الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

بريطانيا

بريطانيا

بريطانيا

انبسط حكم الامبراطورية البريطانية على العالم عندما كانت في اوجها.‏ وفي عهد الملكة ڤيكتوريا (‏١٨٣٧-‏١٩٠١)‏،‏ قيل انّ «الشمس لا تغيب» عن حيِّز سيادتها.‏ ولكن في القرن العشرين،‏ استُبدِلت هذه الامبراطورية العظيمة بكومنولث الامم.‏

كم كبير هو الكومنولث؟‏ انه يغطي تقريبا ربع مساحة اليابسة على الارض ويضم حوالي ربع عدد سكانها.‏ والأعضاء الـ‍ ٥٣ في الكومنولث هم مستقلّون سياسيا،‏ غير انهم يعترفون بأن ملكة بريطانيا هي الرأس الرمزي لرابطتهم الثقافية والاقتصادية.‏

وفي السنوات الـ‍ ٥٠ الماضية،‏ حوَّل المهاجرون من هذه البلدان وغيرها بريطانيا نفسها الى مجتمع يتألف من ٥٨ مليون ساكن تقريبا اتوا من انحاء كثيرة من العالم.‏

امّة متعددة العروق والاديان

في ٢٢ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٤٨،‏ رسَت إمپاير وِندرَش،‏ سفينة مصمَّمة اصلا لنقل الجنود،‏ في مرفإ تيلبوري قرب لندن.‏ ووطئ الشاطئ ٤٩٢ جامايكيا،‏ اول دفعة من الربع مليون مهاجر كاريبي.‏ امتلك هؤلاء الاشخاص النشاطى والسعداء من جزر الهند الغربية احتراما مخلصا للكتاب المقدس.‏ لكنهم صُدِموا عندما اكتشفوا انّ كثيرين من البريطانيين لم يعودوا يمارسون ايمانا عميقا باللّٰه.‏ فماذا كان سبب هذا التغيير؟‏ كان الناس مشمئزين من تورط الدين في المجازر العديمة الجدوى التي حدثت اثناء الحربين العالميتين.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ ضعف الايمان بالكتاب المقدس على نحو خطير بسبب النقّاد الذين ادّعوا انّ العلم يتعارض مع الدين.‏

ومنذ ستينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ توافدت جموع من الهند،‏ پاكستان،‏ ومؤخرا من بنڠلادش الى بريطانيا.‏ وفي سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ التجأ اليها عدد كبير من الآسيويين الذين كانوا يسكنون في افريقيا الشرقية.‏ ومن خارج الكومنولث،‏ قدِم اليونانيون والقبارصة الأتراك،‏ وأيضا الپولنديون والأوكرانيون.‏ وبعد ثورة سنة ١٩٥٦ في هنڠاريا،‏ فرَّ منها ٠٠٠‏,٢٠ لاجئ وأتوا الى بريطانيا.‏ وقد استقرّ فيها مؤخرا ڤيتناميّون،‏ اكراد،‏ صينيّون،‏ اريتريّون،‏ عراقيّون،‏ ايرانيّون،‏ برازيليّون،‏ كولومبيّون،‏ وغيرهم.‏ وفي اواسط تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان ٦ اشخاص من كل ١٠٠ مقيم في بريطانيا ينتمون الى احدى الأقليات العرقية.‏

لا يتضح ذلك في اي مكان اكثر مما في لندن،‏ عاصمة بريطانيا.‏ فالزوّار الذين يمشون في الشوارع،‏ يتنقّلون بالباصات ذات الطابقَين،‏ او يركبون القطارات النفقية سرعان ما يلاحظون الخليط المتعدِّد العروق للمقيمين في المدينة.‏ وفي الواقع،‏ اتى ربع سكان لندن تقريبا من وراء البحار.‏ وهذا التنوّع ينعكس في المدارس التي صارت تقدِّم للاولاد ثقافة تلائم تفضيلات دينية شتّى،‏ بينها المسيحية،‏ الاسلام،‏ والهندوسية.‏ وهذا لا يعني انّ بريطانيا متديِّنة جدا.‏ بالعكس،‏ تتخذ الاكثرية الساحقة من سكان بريطانيا نظرة دنيوية ومادية جدا الى الحياة في الوقت الحاضر.‏

بالتباين مع ذلك،‏ هنالك اكثر من ٠٠٠‏,١٢٦ شاهد ليهوه في بريطانيا.‏ وقد اتوا هم ايضا من خلفيات متنوعة.‏ ولكنهم يؤمنون ايمانا راسخا باللّٰه لا كإله بلا اسم،‏ بل بصفته يهوه الذي يدعو بحرارة الناس من كل الخلفيات القومية الى السلوك في طرقه والاستفادة من تطبيق مشورته الحبية.‏ (‏خروج ٣٤:‏٦؛‏ اشعياء ٤٨:‏١٧،‏١٨ ؛‏ اعمال ١٠:‏٣٤،‏٣٥ ؛‏ كشف ٧:‏٩،‏ ١٠‏)‏ يعترف شهود يهوه بأن الكتاب المقدس هو كلمة اللّٰه الموحى بها.‏ ويملكون ايمانا عميقا بتدبير اللّٰه للخلاص بواسطة يسوع المسيح.‏ وتتمحور آمالهم للمستقبل حول ملكوت اللّٰه وتعليم الكتاب المقدس انّ قصد اللّٰه هو ان تصبح الارض فردوسا.‏ (‏تكوين ١:‏٢٨؛‏ ٢:‏٨،‏٩ ؛‏ متى ٦:‏١٠؛‏ لوقا ٢٣:‏٤٣‏)‏ انهم يعلنون بغيرة هذه البشارة للآخرين،‏ ويشتهون بشوق ان ‹يفعلوا كل شيء لأجل البشارة› ليتمكنوا من إخبار الآخرين بها.‏ —‏ ١ كورنثوس ٩:‏٢٣؛‏ متى ٢٤:‏١٤‏.‏

فكيف ابتدأ نشاط شهود يهوه في هذا الجزء من العالم؟‏

إخبار الآخرين

في العقدين الاخيرين من القرن الـ‍ ١٩،‏ كانت بريطانيا في غمرة التحضُّر.‏ فقد تدفّق الناس من قرى الريف في انكلترا،‏ اسكتلندا،‏ وويلز الى البلدات والمدن.‏ وانضم الى الحرفيين التقليديين عمال كثيرون عديمو او متوسطو المهارة.‏ وبعد سنة ١٨٧٠،‏ اشار التثقيف المدرسي الإلزامي الى اقتراب عصر تتوفر فيه المعرفة بسهولة لعدد اكبر من الناس.‏

في سنة ١٨٨١،‏ قدِم من الولايات المتحدة الاميركية ج.‏ سي.‏ سندرلِين و ج.‏ ج.‏ بِندر،‏ عشيران حميمان لتشارلز ت.‏ رصل الذي كان آنذاك يأخذ القيادة في عمل جمعية برج المراقبة.‏ لقد جلبا رسالة حسَّنت حياة الآلاف في بريطانيا.‏ وإذ بدأ احدهما العمل في اسكتلندا،‏ والآخر في انكلترا،‏ وزّعا المطبوعة المحرِّكة للقلب طعام للمسيحيين المفكرين (‏بالانكليزية)‏.‏ وفي لندن،‏ قبِل طوم هارت،‏ عامل تحويل في السكة الحديدية،‏ نسخة من هذه المطبوعة فيما كان عائدا الى بيته باكرا ذات صباح.‏ وما قرأه اثار اهتمامه وأدّى الى مناقشات عديدة حول رجوع المسيح.‏ ودفعه ما تعلّمه الى الاشتراك بحماسة مع زوجته وزملائه في العمل في المعرفة التي وجدها حديثا.‏ وسرعان ما ابتدأ هذا الفريق الصغير،‏ الذي صار يُعرَف بتلاميذ الكتاب المقدس،‏ بتوزيع النشرات على المارّة في الجوار.‏ وتشكّلت فرَق مماثلة في مدن اخرى في كل انحاء بريطانيا.‏ وكانوا جميعا توّاقين الى نشر حقائق الكتاب المقدس.‏

في سنة ١٨٩١،‏ عندما قام ت.‏ ت.‏ رصل شخصيا بزيارته الاولى لبريطانيا،‏ دفع الاهتمام برسالة الكتاب المقدس نحو ١٥٠ شخصا في لندن وعددا مماثلا في ليڤرپول الى حضور خطاب موضوعه:‏ «اخرجوا منها،‏ يا شعبي»،‏ اي اخرجوا من الاديان التي تحمل سمة بابل القديمة.‏ (‏كشف ١٨:‏٤‏)‏ وذكر الاخ رصل:‏ «انكلترا،‏ ايرلندا،‏ واسكتلندا هي حقول جاهزة ومنتظرة ان تُحصَد».‏ وتبيّن انّ عمل إخبار الآخرين بالبشارة مثمر،‏ ومع بداية القرن الـ‍ ٢٠ كانت قد تشكّلت عشر جماعات مسيحية صغيرة.‏ ولذلك اسّست جمعية برج المراقبة مكتبا لها في لندن بغية جعل الطعام الروحي في شكل مطبوعات للكتاب المقدس يتوفَّر بسهولة للجماعات.‏

اول مكتب فرع

في سنة ١٩٠٠،‏ وصل إ.‏ سي.‏ هينِنڠس،‏ عشير حميم آخر لـ‍ ت.‏ ت.‏ رصل،‏ الى ميناء ليڤرپول في المنطقة الشمالية الغربية من انكلترا وانتقل الى لندن بحثا عن مكان يستأجره لاستخدامه كمستودع مطبوعات.‏ وفي ٢٣ نيسان (‏ابريل)‏ حصل على عقار في ١٣١ جِپسي لاين،‏ فورست ڠايت،‏ في المنطقة الشرقية من لندن.‏ فبدأ اول مكتب فرع لجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس يعمل هناك.‏ والآن،‏ بعد مرور قرن،‏ هنالك اكثر من ١٠٠ مكتب فرع كهذا في مواقع مهمة من العالم.‏

وفي ٣٠ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩١٤،‏ أُنشئت في لندن اداة قانونية جديدة لهيئة يهوه في بريطانيا —‏ جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم.‏ كان فرع بريطانيا يهتم آنذاك بعمل الملكوت في كل الجزر البريطانية،‏ بما فيها ايرلندا.‏ ولكن منذ سنة ١٩٦٦،‏ باتت ايرلندا بكاملها تحت اشراف فرع منفصل أُقيم اولا في دَبْلِن ويقع الآن في جنوبها.‏

انتقالات الى اماكن اخرى حول العالم

لم يقتصر اهتمام الاخوة في بريطانيا على الحقل البريطاني.‏ فقد علموا انّ يسوع المسيح انبأ بالكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه في كل المسكونة قبل ان تأتي النهاية.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ وفي عشرينات وأوائل ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ سعى اخوة كثيرون من بريطانيا الى توسيع حقل كرازتهم بالانخراط في العمل الارسالي في بلدان اخرى.‏ فكان هذا الانتقال ذا اهمية كبيرة،‏ وبارك يهوه روح التضحية بالذات التي تحلوا بها.‏

في سنة ١٩٢٦،‏ غادر أدوين سكينر مدينة شَفيلد في الجزء الشمالي من انكلترا ليخدم في الهند.‏ وقد ساعده اتِّضاعه ان يثابر على القيام بذلك التعيين مدة ٦٤ سنة حتى وفاته سنة ١٩٩٠.‏ اما الاسكتلندي وليَم داي،‏ مفتِّش الضرائب الثري جدا،‏ المحب والذي لا يُنسى،‏ فقد تخلّى عن مركزه ومرتَّبه كليهما ليصبح مدير مكتب فرع الجمعية الجديد في شمال اوروپا،‏ الذي كان مقرّه كوپنهاڠن،‏ الدانمارك.‏ وبُعيد ذلك،‏ قبِل فْرِد ڠايبلر دعوة الاخ داي وسافر الى ليتوانيا لينضمّ اليه هناك پِرسي دَنهام الذي ذهب لاحقا الى لاتڤيا ليخدم هناك.‏ وأشرف والاس باكستر على العمل في أستونيا.‏ اما كلود ڠودمان،‏ رون تيپين،‏ راندَل هوپلي،‏ جيرالد ڠارارد،‏ وكلارنس تايلور،‏ وحشد غيرهم من البريطانيين،‏ فقد افتتحوا العمل في آسيا.‏ وخدم جورج فيلپس،‏ اخ اسكتلندي آخر،‏ سنوات كثيرة في جنوب افريقيا.‏ وعمل روبرت وجورج نيزبِت،‏ وهما من اسكتلندا ايضا،‏ كفاتحَين في شرق وجنوب افريقيا.‏

شهود بواسل يساعدون في اوروپا

في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ لبّى فاتحون بريطانيون كثيرون الدعوة الى المساعدة على نشر البشارة في بلجيكا،‏ فرنسا،‏ اسپانيا،‏ والپرتغال.‏ وكان بينهم جون وإيريك كوك.‏

يتذكر آرثر وآني كرَدجين نشاطهما حيث لم تكن توجد جماعات في جنوب فرنسا.‏ فقد انضما الى اخوة پولنديين اظهروا غيرة وضيافة كبيرتين.‏ تتذكر آني الوقت حين دعوَا الاخوة الى حيث كانا يمكثان بفندق اوروپا الكبير Le Grand Hôtel de l’Europe في بلدة ألبي.‏ وقد كتبت لاحقا:‏ «ربما كان البناء فخما ايام ناپوليون»،‏ لكنّ تألقه اضمحلّ.‏ وتابعت:‏ «وصل الفريق بعد ظهر يوم الاحد،‏ وتمتعنا بدرس رائع لـ‍ برج المراقبة.‏ كان هنالك خمس جنسيات مختلفة لدى كلٍّ منها المجلة بلغتها الخاصة،‏ وكانت وسيلة الاتصال المشتركة ‹اللغة الفرنسية غير المتقنة›.‏ فكنا نقرأ الفقرة في مجلتنا بالتناوب ونشرح ما قرأناه بلغتنا الفرنسية الضعيفة.‏ ولكن كم كان الوقت الذي قضيناه مبهجا!‏».‏

من المحزن انّ هذه الاوقات السعيدة في الخدمة الاجنبية لم تدُم.‏ فقد بقي جون كوك،‏ الذي كان آنذاك في منطقة جنوبي فرنسا،‏ بقدر ما استطاع.‏ واخيرا غادرها وأُجلي الى انكلترا قبل وصول الدبابات الالمانية مباشرة.‏ وقد ادّى نشوب الحرب العالمية الثانية في ١ ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٣٩ الى صراع بين بريطانيا وألمانيا،‏ مما اثر تأثيرا خطيرا في شهود يهوه في بريطانيا وأماكن اخرى.‏

وفيما دخلت الامم حربا شاملة،‏ الواحدة ضد الاخرى،‏ اتخذ شهود يهوه موقفا ثابتا كمسيحيين حياديين.‏ فقد فهموا بوضوح انّ الطاعة للّٰه يجب ان تحتل المكانة الاولى في حياة المرء.‏ (‏اعمال ٥:‏٢٩‏)‏ وبما انهم كانوا يصلّون بإخلاص ان يأتي ملكوت اللّٰه ويعلمون ما قاله يسوع المسيح عن هوية حاكم العالم،‏ فقد اعتقدوا بشكل راسخ انه من الخطإ التحيُّز لفريق او لآخر في صراع بين فئات العالم.‏ (‏متى ٦:‏١٠؛‏ يوحنا ١٤:‏٣٠؛‏ ١٧:‏١٤‏)‏ وأطاع شهود يهوه ما يقوله الكتاب المقدس عن ‹عدم تعلُّم الحرب في ما بعد›.‏ (‏اشعياء ٢:‏٢-‏٤‏)‏ في بادئ الامر،‏ أُعفي البعض منهم في بريطانيا بصفتهم معترضين على الحرب بسبب الضمير.‏ ولكن ادعى لاحقا القضاة ووسائل الاعلام على السواء انّ الناس يصيرون شهودا لتجنب الانضمام الى القوات المسلحة.‏ ونتيجة لذلك،‏ سُجِن نحو ٣٠٠‏,٤ شخص بينهم اخوات عديدات رفضن القيام بأعمال تدعم المجهود الحربي.‏ ولكن بعد الحرب،‏ استمر الشهود يظهرون انّ ما دفعهم كان الرغبة في ارضاء اللّٰه وإعلان ملكوته بصفته الرجاء الوحيد للجنس البشري.‏ (‏مزيد من التفاصيل عن نشاط شهود يهوه في بريطانيا في تلك الايام الباكرة يمكن ايجاده في الكتاب السنوي لعام ١٩٧٣ [بالانكليزية].‏)‏

محفل بلغتين في انكلترا

على مر السنين،‏ كانت المحافل بارزة في حياة شعب يهوه.‏ وفي احدى المناسبات،‏ نُقِلت عبر الراديو من احد المحافل في لندن الى بلدان اخرى كثيرة المحاضرات الرئيسية في المحفل،‏ التي ألقاها رئيس جمعية برج المراقبة.‏ وفي خمسينات وستينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ حضر المحافل في لندن مندوبون من اكثر من ٥٠ بلدا اجنبيا.‏ ولكن كان البرنامج كله يُقدَّم بالانكليزية.‏ وقد تغيّر ذلك سنة ١٩٧١.‏

كانت التحضيرات تجري على قدم وساق استعدادا لمحفل «الاسم الالهي» الكوري الذي كان سيُعقَد في تويكنهام،‏ لندن،‏ تلك السنة.‏ وفي اوروپا،‏ كان الشهود يستعدِّون لحضور محافل بالمحور نفسه.‏ ورغم انّ عمل الملكوت كان لا يزال محظورا في الپرتغال،‏ استعدّ الآلاف هناك للسفر الى تولوز،‏ فرنسا،‏ عبر اسپانيا.‏ وكانوا مبتهجين.‏ ثم وصلت اخبار عن تفشّي الكوليرا في اسپانيا.‏ وكان فقط الملقَّحون ضد الكوليرا يستطيعون السفر عبر ذلك البلد.‏ ولكن لم تتوفّر كمية كافية من اللقاح لكل الذين اتوا من الپرتغال لحضور المحفل.‏ وعندما اشتُبِه في حالة كوليرا في تولوز نفسها،‏ اصدرت السلطات الفرنسية امرا صارما بإلغاء الدخول الى فرنسا.‏ فماذا كان على الاخوة الپرتغاليين ان يفعلوا آنذاك؟‏ قال احد الاخوة:‏ «حسنا،‏ بالامكان الذهاب الى لندن».‏

يتذكر الاخ و.‏ ج.‏ (‏بيل)‏ بُل،‏ ناظر المحفل في تويكنهام المعروف بموقفه الودِّي الهادئ،‏ ما حدث:‏ «شقَّ نحو ٨٠٠ الى ٩٠٠ شخص طريقهم الى بريطانيا،‏ ١١٢ منهم بالطائرة والباقون بالحافلات.‏ وكان لدينا اقل من اسبوع لتجهيز ما يلزم لهذا الحشد المتدفق.‏ وذهب الاخوة الى دوڤر للترحيب بالمندوبين الپرتغاليين الذين وصلوا بالعبَّارات وكان معظمهم يتكلمون الانكليزية قليلا او لا يعرفونها مطلقا».‏ ورُتِّب لإيواء الجميع،‏ بشكل رئيسي في بيوت الاخوة في لندن.‏ وحُوِّلَت خيمة كبيرة تابعة للكفيتيريا الى موقع مناسب للفترات التي تُقدَّم باللغة الپرتغالية.‏ وسرَّ الاخوة الپرتغاليون بأن ينضموا الى اخوتهم البريطانيين لمشاهدة مسرحيات في المحفل مثل يهوه يبارك الاولياء و اجعلوا قصد يهوه طريقكم في الحياة والاستماع الى اجزاء اخرى من البرنامج.‏ وذكرت صحيفة محلية،‏ ميدلْسَكس كرونيكل (‏بالانكليزية)‏،‏ في ١٣ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٧١:‏ «وصولهم جعل من هذا المحفل اوّل محفل للشهود يُعقَد بلغتين في هذا البلد».‏

قدَّم الاخوة الپرتغاليون تقارير مبهجة عن تقدُّم عمل الملكوت في بلدهم.‏ وبعد ذلك خاطب اخ يشرف على العمل في الپرتغال المحتفلين شاكرا الاخوة البريطانيين على ضيافتهم.‏ قال:‏ «قدمتم لنا الكثير،‏ وقتكم،‏ بيوتكم،‏ اهتمامكم،‏ لطفكم،‏ عنايتكم الرقيقة في هذه المدينة الضخمة،‏ ولا سيما محبتكم.‏ ايها الاخوة كونوا على ثقة من انّ لندن ستعيد الينا دائما الذكريات الاكثر سرورا».‏ وعندما عبَّر الاخوة الپرتغاليون عن شكرهم بالترنيم،‏ دمعت كل العيون تقريبا وتأثر جميع الحاضرين كثيرا بتعابير الشكر القلبي.‏

جعلهم يتعرَّفون بعائلة يهوه المحِبة

لزم توجيه الانتباه الى الناس الذين لم تكن الانكليزية لغتهم الاصلية،‏ ولكن ليس فقط اثناء المحفل.‏ فقد كان عدد المهاجرين الى بريطانيا يزداد مما شكَّل تحدِّيا في ما يتعلق بالكرازة بالبشارة.‏ فما العمل؟‏

كان الناشرون الذين يتكلمون الانكليزية يتوقون الى مساعدة الذين اتوا من بلدان اخرى ويتكلمون لغات اخرى.‏ وعندما يكون ممكنا،‏ يحاول الشاهد ان يقدِّم الى صاحب البيت شيئا يقرأه بلغته الخاصة.‏ لكنّ الاتصال كان مشكلة.‏ غير انّ بعض الذين اتوا من الخارج كانوا شهودا ليهوه،‏ مما ساعد على حلّ المشكلة.‏

وفي ستينات الـ‍١٩٠٠ ،‏ انهمك شهود يتكلمون اليونانية اتوا من قبرص في نقل الحق الى آخرين في انكلترا ممن يتكلمون اليونانية.‏ وكان الشهود الايطاليون يخبرون ابناء بلدهم الذين انتقلوا الى لندن بحق الكتاب المقدس.‏

وفي ربيع سنة ١٩٦٨،‏ وصلت الى انكلترا شاهدة المانية حدثة اسمها فرنتسيسكا لتعمل كخادمة مقابل المأوى والمأكل وفرصة تعلم لغة العائلة التي تعمل عندها.‏ وبعد حضورها المحفل الكوري «بشارة لجميع الامم» تلك السنة،‏ وسّعت بحماسة اشتراكها في خدمة الحقل وقدَّمت الكتاب الصادر حديثا ‏«الحق الذي يقود الى الحياة الابدية»‏ الى فتيات اخريات في الجوار يعملن مثلها.‏ ونتيجة لذلك،‏ بدأت تعقد اربعة دروس في الكتاب المقدس،‏ وواحدة من هؤلاء التلميذات كانت فتاة سويسرية درست فرنتسيسكا معها بالالمانية.‏ وعندما بدأت الفتاة تحضر اجتماعات الجماعة،‏ استطاعت هي بنفسها ان ترى المحبة في بيت يهوه.‏ (‏يوحنا ١٣:‏٣٥‏)‏ وفي السنة التالية،‏ احرزت هذه الفتاة المهتمة تقدما ملحوظا ونذرت حياتها ليهوه واعتمدت.‏ ولاحقا اصبحت فاتحة وساعدت امها ايضا على قبول الحق.‏ ولكن كان هذا مجرد بداية الجهود التي بذلتها فرنتسيسكا في الشهادة للفتيات الخادمات.‏

