الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

جمهورية الكونڠو الديموقراطية (‏كينشاسا)‏

جمهورية الكونڠو الديموقراطية (‏كينشاسا)‏

جمهورية الكونڠو الديموقراطية (‏كينشاسا)‏

‏‹نحن مثل الحبوب في كيس ذرة افريقية.‏ حيثما تسقط هذه الحبوب،‏ الواحدة تلو الاخرى،‏ تنمو حين يهطل المطر›.‏ قيلت هذه الكلمات قبل اكثر من ٥٠ سنة بفم شاهد امين ليهوه تعذّب كثيرا على أيدي السلطات في ما كان يُعرَف آنذاك بالكونڠو البلجيكي.‏ وسترى في الصفحات التالية كيف أحدثت بركة يهوه،‏ مثل المطر المنعش،‏ زيادة مدهشة في اعداد المنادين بالملكوت في الكونڠو.‏

يقع هذا البلد،‏ المعروف الآن بجمهورية الكونڠو الديموقراطية،‏ او الكونڠو (‏كينشاسا)‏،‏ في قلب افريقيا.‏ * ويمتد على جانبي خط الاستواء،‏ لذلك تغطي الغابات الكثيفة معظم اراضيه.‏ وتشكّل هذه الغابات الواسعة ومراعي الساڤانا موطنا لأعداد كبيرة ومذهلة من الحيوانات والنباتات البرية.‏ ولطالما كان هذا البلد موضع اهتمام عالمي،‏ كما استقطب الغزاة وشُنّت فيه حروب اهلية بسبب وفرة موارده الطبيعية.‏

تأسست دولة كونڠو الحرة سنة ١٨٨٥ برئاسة ملك بلجيكا،‏ ليوپولد الثاني،‏ حاكمها ومالكها الوحيد.‏ ولكن،‏ كانت حياة الناس في الكونڠو بعيدة كل البعد عن الحرية.‏ فقد فرض عليهم رجال ليوپولد العمل الالزامي وعاملوهم بوحشية بالغة بغية الحصول على العاج والمطّاط.‏ فتفاقم سخط الدول الاوروپية المجاورة لبلجيكا بحيث رضخ ليوپولد اخيرا للضغوط.‏ وهكذا،‏ أُلغيت دولة كونڠو الحرة سنة ١٩٠٨ وأصبحت الكونڠو البلجيكي،‏ مستعمَرة يسيطر عليها البرلمان البلجيكي.‏ ثم نالت استقلالها سنة ١٩٦٠.‏

الناس في الكونڠو متديّنون جدا.‏ لذلك،‏ يزخر البلد بالكنائس والمعاهد اللاهوتية.‏ ومن الطبيعي التقاء اناس يستشهدون كثيرا بآيات من الكتاب المقدس.‏ لكن،‏ كما في كل مكان،‏ لم يكن تأسيس المسيحية الحقة سهلا.‏ وما زاد من صعوبة الامر في الكونڠو هو ان الناس كانوا يخلطون،‏ لفترة من الوقت،‏ بين شهود يهوه وحركة دينية عُرفت بالكيتاوالا.‏

التشويش حول من هم شهود يهوه حقا

تُشتق كلمة «كيتاوالا» من مصطلح سواحلي يعني «ان يسود،‏ يقود،‏ او يحكم».‏ وفقا لذلك،‏ كان الهدف الجوهري لهذه الحركة سياسيا ويتمحور حول نيل الاستقلال عن بلجيكا.‏ واعتقد البعض انه يمكن بسهولة تحقيق هذا الهدف تحت غطاء الدين.‏ لكن من المؤسف ان جماعات الكيتاوالا اقتنت مطبوعات شهود يهوه،‏ درستها،‏ ووزّعتها.‏ كما عُلِّقت عند اماكن اجتماعاتهم لافتة مكتوب عليها «برج المراقبة».‏ فأصبحت «حركات برج المراقبة» هذه مشهورة في مقاطعة كاتانڠا الواقعة جنوبي شرقي الكونڠو قبل ان يبدأ عمل شهود يهوه هناك بوقت طويل.‏ واعتقد الناس طوال عقود ان انصار الكيتاوالا هم شهود يهوه.‏ ولكن بالطبع لم تكن لهم اية علاقة بهم.‏

حرّفت جماعات الكيتاوالا تعاليم الكتاب المقدس لدعم افكارهم السياسية،‏ عاداتهم الخرافية،‏ وطريقة حياتهم الفاسدة ادبيا.‏ فقد كانوا يرفضون دفع الضرائب ويقاومون قادة الاستعمار.‏ كما قامت بعض جماعاتهم بثورات مسلّحة ضد السلطات.‏ فليس من المستغرب ان الحكومة البلجيكية اعتبرتهم خارجين عن القانون.‏

سنة ١٩٥٦،‏ كتب مفوّض سامٍ في احدى مقاطعات الكونڠو البلجيكي مقالة في الصحيفة ألقى من خلالها الضوء على خلفية الكيتاوالا.‏ تحدّثت المقالة عن تومو نيريندا،‏ احد سكان نياسالَند (‏الآن ملاوي)‏ الاصليين،‏ والذي عاش في روديسيا الشمالية (‏الآن زامبيا)‏.‏ من الواضح ان نيريندا نال تعليما دينيا من شخص كان منضما الى تلاميذ الكتاب المقدس (‏المعروفين اليوم بشهود يهوه)‏ في كَيپ تاون بجنوب افريقيا.‏ ذكرت المقالة:‏ «توغل [نيريندا] في كاتانڠا [الكونڠو] سنة ١٩٢٥،‏ .‏ .‏ .‏ مطلقا على نفسه اسم موانا ليسا الذي يعني ‹ابن اللّٰه›.‏ وبما ان السكان الاصليين ورثوا عن اسلافهم الذّعر من السّحر،‏ استغلّ نيريندا الوضع ووعد الذين يتبعونه بتحريرهم ليس من الاطباء المشعوذين فحسب،‏ بل من الضرائب ومطالب السلطة الرسمية سواء كانت الحكومة ام الكنيسة.‏ اما الذين لا يقبلون اتّباعه،‏ فقد كان يعلن انهم سحرة،‏ يضربهم بعنف حتى يفقدوا وعيهم،‏ ثم يغرقهم مدّعيا انه كان ‹يعمّدهم›.‏ (‏انتُشِلت ٥٥ جثة من نهر واحد.‏)‏ وبعد ان فضحه نائب رئيس البلدية،‏ تمكّن تومو من الهرب والعودة الى روديسيا.‏ وبما ان السلطات الروديسية كانت تبحث عنه بسبب جرائم القتل التي ارتكبها،‏ فقد اعتُقل،‏ حوكم،‏ ومات شنقا».‏

وبحسب السلطات البلجيكية،‏ فإن غزوات المدعو موانا ليسا لكاتانڠا من سنة ١٩٢٣ الى سنة ١٩٢٥ وسمت بداية حركة الكيتاوالا في الكونڠو.‏ ومرّت عقود قبل السماح لشهود يهوه بدخول البلد والاقامة فيه.‏

ولنفهم سبب التشويش حول من هم حقا شهود يهوه،‏ تجدر الاشارة الى ان الكنائس المستقلة شائعة في افريقيا.‏ ويقدّر البعض وجود الآلاف منها.‏ كتب جون س.‏ مبيتي،‏ خبير بالاديان الافريقية:‏ «[احدى] الصعوبات الرئيسية التي تواجه المسيحية في افريقيا هي العدد الكبير من الكنائس،‏ الطوائف،‏ الجماعات،‏ والبِدَع التي تأسس الكثير منها في الخارج وأُدخِل لاحقا الى افريقيا.‏ كما انشأ المسيحيون الافريقيون انفسهم العديد منها.‏ وأسباب ذلك انهم لا يريدون البقاء الى ما لا نهاية تحت سيطرة المرسلين الاجانب،‏ يرغبون في تولّي السلطة،‏ ويريدون ان تعكس المسيحية الحضارة والمشاكل الافريقية،‏ بالإضافة الى أسباب اخرى متعددة».‏

وهكذا،‏ وُجِدت كنائس مستقلة كثيرة تبنّى معظمها تعاليم احدى الديانات الرسمية او انفصل عنها.‏ لذلك،‏ لم تكن حركة الكيتاوالا استثنائية.‏ غير ان وجود الكيتاوالا أعطى العالم المسيحي فرصة فريدة لإبقاء شهود يهوه خارج الكونڠو.‏ وقد عزّز قادة الكنيسة عمدا الفكرة الخاطئة ان الكيتاوالا وشهود يهوه هما سيّان،‏ رغم انهم عرفوا جيدا الفرق بينهما.‏

ان النفوذ الذي تمتعت به الكنائس مكّنها من نشر تلك الاكذوبة.‏ ففي بدايات القرن العشرين،‏ تمتعت ديانات العالم المسيحي،‏ وخصوصا الكنيسة الكاثوليكية،‏ بمكانة مرموقة ونفوذ في الكونڠو البلجيكي.‏ بالمقارنة،‏ لم يكن شهود يهوه معروفين هناك.‏ وقد أراد رجال دين العالم المسيحي ان يبقى الوضع على حاله.‏ فقد كانوا يتشبّثون بالناس الذين يتمكنون من هدايتهم،‏ ولم يريدوا ان يتطفّل عليهم شهود يهوه.‏

عند حدوث الثورات،‏ حالات التمرد،‏ والنزاعات بين القبائل المحلية،‏ كان يقع اللوم على الكيتاوالا المعروفة غالبا بحركة «برج المراقبة».‏ فأصبح الاسم «برج المراقبة» بغيضا لدى الرسميين والسلطات.‏ وقد سبّب ذلك صعوبات كثيرة للذين ارادوا خدمة يهوه في الكونڠو.‏

خلال العقود التي سبقت استقلال البلد،‏ بعث شهود يهوه من بلاد اخرى برسائل متكررة الى السلطات في الكونڠو.‏ أوضح الاخوة من خلال هذه الرسائل ان جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس لا تمتّ بصلة الى حركة «برج المراقبة».‏ رغم ذلك،‏ استمر الرسميون عدة سنوات في ربط نشاطات هذه الحركة الدينية المحلية بعمل شعب يهوه.‏ وباءت بالفشل الجهود المتكررة لإرسال اشخاص من شهود يهوه الى الكونڠو.‏

ولأنه لم يُسمح للشهود بالدخول الى الكونڠو،‏ عرف الناس في البلد القليل عن الشهود الحقيقيين.‏ ولكنّ التقارير من مكاتب الفروع المجاورة تزوّدنا بلمحة رائعة عمّا كان يحدث اثناء تلك السنوات الصعبة الباكرة في الكونڠو.‏ لذلك،‏ لنتأمل الآن في بعض المقتطفات من «مذكِّرات الكونڠو» المدوّنة على مرّ ٣٠ سنة والتي أضفنا اليها بعض التعليقات.‏

مذكِّرات الكونڠو:‏ مقتطفات من التقارير خلال السنوات ١٩٣٠ الى ١٩٦٠

١٩٣٠:‏ استلام طلبات للمطبوعات بالبريد من .‏ .‏ .‏ الكونڠو البلجيكي.‏

١٩٣٢:‏ نرجو ان نتمكن لاحقا من الكرازة في الكونڠو البلجيكي وأجزاء اخرى من افريقيا الوسطى التي لم تصلها البشارة بعد.‏

منذ ايار (‏مايو)‏ ١٩٣٢،‏ طلب تكرارا مكتب فرع شهود يهوه في جنوب افريقيا من السلطات البلجيكية ان تسمح للخدام كامل الوقت بالدخول الى الكونڠو.‏ إلّا ان هذه الطلبات رُفِضت.‏ ولكن بسبب تنقل الناس بين الكونڠو وروديسيا الشمالية،‏ تمكّن بعض الاخوة من روديسيا من الدخول الى الكونڠو والبقاء هناك فترات قصيرة.‏

١٩٤٥:‏ يجب ان يكون الشخص الذي يمثّل اللّٰه وحكومته الثيوقراطية في [الكونڠو البلجيكي] رجلا يتحلى بالشجاعة.‏ فهنالك حظر تام على العمل والمطبوعات.‏ اضافة الى ذلك،‏ ان الافريقيين الكونڠوليين الذين يقرّون بأنهم منضمّون الينا،‏ هم عرضة لأن يُنقَلوا الى منطقة معينة حيث يُبقَون اشبه بسجناء عدة سنوات احيانا.‏ ونادرا ما تصل الى هنا [روديسيا الشمالية] الرسائل من الكونڠو.‏ كما يبدو ان البريد المُرسَل الى هناك لا يُسلّم؛‏ لكن .‏ .‏ .‏ تم القيام بكل شيء ممكن لمساعدة رفقائنا العاملين من اجل الملكوت في هذا البلد الذي يهيمن عليه الكهنة.‏

١٩٤٨:‏ يعيش في البلد الآن ناشران للملكوت يرسلان بعض التقارير الى المكتب في بروكسل.‏ نأمل بفتح هذه المقاطعة الواسعة يوما ما للكرازة ببشارة الملكوت.‏

١٩٤٩:‏ طوال سنوات،‏ واجه عمل الشهادة صعوبات كبيرة في هذا البلد الذي يهيمن عليه الكاثوليك.‏ في الماضي،‏ كان الكهنة احيانا يعاقبون الشخص على كونه واحدا من شهود يهوه بإجباره على اكل قالب من الملح دون ان يشرب ماء.‏ لكنّهم يستعملون الآن اساليب تنسجم اكثر مع محكمة التفتيش الاسپانية.‏ فهم يريدون ان تقوم الحكومة بالعمل الظالم الشرير بالنيابة عنهم.‏ وهكذا منذ سنوات،‏ يقضي الناشرون الافريقيون فترات غير محدّدة في السجن بسبب عمل الشهادة.‏ وما يزيد الامور سوءا،‏ هو ارسالهم الى معسكر اعتقال خاص في كاساج التي تبعد نحو ٥٠٠ كيلومتر عن أليزابيثڤيل [الآن لوبومباشي].‏ وفي المعسكر،‏ يعمل الاخوة في قِطَع ارض صغيرة ويعيشون وحدهم او مع عائلاتهم في عزلة.‏ .‏ .‏ .‏ وقد تمتد تلك الفترة عشر سنوات.‏ ويتحمّل الاخوة سنوات الانعزال الطويلة هذه دون اي بصيص امل في نيل الحرية او العدالة،‏ إلّا اذا كسروا استقامتهم،‏ دافعين بذلك ثمنا باهظا.‏

نتيجة لكل هذا،‏ يستمر الاخوة في العمل سرا.‏ فالاجتماعات تُعقَد في الخفاء وتُغيَّر اماكن انعقادها خوفا من الاعتقال.‏ اما البشارة،‏ فتقوم بمعظمها على زيارة الافراد المعروفين انهم ودودون بالاضافة الى معارف هؤلاء الاشخاص.‏ ولكن بالرغم من ذلك،‏ تنزل المشاكل بالاخوة الواحد تلو الآخر،‏ إذ يُعتقلون ويُؤخذون فورا الى معسكر كاساج.‏

في تلك الاثناء،‏ سافر لولِن فيلپس،‏ من مكتب الفرع في روديسيا الشمالية،‏ الى الكونڠو البلجيكي ليتدخل من اجل الشهود المضطهدين هناك.‏ فأصغى اليه الحاكم العام ورسميون حكوميون آخرون وهو يوضّح طبيعة عمل الكرازة بالملكوت والفرق بين معتقدات الشهود وتلك التي للكيتاوالا.‏ وفي اثناء المقابلة،‏ سأل الحاكم العام بحزن:‏ «اذا ساعدتكم،‏ فماذا سيحدث لي؟‏».‏ فقد عرف ان الكنيسة الكاثوليكية الرومانية تمارس نفوذا كبيرا في البلد.‏

١٩٥٠:‏ كانت السنة السابقة من اصعب السنوات.‏ وقد اختبر ذلك بشكل خاص الاخوة الذين يعيشون في الكونڠو البلجيكي لأنهم تحمّلوا ضيقات كثيرة.‏ في بداية سنة الخدمة،‏ لم تصل كل الكتب والرسائل الى البلد،‏ كما انقطعت تقريبا وسائل الاتصال بالجماعات.‏ ثم في الثاني عشر من كانون الثاني ‏(‏يناير)‏،‏ حظر الحاكم العام عمل الجمعية وحكم على كل من حضر اجتماعاتها،‏ أيّدها بأية طريقة،‏ او انتسب اليها بالسجن شهرين ودفع غرامة قيمتها ٠٠٠‏,٢ فرنك.‏ فرحّبت المؤسسات الصحفية المؤيدة للكاثوليكية بهذا الخبر بسرور بالغ.‏ وبدأت الاعتقالات تتوالى.‏ وقد استُخدمت لوائح أُخذت قبل سنة من خادم [جماعة] سابق في أليزابيثڤيل لاقتفاء اثر المئات من المنضمين الى الجمعية.‏ فاعتُقلوا مع زوجاتهم.‏ وبعد ان قضى الافريقيون من روديسيا الشمالية الفترة التي حُكمت عليهم،‏ تم ترحيلهم.‏ أمّا الاخوة المحليون من الكونڠو،‏ فقد أُرسلوا في الكثير من الاحيان الى كاساج،‏ معسكر اعتقال يبعد [٥٠٠ كيلومتر تقريبا] عن أليزابيثڤيل حيث كان لا يزال عدد من الاخوة محتجزين.‏ وقد حصل بعض الاخوة المرحّلين على كمية ضئيلة من الطعام وأُجبروا على السير مسافة ٣٠ كيلومترا من ساكانيا الى حدود روديسيا الشمالية.‏

ازدادت اعداد الشرطة السرية مؤخرا.‏ وكان امتلاك الشخص كتابا مقدسا كافيا للاشتباه في انه واحد من شهود يهوه.‏

وصلت للتوّ انباء الحكم على اختَين اوروپيتَين من منطقة أليزابيثڤيل بالسجن ٤٥ يوما،‏ مع وقف التنفيذ مدة ثلاث سنوات وإخضاع الاختَين للمراقبة الصارمة شرط ان تحسنا التصرف (‏مما يعني طبعا انه لا يمكن العمل من اجل الرب)‏.‏ كان ذلك بسبب اقتناء مجلة برج المراقبة ونشر البشارة.‏ وهما تواجهان يوميا امكانية ترحيلهما.‏

١٩٥١:‏ صدرت مقالات كثيرة في الصحف والمجلات البلجيكية تتهم شهود يهوه وجمعية برج المراقبة بإقامة صلة بحركة محلية متعصّبة في الكونڠو البلجيكي تُدعى «الكيتاوالا».‏ إلّا انّ القانون في بلجيكا يُلزم الصحف والمجلات بنشر الردود على المقالات الصادرة فيها.‏ فاستفدنا من هذا الحق لندافع عن عمل الملكوت ونرد على هذه المقالات الافترائية.‏ وقد نُشِرت الردود التي كتبناها.‏

كان عمل جمعية برج المراقبة محظورا في الكونڠو البلجيكي منذ [١٢] كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٤٩.‏ فعانى شهود يهوه الحقيقيون بسبب تلك التقارير الكاذبة.‏ لذلك،‏ كتب الاخوة احتجاجات رسمية الى وزير المستعمرات وقدّموا ادلّة وافرة اثبتت ان لا علاقة لشهود يهوه وجمعية برج المراقبة بحركة «الكيتاوالا» المخرّبة.‏ ولكن لم يرد احد على هذه الاحتجاجات.‏

وفي محاولة لإيقاف ‹الكرازة بالكلمة› بشكل كامل في الكونڠو البلجيكي استُخدمت ببراعة اساليب تشويه الحقائق،‏ الاضطهاد،‏ الغرامات،‏ الضرب،‏ السجن،‏ والترحيل.‏

١٩٥٢:‏ يحيط بإفريقيا الوسطى ايضا «ستار حديدي»!‏ ويطوّق الستار حدود الكونڠو البلجيكي عندما يكون شهود يهوه هم المعنيين.‏ ويستمر حظر عمل الشهادة في هذا البلد الكاثوليكي الروماني في غالبيته.‏

تخبر التقارير القليلة التي نتسلّمها من البلد عمّا يكابده الناشرون الافريقيون من ترحيل،‏ سجن،‏ ضرب،‏ وحرمان.‏ ففي اجزاء كثيرة،‏ يبدو ان السم يُنفث في وجه الشهود.‏ فإذا وُجد سكان البلد الاصليون يشهدون او كانوا يقتنون مطبوعات برج المراقبة،‏ أُبعدوا الى معسكرات العمل الالزامي.‏ فحتى امتلاك الكتاب المقدس كان بمثابة دلالة على ان صاحبه واحد من شهود يهوه.‏

ان بيوت الاخوة تُراقَب باستمرار وغالبا ما يتم تفتيشها.‏ ذكر احد الاخوة هذه الكلمات:‏ «لا تنام [شرطة الكونڠو البلجيكي] بسببنا.‏ فهم يتحركون في كل مكان بحثا عن شهود يهوه فقط.‏ ان الامر خطير الآن اكثر من السابق».‏

لقد وصلَنا احد التقارير النادرة من ٣٠ ناشرا في شهر آب (‏اغسطس)‏.‏ وكُتبت في الحاشية ١ تسالونيكي ٥:‏٢٥‏،‏ ع‌ج التي تقول:‏ «ايها الاخوة،‏ واظبوا على الصلاة لأجلنا».‏

كما ذكرنا آنفا،‏ ذهب الشهود الافريقيون من روديسيا الشمالية الى الكونڠو.‏ ولكن عندما أُمسك بهم،‏ سُجنوا ثم رُحّلوا.‏ وفي حين ان معظمهم قضوا فترات قصيرة في السجن،‏ أُرسل بعضهم الى معسكرات العمل الالزامي عدة سنوات.‏ فقد قضى احد الاخوة خمس سنوات تقريبا في سجون مختلفة في الكونڠو.‏ وكثيرا ما كان آسروه يضربونه.‏ كما أخبروه ايضا انه لن يُطلق سراحه إلّا إذا توقف عن الشهادة.‏

كان في سنة ١٩٥٢ ان قال اخ امين:‏ ‹نحن مثل الحبوب في كيس ذرة افريقية.‏ حيثما تسقط هذه الحبوب،‏ الواحدة تلو الاخرى،‏ تنمو حين يهطل المطر›.‏ كتب مكتب فرع شهود يهوه في روديسيا الشمالية في ما يتعلّق بهذا الامر:‏ «نُثر ‹كيس الذرة الافريقية› بلا شك في الكونڠو بالرغم من اضطهاد الاخوة،‏ او بالاحرى بسبب ذلك.‏ فذات مرة،‏ تلقّى مكتب الفرع في لوساكا تقارير مفادها ان مئات الاشخاص ينضمون الى الشهود في منطقة كولْويزي.‏ ولكن تتحدث الاخبار الآن عن الاعداد التي تُنقَل الى اجزاء اخرى من الكونڠو».‏ فتشتيت الاخوة هذا أدّى الى توسّع نشاط التلمذة.‏

فيما كان الاخوة يمضون قدما في الكرازة جنوبي شرقي البلد،‏ بدأ الحق بالدخول الى ليوپولدڤيل (‏الآن كينشاسا)‏.‏ فقد أحرز الاخوة في برازاڤيل تقدما روحيا سريعا ونقلوا الحق بغيرة الى الآخرين.‏ وعبر بعضهم نهر الكونڠو للكرازة في ليوپولدڤيل.‏ فكان ڤيكتور كوباكاني وزوجته اول شاهدَين يعتمدان في كينشاسا سنة ١٩٥٢.‏ وسرعان ما تشكّلت جماعة هناك.‏

