الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

پاراڠواي

پاراڠواي

پاراڠواي

في قلب اميركا الجنوبية تقع دولة پاراڠواي المحاطة بالبَر.‏ فماذا يعني هذا الاسم؟‏ تختلف الآراء،‏ لكنَّ رأيا محليا شائعا يقول انه يعني «النهر الذي ينبع من البحر».‏ فالهنود في المنطقة كانوا يعتقدون ان بعض البُرك في المستنقعات البرازيلية،‏ حيث ينبع نهر پاراڠواي،‏ كان كبيرا كالبحر.‏ ونهر پاراڠواي،‏ الذي يجري عبر البلاد من الشمال الى الجنوب،‏ يشطر البلد.‏ فإلى شرق النهر تقع التلال المتموِّجة،‏ الحقول الخصبة بتربتها الحمراء،‏ والغابات الكثيفة.‏ والى الغرب منه تقع تشاكو،‏ بسكانها القليلين المتفرقين في منطقة من الساڤانا،‏ الغابات الخفيضة،‏ والمستنقعات الواسعة التي تحوي اعدادا كبيرة من الحشرات وتشكيلة واسعة من الطيور المدارية الزاهية الالوان.‏

پاراڠواي هي بلد تتباين فيه التكنولوجيا العصرية مع طريقة الحياة الابسط التي يعيشها المزارعون.‏ فالطائرات النفّاثة والاقمار الاصطناعية للاتصالات فتحت الباب على المعرفة في العالم.‏ والابنية الشاهقة تشكِّل افق العاصمة،‏ آسنْسيون.‏ وعلى طول الحدود الشرقية للبلد،‏ على نهر پارانا،‏ تقع ايتايپو،‏ محطة كهرمائية قدرتها على انتاج الطاقة لا تضاهيها اية محطة اخرى مثلها في العالم.‏

قد تعتقدون ان لغة البلد هي الاسپانية،‏ لكنَّ الامر لم يكن دائما كذلك،‏ ولا هو كذلك اليوم.‏ فالسكان الاولون كانوا هنود الڠْواراني.‏ ونحو سنة ١٥٢٠،‏ كان المستكشفون الپرتغاليون تحت قيادة أليجو ڠارسيا اول البيض الذين دخلوا البلد.‏ وخلال العقد الذي تلا،‏ بدأ الاسپان بالتمركز في المنطقة المعروفة الآن بـ‍ آسنْسيون.‏ وظل البلد خاضعا لإسپانيا حتى سنة ١٨١١،‏ لكنَّ اللغة الڠْوارانية لم تُستبدل قط بلغة الفاتحين الاسپان.‏ ونتيجة ذلك،‏ فإن الڠْوارانية،‏ لغة جميلة بخصائصها المُسرَّة للسمع،‏ هي اللغة الام التي تتكلمها الغالبية في پاراڠواي العصرية،‏ ويُعترف بأنها،‏ بالاضافة الى اللغة الاسپانية،‏ احدى اللغتَين الرسميتين.‏

بعد عقود قليلة من وصول المستكشفين الاوروپيين،‏ جاء اليسوعيون ليهدوا الڠْوارانيين الى الكثلكة الرومانية.‏ وفي ذلك الوقت لم يكن عند الڠْوارانيين تماثيل او معابد.‏ لكنَّ اليسوعيين جمعوا الهنود في قرى صغيرة مشتركة حيث علَّموهم الطقوس والتراتيل الكاثوليكية،‏ فيما كانوا يعلِّمونهم ايضا حِرفا ومهارات.‏ وقد استعمل اليسوعيون بعض عائدات عمل الهنود ليزوِّدوهم بالضروريات الاساسية للحياة،‏ لكنهم استخدموا ايضا هذا الاجراء ليغتنوا ويتسلطوا.‏ فجعل ذلك كثيرين من اصحاب الاراضي الاسپان يشعرون بالحسد.‏ وتشكّوا الى ملك اسپانيا،‏ شارل الثالث،‏ من ازدياد سلطة اليسوعيين.‏ وهذا التشكّي،‏ الذي لم يصدر من الڠْوارانيين بل من المستعمرين الكاثوليك،‏ كان عاملا رئيسيا ادّى الى ان تطرد اسپانيا اليسوعيين من الامبراطورية سنة ١٧٦٧.‏ لكنَّ الكثلكة التي علَّموها ظلت تؤثر في حياة الشعب.‏ فقد تبنّوا المظاهر الخارجية للكثلكة،‏ في حين تشبَّثوا ايضا،‏ في حالات كثيرة،‏ ببعض المعتقدات الاصلية.‏ فروَّج ذلك جوا يمكن ان تزدهر فيه الخرافة.‏ ومع قبولهم الكثلكة،‏ اتى ايضا التأثير القوي لرجال الدين الكاثوليك في حياتهم.‏

لم يجلب هذا الارث الديني السلام للبلد.‏ فالحرب اثَّرت عميقا في تاريخ پاراڠواي،‏ تاركة ندوبا عميقة في حياة الشعب.‏ فمن سنة ١٨٦٤ حتى سنة ١٨٧٠،‏ تحت حكم فرانسيسكو سولانو لوپيز،‏ حاربت پاراڠواي البرازيل،‏ الارجنتين،‏ واورڠواي.‏ وكانت النتائج مفجعة.‏ ووفقا للسجلات المتوفِّرة،‏ ربما كان عدد سكان البلد إبّان الحرب مليونا او اكثر.‏ وقيل انه في نهاية الحرب،‏ صار عددهم نحو ٠٠٠‏,٢٢٠،‏ بينهم على الاقل ٠٠٠‏,١٩٠ امرأة وولد.‏ وقد تبعتها حروب اخرى؛‏ شملت احداها نزاعا مع بوليڤيا على ملكية تشاكو،‏ والحروب الاخرى كانت بسبب الاضطرابات السياسية.‏ لذلك ربما لا يُستغرب ان يلجأ تكرارا الذين ارادوا ان يسيطروا على الآخرين في پاراڠواي الى القوة الجسدية ليبلغوا اهدافهم.‏

لقد وصلت بشارة ملكوت يهوه الى هذا البلد،‏ اولا بواسطة نشرات الكتاب المقدس التي أُرسلت بالبريد قبل سنة ١٩١٤،‏ ثم على صعيد شخصي من سنة ١٩٢٥ فصاعدا.‏ وهكذا ابتدأ ماء من نهر آخر،‏ ليس نهر پاراڠواي او پارانا ولكن ‹نهر من ماء حياة›،‏ يصير متوفِّرا هناك كما هو متوفِّر في كل انحاء الارض.‏ —‏ رؤيا ٢٢:‏١‏.‏

وصول حق الملكوت

طلب ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك،‏ من هوان مونييس،‏ ان ينتقل من اسپانيا الى الارجنتين لتنظيم الكرازة بالبشارة وتوسيعها في ذلك الجزء من الارض.‏ وقد وصل الى بونس إيريس في ١٢ ايلول ١٩٢٤،‏ وبعد وقت قصير سافر شخصيا الى اورڠواي وأيضا الى پاراڠواي لينشر رسالة الملكوت.‏ فزُرعت بزور حق الكتاب المقدس،‏ لكنَّ التقدُّم الذي أُحرز كان بطيئا.‏

وفي سنة ١٩٣٢،‏ تورطت پاراڠواي في حرب اخرى،‏ هذه المرة مع بوليڤيا.‏ ومرة اخرى دُمِّرت الطاقة البشرية للبلد.‏ وكانت هنالك تأثيرات جانبية على اقتصاد البلد وعلى سلامة الذين قد يأتون من الخارج حاملين بشارة الملكوت.‏ ومع ذلك،‏ وفيما كانت الحرب مستعرة على نطاق واسع،‏ ارسل فرع الارجنتين سنة ١٩٣٤ ثلاثة شهود ليهوه الى پاراڠواي لدعوة المستقيمي القلوب هناك الى الشرب مجانا من ‹ماء الحياة›.‏ وكان هؤلاء الاخوة:‏ مارتونفي،‏ كوروس،‏ ورايباتش.‏ —‏ رؤيا ٢٢:‏١٧‏.‏

مقاومة شديدة من رجال الدين

كتب الاخ رايباتش:‏ «في تشرين الاول من تلك السنة،‏ كنا مستعدَّين للتوجُّه نحو الجزء الداخلي من البلد.‏ كان بحوزتنا صندوقان من المطبوعات،‏ ومع كل منا حقيبة.‏ فسافرنا من آسنْسيون الى پارڠواري على متن قطار ومن هناك سيرا على الاقدام،‏ بسبب عدم وجود نقليات،‏ الى وجهتنا الاولى،‏ كاراپيڠوا،‏ التي تبعد نحو ٣٠ كيلومترا (‏٢٠ ميلا)‏.‏ وفي تلك الليلة نمنا على الارض والمطبوعات بجانب رأسَينا.‏ وعندما بدأنا بالشهادة في اليوم التالي،‏ زار كاهن القرية الناس قائلا لهم ألَّا يصغوا الينا.‏ ثم ذهب ورفيقا له،‏ ممتطيا حصانا الى القرية المجاورة ليُخبر الناس هناك ألَّا يصغوا الينا وأن يطردونا خارج البلدة،‏ الامر الذي حاول بعضهم ان يفعلوه».‏

وبسبب هذا الضغط من الكاهن،‏ كانت توزيعات الكتاب المقدس قليلة،‏ حتى ان بعضها أُعيد.‏ ومن كاراپيڠوا سار الشاهدان من بلدة او من قرية الى اخرى —‏ الى كيندي،‏ كاپوكو،‏ ڤييا فلوريدا،‏ وسان ميڠال.‏ وللوصول الى سان خوان بوتيستا،‏ سارا كل النهار،‏ واستمرا في السير حتى منتصف الليل،‏ ناما في حقل،‏ ثم تابعا طريقهما باكرا في الصباح التالي.‏ وعندما وصلا الى بلدة،‏ زارا اولا الشرطة ليوضحا ما كانا يقومان به.‏ وقد استقبل هؤلاء الرجال الشاهدَين باحترام.‏ ثم قضى الشاهدان يوما كاملا في الخدمة العلنية.‏

ولكن في الصباح التالي عندما خرج الاخ مارتونفي من الكوخ الذي استأجراه،‏ كانت تنتظره مفاجأة.‏ فنادى الاخ رايباتش،‏ الذي كان لا يزال في الداخل:‏ «اليوم عندنا شيء جديد».‏ لقد كانت المطبوعات التي وزَّعاها قبل يوم مُمزَّقة ومنشورة حول كوخهما.‏ وعلى بعض الاوراق،‏ كُتبت تعابير تتضمَّن اهانات وكلاما بذيئا،‏ وكذلك تهديدات بأنهما لن يغادرا البلدة حيَّين.‏

وفيما كانا يتناولان الفطور،‏ وصلت الشرطة واعتقلتهما.‏ فما الذي تغيَّر؟‏ ذكر الاخ رايباتش في وقت لاحق:‏ «عندما سألنا عن السبب،‏ أرونا صحيفة تتهمنا بأننا جاسوسان بوليڤيان متنكران بصفة مبشرَين.‏ وكان مدير الصحيفة الكاهن الرئيسي للمنطقة».‏

العودة الى آسنْسيون

أُرسل الشاهدان الى آسنْسيون كسجينين.‏ وكانت رحلة طويلة سيرا على الاقدام.‏ وفيما كانا ينتقلان من مركز للشرطة الى آخر،‏ كان يرافقهما دائما حارس مسلح.‏ وعلى طول الطريق كان بعض الناس يُطلقون الاهانات ويرمونهما بالحجارة.‏ لكنَّ الشرطة عاملت الاخوين باحترام،‏ حتى انهم قالوا ان تهمة التجسس سخيفة.‏ وأحيانا كان الشرطي الخيَّال يحمل امتعة الاخوين.‏ وقد سمح شرطي للاخ مارتونفي بأن يمتطي حصانه،‏ فيما سار هو وأصغى الى ما كان الاخ رايباتش يُخبره به عن ملكوت اللّٰه.‏

