الفيليپين
الفيليپين
نخيل جوز الهند، النباتات الخضراء المدارية الكثيفة والنضرة، الشواطئ الرملية البيضاء، البحار الجميلة — كل هذه تشكِّل الجزء الاكبر من الفيليپين. وقد دُعي هذا الأرخبيل المؤلف من نحو ١٠٠,٧ جزيرة «لؤلؤة بحار المشرق». وما يضفي رونقا على جاذبيته هو شعبه السعيد الجيّاش العواطف الذي يحب الرقص والغناء. فإذا زرت يوما هذا البلد، فعلى الارجح لن تنسى ابدا الضيافة الاستثنائية التي يظهرها الشعب الودّي والرائع الذي يعيش هناك.
ولكن بالنسبة الى كثيرين، فإن اول ما يخطر على بالهم، عند ذكر الفيليپين، هو صورة مختلفة كليا — بلد الكوارث. فربما تتذكر ثوران جبل پيناتوبو، والوحل البركاني المتدفق منه الذي دمّر مدنا بكاملها؛ او قد تتذكر اسوأ كارثة بحرية في العالم في زمن السِّلم، الكارثة التي مات فيها آلاف الاشخاص عندما اصطدمت العبّارة دونيا پاس بناقلة للنفط. وفي الواقع، ان مركز الأبحاث البلجيكي لعلم الاوبئة المتعلق بالكوارث صنَّف الفيليپين انها البلد الاكثر تعرّضا للكوارث في العالم. فالأعاصير المدارية، الفيضانات، الزلازل، والبراكين تحدث على الدوام. أضِف الى ذلك الحالة الاقتصادية الفقيرة نسبيا لدى كثيرين من السكان، تحصل على صورة بلد جميل لديه مشاكله.
في طول الفيليپين وعرضها، شهود يهوه مشغولون بإيصال حق
الكتاب المقدس الى السكان هناك البالغ عددهم ٠٠٠,٠٠٠,٧٨ نسمة. انها ليست بالمهمة السهلة. فبالاضافة الى تهديد الكوارث الطبيعية، هنالك تحدّي بلوغ الناس في الجزر الصغيرة العديدة، وفي المناطق النائية في الجبال والادغال. مع ذلك، العمل جارٍ هناك. وقد اعرب شعب يهوه عن قدرة فائقة على التحمّل والتكيّف رغم الظروف المتغيّرة التي يواجهونها. وبالتالي، اختبروا بركة يهوه في عمل التلمذة.من بعض النواحي، يشبه الشهود في الفيليپين الاسرائيليين القدماء الذين رغبوا في ردّ العبادة الحقة في اورشليم. لقد شجعتهم كلمات نحميا: «فرح الرب هو قوتكم». (نحميا ٨:١٠) فعلى الرغم من التحديات التي واجهتهم، تقدّم الاسرائيليون بفرح في عمل تعزيز عبادة يهوه. وكالاسرائيليين في ايام نحميا، يتعلم شهود يهوه في كل انحاء الفيليپين من كلمة اللّٰه. وهم ايضا يجعلون فرح يهوه قوتهم.
اول إشعاع لنور الحق
تنفرد الفيليپين في كونها البلد الوحيد في آسيا الذي يعتنق معظم سكانه الكاثوليكية الرومانية. في البداية، كان لسكان الفيليپين دياناتهم المحلية، لكنّ الحكم الاسپاني الذي دام اكثر من ٣٠٠ سنة اجبر الشعب على اعتناق الكاثوليكية. وعلى الرغم من ان الولايات المتحدة تسلّمت السلطة طوال نصف قرن وعرّفت الشعب بأديان اخرى، ظلت الكاثوليكية الديانة السائدة. ويعتنق ٨٠ في المئة تقريبا من الشعب هذه الديانة.
في سنة ١٩١٢، فيما كان تشارلز ت. رصل، احد القياديين من تلاميذ الكتاب المقدس — كما كان يُعرف شهود يهوه سابقا — يقوم بجولة حول العالم لإلقاء المحاضرات، توقف في مانيلا. وفي ١٤ كانون الثاني (يناير)، قدّم خطابا في دار الاوپرا في مانيلا حول الموضوع «اين هم الموتى؟». ووُزعت المطبوعات للحاضرين.
وفي اوائل عشرينات الـ ١٩٠٠، زُرع المزيد من بذار حق الكتاب المقدس عندما اتى الاخ وليَم تيني من كندا بوصفه الممثّل التالي لتلاميذ الكتاب المقدس. فنظّم صفا لدرس الكتاب المقدس. ولكن بسبب صحته الضعيفة، اضطر ان يعود الى كندا، إلّا ان الفيليپينيين المهتمين تابعوا صف درس الكتاب المقدس. وساعدت المطبوعات المرسَلة بالبريد على إبقاء الحق حيّا في قلوب الناس. هكذا كان الوضع حتى اوائل ثلاثينات الـ ١٩٠٠. وبحلول سنة ١٩٣٣، كانت رسالة الحق تُذاع في الفيليپين على محطة الاذاعة KZRM.
في السنة نفسها، انطلق جوزيف دوس سانتوس من هاواي في جولة كرازية حول العالم. كانت محطته الاولى في الفيليپين، وبعدها لم يكمل جولته. فقد أُعطي الاخ دوس سانتوس مسؤولية اخذ القيادة في عمل الكرازة بالملكوت هناك وتأسيس مكتب فرع. فبدأ العمل في المكتب في ١ حزيران (يونيو) ١٩٣٤. وانهمك الاخ دوس سانتوس، الى جانب بعض السكان المحليين الذين ارادوا ان يخدموا يهوه، في
الكرازة وتوزيع المطبوعات. وعلى الرغم من المقاومة، بحلول سنة ١٩٣٨ وُجد في البلد ١٢١ ناشرا، ٤٧ منهم كانوا يخدمون كفاتحين.بالرغم من ان الاميركيين كانوا يعلّمون كثيرين اللغة الانكليزية، ادرك الاخوة ان الناس يتعلمون حقائق الكتاب المقدس بشكل افضل بلغتهم الام. وقد شكّل هذا الامر تحدّيا، لأن الشعب في الفيليپين يتكلمون ما يقارب ٩٠ لغة ولهجة. مع ذلك، بُذلت الجهود لترجمة المطبوعات ببعض اللغات الرئيسية. وبحلول سنة ١٩٣٩ ذكر مكتب الفرع: «نحن نسجّل الآن [خطابات الكتاب المقدس] باللغة التڠالوڠية، ونتوقع ان نستخدمها مع آلات الصوت والفونوڠرافات لجلب مجد اكبر للرب». وأُخبر ايضا عن ترجمة كتاب الغنى باللغة التڠالوڠية. بعد سنتين، أُكملت ترجمة بعض الكراريس بأربع لغات رئيسية اخرى في الفيليپين، وقد مهّد ذلك السبيل ليفهم معظم الناس في البلد رسالة الملكوت.
كان فلورنتينو كينتوس، وهو استاذ مدرسة، بين الذين تجاوبوا مع رسالة الحق خلال تلك السنوات. وقد حصل على معلوماته الاولى عن شعب يهوه عندما تكلم مع رجل حضر شخصيا محاضرة الاخ رصل في مانيلا سنة ١٩١٢. وفي سنة ١٩٣٦، حصل فلورنتينو من احد شهود يهوه على ١٦ كتابا زاهي اللون يناقش الكتاب المقدس. إلّا انه كان منهمكا في عمله كأستاذ، لذلك بقيت الكتب الملونة بألوان قوس قزح معروضة فترة من الوقت دون ان تُقرَأ. ثم اندلعت الحرب، غزا اليابانيون البلد، وتوقف الكثير من النشاطات العادية. فوجد فلورنتينو الوقت للقراءة، وبدأ يقرأ. وخلال وقت قصير، انهى قراءة الكتب التالية: الغنى، الاعداء، و الخلاص. ولكنّ قراءته توقفت بسبب اضطراره الى الهرب من اليابانيين، إلّا ان بذار الحق كانت قد غُرست في قلبه.
نمو سريع رغم الحرب العالمية
جلبت الحرب العالمية الثانية تحدّيات جديدة لخدام يهوه في الفيليپين. في بداية الحرب، كان هنالك ٣٧٣ ناشرا في الفيليپين. ولكن رغم عددهم القليل، اعربوا عن غيرة ومرونة فائقتين في جهودهم لتعزيز العبادة النقية.
وانتقل بعض الاخوة من مانيلا الى بلدات اصغر خارج المدينة واستمروا في عملهم الكرازي هناك. ولكن بسبب الحرب كان من المستحيل جلب مطبوعات الكتاب المقدس من خارج البلد، إلّا ان الاخوة تمكنوا من توزيع المطبوعات التي كانت مخزّنة في البيوت قبل الحرب. وعندما نفد المخزون، صاروا يعيرون الكتب للناس.
سلڤادور ليواڠ، استاذ مدرسة تخلى عن مهنته ليصير مناديا بالبشارة كامل الوقت، كان في جزيرة مِنْداناوو عندما اندلعت الحرب. فهرب مع بعض الاخوة الى الادغال والجبال. وهناك تابعوا نشاطاتهم الثيوقراطية. ولكن كان عليهم ان يلزموا الحذر الشديد، لئلا يقبض عليهم اليابانيون ويسخّروهم في العمل في مواقعهم العسكرية. وفي الوقت نفسه، غالبا ما ظنت العصابات المناهضة لليابانيين ان الاخوة جواسيس يابانيون.
من المدهش انه خلال الاحتلال الياباني سنحت بعض الفرص لعقد محافل صغيرة. فعُقد محفل دائري في مانيلا، حضره كثيرون. كما عُقد محفل آخر في لينڠايان. وتعجب السكان من رؤية اشخاص غرباء يأتون في شاحنات، ولكن لم يتدخل احد وعُقد المحفل بنجاح.
بارك يهوه كل هذا النشاط، وتضاعف عدد الشهود. فمسبّحو يهوه الذين كان عددهم ٣٧٣ في بداية الحرب صاروا اكثر من ٠٠٠,٢ بعد اربع سنوات فقط.
تذكَّر ان الاخ دوس سانتوس كان قد عُيّن ليأخذ القيادة في تنظيم نشاط الكرازة بالملكوت في الفيليپين. ولكن في كانون الثاني (يناير) ١٩٤٢، احتُجز في معسكر ياباني للسجناء في مانيلا. ومع ذلك حافظ هو ايضا على روح الغيرة. ذكر: «اوصلت البشارة الى اكبر عدد ممكن من الاشخاص في المعسكر». كانت الحياة في المعسكر قاسية، وكثيرون ماتوا من الجوع. وعندما سُجن الاخ دوس سانتوس، كان وزنه ٦١ كيلوڠراما، ولكن عندما أُطلق سراحه كان وزنه ٣٦ كيلوڠراما فقط.
حرّر الاميركيون السجناء في سنة ١٩٤٥ وعرضوا على الاخ دوس سانتوس ان يُعيدوه الى هاواي، ولكنه رفض. لماذا؟ ان فرحه هو في عمل الملكوت، وأراد ان يفعل ما بوسعه ليرى العمل يتقدّم في
الفيليپين. اضافة الى ذلك، لم يكن قد اتى مَن يحلّ مكانه بعد. قال الاخ دوس سانتوس: «انا باقٍ هنا، حتى يأتي من يحلّ مكاني!». وذكر هيلاريون آموريس عن جوزيف دوس سانتوس: «كان بالفعل مجتهدا في عمله ومهتما بحاجات الاخوة الروحية».وصول المرسَلين
مع ان الاخوة الفيليپينيين لم يحظوا بتدريب خصوصي، فقد فعلوا كل ما في وسعهم قبل الحرب وأثناءها. ولكن بُعيد الحرب وصلهم العون. ففي ١٤ حزيران (يونيو) ١٩٤٧، وصل متخرّجون من جلعاد، هم: إيرل ستيووارت، ڤيكتور وايت، ولورنسو آلپيتشي. اخيرا، سيكون هنالك مَن يحلّ مكان الاخ دوس سانتوس. وفي سنة ١٩٤٩ عاد مع زوجته وأولاده الى هاواي.
عُيّن الاخ ستيووارت خادما للفرع. ومعظم المرسَلين الآخرين الذين اتوا في تلك السنوات الباكرة عُيّنوا في الحقل. يقول ڤيكتور آموريس، الذي أُرسل من الفيليپين الى جلعاد، عن تأثير المرسَلين المدرَّبين في جلعاد: «كانوا عونا كبيرا في تنظيم العمل. لقد تعلّم الاخوة من هؤلاء المتخرّجين من جلعاد. ونما العمل. فقبل سنة ١٩٧٥، بلغ عدد الناشرين ٠٠٠,٧٧ تقريبا، في حين كان في سنة ١٩٤٦ ٦٠٠,٢ فقط». بعد وصول الاخوة الثلاثة، تبعهم عدد لا بأس به من المرسَلين، بمن فيهم الزوجان براون والزوجان ويليت الذين خدموا في سيبو، والزوجان آندرسن اللذان خدما في داڤاو. كان هنالك ايضا الزوجان ستيل، الزوجان سميث، والاخوان هاكتل وبْرون. كما وصل نيل كَلاوَي في سنة ١٩٥١. وتزوج لاحقا اختا فيليپينية، ناينيتا، وخدما تقريبا في كل انحاء الفيليپين حتى موته سنة ١٩٨٥. دِنْتون هوپكنسون وريموند ليتش من بريطانيا وصلا سنة ١٩٥٤، وهما يواظبان على العمل في الفيليپين بعد اكثر من ٤٨ سنة.
ان المتخرّجين من جلعاد الاجانب لم يكونوا الوحيدين الذين
ساهموا في تنظيم وتوسيع عمل الكرازة بالملكوت في الفيليپين. ففي خمسينات الـ ١٩٠٠، دُعي الاخوة الفيليپينيون ايضا الى مدرسة جلعاد، وكلهم تقريبا رجعوا ليخدموا في بلدهم. كان اول ثلاثة: سلڤادور ليواڠ، أدولفو دييونيسيو، وماكاريو باسويل. وقد استخدم ڤيكتور آموريس، المذكور سابقا، تدريبه في العمل الجائل وفي بيت ايل. بعد ذلك أنشأ عائلة، ولكنه عاد الى الخدمة كامل الوقت. فخدم كناظر جائل ثم كفاتح خصوصي في اقليم لاڠونا، مع زوجته لوليتا، الى ان بلغ اواخر سبعيناته.الى الامام خلال سبعينات الـ ١٩٠٠
اذ تقدّم العمل بسرعة، استمر عدد الناشرين في الازدياد متخطيا الـ ٠٠٠,٧٧ بحلول سنة ١٩٧٥. وبشكل عام، حافظ خدام يهوه على روحياتهم واستمروا يخدمون اللّٰه بولاء. ولكنّ كثيرين توقفوا عن خدمة يهوه لأن نظام الاشياء الحاضر لم ينتهِ في سنة ١٩٧٥. وبحلول سنة ١٩٧٩، انخفض عدد الناشرين الى ما دون ٠٠٠,٥٩. قال كورنيليو كانييتي، الذي كان يخدم كناظر دائرة في اواسط سبعينات الـ ١٩٠٠: «اعتمد البعض بسبب سنة ١٩٧٥ وبقوا في الحق بضع سنوات. ثم بعد سنة ١٩٧٥، تركوا الحق».
لكنّ الغالبية الساحقة احتاجت الى التشجيع للمحافظة على النظرة اللائقة الى الخدمة المسيحية. فنظّم مكتب الفرع لإلقاء خطابات خصوصية. وكانت النتيجة ان الاخوة النشاطى تشجعوا، وكذلك
جرت مساعدة بعض الخاملين ليصيروا من جديد مسبّحين نشاطى ليهوه. وصار الاخوة يفهمون انهم يخدمون اللّٰه للأبد وليس لفترة محددة من الوقت. وبعد ذلك الانخفاض المؤقت في عدد الناشرين، ازداد عدد ناشري الملكوت بشكل مدهش. وقد بورك حقا الذين لم يدَعوا التثبط يُنسيهم كل صلاح يهوه.افتتاح مناطق نائية — في الجبال
تنتشر آلاف الجزر التي تؤلف الفيليپين فوق مساحة في المحيط تبلغ من الشمال الى الجنوب حوالي ٨٥٠,١ كيلومترا ومن الشرق الى الغرب ١٠٠,١ كيلومتر. بعض الجزر غير مأهولة، والكثير منها يضم مناطق جبلية وعرة. لذلك، فإن الوصول الى الناس في هذه المناطق النائية يشكّل تحدّيا.
احدى هذه المناطق هي كالينڠا-آپاياو. وفي جبال كورديلّيرا الوسطى الوعرة في شمالي لوزون، ينقسم الناس الى قبائل وقرى، لكل منها لغته الخاصة وعاداته. وعلى الرغم من ان عادة تصيّد الرؤوس لم تعد متّبعة في القرن العشرين، لا تزال العداوة بين القرى شائعة، وتؤدي الى نزاعات وقتل. قال هارونيمو لاستيما: «في السنوات السابقة،
كان من الصعب ارسال فاتحين خصوصيين الى هذه المقاطعات. لأن السكان المحليين كانوا سيلاحقون الاخوة بغية قتلهم».كان الحل إرسال اخوات. شرح هارونيمو: «انهم لا يلاحقون النساء. فبحسب التقاليد، لا يجب إلحاق الاذى بالنساء». وكانت الاخوات فعالات في تعليم الحق للسكان المحليين. ولاحقا اعتمد بعض السكان المحليين وصاروا فاتحين. ولأنهم يفهمون حضارة شعبهم، عرفوا كيف يقدمون الشهادة بفعالية. نتيجة لذلك انتشر «المتصيّدون» في كل انحاء هذه الجبال، متصيّدو الاشخاص الذين يريدون الحق. في سبعينات الـ ١٩٠٠، كان هنالك بضعة شهود في كل كالينڠا-آپاياو؛ والآن توجد دائرتان.
على نحو مماثل، في المقاطعة الجبلية
المجاورة إيفوڠاو، لم يكن هنالك اي شاهد في اوائل خمسينات الـ ١٩٠٠. فعُيّن ثلاثة فاتحين قانونيين للكرازة للناس العائشين بين مصطبات الارزّ الموجودة منذ قرون. بمرور الوقت، بدأ السكان المحليون يقبلون الحق. واليوم توجد ١٨ جماعة و ٣١٥ ناشرا في هذه المنطقة.في الجبال الشمالية البعيدة في مقاطعة آبرا، تكمن المشكلة في كيفية الوصول الى القرى حيث لا يوجد شهود. ثمة ناظر دائرة، لديه رغبة شديدة في إيصال البشارة الى ابعد المناطق، دعا ٣٤ شخصا الى الانضمام اليه في الكرازة في المنطقة قرب تينيڠ. (اعمال ١:٨) وبما انه لا توجد وسيلة نقل عامة، سار الفريق سبعة ايام في الجبال ليصلوا الى عشر قرى فيها حوالي ٢٥٠ بيتا.
يروي ناظر الدائرة: «كان السير على طول الحيود الجبلية ونحن حاملون كل لوازمنا تحدّيا كبيرا. لقد قضينا اربع ليالٍ، من الليالي الست، نائمين في الهواء الجبلي الطلق او قرب احد الانهر». مضت سنوات كثيرة منذ سمع بعض هذه القرى البشارة. ففي احد الامكنة، اخبرهم احد الرجال الذين التقوهم: «قبل سبع وعشرين سنة، بشّر شهود يهوه ابي. وأخبرنا ان شهود يهوه يملكون الحق». وزّع كامل الفريق ٦٠ كتابا، ١٨٦ مجلة، ٥٠ كراسة، و ٢٨٧ نشرة. وفي عدة اماكن شرحوا كيف تُعقَد الدروس في الكتاب المقدس.
الكرازة في مناطق نائية اخرى
پالاوان هي جزيرة كبيرة في الفيليپين. انها طويلة وضيقة، وتمتد مسافة ٤٣٤ كيلومترا. تقع پالاوان بعيدا عن ضوضاء بعض الجزر المأهولة بعدد اكبر من السكان. وهي موطن شتى القبائل والقرى الصغيرة المعزولة في الغابة، بما فيها قرى المهاجرين. كان المرسَل ريموند ليتش مستعدا لقبول اي تعيين، فأُرسل كناظر دائرة الى
هناك. كان عدد الشهود قليلا والمسافات طويلة. انه يتذكر: «عُيّنت هناك من سنة ١٩٥٥ الى سنة ١٩٥٨، لم يكن يوجد سوى ١٤ ناشرا في كل پالاوان. ولكن لزمتني خمسة اسابيع لأزورهم».منذ ذلك الوقت، تقدّم العمل هناك، مع انه لا تزال توجد بعض المصاعب. ابتدأت فيبي لوتا، وهي الآن في اوائل اربعيناتها، خدمتها كفاتحة خصوصية في پالاوان في سنة ١٩٨٤. تروي ما جرى عندما كانت تخدم في جزيرة دوماران: «اعتقدنا اننا وصلنا الى البيت الاخير. لم نكن نتصور انه يوجد بيت بعده، ولكن كان يوجد بيت آخر!». فوسط اشجار النخيل يعيش زوجان، عملهما الاعتناء بِغَيْضة تنمو فيها اشجار جوز الهند. والمفرح انهما مهتمان بالكتاب المقدس!
تقول فيبي: «لو لم اكن اخدم يهوه، لما عدت الى ذلك المكان». فللوصول الى هناك، كانت فيبي ورفيقتها تمشيان يوما بكامله عبر غِياض جوز الهند، على طول ساحل رملي وصخري. وعند ارتفاع المد، تمشيان والماء يعلو حتى ركبهما. فقررتا، بسبب طول المسافة، الذهاب الى هناك مرة كل شهر وقضاء عدة ايام. وعنى ذلك حمل طعام، كتب، مجلات، وثياب اضافية. تقول: «كانت تضحية كبيرة من جهتنا ان نتعرض لحرارة الشمس ولِلَدغ ولَسع الحشرات. فنصل ونحن نتصبب عرقا». الا ان جهودهما كوفئت اذ رأتا الزوجين المهتمين يتقدمان سريعا جدا في درسهما للكتاب المقدس.
لكنّ الزوجَين أُجبرا على ترك عملهما في قطعة الارض المزروعة جوز الهند لأن المسؤول، وهو معمداني، عرف انهما يدرسان مع الشهود. لاحقا، فوجئت فيبي وسُرّت جدا عندما رأت الزوجة ثانية. كانت قد اعتمدت، وإضافة الى ذلك، كما تقول فيبي: «كانت جالسة معنا في اجتماع الفاتحين الذي عُقد في المحفل الكوري». يا لها من فرحة ان يرى المرء الثمر الجيد لأتعابه!
في جزيرة مِنْداناوو الكبيرة في جنوبي الفيليپين، توجد مناطق كثيرة يصعب الوصول اليها. وقد خدم ناثان ساباليوس هناك كناظر جائل، مع زوجته. خلال الاسابيع التي لم يزورا فيها الجماعات، بذلا جهدا للكرازة في المقاطعات المنعزلة. ودعوا اخوة وأخوات آخرين لمرافقتهما. ذات مرة، استخدم الفريق ١٩ دراجة نارية للوصول الى عدة قرى. كانت الطرقات وعرة ووَحِلة، وعلى الشهود ان يقطعوا انهرا وجداول، وأغلبها ليس عليها جسور. كان الناس في تلك المناطق يفتقرون الى المال، ولكنهم رغم ذلك تبرعوا بمكانس ناعمة مصنوعة باليد تقديرا للمطبوعات التي جلبها الاخوة. تخيّل المنظر عندما يعود الاخوة الى بيوتهم، ودراجاتهم النارية محمّلة مكانس! يقول ناثان: «كان الجميع يعودون الى بيوتهم تعبين ومتسخي الثياب، ولكنّ الفرح يغمرهم عالمين ان ما قمنا به هو مشيئة يهوه».
استخدام كل الوسائل للكرازة بالبشارة
في السنوات الاخيرة، شجعت هيئة يهوه ناشري الملكوت على انتهاز كل فرصة لإعطاء الشهادة. وكان ذلك ملائما خصوصا في المناطق المكتظة بالسكان في البلد. فالمدن الكبيرة، مثل داڤاو، سيبو، ومانيلا المتروپوليتية، تشبه كثيرا غيرها من المدن حول العالم، بكثرة مؤسساتها التجارية، مكاتبها، ومجمعاتها السكنية. فماذا صُنع للوصول الى الناس في تلك الاماكن؟
ماكاتي هي جزء من الدائرة التي كان مارلون ناڤارو لا يزال يخدمها منذ فترة غير بعيدة. قام مارلون، متخرّج شاب من مدرسة تدريب الخدام، بعمل دؤوب لتنظيم الكرازة في المقاطعة المالية في ماكاتي، وهي منطقة معيّنة لثلاث جماعات. واختير اخوة وأخوات، كثيرون منهم فاتحون، ودُرّبوا للعمل بفعالية في هذه المنطقة. فعُقدت دروس في الكتاب المقدس في مراكز التسوق والحدائق العامة في هذا
الجزء من المدينة؛ وبعض تلاميذ الكتاب المقدس هؤلاء يحضرون الاجتماعات.كوري سانتوس وابنها جفري كلاهما فاتحان. وغالبا ما يقومان بالشهادة في الشوارع في الصباح، احيانا عند الساعة ٠٠:٦ صباحا. في هذا الوقت، يلتقيان اشخاصا عائدين الى بيوتهم بعد نوبة عملهم المسائية في المصانع. وقد ابتدأا بدروس في الكتاب المقدس وهما يقومان بهذا النوع من الشهادة. وبعض الذين جرى الاتصال بهم بهذه الطريقة تقدموا الى حد المعمودية.