١٩٥٣:‏ لدينا تقارير تبين ان هنالك ٢٥٠ أخا تقريبا يشتركون في عمل الكرازة في اجزاء مختلفة من البلد.‏ ولكن من المرجّح وجود اعداد اكبر.‏ وتقتصر الشهادة على الزيارات المكررة ودروس الكتاب المقدس البيتية.‏ ولأن بيوت الاخوة معرّضة للتفتيش في أي وقت،‏ فهم يعقدون الزيارات والدروس دون مطبوعات او بمساعدة القليل جدا منها.‏ فقد حُكم على احد الاخوة بقضاء شهرين في السجن المركزي في أليزابيثڤيل بعد ان وشى به احد «اصدقائه» المزعومين وأخبر عن اقتنائه كرّاسين.‏

١٩٥٤:‏ ان الحظر الكلي لعمل الجمعية ونشاط شهود يهوه مستمر في الكونڠو البلجيكي .‏ .‏ .‏ ويتابع الاخوة الامناء نشاطهم الكرازي في السجن.‏ فيدوّن السجناء الملاحظات باستعمال قصاصات من الورق وبقايا اقلام الرصاص.‏ ثم يتحققون من هذه الملاحظات في الكتب المقدسة التي يزوّدهم السجن بها.‏ فلا شك انه بسبب هذا النشاط،‏ عُزل شهود يهوه في بعض السجون عن السجناء الآخرين.‏

حُظرت نشاطات شهود يهوه والكيتاوالا على السواء.‏ كما وضع الرسميون يدهم على مطبوعات الكتاب المقدس المُرسلة الى البلد.‏ اما المطبوعات التي لم تقع في قبضتهم،‏ فقد حصل عليها احيانا اعضاء الكيتاوالا واستخدموها لتعزيز مصالحهم.‏ فاعتُقل كل من شهود يهوه وأعضاء الكيتاوالا،‏ ضُربوا وأُخذوا الى معسكرات الاعتقال.‏ لكنّ يسوع سبق ان أعلن:‏ «من ثمارهم تعرفونهم».‏ (‏متى ٧:‏١٦‏)‏ فقد لاحظت السلطات الاستعمارية سلوك الاخوة الجيد وبدأوا بتمييز الفرق بينهم وبين الكيتاوالا.‏

١٩٥٥:‏ يستمر الحظر في هذا البلد والامل ضئيل في ان يُرفَع في المستقبل القريب.‏ إلّا ان هذا لم يخمد غيرة الاشخاص الذين يحبون يهوه ويخدمونه.‏ فهم لم يتوانوا بالرغم من تعرّضهم للسجن والترحيل مرات كثيرة خلال السنة السابقة.‏

ان العمل من بيت الى بيت غير ممكن في ظل الظروف الراهنة،‏ لذلك يعقد الاخوة الزيارات المكررة والدروس البيتية.‏ كتبت احدى الجماعات ان الناشرين يرغبون ايضا في المشاركة في الاعلان الجهري للبشارة رغم «اننا لا نعرف اذا كان يهوه سيسمح لنا بالكرازة بالبشارة من بيت الى بيت في هذا البلد قبل معركة هرمجدون».‏

١٩٥٧:‏ ممّا لا شك فيه ان عملنا في السنة السابقة لقي اهتماما اكثر من اي وقت مضى،‏ وخصوصا من قِبل الرسميين الحكوميين والصحافة.‏ ففي تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ الماضي،‏ اتصل الاخ ميلتون ج.‏ هنشل بحكومة الكونڠو البلجيكي في ليوپولدڤيل وقدّم عريضة لرفع الحظر عن الجمعية وشهود يهوه.‏ تبعت هذا الاتصال الاول زيارة الى ليوپولدڤيل ثم احتجاجات في نيويورك وبروكسل.‏ بعد ذلك،‏ قام خبير بلجيكي بالشؤون الافريقية بزيارة مكتب الفرع في روديسيا الشمالية،‏ فسنحت الفرصة لإعطاء توضيح مفصّل عن عملنا ورسالتنا.‏

يستمر الحظر في غضون ذلك،‏ ويجب على الاخوة في الكونڠو البلجيكي العمل في ظل ظروف صعبة.‏ ورغم انهم يجتمعون في فرق صغيرة،‏ فقد حضر احتفال الذِّكرى ٢١٦ شخصا.‏

١٩٥٨:‏ خلال السنة السابقة وبالرغم من الحظر المستمر على الكرازة بالبشارة وسجن الاخوة،‏ جرت المناداة برسالة الملكوت جهرا،‏ وكانت تترك اثرا في عدد متزايد من الناس.‏

١٩٥٩:‏ حصل الاخوة للمرة الاولى على إذن شفهي من السلطات الحكومية المحلية بعقد الاجتماعات،‏ رغم ان الحظر الشرعي لم يكن قد رُفع بعد.‏ فقد كان من غير الممكن عقد اجتماعات الجماعة حتى هذا الوقت،‏ بل كان الاخوة يجتمعون في فرق صغيرة في البيوت لدرس الكتاب المقدس.‏ اما الآن فقد انشغلوا في ترتيب اول اجتماع منظم للجماعة،‏ الاحتفال بالذِّكرى،‏ الذي حضره ٠١٩‏,١ شخصا من [الجماعات] الخمس في ليوپولدڤيل.‏ فاندهش المتفرّجون ليس بسبب عقد الاجتماعات فحسب،‏ بل من رؤيتهم ايضا روح المودة المسيحية الفرحة ظاهرة بين الاخوة.‏ وأدرك الكثيرون فورا ان الناس هنا مختلفون عن الديانات الاخرى لأنهم ‹يظهرون المحبة في ما بينهم›.‏

رغم انه لم يكن بالإمكان ارسال مرسلين الى الكونڠو بعد،‏ وُقّعت مذكرة تسامح في ١٠ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٥٨ مجيزة لشهود يهوه «الاجتماع في اماكن مغلقة».‏ فابتهج الاخوة لأنهم يستطيعون الآن الاجتماع بحرّية.‏ وقد حضر هذه الاجتماعات احيانا عناصر من قوى الامن مدحوا الاخوة على سلوكهم الجيد وتنظيمهم.‏

كانت هنالك تطورات ايجابية اخرى.‏ فحتى سنة ١٩٥٦،‏ كانت كل المدارس تحت رعاية هيئات دينية.‏ لكن قام وزير ليبرالي جديد للمستعمرات بتأسيس مدارس حكومية،‏ كما شجّع على اظهار موقف متسامح اكثر تجاه الاقليات.‏ فبدأ الخلط بين الكيتاوالا وشهود يهوه يخفّ تدريجيا،‏ إذ ميّز الرسميون الفرق بينهما.‏ فكأن قطرات المطر المنعش هطلت على البذور المنثورة.‏ واصطف الناس في كل مكان الى جانب يهوه.‏

في ذلك الوقت،‏ اعتقل مسؤول عدة شهود وأحضرهم امام حاكم المنطقة لمحاكمتهم.‏ سأل الحاكم عن الخطإ الذي ارتكبه الشهود.‏ فلم يعرف المسؤول الجواب.‏ فوبّخه الحاكم وأطلق سراح الاخوة وأمر بإيصالهم الى بيوتهم.‏

١٩٦٠:‏ تقدّم العمل بشكل رائع في الكونڠو البلجيكي خلال السنة السابقة.‏ وبالرغم من الصعوبات في هذا البلد واستمرار العمل تحت الحظر،‏ كان بإمكان الاخوة عقد الاجتماعات قانونيا في قاعات الملكوت.‏

حصل امر رائع وقت الذِّكرى في العاصمة ليوپولدڤيل.‏ فقد رتّبت [الجماعات] الست في المدينة من اجل الاجتماع معا يوم الاحد لحضور الخطاب العام.‏ كان الاخوة فرحين لرؤية الحضور الذي بلغ عدده ٤١٧‏,١ شخصا.‏ كتب احد [النظار] آنذاك قائلا:‏ «كنا فرحين جدا.‏ انها المرة الاولى التي نختبر فيها شيئا كهذا.‏ فملائكة يهوه حلّت حولنا».‏

لقد زوّدتنا هذه المذكرات بلمحة عن النشاط في الكونڠو مدة ٣٠ سنة بناء على تقارير الفروع المجاورة.‏ لنرَ الآن كيف تطوّرت الامور اكثر.‏

الاستقلال القومي يقترب

بحلول نهاية خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ أُجيز رسميا عمل الكرازة بالملكوت في الكونڠو،‏ والذي يشرف عليه فرع روديسيا الشمالية،‏ رغم عدم الاعتراف به شرعيا.‏ في غضون ذلك،‏ بدأت تنشأ مشاكل وشكوك جديدة.‏ فقد احتدّت مشاعر القومية وزادت بالتالي مقاومة سلطة الاستعمار.‏ وخلال كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٥٩،‏ نهب المشاغبون المحلات التجارية في ليوپولدڤيل وأحرقوها.‏ كما سلبوا الكنائس ورموا التماثيل في الشوارع.‏ أدّى ذلك الى حدوث مشاورات بين الرسميين البلجيكيين وممثّلي الاحزاب السياسية المحلية.‏ وحدّدوا ٣٠ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٦٠ تاريخا للاستقلال القومي.‏ طبعا،‏ لم يشترك احد من شهود يهوه في اعمال الشغب تلك.‏

بدأت تتشكل الاحزاب السياسية المحلية في كل البلد.‏ وقد وحّدت الروابط القبلية اعضاء هذه الاحزاب اكثر مما فعلت الاقتناعات السياسية.‏ فشكلوا ضغطا كبيرا على الاخوة لشراء بطاقات الحزب السياسي.‏ ذكر پيار مافْوا،‏ الذي اعتمد قبل سنة من وقوع هذه الحادثة:‏ «كان ذلك اليوم يوم سبت في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٦٠.‏ كنت عائدا وقت الظهيرة من العمل الى البيت.‏ وفيما كنت أمرّ بالمطار القديم في ليوپولدڤيل،‏ اقترب مني رجل يحمل سيفا.‏ وسألني:‏ ‹اين بطاقتك السياسية؟‏›.‏ فلم أجبه.‏ فاستلّ سيفه فجأة وقطع انفي،‏ واستمرّ يضربني بسيفه.‏ حاولت الهرب لكنني وقعت على الارض.‏ فصلّيت الى يهوه طالبا منه ان يتذكرني في القيامة لأتمكن من رؤية زوجتي وأولادي الستة ثانية.‏ بعد هذه الصلاة القصيرة،‏ سمعت طلقات بندقية.‏ وتبيّن ان الجنود اطلقوا النار على ركبتَي الشخص الذي هاجمني،‏ فوقع ارضا.‏ فأخذني رجل شرطة الى المستشفى لتلقّي العناية.‏ وقد شجّعتني آيات الكتاب المقدس كثيرا».‏

وصول المرسلين الأولين وتأسيسهم مكتبا للفرع

كما رأينا،‏ أخفقت الجهود المتكررة لإرسال ممثّلين لشهود يهوه الى الكونڠو.‏ مع ذلك،‏ كانت الظروف السياسية تتغير.‏ وتمكّن أرنست هُوِيسا الابن من الوصول الى هناك.‏

كان الاخ هُوِيسا بلجيكيا طويلا،‏ قويّ البنية ذا شعر اسود متموّج.‏ ورغم كونه شجاعا،‏ فقد عرف ان الحياة في الكونڠو لن تكون سهلة عليه وعلى عائلته المؤلفة من زوجته ايلين وابنته دانييل البالغة من العمر ١١ سنة.‏ كانت خلفية أرنست تؤهّله لما يكمن امامه.‏ فقد انخرط في خدمة بيت ايل في بروكسل سنة ١٩٤٧.‏ ثم تزوج بعد سنة وباشر خدمة الفتح مع زوجته.‏ لاحقا،‏ عُيِّنت لأرنست مسؤولية تقديم كراسة خصوصية للمحامين والرسميين توضح الفرق بين الكيتاوالا وشهود يهوه.‏ وأخيرا،‏ خدم أرنست كناظر دائرة.‏

حاول أرنست عدة مرات الحصول على وثائق رسمية لدخول الكونڠو.‏ ووجّه في احدى المرات طلبا شخصيا الى ملك بلجيكا،‏ إلّا ان طلبه رُفض.‏ وبدلا من ذلك،‏ أُضيف اسمه الى لائحة الاشخاص «الممنوعين» من الدخول الى الكونڠو.‏

واصل أرنست محاولاته بعزم.‏ وسافر الى افريقيا ليجرّب دخول الكونڠو من الدول المجاورة.‏ إلّا ان جميع هذه المحاولات باءت بالفشل.‏ وأخيرا،‏ تمكّن أرنست من الحصول على تأشيرة دخول الى برازاڤيل،‏ عاصمة جمهورية الكونڠو.‏ ثم عبر النهر بمركب الى ليوپولدڤيل.‏ أثار وصوله هناك نقاشا حادا بين المسؤولين.‏ فقد قال البعض انه كان من المُفترض عدم منح أرنست تأشيرة دخول بما ان اسمه على لائحة الاشخاص الممنوعين.‏ وفي النهاية،‏ قال سيريل آدولا،‏ رسمي اصبح لاحقا رئيس وزراء،‏ انه كان على علم بمحاولات أرنست الدخول الى الكونڠو.‏ واستنتج منطقيا انه اذا رفض المستعمرون السابقون ادخال أرنست هُوِيسا،‏ فلا بدّ انه صديق للكونڠو.‏ وهكذا،‏ مُنح أرنست في البداية تأشيرة مؤقتة لكنه حصل بعد ذلك على تأشيرة دائمة.‏ فأصبح لشهود يهوه في ايار (‏مايو)‏ ١٩٦١ ممثِّل في الكونڠو للإشراف على عمل التلمذة.‏

تمكّن أرنست من إحضار ايلين ودانييل الى الكونڠو.‏ والتحقت دانييل بالمدرسة في ليوپولدڤيل بحلول ايلول (‏سبتمبر)‏.‏ كما تأسّس اول مكتب للفرع في العاصمة في ٨ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٦٢.‏ كان المكتب ومكان السكن في شقة بالطابق الثالث في شارع ڤان آتڤيلدا.‏ وبما ان المكان كان صغيرا،‏ احتُفظ بالمطبوعات في مخزن.‏ لم يكن هذا الوضع مثاليا بالطبع،‏ لكنه افضل ما يمكن فعله بسبب النقص الحاد في اماكن السكن.‏

باشر الاخ هُوِيسا العمل فورا.‏ فاستعار آلة عرض وفيلما من مكتب فرع برازاڤيل.‏ ثم عرض الفيلم الذي عنوانه سعادة مجتمع العالم الجديد على الجماعات في ليوپولدڤيل وعلى بعض رسميي الحكومة.‏ فتأثر جدا الاخوة والاشخاص المهتمون على السواء بوجود معشر اخوة عالمي من الشهود يعيش جميعهم في سلام وسعادة.‏ كما أذهلتهم رؤية اخ اسود يغطّس الاوروپيين.‏ استمتع رئيس بلدية ليوپولدڤيل كثيرا بالفيلم حتى انه قال:‏ «يجب تشجيع هذا العمل [عمل شهود يهوه] قدر الامكان».‏ وقد حضر العروض الاربعة الاولى ٢٩٤‏,١ شخصا.‏

فرح الاخوة كثيرا لدى مجيء شخص يساعدهم اخيرا بعد انتظار دام سنوات.‏ ففي السابق،‏ لم يعرفوا شيئا عن الاخوة الاوروپيين إلّا اسماءهم.‏ وشكّ البعض في وجودهم إذ كانت السلطات البلجيكية تؤكد عدم وجود شهود ليهوه في بلجيكا.‏ اما الآن،‏ ففرح الاخوة بوجود الاخ هُوِيسا في وسطهم.‏

تطبيق الحق يشكّل تحدّيا

وجب القيام بعمل ضخم لمساعدة الاخوة على تطبيق الحق في حياتهم.‏ مثلا،‏ استمرت المنافسة القبلية.‏ وكان بعض نظار الجماعات لا يتكلمون مع نظار آخرين.‏ وإذا فُصل شخص من جماعة تشرف عليها قبيلة معينة،‏ يمكنه الانضمام الى جماعة اخرى تتألف بشكل اساسي من اخوة ينتمون الى قبيلته الخاصة.‏ كما ان القرارات المأخوذة في احدى الجماعات لا تُطبّق في جماعة اخرى.‏ فقد سيطرت العادات القبلية على الحياة اليومية كما أثّر التفكير القبلي في الجماعات.‏

سبّبت العادات القبلية مشاكل اخرى.‏ ففي بعض القبائل،‏ كانت العلاقة بين الرجل وزوجته مبنيّة على الولاء القبلي.‏ وبشكل عام،‏ لم يكن هنالك علاقة لصيقة بين الرجل وزوجته.‏ وكان يُنظر الى الزواج كترتيب قبلي.‏ فإذا لم يوافق اعضاء القبيلة على زواج معيّن،‏ يمكنهم اجبار الزوج على ترك زوجته والاقتران بأخرى بناء على اختيارهم.‏

وعند موت الزوج،‏ تكون العواقب مؤلمة.‏ فغالبا ما تأخذ عائلة الزوج كل اغراض البيت تاركة الزوجة والاولاد معدِمين.‏ وفي بعض القبائل،‏ يُعدّ الزوج مسؤولا عن موت زوجته،‏ حتى ان عائلة الزوجة تفرض غرامة عليه.‏

وكانت هنالك مشاكل اخرى.‏ فحتى هذا اليوم،‏ يعتقد اشخاص كثيرون في الكونڠو ان لا احد يموت ميتة طبيعية.‏ نتيجة لذلك،‏ تُجرى عند الدفن مراسم يُعتقد انها تكشف عن هوية الشخص المسؤول عن الوفاة.‏ فيُحلَق شعره وتُمارَس عادات اخرى كثيرة.‏ وعندما يموت الزوج في بعض القبائل الاخرى،‏ تُطهَّر الزوجة حسبما يُعتقد عندما يمارس ذكر من قبيلة زوجها علاقات جنسية معها.‏ اما في المآتم،‏ فغالبا ما يُوجَّه الكلام الى الشخص الميت ظنّا ان النفس او الروح تبقى حية بعد موت الجسد.‏ فبالنظر الى كل هذه العادات المتأصلة بعمق،‏ من السهل تخيّل المشاكل التي واجهت الاشخاص الذين ارادوا ممارسة العبادة النقية.‏ اما اولئك الذين ادّعوا انهم مسيحيون حقيقيون،‏ فلم يتخلّوا تماما عن هذه العادات بل حاولوا ايضا ادخالها الى الجماعة المسيحية.‏

كانت هنالك حاجة الى نظار شجعان ومخلصين لتقويم الامور.‏ والذين احبوا يهوه،‏ كانوا راغبين في التعلم من هؤلاء النظار والقيام بالتغييرات اللازمة.‏ فلم يكن من السهل هدم الافكار المترسّخة بقوة لدى اشخاص ظنوا خطأً انهم يعرفون الحق.‏ مع كل ذلك،‏ كانت المشكلة الكبرى خلط الناس بين شهود يهوه والكيتاوالا.‏

عندما انتشرت الاخبار في البلد عن افتتاح مكتب الفرع،‏ طلبت فرق كثيرة من الاخوة تنظيمها في جماعات.‏ وفعلت فرق الكيتاوالا الامر عينه.‏ يذكر احد التقارير:‏ «جاء بعض الاشخاص من اماكن تبعد ٣٠٠‏,٢ كيلومتر ومعهم لوائح طويلة بأسماء الذين يريدون ان يكونوا معروفين كشهود ليهوه.‏ كانت هذه اللوائح مكتوبة احيانا على ورق عرضه ٧٠ سنتيمترا وطوله ٩٠ سنتيمترا.‏ كما تضمنت في بعض الاحيان اسماء جميع السكان في قريتين او ثلاث».‏

قبل قبول الافراد او الفرق كشهود ليهوه،‏ كان من الضروري معرفة من هم المسيحيون الحقيقيون ومن هم اعضاء في الكيتاوالا.‏ لذلك،‏ أرسل الاخ هُوِيسا اخوة ناضجين للتحقق من الامر.‏ واستمرت هذه العملية سنوات.‏ لنتأمل في بعض اختبارات هؤلاء الاخوة الامناء.‏

مواجهة الكيتاوالا

سنة ١٩٦٠،‏ عُيِّن اخ ضعيف البنية ووديع،‏ اسمه پونتْيين موكانڠا،‏ كأول ناظر دائرة في الكونڠو.‏ وبعد ان تلقّى تدريبا في الكونڠو (‏برازاڤيل)‏،‏ زار الجماعات في ليوپولدڤيل وبعض الفرق المنعزلة المجاورة.‏ ولكن،‏ كان يكمن امامه تعيين اصعب بكثير:‏ مواجهة الكيتاوالا.‏

قام الاخ موكانڠا برحلات كثيرة كان اوّلها الى كيسانڠاني (‏كانت تُدعى آنذاك ستانليڤيل)‏ التي تبعد اكثر من ٦٠٠‏,١ كيلومتر عن العاصمة.‏ فلماذا ذهب الى هناك؟‏ كان الاخ هُوِيسا قد قابل في خدمة الحقل شخصا اوروپيا أراه صورة أُخِذت في ستانليڤيل بعد الاستقلال مباشرة.‏ ظهرت في الصورة لافتة كبيرة امام محطة للسكة الحديدية.‏ رُسم على اللافتة صورة كتاب مقدس مفتوح،‏ ونُقش عليها ما يلي:‏ «جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس —‏ جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم —‏ ديانة الكيتاوالا الكونڠولية —‏ يعيش پاتريس إ.‏ لومومبا —‏ يعيش انطوان ڠيزانڠا —‏ تعيش الحركة القومية الكونڠولية».‏ فمن الواضح ان الكيتاوالا في كيسانڠاني كانت تسيء استعمال اسماء مؤسسات شهود يهوه الشرعية.‏

ولكن هل كان هنالك شهود حقيقيون ليهوه في كيسانڠاني؟‏ لقد أُرسل الاخ موكانڠا الى هناك لمعرفة ذلك.‏ فالمعلومات الوحيدة التي امتلكها الفرع تعلّقت برجل اسمه سامويل تشيكاكا سمع عن الحق في بومبا ثم عاد الى كيسانڠاني سنة ١٩٥٧.‏ لم ينضم سامويل الى اي من جماعات الكيتاوالا.‏ وكان متحمّسا لمساعدة الاخ موكانڠا الذي كتب لاحقا:‏ «ذهبت مع سامويل للتحقق من الاشخاص الذين يستعملون الاسم ‹برج المراقبة›.‏ فزرنا راعيهم الذي أخبرنا عن جماعته.‏ وعلمنا انهم يؤمنون جميعا بخلود النفس رغم ان بعضهم يستخدم الكتاب المقدس.‏ كما كانوا يعلّمون المحبة عن طريق تبادل الزوجات.‏

