كوراساو
كوراساو
على مسافة من ساحل ڤنزويلا تقع ثلاث جزر تتمتع بجمال فريد. انها اروبا، بونير، وكوراساو. جَمالها ليس كجَمال سائر الجزر الكاريبية الخضراء. انه جَمال صحراوي، جَمال الظلال الغامضة في الليل والالوان المتباينة الصارخة في النهار.
بسبب تساقط كميات قليلة من الامطار، تنمو وتزهو هناك انواع الصبّار العملاق — وأفخرها الكادوشي — التي تُرى في كل مكان. كما تزهو شجرة العَنْدَم السمّاقي، المتميزة بتاجها المائل. وكمَراقب صامتة، ترتسم البيوت التي بُنيت في المزارع كالخيالات على صفحة السماء الزرقاء الصافية لتذكّرنا بالماضي الاستعماري. ونرى في الريف المَعْز يطوف ويعدو عابرا الطرق.
تتميز اروبا وبونير بحركة سياحية ناشطة، اما كوراساو فتعتمد على الدخْل الناتج من تكرير النفط واستخراجه من البحر. ويوجد في كل من هذه الجزر مصنع لإزالة الملوحة يقطّر مياه البحر، ويؤمّن ماء للشرب وبخارا لتوليد الكهرباء.
يبلغ عدد سكان الجزر اليوم اقل بقليل من ٠٠٠,٢٥٠ نسمة، وقد اكتشفها الاسپان في القرن الخامس عشر. لاحقا، استولى الهولنديون على الجزر، ومع ان الفرنسيين والانكليز حكموها فترات وجيزة، فقد عادت الى يد الهولنديين في سنة ١٨١٥. ومنذ سنة ١٩٥٤، يتمتع اتحاد جزر الانتيل الهولندية، الذي يضمّ في الاصل هذه الجزر
الثلاث وثلاثا من جزر لِيوَرْد، بحكم ذاتي في الشؤون الداخلية. ولكن في سنة ١٩٨٦، انفصلت اروبا عن الاتحاد.الحضارة واللغة
تتمتع هذه الجزر الثلاث في ظل الحكم الهولندي بجو من التسامح الديني. غالبية السكان تعتنق الديانة الكاثوليكية الرومانية ولكن توجد فرق كبيرة من الپروتستانت. كما يوجد مجتمع يهودي كبير في كوراساو. والسكان الآتون من امم يتراوح عددها بين ٤٠ و ٥٠ امة يعيشون معا بسلام في مجتمع مندمج عرقيا. ومع ان هؤلاء السكان يتكلمون لغة مشتركة، تحتفظ كل جزيرة بهويتها المميزة. في هذا المجتمع المتنوع، توطد حق الكتاب المقدس واستمر يزدهر.
يتكلم السكان عدة لغات ومن المرجح ان ينسوا بأية لغة يتكلمون، اذ ان التنقل من لغة الى اخرى امر طبيعي جدا. ومع ان اللغة الهولندية هي اللغة الرسمية، واستعمال اللغتين الانكليزية والاسپانية شائع في
القطاع التجاري، فإن الپاپيَمِنتو هي لغة البلد الاصلية. تقول احدى النظريات ان الپاپيَمِنتو نشأت في جزر الرأس الاخضر في افريقيا الغربية قبل القرن السابع عشر. كان الپرتغاليون يستخدمون هذه الجزر كقاعدة لغزو افريقيا، ولكي يتمكن الافريقيون والپرتغاليون من ان يتكلموا احدهم مع الآخر، نشأت لغة كرييولية جديدة — مزيج من اللغات الافريقية واللغة الپرتغالية. وهذه اللغة تُدعى لغة مشتركة لأنها تسمح بالاتصال بين فرق لغوية مختلفة. لاحقا، جلب العبيد معهم هذه اللغة الى الجزر. وعلى مر السنين، تأثرت اللغة بالهولندية، الاسپانية، الانكليزية، والفرنسية. وصارت لغة پاپيَمِنتو الناتجة مزيجا من كل هذه اللغات.في الاساس كانت هذه اللغة المشتركة التي طورها العبيد وأدخلوها الى الجزر طريقةً لسدّ فجوة الاتصال، وقد عملت بالتالي على توحيدهم. الا انه جرى تبنّي لغة مشتركة اخرى، اللغة التي يرد ذكرها في صفنيا ٣:٩، التي تقول: «اني حينئذ احوِّل الشعوب الى شَفة [«لغة»، عج] نقية ليدعوا كلهم باسم الرب ليعبدوه بكتف واحدة». لقد وحّدت هذه ‹اللغة النقية› بعض سكان الجزر — وأتاحت لهم ان يتجاوزوا الفروق الاجتماعية، العرقية، وأحيانا القومية — ووحّدتهم ايضا مع المعشر العالمي لشهود يهوه. ومع انه توجد جماعات مختلفة تعقد اجتماعاتها بالپاپيَمِنتو، الانكليزية، الاسپانية، والهولندية، فإن لغة حق الكتاب المقدس المشتركة توحّد الاخوة في رباط وثيق، رباط المحبة.
بزوغ فجر الحق
ليس معروفا بالتحديد كيف زُرعت بذور الحق الاولى في الجزر. فبصورة تدريجية لم يُشعَر بها، بزغ نور الحق مبدِّدا الظلمة المغطية الجزر التي طالما كانت معاقل للكاثوليكية الرومانية. في اواخر عشرينات الـ ١٩٠٠ وفي ثلاثينات الـ ١٩٠٠، كان عدة اشخاص
يكرزون هنا. كما كان هنالك بائع متجول يبيع كتبا دينية ينثر بذور الحق عن غير قصد، اذ وُجدت بين كتبه مطبوعات انتجتها هيئة اللّٰه. وقد عملت الى جانبه ابنتاه پيرل وروبي اللتان صارتا من شهود يهوه بعد سنوات. ولا تزالان كلتاهما امينتين حتى اليوم.سنة ١٩٤٠، اجرى اخ من ترينيداد يشتغل في مصفاة النفط، الاخ براون، المعمودية الاولى في كوراساو — معمودية خمسة اشخاص كان يدرس معهم. وكان بينهم مارتن وڤيلهلمينا نارِندورپ وإدوارت ڤان مارل، وكلهم في الاصل من سورينام.
تسترجع أنيتا ليبْرِتو، ابنة الزوجين نارِندورپ، الماضي وتقول: «في سنة ١٩٤٠، كان عمري ست سنوات. اتذكر ان اخا يتكلم الانكليزية درس مع والديَّ. كانا يتكلمان الهولندية فقط ويفهمان القليل جدا من الانكليزية، لكنهما جاهدا واعتمدا في غضون ستة اشهر. كانت الاجتماعات تُعقد في بيتنا، ولكنها لم تكن منظمة كما هي اليوم. فقد كانت تدوم الليل بطوله حتى بعد منتصف الليل، فيما يجاهد والداي لفهم الكتب المكتوبة بالانكليزية». كانت الكرازة تجري بمعظمها بالانكليزية، لأن الفريق الصغير لم يكن يتكلم الپاپيَمِنتو بطلاقة ولم تكن المطبوعات متوفرة بتلك اللغة.
عموما، لم يكن الناس المحليون معتادين ان يقرأوا الكتاب المقدس لأن الكنيسة الكاثوليكية حظرت ذلك. ولم يكن غريبا ان
يصادر الكهنة الكتب المقدسة التي يجدونها. في البداية، كان احد الكهنة يتبع الاخوة حيث يذهبون، ويضرب الارض برجله ويصرخ: «اتركوا خرافي وشأنهم!».زرع البذور في اروبا وبونير
سنة ١٩٤٣، زار اروبا جون هيپوليت، الذي كان من المجيئيين، مع مارتن نارِندورپ وقضيا فرصتهما في نشر البشارة. في اغلب الظن، كانا اول شخصين يكرزان بالبشارة هناك. وبعد عودتهما الى كوراساو، كتب الاخ هيپوليت الى المركز الرئيسي في بروكلين طالبا المساعدة في الحقل. فوصل مرسَلان بعد ثلاث سنوات، ولكن للأسف مات قبل ان يأتيا. الا ان الاخوة الكوراساويين، امثال جون هيپوليت، تبعوا النصح الموجود في الجامعة ١١:٦ وزرعوا بسخاء البذور التي ترسخت ونمت لاحقا.
في سنة ١٩٤٤، وصل الى اروبا وودوَرث ميلز من ترينيداد وإدموند كَمينڠز من ڠرانادا، وعملا في مصفاة النفط في سان نيكولاس. كانت مدينة سان نيكولاس، الواقعة في الطرف الشرقي للجزيرة، تعج بالمهاجرين الآتين من كل انحاء جزر الهند الغربية ليعملوا في مصفاة النفط. وقد نشّط ودعم الاخ ميلز، وهو خطيب حماسي، عمل الكرازة بالبشارة. وفي ٨ آذار (مارس) ١٩٤٦، انشأ الاخَوان ميلز وكَمينڠز اول جماعة ناطقة باللغة الانكليزية في سان نيكولاس. كان عدد الناشرين في الجماعة ١١، وكان الاخ ميلز خادم الجماعة.
أُجريت اول معمودية هناك في ٩ حزيران (يونيو) ١٩٤٦. وكان بين المعتمدين الاربعة تيموثي ج. كامپبِل وويلفرد روجرز. وفي نهاية
سنة ١٩٤٦ تضاعف عدد الناشرين. لاحقا انضم الى الجماعة الشهود المهاجرون — عائلات بويتمان، دا فرايتاس، كامپبِل، سكوت، پوتر، ماير، تيتِر، فوستن، وآخرون.كان الاخ ميلز ناجحا جدا في الشهادة غير الرسمية، وتجاوبت مع بشارته احدى زميلاته في العمل، كاتبة اختزال اسمها أوريس. واعتمدت في كانون الثاني (يناير) ١٩٤٧. لقد ربح الاخ ميلز اختا روحية ووجد ايضا زوجة، اذ انهما تزوجا لاحقا. وفي سنة ١٩٥٦، دُعيا الى حضور الصف الـ ٢٧ لمدرسة جلعاد، ثم عُيّنا في نيجيريا.
حتى سنة ١٩٥٠، كانت معظم الكرازة في اروبا تجري في سان نيكولاس، لأن الناس هناك في اغلبيتهم يتكلمون الانكليزية والاخوة لا يتكلمون الپاپيَمِنتو الا قليلا. حتى ذلك الوقت، لم يعتنق الحق اي اروبي. فقد حرّضت المقاومة القاسية من الكنيسة الكاثوليكية الأروبيين الوديّين بطبيعتهم على الشهود وأخّرت التقدم. وكان امرا عاديا في تلك الايام ان يطارد صاحبُ البيت الغضبان الاخَ الشاهد وهو حامل ساطورا. وأحيانا كان يُلقى على الاخوة ماء ساخن او تُحَثّ الكلاب على مطاردتهم. وفي مناسبات اخرى دعا اصحاب البيوت
الاخوة ان يدخلوا، ولكنهم غادروا البيت وتركوهم جالسين هناك. وترك الضيوف دون الاهتمام بهم يُعتبَر إهانة في الجزر.تتذكر إدْوِينا سْتروپ، وهي فاتحة في اروبا: «كان الكهنة يخوّفون الناس بإخبارهم انهم سوف يدعون عليهم باللعن اذا تركوا الكنيسة». الا ان ذلك لم يُخمد غيرة الاخوة الذين دفعتهم محبتهم ليهوه ولجيرانهم الى المثابرة.
