الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

جمهورية الكونڠو (‏برازاڤيل)‏

جمهورية الكونڠو (‏برازاڤيل)‏

جمهورية الكونڠو (‏برازاڤيل)‏

تألق العنوان «الحق يحرركم» على غلاف الكتاب الارجواني في الطرد البريدي المفتوح.‏ كان أتْيِن محتارا.‏ فلا شك ان الطرد مُرسَل اليه.‏ والعنوان المذكور يحمل اسمه:‏ أتْيِن انڠكوينڠكو،‏ رئيس قسم التصاميم الهندسية في دائرة حكومية في بانڠي بإفريقيا الاستوائية الفرنسية.‏ لكنه لم يطلب الكتاب وليس لديه فكرة عن عنوان المرسِل،‏ برج المراقبة في سويسرا.‏ لم يدرك أتْيِن ان حق الكتاب المقدس الموضّح في ذلك الكتاب كان سيغيّر حياته.‏ فهذا الحق كان سيحرّر ايضا الآلاف من رفقائه الافريقيين من الدين الباطل،‏ التحامل القبليّ،‏ والأميّة.‏ كما كان سيحمي الكثيرين من الانجراف مع تيار البهجة العارمة الناتجة عن التغيرات السياسية الموشِكة وخيبات الامل التي ستليها.‏ وسيزوّد الايمان والرجاء اثناء الظروف العصيبة.‏ وسيحثّ الاشخاص الخائفين اللّٰه على المجازفة بحياتهم لمساعدة الآخرين.‏ ان قراءة هذه الاحداث ستدفعك الى العمل وتشجّعك.‏ لذلك،‏ وقبل ان نعرف ماذا فعل أتْيِن لاحقا،‏ دعنا نتأمل قليلا في تاريخ تلك الارض الافريقية التي دعاها موطنه.‏

قبل عقد من قيام كريستوفر كولومبس برحلته الشهيرة الى الاميركتين سنة ١٤٩٢،‏ وصل البحارة الپرتغاليون بقيادة ديوڠو كاون الى نهر الكونڠو في افريقيا الوسطى.‏ ولم يعرفوا ان مياه النهر التي تمخر سفينتهم عبابها،‏ تجري آلاف الكيلومترات قبل ان تصب في المحيط.‏

التقى الپرتغاليون الناس المحليين،‏ سكان الكونڠو المزدهرة.‏ ولمئات من السنين بعد ذلك،‏ قام الپرتغاليون والتجار الاوروپيون الآخرون بشراء العاج والعبيد من الافريقيين الساكنين على امتداد الساحل.‏ لم يغامر الاوروپيون بالوصول الى داخل البلد حتى اواخر القرن التاسع عشر.‏ وأحد الرجال البارزين الذين استكشفوا هذه المقاطعة كان پيار ساڤورنيان دو برازّا،‏ ضابط في البحرية الفرنسية.‏ عقد برازّا سنة ١٨٨٠ مع ملك محلي معاهدة تضمن الحماية الفرنسية وتشمل المنطقة الواقعة شمال نهر الكونڠو.‏ وأصبحت هذه المنطقة تُعرف لاحقا بإفريقيا الاستوائية الفرنسية وعاصمتها برازاڤيل.‏

واليوم،‏ برازاڤيل هي عاصمة ما يعرف الآن بجمهورية الكونڠو وأكبر مدنها.‏ وهي تقع على ضفاف نهر الكونڠو الذي تتدفق مياهه بلا هوادة،‏ غامرةً الصخور الكبيرة والنتوءات مسافة ٤٠٠ كيلومتر تقريبا باتجاه البحر،‏ حيث أرسى كاون سفينته اثناء رحلة الاكتشاف.‏ ومن برازاڤيل،‏ يمكنك النظر الى الجانب الآخر من النهر الى أفق كينشاسا،‏ عاصمة جمهورية الكونڠو الديموقراطية.‏ وبما ان كلا البلدَين تبنّيا اسم النهر،‏ فهما معروفان بالكونڠو (‏برازاڤيل)‏ والكونڠو (‏كينشاسا)‏.‏

ان اتجاه مجرى المندفعات المائية والشلالات في برازاڤيل يجعل من المستحيل الابحار في النهر الى المحيط الاطلسي.‏ مع ذلك،‏ تربط سكة حديدية برازاڤيل بمدينة پوانت نوار الساحلية.‏ يعيش معظم سكان الكونڠو في هاتين المدينتين وحولهما.‏ فهذا البلد الحار والمغطى بالغابات الكثيفة قليل السكان بالرغم من وجود بعض المدن والبلدات الساحلية الواقعة بعيدا في الشمال.‏

الحق يبدأ بتحرير الناس

لنعُد الآن الى قصة أتْيِن.‏ فقد تسلّم الكتاب بالبريد سنة ١٩٤٧.‏ وفي نفس اليوم،‏ قرأ أتْيِن فصوله الاولى وناقشها مع احد جيرانه.‏ فأدرك كلاهما رنّة الحق فيه وقرّرا دعوة بعض الاصدقاء يوم الأحد القادم لقراءة الكتاب معا وفحص الآيات الموجودة فيه.‏ سُرَّ هؤلاء الذين اتوا بما تعلّموه وقرّروا الاجتماع ثانية في الاحد التالي.‏ وثمّة مأمور جمارك اسمه اوڠستين بايون كان حاضرا في الاجتماع الثاني.‏ كان اوڠستين في الاصل من برازاڤيل مثل أتْيِن.‏ وأصبح هو ايضا غيورا في نشر الحق الذي يجلب حرية حقيقية.‏

تسلّم أتْيِن رسالتَين في الاسبوع التالي.‏ كانت واحدة منهما من أحد معارفه في الكاميرون الذي كان على علم باهتمام أتْيِن بالدين.‏ وقد ذكر هذا الشخص انه أرسل اسم أتْيِن الى مكتب سويسرا التابع لجمعية برج المراقبة.‏ أمّا الرسالة الثانية فكانت من سويسرا تُعلم أتْيِن بإرسال كتاب اليه وتحثّه على قراءته وإطلاع عائلته وأصدقائه عليه.‏ كما زوّدته الرسالة بعنوان في فرنسا ليتمكن من الحصول على المزيد من المعلومات.‏ عرف أتْيِن الآن لماذا وصل الكتاب اليه.‏ وسرعان ما بدأ بمراسلة مكتب فرع شهود يهوه في فرنسا قانونيا.‏

خلال بضع سنوات،‏ عاد كل من أتْيِن وأوڠستين الى برازاڤيل.‏ ولكن قبل ذلك،‏ راسل أتْيِن شخصا من معارفه في برازاڤيل اسمه تيموتاي مْيمونوا الذي كان المدير الأكاديمي لمدرسة تقنية.‏ استهلّ أتْيِن رسالته قائلا:‏ «يسرّني ان أخبرك ان الطريق الذي كنا نسلك فيه ليس طريق الحق.‏ فشهود يهوه لديهم الحق».‏ تابع أتْيِن رسالته موضّحا ما تعلّمه.‏ كما أرفق كتاب ‏«الحق يحرركم»‏‏.‏ وتماما مثل أتْيِن وأوڠستين،‏ تجاوب تيموتاي بشكل مؤاتٍ مع رسالة الكتاب المقدس.‏ فكان هؤلاء الثلاثة اول من اعتنق حق الكتاب المقدس في الكونڠو.‏ واستمر كل واحد منهم في مساعدة الآخرين على القيام بالمثل.‏