خارج المدن ايضا، الناشرون يقظون لإيجاد فرص للشهادة للآخرين. نورما بالماسيدا، التي بدأت تخدم كفاتحة خصوصية منذ اكثر من ٢٨ سنة، تحدثت الى امرأة كانت تنتظر سيارة لتقلّها. سألت نورما المرأة: «الى اين انت ذاهبة؟».
اجابت المرأة: «الى مقاطعة كيرينو».
«هل انت من هناك؟»
«كلا، ولكنّ زوجي مصمم على الانتقال الى هناك لأن الحياة هنا في إيفوڠاو صعبة جدا».
ففتح هذا الحديث الفرصة امام نورما لإعطاء البشارة عن حكومة الملكوت التي ستحل مشاكل الانسان. ثم افترقتا. بعد سنوات، في محفل دائري، اقتربت امرأة من نورما وعرّفت بنفسها انها تلك المرأة التي تحدثت اليها في الماضي. انها الآن معتمدة، وابنتاها وزوجها يدرسون الكتاب المقدس.
في مكتب الفرع في مدينة كايزون، الاخوة ايضا يقظون لاستخدام كل فرصة للشهادة. فيليكس سالانڠو، مثلا، معروف جيدا بغيرته
في الكرازة للآخرين. وأثناء خدمته في بيت ايل يخدم غالبا كفاتح اضافي. خلال سنة ٢٠٠٠، فيما كان يجري العمل في مبنى سكني اضافي، لاحظ فيليكس العمال الذين استؤجروا لتشييد الهيكل الخارجي للمبنى. فاقترب من كبير المهندسين وطلب منه اذنا للتكلم الى العمال. يقول فيليكس: «بعد فترة غدائهم، ذهبت الى موقع البناء حيث كان المهندس قد جمع العمال البالغ عددهم اكثر من ١٠٠ عامل. وصفتُ لهم عمل شهود يهوه، وشرحتُ ان المعرفة ضرورية ليبقى المرء حيا بعد الضيق العظيم. كان معي صندوق يحتوي على كراسات وصندوق آخر يحتوي على كتب المعرفة. فقلت انهم اذا كانوا مهتمين بدرس كلمة اللّٰه، فبإمكانهم الحصول على احدى المطبوعتين». شرح فيليكس ايضا كيف يُدعم عمل شهود يهوه عالميا، ووضع ظرفا مع المطبوعات قرب شجرة جوز الهند. فأخذ كثيرون من العمال كتابا او كراسة، ووضع عدد كبير منهم تبرّعا في الظرف.اهتم البعض بالدرس، بمن فيهم كبير المهندسين. فرتب فيليكس ان يدرس معه في كراسة ماذا يطلب اللّٰه منا؟ كل يوم اثنين، اربعاء، وجمعة خلال فترة الغداء. قال المهندس لفيليكس: «ما اتعلمه هنا، اشرحه لزوجتي وأصدقائي». وأراد مهندسان آخران يعملان هناك ان يدرسا ايضا، بالاضافة الى حارس امن وبضع سكرتيرات. نعم، ان الشهادة في كل فرصة تجلب التسبيح ليهوه.
إتيان المرسَلين للمساعدة
على مر السنين، اتى الى الفيليپين ٦٩ مرسَلا اجنبيا مدرّبا للمساعدة في عمل البشارة بالملكوت. وقد ساعدوا بشتى الطرق. دِنْتون هوپكنسون وريموند ليتش، المذكوران سابقا، عُيّنا في الاصل
في الحقل، اولا كمرسَلَين ثم كناظرَين جائلَين. لاحقا، أُعطيا تعيينات في مكتب الفرع.ووصل عدد من المتخرّجين من جلعاد في سبعينات الـ ١٩٠٠ للمساعدة في عمل الطباعة المنشإ حديثا. كان بينهم روبرت پيڤي وزوجته پاتريشا اللذان خدما سابقا في انكلترا وإيرلندا. كان روبرت مساعِدا في انشاء مكتب للكتابة في مكتب فرع الفيليپين. وقد حزن الجميع عندما غادرا في سنة ١٩٨١ للخدمة في المركز الرئيسي العالمي في بروكلين، نيويورك، الولايات المتحدة الاميركية.
في سنة ١٩٨٠، وصل دين وكارِن جاسِك من الولايات المتحدة، وبعد فترة وجيزة من درس اللغة التڠالوڠية في لاڠونا، عُيّنا في الفرع. وبعد تدريبات اضافية في سنة ١٩٨٣، ساعدا الاخوة — محليا وفي الدول الجزر المجاورة — على تعلّم استعمال نظام الكمپيوتر الذي طوّره شهود يهوه والذي اثبت انه ضروري في دعم نشر مطبوعات الكتاب المقدس باللغات المحلية.
في سنة ١٩٨٨، وصل هيوبرتوس (برت) وجانين هوفناڠلز من هولندا. كان الفرع على وشك الابتداء بمشروع بناء كبير. وبما انه كان للزوجَين خبرة سابقة في بناء الفروع، وبرت يعرف كيف يشغّل المعدات الثقيلة، عُيّنا للمساعدة في المشروع. اشتغل برت على المعدات ودرّب آخرين ايضا. يقول: «من البداية، كنت ادرّب الاخوة المحليين على قيادة الشاحنات، الحفّارة الخلفية، الجرافة، المحمِّلة الآلية، والرافِعة. وأخيرا، اصبح عندنا فريق يضم ٢٠ الى ٢٥ شخصا يشغّلون المعدات الثقيلة».
لاحقا، انضم اليهما اربعة متخرّجين من جلعاد — پيتر وباييت ڤهلن من المانيا، وڠاري وتيريزا جين ملتون من الولايات المتحدة.
كانت لدى الزوجَين ڤهلن ايضا خبرة في بناء الفروع، وللزوجَين ملتون خمس سنوات خبرة في الخدمة في بيت ايل في الولايات المتحدة. كلهم تمكنوا من المساهمة في عمل بناء الفرع.قبل سنوات، في سنة ١٩٦٣، أُقفل آخر بيت للمرسَلين، لأن الفاتحين الفيليپينيين الاكفاء كانوا قادرين على الاهتمام بالعمل في الحقل. ولكن، في سنة ١٩٩١ رتّبت الهيئة الحاكمة ان تُرسل ستة مرسَلين الى الحقل. فمع انهم يملكون خبرة في العمل في الفرع، كان لهؤلاء المرسَلين ايضا خبرة يمكن استخدامها للإفادة في الحقل. على سبيل المثال، ابتدأت جانين هوفناڠلز بالفتح الخصوصي بعمر ١٨ سنة. وبإمكانها استخدام خبرتها وشخصيتها المفعمة بالحيوية لتشجيع الاخوة والجدد. وعلّق زوجها برت على فوائد اخرى. قال: «المرسَلون في الحقل هنا يساعدون الناس ان يفهموا النطاق الاممي لعملنا». وفي الوقت نفسه، استمر بعض المرسَلين في الاعتناء بالمهمات الادارية وغيرها في الفرع.
صحيح ان الفيليپين استقبلت عددا من المرسَلين، لكن كان لها حصة ايضا في إرسال مرسَلين الى الخارج.
إرسال مرسَلين الى الخارج
في حين ان المرسَلين كانوا لا يزالون يَفِدون الى البلد، ابتدأت الفيليپين بإرسال فاتحين فيليپينيين الى بلدان اخرى للمشاركة في العمل الإرسالي هناك. ومع ان الفاتحين المحليين لم ينالوا التدريب التنظيمي نفسه الذي ناله المتخرّجون من جلعاد، كان يوجد عدد لا بأس به من الفاتحين المحليين البارعين. منذ الحرب العالمية الثانية، توسّع عمل التلمذة في الفيليپين بسرعة اكبر بكثير مما في البلدان المجاورة. لذلك، ابتداء من سنة ١٩٦٤، دُعي الفاتحون الفيليپينيون الاكفاء للانضمام الى الخدمة الارسالية في آسيا وجزر المحيط الهادئ. بعض الذين أُرسلوا كانوا متزوجين، لكنّ اغلبية الذين أُرسلوا كانوا فاتحين عزابا لديهم خبرة عشر سنوات او اكثر في الخدمة كامل الوقت. وفي اواسط سنة ٢٠٠٢، كان قد أُرسل ١٤٩ فاتحا وفاتحة الى ١٩ بلدا مختلفا. ولا يزال ٧٤ منهم في تعييناتهم. يوجد ايضا مرسَلون آخرون ينتظرون انهاء معاملاتهم للسفر، وفي غضون هذا الوقت يقضون وقتهم في الفرع وينالون تدريبا وخبرة ستساعدهم في تعييناتهم. سنرى الآن اية مساهمة في العمل الكرازي قام بها هؤلاء المرسَلون على مر السنين، وأية تحديات وأفراح اختبروها.
روز كاڠونڠاو (الآن أنڠلِر) وكلارا دلّا كروس (الآن آلاوريا) كانتا اول الذاهبات. كان تعيينهما في تايلند. وبعد حوالي سنة، انضمت اليهما أنڠيليتا ڠاڤينو. طبعا، كما هي الحال مع المرسَلين، يشكّل تعلّم اللغة تحديا كبيرا. تقول أنڠيليتا عن تعلّم اللغة التايية: «طوال الاسابيع القليلة الاولى، شعرت بالتثبط لأن كل المكتوب في الكتاب بدا لي مثل ‹الديدان›، وفي الاجتماعات لم نكن نستطيع التكلم مع احد بسبب عائق اللغة». ولكنهن تعلمن اللغة، ولا يزلن يستعملن هذه اللغة التي تعلمنها لمساعدة الآخرين.
بعد هؤلاء المرسَلات، بدأ يُرسَل باستمرار فاتحون طوعيون الى شتى البلدان. فطُلب من پورفيريو وإيڤانجيلين هومواد الذهاب الى كوريا في سنة ١٩٧٢. لقد اتقنا اللغة جيدا، وبعد سنتين ونصف في الحقل الارسالي، دُعي الزوجان هومواد الى العمل الدائري.
في سنة ١٩٧٠، كانت سالڤاسيون ريڠالا (الآن آيا) احدى الاخوات الفيليپينيات التسع اللواتي وصلن الى هونڠ كونڠ للابتداء بالعمل الارسالي. كان تعلّم اللغة الكانتونية اول تحدٍّ لها. ففي اللغة الكانتونية توجد تسع نغمات. ومع تغيير النغمة يتغير معنى الكلمات. تتذكر سالڤاسيون صراعها مع تلك النغمات، وتخبر انها قالت ذات مرة لإحدى تلميذات الكتاب المقدس انهن انتقلن من مسكنهن «بسبب شبح»، في حين ارادت ان تقول «بسبب الاجر المرتفع». في النهاية، تعلمت سالڤاسيون اللغة. وساعدت اكثر من ٢٠ شخصا على تعلم رسالة الحق الموجودة في الكتاب المقدس. والآن تلتقي الكثير من الإندونيسيين الذين يعملون في البيوت في هونڠ كونڠ، لذلك تحاول ان تتعلم اللغة الإندونيسية.
رودولفو أسونڠ، اخ ودود وقوي العزيمة، واجه اوضاعا مختلفة كليا عندما عُيّن في پاپوا غينيا الجديدة في سنة ١٩٧٩. لقد انكب على تعلّم اللغة وأتقنها بحيث انه بعد فترة قصيرة في البلد، عُيّن ناظرا جائلا. الا ان زيارة الجماعات في پاپوا غينيا الجديدة كانت مختلفة جدا عن الزيارات في الفيليپين. يقول: «تعلمت كيف أجذّف زورقا خشبيا صغيرا وأنا واقف، مثل اهل البلد تماما».
وفي ما يتعلق بالمحافل، يروي رودولفو: «بسبب المسافات وقلة وسائل التنقل التي يمكن تحمّل نفقتها، رتّبنا ان تُعقَد عدة محافل صغيرة. كان المحفل الذي عُقد في قرية لاريميا اصغر محفل حضرته في حياتي. كان مجموع عدد الحضور عشرة اشخاص». وفي
مناسبة اخرى، عُيّن ناظر المحفل الذي سيُعقَد في قرية آڠي. يقول: «عُيّنتُ ايضا لأخدم كعريف المحفل، اهتم بقسمَي الصوت والطعام، ادير المسرحية، وألعب دور الملك داود». لقد بذل جهده فعلا في ذلك التعيين ولاحقا تمتع بالخدمة الارسالية في جزر سليمان.في سنة ١٩٨٢، أُرسل أرتورو ڤيلياسين، اخ سهل التكيّف من لوزون، الى جزر سليمان. خدم هناك كناظر دائرة ووجد الظروف مختلفة جدا عن الفيليپين. فللوصول الى جزر كثيرة كان من الاسهل استخدام طائرة صغيرة. يروي: «ذات مرة تحطمت طائرتنا، ولكننا نجونا جميعا. وفي مرة اخرى، كدنا نصطدم بجانب جبل بسبب سوء الرؤية». وعن زيارة بعض الجماعات، قال: «نسير عبر غابة مطيرة ونتسلق تلالا شاهقة وحِلة لزيارة الجماعات الموجودة بين شعب الادغال الذين يعبدون اسلافهم». لقد مات أرتورو على نحو فجائي بسبب مضاعفات صحية في سنة ٢٠٠١، لكنّ ذكره سيبقى فترة طويلة كمرسَل امين.
توجد اختبارات كثيرة كهذه من الاخوة والاخوات الفيليپينيين في الحقول الارسالية في آسيا والمحيط الهادئ. وعلى الرغم من التحديات، ساهم خدام يهوه هؤلاء الطوعيون والمضحون بالذات مساهمة كبيرة في العمل الكرازي في تلك البلدان.
الفرح من جراء مساعدة الآخرين على جعل يهوه حصنهم
ان بركة يهوه تنتج فرحا. (امثال ١٠:٢٢) تقول أدلييدا كالِتانا، التي أُرسلت الى تايوان سنة ١٩٧٤: «انا حقا سعيدة جدا وشاكرة ليهوه انه يبارك عملنا هنا، وقد منحني الفرصة ان اساهم في هذا العمل».
ويقول پول وماريانا تابونيڠاو، اللذان يخدمان الآن في جزر مارشال: «لقد ساعدنا ٧٢ شخصا على خدمة يهوه. ويفرحنا كثيرا ان كثيرين منهم يخدمون الآن كشيوخ، خدام مساعدين،
فاتحين خصوصيين، فاتحين قانونيين، وناشرين نشاطى في الجماعات».ليديا پامپلونا، التي تخدم في پاپوا غينيا الجديدة منذ سنة ١٩٨٠، ساعدت ٨٤ شخصا الى حد بلوغ الانتذار والمعمودية. وحاليا تعقد دروسا بيتية في الكتاب المقدس مع ١٦ شخصا، معظمهم يحضرون الآن الاجتماعات. ولا شك ان تعليقاتها الشخصية تلخّص شعور مرسَلين كثيرين: «اشكر يهوه على الخدمة التي ائتمنني عليها. فليستمر في مباركة خدمتنا، التي تجلب له المجد».
وقد قدّرت الفروع حيث ذهب المرسَلون الفيليپينيون وجودهم في مقاطعتهم. كتب فرع تايلند: «يقوم المرسَلون الفيليپينيون بعمل رائع. انهم مثال في الامانة على مر السنين العديدة التي قضوها في تايلند. ويستمرون في العمل رغم تقدمهم في السن. انهم يحبون تايلند والشعب التايلندي؛ ويعتبرون تايلند موطنهم. شكرا جزيلا لكم على هؤلاء المرسَلين الرائعين».
مدرسة خدمة الملكوت تساعد في إعداد الشيوخ
في الوقت نفسه الذي أُرسل فيه المرسَلون الفيليپينيون الى الخارج ليخدموا في بلدان اخرى، زوّدت هيئة يهوه تدريبا للاعداد المتزايدة من الاخوة الاكفاء الذين يتحملون المسؤوليات في الجماعات المحلية. وكانت مدرسة خدمة الملكوت احدى اولى الوسائل لإنجاز هذا التدريب.
بدأت الصفوف الاولى في سنة ١٩٦١ كمقرَّر يدوم شهرا. وعُيّن جاك ردفورد، الذي كان استاذا في جلعاد وخدم لاحقا كمرسَل في ڤيتنام، ليعلّم هذا المقرَّر في الفيليپين. فعُقدت المدرسة الاولى في الفرع وأُعطيت الدروس باللغة الانكليزية.
مع ان البعض يفهمون الانكليزية جيدا، يلزم دائما ان تُؤخذ بعين الاعتبار اللغات واللهجات الاخرى الشائعة في الفيليپين. فشيوخ كثيرون يستفيدون اكثر من المقرَّر اذا أُعطي بلغتهم الام. وهكذا، ابتداء من اواسط ستينات الـ ١٩٠٠، أُعطي المقرَّر بعدة لغات. ويتذكر كورنيليو كانييتي انه عُيّن ليعلّم المقرَّر في جزر ڤيسايان وجزيرة مِنْداناوو. يضحك ويقول: «كنت ادرِّس المقرَّر بثلاث لغات: سيبوانو، هيليڠاينون، والسامارلايتية».
على مر السنين، تغيَّر المقرَّر، بما في ذلك برنامج تدريسه. ومؤخرا، أُعطي المقرَّر في نهاية الاسبوع — يوم ونصف للشيوخ ويوم واحد للخدام المساعدين. ومع ذلك، لا يزال تدريس المقرَّر بحوالي ثماني لغات يشكل تحدّيا. فالشيوخ الذين يعرفون هذه اللغات يُرسَلون من الفرع ويعقدون مدرسة لتدريب النظار الجائلين. وهؤلاء بدورهم، يعقدون المدارس الفعلية للشيوخ والخدام المساعدين في الجماعات. وفي المدرسة الاخيرة التي عُقدت، استفاد ٠٠٠,١٣ شيخ و٠٠٠,٨ خادم مساعد من هذا التدريب.
مساعدة للفاتحين
لاحقا، بدأ الفاتحون ايضا ينالون تدريبا اضافيا. ففي سنة ١٩٧٨، عُقدت الصفوف الاولى لمدرسة خدمة الفتح. وقد انخرط كل الفاتحين، بمن فيهم الفاتحون الخصوصيون، في تلك الصفوف. ومنذ ذلك الوقت، باستثناء سنتَي ١٩٧٩ و ١٩٨١، تُعقد الصفوف كل سنة.
استفاد الفاتحون كثيرا من المدرسة، ولكن كان عليهم التغلب على بعض العقبات لحضور هذه المدرسة. فالبعض قاموا بتضحيات مالية ليذهبوا. وآخرون لاقوا صعوبات في وسائل النقل.
وأولئك الذين حضروا المدرسة التي عُقدت في مدينة سانتياڠو واجهوا امرا غير متوقع. روى رودولفو دي ڤيرا، ناظر الدائرة: «في ١٩ تشرين الاول (اكتوبر) سنة ١٩٨٩، ضرب اعصار مداري هائل بدون سابق انذار سانتياڠو في مقاطعة إيزابيلا، وقد بلغت ذروة سرعة الرياح فيه ٢٠٥ كيلومترات في الساعة. عندما باشرنا صفوفنا في ذلك الصباح في قاعة الملكوت، كانت السماء تمطر رذاذا والريح خفيفة، فابتدأنا مدرسة الفتح. ولكنّ الرياح اشتدت وصار المبنى يهتز. وما
لبث ان طار السقف. اردنا ان نغادر، ولكننا رأينا ان وجودنا خارجا هو اخطر بسبب كثرة الاشياء المتطايرة». وعلى الرغم من ان المبنى بدأ ينهار، بقي الجميع احياء ولم يتأذوا. وقد عزوا بقاءهم احياء الى يهوه وأيضا الى الاقتراح في مجلة استيقظ! الذي يذكر ان على المرء الاختباء تحت طاولة او مكتب في مثل هذه الظروف. يقول الاخ دي ڤيرا: «اختبأنا تحت الطاولات. وعندما انتهى الاعصار، كنا مغطّين بالاغصان وبصفائح التسقيف المعدنية المتطايرة، ولكن جميع الذين بقوا في المبنى تحت الطاولات لم يُصابوا بأذى».كل سنة، تُعقد المدارس بسبع لغات. وحتى سنة الخدمة ٢٠٠٢، عُقد ٧٨٧,٢ صفا وأنهى المقرَّر ٦٥٠,٤٦ فاتحا. يا لَهذه المدرسة من تدبير ممتاز يساعد الفاتحين على تحسين مهاراتهم ووضع ثقتهم الكاملة في يهوه فيما يستمرون ‹يضيئون كأنوار في العالم›! — فيلبي ٢:١٥.
الجهود الاولى في طباعة الأوفست
لولا وجود مطبوعات الكتاب المقدس الممتازة لَكان العمل في الحقل وفي الجماعات اصعب بكثير. طوال سنوات كانت الطباعة للحقل الفيليپيني تجري في بروكلين. ولكن في اوائل سبعينات الـ ١٩٠٠، بُني مصنع في اراضي الفرع في مدينة كايزون. ووُضعت فيه معدات الطباعة البارزة، الشبيهة بتلك التي كانت موجودة في بروكلين. وقد مكّن ذلك الفرع من طباعة كل المجلات في مصنعه.
ولكن في تلك السنوات، تبيّن ان الطباعة البارزة التي تستعمل اسلوب المعدن الساخن لم تعد تُستخدم في مجال الطباعة، وحلّت محلها طباعة الأوفست. فأشار علينا المركز الرئيسي العالمي ان نقوم نحن ايضا بهذا التغيير تدريجيا.
في سنة ١٩٨٠، اشترى الفرع معدات للتنضيد التصويري. وكان فرع جنوب افريقيا قد حصل على النوع نفسه من المعدات، فقدّم خبرته لمساعدة فرع الفيليپين. وكان يُشغَّل نظام التنضيد هذا بواسطة الكمپيوتر الى جانب مطبعة اوفست صغيرة تُغذّى بصحائف الورق اشُتريت في الوقت نفسه تقريبا.
وقد ساعدت هذه المعدات الاخوة على تعلم التقنيات المستخدمة في طباعة الأوفست، انما على نطاق مصغّر. دايڤيد ناموكا، الذي كانت لديه خبرة واسعة في عملية اللينوتيپ في الطباعة البارزة، تعلّم كيفية استخدام معدات التنضيد التصويري. وتعلّم اخوة آخرون كيفية صنع الالواح لطباعة الأوفست وكيفية الطباعة على المطبعة التي اشُتريت حديثا. وهكذا، بنهاية سنة ١٩٨٠، كان الفرع يستخدم طريقة الأوفست لطباعة خدمتنا للملكوت ببعض اللغات ولطباعة المجلات باللغات المطلوب منها نسخا قليلة.
كما أدخل التحوّل الوشيك الى طباعة الأوفست استعمالَ الكمپيوتر لمساعدة الاخوة في الترجمة وفي عملية الإعداد للطبع. وتدريجيا، نال الاخوة خبرة وثقة في عملهم. وبمرور الوقت، تمكنوا من تحسين نوعية وكمية الطباعة باستخدام هذه الوسائل. وفي الواقع، كان الاخوة توّاقين الى التقدم بحيث طبعوا، في سنة ١٩٨٢، اخبار الملكوت رقم ٣١ بأربعة ألوان، مستخدمين مطبعة الأوفست ذات اللون الواحد. فقد أُدخل الورق ست مرات في المطبعة — اربع مرات من اجل الجانب ذي الاربعة ألوان ومرتين للجانب ذي اللونين. كانت مهمة ضخمة، وربما لم تكن النوعية ممتازة؛ لكنّ الجميع سُرّوا ان يروا اخبار الملكوت بأربعة ألوان تُنتج على معداتنا.
ساهم هذا الترتيب في تقدّم الامور، ولكن كيف كان سيُنجَز التحوّل الكامل الى التنضيد التصويري بواسطة
الكمپيوتر وطباعة الأوفست؟ كانت لدى هيئة يهوه بعض الخطط، وكان فرع الفيليپين سيستفيد قريبا منها.هيئة يهوه تزوّد نظام التنضيد التصويري الالكتروني المتعدِّد اللغات
اجازت الهيئة الحاكمة انتاج نظام تنضيد تصويري بواسطة الكمپيوتر يسد الحاجات الفريدة لنشر البشارة بعشرات اللغات. فطُوّر نظام التنضيد التصويري الالكتروني المتعدِّد اللغات (MEPS) في بروكلين. وعلى الرغم من ان المعدات التي استخدمها فرع الفيليپين فترة من الوقت قد ادخلت استعمال الكمپيوتر وطباعة الأوفست على نطاق مصغّر، كان الـ MEPS سيتيح له التقدم في هذا المجال، الى جانب فروع اخرى حول العالم.
