الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

غويانا

غويانا

غويانا

‏«ارض المياه».‏ هذا ما تعنيه «غويانا»،‏ بلد يقع في اميركا الجنوبية وتبعد حدوده الجنوبية ١٣٠ كيلومترا فقط عن شمال خط الاستواء.‏ وكم هو ملائم اطلاق هذا الاسم عليه!‏ فهنالك اكثر من ٤٠ نهرا وعدد لا يُحصى من الروافد التي تتغذى بالمياه الجارية من الغابات المطيرة والادغال.‏ وتغطي هذه الغابات والادغال معظم مساحة غويانا البالغة ٠٠٠‏,٢١٥ كيلومتر مربع.‏ كما ان بعض هذه الانهر تشكّل حدود غويانا مع البرازيل،‏ سورينام،‏ وفنزويلا.‏ وهي تخترق البلاد لتمدّ القرى والمزارع المنتشرة على ضفافها بالحياة.‏ وفي الواقع،‏ فإن نشاط غويانا التجاري وتاريخها،‏ بما في ذلك تاريخ شعب يهوه،‏ مرتبطان بشكل وثيق بهذه المجاري المائية.‏

ومن غرب البلاد الى شرقها،‏ تجري اربعة انهر رئيسية هي:‏ ايسيكيبو،‏ ديميرارا،‏ بيربيس،‏ وكورانتان.‏ ونهر ايسيكيبو هو الاطول،‏ اذ يبلغ طوله ٠٠٠‏,١ كيلومتر وعرضه عند المصبّ ٣٠ كيلومترا.‏ وتنتشر فيه ٣٦٥ جزيرة كانت احداها،‏ جزيرة فورت آيلاند،‏ مقرّ الحكومة المركزية خلال الاستعمار الهولندي.‏ تنبع هذه الانهر الرئيسية من الجبال الداخلية الممتدة في جنوب البلاد وتتجه شمالا الى السهل الساحلي الضيق فتتلوى على طول الساحل قبل ان تصب في المحيط الاطلسي.‏ وتسقط اثناء جريانها عبر اروع الشلالات في العالم.‏ فمياه نهر پوتارو،‏ الذي يبلغ عرضه ١٢٠ مترا ويصب في نهر ايسيكيبو،‏ تسقط عبر شلالات كاياتور من ارتفاع ٢٢٦ مترا.‏

تتمتع غويانا بطبيعة اخّاذة لذا يعتبرها محبو الطبيعة جنة ساحرة.‏ فمياهها موطن لثعالب الماء الضخمة،‏ تماسيح الكَيْمان السوداء،‏ وأسماك الارابيما التي تُعدّ من اكبر الاسماك النهرية التي جرى اكتشافها.‏ فهذه الاسماك الضخمة تتنفس الهواء وتقتات باللحم ويمكن ان يبلغ طولها ٣ امتار ووزنها ٢٢٠ كيلوغراما.‏ ويمكنك رؤية حيوانات الجكوار تطوف خلسة في غابات غويانا.‏ وقد تسمع السَّعادين تزقَح من اعالي الاشجار التي تُعدّ موطنا لما يزيد عن ٧٠٠ نوع من الطيور مثل العقاب،‏ الطُّوقان،‏ والببغاء ذات الالوان الزاهية.‏

يبلغ عدد سكان غويانا نحو ٠٠٠‏,٧٧٠ نسمة.‏ وهم يتألفون من الهنود الشرقيين الذين أُحضر اجدادهم من الهند للعمل بموجب عقود مؤقتة،‏ السود الذين يتحدّرون من العبيد الافريقيين،‏ الهنود الاميركيين (‏الارواك،‏ الكاريب،‏ الواپيسيانا،‏ والورّاو)‏،‏ وكذلك من ذوي العرق المختلط.‏ يتكلم السكان اللغة الكرييولية إلّا ان الانكليزية هي اللغة الرسمية.‏ وهكذا تكون غويانا البلد الوحيد في اميركا الجنوبية الذي يتكلم الانكليزية.‏

مياه الحق تصل الى غويانا

نحو سنة ١٩٠٠،‏ بدأت المياه التي تمنح الحياة وتطفئ الظمأ الروحي بالتدفق شيئا فشيئا الى غويانا.‏ (‏يوحنا ٤:‏١٤‏)‏ فقد حصل پيتر جوهاسّن،‏ الذي يعمل في تقطيع الاخشاب قرب نهر كورانتان،‏ على نسخة من مجلة برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح.‏ وأخبر رجلا يُدعى السيد ألْڠِن بما قرأه.‏ فكتب هذا الاخير بدوره الى جمعية برج المراقبة طالبا المزيد من المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس،‏ بما في ذلك كتاب نظام الدهور الالهي.‏ ورغم ان ألْڠِن لم يتمسّك بالحقائق التي تعلّمها،‏ فقد اثار اهتمام الآخرين بها.‏ فأدَّى ذلك الى تشكّل فريق صغير في نيو امستردام التي تقع عند مصبّ نهر بيربيس.‏

وفي غضون ذلك،‏ حصل ادوارد فيلپس،‏ الذي يعيش في جورجتاون عاصمة غويانا،‏ على مطبوعة اصدرها تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم،‏ الاسم الذي عُرف به شهود يهوه آنذاك.‏ وإذ تلهَّف الى اخبار الآخرين بما كان يتعلمه،‏ جمع الاقارب والاصدقاء في بيته لعقد مناقشات منتظمة وغير رسمية في الكتاب المقدس.‏ وفي سنة ١٩٠٨،‏ كتب الى جمعية برج المراقبة طالبا ارسال ممثِّل عنها الى غويانا التي كانت تُدعى آنذاك غويانا البريطانية.‏ * فجاء بعد اربع سنوات إيڤاندر ج.‏ كَوِرْد وألقى محاضرات مؤسسة على الكتاب المقدس امام مئات اجتمعوا في مبنى البلدية في جورجتاون ونيو امستردام.‏

يتذكر فريدريك،‏ ابن ادوارد،‏ زيارة كَوِرْد ويقول:‏ «سرعان ما اصبح الاخ كَوِرْد شخصا معروفا في جورجتاون.‏ ونتيجة للرسالة التي كرز بها،‏ بدأ المهتمون ينضمون الى فريقنا من تلاميذ الكتاب المقدس.‏ في تلك الايام كنا نناقش كتبا،‏ مثل:‏ نظام الدهور الالهي،‏ الخليقة الجديدة،‏ وغيرها.‏ وبعد فترة وجيزة لم يعد بيتنا يسع جميع الحاضرين.‏ فاستأجرنا سنة ١٩١٣ عليّة في مبنى سومرست هاوس بجورجتاون حيث استمررنا نعقد الاجتماعات حتى سنة ١٩٥٨».‏ وفي سنة ١٩١٤،‏ قدّم ادوارد فيلپس بيته مرة اخرى ليصبح مقرّا لأول مكتب فرع في غويانا.‏ وعُيِّن ناظر مكتب الفرع واستمر يتولّى هذه المسؤولية حتى وفاته سنة ١٩٢٤.‏

سنة ١٩١٦،‏ ساهم عرض «رواية الخلق المصوَّرة» التي كانت عبارة عن فيلم سينمائي وصور منزلقة في دعم عمل الكرازة.‏ يكتب فريدريك:‏ «خلال تلك الفترة،‏ نعمنا بالسلام والازدهار الروحي».‏ ويضيف:‏ «حتى الصحف المحلية نشرت سلسلة من المواعظ التي ألقاها تشارلز ت.‏ رصل،‏ تلميذ قيادي للكتاب المقدس».‏

بحلول سنة ١٩١٧،‏ كان الوضع قد تغيّر اذ استولت على البلاد بأسرها هستيريا الحرب.‏ وكان رجل دين محلي بارز يحثّ عامة الناس على الصلاة من اجل بريطانيا وحلفائها.‏ فبعث كَوِرْد رسالة الى الصحافة موضحا حالة العالم على ضوء نبوات الكتاب المقدس.‏ وألقى محاضرة قوية في مبنى بلدية جورجتاون عنوانها:‏ «تدمير اسوار بابل».‏

يقول تقرير صدر في عدد ١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٨٣ من برج المراقبة (‏بالانكليزية)‏ ان «رجال الدين استشاطوا غضبا حتى انهم اقنعوا السلطات بطرد الاخ كَوِرْد وحظر عدد من مطبوعاتنا.‏ وقد استمر هذا الحظر حتى سنة ١٩٢٢».‏ مع ذلك،‏ احترم كثيرون كَوِرْد بسبب شهادته الجريئة.‏ وعندما غادر البلاد،‏ اصطفّوا على رصيف الميناء يصرخون:‏ «انه الرجل الوحيد الذي كرز بالحق».‏ حتى ان عمال الميناء هدّدوا بالاضراب عن العمل احتجاجا على ترحيل كَوِرْد،‏ إلّا ان الاخوة نصحوهم بالعدول عن الفكرة.‏

بعد الحرب العالمية الاولى،‏ واجه تلاميذ الكتاب المقدس امتحانا اشد مكرا أعاق انتشار حق الملكوت فترة من الوقت.‏ فقد زار غويانا عدة مرات شخص مرتدّ كان في السابق عضوا في هيئة المستخدَمين في المركز الرئيسي ببروكلين،‏ بهدف تحريض تلاميذ الكتاب المقدس ان ينقلبوا على الهيئة.‏

يقول التقرير المذكور سابقا من برج المراقبة:‏ «طوال فترة من الوقت،‏ انقسم تلاميذ الكتاب المقدس في البلد الى ثلاث فرق:‏ فرقة وليّة للهيئة،‏ وفرقة مقاومة لها،‏ وأخرى متردّدة بين الاثنتين.‏ إلّا ان يهوه بارك اعضاء الفرقة الوليّة فقط،‏ فازدهروا روحيا».‏ ومن بين اعضائها مالكوم هول الذي اعتمد سنة ١٩١٥ وفيليكس پاولِت الذي اعتمد سنة ١٩١٦.‏ وقد بقيا خادمَين غيورَين ليهوه وعاشا حياة مديدة تجاوزا فيها التسعين من العمر.‏

وبغية تشجيع هؤلاء الاخوة الامناء،‏ زار جورج يونڠ من المركز الرئيسي العالمي غويانا سنة ١٩٢٢ ومكث هناك ثلاثة اشهر تقريبا.‏ وقد وصفه فيليكس پاولِت بأنه:‏ «عامل لا يعرف الكلل».‏ فمعرفة يونڠ بالاسفار المقدسة،‏ صوته الجَهْوَري،‏ ايماءاته الحيوية،‏ والمساعِدات البصرية التي استعملها دفعت كثيرين الى التمعّن اكثر في كلمة اللّٰه.‏ وبناء على تقارير يونڠ،‏ تحدّثت برج المراقبة في عددها الصادر بتاريخ ١ كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٢٣ (‏بالانكليزية)‏ عن «اهتمام متزايد بالحق في تلك البقعة من العالم،‏ قاعات وبيوت مكتظة بالمهتمين في كل الاجتماعات العامة،‏ واتقاد متزايد في غيرة الاخوة وتعبدهم للّٰه».‏ ففي سومرست هاوس مثلا،‏ كان معدّل حضور الاجتماعات ١٠٠ شخص في حين ان عدد ناشري الملكوت كان ٢٥ تقريبا في ذلك الوقت.‏

بحلول سنة ١٩٢٣،‏ كان الاخوة يبذلون جهدهم لبلوغ الذين يعيشون في المناطق الداخلية البعيدة.‏ وفي رحلاتهم الى تلك المناطق،‏ لم يحملوا معهم في اغلب الاحيان سوى اراجيح شبكية ومطبوعات.‏ فكانوا يتكلون على الاشخاص المضيافين من اجل الطعام والمأوى.‏ وإذا لم يقبل احد ان يؤويهم،‏ كانوا يعلّقون الأراجيح الشبكية بالاشجار ويمضون الليلة عليها متحملين حشود البعوض.‏ وفي الصباح التالي،‏ كانوا يتأملون في آية من الاسفار المقدسة من كتيّب المنّ السماوي اليومي الذي اصدرته هيئة يهوه.‏ ثم يسيرون على درب يوصلهم الى القرية التالية او ينتظرون ان يقلّهم احد على متن قارب.‏

استمر الاخوة يبذلون جهودا حثيثة لبلوغ الناس في المناطق النائية حتى بدأت الحرب العالمية الثانية حين قُنِّن البنزين،‏ مما حدّ من التنقل والسفر.‏ وفي سنة ١٩٣١،‏ اتخذ تلاميذ الكتاب المقدس الاسم شهود يهوه.‏ فتبنّت تلك الفرق الصغيرة من تلاميذ الكتاب المقدس المنتشرة على طول الخط الساحلي هذا الاسم الجديد بحماس وأعربت عن ذلك بانهماكها بغيرة في الخدمة.‏ وفي اواخر ثلاثينات القرن العشرين،‏ بدأ الناشرون يستعملون في الخدمة فونوڠرافات سُجِّلت عليها محاضرات مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ يكتب فريدريك فيلپس،‏ المشرف على الفرع آنذاك:‏ «في تلك الايام،‏ لم يكن الناس في القرى يملكون اجهزة راديو.‏ فكانوا يعرفون بوجودنا في القرية عندما يشقّ صوت الموسيقى المنبعث من مكبّرات الصوت السكون المخيّم في هذه المناطق المدارية.‏ وبعد ذلك،‏ كنا نذيع المحاضرات المسجّلة على الفونوڠراف.‏ فيحتشد حولنا معظم السكان وبعضهم ما زال في ملابس النوم».‏

ساهمت المحطات الاذاعية ايضا في نشر البشارة.‏ فكانت احدى المحطات في غويانا تذيع رسالة الملكوت يومَي الاحد والاربعاء من كل اسبوع.‏ طبعا،‏ لم تمر كل هذه الجهود دون ان يلاحظها الشيطان.‏ فقد استغلّ الحماسة الوطنية في الحرب العالمية الثانية لإعاقة عملنا.‏

الحرب العالمية الثانية ونشاط الكرازة بعد الحرب

سنة ١٩٤١ وخلال الحرب العالمية الثانية،‏ كان هنالك في غويانا ٥٢ مناديا نشيطا بالملكوت.‏ وفي تلك السنة عينها،‏ فُرض الحظر على مجلتي برج المراقبة و التعزية (‏الآن استيقظ!‏‏)‏.‏ وفي سنة ١٩٤٤،‏ توسّع الحظر ليشمل كل المطبوعات التي يصدرها شعب يهوه.‏ يذكر تقرير صدر في عدد ١ تموز (‏يوليو)‏ ١٩٤٦ من برج المراقبة (‏بالانكليزية)‏:‏ «حُظر على شهود يهوه امتلاك اي نسخ من الكتاب المقدس حتى لو كانت من اصدار جمعيات اخرى للكتاب المقدس».‏

في نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٤٦،‏ زار ناثان نور من المركز الرئيسي العالمي غويانا برفقة وليَم ترايسي الذي كان قد تخرَّج حديثا من جلعاد.‏ كان الهدف من زيارتهما تشجيع الاخوة ومناشدة الحكومة رفع الحظر.‏ وخلال اجتماع في جورجتاون حضره ١٨٠ شخصا من الاخوة والمهتمين،‏ اوضح الاخ نور ان تلاميذ يسوع الاولين لم يملكوا كتبا مقدسة او مطبوعات لكي يستعينوا بها في الخدمة.‏ مع ذلك،‏ باركهم يهوه بزيادة رائعة لأنهم استمروا في عمل الكرازة.‏ وكما بارك يهوه خدامه الاولين،‏ سيبارك خدامه اليوم ايضا اذا استمروا يكرزون بدأب.‏