ولكن في كيندي،‏ عندما سُلِّم الاخوان الى الجيش،‏ صارت المعاملة قاسية.‏ فطوال ١٤ يوما أُبقيا في سجن عسكري،‏ أُمرا بالجلوس على مقعدين خشبيين مستقيمين،‏ مُنعا من الاستلقاء او الوقوف،‏ أُهينا،‏ وضربا بسوط.‏ وفي وقت لاحق،‏ في پاراڠواري،‏ أُخذا الى محطة القطار مكبَّلين تحت حراسة ١٢ جنديا يحملون حِرابا.‏ وهناك سُلِّما ثانية الى الشرطة لمتابعة ما تبقى من الرحلة الى آسنْسيون.‏

كانت الاحوال حيث سُجنا في العاصمة قاسية ايضا،‏ لكنهما استخدما الكتاب المقدس الذي كان لا يزال بحوزتهما وقدَّما شهادة للسجناء الآخرين.‏ وبعد اسبوع من الاحتجاز في العاصمة،‏ أُخذا اخيرا الى مكتب رئيس الشرطة.‏ وكان حاضرا ايضا وزير الداخلية،‏ الكولونيل ريبارولا.‏ (‏عُرف لاحقا انه عندما أُعلم الكولونيل ريبارولا بالتُّهم الموجَّهة الى اخوينا في الصحيفة في سان هوان بوتيستا،‏ بعث ببرقيات الى الرؤساء العسكريين ليضمنوا عودة الاخوين الى العاصمة سالمَين.‏)‏ قال الاخ رايباتش:‏ «عبَّر الرجلان عن اسفهما لما حدث».‏ وأضاف:‏ «ذكرا انه،‏ بالرغم من ان هذا البلد كاثوليكي،‏ إلّا ان هنالك حرية دينية،‏ وأنه مسموح لنا ان نتابع الكرازة من بيت الى بيت كما كنا نفعل،‏ ولكن لسلامتنا ينبغي ألّا نغادر العاصمة».‏

عندما سمع الاخ مونييس في بونس إيريس ما حصل،‏ ارسل تعليمات الى الاخوين ليعودا الى الارجنتين حتى تنتهي الحرب.‏ وقد اتت هذه النهاية في السنة التالية.‏ لكنَّ الاخ كوروس،‏ الذي لم يكن مع الاخوين اللذين اعتُقلا،‏ بقي في آسنْسيون.‏

باكورة پاراڠواي

في غضون ذلك الوقت،‏ التقى احد الفاتحين رجلا طلب منه مطبوعات باللغة العربية لحميه،‏ وهو مهاجر من لبنان.‏ وبهذه الطريقة،‏ تسلَّم هوليان حداد كتابا صار يعزّه.‏ وإذ اقتنع بأنه وجد الحق،‏ ابتدأ يعلِّمه لأولاده.‏ وكتب ايضا الى الجمعية طالبا مطبوعات ليوزِّعها على جيرانه.‏ وبعد سنوات قليلة،‏ وجد فاتح هوليان في سان هوان ناپوموزاينو وقدَّم له مساعدة روحية اضافية.‏ وفي سنة ١٩٤٠،‏ اعتمد آل حداد وصاروا اول ناشرين معتمدين محليين في پاراڠواي.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ يتمتع هوليان،‏ وأحد ابنائه،‏ وعدة حفداء له بفرح المساهمة في خدمة الفتح،‏ واستمر هوليان في القيام بذلك الى ما قبل موته بوقت قصير عن عمر ٧٧ سنة.‏

في غضون ذلك،‏ جعلت حرب تشاكو هوان هوسّيه بريسويلا يفكِّر جديَّا في الحياة.‏ فكان البوليڤيون قد جرحوه وأسروه.‏ وكأسير حرب،‏ رأى ارامل يذرفن الدمع على اولادهنَّ اليتامى،‏ ورأى الكهنة الكاثوليك يباركون الجنود البوليڤيين.‏ فتذكَّر انه وآخرين نالوا بركة مماثلة،‏ بصفتهم جنودا من پاراڠواي.‏ ففكَّر:‏ «لا بد ان يكون هنالك خطأ ما.‏ اذا كان اللّٰه موجودا،‏ فلا يمكن ان يحدث ذلك.‏ ولكن اذا كان اللّٰه موجودا فعلا،‏ فسأبحث عنه حتى اجده».‏

وبعد الحرب،‏ التقى هوليان حداد هوان هوسّيه في كارمن دل پارانا.‏ ومن الكتاب المقدس،‏ ساعده هوليان على ايجاد اجوبة عن اسئلته تمنح الاكتفاء.‏ وكما قال الرسول بولس منذ زمن بعيد،‏ جعل اللّٰه من الممكن للبشر الذين «يتلمسونه» ان «يجدوه».‏ (‏اعمال ١٧:‏٢٧‏)‏ وسرعان ما ادرك هوان هوسّيه انه وجد الاله الحقيقي،‏ يهوه.‏ (‏تثنية ٤:‏٣٥‏،‏ ع‌ج‏؛‏ مزمور ٨٣:‏١٨‏)‏ فاعتمد في سنة ١٩٤٥؛‏ وزوجته هوڤيتا سنة ١٩٤٦.‏

في غضون ذلك،‏ كانت حقائق الكتاب المقدس تناقَش ايضا في مكان لبيع الخُضَر في سوق في سان لُرَنزو.‏ لم يكن الكارز هناك واحدا من شهود يهوه بل امرأة كانت قد اظهرت اهتماما بما يكرز به الشهود.‏ فأصغت سيباستيانا ڤاسكيس باهتمام مع انها اميَّة.‏ ولكي تتقدَّم روحيا،‏ تعلَّمت القراءة،‏ وفي سنة ١٩٤٢ اعتمدت كواحدة من شهود يهوه.‏

امتحانات للايمان يواجهها فريق صغير

تأسست اول جماعة،‏ او فرقة كما كانت تُعرف آنذاك،‏ في پاراڠواي سنة ١٩٣٩.‏ ولم يكن هنالك الا شاهدان فقط،‏ لكنهما كانا مبشرين غيورين.‏ وقد قدَّما كمجموع تقريرا بـ‍ ٨٤٧ ساعة في خدمة الحقل ووزَّعا ٧٤٠‏,١ كتابا وكراسة خلال سنة الخدمة تلك.‏ وعقدا اجتماعات في بيت خاص يقع في ما يُدعى الآن جادة ڠسپار رودريڠيس دي فرانسيا (‏امامباي سابقا)‏ بين شارعَي انتايكيرا وتاكواري في آسنْسيون.‏ وكان يحضر هذه الاجتماعات خمسة او ستة اشخاص فقط في غرفة تبلغ مساحتها نحو ٤ امتار في ٤ امتار (‏١٢ × ١٢ قدما)‏.‏ وكان هذا الموقع ملائما حتى سنة ١٩٤٤.‏

وفي السنة التالية بدأ الاخَوان في استخدام آلتَي اسطوانات كهربائيتين لإذاعة تسجيلات لخطابات قصيرة حول مواضيع مختلفة من الكتاب المقدس.‏ فاغتاظ‍ رجال الدين جدا حتى انهم قدَّموا عريضة للحكومة لتمنع كل نشاط اضافي يقوم به شهود يهوه.‏ لكنَّ الشاهدَين واصلا عملهما.‏ ومن الجلي ان المحاضرات الواضحة المؤسسة على الاسفار المقدسة المسجَّلة كانت فعَّالة.‏ وخلال السنتين التاليتين،‏ استُخدمت تسجيلات كهذه بفعَّالية بمختلف اللغات للوصول الى مجتمعات من المهاجرين الپولنديين،‏ الروسيين،‏ الالمان،‏ والاوكرانيين الذين كانوا قد استقروا بالجزء الجنوبي من البلد.‏

كانت عائلة ڠولاسيك،‏ التي كانت تعيش في مستوطنة پولندية وأوكرانية قرب اينكارناسيون،‏ بين اوائل الذين قبلوا الحق في هذه المنطقة.‏ وسرعان ما صار روبرتو ڠولاسيك يمتطي حصانا ويتوجَّه الى مختلف المستوطنات ليقدِّم الشهادة،‏ مزوَّدا بفونوڠراف ومطبوعات.‏ في البداية كانت الاجتماعات هنا تُعقد مرة في الشهر،‏ ثم مرتين في الشهر،‏ وفي وقت لاحق مرة في الاسبوع.‏ وأحيانا كان اناس من خمس فِرق لغوية مختلفة يحضرون،‏ لكنهم كانوا كلهم يتعلَّمون ببطء اللغة النقية لحق الكتاب المقدس.‏ —‏ زكريا ٣:‏٩‏.‏

ومن المؤسف انه لم يستمر جميع الذين ساهموا في اعطاء شهادة في ذلك الوقت في الطريق الضيّق الذي يؤدي الى الحياة.‏ فقد بدأ ناظر مستودع مطبوعات الجمعية في آسنْسيون بتأييد آراء شخصية.‏ وعندما ارتدَّ عن هيئة يهوه،‏ تخلَّى آخرون ايضا عن خدمة يهوه.‏ فانخفض عدد المنادين بالملكوت من ٣٣ في سنة ١٩٤٣ الى ٨ في سنة ١٩٤٤.‏ وماذا الآن؟‏ لقد بارك يهوه الذين اظهروا انهم شهود اولياء،‏ وبدأت الهيئة تنمو ثانية.‏ —‏ مزمور ٣٧:‏٢٨‏.‏

المرسلون يتعلمون العادات المحلية

باهتمام حبي بخير الرعية في پاراڠواي،‏ ارسل مكتب الفرع في الارجنتين ڠوينيد هيوز ليشرف على العمل.‏ وعندما دُعي الى حضور مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس في سنة ١٩٤٥،‏ صُنعت ترتيبات لإرسال يووان دايڤيز مع زوجته ديليا.‏ ولكن بسبب تأخير في الحصول على الاوراق اللازمة لسفرهما،‏ سبقهما هوليس سميث،‏ احد خريجي مدرسة جلعاد،‏ وكان موجودا للترحيب بالاخ والاخت دايڤيز عندما وصلا الى آسنْسيون على متن قارب نهري في اواخر سنة ١٩٤٥.‏ وبعد ايام قليلة،‏ وصل ألبرت وأنجلاين لانڠ،‏ متخرجان ايضا من جلعاد،‏ على متن طائرة.‏ وتبعهم آخرون.‏ فاستؤجر منزل يسع المرسلين ويؤمِّن ايضا مكانا لتجتمع فيه الجماعة المحلية.‏ لقد كان كل المرسلين تواقين الى الخدمة،‏ ولكن لزم طبعا ان يتعرَّفوا الى طريقة حياة الناس.‏

لقد وجدوا ان الناس متديِّنون جدا،‏ رغم انه كانت تنقصهم معرفة الكتاب المقدس.‏ وكان لكل مدينة «قديستها» الشفيعة،‏ التي تُعرف عادة بـ‍ «مريم العذراء».‏