دُعي اخوَان مع زوجتيهما من الفيليپين الى والكيل في نيويورك. فنال الاخوَان تدريبا في صيانة اجهزة الكمپيوتر التي تستخدم الـ MEPS وفي تطبيق برامج الـ MEPS على عملية الإعداد للطبع. وقضى زوجان آخران، فلوريزيل نوويكو وزوجته، وقتهما في بروكلين، حيث تعلّم الاخ نوويكو كيفية تشغيل مطابع الأوفست M.A.N. وهذا بالضبط ما كان فرع الفيليپين بحاجة اليه لكي يستخدم الكمپيوتر كاملا في عملية الإعداد للطبع وطباعة الأوفست.
في سنة ١٩٨٣، وصلت الى الفيليپين مطبعة اوفست M.A.N. فجُمعت بمساعدة ليونل دينڠل من فرع أوستراليا. وشرع الاخ نوويكو يدرّب اخوة محليين في الامور التي تعلّمها في بروكلين. وفي نهاية سنة ١٩٨٣، طُبعت المجلات الاولى على هذه المطبعة. ولكن لم يكن نظام الطباعة هذا كاملا بعد، فأُنتجت المجلات باستعمال اسلوب المعدن الساخن الى جانب طباعة الأوفست.
ولكنّ اكمال النظام لم يكن بعيد التحقيق. فقد وصل اول كمپيوتر يستخدم الـ MEPS في نهاية سنة ١٩٨٣، وشرع الاخوَان اللذان دُرّبا في والكيل في تعليم آخرين كيفية تشغيل وصيانة معدات الـ MEPS. وفي غضون وقت قصير، ابتدأ الانتاج. كما دُرّب جيدا عدة اعضاء في بيت ايل على كيفية استخدام هذا النظام في الترجمة، ادخال النصوص، الاخراج الفني، والتنضيد التصويري، بالاضافة الى كيفية تصليح اجهزة الكمپيوتر. ولكن ما جعل عملية التدريب معقّدة في الفيليپين هو عدد اللغات المستعملة. فمجلة برج المراقبة وحدها تُعدّ بسبع لغات، عدا الانكليزية. فكان نظام الـ MEPS ملائما جدا لهذه المهمة.
كان هنالك تحسّن ملحوظ في نوعية المطبوعات المنتَجة. وفي ما يتعلق بالذين يقومون بالطباعة، يقول احد العمال في المصنع، سيزار كاستيليانو: «معظم اخوتنا في بيت ايل مزارعون. والبعض لم تكن لديهم اية مهارات تقنية. من المذهل حقا ان نرى كيف يستخدم يهوه روحه ليساعد الاخوة على التمكن من القيام بأمور كثيرة، بما فيها عمل الطباعة». لقد تعلّم الاخوة هذه المهارات، ونال الناشرون في الحقل مطبوعات جذابة اكثر. ولكن ثمة فائدة اكثر اهمية — فائدة روحية — صارت ممكنة بواسطة هذا التقدم التقني في اساليب الطباعة.
طعام روحي متزامن
عندما كانت مطبوعات الفيليپين تُطبَع في بروكلين، كان ما يظهر في المجلات الانكليزية يستغرق ستة اشهر او اكثر ليُنشَر باللغات الفيليپينية. ومع ان المجلات كانت تُترجم محليا، فقد استغرق وقتا طويلا ارسالُ المخطوطات ونُسخ الطباعة للتصحيح وإعادتها وأخيرا شحن المجلات المطبوعة. وعندما صارت الطباعة تتم في الفيليپين في سبعينات الـ ١٩٠٠، جرى العمل بسرعة اكثر، لكنّ محتويات المجلات كانت لا تزال مؤخرة ستة اشهر عن الاعداد بالانكليزية. وفكّر العديد من الاخوة الفيليپينيين: ‹ألا يكون رائعا ان نحصل على الاعداد بلغاتنا المحلية في وقت متزامن مع الاعداد بالانكليزية؟›. وطوال سنوات، ظل هذا الامر حلما.
ولكن، مع إدخال نظام الـ MEPS وإجراءات الانتاج المعدّلة، ما كان في ما مضى حلما صار حقيقة. فقد أدركت الهيئة الحاكمة ان درس المواد نفسها في الوقت نفسه سيكون له تأثير قوي وموحِّد على كل شعب يهوه. وجرى العمل على ذلك، وفي كانون الثاني (يناير) ١٩٨٦، صارت برج المراقبة تصدر بشكل متزامن مع الانكليزية بأربع لغات محلية: ايلوكوِية، تڠالوڠية، سيبوانو، وهيليڠاينون. وسرعان ما تبعتها لغات اخرى. وكم كانت مفاجأة الاخوة كبيرة عندما حصلوا في محافل سنة ١٩٨٨ على كتاب الرؤيا — ذروتها العظمى قريبة! بثلاث لغات محلية في نفس وقت صدور الطبعة الانكليزية! كان الاخوة مبتهجين — ليس فقط لحيازتهم مطبوعات ذات نوعية ممتازة ليقدموها للاشخاص المهتمين، بل لتمكُّنهم من الاستفادة من برنامج الطعام الروحي ذاته في نفس الوقت الذي تستفيد فيه اغلبية اخوتهم حول العالم.
لقد حصلت هذه التحسينات في الطباعة اثناء اضطراب الاوضاع
في بعض انحاء البلد. وكانت المطبوعات تشدِّد على الحاجة المستمرة ان يجعل الجميع من يهوه حصنهم.مواجهات بين الجيش والمتمردين
خلال ثمانينات الـ ١٩٠٠، تكثَّفت نشاطات الفرق المتمردة في مناطق كثيرة من البلد. والبعض منها كانت له علاقة بالحركة الشيوعية. وصارت تحصل دائما مواجهات بين الجيش والقوى المخرِّبة. وغالبا ما امتحنت هذه النزاعات اتكال الاخوة على يهوه.
في احدى المناطق حيث توجد جماعة من ٦٢ ناشرا، استيقظ الاخوة ذات صباح ليجدوا ان المتمردين والجيش مصطفون للقتال.
كانت بيوت الاخوة واقعة في الوسط. فذهب احد الشيوخ الى القوى المتمردة، وذهب آخر الى الجيش. وطلبا منهم الّا يتقاتلوا هناك بسبب عدد المواطنين الذين سيتأذون. ولكن جرى تجاهل طلبهما. وإذ لم يتمكن الاخوة من الفرار، اجتمعوا في قاعة الملكوت. وصلّى احد الشيوخ صلاة طويلة بصوت عالٍ ليسمعها الجيش في الخارج. وعندما فتح الاخوة اعينهم، وجدوا ان الفريقين ذهبا الى مكان آخر؛ ولم تحصل اية معركة. وقد اقتنع هؤلاء الاخوة بأن يهوه حماهم.يخدم دييونيسيو كارپينتيرو كناظر جائل برفقة زوجته منذ اكثر من ١٦ سنة. ولا يزال يتذكر ما حدث في سنته الاولى من العمل الدائري، في مقاطعة نيڠروس الشرقية في الجزء الجنوبي من وسط الفيليپين. يروي: «زرنا جماعة لينانتويان. كنا مسرورين لأن يوم الاربعاء، انضم الينا في خدمة الحقل ٤٠ ناشرا. ولكننا لم ندرك ان قوات المتمردين كانوا يراقبون تحركاتنا. فقد كان مخبأهم قرب قاعة الملكوت. وذهب اربعة منهم الى مكان سكننا في الساعة الرابعة بعد الظهر ليستعلموا عنا. ففسّر لهم احد الشيوخ هناك انني ناظر دائرة وأزور جماعتهم كل ستة اشهر».
كما يبدو، لم يصدق الرجال ما فسّر لهم الاخ. واشتبهوا في ان يكون دييونيسيو عسكريا وطلبوا من الشيخ ان يأتي به اليهم لكي يقتلوه. اجاب الشيخ ان عليهم ان يقتلوه هو اولا. فغادروا.
يتابع دييونيسيو: «ظلت الكلاب تنبح طوال الليل، مشيرة الى وجود المتمردين. فصلّينا اربع مرات في تلك الليلة، طالبين من يهوه ان يرشدنا. ثم امطرت السماء بغزارة رغم اننا كنا في فصل الجفاف. فغادر الرجال الذين كانوا منتظرين وبنيّتهم قتلنا».
بعد الاجتماع يوم الاحد، اعلم دييونيسيو الشيوخ انه سيغادر مع زوجته وينتقلان الى الجماعة التالية. ولكن ليتمكّنا من ذلك، كان عليهما المرور بمخبإ المتمردين. يقول دييونيسيو: «كان احد الرجال ينظر من النافذة. حتى اننا قلنا له اننا مغادران. ولكن عند الساعة الثامنة مساء، ذهب المتمردون الى قاعة الملكوت وسألوا عنا. فأخبرهم الشيخ اننا غادرنا ومررنا بمخبإهم. ولكن ما يثير الدهشة هو انهم لم يرونا. لقد علّمنا هذا الاختبار ان نثق بيهوه وأن نكون شجعانا في وجه الصعوبات». ولا يزال الاخ دييونيسيو مع زوجته يتابعان خدمتهما بفرح.
ان مثل هذه النزاعات تصعّب عمل الشهادة احيانا. وكون المرء في اماكن كهذه في الوقت غير المناسب قد يعني بقاءه في منطقة
تبادل النيران. ولكن في بعض الحالات، كان احد الاحزاب يخبر الاخوة عن وقوع اشتباكات وشيكة. وعندما يحدث ذلك، كان الاخوة يختارون مكانا آمنا اكثر يشهدون فيه الى ان ينتهي القتال. رغم ذلك، يستمر عمل الشهادة بالملكوت، وقد تعلّم الاخوة ان يتكلوا على يهوه.امتحانات الحياد
قال يسوع عن اتباعه: «ليسوا جزءا من العالم، كما اني انا لست جزءا من العالم». (يوحنا ١٧:١٤) وكما في بلدان اخرى، لم يشترك شهود يهوه في الفيليپين في سياسات العالم ونزاعاته العسكرية. فهم لم ‹يأخذوا السيف›، بل تركوا اسلحتهم واتّبعوا طرق السلام التي يعلّمها يهوه. (متى ٢٦:٥٢؛ اشعياء ٢:٤) وهذا الموقف الحيادي معروف جيدا في كل الفيليپين، والناس من كل الاطراف يعرفون ان شهود يهوه لا يشكّلون خطرا عليهم. ولكن مرّت اوقات حين كان على خدام يهوه ان يُظهروا بوضوح موقفهم من الامور. وكان ذلك حماية لهم.
كناظر جائل، اختبر ويلفريدو أريليانو امورا كثيرة وهو يخدم في شتى المقاطعات التي كان بعضها هادئا والبعض الآخر لم يخلُ من الاضطرابات. في سنة ١٩٨٨، زار جماعة في الجزء الجنوبي من وسط الفيليپين. وكان الاشخاص الذين يثيرون الفتنة هناك يضغطون على الاخوة لينضموا اليهم في التمرد على الحكومة. لكنَّ الاخوة رفضوا بثبات.
يروي ويلفريدو ما حدث: «خلال زيارتي، كان الجيش ناشطا في مقاطعة الجماعة. لقد ارادوا تنظيم السكان في ميليشيا لمحاربة مثيري الفتنة. وفي اجتماع مع ممثّلي الحكومة، أُعطي الاخوة فرصة لشرح سبب عدم انضمامهم الى مثيري الفتنة او الى ميليشيا
الحكومة. وفي حين عارض بعض السكان المحليين موقفنا، احترمنا الناطقون بلسان الحكومة».يخبر ويلفريدو ما حدث لاحقا: «لدى عودة احد الاخوة بعد الاجتماع الى مزرعته صادف فريقا من الرجال المدججين بالسلاح ومعهم سجينان معصوبا العينين. سألوه هل حضر الاجتماع الذي عقدته الحكومة، فأجاب بصدق انه حضره. اراد المسلّحون ان يعرفوا اذا انضم الى الميليشيا، فأخبرهم انه لم يفعل ذلك، وشرح لهم موقفه الحيادي. فسُمح له ان يذهب الى بيته. وبعد بضع دقائق، سمع طلقتين ناريتين وعرف ان السجينَين قد أُعدما».
في سبعينات وأوائل ثمانينات الـ ١٩٠٠، صار إلزاميا وفق القانون في الفيليپين ان ينتخب كل المواطنين. وكان المخالفون يُسجنون. وقد اعطى ذلك شعب يهوه الفرصة ان يبرهنوا ولاءهم للّٰه. ومثل اخوتهم المسيحيين حول العالم، حافظ خدام يهوه في الفيليپين على موقفهم الحيادي في السياسة، ولم يكونوا «جزءا من العالم». — يوحنا ١٧:١٦.
بعد تغيير في الحكومة في سنة ١٩٨٦، عُدّل دستور البلد وأُلغي مطلب الانتخاب. وقد سهّل ذلك الامور على الاخوة. ولكن كانت هنالك امتحانات اخرى واجهها كثيرون، وخصوصا تلاميذ المدارس.
‹عدم تعلّم الحرب في ما بعد›
نشأت أيرين ڠارسيا في مقاطعة پامپانڠا الواقعة في وسط جزيرة لوزون. وقد واجهت مشكلة لا تزال تشكّل امتحانا لأحداث كثيرين. ففي المدرسة الثانوية، التدريب العسكري هو إلزامي. ولكنّ التلاميذ الذين هم من شهود يهوه يقررون شخصيا انهم لا يستطيعون الاشتراك في برنامج يعلّم اساليب الحرب. في بادئ الامر، صلّت أيرين ليهوه طلبا لمساعدته. ثم، اذ فكّرت في الاحداث العبرانيين الامناء دانيال، الاصحاح ٣) رغم انه لم يفهم كاملا موقفها، عبّر عن تقديره للتفسير الذي قدّمته. الا انه حذّرها انها ستنال علامة منخفضة نتيجة عدم اشتراكها. اجابت أيرين: «لا بأس. سأبذل قصارى جهدي في المواد الاخرى». وأُعطيت أيرين تعيينا آخر تقوم به بدل التدريب العسكري. قالت: «كانت النتيجة ان اولادا آخرين من الشهود لم يعانوا اية مشكلة عندما طلبوا ان يُعفوا من التدريب العسكري، وأنا تخرجت وكنت من بين التلاميذ العشرة الاوائل».
الثلاثة في زمن دانيال، ذهبت شخصيا الى المدرِّب وطلبت ان تُعفى من التدريب. (لم يسمح جميع المدرِّبين بالإعفاء. وقد صعّب بعض المدرِّبين تخرّج التلاميذ. ومع ذلك، تعلّم آلاف الاحداث درسا مهمّا نتيجة الالتصاق بمبادئ يهوه: ان اتخاذ موقف ثابت الى جانب ملكوت يهوه والمحافظة على الحياد في شؤون هذا العالم يجلبان حماية يهوه وبركته. — امثال ٢٩:٢٥.
عدد المحافل يزداد
الآن دعونا نلقي نظرة على التجمعات الروحية لشعب يهوه. انها دائما مناسبات مفرحة. وبما ان الشهود كانوا قليلين في البلد قبل الحرب العالمية الثانية، فلم تكن هنالك تجمعات كبيرة حتى فترة ما بعد الحرب. ومع ذلك، فقد بُذلت الجهود لتشجيع الاخوة بعقد المحافل. وفي الواقع، ذُكر في الكتاب السنوي لسنة ١٩٤١ انه عُقد محفل في مانيلا في آذار (مارس) ١٩٤٠.
تتذكرون ان اليابانيين سجنوا جوزيف دوس سانتوس. ثم اطلقت سراحه القوات الاميركية في اوائل سنة ١٩٤٥. لقد كان هذا الاخ مهتما جدا بالخير الروحي للاخوة، الذين كانوا بمعظمهم جددا في الهيئة. فصُنعت الترتيبات لمساعدتهم على تعلّم طرق لتعليم الآخرين
حقائق الاسفار المقدسة بفعالية بواسطة دروس بيتية في الكتاب المقدس. وكان المحفل الذي عُقد على صعيد البلد في لينڠايان، پانڠاسينان، نحو نهاية سنة ١٩٤٥ احدى الطرائق لفعل ذلك. حضر المحفل حوالي ٠٠٠,٤ شخص، وكان ذلك اشارة الى وجود اهتمام كبير في ذلك الوقت. كم كانت مناسبة مفرحة، الآن وقد انتهت الحرب!من ذلك الوقت فصاعدا، ازداد عدد الحضور في المحافل بازدياد عدد الناشرين. بعد حوالي ١٧ سنة، الـ ٠٠٠,٤ صاروا ٦٥٢,٣٩. بعد ذلك، لم تعد تُعقد المحافل في مكان واحد فقط، بل في سبعة مواقع. وبعد ١٥ سنة (١٩٧٧)، فاق عدد الحضور في المحفل الكوري ٠٠٠,١٠٠ شخص. في ذلك الوقت، عُقد ٢٠ محفلا في كل انحاء البلد. وبعد ثماني سنوات، تخطى عدد الحضور ٠٠٠,٢٠٠ شخص، وفي سنة ١٩٩٧ كان عدد الذين حضروا المحافل الكورية اكثر من ٠٠٠,٣٠٠. وفي سنة ٢٠٠٢، كان ممكنا التخطيط لعقد ٦٣ محفلا، اكبر عدد على الاطلاق. فالسفر والتنقل بين الجزر يمكن ان يكون صعبا وأحيانا مكلفا. لذلك، بعقد المحافل في عدة مواقع، تصير المحافل قريبة من الاخوة ويسهل عليهم حضورها. ونتيجة لذلك، يستفيد عدد اكبر من الناس من هذه الولائم الروحية.
يهوه يبارك الجهود التي تُبذل لحضور المحافل
لم يكن سهلا حضور المحافل. في سنة ١٩٤٧، في الجزء الشمالي من البلد، ركب الاخوة طوفَين متّبعين مجرى نهر آبرا
للوصول الى مدينة ڤيڠان الواقعة على الساحل لحضور المحفل هناك. عند مصب النهر، فكّوا رُبط الطوفَين وباعوا الاخشاب لشراء تذاكر الباص الذي سيُرجعهم بعد المحفل الى بيوتهم في الجبال. لقد جلبوا معهم اكياسا كبيرة من الارزّ، حزم حطب، وحُصُرا للنوم. كان برفقتهم عدة اولاد. وقد عَلَت وجوههم ابتسامات عريضة كانت تزداد اشراقا مع تقدم سير المحفل. وبوجود الارزّ، النار، وحُصُر النوم، سُدَّت كل حاجاتهم المادية.في سنة ١٩٨٣، سار فريق من جماعة كابوران في مقاطعة داڤاو دِل سُور في جنوبي الفيليپين ثلاثة ايام عبر منطقة جبلية للوصول الى المحطة حيث توجد زوارق ذات محركات. ثم ركبوا زورقا يوما كاملا للوصول الى مدينة المحفل. لقد شعروا ان المعاشرة المفرحة في محفل «وحدة الملكوت» الكوري كانت تستحق ما بُذل من جهد ومال.
في سنة ١٩٨٩، سارت عائلة لديها ولدان بعمر سنتَين وأربع سنوات حوالي ٧٠ كيلومترا من مدينة إل نيدو في پالاوان لحضور محفل دائري. سارا يومَين عبر دغل لا توجد فيه سوى بضعة دروب واضحة المعالم. وفيما هم سائرون، كان عليهم انتزاع العَلَق عن اجسادهم. والاسوأ هو انها كانت تمطر باستمرار طوال اليومين. فتشكّلت عدة جداول وأنهار وجب اجتيازها، ولكن لم يكن هنالك اية جسور. على الرغم من هذه الصعوبات، وصلت العائلة سالمة. وكم تمتعوا بمعاشرتهم الاخوة هناك!
في مناطق اخرى، كان حضور المحافل صعبا على العائلات بسبب الموارد المالية المحدودة. وقد واجه رامون رودريڠس هذه المشكلة في سنة ١٩٨٤. يعيش هذا الاخ مع عائلته على جزيرة پولييو، التي تقع مقابل الساحل الشرقي لجزيرة لوزون. رامون هو
صياد سمك. وبعد اسبوع واحد كان المحفل سيبدأ، لكنّ عائلته المؤلفة من سبعة اشخاص امتلكت مالا يكفي ليحضر المحفل شخص واحد فقط. فصلّوا ليهوه بشأن المسألة، ثم ذهب رامون مع ابنه البالغ من العمر ١٢ سنة للصيد. جدّفا زورقهما حتى وسط البحر وألقيا الشباك ولكن دون نتيجة. بعد فترة قصيرة، اصرّ الابن ان يعودا الى مكان قريب من منزلهما ويحاولا هناك. ثم ألقيا الشباك مرة اخرى. يقول رامون: «لم نكن نتوقع ذلك، ولكن عندما سحبنا الشباك مليئة بالسمك، كان الصيد وافرا جدا بحيث امتلأ الزورق». لقد اصطادا اكثر من ٥٠٠ كيلوڠرام من السمك! وببيع السمك، امتلكت عائلة رودريڠس فائضا من المال لكي تحضر كامل العائلة المحفل.في الليلة التالية، ألقى اخوة آخرون يريدون حضور المحفل شباكهم في الموقع نفسه واصطادوا ١٠٠ كيلوڠرام من السمك. يضيف رامون: «الصيادون غير الشهود الذين ذهبوا وألقوا شباكهم في الوقت نفسه فوجئوا لأنهم لم يصطادوا اية سمكة. فعلّقوا: ‹الههم باركهم لأنهم ذاهبون لحضور المحفل›». مرارا وتكرارا، تعلّمت عائلات الشهود الفيليپينيين ان وضع الامور الروحية اولا في حياتهم وعمل المرء بانسجام مع صلاته يجلبان الفرح وبركة يهوه.
محافل بارزة
حول العالم، يتذكر شعب يهوه بإعزاز المحافل الماضية. والاخوة في الفيليپين ليسوا استثناء. ورغم ان كل برامج المحافل تُقدَّر كثيرا، يتّخذ بعضها معنى خصوصيا ويترك اثرا اعمق في القلب والعقل. قد تكون هذه تجمعات اممية، او ربما محافل عاد فيها المرسَلون الى موطنهم ورووا اختباراتهم.
كما ذُكر آنفا، يوجد عدة اخوة وأخوات فيليپينيين يخدمون
كمرسَلين في بلدان آسيوية اخرى وجزر البحار. وفي عدة مناسبات، تبرّع الشهود حول العالم بالمال لمساعدة المرسَلين على زيارة موطنهم وحضور المحافل هناك. وقد استفاد المرسَلون الفيليپينيون ايضا من هذا الترتيب الحبي. ففي السنوات ١٩٨٣، ١٩٨٨، ١٩٩٣، و ١٩٩٨ جرت مساعدة كثيرين على العودة الى الفيليپين ليتمتعوا بالمحافل مع عائلاتهم وأصدقائهم. وتظهر التقارير في سنة ١٩٨٨ ان ٥٤ مرسَلا يخدمون في ١٢ بلدا عادوا ليحضروا المحافل في الفيليپين. في ذلك الوقت، كان معدل السنين التي قضاها هؤلاء الـ ٥٤ في الخدمة كامل الوقت ٢٤ سنة. وقد تمتع الجميع كثيرا بالتعابير والاختبارات التي رووها في البرنامج.آخرون يتذكرون محافل معينة بسبب الاحداث المقترنة بها وتصميم الاخوة على المثابرة رغم العقبات. على سبيل المثال، تماما قبل المحفل الكوري «السلام الالهي» في سنة ١٩٨٦ في سوريڠاو في مِنْداناوو، ضرب المدينة اعصار مداري وكانت سرعة الرياح ١٥٠
كيلومترا في الساعة. تضرر كثيرا سقف المدرَّج. وانقطع التيار الكهربائي عن المدينة ولم يعُد إلا بعد المحفل. كما وجب جلب الماء عن بُعد ٦ كيلومترات. ولكنّ ذلك لم يثنِ الشهود عن التجمع معا. فقد احضر الاخوة ما تبقى من المنصة وأقاموه في قاعة للرياضة قرب المدرَّج. واستأجروا مولّدا كهربائيا لإشعال عدة اضواء، تشغيل جهاز الصوت، وبرّاد للكفيتيريا. وعلى الرغم من انه جرى توقع حضور ٠٠٠,٥ شخص، فقد بلغت ذروة الحضور الذين تمتعوا بالمحفل ٩٣٢,٩ شخصا! فبالتأكيد لم يكن ولاء هؤلاء المسيحيين يعتمد على الظروف المؤاتية.كانت المحافل الاممية بشكل خاص مناسبات لا تُنسى. فقد رتّبت الهيئة الحاكمة ان تُعقد محافل اممية في مانيلا في سنتَي ١٩٩١ و ١٩٩٣. وقد ترك المندوبون انطباعا جيدا في المدينة. ويا لَتبادل التشجيع الرائع الذي اختبره الاخوة والاخوات الفيليپينيون، الذين لا يملكون بمعظمهم الموارد المالية ليسافروا ويزوروا بلدانا اخرى! (روما ١:١٢) وقد تأثر المندوبون الاجانب بالضيافة المخلصة والودية التي اظهرها لهم اخوتهم الفيليپينيون. كتب زوجان من الولايات المتحدة: «نعبّر لكم عن شكرنا الخصوصي لاستقبالكم الحار. لقد استقبلتمونا جميعا بحرارة ومحبة شديدة!».