في غضون ذلك،‏ استمر الاخوة يبحثون عن وسائل قانونية لرفع الحظر.‏ فبعد مرور اقل من سنة على انتهاء الحرب،‏ جمع الاخوة ٣٧٠‏,٣١ توقيعا على عريضة تحتج على الحظر المفروض ورفعوا هذه العريضة الى الحكومة.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ وبغية إبقاء سكان غويانا على علم بكل الحقائق المتعلقة بالحظر،‏ اصدرت هيئة يهوه كراسة تحمل الكلمات الافتتاحية التالية:‏ «‏الكتاب المقدس محظور في غويانا البريطانية.‏ واحد وثلاثون ألف شخص يقدِّمون الى الحاكم عريضة تطالب ان يستعيد كل سكان المستعمرة حرية العبادة،‏ بصرف النظر عن عقيدتهم».‏

وفي محاولة اخرى لرفع الحظر،‏ اجتمع الاخ نور بأمين سر المستعمرة و.‏ ل.‏ هيپ مدة ٣٠ دقيقة.‏ وقدّم الاخ نور للسيد هيپ في نهاية الاجتماع نسخة من كتاب ‏«الحق يحرركم»‏ وطلب منه ان يقرأها جيدا.‏ فوافق السيد هيپ على قراءة الكتاب.‏ وعلاوة على ذلك،‏ أخبر السيد هيپ الاخ نور ان اعضاء اللجنة التنفيذية التسعة يعيدون النظر في قرار الحظر الذي فُرض على مطبوعاتنا.‏ وقد تبرهنت صحة كلماته حين اصدر الحاكم في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٤٦ بلاغا يعلن فيه رفع الحظر.‏

بُعيد ذلك،‏ تسلّم الاخوة،‏ الذين اصبح عددهم الآن ٧٠ مناديا بالملكوت،‏ ١٣٠ صندوقا مليئا بـ‍ ٧٩٨‏,١١ كتابا وكراسة.‏ فوزّعوا كل تلك الكمية خلال عشرة اسابيع فقط.‏ وكم كانوا سعداء لأنه سُمح لهم بتوزيع المطبوعات مجددا!‏ كما باشروا في آب (‏اغسطس)‏ عمل الشهادة في الشوارع وحقّقوا نتائج رائعة.‏ يكتب الفرع:‏ «وُزِّعت المجلات بسرعة تضاهي سرعة بيع الصحف المحلية».‏

ظلّ الاخوة يحصلون على الطعام الروحي الثمين حتى خلال الحظر.‏ ويعود الفضل في ذلك جزئيا الى احد الاخوة الذي كان يعمل في مكتب البريد العام في جورجتاون.‏ يكتب:‏ «شعرت ان من واجبي ايصال نسخ برج المراقبة الى الفرع.‏ وبمساعدة الاخوات،‏ كانت مقالات الدرس تُطبع على الآلة الكاتبة او تُنسخ ثم تُوزّع على العائلات لدرسها في اجتماعات الجماعة».‏

مرسَلون جدد اعطوا زخما للعمل

بدأ عمل الكرازة في غويانا يتقدَّم بسرعة كبيرة عندما وصل مرسلون مدرّبون في جلعاد في اواسط اربعينات القرن العشرين.‏ نذكر منهم:‏ وليَم ترايسي الذي تخرّج من الصف الثالث لجلعاد،‏ وجون ودايزي هيمَواي وروث وأليس ميلر الذين تخرّجوا من الصف الخامس.‏ وهؤلاء الشهود الغيورون اخبروا الاخوة المحليين بالمواد القيّمة التي تعلّموها في جلعاد.‏ كما رسموا مثالا رائعا في خدمة الحقل.‏

اهتم الاخ ترايسي بالذين يعيشون في المناطق النائية.‏ كتب:‏ «قمت برحلة لأستكشف البلد وتجوّلت في كل المناطق الساحلية والمناطق المحيطة بالانهر بهدف الوصول الى المهتمين المقيمين في اماكن معزولة والبحث عن مهتمين جدد.‏ وكنت اتنقل بواسطة القطار،‏ الباصات،‏ الدراجة،‏ القوارب النهرية الكبيرة،‏ والزوارق».‏

كما ساعد المرسَلون الفاتحين المحليين على تنظيم عملهم ليتمكنوا من تغطية المقاطعة باستمرار والكرازة في المقاطعات غير المخدومة سابقا حسبما تسمح ظروفهم.‏ تذكَّر انه في سنة ١٩٤٦،‏ لم يكن في غويانا سوى خمس جماعات وكانت هنالك ذروة من ٩١ مناديا بالملكوت.‏ ولكن ما من امر يصعب على الذين يعملون بقوة روح اللّٰه.‏ —‏ زكريا ٤:‏٦‏.‏

في بادئ الامر،‏ كان الكثير من الفاتحين الذين عملوا مع المرسَلين كبارا في السن،‏ إلّا انهم أعربوا عن روح رائعة في العمل.‏ ومن هؤلاء الفاتحين:‏ آيزاك ڠرايڤز،‏ جورج هِدلي،‏ لسْلي مايرس،‏ روكليف پولارد،‏ وجورج ييروود.‏ وكانت هنالك اخوات مثل مارڠريت دوكني،‏ آيڤي هيندس،‏ فرانسيس جوردان،‏ فلورنس توم،‏ أتالانتا ويليامز،‏ وپرنسِس ويليامز (‏لا توجد بينهما قرابة)‏.‏ وقد كرز هؤلاء برسالة الملكوت في المناطق النائية ووزّعوا الكتب والكراريس والمجلات.‏

عُيِّنت آيڤي هيندس (‏الآن وايِت)‏ وفلورنس توم (‏الآن بريسِت)‏ في منطقة بارتيكا التي كان يعيش فيها اخ واحد فقط.‏ تقع هذه البلدة على نهر ايسيكيبو على بعد ٨٠ كيلومترا تقريبا الى الداخل.‏ وهي تُعتبر المدخل الذي يؤدي الى حقول الذهب والألماس المنتشرة في المناطق الداخلية.‏ يكتب جون پونتينڠ الذي خدم كناظر فرع وناظر دائرة في تلك الفترة:‏ «خلال شهرين،‏ بدأ ٢٠ شخصا يحضرون الاجتماعات،‏ أما الذِّكرى فقد حضرها ٥٠ شخصا».‏ وأحد الذين قبلوا الحق رجل اعمى يُدعى جيروم فلاڤيوس.‏ يقول جون:‏ «سرعان ما اصبح يلقي خطابات وحده دون مساعدة من احد بعد ان كانت آيڤي هيندس تقرأ عليه المواد عدة مرات».‏

وبغية تغطية المزيد من المقاطعات،‏ تعلّمت الفاتحتان استير ريتشموند وفرانسيس جوردان ركوب الدراجة رغم انهما في اواخر ستيناتهما.‏ ويتحدث الاخ پونتينڠ عن فاتحة اخرى قائلا:‏ «كانت مارڠريت دوكني،‏ التي لم تعد تتذكر عدد السنوات التي خدمتها كفاتحة،‏ تمشي وتمشي حتى تشعر بالتعب.‏ وكنا نجدها احيانا نائمة على مقعد في الحديقة.‏ حقا،‏ لن ننسى ابدا مثل هؤلاء الاخوات».‏

تشجّع الكثير من الاخوة الاصغر سنا بمثال المرسلين والفاتحين المتقدمين في السن،‏ فانخرطوا هم بدورهم في عمل الفتح.‏ ونتيجة لكل هذا النشاط،‏ اعتنق المزيد من الاشخاص الحق وتشكلت فرق وجماعات في مختلف انحاء البلد.‏ مثلا،‏ ارتفع عدد الناشرين في غويانا من ٢٢٠ ناشرا سنة ١٩٤٨ الى ٤٣٤ ناشرا سنة ١٩٥٤.‏ وخلال تلك الفترة،‏ نما ذلك العدد القليل من الاخوة من كيتي-‏نيوتاون الذي كان يجتمع في سومرست هاوس وأصبح جماعة مستقلة دُعيت نيوتاون،‏ ثاني جماعة تتشكل في العاصمة.‏ أما اليوم،‏ فيوجد في جورجتاون تسع جماعات.‏

حمير،‏ دراجات،‏ وعربات مجهَّزة بمكبّرات للصوت

في اوائل خمسينات القرن العشرين وبتوجيه من مكتب الفرع،‏ كان الاخوة يلقون ايام السبت مساء والاحد بعد الظهر خطابات عامة في الهواء الطلق في كل انحاء جورجتاون.‏ لذا صمّموا عربة متحركة مجهزة بمضخّم ومكبّرين للصوت،‏ منصتين لرفع المكبّرين،‏ وكبلات.‏ يقول ألبرت سمول الذي اعتمد سنة ١٩٤٩:‏ «خلال النهار،‏ كنا نضع لافتة عند مكان الاجتماع كُتب عليها ‹لدينا الاجوبة عن اسئلتك المتعلقة بالكتاب المقدس› وكذلك وقت الاجتماع.‏ لقد حضر كثيرون هذه الخطابات واعتنق بعضهم الحق في وقت لاحق».‏

ونظرا الى احتمال حدوث زيادة في البلد،‏ ألقى ناثان نور وأمين سره مِلتون هنشل في اوائل سنة ١٩٥٤ خطابات في سينما ڠلوب في جورجتاون.‏ يذكر جون پونتينڠ الذي حضر هذه الخطابات:‏ «شُغِلت جميع المقاعد التي كانت تتسع لـ‍ ٤٠٠‏,١ شخص.‏ ومُدّت مكبّرات الصوت الى خارج السينما حيث احتشد ٧٠٠ شخص اضطر كثيرون منهم الى حشر انفسهم في وقت لاحق داخل الصالة بسبب هطول المطر الغزير.‏ وللإعلان عن البرنامج،‏ قاد الاخوة دراجاتهم في شوارع العاصمة وهم يحملون لافتات تعلن عن الخطابات.‏ وعند حلول الظلام،‏ كنا نستعمل لافتة كبيرة مضاءة يجرّها حمار فيما كان احد الاخوة يعلن عن البرنامج بواسطة مضخّم للصوت».‏

القيام بالمزيد من الرحلات الى الداخل

فيما كان وليَم ترايسي يخدم كناظر للفرع،‏ شجّع الاخوة على بلوغ الذين يعيشون في المناطق النائية.‏ وزار هو بنفسه المناطق المحيطة بنهرَي ايسيكيبو وبيربيس ورتّب لعقد محافل دائرية للفرق الصغيرة والجماعات الموجودة هناك.‏ كانت المحافل تُعقد عادة في المدارس الرسمية ودور السينما،‏ وغالبا ما كانت دور السينما هذه الاماكن الوحيدة التي تتسع لأعداد كبيرة.‏ ففي سنة ١٩٤٩،‏ عُقد محفل في دار سينما في سودي التي تقع قرب مصبّ نهر ايسيكيبو.‏ وأُلقي الخطاب العام «استخدام تعليم الهاوية لإثارة الخوف» الذي أثّر كثيرا في الحضور.‏ فبدأ البعض يشيرون الى شهود يهوه بالكنيسة التي لا تعلّم نار الهاوية.‏

سنة ١٩٥٠ أُعيد تعيين وليَم ترايسي،‏ الذي كان قد تزوج حديثا،‏ في الولايات المتحدة.‏ فحلّ محله جون پونتينڠ وتولّى مهامه كناظر فرع وناظر جائل.‏ ساهم جون ايضا في الكرازة في المقاطعات الواقعة على ضفاف الانهر.‏ وقد استقلّ الاخوة المراكب التي كانت تُستعمل كمكاتب بريد متنقلة للوصول الى تلك المقاطعات.‏ وحين كانوا يصادفون القرويين يجذِّفون زوارقهم لكي يتبادلوا البريد مع هذه المراكب،‏ كانوا يطلبون منهم ايصالهم الى الشاطئ واثقين بأنهم سيجدون من يقدّم لهم الطعام والمأوى هناك.‏ فكانوا يشهدون للقرويين خلال النهار ثم يستمتعون ليلا بضيافة احدى العائلات.‏ وفي اليوم التالي،‏ يأخذهم احد القرويين على متن زورقه الى القرية التالية ليكرزوا فيها.‏ كما زاروا بعد ظهر احد الايام منشرة خشب.‏ فأوقف المدير العمل وجمع العمال ليستمعوا الى خطاب مدته ١٥ دقيقة.‏ وقد قبِل الجميع المطبوعات التي قُدِّمت لهم.‏

وفي تموز (‏يوليو)‏ ١٩٥٢،‏ عُيِّن في غويانا توماس ماركڤيتش الذي تخرّج من الصف الـ‍ ١٩ لجلعاد.‏ وحاول هو ايضا ان يكرز في المقاطعات غير المخدومة سابقا.‏ يقول توم:‏ «تشعر بفرح خصوصي عندما تشهد لشخص لم يسبق له ان سمع رسالة الملكوت.‏ لكنك قد تتفاجأ احيانا،‏ تماما كما حدث معي.‏ فذات مرة،‏ عبرتُ نهر ديميرارا على متن قارب ثم توغّلت في الدغل حتى وجدت كوخا صغيرا.‏ رحّب بي صاحب الكوخ ودعاني الى الدخول واستمع الى ما اردت قوله.‏ ولكن حين نظرت حولي،‏ فوجئت عندما رأيتُ جدران الكوخ مغطاة بأوراق مجلات برج المراقبة الصادرة في اربعينات القرن العشرين!‏ فمن الواضح ان صاحب الكوخ سمع رسالة الملكوت من قبل،‏ ربما على متن قارب نهري او في جورجتاون او ماكنزي».‏

وكان دونالد بولينڠر اول مَن قام بالرحلة الشاقة الى شلالات كاياتور برًّا.‏ وأثناء كرازته للهنود الاميركيين،‏ التقى مسؤولا حكوميا يعمل معهم.‏ وقد نذر هذا المسؤول حياته ليهوه في آخر الامر واهتم بالفريق الذي تشكّل هناك في ما بعد.‏ كما انتقل بعض الناشرين الى مناطق منعزلة بحكم عملهم الدنيوي،‏ كالمناطق التي تنتشر فيها مناجم الذهب والألماس.‏ وبالرغم من وجودهم في هذه المناطق المعزولة،‏ استمروا يكرزون من كوخ الى كوخ في المخيّمات.‏ فما الذي ساعدهم على البقاء اقوياء روحيا؟‏ لقد نمّوا عادات درس جيدة وقاموا بعمل الكرازة بانتظام.‏

خدمة «مفرحة ومانحة للاكتفاء!‏»‏

خدم المرسلان جون ودايزي هيمَواي في غويانا من سنة ١٩٤٦ الى سنة ١٩٦١.‏ احيانا،‏ كان هذان الزوجان يمضيان اسبوعين من عطلتهما في الجزء الشمالي الغربي من البلاد،‏ اي قرب فنزويلا حيث تعيش قبائل الكاريب والارواك وقبائل اخرى من السكان الاصليين.‏ ذات مرة،‏ وزّعا كمية كبيرة من المطبوعات على شعب الارواك،‏ الامر الذي لم يرُق الراهبات الكاثوليكيات اللواتي كنّ يدرن المدرسة المحلية.‏ فسألن الاولاد ليعرفن هل حصل والدوهم على ايٍّ من هذه المطبوعات.‏ فاستشاط الوالدون غضبا حين علموا بذلك وأخبروا الكاهن ان لهم مطلق الحرية في اختيار ما يريدون قراءته.‏ إلّا ان ذلك لم يردع الكاهن الذي حاول اثناء قداس الاحد ان يعيّب كراس هل يمكنك ان تحيا الى الابد بسعادة على الارض؟‏،‏ الذي كان في حوزة كثيرين.‏ لكنّه لم يحقّق مبتغاه.‏ ففي اليوم الذي همّ فيه الزوجان هيمَواي بالمغادرة،‏ طلب منهما العديد من سكان القرية نسخة من ذلك الكراس.‏