دعا تيموتاي التلاميذ المقيمين في المدرسة التقنية الى حضور المناقشات في الكتاب المقدس في الامسيات.‏ كما طلب ايضا مطبوعات اضافية مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ فبدأ الفريق بعقد الاجتماعات والكرازة بكل جهد ممكن.‏ ونال لاحقا بعض التلاميذ،‏ مثل نووا ميكويزا وسيمون مامپويا،‏ امتيازات الصيرورة نظارا في هيئة يهوه.‏

سنة ١٩٥٠،‏ قام اريك كوك،‏ مُرسَل كان يعيش في روديسيا الجنوبية (‏الآن زمبابوي)‏،‏ بزيارة بانڠي وبرازاڤيل لتشجيع الفرق الصغيرة من الاشخاص المهتمين.‏ لكن المشكلة ان الاخ كوك لم يكن يتكلم الفرنسية.‏ يتذكر أتْيِن:‏ «حاول هذا الاخ المتواضع المتعاطف جاهدا ان يوضح لنا عمل الكرازة بالملكوت والتنظيم الثيوقراطي مستعينا بقاموسه الصغير الذي ينقل الكلمات من الانكليزية الى الفرنسية.‏ وفي الواقع،‏ كان علينا احيانا ان نخمّن ماذا يريد ان يقول».‏

فرض القيود

كانت زيارة الاخ كوك في حينها.‏ ففي ٢٤ تموز (‏يوليو)‏ ١٩٥٠،‏ فرض المفوّض السامي للسلطات الاستعمارية القيود على استيراد وتوزيع جميع المطبوعات التي يصدرها شهود يهوه.‏ وخلال السنة التالية،‏ وزّع الناشرون في افريقيا الاستوائية الفرنسية ست مطبوعات فقط رغم انهم عقدوا ٤٦٨ اجتماعا عاما.‏ أظهر الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٥٢ تفهّما وتعاطفا مع الاخوة.‏ فقد ذكر:‏ «تخيّل،‏ ان امكن،‏ انك في مقاطعة واسعة مع ٣٧ ناشرا فقط لرسالة الملكوت منتشرين في المنطقة كلها.‏ فربما لم ترَ من قبل شهودا نشيطين آخرين غير القلائل الذين تعرفهم في بلدتك الأم.‏ ولم تعرف عن الحق وعن طريقة الشهادة إلّا ما قرأتَه في المطبوعات وفي الرسائل القليلة التي تمكنت الجمعية من ارسالها اليك.‏ [هذا ما] كان الاخوة يواجهونه في البلاد الافريقية الخاضعة للسلطة الفرنسية».‏

جاء جاك ميشال لاحقا من فرنسا ليشجّع الفريق ويزوّد تدريبا اضافيا.‏ ويتذكر نووا ميكويزا،‏ احد تلاميذ المدرسة التقنية،‏ سؤالا كان يجول في اذهانهم.‏ فسأله:‏ «هل شرب الخمر ممنوع؟‏».‏ فتح الاخ ميشال كتابه المقدس على المزمور ١٠٤:‏١٥ فيما كانت اعين الجميع مركّزة عليه.‏ وبعد قراءة الآية،‏ شرح جاك ان الخمر هبة من اللّٰه ولكن يجب على المسيحيين ألّا يفرطوا في شربها.‏

شهد الاخوة المعتمدون حديثا في برازاڤيل بغيرة الى الآخرين.‏ وكانوا يعبرون النهر عادة في نهايات الاسابيع للكرازة في كينشاسا.‏ وفي سنة ١٩٥٢،‏ اعتمد اول الكونڠوليين المقيمين بالجهة الجنوبية من النهر.‏ لقد فعل الاخوة من برازاڤيل الكثير لمساعدة هؤلاء المقيمين في كينشاسا خلال تلك السنوات الباكرة.‏ ولكنَّ الادوار كانت ستنقلب لاحقا.‏

نظّم الاخوة محفلا في برازاڤيل في كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٥٤.‏ كان عدد الحضور ٦٥٠ شخصا وعدد المعتمدين ٧٠.‏ لقد كان الحق يحرّر المزيد من الناس من الدين الباطل.‏ وطبعا،‏ لم يُسرّ قادة العالم المسيحي الدينيون بذلك،‏ بل بذلوا جهدا لجعل السلطات الحكومية تنقلب على شهود يهوه.‏ وغالبا ما كانت الشرطة تستدعي تيموتاي مْيمونوا الى مركز الشرطة ظنّا منها انه قائد الشهود.‏ كانوا يهدّدونه ويضربونه.‏ إلّا ان هذا لم يثبّطه ولم يرعب سائر شعب يهوه في برازاڤيل.‏ فقد استمر الاهتمام بحق الكتاب المقدس في الانتشار.‏

استخدمت السلطات بعد ذلك اساليب اخرى.‏ فقد كان الأخوَان تيموتاي مْيمونوا وآرون ديامونيكا،‏ تلميذان سابقان في المدرسة التقنية قَبِلا الحق،‏ يعملان لدى الحكومة.‏ وقد نقلتهما سنة ١٩٥٥ الى مدن بعيدة داخل البلد.‏ وأُرسِل تيموتاي الى دجمبالا وآرون الى ايمپفوندو.‏ إلّا ان هذه المحاولة لإيقاف عمل الكرازة باءت بالفشل.‏ فقد استمرّ الاخوة في برازاڤيل في نشاطهم الغيور.‏ أمّا تيموتاي وآرون،‏ فقد فتحا مقاطعات وأسّسا جماعات في مواقعهما الجديدة.‏ ولكن بالرغم من غيرة الاخوة،‏ تاقوا الى المساعدة من خارج البلد.‏ وسرعان ما أتت.‏

في آذار (‏مارس)‏ ١٩٥٦،‏ وصل اول اربعة مُرسَلين من فرنسا هم:‏ جان وإيدا سينْيوبوس وكلود وسيمون دوپونت.‏ وفي كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٥٧،‏ تأسّس مكتب فرع في برازاڤيل ليشرف على عمل الشهادة في افريقيا الاستوائية الفرنسية.‏ وعُيِّن الاخ سينْيوبوس خادما للفرع.‏ لكن بُعيد ذلك وقعت مأساة.‏ فقد ماتت زوجة جان،‏ إيدا،‏ في حادث سيارة فيما كان الزوجان يزوران الجماعات في المنطقة التي تُعرف الآن بجمهورية افريقيا الوسطى.‏ ومع ذلك،‏ استمرّ جان في اتمام تعيينه.‏