في سنة ١٩٩٣، استُخدمت مدرّجات في ثلاثة مواقع في مانيلا، وحينما كان عضو من الهيئة الحاكمة يلقي خطابا، كانت الاماكن الثلاثة تُوصل بالهاتف. وكم سُرّ المندوبون عندما صدرت الاسفار اليونانية المسيحية — ترجمة العالم الجديد باللغة التڠالوڠية! قالت اخت شابة: «فرحت جدا. كنت انتظر الوقت حين نحصل على ترجمة العالم الجديد بالتڠالوڠية. وكم كانت مفاجأة لنا ان نحصل عليها!».
في سنة ١٩٩٨، قُلبت الادوار. فلأول مرة منذ سنة ١٩٥٨، دُعيت الفيليپين الى إرسال مندوبين الى بلدان اخرى. وهكذا ذهب ١٠٧ مندوبين الى الساحل الغربي للولايات المتحدة لحضور محفل هناك. وفي ايلول (سبتمبر)، حظي ٣٥ آخرون بامتياز حضور محفل اممي في كوريا. لقد لعبت حقا هذه المحافل دورا مهما في تثقيف وتوحيد شعب يهوه وفي مساعدة الجميع على جعل يهوه حصنهم.
والآن دعونا نلتفت الى العمل في الحقل. كيف تحقق ذلك في بلد تكثر فيه اللغات؟
تقديم البشارة بعدة لغات
كما ذُكر سابقا، يسهل عادة على الناس ان يتعلموا الحق بلغتهم الام. ويشكّل ذلك تحديا في الفيليپين بسبب كثرة اللغات المحكية. ومع ذلك، سعى شهود يهوه لسدّ حاجات الشعب بالشهادة لهم بلغتهم وبتقديم مطبوعات الكتاب المقدس بشتى اللغات.
عادة، تُعطى الشهادة لفريق لغوي من قِبل الذين يتكلمون لغتهم. ولكن هنالك بعض اللغات التي لا يعرفها سوى بعض الشهود، لذلك حاول الناشرون والفاتحون الغيورون تعلّمها. وبهذه الطريقة، تمثّلوا بالرسول بولس الذي صار «لشتى الناس كل شيء». —على الرغم من ان الفيليپين هي رابع بلد مكتظ في العالم يتّخذ الانكليزية لغة رسمية له، فإنها ليست اللغة الام لمعظم السكان. ولا يقرأ الجميع الانكليزية جيدا، لذلك توجد حاجة الى مطبوعات بشتى اللغات في الفيليپين. وعلى مر السنين، ترجم شهود يهوه مطبوعات الكتاب المقدس بـ ١٧ لغة على الاقل من هذه اللغات. وقد تُرجمت كراسة او اثنتان فقط ببعض هذه اللغات — مثل التاووسوڠ، لغة يحكيها المسلمون في الجنوب، او الإيباناڠ التي يحكيها فريق عرقي صغير بالقرب من اقصى شمال البلد. وفي الغالب، يفهم الناس احدى اللغات الرئيسية السبع. وقد تُرجمت برج المراقبة وطُبعت بهذه اللغات. وبالتالي، فإن البرامج الروحية في قاعات الملكوت وفي المحافل تُقدَّم بشكل رئيسي بهذه اللغات.
في السنوات الاخيرة، شجعت الحكومة استعمال اللغة الفيليپينية، التي هي جوهريا مثل اللغة التڠالوڠية. وعلى مدى جيل واحد، بانت النتائج. فازداد بشكل كبير استعمال اللغة الفيليپينية نطقا وكتابة، في حين ان استعمال اللغات الاخرى لم يتغير او شهد انخفاضا. وقد انعكس ذلك في اعداد المجلات المطبوعة من برج المراقبة. ففي سنة ١٩٨٠، كان مجموع توزيع العدد الواحد بالتڠالوڠية ٦٦٧,٢٩. اما في سنة ٢٠٠٠، فتضاعف هذا الرقم اربع مرات وبلغ ١٠٠,١٢٥ للعدد الواحد. وخلال الفترة نفسها، لم يكن هنالك تغيير يُذكَر بالانكليزية وكانت هنالك زيادة بسيطة باللغات الفيليپينية الاخرى.
عائلة بيت ايل تدعم العمل في الحقل
يوجد حوالي ٣٧٧ خادما كامل الوقت في مكتب فرع شهود يهوه في مدينة كايزون، جزء من مدينة متعددة الاجزاء تُدعى مانيلا المتروپوليتية. يعمل ٦٩ منهم في ترجمة المطبوعات باللغات المحلية وتصحيح نُسخ الطباعة. وقد أنهى مؤخرا قسم من هذا الفريق ترجمة الاسفار العبرانية لترجمة العالم الجديد بثلاث لغات: الايلوكوِية، التڠالوڠية، وسيبوانو. ومنذ صدرت الاسفار اليونانية في سنة ١٩٩٣، تطلع الاخوة بشوق الى الحصول على ترجمة العالم الجديد الكاملة. فكم ابتهجوا عندما صدرت الطبعة التڠالوڠية في المحفل الكوري في نهاية سنة ٢٠٠٠! وتبعتها بعد وقت قصير الطبعتان بالسيبوانو والايلوكوِية. والآن، بإمكان مئات آلاف الاشخاص في الحقل ان يستفيدوا من ترجمة الاسفار المقدسة هذه الواضحة، الدقيقة، والثابتة في نقل الكلمات.
يأتي اعضاء عائلة بيت ايل في الفيليپين من شتى الخلفيات ويتكلمون ٢٨ لغة ولهجة. وبالتالي، فإن كثيرين مؤهلون لترجمة
المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس. الا ان الترجمة هي جزء من العمل الذي يتم في بيت ايل.فالمتطوعون في بيت ايل ينجزون مختلف الاعمال التي تدعم عمل الكرازة الكلي الاهمية في الحقل. فبعض الاخوة يطبعون المجلات والمطبوعات الاخرى. وآخرون يرسلونها الى عدة مواقع في لوزون. والعديدون يقومون بأعمال داعمة في بيت ايل نفسه، مثل صيانة المعدات، الطبخ، والتنظيف. وآخرون معيّنون في دائرة الخدمة، حيث يتلقون ويرسلون رسائل بعدة لغات لمساعدة الجماعات، النظار الجائلين، والخدام كامل الوقت في الحقل. فيمكنك تخيل كمية الرسائل من وإلى ٥٠٠,٣ جماعة تقريبا في كل انحاء الارخبيل!
من حين تأسس مكتب الفرع في سنة ١٩٣٤ حتى اواسط سبعينات الـ ١٩٠٠، كانت النشاطات في الفرع تتم تحت اشراف خادم او ناظر الفرع. بعد ان عاد جوزيف دوس سانتوس الى هاواي، تسلّم إيرل ستيووارت، وهو مرسَل من كندا، هذه المسؤولية طيلة ١٣ سنة تقريبا. وبعد ذلك تولّى هذه المسؤولية اخَوان
آخران فترات قصيرة. ثم في سنة ١٩٦٦، عُيّن ناظر الفرع دِنْتون هوپكنسون، الذي وصل في سنة ١٩٥٤. خدم بجدّ حوالي عشر سنوات الى ان رأت هيئة يهوه انه من الملائم ادخال ترتيب جديد للاشراف على الفروع حول العالم.في شباط (فبراير) ١٩٧٦، انسجاما مع الارشاد المعطى للفروع حول العالم، انتقل الاشراف من رجل واحد الى لجنة فرع. وكانت ستُلقى على هذا الفريق المؤلف من اخوة اكفاء يعملون تحت ارشاد الهيئة الحاكمة مسؤولية القرارات التي تؤثر في العمل في الحقل، وفي مكتب الفرع. في البداية، تألفت لجنة الفرع في الفيليپين من خمسة اعضاء. ولاحقا، بما ان معظم اعضاء اللجنة كانوا مرسَلين اجانب، تبين انه من الحكمة زيادة عدد الاخوة الفيليپينيين. لذلك صارت اللجنة مؤلفة فترة من الوقت من سبعة اعضاء.
وسرعان ما تبينت فوائد ذلك الترتيب المتعلق بلجنة الفرع. يذكر دِنْتون هوپكنسون، الذي يخدم الآن كمنسق لجنة الفرع: «اذ ننظر الى الوراء، بإمكاننا ان نرى كم كان ذلك الانتقال حكيما وفي حينه. فبالنسبة الى كمية العمل وحجم الهيئة، لا يستطيع شخص واحد ان يشرف على كل الامور. والآن يتوزّع حمل المسؤولية بطريقة متوازنة اكثر».
تقول الامثال ١٥:٢٢: ‹بكثرة المشيرين تقوم المقاصد›. فاستشارة الآخرين تؤول الى الاستفادة من مخزون قيّم من الحكمة. ولجنة الفرع في الفيليپين تطبق هذا المبدأ. ومنذ عُيّن الاخ هوپكنسون ناظرا للفرع، ازداد عدد العاملين في بيت ايل عشر مرات، وكذلك ازدهر العمل. وحاليا، تتألف لجنة الفرع من خمسة خدام ليهوه يخدمون منذ فترة طويلة. وقد قضى كل واحد منهم، كمعدل، اكثر من ٥٠ سنة في الخدمة كامل الوقت. وخبرتهم المجتمعة كانت دون شك مساعِدة اذ ان العمل في كل الجزر تقدم بعزم تحت اشراف يهوه. ولجنة الفرع والجميع في عائلة بيت ايل يعتبرون دعم عمله امتيازا عظيما.
إيصال الحق الى «شتى الناس»
ان القيام بعمل الكرازة يتمّ بانسجام مع مشيئة اللّٰه ان «يخلص شتى الناس ويبلغوا الى معرفة الحق معرفة دقيقة». (١ تيموثاوس ٢:٤) فأي ‹اناس› ساعدهم المبشرون الغيورون في كل انحاء الفيليپين؟
اعتاد مارلون الوقوع في المشاكل. وعُرف عنه في قريته انه كثير الرذائل: التدخين، السكر، تعاطي المخدِّرات، ومعاشراته رديئة. عندما اتى الشهود، اهتمت ام مارلون برسالة الملكوت. وكان الفاتحون يسيرون في طرقات مغبّرة ووَحِلة للدرس معها. في بادئ الامر، لم يُبدِ مارلون اي اهتمام بالمشاركة في الدرس، وأحيانا كان
يمرّ فقط بالمكان حيث يُعقد الدرس. فأظهر الاخوة الذين يعقدون الدرس مع امه اهتماما به. وبمرور الوقت، بدأ يدرس وقصّ شعره الطويل الذي يصل الى خصره ليحضر اجتماعه الاول في قاعة الملكوت. كان تقدّمه سريعا، ودُهش الناس من التغييرات الجذرية التي صنعها في طريقة حياته. واليوم، مارلون هو فاتح كامل الوقت، ويوصل الحق الى الآخرين. فما الذي دفعه الى قبول الحق؟ اشار الى ان مثابرة الفاتحين في المجيء للدرس مع امه هي التي اقنعته بأنهم يملكون الحق.قد لا يبدو البعض اشخاصا يميلون الى قبول الحق. الا ان المنادين بالبشارة لا يظهرون تحاملا تجاه الناس، بل يمنحونهم فرصة للسماع. في جزيرة مارندوكي الصغيرة، قدّمت احدى الفاتحات الخصوصيات الشهادة عند احد البيوت. وعندما انتهت، سألت هل يعيش احد آخر هناك. اجاب صاحب البيت انه يوجد شخص يعيش في الطابق العلوي، ولكنه اضاف: «لا تزعجي نفسك وتصعدي؛ انه شخص عنيف ويغضب بسهولة». الا ان الفاتحة شعرت ان الرجل يجب ان يُعطى الفرصة لسماع رسالة الملكوت. لدى صعودها، وجدت الفاتحة كما لو ان الرجل كان ينتظرها. بابتسامة، عرضت درسا بيتيا مجانيا في الكتاب المقدس. وفوجئت ان الرجل، كارلوس، بدا سعيدا بالعرض. فابتدئ بدرس في الكتاب المقدس معه ومع زوجته.
عندما زارتهما الفاتحة ثانية، اخبرها كارلوس انه يعاني هو وزوجته مشاكل خطيرة، حتى انهما حاولا الانتحار. وعندما طرقت الفاتحة الباب في الاسفل، تنصت كارلوس ليسمع، وسمع صاحب البيت يثني الفاتحة عن الصعود الى الطابق العلوي. عندما سمع ذلك، صلّى ان تتجاهل الفاتحة النصيحة وتصعد لأنها قد تكون الجواب لطلبهما
سلام العقل. وقد جلب لهما فعلا درس الكتاب المقدس سلام العقل. واعتمد الاثنان معا، وزوجة كارلوس هي الآن فاتحة قانونية.ثمة رجل آخر، يُدعى ڤيكتور، اطّلع على التعاليم البوذية والكاثوليكية. وبدأ يتساءل عن سبب وجود اديان كثيرة في العالم. فأخذ يبحث شخصيا عن الحق. وبعد فحص الاسلام، الهندوسية، الشنتوية، الكونفوشيوسية، نظرية التطور، وفلسفات اخرى، وجد انه لم يقتنع بأي منها. ووجد في بحثه ان الكتاب المقدس وحده يحتوي على نبوات دقيقة. فركّز بحثه على الكتاب المقدس. ومن خلال فحص الاسفار المقدسة، استنتج هو وصديقته ماريبل ان الثالوث، نار الهاوية، والمطهر هي تعاليم باطلة. ومع ذلك، كان لا يزال هنالك شيء ناقص.
بعد فترة من زواج ڤيكتور بماريبل، تحدث الى احد الشهود وعلم انه من الضروري استعمال اسم اللّٰه. وبعد التأكد من ذلك في كتابه المقدس، بدأ ڤيكتور فورا يستعمل اسم يهوه في صلواته. وسرعان ما بدأ يحضر الاجتماعات في قاعة الملكوت وأحرز تقدما روحيا سريعا. اعتمد ڤيكتور وماريبل في ايار (مايو) ١٩٨٩، ويخدم ڤيكتور الآن كناظر جائل ويشجّع الجماعات.
لقد ساعد الفاتحون الناس في شتى الظروف. بدأت پريميتيڤا لاكاسانديلي، فاتحة خصوصية في جنوبي لوزون، بدرس في الكتاب المقدس مع زوجين في احدى القرى. كان لهذين الزوجين ولدان وكانا فقيرين. ذات مرة، وصلت پريميتيڤا لعقد الدرس في الكتاب المقدس، وفوجئت لرؤية الولد الكبير موضوعا في كيس ومعلّقا في البيت وهو يصرخ. تقول پريميتيڤا: «كانت الام تحمل سكينا وعلى وشك ان تقتل الولد. اوقفتها وسألتها لماذا تفعل ذلك. كان السبب
كما شرحت الام الضيقة المالية». فأعطتهما پريميتيڤا مشورة من الكتاب المقدس تتعلق بمشكلتهما، وأدى ذلك الى انقاذ حياة الولد. تابعت العائلة درسها في الكتاب المقدس وبدأوا بحضور الاجتماعات، رغم انه كان عليهم ان يسيروا ثمانية كيلومترات ليصلوا الى مكان الاجتماع. احرز الزوجان تقدما واعتمدا، والآن الزوج هو شيخ في الجماعة. تقول پريميتيڤا: «الولد الذي كاد يُقتَل هو الآن فاتح قانوني. حقا، ان العمل الذي اعطاه يهوه لخدامه ينقذ الحياة الآن وفي المستقبل».الخدمة حيث الحاجة اعظم
لا تزال هنالك عدة مناطق حيث المنادون بالملكوت قليلون. فتطوع الفاتحون والناشرون للذهاب الى هناك. كان پاسكوال وماريّا تاتُوي يخدمان كفاتحَين قانونيَّين. فتطوّعا ان يذهبا مع آنڠيليتو بالبوآ، وهو فاتح خصوصي، للمساعدة في الكرازة في مقاطعة جزر كورون غربي الفيليپين. ولإعالة انفسهما، ذهب پاسكوال للصيد مع اخ آخر وصنعت ماريّا وجبات خفيفة من الارزّ اللزج لبيعها.
عندما زارهم ناظر الدائرة، اشار الى وجود حاجة الى الكرازة في جزيرة اخرى، جزيرة كوليون. وفي هذه الجزيرة مَحجَر للمصابين بالجُذام، ولا يوجد سوى اربعة ناشرين. فدعا الزوجَين تاتُوي الى الذهاب الى هناك. قبِل پاسكوال وماريّا ان يذهبا، وبارك يهوه جهودهما. والناشرون الاربعة اصبحوا الآن جماعتين.
في اواسط سبعينات الـ ١٩٠٠، هربت اعداد كبيرة من الناس من ڤيتنام في مراكب. ووصل كثيرون منهم الى الفيليپين. وطوال حوالي ٢٠ سنة، وُجدت مخيَّمات للاجئين. وكان احدها في جزيرة
پالاوان. فتطوع بعض الاخوة الفيليپينيين لإيصال الحق الى اولئك الناس. كما اتى احد الاخوة الذين يتكلمون الڤيتنامية من الولايات المتحدة للمساعدة. فقبِل البعض الحق في المخيَّم. وغيرهم ممّن تعرّفوا الى اسم يهوه وإلى شهوده انتقلوا الى مكان آخر.يخدم الفاتحون الخصوصيون في عدة مناطق نائية من الفيليپين. وغالبا ما يأخذون معهم ناشرين وفاتحين آخرين عندما يخدمون في مناطق بعيدة. تُخبر نورما بالماسيدا عن الخدمة في مقاطعة إيفوڠاو الجبلية. تقول: «عادة نذهب يوم الاثنين، ونأخذ معنا حقائب الكرازة المليئة بالمطبوعات، الثياب، والطعام — ما يكفي حتى صباح يوم السبت. وبعد ظهر يوم السبت، نعود من اجل اجتماعات الجماعة».
وترتب بعض الجماعات لحملات كرازية، وخصوصا عندما يكون الطقس جيدا. وقد يقضون عدة ايام او اسبوعا ذاهبين الى المقاطعات في المناطق الريفية. يتذكر نيكانور إڤانڠهيليستا، الذي يخدم الآن في بيت ايل، عندما كان في الحقل ويخدم في تلك المقاطعات: «في المناطق الريفية، تقضي العادة في الفيليپين انه اذا كان الاشخاص مهتمين، يقولون: ‹بإمكانك النوم هنا عندنا. وتستطيع ان تطبخ هنا›. وأحيانا كان الفاتحون يدرسون الكتاب المقدس مع الاشخاص المهتمين في وقت متأخر من الليل لأنهم نائمون عندهم في البيت».
شعب الأيتا يتعلمون الحق
يبذل خدام يهوه جهودا للشهادة لشتى الناس، وقد وصلوا الى شعب الأيتا، او الاقزام الزنوج، كما يُدعون ايضا. يُعتبر شعب الأيتا سكانَ الفيليپين الاصليين. عددهم قليل، والوصول اليهم ليس دائما سهلا. لأن كثيرين منهم يعيشون كالبدو في الغابات الجبلية، يصطادون الحيوانات او يأكلون الثمار والخضر البرية. هنالك بعض التشابه بين شعب الأيتا وأقزام افريقيا: لا يتعدى طولهم ١٥٠ سنتيمترا، بشرتهم دكناء، وشعرهم متجعد. وقد اندمج بعضهم في المجتمع، وآخرون بنوا بيوتا قرب المناطق المأهولة. كثيرون منهم كانوا يعيشون في الجبال قرب جبل پيناتوبو، ولكنهم تشتتوا عندما حدث الثوران الكبير هناك.
ثمة فريق آخر من الاقزام الزنوج يعيشون في جزيرة پاناي في وسط الفيليپين. لوديبيكو إينو وعائلته هم من شعب الأيتا من تلك المنطقة. وقد صنع تطبيق مبادئ الكتاب المقدس تغييرات كثيرة في حياة لوديبيكو. يروي: «كانت لديّ سابقا عدة رذائل: كنت امضغ يوحنا ٨:٣٢.
جوزة الفوفل، ادخن، اسكر، وأقامر. كنت ايضا عنيفا جدا، وحياتنا العائلية تعيسة. ولو لم اترك تلك الرذائل، لكنت خسرت حياتي. لقد صار الآن جسدي نظيفا. وابيضت اسناني، التي كانت ضاربة الى الحمرة. انني شيخ في الجماعة. وقد نلت كل هذه البركات من يهوه اللّٰه». مثل هذه العائلة التي من شعب الأيتا، يختبر الناس حتى من القبائل الصغيرة الحرية التي تأتي من اتّباع طريق يهوه. —جلب الحرية للمسجونين
كان الموجودون في السجن بين الاشخاص الذين جرت مساعدتهم. فمنذ خمسينات الـ ١٩٠٠، بذل شهود يهوه جهدا خصوصيا لزيارة الذين وراء القضبان الحديدية. وجرت مساعدة عدد لا بأس به على قبول طريق الحق.
كحدث، تورط سوفرونيو هاينكادتو في التمرد على الحكومة. فأُوقف وحُكم عليه بالسجن ست سنوات. وفيما كان في سجن بيليبد الجديد في لوزون، لاحظ ان سجينا لا يحضر الخدمات الدينية المخصصة للسجناء. وعلم ان الرجل صار من شهود يهوه. فأدى ذلك الى مناقشات يومية تقريبا عن الكتاب المقدس. يقول سوفرونيو: «اقتنعت ان ما كنت احارب من اجله في السابق لا يستطيع في الحقيقة تغيير المجتمع وجعله مجتمعا افضل». وتعلّم ان ملكوت اللّٰه وحده يستطيع صنع التغييرات المرجوة. وبمساعدة الاخوة من جماعة قريبة، احرز سوفرونيو تقدما روحيا واعتمد في بئر في السجن تُستعمل لري النباتات.
بعد ان قضى عقوبته، استمر في تقدمه وصار فاتحا قانونيا، ولاحقا فاتحا خصوصيا. وخلال خدمته كامل الوقت، استطاع
سوفرونيو ان يساعد حوالي ١٥ شخصا على قبول طريق الحق. وبعد ان تزوج، اصبح ابا لستة اولاد: ثلاثة منهم يتمتعون الآن بالخدمة كامل الوقت، وواحد منهم هو ناظر دائرة. وفي سنة ١٩٩٥، حضر اثنان من اولاده مدرسة تدريب الخدام. لقد جلب الحق الحرية الحقيقية لسوفرونيو، لعائلته، وللآخرين الذين ساعدهم.ويكرز الفاتحون الخصوصيون للسجناء في مستعمرة إيواهيڠ الجزائية في پالاوان. وفي الواقع، سُمح لهم ببناء قاعة ملكوت صغيرة على اراضي المستعمرة. دينَ احد السجناء هناك بإحراق الممتلكات عمدا، السرقة، وقتل عدة اشخاص. ولكن يا لَلتغيير الذي صنعه في حياته عندما جرت مساعدته على تطبيق ما تعلمه في كتاب يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض!
بعد اكثر من ٢٣ سنة في السجن، أُعلم انه سيُطلق سراحه قريبا. فعبّر عن رغبته ان ينضم الى عائلته ثانية بعد الفراق الطويل. الا ان عائلته كانت جد خجلة وخائفة منه بحيث انها كتبت له: «من فضلك، لا ترجع الينا». ولكنهم لم يكونوا مدركين للتغييرات الجذرية التي صنعتها كلمة اللّٰه في حياته. وكم تفاجأوا عندما عاد هذا المسيحي المسالم الهادئ الى مسقط رأسه!
في ماندالويونڠ بمانيلا المتروپوليتية يقع اكبر سجن نسائي في البلد. وطوال سنوات، لم يكن يُسمح لشهود يهوه بزيارة السجن سوى مرات قليلة. ولكنّ ذلك تغير عندما نُقلت الى هذا السجن امرأة كانت تدرس الكتاب المقدس. اخبرتها السلطات ان عليها الانضمام الى احدى الفرق الدينية الاخرى هناك، ولكنها اصرت انها لا تستطيع ذلك، شارحة انها تريد ان تقدم العبادة فقط مع شهود يهوه. فوافقت السلطات وسمحت للشهود بزيارة السجن اسبوعيا.
ومنذ ذلك الحين اعتمدت عدة نساء هناك، وثمة جماعة قريبة تعقد قانونيا درس برج المراقبة وبعض الاجتماعات الاخرى لفائدة السجينات المهتمات.حقا، لقد جلبت رسالة الحق حرية فريدة لبعض الموجودين وراء القضبان. فحياتهم ايضا ثمينة في نظر يهوه، ويُسرّ شعبه بالمساهمة في مساعدة مثل هؤلاء.
الخدام القدامى يثابرون
يقول مثل في الكتاب المقدس: «تاجُ جمال شيبةٌ توجد في طريق البر». (امثال ١٦:٣١) نعم، كم هي جميلة رؤية اولئك الذين جعلوا فرح يهوه قوتهم منذ سنوات كثيرة!