ان بذور بعض النباتات الصحراوية تبقى في سُبات طوال عقود الى ان تمكّنها الكمية الصحيحة من الامطار من النمو وإنتاج ازهار جميلة في النهاية. هكذا كانت حالة ياكوبو راينا، موظف جمارك في بونير. فقد حصل على نسخة من كتاب الخلق (بالانكليزية) في سنة ١٩٢٨. ومع انه ينتمي الى عائلة كاثوليكية رومانية، كان قد فحص الديانات الپروتستانتية ولكنه لم يجد الاكتفاء قط. وبعدما قرأ كتاب الخلق، ادرك رنة الحق. أُدرجت في الكتاب اسماء كتب اخرى اصدرها خدام يهوه، ولكنّ ياكوبو لم يستطع الحصول عليها. بعد ١٩ سنة، حين كان يزور اخته في كوراساو في سنة ١٩٤٧، التقى مرسَلة تعقد درسا مع اخته. فسأل المرسَلة ان كان لديها الكتب الواردة اسماؤها في لائحة ابقاها في محفظته كل تلك السنين. اخذ كل المطبوعات الموجودة في حقيبتها، على الاقل ٧ كتب مجلَّدة و ١٣ كراسا، واشترك في مجلتي برج المراقبة و استيقظ!. اخيرا، كانت ستُشبَع شهيته الروحية التي أُثيرت منذ زمن طويل. نعم، ان بذور الحق التي بقيت
في سُبات طوال سنوات عديدة كانت ستُزوَّد الآن بالماء الضروري لنموها.اول مرسَليْن يصلان الى كوراساو
في ١٦ ايار (مايو) ١٩٤٦، وصل الى كوراساو توماس رصل يَيْتْس وزوجته هايزل، متخرّجان من الصف السادس لمدرسة جلعاد. كانت كوراساو آنذاك مقاطعة لم تُخدم بعد. وقد ترك الاخ يَيْتْس اثرا كبيرا خلال عمله في الجزر، اذ بقي في تعيينه اكثر من ٥٠ سنة حتى موته في سنة ١٩٩٩. خدم كناظر للفرع من سنة ١٩٥٠ حتى سنة ١٩٩٤، باستثناء فترة قصيرة. وتمتع بروح فكاهة لا تنضب، تفاؤل دون حدود، وإيمان لا يتزعزع، وقد حظي بامتياز رؤية عمل الكرازة بالملكوت يتسع كثيرا.
لا تزال هايزل، التي كانت داعمة ولية لزوجها، مستمرة في تعيينها حتى اليوم وهي مصدر تشجيع للجميع. انها تتذكر حين وصلا الى المطار واستقبلهما بحرارة الاخَوان نارِندورپ وڤان مارل وشخص مهتم، هو كليمانت فليمينڠ.
بالمناسبة، حصل كليمانت على كتاب الاولاد (بالانكليزية)، قرأه، واقتنع انه وجد الحق. عندما كان حدثا، ترك كليمانت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية لأنه لم يوافق على الكثير من تعاليمها. ولاحقا، بدأ يعاشر الشهود، لذلك كان موجودا للترحيب بأول مرسَليْن. وفي تموز (يوليو) ١٩٤٦، عمّده المرسَل الجديد، رصل يَيْتْس. لا يزال الاخ فليمينڠ ناشرا للملكوت، يقول: «بعمر ٩٣ سنة، لم اتخلَّ عن رجاء الكينونة بين الذين يعبرون هرمجدون الى النظام الجديد دون ان يموتوا». يا له من مثال رائع للإيمان والاحتمال!
تقول الاخت يَيْتْس: «اخذونا من المطار الى شقة مؤلفة من غرفتين فوق متجر يبيع اذناب خنازير وسمكا مملّحا. لم يكن هنالك مفروشات او حمام في الشقة، فكان علينا ان نستحمّ في الاسفل طوال الاشهر الستة التالية الى ان وجدنا مسكنا افضل». ومع ان هايزل عانت الاسهال عدة مرات، لم تتثبط لا هي ولا زوجها. بعد سنوات، كتب الاخ يَيْتْس: «ان ما يجعل الحياة ممتعة، وخصوصا لخدام
يهوه، ليس الاحوال المعيشية، ولا المناظر الطبيعية، ولا اللغة، بل الناس. والناس تجدونهم في كل تعيين».فيما كان هذان المرسَلان الشجاعان يتعلّمان لغة البلد الاصلية، الپاپيَمِنتو، كانا يعلّمان الناس في كوراساو اللغة النقية، لغة الحق المشتركة. احد هؤلاء كان كاميليو جيريجوريا، اول شخص يعتمد من السكان المحليين في سنة ١٩٥٠. كان يشتغل في مصفاة نفط، فتعلّم عن الحق بالتحدث الى اخوة مختلفين، بمن فيهم هنريكس هاسل، منادٍ غيور بالبشارة. ان كاميليو، الذي يبلغ اليوم ٧٨ من العمر، هو شيخ وقد ساعد ٢٤ شخصا ان يصيروا خداما منتذرين ليهوه. في سنة ١٩٤٦، نظّم المرسَلان اول جماعة ناطقة بالانكليزية في كوراساو، ولكن لم تبتدئ اول جماعة ناطقة بالپاپيَمِنتو حتى سنة ١٩٥٤.
اروبا تستمر في رؤية نور الحق
في تموز (يوليو) ١٩٤٩، وصل الى اروبا هنري وأليس تْوِيد، كنديّان من الصف الـ ١٢ لمدرسة جلعاد، وكانا سيلعبان هناك دورا مهما في تعليم اللغة النقية. تميّز هنري بطوله وقدّه النحيل وعُرف بلطفه
ووداعته؛ كما عُرفت أليس بسرعة بديهتها ونشاطها الدائم في الخدمة. كانا المرسَليْن الوحيدين اللذين عاشا وخدما في الجزر الثلاث، وبعد عقود لا يزال الاخوة يتذكّرون بإعزاز روح التضحية بالذات والغيرة اللتين اعربا عنهما.في سنة ١٩٥٠، تخرج وليَم يَيْتْس (ابن عم رصل) وزوجته ميري من الصف الـ ١٤ لمدرسة جلعاد وعُيّنا في كوراساو. وفي سنة ١٩٥٣ ذهبا الى اروبا. وبعد ٥٠ سنة تقريبا، لا يزالان في تعيينهما. فيا لهما من مثال رائع للإيمان والاحتمال! بمرور الوقت، تميّزت ميري بغيرتها الفائقة في الخدمة. كانت دائما في طليعة عمل الشهادة، فيما ركّز وليَم على ترجمة مطبوعات الكتاب المقدس. عندما وصل وليَم وميري، لم تكن الجماعتان الانكليزيتان قد احرزتا تقدّما ملحوظا بين الشعب المحلي. فبدأ وليَم وميري بصبر وتنظيم يزرعان بذور الحق بين الأروبيين الذين يتكلمون الپاپيَمِنتو. وببطء كوفئت جهودهما. يتذكر وليَم: «بدأنا نعقد دروس برج المراقبة تحت شجرة الكْويهي الكبيرة في فناء بيت المرسَلين. كان يصل احيانا عدد الحاضرين الى ١٠٠ شخص. كنا نجلس على المقاعد المرمية للكنيسة الكاثوليكية». وفي سنة ١٩٥٤،
عُقدت ذكرى موت المسيح، وبعد ذلك نُظّم درس كتاب جَماعي بالپاپيَمِنتو.اول اروبي يتعلم حق الكتاب المقدس
كان ڠابريال هنريكِز، وهو في سن الشباب، يفرط احيانا في الشرب في نهايات الاسابيع بحيث لا يتمكن من الذهاب الى العمل في مصفاة النفط صباح ايام الاثنين. أراد المسؤول في العمل ان يحسّن ڠابريال طريقة حياته، فأهداه اشتراكا في مجلة استيقظ!، واثقا ان ذلك سيساعده، رغم انه هو نفسه ملحد. في ما بعد تعرّف ڠابريال بالزوجين تْوِيد، اللذين كانا يدرسان الكتاب المقدس مع حميه. وبما ان الكتاب الذي يدرسون فيه بالاسپانية، اخذ ڠابريال يترجم له. وسرعان ما نما اهتمام ڠابريال، فبدأ وليَم وميري يَيْتْس يدرسان معه في سنة ١٩٥٣. يقول ڠابريال: «اخيرا، كان باستطاعتي الحصول على اجوبة عن كل اسئلتي». وفي سنة ١٩٥٤، نذر حياته ليهوه وصار اول شخص اروبي يعتمد.
في سنة ١٩٥٦، نُظِّمت اول جماعة ناطقة بالپاپيَمِنتو وكانت مؤلفة من ١٦ ناشرا، وفي نهاية سنة الخدمة ١٩٥٧، قدّم ٢٦ ناشرا تقاريرهم. فما ان ادرك الأروبيون التعاليم الباطلة ‹لبابل العظيمة› وتحرروا من خوف الانسان حتى صاروا محبين للحق ومنادين غيورين للبشارة. (كشف ١٧:٥) وكان احد هؤلاء الاشخاص دانيال وَب. لقد قبل الحق هو وزوجته نينيتا، التي كانت في الاصل مقاومة، وصارا كلاهما ناشرَين غيورَين للملكوت. فهل كان سيتبع آخرون مثالهما؟
مثل دانيال، تعلّم كثيرون الحق وسمحوا له بأن يغيّر حياتهم وحياة عائلاتهم. كان پيدرو راماين احد الاشخاص الذين بدأوا يدرسون. ذات يوم، عندما عاد الى بيته، اكتشف پيدرو ان امه ماريّا، وهي كاثوليكية مخلصة، قد اتلفت الكتب التي يستعملها في درسه. وإذ لم يكن بعد قد لبس الشخصية الجديدة، قابل ما فعلته امه بتحطيم تماثيلها. انزعجت ماريّا مما فعله پيدرو وتشكت الى الكاهن، فقال ان پيدرو محقّ في تفكيره ان التماثيل بلا قيمة! اغتاظت وطردت الكاهن وقررت ان تفحص الكتاب المقدس عن كثب. وكانت النتيجة ان ماريّا وزوجها هاينارو نذرا حياتهما ليهوه. واليوم، فإنهما مع اولادهما الـ ١١، حفدائهما الـ ٢٦، وولد احد حفدائهما — ما مجموعه ٤٠ شخصا — يخدمون يهوه جميعا!
