول، رقص، وغناء، بالاضافة الى سرد القصص الكرييولية. وقد آمن الناس ان ذلك سيمنع نفس الشخص الميت من ان تبقى وتهيم في المنزل.
ورغم ان الناس نادرا ما كانوا يقرأون الكتاب المقدس، اعتبره كثيرون شيئا مقدسا. فكانوا يبقونه مفتوحا في المنزل على مزمور معيّن، ويضعون عليه مقصّا. وهذا، كما كان متوقعا، يحمي المنزل من الارواح الشريرة.
ولم ينسوا ايضا الجرعات التي مزجها الاطباء السحرة. وكيمبوا هي كلمة كرييولية تأتي، وفقا لما يقوله البعض، من العبارة الفرنسية ”!bois ,Tiens“ («تفضل، اشرب هذه!»). وهي اشارة الى الواقع ان الاطباء السحرة غالبا ما يعطون زبائنهم جرعات سحرية ليشربوها. ورغم ان الجرعات ليست لها اية قدرات سحرية، فإن كثيرين من الاطباء السحرة صاروا اغنياء بسبب توزيعهم هذه الجرعات. واعتناق العبادة الحقة عنى التحرر من جميع هذه الخرافات.
الانتباه لجنوب الجزيرة
حول الرأس الجنوبي للجزيرة تقع القرى الساحلية: لو مارين، سانت آن، ولو ڤوكلان. وعلى مسافة قريبة الى الداخل تقع ريڤيير پيلوت. هذه هي الاماكن التي دفعت الزائرين الى النظر الى مارتينيك كجزيرة ذات شواطئ رملية بيضاء وبحار مرجانية زرقاء. وهي ايضا مناطق انتجت مسبِّحين ليهوه.
كانت ريڤيير پيلوت اول قرية بين هذه القرى تصل اليها الشهادة. وكيف حصل ذلك؟ كانت الطبيبة ماڠي پرودان قد انهت دروسها الطبية في فرنسا. وقبل ان تعود الى مارتينيك، تكلم شهود يهوه معها عن قصد
اللّٰه الحبي للجنس البشري. وهكذا، عندما وصلت الى مارتينيك، اتَّصلت بالشهود، وأدارت معها سارة نول درسا في الكتاب المقدس. وفي سنة ١٩٥٩ اعتمدت. ومن خلال عملها الطبي، كانت الاخت پرودان تلتقي عددا كبيرا من الناس، حتى اشخاصا من القرى المجاورة، وكانت تخبرهم بالحقائق التي تعلمتها من كلمة اللّٰه.وكان يأتي ناشرون ايضا من فور دو فرانس الى المنطقة لإعطاء الشهادة. في تلك الايام كان شهود قليلون جدا يملكون سيارات، لذلك كانوا يستأجرون «برميلا» (باصا صغيرا)، وقد سمِّي كذلك لأن شكله يذكِّر الشخص ببرميل النفط. وكانوا يبدأون رحلاتهم التي تستغرق النهار بكامله بالشهادة للناس في القرية، ثم يذهبون الى الناس الذين يعيشون في الجهات الشديدة الانحدار من التلال. وكان نشاط اليوم ينتهي بدرس برج المراقبة في ظل شجرة منڠا.
لاحقا، أُرسل فاتحون خصوصيون الى هذه المقاطعة. وبينهم ماري دِما، التي كانت بعمر ٧٠ سنة، وهي من فرنسا الوطن الام. وقد تركت شجاعتها وروح الفكاهة التي تملكها مثالا حسنا للاشخاص الاصغر سنا لاتِّباعه. في سنة ١٩٦٣، اتت سِفورا مارتينون وجورجيت شارل، فاتحتان خصوصيتان، لمساعدة الناشرين القليلين. ولكن لم يكن حتى سبعينات الـ ١٩٠٠ ان ابتدأ الفاتحون الخصوصيون في قرى لو ڤوكلان، لو مارين، وسانت آن المجاورة، يحصدون بعض ثمار عملهم الشاق، وكان هذا بعد سنوات من زرع البذار والاعتناء بها. وبين هؤلاء الفاتحين: ستيفاني ڤيكتور ومونيك وأوجيني كوتينار في لو ڤوكلان. وجديرة بالملاحظة هي الشجاعة التي اظهرتها اوجيني، التي بقيت معاقة جسديا بعد عملية جراحية كبيرة. فقد كانت تتوكأ على عكازين وتتكلم بصعوبة كبيرة، ومع ذلك استمرَّت في الخدمة كفاتحة قانونية.