تذكر فرنتسيسكا بحماسة:‏ «عندما اذهب من بيت الى بيت وألتقي خادمة،‏ اخبرها انني كنت مثلها ذات مرة،‏ فيصبح بيننا قاسم مشترك على الفور.‏ وأشدِّد دائما انني عندما اتيت الى انكلترا لم اكن اعرف احدا سوى اخت واحدة.‏ ومع ذلك شعرت انه مرحَّب بي في الجماعة.‏ ولذلك احاول دائما ان اجعلهن ينهمكن بسرعة في نشاط الجماعة ليرَين اننا عائلة كبيرة واحدة».‏

في سنة ١٩٧٤،‏ تزوجت فرنتسيسكا فيليپ هاريس،‏ وهما يخدمان الآن معا في بيت ايل في لندن وفي جماعة نورثْوُد.‏ استمرت فرنتسيسكا في زيارة احد البيوت في تلك المقاطعة طوال اكثر من ١٣ سنة.‏ وتوضح:‏ «تسلَّم بيت ايل رسالة من فتاة فرنسية خادمة تطلب فيها ان يزورها احد الشهود.‏ كان الشهود في فرنسا قد قدموا لها كتاب يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض،‏ وأرادت ان تعرف المزيد.‏ كانت لغة ناتالي الانكليزية لا تزال ضعيفة،‏ غير انني ادركت انها متعطشة الى الحق.‏ لقد احرزت تقدما رائعا وسرعان ما صارت تحضر الاجتماعات».‏ وقبل عودة ناتالي الى فرنسا،‏ اصبحت ناشرة للملكوت،‏ وهي وزوجها يخدمان الآن كفاتحَين في الحقل العربي هناك.‏

كانت العائلة التي استخدمت هؤلاء الفتيات الخادمات تتبع هذا الاجراء:‏ لا تغادر الخادمة قبل ان تصل الفتاة التي ستعمل بعدها.‏ وخلال بضعة ايام،‏ تعلِّم الخادمة السابقة المستخدَمة الجديدة الاعمال التي يجب القيام بها في المنزل.‏ وعندما اوشكت ناتالي ان تغادر،‏ نصحتها فرنتسيسكا:‏ «قبل عودتك الى فرنسا،‏ اخبري الخادمة التالية كيف ساعدك حقا درس الكتاب المقدس واعلَمي هل هي مهتمة».‏ وبالفعل،‏ كانت الخادمة التالية ايزابل،‏ وهي من فرنسا ايضا،‏ مهتمة بالحق.‏ فدرست فرنتسيسكا معها.‏ وبعد ايزابل اتت ناتالي اخرى التي سرعان ما صارت تحضر الاجتماعات.‏ وعندما عادت الى فرنسا اعتمدت هي ايضا.‏

ڠابرِييلا هي فتاة اخرى اتت من پولندا.‏ لم يسبق ان كان لها اتصال ذو معنى بشهود يهوه.‏ وقد اخبرت فرنتسيسكا انها لا تحب الالمان بسبب سمعتهم الرديئة في پولندا.‏ فأوضحت فرنتسيسكا انّ شهود يهوه لا يتورطون في الحرب على الاطلاق.‏ وحاولت اقناعها:‏ «في الحرب العالمية الثانية ما كنت لتجدي ايًّا من شهود يهوه في الجيش.‏ وهل علمتِ اننا كنا مضطهَدين؟‏ كنا في معسكرات الاعتقال لرفضنا تحية هتلر ودعم نظام الحكم النازي».‏ فعبّرت ڠابرِييلا عن دهشتها وسرعان ما تلاشت مشاعرها المعادية للالمان.‏ وبعد ان عقدت فرنتسيسكا معها درسا قانونيا في الكتاب المقدس،‏ اصبحت ڠابرِييلا ناشرة غير معتمدة ورمزت لاحقا الى انتذارها ليهوه في محفل في تويكنهام.‏ وعلى مر السنين،‏ عقدت فرنتسيسكا دروسا في الكتاب المقدس مع ٢٥ خادمة من عشرة بلدان مختلفة ونالت الفرح من تعريفهنَّ بعائلة يهوه المحِبة.‏

اجتماعات بلغتهم الخاصة

طبعا،‏ لم يحرز الجميع تقدما سريعا في الحق بدرس الكتاب المقدس بالانكليزية او حضور الاجتماعات بلغة يعتبرونها اجنبية.‏ فما العمل؟‏

عندما ابتدأ الشهود القبارصة الذين يتكلمون اليونانية يجدون اهتماما بالحق بين ابناء بلدهم الساكنين في انكلترا،‏ صُنعت الترتيبات في لندن لتُعقد بعض الاجتماعات باليونانية.‏ وبحلول سنة ١٩٦٦،‏ ابتدأوا يستفيدون من درس الكتاب الجَماعي بلغتهم قانونيا وفي ما بعد،‏ من خطاب عام شهري.‏ وفي سنة ١٩٦٧،‏ تشكلت اول جماعة يونانية في لندن وبدأ فريق يوناني آخر يعقد الاجتماعات في برمنڠهام.‏

اما الايطاليون فقد بدأوا بالخطاب العام ودرس برج المراقبة في قاعة ملكوت إزلينڠتُن في لندن سنة ١٩٦٧.‏ وتلا ذلك مزيد من الاجتماعات باللغة الايطالية في مواقع اخرى.‏ وإليكم مثلا يوضح كيف تطورت الامور:‏ بدأت ڤيرا (‏ڤي)‏ يونڠ تدرس الكتاب المقدس مع سيدة ايطالية في أنفيلد،‏ شمال لندن.‏ وعندما نما تقديرها،‏ علَّقت:‏ «من المؤسف انه لا تُعقَد اجتماعات بالايطالية ليحضرها بعض اصدقائي».‏ فدفع ذلك زوج ڤي،‏ جفري،‏ ان يتحدث الى ناظر دائرة.‏ فوجدا معا اخا يتكلم اليونانية كان قد خدم كفاتح في ايطاليا.‏ ويروي جفري:‏ «ألقيت الخطاب بالانكليزية،‏ وترجمه الاخ اليوناني الى الايطالية».‏ حضر نحو ٣٠ شخصا وأحرز بعضهم تقدما روحيا جيدا.‏ ومع الوقت،‏ اصبح الشهود الذين يتكلمون الايطالية على استعداد ليشكلوا جماعة.‏ ومنذ ذلك الوقت،‏ تزداد الجماعات الايطالية بمعدل جماعة جديدة كل خمس سنوات.‏

استمر النمو في الحقل اليوناني.‏ وفي سنة ١٩٧٥،‏ صُنعت ترتيبات ليتمتعوا بمحفل.‏ وفي ذلك الوقت،‏ كان جفري وڤي يونڠ فاتحَين في اواخر اربعيناتهما.‏ وكان ولداهما قد كبرا وتزوجا «في الرب».‏ (‏١ كورنثوس ٧:‏٣٩‏)‏ وبما انّ جفري وڤي لم يعد لهما والدون مسنون يعتنيان بهم،‏ فقد كانا في وضع يمكنهما من قبول امتيازات اخرى للخدمة.‏ ولدهشة جفري،‏ نال تعيينا ان ينظم محفلا لجميع الاخوة الذين يتكلمون اليونانية العائشين في بريطانيا.‏ ويتذكر:‏ «لم اعرف ما يجب توقعه.‏ عندما وصلت الى موقع المحفل،‏ بدا لعينيَّ القليلتَي الخبرة وكأن حربا اهلية قد نشبت!‏».‏ ربما كان كل ما في الامر مجرد بريطاني تقليدي يرى الحماسة اليونانية.‏ فالاخوة اليونانيون كانوا ببسيط العبارة يوضحون واحدهم للآخر افضل طريقة لإنجاز العمل.‏ وقد حضر ذلك المحفل اكثر من ٤٠٠ شخص.‏

ونشأت فِرق بلغات اخرى ايضا.‏ ففي سنة ١٩٧٥،‏ تأسست جماعة اسپانية.‏ وقُدِّم اول خطاب عام في لندن بالڠودجَراتية سنة ١٩٧٧.‏ وبعد سنتين،‏ عُقد محفل صغير بالڠودجَراتية.‏ وفي الوقت نفسه تقريبا عُقد محفل دائري بالپنجابية حضره حوالي ٢٥٠ شخصا.‏

‏«فريق رائع من الناس»‏

في السنوات الباكرة،‏ غالبا ما كانت المحافل الاكبر تُعقد في لندن.‏ وبحلول ستينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كانت المحافل السنوية تُعقد في مدن مختلفة الحجم في كل انحاء البلد.‏ احيانا كان هنالك اربعة مواقع فقط؛‏ وفي سنوات اخرى استُخدِمت تسهيلات اصغر حجما فازداد عدد المحافل ليصل الى ١٧.‏ استؤجرت مدرَّجات لكرة القدم،‏ قاعات محاضرات،‏ ومبانٍ تحتوي حلبات جليد.‏ وفي سنة ١٩٧٥،‏ بُذلت الجهود لعقد محفل في مدرَّج كارديف ارمز پارك في ويلز.‏

انّ سمعة شهود يهوه الحسنة معروفة في معظم انحاء بريطانيا،‏ غير انّ الرسميين المسؤولين عن مدرَّجات الرياضة الذين لم يختبروا مباشرة مثل هذه التجمعات الكبيرة للشهود قد يلزمون الحذر في بادئ الامر حيال تأجير تسهيلاتهم للشهود.‏ وصحّ ذلك في ما يتعلق بكارديف ارمز پارك.‏ فقد بدأت المفاوضات مع مجلس اتحاد الرڠبي في ويلز.‏ قال اللورد وايكفيلد،‏ الذي كان آنذاك رئيس الاتحاد في بريطانيا كلها،‏ لاخوتنا بلطف انه في حال واجهوا اية مصاعب في مفاوضاتهم اثناء اجتماع المجلس في كارديف،‏ ينبغي ان يطلبوا من اعضاء المجلس الاتصال به هاتفيا.‏ وكم كان الاخوة شاكرين على نيل مساعدة كهذه!‏ وعندما بلغت المفاوضات نقطة حرجة،‏ نجح اتصال هاتفي باللورد وايكفيلد في حل الخلاف.‏ فقد كان شهود يهوه يعقدون المحافل في تويكنهام،‏ لندن،‏ منذ سنة ١٩٥٥.‏ وقد اوضح اللورد وايكفيلد لرفقائه في ويلز كم كان يقدِّر ومجلسه ان يستخدم الشهود تسهيلات تويكنهام كل صيف.‏ وأكد لهم انه لا يجب ان يقلقوا،‏ مضيفا:‏ «يا للشهود من فريق رائع!‏».‏ وسرعان ما عُقد الاتفاق،‏ ولسنوات كثيرة يستخدم الشهود كارديف ارمز پارك كموقع لعقد المحافل بشكل قانوني في ويلز.‏

قاعات محافل لنا

بالاضافة الى المحافل السنوية،‏ نعقد ايضا محافل اصغر خلال السنة.‏ ففي سنة ١٩٦٩،‏ كان عدد المنادين بالملكوت في بريطانيا ٨٧٦‏,٥٥ شخصا.‏ ولكن في غضون اربع سنوات،‏ ازداد عدد الذين يخبرون الآخرين بالبشارة ليبلغ ٣٤٨‏,٦٥ شخصا.‏ وحتى ذلك الحين كانت تُستأجَر قاعات لعقد محافلنا الدائرية،‏ غير انه بات من الصعب اكثر فأكثر ايجاد اماكن مناسبة بأسعار معقولة.‏

وفي سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ صار واضحا اننا نحتاج الى قاعاتنا الخاصة للمحافل.‏ فعقد الاخوة المسؤولون اجتماعات وبدأ البحث عن مواقع مناسبة.‏ في البداية،‏ عزموا على تجديد الابنية الموجودة.‏ وفي اوائل سنة ١٩٧٥،‏ اجروا مفاوضات لشراء صالة سينما شاغرة في مانتشيستر،‏ شمال انكلترا.‏ وبعد اشهر من التجديد،‏ دُشِّنت اول قاعة محافل لشهود يهوه في انكلترا في ٣١ آب (‏اغسطس)‏.‏ وهكذا كانت جاهزة في الوقت المناسب تماما لاستخدامها في برنامج المحافل الدائرية الجديد الذي ابتدأ في ايلول (‏سبتمبر)‏.‏

وقبل سنتين من ذلك،‏ اجتمع نظّار المحافل في المنطقة الجنوبية الشرقية من البلد ليناقشوا كيفية الحصول على قاعة في لندن.‏ ويتذكر دنيس كايڤ،‏ عضو في اللجنة المعيَّنة لايجاد بناء مناسب،‏ كم دُهِش عندما وافق الاخوة المجتمعون بالاجماع على البحث عن قاعتين لا قاعة واحدة —‏ احداهما الى الشمال من نهر التَّيمز والاخرى الى الجنوب منه —‏ رغم الكلفة الباهظة للاملاك في المنطقة!‏

بدت دار سينما غير مستعمَلة في بلدة دوركِنڠ التي تقع على بعد ٣٠ كيلومترا جنوب لندن مناسبة.‏ لكنّ المضاربين في السوق العقاري تدخّلوا وقدَّموا سعرا مرتفعا لقاء البناء.‏ وقد تثبط دنيس في البداية،‏ غير انه فوجئ عندما اتصل به هاتفيا المدير التنفيذي الاعلى في البلدة وطلب ان يحضر هو وشاهد آخر اجتماعا.‏ وفضلا عن رفع قيود التخطيط المدني بحيث يصبح بالامكان استخدام البناء للعبادة،‏ وافقت السلطات ان تشتري دار السينما ثم ان تقدمها للاخوة بعقد ايجار غير محدود يجدَّد كل ثلاث سنوات.‏

خدمت تلك القاعة الهدف منها بشكل جيد مدة تتجاوز العشر سنوات،‏ حتى قرَّرت البلدة استخدام البناء لغاية اخرى.‏ فحصل الاخوة بدلا منها على قطعة ارض مساحتها ١١ هكتارا لا تبعد كثيرا عن مطار ڠاتويك في لندن.‏ وكانت تحتوي ابنية يمكن ضمُّها لتصبح قاعة محافل رائعة.‏ ولكن نشأ نزاع محلي يتعلق بالوصول الى المبنى الجديد عبر بعض الممرات الريفية الضيقة.‏ فمن الطبيعي ان يرغب السكان المجاورون في المحافظة على عزلتهم وأن لا يزعجهم احد قدر المستطاع.‏ فهل كان الشهود سيحترمون التعليمات ان يسلكوا بدقة في طرقات معينة بسرعة محدَّدة عند ذهابهم الى قاعة المحافل؟‏ ذكر تقرير اخباري عن اجتماع للجنة التخطيط المحلية:‏ «شعرت اللجنة انه في الاحوال العادية سيكون من المستحيل فرض شروط كهذه.‏ لكنّ شهود يهوه كانوا مختلفين».‏ وأضاف رئيس اللجنة:‏ «ثمة فِرق او هيئات اخرى ترغب في القول انّ اعضاءها سيذعنون بهذه الطريقة.‏ ولكن هذه الهيئة تعمل بهذه الطريقة».‏ افتُتحت قاعة المحافل الجديدة هذه التي تقع في هايز بريدج،‏ ساري،‏ بمحفل دائري في ١٧ و ١٨ ايار (‏مايو)‏ ١٩٨٦،‏ بعد سنة تماما من الحصول على الموقع.‏

وفي وقت متزامن مع العمل الذي أُنجز في قاعة المحافل في دوركِنڠ سنة ١٩٧٥،‏ جدَّد الشهود في شمال لندن دار سينما ريتز سابقا في نيو ساوثڠايت.‏ فهذا المبنى الذي شُيِّد في اواسط ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ انتهى استعماله كدار سينما في ربيع سنة ١٩٧٤.‏ وقد كان كَنيسا لليهود فترة قصيرة.‏ وعندما حصل الشهود على المبنى،‏ كان «بحاجة ماسة الى ترميم»،‏ كما قال المهندس المعماري روجر ديكسون.‏ ويتذكر:‏ «كان البناء ثابتا من حيث الاساس ولكن لا يمنع نفاذ الماء.‏ ولإخفاء الحالة المتداعية،‏ كان داخل قاعة المحاضرات قد طُلي بالأسود!‏».‏ في البداية،‏ بدت مهمة تجديده مثبِّطة،‏ غير انّ حوالي ٠٠٠‏,٢ متطوع ماهر ومتوسط المهارة اكملوا العمل في اربعة اشهر ونصف فقط.‏

وفي الوقت نفسه،‏ بدأ العمل في قاعة محافل في وست ميدلندز.‏ ففي سنة ١٩٧٤،‏ استطاع الاخوة شراء صالة سينما سابقة في دَدلي.‏ واستغرق تجديد هذا التسهيل فترة اطول،‏ غير انه اصبح ايضا جاهزا للاستعمال في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٧٦.‏

بناء قاعات محافل جديدة

استمرت الزيادة في ناشري الملكوت من ٩٤٤‏,٧١ ناشرا سنة ١٩٧٤ الى ٦١٦‏,٩٢ ناشرا سنة ١٩٨٤.‏ وكان كثيرون يقطنون في المدن الصناعية الكبرى في شمال انكلترا.‏ فخُطِّط لبناء قاعة في اقليم يوركْشَير الجنوبي.‏

في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٨٥،‏ بدأ بناء ما بات يُعرَف بقاعة محافل إيست پِناين.‏ انها بناء ذو هيكل فولاذي يتسع لـ‍ ٦٤٢‏,١ شخصا،‏ ويضم قاعة ملكوت للجماعة المحلية تحتوي ٣٥٠ مقعدا.‏ صُمِّم البناء بسقف قياس باعه ٤٢ مترا مما يجعله جذابا جدا.‏ ولقَّبت مجلة الهندسة الانشائية (‏بالانكليزية)‏ هذا التصميم الفريد بـ‍ «الحل الثُّماني».‏ وقد منح مجلس بلدة رذرهام قاعة المحافل جائزة افضل تصميم.‏

عمل نوبل باوَر،‏ عضو في لجنة المشروع،‏ في الموقع من البداية وخدم لاحقا كأول ناظر للقاعة.‏ وقد كانت شخصيته المرحة لكن المتزنة مشجعة للاخوة والاخوات الاكثر من ٥٠٠‏,١٢ الذين قدَّموا المساعدة اثناء فترة البناء التي دامت ١٤ شهرا.‏ ولكي يستمر العمل عند تكاثف الضباب الشديد البرودة،‏ انخفاض الحرارة الى ما دون الصفر،‏ وتساقط الثلج،‏ انشأ الاخوة سقالة حول الموضع لتدعم صفيحة پلاستيكية واقية.‏ وداخلها كانت السخَّانات الصناعية تطلق هواء ساخنا.‏ فما من شيء اوقف العمل في هذا المشروع المهم.‏ وقد اتى الاخوة من مناطق بعيدة لتشجيع العمال المتطوعين.‏

اما بالنسبة الى نوبل وزوجته لُوِي،‏ فقد كان اليوم الذي فيه وُقِفت قاعة المحافل لخدمة يهوه في ١٥ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٨٦ اليوم الذي انطبع اكثر في الذاكرة.‏ وكان ذلك اثناء زيارة ثيودور جارس،‏ عضو في الهيئة الحاكمة.‏

بعد انشاء قاعات محافل في شمال انكلترا،‏ الاقاليم الوسطى،‏ والمنطقة الجنوبية الشرقية،‏ ماذا كان يمكن تزويده لملاءمة الاخوة في الجزء الغربي من انكلترا وفي ويلز؟‏ في تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٨٧،‏ عُثِر على قطعة ارض مناسبة في ألمنسبري،‏ شمال مدينة بريستول.‏ لكنّ الرخص اللازمة في ما يتعلق بتقسيم المناطق لم يكن من السهل الحصول عليها.‏ وكان يلزم بذل جهود متكررة الى ان مُنح الترخيص اخيرا في شباط (‏فبراير)‏ ١٩٩٣.‏

وبعد ذلك تقدم عمل البناء بشكل جدي.‏ وكم كان مفرحا ان يحين الوقت في ٥ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٥ لتدشين هذا البناء،‏ قاعة المحافل السادسة في انكلترا!‏ ألقى جون بار من الهيئة الحاكمة خطابا بمحور:‏ «ملء الارض من معرفة يهوه».‏ وقد قدَّر جميع الحاضرين التذكير اللطيف الذي قدَّمه:‏ «لا تنسوا ابدا انّ مقاطعتكم تشكل جزءا صغيرا فقط من موطئ قدمي يهوه.‏ فهو يهتم بمكانكم في الارض تماما كما يهتم بأي مكان آخر.‏ ولذلك ابقوا في الذهن النطاق العالمي لعمل الملكوت».‏

في الاسبوع التالي،‏ ألقى الاخ بار خطابا عند تدشين مُجمَّع قاعات ملكوت جديد في ادجوار،‏ شمال لندن.‏ فقد بنى الاخوة هنا مبنى رائعا يتألف من ثلاث قاعات ملكوت ذات جدران فاصلة يمكن ثنيُها لينفتح المكان بكامله صائرا قاعة محافل يمكن ان تستخدمها الجماعات التي تتكلم لغة اجنبية.‏ وفي ذلك الوقت،‏ كان التجاوب في حقل اللغات الاجنبية قد اضاف بُعدا مهما الى الكرازة بالملكوت في بريطانيا.‏

‏«ارغب دائما في القيام بالمزيد»‏

بالنسبة الى بعض الشهود،‏ شمل إخبار الآخرين بالبشارة البحث عن طرائق لتوسيع الخدمة.‏ ومن الجدير بالثناء انّ كثيرين من الاخوة والاخوات البريطانيين قاموا بخطوات لأخذ المبادرة في الخدمة حيث الحاجة اعظم.‏ وغالبا ما عنى ذلك الانتقال الى بلد آخر كما كانت الحال مع فاتحين غيورين كثيرين في عشرينات وثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ ويمكِّن الانتقال الى الخارج هؤلاء الاخوة والاخوات من انتاج ثمار الملكوت في موطنهم الجديد وتشجيع الاخوة المحليين في الوقت نفسه.‏ فطوال سبعينات وثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ انتقلت عائلات من بريطانيا الى اميركا الوسطى والجنوبية،‏ افريقيا،‏ وآسيا.‏