قبل الحرب العالمية الثانية، كانت الهيئة الثيوقراطية صغيرة في الفيليپين. وقليلون جدا هم الذين بدأوا بالخدمة منذ ذلك الوقت. وبالتالي، من المشجع جدا ان نقابل ليوداڠاريو بارلآن. فقد بدأ بالخدمة كامل الوقت في سنة ١٩٣٨. وخلال الحرب اساء اليابانيون معاملته هو ورفقائه، ولكنهم استمروا يكرزون. وبعد الحرب تابع
خدمته كامل الوقت مع زوجته ناتيڤيداد، ودُعيا اخيرا الى العمل الدائري والكوري. ولاحقا، خدما كفاتحَين خصوصيَّين مسنَّين في مقاطعة پانڠاسينان. ماتت ناتيڤيداد سنة ٢٠٠٠، إلا ان ليوداڠاريو مستمر في هذا التعيين. والجميع يتشجعون بتصميمه على فعل ما فعله على الدوام — عمل الكرازة.نما نشاط البشارة بسرعة بعد الحرب العالمية الثانية. وقد تعلّم آنذاك كثيرون الحق وهم مستمرون في الخدمة حتى الآن. على سبيل المثال، خلال الحرب قرأ پاسيفيكو پانتاس مطبوعات الكتاب المقدس عند جيرانه الشهود. يقول: «بدأت احضر الاجتماعات. ثم قدّمت طلبا للانخراط في الفتح العام [الآن، القانوني]، ولكنني لم اكن معتمدا بعد. فطلبوا مني ان اعتمد، فاعتمدت». كان ذلك سنة ١٩٤٦. وتنقل پاسيفيكو في خدمته في عدة انحاء من البلد. كما انه تمتع بامتيازات اخرى ايضا. يقول: «دُعيت الى الصف الـ ١٦ في مدرسة جلعاد وتمكنت من حضور المحفل الاممي سنة ١٩٥٠ في مدينة نيويورك. وبعد التخرج، خدمت كناظر دائرة في ولايتَي مينيسوتا وداكوتا الشمالية في الولايات المتحدة الاميركية، ثم عدت الى الفيليپين لأخدم كناظر كورة جنوبي نهر پاسيڠ، من مانيلا حتى مِنْداناوو».
في السنوات التالية، تمتع الاخ پانتاس بشتى التعيينات في بيت ايل وكناظر جائل. ثم تزوج پاسيفيكو في سنة ١٩٦٣. فرُزقا بأولاد، واضطرا ان يستقرا لتربية عائلتهما. استمرا في خدمة يهوه وهما يربّيان عائلتهما، وكبر الاولاد الثلاثة وصاروا مسبّحين ليهوه. حاليا يخدم هؤلاء الثلاثة كشيوخ، وقد تخرج احدهم من مدرسة تدريب الخدام. وآخر يخدم في بيت ايل. حتى في سنواته المتقدمة، يبقى الاخ پانتاس قوة داعمة في الجماعة.
قاعات جميلة لعبادة يهوه
لم يصِر لشعب يهوه في الفيليپين قاعات ملكوت كأماكن للعبادة الا مؤخرا. فطوال سنوات، كان الاغلبية يجتمعون في بيوت الاخوة. طبعا، حتى في القرن الاول، استخدم المسيحيون البيوت لعقد الاجتماعات. (روما ١٦:٥) ولكن اذ نمت الجماعات في الازمنة العصرية، رغب الاخوة في حيازة اماكن مريحة تتمكن من استيعاب اشخاص اكثر.
قال دايڤيد لِدبِتر: «كان ذلك صعبا على كثيرين بسبب قلة الموارد المالية. حتى في مانيلا المتروپوليتية، وهي مدينة كبيرة، كان لدينا قاعة ملكوت واحدة مبنية على قطعة ارض تملكها الجماعة. وفي كل الاماكن الاخرى حيث توجد قاعة ملكوت، كان المبنى للجماعة ولكنهم لم يملكوا قطعة الارض». فأجور الاخوة زهيدة جدا بحيث لم تتمكن الجماعات من شراء الارض.
تدبر الاخوة امورهم بأفضل طريقة ممكنة. وما كانوا يملكونه، اشتركوا فيه طوعا مع الآخرين. على سبيل المثال، دِنْتون هوپكنسون يتذكر سانتوس كاپيسترانو، اخا في مانيلا قدّم الطابق الثاني في بيته ليُستعمل كقاعة ملكوت طوال ٤٠ سنة. يقول الاخ هوپكنسون: «بعد ان ماتت زوجة الاخ كاپيسترانو، عاش اولاده في الطابق السفلي. وكانت قاعة الملكوت في الطابق العلوي، وخُصصت مساحة صغيرة فقط لغرفته مع مطبخ في احد الجوانب. فاحتلت قاعة الملكوت معظم الطابق الثاني. قد تظن ان الوضع لم يكن ملائما للأخ، ولكنه كان سعيدا هكذا. وهذه هي الروح التي اعرب عنها الاخوة».
اخيرا، صار ممكنا بناء قاعات ملكوت على اراضٍ تملكها الجماعات. فقد ارتفعت قيمة الپيزو، وبحلول ثمانينات الـ ١٩٠٠،
تحسّنت قليلا الاجور، فكان من الممكن استدانة المال. ونتيجة لذلك، تمكنت بعض الجماعات من الحصول على قروض.ثم ابتدأت الهيئة الحاكمة بترتيب حبي صنع فرقا كبيرا. فقد أُعلن عن اقامة صندوق قاعات الملكوت في الولايات المتحدة وكندا. وبُعَيد ذلك، استفادت الفيليپين من المال الذي جرى التبرع به لقصد خصوصي، ألا وهو بناء قاعات ملكوت. ان هذا الترتيب يتبع مبدأ ‹حصول مساواة›، مما يفسح المجال للحصول على قروض. (٢ كورنثوس ٨:١٤، ١٥) لقد بدأ العمل بهذا الترتيب بشكل تدريجي. ولكن عند السماع ان الترتيب كان فعالا جدا في امكنة اخرى، تشجع المزيد من الاخوة كي يحاولوا الحصول هم ايضا على قاعة ملكوت.
يا لَلفرق الذي صنعه هذا الترتيب! يذكر مكتب الفرع عن قروض قاعات الملكوت: «كان العدد الاجمالي اكثر من ٢٠٠,١ مشروع لبناء قاعات ملكوت. وقد كان لذلك بالتأكيد اثر كبير في كل انحاء البلد». وعلى الرغم من ان قسما كبيرا من الاموال اتى في بادئ الامر من بلدان اخرى، فقد تمكن الاخوة الفيليپينيون في النهاية من دعم برنامجهم الخاص. وفي هذا الشأن، يذكر مكتب الفرع: «طوال عدة سنوات، اتى كل تمويل مشاريع قاعات الملكوت من الاموال المدفوعة لسد القروض وتبرعات الاخوة داخل الفيليپين. وهذا يظهر انه حتى في المناطق حيث يوجد كساد اقتصادي، يمكن ان يُنجز الكثير عندما يُجمع المال المتبرع به لقصد محدد».
والآن لدى عدد كبير من الجماعات قاعات ملكوت. يوجد حوالي ٥٠٠,٣ جماعة في البلد، ولا يزال عدد منها بحاجة الى اماكن خاصة بهم لعقد الاجتماعات. ولكن حوالي ٥٠٠ من هذه الجماعات تضم
اقل من ١٥ ناشرا، ولا يستطيعون تحمل نفقة قروض قاعات الملكوت. فجرى التشجيع مؤخرا على دمج الجماعات ليكون عمليا اكثر الحصول على قاعات ملكوت.تعديلات في وجهات النظر حول برامج الاجتماعات
تقع بعض الجماعات، سواء كان لديها قاعة ملكوت ام لا، في مناطق نائية. وعلى الاخوة ان يمشوا ساعتَين، اربع ساعات، او اكثر في اراضٍ وعرة للوصول الى مكان الاجتماع. ونتيجة لذلك، ليس عمليا في بعض المناطق ان يأتي الاخوة اكثر من مرة في الاسبوع الى مكان عقد الاجتماعات. ولذلك كانت جماعات كثيرة تعقد كل اجتماعاتها في يوم واحد باستثناء درس الكتاب الجَماعي. وكان الاخوة يأتون مستعدين للاشتراك في اربعة اجتماعات. ويجلبون معهم طعاما للغداء. وبهذه الطريقة، لزم قطع المسافة الطويلة الى مكان الاجتماع مرة واحدة في الاسبوع، وفي الايام الاخرى كان الاخوة يقومون بالنشاطات الاخرى، كخدمة الحقل، كلّ في منطقته.
خلال ثمانينات الـ ١٩٠٠، بدأت هذه العادة تنتشر الى جماعات ليست بعيدة جدا، حتى الى الجماعات الموجودة في المدن. فنتيجة الصعوبات الاقتصادية ربما فكر البعض في طرق لتوفير المال. وحصْر الاجتماعات في يوم واحد يخفّف التنقل والمصروف. وصار اخوة آخرون مهتمين بإفراط بما يلائمهم، ربما مستخدمين الوقت في الايام الاخرى لمساعٍ شخصية، كالتعلّم او العمل الدنيوي.
وأصبح المزيد والمزيد من الجماعات يعقدون اربعة اجتماعات في يوم واحد، وبعض الجماعات عقدوا الاجتماعات الخمسة في يوم واحد! ولكنّ ذلك عنى ان الجماعات في الفيليپين كانت تنجرف اكثر فأكثر عن الطريقة التي يتبعها معظم شعب يهوه في كل العالم،
الذين يعقدون الاجتماعات في ثلاثة ايام مختلفة خلال الاسبوع. لقد فقد الاخوة اتزانهم نوعا ما في هذا المجال. وخلال زيارة ناظر الاقليم في سنة ١٩٩١، عُرضت عليه هذه القضية. ثم استُشيرت الهيئة الحاكمة. كان الجواب: «لا نعتقد انها عادة جيدة إلّا اذا كانت الظروف صعبة جدا». فأُرسلت هذه المعلومات الى الاخوة، اولا في المدن ثم في المناطق الريفية.وقد ذُكر انه فضلا عن العمل وفق الترتيب المتّبع عالميا بالنسبة الى الاجتماعات، تستفيد الجماعات روحيا اكثر اذا عُقدت اجتماعات منفصلة بدلا من محاولة حشر كل المواد في ثلاث ساعات ونصف او اربع ساعات. كما ان الاولاد الصغار والمهتمين حديثا يجدون هذا البرنامج متعبا. وبإمكان الشيوخ ان يحضّروا خطابات ذات نوعية افضل عندما يحضّرون لاجتماع او لاجتماعين بدلا من التحضير لعدة اجتماعات.
وماذا كان رد فعل الجماعات لهذه المشورة؟ تجاوبت الاغلبية الساحقة، وصنعوا تعديلات سريعة لعقد اجتماعات في وسط الاسبوع. والآن، كل اسبوع تتمتع معظم الجماعات، باستثناء الجماعات البعيدة جدا، ببرنامج روحي اكثر اتزانا.
قاعات المحافل
طوال عدة سنوات، استعملت الدوائر المدرّجات الرياضية في المدارس، مباني الألعاب الرياضية، حلبات السباق، او غيرها من المنشآت العامة لعقد المحافل. ورغم العوائق، قدّر الاخوة مناسبات المعاشرة المفرحة هذه.
وكما كانت الحال بالنسبة الى قاعات الملكوت، لم يكن سهلا الحصول على قاعات للمحافل. فقد لعبت الضيقة الاقتصادية دورا في هذا المجال ايضا. الا ان عدة دوائر كانت تتوق ان يكون لها اماكنها الخاصة للاجتماع معا. ونتيجة لذلك، شُيد عدد لا بأس به من القاعات البسيطة للمحافل. وتخدم هذه عادة لتجتمع دائرة واحدة او اثنتان، وليس عدة دوائر كما في العديد من البلدان الاخرى. وفي عدة حالات، كان يُتبرَّع بقطعة الارض او تُشترى بسعر معقول،
وخصوصا في المناطق الريفية. ثم كان الاخوة يجمعون تبرعاتهم ويبنون مبنى بسيطا، هو في معظم الاحيان قاعة مفتوحة الجوانب لها سقف لحجب الشمس عن الحضور، ارض اسمنتية، منصة مرتفعة، وبعض المقاعد.في منطقة مانيلا المتروپوليتية، لم يكن ذلك ممكنا بسبب اسعار الاراضي الباهظة وكلفة تشييد مبنى ملائم في المدينة. فتبرعت
الجماعات في المنطقة لصندوق مخصص لبناء قاعة محافل، ولكن الكمية التي جُمعت كانت اقل بكثير مما يلزم لشراء قطعة الارض. وخلال سبعينات وثمانينات الـ ١٩٠٠، ومعظم تسعينات الـ ١٩٠٠، بقيت المحافل في مانيلا المتروپوليتية تُعقد في المدارس، المدرّجات الرياضية، وأماكن مماثلة.في تلك الاثناء، استمرت الجماعات والدوائر في منطقة مانيلا المتروپوليتية في النمو، وصاروا في امس الحاجة الى قاعة محافل. فبدأ البحث عن قطعة ارض مناسبة. وبُعثت رسائل الى الجماعات مُعلِمة اياهم بامتياز دعم المشروع ماديا. وفي سنة ١٩٩٢، عُثر على قطعة ارض مساحتها حوالي ٦ هكتارات قرب مقاطعة لاڠرو، في طرف مانيلا المتروپوليتية الشمالي.
دعمت جماعات مانيلا المتروپوليتية المشروع بإرسال تبرعات وعمال متطوعين. وأتى خدام امميون من عدة بلدان للمساعدة في العمل، من بينهم روس پرات من نيوزيلندا، الذي يروي: «في آذار (مارس) ١٩٩٧، نلنا الموافقة من بروكلين للمباشرة بالعمل. كانت اعمال الحفر ضخمة، ورُفع ٠٠٠,٢٩ متر مكعب من التربة لإعداد الموقع للبناء. كان هنالك ٥٠ الى ٦٠ عاملا دائما. وانتهى بناء قاعة المحافل في تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩٩٨». ثم جرى تدشينها. وبما ان القاعة مصممة لاستيعاب ما يصل الى ٠٠٠,١٢ شخص، يمكن عقد المحافل الكورية ايضا هناك. والجوانب المفتوحة في قاعة المحافل هذه تتيح للنسمات المدارية بأن تهب فيما يستمع الحضور الى البرنامج في الداخل. والآن تتمتع قانونيا ١٦ دائرة في مانيلا المتروپوليتية وحولها بالبرامج الروحية في هذه القاعة.
توسيع مِلكية الفرع
مع ازدياد عدد الجماعات والدوائر في الحقل، ازداد العمل في الفرع. في سنة ١٩٨٠، كان هنالك ٠٠٠,٦٠ ناشر تقريبا في الحقل.
وقبل مرور عشر سنوات، انضمّت الفيليپين الى صفوف البلدان التي لديها اكثر من ٠٠٠,١٠٠ ناشر. كما ارتفع اعضاء عائلة بيت ايل، في الفترة نفسها، من ١٠٢ الى ١٥٠ عضوا. ولكن حتى في اوائل ثمانينات الـ ١٩٠٠، لم يكن الفرع يتسع للجميع. وصارت هنالك حاجة الى اماكن اضافية.فأوصت الهيئة الحاكمة ان يتم البحث عن مِلكيات اضافية. يخبر فيليكس فهاردو ما حدث: «ذهبنا من بيت الى بيت لنجد إن كانت هنالك مِلكية للبيع قرب بيت ايل. فقال المالكون الفيليپينيون والصينيون انهم لن يبيعوا مِلكياتهم. وقال احد المالكين بتصلُّب: ‹الصينيون لا يبيعون. نحن نشتري. لا نبيع ابدا›». وبدا في ذلك الوقت انه لا يمكن شراء مِلكيات قرب مكان الفرع الاصلي.
بدأ البحث عن مِلكيات في اماكن اخرى. وكان مكتب الفرع سينتقل الى خارج المدينة إذا كان ذلك ضروريا. وُجدت عدة مواقع في المقاطعات القريبة. واهتمت الهيئة الحاكمة بقطعة ارض كبيرة قرب سان پيدرو، لاڠونا، عرَضَها اخ للبيع بسعر معقول. فجرت الموافقة على شرائها. وبدأ التخطيط لبناء مكاتب، مساكن، ومصنع لبيت ايل. ولكن بمرور الوقت، بدا انها لم تكن مشيئة يهوه الانتقال الى هناك اذ لا توجد خدمات للهاتف، وحالة الطريق سيئة، كما ان هنالك مشاكل امنية في تلك المنطقة. فتبيَّن لنا ان هذه المِلكية ليست افضل مكان لبناء الفرع. فحُوّلت الى مزرعة للمساهمة في تزويد عائلة بيت ايل بحاجاتها. ولكن ذلك لم يحلّ مشكلة الحاجة الى مكان اوسع لمكتب الفرع.
بدا ان احداثا غير متوقعة تدل ان يهوه يوجّه الامور. يتابع فيليكس: «فجأة، قال اقرب الجيران الينا: ‹نريد ان نبيع مِلكيتنا
— ٠٠٠,١ متر مربع. ونريد ان نبيعها لكم›. فأخبرتنا الهيئة الحاكمة انه بإمكاننا شراؤها. ظننا ان هذه المِلكية كافية، ولكن عندما قدّمنا خرائط البناء للمركز الرئيسي العالمي، قيل لنا: ‹بإمكانكم ان تبحثوا عن مِلكية اخرى. فأنتم بحاجة بعد الى المزيد›.«بعد ذلك مباشرة، اتى طبيب ومحامٍ وقالا: ‹نريد ان نبيع مِلكيتنا لكم›. وكانت مساحتها ٠٠٠,١ متر مربع. وأرادت ايضا امرأة تملك قطعة ارض قربنا مساحتها هكتار ان تبيعها. وباعتها بسعر مقبول جدا. ظننا انه صار لدينا مساحة كبيرة كافية. ومع ذلك، طلب منا المركز الرئيسي ان نفتش عن المزيد».
ثم اتت مساعدة غير متوقعة. ذهب الطبيب والمحامي اللذان باعانا مِلكيتهما الى الجيران وأقنعاهم ببيع اراضيهم. فأتوا الواحد تلو الآخر وعرضوا مِلكياتهم على الفرع. بعد ان تم شراء كل المِلكيات القريبة تقريبا، أُرسل مخطّط آخر الى المركز الرئيسي. أتانا ثانية الجواب: «تحتاجون الى المزيد». ففكر الاخوة: ‹الى اين سنذهب الآن؟ لقد اشترينا كل المِلكيات القريبة التي يمكن شراؤها›.
في ذلك الوقت تقريبا، تلقينا مخابرة هاتفية بشأن مِلكية رجل الاعمال الذي سبق وقال: «الصينيون لا يبيعون». فقد صارت الآن معروضة للبيع! يشرح فيليكس: «عرفنا انا والاخ ليتش انه لم يكن احد آخر مهتما بشرائها. فحصلنا عليها بسعر رخيص جدا. ويبدو ان يد يهوه كانت توجّه الامور». فأُضيف هكتار من الاراضي. وأخيرا، قال المركز الرئيسي: «لديكم ما يكفي الآن لتبدأوا بالتخطيط للبناء».
بمرور الوقت وتغيُّر الاحوال، تبيَّن ان المزرعة في سان پيدرو
لم تعد لازمة. فكمية كبيرة من طعام عائلة بيت ايل يمكن شراؤها بالجملة بأسعار اقل من كلفة انتاجها في المزرعة. فاتُّخذ قرار بيع المزرعة. وفي سنة ١٩٩١، صارت المزرعة ملك شخص جديد. واستُخدمت عائدات البيع للمساعدة في تغطية نفقات ابنية الفرع الجديدة.تشييد ابنية الفرع الجديدة
صار الفرع يملك اراضي مساحتها اكبر بأكثر من ثلاث مرات من مساحة الارض التي اشتراها اصلا سنة ١٩٤٧ والتي بلغت
مساحتها هكتارا. وبمساعدة مكتب الهندسة الاقليمي في فرع شهود يهوه في اليابان، رُسمت الخرائط، وبدأ عمل اعداد الموقع في اواسط سنة ١٩٨٨. كان يجب هدم بعض الابنية الخشبية القديمة. وكانت الابنية الجديدة ستشمل مبنى سكنيا من ١١ طابقا ومصنعا كبيرا من طابقين. وكانت ايضا ستُشيَّد قاعة ملكوت في الموقع.بالاضافة الى المتخرّجين من جلعاد المعيّنين للمساعدة، اتى حوالي ٣٠٠ اخ وأخت من نحو خمسة بلدان ليساعدوا في المشروع كخدام امميين لفترة طويلة وكمتطوّعين اممين لفترة قصيرة. ودهش السكان القريبون عندما رأوا ان اناسا من بلدان اخرى اتوا للمساعدة. وقد كانت مفاجأتهم اكبر عندما علموا ان اغلبية هؤلاء اتوا على نفقتهم الخاصة! وساهم الاخوة والاخوات المحليون في اضفاء جو من الوحدة الاممية.
وكما حصل اثناء محاولة شراء الارض، كان توجيه يهوه يُرى مع تقدم البناء. على سبيل المثال، كانت شركة واحدة في الفيليپين تصنع ألواح التسقيف اللازمة للأبنية. ولكنّ طلب الفرع للحصول على المواد كان في المرتبة ٣٠١ على لائحة الانتظار! فحدد الاخوة موعدا للتكلم مباشرة مع نائب رئيس الشركة، وشرحوا طبيعة عملنا الطوعية. فاجتمع مجلس المديرين في الشركة، وافقوا على طلب الاخوة، ونقلوا طلبهم الى المرتبة الاولى على لائحة الانتاج. وبعد ان سلمت الشركة المواد، أضرب العمال.
لقد اعرب العدد الكبير من الاخوة الذين شاركوا في مشروع بناء الفرع عن روح رائعة. وكل اسبوع، كان يأتي للمساعدة حوالي ٦٠٠ متطوّع من الجماعات القريبة. وفي الواقع، قام هؤلاء المتطوعون بحوالي ٣٠ في المئة من العمل.
اتُّبعت مقاييس رفيعة في البناء. وبما ان جزر الفيليپين تقع في منطقة زلازل ناشطة، تأكد الاخوة الذين هندسوا المشروع ان البناء المؤلف من ١١ طابقا يستطيع الصمود في وجه هزات قوية. وكم اختلفت هذه الابنية المبنية بطريقة ممتازة عن الابنية القديمة، التي بُني احدها في عشرينات الـ ١٩٠٠! فهُدمت الابنية الأقدم لتحل محلها الابنية الجديدة.
اخيرا، في ١٣ نيسان (ابريل) ١٩٩١، دُشّن الفرع. وألقى جون بار من الهيئة الحاكمة خطاب التدشين امام حضور بلغ ٧١٨,١ شخصا. ودُعي الاخوة والاخوات الذين يخدمون يهوه منذ اكثر من ٤٠ سنة، فتمتعوا بالبرنامج مع ضيوف من عشرة بلدان. وفي اليوم التالي، استفاد ٥٠١,٧٨ من البرنامج البناء روحيا الذي نُقل هاتفيا الى ستة مواقع في كل انحاء الارخبيل.
الفيليپينيون يصبحون خداما امميين
خلال بناء الفرع، علَّم الخدام الامميون الآتون من بلدان اخرى مهاراتهم للاخوة الفيليپينيين. يعلّق هيوبرتوس هوفناڠلز الذي درّب آخرين: «كثيرون من الاخوة المحليين غيورون جدا، وقد تمكنوا من تطبيق ما تعلموه». ونتيجة لذلك، عندما انتهى مشروع الفيليپين، تمكن بعض هؤلاء الاخوة المدرَّبين من السفر كخدام امميين للمساعدة في مشاريع بناء فروع في بلدان اخرى، وخصوصا في جنوب شرق آسيا.
كان جويل مورال، من مقاطعة كايزون، واحدا منهم. اتى اولا الى مشروع بناء الفرع في مانيلا وبنيّته التطوّع للعمل اسبوعا واحدا. ولكن كانت هنالك حاجة الى مساعدته، وطُلب منه ان يبقى مدة اطول. ومع انه لم يكن يملك خبرة واسعة في البناء، مكّنه العمل
في مشروع بناء الفرع من اكتساب مهارات بسرعة بالتعلم من الخدام الامميين الاجانب.حتى قبل انتهاء العمل في مشروع الفيليپين، نشأت حاجة الى المساعدة في بناء الفرع الجديد في تايلند. يقول جويل: «لم اكن اتوقع ذلك، ولكنني دُعيت الى الذهاب الى تايلند. فخبرتي في البناء في الفيليپين كانت مساعِدة جدا لإعدادي للعمل الاممي». وبقي اكثر من سنة وهو يساعد في البناء في تايلند.