‏«بُعيد وصولي،‏ حاولت الشرطة في المدينة اعتقال اعضاء الكيتاوالا،‏ فقاوموها.‏ فاستدعت الشرطة جنودا اضافيين للمساعدة.‏ وقُتل الكثير من الكيتاوالا.‏ وفي اليوم التالي،‏ وصل عبر النهر قارب محمّل بالاموات والمصابين.‏ كان بينهم سكرتير الراعي الذي زرته قبل يومين،‏ فتعرّف إليّ.‏ واتهمني زورا بالوشاية بهم الى السلطات.‏ كما اعتبرني مسؤولا عن موت الذين قُتلوا.‏ وطلب من اصدقائه في الكيتاوالا الإمساك بي،‏ إلّا انني تمكنت من الهرب قبل ان يقتلوني».‏

عندما كتبت الصحف في بلجيكا عن هذه الحادثة،‏ عنوَنت المقالة «قتال بين شهود يهوه والشرطة».‏ لكنّ السلطات الكونڠولية،‏ التي عرفت الفرق بين الكيتاوالا وشهود يهوه،‏ اعطت تقريرا دقيقا.‏ نتيجة لذلك،‏ لم تتهم صحيفة واحدة في الكونڠو الشهود بتورّطهم في هذه الحادثة!‏

ماذا حدث لسامويل تشيكاكا؟‏ لا يزال شاهدا امينا ويخدم كشيخ في جماعة تشوپو-‏إست في كيسانڠاني.‏ يوجد الآن ٥٣٦‏,١ ناشرا في كيسانڠاني منظّمين في ٢٢ جماعة.‏ كما ان ابن سامويل،‏ لوتومو،‏ يخدم كناظر دائرة تماما كما كان پونتْيين موكانڠا قبل نحو ٤٠ سنة.‏

ناظر دائرة يقوّم الامور

كان فرنسوا داندا ناظر دائرة آخر عمل على ابراز الفرق بين الشهود والكيتاوالا.‏ يوضح فرنسوا:‏ «كان وقتا صعبا وساد الكثير من التشويش.‏ فقد وضع الكيتاوالا عند اماكن اجتماعاتهم لافتة مكتوب عليها ‹برج المراقبة› بالانكليزية.‏ وفي الوقت ذاته،‏ يمكن ان يجد المرء الاسم ‹برج المراقبة› في صفحة الناشرين في جميع مطبوعاتنا بأية لغة كانت.‏ فتخيل الآن شخصا قرأ مطبوعاتنا وكان يبحث عن شعب اللّٰه.‏ يمكن لهذا الشخص ان يجد مكانا للاجتماع امامه لافتة مكتوب عليها ‹قاعة ملكوت شهود يهوه› باللغة المحلية.‏ كما يمكنه ان يجد مكانا آخر امامه لافتة مكتوب عليها ‹برج المراقبة› بالانكليزية.‏ فإلى اين سيفضّل الذهاب؟‏ لقد كان الامر مشوّشا حقا.‏

‏«لم يمتلك اخوة كثيرون معرفة دقيقة.‏ ولم يتوفر إلّا القليل من المطبوعات.‏ كما كانت الجماعات في احيان كثيرة تخلط الحق بتعاليم الكيتاوالا وخصوصا في ما يتعلق بقداسة الزواج.‏ ففي احدى المدن التي زرتها،‏ فسّر الاخوة ١ بطرس ٢:‏١٧ التي تقول ‹أحبوا كامل معشر الإخوة› بأنه يمكن لأي اخ اقامة علاقات جنسية مع الاخوات في الجماعة.‏ وإذا حبلت الاخت من غير زوجها،‏ فعلى الزوج قبول الولد كأنه ابنه.‏ فكما في القرن الاول،‏ كان ‹غير المتعلمين والمتقلّبون› يعوّجون الاسفار المقدسة.‏ —‏ ٢ بطرس ٣:‏١٦‏.‏

‏«ألقيتُ خطابات صريحة جدا ومؤسسة على الاسفار المقدسة حول مقاييس يهوه،‏ بما فيها الزواج.‏ وقلت انه ينبغي تقويم بعض الامور بالتدريج،‏ لكنّ تبادل الزوجات يجب ايقافه فورا.‏ ومن المفرح ان الاخوة فهموا وجهة نظر الاسفار المقدسة الصحيحة،‏ حتى ان بعض عناصر الكيتاوالا في تلك المدينة اعتنقوا الحق».‏

ان جهود الاخوة موكانڠا وداندا وغيرهما أوضحت للناس ان شهود يهوه مختلفون عن الكيتاوالا.‏ واليوم،‏ لا يربط احد «الكيتاوالا» بعبارة «برج المراقبة».‏ ورغم ان الكيتاوالا لا تزال موجودة،‏ فهي ليست بارزة وقوية كما في الماضي.‏ كما انها غير معروفة بتاتا في مناطق كثيرة.‏

تحسّن التنظيم يؤدي الى زيادات

بحلول نهاية سنة الخدمة ١٩٦٢،‏ كان هنالك اكثر من ٠٠٠‏,٢ ناشر يخدمون يهوه بغيرة في الكونڠو.‏ مع ذلك،‏ لم يستوفِ إلّا اخوة قليلون مطالب الاسفار المقدسة لتولّي مسؤولية الاشراف.‏ فقد كانت الاميّة احدى المشاكل وخصوصا بين الكبار في السنّ.‏ أما المشكلة الاخرى فكانت تواني اخوة كثيرين في اطاعة مقاييس اللّٰه البارة وذلك بسبب العادات التقليدية التي شكلت لهم عقبات هائلة.‏ اضافة الى ذلك،‏ وجب على أيّ شخص كان منضما الى الكيتاوالا الانتظار سنوات قبل نيل أية امتيازات في الخدمة.‏

بالرغم من ذلك،‏ تأهّل الاخوة تدريجيا لتولّي مراكز اشراف في الجماعات بفضل تعليم الاسفار المقدسة الفعّال وعمل روح يهوه.‏ وبذل نظار الدوائر والفاتحون الشجعان جهدا كبيرا من اجل تقوية وتدريب الاخوة في كل البلد.‏ في تلك الاثناء ايضا،‏ تمكّن نظار الدوائر والفاتحون الخصوصيون المدرّبون في زامبيا من دخول كاتانڠا وجنوبي كاساي،‏ وهي مناطق كانت متورّطة في حرب اهلية.‏

سنوات التسامح الديني بعد الاستقلال

تذكّر انه في سنة ١٩٥٨،‏ أصدرت الحكومة مذكّرة تسامح أتاحت للاخوة مقدارا من الحرية الدينية.‏ وخلال اوائل ستينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ استمرّ الاخوة يطالبون بنيل اعتراف شرعي ورسمي.‏ ولم يلتمسوا اعانات حكومية او مساعدات مالية،‏ بل أرادوا فقط ان يُعترف بهم شرعيا،‏ الامر الذي سيمكّنهم من الكرازة بالبشارة دون ان يضايقهم احد.‏ وقد كانوا بأمس الحاجة الى اعتراف كهذا لأن السلطات المحلية كانت تشنّ هجمات على الاخوة في اماكن كثيرة.‏ كانوا يحرقون اماكن الاجتماعات،‏ يضربون الاخوة،‏ يعتقلونهم،‏ ويسجنونهم.‏ وعندما يحتجّ الاخوة لدى وزارة العدل،‏ يسمعون دائما الجواب نفسه:‏ ‹نحن متأسفون.‏ فأنتم غير مُعترف بكم شرعيا،‏ لذلك لا نستطيع مساعدتكم›.‏

أضف الى هذه المشكلة حالة الفوضى السائدة في المناطق الداخلية.‏ ففي اجزاء معينة من البلد،‏ لم يكن يُعترف بسلطة الحكومة المركزية.‏ فلم يكن ممكنا حماية الاخوة من الاضطهاد والسجن إلا في حالات نادرة في الاماكن حيث المقاومة مترسّخة.‏ اما في بعض المناطق،‏ فتطلّب اطلاق سراح الاخوة مجرّد رسالة من مكتب الفرع الى السلطات المحلية.‏

لم يواجه الاخوة مقاومة كبيرة في كينشاسا.‏ ففي السابق،‏ كانوا يجتمعون في المدينة بأعداد كبيرة في مناسبات الاعراس والمآتم فقط.‏ لكن في سنة ١٩٦٤،‏ قرّر مكتب الفرع عقد محفلَين دائريَّين في العاصمة،‏ وكان ذلك امرا جديدا بالنسبة الى معظم الاخوة.‏ لذلك،‏ عُقدت اجتماعات خصوصية نال الاخوة من خلالها تدريبا على تقديم الخطابات وتنظيم اقسام المحفل.‏

كان الاخوة متحمّسين جدا وتحدّثوا عن المحفل علانية.‏ فوصل الخبر الى مسامع حاكم مقاطعة عُرفت آنذاك باسم ليوپولدڤيل.‏ كان هذا الرجل يكره شهود يهوه،‏ لذلك أعدّ رسالة على الستانسِل لتوزَّع على السلطات المحلية.‏ أمرت الرسالة السلطات باعتقال أي شاهد يكرز او يكون موجودا في اجتماع للعبادة.‏ ولكن،‏ عندما أُرسلت هذه الرسالة الى مكان تُنسخ فيه،‏ حدث ان تولّى هذه المهمة واحد من الاخوة.‏ لم يكن لدى هذا الاخ سوى القليل جدا من اوراق النسخ.‏ كما كان يعرف ان تلك الاوراق غير متوفّرة في المحلات التجارية في ليوپولدڤيل.‏ لذلك،‏ عندما جاء المشرف عليه طالبا النُّسخ،‏ أراه الاخ الرفوف الفارغة.‏ فلا ورق هناك!‏

في غضون ذلك،‏ صلّى الاخوة بحرارة الى يهوه بشأن هذا الامر.‏ فماذا حدث؟‏ قرّرت الحكومة فجأة تشكيل بعض المقاطعات الجديدة.‏ وأُلغيت المقاطعة التي كان يحكمها ذلك المقاوم!‏ لقد حاول كثيرون عبر السنين مضايقة شعب اللّٰه او القضاء عليهم.‏ لكنّ مساعيهم لم تنجح.‏ —‏ اشعياء ٥٤:‏١٧‏.‏

قدوم المزيد من المرسلين

خلال ستينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ استغلّت الهيئة الفرصة لإرسال المزيد من المرسلين الى الكونڠو.‏ فأُسّس في كينشاسا بيت صغير لهم.‏ وفي آذار (‏مارس)‏ ١٩٦٤،‏ وصل المرسلان جوليان ومادلين كيسل من كندا.‏ ولا يزالان يخدمان بأمانة كعضوَين في عائلة بيت ايل في كينشاسا منذ ٤٠ سنة.‏

ان بعض المرسلين الذين جاؤوا في اواخر ستينات الـ‍ ١٩٠٠ يقيمون الآن في بلدان اخرى.‏ ففي سنة ١٩٦٥،‏ عُيّن ستانلي وبيرثا بوڠس في الكونڠو بعد ان خدما في هايتي.‏ خدم الاخ بوڠس كناظر جائل،‏ لكنه عاد الى الولايات المتحدة سنة ١٩٧١ لأسباب صحية.‏ كما انضم مايكل وباربرا پَتيدج الى المرسلين في الكونڠو بحلول نهاية سنة ١٩٦٥.‏ وهما يخدمان الآن في عائلة بيت ايل في بريطانيا.‏ اما في سنة ١٩٦٦،‏ فقد عُيّن وليَم وآن سميث في الكونڠو وعملا معظم الوقت في كاتانڠا.‏ لكن أُعيد تعيينهما في كينيا سنة ١٩٨٦ بسبب فرض الحظر.‏ هنالك ايضا مانفرِت توناك من المانيا الذي تخرّج من الصف الـ‍ ٤٤ لمدرسة جلعاد وخدم كناظر جائل في الكونڠو.‏ إلّا انه عُيّن ايضا في كينيا عندما فُرض الحظر.‏ وهو الآن منسق لجنة الفرع في إثيوپيا.‏ في سنة ١٩٦٩،‏ جاء دارِل وسوزان شارپ الى الكونڠو بعد ان تخرّجا من الصف الـ‍ ٤٧ لمدرسة جلعاد.‏ وعندما رُحّلا من البلد،‏ عُيِّنا في زامبيا،‏ ويخدمان مذّاك في بيت ايل في لوساكا.‏ اضافة الى ذلك،‏ أُعيد تعيين مرسلين آخرين في بلدان بإفريقيا الغربية.‏ كان بين هؤلاء رينهارت وهايدي سْپايرلخ اللذان ماتا في حادث تحطّم طائرة.‏ وقد سبّبت هذه المأساة حزنا بالغا لكل من عرفهما.‏

سنة ١٩٦٦،‏ فُتح اول بيت للمرسلين خارج كينشاسا في لوبومباشي الواقعة جنوب شرق البلد.‏ كما أُسّست لاحقا بيوت اخرى في كولْويزي التي تقع شمال غرب لوبومباشي،‏ وكانانڠا (‏كانت تُدعى لولووابورڠ)‏ في كاساي.‏ وقد ساهم وجود المرسلين في تقوية وتثبيت الاخوة،‏ الامر الذي ساعدهم على السلوك في الحق.‏ ففي كاساي مثلا،‏ كانت المنافسات القبلية لا تزال موجودة بين الاخوة.‏ لكن بما ان المرسلين لم ينتموا الى اية قبيلة،‏ فقد تمكّنوا من تسوية المشاكل وحلّ المسائل القضائية دون تحيّز.‏

لقد خدم اكثر من ٦٠ مرسلا في اجزاء مختلفة من البلد خلال السنوات ١٩٦٨ الى ١٩٨٦.‏ كان بعضهم قد حضر مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس في الولايات المتحدة فيما حضر آخرون مدرسة جلعاد الفرعية في المانيا.‏ اضافة الى ذلك،‏ جاء الى الكونڠو فاتحون يتكلمون الفرنسية عُيّنوا للخدمة كمرسلين هناك.‏ وقد تعلّم كثيرون اللغات المحلية،‏ وعمل الجميع بجدٍّ لتعزية الناس ببشارة الملكوت.‏

قاعات الملكوت في ستينات القرن العشرين

بشكل عام،‏ كانت قاعات الملكوت في المدن الكبرى عبارة عن اماكن مسقوفة ومفتوحة الجوانب.‏ ولأن هذه الاماكن معرّضة للحرارة والرطوبة الشديدة،‏ كانت معظم الاجتماعات تُعقد في المساء او في الصباح الباكر عندما يكون الجو معتدل البرودة.‏ فتجري الامور على ما يرام عندما لا تُمطر.‏ اما في فصل الامطار،‏ فغالبا ما تؤجّل الاجتماعات الى يوم آخر.‏

دُشِّنت اول قاعة ملكوت سنة ١٩٦٢.‏ كانت تخص احدى الجماعات الست الموجودة آنذاك في كيمبانسيكي بكينشاسا.‏ ومنذ ذلك الوقت،‏ أظهرت الجماعات في الكونڠو روح مبادرة رائعة في بناء قاعات الملكوت.‏ ولكن،‏ كانت تنشأ مشاكل قانونية من حين الى آخر.‏ فأحيانا،‏ يسمح احد الاخوة للجماعة ببناء قاعة على ارضه لكن دون ان تُسجّل قانونيا.‏ وعندما يموت الاخ،‏ يأتي افراد عائلته ويضعون يدهم على القاعة وكلّ ما فيها.‏ ولم نكن نستطيع فعل الكثير لمنع هذا الامر.‏ ولاحقا،‏ خلال اوقات الحظر،‏ صادرت السلطات المحلية قاعات كثيرة واستخدمتها لأغراضها الخاصة.‏ لذلك،‏ لم يُبنَ الكثير من قاعات الملكوت.‏

بالرغم من ذلك،‏ بُنيت قاعات ملكوت في كل البلد.‏ ومع انها كانت بسيطة،‏ فقد عكست ايمان الاشخاص الذين شيّدوها.‏ تأمل في وصف احد المرسلين لأماكن الاجتماع خلال ستينات الـ‍ ١٩٠٠.‏

‏«لنصل الى قاعة ملكوت في ليوپولدڤيل،‏ علينا ان نسلك ممرّا يتعرّج بين البيوت المصنوعة من الاسمنت الخشن فيما تلاحقنا مجموعة من الاولاد.‏ ندخل بعد ذلك فناء مسيّجا بحائط اسمنت.‏ هناك تقع قاعة الملكوت المفتوحة الجوانب وراء بيت عائلة من الشهود.‏ كان الاخوة يتدربون على ترانيم الملكوت.‏ كم هو مبهج الاستماع اليهم!‏ فهم ينشدون من اعماق قلوبهم.‏ كنا نفرح بوجود اشجار تلقي بظلّها على القاعة حامية ايانا من الشمس.‏ توجد مقاعد لنحو ٢٠٠ شخص.‏ اما المنصة،‏ فهي مبنية من الاسمنت ومسقوفة بلوح حديدي مموَّج.‏ فإذا كان الخطيب طويلا،‏ فعليه الانحناء قليلا.‏ توجد ايضا لوحة للإعلانات تُعلّق عليها الرسائل من مكتب الفرع وتعيينات الجماعة.‏ كما توجد طاولة للمطبوعات.‏ وقد وضع الاخوة نباتات على جانب المنصة.‏ وعندما يعقد الاخوة اجتماعاتهم في الامسيات،‏ تُستخدم مصابيح الكاز للإضاءة.‏ وعند مغادرتنا،‏ يرافقنا الى الشارع الرئيسي الاولاد الذين لا يزالون في الخارج.‏

‏«نتوغل الآن في الكونڠو.‏ وفيما ندخل قرية مؤلفة من اكواخ مسقوفة بالعشب،‏ تلفت انتباهنا قاعة الملكوت.‏ انها سقيفة مدعّمة بتسع قوائم ومغطاة بأوراق النباتات الكثيفة.‏ هنالك خنادق صغيرة محفورة في ارض القاعة.‏ ومن المدهش اننا نشعر بالراحة عندما نجلس على الارض ونضع اقدامنا في تلك الخنادق.‏ كما تتدلّى فوق الاخ الذي يدير الاجتماع لافتة مكتوب عليها باليد ‹قاعة الملكوت› باللغة المحلية.‏ يحضر الاجتماع نحو ٣٠ شخصا،‏ نصفهم تقريبا ناشرون.‏ ويعرف الاخوة هناك بضع ترانيم للملكوت إذ يفتقرون الى التقنيات الموسيقية.‏ لكنهم يعوّضون عن ذلك بحماسهم.‏ فقد كنا ننشد من كل قلوبنا.‏

‏«نسافر الآن الى شمالي البلد.‏ نوقف سيارتنا اللاندروڤر وننظر باتجاه القرية.‏ فنرى الكثير من الاكواخ المسقوفة بالعشب يبرز وراءها بناء مميّز.‏ يتكوّن هذا البناء من قضبان خيزران ثخينة مربوطة بإحكام.‏ وقد شُقّت في الحائط الخيزراني فتحات للنوافذ والباب.‏ اما السقف،‏ فهو من العشب.‏ كما يوجد امام البناء مرج مشذَّب يتخلّله ممر ضيّق.‏ وُضع هناك لافتة صغيرة مكتوب عليها:‏ ‹شهود يهوه›.‏ اذ نسير في الممر نصل الى قاعة الملكوت حيث يرحّب بنا الاخوة بفرح.‏ وعند دخولنا القاعة،‏ نلاحظ ان المقاعد تتكون من قضبان خيزرانية موضوعة على ركائز من الخيزران مغروسة في الارض.‏ نشكر اللّٰه ان سقف القاعة لا يرشح ماء،‏ وإلّا فالمطر الذي يتسرّب الى ركائز الخيزران يجعلها تنمو وتكبر بسرعة.‏ وبدل ان يكون علو المقعد عن الارض ٣٠ سنتيمترا،‏ يصير علوه اكثر من ذلك بكثير.‏ توجد في القاعة لوحة للاعلانات تبيّن اوقات الاجتماعات وتُعلّق عليها الرسائل من مكتب الفرع.‏ وهنالك ايضا طاولة للمطبوعات مصنوعة من قضبان خيزران مشطورة ومربوطة معا بالقصب.‏

‏«نتوجه الآن جنوبا الى كاتانڠا ونصل عند غروب الشمس.‏ الطقس هنا ابرد بكثير وعلينا ارتداء ملابس تدفّئنا.‏ عندما نصل الى القرية ونقترب من قاعة الملكوت،‏ نسمع الاخوة يرنّمون.‏ بشكل عام،‏ لا يمتلك الاخوة في القرى ساعات،‏ لذلك يستعينون بالشمس لتقدير وقت الذهاب الى الاجتماعات.‏ فيشرع عادة اول الواصلين الى القاعة في الترنيم الى ان يحضر اغلبية الاخوة ويبدأ الاجتماع.‏ نجلس متلاصقين على مقعد مصنوع من جذع شجرة مقطوع بالطول وموضوع على دعامتَين.‏ اما المطبوعات فتوضَع في خزانة قديمة،‏ ولكن لا يمكن حفظها هناك فترة طويلة لأن الصراصير والنمل الابيض تغزوها وتتلف اوراقها.‏ عندما ينتهي الاجتماع،‏ يدعونا الاخوة الى إلقاء نظرة الى قاعتهم.‏ ان جدرانها مصنوعة من اغصان صغيرة مربوطة معا بالقصب ومغطاة بالطين.‏ وسقفها من الاعشاب المحبوكة التي لا ينفذ منها الماء».‏

يهوه يحمي خدّامه

خلال ستينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان من الشائع نشوب النزاعات الاهلية وأعمال العنف.‏ فخسر الكثيرون حياتهم بمن فيهم بعض من شعب يهوه.‏ وكان على الاخوة التحلّي بالايمان والشجاعة ليجتمعوا معا.‏ فأحيانا كان يُظنّ خطأ ان اجتماعاتهم تجمّعات سياسية.‏ مثلا،‏ اقترب جنود مسلّحون في مقاطعة إيكْواتور من قاعة الملكوت حيث كان الاخوة يعقدون اجتماعا.‏ وميّز الجنود فورا ان الاخوة ليسوا مجتمعين لأهداف سياسية بل لعبادة اللّٰه.‏ فغادروا قائلين انهم ليسوا ضد الدين او ضد اللّٰه.‏

جرت حادثة اخرى في كيسانڠاني.‏ ففيما كان المتمردون يبحثون عن زعماء حكوميين محليين بهدف قتلهم،‏ اعتقلوا برنار مايونڠا وبعض الناشرين الآخرين.‏ وعندما سأل المتمردون برنار عن القبيلة التي ينتمي اليها،‏ أجابهم:‏ «انا واحد من شهود يهوه».‏ فاستغرب قائد المتمردين هذه الاجابة وطلب توضيحا.‏ وإذ شهد له برنار من الاسفار المقدسة،‏ أعلن القائد:‏ «اذا كان كل الناس مثلكم،‏ فلن يكون هناك حروب».‏ وهكذا،‏ أُطلق سراح برنار والشهود الآخرين الذين كانوا محتجزين.‏

الاعتراف الشرعي أخيرا!‏

حتى سنة ١٩٦٥،‏ كان بيت ايل في الكونڠو يتألف من شقة صغيرة وضيقة في وسط كينشاسا.‏ وإذ كان عدد المنادين بالملكوت يناهز الـ‍ ٠٠٠‏,٤ شخص،‏ ازدادت الحاجة الى فرع اكبر.‏ فتمكن الاخوة بعد بحث دؤوب من امتلاك بيت شُيّد قبل ست سنوات فقط ويقع في شارع اڤونوه ديزيليفان ٧٦٤،‏ ليمَت،‏ بكينشاسا.‏ وقد تألف البناء من طابقَين وأربع غرف نوم.‏ فبدأ الاخوة بالعمل وحوّلوا غرفتَي الجلوس والطعام في الطابق الاول الى مكتب.‏ كما استخدموا المرأب للشحن والنسخ.‏ وفي سنة ١٩٧٢،‏ شُيِّد ملحق للمبنى.‏

في تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٦٥،‏ انتزع جوزيف ديزيريه موبوتو السلطة السياسية بانقلاب عسكري.‏ فقدّم مكتب الفرع مرة اخرى طلبا لنيل الاعتراف الشرعي.‏ وفي ٩ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٦٦ وقّع الرئيس موبوتو مرسوما يقضي بمنحهم اياه.‏ وهكذا صار بإمكان شهود يهوه الحصول على ذات الحقوق والامتيازات التي تتمتع بها كل الديانات الشرعية الاخرى في الكونڠو.‏ فقد تحقق اخيرا ما عمل وصلّى الشهود من اجله منذ سنة ١٩٣٢.‏ وأصبح لديهم الحرية للكرازة علانية،‏ عقد محافل كبيرة،‏ والحصول على ملكيات.‏ لكنّ هذه الحرية دامت ست سنوات فقط.‏

المحافل تعطي شهادة عظيمة

كم كان الاخوة فرحين بتنظيم محافل دائرية في ظل قانون شرعي!‏ فعُقدت اولا سلسلة من ١١ محفلا حضرها ما مجموعه ٢١٤‏,١١ شخصا واعتمد فيها ٤٦٥.‏

أثارت المحافل ردود فعل قوية لدى الكنائس المحلية.‏ فقد ناضل رجال الدين بضراوة لمنع شهود يهوه من الحصول على اعتراف شرعي في هذه المقاطعة المثمرة التي يعتبرونها ملكهم.‏ في ڠانداجيكا الواقعة في مقاطعة كاساي،‏ احتجّ القادة الدينيون لدى رئيس البلدية.‏ ولأنه لم يذعن لتهويلهم،‏ ارسلوا احداثا الى موقع المحفل من اجل اثارة الفوضى.‏ ولكن،‏ حدث ان فيلما مؤسسا على الكتاب المقدس كان يُعرض في المحفل،‏ وجاء حشد كبير لحضوره.‏ وسرعان ما جلس الاحداث ايضا لمشاهدة الفيلم بهدوء.‏ فتأثّروا كثيرا بما رأوه.‏ وعند استبدال كل بكرة فيلم،‏ كانت الجموع التي تُعدّ بالآلاف تصرخ:‏ «يعيش شهود يهوه!‏».‏

كان لدى شهود يهوه الآن ترخيص بعقد محافل كبيرة.‏ لكنّ ذلك يتطلب الكثير من الاستعداد.‏ فقد كان عليهم تحضير المسرحيات المؤسسة على الكتاب المقدس والازياء الخاصة بها.‏ كما وجب على الاخوة تركيب وتشغيل اجهزة الصوت.‏ وقد أنجزوا كل ذلك لأنهم كانوا متحمّسين للتطوع والتعلم على السواء.‏

السفر من اجل المحافل الدائرية

سنة ١٩٦٤،‏ كان في الكونڠو عدد كافٍ من الدوائر لتشكيل كورتَين.‏ وفي سنة ١٩٦٩،‏ شُكّلت كورة ثالثة في كاساي.‏ ثم أصبح هناك اربع كُوَر بحلول سنة ١٩٧٠.‏ وقد واجه نظار الكُوَر والآخرون صعوبة في السفر الى المحافل بسبب الطرقات السيئة.‏ لتوضيح ذلك،‏ لِنرافق ناظر الكورة،‏ وليَم سميث،‏ في سفره الى محفل دائري.‏

‏«كان المطر قد غمر الريف وعلا منسوب المياه في الانهار.‏ كنا متجهين الى كامينا حيث من المقرّر عقد محفل دائري.‏ وكان علينا ان نقطع اكثر من ٣٢٠ كيلومترا للوصول الى هناك.‏ لقد تحوّلت بعض الطرق الى بحر من الطين بفعل الامطار الغزيرة،‏ فيما كانت طرق اخرى غارقة كليا في الماء.‏ وتحوّل احد الوديان الى بحيرة.‏ فكانت السيارات،‏ الشاحنات،‏ والمركبات الحكومية،‏ تقف في كل مكان بانتظار انخفاض مستوى المياه.‏ وتوقّع كثيرون ان يستغرق ذلك اسبوعَين.‏

‏«أدركتُ ان الاخوة متلهفون لحضور برنامج المحفل.‏ فقد سار بعضهم اياما ليتمكن من الحضور.‏ فسألت اذا كان هنالك طريق جانبي يلتف حول الوادي.‏ ودُهشت عندما أخبرني الناس ان شهود يهوه شقّوا طريقا جانبيا صغيرا.‏ ولكن،‏ كانت الارض طرية جدا،‏ لذلك لم يسمح الشهود لأي شخص باستعمال الطريق قبل ان يعبره ناظر الكورة الى كامينا.‏

‏«كان قد اشترك في العمل اخوة من قريتَين.‏ وعملوا طوال النهار والليل وفي اليوم التالي لشقّ طريق يلتف حول الجزء غير السالك من الطريق الرئيسي.‏ وسرعان ما رأيت الاخوة يستعدون لقيادة الجيپ على الطريق الجانبي الذي شقّوه.‏ فاجتمع حشد كبير من الناس لمعرفة ما اذا كان الجيپ سيتمكن من العبور.‏ وكم خاب املنا لدى رؤية الجيپ يغرق في الارض الطرية بعد عدة امتار فقط من سلوك الطريق الجديد!‏

‏«حاول الاخوة دفع الجيپ إلّا انه لم يتزحزح.‏ لقد عملوا بكدٍّ بالغ،‏ وبانت خيبة الامل على وجوههم.‏ مع ذلك،‏ لم يتخلّوا عن تصميمهم في إيصال ناظر الكورة الى المحفل.‏ اما المتفرّجون،‏ فعادوا ادراجهم الى سياراتهم إذ اعتقدوا ان الطريق الجديد لن يسهّل الامر على الاخوة بل سيعرّضهم للخطر.‏ لكنّ الاخوة قرّروا المحاولة ثانية.‏ فأفرغوا هذه المرة كل حمولة الجيپ الذي كان مليئا بالمطبوعات،‏ فضلا عن اجهزة الصوت،‏ المولّد،‏ وأشياء اخرى.‏ ثم حفروا ودفعوا الجيپ،‏ وبدأت الدواليب بالتحرّك ببطء الى الامام.‏

‏«بعد ساعة،‏ علت صيحات الفرح وترانيم الملكوت احتفالا بنجاحنا في عبور الطريق الموحل.‏ لقد أنجز الاخوة ما ظنّه القابعون في سياراتهم مستحيلا.‏ ونجحنا في عقد محفل رائع بفضل جهود الاخوة الحثيثة.‏ فقد كان يهوه مع شعبه وساعدهم على فعل مشيئته».‏

نظام سياسي جديد يحدث تغييرات

لم يكن سهلا بلوغ الاشخاص العائشين في اماكن متفرقة من الغابة المطيرة الاستوائية ومراعي الساڤانا الممتدة آلاف الكيلومترات.‏ فبينما كرز المرسلون في البلدات الكبرى،‏ بشّر الاخوة والاخوات المحليون الذين يخدمون كفاتحين خصوصيين في المقاطعة الريفية.‏ إلّا انه كان من الصعب بناء جماعات قوية لأن معظم الناس في القرى أميّون.‏ علاوة على ذلك،‏ سرعان ما تأثّرت حياة الاخوة بالتغييرات في السياسة المحلية.‏

أُسّس نظام الحزب الواحد في الكونڠو سنة ١٩٧٠.‏ وعُرف الحزب باسم حركة الثورة الشعبية أو الـ‍ MPR.‏ كان الهدف من سياسة هذا الحزب الرجوع الى القيم التقليدية.‏ وقد تضمّن ذلك اعادة تسمية البلدات والمدن.‏ فستانليڤيل كانت قد أصبحت كيسانڠاني اما أليزابيثڤيل فدُعيت لوبومباشي.‏ وغيّرت الحكومة ايضا سنة ١٩٧١ اسم البلد واسم نهرها الرئيسي من الكونڠو الى زائير.‏ كما تغيّرت العملة من الفرنك الى الزائير.‏ اضافة الى ذلك،‏ طلبت الحكومة من الناس تغيير اسمائهم ايضا إذ وجب استبدال الاسماء المسيحية بأسماء افريقية أصيلة.‏ كما مُنعت ربطات العنق لأنها ترتبط بالاوروپيين.‏ وفي كل هذه الامور،‏ أطاع الاخوة باحترام.‏ —‏ متى ٢٢:‏٢١‏.‏

وبحسب الايديولوجية السياسية،‏ كان كل شخص مولود في الكونڠو يُعتبر تلقائيا عضوا فاعلا في حركة الثورة الشعبية.‏ وأُجبِر الناس على امتلاك بطاقة سياسية اذا أرادوا الحصول على وظيفة،‏ الالتحاق بالمدرسة،‏ او المتاجرة في السوق.‏ اضافة الى ذلك،‏ كان يُتوقّع من الناس وضع شارة الحزب السياسي وخصوصا عند الدخول الى مكتب حكومي.‏ لقد كان وقتا عصيبا لشعب يهوه إذ فقد الاخوة وظائفهم وطُرد الاولاد من المدرسة.‏

مع ذلك،‏ تفهّم بعض الرسميين الحكوميين موقف شهود يهوه.‏ فقد سأل وزير الداخلية أخا يعمل عنده عن سبب عدم وضعه شارة الحزب.‏ أوضح له الاخ اسبابه المؤسسة على الاسفار المقدسة.‏ فأجابه الوزير:‏ «نحن نعرفك ولن نعرّضك للمشاكل،‏ لكنّ حركة الشبيبة لن تتركك وشأنك».‏

ورُوي ان الرئيس موبوتو نفسه ردّ على اعضاء حزبه في احد الاجتماعات بعد ان تلقّى شكاوَى كثيرة على شهود يهوه:‏ ‹إذا تعرّضتُ لأية مشاكل،‏ فلن يكون سببها شهود يهوه.‏ تذكّروا من الذي خان يسوع.‏ انه يهوذا،‏ احد تلاميذه.‏ فإذا جرت خيانتي،‏ فسيكون احد الاشخاص الذين يأكلون معي›.‏

بيت ايل يتوسّع تلبية للحاجات

قام ناثان ه‍.‏ نور من المركز الرئيسي في بروكلين بزيارة الكونڠو في كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٧١.‏ وأحد الامور التي نوقِشت اثناء زيارته توسيع بيت ايل والمكاتب التابعة له.‏ فبحلول سنة ١٩٧٠،‏ كان هنالك نحو ٠٠٠‏,١٤ ناشر،‏ ١٩٤ جماعة،‏ وأكثر من ٢٠٠ فريق منعزل.‏ وبسبب الحاجة المتزايدة الى المطبوعات في الكونڠو،‏ لم يعد المخزن في بيت ايل يفي بالحاجة.‏ فكم كان مفرحا اعلان الاخ نور عن اضافة ملحق للمبنى الحالي!‏ وهكذا،‏ رسم مهندس معماري تصميما لمبنى جديد.‏ يتألف هذا المبنى من طابقَين ويبلغ حجمه ضعف حجم البناء الحالي.‏ كما يضمّ مكتبا كبيرا،‏ مخزنا واسعا،‏ وغرف نوم اضافية.‏

في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٧١،‏ تمت الموافقة على التصاميم وابتدأ العمل.‏ وأُرسل دون وورد من داهومي (‏الآن بينين)‏ ليشرف على البناء.‏ كما حضر متطوّعون كثيرون من الـ‍ ٣٩ جماعة في كينشاسا للمساعدة.‏ فعمل الجميع معا وأنجزوا المشروع.‏ ولكن كما سنرى،‏ كان هذا التوسع في الحقل وفي بيت ايل يثير سخط طوائف العالم المسيحي اكثر فأكثر.‏

سبعينات القرن العشرين تطلّبت الشجاعة والحذر

انتشرت في البلد الكثير من الاديان الجديدة والفرق التي تجتمع من اجل الصلاة.‏ نتيجة لذلك،‏ أصدرت الحكومة في كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٧١ قانونا لتنظيمها.‏ أقرّ هذا القانون الجديد بشرعية ثلاث ديانات فقط هي:‏ الكنيسة الكاثوليكية الرومانية،‏ الكنائس الپروتستانتية،‏ وديانة محلية هي كنيسة اتباع كيمبانڠو.‏ وفي سنة ١٩٧٢،‏ اعتُرف بثلاث ديانات اخرى ايضا هي:‏ الاسلام،‏ الارثوذكسية اليونانية،‏ واليهودية.‏ كما صنّفت الكثير من الديانات الصغيرة نفسها ضمن الكنائس الپروتستانتية.‏

وهكذا من سنة ١٩٧١ حتى ١٩٨٠،‏ كان هنالك فترة من عدم الاعتراف الشرعي،‏ او الحظر المخفّف،‏ حدّت من نشاطات شعب اللّٰه في بعض النواحي.‏ فبالرغم من عدم حصول شهود يهوه على اعتراف شرعي،‏ لم يصدر أيّ امر بطرد المرسلين ولم يتعرّض بيت ايل لأي إزعاج.‏ وبقيت بيوت المرسلين مفتوحة في كلٍّ من بوكاڤو،‏ كيسانڠاني،‏ كولْويزي،‏ ولوبومباشي،‏ ولم يُغلق إلّا بيت في كانانڠا.‏ لكن لم يعد بإمكان الاخوة تنظيم محافل كورية كبيرة.‏ وكانوا يجتمعون في اماكن كثيرة في قاعات الملكوت الخاصة بهم ويعقدون محافل دائرية صغيرة في القاعات الكبرى.‏ فقد كان موقف السلطات المحلية هو الذي يحدّد مدى حرية الاخوة.‏ ففي الاماكن حيث المقاومة شديدة،‏ توقّع الاخوة الاضطهاد والاعتقال.‏ وسُجن المئات منهم.‏ اما في المناطق حيث السلطات المحلية متعاونة،‏ فتمكن الاخوة من الاستمرار في نشاطاتهم الدينية بحرية.‏

بالرغم من القيود،‏ استمر الشهود في الكرازة بجرأة.‏ فقد ذهب ثلاثة اخوة وأخت الى السوق للشهادة للآخرين.‏ فاقترب منهم رجلان واعتقلا واحدا من الاخوة فيما كان يقدّم كتابا لشخص مهتم.‏ أخذاه الى المركز الرئيسي للحزب السياسي وتركاه في غرفة بانتظار قدوم رئيس الحزب.‏ عند وصول الرئيس،‏ كان الاخ يشهد لشخص آخر في غرفة الانتظار ويعرض عليه كتاب هل وصل الانسان الى هنا بالتطوُّر ام بالخَلق؟‏.‏

فسأله الرئيس:‏ «هل تنشر دعايتك هنا؟‏».‏

أجاب الاخ:‏ «إذا سألك احد ‹هل وصل الانسان الى هنا بالتطوُّر ام بالخَلق›،‏ فكيف تردّ عليه؟‏».‏

لم يجب الرئيس.‏ واستدار الى الرجلَين اللذَين اعتقلا الاخ قائلا:‏ «دعاه يذهب.‏ انه لا يقوم بأيّ عمل غير مشروع».‏

عاد الاخ الى السوق واستمر في الشهادة.‏ وحدث ان مرّ الرئيس لاحقا بالمكان ورآه.‏ فقال لرفقائه مشيرا الى الاخ:‏ «انه رجل شجاع،‏ أليس كذلك؟‏».‏

في سنة ١٩٧٤،‏ أُجبر ناظر الفرع،‏ أرنست هُوِيسا،‏ على العودة الى بلجيكا بناء على نصيحة اطبائه.‏ فقد عانى أرنست من انتفاخ الرئة فترة من الوقت،‏ وساءت صحته بسبب التعرّض المتكرر للملاريا.‏ أحب الاخوة عائلة هُوِيسا،‏ وقد ساهموا في العمل مساهمة فعّالة.‏ واستمرّت هذه العائلة تخدم يهوه بغيرة في بلجيكا.‏ مات أرنست سنة ١٩٨٦ وماتت زوجته ايلين بعد ثماني سنوات.‏ اما مسؤولية ناظر الفرع في كينشاسا،‏ فقد أُوكلت الى تيموتي أ.‏ هومز الذي خدم كمرسل منذ سنة ١٩٦٦.‏

الاعتراف الشرعي مجدّدا سنة ١٩٨٠

في ٣٠ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٨٠،‏ وقّع رئيس الجمهورية مرسوما يمنح جمعية شهود يهوه اعترافا شرعيا.‏ وزاد الاهتمام بالحق اكثر من اي وقت مضى.‏ فقد حضر الذِّكرى ٢٢٦‏,٩٠ شخصا وعُقد نحو ٠٠٠‏,٣٥ درس في الكتاب المقدس في بيوت الاشخاص المهتمين.‏ كما سُجِّلت ذرى جديدة في عدد الناشرين والفاتحين.‏ فأصبح من الضروري وجود مكتب فرع افضل لتلبية حاجات الحقل بفعالية اكبر.‏ وكم فرح الاخوة عندما وافقت الهيئة الحاكمة على شراء قطعة ارض اكبر بمرّتين ونصف من مساحة الفرع الحالية في الكونڠو.‏ إلّا ان الصعوبات نشأت كما سنرى.‏

طوال سنوات،‏ لم يكن بإمكان الاخوة تنظيم محافل كورية كبيرة.‏ لكن أصبح لديهم الآن الحرية لفعل ذلك.‏ فعقدوا سنة ١٩٨٠ محفل ‏«المحبة الالهية» الكوري في خمسة مواقع في البلد.‏ كان على بعض المندوبين السفر مسافات كبيرة.‏ وقطعت عائلات كثيرة مسافة تزيد عن ٤٠٠ كيلومتر سيرا على الاقدام ليتمكنوا من حضور المحفل.‏ كما ركب فاتحان خصوصيان يعيشان في منطقة منعزلة جدا دراجتَيهما مدة اسبوعين للوصول الى المحفل.‏ فقطعا مسافة تزيد عن ٧٠٠ كيلومتر مجتازَين مساحات رملية وغابة مطيرة.‏ علاوة على ذلك،‏ حضر المحفل بعض المندوبين من الكونڠو (‏برازاڤيل)‏،‏ بوروندي،‏ ورواندا.‏

خلال السنوات اللاحقة،‏ كان من الضروري تنظيم محافل كورية في مواقع اكثر.‏ فرغم تمتّع الاخوة بالحرية الدينية،‏ كانت الضغوطات الاقتصادية تزداد عليهم.‏ وكدّ كثيرون من اجل الحصول على لقمة العيش.‏ فالاسعار كانت ترتفع فيما بقيت الرواتب على حالها.‏ وكانت كلفة التنقل مسافة بعيدة باهظة بالنسبة الى معظم الاخوة.‏ لذلك،‏ نظّم مكتب الفرع بمحبة محافل كثيرة بالقرب من اماكن سكن معظم الاخوة.‏

عندما تنتقل من مكان الى آخر في الكونڠو،‏ تواجهك سلسلة من العوائق.‏ فهنالك الاشجار الساقطة،‏ الجسور المدمّرة،‏ المساحات الرملية،‏ وحُفر الوحل.‏ لكنّ ممثلي الفرع وزوجاتهم غالبا ما كانوا يعربون عن روح التضحية بالذات عند مجيئهم الى المحافل.‏ مع ذلك،‏ تُعتبر تضحياتهم صغيرة بالمقارنة مع ما كان الاخوة والاخوات المحليون الامناء يفعلون.‏ فلحضور المحفل غالبا ما كانوا يمشون اياما وينامون في العراء.‏ ولا يزال امرا عاديا ان يسير الاخوة من ٥٠ الى ١٥٠ كيلومترا من اجل حضور المحافل الكورية.‏

افتتاح بيوت جديدة للمرسلين

تمكّن مرسلون جدد من المجيء الى البلد بعد الحصول على الاعتراف الشرعي سنة ١٩٨٠.‏ فأُسِّس بيت جديد سنة ١٩٨١ في ڠوما (‏مقاطعة كيڤو)‏.‏ وخلال السنتين التاليتين،‏ فُتح المزيد من البيوت في ليكاسي (‏كاتانڠا)‏،‏ إمبوجي-‏مييه (‏كاساي)‏،‏ كيكويت (‏باندوندو)‏،‏ ومدينة المرفإ ماتادي (‏الكونڠو السفلى)‏.‏ كما أُعيد فتح البيوت التي أُغلقت في كانانڠا.‏ وأخيرا،‏ أُسِّس بيت في إسيرو (‏مقاطعة أورْيِنتال)‏ ليصبح عدد بيوت المرسلين في البلد ١١ بيتا.‏ واستُخدِمت هذه البيوت ايضا كمخازن للمطبوعات.‏ لقد كان المرسلون حلقة وصل بين مكتب الفرع والحقل.‏ كما زوّدوا التشجيع والتدريب للاخوة والاخوات المحليّين الذين كانوا ممتنّين لذلك.‏ لقد انتهت سنة الخدمة ١٩٨١ بذروة جديدة من ٧٥٣‏,٢٥ ناشرا.‏ وكانت هنالك امكانية كبيرة ان يزيد العدد.‏

لا خوف من كيمبيليكيتي

كيمبيليكيتي هو اسم روح يعبده افرادُ قبيلة ريڠا الذين يعيشون في الغابات الكثيفة شرقي وسط البلد.‏ معظم هؤلاء الاشخاص صيّادون،‏ مزارعون،‏ وصيّادو سمك.‏ وتسيطر على حياتهم معتقدات دينية تتعلق بكيمبيليكيتي.‏ تكتنف السرية هذه الفرقة الدينية،‏ ويمارس كهنتها تأثيرا نافذا على الاشخاص الذين يخافون ذلك الروح.‏

لا يخاف شهود يهوه في هذه المنطقة من كيمبيليكيتي لأنهم يعرفون ان يهوه هو الاله الحقيقي الوحيد.‏ وهم الوحيدون الذين لا يذعنون لمطالب كهنة كيمبيليكيتي،‏ مثل تقديم الماعز والدجاج طعاما لهم.‏

في بداية سنة ١٩٧٨،‏ بدأ اعضاء هذه الفرقة باضطهاد شهود يهوه علانية.‏ فأحرقوا العديد من قاعات الملكوت،‏ طردوا بعض الاخوة من بيوتهم،‏ وصادروا ممتلكاتهم.‏ كما استخدموا الشعوذة والرُّقى لإيذاء الاخوة،‏ إلّا ان جهودهم ذهبت هباء.‏ لكنهم نفّذوا خطة رهيبة في آب (‏اغسطس)‏ ١٩٨٣.‏ فقد قتلوا بوحشية ثمانية اخوة بالقرب من قرية پانجي.‏

صُدمت الجماعة بهذه الحادثة المروّعة وخصوصا الاشخاص الذين فقدوا زوجا او والدا عزيزا.‏ وهرع مكتب الفرع والاخوة المحليون الى تزويد المساعدة الروحية والمادية للعائلات المتضرّرة.‏