عندما كانت ڤيرا بُل في الـ‍ ٥٧ من العمر،‏ وقد كبرت ابنتاها وتزوجتا،‏ باعت منزلها في جزيرة وايت وذهبت الى كولومبيا مع فريق من الفاتحين الاحداث من جماعة إيلِنڠ في لندن.‏ وقد تعلمت الاسپانية بسرعة ولم يمضِ وقت طويل حتى صارت تعقد ١٨ درسا في الكتاب المقدس.‏ ولا تزال تخدم هناك بعد نحو ٣٠ سنة،‏ محاطة بأولاد روحيين كثيرين.‏

اما طوم وآن كوك وابنتاهما سارة ورايتشِل،‏ فكانوا قد خدموا سنوات في أوغندا عندما اضطرتهم الاحوال السائدة هناك ان يعودوا الى انكلترا سنة ١٩٧٤.‏ وفي السنة التالية،‏ انتقلوا مجددا،‏ وهذه المرة الى پاپوا غينيا الجديدة.‏ تزوجت سارة هناك فاتحا خصوصيا.‏ ولاحقا،‏ انتقلت العائلة الى أوستراليا حيث تزوجت رايتشِل احد الرفقاء الشهود.‏ وفي سنة ١٩٩١،‏ شرع طوم وآن في تعيين جديد لهما في جزر سليمان حيث يخدم طوم كمنسِّق للجنة الفرع.‏

اما بالنسبة الى آخرين،‏ فقد كان انتقالهم الى الخارج لفترة محدودة اكثر.‏ ورغم ذلك،‏ فإن الخبرة التي نالوها من جراء العيش في بلدان وراء البحار لا تُقدَّر بثمن بالنسبة اليهم.‏ وبين هؤلاء باري وجانيت رَشبي.‏

قال باري:‏ «منذ صرت في الحق،‏ ارغب دائما في القيام بالمزيد».‏ وعندما تزوج جانيت،‏ اخت فاتحة،‏ تجاوبا كلاهما مع دعوة جاءت في خدمتنا للملكوت ان يخدم الاخوة في پاپوا غينيا الجديدة.‏ واعترفا كلاهما:‏ «كان ذلك استجابة لصلواتنا».‏ وقد اراد منهما الاخوة في فرع پورت مورْزْبي ان يخدما في ڠوروكا الواقعة في وسط البلد،‏ لكنّ اجازة عمل باري كانت صالحة في جزيرة بوڠنڤيل فقط.‏ وكم ابتهجا عند وصولهما الى پاپوا غينيا الجديدة اذ علما انّ السلطات قد غيَّرت اجازة عمل باري وعيَّنته في ڠوروكا!‏

ابتدأ باري بوظيفته كأستاذ مدرسة وعملت جانيت كفاتحة في الجماعة المؤلفة من ١٨ ناشرا.‏ يتذكر باري:‏ «احد الامور التي بتُّ ادركها هو انه عندما كان يحين وقت حضور اجتماعات الجماعة،‏ لم يكن ايّ شيء يلهي الاخوة،‏ ولا حتى الطقس القاسي في موسم الامطار.‏ لم تكن لديهم سيارات،‏ وفي اغلب الاحيان كانوا يمشون ساعة او ساعتين للوصول الى الاجتماعات ويدخلون قاعة الملكوت وهم مبتلّون تماما!‏ لكنهم كانوا دائما هناك».‏

وبعد ان قضى باري وجانيت ست سنوات سعيدة في الخدمة في پاپوا غينيا الجديدة،‏ تغيّرت الاحوال بالنسبة الى الاجانب.‏ وقرر باري انه من الحكمة ان يعودا الى بريطانيا.‏ ولكن نتيجة للاختبارات التي تمتعا بها في الخارج،‏ كانا مصمِّمَين ان ينخرطا كلاهما الآن في الخدمة كامل الوقت.‏ ولكن اين؟‏ لقد ارادا ان يخدما حيث توجد حاجة خصوصية.‏ وبعد التشاور مع الجمعية وناظر الدائرة،‏ انتقلا الى بوسطن في لنكولنشير.‏ وسرعان ما وجدا مكانا يعيشان فيه.‏ لكنّ باري لم يستطع ايجاد عمل بدوام جزئي يتيح له الانخراط في خدمة الفتح مع جانيت.‏ ولكن بسبب ايمانهما بوعد يهوه بالمساعدة إن هما وضعا ملكوته اولا في حياتهما،‏ قررا الابتداء بالفتح في ١ ايلول (‏سبتمبر)‏،‏ سواء أوَجد باري عملا ام لا!‏ وفي ١ ايلول (‏سبتمبر)‏،‏ ارتديا معطفيهما وكانا على وشك الذهاب في خدمة الحقل عندما رنّ الهاتف،‏ وكان رسمي في مكتب البريد يسأل:‏ «هل تريد وظيفة بدوام جزئي؟‏».‏ اجاب باري:‏ «هذا رائع!‏ متى تريد ان ابدأ العمل؟‏».‏ فأجاب الرجل:‏ «ماذا عن يوم غد؟‏».‏ لقد بارك يهوه الجهود التي بذلاها لوضع خدمته اولا في حياتهما.‏ (‏متى ٦:‏٣٣‏)‏ وبعد اربع سنوات،‏ تلقى باري وجانيت مخابرة اخرى غير متوقَّعة —‏ تعيين للاهتمام بقاعة المحافل في إيست پِناين.‏

يتطوَّعون للعمل

انّ الروح الطوعية للخدمة هي ميزة يتحلى بها شعب يهوه.‏ فقد رنَّم داود،‏ ملك اسرائيل قديما،‏ ليهوه:‏ «في يوم محاربة اعدائك يتطوَّع شعبك.‏ يجيء شبابك.‏ .‏ .‏ كالندى».‏ (‏مزمور ١١٠:‏٣‏،‏ ترجمة تفسيرية‏)‏ وهذه الروح الطوعية يظهرها كثيرون في بريطانيا ممن جعلوا انفسهم مستعدِّين للاشتراك كاملا في ترويج مصالح العبادة الحقة.‏

تشجَّع كثيرا جميع مَن كانوا يبذلون انفسهم في الخدمة كامل الوقت،‏ احداثا كانوا ام شيوخا،‏ بالاعلان الذي قُدِّم في المحافل الكورية،‏ «العاملون الفرحون»،‏ التي عُقدت سنة ١٩٧٧.‏ وفي اماكن المحفل السبعة في انكلترا،‏ اسكتلندا،‏ وويلز،‏ صفق بابتهاج ما مجموعه ٠٠٠‏,١١٠ شخص عندما اعلن الخطيب ترتيبات لمدرسة خدمة الفتح التي تقدِّم مقرَّر دروس في الكتاب المقدس يدوم اسبوعين ويقترن بفرص تتيح التطبيق في خدمة الحقل.‏ انها تزوِّد تدريبا متقدما لمن لديهم خبرة سنة واحدة على الاقل في خدمة الفتح.‏ وبعد نيل هذا التدريب،‏ يتمكن بعض هؤلاء الفاتحين من المساعدة على فتح مقاطعات يجري فيها القليل او لا شيء من عمل الشهادة.‏

استُهِلّت المدرسة في بريطانيا في آذار (‏مارس)‏ ١٩٧٨ في مدينة ليدْز الشمالية.‏ وآن هاردي،‏ واحدة من الفاتحين الذين حضروا الصف الاول،‏ تتذكر كم كان ذلك الوقت سعيدا.‏ تقول:‏ «بُنينا روحيا الى حد بعيد.‏ فقد اعطتنا المدرسة بالتأكيد بصيرة جديدة حيال الحاجة الى منح الناس الذين نلتقيهم في خدمة الحقل اهتماما حقيقيا».‏ وهي وزوجها يعملان الآن كعضوين في عائلة بيت ايل.‏ وتهتف أندريا بيڠز وهي ام لأربعة اولاد حضرت المدرسة في پَنتِپريذ،‏ ويلز:‏ «اذا كان هذا طعم الامور التي ستأتي،‏ فيهوه يخبئ لنا متعة حقيقية،‏ وأنا اتوق الى ذلك النظام الجديد اكثر من ايّ وقت مضى!‏».‏ عُقد حوالي ٧٤٠ صفا حتى الآن،‏ والفاتحون الـ‍ ٠٠٠‏,٢٠ الذين حضروا يملكون مشاعر كهذه.‏ وقد صمَّم عدد ليس بقليل،‏ بعد حضورهم المدرسة،‏ ان يجعلوا خدمة الفتح مهنتهم.‏

وبعد اكتساب الخبرة في خدمة الفتح،‏ يتطوع المئات للخدمة في فرع بريطانيا كأعضاء في عائلة بيت ايل.‏ وهنالك حاليا ٣٩٣ عضوا في عائلة بيت ايل هذه وقد خدم ٣٨ منهم في بيت ايل ٢٠ سنة او اكثر.‏

كريستوفر هِل هو بين الذين يخدمون في بيت ايل.‏ ولماذا طلب الانخراط في هذه الخدمة؟‏ يجيب:‏ «بدأت بعمل الفتح سنة ١٩٨٩.‏ لكنني اردت ان اثبت ليهوه ولنفسي انني انخرطت في الخدمة كامل الوقت بسبب محبتي له وليس لمجرد انّ ابي وأمي كانا فاتحين.‏ وأردت ان يحتل الحق حياتي كلها لا جزءا منها فقط.‏ وكنت اعلم انّ خدمة بيت ايل،‏ رغم انها تشكل تحديا،‏ ستمكنني من ذلك».‏

ڠِرانت واتكن هو ايضا عضو في عائلة بيت ايل.‏ في اوائل ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ رفض التعليم الجامعي من اجل خدمة الفتح.‏ وأعال نفسه بالعمل بدوام جزئي في مزرعة ابيه.‏ لقد تمتع بعمل الفتح وأمل ان يصبح مرسلا يوما ما.‏ فلماذا طلب الانخراط في خدمة بيت ايل؟‏ لقد اثرت فيه بشكل عميق مقالة في برج المراقبة سنة ١٩٨٩ قرأ فيها قصة حياة ماكس لارسون،‏ عضو في عائلة بيت ايل في الولايات المتحدة.‏ قال الاخ لارسون:‏ «اعتقد بثقة انّ بيت ايل هو افضل مكان على الارض قبل الفردوس الارضي القادم».‏ ولاحظ ڠِرانت انّ الاخ لارسون أبقى القضية امام يهوه في الصلاة بعد التماسه الحصول على طلب للخدمة في بيت ايل.‏ فتبع ڠِرانت مثاله على الفور.‏ وبعد عشرة ايام تقريبا،‏ تلقى مخابرة هاتفية تدعوه ان يصير عضوا في عائلة بيت ايل في بريطانيا.‏ وفي خدمة بيت ايل،‏ يستخدم الخبرة التي نالها في مزرعة ابيه في الاعتناء بمزرعة تزود الطعام لعائلة بيت ايل في لندن.‏ لقد كان العمل في المزرعة ذات يوم مجرد وسيلة لإعالة نفسه في عمل الفتح.‏ لكنه يعتبر العمل الذي يقوم به الآن في المزرعة «تعيينا من يهوه في بيت ايل».‏

جذبت مشاريع البناء الثيوقراطية شهودا آخرين.‏ ففيما كانت دنيز (‏تيدي)‏ ماكْنيل تعمل كفاتحة،‏ كان زوجها ڠاري يقوم بعمل دنيوي لإعالة العائلة.‏ وبعد ذلك في سنة ١٩٨٧،‏ تطوعا كلاهما للمساعدة في بناء بيت ايل في لندن.‏ ومع انهما لم يتلقّيا آنذاك الدعوة ان يصيرا عضوين في عائلة بيت ايل،‏ فقد دُعيا سنة ١٩٨٩.‏ وإذ كانت مشورة ناظر الدائرة:‏ «لا ترفضوا ابدا تعيينا من يهوه» تطن في آذانهما،‏ قَبِلا.‏ والمهارات الالكترونية التي امتلكها ڠاري وخلفية تيدي كممرضة في طب الاسنان كانت ذات قيمة كبيرة هناك.‏ كما اشتركا في تنمية الاهتمام في اماكن حيث يتكلم الناس الپولندية والبنغالية في منطقة لندن.‏

عرض ويلي وبتي ستيوارت وآخرون ايضا المساعدة في البناء كمتطوعين امميين.‏ فقد اختار ويلي،‏ الذي كان سبّاكا ومهندس تدفئة،‏ ان يتقاعد باكرا في الـ‍ ٥٥ من العمر.‏ ثم اشترك الزوجان ستيوارت في مشاريع بناء في اليونان،‏ ولاحقا في اسپانيا،‏ زمبابوي،‏ ومالطة.‏ وساعدت بتي في التدبير المنزلي،‏ الغسل،‏ حتى في بعض اشغال السباكة.‏ لقد عملا بجد وشعرا بأنهما يكافَآن روحيا بسخاء.‏ يقول ويلي:‏ «اصبح لدينا اصدقاء في كل العالم ومن جميع فئات الاعمار».‏

تدريب خصوصي لإخوة اكفاء

انفتح باب آخر لزيادة فرص الخدمة سنة ١٩٩٠ مع تدشين مدرسة تدريب الخدام في بريطانيا.‏ فقد أُتيحت الآن للاخوة العزّاب الذين يخدمون كشيوخ او خدام مساعدين فرصة اضافية لتلقي تعليم متخصِّص بهدف الخدمة حيث توجد حاجة اليهم في الحقل العالمي.‏ والمقرَّر الذي يدوم ثمانية اسابيع يوازن بشكل ملائم بين الارشاد حول تعاليم الكتاب المقدس والمسائل التنظيمية.‏ عُقِد الصف الاول في بريطانيا في قاعة المحافل في إيست پِناين.‏ وخدم ناظرا كورة من الولايات المتحدة،‏ جيمس هندرر وراندَل دايڤيس،‏ كمعلمَين.‏ وكان في الصف ايضا ثلاثة نظار دوائر ذوو خبرة من بريطانيا —‏ پيتر نيكولز،‏ راي پوپل،‏ ومايكل سْپر —‏ وذلك بغية تدريبهم على تعليم صفوف مقبلة.‏ وإذ خاطب ألبرت د.‏ شرودر من الهيئة الحاكمة الصف المتخرِّج في ١٧ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٩٠،‏ قال للتلاميذ الذين عُيِّنوا ليخدموا في بريطانيا:‏ «ثمة حاجة اليكم ايها الفتيان الرائعون في تطوير العمل هنا.‏ وسيكون ذلك بمثابة انعاش حقيقي للحقل البريطاني».‏

بارَت رام من عائلة هندوسية هو احد الذين تخرجوا من مدرسة تدريب الخدام.‏ وهو الآن متزوج ويخدم مع زوجته في الجزء الشمالي الغربي من انكلترا حيث يمكنهما مساعدة كثيرين ممن يتكلمون الڠودجَراتية هناك.‏ وقد دُهِش جون وليامز من ويلز لتعيينه في العمل في فرع زامبيا حيث كانت هنالك حاجة الى مهاراته،‏ ولاحقا في الخدمة الارسالية في كيتوي،‏ زامبيا.‏

انتقل ڠوردن سَركودي المولود في غانا الى انكلترا مع عائلته عندما كان في الـ‍ ١٢ من العمر.‏ وفيما كان لا يزال مراهقا،‏ اثار اهتمامَه بحق الكتاب المقدس شاهد قدَّم لوالده برج المراقبة و استيقظ!‏‏.‏ وأدى درس في الكتاب المقدس الى معموديته سنة ١٩٨٥.‏ وعندما كان فاتحا اضافيا،‏ عقد دروسا كثيرة في الكتاب المقدس،‏ فاقترح اصدقاؤه الفاتحون ان ينخرط في الفتح القانوني.‏ وعندما حضر مدرسة خدمة الفتح في نهاية سنته الاولى للخدمة كامل الوقت،‏ شجعه ناظر الدائرة ان يقدم طلبا لحضور مدرسة تدريب الخدام.‏ وإذ دفعته الرغبة في التمكن من مساعدة الاحداث في الجماعة بشكل افضل،‏ قدَّم ڠوردن الطلب.‏ وحضر الصف السابع للمدرسة في بريطانيا.‏ وبعد التخرج،‏ خدم في لندن سنتين.‏ ثم عُيِّن مرسلا في زامبيا.‏ ورغب ڠوردن ان يكون مستعدا ليُستخدم بحسب توجيه يهوه مهما كانت الطريقة،‏ فأدى به تدريبه تدريجيا الى امتيازات اضافية.‏ وبعد ١٢ اسبوعا من التدريب بالسيبمبية،‏ احدى اللغات المحلية،‏ عُيِّن ڠوردن ناظر دائرة في مقاطعة كوپربلت.‏ ونال ايضا امتياز تدريب آخرين على العمل الدائري.‏

تربَّى ريتشارد فرُد البريطاني المولد على يدي والدين شاهدين.‏ وإذ نذر حياته ليهوه،‏ شعر بأن انتذاره ينبغي ان يكون بلا تحفظ.‏ وقد ابدى استعداده لذلك.‏ وفي سنة ١٩٨٢،‏ انخرط في خدمة الفتح.‏ وقدَّم طلبا لحضور مدرسة تدريب الخدام فتخرَّج سنة ١٩٩٠.‏ وعُيِّن هو ايضا في زامبيا.‏ وبعد ان درس السيبمبية ونال بعض الخبرة في تعيينه الجديد،‏ عُيِّن ناظر دائرة.‏ وخدم ايضا كمعلم في مدرسة تدريب الخدام التي عُقِدت في فرع زامبيا.‏

تخرج حتى الآن ٤٣٣ تلميذا من ١٩ صفا لمدرسة تدريب الخدام في بريطانيا.‏ ومن هؤلاء،‏ يخدم حاليا ٧٩ شخصا في الخارج،‏ ٤ اشخاص كنظار دوائر،‏ ١٢ شخصا كأعضاء في بيت ايل،‏ وينقل ٣٠٨ اشخاص فوائد التدريب الذي نالوه الى الآخرين بالخدمة كفاتحين في بريطانيا.‏

الانتقال الى الحقول الارسالية

عرض مئات من الفاتحين في بريطانيا ان يخدموا حيث توجد حاجة اليهم في الحقل العالمي.‏ وتدرب كثيرون منهم في مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس في نيويورك.‏ فتخرج من جلعاد ما مجموعه ٥٢٤ شخصا من بريطانيا.‏ وهم يخدمون في ٦٤ بلدا في كل انحاء الارض.‏

كان بعض الفاتحين البريطانيين قد انخرطوا في الخدمة الاجنبية قبل دعوتهم الى جلعاد.‏ هذا ما حدث مع جون وإيريك كوك اللذين كانا قد خدما في فرنسا واسپانيا.‏ وبعد حضور مدرسة جلعاد،‏ أُرسِل إيريك الى افريقيا وخدم جون في اسپانيا والپرتغال اولا ثم في افريقيا.‏ والامر نفسه حدث مع روبرت وجورج نيزبِت اللذين كانا قد خدما في جنوب افريقيا طوال ١٥ سنة او اكثر قبل حضور مدرسة جلعاد،‏ وبعد ذلك خدما في موريشيوس ولاحقا في القارة الافريقية من جديد.‏ اما كلود ڠودمان فقد سبق ان خدم ٢٠ سنة في الهند،‏ سيلان (‏الآن سري لانكا)‏،‏ بورما (‏الآن ميانمار)‏،‏ تايلند،‏ وشبه جزيرة الملايو (‏الآن جزء من ماليزيا)‏ قبل حضوره مدرسة جلعاد؛‏ وبعد ذلك أُرسِل الى پاكستان.‏ وخدم أدوين سكينر كفاتح في الهند طوال ٢٠ سنة قبل حضوره جلعاد،‏ ثم واصل الخدمة في الهند طوال ٤٣ سنة اخرى حتى انهى مسلكه الارضي سنة ١٩٩٠.‏

وقد تذوّق آخرون الخدمة الاجنبية بشكل اوَّلي بالاشتراك في مشاريع البناء كمتطوعين امميين.‏ وصحّ ذلك مع ريتشارد ولوسيا پالمر اللذين خدما فترات مختلفة في اليونان،‏ تاهيتي،‏ اسپانيا،‏ وسري لانكا بين سنة ١٩٨٩ و ١٩٩٤،‏ ثم بقيا في سري لانكا كفاتحيَن اكثر من ثلاث سنوات حتى دُعيا الى جلعاد.‏

شُجِّع مقدِّمو طلبات جلعاد على اعتبار الخدمة الارسالية عملا يقومون به مدى الحياة.‏ ومعظمهم يبدأون تعييناتهم بتلك النظرة وقد رسم البعض امثلة رائعة في هذا الصدد.‏ فثمة ٤٥ شخصا على الاقل ممن غادروا بريطانيا ولا يزالون يقومون بتعيينات ارسالية موجودون في الخارج منذ ٢٠ سنة او اكثر.‏ يخدم ٩ منهم في اميركا الوسطى والجنوبية،‏ ١١ في بلدان آسيوية،‏ ١١ آخرون في افريقيا،‏ ٤ في اوروپا،‏ وأيضا ١٠ في بلدان مختلفة.‏

انطوني اتوود هو من المرسلين الذين خدموا فترة طويلة.‏ وقد خدم ٤٩ سنة في نيجيريا.‏ وبسبب بعض انظمة الهجرة،‏ نُقِل الى بيت ايل في لندن سنة ١٩٩٧،‏ لكن قلبه لا يزال في نيجيريا.‏ يقول:‏ «كانت الخدمة في نيجيريا امتيازا رائعا.‏ وتلك السنوات قُضِيت بشكل مفيد.‏ اني اشجع جميع الاحداث الذين بوركوا بمعرفة الحق ان يتمسكوا بكل امتياز يوضع امامهم.‏ فيهوه لن يتخلى عنكم ابدا.‏ لقد ادركت ذلك بالاختبار».‏ سنة ١٩٥٩،‏ انضمت سونيا سپرنڠايت الى اختها اولِڤ التي أُرسِلت الى البرازيل لتخدم كمرسلة سنة ١٩٥١.‏ ووصل دِنْتون هوپكنسون وريموند ليتش الى الفيليپين كمرسلَين في اوائل خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ ولا يزال ذلك البلد موطنهما.‏ اما مالكوم ڤيڠو الذي بدأ خدمته الارسالية في ملاوي وبقي هناك عشر سنوات حتى إبعاده،‏ فهو يخدم الآن في نيجيريا مع زوجته.‏ ويمكن ايضا ذكر كثيرين آخرين،‏ وكلٌّ منهم كانت له حياة غنية بالبركات من يهوه.‏

وبعض الذين يأخذون الخدمة الارسالية على عاتقهم يضطرون الى التصارع مع مشاكل خطيرة بغية الاستمرار.‏ فبعد سنوات من الخدمة الارسالية في البرازيل،‏ أُجبِر إيريك وكريس بريتن ان يعودا الى انكلترا فترة من الوقت بسبب المرض.‏ وفي وقت لاحق من السنة نفسها،‏ قبلا تعيينا في الپرتغال حيث كان العمل محظورا.‏ وعندما أُجبِرا على مغادرة الپرتغال بعد سبع سنوات بسبب عمل التعليم المؤسس على الكتاب المقدس الذي كانا يقومان به،‏ واصلا الخدمة كامل الوقت في انكلترا.‏ ولكنهما بعد ذلك كتبا الى الجمعية يسألان عن امكانية نيلهما تعيينا ارساليا آخر.‏ وسرعان ما عادا الى البرازيل حيث انهمكا في كلا العملين الارسالي والدائري.‏ لقد خدما معا بأمانة في البرازيل حتى موت إيريك في آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٩؛‏ وتستمر كريس في الخدمة هناك.‏