في سنة ١٩٦٦، أُرسلت فاتحتان خصوصيتان الى ريڤيير پيلوت
— آن-ماري بيربا وأرليت جيروندان — وتشكَّلت جماعة هناك خلال سنتين. وفي سنة ١٩٧٠، أُرسلت اثنتان اخريان الى لو مارين — ايلين پيرازي وتيريز پادرا. وحتى سنة ١٩٧٥، اضطر عدد صغير من الاخوة والاخوات من المجتمعات في تلك المنطقة ان يذهبوا كل المسافة الى ريڤيير پيلوت ليحضروا الاجتماعات. وببركة يهوه على العمل، تشكَّلت بعد ذلك جماعات في لو مارين سنة ١٩٧٩، لو ڤوكلان سنة ١٩٨٤، سانت لوس سنة ١٩٩٣، سانت آن سنة ١٩٩٧. والاخوة في جميع هذه القرى يجتمعون الآن في قاعات ملكوت جميلة، والجماعات المزدهرة تهتم بالحاجات الروحية للناس في هذه المناطق.تسهيلات لمحافل اكبر
سرعان ما اصبح ضروريا الحصول على مكان ملائم اكثر للمحافل الدائرية والكورية. فالقاعات الكبيرة المتوفرة آنذاك كانت قاعات للرقص تدعى paillotes (اكواخ من قش) لأنها محاطة بأغصان جوز الهند المضفورة. ويتذكر القدماء قاعات الرقص في كِرلي وسيرج روش حيث كانت محافلنا الكورية تُعقد لسنين عديدة. ولكن مع مرور الوقت لم يعد هذا النمط من القاعات مناسبا.
بنى اخوتنا بناء فولاذيا متحركا، وبواسطته صار من الممكن ان تعقد المحافل في زوايا الجزيرة الاربع. كان لكل قرية ملعب كرة قدم. لذلك كنا لسنوات عديدة، في اوقات المحافل الدائرية، ننصب قاعتنا المتحركة للمحافل على مختلف ملاعب الجزيرة. ويا للشهادة الحسنة التي قُدِّمت! وكم كان ذلك مشجعا للشهود الذين عقدت المحافل في قراهم!
وللمحافل الكورية كنا نستخدم المجمَّع الرياضي الداخلي لمدرَّج لْوِي اشيل في فور دو فرانس. ولا يزال بإمكاننا ان نتذكر المحفل الاممي لسنة ١٩٧٨ «الايمان الظافر»، عندما حصلنا على امتياز حضور
جون ت. بوث، عضو في الهيئة الحاكمة، كخطيب رئيسي. وفي احد خطاباته، اعلن الاخ بوث: «لا نملك ايّ سبب على الاطلاق لنخسر ايماننا بهيئة يهوه»، وأضاف: «سيُكافأ ايماننا الثابت عندما نحتفل بانتصارنا. ولن يخيِّب يهوه ابدا خدامه الاولياء». وقد تشجَّع جدا الحضور البالغ عدده ٨٨٦,٢ بهذا البرنامج.مسرحيات الكتاب المقدس تجذب الانتباه
تركت مسرحية الكتاب المقدس الاولى، التي عُرضت سنة ١٩٦٦، انطباعا دائما. لم تكن هنالك آلات تسجيل للاستماع الى أشرطة المسرحية. فكان على المشاركين حفظ ادوارهم عن ظهر قلب وإلقاؤها. ودامت هذه المسرحية عن ارميا ساعتين تقريبا! وكان علينا ان نجعل تحركات مختلف الشخصيات تتلاءم مع الميكروفونات الموضوعة على قواعدها. بالاضافة الى ذلك، بسبب عدد الشهود المحدود في مارتينيك في ذلك الوقت، اضطر البعض الى لعب ادوار متعددة، مبدِّلين الملابس بين المشاهد وفقا للشخصية التي ستُمثَّل. يا له من عمل! لكنَّ الحضور أُثيرت حماستهم الى حد بعيد.
ثم كانت هنالك المؤثرات الصوتية. فوراء الكواليس، كان اخ يضرب لوحا من الحديد المموَّج لتقليد صوت الرعد. ومن فوق المسرح، فيما تكون الاضواء في القاعة مطفأة، كان اخ آخر يستعمل كاميرا لها جهاز اضاءة وامض ليقلِّد البرق. وفي الجزر، تنتشر الاخبار بسرعة. فعندما عرف الناس بمسرحيات الكتاب المقدس التي نعرضها، ارسلت محطة التلفزيون ممثلين لتصوير تمريناتنا. وعرضهم هذه التمرينات كان بمثابة اعلان جيد عن المحافل.
النقض ولكن ايضا البنيان
دون ايّ شك، نقض حق كلمة يهوه الكثير من معاقل الكذب والخرافة في مارتينيك. فمثل النبي ارميا، اوكل اللّٰه الى خدامه الممسوحين ارميا ١:١٠) وهكذا، بالاضافة الى فضح ما تدينه كلمة اللّٰه، يستخدم شهود يهوه هذه الكلمة لمساعدة الاشخاص المتواضعين على ‹لبس الانسان الجديد المخلوق بحسب اللّٰه في البر وقداسة الحق›. — افسس ٤:٢٤.