وإذ صاروا يعرفون عادات الناس،‏ وجدوا ان الكثير منها جذاب.‏ ففي السوق،‏ كانت هنالك كوَم من الفاكهة والخُضَر ونساء يحملن بتوازن احمالا ثقيلة في سلال كبيرة على رؤوسهن.‏ وفي المتاجر،‏ كان هنالك نسيج يدوي مخرَّم يُعرف بـ‍ نياندوتي،‏ وهو رقيق ورفيع جدا حتى انه يشبه بيت العنكبوت.‏ وقد لاحظوا ايضا بسرعة ان الناس يبدأون عملهم باكرا وعند الظهيرة يُقفل كل شيء من اجل قيلولة خلال ساعات النهار الاحرّ.‏ وعندما كان المرسلون يزورون الناس في بيوتهم ليُخبروهم برسالة الملكوت،‏ تعلَّموا ان يقفوا عند البوابة ويصفِّقوا ولا يدخلوا الى الفناء الخارجي الّا بعد ان تجري دعوتهم.‏ ولم يكن في وسعهم الا ان يشعروا بمودة،‏ بساطة،‏ وحرارة الناس.‏ لكن لزم ايضا ان يتعلَّموا التحدث اليهم بلغتهم —‏ ليس فقط الاسپانية بل ايضا الڠْوارانية.‏

في نيسان ١٩٤٦،‏ بُعيد وصول المرسلين،‏ أُعيد تعيين الاخ والاخت دايڤيز في الارجنتين.‏ وعيِّن پابلو أُوسوريو راييس،‏ الذي كان يحضر الاجتماعات من اشهر قليلة فقط،‏ ليدير درس برج المراقبة رغم انه لم يكن قد اعتمد بعد.‏ ولماذا بهذه السرعة؟‏ لأنه كان يتكلم اللغة وأحرز تقدُّما روحيا جيدا.‏ لكنه واجه تحديات.‏ ففي وقت لاحق كتب الاخ أُوسوريو:‏ «بُعيد تعييني كمدير لدرس برج المراقبة‏،‏ كان يجب ان اصحِّح تعليقا خاطئا جرى تقديمه.‏ فثارت ثائرة المعلِّق ودعاني في الحال الى قتال.‏ رفضت طبعا،‏ وقد ساعد احد المرسلين على تهدئة الوضع.‏ فلا شيء افضل من ان يتحمل المرء قليلا من المسؤولية لمساعدته على النضج».‏ وللأسف ترك لاحقا صاحب الطبع السريع الانفعال خدمة يهوه.‏

بنيان الهيئة

قبل نهاية سنة ١٩٤٦،‏ لزمت تسهيلات اوسع لاستخدامها كمركز للنشاط الثيوقراطي.‏ فوصل ستة مرسلين اضافيين —‏ وليَم وفيرن شيلينڠر،‏ مع اربعة آخرين.‏ واستؤجر منزل له فناء واسع في جادة ماريسكال لوپيز.‏ كان المبنى يقع مباشرة مقابل وزارة الدفاع.‏ ووُضعت اللافتة الكبيرة «قاعة الملكوت» بشكل بارز على البوابة الامامية بحيث انه لا يمكن لأيّ شخص يتعامل مع الشعبة العسكرية للحكومة الا ان يراها.‏

وفي ١ ايلول من تلك السنة،‏ اسست الجمعية فرعا في پاراڠواي،‏ وزوَّد المبنى المُستأجر مؤخرا مكانا لمكتب الفرع.‏ ومع هذا التنظيم المحسَّن،‏ ازدادت كثافة الشهادة المقدَّمة،‏ وكذلك المقاومة.‏ فيبدو ان رجال الدين كانوا يستخدمون كرسي الاعتراف للحصول على معلومات ولزرع الخوف كي يمنعوا سعاة البريد الكاثوليك من توزيع مطبوعات برج المراقبة.‏

وفي تشرين الثاني،‏ اتى الاخ هيوز من الارجنتين ليزور ويبني الجماعات الاربع الصغيرة التي كانت تعمل آنذاك.‏ لقد كان في مدرسة جلعاد وحضر محفل «الامم الفرحانة» الثيوقراطي الاممي في كليڤلنْد،‏ أوهايو،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ حيث عُقدت الفترات بـ‍ ٢٠ لغة وحيث امتلأ المدرَّج في اليوم الختامي بـ‍ ٠٠٠‏,٨٠ شخص اتوا ليسمعوا الخطابات.‏ وهكذا كانت عنده امور كثيرة ليُخبر الاخوة بها.‏ فكانوا بحاجة الى هذا البنيان ليبقوا في الخدمة في وجه الشدة.‏

في غمرة الثورة

في اوائل سنة ١٩٤٧،‏ اندلعت الثورة.‏ ونصبت قوات الحكومة مدافع رشاشة على الرصيف امام بيت المرسلين.‏ وبعد يوم من القتال،‏ عاد شيء من الاستقرار.‏ ثم في ٧ آذار،‏ صار الوضع من جديد خطرا.‏ فكانت هنالك حرب معلَنة في الشوارع.‏ وأُعلنت الاحكام العرفية.‏ واقتحم المتمرِّدون المركز الرئيسي للشرطة في وسط مدينة آسنْسيون.‏

وإذ توقَّع الجنرال المسؤول ان يُهاجَم ايضا المركز الرئيسي للجيش،‏ صادر بيت المرسلين لاستعمال عسكري وأعطى الاخوة ثلاثة ايام للاخلاء.‏ وعند الاستئناف،‏ مُدِّدت هذه الفترة الى عشرة ايام.‏ وفي غمرة الثورة وخلال ازمة سكنية شديدة،‏ وجد الاخوة انفسهم يشرعون هم في حملة:‏ عملية التفتيش عن منزل.‏ ويبدو ان يهوه اراد ان يبقى وجود شهوده معروفا عند السلطات العليا في پاراڠواي.‏ فالمنزل الوحيد الملائم المتوفِّر كان يقع تماما قرب البيت الرئاسي،‏ حيث توجد سفارات كثيرة.‏

في ما يتعلق بالثورة،‏ وفي رسالة مؤرخة في ٢٦ آذار ١٩٤٧،‏ كتب خادم الفرع:‏ «ان الحالة هنا تزداد سوءا يوميا.‏ وعند كتابة هذه السطور،‏ هنالك طائرة تحلِّق فوقنا على بعد عدة اميال،‏ تقصف المطار كما اظن.‏ وهي تواجَه بأسلحة مضادّة للطائرات.‏ وهنالك مئات الجنود حول البيت الرئاسي،‏ وتصدر من مدافعهم اصوات مرعبة.‏ الهواء ازرق من دخان البارود،‏ ورائحته كريهة.‏ والقوات الثورية تقترب جدا من المدينة؛‏ يمكننا ان نسمع دويَّ المدافع والقنابل المتواصل .‏ .‏ .‏ والوضع الغذائي يزداد سوءا يوميا».‏

كانت القوات الثورية على مسافة عشر بنايات من بيت المرسلين عندما بدأت قوات الحكومة بصدّهم.‏ وخلال كل ذلك الوقت،‏ واصل الاخوة شهادتهم باذلين ما في وسعهم.‏ واستمرت الثورة طوال ستة اشهر تقريبا،‏ وقد تبيَّن انها محنة حقيقية،‏ ولا سيما بالنسبة الى الاخوة المحليين.‏ فقد عاملتهم السلطات بقساوة لأنهم كانوا يحافظون على حيادهم المسيحي.‏

غير تاركين الاجتماع معا

عندما انتهت الثورة،‏ بدأ البلد يعود الى وضعه الطبيعي،‏ وعاد بعض الذين كانوا قد هربوا الى الارجنتين.‏ ووُضعت خطط لعقد محفل،‏ وهو الاول في پاراڠواي،‏ من ٤-‏٦ حزيران ١٩٤٨.‏ لكنَّ ابليس كان منشغلا بتسبيب الاضطرابات.‏ ففي ٣ حزيران حدث انقلاب عسكري.‏ أُسر على اثره الرئيس ووزراؤه.‏ فعمَّت فوضى عارمة العاصمة.‏ وماذا عن المحفل؟‏

ان المحاولات لاستئجار قاعة ملائمة باءت بالفشل،‏ لكنَّ يهوه هيَّأ تدبيرا آخر.‏ فقد أُخلي بيت المرسلين السابق قُبالة المركز الرئيسي للجيش.‏ ووافق مالكه على تأجيره للاخوة لعقد محفلهم.‏ لقد كان بعيدا عن وسط المدينة،‏ حيث كانت الاضطرابات.‏ وكان يمكن استخدام الفناء لفترات المحفل،‏ والمبنى لإيواء المندوبين القادمين من خارج البلدة.‏ وقد حيَّا الذين اتوا بعضهم بعضا بمصافحة كل شخص،‏ كما تدرج العادة في پاراڠواي.‏ وحضر اكثر من مئة شخص ليسمعوا المحاضرة «السرور القادم لكل الجنس البشري».‏ وكم كانت هذه المحاضرة في حينها للناس في پاراڠواي!‏

الشرطة صدّت الرعاع

منذ بدأ شهود يهوه للمرة الاولى بمواصلة عملهم لتعليم الكتاب المقدس في پاراڠواي،‏ واجهوا تكرارا مقاومة رجال الدين.‏ وفي سنة ١٩٤٨،‏ في بلدة يوتي الصغيرة،‏ في الجزء الجنوبي من البلد،‏ خطط ناظر الدائرة لإلقاء خطاب عام في حديقة عامة صغيرة في وسط البلدة.‏ وكانت الحديقة قُبالة الكنيسة الكاثوليكية تماما.‏ فحثّ الكاهن المحلي الناس على إيقاف المحاضرة،‏ معلنا ان الشهود سيقسِّمون الكنيسة ويحرمون الكاثوليك من دينهم.‏ وقبل ان تبدأ المحاضرة،‏ تجمَّع رعاع كثيرون امام الكنيسة.‏ وعند رؤية شهود يهوه —‏ ثمانية منهم —‏ في الحديقة العامة قُبالة الشارع،‏ بدأوا يصرخون:‏ «ارحلوا يا پروتستانت!‏ ارحلوا يا پروتستانت!‏».‏ وفي غضون ذلك،‏ كانت مجموعة كبيرة من الناس ينتظرون لسماع الخطاب لكنهم كانوا خائفين من الدخول الى الحديقة العامة بسبب الرعاع.‏

فنصبت الشرطة مدفعا رشاشا امام الرعاع وقالت انه اذا اجتاز ايّ شخص الخط،‏ فسيُطلقون النار.‏ فمنع ذلك الرعاع من الاقتراب حتى تمكَّن الاخوة من الخروج بسلام من المنطقة.‏ لكنهم كانوا طوال الاسبوع يعلنون عن الخطاب،‏ وكانوا مصمِّمين على منح المهتمين فرصة سماعه.‏ فقدَّم شاهد محلي بيته لاستخدامه.‏ وبعد ان أُلقي الخطاب،‏ وصل فريق آخر وقالوا انهم يرغبون هم ايضا في سماعه؛‏ لذلك ألقاه ناظر الدائرة مرتين في ذلك اليوم.‏ وهناك في يوتي،‏ صارت الثمار المتباينة لشكلين من العبادة ظاهرة بشكل واضح.‏

المرسلون يواجهون الترحيل

على صعيد رسمي،‏ حافظت پاراڠواي عموما على تاريخ من التسامح الديني،‏ مع انه حتى سنة ١٩٩٢ كانت الكثلكة الرومانية الدين الحائز رضى الحكومة.‏ والصعوبة التي كانوا يلقونها،‏ كانت تحصل عادة في المناطق الريفية وبتحريض من الكهنة المحليين وأتباعهم المتعصبين.‏ لكن في اوائل سنة ١٩٥٠،‏ كانت هنالك محاولة رسمية لطرد مرسلي برج المراقبة من البلد.‏

فقد تطلَّب قانون جديد ان يتسجل كل المهاجرين في دائرة الاراضي ويجلبوا وثائق تُثبت نوعية عملهم.‏ لكن عندما حاول المرسلون ان يتسجلوا،‏ قيل لهم انهم لا يستطيعون فعل ذلك لأنهم كانوا في الواقع في البلد بطريقة غير شرعية ولذلك هم عرضة للاعتقال.‏ فيبدو ان تقارير باطلة كانت قد أُعطيت للسلطات بشأن طبيعة عملهم.‏