تعرّف جوشوا وسارا إسپيريتو احدهما الى الآخر عندما كانا يعملان في بناء فرع الفيليپين. فتزوجا بُعيد تدشين الفرع وكان هدفهما ان يخدما معا كخادمَين امميَّين. بعد بضعة اشهر، دُعيا الى الاشتراك في عمل البناء في بلدان اخرى. ومنذ ذلك الحين، خدما في خمسة بلدان، ثلاثة في آسيا واثنين في افريقيا. يقول جوشوا عن اختباره وهو لا يزال في الفيليپين: «عندما كنا نعمل مع اخوة من بلدان اخرى، تعلمنا مهارات جديدة. وصار باستطاعتنا تعليمها للآخرين». وعندما أُرسلا الى بلدان اخرى، قالا للاخوة المحليين: «لن نبقى على الدوام معكم. في المستقبل ستتابعون العمل وحدكم». وفي ما يتعلق بهدفه عند الذهاب الى بلدان اخرى، يقول: «لا نذهب الى هناك للعمل فقط، ولكننا نحاول حقا ان نعلّم الاخوة».
بالطبع، يتطلب الذهاب الى بلدان مختلفة ان يكون المرء مرنا. لقد أُرسل جيري أيورا الى عدة اماكن، بما فيها تايلند، زمبابوي، وساموا الغربية. يقول: «تعلّمت ان يهوه يستخدم اناسا من شتى الخلفيات. ونحن نحبهم لأن يهوه يحبهم». فيا لَسعادة هؤلاء الاخوة الفيليپينيين لأنهم يستطيعون المساهمة في عمل يهوه على نطاق اممي!
الاوضاع المضطربة لا توقف العمل
يشمل جعل فرح يهوه قوتنا الاستمرار في اظهار الولاء له حتى في اوقات الشدة. وقد سنحت عدة فرص لخدام يهوه في الفيليپين ان يظهروا ذلك.
رغم انتهاء الاحكام العرفية في ١٧ كانون الثاني (يناير) سنة ١٩٨١، استمرت الاوضاع المضطربة خلال ثمانينات الـ ١٩٠٠. وفي شباط (فبراير) ١٩٨٦ تغيرت الحكومة. وقد تم تغيير السلطة بطريقة سلمية نسبيا، حتى ان الجماعات الواقعة حيث حصلت ثورة «قوة الشعب» استمرت تعقد اجتماعاتها وتبشر دون توقف. وكان الناشرون حين يمرون بالقرب من جماهير «قوة الشعب» يرون كهنة وراهبات مختلطين بالشعب ويحثونهم على متابعة نشاطهم.
ادخلت الحكومة الجديدة بسرعة بعض التغييرات. الا ان الاوضاع المضطربة لم تنتهِ. وفي السنوات الثلاث الاولى بعد ان تسلمت الحكومة الجديدة السلطة، كانت هنالك عدة محاولات للاطاحة بالحكومة، وفي البعض منها حصل سفك دماء. وفي احدى المناسبات خلال بناء الفرع، دهش عمال البناء الاجانب والمحليون على السواء ان ينظروا الى المدينة ويروا الجنود المتمردين يقصفون بالقنابل معسكرهم الخاص. كانت تلك المناوشات قصيرة نسبيا، ولكن بسببها كان من الضروري تشجيع بعض الجماعات على الاجتماع في قاعات ملكوت في اماكن اكثر امنا.
طوال عدة سنوات، استمرت الاضطرابات بين قوات الحكومة والقوات المعارضة في بعض انحاء مِنْداناوو. وفيما كان الاخوة يقومون بخدمتهم هناك، كان عليهم ان يتصرفوا بحكمة ويثقوا بيهوه. ريناتو دونڠوڠ، متخرّج من مدرسة تدريب الخدام وهو الآن ناظر دائرة، خدم في منطقة شهدت نزاعات كثيرة. في احدى المناسبات، فيما كان ريناتو ينتظر مركبا، سأله جندي: «الى اين انت ذاهب؟».
شرح ريناتو: «انا خادم جائل من شهود يهوه. ازور الاخوة مرتين في السنة لتقويتهم وللكرازة معهم».
اجاب الجندي: «لا بد ان اللّٰه معك، وإلّا لكنت قُتلتَ». فعلى الرغم من الاضطراب، يتابع الاخوة عملهم، واضعين ثقتهم في يهوه، وهم محترمون كثيرا لما يقومون به.
العودة الى المحاكم مع قضية تحية العلم
امتُحن الاحداث في ما يتعلق بولائهم للّٰه. ففي ١١ حزيران (يونيو) سنة ١٩٥٥، اقرّ الرئيس رامون ماڠسايساي المرسوم الجمهوري رقم ١٢٦٥، الذي يقضي بأن يحيّي كل الاولاد في المدارس العامة والخاصة العلم الفيليپيني. فتصرف اولاد شهود يهوه وفقا لما يمليه عليهم ضميرهم، كما يفعل الاحداث الشهود في كل العالم. (خروج ٢٠:٤، ٥) فعلى الرغم من انهم يحترمون رمز الامة، لا يمكنهم وفقا لضميرهم الاشتراك في ما يعتبرونه اعمال تعبد دينية لأي شيء. وعندما طُرد اولاد عائلة خِرونا في ماسباطي من المدرسة لعدم تحيتهم العلم، نشأت قضية رُفعت الى المحكمة العليا في الفيليپين في سنة ١٩٥٩. ولكن المحكمة لم تحترم موقف شهود يهوه الديني. وذكرت ان العلم «ليس صورة» وأن «العلم لا يمت الى اي مغزى ديني بأي صلة». وهكذا، اخذت المحكمة على عاتقها ان تقرر ما هو ديني وما هو غير ديني.
بالطبع، لم يغيّر ذلك معتقدات الشهود الدينية. والتصق الاخوة بمبادئ الاسفار المقدسة. وقد ادى قرار المحكمة الى بعض الصعوبات، ولكنها ليست بالخطورة التي كانت متوقعة.
لم تُثَر قضية تحية العلم ثانية الا بعدما أُدخل قرار المحكمة في القوانين الادارية لسنة ١٩٨٧. وبعد ذلك، في سنة ١٩٩٠، طُرد من المدرسة عدد من اولاد شهود يهوه في منطقة سيبو. وكان المسؤول عن المدارس متشددا في تنفيذ القانون، فطُرد المزيد من التلاميذ.
غطت وسائل الاعلام اخبار طرد الاولاد من المدرسة. ثم اهتمت لجنة تُعنى بحقوق الانسان بهؤلاء الاولاد المحرومين من العلم. وبدا ان الموقف تغير عن الموقف في سنة ١٩٥٩. فهل كان ذلك الوقت الذي عيّنه يهوه لعرض القضية ثانية للعلن؟ ذكر إرنيستو موراليس، شيخ في ذلك الوقت في سيبو: «حثَّنا المحرِّرون، الصحافيون، العاملون في حقل التربية، وغيرهم ان نرفع القضية الى المحكمة». فاستُشير قسمَا القضايا القانونية في الفرع وفي المركز الرئيسي العالمي. واتُّخذ قرار رفع الدعوى.
ولكنّ المحكمة الابتدائية الاقليمية وتبعتها محكمة الاستئناف اصدرتا قرارين ليسا لصالحنا. فلم ترغبا في معارضة قرار المحكمة العليا في قضية خِرونا سنة ١٩٥٩. ولحلّ القضية لم يبقَ سوى رفعها ثانية الى المحكمة العليا. فهل ستقبل بسماع القضية؟ كان جواب المحكمة العليا: نعم! فاهتم فيلينو ڠانال، وهو محامٍ من
الشهود، برفع القضية الى اعلى محكمة. وفي غضون ايام، اصدرت المحكمة العليا امرا بإعادة الاولاد المطرودين الى المدرسة، بانتظار القرار حول القضية.قُدّمت الحجج من قِبل الطرفَين. وبعد بحث دقيق، اصدرت المحكمة العليا قرارا ابطلت فيه قرار سنة ١٩٥٩ وأيّدت حق اولاد شهود يهوه في الامتناع عن تحية العلم، تلاوة التعهُّد بالولاء، وإنشاد النشيد الوطني. وشرحت المحكمة القرار البالغ الاهمية: «ان فكرة كون الشخص مجبرا على تحية العلم، . . . تحت طائلة . . . الطرد من المدرسة، تتنافى مع ضمير الجيل الفيليپيني الحالي الذي تعلّم من ‹قانون الحقوق› الذي يضمن حقهم في حرية الكلام وحرية ممارسة الدين والعبادة». وحكمت المحكمة ايضا ان طرد شهود يهوه من المدارس «ينتهك حقوقهم . . .، بموجب دستور ١٩٨٧، في تحصيل العلم مجانا». وأعلنت مانيلا كرونيكل (بالانكليزية): «المحكمة العليا تصحّح ظلما دام ٣٥ سنة في حق شهود يهوه».
قامت الاطراف المعارضة برفع طلب لإعادة النظر في القضية، ولكن المحكمة العليا رفضت الطلب في ٢٩ كانون الاول (ديسمبر) ١٩٩٥. وهكذا يبقى القرار ساري المفعول. فيا له من انتصار لشعب يهوه!
العمل يستمر رغم الكوارث
كما ذُكر في بداية هذا التقرير، تتعرّض الفيليپين باستمرار للكوارث. فلنلقِ نظرة على بعض الكوارث التي اثّرت في الاخوة.
الزلازل: تتعرَّض جزر الفيليپين للزلازل لوقوعها عند التقاء لوحَين تكتونيَّين رئيسيَّين. وبحسب احد المراجع، تحدث كل يوم خمسة زلازل على الاقل، والكثير من الهزات التي لا يشعر بها البشر. ومعظم هذه الزلازل والهزات لا تؤثر في حياة الناس، ولكنّ الزلازل العنيفة تسبّب احيانا دمارا هائلا.
في الساعة ٢٦:٤ بعد ظهر ١٦ تموز (يوليو) ١٩٩٠، ضرب احد هذه الزلازل العنيفة قرب مدينة كاباناتوان في وسط لوزون، وتبعته عدة هزّات قوية لاحقة. وأصيبت ايضا مقاطعة بينڠيت بأضرار جسيمة. وانهار عدد من المدارس والفنادق، مما ادى الى خسارة في الارواح.
في ذلك الوقت، كان هوليو تابيوس، الذي خدم آنذاك كناظر كورة هناك، مسافرا مع زوجته لحضور محفل دائري في منطقة جبلية في بينڠيت. وكان احد الاخوة في طريقه الى باڠيو لبيع الخضر هناك، فأقلَّهما في شاحنته. بعد تقدمهم في الطرقات الجبلية المتعرجة، وصلوا الى طريق ضيق، فاضطروا ان يفسحوا الطريق امام سيارة قادمة. عندئذ، بدأت الصخور تسقط من الجبل. فأدركوا انه زلزال قوي. يقول هوليو: «تمكن الاخ من إرجاع شاحنته الى مكان اوسع، وما لبثت ان وقعت صخرة كبيرة على الموقع الذي كنا فيه. فشكرنا اللّٰه اننا بقينا سالمين. وبعد لحظات، ضربت هزة اخرى، ورأينا صخرة كبيرة قربنا تهتز كأنها ترقص». لقد انزلقت جروف بكاملها من الجبال.
سدّت الانزلاقات الارضية الطريق. ولم يبقَ سبيل للوصول الى مكان المحفل، او اي مكان آخر، الّا عبر تسلُّق الجبال سيرا على الاقدام. في الليل، آواهم شخص لطيف في بيته. وفي اليوم التالي،
تسلقوا جبلا عاليا للوصول الى المكان الذي يقصدونه. في الطريق، التقوا عددا من الاخوة الذين كانوا يساعدون واحدهم الآخر على التغلب على الصعوبات والمشاكل التي خلّفها الزلزال. وأخيرا، بعد قطع ممرات جبلية خطرة سيرا على الاقدام، وصلوا الى مدينة ناڠي، حيث سيُعقد المحفل. يروي هوليو: «ذرف الاخوة دموع الفرح، لأنهم قطعوا الامل بوصولنا! ومع اننا كنا تعبَين جدا، انتعشنا عندما رأينا الاخوة والاخوات السعداء يرحبون بنا». وعلى الرغم من حدوث الزلزال، بذل العديدون جهدهم ليكونوا في المحفل، معربين عن تقديرهم الكبير للامور الروحية.قد تتذكرون ان الابنية الجديدة في الفرع كانت آنذاك قيد الانشاء. وعلى الرغم من ان المبنى السكني لم يكن منتهيا بعد، كان زلزال سنة ١٩٩٠ اول امتحان لاختبار قوة المبنى. لقد سبّب تأرجح المبنى غثيانا لأعضاء بيت ايل، ولكن المبنى صمد في وجه الزلزال وفقا لتصميمه تماما، ولم يُصَب بأضرار.
الفيضانات: بما ان المناخ مداري رطب، تهطل كميات كبيرة من الامطار في معظم انحاء البلد. وتتعرّض بعض المناطق للفيضانات. يتذكر ليوناردو ڠامنڠ، وهو في الخدمة كامل الوقت منذ اكثر من ٤٦ سنة: «كان علينا السير ثلاثة كيلومترات في الوحل الذي يصل الى ركبنا». وخدمت جوليانا انڠيلو كفاتحة خصوصية في مقاطعة پامپانڠا العرضة للفيضانات. تقول: «للوصول الى المهتمين برسالة الملكوت، كنا نركب في مراكب صغيرة. وكان الاخ الذي يجذف بحاجة ان يكون منتبها جدا لتجنُّب الاشجار حيث تختبئ الحيات، والتي من المرجح ان تسقط في المركب». وقضت كوراسون ڠالياردو، فاتحة خصوصية منذ سنة ١٩٦٠، عدة سنوات في الخدمة في پامپانڠا. احيانا، لم يكن هنالك زورق لركوبه، وتتذكر انه كان عليها السير في مياه الفيضان التي كادت تصل الى كتفها. وعلى الرغم من هذه الصعوبات،
حافظت على موقف ممتاز. وقد تعلمت ان تكون مرنة وأن تتكل على يهوه، عالمة انه لن ينسى ابدا اولياءه.ومنذ غطى الوحل البركاني من جبل پيناتوبو عدة مناطق منخفضة، صارت الفيضانات في پامپانڠا اسوأ لأن المياه تنساب الآن الى مناطق اخرى. يقول هينيروسو كانلاس، الذي يخدم كناظر دائرة في تلك المناطق، انه بسبب الماء، كان عليهم في احيان كثيرة ان ينتعلوا جزمات او ان يذهبوا حفاة في خدمة الحقل. الا ان الاخوة يثابرون رغم العقبات.
وحيث يكون الفيضان خطيرا وتتضرر مجتمعات بكاملها، يساعد شهود يهوه واحدهم الآخر بالاضافة الى مساعدة غير الشهود ايضا. وعندما حدث ذلك في داڤاو دِل نورتي، في جنوب الفيليپين، قدّر كثيرا رسميو المدينة المساعدة التي قُدّمت بحيث انهم اصدروا بيانا يعبّرون فيه عن ذلك.
البراكين: توجد عدة براكين في الفيليپين، ولكنّ البركان الذين استقطب انظار العالم هو بركان جبل پيناتوبو. في حزيران (يونيو) ١٩٩١، انفجر البركان وصدرت عنه سحابة هائلة فطرية الشكل. فبدا ان النهار تحوّل الى ليل. وظن البعض ان هرمجدون قد ابتدأت. وقد وصل الرماد المتساقط الى كمبوديا غربا. وخلال وقت قصير، لفظ جبل پيناتوبو ٦٥,٦ بلايين متر مكعب من المواد الفتاتية البركانية. وقد تسبّب الرماد الثقيل بتقويض السقوف وأيضا ابنية بكاملها. وصارت كمية كبيرة من المواد التي لفظها البركان سيولا هائلة من الوحول البركانية، فدمرت بعض البيوت ودفنت بيوتا اخرى. وقد ألحق الرماد والوحول البركانية اضرارا جسيمة بقاعات الملكوت وبيوت الاخوة ودمرتها. يقول جوليوس أڠيلار، فاتح قانوني خدم في تارلاك في ذلك الوقت: «دُفن بيتنا بكامله تحت الرماد». وأُجبرت العائلة على الانتقال.
كان پيدرو وانداسان يخدم كناظر دائرة في المنطقة. يروي: «لم ينسَ الاخوة قط عبادتهم وخدمتهم ليهوه. فكان عدد الحضور دائما اكثر من ١٠٠ في المئة. كما ان الوحول البركانية لم تقلّل من محبة الاخوة لعمل الكرازة. فاستمررنا نكرز للذين أُجلوا عن المنطقة، وكرزنا ايضا في المناطق المنكوبة».
تتيح مثل هذه الكوارث فرصا لإظهار المحبة المسيحية. فخلال ثوران جبل پيناتوبو وبعده، ساعد الاخوة واحدهم الآخر في الانتقال من المنطقة. وأرسل مكتب الفرع بسرعة شاحنة محمّلة ارزّا، وبعد ان أُفرغت الحمولة، استُخدمت الشاحنة لنقل الاخوة من المدن المنكوبة. وعندما علم الاخوة في مانيلا بالحاجة الى المساعدة، تجاوبوا فورا وأرسلوا اموالا وثيابا. وفي بلدة بيتيس، في مقاطعة پامپانڠا، نظم الاخوة الشبان فرقة لمساعدة الضحايا. ومن بين الذين ساعدوهم امرأة مهتمة زوجها يقاوم الحق. ولكن عندما ساعد هؤلاء الاخوة الشباب على اعادة بناء بيت هذين الزوجَين، تأثر الزوج جدا بحيث انه صار الآن من شهود يهوه!
الاعاصير المدارية: من بين كل الاضطرابات في الطقس التي تحدث في البلد، كانت الاعاصير المدارية الاكثر تدميرا. وكمعدل، يضرب الارخبيلَ ٢٠ اعصارا مداريا تقريبا كل سنة. وتختلف هذه العواصف في حدتها، ولكنها تتسم برياح قوية وأمطار غزيرة. وغالبا ما تكون قوية بحيث انها تدمر الابنية. كما تدمر الاعاصير المدارية المحاصيل، مؤثرة في لقمة عيش المزارعين.
فقد تضرَّرت، مرارا وتكرارا، بيوت ومحاصيل الشهود. والمدهش ان الاخوة يتخطَّون هذه النكسات ويواصلون حياتهم. وفي بعض انحاء البلد، يتكرر حدوث الاعاصير المدارية بحيث انها صارت امرا معتادا. وعلى نحو جدير بالثناء، تعلّم الاخوة ان يدبروا شؤونهم، وهم يعالجون مشاكل الحياة كل يوم بيومه. (متى ٦:٣٤) طبعا، عندما يسمع الاخوة في المناطق المجاورة بوجود حاجة الى المساعدة، يرسلون طوعا الطعام والمال للمساعدة. وفي بعض الاحيان، بعد حدوث عواصف شديدة جدا، يتصل النظار الجائلون بمكتب الفرع، الذي يسعده ان ينظم حملة اغاثة.
ايصال مطبوعات الكتاب المقدس
بما ان الفيليپين تتألف من جزر كثيرة، كان من الصعب دائما ايصال المطبوعات الى الجماعات في الوقت المناسب وبحالة جيدة. وطوال سنوات عديدة، استخدم الاخوة مصلحة البريد. ولكن في اغلب الاحيان، كانت اعداد برج المراقبة و خدمتنا للملكوت تصل بعد ان يمرّ وقت درسها في الاجتماعات.
يتذكر جيهو أمولو، الذي يعمل في قسم الشحن في الفرع، ما الذي دفع الى اجراء تغيير. يقول: «بالاضافة الى مشكلة التأخير في ايصال المطبوعات، ارتفعت الرسوم البريدية كثيرا في سنة ١٩٩٧». وإذا اخذنا بعين الاعتبار ان حوالي ٠٠٠,٣٦٠ مجلة تُشحن كل اسبوعين، فقد عنى ذلك دفع كمية كبيرة من المال.
فاقتُرح على الهيئة الحاكمة ان يهتم الاخوة في الفرع بإيصال المطبوعات. وبعد درس الوضع، جرت الموافقة على ذلك. فكانت الشاحنات تنطلق مباشرة من الفرع في لوزون. ولكن بما ان الماء يفصل لوزون عن المناطق الاخرى، يستخدم الفرع شركة موثوقا بها تُعنى بتسليم الطرود لإرسال المجلات والمطبوعات بحرا الى اماكن محددة في كل انحاء الارخبيل. ومن هذه المستودعات، ينقل السائقون المطبوعات بالشاحنات الى اماكن اخرى. وعندما يكون السائقون بعيدين جدا عن اماكن انطلاقهم، يؤويهم الاخوة بسرور في بيوتهم لكي يرتاحوا جيدا قبل ان يتابعوا رحلتهم.
بالاضافة الى توفير المال، فإن الاخوة سعداء بالحصول على
المطبوعات في وقتها المناسب وبحالة ممتازة. وثمة فائدة اضافية هي انهم يشعرون بأنهم اقرب الى الهيئة بسبب اتصالهم القانوني بإخوة من الفرع. وكثيرون يتشجعون بمجرد رؤية الشاحنة المكتوب عليها «برج المراقبة».كما اعطى هذا الترتيب شهادة اضافية من نواحٍ اخرى. على سبيل المثال، حدث في احدى المرات فيضان في منطقة بيكول، في جنوبي لوزون، عندما كان الاخوة ينقلون المطبوعات. وقد منعت المياه العالية الشاحنات من سلوك الطريق الرئيسي. وحدث ان توقفت احدى شاحنات المطبوعات امام منزل احد الاخوة. فعندما رأتها العائلة، قالت للسائقين: «ادخلوا وكلوا وامكثوا هنا الى ان تنخفض مياه الفيضان».
لم يعرف السائقون غير الشهود اين يأكلون او ينامون. وعندما رأوا ما حدث، سألوا السائقين من بيت ايل: «ما علاقتكم بهؤلاء الناس؟».
اجاب الاخوة: «انهم اخوتنا الروحيون».
فأجاب السائقون الآخرون: «اذًا هكذا هم الشهود! مع انكم التقيتم للتوّ، فإنكم تثقون واحدكم بالآخر».
وراء الحدود
والآن لنلقِ نظرة سريعة على ما يحدث للفيليپينيين الكثيرين الذين يعيشون خارج بلدهم. عندما كانت الامبراطورية البريطانية في اوجها، قيل ان «الشمس لا تغرب ابدا» عن اراضيها. والآن يطبِّق البعض هذا القول على الفيليپين اذ يقولون: «لا تغرب الشمس ابدا عن الفيليپينيين». فعلى الرغم من ان الفيليپين بلد صغير، فإن الفيليپينيين مشتتون في كل انحاء الكرة الارضية. وقد ذهب مئات آلاف الفيليپينيين الى بلدان اخرى بحثا عن عمل او لأسباب اخرى. فكيف ادى ذلك الى تعلم البعض حق الكتاب المقدس؟ وكيف ساعد المسافرون الشهود الآخرين؟
كان ريكاردو ماليكسي يعمل كخبير بالحرائق في المطارات. وبما
ان عمله كان يحتِّم عليه الذهاب الى بلدان كثيرة، فقد كان ينتهز هو وزوجته الفرصة لنشر البشارة في البلدان التي لا يوجد فيها سوى عدد قليل جدا من الشهود. وفي الواقع، كانت توجد في البعض من هذه البلدان قيود على عمل الكرازة. وعند زيارتهما لبلدان مثل أوغندا، ايران، بنڠلادش، وتنزانيا، كانا سعيدَين بمساعدة عدة اشخاص على التعرّف بيهوه. وفي بعض الحالات، ساعدا على تأسيس جماعات. ومن البلدان الاخرى التي عملا فيها وكرزا: الصومال، لاوس، وميانمار. وقد قاما بذلك طوال ٢٨ سنة، الى ان تقاعد ريكاردو! كم هما سعيدان لأنهما ساهما مساهمة فعالة في نشر البشارة في اماكن بعيدة!عندما ترك آخرون الفيليپين للعمل في مكان آخر لم يكونوا من الشهود، ولكنهم وجدوا الحق هناك. رُوينا، وهي امرأة كاثوليكية، ذهبت اولا للعمل في الشرق الاوسط. وفيما كانت هناك، بدأت تقرأ الكتاب المقدس. لاحقا، حصلت على عمل في هونڠ كونڠ، حيث يعمل آلاف الفيليپينيين كخدم في المنازل. تقول: «كنت اصلّي كل ليلة الى اللّٰه ليرسل اليّ الاشخاص المناسبين الذين يرشدونني الى ملكوت اللّٰه». استُجيبت صلاتها عندما تكلم معها مرسَلان، هما جون وكارلينا پورتر، وساعداها على درس الكتاب المقدس. فكتبت رُوينا الى فرع الفيليپين لتروي اختبارها ولتطلب ايضا ان يزور احد الاخوة زوجها، الذي كان لا يزال في الفيليپين، ليشرح له رسالة الكتاب المقدس.
ان الفيليپينيين الذين هاجروا يشكّلون الآن جاليات كبيرة في عدد من البلدان. في أوائل القرن العشرين، كان عمال المزارع قليلين في هاواي. فسدّ الفيليپينيون هذه الحاجة. وكان المهاجرون الفيليپينيون من الاوائل الذين قبلوا الحق في هاواي. واليوم، توجد عشر جماعات تتكلم الايلوكوِية وجماعة تتكلم التڠالوڠية في هاواي.