ان ‹يقلعوا ويهدموا ويهلكوا وينقضوا›، وأيضا ان ‹يبنوا ويغرسوا›. (ولأن عدد الاشخاص الذين تجاوبوا بتقدير مع كلمة اللّٰه نما، تطلَّب ذلك ايضا عمل بناء آخر. فعدد شهود يهوه في مارتينيك كان ينمو — من ٠٠٠,١ شاهد سنة ١٩٧٥ الى ٥٠٠,١ سنة ١٩٨٤، ثم الى ٠٠٠,٢ بحلول سنة ١٩٨٦. وغالبا ما كان عدد الحضور في اجتماعات الجماعة ضعف عدد الناشرين، وأكثر من ذلك في الذِّكرى السنوية. ولتزويد مكان للذين كانوا يحضرون الاجتماعات، كانت هنالك حاجة الى المزيد من قاعات الملكوت. فبُنيت عشرون قاعة، كلٌّ تسع بين ٢٥٠ و ٣٠٠ مقعد. وكانت هنالك حاجة ايضا الى تسهيلات ملائمة لمكتب الفرع.
خطوة مهمة
بعد سنوات من البحث الدؤوب، وجد الاخوة قطعة ارض على احدى التلال التي تشرف على وسط مدينة فور دو فرانس والمطلّة على منظر رائع للخليج. وهكذا كان سيبدأ اختبار رائع لمارتينيك.
كان عدد العمال المؤهلين بين الاخوة المحليين الذين يمكن ان يكونوا متوفرين كامل الوقت محدودا جدا. لذلك رتَّبت الهيئة الحاكمة ان يقدِّم المساعدة شهود مؤهلون من الخارج. وأول شخص وصل، في شباط سنة ١٩٨٢، كان روبير ڤاينزِپْفلين، مهندس معماري من فرنسا. وبعد ايام قليلة وصل سيلڤان تِبيرج من كندا ليشرف على موقع البناء. وقد أُكمل الفريق بعد بضعة اسابيع بوصول حوالي ٢٠ أخا وأختا اضافيين من كندا وبعض المتطوعين من مارتينيك. ولم يدعم الاخوة المحليون مشروع البناء هذا بعملهم المخلص فحسب بل ايضا بهباتهم
السخية، وفقا لقدرة كل واحد، حتى ان البعض قدَّموا حليّهم الذهبية. ويا للشهادة الحسنة التي أُعطيت نتيجة الغيرة، الوحدة، والمحبة التي أُظهرت من خلال هذا المشروع!هل صرفت كل الجهود الموجَّهة الى البناء الانتباه عن الكرازة العلنية بالبشارة في مارتينيك في ذلك الوقت؟ على العكس، كانت هنالك زيادة بارزة. ففي آذار ١٩٨٢، كان هنالك ٢٦٧,١ ناشرا نشيطا في خدمة الحقل، ١٩ منهم كانوا فاتحين قانونيين، و ١٩٠ آخرون كانوا فاتحين اضافيين. وعندما اشرف المشروع على نهايته، في سنة ١٩٨٤، كان عدد الناشرين قد ارتفع الى ٦٣٥,١ مع وجود ٤٩١ فاتحا اضافيا في نيسان. لقد كان واضحا ان يهوه يبارك جهودنا.
لكنَّ التقدم لم يتوقف. ففي برنامج التدشين، في ٢٢ آب ١٩٨٤،
تكلم جون بار، عضو في الهيئة الحاكمة، عن الموضوع «التقدم مع هيئة يهوه». ووصف المبنى الجديد لمكتب الفرع وبيت ايل المؤلف من اربعة طوابق بأنه «اداة رائعة لمجاراة الزيادة ولخدمة خراف يهوه بطريقة افضل». وبين الحضور الاممي الموجودين من اجل البرنامج كان المرسلون الاربعة الذين طُرِدوا قبل حوالي ٣٤ سنة والذين فرحوا برؤية الدليل على ان يهوه يبارك خدامه في هذه الجزيرة الكاريبية الصغيرة.مساعدة قيِّمة من رجال روحيين
طبعا، ان المساعدة المزوَّدة شملت اكثر من الابنية. فقد مُنح ايضا الاشراف الحبي. ولسنوات عديدة، حتى سنة ١٩٧٧، كان عمل الكرازة في مارتينيك تحت اشراف فرع ڠوادلوپ. خلال ذلك الوقت كان النظار الجائلون، الرعاة الروحيون، يُرسَلون من تلك الجزيرة الشقيقة. والمسنون يتذكرون پيار يانكي ونيكولا بريزار. وابتداء من سنة ١٩٦٣، صار ارمان فوستيني يزور الجماعات بانتظام.