الكرازة في المناطق الداخلية

بحلول ذلك الوقت،‏ كان اوڠستين بايون قد أصبح ناظر دائرة.‏ زار اوڠستين القرى الواقعة داخل الغابات الكثيفة ومخيّمات الاقزام في شمال وغرب البلد.‏ ولأنه غالبا ما كان يسير مسافات بعيدة،‏ أصبح يُعرَف في المنطقة بـ‍ «الرجل الذي يمشي».‏ كان جان سينْيوبوس يرافق الاخ بايون احيانا.‏ وكان جان يندهش عندما يجد الناس في قلب الغابة الاستوائية على علم بقدومهما.‏ فكانت الطبول تنقل هذه الرسالة:‏ «‹الرجل الذي يمشي› قادم مع رجل ابيض».‏

حقّقت هذه الزيارات الكثير من النتائج الجيدة.‏ فقد ادّعى الناس سابقا ان شهود يهوه موجودون فقط في الكونڠو (‏برازاڤيل)‏.‏ ولكنّ وجود الاخ سينْيوبوس ومرسَلين آخرين،‏ بالاضافة الى عروض فيلم مجتمع العالم الجديد وهو يعمل اثبتت العكس.‏

استمرّ حق الكتاب المقدس في التغلغل في القرى الواقعة داخل البلد محرّرا الناس من الممارسات الارواحية والنزاعات القبليّة.‏ فقد كان اخوة كثيرون في هذه المناطق أمّيين.‏ وبما انه لم يكن لديهم ساعات،‏ كانوا يحدّدون وقت الذهاب الى الاجتماعات بناء على موقع الشمس.‏ كما استعملوا عيدانا صغيرة لحساب الوقت الذي كانوا يصرفونه في خدمة الحقل.‏ فعند الشهادة لأحد ما،‏ كانوا يلفّون عودا في منديل.‏ وجمع اربعة عيدان يعني ساعة واحدة.‏ وبهذه الطريقة،‏ كانوا يكملون تقرير خدمة الحقل آخر كل شهر.‏ ولكن في الواقع،‏ كان الاخوة يكرزون اكثر بكثير من التقارير التي يقدمونها.‏ فقد كان الحق محور حديثهم مع الآخرين في كل مكان.‏

التطورات الشرعية والتغيّرات السياسية

تذكّر انه في سنة ١٩٥٠،‏ فُرِضت القيود على استيراد المطبوعات التي يصدرها شهود يهوه.‏ وكما رأينا،‏ لم يوقف ذلك عمل التلمذة ممّا جعل رجال دين العالم المسيحي يشعرون بالقلق.‏ فاشتكوا الى السلطة الادارية الحكومية مدّعين زورا ان شهود يهوه شيوعيون.‏ نتيجة لذلك،‏ اعتُقِل عشرة من الاخوة في الساعة الخامسة فجرا من يوم خميس سنة ١٩٥٦.‏ انتشرت انباء الاعتقالات بسرعة وابتهج المقاومون الدينيون.‏ وفي نفس اليوم،‏ انعقدت المحاكمة في دار المحكمة التي كانت تعجّ بالاخوة الذين جاءوا لحضور الجلسات.‏

يذكر نووا ميكويزا:‏ «برهنّا خلال الجلسات اننا لسنا شيوعيين بل مسيحيون،‏ خدّام للّٰه،‏ ونسعى الى اتمام ما هو مكتوب في متى ٢٤:‏١٤‏.‏ كما أخبر محامينا المحكمة بعد ان قرأ مطبوعاتنا،‏ انه اذا كان كل شخص مثل شهود يهوه،‏ فلن يكون هناك مخالفون للقانون.‏ فصدر الحكم ‹بالبراءة› بعد ظهر ذلك اليوم عينه.‏ وبما انه كان لدينا اجتماع تلك الليلة،‏ ذهبنا بسرعة الى بيوتنا لتغيير ثيابنا والسرور يملأ قلوبنا.‏ لقد انتشرت اخبار اعتقالنا في المدينة،‏ لذلك أردنا ان يعرف الجميع اننا احرار.‏ فأنشدنا ترانيم الملكوت بأعلى صوتنا في الاجتماع،‏ الامر الذي صعق كثيرين سمعونا.‏ فقد توقّعوا ان نكون في السجن».‏

في ١٥ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٦٠،‏ نالت جمهورية الكونڠو استقلالها.‏ فانفجر العنف السياسي.‏ وفيما لعب رجال دين العالم المسيحي دورا فاعلا في هذه الاحداث،‏ استمرّ شهود يهوه في نشاطهم الكرازي.‏ فقد حضر ما مجموعه ٧١٦‏,٣ شخصا محفلا دائريا في برازاڤيل سنة ١٩٦٠.‏ أمّا في الشمال،‏ فقد كان الناس يتقاطرون الى الجماعات.‏ مثلا،‏ حضر ما يقارب الالف شخص الاجتماعات في منطقة يعيش فيها ٧٠ ناشرا فقط.‏

في كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٦١،‏ سجّل الشهود مؤسسة شرعية اسمها «ليه تيموان دو جيهوڤا» (‏شهود يهوه)‏.‏ لقد جلب الاعتراف الشرعي فوائد،‏ إلّا ان الاخوة عرفوا انه من الحماقة الاتكال تماما على تلك الاشياء.‏ يذكر الاخ سينْيوبوس ما حدث بُعَيد ذلك:‏ «في يوم من الايام،‏ استدعاني رسميٌّ رفيع المنصب من مكتب الامن كان ينتقد حيادنا المسيحي.‏ وهدّدني بالطرد من البلد.‏ فخشيت ان ينفّذ تهديده لأنه كان يملك سلطة لفعل ذلك.‏ لكنه تُوفّي في اليوم التالي إثر نوبة قلبية».‏

الحياة الارسالية في ستينات الـ‍ ١٩٠٠

في شباط (‏فبراير)‏ ١٩٦٣،‏ وصل فْرِد لوكس وماكس دانيلايكو من هايتي.‏ بعد ان تزوج فْرِد،‏ خدم كناظر دائرة.‏ وفيما كان يزور الجماعات في البداية،‏ واجه صعوبة في تمييز اعضاء كل عائلة.‏ يتذكر فْرِد:‏ «لم أميّز زوجات الشيوخ ولم أعرف من كانوا اولادهم.‏ فقد أبقى الاخوة على عادة متّبعة في افريقيا الوسطى تنص على ان تحتفظ الزوجات بأسمائهن الخاصة بعد الزواج وان يُلقّب الاولاد بأسماء اقرباء او اصدقاء للعائلة.‏

‏«في الليلة الاولى من زيارتنا وفي قاعة الملكوت،‏ وجدنا الاخوة متردّدين وخجولين من التحدث معنا.‏ وحالما بدأ الاجتماع،‏ لاحظنا شيئا غريبا.‏ فقد جلس الاخوة والصبية الاكبر سنا على جهة من القاعة فيما جلست الاخوات والاولاد الاصغر على الجهة الاخرى.‏ كانت جهة الاخوة ممتلئة تماما عند بدء الاجتماع فيما كان هنالك مقاعد شاغرة كثيرة عند جهة الاخوات.‏ أثناء الاجتماع،‏ حضر المزيد من الاخوات مع اولادهن الصغار يحملون الكتب المقدسة والمطبوعات برشاقة على رؤوسهم.‏