في غضون ذلك،‏ كان القتلة يشعرون بالامان في هذه المنطقة الحرجية المنعزلة،‏ إلّا انه قُبض عليهم في نهاية الامر.‏ وعُقدت المحاكمة في منطقة كيندو.‏ وفي حين ان المتهمين أكّدوا ان روح كيمبيليكيتي هو الذي حرّضهم على القتل،‏ أوضح المدعي العام مَن هم الملومون فعليا.‏ فقد قال:‏ «إن بعض [اعضاء قبيلة ريڠا] الذين كانوا في السابق يمارسون شعائر الكيمبيليكيتي ويعرفون الاسرار هم الآن شهود ليهوه.‏ وقد أفشوا الاسرار وخصوصا تلك المتعلقة بعدم وجود روح يُدعى كيمبيليكيتي.‏ وهكذا،‏ فضحوا بطل التقدمات التي يطلبها ذلك الروح.‏ فبحسب شهود يهوه،‏ هذا الروح هو خدعة كبيرة ابتكرها الشيوخ الذين يقودون المراسم».‏

وهكذا،‏ ثبت ان المتهمين هم المذنبون ولا علاقة لروح كيمبيليكيتي بالامر.‏ وعندما استُؤنفت القضية،‏ أيّدت محكمة اعلى في بوكاڤو قرار الحكم بالموت على القتلة.‏ وحذّر المدّعون العامون الحكوميون من نتائج اية هجمات مستقبلية قد يقوم بها عبدة كيمبيليكيتي ضد شهود يهوه.‏ *

حصلت مُذّاك حوادث اخرى.‏ لكن اعضاء هذه الفرقة يدركون الآن انه لا يمكنهم اخفاء هذه الامور في الغابة او الاتكال على كيمبيليكيتي الوهمي من اجل حمايتهم.‏ في غضون ذلك،‏ يستمر شهود يهوه بأمانة في مساعدة الآخرين على التحرّر من هذه العبادة.‏ ولقد بارك يهوه هذه الجهود بمحبة،‏ إذ يوجد الآن اكثر من ٣٠٠ ناشر غيور يخدمون في الجماعات في هذه المنطقة.‏ وهم يحبون يهوه ولا يخافون من كيمبيليكيتي.‏

حظر العمل

بحلول سنة ١٩٨٥،‏ كان عمل الملكوت يزدهر في الكونڠو.‏ وكان قد بدأ بناء بيت ايل جديد على قطعة الارض التي اشتُريت سنة ١٩٨٠.‏ واشترك في العمل نحو ٦٠ متطوّعا اجنبيا.‏ وانتهت سنة الخدمة بنحو ٠٠٠‏,٣٥ ناشر في الحقل وذروة جديدة من الفاتحين.‏ وكان ستون مرسلا يكرزون بغيرة في كل البلد.‏ كما تلقّى شيوخ الجماعات والفاتحون التدريب على يد النظار الجائلين.‏ لقد كانت كل الظروف مؤاتية لتحقيق زيادة عظيمة.‏

ولكن،‏ لم يُسرّ الجميع بالازدهار الروحي والمادي لشعب اللّٰه.‏ فكان رجال الدين يحاولون عرقلة نشاطات الاخوة من خلال السياسيين.‏ وفي ١٢ آذار (‏مارس)‏ ١٩٨٦،‏ وقّع الرئيس موبوتو قرارا يحظر عمل شهود يهوه.‏ وأُذيع نبأ الحظر في اليوم التالي عبر الاذاعة الوطنية.‏ ذكر احد المذيعين:‏ «لن نسمع عن شهود يهوه مجددا في [الكونڠو]».‏ وكم كان مخطئا!‏

استدعى مكتب الفرع اربعة مرسلين يخدمون كنظّار كُوَر وعيّن اخوة محليين بدلا منهم.‏ فقد كان المرسلون أشبه بمن وُضِعوا تحت الاقامة الجبرية إذ لم يعد بإمكانهم الكرازة علانية.‏ اما الاخوة المحليون،‏ فقد توخّوا الحذر الشديد اثناء الكرازة.‏ (‏متى ١٠:‏١٦‏)‏ ومن المؤسف ان الكثير من الاشخاص المهتمين اعتراهم الخوف وتوقفوا عن الدرس.‏ وأُغلقت بعض قاعات الملكوت ودُمّر بعضها.‏ كما صادر الحزب السياسي قاعات اخرى.‏ فكان على الاخوة الاجتماع في فرق صغيرة.‏ علاوة على ذلك،‏ اعتُقل الاخوة ليلا وهم في بيوتهم وسُرقت ممتلكاتهم.‏

في مقاطعة إيكْواتور،‏ ضُرب اخوة كثيرون وزُجّ بهم في السجن.‏ وتعرّض احد الفاتحين الخصوصيين للضرب بقسوة واحتُجز في السجن ثلاثة اشهر.‏ حدث كل ذلك نتيجة اعلان نبإ الحظر الذي أذيع قبل صدور قانون رسمي بتطبيقه.‏ فاستأنف الاخوة القرار بُعيد اعلانه،‏ ولكن دون ان يلقوا جوابا.‏ بعد ذلك،‏ ألقى رئيس الدولة في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٨٦ خطابا عاما اتهم الشهود من خلاله بأنهم غير وطنيين ولا يحترمون السلطة.‏

كم تغيّرت الامور بسرعة!‏ فالاشخاص الذين كانوا موضع احترام في يوم من الايام،‏ أصبحوا فجأة غير محترَمين.‏ فتوقف بناء الفرع الجديد وخيّم السكون على الموقع الذي كان يعجّ بالاصوات والنشاطات المفرحة.‏ ووجب على المتطوعين الاجانب مغادرة البلد.‏ كما بيعت معدّات البناء.‏ وبقي نحو ٢٠ أخا محليا لحماية المِلكية.‏

بعد ذلك،‏ وردت فجأة رسالة من رئيس شرطة الامن في ٢٦ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٨٦ مفادها ان على جميع المرسلين مغادرة البلد.‏ لقد كان هذا الحظر مختلفا جدا عن الحظر الذي فُرض سنة ١٩٧٢ إذ تمكّن المرسلون آنذاك من البقاء في البلد.‏ وكم كان محزنا رؤية قسم الشحن ممتلئا بأمتعة المرسلين الشخصية استعدادا للرحيل!‏ وهكذا،‏ غادر ٢٣ مرسلا خلال تموز (‏يوليو)‏ الى بلدان اخرى.‏ والذين كانوا يقضون عطلتهم خارج البلد لم يعودوا قط.‏ وبدأت الآن فترة تمحيص اخرى في الكونڠو.‏

إعادة التنظيم للعمل سرّا

لقد اعتقد المقاومون ان بإمكانهم تثبيط شعب يهوه او القضاء عليه،‏ لكنهم كانوا مخطئين.‏ فهم لم يدركوا قوة روح يهوه القدس وتصميم شعب اللّٰه.‏ وقد تمكّن عدد قليل من المرسلين ذوي الخبرة من البقاء في البلد.‏ وباستخدام العديد من البيوت الخاصة،‏ تمكن العاملون في الفرع من الاستمرار في الاشراف على عمل الكرازة بالملكوت.‏ كما عقد الاخوة في البيوت مدرسة خدمة الفتح في كل انحاء البلد.‏

لم يكن هنالك نقص في الطعام الروحي.‏ فقد استمر الاخوة في طباعة وتوزيع المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس.‏ كما ارسل مكتب الفرع مجامل خطابات المحافل الكورية والدائرية الى الجماعات،‏ حيث أُلقيت تلك الخطابات.‏ وأثناء زيارة نظار الدوائر للجماعات،‏ جلبوا معهم مسرحيات المحافل مسجّلة باللغة المحلية.‏ لقد جرت الامور على هذا المنوال سنويا بدءا من سنة ١٩٨٦ حتى رفع الحظر.‏ ورغم ان ذلك تطلّب عملا كثيرا،‏ استفاد الاخوة الى اقصى حد.‏

في غضون ذلك،‏ اتصل الشيوخ بالسلطات الحكومية لشرح حيادنا السياسي.‏ وأوضحوا لهم ان الشخص الحيادي ليس شخصا يهدف الى التمرد على السلطة ومقاومتها.‏ فأصبح الجميع،‏ بمن فيهم اعلى السلطات في البلد،‏ يعرفون اسم يهوه وقصده.‏ وبرز خدام يهوه كأشخاص فريدين.‏ فهم حياديون حيادا تاما،‏ لكنهم في الوقت عينه مسالمون ولا يثيرون الفتن.‏

انخفاض تلته زيادة في عدد المنادين بالملكوت

أظهر تقرير الخدمة لسنة ١٩٨٧ انخفاضا مقداره ٦ في المئة في عدد الناشرين.‏ فقد خاف البعض ولم يرغبوا ان يكونوا جزءا من هيئة محظورة.‏ كما كان هنالك اضطهاد قاسٍ في مناطق عديدة.‏

مع ذلك،‏ كانت المقاومة احيانا تأتي بعكس النتائج المرجوة.‏ فعلى سبيل المثال،‏ عقد زعيم محلي اجتماعا خصوصيا لذمّ شهود يهوه.‏ وحمل نسخة من كتابي لقصص الكتاب المقدس وطلب من الناس اعتقال اي شخص يوزّعه.‏ أراد الناس ان يفحصوا الكتاب ليميزوه عن غيره من الكتب.‏ فوافق الزعيم.‏ إلّا انهم أُعجِبوا بالكتاب حتى ان بعضا منهم طلبوا من فاتح خصوصي يعيش في قرية اخرى ان يرسل اليهم بعض النسخ.‏ يتذكّر الفاتح الخصوصي:‏ «ابتدأت اعقد عشرة دروس في الكتاب المقدس.‏ لم اكن قد بشّرت في قرية ذلك الزعيم.‏ فلو لم يتحدث ضدنا،‏ لما سنحت الفرصة لهؤلاء الاشخاص ان يتعلموا الحق!‏».‏

تكيّف الاخوة مع الظروف الجديدة.‏ ورغم انهم قُيِّدوا في نواحٍ عديدة،‏ لم يكونوا «محصورين».‏ (‏٢ كورنثوس ٤:‏٨‏)‏ وانتهى تقرير الخدمة لسنة ١٩٨٨ بزيادة ٧ في المئة في عدد الناشرين.‏ وعُقد تقريبا ٠٠٠‏,٦٠ درس في الكتاب المقدس.‏ كما زار اخوة من دائرة الخدمة في بيت ايل المدن الرئيسية لتزويد التشجيع والالتقاء بالشيوخ المحليين والنظار الجائلين.‏ في غضون ذلك،‏ استمر مكتب الفرع في الاشراف على الكونڠو (‏برازاڤيل)‏ المجاورة حيث كان العمل تحت الحظر ايضا.‏ كما أشرف كذلك على بوروندي.‏

رفض اخ يعمل كمدير مدرسة في كولْويزي اداء قَسَم سياسي.‏ نتيجة لذلك،‏ ضربه المقاومون بوحشية ونقلوه الى لوبومباشي ظنا منهم انه سيُقتل هناك.‏ أوضح الاخ بهدوء سبب حياده السياسي.‏ فبُرِّىء وأُعيد الى كولْويزي.‏ وطُلب من الذين ضربوه الاعتذار.‏ كما أُعيد قبوله في مهنة التعليم وعُيِّن مراقبا.‏

خلال تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٨٨،‏ وضع الزعماء المحليون يدهم على موقع بناء بيت ايل في كينشاسا وصادروا كميات هائلة من مطبوعات الكتاب المقدس.‏ وكان الجنود يسرقون صناديق من المطبوعات والكتب المقدسة ويبيعونها في الاسواق المحلية.‏ فاشتراها الناس مهيِّئين بذلك للاخوة فرصا جاهزة للابتداء بدروس في الكتاب المقدس.‏ *

بحلول سنة ١٩٨٩،‏ بلغ عدد ناشري الملكوت ٧٠٧‏,٤٠ ناشرين بالرغم من الحظر،‏ الامر الذي أغاظ اعداء شهود يهوه الدينيين.‏ فبعث وزير العدل آنذاك،‏ المعروف بأنه صديق للكنيسة الكاثوليكية،‏ برسالة الى جميع المدّعين العامّين الحكوميين في الكونڠو يعبّر فيها عن قلقه بشأن النشاط المستمر لشهود يهوه.‏ وشجّع على اضطهادهم وإغلاق قاعات الملكوت.‏ كما وصف شعب يهوه بأنهم «شياطين حقيقيون» في معرض خطاب ألقاه لاحقا امام القادة الدينيين.‏ نتيجة لذلك،‏ تعرّض الاخوة للاضطهاد في باندوندو،‏ المقاطعة التي يقيم فيها ذلك الوزير.‏

الاطفال يُرسلون الى السجن

خلال تلك الفترة،‏ اعتُقل بعض اولاد شهود يهوه وهم في مدارسهم بسبب رفضهم المشاركة في مراسم سياسية معينة.‏ كما اعتُقل والد صبيَّين وسُجن معهما.‏ وأُمر حراس السجن بعدم إعطائهم أي طعام.‏ فسأل احد الحراس متحيّرا:‏ «إذا كنا نقدّم الطعام للقتلة واللصوص في هذا السجن،‏ فلِم يُحرَم منه هذا الرجل وابناه؟‏».‏ وإذ لم يحصل على جواب مقنع،‏ قدّم هو بنفسه الطعام لهم.‏ سُجن الولدان ١١ يوما فيما قضى الاب الذي كان فاتحا خصوصيا فترة ٧ ايام.‏ إلّا ان هذه التجربة لم تثبّطهم بأي شكل من الاشكال.‏

في كيكويت،‏ اعتُقل رجل ليس من شهود يهوه وسُجن مع زوجته الشاهدة وابنتَيه.‏ وإذ علم الرسميون انه لا يؤمن بمعتقدات زوجته،‏ أمروه بمغادرة السجن.‏ فرفض قائلا انه لن يترك زوجته وابنتَيه.‏ وعندما أُطلق سراحه اخيرا مع عائلته،‏ درس الكتاب المقدس واعتمد.‏ وهو الآن شيخ في الجماعة.‏

اضطراب في البلد

في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٩١،‏ اندلعت ثورة عسكرية في كينشاسا وانتشرت في إثرها عمليات النهب انتشارا كبيرا.‏ فنتج عن ذلك نقص حاد في الطعام والوقود،‏ ارتفاع معدل البطالة،‏ وزيادة التضخم.‏ لذلك،‏ قام مكتبا فرع شهود يهوه في جنوب افريقيا وفرنسا بإرسال مؤن الاغاثة.‏

بينما ناضل فرع الكونڠو ليتغلّب على المشاكل في البلد،‏ اهتم ايضا بالشهود اللاجئين من أنڠولا والسودان المجاورتَين.‏ ففي شمالي شرقي الكونڠو،‏ زار زكريا بيليمو،‏ الذي كان آنذاك ناظرا جائلا،‏ فريقا من الاخوة اللاجئين من السودان.‏ وبالرغم من لغته الانكليزية المحدودة،‏ ألقى خطابا تُرجم الى العربية.‏ تساءل زكريا عما إذا فهم الاخوة الخطاب.‏ ولكن بعد خمس سنوات تقريبا،‏ اقترب منه شابان كانا يزوران بيت ايل وسألاه:‏ «هل تتذكرنا؟‏ نحن كنا بين الذين استمعوا الى خطابك في مخيم اللاجئين.‏ لقد تأثّرنا جدا بالتشجيع الذي منحتنا اياه وبدأنا بدرس الكتاب المقدس».‏ ولاحقا،‏ نذر هذان الشابان حياتهما ليهوه.‏

كانت النزاعات الإثنية احدى المشاكل الرئيسية الاخرى المستمرة في البلد.‏ ونتيجة لذلك،‏ انتقل كثيرون جنوبا من كاساي الى كاتانڠا.‏ لكن سكان تلك المقاطعة طردوهم منها خلال السنتين ١٩٩٢ و ١٩٩٣.‏ فاضطر معظم الذين اتوا من كاساي الى التخلي عن وظائفهم،‏ ممتلكاتهم،‏ وبيوتهم.‏ وفرّوا انقاذا لحياتهم الى المخيمات او الى اماكن اخرى حيث يمكنهم الاقامة معا في سلام.‏ وعاد اكثر من ٠٠٠‏,١٠٠ شخص الى كاساي،‏ بينهم نحو ٠٠٠‏,٤ شاهد ليهوه.‏ وبالرغم من الفقر وقلة الطعام،‏ بذل الاخوة الذين يعيشون في الاماكن المجاورة كل ما في وسعهم لمساعدة هؤلاء الشهود.‏ فقد رتبت احدى الجماعات الواقعة على الطريق الرئيسي شمالي كاتانڠا ان يلاقي الاخوة كل شاحنة تصل لمعرفة ما اذا كان هنالك شهود على متنها ليقدموا لهم المساعدة اللازمة.‏

كما أرسل فرع جنوب افريقيا عدة شاحنات محمّلة بالطعام والادوية لتوزيعها على الاخوة المشرّدين المقيمين في مخيمات اللاجئين.‏ وقد أنقذ هذا التدبير حياة الكثيرين.‏ علاوة على ذلك،‏ أعطت الهيئة الحاكمة تعليمات للاخوة في كينشاسا لشراء الطعام،‏ الادوية،‏ والمجارف للعائلات المشرّدة لكي تستقر ثانية في كاساي وتحرث حقولها.‏

دلالات اخرى على التغيير

في ٢٤ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٠،‏ ألقى رئيس الدولة خطابا رئاسيا وعقد مؤتمرا صحفيا نتج عنهما تغيّر ملحوظ في الموقف الرسمي تجاه شهود يهوه.‏ فقد أكد الرئيس للصحفيين المحليين والاجانب ان الحكومة تؤيد كافة الحريات الاساسية،‏ بما فيها حرية الصحافة والدين.‏ ففسح هذا مجالا اكبر امام الاخوة للكرازة والاجتماع علانية.‏ كما أُطلق سراح الاخوة المسجونين.‏

هل تتذكر المذيع الذي أعلن بكل ثقة سنة ١٩٨٦ انه لن يُسمع عن شهود يهوه مجددا في الكونڠو؟‏ لقد تبيّن ان تنبؤه غير صحيح.‏ فعند بداية الحظر سنة ١٩٨٦،‏ كان هنالك ٢٠٧‏,٣٤ ناشرين في الكونڠو.‏ ولكن بحلول نهاية سنة الخدمة ١٩٩٠،‏ بلغ العدد ٦٧٧‏,٥٠ ناشرا،‏ وحضر الذِّكرى ٥٩٠‏,١٥٦ شخصا.‏ فقد نمت الحبوب في كيس الذرة الافريقية بالرغم من المقاومة،‏ الافتراء،‏ الاضطهاد،‏ وسخط القادة الدينيين والسياسيين.‏ وعندما أُطيح بنظام حكم الرئيس موبوتو سنة ١٩٩٧،‏ كان على ذلك المذيع،‏ لا شهود يهوه،‏ الفرار من البلد.‏

الحرية مجددا

حظر المرسوم الرئاسي سنة ١٩٨٦ جميع نشاطات شهود يهوه وألغى مؤسستهم الشرعية في البلد.‏ ولكن في ٨ كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٣،‏ أصدرت محكمة العدل العليا في زائير (‏الكونڠو)‏ حكما في قضية شهود يهوه ضد جمهورية زائير.‏ نصّ الحكم على إلغاء المرسوم الرئاسي إذ اعتبرته المحكمة غير مبرّر.‏ وكم فرح الاخوة نتيجة لذلك!‏

أثار حكم المحكمة العليا ضجة كبيرة لأنها اعتمدت في قرارها على دستور انتقالي جديد لم يرُقْ الرئيس ومؤيديه.‏ كما اعتبر آخرون الحكم بمثابة اشتراع قانون جديد.‏ وفي كل الاحوال لم يكن الشهود طرفا في الخلاف.‏ وكم كان ذلك الحكم شهادة رائعة لمجد اسم يهوه!‏ فقد علّقت الكثير من المقالات في الصحف على هذا الحدث التاريخي.‏ كما أعلمت وزارة العدل لاحقا حكام مختلف المقاطعات ان شهود يهوه استعادوا الحق الشرعي في القيام بنشاطاتهم الدينية.‏ فيا له من انتصار لشعب يهوه وللعبادة الحقة!‏

صعوبة شحن المطبوعات داخل الكونڠو

الكونڠو بلد كبير تحيط به اليابسة من كل الجهات باستثناء خط ساحلي صغير في با-‏كونڠو.‏ لذلك،‏ تصل معظم الشحنات الكبيرة الى ميناء ماتادي.‏ ولا يفصل بين ماتادي والعاصمة التي تبعد مسافة ٣٠٠ كيلومتر تقريبا سوى سكة حديدية ذات خط واحد وطريق مرصوف واحد.‏

أرسلت الفروع في اوروپا الى فرع الكونڠو عددا من الشاحنات ذات الدفع الرباعي استُخدمت بفعالية في مجالَي الشحن والبناء.‏ ومنذ سنة ١٩٩٩،‏ اقتنى الاخوة مخزنا لبيت ايل في ماتادي،‏ الامر الذي ساعدهم كثيرا.‏ فقد كانت المطبوعات تُفرغ مباشرة من السفن وتوضع في المخزن الى ان يرسل الفرع شاحنة لنقلها الى كينشاسا.‏

في ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان لا يزال ممكنا ان تقوم الشاحنات برحلات من كينشاسا الى لوبومباشي والتوقف عند بيوت المرسلين المستخدمة كمخازن في كانانڠا وإمبوجي-‏مييه.‏ وفي حين انه يمكن للطائرة ان تقطع المسافة بين كينشاسا ولوبومباشي في ساعتين تقريبا،‏ تحتاج شاحنة محمّلة الى اسبوعَين للقيام بالرحلة!‏ ولكن فيما مرت السنون،‏ ساءت احوال الطرق اكثر حتى اصبح من المتعذّر عبورها.‏ وبالرغم من وجود انهر صالحة للملاحة تمتد آلاف الكيلومترات،‏ لا يمكن الاعتماد على القوارب التي تبحر من كينشاسا الى اجزاء اخرى من البلد.‏ اضافة الى هذه الصعوبات،‏ استمر الاضطراب السياسي في بعض الاماكن،‏ مما صعّب وصول المركبات التي يستخدمها بيت ايل الى مناطق بعيدة قليلا عن كينشاسا.‏ لذلك،‏ كان النقل الجوي الطريقة الفضلى لشحن المطبوعات من الفرع الى اماكن بعيدة.‏

وساهمت فروع اخرى في تزويد الاخوة بالمطبوعات.‏ فقد استخدم الفرع في الكاميرون الشاحنات لنقل المطبوعات الى شمال الكونڠو مرورا بجمهورية افريقيا الوسطى.‏ كما اهتم فرعا رواندا وكينيا بحاجات المناطق الشرقية من البلد.‏ أما الجماعات في بعض المناطق الجنوبية،‏ فقد حصلوا على مطبوعاتهم من جنوب افريقيا وزامبيا.‏

مدرسة تدريب الخدام بركة للحقل

سنة ١٩٩٥،‏ نُظِّم اول صف لمدرسة تدريب الخدام في كينشاسا.‏ وبحلول نيسان (‏ابريل)‏ ٢٠٠٣،‏ كان قد عُقد ١٦ صفّا دُرِّب فيها اكثر من ٤٠٠ اخ.‏ وأصبح خمسة من التلاميذ نظار كُوَر فيما يخدم اكثر من ٦٠ تلميذا في العمل الدائري.‏ وعُيِّن خمسون آخرون فاتحين خصوصيين.‏ وقد أثبت هؤلاء الاخوة ان لهم دورا مفيدا في زيادة الحماسة للعمل الكرازي.‏