كان على جون ودايزي ان يستعملا العبّارة والقطار والشاحنة للوصول الى هذه المنطقة التي تقع على بعد ٣٠٠ كيلومتر تقريبا نحو الداخل.‏ وكان عليهما اخذ كل اللوازم الضرورية والمطبوعات بالاضافة الى الدراجة لاجتياز الدروب الموحلة المؤدية الى القرى التي يعيش فيها الهنود.‏ يوضح جون:‏ «كانت هذه الدروب تتفرّع الى عدة اتجاهات.‏ وإذا اراد الشخص ألّا يضل طريقه وأن يضمن عودته آمنا،‏ فعليه إما ان يتكل على ذاكرته او يكسر بعض الاغصان عند مفارق هذه الطرق.‏ وإذا واجه حيوانا ضاريا،‏ فعليه ان يقف دون حراك ويحدّق الى الاسفل حتى يبتعد الحيوان بهدوء عن الطريق.‏ وقد يرى المرء ايضا السعادين تقفز من غصن الى آخر وتزقَح محتجة على وجود غرباء في المنطقة.‏ وهنالك ايضا حيوان الكسلان الذي يراقب المارّة وهو معلّق على الشجرة رأسا على عقب.‏ وقد يلمح المرء هنا وهناك طائر الطُّوقان الزاهي الالوان وهو يقتات بثمرة پپّايا».‏

بعد ان امضى الاخ هيمَواي ١٥ سنة في الخدمة الارسالية في غويانا،‏ أوجز مشاعره قائلا:‏ «يا لها من خدمة مفرحة ومانحة للاكتفاء!‏ فما من امر يضاهي الاكتفاء الذي نشعر به حين نجلس مع الهنود الاميركيين على أرضية ترابية في كوخ مصنوع من اوراق النخيل ونتحدث اليهم عن ملكوت اللّٰه ونعلّمهم طريقة حياة جديدة.‏ ورؤية هؤلاء الاشخاص المتواضعين يتجاوبون مع تعليم الكتاب المقدس وينذرون حياتهم للّٰه هي اختبار لن أنساه ابدا».‏

الفاتحون المحليون يلتحقون بجلعاد

حظي العديد من الفاتحين المحليين بامتياز الذهاب الى مدرسة جلعاد.‏ وأُعيد تعيين بعضهم في غويانا مثل:‏ فلورنس توم (‏الآن بريسِت)‏ التي تخرّجت سنة ١٩٥٣ من الصف الـ‍ ٢١،‏ ألبرت وشيلا سمول اللذان تخرّجا سنة ١٩٥٨ من الصف الـ‍ ٣١،‏ وفردريك مَكالمَن الذي تخرّج سنة ١٩٧٠ من الصف الـ‍ ٤٨.‏

تقول فلورنس بريسِت:‏ «تمنيت الحصول على تعيين اجنبي،‏ لكنّ تعييني في سكلدون بغويانا كان بركة من يهوه.‏ فكثيرون من زملائي السابقين في المدرسة،‏ اساتذتي،‏ اصدقائي،‏ ومعارفي قبلوا درسا في الكتاب المقدس لأنهم كانوا يعرفونني.‏ حتى ان بعضهم اخذ المبادرة وطلب مني ان ادرس معه مثل ادوارد كينڠ الذي كنت ادرس مع زوجته.‏ عندما سمع الكاهن الانڠليكاني ان زوجة ادوارد تدرس الحق،‏ طلب من ادوارد ان يوقف الدرس.‏ ولكن عوض ان يذعن ادوارد لطلبه،‏ ابتدأ هو نفسه يدرس الكتاب المقدس».‏

بعد ان رجع الزوجان سمول من جلعاد،‏ خدم ألبرت عدة سنوات كعضو في لجنة الفرع وكناظر دائرة.‏ أمّا الآن فيخدم كشيخ في احدى الجماعات بغويانا ويقوم بعمل الفتح الخصوصي هو وشيلا بالرغم من مشاكلهما الصحية.‏ صحيح ان بعض الفاتحين الذين جاءوا من غويانا أُعيد تعيينهم فيها،‏ إلّا ان لينيت پيترز مثلا،‏ التي تخرّجت من الصف الـ‍ ٤٨ لجلعاد،‏ عُيِّنت في سيراليون.‏ وهي لا تزال تقوم بتعيينها الاجنبي هناك بأمانة.‏

فيلم يثير الاهتمام

في خمسينات القرن العشرين،‏ عرض شهود يهوه على نطاق واسع فيلما عنوانه مجتمع العالم الجديد وهو يعمل.‏ ركّز هذا الفيلم على العمل الجاري في المركز الرئيسي العالمي في بروكلين وعلى المحفل الكبير الذي عُقد في يانكي ستاديوم في مدينة نيويورك سنة ١٩٥٣.‏ وقد ساعد هذا الفيلم الشهود وغيرهم على نيل فهم افضل لهيئة يهوه ونشاطاتها.‏ كما كان له تأثير كبير في الذين عاشوا في الغابة المطيرة.‏ فمعظم هؤلاء الاشخاص لم يسبق لهم قط ان رأوا فيلما في حياتهم.‏

في اغلب الاحيان،‏ كان الاخوة يعرضون الفيلم في الهواء الطلق في ساحة مجمّع كبير.‏ وكان الناس يقطعون مسافات طويلة ليحضروه.‏ ولكن قد يتبادر الى ذهنك سؤال مهم:‏ «كيف استطاع الاخوة ان يعرضوا فيلما في مكان لا تتوفر فيه الكهرباء؟‏».‏ يخبر آلن جونستون الذي عرض الفيلم عدة مرات،‏ وهو خرّيج من جلعاد وصل سنة ١٩٥٧ وخدم كناظر دائرة:‏ «اعارنا السكان المحليون اللطفاء مولّدات كانوا يستعملونها لإنارة محلاتهم التجارية في الليل.‏ أما شاشة العرض فتألفت من ملاءة كبيرة مُدَّت بين شجرتَين».‏

عقب احد هذه العروض،‏ استقلّ جون ودايزي هيمَواي سفينة بخارية للعودة الى منطقتهما.‏ وكان كثيرون على متنها قد سمعوا عن الفيلم وأرادوا رؤيته.‏ لذلك وبعد طلب اذن من الربّان،‏ وضع الزوجان هيمَواي الشاشة على ظهر السفينة وآلة العرض في حجرة تقع نافذتها في المكان المناسب.‏ يكتب جون:‏ «كان على متن السفينة كهنة كاثوليك وانڠليكان رفضوا سابقا حضور الفيلم في المدينة،‏ لكنهم اضطروا الآن ان يحضروه.‏ وفي الواقع،‏ كانت الحجرة التي وضعنا فيها آلة العرض حجرتهم الخاصة.‏ وبعد العرض،‏ أمطرهم الركاب بوابل من الاسئلة التي لا يستطيع الاجابة عنها سوى شهود يهوه».‏

وفي تعليق على مدى تأثير الفيلم في الناس،‏ كتب جون پونتينڠ:‏ «كان لعرض الفيلم خلال تلك السنوات تأثير خصوصي لأن الشهود كانوا قليلي العدد ولأن الناس اعتبروهم عديمي الاهمية.‏ كما اوضح الفيلم للمتشكّكين ان هنالك هيئة عالمية رائعة تضم عروقا مختلفة،‏ مما جعلهم يكنّون لنا احتراما اكبر.‏ لقد كان الفيلم نقطة تحوّل في حياة كثيرين،‏ اذ دفعهم الى قبول درس في الكتاب المقدس.‏ وقد أصبح البعض شيوخا في ما بعد.‏ وخلال اسبوعين فقط،‏ عرض احد نظار الدوائر هذا الفيلم ١٧ مرة امام ٠٠٠‏,٥ شخص.‏ وكانت معظم العروض في الهواء الطلق.‏

‏«وأثناء رحلة اخرى قمنا بها،‏ ابحرنا طوال يومين في نهر شديد الانحدار ثم مشينا طويلا في احد الادغال.‏ وقد شعر ناظر دائرة بفرح كبير حين تمتع كثيرون من الهنود الاميركيين بحضور اول فيلم يشاهدونه على الاطلاق.‏ وفي اليوم التالي،‏ وزعنا مجلاتنا على العديد من القرويين الذين انتمى معظمهم الى الكنيسة المشيخية.‏ ونتيجة لهذه الزيارة،‏ تحسّن كثيرا موقف كل سكان القرية من شهود يهوه».‏

مرّت غويانا من سنة ١٩٥٣ الى سنة ١٩٦٦ بفترة من الاضطرابات السياسية والعرقية.‏ وكانت السنوات ١٩٦١ الى ١٩٦٤ الاسوأ اذ كثرت اعمال الشغب والنهب والقتل وساد في البلاد اضراب عام.‏ كما توقفت وسائل النقل العامة عن العمل ودبّ الذعر بين الناس.‏ صحيح ان الاخوة لم يتعرّضوا لاضطهاد مباشر،‏ لكنّ البعض تألم كثيرا بسبب الظروف السائدة.‏ فقد ضُرب اثنان من الاخوة وأُصيب اثنان آخران،‏ بمن فيهم ألبرت سمول،‏ بالرصاص.‏ فاضطرّا ان يذهبا الى المستشفى لتلقّي العلاج.‏ لكن الوضع ازداد خطورة،‏ مما دفع القوات البريطانية الى التدخل.‏

كم كان ملائما عرض فيلم مجتمع العالم الجديد وهو يعمل خلال هذه المرحلة العاصفة!‏ فقد اشار الفيلم الى وجود اناس من كل الامم ينعمون بالسلام والوحدة الحقيقيّين.‏ كما ان الاخوة لم يتخذوا من انقطاع وسائل النقل العامة ذريعة للتوقف عن حضور الاجتماعات والاشتراك في الخدمة.‏ فقد كانوا يمشون مسافات اطول او يركبون الدراجات.‏ ولكن الاهم من ذلك كله هو انهم احبوا واحدهم الآخر محبة مسيحية حقيقية.‏ ذكر ألبرت سمول:‏ «اهتم الاخوة بعضهم ببعض وتشاركوا في ما يملكون».‏

الاخوات يأخذن القيادة في العمل

اوصلت الاخوات ايضا رسالة الملكوت الى المناطق البعيدة.‏ مثلا،‏ عُيِّنت آيڤي هيندس وفلورنس توم فاتحتين خصوصيتين في بارتيكا الواقعة عند طرف احد الادغال.‏ يعيش في هذه البلدة المنعزلة ناشر يُدعى ماهاديو مع زوجته جايملاي.‏ لم تكن جايملاي تعرف القراءة والكتابة شأنها في ذلك شأن معظم الفتيات القادمات من شرق الهند آنذاك اللواتي لم يتلقّين اي تعليم مدرسي.‏ مع ذلك،‏ ارادت جايملاي ان تقرأ الكتاب المقدس وتعلّم ولديها الصغيرين عنه.‏ ذكرت فلورنس:‏ «بمساعدة يهوه ومساعدتي،‏ تعلّمت جايملاي بسرعة القراءة والكتابة والشهادة للآخرين».‏

لم تجد فلورنس وآيڤي بيتا تقيمان فيه حتى بعد مرور شهرين على وصولهما.‏ كما كانتا تبحثان عن مكان لعقد الاجتماعات اذ كانتا تديران اكثر من عشرة دروس في الكتاب المقدس.‏ وقد ازدادت الحاجة الى ايجاد مكان للاجتماع حين تسلّمتا اشعارا بزيارة ناظر الدائرة.‏ وعلاوة على ذلك،‏ كانت هذه الزيارة ستتزامن مع قدوم العمال من داخل البلاد والبغايا من جورجتاون الى بارتيكا.‏ وهذا ما يضاعف عدد سكان البلدة ثلاث مرات!‏

لكنّ يد يهوه لم تقصر عن مساعدتهما.‏ تتذكر فلورنس:‏ «قبل يوم من وصول ناظر الدائرة وفي وقت متأخر من بعد الظهر،‏ وافق احد مالكي الاراضي ان يؤجرنا بيتا صغيرا يتألف من غرفتين صغيرتين في وسط البلدة.‏ فبذلنا جهدا شاقا في تنظيف الجدران ودهنها وتلميع الارضيات.‏ كما علّقنا الستائر ونقلنا الاثاث منهين العمل في ساعات الصباح الاولى.‏ وكم كانت ليلة متعبة!‏ حتى ناظر الدائرة،‏ جون پونتينڠ،‏ لم يصدّق اذنيه حين سمع قصتنا.‏ وفي اول اجتماع من زيارته،‏ كان عدد الحضور ٢٢ شخصا نأمل ان يشكلوا نواة جماعة جديدة في بارتيكا».‏

عبور الانهر على متن قوارب ‏«المنادي بالملكوت»‏

في السنوات الباكرة،‏ استعمل الاخوة المراكب والزوارق المتوفرة للوصول الى القرى الواقعة على طول الانهر.‏ وفي وقت لاحق،‏ امتلكوا خمسة قوارب اطلقوا عليها اسم المنادي بالملكوت،‏ ورقَّموها من ١ الى ٥.‏ (‏المنادي بالملكوت ١ و ٢ لم يعودا صالحين للاستعمال)‏.‏

يروي فردريك مَكالمَن:‏ «كنا نجذِّف مع التيار ونكرز على طول الضفة الشرقية لنهر پوميرون حتى نصل الى هاكِني التي تبعد ١١ كيلومترا عن المصبّ.‏ وهناك كنا ننال قسطا من النوم في منزل الاخت ديكامبْرا التي كانت قابلة المنطقة آنذاك.‏ وفي الصباح الباكر،‏ كنا نستيقظ ونتابع طريقنا حتى نصل الى المصبّ ثم نعبر الى الضفة الغربية.‏ وفي رحلة العودة الى شاريتي،‏ كنا نجذِّف بعكس التيار مسافة ٢١ ميلا [٣٤ كيلومترا]».‏ لقد استمر الاخوة طوال خمس سنوات يجذِّفون صعودا ونزولا على طول نهر پوميرون الى ان حصلوا على محرّك مستعمَل للقارب بقوة ستة احصنة بخارية.‏

عادة،‏ لم يكن اجتياز هذه الانهر محفوفا بالمخاطر.‏ ولكن بسبب حركة المرور الكثيفة في النهر،‏ كان على الاخوة توخّي الحذر لأن قاربَي المنادي بالملكوت ١ و ٢ لم يكونا سوى قاربَي تجذيف يجوبان المياه ببطء.‏ يروي فردريك:‏ «في يوم سبت وفيما كنت عائدا من الخدمة بعد الظهر في نهر پوميرون،‏ اصطدمتُ بمركب كبير لشحن البضائع يسير بأقصى سرعته.‏ ولم ينتبه الربّان والطاقم للأمر لأنهم كانوا ثملين.‏ فوقعتُ من قارب المنادي بالملكوت ١ وصرت اتخبّط في المياه محاولا البقاء على قيد الحياة فيما كان رأسي يصطدم المرة تلو الاخرى بقعر مركبهم على بعد انشات [سنتيمترات] قليلة من المروحة الكبيرة.‏ اخيرا،‏ انتبه احد الشبّان على متن المركب لما يحدث،‏ فغطس في النهر وأنقذ حياتي.‏ ورغم ان جراحي سبّبت لي ألما مستمرا طوال عدة اسابيع،‏ شكرت اللّٰه على نجاتي من الموت».‏