كان بعض الرسميين متعاطفين،‏ ولكن بدا انه حتى جهودهم وجهود السفارة الاميركية كانت تعترضها عقبة صعبة.‏ ففي اميركا اللاتينية،‏ لا يهم غالبا مَن تكونون بل مَن تعرفون لتحصلوا على نتائج.‏ وفي هذه القضية كان الاخوة يعرفون شخصا كان متعاطفا معهم وصادف انه يعمل في مكتب الرئيس.‏ وبواسطته،‏ دعوا السكرتير الشخصي للرئيس الى تناول الغداء في بيت المرسلين.‏ فقُبلت الدعوة بلطف.‏

اتاح ذلك الفرصة لمناقشة طبيعة عمل المرسلين الحقيقية وفوائده للبلد.‏ ونوقشت ايضا مشكلة التسجيل،‏ وكان سكرتير الرئيس مهتما للغاية.‏ ونتيجة ذلك،‏ في ١٥ حزيران ١٩٥٠،‏ صار بإمكان اول المرسلين ان يتسجَّل كمهاجر له الحق الشرعي في الاقامة بالبلد للاستمرار في عمل تعليم الكتاب المقدس.‏

يوم شاق في الارياف

كان عمل ناظر الدائرة في تلك الايام يقدِّم تحديات خصوصية.‏ وشملت هذه السفر ساعات طويلة،‏ وفي بعض الحالات احتمال المقاومة العنيفة.‏ بدأ لويد ڠمِسن،‏ متخرج من مدرسة جلعاد،‏ بالخدمة كامل الوقت كناظر دائرة في سنة ١٩٥٢.‏ وبعد ان قضى وقتا مع جماعة في شمال يوتي،‏ قدَّم تقريرا عمّا حدث.‏ كانت المقاطعة المجاورة قد خُدمت مؤخرا،‏ فوُضعت خطط للشهادة في بلدة نائية.‏ فغادر الفريق المؤلف من ستة اخوة وأربع اخوات عند الساعة الـ‍ ٠٠:‏٤ صباحا.‏ وانطلقوا كلهم سيرا على الاقدام باستثناء اخت عندها طفل عمره سنة واحدة.‏ وعند الساعة الـ‍ ٠٠:‏١١ قبل الظهر وصلوا الى مقاطعتهم،‏ انقسموا الى فريقين،‏ وانطلقوا الى العمل.‏

‏‹عملنا ساعة واحدة فقط وعند الساعة الـ‍ ٠٠:‏١٢ ظهرا كنا نجلس في منزل سقفه من العشب نشهد لعائلة مهتمة›،‏ كما قال الاخ ڠمِسن،‏ ‹عندما دخل المأمور وجندي عمره ١٦ سنة حاملَين مسدسين مصوَّبين نحونا.‏ وأمر العائلة بحزم ان يعيدوا المطبوعات الينا ثم امرنا بالذهاب معهما الى مركز الشرطة.‏ وعندما وصلنا،‏ كان الناشرون الآخرون قد سبقونا الى مركز الشرطة.‏ حاولت ان اتباحث مع المأمور لكنني وجدت انه يتكلم الڠْوارانية فقط لا الاسپانية.‏ وكانت عيناه محمرَّتَين غضبا،‏ وأمرنا جميعا ان نغادر البلدة وألّا نعود ثانية ابدا.‏

‏‹وبعد ان سرنا نحو كيلومتر،‏ جلسنا تحت شجرة لنتناول الغداء.‏ وفجأة،‏ وقف الفريق وبدأوا يركضون.‏ نظرت حولي ورأيت المأمور وجنديا آتيَين على صهوة حصانَيهما ومعهما سَوطان طويلان.‏ ففكَّرت انه من الافضل ان ابقى مع الفريق،‏ فشرعت في الركض انا ايضا.‏ وفيما كنت اقفز فوق جدول،‏ فقدت نظارتي الشمسية.‏ وعندما انحنيت لألتقطها،‏ ضُربت بسوط على ظهري احدث صوتا مدوِّيا.‏ ثم حاول المأمور ان يدوسني بواسطة حصانه؛‏ ولكن اذ كنت اعرف بعض المعلومات عن الاحصنة،‏ اخذت الوِّح بحقيبتي التي استخدمها في الشهادة امام الحصان،‏ فلم يعد يقترب مني.‏

‏‹في غضون ذلك كان المأمور قد ضرب تكرارا بالسوط ثلاثة اخوة آخرين،‏ ثم حاول ان يدوس بواسطة حصانه اختا فاتحة عمرها ٧٠ سنة.‏ اخيرا،‏ استدار الاثنان وعادا الى البلدة،‏ وتابعنا نحن طريقنا.‏ لم يتأذَّ احد بشكل خطير،‏ مع انه كانت هنالك آثار حمراء غامقة على ظهور البعض من السوط.‏ انما لم يشعر احد بأيّ ألم.‏ وقد وصلنا الى البيت عند الساعة الـ‍ ٠٠:‏٨ مساء —‏ بعد ١٦ ساعة من السير›.‏

وعلى الرغم من حوادث كهذه في بعض البلدات والقرى الاصغر،‏ استمر عمل المناداة بالملكوت في الازدهار.‏

عقب التغيير في الحكومة

تبيَّن ان السنة ١٩٥٤ كانت سنة حرجة في الحياة السياسية للبلد.‏ فقد أُطيح بحكومة دون فِدِريكو شاڤيز.‏ وفي ١١ تموز اختير الجنرال ألفريدو ستروسنر لسدّة الرئاسة.‏ فاستُهلَّ عصر من الحكم العسكري دام اكثر من ٣٤ سنة.‏ فكيف اثَّر ذلك في نشاط شهود يهوه؟‏

رُتِّب لعقد محفل كوري يدوم اربعة ايام من ٢٥-‏٢٨ تشرين الثاني من تلك السنة.‏ وكانت پاراڠواي خاضعة للاحكام العرفية،‏ لذلك كان مطلوبا ان نحصل على إذن من الشرطة اذا كنا سنعقد اجتماعا من ايّ نوع كان.‏ فهل كان ذلك سيسبِّب مشكلة؟‏ كان الاخوة قد رتَّبوا لاستئجار قاعة محاضرات.‏ ولكن عندما ذهبوا للحصول على إذن من الشرطة لعقد المحفل،‏ قيل لهم انه لا يمكنهم عقده.‏ ولمَ لا؟‏ اعترف شرطي ان الكهنة كانوا يضغطون عليهم.‏ وبعد عدة زيارات ومحاجّات كثيرة قام بها الاخوة،‏ قيل لهم اخيرا انه رغم انهم لن يحصلوا على إذن،‏ فلن تتدخل الشرطة خلال انعقاد المحفل.‏ وقد امتنع الاخوة بحكمة عن الاعلان عن المحفل بواسطة اوراق الدعوة او في الصحف.‏ ووجِّهت كل الدعوات شفهيا.‏ وعُقد المحفل دون ان تشوبه شائبة.‏

المقاومة الدينية تستمر

لم يتوانَ رجال الدين الكاثوليك في مساعيهم لإيقاف شهود يهوه.‏ فنحو نهاية سنة ١٩٥٥،‏ صُنعت ترتيبات لعقد محفل دائري صغير في پيريببوي،‏ التي تبعد ٧٢ كيلومترا (‏٤٣ ميلا)‏ شرقي العاصمة.‏ وعند المغيب في اول امسية للمحفل،‏ قاد كاهن الابرشية رعاعا مُزوَّدين بعصيّ وسواطير ليوقفوا الاجتماع.‏ فتدخل معلِّم محلي،‏ وتراجع الرعاع الى الشارع.‏ وقضوا هناك الامسية يصرخون ويرمون الحجارة والمفرقعات النارية.‏

في ١ آذار ١٩٥٧ ظهرت المقاومة الدينية ثانية في بلدة إيتا،‏ جنوب شرقي العاصمة.‏ وقبل وقت طويل من هذا التاريخ،‏ صنع الاخوة ترتيبات شرعية لعقد محفلهم الدائري في هذه البلدة.‏ فجرى الحصول على إذن شرعي لعقد المحفل من سلطات مدينة إيتا ومن الشرطة في العاصمة على السواء.‏ ولكن عندما بدأ الاخوة يتوافدون على إيتا من اجل المحفل،‏ استطاعوا ان يروا ان الامور لا تسير على ما يرام.‏ فقد بدت المدينة وكأنها مدينة اشباح.‏ فالشوارع مقفرة؛‏ النوافذ والابواب مغلقة تماما.‏ ولماذا؟‏

لقد تعهَّد كاهن الابرشية بأن هذا المحفل لن يُعقد وعمل المستحيل ليتمِّم ما تعهَّد به.‏ حتى انه رتَّب ان تنثر طائرة آلاف المنشورات فوق الريف.‏ وقد تضمنت هذه المنشورات الرسالة التالية:‏ «يوم الجمعة في ١ آذار ١٩٥٧،‏ عند الساعة ٣٠:‏٥ بعد الظهر وأمام الكنيسة سيكون هنالك تجمع كبير لكل المسيحيين الكاثوليك من المدينة والمناطق.‏ .‏ .‏ .‏ وعند الساعة ٣٠:‏٦،‏ ستنطلق مظاهرة كبيرة من الكاثوليك رفضا لـ‍ ‹شهود يهوه (‏الزائفين)‏›.‏ فلا يحق للهراطقة الپروتستانت ان يعقدوا ايّ محفل كان في إيتا».‏

عندما علِم الاخوة بخطط الكاهن أيالا،‏ اعتُقد انه من المستحسن نقل المحفل من التسهيلات المكشوفة نسبيا التي كانت قد استؤجرت الى بيت احد الاخوة.‏ فالبيت يمنح حماية افضل في حال حصل هجوم.‏

يمكنكم ان تتخيَّلوا المشهد.‏ تجمَّع في بيت الاخ نحو ٦٠ شخصا من المسيحيين المحبين للسلام ليتأملوا في كلمة اللّٰه.‏ وعلى بعد مبنيَين سكنيَّين كان حشد من اكثر من الف شخص،‏ يتزايدون كل دقيقة،‏ يصغون الى خطبة الكاهن الشديدة اللهجة وتحريضه على العنف.‏

لم يكن الجميع في الحشد موافقين على تصرفات الكاهن.‏ فقد حاول سولانو ڠامارا،‏ وهو ملازم ثانٍ في القوات الجوية الپاراڠوايية،‏ ان يهدئ روع الكاهن.‏ وتكلم ايضا الى رفقائه الكهنة،‏ ولكن دون جدوى.‏ فكان احد رفقاء أيالا ثائرا الى حد انه لَكَم الملازم وجرح شفته جرحا بليغا.‏ وما ان رأى الحشد ذلك حتى انقضوا كالذئاب على الملازم،‏ ضربوه وأصابوه بجروح خطيرة في فروة رأسه.‏ ومزَّق الرعاع قميصه وعلَّقوه على عمود ليحرقوه.‏ ففرّ ڠامارا ليُنقذ حياته.‏