‏«وقفتُ على المنصة لأحيّي الجماعة وأعرّف بنفسي وبزوجتي.‏ وبعد الترحيب بهم بحرارة،‏ توقّفت قليلا،‏ نظرت الى جهة الاخوة،‏ ثم قلت:‏ ‹ايها الاخوة،‏ من فضلكم خذوا عشر دقائق للجلوس الى جانب زوجاتكم واولادكم.‏ ومن الآن فصاعدا،‏ أرجو ان تجلسوا انتم وعائلاتكم معا كما يفعل شعب يهوه في كل انحاء العالم›.‏ فاستجابوا لذلك فرحين».‏

واجهنا تحدّيات ايضا في وسائل النقل العامة.‏ تتذكر ليا،‏ زوجة الاخ لوكس:‏ «كنا نحزم أسرّة تخييم صغيرة،‏ ناموسية،‏ دلو ماء،‏ مرشِّحات لتنقية المياه قابلة للحمل،‏ ملابس،‏ كتبا،‏ مجلات،‏ وأفلاما مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ ولعرض الافلام،‏ لزم احضار اشرطة كهربائية،‏ مصابيح كهربائية،‏ بكرات الافلام،‏ النصوص،‏ مولِّد صغير،‏ وصفيحة من البنزين.‏ كنا نحمل معنا كل هذه الاشياء في الشاحنات المحلية.‏ ولإيجاد مقعد في حجرة السائق،‏ وجب علينا ان نصل الى الشاحنة عند الساعة الثانية فجرا،‏ وإلّا فسنجلس في مؤخرة الشاحنة تحت الشمس مع الحيوانات والحقائب ومسافرين آخرين كثيرين.‏

‏«ذات مرة،‏ وبعد ساعات من المشي في الحرّ،‏ وصلنا البيت لنجد نمل الحشد قد غزا الكوخ الطيني الصغير الذي نسكنه.‏ كان النمل قد تسلّق دلو ماء ومدّ جسرا بجسمه ليصل الى علبة صغيرة من المرڠرين ويفرّغها بالكامل.‏ وهكذا،‏ اقتصر عشاؤنا تلك الليلة على الخبز المحمص الجاف ونصف علبة سردين لكلّ منا.‏ ورغم اننا كنا نشعر بالتعب والشفقة على انفسنا،‏ أوينا الى الفراش فيما كان الاخوة خارجا ينشدون ترانيم الملكوت بهدوء قرب النار.‏ فيا لها من طريقة جميلة ورقيقة للخلود الى النوم!‏».‏

المرسَلون الامناء والشيوخ المحليون

خدم ما يزيد عن ٢٠ مرسلا في الكونڠو (‏برازاڤيل)‏ من سنة ١٩٥٦ وحتى سنة ١٩٧٧.‏ ورغم ان الحياة لم تكن دائما سهلة عليهم،‏ ساهم كلٌّ منهم مساهمة قيّمة في عمل الكرازة بالملكوت.‏ مثلا،‏ كان كل خدام الفرع مرسلين.‏ وعندما عاد الاخ سينْيوبوس الى فرنسا سنة ١٩٦٢،‏ عُيِّن الاخ لاري هومز للإشراف على عمل الكرازة.‏ وبعد ان ترك الاخ لاري وزوجته،‏ أودري،‏ الخدمة الارسالية سنة ١٩٦٥،‏ أصبح الاخ لوكس خادم الفرع.‏

كان اخوة محليّون كثيرون امثلة رائعة ايضا لأخذ القيادة.‏ فعندما أُدخِل ترتيب لجنة الفرع سنة ١٩٧٦،‏ عيّنت الهيئة الحاكمة ثلاثة اخوة:‏ جاك يوهانسن وپال بْيير اللذان كانا مرسلَين،‏ ومارسلان نڠولو،‏ أخ محليّ.‏

حضر اوڠستين بايون،‏ «الرجل الذي يمشي»،‏ الصف الـ‍ ٣٧ لمدرسة جلعاد سنة ١٩٦٢.‏ وبعد تخرّجه،‏ ذهب الى جمهورية افريقيا الوسطى،‏ المكان الذي قرأ فيه كتاب ‏«الحق يحرّركم»‏ قبل ١٥ سنة تقريبا.‏ وبمرور الوقت،‏ تزوج اوڠستين،‏ أنجب اولادا،‏ وعاد الى برازاڤيل حيث فتح بيته لعقد الاجتماعات المسيحية.‏ ولاحقا،‏ تبرّع بجزء من املاكه لبناء قاعة ملكوت تمَّ تشييدها في ما بعد.‏

مات كل من اوڠستين بايون وتيموتاي مْيمونوا.‏ كتب تيموتاي بعضا من اختباراته قبل موته.‏ وختم الرواية باقتباس العبرانيين ١٠:‏٣٩‏:‏ «أما نحن فلسنا ممن يتراجعون للهلاك،‏ بل ممن لهم إيمان لاستحياء النفس».‏ أمّا أتْيِن انڠكوينڠكو،‏ احد اول الاخوة الثلاثة الذين اعتنقوا الحق في الكونڠو،‏ فيناهز الآن الـ‍ ٩٠ من العمر.‏ فيا لهؤلاء الاخوة من امثلة للخدمة الامينة!‏

وقت للامتحان

في آب (‏اغسطس)‏ ١٩٧٠،‏ تبنّت جمهورية الكونڠو اسلوبا شيوعيا في الحكم.‏ تذكّر انه في السنوات السابقة،‏ ضايقت السلطات الاخوة متّهمة اياهم بأنهم شيوعيون.‏ أمّا الآن وبعد ان أصبح الشيوعيون هم المسؤولين،‏ فقد انتقدت السلطات الجديدة الاخوة لأنهم ليسوا شيوعيين.‏

مع ذلك،‏ لم تتدخل الحكومة الجديدة في عمل شهود يهوه لفترة من الوقت.‏ فكانت المحافل والاجتماعات تُعقَد علانية وسُمِح لمرسلين جدد بدخول البلد.‏ ولكن بدأ الاخوة اخيرا بلمس آثار نظام الحكم الشيوعي.‏ ففي البداية،‏ اتهم بعض الرسميين المرسلين بأنهم جواسيس.‏ ثم في ٣ كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٧٧،‏ حُظِر عمل شهود يهوه رسميا.‏ ورُحِّل المرسلون الواحد تلو الآخر حتى لم يبقَ منهم إلّا جاك وليندا يوهانسن.‏ يقول جاك عن هذه الفترة:‏ «كانت على الارجح تلك الاشهر القليلة التي قضيناها وحيدَين في مكتب الفرع الفترة الاكثر امتحانا وتقوية لإيماننا اثناء خدمتنا الارسالية.‏ كانوا يشتبهون في اننا جواسيس لوكالة المخابرات المركزية الاميركية.‏ كما كان يتم اعتقال وقتل اعداء الحكومة بمن فيهم القادة الدينيون.‏ وهكذا،‏ أدركنا اننا في خطر كبير.‏ ومع ذلك،‏ رأينا يد يهوه تحمينا،‏ الامر الذي قوّى ايماننا».‏