لم تثنِ هذه الحادثة فردريك عن اتمام عمل البشارة.‏ يوضح قائلا:‏ «كنت مصمِّما على الاستمرار في عمل الكرازة لألاحق الاهتمام الذي اعرب عنه الناس المقيمون على طول النهر.‏ فقد كانوا يتكلون عليّ في ادارة درس الكتاب الجَماعي في سيريكي التي تبعد ٧ اميال [١١ كيلومترا] عن شاريتي».‏

قضاء اسبوع مع ناظر دائرة

ان خدمة المرء كناظر جائل في قرى غويانا تمتحن قدرته على الاحتمال.‏ فعلى النظار الجائلين وزوجاتهم ان يعبروا الانهر ويسيروا في الطرقات الوعرة والادغال.‏ وعليهم ان يواجهوا احيانا البعوض،‏ الحشرات،‏ والسنانير الكبيرة.‏ وقد يبتلّون بالمطر او يعترض اللصوص طريقهم في بعض المناطق.‏ كما انهم يتعرّضون لخطر الاصابة بالملاريا،‏ حمى التيفوئيد،‏ او اي من الامراض المدارية الاخرى.‏

يصف ناظر جائل زيارته لبعض الناشرين المنعزلين المقيمين على طول نهر ديميرارا قائلا:‏ «بعدما زرنا جماعة ماكنزي،‏ ركبنا زورقا يوم الاثنين لزيارة اخ يعيش في قرية ياروني،‏ وهي قرية تقع على نهر ديميرارا وتبعد نحو ٢٥ ميلا [٤٠ كيلومترا] عن ماكنزي.‏ وفي رحلة العودة الى ماكنزي،‏ كنا نجذِّف مع التيار مبشرين القرى المنتشرة على ضفّتي النهر.‏

‏«كان الناس مضيافين جدا.‏ فقدّموا لنا الفاكهة ودعونا الى تناول الطعام.‏ ويوم الجمعة،‏ جذَّفنا في النهر لنركب احدى السفن.‏ ثم غادرنا السفينة في سوسدايك وركبنا زورقا آخر حتى وصلنا الى شاطئ احدى القرى.‏ فكان بانتظارنا احد الاخوة الذي اخذنا الى بيته في قرية جورجيا على الجانب الآخر من نهر ديميرارا.‏ فعقدنا مساء ذلك اليوم اجتماعا حضرته العائلة.‏

‏«وفي اليوم التالي،‏ عبرنا جميعا نهر ديميرارا لنكرز في سوسدايك وفي المنطقة السكنية القريبة من مطار تيمِري.‏ كما ذهبنا الى مناطق التلال الرملية حيث كان الناس يملأون الشاحنات بالرمل لنقله الى جورجتاون.‏ ومساء يوم السبت،‏ عقدنا اجتماعا آخر مع العائلة في جورجيا.‏ وفي اليوم التالي عبرنا النهر مجددا الى سوسدايك للاشتراك صباحا في خدمة الحقل ولإلقاء خطاب عام بعد الظهر على السطيحة التابعة لمكتب البريد.‏ وهكذا انتهى الاسبوع الذي قضيناه في هذه المنطقة».‏ لقد كوفئ نظار الدوائر وزوجاتهم المخلصون على العمل الدؤوب الذي قاموا به.‏ فاليوم،‏ توجد في سوسدايك جماعة مزدهرة.‏ ويمتلك الاخوة قاعة ملكوت شُيِّدت سنة ١٩٩٧.‏

يتعرّض نظار الدوائر ايضا لحوادث مؤسفة.‏ فذات مرة،‏ اراد جيري ودِلما موراي ان يعبرا بدراجتهما النارية جسرا أُقيم فوق احدى القنوات.‏ كان الجسر مصنوعا من بضعة ألواح خشبية مربوطة معا.‏ وبينما كانت دِلما تنتظر ان يعبر زوجها الجسر،‏ حدث ما لم يكن في الحسبان.‏ فقد وقع جيري ووقعت معه الدراجة والحقيبة واختفوا في المياه العميقة المظلمة.‏ فصرخت دِلما بصوت عالٍ وركض القرويون المحليون للنجدة.‏ ولكن بعد دقائق،‏ حلّ الضحك محلّ الخوف والقلق حين «خرج هذا الرجل الابيض من الماء مكسوّا بالنباتات العشبية وحذاؤه مغمور بالوحل» حسبما قال احد الاخوة.‏

الهنود الاميركيون يتجاوبون مع البشارة

فيما كان فردريك مَكالمَن يشهد في ساحة السوق بشاريتي في اوائل سبعينات القرن العشرين،‏ قدَّم مجلتي برج المراقبة و استيقظ!‏ الى امرأة من الهنود الاميركيين تُدعى مونيكا فيتسالِن.‏ (‏انظر الاطار في الصفحة ١٧٦.‏)‏ أخذت مونيكا المجلتين الى بيتها حيث كانت تعيش في محمية للهنود الاميركيين.‏ وأثناء وعكة صحية ألمّت بها،‏ قرأت المجلتين وأدركت انها وجدت الحق.‏ وسرعان ما اصبحت الناشرة الوحيدة للبشارة في المحمية واعتمدت سنة ١٩٧٤.‏

تتذكر مونيكا:‏ «انهمكتُ بنشاط في الشهادة من بيت الى بيت.‏ وكنت سعيدة بنقل المعرفة الجديدة التي حصلت عليها الى الناس في المحمية.‏ ولكن بغية الوصول الى بيوتهم،‏ كان عليّ ان اجذّف زورقا لأعبر الانهر والجداول.‏ وفيما ازداد عدد المهتمين،‏ بدأت اعقد الاجتماعات بقراءة ومناقشة المواد المذكورة في كتاب الحق الذي يقود الى الحياة الابدية،‏ مطبوعة مساعِدة على درس الكتاب المقدس».‏

وهل اثمرت جهود مونيكا الدؤوبة؟‏ نعم بالطبع.‏ فهي تتمتع الآن برفقة ١٣ ناشرا،‏ بمن فيهم زوجها وابنها وزوجته وحفيدتها.‏ في الماضي،‏ كان على هذا الفريق الصغير ان يسافر ١٢ ساعة بالزورق للوصول الى اقرب جماعة في شاريتي.‏ أما الآن فهم يعقدون الاجتماعات في منطقتهم،‏ ويبلغ عدد الحضور فيها ثلاثة اضعاف عدد الناشرين.‏

في هذه الاثناء،‏ تستمر جماعة شاريتي في النمو ايضا اذ يوجد فيها الآن ٥٠ ناشرا.‏ ومعظم هؤلاء الناشرين يقطعون نهر پوميرون للوصول الى مكان الاجتماع.‏ ويتجاوز معدل حضور الاجتماعات الـ‍ ٦٠ شخصا.‏ أما الذِّكرى لسنة ٢٠٠٤ فقد حضرها ٣٠١ شخص.‏ كما تملك جماعة شاريتي قاعة ملكوت جديدة.‏

نموّ رائع في باراميتا

والمنطقة الاخرى في غويانا التي تجاوب فيها السكان الاصليون مع رسالة الملكوت هي باراميتا.‏ تقع هذه المنطقة شمال غرب البلاد ويعيش فيها هنود الكاريب الذين يتكلمون لغة الكاريب.‏ وهم من اول الاشخاص الذين سكنوا المنطقة الكاريبية التي حملت اسمهم.‏

أبدت روبي سميث،‏ واحدة من هنود الكاريب،‏ اهتماما بالحق سنة ١٩٧٥ حين اعطتها جدتها احدى النشرات.‏ (‏انظر الاطار في الصفحة ١٨١.‏)‏ كانت روبي تبلغ من العمر آنذاك ١٦ سنة.‏ فتقدّمت روحيا واعتمدت سنة ١٩٧٨ في محفل «الايمان الظافر».‏ بُعيد ذلك انتقلت عائلتها الى جورجتاون لأسباب تتعلق بالعمل.‏ وتزوجت هناك يوستس سميث.‏ ورغم ان يوستس لم يكن يتكلم لغة الكاريب،‏ رغب هو وروبي في الانتقال الى باراميتا لنقل رسالة الملكوت الى اقرباء روبي وأشخاص آخرين.‏ تقول روبي:‏ «لقد فحص يهوه قلبنا واستجاب صلواتنا لأننا في سنة ١٩٩٢ وصلنا الى باراميتا».‏

تتابع روبي:‏ «بدأت بالشهادة فورا.‏ وعقدنا الاجتماعات تحت بيتنا الصغير الذي كان يرتفع خمسة اقدام [٥،‏١ متر] تقريبا عن الارض.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى اصبح عدد الحضور اكبر من ان يتسع في هذا المكان،‏ فاستعرنا خياما.‏ وفيما انتشر الخبر عن انعقاد الاجتماعات،‏ نما عدد الحضور ليبلغ ٣٠٠ شخص!‏ وبما انني كنت اتكلم لغة الكاريب بطلاقة،‏ عُيِّنت لترجمة برج المراقبة خلال الاجتماعات.‏ ولكن كيف تمكنّا من ايصال الصوت الى جميع الحضور؟‏ لقد استعملنا مرسِلا راديويا ثمنه زهيد.‏ فما كان على الحضور إلّا ان يجلبوا معهم اجهزة الراديو ويلتقطوا التردُّد المناسب.‏

‏«بحلول ذلك الوقت،‏ شعرنا ان الفريق يحتاج فعلا الى قاعة ملكوت.‏ فحسبنا النفقة وناقشنا المشروع مع اخوة آخرين ثم باشرنا العمل.‏ تبرّع اخي سيسيل بيرد بمعظم مواد البناء فيما ساهم الآخرون في انجاز العمل.‏ ابتدأ البناء في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٩٢ وانتهى في بداية السنة التالية قبيل الاحتفال بالذِّكرى.‏ وكم دُهشنا حين حضر ٨٠٠ شخص المحاضرة التي ألقاها ناظر جائل يُدعى ڠوردن دانيالز!‏

‏«في ١ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٦،‏ تشكَّلت جماعة في باراميتا ودُشِّنت قاعة الملكوت في ٢٥ ايار (‏مايو)‏.‏ ثم وُسِّعت القاعة حتى اصبحت تتسع الآن بسهولة لأكثر من ٥٠٠ شخص.‏ وهذا ما حدا بالاخوة الى استخدامها لعقد المحافل الدائرية وأيام المحافل الخصوصية.‏ حقا،‏ لقد صار ذلك الفريق الصغير اليوم جماعة تضم ١٠٠ ناشر تقريبا.‏ ويبلغ معدل حضور الاجتماع العام ٣٠٠ شخص.‏ أما الذِّكرى فقد حضرها ٤١٦‏,١ شخصا!‏».‏

حفل زفاف كبير جدا

كان كثيرون في باراميتا يعيشون معا دون زواج.‏ ولكن بعد ان عرفوا مبادئ الكتاب المقدس،‏ قاموا بتسجيل زواجهم شرعيا انسجاما مع هذه المبادئ.‏ وقد واجه البعض صعوبات في الحصول على الوثائق اللازمة مثل شهادة الولادة.‏ ولكن تمكّن هؤلاء الاشخاص من عقد زواجهم بعدما بذلوا جهودا كبيرة ونالوا مساعدة الاخوة في التأكد من تواريخ الولادة والتفاصيل الاخرى.‏

وفي احدى المناسبات،‏ أُقيم حفل تزوَّج فيه ١٥٨ رجلا وامرأة.‏ وقد ألقى خطاب الزواج عضو من لجنة الفرع يُدعى أدين سيلس.‏ وبعد ثلاثة ايام عبّر ٤١ شخصا،‏ معظمهم من المتزوجين حديثا،‏ عن رغبتهم في الصيرورة ناشرين غير معتمدين.‏

لقد اعرب كثيرون في باراميتا عن اهتمام بكلمة اللّٰه لدرجة ان المجتمع بكامله تحسّن بشكل ملحوظ.‏ ذكر احد الشيوخ خلال تدشين قاعة الملكوت:‏ «تنعم باراميتا الآن بالسكينة والسلام.‏ ولا عجب في ذلك!‏ فأكثر من تسعين في المئة من السكان يحضرون الاجتماعات بانتظام».‏

سنة ١٩٩٥،‏ ساد في باراميتا جفاف شديد.‏ فكيف تدبّر شعب يهوه امرهم؟‏ كانت ڠيليان پرْسود تعمل مدرّسة في باراميتا آنذاك.‏ وذات يوم،‏ سمعت صوت طائرة صغيرة تهبط في المطار المجاور.‏ فركضت بأقصى سرعتها لتتكلم مع قبطان الطائرة قبل ان يقلع مجددا.‏ وأقنعته باصطحابها الى جورجتاون حيث ذهبت فورا الى مكتب الفرع لتخبرهم عن اوضاع الاخوة.‏

يذكر جيمس طومسون،‏ عضو في لجنة الفرع آنذاك:‏ «سمحت لنا الهيئة الحاكمة بنقل الطعام والمؤن جوًّا الى باراميتا.‏ كما رتَّبنا لإحضار ٣٦ ناشرا الى جورجتاون لحضور المحفل الكوري.‏ وقد كان ذلك اول محفل يحضره كثيرون منهم».‏

مدرسة تدريب الخدام

ابتدأت مدرسة تدريب الخدام تُعقد سنة ١٩٨٧.‏ وقد استفادت بلدان كثيرة من عمل الشيوخ والخدام المساعدين العزاب الذين حضروا تلك المدرسة.‏ مثلا،‏ حضر كثيرون من الاخوة من غويانا المدرسة التي عُقدت في ترينيداد واستطاعوا تقديم دعم اكبر لعمل الملكوت في بلدهم.‏ فالبعض يخدمون الآن شيوخا في الجماعات او فاتحين عاديين او خصوصيين.‏ أما الذين رجعوا الى جماعاتهم المحلية،‏ فهم يلعبون دورا كبيرا في الاهتمام بخراف يهوه.‏

تولّى العديد من خرّيجي مدرسة تدريب الخدام مسؤوليات اضافية.‏ مثلا،‏ عُيِّن الاخوان في الجسد فلويد ولاواني دانيالز فاتحَين خصوصيَّين في جماعات بحاجة ماسة الى شيوخ.‏ وحظي دايڤيد پرْسود بامتياز الخدمة كناظر دائرة.‏ كما عُيِّن التلميذ إدسل هايزل عضوا في لجنة فرع غويانا.‏ وفي ما يتعلق ببعض الذين حضروا المدرسة،‏ علَّق احد نظار الدوائر قائلا:‏ «رأيت كل هؤلاء الاشخاص ينمون روحيا،‏ وخصوصا بعدما حضروا مدرسة تدريب الخدام».‏

الخدمة حيث الحاجة اعظم

في اواخر سبعينات القرن العشرين،‏ بلغ عدد الذين يعيشون في منطقة الساحل الاطلسي غرب نهر ايسيكيبو ٠٠٠‏,٣٠ نسمة تقريبا،‏ بينهم ٣٠ ناشرا فقط.‏ لذلك كان الفرع يعيِّن من حين الى آخر فاتحين خصوصيين للعمل مدة شهر في اجزاء من تلك المقاطعة.‏ ذكر الاخ المسؤول عن احدى فرق الشهادة:‏ «خدم الاخوة كل المقاطعة ووزّعوا ٨٣٥‏,١ كتابا.‏ كما أسّسوا الكثير من الزيارات المكررة والدروس البيتية».‏