ويعيش في الولايات المتحدة آلاف الفيليپينيين. ومن بينهم شهود كثيرون. وقد تشكلت اول جماعة فيليپينية هناك في استُكتون بكاليفورنيا في سنة ١٩٧٦. يخبر فرع الولايات المتحدة: «تقدَّم الحقل الفيليپيني بسرعة كبيرة، وفي ٣ ايلول (سبتمبر) ١٩٩٦، تأسست اول دائرة فيليپينية». اما بالنسبة الى سنة الخدمة ٢٠٠٢، فقد وُجدت ٣٧ جماعة فيليپينية تتألف من نحو ٥٠٠,٢ ناشر يعملون تحت اشراف فرع الولايات المتحدة. وهنالك ايضا جماعات او فرق تتكلم التڠالوڠية في ألاسكا، المانيا، أوستراليا، ايطاليا، سايپان، ڠوام، كندا، والنمسا.
وعلى الرغم من ان هؤلاء الفيليپينيين هم في بلدان اخرى، لا يزال نيلهم الطعام الروحي منوطا بالاخوة في الفيليپين، بما ان ترجمة المطبوعات باللغات الفيليپينية تتم في الفرع في مانيلا. بالاضافة الى ذلك، فإن بعض البلدان، بما فيها ڠوام، هاواي، والولايات المتحدة، لديها برامج المحافل باللغة الايلوكوِية او التڠالوڠية. وكل المواد المترجمة لهذه المحافل، بما في ذلك المسرحيات المسجلة على كاسيتات، تأتي من الفيليپين.
الكرازة لفرق لغوية اخرى
قدِّمت شهادة حسنة لأغلبية الاشخاص الذين يتكلمون اللغة المحلية في كل انحاء الجزر. ولكن في السنوات الاخيرة، بُذل جهد للوصول الى الذين لم يُعطوا شهادة شاملة. — روما ١٥:٢٠، ٢١.
طوال سنوات، كانت هنالك جماعات قليلة ناطقة بالانكليزية في الفيليپين. وعلى الرغم من ان معظم الفيليپينيين يعرفون القليل من الانكليزية، فالاغلبية لا تتكلمها بطلاقة. ومع ذلك، كانت هنالك حاجة الى عقد اجتماعات باللغة الانكليزية في بعض المواقع. وفي اواخر ستينات الـ ١٩٠٠، انتبه الاخوة لوجود هذه المشكلة قرب قاعدة كلارك الجوية في پامپانڠا. فالاخوات المتزوجات بعسكريين اميركيين
معيّنين هناك لا يتكلمن لغة محلية. فساعد الاخوة على تنظيم اجتماعات باللغة الانكليزية، وكانت هذه الاجتماعات مفيدة جدا طوال سنوات للاشخاص الموجودين في تلك المنطقة.ونشأت مشكلة مماثلة في مانيلا المتروپوليتية. عاشت اخت اميركية هناك في اواخر سبعينات وأوائل ثمانينات الـ ١٩٠٠. يقول پاسيفيكو پانتاس، شيخ في الجماعة التڠالوڠية التي انتسبت اليها هذه الاخت: «تأسفتُ عليها لأنها كانت تحضر الاجتماعات قانونيا، ولكن دون ان تستفيد كثيرا». وخلال وقت قصير، اتى اميركيون آخرون الى تلك الجماعة. فاقتُرح ان يُلقى الخطاب العام ويُعقد درس برج المراقبة بالانكليزية. فرُتّب لذلك، واهتم الاخ پانتاس بالامر. وفي النهاية، أُضيفت اجتماعات اخرى، ودُعي آخرون لتقديم المساعدة. فقبِل الدعوة دايڤيد وجوزي لِدبِتر، اللذان كان يخدمان في الفرع. وعلى مر السنوات، نما العمل جيدا وتوسّع ذاك الفريق الصغير وصار جماعتين انكليزيتين.
استفاد اشخاص كثيرون من وجود الجماعات الانكليزية. ومونيكا، من كاليفورنيا، هي واحدة منهم. فقد بدأت تدرس الكتاب المقدس مع شهود يهوه هناك. ولكنّ والدَيها — وهما كاثوليكيان مخلصان — عارضاها بشدة. وقررا ان يرسلاها الى محيط كاثوليكي في الفيليپين. فرافقت الام مونيكا الى مانيلا وتركتها هناك في بيت جدتها الكاثوليكية من دون جواز سفرها. وإن وجدت مونيكا جماعة لشهود يهوه، فهي لا تستطيع متابعة درسها، بما انها لا تعرف التڠالوڠية، اذ قد نشأت في الولايات المتحدة. ولكنّ الاخت التي درست معها في كاليفورنيا اتصلت بجوزي لِدبِتر لتتأكد من ان يتصل احد بمونيكا. فأخبرتها جوزي انه توجد جماعة انكليزية. وكان هذا تماما ما تحتاج اليه مونيكا! تذكر جوزي: «خلال الاشهر الستة التي ‹نُفيت› فيها مونيكا
الى الفيليپين، اعتمدت. وبعد اسبوعين من معمودية مونيكا، قالت لها امها: ‹هذا هو جواز سفرك. عودي الى الولايات المتحدة›. وكانت آنذاك قد صارت من الشهود». كم كانت مونيكا شاكرة على وجود جماعة انكليزية!كما كانت هنالك فائدة اخرى ايضا. فقد وصل الاخوة الى بعض الاماكن التي لم تُخدَم من قبل. ففي مانيلا المتروپوليتية، توجد احياء يسكن فيها الاغنياء، وكثيرون منهم يتكلمون اللغة الانكليزية. وهكذا، ساعدت اللغة الانكليزية على فتح الطريق للخدمة في هذه المقاطعات.
وقد بُذلت جهود ايضا لفتح المقاطعة الصينية. ففي اواسط سبعينات الـ ١٩٠٠، شُكّل فريق لدرس الكتاب باللغة الصينية. كان يُعقد درس الكتاب في متجر للاحذية تديره كريستينا ڠو. ولكنّ الفريق كان صغيرا جدا وبحاجة الى مساعدة.
كانت اليزابيث ليتش، التي اتت الى الفيليپين عندما تزوجت المرسَل ريموند ليتش، قد خدمت في هونڠ كونڠ طوال ١٦ سنة. فكانت خبرة اليزابيث باللغة الكانتونية وبمساعدة الشعب الصيني على تعلّم الحق مفيدة جدا. في ذلك الوقت تقريبا، كانت إستر أتاناسيو (الآن، إستر سو) احدى الفاتحتين الخصوصيتين المعيّنتين في تلك المقاطعة. تتذكر إستر: «عندما بدأنا الخدمة في تلك المقاطعة، لم يكن الناس يعرفون مَن هم شهود يهوه». ولكنّ الجالية الصينية في مانيلا صارت تدريجيا تعرف اسم يهوه وشعبه.
وعلى الرغم من ان الفاتحين يعرفون الكانتونية، كان عليهم ان يتعلموا لهجة اخرى، لأن اللهجة الصينية الرئيسية المحكية في مانيلا هي الفوكينية. وانضم الى الفريق تشينڠ تشونڠ تشوا، شاب جديد في الحق. كان يعرف اللهجة الفوكينية فاستُخدم كمترجم في الاجتماعات الاولى.
تدريجيا تقدّم الفريق. وتشكلت جماعة صغيرة في آب (اغسطس)
١٩٨٤. لا تزال توجد تحديات كثيرة، ولكنّ الذين يساعدون يعتبرونه فرحا ان يكرزوا في تلك المقاطعة التي لم تصلها شهادة شاملة من قبل.حتى الذين لا يستطيعون ان يسمعوا «يسمعون»
بمرور الوقت، بدا ان مشيئة يهوه هي الاهتمام بلغة اخرى ومقاطعة اخرى — مقاطعة الصمّ. حتى في اوائل تسعينات الـ ١٩٠٠، لم تكن هنالك تقريبا اية ترتيبات في الفيليپين لمساعدة الصمّ على التعلّم عن يهوه. ومع ان قليلين من الصم انضموا الى الجماعات، كانت هنالك بعض الحالات الاستثنائية. على سبيل المثال، نال مانويل رونيو، التي كانت امه شاهدة، المساعدة على تعلّم حق الكتاب المقدس بفضل جهود اخت درست معه بطريقة الكتابة على الورق. ونتيجة لذلك، اعتمد في سنة ١٩٧٦. وفي جزيرة سيبو، كانت التوأمان لورنا ولوز المصابتان بالصمم قد تعلّمتا رسالة الكتاب المقدس على يد خالهما الاعمى. فكيف تمكّن فاتح اعمى من تعليم شخصَين اصمّين؟ كان يستخدم الصور الايضاحية، يعاونه احد الاشخاص في ذلك. وعلاوة على ذلك، كان قريبه يترجم ما يقوله الى اشارات تستطيع التوأمان فهمها، بما انهما لم تدرسا قط لغة الاشارت بطريقة رسمية. فاعتمدتا كلتاهما في سنة ١٩٨٥. ولكن هذه الجهود المبذولة كانت نادرة.
حصلت عدة حوادث ادت الى افتتاح هذه المقاطعة. فعندما كان المرسَلان دين وكارِن جاسِك في بيت ايل بروكلين لنيل بعض التدريب في اواسط سنة ١٩٩٣، سألهما الاخوة الذين يعملون في قسم خدمات الترجمة ماذا يفعل الاخوة لمساعدة الصمّ في الفيليپين. كما ان اختا شابة في الفيليپين كانت قد تسجَّلت في صف لتعلّم لغة الاشارات، وبنيّتها ان تتعلم الاتصال بصديقة صمّاء عائلتُها من الشهود. بالاضافة الى ذلك، التقت ليسا پريسنيليو ورفيقاتها الفاتحات
اشخاصا صمّا في مقاطعتهن في ناڤوتاس بمانيلا المتروپوليتية، ولكنهن لم يتمكّن من التكلم معهم. ففكرت الفاتحات في درس لغة الاشارات لكي يتمكّن من ايصال رسالة الملكوت الى الصمّ.علم الفرع ان آنا ليسا آسيبيدو، فاتحة قانونية في مانيلا، تعمل في مدرسة للصمّ وهي واحدة من الشهود القلائل في الفيليپين الذين يتقنون لغة الاشارات. فسُئلت: «هل ترغبين في تعليم لغة الاشارات لبعض اعضاء بيت ايل؟».
كان جوابها ايجابيا! فقد تساءلت مرارا عديدة كيف يمكن ايصال البشارة الى جميع الصمّ. فابتدئ بصف شمل اعضاء من بيت ايل وفاتحين قانونيين محليين. وكانت الاخوات في ناڤوتاس قد انخرطن في صف لتعلّم لغة الاشارات، وتابعن في الصف الجديد.
ثم تسارعت الامور. وفي غضون ستة اشهر، صارت الاجتماعات تُترجم بلغة الاشارات في ثلاث جماعات في مانيلا المتروپوليتية. وخلال سنة ١٩٩٤، رُتّب ان تُترجَم لأول مرة المحافل الى لغة الاشارات. وكان أحد الاهداف الرئيسة مساعدة الاولاد الصمّ الذين والدوهم من الشهود. ومن بين الاشخاص الصمّ الاوائل الذين اعتمدوا كان يوجد عدد لا بأس به من اولاد الشهود. مانويل رونيو، الذي كان يحضر الاجتماعات بأمانة طوال سنوات دون ان يكون هنالك ترجمة بلغة الاشارات، كان سعيدا بالاستفادة من هذه الترتيبات الجديدة.
وسرعان ما ابتدأت مناطق اخرى في البلد تطلب المساعدة. فأُرسلت ليسا پريسنيليو مع رفيقة لها الى أُلونڠاپو للعمل كفاتحة خصوصية مؤقتة في مقاطعة الصمّ. وجرت مساعدة الكثيرين. وفي اواسط سنة ٢٠٠٢، كانت فرق تستخدم لغة الاشارات قد تشكَّلت في ٢٠ مدينة وبلدة خارج مانيلا. وأول تقدم بارز كان تشكيل جماعة مانيلا المتروپوليتية التي تستخدم لغة الاشارات في نيسان (ابريل)
١٩٩٩، الجماعة الاولى في البلد. جويل آسيبيس، احد اعضاء بيت ايل الذي انخرط في الصف الاول لتعلم لغة الاشارات وهو الآن شيخ في تلك الجماعة، يقول: «نحن سعداء ان يهوه استخدمنا في هذا العمل البالغ الاهمية». نعم، حتى الصمّ «يسمعون» رسالة الملكوت. ورؤية التقدم في هذه المقاطعة التي لم تُخدَم في السابق هي حقا سبب لفرح عظيم.الحاجة الى بناء اكبر
نتيجة الخدمة في مقاطعات جديدة خلال تسعينات الـ ١٩٠٠ وخدمة المقاطعات القديمة بشكل شامل اكثر، ازداد عدد الناشرين وعدد الجدد الذين يعاشرون الجماعات. فصارت هنالك حاجة الى المزيد من المجلات، كما تُرجمت كتب وكراسات بلغات فيليپينية اكثر من اي وقت مضى. وكانت النتيجة ازديادا كبيرا في عدد العاملين في الفرع — للقيام بالطباعة، الترجمة، وإنجاز خدمات لازمة اخرى للاخوة والجماعات. ولم يكن قد مضى وقت طويل على انتهاء بناء المبنى السكني الجديد في سنة ١٩٩١ حتى امتلأ. فقد كان مصمما لإيواء ٢٥٠ شخصا. ولكن بحلول سنة ١٩٩٩، تألفت عائلة بيت ايل من ٣٥٠ شخصا.
كانت لا تزال هنالك مساحة كافية في مِلكية الفرع للبناء فيها، فوافقت الهيئة الحاكمة على بناء مبنى آخر، مماثل جدا للذي بُني في سنة ١٩٩١. فبدأ العمل في سنة ١٩٩٩ وانتهى في نهاية سنة ٢٠٠١. وبفضل المبنى الجديد صار بإمكان الفرع إيواء ضعف العدد السابق تقريبا. وتوجد اماكن اضافية للمكاتب، الامر الذي كان ضروريا جدا لسدّ حاجات العمل المتوسع في الحقل. كما أُضيف مغسل اكبر، غرفة صف لمدرسة تدريب الخدام، ومكتبة أُدخلت عليها عدة تحسينات. لإنجاز هذا العمل، انضم الى عائلة بيت ايل فترة من
الوقت عمال محليون وخدام امميون مهرة. وبعد انهاء المبنى الجديد، بقي هؤلاء المتطوعون لترميم المبنى الذي بُني سنة ١٩٩١. ان مشاريع البناء هذه تتطلب الكثير من العمل، ولكن الهدف الوحيد هو تزويد مبانٍ تدعم نشر حقائق الكتاب المقدس المانحة الحياة.مدرسة تدريب الخدام تؤدي دورا فعّالا
عندما تأسست مدرسة تدريب الخدام في الولايات المتحدة في سنة ١٩٨٧، بدأ اخوة كثيرون في الفيليپين يفكرون: ‹هل سنستفيد يوما من هذا التدريب؟›. اتى الجواب في سنة ١٩٩٣. فقد أُعلن ان المدرسة ستبدأ في الفيليپين في السنة التالية. وستزوّد تدريبا اضافيا للاخوة الاكفاء الذين يتمتعون بخبرة تنظيمية كشيوخ او خدام مساعدين. فقدّم مئات الاخوة الطلبات.
دُرّب ناظران جائلان وأحد المرسَلين ليكونوا معلّمين. وبدأ الصف الاول في كانون الثاني (يناير) ١٩٩٤. والذين نالوا هذا التدريب صاروا
مؤهلين اكثر ليخدموا اخوتهم في الجماعات. كتبت جماعة عن احد المتخرجين من المدرسة: «يوجد فرق شاسع بين طريقته في معالجة التعيينات في الاجتماع الآن وطريقته قبلما حضر المدرسة».وقد قام كثيرون من التلاميذ بتضحيات مادية بغية الاستفادة من هذا التدريب الروحي. كان رونالد مولينيو قد تدرَّب كمهندس كيميائي. وفي الوقت نفسه تقريبا الذي تلقى دعوة الى المدرسة، عرضت عليه احدى الشركات وظيفة بأجر مرتفع، بيتا، تأمينا، وفوائد اخرى. تأمل رونالد في الفرصتين المتاحتين امامه واختار الروحية منهما. فتخرج من الصف الـ ١٨ واستمر يتمتع بخدمته كفاتح. ودُعي رونالد مؤخرا الى الخدمة الارسالية في پاپوا غينيا الجديدة.
كان على ويلسون تيپاييت اتخاذ قرار بعد حضور الصف الاول. كان استاذا ووظيفته جيدة، ولكنه دُعي الآن الى الانخراط في خدمة الفتح الخصوصي حيث الحاجة اعظم. يقول: «كنت اتمتع بوظيفتي كأستاذ، ولكنني عرفت ايضا ان مصالح الملكوت يجب ان تكون الاولى في حياتي». فقبِل امتياز خدمة الفتح الخصوصي ورأى ان يهوه بارك خدمته في هذا المجال. ويخدم ويلسون الآن كناظر كورة في جنوبي الفيليپين.
معظم التلاميذ في المدرسة هم من الفيليپين. ولكنّ الهيئة الحاكمة صنعت ترتيبات ان يأتي تلاميذ من بلدان آسيوية اخرى. ومن البلدان التي ارسلت تلاميذ الى الفيليپين: إندونيسيا، تايلند، سري لانكا، كمبوديا، ماليزيا، نيپال، وهونڠ كونڠ. وبعض التلاميذ يأتون من بلدان عمل شهود يهوه محظور فيها. فكان التدريب المشترك اختبارا بناء جدا للتلاميذ. يقول الاستاذ آنيبال سامورا: «التلاميذ الآتون من بلدان توجد فيها قيود على عملنا يخبرون كيف اتكلوا على يهوه في جميع
الظروف. وذلك يشجّع التلاميذ الفيليپينيين». وبالمقابل، يتعلم التلاميذ من البلدان الاخرى كيف ان الاخوة الفيليپينيين الآتين من خلفيات متواضعة خدموا يهوه في اوضاع صعبة.نيدهو دايڤيد، تلميذ من سري لانكا، قال: «سأعزّ على الدوام تلك الذكريات. كانا شهرَين من التدريب من يهوه اللّٰه. انه لَأمر رائع حقا!».
ان مكان عقد المدرسة هو في الفرع. والتلاميذ لا يستفيدون فقط من منهاج الدراسة المُعَدّ، بل يستفيدون ايضا من رؤية كيفية تنظيم العمل في الفرع. واحتكاكهم بإخوة وأخوات روحيين في بيت ايل يعرّفهم بأمثلة رائعة للايمان ليتمثلوا بها. كما يتمكن الاخوة من البلدان التي عدد ناشريها اقل او حيث العمل محظور من رؤية التنظيم على نطاق كبير.
حتى الآن، تخرج ٩٢٢ شخصا من ٣٥ صفا. ومن الاخوة الفيليپينيين المتخرجين، ٧٥ يخدمون الآن كنظار جائلين وعدد اكبر كنظار دوائر بدلاء في ١٩٣ دائرة في كل انحاء الجزر. عُيّن ستة في بيت ايل، وعشرة يخدمون في تعيينات ارسالية في پاپوا غينيا الجديدة وميكرونيزيا. ومئات يخدمون كفاتحين قانونيين في مقاطعاتهم او حيث الحاجة اعظم. خلال ثماني سنوات فقط منذ افتتاح المدرسة، اعتمد اكثر من ٠٠٠,٦٥ شخص في البلد. وتوجد روح رائعة للفتح، وعموما يمكن ان يُرى النمو بشكل واضح في الجماعات. حقا، ان هؤلاء الاخوة يطبّقون ما تعلموه في المدرسة، مساهمين في التقدّم الرائع الذي حصل.
تقدّم العمل
تُنجَز امور رائعة في كل انحاء الجزر. والاخوة الغيورون الذين يؤلفون ٥٠٠,٣ جماعة تقريبا مشغولون بالمناداة بالبشارة بأفضل حكومة يمكن تخيّلها، ملكوت اللّٰه.
اشعياء ٢٤:١٥: ‹في جزائر [«جزر»، الترجمة اليسوعية الجديدة] البحر يمجدون اسم الرب›.
ان التقارير الاخيرة مشجّعة جدا. ففي الاشهر السبعة الاخيرة من سنة الخدمة ٢٠٠٢، جرى بلوغ ذروة جديدة في عدد الناشرين كل شهر. وفي شهر آب (اغسطس)، كان هنالك ١٢٤,١٤٢ ناشرا يوصلون رسالة الملكوت الى الآخرين. ويُعرَّف الناس في جزر كثيرة باسم يهوه وقصده. ويقوم خدام يهوه هناك بشيء مماثل لما أُنبئ به فيمن بين هؤلاء المبشرين الغيورين يوجد آلاف الفاتحين القانونيين. في سنة ١٩٥٠، كان هنالك ٣٠٧ فاتحين فقط، ولكن في نهاية نيسان (ابريل) ٢٠٠٢، كان هنالك ٧٩٣,٢١ فاتحا. أضِف الى ذلك ٣٨٦ فاتحا خصوصيا و ٤٥٨,١٥ فاتحا اضافيا في ذلك الشهر، فيكون المجموع ٦٣٧,٣٧، او ٢٧ في المئة من مجموع عدد الناشرين. وقد أظهر عدد اكبر بكثير رغبتهم في الانضمام الى صفوف خدام اللّٰه كامل الوقت. وخلال سنة الخدمة ٢٠٠٢، جرت الموافقة على ٦٣٨,٥ طلبا للانخراط في الفتح القانوني.
كل ذلك ينتج ثمرا جيدا. ويستمر آلاف الاشخاص في التجاوب. ففي آذار (مارس) ٢٠٠٢ كان عدد حضور الذِّكرى ٠١٠,٤٣٠. ويُعقد حوالي ٠٠٠,١٠٠ درس في الكتاب المقدس كل شهر. وخلال سنة الخدمة ٢٠٠٢، اعتمد ٨٩٢,٦ تلميذا جديدا. في سنة ١٩٤٨، كانت نسبة الشهود الى عدد السكان في البلد ١ الى ٣٥٩,٥. اما اليوم، فالنسبة هي ١ الى ٥٤٩. وفيما لا يزال يهوه فاتحا المجال، نأمل ان ينضم الآلاف الى مسبّحي يهوه في جزر البحار هذه.
التصميم على المثابرة
عندما زار ت. ت. رصل الفيليپين في سنة ١٩١٢، زُرع بعض بذار الحق في التربة. فطلع البذار ونما، ببطء ولكن بثبات. ونتجت ثمار جيدة اذ ان البعض وقفوا الى جانب الحق «في وقت مؤات وفي وقت ٢ تيموثاوس ٤:٢) ومنذ الحرب العالمية الثانية بشكل خاص، يزداد عدد الناشرين بسرعة، والآن يوجد عشرات آلاف المسبّحين النشاطى ليهوه. وهم يمجدون بفرح اسم اللّٰه الى جانب ستة ملايين شخص تقريبا يؤلفون الجماعة العالمية لشعب يهوه.
محفوف بالمتاعب». (كما اظهر هذا التقرير، لم يكن دائما العمل سهلا. وعلى الرغم من جمال هذا البلد، فإن الوصول الى سكان الجزر الكثيرة قد امتحن شجاعة المنادين بالملكوت. فالبعض يواجهون البحار المضطربة للوصول الى بقع معزولة من البلد. وكثيرون يشقون طريقهم عبر النباتات الكثيفة في الجبال العالية لإيجاد المشبهين بالخراف. وعلى الرغم من ان جزر الفيليپين نالت قسطا كبيرا من الكوارث — زلازل، فيضانات، اعاصير مدارية، وبراكين — لم يوقف ذلك عمل شهود يهوه الاولياء.
انهم يشبهون الاسرائيليين الذين كانوا في ارض مستردة لإحياء العبادة الحقة. فقد كان عليهم مواجهة مصاعب عدة، ولكنّ فرح يهوه كان قوّتهم. واليوم ايضا، يعرب شهود يهوه بوضوح عن المثابرة ويتكلون على اللّٰه. فهم يعرفون ان يهوه معهم، ويؤمنون بما يقوله المزمور ١٢١:٧: «الرب يحفظك من كل شر يحفظ نفسك». وبدعم يهوه، يتطلعون بشوق الى مساعدة اكبر عدد ممكن من الناس قبل انتهاء هذا النظام. وبعد ذلك، يتوقعون تعليم ملايين المقامين في كل انحاء الارض، ومن بينها هذه الجزر الـ ١٠٠,٧. عندئذ سيشع الجمال الفردوسي لهذا البلد، جالبا المجد للخالق.
في هذه الاثناء، شهود يهوه مصمّمون على السير قدما وثقتهم كاملة ان يهوه يبارك عملهم. ويسعون ان تكون حياتهم على انسجام مع كلمات نبي اللّٰه: «ليعطوا الرب مجدا ويخبروا بتسبيحه في الجزائر [«الجزر»، يج]». — اشعياء ٤٢:١٢.