لم يكن سهلا على البعض حضور المدرسة.‏ فعندما تسلّم جورج موتومبو دعوة الى الحضور،‏ كان يعيش في منطقة تسيطر عليها قوات معارضة للحكومة.‏ وكان عليه ان يسافر الى كامينا مسافة ٤٠٠ كيلومتر بالدراجة ليلحق بالطائرة المتجهة الى كينشاسا حيث ستُعقد المدرسة.‏ كما تضمنت رحلته السفر ثلاثة ايام تحت المطر والمرور بـ‍ ١٦ حاجز تفتيش عسكريا،‏ بالاضافة الى اجتياز مقاطعة تتفشّى فيها الجريمة.‏ وفي احدى المراحل،‏ طاردته مجموعة من اللصوص على متن دراجاتهم.‏ وانتهت المطاردة عندما انفجر دولاب دراجة قائد المجموعة.‏ من الواضح ان اللصوص عرفوا ان جورج هو شاهد ليهوه من مظهره الخارجي.‏ فصرخوا قائلين انهم لن يطاردوه مرة اخرى إذ رأوا ان الهه يهوه كان معه.‏

مبانٍ جديدة تماشي النمو الثيوقراطي

منذ سنة ١٩٦٥،‏ كان مكتب الفرع يقع في شارع اڤونوه ديزيليفان ٧٦٤،‏ ليمَت،‏ بكينشاسا.‏ ولكن في سنة ١٩٩١،‏ اشتُريت قطعة ارض في المنطقة الصناعية من المدينة تضمّ ثلاثة مبانٍ كبيرة.‏ شغلت هذه المباني في السابق مؤسسة للقماش ثم استُخدمت كمحلات للتصليح.‏ رمّم الاخوة المباني بحيث تُجرى فيها جميع نشاطات الفرع.‏ ورغم ان انعدام الامن والاستقرار السياسيَّين أخّر المشروع،‏ ابتدأ العمل في ترميم هذه المباني سنة ١٩٩٣ بوصول خدّام امميين.‏ وفي نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٦،‏ انتقلت هيئة مستخدمي الفرع من شارع اڤونوه ديزيليفان الى الفرع الجديد.‏ علّق احد شيوخ بيت ايل بعد الانتقال قائلا:‏ «ان رؤية عائلة بيت ايل مجتمعة معا تعيدنا بالذاكرة عشر سنوات الى الوراء عندما كان عملنا محظورا.‏ نشكر يهوه اللّٰه وهيئته المنظورة من اعماق قلوبنا من اجل هذه المباني الرائعة».‏ وفي تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٩٦،‏ سُجِّلت ذروة جديدة من ٠٠٠‏,١٠٠ ناشر.‏ وفرح الاخوة بإمكانية تحقيق زيادة اكبر.‏

المرسلون يأتون للمساعدة

خلال تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان من السهل مجددا إحضار مرسلين الى البلد لينضموا الى السبعة الذين تمكنوا من البقاء اثناء سنوات الحظر.‏ ففي تموز (‏يوليو)‏ ١٩٩٥،‏ عُيِّن سيباستيان جونسون وزوجته ڠيزلا في الكونڠو بعد ان خدما في السنڠال.‏ وسرعان ما لحق بهما مرسلون آخرون.‏ لقد جاء البعض من الولايات المتحدة بعد ان تخرجوا من مدرسة جلعاد فيما اتى آخرون من بريطانيا،‏ بلجيكا،‏ وفرنسا.‏ وفي آذار (‏مارس)‏ ١٩٩٨،‏ وصل كريستيان وجوليات بيلوتي من ڠيانا الفرنسية.‏ كما أُعيد تعيين پيتر ڤيلهلم وزوجته آناليز في كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٩ بعد ان خدما ايضا في السنڠال.‏ ولاحقا،‏ اتى مرسلون آخرون الى الكونڠو من السنڠال،‏ الكاميرون،‏ ومالي.‏

في كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٩٩،‏ فُتح بيت جديد للمرسلين في منطقة سكنية في كينشاسا أقام فيه اثنا عشر مرسلا.‏ وفي لوبومباشي،‏ كان هنالك بيت اقام فيه مرسلون منذ سنة ١٩٦٥.‏ وفُتح بيت ثانٍ هناك سنة ٢٠٠٣ يخدم فيه حاليا اربعة ازواج من المرسلين.‏ كما أُسِّس بيت جديد في ايار (‏مايو)‏ ٢٠٠٢ في ڠوما الواقعة شرقي البلد وعُيِّن فيه اربعة مرسلين.‏ ولا يزال هؤلاء المرسلون بركة في هذا البلد الكبير المثمر.‏

الحياد المسيحي اثناء الحرب

وصل معظم هؤلاء المرسلين اثناء مرور البلد بأوقات عصيبة.‏ ففي تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٩٦،‏ اندلعت الحرب في الجزء الشرقي من البلد وانتشرت بسرعة الى المناطق الاخرى.‏ وكان الهدف من هذه الحرب الاطاحة بالرئيس موبوتو.‏ وفي ١٧ ايار (‏مايو)‏ ١٩٩٧،‏ قاد لوران-‏ديزيريه كابيلا قواته الى كينشاسا وأصبح هو الرئيس.‏

بينما كان الناس حول العالم يشاهدون في التلفزيون الصور المروّعة للاجئين المعدِمين والمبتلين بالجوع والمرض،‏ استمر شعب يهوه في اعلان رسالة الرجاء والتعزية التي يحتويها الكتاب المقدس.‏ ومن المؤسف ان آلاف الاشخاص ماتوا اثناء الحرب بمن فيهم ٥٠ شاهدا تقريبا.‏ كما هلك كثيرون بعد الحرب بسبب الكوليرا والامراض الاخرى.‏

وبسبب الحرب ايضا،‏ لا يملك معظم الناس بطاقات هوية.‏ ويسبّب ذلك مشكلة للاخوة الذين يسافرون من اجل الكرازة.‏ فهنالك الكثير من حواجز التفتيش العسكرية على الطرق.‏ لذلك،‏ اقترح شيخ في احدى الجماعات على الناشرين الذين لا يملكون بطاقة هوية ان يبرزوا بطاقات توجيه/‏اعفاء طبي مسبق الخاصة بهم.‏ ففعلوا ذلك.‏ وعند احد حواجز التفتيش،‏ قال لهم الجنود:‏ «ليس هذا ما نريده.‏ المطلوب هو بطاقة الهوية الوطنية!‏».‏

أجابه الاخوة:‏ «هذه هي البطاقة التي تعرّف اننا شهود يهوه».‏ فسمح لهم الجنود بالمرور.‏

فيما كانت مجموعة من المرتزقة الغرباء يقاتلون مع قوات الحكومة في كيسانڠاني،‏ اعتقلوا اربعة اخوة شبانا اتُّهموا زورا بإفشاء معلومات للعدو.‏ كان المرتزقة في كل صباح يختارون عشرة سجناء،‏ يأخذونهم الى الدغل،‏ ويقتلونهم.‏ وذات صباح،‏ اختاروا اثنَين من الاخوة مع ثمانية سجناء آخرين وانطلقوا الى الدغل.‏ في الطريق،‏ توقفت الشاحنة بسبب وجود جثة امامهم.‏ فأمر المرتزقة الاخوَين بدفنها.‏ وبعد ان أنهيا مهمتهما،‏ انتظرا عودة الشاحنة التي تابعت مسيرها دونهما.‏ كان بإمكانهما الهرب،‏ لكنهما لم يفعلا ذلك.‏ فقد عرفا انهما سيعرّضان حياة رفيقَيهما اللذَين بقيا في السجن للخطر.‏ عادت الشاحنة فارغة من السجناء الثمانية الذين قُتلوا.‏ ودُهش الجميع في السجن عند رؤيتهم الاخوَين على قيد الحياة.‏ بُعيد ذلك،‏ نُسف باب السجن عندما استولت قوات المعارضة على البلدة.‏ فهرب المرتزقة وحُرِّر الاخوة.‏

الفروع الاوروپية تمد يد العون خلال الاوقات العصيبة

منذ سنة ١٩٩٦،‏ تأثرت معظم مناطق الكونڠو بالحرب.‏ فشُرِّدت اعداد كبيرة من الناس وهرب آلاف الاخوة الى مخيمات اللاجئين في تنزانيا وزامبيا.‏ وفيما امتدت سيطرة الثوار على مناطق اكثر في الكونڠو،‏ واجه مكتب الفرع صعوبة اكبر في الاتصال بالاخوة في المقاطعات المحتلة والاهتمام بهم.‏ فشُكِّلت لجان اغاثة في المدن الرئيسية لتوزيع المساعدات المادية.‏ وأعربت عائلة بيت ايل عن روح طوعية وروح التضحية بالذات بالعمل حتى ساعات متأخرة من الليل للمساعدة في توزيع مؤن الاغاثة.‏ كما وصل جوّا الى الكونڠو اطنان من الاطعمة والثياب والادوية،‏ بالاضافة الى ٥٠٠‏,١٨ زوج من الاحذية و ٠٠٠‏,١ غطاء بعث بها شهود يهوه في بلجيكا،‏ سويسرا،‏ وفرنسا.‏ يستمر عمل الاغاثة مخفّفا الكثير من المعاناة،‏ ويستفيد من ذلك شهود يهوه وآخرون.‏

ذكرت مقالة نُشرت في صحيفة بكينشاسا في تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٩٨ ما يلي:‏ «ان جماعات شهود يهوه المسيحية في دول اوروپية مختلفة وحّدت جهودها لجمع اكثر من ٤٠٠ طن من مواد الاغاثة لترسلها الى الكونڠو (‏كينشاسا)‏ والكونڠو (‏برازاڤيل)‏.‏ وبواسطة متطوعين من انكلترا،‏ سويسرا،‏ وفرنسا،‏ أُرسل الى كينشاسا ٣٧ طنا من الارز،‏ الحليب المجفف،‏ الفاصولياء،‏ والبسكويت الذي يحتوي على ڤيتامينات.‏ وقد شُحنت هذه المواد جوّا من اوستَنْد في بلجيكا الى المركز الرئيسي المحلي لشهود يهوه في كينشاسا.‏ وستصل .‏ .‏ .‏ طائرة اخرى .‏ .‏ .‏ محملة بـ‍ ٣٨ طنا من الطعام.‏

‏«من الجدير بالملاحظة ان شهود يهوه يهبّون الى انقاذ اللاجئين في شرق افريقيا منذ حدثت الابادة الجماعية في رواندا.‏ .‏ .‏ .‏ وأعلن الناطق بلسان شهود يهوه ان هذه التبرعات الطوعية من الطعام والادوية التي تزن اكثر من ٢٠٠ طن ساهمت في الحد من وباء الكوليرا.‏ وقال ان شهود يهوه من فرنسا وبلجيكا شكّلوا في تلك الفترة فرقا عديدة لمساعدة اللاجئين في المخيمات.‏ كما جاء على ذكر مؤن الاغاثة التي زوّدها شهود يهوه للمعدِمين في اوروپا الشرقية والبوسنة».‏

الحرب لا تعيق التقدم الروحي

في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٩٨،‏ هاجم الثوار ضاحية نْجِلي في كينشاسا.‏ وفي وسط الاضطراب،‏ التجأت مجموعة من الاخوة الى بيت يقيم فيه ناظر دائرة.‏ فصلّى ناظر الدائرة من اجلهم ثم قرأ عليهم اشعيا ٢٨:‏١٦ (‏ع‌ج‏)‏ التي تقول:‏ «من آمن لا يرتعب».‏ وشجّعهم جميعا على البقاء هادئين والاتكال على يهوه من اجل الارشاد.‏

وللخروج من نْجِلي،‏ اقترح بعض الاخوة عبور الجسر فيما اقترح آخرون سلوك الطريق الموازي للسكة الحديدية.‏ ولكنهم قرروا في آخر الامر البقاء حيث هم.‏ وبعد ثلاثة ايام،‏ احكمت قوات الحكومة سيطرتها ثانية على المنطقة.‏ وأدرك الاخوة انهم كانوا سيُحتجَزون في وسط القتال لو حاولوا الخروج من المنطقة.‏

كان احد الاخوة من جماعة موسيكا كيپوزي في كاتانڠا يبيع السمك لبعض الجنود.‏ وبعد الحديث معا،‏ اتّهمه جندي بأنه جاسوس للحزب المعارض.‏ فقُيِّد،‏ ضُرب بوحشية،‏ ثم أُخذ الى المركز الرئيسي العسكري في تلك المنطقة ووصل هناك ليلا.‏ طلب الجنود من الاخ ان يرقص لهم.‏ فأجابهم:‏ «كيف ستستمتعون برقصي في الظلمة؟‏».‏

قالوا له:‏ «يمكنك الغناء بدلا من ذلك».‏ فرنّم الاخ من اعماق قلبه الترنيمة «ألقِ همّك على يهوه».‏ وإذ تأثر الجنود بالكلمات،‏ طلبوا منه ان يرنمها ثانية.‏ فرنّمها الاخ.‏ ثم طلب منه احد الجنود ترنيمة اخرى.‏ فرنّم الاخ هذه المرة الترنيمة «نشكرك يا يهوه» بلغته الام،‏ الكيلوبا.‏ عندما انتهى،‏ فكّ الآسرون وثاقه.‏ وأعادوه صباح اليوم التالي الى البلدة،‏ واستعلموا الجيران عنه للتأكد من انه ليس جاسوسا.‏ وقبل ان يغادر الجنود،‏ قالوا للاخ:‏ «كنتَ على وشك الموت،‏ لكنك لن تموت الآن.‏ فدينك أنقذ حياتك!‏ لقد تأثرنا جدا بالكلمات التي أنشدتها.‏ فلا تتوقف ابدا عن خدمة الهك!‏».‏

بناء قاعات الملكوت يجلب التسبيح ليهوه

في السنوات الاخيرة،‏ بذلت الهيئة الحاكمة لشهود يهوه جهدا خصوصيا للمساعدة على بناء قاعات ملكوت في المناطق ذات الموارد المحدودة.‏ وإذ كانت هنالك حاجة ملحة جدا الى قاعات ملكوت في الكونڠو،‏ رحّب الاخوة بهذا الترتيب.‏ ففي كينشاسا مثلا،‏ كان هنالك ٢٩٨ جماعة يجتمعون في أقل من ٢٠ قاعة بحالة مقبولة.‏ لذلك،‏ كانت هنالك حاجة الى مئات القاعات في كل البلد.‏ فبدأ برنامج بناء قاعات الملكوت في كينشاسا في نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٩.‏ ثم امتد لاحقا الى مقاطعات اخرى في الكونڠو.‏ وبحلول بداية سنة ٢٠٠٣،‏ شُيِّدت نحو ١٧٥ قاعة ملكوت في الكونڠو (‏كينشاسا)‏ والكونڠو (‏برازاڤيل)‏ على السواء.‏

تأثر جدا رجل عرف الحق منذ خمسينات الـ‍ ١٩٠٠ عندما لاحظ بناء قاعة ملكوت امام بيته.‏ علّق قائلا:‏ «لم أُبدِ قط اهتماما بعمل الشهود.‏ لكنني ارى الآن ثمر جهودهم.‏ فقد بنوا قاعة ملكوت بالقرب من منزل اخي وها هم الآن يشيّدون واحدة امام منزلي.‏ يبدو ان الشهود يلحقون بي الى كل مكان!‏».‏ قَبِل هذا الرجل دعوة الى حضور ذكرى موت المسيح وحضور تدشين قاعة الملكوت الجديدة.‏ وهو يحضر الآن الاجتماعات قانونيا.‏

استخدمت ثلاث جماعات في ماتيتي بناء متصدعا اشترته سنة ١٩٩٤ لعقد اجتماعاتها.‏ وإذ لم يملك الاخوة مالا لتصليح المبنى،‏ بقي على ذلك الحال ست سنوات.‏ وعندما بُنيت كنيسة كبيرة في الجانب الآخر من الشارع،‏ توقع الكاهن ان ينتقل الشهود الى مكان آخر.‏ كما سخر الجيران من الاخوة لأنه لم يكن لديهم مكان لائق للاجتماع.‏ واستمر بعضهم في السخرية حتى عندما بدأ الاخوة بجلب المواد لبناء قاعة ملكوت جديدة.‏ ولكن كم ذُهلوا عندما رأوا النتائج!‏ انهم يقولون الآن ان شهود يهوه يملكون اجمل بناء في المنطقة.‏ وإحدى الجارات التي كانت ترفض التحدث مع الشهود تأثرت بما أنجزه الاخوة.‏ وجاءت الى موقع البناء ووعدت بالاستماع الى الشهود عندما يزورونها في المرة القادمة.‏

في احد مواقع البناء،‏ اقتربت امرأة من اخت كانت تطهو الطعام للعمال وسألتها:‏ «هل تبنون كنيسة؟‏».‏

أجابتها الاخت:‏ «نحن نبني قاعة ملكوت».‏

قالت المرأة:‏ «سيكون هذا البناء مثلكم تماما ايها الشهود.‏ فأنتم دائما نظيفون ومرتبون.‏ وكنيستكم ستشبهكم!‏».‏

تعديلات في ادارة الفرع

للاهتمام بحاجات الحقل اصبح من الضروري اعادة تنظيم لجنة الفرع المحلية.‏ لذلك،‏ أجرت الهيئة الحاكمة تعديلات في ايار (‏مايو)‏ ١٩٩٦ وعيّنت سيباستيان جونسون في ٢٠ ايار (‏مايو)‏ ١٩٩٦ منسّقا للجنة الفرع.‏ وشكّل هو وپيتر لوتڤيخ،‏ الذي ضُمّ الى اللجنة قبل شهرين،‏ لجنة فرع مصغّرة للاشراف على العمل.‏ وفي السنوات اللاحقة،‏ عُيِّن آخرون هم:‏ دايڤيد ناويج،‏ كريستيان بيلوتي،‏ بنجامِن بانديوِيلا،‏ پيتر ڤيلهلم،‏ روبرت إيلونڠو،‏ دلفان كاڤوسا،‏ وأونو نلسون.‏ إلّا ان پيتر لوتڤيخ وزوجته پترا اضطرّا الى العودة الى المانيا لأسباب صحية،‏ وهما يخدمان الآن في مكتب الفرع هناك.‏

ان الاخوة في لجنة الفرع يعملون بجدٍّ لمنح الارشاد الثيوقراطي في الحقل.‏ علاوة على ذلك،‏ يخدم في الكونڠو شهود من اميركا الشمالية،‏ اوروپا،‏ واليابان عيّنوا كخدام امميين،‏ خدام بيت ايل في بلد اجنبي،‏ ومرسلين.‏ ونمت عائلة بيت ايل في كينشاسا خلال سنة الخدمة ٢٠٠٣ وصارت تضم اكثر من ٢٥٠ عضوا يبلغ متوسط اعمارهم ٣٤ سنة.‏

لا يزال هنالك عمل كثير

كتب نبي في الازمنة القديمة قائلا:‏ «مبارك الرجل الذي يتكل على الرب وكان الرب متكله».‏ (‏ارميا ١٧:‏٧‏)‏ ففي حين تستمر الحرب في مناطق عديدة بالكونڠو،‏ يتابع الاخوة الكرازة ببشارة الملكوت.‏ ورغم ان الحرب الاهلية تعيق مكتب الفرع عن تزويد المساعدة الروحية لجميع المناطق في البلد،‏ كانت رؤية عدد الناشرين يصل الى ذروة جديدة من ٨٥٧‏,١٢٢ امرا مشجّعا.‏

في هذا التقرير،‏ سردنا اختبارات اخوة امناء في الكونڠو.‏ ولا مجال لذكر اسماء كل الاخوة والاخوات الذين ساهموا في الدفاع عن البشارة وتثبيتها قانونيا في الكونڠو.‏ مع ذلك،‏ يثق الجميع ان يهوه يُسرّ بعملهم ويكافئهم عليه.‏ فقد كتب الرسول بولس الى الرفقاء المسيحيين:‏ «لأن اللّٰه ليس فيه إثم حتى ينسى عملكم والمحبة التي أظهرتموها نحو اسمه،‏ في كونكم قد خدمتم القديسين ولا تزالون تخدمونهم».‏ —‏ عبرانيين ٦:‏١٠‏.‏

لا يزال هنالك عمل كثير لفعله.‏ فهناك حاجة الى فتح مقاطعات جديدة،‏ بناء قاعات للملكوت،‏ وتوسيع مباني الفرع.‏ مع ذلك،‏ إذ نتأمل في اكثر من ٥٠ سنة من النشاط الثيوقراطي في الكونڠو،‏ نوافق على الكلمات التي تفوّه بها الاخ سنة ١٩٥٢ حين قال:‏ ‹نحن مثل الحبوب في كيس ذرة افريقية.‏ حيثما تسقط هذه الحبوب،‏ الواحدة تلو الاخرى،‏ تنمو حين يهطل المطر›.‏ ونحن ننتظر بشوق ان نرى الى اي حد سينمي ابونا السماوي،‏ يهوه اللّٰه،‏ بذار الملكوت.‏ —‏ ١ كورنثوس ٣:‏٦‏.‏

‏[الحواشي]‏

^ ‎الفقرة 3‏ على مرّ السنين تغيّر اسم هذه المنطقة،‏ فدُعيت دولة كونڠو الحرة،‏ الكونڠو البلجيكي،‏ الكونڠو،‏ وزائير.‏ ولكنّها منذ سنة ١٩٩٧،‏ تُسمّى جمهورية الكونڠو الديموقراطية.‏ كما يُطلق عليها بطريقة غير رسمية اسم الكونڠو (‏كينشاسا)‏ لتمييزها من الكونڠو (‏برازاڤيل)‏ المجاورة.‏ وفي هذا التقرير،‏ سنستخدم الاسم:‏ الكونڠو.‏

^ ‎الفقرة 155‏ انظر برج المراقبة عدد ١ آذار (‏مارس)‏ ١٩٨٥،‏ الصفحات ٣-‏١٠،‏ بالانكليزية.‏

^ ‎الفقرة 173‏ أصدرت المحكمة العليا في آخر الامر قرارا يعيد للاخوة الحق في الملكية المصادَرة،‏ المكان الذي ابتدأ فيه بناء بيت ايل في بداية ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ لكنّ الجنود شغلوا هذا المكان لاحقا.‏ وعندما تركوه اخيرا سنة ٢٠٠٠،‏ قسّم الرسميون المحليون المِلكية كلها الى قطع ارض صغيرة وباعوها بطريقة غير شرعية.‏ لذلك،‏ يحتل المنطقة الآن مئات الاشخاص.‏ ولم تُحلّ المشكلة بعد.‏