ناشد نووا ميكويزا رئيسَ الوزراء طالبا منه السماح لجاك وليندا بالبقاء في البلد.‏ إلّا ان الطلب رُفِض،‏ وكان عليهما ان يرحلا.‏ كما صودرت ملكية الفرع وقاعات الملكوت وأُغلِق مكتب الفرع.‏ فأشرف فرع فرنسا على عمل الكرازة فترة قصيرة وفُوِّضت هذه المسؤولية لاحقا الى مكتب الفرع في كينشاسا.‏

رغم ان الاخوة كانوا مقيّدين في نواحٍ معينة،‏ لم يختبروا الاضطهاد القاسي الذي تحمّله الشهود في بلاد اخرى.‏ مع ذلك،‏ خاف بعض الاخوة وكان ذلك معديا.‏ ومع انهم كانوا يعقدون الاجتماعات بانتظام،‏ توقفت فعليا الخدمة من بيت الى بيت.‏ نتيجة لذلك،‏ أرسل مكتب الفرع في كينشاسا شيوخا عبر النهر لتشجيع الاخوة وتقويتهم.‏

احد هؤلاء الشيوخ كان اندريه كيتولا.‏ بدأ اندريه في حزيران ‏(‏يونيو)‏ ١٩٨١ بزيارة الـ‍ ١٢ جماعة في برازاڤيل كناظر دائرة.‏ وعند زيارته الجماعة الاولى في المدينة،‏ لاحظ ان الاخوة كانوا يعقدون مدرسة الخدمة الثيوقراطية واجتماع الخدمة يوم الثلاثاء.‏ ولكن لا احد من الناشرين كان يأتي الى اجتماع خدمة الحقل يوم الاربعاء صباحا.‏ وبينما كان اندريه يكرز وحده،‏ هتف احد اصحاب البيوت قائلا له:‏ «شهود يهوه كانوا الوحيدين الذين يعزّوننا لكنّهم اختفوا الآن!‏».‏

فيما استمر اندريه في الكرازة ذلك الصباح،‏ التقى احد الاخوة الذي قال له:‏ «لم يعد احد منا يشترك في الخدمة من بيت الى بيت».‏ لكنَّ هذا الاخ أخبر ناشرين آخرين بنشاط اندريه.‏ فجاءت عدة اخوات بعد الظهر الى اجتماع خدمة الحقل.‏ وسرعان ما استُؤنف نشاط الخدمة من بيت الى بيت في كل برازاڤيل.‏ وخلال السنوات الثلاث التي خدمها اندريه وزوجته كلايمنتين هناك،‏ لم يُعتَقل أي اخ.‏ سمع الاخوة خارج برازاڤيل بما كان يحدث.‏ فاستنتجوا انه اذا لم يخشَ الاخوة هناك الذهاب من بيت الى بيت،‏ فما من داعٍ الى خوفهم هم ايضا.‏

يوضح دايڤيد ناويج،‏ الذي كان يعمل آنذاك في مكتب فرع كينشاسا،‏ سبب فرح الاخوة في الفرع عند ارسالهم المساعدة عبر النهر.‏ يقول دايڤيد:‏ «ان الاخوة من برازاڤيل هم الذين زرعوا الحق في كينشاسا.‏ ولاحقا،‏ عندما تباطأ النشاط بسبب النظام الشيوعي،‏ هرع الشهود هنا الى مساعدة الاخوة.‏ لقد أُثبِتت صحة المشورة في الجامعة ٤:‏٩،‏ ١٠‏:‏ ‹اثنان خير من واحد لأن لهما اجرة لتعبهما صالحة.‏ لأنه إن وقع احدهما يقيمه رفيقه›.‏ وفي حالتنا،‏ كان الاخوة سيقولون:‏ ‹اثنتان كونڠو خير من واحدة›».‏

المضيّ قدما وسط التغيّر السياسي

شهدت السنة ١٩٩١ انتفاضات ثورية وتغيّرات على الساحة السياسية.‏ فقد انتقلت الكونڠو (‏برازاڤيل)‏ من نظام الحكم الذاتي الى نظام التعددية الحزبية.‏ فعمّت الشوارع بهجة عارمة،‏ إلّا ان الاخوة أبقوا في اذهانهم كلمات التحذير المدوّنة في المزمور ١٤٦:‏٣ والتي تقول:‏ «لا تتكلوا على الرؤساء ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده».‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى تبرهنت صحة هذه العبارة.‏

مع ذلك،‏ حملت التغيّرات السياسية معها فوائد الى شعب يهوه.‏ ففي ١٢ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٩١،‏ أصدر وزير الداخلية قرارا برفع الحظر عن نشاط شهود يهوه.‏ فاستُعيدت قاعات الملكوت المصادَرة.‏ أمّا مبنى الفرع السابق،‏ فلم يتمكن الاخوة من استرجاعه لأن الحرس الجمهوري لا يزال يشغله حتى الآن.‏ كما جرى في آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٢ تنظيم أوّل محافل كورية في برازاڤيل وپوانت نوار منذ ١٥ سنة.‏ وارتفع عدد دروس الكتاب المقدس في تلك السنة الى ٦٧٥‏,٥ درسا،‏ اربعة اضعاف عدد الناشرين تقريبا.‏

في غضون ذلك،‏ فسح استرجاع الوضع الشرعي مجالا لوصول المرسلين.‏ فعُيِّن فاتحون خصوصيون وأُرسلوا الى الشمال حيث كان معظم الذين يحضرون الاجتماعات أميّين.‏ أبلت الجماعات في المدن بلاء حسنا في تعليم الكثيرين القراءة والكتابة.‏ فكان الوقت قد حان الآن لتكثيف الجهود من اجل تعزيز معرفة القراءة والكتابة في كل البلد.‏

أحدثت الانتخابات سنة ١٩٩٣ تغييرا آخر في الحكومة.‏ وعبّر حزب المعارضة عن استيائه بشكل واسع مما ادى الى اعلان الاحكام العرفية عدة اسابيع.‏ فأصبحت المواجهات المسلّحة،‏ الإضرابات،‏ حظر التجول،‏ حواجز الطرق،‏ والنهب جزءا من الحياة اليومية.‏ كما كان الناس مصدومين وخائبي الامل.‏ واستمرت الصعوبات الاقتصادية.‏ فالبهجة العارمة التي شعروا بها سنة ١٩٩١ خمدت.‏

تزامنت النزاعات القبلية مع الاضطراب السياسي.‏ وقد أجبرت هذه النزاعات بعض الاخوة على الانتقال الى اماكن اكثر أمنا.‏ نتيجة لذلك،‏ حُلَّت بعض الجماعات.‏ ولكن في الوقت نفسه،‏ أظهر الاخوة مرة بعد مرة ان الحق حرّرهم من البغض القبليّ.‏ فخلال فترة الاضطراب،‏ ساعد الاخوة وحمى واحدهم الآخر بصرف النظر عن الخلفيات القبلية.‏ وبدأ اناس كثيرون يدركون ان يهوه وحده الذي يزوّد الأمن الحقيقي.‏