وإذ صار الرعاع متعطشين الى الدماء،‏ اتَّجهوا الآن نحو المحفل،‏ صارخين:‏ «فليسقط يهوه!‏» «فليمت يهوه!‏».‏ وفيما كانوا يقتربون من البيت حيث المحفل منعقد،‏ ابتدأ افراد شرطة الحماية القليلون بالانسحاب.‏ فأحكم الاخوة اقفال باب البيت من الداخل.‏ وحاول بعض الرعاع ان يدخلوا الفناء الخارجي من خلال ملكية احد الجيران،‏ لكن الجار اعترض طريقهم ومنعهم من المرور.‏ فهو لم ينسَ انه عندما كان مريضا كان الشهود،‏ الذين يتعرض منزلهم الآن لهجوم،‏ لطفاء جدا معه.‏ وفي تلك الاثناء تابع الاخوة،‏ وهم واثقون بيهوه،‏ اجتماعهم بأفضل ما يمكنهم.‏ ومن اجل سلامتهم،‏ بقوا جميعهم في البيت طوال الليل.‏ وفي اليوم التالي،‏ الغى إشعار من المركز الرئيسي للشرطة في آسنْسيون الاذن في عقد محفل من اجل حماية الشهود،‏ ولأن الشرطة المحلية كانت عاجزة عن مواجهة الرعاع.‏ فاستؤجر باص،‏ وغادر الوافدون السعداء وهم يرنِّمون الى بيت الفرع-‏المرسلين في آسنْسيون ليُكملوا محفلهم.‏ لقد واجهوا امتحانا للايمان،‏ مما جعلهم اقوى روحيا.‏

اعتراف شرعي

بعد ما قام به الرعاع في إيتا،‏ اتَّخذ مكتب الفرع خطوات تمثُّلا بالمسلك الذي اتَّخذه الرسول بولس ‹لتثبيت البشارة شرعيا› في پاراڠواي.‏ (‏فيلبي ١:‏٧‏،‏ ع‌ج‏؛‏ اعمال ١٦:‏٣٥-‏٣٩‏)‏ فأدى ذلك الى نتائج جيدة.‏ وبعد استيفاء كل المطالب القانونية المحلية،‏ جرى الاعتراف،‏ في ١٤ تشرين الاول ١٩٥٧،‏ بجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس كشخصية قانونية مخوَّلة تمثيل شهود يهوه في هذا البلد.‏ ونُشر إشعار بذلك كمرسوم رئاسي في الصحف.‏ وقد تبيَّن ان هذا مفيد جدا عند شراء ملكية لازمة،‏ وجعل من الممكن الحصول على مقرّ دائم للمرسلين.‏

فيلمهم الاول

منذ سنة ١٩٥٤ وحتى سنة ١٩٦١،‏ كان استخدام الافلام فعَّالا في جعل الناس يتعرَّفون بهيئة يهوه.‏ وصُنعت تدابير لعرض افلام الجمعية في انحاء كثيرة من الجزء الشرقي للبلد.‏ وفي السنوات الخمس التي أُجري خلالها احصاء،‏ حضر اكثر من ٠٠٠‏,٧٠ شخص العروض.‏

وقد اتَّضح ان نقل مولِّد مع كل المعدات الاخرى اللازمة لعرض فيلم في منطقة ريفية كان الى حد بعيد مغامرة.‏ فعادة كان يجري اختيار ملعب فارغ لكرة القدم كموقع.‏ وكانت المعدات تُركَّب قبل حلول الظلام.‏ ثم توجَّه دعوة الى الناس عبر مكبِّر الصوت.‏ وأحيانا كان المخرِّبون يرمون الحجارة.‏ وكان عدد الحضور يتفاوت.‏ ففي هنرال ارتيڠاس،‏ حيث كانت هنالك جماعة تضمُّ اقل من ٢٠ ناشرا يجتمعون على بعد ثمانية كيلومترات (‏٥ اميال)‏ من البلدة،‏ شاهد نحو ٣٠٠‏,١ شخص الفيلم في ليلة واحدة!‏ ولم يكن مستغربا سماع الناس يضحكون مبتهجين عندما يتغير المشهد خلال الدقائق الاولى من الفيلم.‏ ففي المناطق الريفية غالبا ما كانت تلك المرة الاولى التي يشاهدون فيها فيلما.‏

اعطت الافلام الشهود المحليين والناس صورة افضل عن اهمية العمل الذي يُنجزه شهود يهوه عالميا.‏

المرسلون قدَّموا انفسهم طوعا

فيما كان الناشرون ينمون في العدد،‏ كان المرسلون يبذلون جهودا متضافرة لمساعدتهم على التقدُّم نحو النضج.‏ وقد ظهرت النتائج الجيدة عندما تمتع المرسلون بامتياز حضور محفل «مجتمع العالم الجديد» في مدينة نيويورك سنة ١٩٥٣.‏ فبينما كانوا غائبين،‏ كان من الضروري ان يهتم الاخوة المحليون بمسؤوليات الاشراف في جماعة آسنْسيون.‏ وقد جرى بلوغ ذرى جديدة في نشاطات خدمة الحقل.‏ والاخوة المحليون اجادوا العمل بحيث طُلب منهم،‏ عندما عاد المرسلون،‏ ان يواصلوا الاهتمام بتعييناتهم.‏ مما اتاح للمرسلين ان يخدموا في اماكن اخرى.‏

كان هنالك الكثير ليقوموا به.‏ فبعد ان كان ڤيرنر أپنزلر قد قضى في البلد نحو اربعة اشهر وتمكَّن من تكلم القليل من الاسپانية،‏ عُيِّن للاهتمام بالدائرة حول اينكارناسيون.‏ معظم الطرقات لم تكن مرصوفة بعد.‏ فكان التنقل عادة إما سيرا على الاقدام او على صهوة حصان.‏ وكان هنالك ١٠٠ ناشر فقط في الدائرة كلها،‏ لكنَّ التشجيع والتدريب ساهما في تقدُّمهم الروحي.‏ وبعد سنوات قليلة،‏ عيِّن للعمل الدائري لاديسلاو ڠولاسيك،‏ وهو ابن روبرتو ڠولاسيك وابن هذه المنطقة.‏

وبحلول نهاية سنة ١٩٦١،‏ كان المرسلون المدرَّبون في مدرسة جلعاد نشاطى في پاراڠواي طوال ١٥ سنة.‏ وكان هنالك آنذاك ٤١١ شاهدا في البلد،‏ منظمين في ٢٢ جماعة.‏ وكان قد خُصِّص اكثر من ٠٠٠‏,٥٩٤ ساعة للكرازة بالبشارة في هذا البلد.‏ وفي ذلك الوقت كان المرسلون يخدمون انطلاقا من خمسة بيوت للمرسلين.‏ وكانت هذه البيوت تقع في آسنْسيون،‏ اينكارناسيون،‏ ڤياريكا،‏ كورونيل اوڤييدو،‏ و پيدرو هوان كاباليرو.‏ ومن هذه المدن،‏ انتقل المرسلون ايضا للكرازة في المنطقة المجاورة.‏ وحتى سنة ١٩٦١،‏ اشترك ٥٠ مرسلا في العمل في پاراڠواي.‏ وبسبب المرض او لأسباب اخرى،‏ وجد ٢٩ مرسلا انه من الضروري ان يعودوا الى موطنهم.‏ لكنهم ساهموا كلهم في شتى الطرائق في تقدُّم مصالح الملكوت في پاراڠواي.‏ وفي كانون الاول ١٩٦١،‏ وصل الى پاراڠواي ألمِر وماري پيش،‏ متخرجان من اول مقرَّر لجلعاد دام عشرة اشهر.‏

بناء اماكن اجتماعاتهم الخاصة

نحو ذلك الوقت،‏ بنى الاخوة في آسنْسيون قاعة ملكوت ودشنوها،‏ وهي اول قاعة امتلكوها في پاراڠواي.‏ كانت بناء جميلا من القرميد والاسمنت،‏ وتتسع لأكثر من ٢٠٠ شخص.‏ فيا للشهادة التي قُدِّمت للمجتمع فيما كان الرجال،‏ النساء،‏ والاولاد يشتركون معا في الحفر،‏ خلط الاسمنت،‏ تلميع القرميد،‏ الطلاء،‏ والتنظيف!‏ لقد كان واضحا للمتفرجين انهم كانوا عمَّالا مجتهدين.‏

كان كثيرون جدا يتوافدون على اجتماعات فريق صغير من الشهود،‏ ليسوا جماعة بعد،‏ في ڤاكاو،‏ منطقة ريفية في جنوب البلد،‏ حتى انهم رأوا انهم هم ايضا بحاجة الى قاعة ملكوت.‏ لكن لم يكن لديهم مال.‏ فماذا يمكنهم فعله؟‏ عقدوا اتفاقا مع صاحب مؤسسة لتقطيع الاشجار ينص على ان يقطعوا كفريق اشجار قطعة ارض مقابل مواد بناء وبعض المال.‏ وعندما انتهى بناء القاعة،‏ باعت اربع عائلات مهتمة يعيشون بعيدا مزارعهم وانتقلوا الى مكان اقرب الى قاعة الملكوت حتى لا يخسروا الاجتماعات.‏

وفي وقت لاحق،‏ بُنيت ايضا تسهيلات للمحافل.‏ ففي اوقات مختلفة،‏ كان الاخوة يستخدمون نادي مارتين پسكادور،‏ وأيضا تسهيلات في الجامعة الوطنية وفي المدرسة الاميركية.‏ ثم في اوائل سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ جرى التبرع بأرض يمكنهم ان يبنوا فيها مركزا للمحافل خاصا بهم،‏ وقد بُني تدريجيا خلال فترة من السنين.‏

تزويد تسهيلات ملائمة للفرع

بازدياد النشاط وبركة يهوه التي نتجت عن ذلك،‏ كان من الضروري ايضا تزويد تسهيلات للفرع ملائمة اكثر.‏ فعلى مرّ السنين،‏ كانت قد استؤجرت بيوت مختلفة لهذا القصد.‏ ولكن في سنة ١٩٦٢،‏ اعطى ناثان نور،‏ رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك،‏ توجيها لشراء قطعة ارض في احدى افضل المناطق السكنية في المدينة،‏ بهدف بناء بيت الفرع-‏المرسلين الذي يحتوي ايضا على قاعة ملكوت.‏ كانت قطعة الارض تقع في جادّة رئيسية في العاصمة،‏ على بُعد مبنيين سكنيين من المدرَّج الرئيسي للألعاب الرياضية في پاراڠواي.‏ وبعد ان رُسمت الخرائط وأُخذت الموافقة من المدينة،‏ بدأ البناء في كانون الثاني ١٩٦٥،‏ وفي غضون عشرة اشهر أُكمل المشروع.‏ وفي اوائل سنة ١٩٦٦،‏ ابتهج الاخوة بحضور الاخ نور،‏ خلال احدى زياراته الاقليمية،‏ من اجل تدشين التسهيلات الجديدة.‏

وبسبب موقع البناء،‏ كانت آلاف كثيرة من الناس في آسنْسيون يلاحظون يوميا وجود شهود يهوه بينهم.‏ وفيما كان آلاف آخرون في طريقهم لحضور مباريات رياضية،‏ كانوا يتذكرون ان ليهوه شهوده في پاراڠواي.‏

ترتيب اداري جديد

كما صحّ في مكاتب فروع الجمعية حول الارض،‏ بدأت لجنة الفرع في ١ شباط ١٩٧٦ بالعمل،‏ وحلّت محل ترتيب وجود فرد واحد كناظر فرع.‏ فخلال السنوات الـ‍ ٣٠ الماضية،‏ خدم ألبرت لانڠ،‏ وليَم شيلينڠر،‏ ماكس لويد،‏ لويد ڠمِسن،‏ هاري كايس،‏ وألمر پيش لفترات مختلفة من الوقت كنظار للفرع.‏ وقد ساهموا جميعهم مساهمة جيدة في عمل الملكوت.‏ ومن ذلك الوقت فصاعدا،‏ صار ترتيب جديد ساري المفعول بحيث يمكن ان تشارك لجنة من رجال ناضجين في الاشراف على نشاط شهود يهوه في كل انحاء البلد.‏