‏[النبذة في الصفحة ٢٢٩]‏

‏«لن نسمع عن شهود يهوه مجددا في [الكونڠو]»‏

‏[النبذة في الصفحة ٢٤٩]‏

‏«كنتَ على وشك الموت،‏ لكنك لن تموت الآن.‏ فدينك أنقذ حياتك!‏»‏

‏[الاطار في الصفحة ١٦٨]‏

لمحة عن الكونڠو (‏كينشاسا)‏

اليابسة:‏ تمتد جمهورية الكونڠو الديموقراطية على جانبي خط الاستواء،‏ لذلك فهي اكبر بست مرات من الكونڠو (‏برازاڤيل)‏ المجاورة.‏ تغطي الغابات المطيرة الاستوائية معظم الاراضي شمالي الكونڠو.‏ وهي كثيفة جدا لدرجة ان ضوء الشمس نادرا ما يصل الارض.‏ وفي الجزء الشرقي من البلد،‏ توجد جبال وبراكين ناشطة.‏ أمّا في غربي الكونڠو،‏ فيمتد خط ساحلي مسافة ٣٧ كيلومترا على موازاة المحيط الاطلسي.‏

الشعب:‏ إن سكان الكونڠو البالغ عددهم ٥٥ مليون شخص يمثّلون اكثر من ٢٠٠ فريق إثْنِي افريقي.‏ ويشكّل الكاثوليك ٥٠ في المئة من السكان،‏ والپروتستانت ٢٠ في المئة.‏ أمّا اتباع كيمبانڠو والاسلام فيشكّل كل منهما ١٠ في المئة.‏

اللغة:‏ يتكلم السكان لغات كثيرة.‏ ومع ان اللغة الرسمية هي الفرنسية،‏ هنالك لغات افريقية اساسية مثل التشيلوبية،‏ السواحلية،‏ الكونڠولية،‏ الكينڠْوانية،‏ واللينڠالية.‏

سبل العيش:‏ تمتلك الكونڠو موارد طبيعية ضخمة مثل النفط،‏ الالماس،‏ الذهب،‏ الفضة،‏ واليورانيوم.‏ لكنّ المعارك الحديثة في البلد ساهمت في تقليص الصادرات الى حد كبير وزيادة الدَّين الخارجي.‏ اضافة الى ذلك،‏ تزرع العائلات في المناطق الريفية معظم طعامها مثل المنيهوت،‏ الذرة،‏ والارزّ.‏

الحياة البرية:‏ يوجد الكثير من الحيوانات البرية.‏ فالغابات تعجّ بالسعادين وحيوانات البابون والڠورلا.‏ كما تقطن في المناطق المكشوفة انواع اخرى كالظباء،‏ النمور،‏ الأسود،‏ الكركدَّنات،‏ وحمير الوحش.‏ امّا الانهار،‏ فهي موطن للتماسيح وأفراس النهر.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ١٧٣،‏ ١٧٤]‏

بحث عن الحق ووجده

كان آنري كاناما عضوا في الكنيسة الانجيلية في لوينا،‏ لكنّه أدرك اخيرا ان الحق ليس هناك.‏ كان غالبا ما يذهب الى الجبال من اجل الصلاة والتأمل.‏ فالتقى هناك جماعة كانت تدّعي انها تتحدّث مع الارواح غير المنظورة.‏ أخبره اعضاء هذه الجماعة ان اللّٰه بعيد،‏ لكنّهم لا يعرفون مكانه.‏

بدأ آنري البحث عن الاله الحقيقي.‏ وبمرور الوقت،‏ التقى رجلا أعطاه نسخة من مجلة استيقظ!‏ بالفرنسية.‏ وسرعان ما أدرك آنري رنّة حق الكتاب المقدس فيها.‏ فقد كان هذا ما يبحث عنه!‏ لذلك،‏ كتب آنري الى شهود يهوه على العنوان المذكور في المجلة.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى بدأ يدرس الكتاب المقدس بالمراسلة.‏ وفي آخر الامر،‏ رغب آنري وزوجته،‏ اليزابيث،‏ وبعض معارفهم في اتخاذ خطوة المعمودية،‏ فكتبوا يستفسرون عن ذلك.‏ فتلقّوا رسالة أرشدتهم الى الاتصال بمكاتب الفروع في البلدان المجاورة والتي كان معظمها بعيدا.‏

لذلك،‏ قرّر الفريق الصغير المؤلّف من آنري وإليزابيث بالاضافة الى إيپوليت بانزا وزوجته،‏ جوليين،‏ الذهاب الى شمالي روديسيا.‏ وأدركوا جميعهم ان ذلك يقتضي تعلّم اللغة السيبمبية ليعمّقوا معرفتهم بالحق.‏ فحسبوا النفقة وذهبوا.‏ وبعد قضاء ستة اشهر هناك،‏ اعتمدوا سنة ١٩٥٦.‏

في تلك السنة عينها،‏ عادوا الى الكونڠو ونقلوا البشارة بغيرة الى الآخرين.‏ لكن في سنة ١٩٦١،‏ اعتُقل آنري وبعض رفقائه وأُرسلوا الى السجن.‏ واتُّهموا بأنهم اتباع للكيتاوالا الذين قتلوا زعيما محليا كان هذا بدوره قد دبّر مكيدة لقتل زعيم آخر.‏ لم يكن هنالك بالطبع دليل على ذلك،‏ فأُطلق سراح الاخوة لاحقا.‏

انهمك آنري وإليزابيث بعد ذلك في خدمة الفتح.‏ وأصبحا في نهاية الامر فاتحَين خصوصيَّين ثم التحقا بالعمل الدائري.‏ ورغم ان آنري مات سنة ١٩٩١،‏ لا تزال اليزابيث تخدم كفاتحة قانونية.‏ كما يخدم احد اولادهما،‏ إيلونڠا،‏ في العمل الدائري.‏

‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ١٧٨]‏

ألبرت لويينو،‏ شاهد أمين

تعرّف ألبرت على الحق للمرة الاولى سنة ١٩٥١ من خلال زميل له في العمل يُدعى سيمون مامپويا من الكونڠو (‏برازاڤيل)‏.‏ كان ألبرت اول كونڠولي يصبح طبيب اسنان.‏ لذلك،‏ لم يكن من السهل عليه اخذ موقف الى جانب الحق بسبب مركزه الاجتماعي الرفيع.‏ لكنّه اعتمد هو وزوجته سنة ١٩٥٤ بعد الاحتفال بالذكرى.‏ وجرت المعمودية ليلا لأن العمل كان محظورا في تلك الفترة.‏

خدم ألبرت خلال السنوات ١٩٥٨ الى ١٩٩٦ كممثّل شرعي لجمعية شهود يهوه،‏ وهي المؤسسة المسجّلة محليا للشهود.‏ يتذكر ألبرت انه قام بترجمة خطاب زواج ألقاه الاخ هُوِيسا امام ٨٠٠‏,١ شخص.‏ وضّح الخطاب في البداية مسؤوليات الزوجة المسيحية.‏ ويتذكر ألبرت انه شعر بالاهمية الذاتية والرضى التام فيما كان ينظر الى زوجته والاخوات الاخريات اللواتي كنّ حاضرات.‏ ولكنّه عندما سمع مسؤوليات الزوج المسيحي،‏ شعر بأنه صغير وعديم القيمة.‏ وما كاد الخطاب ينتهي حتى شعر بالخجل الشديد!‏

‏[الصورة]‏

ألبرت وإميلي لويينو

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحات ١٩١-‏١٩٣]‏

مقابلة مع پونتْيين موكانڠا

تاريخ الولادة:‏ ١٩٢٩

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٥٥

لمحة عن حياته:‏ كان أول ناظر دائرة في الكونڠو.‏

سنة ١٩٥٥،‏ أصابني ألم في اسناني وذهبت الى المستشفى.‏ فعالجني ألبرت لويينو،‏ طبيب الاسنان هناك،‏ ثم أراني الكشف ٢١:‏٣،‏ ٤ التي تتحدّث عن الوقت الذي سيزول فيه الالم نهائيا.‏ وزارني ألبرت ذلك المساء بعد ان أعطيته عنواني.‏ فأحرزت تقدما روحيا سريعا واعتمدت في تلك السنة عينها.‏

سنة ١٩٦٠،‏ عُيّنت ناظر دائرة في جميع مناطق الكونڠو.‏ لم يكن العمل الدائري سهلا.‏ فقد كنت اسافر اياما وحتى اسابيع على متن شاحنات مثقلة بالاحمال.‏ كنت أجلس في مؤخرة الشاحنة وهي تسير على طرقات وعرة تحت الشمس الحارقة.‏ كان البعوض يقلق مضجعي في الليل.‏ وغالبا ما كانت الشاحنة تتعطّل فأنتظر حتى يتم اصلاحها.‏ كما كنت أمشي وحيدا على طرق ليس فيها لافتات،‏ فأضلّ سبيلي احيانا.‏

ذات يوم،‏ زرت بلدة في شمال الكونڠو برفقة ليون أنزاپا.‏ ثم سافرنا معا بالدراجة الى بلدة اخرى تبعد اكثر من ١٢٠ كيلومترا.‏ فأضعنا طريقنا وكان علينا النوم ليلة واحدة في قنّ دجاج مغلق.‏ كان البقّ يلدغنا.‏ وبسبب كثرته،‏ أضرم مالك المكان نارا صغيرة في وسط القنّ رغم عدم وجود أية نافذة.‏

نشب في تلك الليلة شجار بين ابن المالك والقرويين الآخرين.‏ وسرعان ما اشترك المالك ايضا في الشجار.‏ فأدركنا اننا سنواجه مشكلة في حال خسارته.‏ ولم تغمض لنا عين طوال تلك الليلة بسبب البقّ،‏ الدخان،‏ والشجار.‏

هربنا خلسة على متن درّاجتينا قبل بزوغ الفجر.‏ لكنّنا أضعنا طريقنا مرة اخرى بعد بضعة كيلومترات.‏ تابعنا السفر طول النهار سالكَين طريقا مهجورا.‏ وفي نهاية اليوم تقريبا،‏ وبعد ان انهكنا الجوع والتعب،‏ سقط ليون من درّاجته على الارض.‏ فهشّم وجهه جرّاء اصطدامه بصخرة وجُرحت شفته العليا جرحا بليغا.‏ كان ينزف بشكل خطير،‏ إلّا اننا تابعنا طريقنا حتى وصلنا الى قرية.‏ وهناك،‏ أراد القرويون معرفة الشخص الذي تسبّب بجرح ليون.‏ فأوضحنا لهم انه سقط من درّاجته،‏ لكنّهم لم يقتنعوا واتّهموني بأني الفاعل.‏ لم نتمكن من النوم تلك الليلة ايضا.‏ فقد كان ليون يعاني من الالم وكان القرويون يريدون إصابتي بجرح كعقاب لي.‏ تابعنا مسيرنا صباح اليوم التالي الى ان وصلنا اخيرا الى قرية يوجد فيها دواء.‏ فوُضع المركوروكروم على شفة ليون وعولج جرحه بشكل وقتي.‏ سافرنا بعد ذلك مسافة ٨٠ كيلومترا الى جيمينا حيث تركت ليون في مستشفى صغير لتلقّي العناية.‏ وتابعت المسير وحدي الى ان انضممت ثانية الى زوجتي،‏ واستمررنا بعد ذلك في العمل معا وصولا الى كينشاسا.‏

كانت ماري زوجة پونتْيين ترافقه في تلك الرحلات إلّا انها ماتت سنة ١٩٦٣.‏ تزوج پونتْيين ثانية سنة ١٩٦٦ واستمر في العمل الدائري حتى سنة ١٩٦٩.‏ أمّا الآن،‏ فهو منهمك في الخدمة كامل الوقت كفاتح قانوني.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ١٩٥،‏ ١٩٦]‏

مقابلة مع فرنسوا داندا

تاريخ الولادة:‏ ١٩٣٥

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٥٩

لمحة عن حياته:‏ كان ناظرا جائلا من سنة ١٩٦٣ حتى سنة ١٩٨٦.‏ ثم خدم في بيت ايل في الكونڠو خلال السنوات ١٩٨٦ الى ١٩٩٦.‏ وهو الآن شيخ وفاتح خصوصي.‏

بينما كنت أزور جماعة في كانجا في مقاطعة باندوندو،‏ اعتقل مقاتلو الحزب الحاكم سبعة منا.‏ كانت تهمتنا الاساسية رفضنا المشاركة في المراسم السياسية التي كانت تكرّم رئيس الدولة.‏ لذلك،‏ احتُجزنا في زنزانة ليس فيها نوافذ تبلغ مساحتها مترين في مترين.‏ فلم يستطع احد منا الجلوس او الاستلقاء بل كنّا نتّكئ فقط واحدنا على الآخر.‏ بقينا في تلك الزنزانة ٤٥ يوما ولم يكن يُسمح لنا بالخروج منها إلّا مرّتين في اليوم.‏ وعندما سمعت زوجتي آنرييت بما حدث،‏ قطعت مسافة ٢٩٠ كيلومترا من كينشاسا لرؤيتي.‏ لكنّهم سمحوا لها بذلك مرة واحدة فقط في الاسبوع.‏

ذات يوم،‏ جاء المدعي العام لزيارة السجن.‏ فأُقيمت مراسم سياسية لتكريمه.‏ واشترك الجميع في الاناشيد السياسية وترديد الشعارات الحزبية إلّا نحن.‏ فاغتاظ المدعي العام وأمرني ان اطلب من الاخوة الستة الآخرين المشاركة في المراسم.‏ فأجبته انني لا املك سلطة عليهم وأن اشتراكهم في ذلك هو قرارهم الشخصي.‏ فضُربت نتيجة لذلك.‏

أُمرنا لاحقا بالركوب في مؤخرة مركبة ذات دفع رباعي.‏ وذهب معنا جنديّان لحراستنا.‏ كما استقلّ المدعي العام نفسه المركبة وجلس الى جانب السائق.‏ كنّا متوجهين الى مدينة باندوندو،‏ عاصمة لمقاطعة تحمل نفس الاسم.‏ كانت المركبة تسير بسرعة كبيرة.‏ فطلبت من الاخوة ان يتشبثوا بإحكام ثم ابتدأت بالصلاة.‏ وفيما كنت أنهي صلاتي،‏ انعطفت المركبة بسرعة كبيرة جدا وانقلبت.‏ وكم كان مدهشا انه لم يمت او يصَب احد بأذى!‏ فشعرنا ان يهوه حمانا.‏ وعندما قلبنا المركبة الى وضعها الصحيح،‏ أمر المدعي العام الجنديَّين بالعودة بنا الى السجن مشيا على الاقدام فيما تابعت المركبة سيرها الى باندوندو.‏

عند وصولنا السجن،‏ أخبر الجنديان السلطات هناك بما حدث والتمسا منهم اطلاق سراحنا.‏ تأثر مدير السجن كثيرا،‏ وكان واثقا مثلنا ان اللّٰه حمانا.‏ فقضينا الايام القليلة التالية في زنزانة عادية حيث كان يُسمح لنا بالتحرك في الفناء مع السجناء الآخرين.‏ ثم أُطلق سراحنا.‏

خدم فرنسوا وآنرييت ٢٤ سنة في العمل الدائري ثم دُعيا الى بيت ايل.‏ وبعد عشر سنوات،‏ انهمكا في عمل الفتح الخصوصي.‏ ماتت آنرييت في ١٦ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٨.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحات ٢٠٠-‏٢٠٢]‏

مقابلة مع مايكل پَتيدج

تاريخ الولادة:‏ ١٩٣٩

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٥٦

لمحة عن حياته:‏ خدم مايكل وزوجته باربرا في الكونڠو ٢٩ سنة.‏ وهما الآن في بيت ايل في بريطانيا.‏ يخدم مايكل كشيخ في الجماعة الناطقة باللغة اللينڠالية في لندن.‏

ان التحدّي الرئيسي الذي واجهنا هو تعلم التكلم مع الناس.‏ كان علينا أولا تكلّم الفرنسية بطلاقة إذ انها اللغة الرسمية في الكونڠو.‏ إلّا ان ذلك لم يكن سوى بداية الطريق.‏ ففي كاتانڠا،‏ تعلّمنا السواحلية.‏ وفي كانانڠا،‏ كان علينا ان نبرع في التشيلوبية.‏ وعندما عُيّنا في كينشاسا،‏ تعلّمنا اللينڠالية.‏

كان اتقان كل هذه اللغات نافعا جدا.‏ فسرعان ما أصبح الاخوة ودودين فيما كنّا نحاول بكدٍّ التكلم معهم.‏ واعتبروا محاولتنا تكلّم لغاتهم دليلا على محبتنا الحقيقية واهتمامنا بهم.‏ اما الفائدة الثانية فهي ان الخدمة أصبحت ذات تأثير اكبر على السامعين.‏ فعند التكلم مع صاحب البيت،‏ غالبا ما كانت الدهشة ترتسم على وجهه عندما يسمعنا نتحدّث بلغته.‏ فيفرح ثم يبدي احتراما ورغبة في سماع ما نريد ان نقوله.‏

بينما كنا نقوم بالعمل الكوري،‏ أنقذتنا معرفتنا اللغات المحلية من مواقف خطرة.‏ فخلال الأزمات،‏ انتشرت الحواجز العسكرية وحواجز الحزب السياسي.‏ وقد كانت طريقة مناسبة لابتزاز المال،‏ وخصوصا من الاجانب الذين اعتُقد انه يمكن بسهولة نهب مبالغ كبيرة منهم.‏ لذلك،‏ عندما كان يجري ايقافنا عند احد الحواجز،‏ كنا نحيّي الجنود باللغة المحلية،‏ فينذهلون.‏ ويسألوننا بعد ذلك من نكون،‏ ظنّا منهم اننا لا نجيد إلّا إلقاء التحية.‏ فنشرح لهم بلغتهم ماذا نفعل.‏ وغالبا ما كانوا يتجاوبون مع الرسالة ويطلبون مطبوعاتنا،‏ ثم يتمنون لنا رحلة آمنة مع بركة اللّٰه.‏

غالبا ما أثّرت فينا عميقا المحبة الحقيقية المتسمة بالتضحية بالذات التي كان يظهرها اخوتنا الافريقيون.‏ فقد ساد نظام الحزب السياسي الواحد سنوات كثيرة في الكونڠو.‏ وكان هذا النظام يقاوم الاشخاص الحياديين مثل شهود يهوه مستخدما احيانا اساليب عنيفة.‏ وفي هذه الظروف السياسية،‏ كنا نسافر بالجيپ للقيام بالعمل الكوري وخدمة الاخوة في المحافل.‏

اتذكر جيدا احد المحافل.‏ فأثناء الفترة المسائية من اليوم الاخير،‏ جاء الزعيم المحلي للحزب السياسي ووقف خلف المنصة.‏ كان ثملا وفظّا.‏ وأصرّ ان نسمح له بالوقوف على المنصة ليخبر الجميع ان عليهم شراء بطاقة حزبية.‏ عندما رفضْنا،‏ غضب جدا وشتمنا قائلا ان شهود يهوه ضد الحكومة ويجب سجنهم.‏ لكن بعض الاخوة اقنعوه بمغادرة المكان.‏ فغادر متوعِّدا بأنه سيشي بنا الى المسؤول وسيعود ليحرق سيارتنا ويشعل النار في البيت المسقوف بالعشب الذي نقيم فيه.‏ وقد أدركنا انه يعني ما يقول.‏

كان الاخوة رائعين.‏ فبدلا من الهرب خوفا ممّا سيحدث،‏ تجمّعوا حولنا مشجّعين إيّانا على الثقة بيهوه وترك الامور بين يديه.‏ ثم تناوبوا بعد ذلك على حراسة بيتنا وسيارتنا طوال الليل.‏ لقد مسّ هذا الامر قلبنا وأثّر فينا جدا.‏ فقد كان الاخوة مستعدين للتضحية بحياتهم من اجل حمايتنا.‏ علاوة على ذلك،‏ كان يمكن ان يتعرّضوا بعد مغادرتنا لأعمال وحشية بسبب رفض دعم الحزب السياسي.‏ لن ننسى ابدا هذا الاعراب عن المحبة المسيحية المتسمة بالتضحية بالذات،‏ فضلا عن اعرابات المحبة الاخرى التي لمسناها خلال سنوات اقامتنا في الكونڠو.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحات ٢١١-‏٢١٣]‏

مقابلة مع تيرنس لازام

تاريخ الولادة:‏ ١٩٤٥

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٦٤

لمحة عن حياته:‏ أمضى ١٢ سنة من حياته كمرسل.‏ تعلّم السواحلية،‏ الفرنسية،‏ واللينڠالية.‏ يخدم الآن مع زوجته وولدَيه في اسپانيا.‏

سافرنا انا ورايموند نولس الى كيسانڠاني سنة ١٩٦٩.‏ كان عدد سكان المدينة آنذاك ٠٠٠‏,٢٣٠ نسمة،‏ وكانت عاصمة المقاطعة الواقعة شمالي شرقي الكونڠو.‏

يا لَلترحيب الحار الذي استقبلنا به العدد القليل من الناشرين والكثير من الاشخاص المهتمين في المنطقة!‏ لقد امطرونا بالهدايا كالپپّايا،‏ الاناناس،‏ الموز،‏ وفاكهة مدارية لم نرها من قبل.‏ كما أحضر البعض دجاجا وسلاحف حية.‏ علاوة على ذلك،‏ آوانا سامويل تشيكاكا بلطف في بيته.‏ لكننا سرعان ما استأجرنا بيتا صغيرا.‏ والتحق بنا بعد ذلك نيقولاس وماري فون بالاضافة الى پول ومارِلين إيڤانز.‏ كم كنا سعداء!‏ لقد رمّمنا البيت وطليناه،‏ وكان أول بيت للمرسلين في كيسانڠاني.‏ كان مغطّى بالنبات المعترش والعشب الطويل،‏ كما استقرّ في عليّته اثنان من سنانير الزَّباد،‏ فتخلصنا منهما اثناء عملية التنظيف.‏ انضمّ الينا لاحقا پيتر وآن بارنز ومعهما آن هاركنس،‏ التي أصبحت زوجتي في ما بعد.‏

تعلّمنا اللينڠالية والسواحلية خلال اول اربع سنوات من الكرازة في كيسانڠاني،‏ الامر الذي قرّبنا أكثر الى الناس المضيافين والودودين هناك.‏ كانت لدينا دروس كثيرة،‏ مما دفعنا الى الخدمة من الصباح الباكر حتى ساعات متأخرة من المساء للاهتمام بهم.‏ وخلال سنوات اقامتنا في كيسانڠاني،‏ رأينا الفريق الذي كان يضمّ اقل من عشرة ناشرين ينمو ويصير ثماني جماعات.‏

ذات يوم،‏ فيما كنا نسلك طريقا موازية لنهر إيتوري،‏ لاحظ بعضنا قرية اقزام.‏ فتحمسنا للكرازة لسكان تلك القرية.‏ يقول بعض العلماء ان الاقزام يعتبرون الغابة أمّهم او أباهم لأنها توفّر لهم الطعام،‏ اللباس،‏ والمأوى.‏ نتيجة لذلك،‏ ينظرون اليها بصفتها مقدّسة،‏ ويعتقدون ان بإمكانهم مناجاتها من خلال مراسم تُدعى موليمو.‏ وتشتمل هذه المراسم على الرقص والغناء حول النار.‏ يرافق ذلك النفخ في بوق موليمو،‏ وهو انبوب خشبي طويل ينفخ فيه الرجال لتنبعث منه الموسيقى وأصوات الحيوانات.‏