ومن بعدهم، ساهم نظار جائلون آخرون بأساليب وشخصيات مختلفة في بناء الجماعات روحيا. وقد اشترك ڠْزاڤيِه نول في هذه الخدمة لسنوات عديدة. وكان هنالك ايضا جان-پيار ڤايسِك وزوجته جانين. وكان داڤيد مورو مع زوجته ماريلان يزوران ايضا الجماعات هنا بالاضافة الى ڠيانا الفرنسية، التي كانت في ذلك الوقت تحت اشراف فرع مارتينيك. وعندما تأسس فرع في ڠيانا الفرنسية، عُيِّن الاخ مورو، الذي كان قد تدرَّب في فرع مارتينيك، منسِّقا للجنة الفرع في ڠيانا الفرنسية. وكان كلود لاڤينْي وزوجته روز ماري يخدمان كمرسلَين في كورو، في ڠيانا الفرنسية، عندما تلقى تعيينا ليقوم بالعمل الدائري في مارتينيك، وهما يخدمان الآن كمرسلَين في جمهورية غينيا. وخدم آخرون ايضا لفترات اقصر في العمل الدائري، ولكن يجري تذكُّرهم جميعا بإعزاز بسبب عملهم الشاق وروحهم
الوليَّة. والذين كانوا متزوجين، كانت زوجاتهم رفيقات عزيزات لهم، وأمثلة صالحة للاخوات في الجماعات. والآن، يزور ألان كاسْتِلنو ومويز بِلاي، برفقة زوجتيهما، الجماعات في الدائرتين، ولدى هذه الجماعات كمعدل حوالي خمسة شيوخ وسبعة خدام مساعدين.بالرغم من ان مارتينيك هي مجرد جزيرة صغيرة، زوَّد اعضاء الهيئة الحاكمة الاشراف الحبي لخدام يهوه هنا. فقد زارها يووَرت سي. شيتي، دانيال سيدليك، كارل كلاين، وليَم ك. جاكسون، لويد باري، ومِلتون هنشل، بالاضافة الى نظار اقاليم آخرين. والاخوة والاخوات الـ ١٢ الذين يعيشون ويعملون في بيت ايل، بالاضافة الى بقية شهود يهوه في مارتينيك، يقدِّرون تقديرا رفيعا تلك الزيارات.
‹يهوه يرى المتواضعين›
كتب المرنم الملهم داود: «الرب [«يهوه»، عج] عالٍ ويرى المتواضع». (مزمور ١٣٨:٦) وأضاف التلميذ يعقوب ان اللّٰه ‹يعطي المتواضعين نعمة [«لطفا غير مستحق»، عج]›. (يعقوب ٤:٦) وهنالك دليل وافر على ذلك بين الذين اجتذبهم يهوه اليه في مارتينيك.
اختبر كريستيان بِلاي وزوجته لوريت، اللذان كانا يعيشان آنذاك في فور دو فرانس، هذا اللطف غير المستحق. لقد كانا مشوَّشَين بسبب وجود عدة اديان في مارتينيك. فأيّ واحد هو مقبول عند اللّٰه؟ عندما قرأ كريستيان بِلاي رؤيا ٢٢:١٨، ١٩، شعر بأنه وجد مفتاحا للاجابة عن ذلك السؤال. فأيّ دين لا يزيد على كلمة اللّٰه ولا يحذف منها؟ بعد تفحص الوقائع، اقتنع بأنه دين شهود يهوه. وأدرك ايضا انه يجب ان يطبِّق المبدأ نفسه على حياته الخاصة — عدم الزيادة على كلمة اللّٰه وعدم الحذف منها، نبذ او رفض ايّ شيء منها. وحتى ذلك الوقت، كان يساكن رفيقته بدون زواج شرعي، ولكن في سنة ١٩٥٦، جعل علاقته بلوريت شرعية. وكان خطاب العرس في تلك المناسبة اول خطاب في مارتينيك يلقيه شاهد. وفي السنة التالية اعتمدا كلاهما في نهر مدام في فور دو فرانس. وأخوه ليون، وأبوه، وأمه، وكذلك الكسندر اخو لوريت، جميعهم قبلوا الحق. ويخدم الآن مويز بِلاي، احد ابناء كريستيان ولوريت، كناظر دائرة. فيا لوفرة لطف يهوه غير المستحق الذي لمسته هذه العائلة!
ان اعمال اللطف البسيطة تجاه خدام يهوه قد تفتح الطريق الى بركات لذوي القلوب الرقيقة. (متى ١٠:٤٢) وقد صحَّ ذلك في أرنست لاسُس، الذي كان يملك محلا للمجوهرات في فور دو فرانس. لقد قَبِل الحصول على مجلة استيقظ! بانتظام ليس لأنه مهتم شخصيا، ولكن كتعبير عن اللطف ليس إلّا. ذات يوم، شرح الشاهد الذي قدَّم له المجلات ان يسوع المسيح فقط، رئيس السلام، يستطيع جعل العدل يسود الارض. وهذا ما اراده أرنست لاسُس. فوافق على ان يزوره الشاهد في بيته. وجرى الابتداء بدرس في الكتاب المقدس. يقول: «الآن، لديّ كل ما يمكن ان اتمناه. معظم اولادي هم في الحق؛ وقد انخرطت احدى بناتي في عمل الفتح، وأحد ابنائي الذي يخدم كفاتح هو ايضا شيخ، وابني الاكبر هو عضو في عائلة بيت ايل في مارتينيك».