بعد سنوات،‏ قد تفرض الالتزامات المؤسسة على الاسفار المقدسة تجاه افراد العائلة اجراء تعديل في نشاط المرء.‏ وقد صحّ ذلك مع مايك وباربرا پَتيدج اللذين خدما في زائير ٢٦ سنة ثم عادا الى انكلترا سنة ١٩٩١ لمساعدة والدة مسنة كانت تعيش في ظروف صعبة.‏ ولكن كان قلباهما في الخدمة كامل الوقت واستطاعا ان يخدما كفاتحَين خصوصيَّين فيما كانا يهتمان بالمسؤوليات العائلية.‏ وفي سنة ١٩٩٦،‏ تمكَّنا من العودة الى الحقل الارسالي لثلاث سنوات اخرى في ما يدعى الآن جمهورية الكونڠو الديموقراطية،‏ وهما حاليا عضوان في عائلة بيت ايل في بريطانيا.‏ ومنذ ابتداء خدمتهما في زائير وهما يشهدان ازدياد عدد المنادين بملكوت اللّٰه في ذلك الجزء من العالم من ٢٤٣‏,٤ شخصا الى اكثر من ٠٠٠‏,١٠٨ شخص.‏ ولديهما ذكريات حية عن الوقت الذي مُنح فيه شهود يهوه الاعتراف الشرعي في البلد بعد حوالي سنة من وصولهما.‏ ولا يزال المحفل الاول الذي عُقِد في كينشاسا السنة التالية حدثا مهما بالنسبة اليهما رغم انّ عدد الحضور كان ٨١٧‏,٣ شخصا فقط.‏ وكم كان ممتعا سنة ١٩٩٨ ان يجتمع ٠٠٠‏,٥٣٤ شخص ممن استفادوا من التعليم الالهي بغية الاحتفال بعشاء الرب رغم الاحوال المضطربة في البلد!‏

تزويد قاعات ملكوت ملائمة

فيما استمر عدد الجماعات في بريطانيا ينمو،‏ بات تزويد قاعات ملكوت ملائمة يشكل تحديا مستمرا.‏ وكانت بعض الجماعات تجتمع في قاعات وأماكن اخرى مستأجَرة،‏ ولم تكن جميعها تليق بفِرق المسيحيين الذين يلتقون معا لعبادة الهنا العظيم يهوه.‏ فكانت هنالك حاجة ماسة الى اماكن اجتماعات ملائمة.‏

لم يكن الحصول على عقارات من اجل بناء قاعات للملكوت بالامر السهل دائما.‏ فالمقاومة كانت شديدة احيانا،‏ وخصوصا حيث يوجد تحامل ديني.‏ ومع ذلك،‏ فالاتكال على يهوه ومثابرة الاخوة المسؤولين كوفئا بالنجاح،‏ مما ادهش المقاومين كثيرا.‏

في اوائل سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ عرضت احدى الجماعات في سْوانزي،‏ ويلز،‏ ان تشتري مُصَلًّى غير مستعمل بغية استخدامه كقاعة ملكوت.‏ فقال شماس في الكنيسة التي تملك المبنى انه يفضل الموت على ان يراه مبيعا للشهود.‏ ونتيجة لذلك،‏ بيع المُصَلَّى لمكتب البريد لاستخدامه كمَقْسِم مؤقت للهاتف.‏ ولكن عندما لم يعد مكتب البريد بحاجة الى المبنى سنة ١٩٨٠،‏ عرضه للبيع بالمزاد العلني.‏ وعرف احد شيوخ الجماعة بذلك وناقش مع رفقائه الشيوخ مقدار المال الذي يمكنهم عرضه في المزايدة.‏ فقدَّر مسّاح للاراضي قيمة المبنى والارض التي بُني عليها بما مجموعه ٠٠٠‏,٢٠ جنيه استرليني (‏٠٠٠‏,٣٢ دولار اميركي)‏.‏ وكم سُرّ الاخوة عندما نجحوا في الحصول على المبنى لقاء ٠٠٠‏,١٥ جنيه استرليني (‏٠٠٠‏,٢٤ دولار اميركي)‏!‏ وبعد تجديد المبنى بشكل ملائم،‏ جرى وقفه ليهوه.‏

عندما ادت الزيادة ضمن الجماعة في بلدة اكسماوث الساحلية الجنوبية الغربية الى تشكيل جماعة اخرى،‏ قرّر الاخوة انه ثمة حاجة الى مكان جديد من اجل قاعة ملكوت اكبر.‏ واكتشفوا انّ مجلس المنطقة يملك قطعة ارض كانت قد صُنِّفت لمقاصد دينية.‏ فقام الشهود بمفاوضات لشرائها.‏ ثم وضع المجلس شرطا غير عادي هو انّ عقود البيع لا يمكن اتمامها حتى اكمال المبنى.‏ أُكمل البناء سنة ١٩٩٧.‏ ومن المفرح انّ المجلس التزم بالاتفاق.‏ انّ الجماعات التي تستخدم القاعة تعتبرها دليل بركة يهوه على جهودهم لتعزيز توسُّع العبادة الحقة في منطقتهم.‏

الاولى في اوروپا

حتى عند التمكن من الحصول على العقار،‏ غالبا ما كان بناء قاعة ملكوت جديدة يستغرق سنوات.‏ ولكن في السنوات العشر التي انتهت سنة ١٩٨٢،‏ ازداد عدد الجماعات في بريطانيا من ٩٤٣ جماعة الى ١٤٧‏,١ جماعة.‏ وكان يلزم فعل شيء ليكون عمل البناء مجاريا للنمو.‏

وفي ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٨٣،‏ وصل فريق من الاخوة ذوي الخبرة في عمل البناء الى نورثامپتون التي تقع على بعد ١٠١ كيلومتر شمالي لندن،‏ قادمين من الولايات المتحدة وكندا.‏ لقد كانوا يعالجون الحاجة الى البناء السريع وأتوا لتقديم الحلول العملية التي توصّلوا اليها.‏ فعملوا جنبا الى جنب مع الاخوة المحليين بغية مساعدتهم على بناء قاعة ملكوت جديدة بطريقة اقتصادية وسريعة.‏ ذكرت مجلة تصميم المباني (‏بالانكليزية)‏ في الشهر التالي:‏ «انجز مؤخرا فريق من شهود يهوه في اربعة ايام ما ينجزه المتعهِّد العادي في ستة اشهر.‏ وقد قاموا بالعمل بربع الكلفة».‏ لقد بارك يهوه بناء قاعة الملكوت هذه السريعة البنيان،‏ الاولى من نوعها في اوروپا.‏

وفي السنة التالية،‏ ساعد اكثر من ٠٠٠‏,١ متطوع على بناء قاعة ملكوت في بلدة دَلڠثلي الويلزية.‏ وهذه المرة أُكمِل المشروع في يومين بدلا من اربعة ايام.‏ وقد ساعد شهود من ويلز،‏ انكلترا،‏ والولايات المتحدة الشهود المحليين الـ‍ ٣٣.‏ وكان اخوة من فرنسا وهولندا موجودين ليروا كيفية القيام بالعمل.‏ وعند عودتهم الى موطنهم بدأوا يعلِّمون الآخرين كيفية اتِّباع اساليب مماثلة.‏

استفاد شهود يهوه في بريطانيا من العون الذي قدمه الاخوة من الخارج،‏ وأبدوا هم بدورهم استعدادا لمساعدة الآخرين.‏ وقد فعلت ذلك جماعتان في كِنڠزلِن،‏ نورفوك،‏ بطريقة استثنائية.‏ ففي سنة ١٩٨٦،‏ كانت الجماعتان منشغلتين بالاستعدادات لبناء قاعة ملكوت جديدة تحل محل المبنى الخشبي الذي كانتا تستخدمانه.‏ وعندما سمعتا انّ جماعة كوڤ في ايرلندا كانت تعقد الاجتماعات في ما كان قبلا مرأبا وأن عدد الحاضرين بين ٤٥ و ٥٠ شخصا،‏ قررتا تقديم المساعدة.‏ فقدَّمتا للشهود في كوڤ مبناهما القديم بكل محتوياته التي تشمل الكراسي وأجهزة الصوت.‏ وعندما وجدتا انّ اطارات النوافذ يلزم استبدالها،‏ تبرع الاخوة المحليون بما يكفي لسد النفقة.‏ وقد تبرعت الجماعات المجاورة بالمال لشراء جملونات جديدة لتدعيم السقف.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ سدَّد الاخوة في نورفوك كل تكاليف الشحن.‏

ويتذكر پيتر روز،‏ الناظر المشرف في كِنڠزلِن:‏ «تبيَّن انّ تفكيك القاعة مهمة شاقة.‏ فكل جزء كان يجب نزعه دون ان يتضرَّر،‏ ترقيمه افراديا،‏ ثم اعادة جمعه كما في احجية كبيرة للصور المقطوعة».‏ وعندما انتهوا من التفكيك في ايار (‏مايو)‏ ١٩٨٦،‏ حزموا كل الاجزاء في حاوية وشحنوها الى كوڤ عبر البحر الايرلندي.‏ واعتزم الاخوة في كوڤ ان يبنوا قاعتهم الجديدة في نهاية الاسبوع الواقعة في ٧ و ٨ حزيران (‏يونيو)‏،‏ اي في الوقت نفسه حين كان الاخوة في كِنڠزلِن سيبنون قاعة ملكوتهم الجديدة.‏ وقد أُكملت القاعتان في نهاية الاسبوع هذه.‏

التمويل وتزويد المساعدة ذات الخبرة

احتوت الطبعة البريطانية من خدمتنا للملكوت عدد نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٨٧ ملحقا لفت الانتباه الى تأسيس صندوق قاعات ملكوت الجمعية بغية ‏«التمويل بطريقة ملائمة ومنخفضة الكلفة» لتشييد مبانٍ جديدة وشراء مبانٍ وإعادة بنائها على السواء.‏ وبهذه الطريقة امكن حصول مساواة في الموارد.‏ (‏٢ كورنثوس ٨:‏١٤‏)‏ واختتمت المقالة:‏ «فيما ندرك حجم المهمة التي امامنا ونقدِّر التبرعات السخية التي قدمتها الجماعات (‏وتقدمها)‏ لقاعات محافل جديدة،‏ يجب ان نثق كاملا بمساعدة يهوه لنا على سد الحاجة الحالية الى قاعات ملكوت.‏ —‏ امثال ٣:‏٥،‏ ٦‏».‏

وفي السنة التالية،‏ رتّبت الهيئة الحاكمة بواسطة مكتب الفرع ان تكون لجان من الاخوة متوفرة في اجزاء مختلفة من البلد بغية الاشتراك في خبرتها الاحترافية مع الآخرين والمساعدة على تنظيم بناء قاعات الملكوت.‏ وبحلول سنة ١٩٩٨،‏ كانت ستَّ عشرة لجنة بناء اقليمية قد عُيِّنت.‏ وساعدت هذه اللجان على بناء وتجديد اكثر من ٧٠٠ قاعة ملكوت في بريطانيا.‏

ان معظم الاخوة الذين يخدمون في هذه اللجان لديهم عائلات يهتمون بها.‏ لذلك يتمكن البعض من تخصيص المزيد من الوقت لهذا العمل،‏ فيما يخصص آخرون وقتا اقل.‏ مايكل هارڤي،‏ اب لخمسة اولاد،‏ اختار بالتعاون مع زوجته جين اعطاء بناء قاعات الملكوت الاولوية على الامور الاخرى.‏ لقد تعلم الزوج والزوجة كلاهما قيمة نصح يسوع بإبقاء الملكوت اولا في حياتهما.‏ (‏متى ٦:‏٣٣‏)‏ يقول مايكل:‏ «لقد اتخذت كلمات يسوع معنى جديدا بالنسبة الينا.‏ فيهوه لم يخيِّبنا مطلقا».‏ وتوافقه جين في الرأي قائلة:‏ «عندما كانت ابنتنا رايتشِل في التاسعة من العمر تقريبا،‏ كانت تنمو بسرعة فضاقت ثيابها عليها.‏ لم اكن املك مالا كافيا لشراء ثياب جديدة لها،‏ ولذلك كنا نحاول تدبُّر الامر بإصلاح الثياب والتغيير فيها لتصبح مناسبة.‏ وفي اليوم الذي سبق محفلنا الدائري،‏ ارسلت الينا اخت مايكل ثوبين جديدين كانت قد اشترتهما بسعر مخفَّض.‏ وقد لاءما رايتشِل تماما،‏ وكان وقت ارسالهما مثاليا للمحفل!‏».‏ وفيما يشترك اثنان من ابنائهما في عمل البناء،‏ تعتني جين والبنتان بالبيت ويهتممن ببعض الاعمال المرتبطة بمشاريع البناء.‏ يوضح مايكل:‏ «عملنا في البناء يجمعنا معا.‏ حقا،‏ انه مشروع عائلي».‏

وفي ما يتعلق ببعض قاعات الملكوت التي بُنِيت في ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ بلغ عدد المتطوعين للقيام بالعمل المئات لا بل الآلاف.‏ ولتبسيط العمل،‏ سافر الاخ هارڤي الى الدانمارك للتشاور مع الاخوة الذين كانوا يعملون في مشاريع قاعات الملكوت هناك.‏ وقد اتت مساعدة اضافية عندما اعلمت الجمعية الجماعات انه عندما توجد حاجة الى قاعات ملكوت جديدة،‏ تستطيع الجمعية تزويد تصاميم مختارة أُعدَّت قبلا.‏ ونتيجة لذلك،‏ بات العدد اللازم من المتطوعين اقل،‏ خُفِّض مقدار العمل كثيرا،‏ وشُيِّدت قاعات ملكوت بسيطة ولكن ملائمة في كل ارجاء بريطانيا.‏

اكثر من حادثة طريفة

ان الجهد الموحَّد لبناء قاعة ملكوت والسرعة التي يُنجَز بها ينتجان شهادة رائعة للناس.‏ وغالبا ما تكتب الصحف عن العمل الذي يجري.‏ ففي سنة ١٩٩٠،‏ غطّى ڤيكتور لاڠدن،‏ صحافي تصويري لدى صحيفة محلية تدعى صدى المساء (‏بالانكليزية)‏،‏ بناء قاعة جديدة استغرق ثلاثة ايام في جزيرة كانڤي في الجهة الشمالية لمصب نهر التَّيمز.‏ عندما وصل الى موقع البناء صباح يوم الجمعة،‏ كان هنالك مجرد تجهيزات البناء.‏ وكانت عبارة «مكتب الصحافة» ملصقة على باب مقطورة.‏ يتذكر ڤيكتور:‏ «كانت البنية الوحيدة المنتصبة في الموقع في ذلك الحين.‏ ولكن ما ترك فيّ انطباعا هو عمال البناء —‏ رجال ونساء،‏ احداث وشيوخ،‏ يعملون معا».‏ التقط ڤيكتور صورة للموقع وانصرف.‏ ثم طلب من المحرِّر الذي يعمل معه ان يتردد على الموقع اثناء نهاية الاسبوع ليعرف هل صحيح هو ادعاء الشهود انهم يبنون قاعة في غضون ثلاثة ايام.‏ فغطى هو وثلاثة مراسلين صحافيين تقدُّم العمل.‏

ويوم الاحد،‏ حضر ڤيكتور اول اجتماع عُقد في القاعة الجديدة.‏ ونتيجة لذلك،‏ زيَّنت صحيفته مقالة بحجم صفحتين تحت العنوان:‏ «يهوه العظيم!‏».‏ ولاحقا،‏ زار احد الشيوخ المحليين ڤيكتور.‏ وابتُدئ بدرس في الكتاب المقدس معه.‏ يروي ڤيكتور:‏ «في غضون ثلاثة اسابيع تعلَّمت اسم اللّٰه،‏ وعوض تقديم الالتماسات فقط في صلواتي،‏ بتُّ اقدِّم التشكرات —‏ تشكراتي ليهوه».‏ وڤيكتور هو اليوم شاهد معتمد ليهوه.‏

‏‹الاتساع›‏

في سبعينات وثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ قُدِّمت شهادة واسعة للسكان المهاجرين الى بريطانيا،‏ ومعظمها بواسطة شهود هم انفسهم مهاجرون ويتكلمون اللغات المتنوعة المطلوبة.‏ ولكن كان يلزم مزيد من المساعدة.‏

وسنة ١٩٩٣،‏ كان مليونا شخص من خلفية آسيوية يعيشون في بريطانيا،‏ اي واحد من كل ٢٨ من السكان.‏ وقد اتى كثيرون منهم من شبه القارة الهندية وآخرون من شرق افريقيا.‏ وكان هنالك نحو ٥٠٠ ناشر يتكلمون الپنجابية و ١٥٠ يتكلمون الڠودجَراتية مقترنين بجماعات انكليزية ويعقدون اكثر من ٥٠٠ درس في الكتاب المقدس بهاتين اللغتين.‏ ولكن لم تسنح لجميع المهاجرين فرصة الاستفادة من بشارة ملكوت اللّٰه.‏

وإذ ادرك مكتب الفرع انّ مَن يتكلم الانكليزية فقط قد يشعر بعدم الكفاءة عندما يحاول ان يشهد لأناس لغتهم وثقافتهم مختلفتان،‏ حضّ الشهود المحليين ان ينمّوا محبة واسعة نحو الناس من جميع العروق وروحا شبيهة بروح المسيح في الاهتمام بخير الآخرين.‏ لقد شُجِّعوا على ‹الاتساع›.‏ (‏٢ كورنثوس ٦:‏١١-‏١٣؛‏ فيلبي ٢:‏١-‏٤‏)‏ وأوضحت خدمتنا للملكوت:‏ «نريد ان يشعر الناس في مقاطعتنا بما نكنُّه من الدفء والاهتمام اللذين عبَّر عنهما يسوع في خدمته».‏ وقيل للشهود في بريطانيا:‏ «انّ حقلا ارساليا شاسعا قد اتى الينا حقا!‏».‏

وفي ما يتعلق بإظهار الاهتمام لمن يتكلمون لغات اجنبية،‏ شُجِّع جميع الشهود البريطانيين على إحالة الاجانب الذين يلتقونهم في مقاطعاتهم الى الجماعات المناسبة الناطقة بلغات اجنبية.‏ وهكذا،‏ سواء استطاع الشهود الافراد تكلُّم لغة اخرى او لا،‏ فقد تمكنوا جميعا من الاشتراك في الاهتمام بالحقل الارسالي الشاسع الذي انتقل الى انكلترا.‏ وفي الواقع،‏ انّ مقاطعات الجماعات الناطقة بلغات اجنبية تتألف بشكل رئيسي من إحالات كهذه.‏

وبناء على ذلك،‏ في سنة ١٩٩٦،‏ زارت ڠريس لي بيت سيدة من ڤيتنام تعيش في نيوكاسل أپُّن تاين في شمال شرق انكلترا.‏ وكانت المرأة تتكلم اللغة الصينية.‏ لاقت ڠريس ترحيبا حارا ودعوة فورية الى البيت.‏ فعلِمت انّ المرأة لاجئة عانت كثيرا اثناء حرب ڤيتنام.‏ وهي تعيش في انكلترا منذ حوالي عشر سنوات،‏ غير انّ لغتها الانكليزية ما زالت ضعيفة.‏ اوضحت المرأة لڠريس انها غالبا ما كانت يائسة جدا ولم يكن لديها احد تستطيع الالتفات اليه من اجل المساعدة.‏

وأخبرت ڠريس ايضا انها تسلمت كتابا ذا صور كثيرة وجميلة منذ اربع سنوات،‏ لكنها لا تستطيع فهمه لأنها لا تقرأ الانكليزية.‏ ومع ذلك،‏ كانت تنظر الى الصور كلما شعرت باليأس لأن ذلك يساعد على تخفيف يأسها ومَلئها بالامل.‏ فأخذت الكتاب من رف الكتب،‏ سلّمته الى ڠريس،‏ وطلبت ان تقرأه عليها لتعرف موضوعه.‏ وقد كان كتاب يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض!‏ فتجاوبت ڠريس قائلة انه بإمكانها فعل شيء افضل من ان تقرأ عليها النسخة الانكليزية من الكتاب.‏ ومدَّت يدها الى حقيبتها وأخرجت نسخة من الكتاب نفسه باللغة الصينية.‏ فلم تصدِّق السيدة عينيها.‏ لقد صار بإمكانها اخيرا تعلُّم رسالة الكتاب المقدس!‏ فوافقت فورا على درس في الكتاب المقدس.‏

وكجزء من ‹الاتساع›،‏ منح مكتب الفرع انتباها خصوصيا لمساعدة الفرق العرقية على النمو من الناحية الروحية والتنظيمية.‏ خدم كولِن سايمور وزوجته اوليڤ ٢٠ سنة في زيارة الجماعات في كل ارجاء بريطانيا.‏ وقد اظهرا كلاهما اهتماما حقيقيا بالذين خدماهم،‏ وبات هذا ظاهرا بشكل خصوصي اثناء زياراتهما للجماعات في جزيرتَي مالطة وڠوزو في البحر الابيض المتوسط.‏ حتى انهما حاولا التعليق باللغة المالطية في اجتماعات الجماعة،‏ جاعلَين انفسهما محبوبَين الى الاخوة المحليين.‏

وفي ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٩٤،‏ عُيِّن كولِن ناظر دائرة للفرق الناطقة بلغات غير انكليزية وبعض الجماعات الناطقة بلغات اجنبية في انكلترا.‏ فقيَّم باعتناء نمو كل فريق ليصير جماعة وقوَّى الجماعات التي كانت تعمل في ذلك الحين.‏ ورغم انّ هذه الدائرة كانت الاصغر في البداية —‏ ١٢ جماعة فقط تضم نحو ٧٥٠ ناشرا —‏ فقد نمت في غضون ثلاث سنوات لتصير اكبر دائرة،‏ اذ تضم ٩٦٨‏,١ ناشرا بينهم ٣٨٨ شخصا يخدمون كفاتحين.‏ ومنذ ذلك الوقت،‏ ازداد عدد الدوائر الناطقة بلغات اجنبية ليصبح ثلاثا.‏