اعجبتنا كثيرا قرية هؤلاء الناس الرحَّل،‏ الذين يبقون عادة في المكان الواحد قرابة شهر.‏ وقد تألف المخيّم من مساكن تشبه خلية النحل مصنوعة من الشجيرات والاوراق.‏ توجد فيها فتحة واحدة،‏ ويمكن بناء كلٍّ من المساكن خلال ساعتين او اقل.‏ ولا يسع المسكن إلّا بضعة اشخاص ينامون داخله بشكل ملتوٍ.‏ اقترب منا بعض الاطفال ليلمسوا بشرتنا وشعرنا.‏ فهم لم يروا اشخاصا بيضا من قبل.‏ فكم كان امتيازا ان نقابل سكان الغابة الودودين هؤلاء ونكرز لهم!‏ وقد أخبرونا انهم التقوا في السابق شهودا جاءوا من قرى واقعة قرب مخيّماتهم.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ٢١٥-‏٢١٦]‏

مقابلة مع دايڤيد ناويج

تاريخ الولادة:‏ ١٩٥٥

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٧٤

لمحة عن حياته:‏ خدم اطول فترة بين اعضاء بيت ايل المحليين في الكونڠو.‏ وهو عضو في لجنة الفرع.‏

اعترتني الدهشة سنة ١٩٧٦ عندما تسلّمت دعوة الى بيت ايل.‏ وفي الرسالة،‏ وُضِع خطّ تحت الكلمتَين «ملحّ» و «عاجل».‏ كنت أقيم في كولْويزي التي تبعد ٤٥٠‏,٢ كيلومترا تقريبا عن كينشاسا.‏ ولم يكن من السهل ان اترك بيتي،‏ لكنني أردت ان اتجاوب كما فعل اشعيا الذي قال:‏ «هأنذا ارسلني».‏ —‏ اشعياء ٦:‏٨‏.‏

عندما وصلت الى بيت ايل،‏ سألني الاخوة هل استطيع الطباعة على الآلة الكاتبة.‏ فأخبرتهم انني خيّاط وأحسن استعمال آلة الخياطة لا الآلة الكاتبة.‏ مع ذلك،‏ انكببت على العمل وتعلّمت الطباعة على الآلة الكاتبة.‏ وعملت في تلك الفترة في دائرتَي الترجمة والخدمة.‏

عُيِّنت لاحقا في مكتب المراسلات.‏ وتطلّب جزء من التعيين الاهتمام بالقسائم التي يقتطعها الناس من مطبوعاتنا ويرسلونها الى المكتب.‏ كان الناس عادة يطلبون مطبوعات اخرى.‏ وغالبا ما كنت اتساءل كيف يتجاوب الناس مع المطبوعات التي يتسلّمونها.‏ لكنني عرفت ما حدث في احدى المرات.‏ فقد أحرز شابّان تقدّما سريعا.‏ وأصبحا لاحقا فاتحَين ثم انهمكا في الفتح الخصوصي.‏ وعند دعوتهما الى بيت ايل،‏ أصبح احدهما رفيقي في الغرفة.‏

كان الناس احيانا يبعثون برسائل الى بيت ايل طالبين المال.‏ لذلك،‏ ردّا على هؤلاء الاشخاص،‏ جُهِّزت رسالة لبقة توضّح طبيعة عملنا الطوعي وتشجّع الشخص على دراسة الكتاب المقدس.‏ ومنذ مدة قصيرة،‏ أخبرني اخ انه عرف الحق بسبب تلك الرسالة وأراني إيّاها.‏ كان هذا الاخ قد كتب قبل سنوات عديدة الى بيت ايل مستجديا المال.‏ لكنّه تجاوب مع التشجيع الذي تلقّاه وأصبح واحدا من الاخوة.‏

عُيِّنت لاحقا للاهتمام بالامور القانونية.‏ وذات مرة،‏ ساعدت بعض الاخوة المحليين الذين كانوا متّهمين بعدم وضع شارة الحزب.‏ فاستجمعت شجاعتي وقلت للسلطات:‏ «علامَ تدلّ الشارة؟‏ لقد أنهينا لتوّنا حربا اهلية،‏ وكان كل الذين حاربتموهم يضعون شارات.‏ ان الشارة لا تعني شيئا.‏ ووضعها لا يدل على ما يفكّر فيه الشخص فعليا.‏ فالمهم هو ما الانسان عليه من الداخل.‏ وشهود يهوه مواطنون لن يشنوا ابدا حربا اهلية.‏ وإطاعة القانون لها قيمة اكثر بكثير من الشارة».‏ نتيجة لذلك،‏ أُطلق سراح الاخوة.‏ وقد ساعدنا يهوه دائما في هذه المواقف.‏

انني اخدم الآن في بيت ايل منذ اكثر من ٢٧ سنة.‏ ورغم امكانياتي الجسدية المحدودة وعدم حصولي على تعليم دنيوي كافٍ،‏ أستمر في بذل نفسي ليستعملني يهوه.‏ فلا زالت هنالك حاجات ملحّة وعاجلة في بيت ايل.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ٢١٩،‏ ٢٢٠]‏

مقابلة مع ڠادفري بينت

تاريخ الولادة:‏ ١٩٤٥

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٥٦

لمحة عن حياته:‏ تخرّج من الصف الـ‍ ٤٧ لمدرسة جلعاد.‏ خدم في الكونڠو ١٧ سنة.‏ وهو الآن عضو في لجنة الفرع في رواندا.‏ يتكلّم الانكليزية،‏ التشيلوبية،‏ السواحلية،‏ الفرنسية،‏ واللينڠالية.‏

سنة ١٩٧٣،‏ كنت في خدمة الحقل مع اخ محليّ في كانانڠا.‏ فجاءت السلطات واعتقلتنا في بيت كنّا نعقد فيه درسا في الكتاب المقدس.‏ فقضينا الاسبوعين التاليين في السجن.‏ واهتم مايك ڠايتس،‏ رفيقي في العمل الارسالي،‏ بأن يرسل لنا الطعام اذ لم نكن نُعطى ايّا منه في السجن.‏ وأخيرا،‏ أُطلق سراحنا.‏ بعد ثلاثة اشهر،‏ كان من المفترض ان نسافر انا ومايك لحضور محفل اممي في انكلترا.‏ ولكن في يوم السفر عينه،‏ سمعنا انه جرى اعتقال جميع الاخوة في جماعة مجاورة.‏ فأردنا ان نراهم ونزوّدهم بالطعام.‏ لدهشتنا،‏ أمر القاضي باعتقالنا عندما طلبنا رؤيتهم.‏ وفيما كنا ننتظر الباص ليقلّنا الى السجن،‏ سمعنا صوت اقلاع الطائرة التي كنا سنسافر على متنها.‏ لا شك انه يمكنك تخيّل حزننا لدى سماعنا ذلك الصوت!‏

عند وصولنا الى السجن،‏ وجدت هناك الكثير من السجناء الذين كانوا معي عندما سُجنت قبل ثلاثة اشهر.‏ وإذ رأوا ان رفيقي مايك الذي كان يجلب لي الطعام قد سُجن الآن،‏ سألوا:‏ «من سيجلب لك الطعام هذه المرة؟‏».‏

أجبناهم ان اخوتنا سيفعلون ذلك،‏ غير انهم هزّوا برؤوسهم غير مصدّقين.‏ فقد عرفوا انه لا يوجد اخوة اوروپيون آخرون في المنطقة.‏ ويا لدهشتهم عندما جاء اخوتنا الكونڠوليون في اليوم التالي حاملين الكثير من الطعام بحيث أطعمنا هؤلاء السجناء!‏ كانت شهادة رائعة عن معشر اخوتنا العالمي والمحبة التي توحّدنا.‏ فقد أحضر لنا هؤلاء الاخوة الاعزّاء الطعام معرّضين انفسهم للسجن.‏ أُطلق سراحنا بعد خمسة ايام.‏ فسافرنا الى انكلترا ووصلنا في الوقت المناسب لحضور المحفل.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحات ٢٢٤-‏٢٢٦]‏

مقابلة مع نْزيي كاتاسي پاندي

تاريخ الولادة:‏ ١٩٤٥

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٧١

لمحة عن حياتها:‏ خدمت بشجاعة في المقاطعات الصعبة عندما كانت عزباء.‏ ولاحقا رافقت زوجها في العمل الجائل من سنة ١٩٨٨ حتى ١٩٩٦.‏ لا تزال منخرطة في الخدمة الخصوصية كامل الوقت في كينشاسا.‏

سنة ١٩٧٠،‏ قُرع باب بيتي في كينشاسا فيما كنت اقرأ في كتابي المقدس.‏ فتحت الباب،‏ فرأيت رجلا يرافقه ابنه الصغير.‏ بدأ الصبيّ بالتحدّث عن الكتاب المقدس وطلب مني ان افتح كتابي على متى ٢٤:‏١٤‏.‏ لم أجد هذه الآية رغم اني كنت دائما اعتبر نفسي متديّنة جدا.‏ فساعدني الصبيّ على ايجادها ودارت بيننا مناقشة ممتعة.‏

لاحظ الاخ اهتمامي فدعاني الى حضور اجتماع يوم الاحد القادم.‏ وإذ كان عمل الشهادة تحت الحظر،‏ عُقد الاجتماع خلف بيت احد الاخوة.‏ اعجبني الخطاب الذي أُلقي وبقيت لحضور درس برج المراقبة‏.‏ وفي ذلك المساء عينه،‏ زارني الاخوة في بيتي وبدأوا يدرسون معي.‏

بمرور الوقت،‏ اعتمدت وانهمكت في الخدمة كامل الوقت.‏ وعندما قرأت في خدمتنا للملكوت عن الحاجة العظيمة في اجزاء اخرى من البلد،‏ سألتُ هل بإمكاني الذهاب الى كانجا في مقاطعة باندوندو.‏ وافق الاخوة لكنهم حذّروني ان البعض اعتُقلوا هناك.‏ ففكّرت قائلة:‏ ‹لا يمكنهم اعتقال كل شخص›.‏ وهكذا،‏ قرّرت الذهاب.‏

وصلت عند المساء وفرحت عندما علمت ان ناظر الدائرة،‏ فرنسوا داندا،‏ يزور الجماعة.‏ ولكن عند ذهابي صباح اليوم التالي الى اجتماع خدمة الحقل،‏ تفاجأت باعتقال فرنسوا وبضعة اخوة آخرين.‏ أراد رئيس شرطة الامن التحدّث اليّ.‏ وقال:‏ «نحن نعرف انك واحدة من شهود يهوه.‏ يمكنك البقاء في كانجا إذا أردتِ،‏ لكننا سنعتقلك إذا رأيناك تتجولين حاملة حقيبة كتبك».‏

انزعج سكان البلدة كثيرا من رئيس شرطة الامن وأعوانه.‏ فقد عرفوا ان شهود يهوه لا يؤذون احدا.‏ واعتقدوا انه من الافضل لرجال الامن محاربة الجريمة المنتشرة في البلد بدلا من إضاعة وقتهم في ملاحقة شهود يهوه.‏ في آخر الامر،‏ أُطلِق سراح الاخوة.‏

سنة ١٩٧٥،‏ عُيِّنت فاتحة خصوصية وزرت الكثير من المدن والقرى حيث كنت امكث اسبوعَين او ثلاثة في كل مكان.‏ وسرعان ما تشكّلت ست فرق من الاشخاص المهتمين.‏ فراسلت الفرع بغية ارسال اخوة ليرعوا تلك الفرق ويهتموا بها.‏

التقيت جان باتيست پاندي الذي كان هو ايضا فاتحا خصوصيا.‏ في الماضي،‏ كنت اتحدث الى المرسلين عن الزواج والخدمة كامل الوقت.‏ وأخبروني ان الاستمرار فترة اطول في الخدمة كامل الوقت يكون اسهل في حال عدم انجاب اولاد.‏ وافق جان باتيست على ذلك وتزوجنا.‏ يعتقد الناس ان الاولاد يوفّرون الامن عندما يكبر الشخص.‏ لكن الظروف تغيّرت.‏ وأعرف حالات كثيرة خاب فيها امل الوالدين.‏ لكن انا وجان باتيست لم يخب املنا قط.‏

على مرّ السنين،‏ رأينا اشخاصا كثيرين يعتنقون الحق.‏ وأنا فرحة بشكل خصوصي من اجل عائلتي.‏ فقد ساعدت ابي وأمي وأخوتي الاربعة وأختي على قبول الحق.‏

يقول المزمور ٦٨:‏١١‏:‏ «المبشِّرات بها جند كثير».‏ ويعني هذا اننا نحن الاخوات لدينا مسؤولية كبيرة وعلينا القيام بما في وسعنا.‏ وأنا اشكر يهوه جدا لأنه سمح لي ان اشارك في هذا العمل.‏

‏[الاطار في الصفحة ٢٤٠]‏

ترجمة الطعام الروحي

في حين ان الفرنسية هي اللغة الرسمية في الكونڠو،‏ تُعدّ اللينڠالية اللغة الرئيسية في كينشاسا وفي المناطق الموازية لنهر الكونڠو.‏ لا تزخر اللغة اللينڠالية بالمفردات،‏ إلّا انها تحتوي على تعابير تحمل معاني عميقة.‏ مثلا،‏ عبارة «ان يتوب» هي كوبونڠولا موتيما التي تعني حرفيا «ان يقلب القلب رأسا على عقب».‏ وثمة تعبير آخر له علاقة بالقلب والمشاعر هو كوكيتيسا موتيما ويعني حرفيا «ان يسكت القلب» او بكلمات اخرى «ان يهدأ».‏

على مدى عقود تُرجمت برج المراقبة الى اللينڠالية.‏ أما في الوقت الحالي،‏ فتُترجم المطبوعات الى اللغات التالية التي يتكلمها السكان في الكونڠو:‏ اوتتيلا،‏ اوروند،‏ تشيلوبية،‏ سواحلية (‏الكونڠو)‏،‏ كيپاندي،‏ كيتوبا،‏ كيسونجي،‏ كيلوبا،‏ كيناندي،‏ لومونڠو،‏ لينڠالية،‏ لينڠومبي،‏ ماشي،‏ مونوكوتوبا،‏ ونْباكا.‏

‏[الاطار في الصفحة ٢٤٧]‏

غيور رغم اعاقته الجسدية

ريشار شاب مشلول يبلغ من العمر ٢٠ سنة وهو طريح الفراش منذ ١٥ سنة.‏ يستطيع ريشار ان يحرك رأسه فقط.‏ مع ذلك،‏ أصبح ناشرا غير معتمد في كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٧.‏ انه يكرز باستمرار للأشخاص الذين يزورونه في غرفته.‏ وعندما يتكلم،‏ يعبّر صوته عن اقتناع راسخ بما يقوله.‏ كما انه يصرف في الكرازة عشر ساعات شهريا كمعدّل.‏ في ١٢ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٨،‏ حُمل ريشار على نقّالته ليعتمد في نهر صغير قريب من بيته.‏ وفي الوقت الحالي،‏ تسمح له ظروفه بحضور الاجتماعات قانونيا.‏ كما انه ينقل الحق الى احد اقربائه الذي يحضر الاجتماعات المسيحية ويحرز تقدما جيدا.‏ فبالرغم من ان ريشار ضعيف جسديا،‏ أصبح قويا بفضل روح اللّٰه.‏

‏[الاطار في الصفحة ٢٤٨]‏

‏«لسنا جزءا من العالم»‏

ذات يوم،‏ تفاجأت إستر البالغة من العمر ١٢ سنة عندما طلب المعلّم في المدرسة من كل تلميذ الوقوف امام الصف وتلاوة النشيد الوطني.‏ وعندما جاء دورها،‏ أخبرت إستر المعلّم بأدب انها لا تستطيع فعل ذلك.‏ تذكر إستر ما حدث آنذاك:‏

«أثار رفضي غضب المعلّم.‏ فسألته اذا كان بإمكاني انشاد شيء آخر،‏ فوافق.‏ أنشدت الترنيمة ‹لسنا جزءا من العالم›.‏ وعندما انتهيت،‏ طلب المعلّم من كل الصف ان يصفّقوا لي.‏

«بعد انتهاء الصف،‏ أخذني المعلّم جانبا وأخبرني انه احب الترنيمة جدا وخصوصا كلماتها.‏ وأضاف:‏ ‹انتم حقا منفصلون عن العالم ايها الشهود.‏ وسلوككِ في الصف يعكس ذلك ايضا›.‏

«علاوة على ذلك،‏ تأثرتْ جدا احدى رفيقاتي بما حدث.‏ وأجبتُ عن كل الاسئلة التي طرحتْها.‏ وإذ كان علينا الانفصال في نهاية السنة،‏ شجّعتها على البحث عن شهود يهوه في المنطقة التي ستنتقل اليها.‏ ففعلت،‏ وهي الآن واحدة من اخواتنا».‏

‏[الاطار في الصفحة ٢٥١]‏

الاستقامة تجلب المجد للّٰه

كان احد الاخوة يعمل في مصنع.‏ وذات يوم،‏ أثناء وجوده في العمل،‏ ارتُكب خطأ في المصنع ادى الى تعطّل كامل لجزء من المعدات.‏ نتيجة لذلك،‏ قرّر المدير ان يطرد جميع العمال.‏ فأعطاهم رواتبهم وصرفهم.‏ لاحظ الاخ عندما وصل بيته انه تسلّم ٥٠٠ فرنك زيادة (‏اكثر بقليل من دولار امريكي واحد)‏.‏ فعاد الى المصنع ليرجع المال منتهزا الفرصة لإعطاء شهادة.‏ تأثر المدير جدا باستقامة الاخ وطلب منه ان يبقى في العمل.‏

‏[الجدول/‏الرسم البياني في الصفحتين ١٧٦،‏ ١٧٧]‏

الكونڠو (‏كينشاسا)‏ —‏ نبذة تاريخية

١٩٣٢:‏ بذل جهود لإرسال شهود ليهوه الى الكونڠو البلجيكي.‏

١٩٤٠

١٩٤٩:‏ اتخاذ قرار يعزّز الحظر غير الرسمي على شهود يهوه.‏

١٩٦٠

١٩٦٠:‏ الكونڠو تنال استقلالها.‏ بداية فترة من التسامح الديني.‏

١٩٦٢:‏ تأسيس مكتب الفرع في ليوپولدڤيل (‏الآن كينشاسا)‏.‏ وصول اول المرسلين.‏

١٩٦٦:‏ منح شهود يهوه الاعتراف الشرعي.‏

١٩٧١:‏ إلغاء الاعتراف الشرعي.‏

١٩٨٠

١٩٨٠:‏ منح الاعتراف الشرعي ثانية.‏

١٩٨٦:‏ حظر شهود يهوه.‏

١٩٩٠:‏ الحصول على الحرية الدينية بطريقة غير رسمية.‏

١٩٩٣:‏ المحكمة العليا تبطل الحظر الذي فُرض سنة ١٩٨٦.‏ بدء العمل على تأسيس فرع جديد.‏

٢٠٠٠

٢٠٠٣:‏ ٨٥٧‏,١٢٢ ناشرا نشيطا في الكونڠو (‏كينشاسا)‏

‏[الرسم البياني]‏

‏(‏انظر المطبوعة)‏

مجموع الناشرين

مجموع الفاتحين

٠٠٠‏,١٢٠

٠٠٠‏,٨٠

٠٠٠‏,٤٠

١٩٤٠ ١٩٦٠ ١٩٨٠ ٢٠٠٠

‏[‏الخرائط في الصفحة ١٦٩]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)‏

السودان

جمهورية افريقيا الوسطى

جمهورية الكونڠو

برازاڤيل

جمهورية الكونڠو الديموقراطية

إسيرو

بومبا

نهر الكونڠو

كيسانڠاني

ڠوما

بوكاڤو

باندوندو

كينشاسا

كاساي

كانجا

كيكويت

ماتادي

كانانڠا

إمبوجي-‏مييه

كاتانڠا

كامينا

لوينا

كولْويزي

ليكاسي

لوبومباشي

أنڠولا

زامبيا

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ١٦٢]‏

‏[‏الصورة في الصفحة ١٨٥]‏

ايلين،‏ أرنست،‏ و دانييل هُوِيسا في كينشاسا خلال ستينات الـ‍ ١٩٠٠

‏[الصورتان في الصفحة ١٨٦]‏

عرَض الفيلم «سعادة مجتمع العالم الجديد» مشاهد من المعمودية في المحافل الاممية،‏ تاركا اثرا في الكثير من المشاهدين الكونڠوليين

‏[‏الصورة في الصفحة ١٩٩]‏

مادلين وجوليان كيسل

‏[الصورة في الصفحة ٢٠٥]‏

بُنيت اماكن بسيطة للاجتماع في كل البلد

‏[‏الصورة في الصفحة ٢٠٧]‏

مكتب الفرع في كينشاسا سنة ١٩٦٥

‏[‏الصورة في الصفحة ٢٠٨]‏

محفل في كولْويزي سنة ١٩٦٧

‏[الصورة في الصفحة ٢٠٩]‏

الطرقات السيئة صعّبت السفر

‏[الصورة في الصفحة ٢٢١]‏

محفل «المحبة الالهية» الكوري في كينشاسا سنة ١٩٨٠،‏ وهو اول محفل كبير يُعقد بعد ثماني سنوات من الحظر المخفف

‏[الصورة في الصفحة ٢٢٣]‏

يمشي الكثيرون اياما حاملين طعامهم وأمتعتهم من اجل حضور المحافل

‏[الصورة في الصفحة ٢٢٨]‏

عُقد محفل «المحافظون على الاستقامة» في كينشاسا في كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٨٥ قبل ثلاثة اشهر فقط من فرض حظر شديد

‏[الصورة في الصفحة ٢٣٠]‏

خلال الحظر،‏ تحمّل اخوتنا السجن والضرب العنيف

‏[الصورة في الصفحة ٢٣٥]‏

زكريا بيليمو يزور مجموعة من الاخوة اللاجئين من السودان اثناء خدمته كناظر جائل

‏[‏الصورتان في الصفحة ٢٣٧]‏

استُخدمت مركبات قوية لنقل المطبوعات على طرقات البلد الصعبة

‏[‏الصورة في الصفحة ٢٣٨]‏

الصف الاول لمدرسة تدريب الخدام في الكونڠو (‏كينشاسا)‏ سنة ١٩٩٥

‏[‏الصورة في الصفحة ٢٤١]‏

ڠيزلا وسيباستيان جونسون

‏[الصورة في الصفحة ٢٤٣]‏

اثنا عشر مرسلا يعيشون في هذا البيت في كينشاسا

‏[الصور في الصفحتين ٢٤٤،‏ ٢٤٥]‏

وصول مؤن الاغاثة من اوروپا وتوزيعها على المحتاجين سنة ١٩٩٨

‏[الصورتان في الصفحة ٢٤٦]‏

النظار الجائلون مثل إيلوڠا كاناما (‏في الاسفل على اليسار)‏ ومازيلا ميتيلزي (‏الصورة الصغيرة،‏ الى اليسار)‏ يواجهون تحديات كثيرة في المناطق التي تمزقها الحروب

‏[‏الصور في الصفحتين ٢٥٢ و ٢٥٣]‏

‏(‏١)‏ بيت ايل في كينشاسا

‏(‏٢-‏٤)‏ قاعات ملكوت مبنية حديثا

‏(‏٥)‏ اخ يساعد في بناء قاعة الملكوت

‏[‏الصورة في الصفحة ٢٥٤]‏

لجنة الفرع،‏ من اليسار الى اليمين:‏ پيتر ڤيلهلم،‏ بنجامِن بانديوِيلا،‏ كريستيان بيلوتي،‏ دايڤيد ناويج،‏ دلفان كاڤوسا،‏ روبرت إيلونڠو،‏ سيباستيان جونسون،‏ وأونو نلسون