زوّد مكتب الفرع في كينشاسا الارشاد والتشجيع.‏ وبحلول نهاية سنة ١٩٩٦،‏ أصبحت الاوضاع في البلد سلمية مرة اخرى،‏ وبلغ عدد الناشرين ٩٣٥‏,٣ ناشرا.‏ كما كان يخدم خمسة مرسلين في برازاڤيل يعيشون في بيت المرسلين هناك.‏ ولكن بوصول اخوَين مع زوجتيهما،‏ فُتح بيت جديد للمرسلين في پوانت نوار في نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٧.‏

كانت الحياة هادئة في الجهة الشمالية من النهر اي في الكونڠو (‏برازاڤيل)‏،‏ لذلك تقدّم عمل الكرازة بالملكوت الى حدٍّ كبير.‏ في غضون ذلك،‏ اتّقد النزاع في الكونڠو (‏كينشاسا)‏ المجاورة.‏ وفيما دنت الحرب،‏ كان على المرسلين هناك ان يغادروا.‏ لذلك،‏ وبحلول نهاية ايار (‏مايو)‏،‏ كان مرسلو كينشاسا يخدمون بغيرة مع رفقائهم في برازاڤيل وپوانت نوار.‏ ولكن لم يكن احد يتصوّر الاحداث المحزنة التي كانت ستقع بعد بضعة ايام فقط.‏

نشوب الحرب الاهلية

في ٥ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٩٧،‏ نشبت الحرب فجأة في برازاڤيل.‏ كان النزاع بين القوات الموالية للرئيس الحالي وتلك المؤيّدة للرئيس السابق.‏ لذلك،‏ دمّرت قنابل المدفعية الثقيلة المدينة وضواحيها.‏ فمات الآلاف.‏ وانتشرت الجثث في كل مكان.‏ كما عمّت الفوضى.‏ وكان من الصعب تحديد خطوط القتال.‏ فتلاشى الاستقرار الذي كانت تنعم به برازاڤيل.‏ وتوقف استخدام المراكب عبر النهر وصولا الى كينشاسا.‏ وهرب اناس كثيرون الى الغابة فيما جذّف آخرون زوارقهم الى جزر النهر الصغيرة.‏ وحاول آخرون عبور نهر الكونڠو الى كينشاسا.‏ وعلى الرغم من وجود قتال بالقرب من هناك،‏ فقد كان أخفّ حدة من العنف في برازاڤيل.‏

سبّبت الحرب مشاكل للاخوة وللناس الآخرين.‏ ولكن يا للفرق الذي أحدثه الحق في عقول وقلوب خدام اللّٰه!‏ فهم يثقون تماما بكلمات المزمور ٤٦:‏١،‏ ٢ التي تقول:‏ «اللّٰه لنا ملجأ وقوة.‏ عونا في الضيقات وُجد شديدا.‏ لذلك لا نخشى ولو تزحزحت الارض ولو انقلبت الجبال الى قلب البحار».‏

تمكّن اخوة كثيرون من الوصول الى كينشاسا حيث وفّرت لهم لجنة الفرع الطعام،‏ المسكن،‏ والمعالجة الطبية.‏ وكانت العائلات في كينشاسا فرحة بإظهار المحبة والضيافة للرفقاء المؤمنين من برازاڤيل.‏

بقي بعض الاخوة في برازاڤيل لمساعدة الذين لم يتمكنوا من الفرار.‏ كان جان تيودور أوتيني وزوجته جانّ،‏ التي كانت فاتحة قانونية،‏ بين هؤلاء.‏ ولكن في آب (‏اغسطس)‏،‏ أصابت قذيفة بيتهما،‏ الامر الذي آذى جانّ على نحو خطير.‏ فأسرع بها جان الى كينشاسا ولكن بعد فوات الاوان.‏ يتذكر جان:‏ «كانت جانّ تكنّ محبة عميقة للخدمة حتى النهاية.‏ لقد أعطتني مفكرة العناوين الخاصة بها وقالت:‏ ‹يجب ان تزور جميع تلاميذ الكتاب المقدس الذين ادرس معهم لأنهم يعنون لي الكثير›.‏ فعانقتُها وعندما نظرت الى وجهها ثانية،‏ كانت قد ماتت».‏ استمرّ جان مثل الكثيرين غيره في خدمة يهوه بغيرة،‏ ولديه ملء الثقة برجاء القيامة.‏

أُعيقت الحركة الاعتيادية لعبور النهر بالمراكب بين العاصمتَين.‏ لذلك،‏ قام الاشخاص الذين يملكون زوارق مزوّدة بمحرّكات بعرض خدماتهم لنقل من يريد الفرار من برازاڤيل.‏ فتطوّع اخوة شجعان من برازاڤيل مثل لْوي-‏نويل موتولا،‏ جان-‏ماري لوباكي،‏ وسنفوريان باكيبا للبحث عن الاخوة المفقودين ومساعدة الباقين في برازاڤيل.‏ وقد عنى ذلك ان يتحدّى الاخوة التيارات القوية لنهر الكونڠو العظيم بزورق صغير للبحث في الشواطئ والجزر الصغيرة.‏ وعنى ايضا الدخول الى منطقة النزاع في برازاڤيل حيث الاعمال الوحشية مستمرة.‏ كما عنى المخاطرة بحياتهم من اجل اخوتهم.‏

امتلك سنفوريان خبرة طويلة في عبور النهر.‏ لذلك قام برحلات كثيرة خلال الحرب الاهلية.‏ وكان يجتاز النهر احيانا لمساعدة هؤلاء الباقين في برازاڤيل.‏ فمثلا،‏ عبر ذات مرة النهر الى برازاڤيل حاملا عشرة اكياس من الارز لبعض الاخوة الذين كانوا يعيشون في أمن نسبي.‏ كان عبور النهر تحدّيا بالطبع،‏ لكنّ التحدّي الاكبر هو ايصال الارز الى المكان المقصود دون ان يستولي عليه الناهبون.‏ وكان بين ركاب تلك الرحلة رجل مظهره مميّز سأل سنفوريان عمّا سيفعله بالأرز.‏ فشرح له سنفوريان الوضع منتهزا الفرصة لإخباره عن رجائه المؤسس على الكتاب المقدس.‏ عندما رسا القارب،‏ عرّف الرجل بنفسه بأنه رسميّ رفيع المنصب.‏ وطلب من جنديَّين هناك حراسة الارز الى ان يتمكن سنفوريان من احضار سيارة لنقله الى الاخوة.‏