اعتمد دانيال ڤان دِر لندِه، صهر ماريّا، رغم ان والدَيه تبرّأا منه. طُرد من بيته وضربه مرقس ١٠:٢٩، ٣٠.
كاهن كاثوليكي، ولكن دانيال ثابر واثقا انه عرف الحق. ورغم هذه المقاومة، يعتبر دانيال نفسه مبارَكا اذ ان يهوه استخدمه لمساعدة كثيرين على تعلّم حق الكتاب المقدس. وابنته پريسكايلا وزوجها مانويل يخدمان كمساعدَين في بيت ايل في قسم الترجمة في مكتب الفرع في كوراساو. اما طوني، وهو صهر آخر، فكان عليه هو ايضا ان يعرب عن ايمان عظيم بيهوه ووعوده بدعمنا، اذ انه مرض وكان عليه اجراء خمس عمليات جراحية. يقول طوني: «قطع الاطباء الامل من شفائي، ولكنني اصلّي على الدوام الى يهوه طلبا للقوة. وإخوتي الجسديون، الذين تبرّأوا مني الى حد ما، يستطيعون ان يروا ان لي آلاف الاخوة الروحيين حول العالم». —نمو في الجزر
في سنة ١٩٦٥، اضطر ألبرت سُوَر، متخرج من الصف الـ ٢٠ لمدرسة جلعاد، ان يغادر كوراساو بسبب صحته الضعيفة، ولكنه ترك وراءه «رسائل توصية» ممتازة. (٢ كورنثوس ٣:١، ٢) كانت اولِڤ روجرز احداها، وقد صارت فاتحة قانونية في ايلول (سبتمبر) ١٩٥١. عاشت اولِڤ مع رجل خارج نطاق الزواج طوال ١٧ سنة. ولكن عندما تعلّمت عن مقاييس يهوه السامية، تركت الرجل. وعندما قدم لها عرضا متأخرا للزواج رفضت. ثم اعتمدت، وانضمت الى صفوف الفاتحين، وبقيت فاتحة حوالي ٤٠ سنة الى ان اعتلت صحتها. كانت الاخت روجرز تُرى في كل مكان وهي تخدم بفرح في المقاطعة. ولا يزال الناس يخبرون قصصا مثيرة عن هذه الاخت. لقد مكنتها عزيمتها التي لا تنثني ومثابرتها ان تساعد اشخاصا كثيرين، بمن فيهم عائلات كبيرة، على نذر حياتهم ليهوه.
واليوم، توجد عدة عائلات مجتهدة تخدم يهوه في جزر الانتيل وأروبا. والعائلات الكبيرة، مثل عائلة مارتا، كروس، دايكوف، راماين، ليكَت، فوستن، اوستِيانا، ورومر، تشكّل اساس الجماعات وتساهم كثيرا في ثباتها.
ابتدأ يوجين ريتشاردسون، وهو شاب ودود، يتعلّم عن يهوه بعمر ١٥ سنة. ومع انه لم يكن يُعقد معه درس رسمي في الكتاب المقدس، فقد تقدم تدريجيا بحضور كل الاجتماعات واعتمد بعمر ١٧ سنة. وفي سنة ١٩٥٦، عُيِّن فاتحا قانونيا وواجه ما اعتبره مشكلة اساسية — عدم توفر وسيلة نقل. يقول: «كانت المقاطعة المعيّنة لي تبعد ٢٠ كيلومترا عن بيتي، ولحلّ مشكلة التنقل قايضت الپيانو خاصتي بدراجة هوائية. فصُدمت عائلتي من هذه المبادلة، وبعد مرور ٤٠ سنة لا تزال تتحدث عن الموضوع. لكن الدراجة كانت عملية جدا لي. وخصوصا انه بعد اربعة اشهر، عُيّنت فاتحا خصوصيا في المقاطعة غير المعيّنة، باندا آباو».
افتتاح مقاطعة جديدة
تقع منطقة باندا آباو الريفية، التي تُعرف محليا بـ كونوكو، في الجانب الغربي لكوراساو وتغطي تقريبا نصف الجزيرة. تتألف هذه
المنطقة من اراضٍ متموجة قليلا وهي الى حد ما اكثر اخضرارا من باقي الجزيرة. بيوتها منتشرة هنا وهناك، بحيث ان الخدمة في هذه المقاطعة تتطلب وقتا طويلا جدا. فأتى كلينتون وليامز، فاتح شاب غيور، وانضم الى يوجين، وباشرا معا افتتاح هذه المنطقة الجديدة. يتذكر يوجين: «لم تكن المقاطعة سهلة، بالمقارنة مع باقي الجزيرة. كان الناس وديين جدا ومن الممتع حقا التحدث اليهم، ولكنّ اهتمامهم لم يكن يتخطى هذا الحد. الا اننا خدمنا هناك سنتين وحصلت معنا اختبارات رائعة. في الشهر الاول، التقيت رجلا قال انه يصبح شاهدا اذا استطعنا ان نبرهن ان ملكوت اللّٰه تأسس في سنة ١٩١٤. وبالفعل صار هو وزوجته وأولاده من الشهود. لاحقا، تحدثت الى امرأة قالت ان ابن اختها مهتم بالكتاب المقدس. فرجعت في الليلة نفسها وبشّرته. واسم هذا الشاب سيرو هايدي».يخبر سيرو، وهو شخص منفتح، القصة من وجهة نظره: «كنت كاثوليكيا مخلصا جدا وأعرف جيدا كتاب التعليم الديني بحيث انني استطيع تعليمه في المدرسة. ولكن ثمة امر كان دائما يحيرني. لم اكن افهم لماذا اذا لم يحضر الشخص القداس تكون خطيته مميتة، ويكون مصيره الهاوية
اذا لم يبادر الى الاعتراف. ذات يوم، طرق بابنا شاب معه دراجة، وتكلم الى خالتي عن الكتاب المقدس. كانت تعلم انني مهتم بالدين، فطلبت منه ان يعود حين اكون في البيت. كنت متلهفا الى مقابلته، لأنني شعرت انني اعرف عن الدين اكثر منه. في تلك الليلة نفسها زارني يوجين. وذهلت عندما لفت انتباهي ان دستور الايمان الذي اتلوه كل يوم يذكر ان يسوع ذهب الى الهاوية. كنت اتلوه بسرعة دون تفكير، فلم افهم معناه. والامر الذي ادهشني اكثر من كل الامور الاخرى هو ان يوجين استعمل الكتاب المقدس ليشرح كل شيء، في حين انني لم استطع تحديد مكان آية واحدة. من ذلك الوقت فصاعدا، تغيرت حياتي تغييرا جذريا، اذ بدأت ادرس في الحال». لاحقا اعتمد سيرو على الرغم من مقاومة زوجته. وأخيرا، بسبب مثاله الجيد، نذرت هي ايضا حياتها ليهوه. وهما يخدمان يهوه بولاء منذ ٣٠ سنة، ومنذ ٢٥ سنة يخدم سيرو كشيخ.حضر يوجين مدرسة جلعاد في سنة ١٩٥٨ وأُعيد تعيينه في باندا آباو، حيث كانت لا تزال مشكلة التنقّل موجودة. يروي: «عندما كنا نشترك في خدمة الحقل، كان الفريق يتألف احيانا من ١٣ أخا ولا
توجد سوى سيارة واحدة — سيارتي. وقد عنى ذلك القيام برحلتين من ٣٠ كيلومترا ذهابا و ٣٠ كيلومترا إيابا. كنت انقل الفريق الاول الى المقاطعة وأسرع رجوعا لأنقل الفريق الثاني. وفي وقت متأخر من بعد الظهر، كنت اتبع الطريقة نفسها لأنقل الاخوة الى بيوتهم. ولكننا كنا نقضي اليوم كله في الخدمة. كان الامر متعبا، ولكن يا للفرح الذي حصدناه!». وقد حصل يوجين ايضا على امتياز الخدمة في العمل الجائل ما يقارب السنتين.تغييرات في كونوكو
في سنة ١٩٥٩، كان كلينتون وليامز قد تخرج من مدرسة جلعاد واستمر يخدم في كونوكو. وفي ما بعد تزوج اوجيني، فاتحة غيورة جعلتها طبيعتها اللطيفة محبوبة من كثيرين. في سنة ١٩٧٠، تشكّلت جماعة من ١٧ ناشرا في قرية زوركْفليت باي يان كوك، وكانت تُعقد الاجتماعات في بيت عائلة پيترس-كْويرس. وقد قامت الفاتحتان الخصوصيتان وانا پيترس-كْويرس وابنتها استر، الى جانب عائلتَي مينڠل وكْويمان، بعمل دؤوب لتقوية الجماعة. بحلول سنة ١٩٨٥، كبرت الجماعة وصارت تضم ٧٦ ناشرا بمعدل حضور من ١٢٥ شخصا. وفي تلك السنة عينها، دفعت المحبة الاخوة في الولايات المتحدة الى التطوع وبناء قاعة ملكوت في مدينة پانِكوك، وحُوّلت قاعة الملكوت القديمة الى بيت للمرسَلين. وفي غضون سنتين ارتفع عدد الناشرين الى ١٤٢، بحيث تشكلت جماعة تيرا كورا في سنة ١٩٨٧.
كان من الصعب دائما ايجاد مسكن للفاتحين، ويتذكر يوجين انه وجب عليه ترميم بيت شاغر كان يقطنه المَعْز. فقضى اسابيع وهو يحاول التخلص من «رائحته». ان لحم المَعْز يُعتبر طبقا محليا شهيا. وطوال سنوات، حين كان يُعَدّ الطعام في المحافل، كان لحم المَعْز الطبق المعتاد، وقد قضى الاخوة اوقاتا سارّة وهم يتناولون غداءهم متمتعين بطبق متبّل لذيذ من لحم المَعْز. ولكنّ اللحم كان فاسدا احيانا، مما اضطر كثيرين الى الذهاب عدة مرات الى الحمام.