عُيِّن ألمر پيش منسِّقا للجنة الفرع،‏ وعُيِّن تشارلز ميلر وإسحاق ڠاڤيلان عضوَين آخرين.‏ كان الاخَوان پيش وميلر كلاهما متخرِّجين من جلعاد.‏ أما الاخ ڠاڤيلان،‏ وهو من پاراڠواي،‏ فكان في الخدمة كامل الوقت طوال ١٣ سنة في پاراڠواي.‏

موجة اخرى من المقاومة الرسمية

كما هي الحال حول العالم،‏ فإن شهود يهوه هم حياديون في ما يتعلق بالمسائل السياسية.‏ وهم يصغون الى عبارة يسوع لأتباعه:‏ «لستم جزءا من العالم».‏ (‏يوحنا ١٥:‏١٩‏،‏ ع‌ج‏)‏ وإذ يتذكرون مشورة الكتاب المقدس،‏ «احفظوا انفسكم من الاصنام»،‏ يمتنعون ايضا عن الاشتراك في الاحتفالات القومية التي يعتبرونها صنمية.‏ (‏١ يوحنا ٥:‏٢١‏)‏ والرسميون الحكوميون المتورطون جدا في النظام السياسي والذين يعتبرون القومية وسيلة لتوحيد شعبهم،‏ قد يجدون في البداية صعوبة في فهم موقف شهود يهوه.‏ فهم يعرفون ان فِرَقا دينية اخرى،‏ وحتى رجال الدين،‏ لا يترددون في الاشتراك في السياسة والاحتفالات القومية.‏ ويستغل رجال الدين تكرارا هذا الوضع لزرع بذور الشك في المسؤولين الحكوميين بشأن شهود يهوه.‏

وفي رسالة مؤرخة في ٣١ تشرين الاول ١٩٧٤،‏ طلب المدير العام للشؤون الدينية آنذاك،‏ الدكتور مانفريدو راميرس روسو،‏ معلومات عن معتقدات شهود يهوه وهيئتهم.‏ وفي ٢٥ شباط ١٩٧٦،‏ صدر مرسوم حكومي فرض «الاحتفال يوميا برفع العلم وإنشاد النشيد الوطني» في «كل المؤسسات التعليمية».‏ وفي الصحافة التي تتناول الاحداث المثيرة،‏ تضمَّن عدد ٣-‏١٧ ايلول من المطبوعة الدينية إل سنديرو (‏بالاسپانية،‏ اي الطريق)‏،‏ صفحة كاملة من مقالة افترائية عنوانها «شهود يهوه».‏ وتبعتها صحيفة پاتريا (‏بالاسپانية)‏،‏ الصحيفة الرسمية للحزب السياسي الحكومي،‏ بمقالة افترائية ايضا بعنوان «التعصب»،‏ في ١٤ آذار ١٩٧٧.‏

في هذه الاثناء،‏ استُدعي ممثلون من مكتب فرع شهود يهوه لإجراء مقابلة مع المدير العام للشؤون الدينية.‏ وقد تلا ذلك الاجتماع تلخيص لتعاليم شهود يهوه.‏ ورُكِّز خصوصا على موقفهم المتعلق بالعَلَم،‏ النشيد الوطني،‏ والخدمة العسكرية.‏ وبعد ايام قليلة،‏ اتى الى مكتب الجمعية في آسنْسيون رسمي من الشرطة،‏ وهو اوبدوليو ارڠوِيو بريتس،‏ وطلب معلومات عن المحفل الذي عقده شهود يهوه من ٦ الى ٩ كانون الثاني.‏ وبُعيد ذلك،‏ قابلت النائبة العامة في المنطقة،‏ الدكتورة كلوتيلدي هيمينيس بينيتيس،‏ ممثلين للجمعية لمناقشة المواضيع نفسها التي كان قد جرى تناولها سابقا في مكتب ادارة الدين.‏

وفي سنة ١٩٧٨،‏ وبعد سلسلة الاحداث هذه،‏ بدأ طرد اولاد شهود يهوه،‏ الذين امتنعوا عن إنشاد النشيد الوطني،‏ من المدرسة دون امكانية تسجيلهم في مدرسة اخرى.‏ لكنَّ المشكلة لم تنتهِ عند هذا الحد.‏

الحرمان من حماية القانون —‏ ما عناه

في ٣ كانون الاول ١٩٧٩،‏ انفجر الوضع اخيرا.‏ فقد صدر مرسوم يُبطل الوضع الشرعي لجمعية برج المراقبة،‏ التي تمثِّل شهود يهوه.‏

صدمت عناوين الصحف الرئيسية التي اعلنت المرسوم الشهود وغير الشهود على السواء.‏ وكل وسائل الاعلام تقريبا اهتمت بالقضية.‏ فأيَّد البعض الاجراء؛‏ واستنكره آخرون.‏ وصرحت الصحيفة ABC ان المرسوم هو «انتهاك لأحد حقوق الانسان الاساسية،‏ الذي تكرِّسه المادة ١٨ من الاعلان العالمي لحقوق الانسان».‏

وما ان بُلِّغت لجنة الفرع بالحظر،‏ ودون معرفة حدود الحظر بعد،‏ حتى نُظِّمت الامور بحيث يمكن الاهتمام بعمل الفرع في اماكن اخرى.‏ وأعلن الدكتور راوول پينيا،‏ وزير التربية والدين:‏ «لم يُعتبر ذلك على الاطلاق اضطهادا دينيا».‏ ومع ذلك،‏ اضطر شهود يهوه الى عقد اجتماعاتهم في فِرق صغيرة في بيوت خاصة.‏ وقُيِّد نشاطهم الكرازي،‏ مع ان غيرة وشجاعة معظم الاخوة لم تتأثَّرا.‏ وليستفيدوا من المحافل المسيحية،‏ كان عليهم ان يرتِّبوا لبعض الوقت ان يحضروا محافل كهذه في بلدان اخرى.‏

فكيف بدأت هذه السلسلة من الاحداث؟‏ وهل تصرف الدكتور مانفريدو راميرس روسو فقط بحكم سلطته الحكومية؟‏ من المثير للاهتمام انه في ٢٥ آب ١٩٨١،‏ ابرزت اولتيما أُورا (‏بالاسپانية)‏،‏ وهي صحيفة في آسنْسيون،‏ صورة لـ‍ مانفريدو راميرس روسو و «المونسينيور» هوسّيه ميس واقفَين في جو ودِّي وجها لوجه.‏ وتحت الصورة ظهر التعليق:‏ «منح المونسينيور هوسّيه ميس،‏ السفير الرسولي لقداسته،‏ مانفريدو راميرس روسو،‏ مدير عام الشؤون الدينية في وزارة التربية،‏ وسام شرف برتبة ‹القديس ڠريڠوريوس الكبير›،‏ اعترافا بالخدمات المقدَّمة للكنيسة الكاثوليكية».‏

وبعد ان فُرض الحظر،‏ جرت اعتقالات لشهود يهوه في اماكن كثيرة.‏ فكانوا يُسجنون عندما يُلقى القبض عليهم وهم يعقدون اجتماعات صغيرة في بيوت خاصة،‏ وهم ذاهبون الى البيوت لإخبار الآخرين برسالة الرجاء المؤسسة على الكتاب المقدس،‏ وهم يديرون دروسا في الكتاب المقدس مع المهتمين في بيوتهم.‏

وبين ٨ و ١١ تشرين الاول سنة ١٩٨١،‏ سُجن تسعة اخوة في اينكارناسيون.‏ وعندما طلب انطونيو پيرِييرا،‏ شيخ محلي لم يكن قد اعتُقل،‏ ان يتكلم مع رئيس الشرطة،‏ يوليو انطونيو مارتينيس،‏ ليتحقق من سلامة الاخوة في السجن،‏ امر رئيس الشرطة باعتقاله ثم سجَنه في زنزانة ذات حراسة مشدَّدة.‏ في هذه الاثناء،‏ ذهب جوزف تسيلنر،‏ من جماعة مجاورة،‏ الى بيت والدة اول اخ سُجن ليستطلع ما يحدث.‏ ولا بد ان شخصا ابلغ الشرطة،‏ فصار في غضون عشر دقائق برفقة الشرطة في الطريق الى سجن اينكارناسيون!‏

إضرام لهيب الاضطهاد

بعد سنوات قليلة من فرض الحظر،‏ توقفت الاعتقالات.‏ وابتدأ الاخوة تدريجيا باستعمال قاعات ملكوتهم وبعقد محافل صغيرة.‏ لكنَّ كل ذلك توقف فجأة سنة ١٩٨٤ عندما اعلنت صحيفة محلية ان اربعة تلاميذ من شهود يهوه طُردوا من المدرسة المهنية التقنية في آسنْسيون لأنهم لم ينشدوا النشيد الوطني.‏ فأشعل ذلك لهيب حملة اكبر ايضا ضد شهود يهوه.‏ وعلى اثر هذا الاعلان،‏ طُرد تقريبا كل اولاد المدارس الذين هم من شهود يهوه.‏ وكثيرون من هؤلاء الاولاد لم يتمكنوا قط من العودة الى المدرسة.‏

ومن ٢ الى ٥ ايار من تلك السنة،‏ نشرت الصحيفة اوي (‏اليوم،‏ بالاسپانية)‏ سلسلة من مقالات افترائية كتبها انطونيو كولون،‏ وهو كاهن كاثوليكي.‏ وفي وقت لاحق من تلك السنة،‏ تولّى وزير جديد وزارة التربية والدين،‏ لكنه تابع سياسة سلفه.‏ وبعد ان ادلى بتصريح قومي متأجج،‏ رُفض تسجيل معظم اولاد شهود يهوه في المدرسة للسنة التالية.‏ ولأجل مجموعة من عشرة تلاميذ،‏ ستة منهم كانوا قد طردوا وأربعة رُفض تسجيلهم،‏ رُفع استئناف الى المحاكم من اجل حق شهود يهوه في تعليم اولادهم في النظام المدرسي دون ان يُضطروا الى التخلي عن ايمانهم او عما يمليه عليهم ضميرهم.‏ فكان حكم المحكمة لصالح الشهود.‏ لكنَّ وزارة التربية والدين استأنفت الحكم وأحالت القضية الى المحكمة العليا.‏

واستمر تسليط الاضواء على هذه القضية طوال سنة ١٩٨٥.‏ فدافع بعض محرِّري الاعمدة في الصحف عن وضع شهود يهوه،‏ فيما استمر المسؤولون في الدوائر الرسمية في مهاجمتهم.‏ وفي ٢٣ تموز ١٩٨٥،‏ فيما كان النزاع لا يزال في اوْجه،‏ بُعثت رسالة من المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه الى رئيس پاراڠواي.‏

وبصدور حكم مؤاتٍ من المحكمة الدنيا في قضية اولاد المدارس،‏ شجَّع مكتب الفرع الجماعات على الابتداء مجددا باستخدام قاعات ملكوتهم بشكل علني اكثر.‏ فكان ذلك سيُجبر السلطات على اتِّخاذ موقف اكثر تحديدا —‏ إما ضدنا او يمنحنا حرية اكبر.‏

وفي ٢١ آذار ١٩٨٦،‏ استُدعي منسِّق لجنة الفرع الى مركز الشرطة الرئيسي.‏ «انتم تستخدمون اماكن اجتماعاتكم ثانية وهذا غير مسموح لكم»،‏ هذا كان التحذير المُعطى.‏ فأجاب الاخ ڠاڤيلان:‏ «اسمح لي بأن اذكِّرك ان المرسوم الذي ابطل الاعتراف بنا شرعيا جرى التشكُّك في دستوريته.‏ وهذا الاجراء هو في هذا الوقت قيد البحث من قِبل المحكمة العليا؛‏ والمحكمة لم تصدر بعد قرارا.‏ وبما ان ايّ اجراء يخالف الدستور يعلِّق المرسوم،‏ فلنا الحق،‏ من وجهة النظر القانونية،‏ في ممارسة نشاطاتنا ما دام قرار المحكمة النهائي لم يصدر بعد».‏ فأجاب الشرطي:‏ «لستُ محاميا،‏ لذلك لا استطيع ان اناقشك في هذا.‏ في هذه الحالة اجلب لي لائحة بأماكن اجتماعاتكم وسنرى ما يحدث».‏ فأنهى ذلك المقابلة.‏ وقُدِّمت المعلومات المطلوبة مع الوثيقة التي تعرض اسباب عودة الجمعية الى استعمال قاعاتها.‏ ولم تُقفل قاعات الملكوت ثانية.‏