وذكر اخ آخر:‏ «كنا نجذِّف قاربنا الصغير طوال ساعتين لنقطع مسافة ١٧ ميلا [٢٧ كيلومترا].‏ وأحيانا،‏ نضطر الى سحب القارب من وحل يصل الى الركب.‏ لكنّ جهودنا كوفئت لأن اصحاب البيوت كانوا مضيافين.‏ وأحد اصحاب البيوت هؤلاء كان يعمل كأستاذ للموسيقى ويستعمل كتاب الترانيم في الصف.‏ وقد عبّر قائلا:‏ ‹انا حقا معجب بطريقة نظم القطع الموسيقية›.‏ ثم عزف لنا ترنيمتَين وقبِل ستة كتب».‏

كما اعرب اخوة وأخوات آخرون عن استعدادهم للخدمة حيث الحاجة اعظم،‏ من بينهم شرلوك وجولييت پاهالان.‏ يكتب شرلوك:‏ «سنة ١٩٧٠،‏ دُعيت انا وجولييت الى الخدمة في جماعة آكِلز التي تقع على نهر ديميرارا على بعد ٨ اميال [١٣ كيلومترا] جنوب جورجتاون.‏ كانت الجماعة تعاني من بعض المشاكل وكان يجب فصل بعض الافراد،‏ مما ادَّى الى بقاء نحو ١٢ ناشرا نشيطا بالاضافة الى اولادهم غير المعتمدين.‏ وطوال فترة من الوقت،‏ كنت الشيخ الوحيد في الجماعة.‏ كما كانت الجماعة تهتم بفريق صغير في قرية منعزلة اسمها موكا.‏ لذلك كنت مساء ايام الاثنين ادير فريقين لدرس الكتاب الجَماعي،‏ واحد في موكا وآخر في آكِلز.‏

‏«وكنت ادير ايضا درس برج المراقبة،‏ ولكن بأسلوب مغاير للاسلوب المتَّبع آنذاك.‏ فنظرا الى عدم توفر عدد كاف من المجلات في اغلب الاحيان،‏ كانت الفقرات تُقرأ اولا ثم تُطرح الاسئلة.‏ وكنا نأخذ شموعا معنا الى الاجتماعات بسبب الانقطاع المتكرِّر للتيار الكهربائي،‏ ونتحمل حشود البعوض خلال فصل الامطار.‏ كما كان معظم الاخوة في تلك الايام يذهبون الى الاجتماعات والخدمة إما سيرا على الاقدام او على دراجاتهم.‏ وهذا ما فعله ايضا الناشرون الآتون من موكا الى آكِلز.‏ وبعد الاجتماعات،‏ كنت احشر اكبر عدد ممكن من الاشخاص في شاحنتي الصغيرة من نوع أوستن وأعود بهم الى موكا».‏

فهل كانت كل هذه الجهود جديرة بالعناء؟‏ يعود الاخ پاهالان بالذاكرة الى تلك الايام ويقول:‏ «درسنا انا وزوجتي الكتاب المقدس مع عدد من الاشخاص في آكِلز.‏ ولا يزال كثيرون منهم شهودا امناء يخدمون يهوه مع عائلاتهم.‏ ويخدم بعض الاخوة ايضا شيوخا في الجماعات.‏ حقا،‏ ما من شيء يضاهي هذه البركات!‏».‏

‏«مكان رائع للانهماك في عمل الفتح»‏

على مر السنوات القليلة الماضية،‏ حضر الى «ارض المياه» ٥٠ اخا وأختا تقريبا —‏ معظمهم فاتحون —‏ من ايرلندا،‏ بريطانيا،‏ فرنسا،‏ كندا،‏ والولايات المتحدة ليساهموا في توجيه الدعوة:‏ «‹تعال!‏›.‏ .‏ .‏ .‏ مَن يُرد فليأخذ ماء الحياة مجانا».‏ (‏رؤيا ٢٢:‏١٧‏)‏ فتمكَّن البعض من البقاء هناك بضعة اشهر فيما مكث آخرون سنوات.‏ وحين تقلّ مدخراتهم،‏ يرجع كثيرون منهم الى بلادهم للعمل فترة من الوقت ثم يعودون مجددا الى غويانا.‏ ومعظم هؤلاء الاشخاص يشعرون ان خدمتهم في غويانا أغنتهم روحيا.‏ وهم يقدّرون بشكل خصوصي الفرص التي تتاح لهم لمناقشة الامور الروحية مع اناس يكنّون عموما احتراما عميقا للكتاب المقدس.‏ حتى الاشخاص الذين ليسوا مسيحيين يتمتعون بالمناقشة مع شهود يهوه.‏ وأحيانا،‏ يدعو اصحاب البيوت الاخوة الى تناول الطعام.‏ لذلك يقول ريكاردو هيندس،‏ المنسّق الحالي للجنة الفرع:‏ «لا نبالغ في القول ان غويانا مكان رائع للانهماك في عمل الفتح».‏

تتذكر أرلين هايزل،‏ التي تخدم الآن في الفرع مع زوجها إدسل،‏ بعض اختباراتهما في ريف غويانا وتقول:‏ «سنة ١٩٩٧،‏ عُيِّنا بتوجيه من الفرع للخدمة في ليتيم،‏ مدينة بعيدة في داخل البلاد تقع قرب الحدود مع البرازيل.‏ فخدمنا هناك مع روبرت وجوانا ولش من كندا ومع أخت اميركية تُدعى سارة ديون وصلت الى ليتيم قبل بضعة اشهر.‏ كان يعيش في تلك المدينة آنذاك اخ واحد اسمه ريتشارد آتشي يعمل طبيبا بيطريا.‏ ورغم ان الفرع زوّدنا بأسماء ٢٠ شخصا تقريبا درسوا الحق في السابق،‏ وجدنا اثنَين فقط يرغبان في الصيرورة ناشرَين غير معتمدَين فيما لم يعرب الباقي عن اي اهتمام.‏

‏«عقدنا اجتماعنا الاول تحت شجرة منغا.‏ وحضر الاجتماع ١٢ شخصا،‏ بمن فيهم نحن الفاتحين الستة.‏ وبعد بضعة اشهر حضر احتفال الذِّكرى الاول ٦٠ شخصا.‏ ورغم ان عدد الفاتحين انخفض ليصبح ٣ فقط،‏ كنا نعقد ٤٠ درسا في الكتاب المقدس.‏ ولكن حين زارنا ناظر الدائرة،‏ نصحنا بالتوقف عن الدرس مع الذين لا يحضرون الاجتماعات.‏ وقد كانت هذه النصيحة في محلها.‏ فالاشخاص الذين استمررنا في الدرس معهم احرزوا تقدما جيدا».‏

بعد اربع سنوات،‏ تشكّلت في ليتيم جماعة ضمت ١٤ ناشرا.‏ كما بلغ عدد الحضور في ايام المحافل الخصوصية ١٠٠ شخص.‏ وهذا برهان جليّ على ان يهوه يبارك جهود خدامه،‏ الامر الذي يعوّضهم عن كل المشقات التي يمرون بها.‏

قاعات و «بيوت سفلية» مستأجَرة

منذ ابتداء العمل في غويانا،‏ لم يكن سهلا ايجاد اماكن مناسبة للعبادة.‏ ففي سنة ١٩١٣،‏ استأجر الاخوة القلائل في جورجتاون غرفة في سومرست هاوس وظلوا يجتمعون فيها طوال ٤٥ سنة.‏ وبحلول سنة ١٩٧٠،‏ امتلكت جماعتان فقط قاعة ملكوت،‏ وهما جماعة تشارلزتاون في جورجتاون وجماعة پالميرا في بيربيس،‏ رغم ان عدد الناشرين في غويانا كان قد تخطّى الـ‍ ٠٠٠‏,١ ناشر قبل ثلاث سنوات.‏ لذلك كانت معظم الجماعات تجتمع في مبانٍ مستأجَرة.‏ وغالبا ما كانت هذه المباني غير مناسبة.‏

في اواخر خمسينات القرن العشرين مثلا،‏ نمت جماعة ويسمار الواقعة على نهر ديميرارا الى حد ان الاخوة اضطرّوا الى البحث عن قاعة مناسبة.‏ فسُمح لهم باستعمال احدى الصالات في الجزيرة.‏ فكانوا يجتمعون في وسط الاسبوع لحضور مدرسة الخدمة الثيوقراطية واجتماع الخدمة،‏ ويوم الاحد مساء لحضور الاجتماع العام ودرس برج المراقبة.‏ لكنّ تجهيز المكان لعقد الاجتماعات تطلّب الكثير من التخطيط والعمل.‏ فكان على الاخوة اولا ان يعبروا نهر ديميرارا في قارب صغير من ماكنزي الى ويسمار.‏ وكان عليهم احضار كل اللوازم قبل الاجتماع.‏ فكان احدهم يجلب صندوق المجلات،‏ وآخر صندوق المطبوعات،‏ فيما يحضر اخ آخر النماذج المختلفة وصناديق التبرعات.‏ وبعد الاجتماع،‏ يعيدون كل ما جلبوه معهم.‏

كانت الاجتماعات تُعقد ايضا في «البيوت السفلية»،‏ اي المساحة المتوفرة تحت البيوت.‏ فنظرا الى احتمال حدوث فيضانات في غويانا،‏ تُشيَّد عادة البيوت على دعامات خشبية او اسمنتية لتكون مرتفعة عن الارض.‏ وهذا التصميم يسمح باستخدام المساحة تحت البيت لأغراض اخرى،‏ مثل عقد الاجتماعات.‏ لكنّ معظم الناس في غويانا ينظرون الى الديانة التي لا يتمكن اعضاؤها من الاجتماع في مكان مناسب بأنها ديانة تفتقر الى بركة اللّٰه.‏

كما كانت تحدث احيانا امور تعيق سير الاجتماعات في البيوت السفلية،‏ الامر الذي كان ينتقص من وقار هذه المناسبات.‏ فذات مرة،‏ دخلت دجاجة خائفة من احد الكلاب الى مكان الاجتماع واستقرت في حضن بنت في السادسة من عمرها.‏ فأطلقت الفتاة صرخة تصم الآذان جفّلت جميع الحضور.‏ اثارت الحادثة ضحك الاخوة بعد الاجتماع،‏ إلّا انها ابرزت الحاجة الى ايجاد مكان افضل للعبادة.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ لم يشجِّع عقد الاجتماعات في هذه البيوت السفلية المهتمين على الحضور.‏

بناء قاعات للملكوت

يروي فردريك مَكالمَن:‏ «خلال السنوات الـ‍ ٣٢ التي قضيتها في جماعة شاريتي،‏ استأجرنا خمسة بيوت سفلية.‏ وبما ان سقف هذه البيوت منخفض،‏ كان علينا ان نحذر لئلا ترتطم رؤوسنا بالعوارض الخشبية.‏ فذات مرة،‏ وقفت احدى الاخوات وهي تحمل طفلها،‏ فارتطم رأسه بعارضة اخطأت الام في تقدير ارتفاعها.‏ وفي وقت لاحق،‏ عندما أخبرت هذه الاخت والدها الذي لم يكن شاهدا بالحادثة،‏ عبّر ان الجماعة بحاجة الى امتلاك مكان للعبادة.‏ فاقترحت والدتها التبرع بقطعة ارض فيما عرض الاب تمويل بناء قاعة ملكوت.‏ وهذا تماما ما حدث.‏ واليوم،‏ لا تزال قاعة الملكوت هذه،‏ التي جُدِّدت عدة مرات،‏ مركز العبادة الحقة في المنطقة.‏ وتستعملها ايضا الدائرة المحلية كقاعة محافل صغيرة».‏

في الايام الباكرة،‏ كان بناء قاعات الملكوت يستغرق عدة اشهر.‏ وهذه كانت حال القاعة في آكِلز.‏ يذكر شرلوك پاهالان الذي كان يخدم شيخا في آكِلز آنذاك:‏ «كانت اجتماعاتنا تُعقد في مدرسة.‏ وكنا نعلم انه اذا كانت لدينا قاعة ملكوت خاصة بنا،‏ فسيعتنق المزيد من الاشخاص الحق.‏ ورغم ان الناشرين القلائل في آكِلز كانوا فقراء،‏ قرّروا بناء قاعة ملكوت.‏ فأخذت ابحث عن قطعة ارض ملائمة في المقاطعة ولكن دون جدوى.‏

‏«في تلك الاثناء،‏ أعارنا الاخوة في جورجتاون قالبَين لإعداد الطوب الاسمنتي وعلّمونا طريقة صنعه.‏ في البداية،‏ كنا نقضي عدة ساعات لنصنع ١٢ طوبة فقط.‏ ولكن بمرور الوقت اصبحنا ماهرين جدا في هذا العمل،‏ وخصوصا الاخوات.‏ أما المشكلة الاخرى التي واجهناها فكانت الحصول على اسمنت للبناء.‏ فالاسمنت كان يُوزّع بحصص محدّدة آنذاك،‏ لذلك كان عليّ اولا طلب إذن بالحصول على كمية محددة ثم الذهاب الى الميناء في الصباح الباكر وانتظار دوري في الصف.‏ ثم كان عليّ ايجاد شاحنة متجهة الى آكِلز تسع كمية الاسمنت التي استلمتها.‏ وقد مدّ لنا يهوه يد المساعدة في كل مرة.‏ ولكن حتى ذلك الوقت لم نكن قد وجدنا بعد قطعة ارض».‏

يتابع شرلوك:‏ «سنة ١٩٧٢،‏ قضينا انا وجولييت عطلتنا في كندا وزرنا ابن خالي الذي لم يكن شاهدا.‏ أخبرنا انه يملك قطعتي ارض في آكِلز لكنَّ اقرباءه لا يهتمون بهما كما يجب.‏ وحين طلب مساعدتي،‏ وافقت بسرور وأخبرته انني ابحث حاليا عن قطعة ارض في آكِلز لبناء قاعة ملكوت.‏ فطلب مني دون تردد ان اختار واحدة منهما.‏

‏«اثناء البناء،‏ لمسنا ادلة اخرى على مساعدة يهوه.‏ فرغم صعوبة الحصول على الاسمنت ومواد البناء الاخرى،‏ تدبّرنا امرنا باستعمال مواد بديلة وتمكَّنا دائما من انجاز مهمتنا.‏ أضف الى ذلك،‏ قليلون من الاخوة امتلكوا المهارات المطلوبة للبناء،‏ الامر الذي تطلّب الكثير من التنظيم لإحضار المتطوعين الى الموقع.‏ فقد كنت اقطع مئات الاميال [الكيلومترات] بشاحنتي الصغيرة لأنقل الاخوة من وإلى موقع العمل.‏ لكنَّ العمل انتهى اخيرا.‏ وكم كانت فرحتنا كبيرة حين ألقى خطاب التدشين كارل كلاين الذي كان عضوا في الهيئة الحاكمة!‏».‏