تعلُّم لغة جديدة

قام بعض الشهود البريطانيين بمبادرة شخصية في تعلُّم لغة اخرى بغية الاشتراك في حقائق الكتاب المقدس المانحة الحياة مع المهاجرين الذين يتكلمون لغات اخرى.‏ وبين هؤلاء اليزابيت إمِت التي خدمت كفاتحة في اجزاء مختلفة من انكلترا.‏ لقد حاولت اولا تعلُّم الپنجابية لتساعد الناس في مقاطعتها.‏ وفي تعيين جديد لها بعد ذلك،‏ بدأت سنة ١٩٧٦ تتعلم الاوردية،‏ وبعدها الڠودجَراتية.‏ ولمساعدة المهتمين،‏ كانت تبحث عن الناشرين الهنديين والپاكستانيين في المحافل.‏ اما كليفتون وأماندا بنكس،‏ فإن ما جعلهما يبدأان كان حضور محفل في روسيا سنة ١٩٩٣.‏ فعند العودة الى الموطن،‏ حصلا على مقرَّر لتعليم اللغة الروسية من المكتبة المحلية،‏ انتقلا الى منطقة يقيم فيها اشخاص يتكلمون الروسية،‏ وانخرطا في الفتح في الجماعة الروسية هناك.‏ غير انّ ايجاد الوقت لدرس لغة عندما يكون لدى المرء مسؤوليات دنيوية وعائلة يهتم بها بالاضافة الى برنامج نشاط ملآن في الجماعة وفي خدمة الحقل ليس بالامر السهل.‏

وبسبب الحاجة الخصوصية في انكلترا،‏ حظي بالتشجيع الفاتحون الذين ارادوا توسيع خدمتهم بهذه الطريقة.‏ ودون التخلي عن خدمة الفتح،‏ تعلموا القواعد الاساسية للغة جديدة.‏ وللحصول على الارشاد اللازم،‏ درس بعض الفاتحين مقرَّرا موجزا في المبادئ الاساسية للغتهم الجديدة،‏ وكانت النتائج مثيرة للاهتمام.‏

كريستين فلِن،‏ التي خدمت كفاتحة ٢١ سنة،‏ قررت هي وسبعة فاتحين آخرين ان يتسجلوا في مقرَّر في اللغة الڠودجَراتية سنة ١٩٩٦/‏١٩٩٧.‏ كان المعلمان زوجين هنديَّين اندهشا،‏ وهذا ابسط ما يُقال،‏ عندما انضمّ الى مقرَّرهما كثيرون من التلاميذ الذين يتكلمون الانكليزية.‏ وتروي كريستين:‏ «لقد عدَّلا صفوفا كثيرة لمساعدتنا.‏ كما ساعداني على الاستعداد لعروض خدمة الحقل وأيضا حضرا بعض اجتماعاتنا».‏

وفي الوقت نفسه تقريبا،‏ بدأت كريستين عملا دنيويا جديدا.‏ والتقت في مكان عملها شابة تتكلم الڠودجَراتية.‏ وعندما ألقت كريستين عليها التحية بالڠودجَراتية،‏ عبَّرت الشابة عن دهشتها وأرادت ان تعرف لماذا كانت تتعلَّم اللغة.‏ فأوضحت كريستين الامر وقدَّمت لها شهادة رائعة.‏ وكان ردّ فعل الشابة:‏ ‹ما من دين آخر يشجع اعضاءه على تعلم لغة صعبة كهذه.‏ لا بدّ ان يكون لديكم شيء مهم تقولونه›.‏

انكبَّت پولين دنكن،‏ التي كانت فاتحة ايضا،‏ على تعلم البنغالية سنة ١٩٩٤.‏ فوجدت الامر صعبا جدا في بادئ الامر.‏ تعترف:‏ «تضرَّعت الى يهوه بدموع مرات عديدة وأخبرته عن مدى صعوبة هذه اللغة وأنني اريد التوقف.‏ ولكن بفضل روح يهوه القدس،‏ بالاضافة الى تصميمي وجهودي،‏ اجتزت المرحلة الشاقة وأنا سعيدة لأنني لم اتوقف،‏ فأنا احصد الآن نتائج رائعة».‏ وتخبر بڤرلي كروك،‏ فاتحة اخرى،‏ عن الأثر الذي تركه تعلمها البنغالية في الناس الذين تزورهم:‏ «منذ تعلمت هذه اللغة،‏ حدث تحوّل كامل في خدمتي.‏ فالاشخاص البنغاليون يعلمون اننا نحبهم حقا اذ نصرف الوقت في تعلم لغتهم».‏

وتقول جنيفر تشارلز،‏ فاتحة في احدى الجماعات الفرنسية التي تضم لاجئين كثيرين من جمهورية الكونڠو الديموقراطية:‏ «لقد ساعدني تعلُّم لغة جديدة ان افهم كيف يشعر الذين في مقاطعتي عندما يأتون الى بلد لا يستطيعون تكلّم لغته».‏

لسنوات عدة،‏ شُجِّع فاتحون كثيرون،‏ بينهم اخوات عوازب يستطعن ان يخدمن حيث الحاجة اعظم،‏ على التحدث الى ناظر دائرتهم بشأن الانتقال الى جماعات مجاورة عند الحاجة.‏ واختار البعض تعلّم لغة جديدة بغية تقديم المساعدة في حقل اللغات الاجنبية.‏ لقد فعلت ذلك اكثر من ١٠٠ أخت في لندن الكبرى.‏ فكانت خدمتهن مثمرة بين الذين يتكلمون لغات غير الانكليزية.‏ وبفضل مساعدتهن،‏ يدرس كثيرون الكتاب المقدس ويحضرون الاجتماعات المسيحية.‏

عندما تستمر الروح الارسالية

وجد كثيرون ممن كانوا مرسلين انه من الضروري ان يعودوا الى بريطانيا لأسباب مختلفة.‏ واستمر كثيرون منهم في القيام بالعمل الصالح.‏

بعد ان قضى ويلفرد وڠوِن ڠوتش ١٤ سنة في الخدمة الارسالية،‏ انتقلا من نيجيريا الى الفرع في لندن سنة ١٩٦٤.‏ لم يكن ذلك بسبب انزعاجهما من الخدمة في نيجيريا،‏ فقد كانا يعزّانها.‏ إلا انه أُوكِل الى ويلفرد الاهتمام بالاشراف على فرع بريطانيا.‏ وبسبب موقفهما الايجابي،‏ استطاعا تشجيع فاتحين كثيرين في انكلترا ان يكونوا مستعدين للخدمة وفق توجيه يهوه بواسطة هيئته.‏ وغالبا ما كان ويلفرد يقول:‏ «تتعلم في غضون سنة وأنت مرسل اكثر مما تتعلم في غضون ٣٠ سنة وأنت فاتح».‏ لم يعنِ بذلك التعلّم اكثر عن الاسفار المقدسة،‏ بل عن نفسكم والحياة وكيفية التعامل بشكل ودّي مع اخوتكم وأخواتكم.‏

عاد جون وپات باركر،‏ خرّيجا الصف الـ‍ ٤٥ من جلعاد،‏ الى انكلترا عندما اوشكا ان ينجبا.‏ لكنهما كانا قد عملا بجد لتعلّم المندَرينية بغية التمكن من الشهادة للصينيين في تايوان.‏ ولدى عودتهما الى انكلترا استمرا يبحثان عن اشخاص صينيين يستطيعان اخبارهم بالبشارة.‏ وبعد ان كبر اولادهما وتزوجوا،‏ انخرطا كلاهما في الفتح القانوني،‏ وهما يستمتعان الآن بخدمة مثمرة مع جماعة تضم فريقا يتكلم المندَرينية في مدينة برمنڠهام في الاقاليم الوسطى.‏ وعاد بعض الذين درسا معهم الى الصين بمعرفة وافية للحق.‏

ودايڤيد شِپِرد الذي خدم سابقا كمرسل في غانا له الآن زوجة وثلاثة اولاد.‏ غير ان دايڤيد يستمر في الخدمة كامل الوقت.‏ فماذا ساهم في ذلك؟‏ يوضح:‏ «عندما رأيت الشيء القليل الذي يملكه الاخوة في غانا،‏ ساعدني ذلك ان احاول ابقاء حياتي بسيطة قدر الإمكان».‏

تسهيلات ملائمة للعمل

لعبت مطبوعات الكتاب المقدس دورا مهما في نشر بشارة الملكوت.‏ وفي اوائل سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ انجز فرع لندن دورا مهما في تزويد هذا الطعام الروحي المعطي الحياة لبلدان اخرى كثيرة.‏ ووصل الكثير من هذا الطعام الروحي الى بلدان في افريقيا وحتى الى مناطق بعيدة كأوستراليا.‏

وتدريجيا،‏ تولّت فروع طباعة اخرى جزءا من انتاج المجلات،‏ فيما ركّزت غرفة الطباعة في لندن على الانكليزية،‏ الهولندية،‏ والسواحلية.‏ ومع ذلك،‏ كان برنامج آلتَي الطباعة في انكلترا صنع شركة MAN لا يزال حافلا.‏ وللالتصاق به،‏ كانت احدى الآلتين سنة ١٩٧٧ تُشغَّل ليلا مرة كل ثلاثة اسابيع.‏

وحان الوقت لتوسيع تسهيلات الجمعية في لندن.‏ ففي بيت برج المراقبة في مِل هِل الذي كان يُستخدم منذ اواخر خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ لم يعد هنالك مكان يتَّسع للمطبوعات التي ينتجها الفرع.‏ وقد حالت قيود التصميم دون توسيع قسم المعمل في بيت برج المراقبة،‏ فوافقت الهيئة الحاكمة على نقل المعمل الى موقع آخر،‏ وفي الوقت نفسه توسيع بيت ايل الحالي لإيواء العدد المتزايد من الاخوة اللازم لإنجاز العمل.‏

اخيرا،‏ أُنشئ معمل مساحته ٠٠٠‏,٣ متر مربع في ويمبلي التي تبعد نحو ١٣ كيلومترا.‏ وقد زوّد البناء المؤلف من طابقين مكانا فسيحا يتسع لمعمل موسَّع بالاضافة الى شقة،‏ مطبخ،‏ غرفة طعام،‏ وتسهيلات للاستقبال.‏ فنُقلت عمليات المعمل الى هذا الموقع سنة ١٩٨٠،‏ وأُضيفت الى التجهيزات الموجودة مطبعة اوفست جديدة ماركة هاريس ذات خمس وحدات.‏ وفي غضون سنتين،‏ بلغ الانتاج السنوي للمجلات ٠٠٠‏,٣٢٨‏,٣٨ مجلة.‏

وفي تلك الاثناء،‏ ابتدأ العمل في جناح جديد لبيت برج المراقبة في مِل هِل مما يزوِّد ٤١ غرفة اضافية لعائلة بيت ايل وغرفة طعام ومطبخا اوسع.‏ فدُعي جون آندروز،‏ ناظر كورة لديه خلفية في الهندسة المعمارية،‏ الى بيت ايل للعمل مع الفريق الذي يقوم بالمشروع.‏ وتطوع شهود من مناطق كثيرة في البلد للعمل في نهايات الاسابيع.‏ ورغم الثلوج المتساقطة بغزارة والحرارة المنخفضة جدا اثناء شتاء سنة ١٩٨١/‏١٩٨٢،‏ تقدَّم العمل بشكل سريع.‏ واستُخدِم عدد من الموظفين غير الشهود كمقاولين فرعيين وعملوا مع الاخوة جنبا الى جنب.‏ وبعد سنتين بقليل،‏ اصبح الجناح الجديد للمبنى جاهزا للاستعمال.‏ وقد تزامن ذلك تقريبا مع حدث بارز آخر.‏

مشروع ضخم

في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٨٢،‏ قَبِلت الهيئة الحاكمة دعوة من لجنة الفرع ان تعقد في بريطانيا الاجتماع السنوي لجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في پنسلڤانيا سنة ١٩٨٣.‏ وكان هذا الحدث سيتصف بأهمية مضاعفة لأن الفرع خطّط ان يدشَّن التوسع الجديد لبيت ايل في لندن في نهاية الاسبوع نفسها التي سيُعقَد فيها الاجتماع السنوي هناك.‏

يتذكر دنيس لوفت الذي كان آنذاك ناظر المدينة في لَيسْتَر:‏ «حوالي الساعة الثامنة من صباح احد الايام،‏ تلقَّيت اتصالا هاتفيا من پيتر إليس في بيت ايل.‏ وطلب مني ان احجز قاعة دو منتفورت لتاريخ ١ تشرين الاول [اكتوبر]».‏ وقد كانت هذه القاعة الموقع الذي انعقد فيه محفل بارز من ٢-‏١٠ ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٤١ حين صدر كتاب الاولاد (‏بالانكليزية)‏.‏ وفي ذلك الحين،‏ في خضمّ الحرب العالمية الثانية عندما اتخذ اخوتنا موقفا شجاعا حيال الحياد المسيحي،‏ كان ألبرت د.‏ شرودر،‏ الآن عضو في الهيئة الحاكمة،‏ خادم الفرع في بريطانيا.‏ فكم كان سيصير الاجتماع السنوي مناسبة رائعة بالنسبة الى الاشخاص الاكبر سنا الاحياء آنذاك ليجددوا معرفتهم بخدام يهوه الاولياء من الايام السابقة!‏

كان الاجتماع السنوي لسنة ١٩٨٣ اول اجتماع من هذا النوع يُعقَد خارج اميركا الشمالية.‏ وبدأ التخطيط لربط البرنامج في لَيسْتَر بقاعة محافل دَدلي في الاقاليم الوسطى.‏ وبهذه الطريقة استطاع المزيد من الاخوة ان يستمتعوا بالمناسبة.‏ وأول المدعوين كانوا الاشخاص الذين خدموا يهوه ما لا يقل عن ٤٠ سنة.‏ وقد بُعِث برسالة الى الفروع في كل اوروپا تدعو اعضاء عائلات بيت ايل الى المجيء في نهاية الاسبوع.‏ وسرعان ما أُدرِك انه لن يكون هنالك مكان في بيت ايل في لندن يتّسع لإيواء جميع هؤلاء المندوبين الاوروپيين.‏ وهكذا جرى التخطيط لقسم منامة يؤوي جميع الزائرين.‏

وفي غضون ذلك،‏ اتصل الاخ لوفت بمجلس مدينة لَيسْتَر،‏ فأُخبِر ان احدى كبرى الشركات في المدينة ستقيم حفلة عشاء سنوية راقصة في نهاية الاسبوع عينها التي اردنا حجز القاعة فيها.‏ وبعد الاستعلام اكثر،‏ علم دنيس ان الحدث سيُقام فعلا في ٣٠ ايلول (‏سبتمبر)‏ ولكن بسبب الحاجة دائما الى القيام بالكثير من التنظيفات بعد الحفلة،‏ حُجِزت القاعة لليوم التالي ايضا.‏ فسأل دنيس:‏ «اذا اخذنا على عاتقنا مسؤولية تنظيف المكان،‏ فهل يمكننا حجزه لـ‍ ١ تشرين الاول [اكتوبر]؟‏».‏ وافق المدير وتنفس دنيس الصعداء رغم انه لم يكن يدرك في ذلك الوقت ضخامة ما تعهد به.‏

وفي منتصف ليل ٣٠ ايلول (‏سبتمبر)‏،‏ بدأ ٤٠٠ اخ منظمون في فرق تحت اشراف قواد بتنظيف المكان من النفايات الناتجة من الحفلة الاجتماعية.‏ كما اعادوا وضع الطاولات ومعها ٠٠٠‏,٣ كرسي استعدادا للاجتماع.‏ وكان ذلك مهمة هائلة يجب انجازها في ثماني ساعات فقط.‏ يتذكر دنيس:‏ «الميزة الفريدة هي ان اخوة قليلين جدا من هؤلاء قد دُعوا الى الاجتماع السنوي،‏ ومع ذلك،‏ فمجرد التمكن من القيام بدور فيه،‏ حتى الاعداد فقط له،‏ هو امر ما زالوا يتحدثون عنه حتى هذا اليوم».‏ لقد كسا الاخوة المنصة سجادا وأحاطوها بالازهار.‏ وعند الثامنة صباحا،‏ كانت القاعة نظيفة.‏ فوقف موظفو القاعة مذهولين.‏ وأدرك الاخوة ان هذا الاجتماع يمكن ان يكون مميَّزا جدا.‏ ولم يصابوا بالخيبة.‏

اجتماع لا يُنسى

كان هنالك ٦٩٣ مندوبا من ٣٧ فرعا آخر بين الحاضرين الـ‍ ٦٧١‏,٣ الذين اتوا لحضور المأدبة الروحية في لَيسْتَر.‏ وكان كثيرون من الحضور اخوة وأخوات ممسوحين.‏ ريڠ كَلوند من تلفورد وإيما بَرنل من پاينتن البالغان كلاهما ٩٩ سنة من العمر كانا اكبر مندوبي بريطانيا سنا.‏ اما جانيت تايت من ڠلاسكو،‏ ماري ڠرانت،‏ إديث ڠايڤر،‏ وروبرت واردن الذين هم في العقد التاسع او العاشر من عمرهم،‏ فقد تعلَّموا الحق قبل الحرب العالمية الاولى.‏ ويا للحياة المليئة بالاختبارات التي عاشها كلٌّ منهم في خدمة يهوه!‏ فقد اشتركوا في عمل الشهادة فيما ازداد عدد مسبحي يهوه في بريطانيا من بضعة آلاف الى ٣٢٠‏,٩٢ شخصا.‏ وكانوا ينتظرون بشوق التشجيع الذي سيقدمه اعضاء في الهيئة الحاكمة.‏

تحدث ألبرت د.‏ شرودر حول المحور:‏ «استمروا في وضع رجائكم في يهوه لكي لا تعيوا» المؤسس على اشعياء ٤٠:‏٣١‏،‏ ترجمة تفسيرية.‏ وقابل ايضا اخوة امناء هم:‏ روبرت واردن الذي اعتمد سنة ١٩١٣ وهارولد رابسن الذي اعتمد سنة ١٩١٤،‏ وكلاهما من ڠلاسكو؛‏ روبرت اندرسن الذي خدم كفاتح ٥١ سنة؛‏ وإرني بيڤر الذي كان قد خدم كناظر دائرة طيلة ١٧ سنة وانخرط اولاده الثلاثة في الخدمة الارسالية.‏ لقد تكلم الجميع بحماسة عن سنواتهم الكثيرة في خدمة يهوه.‏ وتحدث دانيال سيدليك،‏ عضو آخر في الهيئة الحاكمة حول المحور:‏ «الافضل سيأتي بعد».‏ وقد كان خطابا لا يزال الاخوة يتذكرونه حتى هذا اليوم.‏

كتب احد الاخوة:‏ «عندما تسلمنا دعوتنا،‏ عاد الينا فيض من الذكريات عن ذلك المحفل الرائع الذي انعقد اثناء الحرب في قاعة دو منتفورت سنة ١٩٤١.‏ فذلك المحفل الذي انعقد بأعجوبة في وسط بريطانيا التي مزقتها الحرب هو بالتأكيد افضل محفل حضرناه،‏ غير ان ‹الافضل كان سيأتي بعد›.‏ غادرنا ذلك الاجتماع بقلوب طافحة بالشكر ليهوه،‏ مصممين على البقاء اولياء لخالقنا،‏ لملكه المسيح يسوع،‏ وللهيئة التي يستخدمها بشكل واضح جدا».‏

وبعد هذا الحدث،‏ سافر مندوبون كثيرون الى لندن للاستمتاع ببرنامج تدشين توسُّع بيت ايل.‏ كانت الفترات موصولة هاتفيا بقاعة المحافل في لندن الشمالية،‏ مما اتاح الفرصة لعدد اكبر بكثير ان يستمعوا الى محاضرة التدشين التي ألقاها فردريك فرانز الذي كان آنذاك رئيس الجمعية.‏

موقع افضل للمطبعة

كانت تسهيلات الفرع لا تزال في حالة غير مثالية.‏ فبيت برج المراقبة كان في مِل هِل لكن المعمل كان في ويمبلي على بُعد ١٣ كيلومترا.‏ وكان عدد يتراوح بين خمسة وعشرين وثلاثين اخا من بيت ايل يذهبون قانونيا ليعملوا هناك.‏

وقبل سنوات،‏ لاحظ ن.‏ ه‍.‏ نور الذي كان آنذاك رئيسا للجمعية ان مبنى تابعا للشركة البصرية للمملكة المتحدة على الجانب الآخر من الطريق مقابل بيت برج المراقبة يمكن ان يكون مكانا مثاليا للمطبعة.‏ غير انه لم يكن متوفرا في ذلك الوقت.‏ ولكن في اجتماع نظمه مكتب البريد في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٨٦،‏ علم فيليپ هاريس،‏ الذي كان ناظر قسم الشحن عندنا،‏ ان الشركة البصرية في المملكة المتحدة ستخلي المبنى في بيتاسي هِل.‏ فصُنعت الترتيبات على الفور لحيازة هذا العقار الذي مساحته هكتاران،‏ وتمّ البيع بعد شهرين.‏ وفي الوقت نفسه،‏ انتهت بنجاح المفاوضات لبيع المعمل في ويمبلي.‏ ثم بدأ بناء المعمل الجديد بشكل جِدِّي.‏

اولا،‏ هُدِمت الابنية في الجهة الخلفية من بقعة بيتاسي هِل ليُفسَح المجال للمعمل الجديد.‏ وفيما تقدم الحفر،‏ اكتشف الاخوة ان هذه المنطقة كانت تُستخدم كمُلقى للنفايات الصناعية.‏ وعندما أُزيلت كل الانقاض،‏ بات واضحا انه من الممكن اضافة طابق سفلي كبير الى خرائط البناء.‏ لقد قضى اكثر من ٠٠٠‏,٥ متطوع من بريطانيا والخارج على السواء ما يزيد على نصف مليون ساعة في المشروع.‏ ونشأ عن ذلك معمل ومرأب رائعان يمكن ان يخدما جيدا القصد منهما في السنوات القادمة.‏

اما الطور الثاني لعمل البناء فقد شمل هدم المكتب والمعمل البصريَّين القديمين في المملكة المتحدة لفسح المجال امام مبنى جديد للمكاتب.‏ وللمحافظة على مظهر شبيه بالابنية الاخرى في الجوار،‏ اصرت سلطة التخطيط المحلية على استعمال الآجر في بنائنا الجديد للمكاتب.‏ وأُنجِز ذلك باستخدام انصاف من الآجر مثبَّتة على الواح الاسمنت.‏ وسرعان ما اتخذ بيت جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم شكله المحدد عندما انتصب في المكان المناسب ١٥٧ لوحا من الجدران الخارجية مزينا بالآجر.‏ سأل مدير لإحدى الشركات زار الموقع بُعيد ذلك عن عدد بنّائي الآجر الذين استخدمناهم.‏ ثم قال متأملا:‏ «طبعا ما لا يقل عن خمسين بنّاء».‏ وهزّ رأسه غير مصدِّق عندما علم ان ست نساء ورجلين فقط قاموا بالعمل كله!‏

في سنة ١٩٩٣،‏ اصبح هذا المُجمَّع الجديد المؤلَّف من مبنى للمكاتب ومعمل في المنطقة العليا من بيتاسي هِل جاهزا للاستعمال.‏ ودُشِّن خلال زيارة لألبرت د.‏ شرودر من الهيئة الحاكمة.‏ في ذلك الوقت كان ٣٩٥‏,١٢٧ شخصا يشتركون في خدمة الحقل في كل انحاء البلد.‏ وكم كان ذلك حقا سببا للفرح!‏