مصمِّمون على خدمة يهوه
من المشجِّع رؤية الاصغر سنا يلتفتون الى يهوه ويظهرون تقديرهم لإرشاده الحبي. لقد كان كثيرون منهم مضطربين بسبب عدم وجود الارشاد السليم في العالم. ولكنَّ كلمة اللّٰه تساعدهم على معرفة القصد الحقيقي من الحياة. (جامعة ١٢:١٣) وعندما يطَّلعون على ما يحتويه الكتاب المقدس، يبدأون بالادراك ان الفائدة الحقيقية تأتي من الانتباه للمشورة المسجَّلة في اشعياء ٣٠:٢١: «أذناك تسمعان كلمة خلفك قائلة هذه هي الطريق اسلكوا فيها».
٢ ملوك ٥:٢-٤) وفي قاعة الملكوت، انخرطت الفتاة في مدرسة الخدمة الثيوقراطية. وسرعان ما اشتركت في خدمة الحقل، وفي سنة ١٩٨٥، وبعمر ١٢ سنة، اعتمدت مع والدتها. واعترفت والدتها بصراحة ان ابنتها ساهمت كثيرا في تقدمها الروحي.
احدى هؤلاء الاصغر سنا، فتاة في العاشرة من عمرها تدعى كلوديا، كانت تسأل الشاهدة التي تزور عائلتها الكثير من الاسئلة. وبسبب مرض والدها، صار الدرس مع والدتها غير قانوني، ولكنَّ الفتاة استمرت في الدرس وفي تطبيق مشورة الكتاب المقدس التي تعلمتها. فأحرقت كتابَيها للتعليم الديني والقداس، وأتلفت الصور الدينية التي تملكها. وبعد موت والدها، رفضت ان تلبس ثياب الحداد السوداء وشهدت للذين ارادوا ان يصلُّوا من اجل نفس والدها. وإذ أظهرت روحا مماثلة لروح الفتاة الاسرائيلية التي كانت خادمة لزوجة نعمان، شجعت والدتها على حضور اجتماعات الجماعة. (ويغتنم بعض الصغار السن الفرص بجرأة لإعطاء شهادة في المدرسة. طلبت معلمة فرنسية في لو فرانسوا ان يقوم تلاميذها ببحث عن مختلف الديانات في مارتينيك. فأُتيحت لروزلان، التي كانت آنذاك بعمر ١٨ سنة، ولتلميذة رفيقة لها الفرصة لإعطاء شهادة حسنة، مستخدمتَين كتاب بحث الجنس البشري عن اللّٰه. ووزعتا حوالي ٢٠ كتابا على التلاميذ والمعلمة على حدٍّ سواء.
بالرغم من ان المسائل التي تُناقش في المدرسة تُعتبر مثيرة جدا للجدل، يجاهر الشهود الاحداث هنا في مارتينيك ليوضحوا المبادئ السامية لكلمة يهوه. تروي ماري-سوزون مونجيني اختبارها: «ذات يوم، وفيما كان المعلم يعالج المشاكل المرتبطة بالكثافة السكانية العالية، اشار المعلم الى الوسائل العصرية لتحديد النسل. فأُثيرت مسألة الاجهاض وسبَّبت فورا مناقشة حادة. فطلبتُ من المعلم ان يسمح لي بتقديم بعض المعلومات في اليوم التالي لإظهار وجهة نظري من الموضوع. فقبِل، ولساعتين تقريبا، جرت مناقشة مع الصف بكامله».
لقد أُخذت المعلومات من مجلة استيقظ!، بما في ذلك مقالة «يوميات طفل غير مولود»، في عدد ٢٢ آب ١٩٨٠ الصادر بالفرنسية. وكانت النتيجة ان موقف الصف تجاه شهود يهوه تحسَّن.ان نسبة الاحداث في مارتينيك كبيرة. ويُستمال الاحداث عموما الى التورُّط بعمق في نظام اقتصادي باطل يشدِّد بشكل مفرط على الممتلكات المادية. ولكنّ الاحداث الشهود يقدِّرون القِيَم الروحية. ومن المبهج للقلب ان نرى قاعات الملكوت في مارتينيك ملآنة بأحداث يريدون ان يعرفوا يهوه وطرقه.