قاعات ملكوت تُشيَّد بطريقة البناء السريع

حتى سنة ١٩٩٥،‏ كان اكثر من نصف الجماعات في غويانا لا تزال تجتمع في مبانٍ مستأجَرة وبيوت سفلية.‏ فشكّل الفرع لجنة بناء محلية للاهتمام بهذه الحاجة.‏ وفي تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ من تلك السنة،‏ شيّد الاخوة اول قاعة ملكوت بطريقة البناء السريع في ماهايكوني،‏ منطقة تقع على نهر ماهايكوني على بعد ٥٠ كيلومترا تقريبا شرق جورجتاون.‏ وعندما علم احد الجيران ان شهود يهوه سيبنون قاعة ملكوت خلال اربع نهايات اسابيع،‏ عبّر قائلا:‏ «هذا ممكن اذا كنتم ستبنون قنّا للدجاج،‏ لكنَّ تشييد بناء اسمنتي خلال هذه الفترة القصيرة امر غير ممكن اطلاقا».‏ ولكن سرعان ما بدّل هذا الرجل رأيه.‏

وفي الاماكن التي تشتد فيها النزاعات العرقية،‏ برهنت مشاريع بناء قاعات الملكوت ان شهود يهوه يعملون معا بوحدة بصرف النظر عن العرق او القومية.‏ فثمة امرأة مسنة راقبت مشروع البناء في ماهايكوني وعبّرت لأحد نظار الدوائر قائلة:‏ «شاهدت اشخاصا من ستة عروق مختلفة يعملون معا في هذا المشروع!‏».‏

تشييد مبنى الفرع

سنة ١٩١٤،‏ تأسّس اول مكتب فرع في غويانا في بيت عائلة فيلپس وبقي هناك حتى سنة ١٩٤٦.‏ كان عدد الناشرين آنذاك ٩١ ناشرا فقط.‏ ولكن بحلول سنة ١٩٥٩،‏ اصبح عدد الناشرين ٦٨٥،‏ وكان العمل يتوسَّع باستمرار.‏ لذلك اشترى الاخوة في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٦٠ مجمَّعا في شارع ٥٠ بريكدام بجورجتاون.‏ وأجروا بعض التعديلات عليه واستخدموه كمكتب للفرع وبيت للمرسلين.‏ ولكن بحلول سنة ١٩٨٦،‏ لم يعد حتى هذا المجمَّع يفي بالحاجة.‏ فشُيِّد مبنى جديد للفرع في نفس الموقع بعد ان حصل الاخوة على موافقة الهيئة الحاكمة.‏ واشترك في العمل خدام امميون وإخوة محليون انهوا العمل سنة ١٩٨٧.‏

وعلى غرار بنات شلوم اللواتي ساعدن ابيهن في اعادة بناء جزء من اسوار اورشليم،‏ قدّمت الاخوات مساعدة لا تُقدّر بثمن في مشروع البناء.‏ (‏نحميا ٣:‏١٢‏)‏ على سبيل المثال،‏ ساهمت ١٢٠ اختا توزَّعن على عشر فرق في صنع ٠٠٠‏,١٢ طوبة اسمنتية للمشروع.‏ وأنجزن المهمة خلال ٥٥ يوما باستعمال ١٦ قالبا.‏ لم تكن هذه المهمة سهلة قط.‏ فقد كان عليهن استعمال نسب محدَّدة عند خلط الاسمنت بحيث لا يبقى الطوب رطبا جدا فينكسر عند اخراجه من القالب.‏

أما الاخوة فقد كان بعضهم ينهي عمله الدنيوي ويتجه فورا لحراسة الموقع ليلا.‏ وعمل آخرون مع الخدام الأمميين فتعلّموا مهارات نافعة في البناء.‏ يتذكر هرينيراين پرْسود،‏ احد الاخوة الشبان:‏ «طُلب مني تركيب قطع خشبية على عتبة احدى النوافذ،‏ عمل لم يسبق لي ان قمت به.‏ فاستمررت في المحاولة حتى اتقنت المهمة.‏ وحين عاين الناظر عملي،‏ بدا انه راض وقال لي:‏ ‹عليك الآن ان تركّب هذه القطع على عتبات كل نوافذ الفرع›».‏ واليوم،‏ يساهم هذا الاخ في مشاريع بناء قاعات الملكوت ويعلّم اخوة آخرين المهارة التي تعلّمها.‏

كما احتاج الاخوة الى مساعدة السلطات الحكومية نظرا الى ضرورة استيراد بعض مواد البناء.‏ لذلك زار رسميون كثيرون موقع البناء،‏ بمن فيهم الرئيس فوربس ل.‏ بيرنهام وأعوانه.‏ فأُعجب الجميع ببراعة العمل.‏ علّق احد النجّارين:‏ «انتم تقومون بعمل من الدرجة الاولى».‏ وفي ١٤ كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٨٨،‏ ألقى خطاب التدشين دون آدمز،‏ ممثّل لبروكلين كان يخدم كناظر اقليم.‏

وفي ١٢ شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠١،‏ استعدّ الاخوة مجددا للبناء ولكن في موقع جديد هذه المرة.‏ وعمل في المشروع مرة اخرى الخدام الامميون والاخوة المحليون.‏ ويوم السبت في ١٥ شباط (‏فبراير)‏ ٢٠٠٣،‏ ألقى خطاب التدشين ريتشارد كِلْسي من فرع المانيا امام ٣٣٢ شخصا.‏

حضر برنامج التدشين ايضا الكثير من المرسلين الاوائل الذين لم يرجع بعضهم الى غويانا طوال عقود.‏ وفي يوم الاحد،‏ عُقد اجتماع خاص حضره ٧٥٢‏,٤ شخصا من ١٢ بلدا،‏ اي اكثر من ضعف عدد الناشرين في ذلك البلد.‏

عقد المحافل يتطلب سعة الحيلة

غالبا ما كان الاخوة يعقدون المحافل الدائرية وأيام المحافل الخصوصية في مبانٍ مستأجَرة.‏ أما في المناطق الريفية،‏ فكانوا يبنون مكان الاجتماع هم بأنفسهم.‏ يقول توماس ماركڤيتش الذي خدم في غويانا من سنة ١٩٥٢ حتى سنة ١٩٥٦:‏ «كنا نعقد المحفل في منطقة على نهر ديميرارا تبعد نحو ٤٠ ميلا [٦٠ كيلومترا] عن جورجتاون.‏ وبما ان مئتَي شاهد تقريبا من المدينة ارادوا حضور المحفل ليدعموا الاخوة المحليين،‏ قررنا ان نبني قاعة محافل مؤقتة باستعمال المواد المتوفرة،‏ اي الخيزران لتركيب الدعامات والمقاعد وأوراق الموز لسقف القاعة.‏

‏«جمعنا المواد ووضعناها في عربة قطار صغيرة وسرنا بها على منحدر.‏ ولكن من المؤسف اننا فقدنا السيطرة على العربة عند احد المنعطفات،‏ فمالت ووقعت كل حمولتها في النهر.‏ لكننا فرحنا حين رأينا المواد تنجرف مع تيار النهر لتصل الى موقع البناء!‏ وعندما بدأ المحفل،‏ فرح الاخوة الضيوف بانضمام مئات القرويين اليهم لحضور البرنامج الذي دام ثلاثة ايام».‏

يضيف توماس:‏ «بعد المحفل،‏ كرزنا في مقاطعة مجاورة غير معيّنة.‏ وفي احدى القرى،‏ ألقينا خطابا عاما حضره كل السكان.‏ ومن الطريف ان احد القرويين احضر معه سعدانا استمع للخطاب فترة من الوقت ثم قرّر ان يغيّر مكانه.‏ فقفز عدة قفزات واستقر على كتفي.‏ وكم شعرت بالراحة حين تفحّص المكان حوله بسرعة ووثب عائدا الى صاحبه!‏».‏

المحافل

في بدايات القرن العشرين،‏ كانت التجمعات الكبيرة تُعقد عادة في وقت يتزامن مع زيارة ممثّلين من المركز الرئيسي العالمي،‏ مثل الاخ كَوِرْد والاخ يونڠ.‏ وفي سنة ١٩٥٤،‏ جاء ناثان نور ومِلتون هنشل الى غويانا لحضور محفل «مجتمع العالم الجديد» الذي حضره ٧٣٧‏,٢ شخصا.‏

بعد مرور عشرات السنين على ذلك المحفل،‏ عُقد سنة ١٩٩٩ محفلان في جورجتاون وفي بيربيس حضرهما اكثر من ١٠٠‏,٧ مندوب.‏ واجه الاخوة بعض المشاكل قبل عقد المحفل في جورجتاون اذ اضطروا الى القيام ببعض التغييرات المهمة في اللحظة الاخيرة.‏ يذكر الفرع:‏ «حضر من الهند نجم سينمائي مشهور مع فرقته الراقصة.‏ ورغم اننا حجزنا المكان اولا،‏ قرّرت لجنة الحديقة الوطنية انها لا تستطيع تأجيل تقديم استعراضه المسرحي الى يوم آخر.‏

‏«وجدنا فورا موقعا آخر:‏ ملعب الكريكيت.‏ وأعلمنا الجماعات بالتغيير اذ لم يكن قد تبقّى لموعد انعقاد المحفل سوى ثمانية ايام.‏ لكنّ المشاكل لم تنتهِ.‏ ففي منطقة البحر الكاريبي،‏ يقدّر السكان لعبة الكريكيت كثيرا ويعتبرون ملاعبها شبه مقدسة.‏ لذلك كان المشي على العشب في الملعب فكرة لم توافق عليها الادارة قط.‏ ولكن كيف سنعرض المسرحية؟‏ وأين سنضع خشبة المسرح؟‏

‏«بالرغم من هذه المشاكل،‏ استمررنا في العمل واثقين ان يهوه سيساعدنا.‏ وهذا تماما ما فعله.‏ فقد سُمح لنا باستعمال المنطقة العشبية شريطة ان نضع خشبة المسرح والممر المؤدي اليها على ارتفاع معين فوق الارض.‏ فانكبّ الجميع على العمل حتى خلال الليل.‏ وبالرغم من الطقس الماطر خلال معظم تلك الفترة وكل الصعوبات الاخرى،‏ بدأ البرنامج في وقته المحدّد تقريبا.‏

‏«لم يحدث ما يعيق سير المحفل حتى انها لم تمطر خلال اليومين الاولين.‏ ولكن في صباح يوم الاحد،‏ استيقظنا على صوت المطر.‏ وسرعان ما غمر الماء ارض الملعب وبلغ ارتفاعه إنشَين [٥ سنتيمترات] تحت خشبة المسرح والممر المؤدي اليها.‏ لكنَّ هطول المطر توقف قبل لحظات من ابتداء برنامج المحفل.‏ ولحسن التوفيق،‏ لم تكن الاسلاك الكهربائية ممدودة على الارض بل معلّقة بالألواح الخشبية.‏ وهكذا كان بناء خشبة مسرح مرتفعة عن الارض نعمة في ثوب نقمة!‏».‏

تمتع ٠٨٨‏,٦ شخصا بحضور المسرحية تحت اشعة الشمس المشرقة.‏ وبعد اسبوعين،‏ حضر ٠٣٨‏,١ شخصا محفلا ثانيا في بيربيس.‏ وقد بلغ مجموع الحضور ١٢٦‏,٧ شخصا،‏ عدد لم يسبق ان سُجِّل من قبل في غويانا.‏ ولكن في السنوات الاخيرة،‏ يبلغ مجموع الحضور ٠٠٠‏,١٠ شخص تقريبا.‏

رجاء ساطع للمستقبل

شاهد حزقيال في رؤيا مسيل ماء يتدفق من هيكل يهوه المسترد والممجّد.‏ وهذا المسيل،‏ الذي اخذ يتسع ويعمق الى ان «تضاعف منسوبه»،‏ جعل الحياة تدبّ حتى في البحر الميت المالح العديم الحياة.‏ —‏ حزقيال ٤٧:‏١-‏١٢‏.‏

فيما تتقدم العبادة النقية منذ سنة ١٩١٩،‏ يلمس شعب اللّٰه اتمام هذه النبوة.‏ واليوم،‏ يطفئ نهر حقيقي من التدابير الروحية —‏ الكتب المقدسة،‏ المساعِدات على درس الكتاب المقدس،‏ الاجتماعات،‏ والمحافل —‏ الظمأ الروحي لملايين الاشخاص حول العالم.‏

يعتبر شهود يهوه في غويانا مساهمتهم في اتمام هذه النبوة امتيازا.‏ وهم مستمرون في استعمال الانهر الحرفية ليزوّدوا كل الذين «قلوبهم مهيأة للحياة الابدية» بالطعام الروحي المانح للحياة اينما كانوا يعيشون في «ارض المياه».‏ —‏ اعمال ١٣:‏٤٨‏.‏

‏[الحاشية]‏

^ ‎الفقرة 8‏ عندما نالت غويانا البريطانية استقلالها في ايار (‏مايو)‏ ١٩٦٦،‏ أُطلق على البلاد اسم غويانا.‏ وسنستعمل هذا الاسم إلا اذا اقتضى السياق غير ذلك.‏

‏[الاطار في الصفحة ١٤٠]‏

لمحة عن غويانا

اليابسة:‏ يتكون سهل غويانا الساحلي من تربة تُرسِّبها مياه الانهر،‏ وينخفض في معظمه عن مستوى سطح البحر.‏ وتساهم الحواجز الممتدة على مسافة ٢٣٠ كيلومترا تقريبا في حماية السهل من مياه المحيط.‏ أما الغابات فتغطي ٨٠ في المئة تقريبا من سطح البلاد،‏ بما في ذلك الاراضي الجبلية الداخلية التي تنبع منها معظم انهار غويانا.‏

الشعب:‏ ان نصف سكان غويانا تقريبا يتألفون من الهنود الشرقيين،‏ وأكثر من ٤٠ في المئة من السود الذين أُحضر اجدادهم من افريقيا او من ذوي العرق المختلط،‏ و ٥ في المئة تقريبا يتألفون من الهنود الاميركيين.‏ ويعتنق ٤٠ في المئة من السكان المسيحية،‏ ٣٤ في المئة الهندوسية،‏ و ٩ في المئة الاسلام.‏

اللغة:‏ الانكليزية هي اللغة الرسمية.‏ ويتكلم السكان في كل انحاء البلد اللغة الكرييولية.‏

سبل العيش:‏ يعمل نحو ٣٠ في المئة من السكان في الزراعة.‏ ويمارس آخرون مهنا متنوعة مثل الصيد،‏ قطع الاخشاب،‏ والتعدين.‏

الطعام:‏ تتكون المحاصيل الرئيسية من الارزّ،‏ الكاكاو (‏او حبوب الكاكاو)‏،‏ الحمضيات،‏ جوز الهند،‏ البن،‏ الذرة الصفراء،‏ المنيهوت،‏ والسكر،‏ بالاضافة الى فواكه وخضار مدارية اخرى.‏ أما الحيوانات التي تُربّى من اجل الطعام فتشمل الابقار،‏ الخنازير،‏ الدجاج،‏ والخراف.‏ كما يتكون الطعام البحري بشكل رئيسي من السمك والقريدس.‏

المناخ:‏ مناخ غويانا مداري لكنه يتغير قليلا من موسم الى آخر.‏ وتتراوح نسبة الامطار في المنطقة الساحلية بين ١٥٠ و ٢٠٠ سنتيمتر في السنة.‏ ومع ان غويانا تقع قرب خط الاستواء،‏ فهي تتمتع بمناخ معتدل بسبب هبوب الرياح التجارية باستمرار من المحيط الاطلسي.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحات ١٤٣-‏١٤٥]‏

لم يستطع احد ردعه عن الكلام

مالكوم هول

تاريخ الولادة:‏ ١٨٩٠

تاريخ المعمودية:‏ ١٩١٥

لمحة عن حياته:‏ وُلد في جزيرة لايڠوان.‏ وكان بين اول الذين كرزوا بالبشارة في تلك المنطقة.‏ كما اهتم بالفريق الذي تشكّل هناك.‏