يحب رصل يَيْتْس ان يخبر قصة مِعزاة اسمها ميمي. فقد اكلت
ذات مرة ثلاثة كتب مقدسة، عدة كتب ترانيم، كتبا اخرى، وعدة مجلات. قالت ريتا ماثيوز، صاحبة المِعزاة: «لقد اكلت الكثير من مطبوعاتنا بحيث سمّيناها ‹المِعزاة القدوسة›». ولاحقا بيعت ميمي.المحافل تعزّز روح المحبة والوحدة
على مر السنين، كان من الصعب ايجاد اماكن ملائمة للاجتماعات — وخصوصا للمحافل. فنظّم ماكس ڠاري، من الصف الخامس لمدرسة جلعاد، بناء اول قاعة ملكوت يملكها الاخوة، في بْوينا ڤيستا في كوراساو. وانكبّ الاخوة بحماس على بناء هذه القاعة وفرحوا جدا
عندما كملت. وفي سنة ١٩٦١، تشكّلت الجماعة الثانية الناطقة بالپاپيَمِنتو في كوراساو واجتمعت في هذه القاعة الجميلة، وكان ڤيكتور مانويل خادم الجماعة، وهو ناشر للبشارة منذ حوالي ٥٠ سنة. وقد دشّن ناثان ه. نور من بيت ايل بروكلين هذه القاعة في ٢٨ آذار (مارس) ١٩٦٢.في سبعينات الـ ١٩٠٠، سُوّيت قطعة الارض المجاورة لقاعة بْوينا ڤيستا، صُبّ عليها الاسمنت، وشُيّدت منصة. واستُخدمت للمحافل طيلة سنوات، وبما ان المطر قليل الهطول في كوراساو، عُقدت الاجتماعات في العراء دون مواجهة مشاكل تُذكر. الا ان الاخوة كان
يُباغتون احيانا بالمطر المفاجئ الذي يبلّل ثيابهم وكتبهم ولكن دون ان يثبطهم. فكانوا يفتحون مظلاتهم ويتابعون الاصغاء بانتباه الى البرنامج. في الماضي كانت تُعقد هذه التجمعات بلغتين، اذ تُلقى بعض الخطابات بالانكليزية وتُترجم، وتُلخَّص خطابات اخرى وتُلقى بالپاپيَمِنتو. كانت المحافل الكورية تُعقد بالتعاقب في اروبا وكوراساو، ويسافر بعض المندوبين بطائرة مستأجرة الى الجزيرة حيث يُعقد المحفل، فيما ينتقل آخرون بالسفينة. وفي احدى المرات، أُصيب فريق كبير من الذاهبين الى المحفل على متن السفينة نياڠَرا بدوار البحر. وعلى الرغم من الانزعاج الذي اصابهم، لم يخمد حماسهم للوليمة الروحية الوشيكة.تتذكر إنڠرد سِلاسا، التي كانت آنذاك بعمر ١٦ سنة، ان جدتها باعت خنزيرا لتقوم بهذه الرحلة. نزل المندوبون في بيوت الاخوة، وكانوا ينامون احيانا على الارض. وتشكّلت صداقات دائمة وساد الفرح والمحبة والوحدة. في سنة ١٩٥٩ عُقد اول محفل بلغة پاپيَمِنتو في البيت المبني في مزرعة سانتا كروز في باندا آباو. تتذكر إنڠرد: «حمّلنا الباصات بالاكل، الفُرُش، وحاجات السفر وانطلقنا الى المحفل. كان البرنامج وليمة روحية، وفي المساء لعبنا ألعابا مؤسسة على الكتاب المقدس ورنّمنا ترانيم الملكوت تحت سماء الليل. لن انسى ابدا الايام الثلاثة التي قضيناها هناك، حيث شعرنا حقا اننا جزء من معشر اخوة». وساهمت ايضا التجمعات الاممية المقوّية للايمان، مثل المحفل الاممي «السلام على الارض» الذي عُقد في سنة ١٩٦٩، في تعزيز روح المحبة والوحدة بين الاخوة.
قاعتان جديدتان للمحافل
بمرور السنين صار موقع عقد المحافل في بْوينا ڤيستا صغيرا جدا، ولكن بفضل التبرعات السخية من الجماعات تمكن الاخوة من
شراء بناء من مصفاة النفط. فرُمِّم هذا البناء الذي يقع في مقاطعة سكِلپوايك، وطوال عدة سنوات عُقدت المحافل الدائرية والكورية هناك. ومؤخرا، وافق مكتب الفرع على هدمه وبناء قاعة ملكوت مزدوجة يمكن استخدامها ايضا كقاعة محافل تسع ٧٢٠ شخصا. يا له من تدبير يبهج الاخوة!قبل سنة ١٩٦٨، كانت المحافل في اروبا تُعقد في قاعات مستأجرة، ولكن مع النمو الذي يحدث نشأت الحاجة الى قاعة محافل دائمة. فقُرّر بناء قاعة ملكوت كبيرة بحيث تُستعمل للمحافل. وفي سنة ١٩٦٨، شيّد الاخوة المحليون بكدّ وتضحية بالذات قاعة جميلة يسبّحون فيها يهوه. في الوقت الذي كانت تُبنى فيه القاعة حجبت اشجار صبّار طويلة موقع البناء عن انظار المارّة. وفي الاسبوع الذي سبق عقد المحفل الاول، امرت الحكومة بقطع اشجار الصبّار. وإذا بقاعة تظهر بين ليلة وضحاها — كما بدا الامر! وظن السكان المحليون ان عجيبة حدثت، اذ اعتقد كثيرون ان القاعة بُنيت بالفعل بين ليلة وضحاها. لكنّ هذه الظاهرة كانت ستأتي لاحقا في شكل قاعات تُبنى بسرعة.
نموّ العمل في بونير
سنة ١٩٤٩، قام جاشوا ستيلمان، ممثّل خصوصي للمركز الرئيسي في بروكلين، بزيارة بونير، حيث كان يكرز بنشاط ياكوبو راينا وماتيس بيرنابيلا، وهو مزارع. ولم يكن ايّ منهما معتمدا. فصُنعت الترتيبات لإلقاء اول خطاب عام في بونير. فأتى نحو ١٠٠ شخص، ولكن ٣٠ فقط دخلوا القاعة. والـ ٧٠ الآخرون ارسلهم الكاهن الكاثوليكي المحلي لإثارة الفوضى في الاجتماع. يتذكر رصل يَيْتْس: «بدأت الحجارة تتساقط على سقف القصدير مثلما تساقط البرَد على مصر. وسمعنا دوي مفرقعات نارية وقرع دلاء». لم
ينجح هذا الجهد المبذول، اذ ان بذور الحق نُثرت وترسّخت. وفي السنة التالية، اعتمد في كوراساو اول شاهدين من بونير: ياكوبو وماتيس.في سنة ١٩٥١، نظّم رصل ووليَم يَيْتْس ان تُعقد اجتماعات في بيت الاخ بيرنابيلا. وفي سنة ١٩٥٢، عُيّن كلينتون وليامز في بونير لتأسيس الجماعة الجديدة في قاعة مستأجرة في مدينة كرالينديجك. وصار بذلك هدفا لسخط الكاهن الكاثوليكي، الذي حاول ترحيله. وقد جرّب هذا الكاهن إقناع واحدة من تلاميذ الاخ وليامز للكتاب المقدس ان تتهمه بمحاولة التحرّش بها، ولكنها رفضت. اذ خُيّب الكاهن، دعا الاخ وليامز وارا-وارا، وهو اسم طائر جارح يوجد في الجزر، متّهما اياه باختطاف خرافه. ولكن بمساعدة روح يهوه، استمر الاخ وليامز في تقوية الجماعة الجديدة الى ان أُعيد تعيينه في كوراساو. في سنة ١٩٥٤، عُقد اول محفل دائري، ومن ذلك الوقت فصاعدا تلعب المحافل دورا مهما في الحياة الروحية للاخوة في بونير. كما تدفق الناس ايضا لحضور ما انتجه شهود يهوه من افلام اثارت الاهتمام، ولكن لم يكن هنالك تقدم ملحوظ الى ان أُرسلت في سنة ١٩٦٩ فاتحتان خصوصيتان، پترا سِلاسا وابنتها إنڠرد.
عندما وصلت پترا وإنڠرد لم تكن لديهما سيارة؛ ولكنهما غطتا كامل الجزيرة تقريبا على اقدامهما. وكثيرون من تلاميذهما اعتمدوا لاحقا. كانت الاختان تعقدان كل الاجتماعات وهما جالستان ومغطيتان رأسيهما. ومرة في الشهر كان يأتي اخ من كوراساو ليخدم معهما ويلقي خطابا عاما. لاحقا عندما اضطرت پترا ان تغادر، انضمت الى إنڠرد فاتحة خصوصية اخرى، كلوديت تيسويدا، واستمرتا تساعدان الناس على تعلم حق الكتاب المقدس.
زوجة سياسي تجد الحكومة المثالية
بين الذين تعلّموا اللغة النقية زوجة سياسي بارز. كاريداد ابراهام، التي يدعوها الجميع بإعزاز دا، هي زوجة وزير في حكومة بونير. كان ابناها وصهرها منهمكين ايضا في السياسة. كما كانت دا هي بنفسها تدير بنشاط حملة زوجها السياسية وكانت معروفة جيدا ومحترَمة. اخبرها القس الپروتستانتي الذي كان عرّاب احد اولادها ان شهود يهوه لا يؤمنون بيسوع المسيح. وبما انه كان صديقا وقسا، صدقت هذا القول الخاطئ.
بعد موت زوجها، انتقلت دا لتعيش في هولندا، وهناك صُدمت عندما رأت قسّين پروتستانتيين يعترفان علنا على التلفزيون انهما مضاجعا نظير. فخاب املها في الدين وتوقفت عن الذهاب الى الكنيسة. ولاحقا قبلت درسا في الكتاب المقدس، صارت شاهدة، وعادت الى بونير. قالت دا: «كان الحق رائعا جدا بحيث كان عليّ ان اعود وأخبر شعبي عنه». والآن، بدلا من تأييد حكومة بشرية بصفتها الحل لمشاكل بونير، بدأت تبشر بالحل الحقيقي والدائم — ملكوت اللّٰه تحت اشراف يسوع المسيح. وكان الناس، اذ يعتقدون انها آتية لتجمع اصوات الناخبين تأييدا لابنها، يفتحون لها ابوابهم ويتعجبون من رسالتها. كذلك، بسبب كون دا معروفة جيدا، فإن كثيرين من الذين لم يكونوا سيصغون الى شهود آخرين بدأوا يصغون الى رسالة الملكوت.