التحرر من عبودية المخدِّرات
كما هي الحال في بلدان اخرى حيث تطمس المادية القيم الروحية، دمَّر كثيرون من الاحداث في مارتينيك صحتهم وأهلكوا حياتهم باستعمال الكراك والمخدِّرات الاخرى المسبِّبة للادمان. لكنَّ المسيحية الحقّة حررت البعض من هذه الممارسات الهدَّامة. كان پول-هنري ودانيال، من فور دو فرانس، جزءا من مجتمع الرأسَ تافاري، حيث كانت الماريجوانا تُستعمل دون قيود. وكان للرأس تافاريين تفسيرهم الخاص لما تقوله الأپوكاليپس عن ‹الورق لشفاء الامم›. ولكنهم لم يحاولوا حتى ان يشرحوا معظم ما تبقى من ذلك السفر من الكتاب المقدس. لكنّ پول-هنري ودانيال ارادا ان يفهماه، وقد قدَّم شهود يهوه المساعدة.
يقول پول-هنري ودانيال: «كنا نتردَّد في حضور اجتماعات شهود يهوه، خوفا من ترحيب غير ودي بسبب مظهرنا الجسدي، الذي كان نوعا ما مثيرا للاشمئزاز». ولكن عندما ذهبا، ادهشهما اللطف، الدفء، وعدم الرياء بين الذين التقياهم في قاعة الملكوت. وفي الاسبوع التالي، قصَّا شعرهما وبدأا يلبسان بطريقة لائقة اكثر. وفي وقت قصير، توقفا ايضا عن التدخين. وسرعان ما صارا هما ايضا يخبران الآخرين بالبشارة.
يضيف پول-هنري: «ذات يوم، وبينما كنت اقوم بالشهادة في الشوارع، صرخ بدهشة مفتش شرطة كنت قد واجهت معه سابقا مشاكل بسبب استعمالي المخدِّرات، وقال: ‹لكن هذا ڠرودِزورمو!›. فلم أُخرج من حقيبتي مخدِّرات، بل كتابي المقدس ومجلات قبِلها بفرح، مهنئا ومشجِّعا اياي ان استمر. وهذا ما فعلته. اعتمدت سنة ١٩٨٤ وانضممت الى صفوف الفاتحين القانونيين في سنة ١٩٨٥. واليوم، كمتزوج ورأس عائلة، اخدم كشيخ في الجماعة المحلية. وقد احرز صديقي دانيال ايضا تقدما مماثلا في الحق».
ليس الاحداث فقط هم الذين يريدون حلولا لمشاكل الحياة. فالراشدون ايضا يريدون ذلك. وبغية مساعدة جميع الذين قلوبهم مستعدة للتعلم، جعل الفرع، خلال نيسان وأيار ١٩٩٥، ٠٠٠,٢٥٠ نسخة من اخبار الملكوت بعنوان «لماذا الحياة ملآنة جدا بالمشاكل؟» متوفرة للتوزيع. وبما ان عدد سكان الجزيرة كان فقط ٠٠٠,٣٣٠، فقد عنى ذلك ان كل راشد والكثير من الصغار السن ايضا يمكنهم الاستفادة من تلك الرسالة المهمة. وقد فتحت الطريق للكثير من المناقشات المثمرة.
اخبر ناظر الدائرة ان امرأة من الريف، بعد قراءتها النشرة، حاولت الاتصال هاتفيا بفرع الجمعية. وعلى عجلتها طلبت رقما خاطئا، ومع ذلك تبيَّن ان الرقم كان مناسبا. فقد رنَّ الهاتف في قاعة ملكوت في فور دو فرانس. وفي تلك اللحظة، كان الناشرون يستعدون للانطلاق في الخدمة مع ناظر الدائرة. فطلبت: «من فضلكم، ارسلوا اليّ واحدا من شهود يهوه في اسرع وقت ممكن. اريد ان ادرس الكتاب المقدس». وفي اليوم التالي، كانت تتلقى المساعدة التي ارادتها.
قاعة محافلنا اخيرا
كان ايجاد تسهيلات لمحافلنا يصير مشكلة خطيرة. فعدد الذين كانوا يحضرون استمر في النمو. بالاضافة الى ذلك، لم تعد قاعة
الالعاب الرياضية في المدرَّج الذي كنا نستعمله للمحافل ملائمة. فماذا يمكن فعله؟في ذلك الوقت، كان شيخ من جماعة ريڤيير ساليه يبحث عن ارض لتُبنى عليها قاعة ملكوت. والمثير للعجب انه عُرض عليه موقع مساحته حوالي ٦ هكتارات (١٥ اكرا) — اكثر بكثير مما كانوا بحاجة اليه لقاعة ملكوت! ولحسن التوفيق، كان ذلك في وسط الجزيرة. وكانت هنالك في قطعة الارض سقيفة فولاذية قديمة يمكن استعمالها، رغم ما بها من تلف، كموقع موقَّت للمحافل. وفي سنة ١٩٨٥ عقدنا اول محفل لنا هناك. وبلغ عدد الحضور ٦٥٣,٤، بزيادة ٦٠٠ شخص على السنة السابقة.