لكن في ٢٦ شباط ١٩٨٧،‏ حكمت المحكمة العليا برئاسة رئيس القضاة الدكتور لويس ماريا ارڠانيا ضد شهود يهوه في قضية اولاد المدارس.‏ وبين كثيرين من اهل الفكر،‏ اعتُبر هذا قرارا سياسيا،‏ واستنكره كثيرون.‏ فكيف اثَّر كل ذلك في عمل شهود يهوه؟‏

الاستمرار في الكرازة بالبشارة

لم يتوقف عمل المناداة بالملكوت خلال هذه السنوات العصيبة.‏ وفي كانون الثاني ١٩٨٤،‏ بدأ مكتب الفرع بحملة للعمل في المقاطعة المنعزلة بواسطة فاتحين خصوصيين وقتيين.‏ وقد اشترك ثلاثون فاتحا في البرنامج خلال السنة الاولى.‏ وجرت زيارة خمس وسبعين بلدة مختلفة.‏ في ١٤ منها،‏ لم تسمح السلطات المحلية للاخوة بالكرازة.‏ ولكن في اماكن اخرى،‏ عندما كانت توضَّح للسلطات قيمة هذا العمل الروحي،‏ كانوا يزوِّدون الحماية لإخوتنا،‏ وفي بعض الحالات،‏ كانوا يؤمِّنون مكانا للنوم في مركز الشرطة نفسه!‏

ونتيجة هذا النشاط،‏ وُجد مهتمون كثيرون.‏ كتبت امرأة تعيش على بُعد نحو ٢٠٠ كيلومتر (‏١٢٥ ميلا)‏ من آسنْسيون الى مكتب الفرع تطلب مساعدة اضافية بعد ان اعطاها الفاتحون كتاب يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض‏.‏ وعندما وصل زوجان شاهدان استجابة لطلبها،‏ رفعت المرأة عينيها المغرورقتين بالدموع نحو السماء شاكرة يهوه.‏ وعلى الرغم من مقاومة الاقرباء،‏ اصبحت خادمة امينة ليهوه تشهد لجيرانها ومعارفها.‏

نُظِّمت فِرق جديدة من الناشرين وجماعات جديدة في هذه المقاطعات التي كانت سابقا منعزلة.‏ وصارت حملة الفاتحين الخصوصيين الوقتيين ترتيبا سنويا،‏ وهي مستمرة حتى الآن بنتائج مدهشة.‏

الضغط يخفّ

يصير شهود يهوه ونشاطاتهم معروفين اكثر في الداوئر الرسمية.‏ وقد استمرت الجهود لمساعدة الرسميين على نيل فهم اوضح لعمل شهود يهوه الى ان مُنحت اخيرا موافقة شفهية على عقد محفل عام في ٢١ و ٢٢ آذار ١٩٨٧ في مركز المحافل الذي يملكه شهود يهوه.‏

وكم كان يوما مفرحا للاخوة!‏ فقد عانق الاخوة والاخوات بعضهم بعضا والدموع تملأ عيونهم.‏ فبعد تسع سنوات من الضغط،‏ التوتر،‏ الضياع،‏ والاضطهاد المباشر،‏ كانت هذه اول مرة يتمكنون فيها من الاجتماع معا للعبادة بحرية في پاراڠواي.‏ وكان بين الحضور مندوبون من الارجنتين،‏ اورڠواي،‏ و البرازيل،‏ كانوا قد دُعوا الى هذه المناسبة الخصوصية.‏ فكان ذلك الضربة القاضية لتأثير الحظر.‏

الاعتراف الشرعي ثانية

كانت پاراڠواي تواجه اوقاتا من التغيير.‏ والتوتر السياسي كان يشتد.‏ وأخيرا،‏ في ليلة ٢ شباط ١٩٨٩،‏ سُمع دويّ الاسلحة الثقيلة في آسنْسيون.‏ لقد اندلعت الثورة!‏ وحكومة ألفريدو ستروسنر العسكرية سقطت في اليوم التالي.‏

بُذلت في الحال جهود للحصول مجددا على اعتراف شرعي.‏ وأخيرا،‏ جرت الموافقة على الطلب في ٨ آب ١٩٩١.‏ وكم كان يوما سعيدا لشعب يهوه في پاراڠواي!‏

وفي ٢٠ حزيران ١٩٩٢،‏ صار دستور جديد ساري المفعول.‏ وتضمَّن مواد مهمة تُعنى بحقوق الانسان،‏ مثل حرية الاجتماع،‏ حرية الاعتراض بسبب الضمير،‏ حرية الدين والايديولوجية،‏ وإلغاء دين الدولة.‏ فزوَّدت هذه التحسينات وغيرها راحة مرحَّبا بها.‏

المُضيّ في العمل!‏

كان لا يزال هنالك الكثير من العمل لإنجازه في الكرازة بالبشارة في پاراڠواي.‏ وفي سنة ١٩٧٩،‏ عندما فُرض الحظر،‏ كان هنالك ٥٤١‏,١ مناديا بالملكوت في پاراڠواي.‏ وفي السنة التي استُعيد فيها الاعتراف الشرعي،‏ قدَّم ٧٦٠‏,٣ شخصا تقريرهم.‏ وهنالك الآن اكثر من ٢٠٠‏,٦ شخص.‏ لكنَّ نسبة الناشرين الى عدد السكان لا تزال ١ الى ٨١٧.‏ فماذا يمكن انجازه بعد للوصول الى الناس؟‏

كل سنة يُرسَل بانتظام فاتحون خصوصيون للشهادة في بلدات لا توجد فيها جماعات.‏ لكنَّ ٤٩ في المئة من السكان يعيشون في المناطق الريفية.‏ وفي سنة ١٩٨٧،‏ جهَّز الفرع شاحنة بكل الامور الاساسية الضرورية لجعلها ملائمة كمقطورة للفاتحين الخصوصيين.‏ ولعشر سنوات الآن،‏ تُستخدم للوصول الى المقاطعات الريفية التي لم تغطها الجماعات او الفاتحون الخصوصيون الوقتيون.‏ وبهذه الطريقة تنتشر مياه الحياة في مناطق واسعة من البلد.‏

وبُذل ايضا جهد خصوصي للشهادة للناس الذين يعيشون على طول الانهر.‏ فغالبا ما يكون المركب اتصالهم المادي الوحيد بباقي العالم.‏ لذلك،‏ بحلول سنة ١٩٩٢ كانت الجمعية قد بنت مركبا يتسع لأربعة اشخاص.‏ فبدأوا بحملة منظَّمة للبحث عن المشبهين بالخراف على طول ضفاف الانهر.‏ وقد سُمِّي المركب على نحو ملائم الفاتح.‏

‏«بعبور نهر پاراڠواي»،‏ يكتب الاخ المسؤول عن الفريق،‏ «وصلنا الى پورتو فونسييري،‏ التي تبعد عن آسنْسيون ٤٨٣ كيلومترا (‏٣٠٠ ميل)‏،‏ وابتدأنا بالكرازة من بيت الى بيت.‏ وأثناء محادثة مع امرأة مسنة،‏ ذكرنا ان اللّٰه قال انه سيُزيل كل الشر،‏ وأننا كشهود ليهوه نُخبر الناس بأن اللّٰه سيفعل ذلك بواسطة ملكوته.‏ وإذ قاطعت المرأة المحادثة،‏ التفتت الى حفيدتها وقالت لها ان تنادي جدها وتخبره بأن ‹جماعته› قد وصلوا.‏ وبعد قليل اتى الجد،‏ وهو رجل في سبعيناته.‏ كان يتصبب عرقا،‏ لأنه كان يعمل في مزرعته.‏ حيّانا تحية حارة،‏ وبعينين تملأهما الدموع،‏ شكر اللّٰه لأننا وصلنا اخيرا.‏ وقال انه كان ينتظر زيارتنا منذ وقت طويل.‏ وبشيء من الحيرة،‏ طلبنا توضيحا.‏ فأجاب ان قائدا عسكريا من جزيرة پينيا ايرموسا اعطاه كتابا مقدسا وكتاب ‹‏امور لا يمكن ان اللّٰه يكذب فيها›.‏ وقد وضع القائد علامة على عدة آيات من الكتاب المقدس،‏ مثل مزمور ٣٧:‏١٠،‏ ١١،‏ ومزمور ٨٣:‏١٨‏،‏ واخبره انه يوما ما سيصل شهود يهوه الى بيته ليخبروه المزيد عن مقاصد يهوه.‏ فبوشر على الفور درس في الكتاب المقدس».‏

غطّى المركب حتى الآن،‏ مرتين على الاقل،‏ كل المقاطعة على طول ضفاف نهر پاراڠواي من الحدود البوليڤية في الشمال الى الحدود الارجنتينية في الجنوب،‏ مسافة مجموعها نحو ٢٦٠‏,١ كيلومترا (‏٧٨٥ ميلا)‏.‏

عمَّال غيورون يشتركون في الحصاد

عندما اوصى يسوع تلاميذه في القرن الاول،‏ حثهم:‏ «اطلبوا من رب الحصاد ان يرسل فعلة الى حصاده».‏ (‏متى ٩:‏٣٨‏)‏ وقد عمل شهود يهوه العصريون وفق ذلك،‏ والرب ارسل فعلا عمَّالا غيورين كثيرين الى الحقل ليشتركوا في الحصاد الروحي في پاراڠواي.‏

ومن سنة ١٩٤٥ حتى الآن،‏ خدم ١٩١ مرسلا في پاراڠواي.‏ و٦٠ منهم يخدمون في البلد منذ عشر سنوات او اكثر (‏بمن فيهم ٢٢ يخدمون كمرسلين لكنهم ليسوا متخرجين من جلعاد)‏،‏ وفي الوقت الحاضر،‏ يخدم هنا ٨٤ مرسلا.‏ وفي المناطق حيث ركَّزوا نشاطهم في كل انحاء الجزء الشرقي من پاراڠواي،‏ يوجد الآن ٦١ جماعة متقدِّمة.‏

وللمساعدة على تقديم شهادة في هذا البلد حيث نسبة عدد السكان الى الشهود لا تزال ٨١٧ الى ١،‏ عيَّنت فروع مجاورة بعض الفاتحين الخصوصيين ليخدموا هنا.‏ وانتقل شهود آخرون ايضا الى پاراڠواي من بلدان كثيرة.‏ فأتوا من اماكن مثل:‏ الارجنتين،‏ اسپانيا،‏ المانيا،‏ انكلترا،‏ اورڠواي،‏ ايطاليا،‏ البرازيل،‏ بوليڤيا،‏ تشيلي،‏ الدانمارك،‏ السويد،‏ سويسرا،‏ فرنسا،‏ فنلندا،‏ كندا،‏ لوكسمبورڠ،‏ النمسا،‏ والولايات المتحدة.‏ وقد استخدموا مواردهم وقدراتهم بطرائق كثيرة لتقدُّم عمل المناداة بالملكوت.‏ وخدم البعض في مقاطعة مدينية؛‏ وآخرون يواصلون خدمتهم في بلدات وقرى حيث الظروف المعيشية بدائية جدا.‏ ومعظمهم من الفاتحين.‏ وقد ساعد البعض على بناء قاعات الملكوت وتسهيلات الفرع.‏