توفّر المطبوعات باللغة المحلية
يمسّ الحق قلب الناس بطريقة اسرع اذا كان بإمكانهم قراءة مطبوعات الكتاب المقدس بلغتهم الام. ولكن عندما وصل المرسَلون الاولون، لم تكن متوفّرة اية مطبوعات للكتاب المقدس بالپاپيَمِنتو. وكانت تُعقد الاجتماعات بمزيج من الانكليزية والپاپيَمِنتو، باستعمال مطبوعات انكليزية، اسپانية، وهولندية، بحيث كان على الاخوة ان يجاهدوا ليفهموا الحق. لذلك كانت توجد حاجة ماسة الى مطبوعات مترجمة. الا ان المفردات بالپاپيَمِنتو محدودة، القواميس غير متوفّرة، وهنالك الكثير من الاختلاف حول كيفية الكتابة بالپاپيَمِنتو. بعد عدة سنوات، كتب وليَم يَيْتْس، وهو مترجم متمرِّس: «في نشر رسالة الملكوت، كان علينا ان نقول امورا ونكتبها بطريقة لم تُقل او تُكتب من قبل بالپاپيَمِنتو. كان تحدّيا ان نضع القواعد ونتّبعها». بالطبع لم تكن مهمة سهلة! في سنة ١٩٤٨، ترجم الاخوة اول كراس: فرح الناس كلهم. وفي سنة ١٩٥٩، أُكملت ترجمة «ليكن اللّٰه صادقا». وتبعت ذلك ترجمة كتب مجلّدة اخرى بالاضافة الى الترجمة القانونية لمجلة تورِن دي ڤيكيلانسيا، كما تُدعى برج المراقبة بالپاپيَمِنتو، ومجلة سْپْيرتا، او استيقظ!. تدريجيا، بدأت
ترتخي القبضة الحديدية التي كانت تُحكمها الكنيسة على الشعب المحلي اذ بدأوا يقرأون ويفهمون حق كلمة اللّٰه بلغتهم الخاصة.اثّرت الترجمة ايضا في الترنيم في الاجتماعات. عادة يرنّم سكان جزر الانتيل بحماس وبصوت عالٍ. غير ان هذا الحماس كان مكبوتا نوعا ما في الماضي لأن كتب الترانيم كانت بالاسپانية. ولكن عندما تسلّم الاخوة كتب الترانيم بالپاپيَمِنتو سنة ١٩٨٦، دوّت في القاعات اصوات عالية وواضحة. وأخيرا كان بامكانهم ان يعبّروا كاملا بالترنيم عن مشاعرهم تجاه الههم العظيم يهوه. قالت ماريّا بريتن: «في زيارتي الاولى لقاعة الملكوت اثّر فيّ الترنيم كثيرا. كان رائعا جدا بحيث انني بكيت». — اشعياء ٤٢:١٠.
مع نمو العمل، لزم المزيد من المترجمين. فبدأ فاتحان شابان غيوران — ريموند پيترز وجانين كونْسِپشن — بعمل الترجمة. واليوم يوجد فريق من تسعة اشخاص في قسم الترجمة. وفي سنة ١٩٨٩، وصلت اجهزة كمپيوتر مع برنامج MEPS، اداة قيمة في مساعدة المترجمين، وصار اخيرا من الممكن اصدار برج المراقبة بالپاپيَمِنتو في وقت واحد مع اللغات الاخرى — بركة رائعة لنشاط الكرازة.
المزيد من المرسَلين
في سنة ١٩٦٢، عُيّن جون فراي، من الصف الـ ٣٧ لمدرسة جلعاد، ناظر الفرع
ليحل محل رصل يَيْتْس، الذي كان سيحضر المقرَّر التكميلي لمدرسة جلعاد. وبعد ١٨ شهرا، عندما حبلت الاخت فراي، عاد الزوجان فراي الى انكلترا، واستأنف الاخ يَيْتْس العمل في الفرع. في ٣١ كانون الاول (ديسمبر) ١٩٦٤، وصل الى الجزر أيْك ڤان دالفسن من هولندا بعد ان تخرج من الصف الـ ٣٩ لمدرسة جلعاد. وما ان وطئت قدمه ارض كوراساو حتى استقبلته الأسهم النارية الرائعة المنظر وأصوات المفرقعات التي تصمّ الآذان المدوّية في سماء الليل. كلا، لم يكن سكان الجزر يرحّبون به. بل كان التقليد السنوي المعهود عند السكان المحليين، طريقتهم لطرد الارواح الشريرة وجالبي نحس السنة القديمة وللترحيب بالسنة الجديدة. وقد باشر الاخ ڤان دالفسن، وهو اخ شاب ونشيط، بالعمل الدائري، وبعد ذلك انتقل الى العمل الكوري. ومثل معظم المرسَلين، صار يحب موطنه الجديد، ويقول: «الشعب وديّ، مضياف، ومخلص. انه لفَرح وامتياز ان اكون معيّنا هنا!».في سنة ١٩٧٤ تزوج أيْك جولي، اخت من ترينيداد، وانضمت
اليه في العمل الجائل. تتذكر جولي: «تأثرت بودّ الشعب وتسامحه. لم اكن اتكلم الپاپيَمِنتو، ولكنّ الكرازة كانت ممتعة بفضل مساعدتهم. فكان من السهل السؤال ‹كون تا باي؟› (كيف حالك؟) والاستعلام عن كل افراد العائلة، وهي العادة المتّبعة هناك. كما ان توزيع المطبوعات سهل ايضا. ولكن الامر الصعب هو حمل حقيبة ثقيلة مليئة بالمطبوعات بأربع لغات وتحمّل الغبار والهواء! الا انني تمتعت حقا بالكرازة». في سنة ١٩٨٠، سافر أيْك وجولي الى هولندا للاعتناء بوالد أيْك، الذي كان يعاني داء ألزهايمر، ولكنهما عادا الى كوراساو في سنة ١٩٩٢.في غياب الزوجين ڤان دالفسن، تابع روبرتوس بركرز وزوجته ڠايل، من الصف الـ ٦٧ لمدرسة جلعاد، خدمتهما في العمل الدائري وأثارا الحماس للخدمة كامل الوقت. في سنة ١٩٨٦، وصل اوتو كلوسترمان وزوجته إيڤون الى كوراساو آتيَين من جلعاد، وعُيّن الاخ كلوسترمان منسِّق الفرع في سنة ١٩٩٤. ولكن في سنة ٢٠٠٠، عادا الى هولندا. في آذار (مارس) ٢٠٠٠، عُيّن الاخ ڤان دالفسن في لجنة الفرع، ودُعي هو وزوجته الى بيت ايل حيث يخدمان الآن. في سنة ١٩٩٧، عُيّن ڠريڠوري دوهون، من قسم الرسوم البيانية في بروكلين، وزوجته شارون في كوراساو بصفتهما خادمين في بيت ايل في بلد اجنبي. وكانت شارون، وهي ممرضة مُجازة، وغيرها مساعدين جدا في الاعتناء بالاخ رصل يَيْتْس، الذي كان يعاني سرطانا مميتا. في آذار (مارس) ٢٠٠٠، عُيّن الاخ دوهون منسِّق الفرع، ويقدّر الجميع بعمق لطفه وسهولة الاقتراب منه. وفي الوقت الحاضر، يخدم ڠريڠوري دوهون، كلينتون وليامز، وأيْك ڤان دالفسن في لجنة الفرع.
مكافآت الفتح السخية
عندما بدأت مارڠريت پيترز تدرس الكتاب المقدس، كانت مقتنعة بدينها. تتذكر: «في البداية لم يكن في نيتي تغيير ديني. كنت عضوا
فعالا في الكنيسة الكاثوليكية، اذ كنت منتمية الى جنود مريم وجوقة المرتّلين في الكنيسة. ولكن بعدما درست الكتاب المقدس، ادركت ان ما تعلّمته كان خاطئا. لم انتظر ان أُدعى للذهاب في خدمة الحقل، بل أنا مَن طلب ذلك. لقد اردت ان يخرج الآخرون من الدين الباطل ويتخذوا موقفهم الى جانب الحق». اعتمدتْ مارڠريت في سنة ١٩٧٤، وهي فاتحة قانونية منذ ٢٥ سنة.وقد بارك يهوه مارڠريت كما هو ظاهر من احد اختباراتها الكثيرة. أُرسلت اليها حدثة اسمها ملڤا كومْس، فاقترحت مارڠريت ان تطلب الاذن من والدها لتدرس. تأثر السيد كومْس بالاحترام الذي اظهرته له مارڠريت، وسمح لابنته بأن تدرس الكتاب المقدس، وقال ان كامل العائلة ستدرس ايضا — ما مجموعه سبعة اشخاص! فرحت مارڠريت لرؤيتهم جميعا يعتمدون، ولاحقا صار احد الابناء شيخا.
بلانش ڤان هايدورن هي فاتحة اخرى ذاقت صلاح يهوه. اعتمدت بلانش سنة ١٩٦١، واعتمد زوجها هانس في سنة ١٩٦٥. وهي فاتحة منذ ٣٥ سنة. وقد ربّت ستة اولاد، اثنتان منهم الآن هما فاتحتان قانونيتان. بالطبع لم يكن ذلك ممكنا لولا الدعم الجسدي
والعاطفي الذي قدّمه هانس. ومعا ساعدا ٦٥ شخصا على نذر حياتهم ليهوه.احد اختبارات بلانش الكثيرة يتعلق بجارتها سيرافينا. بدأت بلانش تدرس مع سيرافينا، ولكنّ زوجها ثيو عارض بقوة. فحرق كتب سيرافينا ومنع بلانش من دخول بيتهما، ذاكرا امام الجميع انه سيشحذ ساطوره في حال اتت. عرف هانس سبب مقاومة ثيو الشديدة للدرس. فيبدو ان زوجة صديق له بدأت تدرس مع كاهن احد الاديان المحلية، ولاحقا هربت مع الكاهن. فكان ثيو خائفا ان يحصل الامر نفسه مع زوجته. استخدم هانس عبرانيين ١٣:٤، وشرح وجهة نظرنا من الزواج. فارتاح ثيو كثيرا، وسمح بأن يُعقد الدرس. اعتمدت سيرافينا، وبعد فترة قصيرة اعتمد ثيو ايضا. والآن يخدمان كلاهما يهوه بأمانة.
تخبر بلانش انها بعدما عقدت درسا في الكتاب المقدس عند الساعة ١١ صباحا عادت الى البيت من اجل الغداء، وبعد ساعتين ولدت ابنها لوسيان! ولا تزال تعزّ امتيازها انها فاتحة. تقول بلانش: «ان الفتح يجعلكم تحضّرون وتدرسون باستمرار، كما انكم تنالون اكتفاء لا تستطيعون ان تجدوه في اي مكان آخر».
القدرة التي تفوق ما هو عادي
وجدت ماريون كلايفسترا ايضا اكتفاء عظيما في خدمة يهوه كامل الوقت. فعندما كانت مراهقة اهتمت بالحق من جراء قراءة المجلات لجدتها العمياء. نذرت حياتها ليهوه في سنة ١٩٥٥، وفي سنة ١٩٧٠ صارت فاتحة قانونية. وتبع خطاها ابنها ألبرت الذي يخدم كفاتح منذ ١٨ سنة.
درست ماريون مع يوهانا مارتينا، امّ لتسعة اولاد. كان انطونيو، زوج يوهانا، مقاوما جدا، ولم تقدر ماريون ان تدرس معها وهو موجود
في البيت. فكانت يوهانا تربط قطعة قماش بالبوابة عندما يكون في البيت، وعندما تراها ماريون تعلم بوجوده فتعود لاحقا. بصبر ماريون ومثابرة يوهانا، قبلت يوهانا وأنطونيو الحق واعتمدا في الوقت نفسه. وساعدا ثمانية من اولادهما التسعة على نذر حياتهم ليهوه.٢ كورنثوس ٤:٧) وقد دعمها ايمانها القوي ان تحتمل في اوقات الحزن الذي يكاد لا يُطاق، وأيضا في خدمتها كفاتحة خلال السنوات الـ ٢٥ الماضية. يوهانا هي اليوم في الـ ٨١ من عمرها وتقول: «يهوه عظيم وهو الذي يدعمني. انني اتوسل اليه باستمرار، وهو لا يخذلني ابدا».