[النبذة في الصفحة ٢٣٢]
«لا بد ان اللّٰه معك، وإلّا لكنت قُتلتَ»
[الاطار في الصفحة ١٥٣]
زرع اولى بذور الحق
زار تشارلز ت. رصل والفريق المسافر معه الفيليپين في سنة ١٩١٢. ومع انهم كانوا اول ممثلين رسميين من المركز الرئيسي في بروكلين يقومون بهذه الزيارة، تشير السجلات انه كان يوجد تلميذان آخران للكتاب المقدس في الفيليپين وكانا يساعدان الناس على تعلّم حق الكتاب المقدس. كتبت لويز بِلّ من الولايات المتحدة:
«ذهبنا انا وزوجي الى الفيليپين في سنة ١٩٠٨، وكان التعليم مهنتنا. كنا الاميركيَّين الوحيدَين في مدينة سيبالوم. طلبنا مئات الكيلوڠرامات من نشرات الكتاب المقدس من بروكلين. فشُحنت من نيويورك الى سان فرانسيسكو، ثم شُحنت عبر المحيط الهادئ الى مانيلا، ومن هناك نُقلت في مراكب عبر الجزر الى سيبالوم.
«وزّعنا هذه النشرات وتكلّمنا الى الناس المحليين كلما كانت الفرصة سانحة والوقت متاحا. لم نحفظ اي سجل بالساعات او التوزيعات. وعلى الرغم من ان الناس هم كاثوليك، فقد اصغى الينا كثيرون بسرور. كنا استاذَين ونلنا تدريبا في المجال الطبي، ولكننا كنا في المقام الاول رسولَين للبشارة.
«سافرنا مشيا على الاقدام او فوق ظهر الخيل على طرقات وعرة. احيانا كنا ننام على ارضيات مصنوعة من الخيزران ونأكل السمك والارزّ من صحفة مشتركة.
«وعندما زار الراعي رصل مانيلا في سنة ١٩١٢، ارسلنا له برقية».
حضرت الاخت بِلّ محاضرة الاخ رصل في دار الاوپرا في مانيلا حول الموضوع «اين هم الموتى؟»
[الاطار في الصفحة ١٥٦]
لمحة عن الفيليپين
اليابسة: تغطي حوالي ١٠٠,٧ جزيرة مساحة ٠٠٠,٣٠٠ كيلومتر مربع تقريبا من اليابسة. وتمتد الجزر حوالي ٨٥٠,١ كيلومترا من الشمال الى الجنوب ونحو ١٢٥,١ كيلومترا من الشرق الى الغرب. انها تختلف كثيرا في الحجم — الكبرى هي اكبر قليلا من الپرتغال في حين ان الصغرى صغيرة جدا بحيث انها تختفي عندما يرتفع المدّ.
الشعب: يتحدر بغالبيته من اصل ملاييّ، رغم ان البعض لهم جذور صينية، اسپانية، او اميركية.
اللغة: توجد في الفيليپين لغات عديدة، ومن بين اللغات الاكثر شيوعا الايلوكوِية، الپانڠاسينية، البيكولية، التڠالوڠية، السامارلايتية، سيبوانو، وهيليڠاينون. وتُعتبر الانكليزية والفيليپينية اللغتين الرسميتين. واللغة الفيليپينية مبنية بشكل رئيسي على التڠالوڠية.
سُبُل العيش: يوجد تنوّع كبير في المدن، ولكن في المناطق الريفية، كثيرون هم مزارعون او صيادو سمك. والمحاصيل الغذائية التي تشمل الارزّ، قصب السكر، الموز، جوز الهند، والاناناس تُنتَج بكثرة.
الطعام: يُقدَّم عادة الارزّ في كل وجبة. والسمك والمأكولات البحرية الاخرى شائعة جدا، الى جانب الخُضَر والفواكه التي تنمو في المنطقة المدارية.
المناخ: المناخ مداري، ودرجات الحرارة هي نفسها تقريبا في كل الجزر. ويتلقى البلد عادة كمية كبيرة من الامطار.
[الاطار/الصورة في الصفحتين ١٦١، ١٦٢]
مقابلة مع هيلاريون آموريس
تاريخ الولادة: ١٩٢٠
تاريخ المعمودية: ١٩٤٣
لمحة عن حياته: درس الحق خلال الاحتلال الياباني في الحرب العالمية الثانية. في ذلك الوقت كان الشهود في البلد قليلين.
اعتمدتُ خلال الحرب حين كان لا يزال ممكنا ان يكرز الاخوة من بيت الى بيت. ولكن، كان علينا ان نحترس لأن الناس كانوا يرتابون مما نفعله. وفي آخر الامر، كان علينا ان نهرب الى الريف، ولكن في سنة ١٩٤٥ عدنا الى مانيلا.
في ذلك الوقت، نلت امتياز ترجمة برج المراقبة بالتڠالوڠية. وتطلَّب ذلك ان اعمل حتى وقت متأخر جدا، حتى الساعة الثانية صباحا. ثم كانت المواد المترجَمة تُنسخ وتُرسَل الى فرق الشهود. كانت التضحية بالذات ضرورية. ولكننا كنا سعداء جدا لأن الاخوة يُعتنى بهم روحيا.
خلال كل سنواتي في الحق، رأيت ان يهوه رحيم. انه يهتم حقا بشعبه، روحيا وجسديا على السواء. اتذكر الاعانات التي أُرسلت بعد الحرب الى الفيليپين. فكم من شخص استفاد من السراويل والاحذية والملابس الاخرى التي أُرسلت! وكثيرون من الفاتحين الذين استفادوا اعربوا عن تقدير جزيل فبذلوا جهدا اضافيا في خدمتهم كامل الوقت. ان يهوه يهتم حقا بشعبه، ويزوّدهم بكل ما يلزم.
[الاطار/الصورة في الصفحتين ١٧٣، ١٧٤]
مرسَل محبوب
نيل كَلاوَي
تاريخ الولادة: ١٩٢٦
تاريخ المعمودية: ١٩٤١
لمحة عن حياته: وُلد في عائلة من الشهود، وبدأ خدمته كامل الوقت عند تخرجه من المدرسة الثانوية. دُعي الى الصف الـ ١٢ في مدرسة جلعاد؛ وعُيّن في الفيليپين، حيث خدم كناظر جائل.
كان نيل كَلاوَي مرسَلا غيورا، محبوبا كثيرا من الاخوة. خدم في كل انحاء البلد، وكان جديا في عمل الملكوت وفي الوقت نفسه ودودا ومرحا. انه يخبر عن تعيينه في العمل الجائل.
«احيانا كنا نسير على التلال طوال ساعتين لنصل الى المقاطعة، ونرنّم ترانيم الملكوت ونحن سائرون. كان الفريق يتألف من ١٥ الى ٢٠ ناشرا، والجميع يسيرون في خط واحد في الدروب الوعرة ويرنّمون — منظر مبهج جعلني مسرورا حقا اني قبلت تعييني في بلد اجنبي.
«وما جعلني ارغب في بذل جهد اضافي في إخبار الآخرين عن ملكوت اللّٰه هو ايصال كلمة اللّٰه الى البيوت الوضيعة في المناطق الريفية، رؤية هذا الشعب المتواضع جالسا على الارض يصغي الى كل كلمة تُقال، ثم رؤيتهم لاحقا في قاعة الملكوت في زيارتي التالية».
تزوّج نيل ناينيتا، اخت من جزيرة مِنْدورو، وخدما معا بأمانة حتى موته في سنة ١٩٨٥. ولا يزال الاخوة الفيليپينيون يتكلمون عنه بإعزاز. قال احدهم: «كان الاخ كَلاوَي رجلا لطيفا على علاقة طيبة بالاخوة. وعرف كيف يتكيّف في كل الظروف». *
[الحاشية]
^ الفقرة 342 ظهرت قصة حياة الاخ كَلاوَي في «برج المراقبة» عدد ١ آب (اغسطس) ١٩٧١، بالانكليزية.
[الاطار/الصورة في الصفحة ١٧٧]
مقابلة مع إينلدا سلڤادور
تاريخ الولادة: ١٩٣١
تاريخ المعمودية: ١٩٤٩
لمحة عن حياتها: ذهبتْ كمرسَلة الى تايلند في آذار (مارس) ١٩٦٧.
كانت مشاعري متضاربة عندما عرفت انني سأذهب كمرسَلة الى تايلند. كنت سعيدة، قلقة بعض الشيء، وتجول في بالي اسئلة كثيرة.
وصلت الى هناك في ٣٠ آذار (مارس) سنة ١٩٦٧. بالنسبة اليّ كانت اللغة غريبة. انها لغة ذات نغمات منخفضة، عالية، عميقة، متصاعدة، وحادة. كان صعبا عليّ تعلّم اللغة، لكنّ الاخوة المحليين والاجانب ساعدوني بمحبة.
من سنة ١٩٦٧ الى سنة ١٩٨٧، كنت في سوخومْويت. ثم طُلب مني ان انتقل الى جماعة جديدة. بدا ذلك صعبا، لأنه عليّ ان اترك اخوة وأخوات خدمت معهم طوال ٢٠ سنة. هكذا شعرت عندما انتقلت الى تون بوري. ولكن في الواقع، يتوقف الامر على موقف الشخص. بعد ١٢ سنة في تون بوري، عدت الى سوخومْويت في سنة ١٩٩٩. قال المرسَلون الآخرون ان رجوعي هو بمثابة عودتي الى بيتي. ولكن بالنسبة اليّ، اية جماعة اخدم فيها يمكن ان تكون بيتا لي.
[الاطار/الصورة في الصفحة ١٧٨]
ذكريات عن تعلّم اللغة
بينيتو واليزابيث ڠونداياو
لمحة عن حياتهما: خدم بينيتو، برفقة زوجته اليزابيث، في العمل الدائري في الفيليپين. وفي سنة ١٩٨٠، أُرسلا كمرسلَين الى هونڠ كونڠ. وهناك ساعدا ٥٣ شخصا على تعلّم الحق.
كان تعلّم اللغة الكانتونية امتحانا صعبا لنا، نحن الذين لا نعرف شيئا عن اللغة الصينية. فالمطلوب حقا هو جهد مخلص ومثابرة بالاضافة الى التواضع.
ذات مرة حاولت ان اقول: «انا ذاهب الى السوق». ولكنّ كلماتي التي قلتها بالكانتونية عنت: «انا ذاهب الى زبل الدجاج». وفي خدمة الحقل قالت زوجتي بحماس: «انني اعرفها!»، مشيرةً الى اخت تعرفها صاحبة البيت. ولكنّ كلمات زوجتي عنت: «انني اكلتها!». يا لها من صدمة لصاحبة البيت! اننا نعزّ كثيرا اختباراتنا في الحقل الذي يتكلم اللغة الصينية.
[الاطار/الصورة في الصفحتين ١٨١، ١٨٢]
مقابلة مع ليديا پامپلونا
تاريخ الولادة: ١٩٤٤
تاريخ المعمودية: ١٩٥٤
لمحة عن حياتها: بعد ان تدرّبتْ كفاتحة خصوصية في الفيليپين، دُعيتْ للخدمة في پاپوا غينيا الجديدة في سنة ١٩٨٠. ساعدتْ اكثر من ٨٤ شخصا على تعلّم الحق.
سُررت جدا عندما نلت تعييني لأنني طالما رغبت في الخدمة حيث الحاجة اعظم. كنت ايضا قلقة لأنها ستكون المرة الاولى التي اترك فيها عائلتي. لم اكن اعرف الكثير عن پاپوا غينيا الجديدة، والقليل الذي عرفته من القصص التي سمعتها جعلني قلقة. لكنّ امي شجعتني قائلة: «يهوه اللّٰه يهتم بنا حيثما نفعل مشيئته». فكتبت رسالة اعبّر فيها عن قبولي التعيين.
عندما وصلت، كان الاخوة لطفاء جدا والشعب ودّيا. كنت اوزع عدة كتب ومجلات كل شهر، اكثر بكثير مما كنت اوزع في الفيليپين. ولكن اللغة والعادات كانت مختلفة جدا عن لغتي وعاداتي. ففكرت: ‹على كل حال، سأخدم هنا بضع سنوات فقط، ثم اعود الى موطني وأخدم كفاتحة مع امي ثانية!›.
ولكن بعد ان تعلمت لغتين من اللغات الرئيسية، وتبنّيت بعض العادات المحلية، صرت اعرف الناس بشكل افضل. وخلال وجودي هنا طوال اكثر من ٢٠ سنة، كان لي امتياز تعليم اشخاص كثيرين الحق، والبعض منهم علّمتهم القراءة والكتابة لكي يقدروا ان يدرسوا جيدا ويجعلوا الحق خاصتهم. كل ذلك وبركات اخرى ايضا يجعلني اشعر ان پاپوا غينيا الجديدة هي موطني الآن. وإذا شاء يهوه، فأنا سعيدة ان اخدمه حتى يقول ان العمل قد أُنجز او حتى نهاية ايامي هنا.
[الاطار/الصورة في الصفحتين ١٩١، ١٩٢]
مقابلة مع فيلامون داماسو
تاريخ الولادة: ١٩٣٢
تاريخ المعمودية: ١٩٥١
لمحة عن حياته: بدأ الخدمة كامل الوقت سنة ١٩٥٣. وتزوّج لاحقا وانخرط في العمل الدائري. وبعد تربية الاولاد، عاد وانخرط في الخدمة كامل الوقت كفاتح خصوصي مع زوجته. لقد تسلّم حتى الآن تعيينات متنوعة في جزر ڤيسايان ومِنْداناوو.
في ستينات الـ ١٩٠٠، صعّبت المشقات العسيرة الخدمة كامل الوقت. فقد كان الطعام شحيحا بسبب جائحة الجرذان التي قضت على محاصيل الذرة والارزّ. ولم يعد بإمكاننا القيام بعمل الكرازة في المدن لأن ثيابنا وأحذيتنا بليت.
فكنا نذهب الى الحقول، الجبال، والاحياء النائية — دون انتعال احذية في معظم الاحيان. وكدت اتخلى عن إلقاء خطاب في محفل دائري لأنني لم اكن املك ثيابا لائقة. لكنّ ناظر كورتنا، الاخ برناردينو، اعارني بلطف قميصه، فألقيت خطابي. طبعا، كثيرون من الناس كانوا ماديا اسوأ حالا منا. ولكن بسبب تصميمنا على المثابرة، باركنا يهوه.
في سنة ١٩٨٢، واجهنا امتحانات بسبب الحياد. ففي مِنْداناوو، كانت هنالك حالة تمرد على الحكومة. ولأنني كنت اعقد دروسا في الكتاب المقدس مع مَن يُعتبرون مسؤولين في جبهة التمرد، صنّفني الجنود التابعون للحكومة بأنني «محاضر» لليساريين. ولكنّ مسؤولا حكوميا شرح ان ما نعلّمه هو بكامله من الكتاب المقدس وليس من طبيعة سياسية.
وفي الوقت نفسه، كان المتمردون ينظرون اليّ نظرة عدائية لأنني عندما ذهبت لأكرز، شهدت اولا للمسؤول الذي عيّنته البلدية ولآمر المفرزة العسكرية. ولكنهم لم يؤذونا لأن احد المسؤولين في جبهة التمرد ممّن ادرس معهم دافع عنا.
لقد ساعدنا يهوه على النجاة من الشدائد والامتحانات التي واجهناها طوال عقود. شكرا ليهوه على رحمته وحمايته. — امثال ١٨:١٠؛ ٢٩:٢٥.
[الاطار/الصورة في الصفحتين ٢١٧، ٢١٨]
مقابلة مع پاسيفيكو پانتاس
تاريخ الولادة: ١٩٢٦
تاريخ المعمودية: ١٩٤٦
لمحة عن حياته: تخرج من الصف الـ ١٦ في مدرسة جلعاد في سنة ١٩٥١. ويخدم حاليا كشيخ في مدينة كايزون.
خلال الحرب العالمية الثانية، كان جيراننا في مقاطعة لاڠونا من شهود يهوه. وسمحوا لي ان اقرأ الكتب التي في مكتبتهم. كانت الكتب جيدة: الخلق، التبرئة، المصالحة، الدين، الاعداء، الاولاد، وكثير غيرها. عندما اشعل اليابانيون النار في مدينتنا، انفصلنا عن الشهود، ولكنني وجدتهم ثانية بعد سنة في مانيلا. بدأت احضر الاجتماعات، وبعد ان اعتمدت، انضممت الى فريق من الفاتحين. كان تعييننا كامل مقاطعة تاياباس، التي دُعيت لاحقا كايزون. خدمنا من مدينة الى مدينة، ونمنا في باصات فارغة، بيوت الاشخاص المهتمين، وأماكن غيرها.
عندما وصلنا الى ماووبان، اجتاح المدينة مقاتلون في حرب العصابات. كنا نائمين في الطابق الثاني من مبنى البلدية. فأيقظتنا الجلبة. وبدا ان رجال الشرطة تحتنا وقعوا
في قبضة هؤلاء المقاتلين. فقد تمكّنا من سماعهم يلقون اسلحتهم على الارض.واندفع المقاتلون الى الطابق العلوي. وأضاء احدهم مشعلا كهربائيا في وجهنا وقال: «من انتم؟». تظاهرنا اننا نائمون. فكرر سؤاله وأضاف: «ألستم جواسيس تابعين لشرطة الفيليپين؟».
أجبنا: «كلا».
قال: «ولكنكم لابسون ثيابا عسكرية».
فأوضحنا له ان الثياب متبرَّع بها وأن احذيتنا مرسَلة من اخوتنا في اميركا ضمن مؤن الاغاثة.
قال القائد: «حسنا، سآخذ الاحذية». فخلعت حذائي. وأراد ايضا سروالي. وبعد قليل، لم نعد لابسين سوى سراويلنا التحتية فقط. جيد اننا كنا نملك ثيابا اخرى موضوعة في مكان قريب. وفي الواقع، سرَّنا انهم اخذوا ما اخذوه. وإلّا لَاعتقدت المدينة بكاملها اننا جواسيس للمقاتلين!
اشترينا احذية خشبية، وعدنا الى مانيلا، ثم ذهبنا الى جزر ڤيسايان لمتابعة كرازتنا.
اشترك الاخ پانتاس في الخدمة كامل الوقت وكان خادم الاخوة (يُدعى الآن ناظر دائرة) قبل حضور مدرسة جلعاد. ولدى عودته الى الفيليپين، خدم كناظر كورة وفي مكتب الفرع قبل ان يؤسس عائلة.
[الجدول/الرسم البياني في الصفحتين ١٦٨، ١٦٩]
الفيليپين — الاحداث البارزة
١٩٠٨: بدأ تلميذان للكتاب المقدس من الولايات المتحدة يكرزان في مدينة سيبالوم.
١٩١٠
١٩١٢: تشارلز ت. رصل يقدّم خطابا في دار الاوپرا في مانيلا.
١٩٣٤: تأسيس مكتب الفرع. نشر كراس النجاة الى الملكوت باللغة التڠالوڠية.
١٩٤٠
١٩٤٧: وصول اول متخرّجين من جلعاد.
١٩٦١: ابتداء صفوف مدرسة خدمة الملكوت.
١٩٦٤: دعوة الفاتحين الفيليپينيين للشروع في الخدمة الارسالية في البلدان المجاورة.
١٩٧٠
١٩٧٨: ابتداء صفوف مدرسة خدمة الفتح.
١٩٩١: إكمال ابنية جديدة في الفرع وتدشينها. ثوران جبل پيناتوبو.
١٩٩٣: صدور الاسفار اليونانية المسيحية — ترجمة العالم الجديد باللغة التڠالوڠية.
٢٠٠٠
٢٠٠٠: صدور ترجمة العالم الجديد الكاملة باللغة التڠالوڠية.
٢٠٠٢: ١٢٤,١٤٢ ناشرا هم نشاطى في الفيليپين.
[الرسم البياني]
(انظر المطبوعة)
مجموع عدد الناشرين
مجموع عدد الفاتحين
٠٠٠,١٥٠
٠٠٠,١٠٠
٠٠٠,٥٠
١٩٤٠ ١٩٧٠ ٢٠٠٠
[الجدول في الصفحة ١٩٩]
(انظر المطبوعة)
جدول الزيادة في عدد الحضور في المحافل (١٩٤٨ – ١٩٩٩)
٠٠٠,٣٥٠
٠٠٠,٣٠٠
٠٠٠,٢٥٠
٠٠٠,٢٠٠
٠٠٠,١٥٠
٠٠٠,١٠٠
٠٠٠,٥٠
٠
١٩٤٨ ١٩٥٤ ١٩٦٠ ١٩٦٦ ١٩٧٢ ١٩٧٨ ١٩٨٤ ١٩٩٠ ١٩٩٦ ١٩٩٩
[الخريطتان في الصفحة ١٥٧]
(اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)
الفيليپين
لوزون
ڤيڠان
باڠيو
لينڠايان
كاباناتوان
جبل پيناتوبو
أولُنڠَپو
مدينة كايزون
مانيلا
مِنْدورو
جزر ڤيسايان
ماسباطي
سيبو
مِنْداناوو
سوريڠاو
داڤاو
پالاوان
إل نيدو
[صورة تغطي كامل الصفحة ١٥٠]
[الصورة في الصفحة ١٥٤]
تشارلز ت. رصل ووليَم هول خلال زيارتهما الفيليپين سنة ١٩١٢
[الصورة في الصفحة ١٥٩]
جوزيف دوس سانتوس، الذي يُرى هنا مع زوجته روزاريو في سنة ١٩٤٨، بقي مناديا غيورا بالملكوت رغم سجنه القاسي ثلاث سنوات خلال الحرب العالمية الثانية
[الصورة في الصفحة ١٦٣]
الاخوة الاوائل الذين أُرسلوا من الفيليپين الى مدرسة جلعاد: أدولفو دييونيسيو، سلڤادور ليواڠ، وماكاريو باسويل
[الصورة في الصفحة ١٦٤]
عبور الجبال للكرازة
[الصورة في الصفحة ١٨٣]
استفاد آلاف الفاتحين من مدرسة خدمة الفتح
[الصورة في الصفحة ١٨٦]
بدأ التنضيد التصويري بواسطة الكمپيوتر سنة ١٩٨٠
[الصورة في الصفحة ١٨٩]
صارت البشارة متوفرة بلغات فيليپينية كثيرة
[الصورة في الصفحة ١٩٩]
المحفل الاممي «التعليم الالهي»، سنة ١٩٩٣
[الصورة في الصفحة ١٩٩]
المعمودية في المحفل الكوري «المسبِّحون الفرحون»، سنة ١٩٩٥
[الصورة في الصفحة ٢٠٠]
المرسَلون الفيليپينيون الذي عادوا لزيارة موطنهم في وقت المحفل
[الصورة في الصفحة ٢٠٢]
صدرت «الاسفار اليونانية المسيحية — ترجمة العالم الجديد» بالتڠالوڠية في المحافل سنة ١٩٩٣
[الصورة في الصفحة ٢٠٤]
ترجمة الكتاب المقدس بمساعدة اجهزة الكمپيوتر
[الصورة في الصفحة ٢٠٥]
فاتح سعيد يحصل على «ترجمة العالم الجديد» الكاملة بلغته
[الصورة في الصفحة ٢٠٧]
لجنة الفرع، من اليسار الى اليمين: (الجالسان) دِنْتون هوپكنسون، فيليكس سالانڠو؛ (الواقفون) فيليكس فهاردو، دايڤيد لِدبِتر، وريموند ليتش
[الصورة في الصفحة ٢١١]
تعلّم عدد كبير من اللاجئين الڤيتناميين الحق وهم في الفيليپين
[الصورة في الصفحة ٢١٥]
قضى كل من ناتيڤيداد وليوداڠاريو بارلآن اكثر من ٦٠ سنة في الخدمة كامل الوقت
[الصور في الصفحتين ٢٢٢، ٢٢٣]
قاعات ملكوت مبنية في السنوات الاخيرة
[الصور في الصفحة ٢٢٤]
قاعة محافل مانيلا المتروپوليتية (في الاعلى) وقاعات محافل اخرى، خارج مانيلا
[الصورة في الصفحة ٢٢٨]
الى اليسار: جون بار يلقي خطابا في برنامج تدشين الفرع في سنة ١٩٩١
[الصورة في الصفحة ٢٢٨]
في الاسفل: ابنية الفرع في سنة ١٩٩١
[الصورة في الصفحة ٢٣٥]
الصحف تعترف بانتصار شهود يهوه
[الصور في الصفحة ٢٣٦]
تسبّب الزلازل والبراكين والفيضانات مشاكل، ولكنّ الناشرين الغيورين يستمرون في الكرازة
[الصورة في الصفحة ٢٤٦]
يتعلّم الفاتحون الغيورون لغة الاشارات لمساعدة الصمّ على الاستفادة من البرامج الروحية
[الصورة في الصفحة ٢٤٦]
التلاميذ والاساتذة في اول صف في مدرسة خدمة الفتح بلغة الاشارات في البلد، في اوائل سنة ٢٠٠٢
[الصورة في الصفحة ٢٥١]
الصف الـ ٢٧ لمدرسة تدريب الخدام في الفيليپين