المساعدة على نطاق عالمي

هبَّ فرع الجمعية في المانيا الى المساعدة على طبع المجلات باللغة الانكليزية اثناء انتقال عمليات الطبع من ويمبلي الى الموقع الجديد في بيت جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم.‏ ولكن سرعان ما استؤنفت عمليات الطباعة في لندن وتدفقت عشرات ملايين المجلات التي تقدم حقائق معطية للحياة من المطابع في المعمل الجديد.‏

ورغم البعد عن افريقيا الشرقية،‏ تنتج مطبعة لندن منذ وقت طويل مخزونا قانونيا من المجلات لهذه المنطقة من العالم.‏ فالطبعات الانكليزية والسواحلية على السواء تُشحن من هناك بشكل قانوني.‏ وبشكل مماثل،‏ تتسلم الجزر الكاريبية مخزونها من بريطانيا.‏ فالسفن التي تحمل الموز تنقل حمولتها منذ سنوات كثيرة من جزر الهند الغربية الى الساحل الغربي لبريطانيا.‏ وتعود الى الجزر بالحمولة التي تشمل بشكل قانوني شحنات المجلات المنقولة مجانا لأن الجمعية تُعتبَر مؤسسة خيرية.‏

عندما يعدّ قسم الشحن الحاويات المسافرة للتصدير،‏ يُستخدَم المكان الفارغ لإرسال موارد مختلفة ضرورية الى الاخوة في مناطق تسودها ظروف اقتصادية صعبة.‏ فعشرات الآلاف من الكراسي الفائضة تُنقل من قاعات الملكوت في كل ارجاء البلد الى بلدان مثل تنزانيا،‏ زامبيا،‏ السنڠال،‏ ليبيريا،‏ وموزمبيق.‏ وتوضَع هناك بغية استعمالها من قِبل الجماعات التي تكتظّ الآن بأشخاص مهتمين يتوقون الى تعلم بشارة ملكوت اللّٰه.‏

وعندما اقتضت احوال الحرب في البوسنة سنة ١٩٩٤ القيام بعمليات اغاثة لإخوتنا هناك،‏ سرَّ الفرع في النمسا ان يزوِّد الطعام،‏ اللباس،‏ والموارد الاخرى.‏ ولكن عندما اصدرت السلطات في البوسنة مرسوما يقتضي ارسال الشحنات المقبلة الى هيئة مسجلة شرعيا،‏ طُلِب من الفرع في بريطانيا مدّ يد المساعدة.‏ فأُعدّت الاوراق القانونية بالانكليزية والكرواتية،‏ صُدِّقت لدى كاتب العدل،‏ وأُرسِلت بالبريد.‏ وكانت قافلة الاغاثة قد غادرت ڤيينا لتوِّها عندما وصلت الاوراق الى الفرع.‏ وإذ سافر الاخوة بالسيارة،‏ ادركوا القافلة عند الحدود وسلموا الاوراق القانونية في الوقت المناسب لعبور شحنة الاغاثة.‏

عندما كانت الترتيبات تُصنع لنقل عمليات الطباعة من فرنسا الى انكلترا في آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٨،‏ نُقل ٥٠ عضوا من عائلة بيت ايل في لوڤييه الى بيت ايل في لندن للمساعدة في اعباء العمل الاضافية.‏ وبعد مفاوضات شاملة،‏ صار من الممكن ايضا،‏ سنة ١٩٩٩،‏ ان تُنقل مطبعة وب اوفست الكبيرة ومعدات الطباعة الاخرى من لوڤييه الى لندن.‏ وكان الخدام الفرنسيون في بيت ايل يسعون الى تعلُّم الانكليزية فيما يحاول البريطانيون هناك استخدام بعض التعابير الفرنسية،‏ غير ان الجميع كانوا متحدين في تكلم «اللغة النقية» لحق الكتاب المقدس،‏ فتمكنوا بذلك من العمل كتفا الى كتف لإنجاز المهمات التي تكرم يهوه.‏ —‏ صفنيا ٣:‏٩‏،‏ ع‌ج.‏

الوصول الى الجزر

على مرّ السنوات،‏ اشرف فرع بريطانيا على عمل الكرازة في عدد من الجزر في مواقع مختلفة.‏ وكان بعضها جزءا من الجزر البريطانية.‏ فجزيرة وايت مقابل الساحل الجنوبي فيها سبع جماعات مزدهرة.‏ وتوجد جماعة متقدمة تتألف من ١٩٠ ناشرا تقريبا في جزيرة مان في البحر الايرلندي.‏ وجزر هَبْريديز مقابل الساحل الغربي لاسكتلندا تؤوي اكثر من ٦٠ ناشرا يشهدون بشكل قانوني في القرى الصغيرة النائية.‏ اما جزر أوركني وشَتلند مقابل الرأس الشمالي الشرقي لاسكتلندا،‏ فتوجد فيها جماعات نامية تقدِّم شهادة شاملة للبعيدين عن البرّ الرئيسي.‏ وفي الواقع،‏ يوسِّع الفاتحون في جزر شَتلند مقاطعتهم داخل بحر الشمال اذ يزورون مراكب الصيد ويكرزون للبحارة الذين فيها.‏

تهتم الجماعتان في ڠيرْنْزي،‏ احدى جزر القناة،‏ بعمل الشهادة في جزيرتَي ألدرني وسارك الاصغر حجما.‏ ويتطلب ذلك جهدا كبيرا.‏ على سبيل المثال،‏ منذ اوائل ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ تُقدَّم شهادة قانونية لسكان سارك الذين يبلغ عددهم الآن ٥٧٥ نسمة.‏ كان فاتح من ڠيرْنْزي يكرز في سارك،‏ فالتقى حدثا امه شاهدة في منطقة أخرى من الجزر البريطانية.‏ لم يبدِ الحدث اهتماما في بادئ الامر،‏ ولكن بعد مناقشات اضافية،‏ بدأ زوجان شاهدان يدرسان معه هو وصديقته،‏ وكثيرا ما عُقِد الدرس بالمراسلة.‏ لقد اشتركت الجماعات من ڠيرْنْزي وجيرزي في تحمّل نفقة ارسال فاتحة الى سارك وألدرني مرة في الشهر.‏ ونتيجة هذه المساعدة الشخصية والدروس بالمراسلة،‏ احرز الحدث وصديقته كلاهما تقدما روحيا بشكل تدريجي.‏ ولتزويد مساعدة اضافية،‏ كان احد الشيوخ يعقد معهما درسا بالهاتف مستخدما كتاب متحدين في عبادة الاله الحقيقي الوحيد.‏ وفي نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٤،‏ اصبح الحدث والحدثة التي هي زوجته الآن مستعدَّين للمعمودية.‏ وهما يستفيدان حاليا من اجتماعات الجماعة،‏ ويشتركان فيها عن طريق تركيبة هاتفية عندما لا تسمح لهما احوال الطقس بعبور البحر الى ڠيرْنْزي.‏ حقا،‏ تُبذل جهود دؤوبة لمساعدة الجميع على نيل فوائد البشارة.‏

ثمة ثلاث جماعات مزدهرة في جزيرة جيرزي المجاورة.‏ وتتناوب هذه الجماعات مع جماعتَي ڠيرْنْزي على استضافة محفل كوري سنوي يحضره نحو ٥٠٠ شاهد محلي وحوالي ٠٠٠‏,١ زائر من مناطق اخرى في بريطانيا.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ بما ان كثيرين من العمال الناطقين بالپرتغالية يأتون الى هذه الجزيرة في مواسم معينة،‏ تعلَّم بعض الناشرين المحليين الپرتغالية بغية التمكن من اخبارهم برسالة الملكوت بأكثر فعالية.‏

وجزر فوكلند هي الجزر الأبعد.‏ وكثيرون من سكان هذه الجزر البالغ عددهم ٢٠٠‏,٢ نسمة لديهم جذور متأصلة في جزر شَتلند ومناطق اخرى في اسكتلندا.‏ انتقل آرثر ناتر وزوجته وأولادهما من انكلترا الى جزر فوكلند سنة ١٩٨٠ للاشتراك في تقديم الشهادة.‏ وبسبب التطورات في الشؤون العالمية،‏ بدا بعد سنتين انه من الحكمة ان يشرف فرع بريطانيا بشكل عام على عمل الكرازة هناك.‏ تبعد جزر فوكلند حوالي ٠٠٠‏,١٣ كيلومتر عن لندن،‏ ورغم ذلك،‏ جرى القيام بزيارات دائرية لخدمة الجماعة الصغيرة فيها.‏ واستمر ترتيب اشراف بريطانيا عليها ١٥ سنة.‏

وكما في معظم السنوات الـ‍ ٥٠ السابقة،‏ يشرف فرع بريطانيا ايضا على نشاط شعب يهوه في مالطة الواقعة في قلب البحر الابيض المتوسط.‏ وهناك في مالطة تحطمت السفينة بالرسول بولس وهو في طريقه الى روما نحو السنة ٥٨ ب‌م.‏ (‏اعمال ٢٨:‏١‏)‏ وتقع ڠوزو في الجوار وهي جزيرة شقيقة تابعة.‏ والجزيرتان تشكلان اليوم موطنا لجماعات مزدهرة من شعب يهوه.‏

صحيح ان التقارير من مالطة عن شيء من عمل الشهادة كانت ترسَل منذ سنة ١٩٣٦،‏ لكن أسس عمل الملكوت لم تترسخ بين سكان مالطة حتى سبعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وتكررت الجهود المبذولة لإخبار الناس هناك بالبشارة،‏ غير ان الكنيسة الكاثوليكية الرومانية كانت تُحكِم السيطرة على الحكومة وعلى حياة الناس الشخصية على السواء.‏

كانت جسوَلدا ليما في الـ‍ ١٣ من عمرها عندما سمعت اول مرة امها توضح للعائلة ما اخبرها به جار لها من شهود يهوه.‏ وكان ذلك سنة ١٩٧٠.‏ تتذكر جسوَلدا:‏ «كان سماعي الاسم يهوه امرا غير عادي بالنسبة الي».‏ (‏مزمور ٨٣:‏١٨‏)‏ وقاوم والداها لاحقا اهتمامها برسالة الكتاب المقدس.‏ ولكن دون ان يعيقها شيء،‏ استمرت في درس الكتاب المقدس،‏ بدأت تحضر الاجتماعات،‏ نذرت حياتها ليهوه،‏ واعتمدت.‏ وفي سنة ١٩٨١،‏ تزوجت إنياتْسيو،‏ وهو ايطالي مفعم بالحياة يتصف بغيرة قوية.‏ وقد نالا كلاهما امتياز الانخراط في الخدمة كامل الوقت في مالطة،‏ فساعدا نحو ١٠٠ شخص على تعلم الحق.‏ وأكثرية هؤلاء مالطيون.‏

جو أشاك،‏ ساعاتي بحكم المهنة،‏ هو مالطي ودّي وعطوف سمع الحق اول مرة من عائلة خاله.‏ ولكن بسبب شخصيته المستقلة آنذاك،‏ غادر جو البيت وسافر الى أوستراليا.‏ وعندما بدأ يعاشر شهود يهوه هناك،‏ حذّره احد اخوته:‏ «ستموت امّنا اذا سمعت انك ستصير من شهود يهوه.‏ وسأحرق هذه القاعة اذا ذهبت اليها مرة اخرى».‏ لكن جو تحلّى بالمثابرة وكانت النتائج جيدة.‏ فهو الآن يخدم يهوه مع سبعة من اخوته وأخواته بمن فيهم اخوه الذي هدّده.‏

تزوج جو بعد عودته الى مالطة،‏ وقرر هو وزوجته جاين منح المقاطعة في جزيرة ڠوزو انتباها خصوصيا.‏ وفي نهاية كل اسبوع كانا يسافران الى هناك بالعبّارة.‏ ولكن بعد ولادة ابنهما دايڤيد،‏ بات السفر مرهقا جدا فقررا الاستقرار في ڠوزو.‏ وكم سرَّهما ان تتأسس جماعة هناك سنة ١٩٨٤!‏ اما اليوم فهنالك ٢٧ ناشرا في ڠوزو.‏ وهم يجتمعون في قاعة ملكوتهم الخاصة ويكرزون قانونيا بالبشارة للآخرين.‏

ليتها كانت بالمالطية

ان ما ساعد عددا اكبر من سكان الجزيرة هؤلاء على احراز التقدم في نيل معرفة دقيقة عن يهوه وطرقه هو اظهار حقائق الكتاب المقدس لهم بلغتهم الخاصة.‏ —‏ كولوسي ١:‏٩،‏ ١٠‏.‏

هيلن ماسا هي واحدة من تلاميذ الكتاب المقدس الذين درست معهم جسوَلدا ليما،‏ وهي تذكر الوقت حين كانت جميع الاجتماعات تُعقَد بالانكليزية.‏ فرغم ان فهم ما يقال كان يتطلب الكفاح احيانا،‏ فإن هيلن تعزّ الذكريات عن الارشاد الرائع الذي كان يُمنح،‏ وغالبا ما تتحدث عن التعليم المتصف بالصبر الذي قام به نورمَن رذرفورد،‏ وهو اخ انكليزي خدم في مالطة في اواخر الستينات وأوائل السبعينات.‏ ونورمَن وزوجته ايزابل اللذان تخرَّجا من الصف الـ‍ ١١ لمدرسة جلعاد عملا دائما بحذر لكونهما اجنبيَّين.‏ وكانت رغبتهما البقاء ودعم الاخوة والاخوات المحليين الذين اتخذوا موقفا شجاعا في وجه المقاومة الدينية والعائلية.‏

وفي اوائل سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ سُرّ جو ميكالِف،‏ صحافي طلق اللسان بالانكليزية،‏ عندما وافق نورمَن رذرفورد ان يدرس الكتاب المقدس معه.‏ يتذكر جو:‏ «كنت اطرح سؤالا وأفرح بجواب نعم او لا».‏ لكن نورمَن ادرك ان التعليم يشمل اكثر من مجرد الاجابة عن الاسئلة.‏ «فكان يتطرق الى التفاصيل موضحا لماذا الجواب هو نعم او لماذا هو لا».‏ لقد قوّى ذلك ايمان جو.‏

كانت الاجتماعات الاولى التي حضرها جو بالانكليزية،‏ غير انه بعد فترة قصيرة عُيِّن البعض من الحاضرين ليوجزوا بالمالطية النقاط الرئيسية في فقرات من برج المراقبة.‏ ولم يكن ذلك دائما بالامر السهل.‏ فقد قرَّر اخو جو،‏ راي،‏ تدوين خلاصته،‏ لكنه وجد ان ترجمة الفقرة بكاملها اكثر سهولة.‏ ويتابع جو:‏ «عندما رأى پيتر إليس الذي كان يزور مالطة كناظر جائل ما يحدث،‏ اقترح ان نشتري آلة نسخ».‏ وهكذا ظهرت سنة ١٩٧٧ اول نسخة مطبوعة بالآلة الكاتبة من برج المراقبة بالمالطية.‏ وعندما كان الاخوة يحتاجون الى مساعدة على صنع الستانسِل التي طبعوها او تصحيحها،‏ مَن كان اهلا لتقديم المساعدة اكثر من شخص تشمل مهنته الطباعة كالصحافي جو!‏ هتف جو قائلا:‏ «يجب ان يتولى شخص ما مسؤولية انجاز هذا العمل!‏».‏ وأجاب الاخوة:‏ «حسنا،‏ ومَن تقترح؟‏».‏ فقال:‏ «لست ادري،‏ لكنني ارغب في المحاولة».‏ وهكذا بدأ جو يلعب دورا في ترجمة المطبوعات المالطية.‏ طبعا،‏ تُصنع اليوم الترتيبات لترجمة المطبوعات بواسطة لجنة الكتابة،‏ ولا يجري تولّيها بشكل مستقل.‏

في سنة ١٩٧٩،‏ صدر اول عدد مطبوع من برج المراقبة بالمالطية.‏ وتولّى العمل تدريجيا فريق مترجمين.‏ اما الآن فتصدر طبعات نصف شهرية من برج المراقبة وطبعات شهرية من استيقظ!‏ بالمالطية.‏ وقد أُحرِز تقدُّم اضافي في كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٨ اثناء زيارة ناظر الاقليم دوڠلاس ڠست عندما جرى تدشين مكاتب الترجمة الجديدة،‏ بيت المرسلين،‏ وقاعة الملكوت في بيت جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم في بلدة موستا.‏ وفي اليوم التالي اجتمع ٦٣١ شخصا لسماع تقارير عن تقدُّم عمل الملكوت في مالطة.‏

مدرَّبون على تزويد الاشراف الحبي

انبأ يهوه بواسطة نبيه ارميا بما يلي مظهرا اهتمامه الحبي بشعبه:‏ «وأقيم عليها رعاة يرعونها».‏ (‏ارميا ٢٣:‏٤‏)‏ ولهذه الغاية،‏ لم يزود يهوه فقط شيوخا بين شعبه،‏ بل منحهم ايضا الارشاد والتدريب ليتمكنوا من تزويد الاشراف الحبي الذي يريده لخرافه.‏

ومنذ سنة ١٩٦٠،‏ يستفيد اخوة اكفاء في بريطانيا وبلدان اخرى من التدريب الممنوح في مدرسة خدمة الملكوت.‏ بدأ هذا الترتيب كمقرَّر مدته اربعة اسابيع وخُفِّض لاحقا الى اسبوعين.‏ دُعي الى المدرسة النظار الجائلون والذين يشرفون في الجماعات.‏ وانعقدت الصفوف في بيت ايل في لندن.‏ ولجعل الارشاد متوفرا بسهولة اكبر،‏ انتقلت المدرسة من مكان الى آخر وانعقدت صفوفها في انحاء مختلفة من البلد.‏ فاستفادت الجماعات من ذلك،‏ كما استفادت بالتالي الهيئة بكاملها.‏

وفي سنة ١٩٧٧،‏ أُعطي مقرَّر اضافي مدته ١٥ ساعة لجميع الشيوخ.‏ ومنذ ذلك الحين تُعقَد دورات تثقيفية مماثلة تختلف مدتها.‏ ويُمنَح انتباه دقيق لمواضيع مثل كيفية التمثل بيهوه كرعاة محبين للرعية،‏ كيفية التعليم في الاجتماعات المسيحية،‏ كيفية القيام بالعمل التبشيري في كل جماعة،‏ وكيفية تأييد مقاييس يهوه البارة.‏ وقد أُرسِلت الدعوات الى حضور دورات مدرسة خدمة الملكوت في بريطانيا سنة ١٩٩٧ الى ٤٥٣‏,١١ شيخا و ١٠٦‏,١٠ خدام مساعدين.‏

يجعلون انفسهم مستعدين

بالاضافة الى الشيوخ الذين يخدمون في الجماعات،‏ يخدم رجال اكفاء آخرون كنظار جائلين يهتمون بمجموعة جماعات تؤلف دائرة وبمجموعة دوائر تؤلف كورة.‏ فهنالك ٧٧ ناظرا جائلا يهتمون بالجماعات الـ‍ ٤٥٥‏,١ وبالدوائر الـ‍ ٧٠ المنتشرة حاليا في كل انحاء بريطانيا.‏ وبالاضافة الى بلوغ هؤلاء الرجال المؤهلات الروحية،‏ فقد اجروا تعديلات في حياتهم ليكونوا مستعدين لخدمة كهذه.‏

وفي اوائل سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ شجع ناظر جائل دايڤيد هدسن ان يسعى الى مهنة ثيوقراطية.‏ ولكن في ذلك الوقت كان دايڤيد تحت وطأة التزاماته الثقيلة في عمله الدنيوي كمدير قسم في شركة تستنسخ الوثائق.‏ وفجأة قررت الشركة انه لم تعُد هنالك حاجة الى وظيفته.‏ فبات يقدِّر التعليق الذي قدَّمه لايْمَن سْوينڠل،‏ عضو في الهيئة الحاكمة،‏ في اجتماع في كارديف،‏ ويلز،‏ سنة ١٩٨٤.‏ فقد شبَّه الاخ سْوينڠل المهن في العالم ‹بتلميع الاشياء المعدنية في سفينة تغرق›.‏ بدأ دايڤيد وزوجته آيلين بتعديل شؤونهما للتمكن من الانخراط في عمل الفتح.‏ فتخليا عن منزلهما المريح الذي يحتوي إسطبلات وخيولا،‏ وجعلا حياتهما تتمحور بشكل أكمل حول علاقتهما بيهوه.‏ ومنذ سنة ١٩٩٤،‏ يهتم دايڤيد بمسؤولياته كناظر دائرة،‏ وترافقه زوجته.‏ ويوافقان كلاهما على ان الفرح الناتج من خدمة يهوه يفوق كثيرا ايَّ شيء مادي تخليا عنه.‏

عندما كان راي بولدوِن يتعلم الحق في اواسط سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ اقتنع بشكل راسخ بأن الكرازة بالبشارة تستحق كل الوقت الذي يستطيع منحه.‏ ونتيجة لذلك،‏ رفض ترقية عُرِضت عليه في عمله الدنيوي تستلزم انتقاله الى بلدة اخرى،‏ وطلب بدلا منها عملا بدوام جزئي.‏ كان ذلك قبل معموديته.‏ وبعدما اعتمد،‏ انخرط على الفور في الفتح الاضافي.‏ وبعد فترة غير طويلة من زواجه،‏ خطَّط هو وزوجته ليندا ان ينخرطا في خدمة الفتح القانوني.‏ وليكون اكثر استعدادا للنشاطات الثيوقراطية،‏ ترك راي بعد ذلك وظيفته في سوپرماركت وبدأ يعمل في تنظيف النوافذ.‏ وهو ايضا يخدم كناظر دائرة منذ ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٩٧.‏

يرغب اخوة آخرون في تولّي مسؤوليات تتعلق بلجان الاتصال بالمستشفيات التي تزود الدعم الحبي للشهود الذين يواجهون حالات طبية طارئة.‏ يشمل الامر وقتا للتدريب — وهذه هي البداية فقط.‏ ففي تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٩٠،‏ وصل ثلاثة ممثلين من قسم خدمات معلومات المستشفيات في بروكلين لعقد حلقة دراسية في برمنڠهام،‏ انكلترا.‏ ونال مئة واثنان وخمسون اخا من اسرائيل،‏ ايرلندا،‏ بريطانيا،‏ بلجيكا،‏ مالطة،‏ وهولندا ارشادا رائعا حول كيفية مساعدة السلطات الطبية على فهم موقفنا من قضية الدم.‏ واشترك الزائرون من بروكلين في تدريب المندوبين على اظهار اسباب موقفنا للمسؤولين في المستشفيات في لندن ومراكز رئيسية اخرى على السواء.‏

وبعد حلقة دراسية ثانية في نوتنڠهام انعقدت في شباط (‏فبراير)‏ ١٩٩١،‏ بدأت لجان الاتصال بالمستشفيات تعمل في كل انحاء البلد.‏ وفي السنة التالية عُيِّنت ١٦ لجنة اخرى،‏ وقد نال هؤلاء الاخوة التدريب في حلقة دراسية انعقدت في ستوك أون تْرَنْت.‏ ولتعزيز التعاون بين الشهود والسلطات،‏ قدَّمت حلقة دراسية اخرى انعقدت في قاعة محافل ساري في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٩٤ التدريب حول كيفية الاقتراب من القضاة،‏ مزوِّدي الخدمات الاجتماعية،‏ وأطباء الاطفال.‏ وهذا ما مهَّد الطريق لتعاون اعظم بكثير مع اصحاب المهنة الطبية.‏ وبعد اجراء اتصالات شخصية،‏ صار بالامكان تحضير قائمة تضم اكثر من ٦٩٠‏,٣ طبيبا في بريطانيا عبَّروا عن رغبتهم في احترام وجهات نظر الشهود حول موضوع الدم والمعالجة الطبية.‏