ما يدعو الى الحزن هو ان انطونيو قُتل في حادث سير. وبعد بضع سنوات، قُتل اثنان من اولاد يوهانا بالطريقة نفسها، وماتت احدى بناتها في ظروف مأساوية. ولكن في كل هذه المحن، ظلت يوهانا ثابتة، واثقة بأن يهوه يمنحها «القدرة التي تفوق ما هو عادي». (انها اختبارات قليلة للفاتحين المجتهدين الاولياء الذي يشكلون عماد معظم الجماعات ويُغنونها. وعندما عُدِّل مطلب الساعات للفاتحين في سنة ١٩٩٨، صار ممكنا ان ينضم كثيرون آخرون الى حقل الخدمة هذا. وقد عبّر الفاتحون عن تقديرهم العميق لمدرسة خدمة الفتح، التي كانت عونا عظيما في تدريبهم ليكونوا خداما افضل. والناشرون الغيورون يضمون ايضا اصوات تسبيحهم ليهوه، والبعض منهم ناجحون جدا في الشهادة غير الرسمية، كما يُرى من الاختبار التالي.
في اوائل خمسينات الـ ١٩٠٠، كان ألبرت هيث، طبيب شاب من ڠويانا، يحاضر في جامعة في جاكارتا بإندونيسيا. وهناك بدأ يتعرف بنوع مختلف من الشفاء. فكمتخصّص في العيون، كان بإمكانه ان يقدّر قيمة ‹الكُحل› الذي ذكره يسوع للّاودكيين، كما هو مسجّل في كشف ٣:١٨. وقرّر ألبرت انه يريد ان يصف هذا ‹الكُحل› كدواء. في سنة ١٩٦٤، انتقل مع عائلته الى كوراساو، واستمر يتعلم عن برنامج الشفاء الروحي الذي عهد به يسوع الى صف العبد على الارض. (متى ٢٤:٤٥) وفي سنة ١٩٦٩، اعتمد ألبرت وابنه في المحفل نفسه. وفي عيادته شهد لكل المرضى والموظفين. وتمكّن ألبرت من توجيه كثيرين الى مياه الحق، وبعضهم شيوخ اليوم.
فوضى غير متوقعة
لطالما كانت الحياة في كوراساو هادئة لا يعكّر صفوها شيء. فطوال سنوات كثيرة لم يحدث شيء يُخلّ بهذا السلام الذي يكاد يكون مثاليا. لكنّ الاحداث تطورت بطريقة غيّرت هذا الوضع تغييرا جذريا. في اوائل ايار (مايو) ١٩٦٩، حذّر ناظر الاقليم، روبرت ترايسي، من عدم التيقّظ لخطورة الايام ومن خطر الشعور بأمن زائف لدى رؤية الهدوء الظاهري في الجزيرة. كان هذا الهدوء سيتحطم. ففي غضون اسابيع، في ٣٠ ايار (مايو)، اندلع نزاع عماليّ عنيف. وانتشر السلب والحرق، وتحول المجتمع الذي كان ذات مرة هادئا الى دوامة من الاضطراب السياسي. يتذكر كلينتون وليامز: «وثب رجل عاري الصدر باتجاه سيارتي، والغيظ يملأ عينيه. فجأة اتى الى نجدتي شخص كنت سابقا ادرس معه الكتاب المقدس، صارخا: ‹لا تقترب من هذا الشخص! انه رجل صالح›. فتقدم الرجل، رمى على مقعد سيارتي بعض المعلّبات التي كان قد سرقها من السوپرماركت، ومضى. فتنفّست الصعداء وشكرت يهوه على حمايته».
وسط فوضى تلك الاوقات المضطربة وعدم تيقّن ما سيحدث، بقي شعب يهوه هادئين، آمنين، لأنهم يعرفون انه في المستقبل القريب سيضمن ملكوت اللّٰه وجود حكومة كاملة تحكم على الجميع. وعندئذ سيُشبع يهوه رغبة «كل حيّ». (مزمور ١٤٥:١٦) واليوم يُعتبَر ٣٠ ايار (مايو) ١٩٦٩ نقطة تحوّل في تاريخ الجزيرة.
مكاتب فرع جديدة
كان ناثان ه. نور، الذي خدم كعضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه حتى وفاته في سنة ١٩٧٧، يُظهِر على الدوام اهتماما شديدا افسس ٤:٨؛ كولوسي ٤:١١) في سنة ١٩٥٠، قام الاخ نور بزيارته الاولى لهذه الجزر. وفيما كان في كوراساو، رتّب ان يُبنى مكتب فرع جديد ويكون رصل يَيْتْس خادم الفرع. وبخصوص الخطاب الذي ألقاه الاخ نور «الحرية للمأسورين»، كتب الاخ يَيْتْس: «كأنه كان يكلم كل شخص افراديا ويعطيه نصيحة شخصية». في سنة ١٩٥٥، عاد الاخ نور وألقى خطابا في قاعة الملكوت غير المنتهية في اورانجستاد في اروبا. ثم سافر الى كوراساو لحضور محفل، وكان يرافقه فريق من الاخوة. وفي زيارته الرسمية الاخيرة في سنة ١٩٦٢، دشّن قاعة الملكوت في بْوينا ڤيستا في كوراساو، وشجع الاخوة كثيرا بخطاباته التي كانت في حينها. كما وافق على بناء مكتب فرع جديد، بيت للمرسَلين، وقاعة ملكوت في موقع واحد في اوسْتربايكسترات، خارج ڤيلَمستاد.
بالمرسَلين. وقد سافر مرارا الى بلدان اجنبية لتقوية الاخوة. وفي سنة ١٩٥٦، بدأ نظار الاقاليم ايضا بزيارة الاخوة حول العالم. لقد كان هؤلاء ‹العطايا في رجال› «عونا مقوّيا»، اذ اعطوا زخما للعمل في الجزر الثلاث. (كان ابو المهندس المعماري الذي استُخدم لتصميم البناء رجلا يهوديا سُجن في معسكر اعتقال نازي مع شهود يهوه. اخبر هايزل يَيْتْس: «يوجد دين حق واحد فقط — دين شهود يهوه». دُشّن مكتب الفرع هذا في سنة ١٩٦٤ ووُسّع في سنة ١٩٧٨، بتوصية من ألبرت د. شرودر، ناظر الاقليم. وفي سنة ١٩٩٠، بانت الحاجة الى تسهيلات اكبر، فبُذلت الجهود لإيجاد موقع جديد للبناء، لكن دون جدوى.
خلال تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩٩٨، اتُّخذ قرار لشراء مبنى قائم وتحويله الى تسهيلات للفرع. فوقع الاختيار على مجمَّع سكني موجود في مكان ملائم في شارع سايرو لورَويك، خارج ڤيلَمستاد. في ٤ كانون الاول (ديسمبر) تمّ الشراء. وقد جرى كل شيء بسرعة وسهولة، مما اكد للاخوة ان يهوه يبارك الجهد المبذول انسجاما مع المزمور ١٢٧:١. ان الابنية المرمّمة جذابة ومريحة وتُستخدَم لجلب الكرامة والمجد لاسم يهوه.
في ٢٠ تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩٩٩، دُشّن الفرع الجديد في فناء الفرع وكان عدد الحاضرين ٢٧٣ شخصا. واقتبس ڠِريت لوش من الهيئة الحاكمة من النبي اشعيا ليُظهر كيف ستُستخدم الابنية الجديدة لإتمام قصد يهوه العظيم. وفي اليوم التالي، حضر ٥٨٨,٢
شخصا برنامجا خصوصيا في مدرَّج الالعاب الرياضية، وكان ذلك بالنسبة الى كثيرين ذروة سنة الخدمة ٢٠٠٠.الراديو يغطي قضية الدم
يعزّ شهود يهوه الحياة ويعتبرونها عطية من اللّٰه. وانسجاما مع الاعمال ١٥:٢٩ يمتنعون عن الدم. لكنّ بعض الاطباء والسلطات الحسني النية اساءوا فهم رفضهم المؤسس على الكتاب المقدس ان يقبلوا نقل الدم. في سنة ١٩٨٣، رفض قاضٍ في كوراساو الاعتراف بالسلطة الابوية لإزموند وڤيڤيان ڠيبس، هذه السلطة المعطاة من اللّٰه، وأمر بأن يُنقل دم الى طفلهما. غطّت وسائل الاعلام القضية تغطية شاملة، ونتج الكثير من الدعاية السلبية. فبثّت احدى اذاعات الراديو برنامجا لتوضيح الامور، اجتمع فيه سبعة اشخاص — بمن فيهم هيوبرت مارڠريتا وزوجته لينا وناظر الدائرة روبرتوس بركرز — وناقشوا الموضوع مدة ٣ ساعات. شرح الاخوة بمهارة شريعة الكتاب المقدس عن الدم، ونجح البرنامج في تلطيف التوتر الموجود وفي مساعدة الناس على فهم متطلبات يهوه.
يوجد ايضا اطباء يحترمون حق المريض في اختيار عدم نقل الدم اليه. على سبيل المثال، تعرضت معلمة المدرسة كيردا فرْبست لحادث سير خطير ووجب ان تخضع مباشرة لعملية جراحية. نزفت كيردا بغزارة بحيث انخفض تعداد كرَيّات دمها الى اثنين. فقرر الجرّاح اجراء العملية على مرحلتين كي لا تخسر المزيد من الدم. وقد نجحت العملية. ان شهود يهوه يشكرون مثل هؤلاء الاطباء المهرة والواقفين انفسهم لخير المرضى، الذين يتصارعون احيانا مع ضميرهم ومع ذلك لديهم الشجاعة والاستقامة لاحترام حق مرضاهم في اختيار عدم قبول الدم.
يذكر ڠيلييرمو راما، رئيس لجنة الاتصال بالمستشفيات في كوراساو: «على الدوام يُطلب منا المساعدة في حالات متأزمة. ولولا وجود اللجنة، لنشأ الكثير والكثير من المشاكل». ويوافق على ذلك، ألفريدو مولِر، رئيس لجنة الاتصال بالمستشفيات في اروبا. ويذكر انه على الرغم من وجود بعض المقاومة في البداية في اروبا، يتعاون معظم الاطباء اليوم مع شهود يهوه.