وبدأ العمل في بناء جديد سنة ١٩٩٢. وأتى عدد من الاخوة والاخوات من ايطاليا، على نفقتهم الخاصة، للمساعدة في البناء. وتبرَّع الاخوة المحليون بسخاء بوقتهم وبمواردهم المالية. والآن أُكمل المشروع. ويمكن ان تسع قاعة المحافل الجميلة هذه ٠٠٠,٥ مقعد. وهي في الواقع اكبر قاعة محاضرات في مارتينيك.
لم نعد نُضطر الى إرجاء محافلنا، الامر الذي يحدث غالبا في اللحظة الاخيرة، بسبب مباريات كرة قدم كانت قد تأجلت. وعلاوة على ذلك، فإن العمل الشاق لبناء، تفكيك، نقل، وخزن الانشاءات الفولاذية المتحركة قد توقف ايضا. وقاعة محافلنا، الواقعة في محيط من الازهار، النخيل الملكي، وأشجار البوَنسيانة الملكية، تجلب المجد ليهوه.
هيئة تسبِّح يهوه
لقد اهتم يهوه بأن يجعل العبادة الحقّة تتأصل وتزدهر في مارتينيك خلال الخمسين سنة الماضية. وبواسطة هيئته، زوَّد التدريب للذين سيؤتَمنون على الاشراف. وقد تلقّى ڠْزاڤيِه نول مع زوجته التدريب الارسالي كجزء من الصف الـ ٣١ لجلعاد. ولاحقا، مُنح الاخ نول سنة ١٩٦٤ المزيد من التدريب ضمن مقرَّر جلعاد الذي دام عشرة اشهر.
وقد تبرهن ان هذا التدريب ذو فائدة كبيرة عندما قررت الهيئة الحاكمة تأسيس مكتب فرع لجمعية برج المراقبة في مارتينيك في شباط ١٩٧٧.كان الاعضاء الاولون في لجنة الفرع: ڠْزاڤيِه نول، المنسِّق، ڤالنتين كارِل، وجِرار تريڤيني. وفي وقت لاحق، عُيِّن ارمان فوستيني الذي قضى سنوات كثيرة كناظر جائل. وبعد ان مات الاخ تريڤيني وانتقل الاخ كارِل الى فرنسا، عُيِّن هنري اورسوليه، في ايلول ١٩٨٩، ليكون العضو الثالث في لجنة الفرع. لقد وُلِد سنة ١٩٥٤، السنة التي وصل فيها ڠْزاڤيِه وسارة نول من فرنسا ليقفا انفسهما للخدمة في مارتينيك. ومن ٢ تيموثاوس ١:٥.
الطفولة، استفاد هنري من مثال امه للايمان، تماما كما صحَّ في تيموثاوس، رفيق الرسول بولس. —سنة ١٩٧٥، كان هنالك ٠٠٠,١ ناشر وما مجموعه ١٥ جماعة في الجزيرة. وخلال سنة ١٩٩٧ بلغ عدد الناشرين ذروة من اكثر من ٠٠٠,٤ ناشر. وكلهم يخدمون مقترنين بـ ٤٦ جماعة. وخلال السنوات الـ ٢٠ الماضية، بلغ معدل الزيادة السنوي ٧ في المئة.
والآن هنالك شاهد واحد لكل ٩٠ شخصا من سكان مارتينيك. وتُدار آلاف الدروس في الكتاب المقدس مع المهتمين. ان عمل يهوه معروف في كل انحاء الجزيرة. وشهوده ايضا معروفون. ويصير من الصعب اكثر فأكثر على الآخرين قول اشياء رديئة عن الشهود، ذلك لأنه يوجد دائما شخص قريب ليوبِّخ المفترين. ان القيام بالشهادة في الشوارع، في الساحات العامة، في الاسواق، وفي مواقف المستشفيات ومراكز التسوق التجارية الكبيرة يُبقي رسالة الملكوت ظاهرة امام الناس. وعندما يسمع الناس في بيوتهم شخصا يصرخ: ”?il y a du monde ,To-to-to“ («مرحبا، هل من احد في البيت؟») يعرفون فورا ان شهود يهوه قد اتوا ليتكلموا عن ملكوت اللّٰه.
وفي بعض اجزاء الجزيرة، ليس من النادر الآن ان تُغطَّى المقاطعات كل اسبوع. وعندما يذهب الناشرون في خدمة الحقل، تكون المقاطعة المعينة لهم مؤلفة فقط من ١٠ او ١٥ بيتا. وفي مناطق كهذه، يشهدون لأشخاص سمعوا الرسالة تكرارا. ويتطلب ذلك من الناشرين تنويع مقدماتهم والمواضيع التي يناقشونها مع اصحاب البيوت. ويجب ان يستعملوا المراجع والاقتراحات التي يزوِّدها العبد الامين الحكيم بطريقة فعّالة. حتى وقت قريب، قليلا ما كانت تجري الشهادة في الشوارع في المقاطعات الفرنسية، لكنها الآن تصير وجها ممتعا ومثمرا للخدمة.