يعترف عريف لجنة الاتصال بالمستشفيات في منطقة لوتن في الجزء الشمالي من لندن انه عندما بدأ العمل في هذه اللجنة،‏ لم يدرك كل الامور المتطلبة منه جسديا وعاطفيا.‏ وهو شاكر على الدعم الحبي الذي تزوّده زوجته التي تحب هي ايضا يهوه وإخوتها وأخواتها المسيحيين بشكل عميق.‏ وقد اسَّس تدريجيا علاقة عمل رائعة مع الفريق الطبي والاداري كليهما في مستشفى رئيسي في منطقته.‏ يذكر:‏ «عندما يواجه اخوتنا حالات طبية طارئة،‏ علينا ان نكون مستعدين دائما لمنح الدعم».‏ والروح التي تُقدَّم بها هذه الخدمة تفتح المجال لتقديم شهادة رائعة في مناسبات عديدة.‏

الانخراط في الخدمة في المركز الرئيسي العالمي

دُعي بعض الاخوة الى الخدمة في المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه في بروكلين،‏ نيويورك.‏ وكان هؤلاء ممن بدأت مهنتهم الثيوقراطية في بريطانيا.‏

تعلَّم جون إ.‏ بار،‏ المولود في اسكتلندا سنة ١٩١٣،‏ الحق من والدَيه.‏ ورغم ان الخجل الذي استحوذ عليه اثناء سني مراهقته جعل التحدث الى الناس في بيوتهم في الخدمة من بيت الى بيت امرا صعبا جدا عليه،‏ فقد تغلب على هذه العقبة بمساعدة يهوه.‏ وفي سنة ١٩٣٩،‏ قبِل دعوة الى الانخراط في خدمة بيت ايل في لندن.‏ وقد خدم كناظر جائل عدة سنوات اثناء الفترة الصعبة للحرب العالمية الثانية الى ان طُلِب منه ان يعود الى بيت ايل في لندن سنة ١٩٤٦.‏ وبعد احدى وعشرين سنة من صيرورته عضوا للمرة الاولى في عائلة بيت ايل،‏ تزوج مِلدرِد ويليت،‏ اخت غيورة تخرّجت من الصف الـ‍ ١١ لمدرسة جلعاد.‏ فانضمت اليه بعد ذلك في خدمة بيت ايل.‏ وفي سنة ١٩٧٧،‏ دُعي ان يصير عضوا في الهيئة الحاكمة.‏ عندما اخبر مِلدرِد بذلك،‏ اعتقدت في بادئ الامر انه يمزح،‏ ولكنه كان جادّا.‏ وهكذا انتقلا كلاهما في السنة التالية الى المركز الرئيسي العالمي في بروكلين،‏ نيويورك.‏ وهما يواصلان الخدمة بسعادة هناك.‏

دعي آخرون ايضا ان يصيروا اعضاء في هيئة العاملين في المركز الرئيسي.‏ وكان بينهم آلن بويل الذي وُلد في ليڤرپول وانخرط في خدمة بيت ايل في لندن.‏ فقد دعته الجمعية الى الانتقال الى بروكلين سنة ١٩٧٩ بغية الاستفادة بشكل اكمل من مقدراته كفنان.‏ كان إريك بيڤريدج يعيش في برمنڠهام عندما اعتمد سنة ١٩٤٩.‏ وبعد ٢١ سنة من الخدمة الارسالية في الپرتغال واسپانيا،‏ اصبح هو وزوجته هايزل عضوين في عائلة بيت ايل في بروكلين سنة ١٩٨١.‏ اما روبرت پيڤي الذي وُلد في سَندويتش،‏ كَنْت،‏ في جنوب انكلترا،‏ فبعد ان خدم في ايرلندا تسع سنوات،‏ وتبنّى وزوجته پاتريشا الخدمة الارسالية في الفيليپين تسع سنوات اخرى،‏ انخرطا هما ايضا في الخدمة في المركز الرئيسي العالمي سنة ١٩٨١.‏

تغييرات في الاشراف على الفرع

على مرّ السنوات،‏ تولّى عدد من الرجال الاكفاء روحيا القيادة في تحمُّل المسؤولية في فرع بريطانيا.‏ فبعد ان اضطر ألبرت د.‏ شرودر الى مغادرة انكلترا اثناء الحرب العالمية الثانية،‏ عُيِّن پرايس هيوز مشرفا على الفرع.‏ وحدث ذلك حين كان لا يزال يقضي فترة في السجن بسبب حياده المسيحي!‏ لقد امتُحِن بشكل شامل التصاق الاخ هيوز بمبدإ الحياد المسيحي.‏ فبسبب هذه القضية كان قد سُجِن اثناء الحرب العالمية الاولى،‏ كما سُجِن مرتين اخريين اثناء الحرب العالمية الثانية.‏ وبتقدير صادق لتوجيه يهوه لهيئته،‏ واصل الاخ هيوز الاهتمام بالاشراف على الفرع اكثر من ٢٠ سنة.‏ ولا يزال الذين خدموا معه يتذكرون اسلوبه اللطيف وأنه مهما كانت المسؤوليات التي تولّاها،‏ فمحبته لخدمة الحقل ظلَّت قوية.‏

عندما وُضِع الترتيب الذي يقضي بأن تشرف لجنة عوضا عن فرد على العمل في كل فرع سنة ١٩٧٦،‏ عُيِّن ويلفرد ڠوتش منسِّقا للجنة،‏ ومعه جون بار،‏ فيليپ ريس،‏ پرايس هيوز،‏ وجون وِن.‏ مات عدد من اعضاء هذا الفريق الاول،‏ وانضم اخوة آخرون الى لجنة الفرع التي تشمل حاليا جون آندروز،‏ پيتر إليس،‏ دنيس داتن،‏ جاك داوسن،‏ رون درايدج،‏ بيڤان ڤيڠو،‏ ستيفن هاردي،‏ وجون وِن.‏

فرح المحافل الاممية

شهود يهوه هم معشر اخوة عالمي.‏ لذلك عندما بات من الممكن الاجتماع معا بحرية بعد عقود من القمع القاسي في بلدان من اوروپا الشرقية،‏ حدث فرح عظيم بين الشهود في كل العالم.‏ وكم كان الوقت مناسبا لعقد محافل اممية في بلدان لم يكن فيها عقد المحافل امرا ممكنا لوقت طويل!‏ فهذا يؤدي الى البناء الروحي بالاضافة الى تقديم شهادة علنية رائعة.‏ وقد سَرَّ شهود يهوه في بريطانيا ان يساهموا في ذلك.‏

عندما رُتِّب لعقد ثلاثة محافل كبيرة بعنوان «التعبُّد التقوي» في پولندا سنة ١٩٨٩،‏ احتشد المندوبون من بلدان لا يقلّ عددها عن ٣٧ بلدا لحضور هذه المناسبات التاريخية.‏ وكان بينهم ٧٢١ مندوبا من بريطانيا.‏ يتذكر دايڤيد ولِن سيبري في ما يتعلق بالروح التي أُظهرت في المحفل الذي عُقِد في پوزنان،‏ پولندا:‏ «كان امرا رائعا!‏».‏ وأضافا:‏ «لم يسبق ان اختبرنا جوا كهذا.‏ وكم كان مفرحا الاختلاط بحرية بآلاف الاخوة من روسيا وأوروپا الشرقية الذين كانوا يجتمعون سابقا في فرق صغيرة!‏ وقد علمنا ان البعض جازفوا بحياتهم من اجل الحضور.‏ لقد كان امرا عظيما بالنسبة اليهم وبالنسبة الينا نحن ايضا!‏».‏ وبعد رفع الرقابة عن الحدود بين المانيا الشرقية وألمانيا الغربية في السنة التالية،‏ كان هنالك ٥٨٤ شخصا من بريطانيا بين الحضور المتحمس في محفل في برلين،‏ محفل كان حقا بمثابة احتفال بالنصر.‏ وفي سنة ١٩٩١،‏ عندما ازدحم ٥٨٧‏,٧٤ شخصا في مدرَّج ستراهوف في پراڠ الواقعة في ما يُعرَف اليوم بالجمهورية التشيكية،‏ سُرَّ ٢٩٩ شخصا من بريطانيا بأن يكونوا هناك.‏ وفي تلك السنة عينها،‏ مُثِّلت بريطانيا بشكل حسن ايضا بين شهود من ٣٥ بلدا اجتمعوا في بوداپست،‏ هنڠاريا.‏ اما في السنة ١٩٩٣،‏ فقد كان هنالك ٧٧٠ مندوبا من بريطانيا في المحفل الذي عُقِد في موسكو،‏ روسيا،‏ وحضر ٢٨٣ مندوبا المحفل في كييڤ،‏ اوكرانيا.‏ كانت هذه كلها مناسبات تاريخية لا تُنسى ابدا.‏

عُقِد المزيد من المحافل الاممية التي حضرها مندوبون بريطانيون في افريقيا،‏ اميركا الشمالية،‏ اميركا اللاتينية،‏ والشرق.‏ وفيما يستمتع الشهود بالرفقة الحميمة في مناسبات كهذه،‏ تقوى روابط المحبة المسيحية.‏ فيكون ذلك دليلا ملموسا انهم يأتون «من كل الامم والقبائل والشعوب والالسنة» كما أُنبئ في كلمة اللّٰه.‏ —‏ كشف ٧:‏٩،‏ ١٠‏.‏

من خلفيات متنوعة

ان الساكنين في الجزر البريطانية الذين يتجاوبون مع رسالة الكتاب المقدس ويصبحون شهودا ليهوه هم من خلفيات متنوعة.‏ وبسبب محبتهم ليهوه،‏ قام كثيرون بتغييرات مهمة في حياتهم ليتمكنوا من خدمته بشكل كامل.‏

اتى دونالد دايڤيز الى انكلترا سنة ١٩٦٠،‏ وهو طبّال موسيقى جاز محترِف وُلِد في جامايكا.‏ ورغم حصوله على بعض مطبوعات الكتاب المقدس سنة ١٩٦٩،‏ لم يهتم بالكتاب المقدس اهتماما حقيقيا إلا بعد ١٣ سنة عندما حدَّثه شاهدان عن اهمية اسم اللّٰه.‏ (‏حزقيال ٣٨:‏٢٣؛‏ يوئيل ٢:‏٣٢‏)‏ وفي وقت لاحق من تلك السنة،‏ حضر هو وصديق له موسيقي محفلا كوريا عُقِد في الجوار.‏ وسرعان ما بدأ يطبِّق ما يتعلمه.‏ ودون مناقشة الامر مع احد،‏ ادرك دونالد انه سيكون صعبا عليه ان يمارس مهنته الموسيقية ويخدم يهوه في الوقت نفسه.‏ فباع آلاته الموسيقية وبدأ سنة ١٩٨٤ بخدمة الفتح،‏ امتياز لا يزال يتمتع به.‏

كان طوني لانڠميد ضابطا في القوات الجوية الملكية عندما بدأت زوجته تدرس الكتاب المقدس مع شهود يهوه.‏ وعندما اصبحت مسيحية،‏ جعله سلوكها يُربَح «بدون كلمة».‏ (‏١ بطرس ٣:‏١،‏ ٢‏)‏ فترك القوات الجوية بغية السعي الى حياة مسالمة كخادم ليهوه.‏ —‏ اشعياء ٢:‏٣،‏ ٤‏.‏

تربّى فرانك كاول في الايمان الانڠليكاني،‏ ولكنه بدأ لاحقا يبحث عن الحق في مكان آخر.‏ وأدت زيارته لقاعة الملكوت الى درس في الكتاب المقدس مع شهود يهوه.‏ وهو اليوم پروفسور في الاقتصاد في لندن.‏ وعندما تعيِّن كليَّته اوقاتا للحلقات الدراسية في الامسيات التي تُعقَد فيها الاجتماعات،‏ تُظهِر القرارات التي يتخذها في هذا الشأن انه قبل كل شيء واحد من شهود يهوه.‏

كانت سوزانا عضوا في فرقة الباليه الملكية عندما التقت صدفة صديقة سابقة من ايام المدرسة،‏ فأدى ذلك الى درس في الكتاب المقدس معها.‏ وكشاهدة معتمدة،‏ قررت التقليل من عروض الباليه والصيرورة معلِّمة في الرقص بغية شراء الوقت لاتخاذ مهنة جديدة كفاتحة،‏ جاعلة بذلك حياتها تتمحور حول خدمتها.‏ انها اليوم متزوجة وتتعلم هي وزوجها كيڤن ڠاو المندَرينية لإخبار العدد المتزايد من الصينيين في ليڤرپول بالبشارة.‏

كانت كريستينا شاهدة،‏ غير ان شقيقتها رينِه كانت تعتقد ان الدين لا معنى له،‏ ولذلك رفضت ان تصغي.‏ ولكن عندما عملت في لندن لاحقا،‏ كثيرا ما كانت تزور المتحف البريطاني.‏ وفي احدى زياراتها،‏ أُعجِبت بالشرح الذي قدمه دليل الجولة حول العلاقة بين الكتاب المقدس والامور المتنوعة المعروضة في المتحف.‏ وتذكرت بعض الامور التي كانت اختها تحاول قولها لها.‏ وسرعان ما اصبحت رينِه ديرفيلد شاهدة هي ايضا.‏

كان اندرو مِرِديث يقضي فترة في السجن عندما بدأ يدرس الكتاب المقدس.‏ فأدى ذلك الى تغييرات كبيرة في طريقة حياته.‏ وبعد اطلاق سراحه،‏ تزوج شاهدة پنجابية،‏ وكلاهما يواصلان خدمتهما بين الناطقين بالپنجابية في المنطقة الشرقية من لندن.‏

وُلِدت دَكشا پاتل في كينيا لوالدَين هندوسيَّين،‏ وكانت هندوسية مخلصة.‏ ولكن عندما درست الكتاب المقدس مع شاهدات في وولْڤَرْهامبتون،‏ انكلترا،‏ ادركت انها تتعلم الحق.‏ وعندما اصبحت كبيرة كفاية لاتخاذ قراراتها الخاصة في الحياة،‏ اعتمدت ثم اصبحت فاتحة.‏ والآن تخدم هي وزوجها أشوك كعضوين في عائلة بيت ايل في لندن.‏ وقد اقتضت هذه الخدمة ان يسافرا الى پاكستان،‏ نيپال،‏ والهند للمساعدة على ترجمة مطبوعات الكتاب المقدس.‏

يستمرون في تقديم الشهادة

يبتهج شهود يهوه عندما يرون المزيد من الناس يعتنقون عبادة يهوه كل سنة.‏ ومنذ سنة ١٩٧٢،‏ تضاعف تقريبا عدد الشهود النشاطى في بريطانيا،‏ اذ يبلغ حاليا ٥٣٥‏,١٢٦ شاهدا.‏

هل الذين يظهرون الآن اهتماما برسالة الكتاب المقدس هم اشخاص لم يسبق ان التقوا شهودا ليهوه قط؟‏ قليلون هم كذلك،‏ ويعثر عليهم الشهود فيما يزيدون نشاطهم في المقاطعة التجارية وفي الشوارع.‏ ففيما كانت شاهدة تكرز لأول مرة في المقاطعة التجارية،‏ تحدثت الى عاملة استقبال في احدى الشركات فأظهرت الاخيرة اهتماما كبيرا.‏ وسرعان ما ادَّت زيارة مكررة بعد يومين الى درس في الكتاب المقدس معها،‏ مما منحها الفرصة ان تقرر هل ستسلك في طريق يهوه ام لا.‏ ولم تكن المرأة قد التقت شهود يهوه من قبل لأنها تعمل كل ايام الاسبوع وتكون خارج بيتها في نهاية الاسبوع.‏

غالبا ما يكون الذين يسمعون اشخاصا تغيرت ظروفهم في الحياة،‏ ربما بسبب الزواج،‏ الانجاب،‏ التقدم في السن،‏ او المرض المفاجئ.‏ فباتوا يتوقون الى اجوبة عن اسئلة كانوا في الماضي لا يكترثون لها.‏

مثلا،‏ في آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٥،‏ قبلت عن طيب خاطر امرأة عمرها ٨٥ سنة نشأت كمعمدانية كراسة هل يهتم اللّٰه بنا حقا؟‏.‏ وكانت قد طرحت هذا السؤال مرات عديدة،‏ لكنها لم تحصل على جواب مقنع.‏ فوافقت على درس الكتاب المقدس.‏ وإذ تعلمت مطالب اللّٰه وأثرت فيها عنايته الحبية،‏ ادركت انه يلزمها القيام بتغييرات في حياتها.‏ فتوقفت عن التدخين،‏ عادة مارستها منذ حوالي ٦٠ سنة،‏ وبدأت تحضر اجتماعات الجماعة المحلية.‏ وفي ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٩٧،‏ اصبحت كاثرين ماي مستعدة للمعمودية المسيحية.‏ وفي محفل دائري،‏ فيما كانت تتهيأ للنزول في الماء،‏ رأت مرشحة اخرى للمعمودية،‏ سيدة مثلها متقدمة في السن.‏ ويا للمفاجأة!‏ لقد كانت اختها في الجسد اڤلين التي تعيش في بلدة اخرى.‏ ولم تعرف اية منهما ان الاخرى كانت تدرس.‏ فانهمرت دموع الفرح عندما اصبحت هاتان العزيزتان المتقدمتان في السن،‏ اللتان اتحدتا بالانتذار ليهوه،‏ اختين في الروح.‏

وبعض الذين يرحبون بالشهود هم اشخاص ينزعجون جدا من التطورات الاخيرة التي تحدث في كنيستهم.‏ تلقى موريس هسكنز المطبوعات من شهود يهوه اول مرة سنة ١٩٣٩.‏ لكنه كان مؤيدا مخلصا لكنيسة انكلترا وعضوا في المجمع الكنسي المحلي.‏ وبعد حوالي ٥٦ سنة،‏ تحدث الى زوجة اخيه شاهد يكرز من بيت الى بيت.‏ فطلبت من الشاهد ان يعود ليرى موريس الذي قالت ان لديه اسئلة عن الكتاب المقدس.‏ وعند زيارة الشاهد لموريس،‏ طلب منه الاخير على الفور ان يُظهِر له آيات توضح وجهة نظر الكتاب المقدس من مضاجعة النظير ورسم النساء كهنة.‏ ووافق لاحقا على درس في الكتاب المقدس باستعمال كتاب المعرفة التي تؤدي الى الحياة الابدية.‏ لم يقم موريس بالتغييرات على الفور.‏ ولكن لاحقا،‏ عندما كان في اجتماع مع الاسقف،‏ دفعه ما تعلمه الى اتخاذ موقف ثابت من قضية تعيين امرأة كاهنة.‏ (‏١ تيموثاوس ٢:‏١٢‏)‏ وسرعان ما استقال من الكنيسة الانڠليكانية،‏ بدأ يحضر الاجتماعات في قاعة الملكوت،‏ وأصبح وهو في الـ‍ ٨٤ من العمر مستعدا للمعمودية.‏

ينال اشخاص آخرون المساعدة من قِبَل شهود يُظهرون الفطنة والمثابرة.‏ فعندما عرَّفَت امرأة بنفسها انها «ملحدة ومؤيدة للفلسفة الانسانية»،‏ استفسرت جاكلين ڠامبل بلطف عما تؤمن به المرأة.‏ وكان الجواب:‏ «بالناس والحياة».‏ وكانت المرأة مشغولة،‏ فتركت اختنا معها نشرة ووعدت بالعودة.‏ وزارت جاكلين ذلك البيت ثانية برفقة زوجها مارتن،‏ وأشارت الى تعليق المرأة حول «الناس والحياة».‏ وعندما علِما ان زوجها ڠاس يملك وجهات نظر مماثلة وأنه اخصائي اجتماعي،‏ رتَّبا للقائه.‏ فبدأت الزوجة كريستين تدرس الكتاب المقدس وتحرز تقدما حتى اصبحت مستعدة للمعمودية وفي النهاية اعتمدت.‏ غير ان ڠاس رفض زيارة قاعة الملكوت.‏ لكن منذ بدأت كريستين تدرس مع الشهود،‏ لاحظ ان اولاده ينشأون على إظهار احترام كبير للآخرين،‏ الامر الذي لم يكن من صفات احداث كثيرين غيرهم.‏

كانت نقطة التحول في حياة ڠاس سنة ١٩٧٨.‏ ففي محفل اممي في أدنبره،‏ اسكتلندا،‏ قدَّمت زوجته،‏ بحسن ضيافة،‏ القهوة الى فريق من الناشرين الذين كانوا يشهدون في منطقتها.‏ وكان بينهم اعضاء من الهيئة الحاكمة.‏ وقبل ان يغادروا البيت،‏ غسلوا الصحون التي استعملوها.‏ عندما عاد ڠاس الى البيت في ذلك المساء،‏ اخبرته كريستين بحماسة عن ضيوفها غير المنتظرين.‏ فعلَّق ڠاس على الامر:‏ «لا يمكنني ان اتصور كردينالا يزورنا ويغسل الصحون!‏».‏ وبُعيد ذلك،‏ ذهب ڠاس الى قاعة الملكوت مع عائلته عندما كانوا يقضون عطلة في فرنسا.‏ وقد تأثر بالترحيب الذي لاقوه والمحبة التي أُظهِرت لهم.‏ وسرعان ما ادرك انه لا يمكن ان يجد محبة كهذه إلا بين تلاميذ المسيح يسوع الحقيقيين.‏ (‏يوحنا ١٣:‏٣٥‏)‏ ولدى عودته الى أدنبره،‏ سرعان ما بدأ يدرس،‏ نال اجوبة مقنعة عن اسئلة تزعجه،‏ ونذر حياته ليهوه.‏

طبعا،‏ عندما يبدي اناس في المقاطعة القليل من الاهتمام او لا يكونون مهتمين البتة،‏ يحتاج شهود يهوه الى الاحتمال وامتلاك موقف ايجابي للاستمرار في زيارتهم.‏ ويكون التثبط سهلا جدا بعد اختبار ساعات من الرفض واللامبالاة.‏ فكيف يعالج الشهود ذلك؟‏ يعترف إريك هيكلنڠ من لاوث في لنكولنشير:‏ «اللامبالاة مشكلة صعبة وهي تثير التحدي».‏ والتأمل في امثلة من الماضي يساعده على المثابرة.‏ يقول:‏ ‏«اصلي بتضرع مرات عديدة.‏ وأفكر في موسى،‏ ارميا،‏ بولس،‏ وطبعا في يسوع».‏