الخدمة الحبية لنظار الدوائر
بالرغم من ان النمو في الجزر الثلاث كان بطيئا جدا في البداية، فقد وُجد على الدوام نمو ثابت، وكانت تُوزّع المطبوعات بسهولة. في
سنة ١٩٦٤، كان هنالك ٤ جماعات و ٣٧٩ ناشرا، وفي سنة ١٩٨٠ ازدادت الجماعات الى ١٦ والناشرون الى ٠٧٧,١. وبين سنتي ١٩٨١ و ٢٠٠٠، ازداد الناشرون الى ١٥٤,٢، وبإضافة جماعتين هولنديتين وجماعتين اسپانيتين، صار عدد الجماعات ٢٩، وكان حضور الذِّكرى ١٧٦,٦.من اجل خدمة شتى الفرق اللغوية، لزم نظار دوائر يتكلمون على الاقل ثلاث لغات، ولم يكن سهلا دائما وجود اخوة كهؤلاء. الا ان الجزر الثلاث بوركت بنظار جائلين، امثال بولس، كانوا مسرورين جدا ان يمنحوا انفسهم للإخوة. (١ تسالونيكي ٢:٨) ومن بين الذين قاموا بهذا العمل هَمْفري ولودميلا هرمانس، وهما الآن مرسَلان في سورينام، وإدسل وكلوديت مارڠريتا، وهما فاتحان محليان. كما خدم الفاتحان الأروبيان فرانكي وماريّا هيرمس في العمل الجائل الى ان دُعيا الى بيت ايل، حيث يخدمان الآن في فريق الترجمة.
في سنة ١٩٩٧ قام مارك وإيدث ميلَن، اللذان كانا يخدمان في العمل الجائل في بلجيكا، برحلة طويلة وأتيا لتقوية الاخوة. ومثل كل المرسَلين الجدد، كان على الزوجين ميلَن ان يتعلما اللغة، وهو تحدٍّ تنشأ عنه احيانا امور مضحكة. يتذكر الاخ ميلَن انه كان يحاول القول ان المسيحي لا يجب ان يكون مثل جندي يختبئ في خندق (بوراكو)، فقال انه لا يجب ان يكون مثل جندي يختبئ في حمار (بوريكو)! على الرغم من التحديات، ثابر مارك وإيدث. وإذ صارا ماهرَين باللغة، يخدمان الآن بفرح في الجماعات الناطقة بالهولندية والپاپيَمِنتو. وفي سنة ٢٠٠٠، صار پول ومارشا جونسون اول زوجَين يشتركان في ترتيب جديد يخدم فيه ناظر دائرة من پورتو ريكو مع الجماعات المحلية الناطقة بالانكليزية والاسپانية.
قاعات ملكوت تُبنى بسرعة
في سنة ١٩٨٥، اتى ٢٩٤ أخا من الولايات المتحدة، من اماكن بعيدة مثل ألاسكا، لبناء قاعة ملكوت في پانِكوك في كوراساو. اذ أُكملت القاعة الجديدة في تسعة ايام، اعطت دعاية هائلة وكانت شهادة رائعة وبرهانا على المحبة والوحدة العمليتين. تعجّب الناس ان يروا رجالا، نساء، وأولادا يساعدون بحماس المتطوعين الآتين من الولايات المتحدة. يقول راميرو مولِر: «كالعادة نشأت مشاكل تقنية؛ ولكن جرى التغلب عليها، وقد ساهم روح يهوه كثيرا في بناء القاعة. وفي مساء يوم الاحد تمكن
الاخوة من عبادة يهوه في قاعة جديدة، وكان ذلك لدهشة المتشككين الذين قالوا ان ذلك لا يمكن ان يتم ابدا».يبدو ان هذا الانجاز اثار ايضا دهشة رجال الدين المحليين. فذات صباح بعد النشرة الاخبارية على التلفزيون، توقفت سيارة امام القاعة. ومَن خرج منها؟ اسقف كوراساو يرافقه ثلاثة كهنة، كانت أرديتهم البيضاء الفضفاضة تنتفخ في الهواء، وكانوا يهزون رؤوسهم بتعجب وعدم تصديق واضحَين.
يعوزنا الوقت إن اخذنا نروي عن كل الاعمال غير الانانية التي قام بها الاخوة: اعمال المرسَلين الاوائل مثل الزوجين ڤان إيكس،
الزوجين هورنْڤيلت، الزوجين فَلپس، وكور تنيسن الذين تركوا مواطنهم ليخدموا الإخوة هنا؛ اعمال پيدرو ڠيريڠوري الذي لم يكن يقرأ او يكتب ولكنه وجّه كثيرين الى الحق؛ اعمال ثيودور ريتشاردسون، «الصبي الطويل»، الذي كان يجوب شوارع شير آيْسيل للقيام بزيارات مكررة لا تُحصى؛ اعمال الفاتحات الغيورات مثل ماريّا سِلاسا، إدنا آرڤاسيو، إيسِنيا او «تْشينا» مانويل، وڤيرونيكا وال؛ اعمال سِفِريتا دولوريتا المرحة، وهي عمياء ومصابة بتصلُّب الجهاز العصبي، التي لا تزال مثابرة على الكرازة ولا تكف عن تشجيع الذين يذهبون لتشجيعها. ان صور هؤلاء الامناء وغيرهم، الذين كانوا اسخياء في التضحية بأنفسهم، مغروسة عميقا في اذهان وقلوب الاخوة في الجزر الثلاث.الصحراء تُزهر
في ثمانينات الـ ١٩٠٠، اختبرت اروبا ازدهارا اقتصاديا سريعا. والآن تصطف الفنادق العصرية جدا على طول الشواطئ البيضاء،
والكازينوات ذات الاضواء الساطعة تغري اثرياء العالم. لا بد ان ذلك اثّر في عقلية السكان، اذ برزت الماديّة الخادعة بمظهر لامع لتؤثر في كثيرين — منهم بعض الاخوة في الجماعات. ومع ذلك هنالك الكثير من النمو الروحي، وخصوصا في الحقل الاسپاني، كما توجد حاجة ملحة الى اخوة اكفاء لأخذ القيادة.من جهة اخرى، تختبر كوراساو كسادا اقتصاديا شديدا، وأناس كثيرون ينتقلون الى هولندا. وقد تأثرت الجماعات بسبب رحيل الاخوة، ولم تكن هنالك زيادة كبيرة في كوراساو وبونير في السنوات الاخيرة.
ولكن اذ نتقدم في القرن الـ ٢١، لدينا سبب لنرفع رؤوسنا ونبتهج. فملكوت اللّٰه المجيد قريب، وشعب اللّٰه يستمرون في تعليم الحق لجميع ‹الميالين بالصواب›. (اعمال ١٣:٤٨) وهذه الصحراء الروحية التي كانت ذات مرة قاحلة تشرّبت مياه الحق.
[الاطار/الصور في الصفحة ٧٢]
النُّحام والحمير
في بونير الهادئة التي لم تعبث بها يد الانسان، يشكّل استخراج الملح من البحر صناعة مهمة تنتج دخلا لسكان الجزيرة. والنُّحام يقتات بالطعام المشبّع ملحا. وهذا الطعام متوفّر بسهولة في احواض الملح في الجزيرة، مما يجعل بونير احد الاماكن القليلة في العالم المثالية لتربية هذه الطيور الملونة. اما الحمير البرية، التي استُوردت اصلا للعمل في احواض الملح، فقد تُركت لتعتني بنفسها عندما حلت محلها الآلات. وهي تطوف الآن في الريف. ولحمايتها أُقيمت في الجزيرة محمية للحمير ونُظّم برنامج «تبنّى حمارا».
[الاطار/الصورة في الصفحة ٨٧]
السطوح الهرمية في كوراساو والجسر العائم
ڤيلَمستاد، عاصمة كوراساو، هي مدينة جذابة رائعة. الابنية ذات السطوح الهرمية تذكّر بأمستردام، الا انها مطلية بألوان زاهية. وخليج سانت آنا يقطع وسط المدينة. ويصل بين جزءي المدينة جسر كْوين إيمّا العائم ويمكن ان يُفتح في غضون دقائق للسماح للسفن الكبيرة بدخول الميناء العميق. في الاصل، كانت تُدفع ضريبة لعبور الجسر الا اذا كان الشخص حافيا، وذلك دلالة على الفقر. فكانت النتيجة ان الفقير استعار حذاء لكي لا يُعتبر فقيرا، والغني خبأ حذاءه لكي لا يدفع الضريبة!
[الاطار في الصفحة ٩٣]
حيّوا اولا الكاهن؟
«ان منزلة الكاهن رفيعة وسامية جدا بحيث اننا اذا قابلنا على الطريق كاهنا وملاكا، نحيّي الكاهن اولا». — نُقلت عن عدد ١٠ آب (اغسطس) ١٩٥١ من المجلة الاسبوعية الكاثوليكية لا يونيون، التي تصدر في كوراساو.
[الاطار/الصورة في الصفحة ٩٥]
اهمية السمعة الجيدة
في ايلول (سبتمبر) ١٩٨٦، تسلّم رصل يَيْتْس طردا من جامايكا مرسَلا الى جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس. وعندما فتحه في حضور مفتّشي البريد، ذهل اذ وجد تحت طبقة من المجلات رزمة تحتوي على اربعة كيلوڠرامات من الماريجوانا! فاحتجزته الشرطة فورا. الا ان المدير العام للبريد في كوراساو اثنى على صفاته الجيدة، وقال انه من المستحيل ان يتورط الاخ يَيْتْس في المخدِّرات غير الشرعية. ولو لم يدلِ هذا المسؤول بشهادته بهذه الطريقة الجلية لوُضع الاخ يَيْتْس في السجن. ولكن اذ بان الامر، أُطلق سراحه بسرعة. وقد جرت تغطية هذه الحادثة تغطية واسعة في الصحف المحلية، ودعت احداها الاخ يَيْتْس «رجلا محترما جدا ومستقيما» وقالت «انه مهتم كثيرا بالكرازة بالبشارة للجميع». يُبرز هذا الاختبار اهمية السمعة الجيدة.
[الاطار/الصورة في الصفحة ٩٦]
وجه غير عادي لعمل الملكوت
تُوزّع كل سنة نسخ كثيرة من كراس فاحصين الاسفار المقدسة يوميا. وفي بعض السنوات تمكن الفاتحون من توزيع المئات منها. كانت جيزال هايدي تُعالَج في المستشفى، فانتهزت هذه الفرصة لتشهد بصورة غير رسمية للمرضى الآخرين. فتجاوبت نينوسكا، احدى المريضات، وسألت جيزال ان كان معها «الكتاب الصغير». في البداية، لم تعرف جيزال الى اي كتاب كانت تشير، ولكنها اخيرا فهمت انه فاحصين الاسفار المقدسة يوميا. ومن ذلك الحين فصاعدا، صارتا تناقشان الآية كل صباح. وصُنعت الترتيبات لدرس في الكتاب المقدس بعد ان تخرجا كلتاهما من المستشفى. وفي اقل من سنة، اعتمدت نينوسكا. وحاليا يدرس زوجها وأولادها الكتاب المقدس مع الشهود.