عادة،‏ كان سنفوريان يعبر النهر لمساعدة الاخوة على الفرار من برازاڤيل.‏ وفي احدى هذه المرات،‏ حدث ما لن ينساه ابدا.‏ يتذكر:‏ «كانت تيارات نهر الكونڠو قوية جدا،‏ لكنَّ معظم الناس خبيرون في قيادة زوارقهم بأمان دون الانجراف مع المندفعات المائية الغادرة.‏ غادرنا برازاڤيل مع سبعة اخوة وخمسة اشخاص آخرين.‏ وفي منتصف النهر تماما،‏ نفِد الوقود.‏ لكنّنا تمكنّا من قيادة الزورق بمهارة الى جزيرة صغيرة لإرسائه هناك.‏ وكم شعرنا بالراحة عندما مرّ زورق صغير وعدَنا صاحبه بشراء بعض الوقود من كينشاسا وإحضاره لنا.‏ لقد انتظرنا بقلق ساعة ونصفا بدت كأنها دهر الى ان عاد الرجل بالوقود».‏

سرعان ما بدأ فرع كينشاسا يهتم بنحو ألف من الاخوة والاخوات فضلا عن عائلاتهم والاشخاص المهتمين.‏ ولكن بحلول تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٩٧،‏ توقفت الاعمال العدائية وبدأ اللاجئون بالرجوع الى برازاڤيل.‏

كان قد تم اجلاء جميع المرسلين الذين يخدمون في برازاڤيل وپوانت نوار بسبب الحرب.‏ فرجع بعضهم الى بلادهم في بريطانيا وألمانيا فيما عاد آخرون الى بينين وساحل العاج.‏ ولكن بعودة الهدوء النسبي،‏ باشر البعض ثانية تعييناتهم في الكونڠو (‏برازاڤيل)‏.‏ بالإضافة الى ذلك،‏ كان من المقرّر وصول ثلاثة ازواج وأخ غير متزوج من فرنسا في كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٩٨.‏ كما نُقل ايدي وپاميلا ماي الى برازاڤيل وهما مرسلان لديهما خبرة كانا يخدمان في مكتب فرع كينشاسا.‏ نتيجة لكل ذلك،‏ فُتح بيت جديد آخر للمرسلين.‏

الحرب الاهلية مرة اخرى

في السنة التالية،‏ نشبت حرب اهلية ثانية في برازاڤيل.‏ فمات الآلاف ايضا بمن فيهم عدة شهود.‏ وأُجليَ معظم المرسلين،‏ الذين كانوا قد وصلوا لتوّهم،‏ الى بيوت المرسلين في الكاميرون المجاورة.‏ وتمكن ثلاثة منهم من البقاء في پوانت نوار على الساحل رغم ان الاخبار شاعت عن وصول الحرب الى هناك.‏ وفي النهاية،‏ في ايار (‏مايو)‏ ١٩٩٩،‏ انتهت الحرب الاهلية.‏

قلّ عدد الجماعات في البلد من ١٠٨ الى ٨٩ جماعة بسبب اضطرار الكثيرين من الاخوة الى الفرار.‏ ويوجد في برازاڤيل الآن ٩٠٣‏,١ ناشرين في ٢٣ جماعة.‏ أمّا في پوانت نوار،‏ فيوجد ٩٤٩‏,١ ناشرا في ٢٤ جماعة.‏ وخلال الحربَين الاهليّتَين،‏ زوّد شهود يهوه في مكان آخر المساعدة المادية لإخوتهم واخواتهم الروحيين.‏ وكالعادة،‏ استفاد من هذه المساعدة آخرون ليسوا شهودا ليهوه.‏

بالرغم من الحرب،‏ المجاعة،‏ المرض،‏ وصعوبات اخرى كثيرة،‏ حافظ الشهود في الكونڠو (‏برازاڤيل)‏ على معدل ٢‏,١٦ ساعة شهريا في خدمة الحقل.‏ وخلال نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٩،‏ فيما كانت الحرب الاهلية الثانية توشك ان تنتهي،‏ كان ٢١ في المئة من جميع الناشرين منخرطين في احد اشكال الخدمة كامل الوقت.‏

الفرح بالحق

خرّبت الحروب البلد وقضت عليها.‏ لذلك تجري الآن في برازاڤيل اعادة البناء.‏ لكن لا يزال هنالك الكثير لفعله.‏ ويُعدُّ تشييد قاعات الملكوت،‏ حيث يتعلم الناس حق الكتاب المقدس،‏ من أهم مشاريع البناء.‏ وهكذا،‏ تمَّ في شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠٢ تدشين قاعتي ملكوت في پوانت نوار وقاعتين في برازاڤيل.‏

وفي احد برامج التدشين هذه في برازاڤيل،‏ وصف اخ مسنّ ما حدث خلال الحظر قبل ١٥ سنة.‏ كان الاخوة قد خطّطوا لعقد محفل ليوم واحد في قطعة ارض شاغرة في الاول من كانون الثاني (‏يناير)‏.‏ فقد ظنَّ الاخوة ان الناس لن يعيقوهم بسبب انهماكهم في الاحتفال بالسنة الجديدة.‏ ولكن بعد اختتام البرنامج الصباحي،‏ جاءت الشرطة وفضّت المحفل.‏ ذكر الاخ:‏ «غادرنا موقع المحفل والدموع في عيوننا.‏ واليوم نحن هنا ثانية في نفس المكان والدموع تملأ عيوننا.‏ لكنّنا هذه المرة،‏ نذرف دموع الفرح لأننا موجودون هنا لتدشين قاعة الملكوت الحديثة البناء».‏ فلقد بُنيت هذه القاعة الجميلة الجديدة على نفس قطعة الارض!‏

لقد مرّ ما يزيد عن ٥٠ سنة منذ ساعد كتاب ‏«الحق يحرّركم»‏ أتْيِن انڠكوينڠكو،‏ اوڠستين بايون،‏ وتيموتاي مْيمونوا على تعلّم الحق.‏ وخلال ذلك الوقت،‏ اقتدى الآلاف في الكونڠو (‏برازاڤيل)‏ بمثالهم للايمان فيما يستمر الكثيرون في فعل الامر عينه جاعلين التوقعات المستقبلية مشرقة.‏ ويُعقَد ما يزيد عن ٠٠٠‏,١٥ درس في الكتاب المقدس،‏ اي ثلاثة اضعاف ونصف عدد الناشرين!‏ كما ارتفع عدد حضور الذكرى الى ٩٨٧‏,٢١ شخصا سنة ٢٠٠٣.‏ وفي نهاية سنة الخدمة ٢٠٠٣،‏ كان ٥٣٦‏,٤ ناشرا بمن فيهم ١٥ مرسلا يعملون بغيرة لمساعدة الآخرين على تعلّم الحق الذي سيحرّرهم.‏ —‏ يوحنا ٨:‏٣١،‏ ٣٢‏.‏

‏[النبذة في الصفحة ١٤٣]‏

كانت الطبول تنقل هذه الرسالة:‏ «الرجل الذي يمشي قادم مع رجل ابيض»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٤٤]‏

بما انه لم يكن لدى الاخوة ساعات،‏ كانوا يحدّدون وقت الذهاب الى الاجتماعات بناء على موقع الشمس