«سي بون دييه ليه»
يُدخِل سكان مارتينيك قانونيا في جملهم عبارة ”Si bon Dié lé“ («ان شاء اللّٰه»). ومشيئة اللّٰه هي طبعا مذكورة بوضوح في الكتاب المقدس. يعلن المزمور ٩٧:١: «الرب قد ملك فلتبتهج الارض ولتفرح الجزائر الكثيرة». ويضيف المزمور ١٤٨:١٣: «ليسبِّحوا اسم الرب». وبواسطة نبيّه اشعياء، يوجّه يهوه دعوة التماس: «ليتك اصغيت لوصاياي فكان كنهر سلامك». (اشعياء ٤٨:١٨) ولأن يهوه صالح، فمشيئته هي «ان جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يُقبلون». (١ تيموثاوس ٢:٤) ومشيئة اللّٰه هي ايضا ان يحرر خليقته، يكسر قيودها، ويجعل الارض بكاملها فردوسا يسكنه بشر من كل العروق والالوان متحدين في عبادة خالقهم. (رومية ٨:١٩-٢١) ولا تزال فرصة الاستفادة من هذا القصد الحبي متاحة لشعب مارتينيك.
لقد تغيَّرت مارتينيك كثيرا في السنوات العشر الماضية، كما هي حال معظم انحاء هذا الكوكب. فالمخدِّرات، المادية، والانحطاط الادبي غيَّرت ما كان فردوسا مثاليا. وقد انبأت كلمة اللّٰه بهذه التغييرات في مواقف الناس التي تُنتج هذه الاحوال. (٢ تيموثاوس ٣:١-٥) لكنَّ هذه الاحوال ليست مشيئة اللّٰه. وعوضا عن ذلك، يستمر يهوه في اختياره من بين الامم الذين يصفهم بأنهم ‹المشتهى› وإعدادهم للحياة كجزء من مجتمع عالمي مؤلف من شعبه الذين سيسكنون الفردوس. (حجي ٢:٧) هؤلاء ليسوا اناسا لامبالين لا يتخذون ايّ اجراء لاعتقادهم انه اذا كانت مشيئة اللّٰه ان يحدث امر ما فسيحدث على ايّ حال. وبالاحرى، هم اناس يتفحصون بدقة الاسفار المقدسة ليعرفوا ما هي مشيئة اللّٰه، وبعد ذلك، اذ تدفعهم المحبة، يقومون بغيرة بالامور التي ترضيه. — اعمال ١٧:١١؛ تيطس ٢:١٣، ١٤.
[الخريطة في الصفحة ١٩٢]
(اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)
ست وأربعون جماعة موزَّعة في الاماكن المذكورة
سان پيار
كاز پيلوت
شولشير (٢)
فور دو فرانس (١٤)
ليه تروا ايليه
أجوپا بوييون
لو مورن روج
ڠرو مورن
ڤير پريه
سان جوزيف (٢)
لو لامنتان (٣)
دُكو
سان إِسپري
ريڤيير ساليه
ريڤيير پيلوت
سانت لوس
باس پوانت
ماريڠو
سانت ماري
ترينيتيه (٢)
لو روبير (٢)
لو فرانسوا (٢)
لو ڤوكلان
لو مارين
لو لوران
سانت آن
[صورة تغطي كامل الصفحة ١٦٢]
[الصورة في الصفحة ١٦٧]
ڠْزاڤيِه وسارة نول، في السنة التي وصلا فيها الى مارتينيك
[الصور في الصفحة ١٧٥]
خدام اولياء ليهوه لفترة طويلة: (١) ليون بِلاي، (٢) جول نوبول، (٣) جرمان بِرتولو، (٤) فيليپ دوردون، (٥) روجيه روزامون، (٦) كريستيان بِلاي، (٧) ألبير نيلسون، (٨) ڤنسان زِبو، (٩) ڤنسان مولر
[الصور في الصفحة ١٧٧]
نساء رسمن امثلة حسنة كمعلمات لكلمة اللّٰه: (١) ستيلا نِلزي، (٢) ڤيكتور فووس (الآن لازيمان)، (٣) ليونيد پوپانكور، (٤) اندريه زوزور، (٥) إيما اورسوليه
[الصورة في الصفحة ١٨٣]
اول قاعة ملكوت كانت خاصتهم (في فور دو فرانس)
[الصورة في الصفحة ١٨٦]
عائلة موتوسامي، جميعهم يعاشرون الجماعة المسيحية
[الصورة في الصفحة ١٩١]
جبل پيليه، وسان پيار بمحاذاة المياه
[الصورة في الصفحة ١٩٩]
عائلة بيت ايل في مارتينيك
[الصورتان في الصفحة ٢٠٧]
اخيرا قاعة محافل — في ريڤيير ساليه