[الاطار في الصفحة ١٠٤]
«غيرة للّٰه؛ ولكن ليس حسب المعرفة الدقيقة»
ذات صباح فيما كان هيوبرت مارڠريتا ومورَينا ڤان هايدورن في خدمة الحقل التقيا مورَيلا، تلميذة مدرسة. أظهرت الطريقة التي عبّرت بها مورَيلا ان لها «غيرة للّٰه؛ ولكن ليس حسب المعرفة الدقيقة». (روما ١٠:٢) اوضحتْ انها تنال تعليما يوميا في الديانة الكاثوليكية الرومانية وأنها مقتنعة انها الطريقة لعبادة اللّٰه. رتّب هيوبرت ومورَينا ان يدرسا معها الكتاب المقدس. وكانت الترتيبات على الشكل التالي: تذهب الى مدرّسها، الكاهن، لتتحقق مما تتعلمه. فإذا لم يوافق على احد التعاليم، تسأله ان يعطيها اسبابا مؤسسة على الاسفار المقدسة. وإذا شعرت يوما ان الشاهدين يعلّمانها بخلاف الكتاب المقدس، تتوقف عن الدرس. فاكتشفت مورَيلا سريعا ان تعاليم الكنيسة الكاثوليكية غير مؤسسة على الاسفار المقدسة. وعندما شعرت ان الكاهن بدأ ينزعج من اسئلتها، توقفت عن حضور صفوفه. تابعت مورَيلا درسها للحق، اعتمدت، وهي الآن تخدم يهوه بأمانة.
[الاطار/الصورة في الصفحة ١٠٧]
رمل وصخر اروبا
ان التكوينات الصخرية العملاقة في كاسيباري وآيو هي ميزة رائعة في اروبا. والكهوف التي تحتوي على رسوم صخرية، والتي يُعتقد انها من صنع هنود داباجورو، هي ايضا لافتة للنظر. كما ان الطقس المشمس على الدوام والشواطئ الرملية البيضاء الطويلة هي جاذب لآلاف السياح الذين يعودون سنة بعد سنة الى الجزيرة.
[الاطار في الصفحة ١١٠]
«من فم الاطفال»
قال يسوع: «من فم الاطفال والرّضّع هيأت تسبيحا». (متى ٢١:١٦) ويصح هذا الامر ايضا في الاولاد في الجزر الثلاث. يعيش موريس البالغ ١٥ سنة من العمر في اروبا. عندما كان موريس بعمر ٧ سنوات، لم تستطع امه ان تجده في المحفل الكوري. بحثت عنه وهي قلقة، وأخيرا وجدته في مؤخرة غرفة كان يُعقد فيها اجتماع لمقدّمي طلب للخدمة في بيت ايل. اراد موريس ان يقدّم طلبا ليخدم في بيت ايل. فلم يشأ عريف الاجتماع ان يثبطه، وسمح له بالبقاء. لم تخمد رغبة موريس المتقدة في خدمة يهوه في بيت ايل. فقد اعتمد بعمر ١٣ سنة وهو مجتهد في الجماعة ويحضّر جيدا لكل التعيينات. وهو باقٍ على تصميمه ان يخدم في بيت ايل.
في بونير، دُعي رانزو البالغ من العمر ٦ سنوات الى قاعة الملكوت وسُرّ كثيرا. فابتدئ معه بدرس في الكتاب المقدس، ومن ذلك الوقت رفض الذهاب الى الكنيسة الكاثوليكية. وسأل والديه لماذا لا يعلّمون في الكنيسة عن الفردوس، فأثار هذا السؤال فضولهما. وبدأا يدرسان مع شهود يهوه. وفي النهاية، اعتمد والد ووالدة رانزو، فضلا عن احد الذين يدرس معهم رانزو الكتاب المقدس. رانزو هو الآن في الثامنة من عمره، وقد اعتمد في محفل دائري في بونير.
[الاطار/الصورة في الصفحة ١١٥]
هل تريدون تذوّق يخنة الإڠوانة؟
في الجزر الثلاث من الشائع رؤية الإڠوانة، كالتي ترونها في الصورة ادناه. تُقدّر هذه الزواحف، ولكن ليس بصفتها حيوانات مدللة. فهي احد المكونات الرئيسية في الحساء واليخنة. يقول احد الطهاة المحليين: «طعمها كالدجاج تماما. ولحمها طريّ وسهل المضغ».
[الخرائط في الصفحة ٧١]
(اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)
هايتي
البحر الكاريبي
ڤنزويلا
اروبا
اورانجستاد
سان نيكولاس
كوراساو
ڤيلَمستاد
سانتا كروز
بْوينا ڤيستا
بونير
كرالينديجك
[صورة تغطي كامل الصفحة ٦٦]
[الصورة في الصفحة ٦٨]
اشخاص من شتى القوميات يتعاونون معا بسلام في جماعة هويْبرك في اروبا
[الصورة في الصفحة ٧٠]
باعت پيرل مارلن مطبوعات دينية الى جانب والدها. وصارت لاحقا شاهدة
[الصورة في الصفحة ٧٣]
اول جماعة ناطقة بالانكليزية في سان نيكولاس، اروبا
[الصور في الصفحة ٧٤]
بعض الذين هاجروا الى اروبا: (١) مرثا فوستن اليوم، (٢) زوجها هاملتون الذي مات منذ وقت طويل، و (٣) روبرت وفوستينا تيتْر
[الصورة في الصفحة ٧٥]
وودوَرث وأوريس ميلز في يوم زفافهما
[الصورة في الصفحة ٧٦]
إدْوِينا سْتروپ، فاتحة في اروبا
[الصورة في الصفحة ٧٧]
حصل ياكوبو راينا على نسخة من كتاب «الخلق» في سنة ١٩٢٨ وأدرك رنة الحق
[الصورة في الصفحة ٧٨]
من اليسار الى اليمين: رصل وهايزل يَيْتْس، متخرجان من الصف الـ ٦ لمدرسة جلعاد، وميري ووليَم يَيْتْس من الصف الـ ١٤
[الصورة في الصفحة ٧٩]
كان هنريكس هاسل، الى اقصى اليسار، مناديا غيورا بالبشارة
[الصورة في الصفحة ٧٩]
كان كاميليو جيريجوريا اول شخص يعتمد من السكان المحليين، في سنة ١٩٥٠
[الصورة في الصفحة ٨٠]
يتذكر الاخوة بإعزاز روح التضحية بالذات والغيرة اللتين اعرب عنهما هنري وأليس تْوِيد
[الصورة في الصفحة ٨١]
أُهدي ڠابريال هنريكِز اشتراكا في «استيقظ!». وصار اول شخص اروبيّ يعتمد
[الصورتان في الصفحة ٨٢]
في البداية قاومت نينيتا وَب الحق. صارت هي وزوجها دانيال مناديَين غيورَين بالملكوت
[الصورة في الصفحة ٨٢]
كانت ماريّا راماين كاثوليكية مخلصة الى ان اخبرها الكاهن ان التماثيل الدينية بلا قيمة
[الصورة في الصفحة ٨٣]
ترك ألبرت سُوَر وراءه «رسائل توصية» ممتازة
[الصورة في الصفحة ٨٤]
ساعدت اولِڤ روجرز كثيرين على نذر حياتهم ليهوه
[الصورة في الصفحة ٨٥]
في الاعلى: يوجين ريتشاردسون، اعتمد بعمر ١٧ سنة، وكان فاتحا غيورا
[الصورة في الصفحة ٨٥]
في الاسفل: الشاب كلينتون وليامز انضم اليه في افتتاح «الكونوكو»
[الصورة في الصفحة ٨٦]
بيت المرسَلين في اروبا، حوالي سنة ١٩٥٦
[الصورة في الصفحة ٨٩]
في الاعلى: سنة ١٩٦٢، دشّن ناثان ه. نور من بيت ايل بروكلين قاعة الملكوت هذه، اول قاعة يملكها الاخوة في كوراساو
[الصورة في الصفحة ٨٩]
الى اليمين: ڤيكتور مانويل، ناشر للبشارة طيلة ٥٠ سنة تقريبا، خدم في الجماعة الثانية الناطقة بالپاپيَمِنتو
[الصورة في الصفحة ٩٠]
في الاعلى: محفل «السلام على الارض» الاممي سنة ١٩٦٩ في أتلانتا، جورجيا، الولايات المتحدة الاميركية
[الصورة في الصفحة ٩٠]
الى اليمين: موقع محفل كوراساو للبرنامج نفسه
[الصورة في الصفحة ٩٤]
پترا سِلاسا (الى اليمين) وابنتها إنڠرد، فاتحتان خصوصيتان أُرسلتا للمساعدة في بونير في سنة ١٩٦٩
[الصورة في الصفحة ٩٦]
«فاحصين الاسفار المقدسة يوميا» بالپاپيَمِنتو، الانكليزية، والهولندية
[الصورة في الصفحة ٩٧]
«برج المراقبة» بالپاپيَمِنتو
[الصورة في الصفحة ٩٨]
في الاعلى: پولين وجون فراي
[الصورة في الصفحة ٩٨]
في الاسفل: وصل أيْك ڤان دالفسن في سنة ١٩٦٤ بعد تخرجه من الصف الـ ٣٩ لمدرسة جلعاد
[الصورتان في الصفحة ٩٩]
في الاعلى: جانين كونْسِپشن وريموند پيترز من فريق الترجمة المؤلف من تسعة اشخاص
[الصورة في الصفحة ٩٩]
الى اليمين: إستراليتا ليكَت تعمل على كمپيوتر مستعملة برنامج MEPS، وهما اداتان قيمتان لمساعدة المترجمين
[الصورة في الصفحة ١٠٠]
روبرتوس وڠايل بركرز (الى اليسار)، اللذان خدما في العمل الدائري، اثارا الحماس للخدمة كامل الوقت
[الصورة في الصفحة ٩٨]
جولي وأيْك ڤان دالفسن (في الاسفل) عادا الى كوراساو في سنة ١٩٩٢ ودُعيا الى بيت ايل في سنة ٢٠٠٠
[الصورة في الصفحة ١٠٠]
أيْك ڤان دالفسن، كلينتون وليامز، وڠريڠوري دوهون يخدمون في لجنة الفرع
[الصورة في الصفحة ١٠٢]
بلانش وهانس ڤان هايدورن ساعدا ٦٥ شخصا على نذر حياتهم ليهوه
[الصورة في الصفحة ١٠٨]
(١) مكتب الفرع الذي دُشّن في سنة ١٩٦٤
[الصورتان في الصفحة ١٠٨]
(٢، ٣) الفرع الحالي، دُشّن في ٢٠ تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩٩٩
[الصورتان في الصفحة ١١٢]
بوركت اروبا وبونير وكوراساو بعدة اخوة في العمل الجائل، مثل (الى الاعلى) لودميلا وهَمْفري هرمانس و (من اليسار الى اليمين) پول ومارشا جونسون ومارك وإيدث ميلَن
[الصور في الصفحة ١١٤]
المرسَلون الاوائل: (١) الزوجان ڤان إيكس، (٢) الزوجان هورنْڤيلت، و (٣) كور تنيسن تركوا مواطنهم ليخدموا الاخوة هنا