على مرّ السنين،‏ استقبلت پاراڠواي مهاجرين من اصول قومية مختلفة.‏ فالمهاجرون الالمان،‏ الپولنديون،‏ الروس،‏ الأوكرانيون،‏ اليابانيون،‏ والكوريون استقروا بأنحاء مختلفة من البلد.‏ وهؤلاء ايضا يتلقون الشهادة من مرسلين ومن شهود آخرين انتقلوا الى پاراڠواي.‏

ولكن ماذا عن الناس الذين يتكلمون الڠْوارانية؟‏ انهم يشكِّلون ٩٠ في المئة من السكان.‏ ووفقا لاستطلاع حديث،‏ فإن ٣٧ في المئة من الپاراڠوايين يتكلمون فقط الڠْوارانية.‏ والشهود المحليون يقومون بمعظم العمل بين هؤلاء الناس،‏ ويسعدهم الحصول على كراسات بالڠْوارانية لمساعدتهم على اتمام العمل.‏

وبين الشهود المحليين يوجد بعض الذين قضوا سنوات كثيرة في الخدمة كامل الوقت.‏ ساعدت إدولفينا دي يندي،‏ خلال سنواتها الـ‍ ٣٦ كفاتحة خصوصية،‏ ٧٨ شخصا على بلوغ مرحلة الانتذار والمعمودية.‏ وتبتهج هي وزوجها بوجود خمس جماعات مزدهرة حيث خدما.‏ وساعدت ايضا ماريا شاڤيز كثيرين خلال سنواتها الـ‍ ٣٩ في الخدمة كفاتحة خصوصية.‏

وآلاف آخرون ليسوا فاتحين لا يزالون غيورين في خدمة يهوه.‏ وكثيرون منهم يقطعون مسافات طويلة ليحضروا الاجتماعات وأيضا ليقدِّموا شهادة شاملة في مقاطعتهم الريفية.‏ وكثيرا ما يتركون البيت قبل الفجر للذهاب الى مقاطعتهم،‏ وهم يحملون معهم غالبا كمية كافية من «حساء پاراڠواي» (‏طعام جاف)‏ او ربما كمية من الرُّقاق وجذور اليوكا.‏ ونحو الساعة السابعة،‏ يكونون مستعدين للابتداء بالشهادة،‏ ويستمرون حتى المغيب تقريبا.‏ وعندما يرجعون الى البيت،‏ يكونون متعبين لكن سعداء ببذل انفسهم في اخبار الآخرين عن يهوه وقصده الرائع.‏

العطاشى ‹يأخذون ماء حياة مجانا›‏

كما أَنبأت الاسفار المقدسة،‏ تُقدَّم الدعوة الى كل مَن يرغب في ان «يأخذ ماء حياة مجانا».‏ (‏رؤيا ٢٢:‏١٧‏)‏ وآلاف الذين قبلوا هذه الدعوة موجودون في پاراڠواي.‏

ومن بينهم إرينيا.‏ لقد نشأت كاثوليكية رومانية وكانت مؤمنة غيورة بتقاليد الكنيسة والخرافات الدينية.‏ وكانت تخشى كثيرا الموتى ونار الهاوية.‏ كانت تؤمن بالفؤول ويشتد خوفها عندما ترى او تسمع ما كانت تفسره أنه فأل شرير.‏ وطوال ٢٠ سنة عاشت في خوف كهذا.‏ ثم في سنة ١٩٨٥،‏ بدأت تدرس الكتاب المقدس مع شهود يهوه.‏ وإذ تقدَّم الدرس،‏ انعشتها مياه الحق كثيرا وأثارت في داخلها الرغبة في العيش الى الابد في الفردوس المُنبإ به في كلمة اللّٰه.‏

في سنة ١٩٩٦،‏ ثمة امرأة تدعى ايسابيل،‏ في بلدة كاراپيڠوا،‏ ذاقت هي ايضا ماء الحياة.‏ غير ان ما رأته في كتاب المعرفة التي تؤدي الى الحياة الابدية لم يتَّفق مع معتقداتها،‏ لذلك طلبت من الشهود ألَّا يعودوا ثانية.‏ لكنها قرأت الكتاب وحدها،‏ تكلمت الى جيرانها عنه،‏ وعندما رأت مجددا شاهدا،‏ كان هنالك اشخاص في اربع عائلات يتوقون الى تعلُّم المزيد.‏ وكان قد فتر اهتمام معظمهم تحت ضغط من الكارز الخمسيني،‏ لكنَّ شهادة حسنة قُدِّمت،‏ وأول امرأة شهدت لها بالاضافة الى احدى الجارات،‏ استمرتا في الاستفادة من الحقائق المانحة الحياة.‏

عندما أُعطيت مياه الحق اولا الى ديونيسيو وآنا،‏ كانا يعيشان معا دون زواج ككثيرين غيرهم،‏ وكان قد مرّ على ذلك ٢٠ سنة.‏ بدأ ديونيسيو وابنته الكبرى بالدرس مع شهود يهوه سنة ١٩٨٦؛‏ أما آنا والابنتان الاخريان فقد قاومن.‏ وقد توسلت آنا الى الشاهد ان يتوقف عن التحدث الى ديونيسيو،‏ هدَّدت بقتل الشاهد،‏ قالت انها ستتصل بالشرطة،‏ واستشارت راهبة كاثوليكية.‏ ثم لجأت آنا الى محكمة الاحداث بحجة ان درس الكتاب المقدس يعرِّض ابنتها الكبرى للخطر.‏ وعندما علمت القاضية ان ديونيسيو كان في الواقع يعيل اسرته بشكل ملائم،‏ أوصت آنا بأن تفحص الكتاب المقدس مع ديونيسيو.‏ فاعترضت آنا قائلة ان صديقتها الراهبة حذرتها من ان الشهود يقومون بأمور فاسدة ادبيا في اجتماعاتهم.‏ فطمأنتها القاضية ثم قالت:‏ «نحن الكاثوليك نقول اننا نعرف الكتاب المقدس،‏ لكننا في الواقع لا نعرف شيئا.‏ شهود يهوه يدرسون الكتاب المقدس.‏ وأقترح ان تفحصي انت ايضا الكتاب المقدس».‏ ثم اوصت القاضية بأن تتزوج آنا ديونيسيو.‏

وإذ ادهشها ذلك،‏ زارت آنا الراهبة ثانية وطلبت منها ان تدرس الكتاب المقدس معهم.‏ فأجابت الراهبة ان ذلك ليس ضروريا.‏ وعلاوة على ذلك،‏ حثَّت آنا ألَّا تتزوج ديونيسيو،‏ مع انها في الماضي عندما كان ديونيسيو يعترض على الزواج بآنا،‏ كانت الراهبة تكرر على مسمع من آنا انه يجب ان تتزوجه.‏ وبعد ذلك بوقت قصير،‏ مرض والد آنا على نحو خطير.‏ فزوَّد الشهود المحليون الكثير من المساعدة للعائلة.‏ وتبيَّن ان ذلك كان نقطة تحول بالنسبة الى آنا.‏ فبدأت تدرس،‏ وتزوجت ديونيسيو.‏ والآن،‏ بعد مرور عشر سنوات تقريبا،‏ يخدم ديونيسيو كشيخ،‏ وتخدم كامل عائلته يهوه بغيرة.‏

تبلغ المثابرة الحبية قلوب الكثيرين في پاراڠواي.‏ ففي منطقة سان لُرَنزو،‏ مثلا،‏ كانت هنالك جماعة واحدة فقط سنة ١٩٨٢.‏ وعلى الرغم من الحظر،‏ اشترك ناشرون كثيرون في خدمة الفتح؛‏ ونتيجة لذلك،‏ بدأت مقاطعة الجماعة،‏ التي شملت مدنا مجاورة،‏ تُخدم بانتظام.‏ وقد بارك يهوه غيرتهم.‏ وتوجد الآن تسع جماعات في تلك المنطقة.‏ ويشعر ڤيرنر أپنزلر وزوجته أليس بأن النمو الذي رأياه وهما يخدمان في تلك المنطقة كان سببا لفرحهما الاعظم خلال ٤٠ سنة من الخدمة في پاراڠواي.‏

ان نموا كهذا يستمر،‏ ليس فقط في منطقة واحدة،‏ بل في كل انحاء البلد.‏ ففي سنة ١٩٩٦،‏ دُشِّنت تسهيلات الفرع الجديدة الرائعة في موقع يبعد نحو عشرة كيلومترات (‏٦ اميال)‏ عن آسنْسيون.‏ وهنالك قاعات ملكوت في انحاء كثيرة من البلد،‏ وتُعقد فيها بانتظام اجتماعات لتعليم الكتاب المقدس.‏ وشهود يهوه يستمرون في زيارة الناس في بيوتهم والتحدث اليهم في الشوارع.‏ وهم يقدِّمون بغيرة لأُناس من كل الانواع الدعوة ان «يأخذوا ماء حياة مجانا».‏

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٢١٠]‏

‏[الصورة في الصفحة ٢١٣]‏

شارك هوان مونييس في ادخال رسالة الملكوت الى پاراڠواي

‏[الصورة في الصفحة ٢١٧]‏

هوليان حداد،‏ احد اوائل الذين قبلوا حق الكتاب المقدس في پاراڠواي

‏[الصورة في الصفحة ٢١٨]‏

لا تزال هوڤيتا بريسويلا التي اعتمدت سنة ١٩٤٦ فاتحة خصوصية

‏[الصورة في الصفحة ٢١٨]‏

تخدم سيباستيانا ڤاسكويس يهوه منذ سنة ١٩٤٢

‏[الصورة في الصفحة ٢٢٢]‏

خدم وليَم شيلينڠر في پاراڠواي كمرسل طوال ٤٠ سنة،‏ حتى مماته

‏[الصورة في الصفحة ٢٣٠]‏

ڤيرنر أپنزلر وزوجته أليس،‏ مرسلان في پاراڠواي طوال ٤٠ سنة

‏[الصورة في الصفحة ٢٣٣]‏

مسرورون بقاعة ملكوتهم (‏في آسنْسيون)‏ —‏ اول قاعة بناها الشهود وامتلكوها في پاراڠواي

‏[الصورتان في الصفحة ٢٣٥]‏

مركز المحافل لشهود يهوه

‏[الصورة في الصفحة ٢٣٧]‏

الشهادة لحصّاد قصب سكر في ڤياريكا

‏[الصورة في الصفحة ٢٤٣]‏

قاعة ملكوت فرناندو دي لا مورا (‏نورته)‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٤٣]‏

قاعة ملكوت ڤيستا آليڠري (‏نورته)‏،‏ آسنْسيون

‏[الصور في الصفحتين ٢٤٤،‏ ٢٤٥]‏

عمَّال غيورون من بلدان كثيرة اتوا الى پاراڠواي ليشاركوا في تقديم شهادة:‏ (‏١)‏ كندا،‏ (‏٢)‏ النمسا،‏ (‏٣)‏ فرنسا،‏ (‏٤)‏ البرازيل،‏ (‏٥)‏ كوريا،‏ (‏٦)‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ (‏٧)‏ بلجيكا،‏ (‏٨)‏ اليابان،‏ (‏٩)‏ المانيا

‏[الصورة في الصفحة ٢٤٦]‏

المركب «إلـ‍ پِيونيرو» في نهر پاراڠواي

‏[الصور في الصفحة ٢٥١]‏

بيت ايل ومكتب الفرع في پاراڠواي،‏ قرب آسنْسيون،‏ والذين يخدمون هناك

‏[الصور في الصفحة ٢٥٢]‏

لجنة الفرع (‏من الاعلى الى الاسفل)‏:‏ تشارلز ميلر،‏ ڤيلْهَلْم كستن،‏ إسحاق ڠاڤيلان