القصة كما روتها ايڤون هول،‏ حفيدة اخي مالكوم هول الاكبر.‏

ذات مرة،‏ سأل احد الضباط عمي مالكوم:‏ «أصحيح انك لا تنتخب؟‏ اذا كان الامر كذلك،‏ فسنسجنك ونصادر كتابك المقدس».‏ فنظر اليه عمي وقال له:‏ «ولكنك لن تقدر ان تمنعني عن التكلم بالحق الذي طالما اخفاه عنكم قادتكم الدينيون».‏ فلم يستطع الضابط ان يجيب عمي بشيء وقال له:‏ «سأتدبّر امرك لاحقا».‏

اعتمد عمي سنة ١٩١٥ وكان بين اول الذين كرزوا بالملكوت في غويانا.‏ قال عنه احد الاخوة:‏ «كان محاربا حقيقيا من اجل الحق».‏ تعرّف عمي الى حق الملكوت في جورجتاون حيث كان يعيش ويعمل.‏ وبعد ان سمع خطابا عاما واحدا فقط في سومرست هاوس،‏ أدرك انه وجد الحق.‏ حتى انه تحقّق من كل الآيات في كتابه المقدس حين رجع الى بيته.‏

بعد ذلك،‏ رجع الى لايڠوان وبدأ يشهد للناس فورا.‏ ومن اول الاشخاص الذين قبلوا رسالة الملكوت اختاه وعدد من اولاد اخيه الاكبر.‏ فأسّس هؤلاء الاشخاص فريقا صار يجتمع في بيت عمي.‏

في تلك الايام الباكرة،‏ كان رجال الدين يسيطرون على سكان الجزيرة بقبضة من حديد.‏ لذلك كان من الصعب جدا ان يتجاوب الناس مع البشارة.‏ وكان رجال الدين يلقّبون عمي بـ‍ «مجنون الكتاب المقدس».‏ إلّا ان ذلك لم يخمد غيرته.‏ على سبيل المثال،‏ كان عمي يضع الفونوڠراف في شرفة بيته الامامية ايام الآحاد صباحا ويذيع محاضرات الكتاب المقدس المسجَّلة عليه.‏ فيقف الناس على الطريق لكي يستمعوا الى هذه المحاضرات.‏

بمرور الوقت،‏ قدّر البعض البشارة وتجاوبوا معها.‏ واتضح هذا بشكل خصوصي ليلة الذِّكرى حين غصّ الطابق العلوي في بيت عمي بالناس.‏ وكان عمي هو العريف والخطيب والشخص الوحيد الذي تناول الرمزين.‏ وقد انخرط احد تلامذة عمي للكتاب المقدس،‏ ليروي دِنبو،‏ في خدمة الفتح وخدم كناظر دائرة فترة من الوقت.‏

بعد ان استقال عمي من عمله الدنيوي كضابط مسؤول عن الامور المالية في احد المراكب في نهر ايسيكيبو،‏ انخرط في خدمة الفتح وكرز في جزيرتي لايڠوان وواكينام.‏ كان يبدأ يومه في الساعة الرابعة والنصف صباحا بحلب البقرات والاهتمام بالخنازير التي كان يملكها.‏ ونحو الساعة السابعة والنصف،‏ كان يستحم،‏ يقرأ الآية اليومية ومقطعا من الكتاب المقدس،‏ يتناول الفطور،‏ ثم يستعد للذهاب الى الخدمة.‏ وأنا لا ازال اتذكر كيف كان ينفخ الهواء في اطار دراجته قبل ان ينطلق مجتازا مسافة ٢٠ كيلومترا على الاقل كل يوم.‏

أنهى عمي مسلكه الارضي في ٢ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٨٥ بعد ان خدم يهوه بأمانة طوال ٧٠ سنة تقريبا.‏ وخلال كل تلك الفترة،‏ لم يستطع احد ردعه عن الكلام.‏ واليوم توجد جماعة في جزيرة لايڠوان وأخرى في جزيرة واكينام.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحات ١٥٥-‏١٥٨]‏

الاجابة عن اسئلة الطفولة غيّرت حياتي

ألبرت سمول

تاريخ الولادة:‏ ١٩٢١

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٤٩

لمحة عن حياته:‏ باشر عمل الفتح سنة ١٩٥٣.‏ حضر مع زوجته شيلا مدرسة جلعاد سنة ١٩٥٨ وأُعيد تعيينه في غويانا.‏

لطالما رُدِّدت على مسامعي في صغري هذه الكلمات:‏ «اللّٰه هو الذي خلقك».‏ لذلك عندما قالت لي امي انني الاسوأ بين اولادها الاربعة،‏ فكّرتُ ان اللّٰه خلق ثلاثة اولاد صالحين وواحدا سيّئا.‏

حين كنت في العاشرة من عمري تقريبا،‏ سألت المعلّم في مدرسة الاحد:‏ «من خلق اللّٰه؟‏».‏ فلم يجبني.‏ وعلى غرار معظم الناس في تلك الايام،‏ حين اصبحت في سنٍّ تمكنني من الانضمام الى كنيسة،‏ انتميت الى الكنيسة المشيخية.‏ مع ذلك،‏ لم احصل على اجوبة عن الاسئلة التي حيَّرتني.‏ مثلا،‏ كنا ننشد في الكنيسة ترتيلة يقول احد المقاطع فيها:‏ «الغني في القلعة والفقير عند الباب.‏ الرِّفعة للغني والضِّعة للفقير؛‏ واللّٰه قدّر منزلة كلٍّ منهما».‏ فكنت اتساءل:‏ «هل حقا ‹قدّر اللّٰه منزلة كلٍّ منهما›؟‏».‏ وذات مرة،‏ سألت قسّا:‏ «اذا كان اللّٰه هو مَن خلق آدم وحواء،‏ فمن اين اتت العروق المختلفة؟‏».‏ فأجابني باختصار ان الرواية في التكوين اسطورة.‏

اثناء الحرب العالمية الثانية،‏ طُلب منا الصلاة من اجل الجنود البريطانيين.‏ ورغم انني اقتنعت اخيرا ان تعاليم كنيستي تتعارض مع ما قرأته في الكتاب المقدس،‏ لم اعرف الى اية كنيسة يجب ان انتمي.‏ لذا بقيت في كنيستي.‏ وحين بلغت الـ‍ ٢٤ من عمري،‏ تزوجت شيلا.‏

ذات يوم وبعد ان عدت من الكنيسة الى البيت،‏ زارنا واحد من شهود يهوه.‏ كنا نلقّب الشهود آنذاك بالكنيسة التي لا تعلّم نار الهاوية.‏ ولم اكن أُبدي اي اهتمام بهم.‏ كانوا يعقدون اجتماعاتهم في بيوت خاصة ولا يلبسون الزيّ الاكليريكي.‏ وكنت مقتنعا آنذاك ان اللّٰه يهتم بي بسبب بعض الامور التي حصلت في حياتي،‏ بما في ذلك زواجي من امرأة رائعة.‏

عرّف الشاهد باسمه:‏ نِسيب روبنسون.‏ فقلت له فيما كنت اصلح اطار دراجتي:‏ «هذا الاطار مثقوب.‏ إذا كنت مسيحيا،‏ فساعدني على اصلاحه».‏ ثم تركته فجأة ودخلت الى البيت.‏ وفي الاسبوع التالي فيما كنت أهمّ بمغادرة البيت في طريقي الى الكنيسة حاملا كتابي المقدس،‏ رأيت نِسيب يصعد الدرج.‏ قلت له:‏ «انا لست مهتما بدينكم.‏ يمكنك التحدُّث الى زوجتي،‏ انها في الداخل».‏ وذهبت الى الكنيسة.‏

ندمتُ على ما قلته لنِسيب.‏ ففي الكنيسة وعوض الاصغاء الى القسّ،‏ كنت افكّر:‏ «اذا استرسل السيد روبنسون وزوجتي في الكلام،‏ فلن تتمكن من تحضير الحساء اللذيذ الذي تعدّه كل يوم أحد».‏ ولكن لم يكن من داعٍ للقلق.‏ فقد وجدتُ الحساء جاهزا حين عدت الى البيت.‏ وإذ تملّكني الفضول لمعرفة ما حدث،‏ سألت شيلا:‏ «هل تحدّثت مع ذلك الرجل الذي يُدعى روبنسون؟‏».‏ فأجابت:‏ «نعم.‏ لقد جلس وتحدّث إليّ فيما كنت اطبخ».‏

لم يمضِ وقت طويل حتى قبلت شيلا درسا في الكتاب المقدس.‏ كما أنجبت طفلنا الاول الذي وُلد ميتا.‏ فسألت السيد روبنسون عن سبب حدوث مثل هذه الامور.‏ فأجابني ان اللوم لا يقع على اللّٰه بل على عصيان آدم وحواء والنقص الذي ورثناه منهما.‏ فاقتنعت بهذا الجواب.‏

غالبا ما كان نِسيب يزورني في مشغل الاثاث الخاص بي.‏ وكنا نتكلم عادة عن عملي.‏ ولكن بطريقة ما،‏ كان نِسيب يذكر لي فكرة من الكتاب المقدس قبل ان يغادر.‏ وبمرور الوقت،‏ قلّت احاديثنا عن الاثاث وصرنا نتحدث اكثر عن كلمة اللّٰه.‏ ذات يوم،‏ قرّرت ان اطرح عليه سؤالا من الاسئلة التي اقلقتني طوال حياتي ظنا مني انها ستوقعه في حيرة.‏ فالقساوسة انفسهم لم يعرفوا الاجوبة.‏

فطرحت عليه سؤالي الاول:‏ «من خلق اللّٰه؟‏»،‏ وأصررت ان يجيبني من الاسفار المقدسة.‏ فقرأ لي المزمور ٩٠:‏٢ الذي يقول:‏ «مِن قبل ان تولَد الجبال،‏ او انشأت الارض والمعمورة،‏ من الدهر الى الدهر انت اللّٰه».‏ ونظر إليّ قائلا:‏ «هل ترى ماذا تقول؟‏ لا احد خلق اللّٰه.‏ انه موجود دائما».‏ أدهشتني هذه الاجابة الواضحة والمنطقية.‏ فبدأت اطرح عليه كل الاسئلة التي دارت في رأسي طوال سنوات.‏ وأجوبة نِسيب المؤسسة على الاسفار المقدسة،‏ وخصوصا المتعلقة بقصد اللّٰه ان يجعل الارض فردوسا،‏ ادخلت الفرح الى قلبي،‏ فرحا لم اشعر بمثله قط.‏

تأثّرت كثيرا بزيارتي الاولى الى قاعة الملكوت.‏ فقد دُهشت حين رأيت الحضور يشاركون في الاجتماع،‏ امر لم اره قط في الكنيسة.‏ فأخبرت زوجتي،‏ التي لم تكن قد حضرت اجتماعا بعد آنذاك،‏ بما رأيته.‏ فقالت لي:‏ «لنذهب معا».‏ ونحن لا نزال نذهب معا الى الاجتماعات منذ ٥٥ سنة!‏

اعتمدتُ انا وشيلا في المحيط الاطلسي سنة ١٩٤٩.‏ وبدأت بعمل الفتح سنة ١٩٥٣.‏ بعد سنتين،‏ انضمت إليّ شيلا في الخدمة كامل الوقت التي استمرّت ٥٠ سنة.‏ وفي سنة ١٩٥٨،‏ دُعينا الى حضور الصف الـ‍ ٣١ من جلعاد وأُعيد تعييننا في غويانا.‏ خدمنا ايضا في العمل الجائل طوال ٢٣ سنة ثم عُيِّنا فاتحَين خصوصيَّين.‏ ونحن لا نزال نتمتع بامتياز الخدمة هذا حتى اليوم.‏ حقا،‏ انا اشكر يهوه لأنه زوّدني بأجوبة عن الاسئلة التي حيّرتني منذ طفولتي،‏ ولأنه سمح لنا انا وزوجتي ان نخدمه.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحات ١٦٣-‏١٦٦]‏

‏«هأنذا أرسلني»‏

جوسلين راماليو (‏روتش سابقا)‏

تاريخ الولادة:‏ ١٩٢٧

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٤٤

لمحة عن حياتها:‏ أمضت ٥٤ سنة في الخدمة كامل الوقت،‏ بما في ذلك خدمة العمل الجائل مع زوجها.‏

وُلدتُ في جزيرة نيڤس الكاريبية.‏ كانت أمي امرأة متوحدة تنتمي الى الكنيسة المنهجية وتعمل في مجال التمريض.‏ وقد علّمتني ان أومن باللّٰه.‏ وبسبب طبيعة عملها،‏ انتقلنا الى قرية صغيرة في الجزيرة.‏ فذهبنا يوم الاحد التالي الى الكنيسة المنهجية في القرية وجلسنا على احد المقاعد.‏ ولكن بعد دقائق،‏ طُلب منا الجلوس في مكان آخر لأن «اصحاب» المقعد الذي نجلس عليه وصلوا الى الكنيسة.‏ ورغم ان عضوا آخر في الكنيسة سمح لنا بلطف ان نجلس على «مقعده»،‏ قرّرت أمي اننا لن نعود ابدا الى تلك الكنيسة.‏ وانضممنا عوض ذلك الى الكنيسة الانڠليكانية.‏

في اوائل اربعينات القرن العشرين،‏ التقت أمي اثناء زيارتها احدى صديقاتها شاهدة من سانت كيتس وحصلت منها على بعض المطبوعات.‏ وبما ان أمي كانت تحب المطالعة،‏ قرأت المطبوعات بنهم وأدركت انها وجدت الحق.‏ بُعيد ذلك تزوّجت أمي وانتقلنا جميعا الى ترينيداد حيث كانت مطبوعاتنا محظورة آنذاك.‏ لكننا تمكنّا من حضور الاجتماعات في قاعة الملكوت.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى قطعت أمي علاقتها بالكنيسة الانڠليكانية وبدأت تخدم يهوه مع زوجها جيمس هانْلي.‏

التقيتُ في ترينيداد اختا شابة تُدعى روز كوفي.‏ لم ادرك آنذاك ان روز ستصبح بعد ١١ سنة احدى رفيقاتي في العمل الارسالي.‏ في تلك الاثناء،‏ كانت رغبتي في خدمة يهوه تزداد باستمرار.‏ ولا ازال اتذكر المرة الاولى التي ذهبت فيها الى الخدمة بمفردي.‏ فحين فتح لي اول شخص الباب،‏ لم استطع ان انبس بكلمة.‏ ووقفت هناك فترة بدت لي دهرا الى ان فتحت كتابي المقدس وقرأت منه دانيال ٢:‏٤٤ ثم غادرت فورا.‏

بدأت بعمل الفتح سنة ١٩٥٠.‏ وبعد اكثر من سنتين تقريبا،‏ فرحت بتسلّم دعوة الى حضور الصف الـ‍ ٢١ لجلعاد.‏ ثم عُيِّنت للخدمة في غويانا مع فلورنس توم التي جاءت اصلا من غويانا وليندور لوراي التي كانت رفيقتي في الغرفة.‏ وصلنا هناك في تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٥٣ وعُيِّنا في سكلدون،‏ مدينة تبعد نحو ١٨٠ كيلومترا عن جورجتاون قرب مصبّ نهر كورانتان،‏ حيث كان الفريق المنعزل ينتظرنا بتوق.‏