ان المثابرة بأمانة وبركة يهوه هما من اهم العوامل التي تساهم في الزيادة التي تحدث.‏ فقبل تسع وثلاثين سنة،‏ قام فرانك وروز ماڠريڠر بتعيين لهما في بلدة يسكنها اناس متدينون جدا لا يرحبون بشهود يهوه.‏ ولكن كيف نظرا الى هذا التعيين؟‏ يتذكر فرانك:‏ «كنت خجولا جدا وشعرت بعدم الكفاءة تماما.‏ لكننا،‏ زوجتي وأنا،‏ اعتبرناه تعيينا من يهوه».‏ فساعدهما ذلك ان يحافظا على موقف ايجابي.‏ «صلينا ان يقبل السكان المحليون الحق».‏ ونتيجة لهذه الخدمة الامينة،‏ هنالك اليوم جماعة مؤلفة من ٧٤ ناشرا تعلَّم ثلثاهم الحق في تلك البلدة عينها.‏ لكنَّ الزوجين ماڠريڠر لا يتفاخران بذلك،‏ بل ببسيط العبارة هما شاكران على استخدام يهوه لهما.‏ —‏ ٢ كورنثوس ٤:‏٧‏.‏

يوضح جفري يونڠ،‏ شاهد منذ فترة طويلة يستمر في القيام ببعض الزيارات للجماعات:‏ «غالبا ما اسأل الاخوة كيف كانت خدمتهم خلال اليوم».‏ وإذا اجاب البعض بشكل سلبي،‏ يطلب منهم التفكير في الامور الايجابية الكثيرة التي انجزوها.‏ ويذكِّرهم:‏ «لقد وقفنا الى جانب يهوه،‏ عشنا وفق انتذارنا،‏ تعاوَنّا مع ‹الملاك الطائر في وسط السماء›،‏ اشتركنا في تشجيع الآخرين ان يعرفوا يهوه،‏ وقدَّمنا الشهادة كإنذار».‏ ثم يحاول اقناعهم منطقيا:‏ اذا كانوا قد انجزوا كل ذلك،‏ فكيف يقولون انهم لم يحصلوا على نتائج جيدة؟‏ ويتابع جفري:‏ «يكون رد فعل الناس وفقا لظروفهم ومكنونات قلوبهم.‏ والامر المهم هو امانتنا في تقديم الشهادة والإخبار بالبشارة».‏ —‏ كشف ١٤:‏٦؛‏ ١ كورنثوس ٤:‏٢‏.‏

يبتهجون ‹ببركة يهوه›‏

كثيرون في بريطانيا هم شهود ليهوه نشاطى منذ ٢٠،‏ ٤٠،‏ ٥٠ سنة او اكثر.‏ فكيف يشعرون حيال ما يقومون به؟‏ يقول الكتاب المقدس في الامثال ١٠:‏٢٢‏:‏ «بركة الرب هي تُغني ولا يزيد معها تعبا».‏ ويمكن ان يشهد بصورة شخصية عشرات الآلاف من شهود يهوه في بريطانيا لصحة هذه العبارة.‏

انه «اعظم امتياز عُهِد به الينا نحن البشر».‏ هكذا يصف كرنيليوس هوپ من بازينڠستوك،‏ وهو الآن في اواسط سبعيناته،‏ الخدمة المسيحية بعد الاشتراك فيها طوال نصف قرن.‏ وآن ڠيلَم،‏ التي اعتمدت منذ حوالي ٥٠ سنة والمتزوجة من ناظر دائرة،‏ تصف خدمتها بأنها ‹طريقتها لاظهار المحبة ليهوه وابنه›.‏

ويوضح دنيس ماثيوز الذي اعتمد سنة ١٩٤٢:‏ «اجد الخدمة مقوية روحيا كالطعام.‏ فالاكتفاء ينجم عن فعل مشيئة اللّٰه سواء أكان الناس يصغون ام لا».‏ وتضيف زوجته مايڤيس:‏ «بما انني اخدم يهوه منذ حداثتي،‏ اشعر بأنه لا يمكن ان توجد حياة افضل».‏

وكيف يشعر الذين يخدمون كشهود منذ فترة طويلة حيال الناس وتجاوبهم؟‏ تقول ميوريِيل تاڤِنر بعد اكثر من ٤٠ سنة قضتها في خدمة يهوه:‏ «يحتاج الناس الينا الآن اكثر من ايّ وقت مضى لأنهم لا ينالون المساعدة الروحية الحقيقية من ايّ مصدر آخر».‏ وماذا يحدث عندما يقبلون هذه المساعدة؟‏ يعبِّر زوجها انطوني عن ذلك بهذه الطريقة:‏ «ان رؤية الناس يقبلون الحق ويصنعون التغييرات في حياتهم هي بمثابة مشاهدة أعجوبة تحدث اذ يجتذب روح يهوه الناس الى عبادته».‏

هناك اكتفاء في إخبار الآخرين بالرجاء الذي لا يمكن ان تقدِّمه إلا كلمة اللّٰه.‏ فعندما ينظر فرِد جايمس،‏ ناظر مدينة پلايموث في ديڤون،‏ وزوجته الى سنواتهما الماضية في الخدمة،‏ يعدّان اكثر من ١٠٠ شخص ساعداهم على التقدم نحو المعمودية.‏ وكثيرون من هؤلاء يخدمون اليوم كشيوخ،‏ خدام مساعدين،‏ وفاتحين.‏ وقد اشترك ابناؤهما الثلاثة جميعا في خدمة الفتح عندما تركوا المدرسة،‏ وهم يخدمون الآن كشيوخ.‏ دايڤيد المتخرج من جلعاد هو واحد منهم،‏ وهو يخدم كمرسل وعضو في لجنة الفرع في پاكستان.‏ فيا لها من حياة مكافئة جدا عاشها الاخ والاخت جايمس!‏

سمحت سنوات الخدمة الامينة لشهود كثيرين في بريطانيا ان يروا النتائج الرائعة لخدمتهم.‏ ريتشارد وهايزل جسپ يخدمان يهوه منذ نصف قرن او اكثر،‏ فترة قضيا معظمها في الخدمة كامل الوقت.‏ وقد ساعدا كثيرين على ادراك امتياز الانتذار ليهوه،‏ وكانوا جميعا اعزاء عند الزوجين جسپ.‏ لكنَّ درسهما مع جاك ولين داوسن جدير بالذكر على نحو خصوصي.‏ فقد بدأ بزيارة ودية بين شخصين من خلفية مشابهة.‏ (‏هايزل وجاك كلاهما من الجزء الشمالي الشرقي من انكلترا.‏)‏ وسرعان ما اصبحت الزيارة درسا في الكتاب المقدس.‏ ولكن في احدى المراحل،‏ قال جاك ان عليهما ايقاف الدرس مدة من الوقت.‏ فأجاب ريتشارد:‏ «لا،‏ لا يمكنكما فعل ذلك.‏ فعليكما انهاء الكتاب اولا،‏ ثم توقفان الدرس اذا شئتما».‏ لكنهما لم ‹يوقفا الدرس›،‏ بل نذرا انفسهما ليهوه،‏ انخرطا في خدمة الفتح،‏ وأصبحا عضوين في عائلة بيت ايل.‏ واليوم يخدم جاك كعضو في لجنة الفرع.‏

ان الطريقة التي تجاوب بها بعض الاحداث مع حق الكتاب المقدس جلبت سرورا كبيرا للآخرين.‏ فروبينا آولا وزوجها سيدني،‏ اللذان يخدمان كفاتحَين في منطقة داندي في اسكتلندا،‏ اختبرا سرورا كبيرا من جراء التقدم الذي احرزه پول كرْنْز الذي بدأ يأتي الى منزلهما من اجل دروس في الكتاب المقدس عندما كان في الـ‍ ١٢ من عمره.‏ وصل الحق الى قلبه بسرعة،‏ ولكن لأن اباه لم يسمح بمزيد من الدروس،‏ انتظر پول ان يصبح اكبر سنا ويذهب الى الكلية في آبردين قبل متابعة درسه في الكتاب المقدس.‏ لقد احرز تقدما سريعا.‏ وبعدما اعتمد،‏ وضع خدمة الفتح هدفا له.‏ وفي سنة ١٩٩٢،‏ حضر مدرسة تدريب الخدام.‏ وفيما كان يخدم كشيخ في شَفيلد،‏ انكبَّ على تعلُّم الاسپانية،‏ وعُيِّن سنة ١٩٩٨ في الخدمة الارسالية في پاناما.‏

هنالك اكثر من ٠٠٠‏,١٠ فاتح في بريطانيا.‏ وهم يعزّون البركات التي تشملها هذه الخدمة.‏ على سبيل المثال،‏ بيل وجون تمستن متزوجان منذ اكثر من ثماني سنوات،‏ وكانا يخدمان كفاتحَين عندما وُلدت طفلتهما الاولى.‏ ومع الوقت،‏ انجبا ثلاث بنات.‏ لكنهما سعيا الى ابقاء خدمة الفتح بارزة في حياتهما العائلية.‏ كان البرنامج حافلا،‏ لكنَّ فعل الامور معا كعائلة ساعدهما على النجاح.‏ يوضح بيل:‏ «كنا دائما نخصِّص الوقت للبنات.‏ وعندما اصبحن مراهقات،‏ لم يتغير الوضع.‏ فعندما اردن الذهاب للتزلج على الجليد،‏ لعب البولينڠ،‏ السباحة،‏ او ممارسة ألعاب الكرة،‏ كنا نذهب نحن ايضا».‏ والبنات الثلاث هنَّ اليوم متزوجات ويخدمن كفاتحات قانونيات.‏ وجميعهن يتمتعن بما يدعوه بيل «الطريق الافضل للحياة».‏

يخدم اليوم ٧٧ اخا (‏معظمهم متزوجون)‏ كنظار جائلين في بريطانيا.‏ وهذا النمط من الحياة يستلزم برنامجا مكثفا اسبوعا بعد اسبوع وسنة بعد سنة.‏ لقد اشترك جفري يونڠ في هذه الخدمة الى ان جعلت السنوات المتقدمة والمشاكل الصحية التعديلات ضرورية.‏ فقد عاش هو وزوجته ڤي حياة الترحال ومكثا ببيت مختلف كل اسبوع.‏ ولكن كيف تشعر ڤي حيال هذا النمط من الحياة؟‏ تجيب:‏ «لم يكن الامر صعبا جدا لأننا كنا نزيد افراد عائلتنا المسيحية كلما زرنا جماعة.‏ وقد شعرنا بدفء الاخوَّة حيثما ذهبنا.‏ فأي تعيين يمنحنا اياه يهوه لا يمكن إلا ان يغني حياتنا».‏ وفيما يستمتعان بالحاضر،‏ يتطلعان بشوق الى ما يخبئه المستقبل.‏ ويوضح جفري:‏ «هذا النظام يشرف الآن على النهاية.‏ ومن المؤكد انه سينتهي.‏ وبعد ذلك سنحظى بإتمام الرجاء الرائع،‏ ألا وهو الاشتراك في رد هذه الارض الى احوال فردوسية.‏ ويا لدروس الكتاب المقدس التي ستُعقَد عندما تبتدئ القيامة —‏ عمل هائل يجب انجازه!‏».‏ وتضيف زوجته:‏ «انه لشعور رائع ان تعرفوا انه ما من شيء يمكنه مقاومة يهوه بنجاح».‏

تأييد «طريق اللّٰه للحياة»‏

كانت المناسبة في تموز (‏يوليو)‏ ١٩٩٨ مفرحة جدا عندما انعقدت في بريطانيا في آن واحد تسعة محافل اممية بمحور:‏ «طريق اللّٰه للحياة» —‏ في أدنبره،‏ ليدْز،‏ مانتشيستر،‏ وولْڤَرْهامبتون،‏ دَدلي،‏ نوريتش،‏ لندن،‏ بريستول،‏ وپلايموث.‏ وكان مندوبون من اكثر من ٦٠ بلدا حاضرين.‏ قُدِّم البرنامج بكامله ليس فقط بالانكليزية بل ايضا بالفرنسية،‏ الاسپانية،‏ والپنجابية.‏ وفي نهاية الاسبوع التالي،‏ انعقد المحفل باليونانية.‏

كان اربعة اعضاء من الهيئة الحاكمة —‏ جون بار،‏ ثيودور جارس،‏ دانيال سيدليك،‏ وألبرت د.‏ شرودر —‏ حاضرين في المحافل البريطانية.‏ وعندما ألقوا الخطابات،‏ كانت جميع مواقع المحافل متصلة ببعضها الكترونيا.‏ وما زاد الامر بهجة هو حضور المرسلين الذين كانوا يخدمون آنذاك في حقول اجنبية.‏ فبين مئات الاشخاص الذين أُرسِلوا من بريطانيا في الخدمة الارسالية كان ١١٠ مرسلين حاضرين في هذه المحافل.‏ وأثار اتصافهم بالغيرة وروح التضحية بالذات الحماسة والاهتمام في جميع الذين حضروا مقابلاتهم خلال البرنامج.‏

ان ما جرت رؤيته وسماعه في هذه المحافل اثَّر في قلوب الحاضرين،‏ حتى الصغار بينهم.‏ والقرار الذي اتُّخِذ اثناء الفترة الختامية للمحفل أوجز بوضوح الطريق الالهية للحياة التي صمَّم الجميع على السلوك فيها.‏ وبعد البرنامج،‏ قال صبي في الرابعة من العمر هو ابن لزوجين شاهدين من دارلنڠتون:‏ «يا امي،‏ انا احب يهوه حقا.‏ انني احبكما انتِ وأبي كثيرا جدا،‏ لكنني احب يهوه اكثر».‏ وعندما سُئل عن السبب،‏ اوضح ان يهوه منحنا رجاء الفردوس وأرسل ابنه ليموت عنا،‏ «لذلك يلزم ان احبه اكثر».‏

وفي ختام البرنامج في أدنبره ولندن،‏ لوَّح المندوبون من بلدان مختلفة بالمناديل بعضهم لبعض ثم صفَّقوا مطوَّلا.‏ واستمر كثيرون يرنمون ترانيم الملكوت حتى بعد انتهاء البرنامج،‏ مقدمين بذلك التسبيح القلبي ليهوه.‏

الشهادة التي قُدِّمت

قُدِّمت شهادة شاملة في بريطانيا.‏ وقد بدأت سنة ١٨٨١ عندما وُزِّعت مئات الآلاف من نشرات الكتاب المقدس في المدن الرئيسية في غضون اسابيع قليلة فقط.‏ فبدأ بعض البذار المزروع آنذاك يثمر.‏ وخلال ستة اشهر،‏ في سنة ١٩١٤،‏ عُرِضت «رواية الخلق المصوَّرة» في ٩٨ مدينة وكان مجموع الذين شاهدوها ٦٥٠‏,٢٢٦‏,١ شخصا.‏ وعندما نشبت الحرب العالمية الاولى،‏ كان هنالك ١٨٢ جماعة في بريطانيا.‏ وفي عشرينات وثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ كُثِّفت الشهادة اذ اشتركت اعداد متزايدة من الذين يعاشرون الجماعات في الخدمة من بيت الى بيت،‏ مقدمين شهادة شخصية لأصحاب البيوت.‏ ومنذ الحرب العالمية الثانية،‏ خُصِّصت ٧١٦‏,٧٤٦‏,٦٥٠ ساعة اخرى للخدمة في بريطانيا،‏ وجرى القيام بـ‍ ٧٣٢‏,٢٩٤‏,٢٩٧ زيارة مكررة للمهتمين،‏ ووُزِّع على الناس ١٣٠‏,١٠٥‏,٧٤ كتابا وكراسا بالاضافة الى ٤٣١‏,٤٧١‏,٥٦٧ مجلة.‏ وكمعدل،‏ يزور شهود يهوه في بريطانيا الناس في بيوتهم مرتين او ثلاث مرات في السنة.‏

ان شهود يهوه معروفون جيدا بالتبشير بالانجيل من باب الى باب،‏ حتى ان كثيرين من اصحاب البيوت،‏ عندما يفتحون ابوابهم ويرون اشخاصا بلباس انيق،‏ يسألون على الفور:‏ «شهود يهوه؟‏».‏

الارض تمتلئ من معرفة يهوه

في سنة ١٨٩١،‏ عندما درس ت.‏ ت.‏ رصل الحقل البريطاني،‏ وجده ‹جاهزا وينتظر الحصاد›.‏ ومن الواضح ان الحصاد الذي يجري اثناء اختتام نظام الاشياء هذا يوشك ان ينتهي.‏ وكم يتبيَّن انه حصاد عظيم!‏ ففي سنة ١٩٠٠،‏ كان في بريطانيا مجرد ١٣٨ تلميذا للكتاب المقدس (‏كما كان يُعرَف شهود يهوه آنذاك)‏،‏ ومعظمهم مسيحيون ممسوحون بالروح.‏ اما اليوم فقد تضاعف العدد ٩١٠ مرات تقريبا.‏ وفي ذلك الوقت،‏ كانت الوكالة الشرعية التي استخدمها تلاميذ الكتاب المقدس تفتح اول مكتب فرع لها خارج الولايات المتحدة.‏ اما اليوم،‏ فيوجد ١٠٩ فروع حول الارض.‏ فهنالك ٢٤ فرعا في البر الرئيسي للأميركتين،‏ ٢٥ فرعا في اوروپا،‏ و ١٩ فرعا في القارة الافريقية.‏ وهنالك ٤١ فرعا آخر في آسيا وفي جزر في اجزاء مختلفة من الارض.‏ وبالعمل بالتعاون مع هذه الفروع،‏ يشترك ٩‏,٥ ملايين شاهد في تعظيم اسم يهوه وإعلان بشارة ملكوته برئاسة يسوع المسيح.‏ وهم مصمِّمون على الاستمرار في تقديم الشهادة الى ان يقول اللّٰه كفى.‏

تتدفَّق الآن المياه المعطية الحياة بوفرة من العرش السماوي ليهوه اللّٰه وابنه يسوع المسيح.‏ وتُقدَّم الدعوة بإلحاح:‏ «مَن يعطش فليأتِ؛‏ ومَن يرد فليأخذ ماء الحياة مجانا».‏ (‏كشف ٢٢:‏١،‏ ١٧‏)‏ وعندما يُقام الاموات اثناء حكم يسوع المسيح الف سنة،‏ لا شك ان بلايين آخرين سيحظون بفرصة الاستفادة من هذا التدبير الحبي الذي يمكّنهم من نيل الحياة الابدية.‏ وبرنامج التعليم الالهي الذي أُنجز حتى الآن هو مجرد بداية.‏ ففي نظام اللّٰه الجديد،‏ يكمن امامنا الوقت حين يتم الى الحد الكامل الوعد بأن «الارض تمتلئ من معرفة الرب [‹يهوه›،‏ ع‌ج‏] كما تغطي المياه البحر».‏ —‏ اشعياء ١١:‏٩‏.‏

‏[الخريطة/‏الصور في الصفحتين ٨٦ و ٨٧]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)‏

انكلترا

قاعات المحافل مبنية في مواقع ملائمة في كل ارجاء البلد:‏ (‏١)‏ مانتشيستر،‏ (‏٢)‏ لندن الشمالية،‏ (‏٣)‏ دَدلي،‏ (‏٤)‏ ساري،‏ (‏٥)‏ إيست پِناين،‏ (‏٦)‏ بريستول،‏ (‏٧)‏ ادجوار

‏[الصور]‏

إيست پِناين

ادجوار

ساري

مانتشيستر

بريستول

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٦٦]‏

‏[الصورتان في الصفحة ٧٠]‏

طوم هارت

‏[الصورة في الصفحة ٧٢]‏

اول مكتب فرع للجمعية

‏[الصور في الصفحة ٧٢]‏

التسهيلات المستخدَمة حاليا

‏[الصور في الصفحتين ٧٤،‏ ٧٥]‏

انتقلوا للخدمة في حقول اجنبية:‏ (‏١)‏ كلود ڠودمان،‏ (‏٢)‏ روبرت نيزبِت،‏ (‏٣)‏ أدوين سكينر،‏ (‏٤)‏ جون كوك،‏ (‏٥)‏ ايريك كوك،‏ (‏٦)‏ جورج فيلپس،‏ (‏٧)‏ جورج نيزبِت.‏ خلفية الصورة:‏ موزعو مطبوعات جائلون يسافرون الى شرق افريقيا

‏[الصورة في الصفحة ٧٩]‏

تظهر فرنتسيسكا هاريس اهتماما خصوصيا بالفتيات الخادمات

‏[الصورة في الصفحة ٩٠]‏

ڤيرا بُل،‏ وهي تخدم في كولومبيا

‏[الصورة في الصفحة ٩٠]‏

باري وجانيت رَشبي —‏ «ارغب دائما في القيام بالمزيد»‏

‏[الصورة في الصفحة ٩٢]‏

مدرسة خدمة الفتح في قاعة المحافل في دَدلي

‏[الصورة في الصفحة ٩٥]‏

عائلة بيت ايل في بريطانيا اثناء العبادة الصباحية

‏[الصورة في الصفحة ٩٦]‏

التخرج من الصف الاول لمدرسة تدريب الخدام في بريطانيا

‏[الصورة في الصفحة ١٠٢]‏

اول قاعة ملكوت سريعة البنيان في بريطانيا (‏وستون فايڤل،‏ نورثامپتون)‏

‏[الصورة في الصفحة ١٠٧]‏

مايكل وجين هارڤي

‏[الصورة في الصفحتين ١٠٨،‏ ١٠٩]‏

فاتحون اختاروا الخدمة في جماعات ناطقة بلغات اجنبية

‏[الصورة في الصفحتين ١١٦،‏ ١١٧]‏

أ.‏ د.‏ شرودر يقابل بعض المسنّين في الاجتماع السنوي في لَيسْتَر سنة ١٩٨٣

‏[الصورة في الصفحة ١٢٣]‏

فاتحان من جزر شَتلند يقتربان من مركب صيد في مقاطعتهما البعيدة عن الشاطئ

‏[الصورة في الصفحة ١٣١]‏

جون ومِلدرِد بار

‏[الصورة في الصفحة ١٣٣]‏

لجنة الفرع (‏من اليسار الى اليمين)‏.‏ الجالسان هما:‏ پيتر إليس،‏ جون وِن.‏ الواقفون:‏ بيڤان ڤيڠو،‏ ستيفن هاردي،‏ جون آندروز،‏ رون درايدج،‏ جاك داوسن،‏ دنيس داتن

‏[الصور في الصفحتين ١٣٨ و ١٣٩]‏

عمل الشهادة لم يُكمَل بعد

‏[الصور في الصفحتين ١٤٠ و ١٤١]‏

بعض الذين ينظرون الى السنوات العديدة الماضية من الخدمة الامينة:‏ (‏١)‏ ريتشارد وهايزل جسپ (‏٢)‏ دنيس ومايڤيس ماثيوز،‏ (‏٣)‏ كرنيليوس وريكي هوپ،‏ (‏٤)‏ فرِد وروز جايمس،‏ (‏٥)‏ جفري وڤي يونڠ،‏ (‏٦)‏ ريتشارد وآن ڠيلَم،‏ (‏٧)‏ انطوني وميوريِيل تاڤِنر،‏ (‏٨)‏ سيدني وروبينا آولا،‏