‏[النبذة في الصفحة ١٥١]‏

‏«أوينا الى الفراش فيما كان الاخوة خارجا ينشدون ترانيم الملكوت بهدوء قرب النار.‏ فيا لها من طريقة جميلة ورقيقة للخلود الى النوم!‏»‏

‏[الاطار في الصفحة ١٤٠]‏

لمحة عن الكونڠو (‏برازاڤيل)‏

اليابسة:‏ تقع جمهورية الكونڠو بين جمهورية افريقيا الوسطى،‏ جمهورية الكونڠو الديموقراطية،‏ الڠابون،‏ والكاميرون.‏ مساحتها اكبر من فنلندا او ايطاليا.‏ يمتد فيها سهل ساحلي مسافة ٦٠ كيلومترا تقريبا نحو الداخل لتأتي بعده هضاب يزيد ارتفاعها عن ٨٠٠ متر.‏ أمّا الغابات الكثيفة والانهار الكبيرة فهي معالم بارزة في باقي مناطق البلد.‏

الشعب:‏ يتعدى عدد السكان ثلاثة ملايين نسمة ينتمون الى قبائل كثيرة.‏ أمّا مناطق الغابات الكثيفة،‏ فيقطنها الاقزام.‏

اللغة:‏ اللغة الرسمية هي الفرنسية،‏ إلّا ان اللينڠالية منتشرة جدا في الاجزاء الشمالية.‏ وفي الجنوب،‏ يتكلمون ايضا المونوكوتوبا.‏

سبل العيش:‏ ان الزراعة للحصول على ضرورات الحياة والصيد في المياه العذبة والمالحة يزوِّدان الحاجات الاساسية.‏ كما تعجّ الغابات بالحياة البرية التي توفّر فرائس سهلة للصيادين المهرة.‏

الطعام:‏ ان المنيهوت او الارز مفضّل في معظم الوجبات.‏ إذ يُقدَّم مع السمك او الدجاج المطيَّب بالصلصة الحارة.‏ كما يوجد فاكهة كثيرة كالمنڠا،‏ الاناناس،‏ الپپّايا،‏ البرتقال،‏ والاڤوكادو.‏

المناخ:‏ مناخ الكونڠو استوائي،‏ حار،‏ ورطب على مدار السنة.‏ كما تمتاز بفصلَين بارزَين:‏ فصل ممطر يمتد من آذار (‏مارس)‏ الى حزيران (‏يونيو)‏،‏ وفصل جاف يمتد من حزيران (‏يونيو)‏ الى تشرين الاول (‏اكتوبر)‏.‏

‏[الجدول/‏الرسم البياني في الصفحتين ١٤٨،‏ ١٤٩]‏

الكونڠو (‏برازاڤيل)‏ —‏ نبذة تاريخية

١٩٤٠

١٩٤٧:‏ كتاب ‏«الحق يحرّركم»‏ يشعل شرارة اول اهتمام.‏

١٩٥٠:‏ المرسَل اريك كوك يزور برازاڤيل.‏ السلطات تفرض قيودا على المطبوعات التي يصدرها شهود يهوه.‏

١٩٥٦:‏ وصول اوائل المرسلين من فرنسا في آذار (‏مارس)‏.‏

١٩٥٧:‏ افتتاح مكتب الفرع في كانون الثاني (‏يناير)‏.‏

١٩٦٠

١٩٦١:‏ تسجيل جمعية شرعية في ٩ كانون الاول (‏ديسمبر)‏.‏ استمرار القيود على المطبوعات سنة اخرى بالرغم من ذلك.‏

١٩٧٧:‏ فرض الحظر على شهود يهوه.‏ مصادرة ملكية الفرع وترحيل المرسلين.‏

١٩٨٠

١٩٨١:‏ اندريه كيتولا يساعد على إعادة إحياء عمل الكرازة في برازاڤيل.‏

١٩٩١:‏ وزير الداخلية يرفع الحظر.‏ تنظيم اول محافل كورية منذ ١٥ سنة.‏

١٩٩٣:‏ التوتر الاجتماعي والسياسي يؤدي الى اعلان الاحكام العرفية.‏

١٩٩٧:‏ اندلاع الحرب الاهلية في ٥ حزيران (‏يونيو)‏.‏ إجلاء المرسلين.‏ قيام مكتب الفرع في كينشاسا بتأمين الطعام،‏ المسكن،‏ والمعالجة الطبية لألف من اللاجئين.‏

١٩٩٩:‏ اندلاع حرب اهلية ثانية.‏ إجلاء المرسلين مرة اخرى.‏

٠٠٠‏,٢

٢٠٠٢:‏ تدشين اول اربع قاعات ملكوت جديدة في شباط (‏فبراير)‏.‏

٢٠٠٣:‏ ٥٣٦‏,٤ ناشرا نشيطا في الكونڠو (‏برازاڤيل)‏.‏

‏[الرسم البياني]‏

‏(‏انظر المطبوعة)‏

مجموع الناشرين

مجموع الفاتحين

٠٠٠‏,٥

٥٠٠‏,٢

١٩٤٠ ١٩٦٠ ١٩٨٠ ٢٠٠٠

‏[الخرائط في الصفحة ١٤١]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)‏

جمهورية افريقيا الوسطى

الكاميرون

غينيا الاستوائية

الڠابون

جمهورية الكونڠو

ايمپفوندو

دجمبالا

برازاڤيل

پوانت نوار

نهر الكونڠو

جمهورية الكونڠو الديموقراطية

كينشاسا

أنڠولا

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ١٣٤]‏

‏[الصور في الصفحة ١٣٨]‏

اعضاء احد اوائل الفرق لدرس الكتاب المقدس سنة ١٩٤٩،‏ من اليسار الى اليمين:‏ جان-‏سيث مونتسامبوته،‏ تيموتاي وأوديل مْيمونوا،‏ ونووا ميكويزا

‏[الصورة في الصفحة ١٣٩]‏

أتْيِن انڠكوينڠكو

‏[الصورة في الصفحة ١٤٢]‏

سافر جان سينْيوبوس الى داخل الكونڠو عابرا الانهار بالمراكب لزيارة الجماعات

‏[الصورة في الصفحة ١٤٧]‏

فْرِد وليا لوكس (‏في الوسط)‏ مع الجماعة المجتمعة في بيت اوڠستين بايون

‏[الصورة في الصفحة ١٥٠]‏

معمودية في المحيط الاطلسي في پوانت نوار

‏[الصورة في الصفحة ١٥٢]‏

اوڠستين بايون،‏ «الرجل الذي يمشي»،‏ حضر الصف الـ‍ ٣٧ لمدرسة جلعاد سنة ١٩٦٢

‏[الصورة في الصفحة ١٥٣]‏

استُخدم هذا المبنى كمكتب للفرع من سنة ١٩٦٧ الى ١٩٧٧

‏[الصورة في الصفحة ١٥٥]‏

نووا ميكويزا

‏[‏الصور في الصفحة ١٥٨]‏

لْوي-‏نويل موتولا،‏ جان-‏ماري لوباكي،‏ وسنفوريان باكيبا