كان معظم سكان سكلدون من الهنود الشرقيين ويعتنقون الهندوسية او الاسلام.‏ وكان الكثيرون منهم أميّين.‏ لذلك حين كنا نشهد لهم،‏ كانوا عادة يجيبون:‏ «هلّا تكلمتِ بوضوح اكثر يا اختاه او هلّا استعملتِ كلمات بسيطة؟‏».‏ في البداية،‏ حضر ٢٠ الى ٣٠ شخصا الاجتماعات.‏ إلّا ان هذا العدد تناقص حين اقتصر الحضور على المهتمين فعلا.‏

ثمة سيدة أحرزت تقدما جيدا حتى انها ارادت الاشتراك في خدمة الحقل.‏ ولكن حين ذهبتُ الى بيتها لاصطحابها في الوقت المحدّد،‏ وجدت في انتظاري ابنها البالغ من العمر ١٤ سنة الذي كان مستعدا ومتلهفا للذهاب معي.‏ قالت لي أمّه:‏ «آنسة روتش،‏ بإمكانك أخذ فردريك بدلا مني».‏ علمنا لاحقا ان هذه المرأة تعرّضت للضغط من والدها الذي كان انڠليكانيا متعصبا.‏ لكنّ ابنها فردريك مَكالمَن احرز تقدما روحيا رائعا وحضر في وقت لاحق مدرسة جلعاد.‏ —‏ انظر الاطار في الصفحة ١٧٠.‏

أُعيد تعييني بعد ذلك في منطقة هنرييتا المنعزلة حيث كان يعيش اخ واحد فقط.‏ وكانت جماعة شاريتي تهتم بتلك المنطقة آنذاك.‏ كنا نمضي انا وروز كوفي،‏ رفيقتي الجديدة في عمل الفتح التي ورد ذكرها سابقا،‏ اربعة ايام من كل اسبوع في هنرييتا.‏ وفي كل يوم جمعة،‏ كنا نغادر البيت باكرا على دراجتينا ونسير اكثر من ٣٠ كيلومترا على الطرقات المغبرة لنحضر الاجتماعات في شاريتي.‏ وكنا نأخذ معنا طعاما،‏ ملاءات،‏ اغطية،‏ وناموسيات.‏

وعلى طول الطريق،‏ كنا نشهد للناس ونتوقف لتشجيع بعض الناشرين المنعزلين وأخت خاملة وندرس معهم برج المراقبة.‏ وفي ايام الآحاد في هنرييتا،‏ كنا نعقد درس برج المراقبة كفريق مع تلاميذنا.‏ لم نتعرّض قط خلال رحلاتنا لأي حادث خطير بل اقتصر الامر من حين الى آخر على ثقب في الاطار او التبلّل بالمطر.‏

كنا نشعر بالفرح على الدوام.‏ فذات يوم قالت لنا امرأة:‏ «انتما دائما سعيدتان.‏ لا يبدو ان شيئا يزعجكما».‏ وما زاد من فرحنا الخدمة المثمرة التي باركنا بها يهوه.‏ حتى تلك الاخت الخاملة التي كنا نزورها استعادت نشاطها في خدمة يهوه.‏ وهي لا تزال امينة بعد ٥٠ سنة تقريبا.‏

في ١٠ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٥٩،‏ تزوجت اخا فاتحا يُدعى ايمانويل راماليو.‏ وخدمنا معا في سودي التي تقع على بعد ٢٣ كيلومترا جنوب هنرييتا.‏ وهناك اصبحت حبلى،‏ لكنني فقدت الطفل.‏ وقد ساعدني انشغالي في الخدمة على التغلب على هذه المحنة.‏ ورغم اننا رُزقنا لاحقا بطفلين،‏ تمكنّا من الاستمرار في خدمة الفتح.‏

تُوفّي ايمانويل سنة ١٩٩٥.‏ لقد خدمنا يهوه معا في مقاطعات كثيرة.‏ وواكبنا بعض الفرق الصغيرة التي اصبحت جماعات مزدهرة تجتمع في قاعات ملكوت خاصة بها ويخدم فيها شيوخ وخدام مساعدون.‏ كما خدمنا عشر سنوات في العمل الجائل.‏ صحيح انني افتقد ايمانويل كثيرا،‏ لكنّ الدعم الحبي من يهوه والجماعة هو مصدر تعزية كبير لي.‏

لقد تجاوب النبي اشعيا مع دعوة يهوه الى خدمته قائلا:‏ «هأنذا أرسلني».‏ (‏اشعيا ٦:‏٨‏)‏ وقد بذلنا انا وزوجي كل ما في وسعنا لنقتدي بالمثال الرائع لهذا النبي.‏ فعلى غرار اشعيا،‏ تحملنا اوقاتا عصيبة ومثبطة احيانا.‏ لكنّها لا تُقارن بالافراح والبركات التي حصلنا عليها.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحات ١٧٠-‏١٧٣]‏

عُيِّنتُ في بلدي الأم بعد التخرُّج من جلعاد

فردريك مَكالمَن

تاريخ الولادة:‏ ١٩٤٢

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٥٨

لمحة عن حياته:‏ بعدما تخرَّج من جلعاد،‏ أُعيد تعيينه في غويانا.‏ وهو يخدم الآن مع زوجته مارشاليند كفاتحَين عاديَّين.‏

حين كنتُ في الـ‍ ١٢ من عمري،‏ بدأتْ مرسلة تُدعى جوسلين روتش (‏الآن راماليو)‏ بدرس الكتاب المقدس مع أمي.‏ فكنت اشارك في المناقشات التي دارت بينهما.‏ ورغم ان أمي توقفت عن الدرس،‏ لم احجم انا عن ذلك وبدأت بحضور كل الاجتماعات.‏ وحين بلغت الـ‍ ١٤ من عمري،‏ كانت الاخت روتش ورفيقتاها المرسلتان روز كوفي وليندور لوراي يصطحبنني في الخدمة على دراجاتهن.‏ فأثرت فيّ روحهن الارسالية بشكل لم اتصوره آنذاك.‏

حين بدأت ادرس مع شهود يهوه،‏ كنت استعد في الوقت نفسه للتثبيت كأنڠليكاني.‏ ذات مرة،‏ حاول الكاهن ان يفسّر الثالوث.‏ فأصغيت اليه لبرهة ثم اوضحت له بصراحة انني لا اومن ان هذه العقيدة موجودة في الكتاب المقدس.‏ فأجابني:‏ «انا اعرف انك تقرأ كتبا تسمِّم الفكر.‏ فتوقَّف عن ذلك فورا.‏ يجب ان تؤمن بالثالوث».‏ ومذّاك،‏ لم ارجع قط الى الكنيسة الانڠليكانية بل تابعت درسي مع الشهود.‏ واعتمدت سنة ١٩٥٨.‏

في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٦٣،‏ تلقّيت دعوة من مكتب الفرع للانخراط في الفتح الخصوصي.‏ فقبلت الدعوة وعُيِّنت في جماعة فايرايش الواقعة على نهر كورانتان.‏ وقد خدمت هناك طوال سنة مع رفيقي والتر ماكبين وكرزنا للناس الموجودين على ضفاف النهر.‏ فساهم ذلك في إعدادنا لتعييننا التالي،‏ الخدمة في جماعة پَرَدايس التي ضمت حين وصلنا سنة ١٩٦٤ عشرة ناشرين فقط.‏ فخدمنا فيها اكثر من اربع سنوات ورأينا الجماعة تنمو لتضم في وقت لاحق ٢٥ ناشرا.‏

سنة ١٩٦٩،‏ دُعيت لحضور الصف الـ‍ ٤٨ لجلعاد.‏ وفي تلك السنة عينها،‏ سُررت عندما حللت ضيفا على عائلة بيت ايل في بروكلين لأتمكَّن من حضور محفل «السلام على الارض» الاممي.‏ وكم شعرت بانتعاش روحي حين التقيت الكثير من الاخوة والاخوات الامناء!‏ لن انسى ابدا الدعوة التي وجهها الي الاخ فردريك و.‏ فرانز،‏ احد اعضاء الهيئة الحاكمة،‏ لقضاء بعض الوقت في غرفته.‏ كانت الغرفة مليئة بالكتب حتى انني تساءلت اين يضع الاخ فرانز سريره!‏ وثمة تلميذ مجتهد لكلمة اللّٰه هو يوليسيز ڠلاس الذي كان احد اساتذتنا في جلعاد.‏ لا ازال اتذكر كلماته حين قال لي:‏ «ان الكتابة والتعليم الجيدين يقومان على الدقة،‏ الايجاز،‏ والوضوح».‏

لا بد لي ان اعترف انني تثبطت حين جرى تعييني في غويانا.‏ فهي بلدي الأم وأنا لا اعتبرها تعيينا اجنبيا.‏ لكن الاخ ڠلاس اخذني جانبا وساعدني ان ارى الامور من منظار آخر.‏ قال لي ان حضور جلعاد بحد ذاته هو امتياز عظيم وأن تعييني على الارجح سيكون في منطقة جديدة في غويانا.‏ وقد صحّ كلامه بالفعل اذ عُيِّنت في جماعة شاريتي الواقعة على نهر پوميرون.‏ وكان في الجماعة آنذاك خمسة ناشرين فقط.‏

لم تكن لدينا انا ورفيقي ألبرت تالبوت خبرة في قيادة الزوارق في الانهر.‏ وما كان تعلُّم ذلك بالامر السهل كما قد يظن البعض للوهلة الاولى.‏ فإن لم يأخذ المرء في الاعتبار تيارات الماء واتجاه الرياح،‏ يبقى الزورق في مكانه او يسير على غير هدى.‏ ولكن من المفرح اننا نلنا مساعدة كبيرة في هذا المجال.‏ ومن بين الاخوة البارعين الذين علّمونا اخت تقطن في تلك المنطقة.‏

طوال عشر سنوات،‏ كنا ننتقل من مكان الى آخر متّكلين على قوة عضلاتنا في تحريك المجاذيف.‏ ثم عرض احد السكان المحليين ان يبيع الجماعة محرّكا للقارب.‏ وإذ لم نكن نملك المال الكافي لشرائه،‏ فرحنا جدا حين ارسل لنا مكتب الفرع شيكا بالمبلغ المطلوب.‏ فمن الواضح ان جماعات كثيرة سمعت بحاجتنا وأرادت مساعدتنا.‏ وبمرور الوقت،‏ اشترينا قوارب اخرى وأطلقنا عليها كلها اسم المنادي بالملكوت.‏ ويلي الاسم رقم معيَّن بغية تمييز القوارب بعضها عن بعض.‏

عملت مع فاتحين وفاتحات كثيرين حتى التقيت اخيرا مارشاليند جونسون التي اصبحت رفيقة عمري.‏ كانت مارشاليند فاتحة خصوصية معيّنة في جماعة ماكنزي.‏ وكان والدها،‏ يوستس جونسون،‏ معروفا في غويانا اذ خدم كناظر دائرة طوال عشر سنوات تقريبا قبل وفاته.‏ نخدم انا ومارشاليند الآن كفاتحَين عاديَّين؛‏ ومجموع السنين التي قضيناها معا في الخدمة كامل الوقت هو ٧٢ سنة،‏ بما فيها ٥٥ سنة في العمل كفاتحين خصوصيين.‏ وخلال تلك الفترة،‏ رُزقنا بستة اولاد.‏

بارك يهوه ايضا جهودنا في الخدمة.‏ ففي اوائل سبعينات الـ‍ ١٩٠٠ مثلا،‏ التقينا اثناء خدمتنا في المناطق المحيطة بنهر پوميرون شابا يعمل خياطا.‏ قبِل هذا الشاب درسا في الكتاب المقدس وبرهن انه تلميذ جيد.‏ فحين شجعناه على تعلّم اسماء اسفار الكتاب المقدس،‏ حفظها كلها عن ظهر قلب خلال اسبوع واحد حتى انه حفظ ارقام صفحاتها!‏ وقد اعتنق الحق هو وزوجته وسبعة من اولادهما التسعة.‏ ونحن نخدم معا كشيخين في شاريتي.‏ حقا،‏ لو لم ترسم هؤلاء المرسلات الغيورات الاوائل مثالا رائعا في الخدمة،‏ لما اختبرت على الارجح مثل هذه البركات.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ١٧٦-‏١٧٧]‏

درستُ كلمة اللّٰه بالمراسلة

مونيكا فيتسالِن

تاريخ الولادة:‏ ١٩٣١

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٧٤

لمحة عن حياتها:‏ بسبب اقامتها في منطقة منعزلة،‏ درست كلمة اللّٰه بالمراسلة طوال سنتين ثم شهدت على نطاق واسع للهنود الاميركيين.‏ ولأنها فقدت بصرها منذ بضع سنوات،‏ تحفظ الآيات بغية استعمالها في الخدمة.‏

اقيم في واراموري،‏ محمية يقطنها الهنود الاميركيون وتقع على نهر موروكا في الجزء الشمالي الغربي من غويانا.‏ حين تعرّفت الى الحق في اوائل سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كانت جماعة شاريتي على نهر پوميرون الاقرب الى مكان سكني.‏ وكانت تبعد مسافة ١٢ ساعة بزورق شجري.‏

التقيت شهود يهوه فيما كنت اتسوق في احدى المرات في شاريتي.‏ وقدّم لي فردريك مَكالمَن مجلتي برج المراقبة و استيقظ!‏.‏ فقبلتهما ووضعتهما في خزانة بالبيت ونسيت امرهما طوال سنتين.‏ بعد ذلك،‏ مرضت ولزمت الفراش فترة من الوقت،‏ الامر الذي جعلني أُصاب باكتئاب شديد.‏ فتذكرت المجلتين وقرأتهما وأدركت فورا رنة الحق.‏

في ذلك الوقت تقريبا،‏ بدأ زوجي يوجين في البحث عن عمل وقرَّر الذهاب الى شاريتي.‏ وبما ان صحتي بدأت تتحسن،‏ رافقته الى هناك.‏ لكنَّ السبب الرئيسي لذهابي معه هو رغبتي في البحث عن شهود يهوه.‏ لكنني لم اضطر الى البحث كثيرا اذ طرقت احدى الشاهدات باب بيتنا.‏ فسألتها:‏ «هل انتِ واحدة من جماعة برج المراقبة؟‏».‏ وحين اجابت بأنها كذلك،‏ استفسرت منها عن الرجل الذي التقيتُه في السوق قبل سنتين.‏ فذهبتْ فورا تبحث عن فردريك مَكالمَن الذي كان يخدم في مقاطعة مجاورة مع فريق من الناشرين.‏

عندما عاد الاثنان معا،‏ اوضح لي الاخ مَكالمَن كيفية عقد درس في الكتاب المقدس باستخدام كتاب الحق الذي يقود الى الحياة الابدية.‏ فوافقت على ذلك.‏ ولأنني عدت مع زوجي الى مكان سكننا السابق،‏ بدأت ادرس بالمراسلة.‏ ودرست كتابين بهذه الطريقة:‏ كتاب الحق وكتاب ‏«امور لا يمكن ان اللّٰه يكذب فيها».‏ وبينما كنت ادرس كتاب الحق،‏ استقلت رسميا من الكنيسة الانڠليكانية وأصبحت ناشرة غير معتمدة.‏ فكتب لي الكاهن قائلا:‏ «لا تصغِ الى شهود يهوه.‏ ففهمهم للكتاب المقدس سطحي.‏ سأزوركِ وأناقش الامر معكِ».‏ لكنه لم يأتِ قط.‏

بما انني كنت الناشرة الوحيدة في المحمية،‏ نقلت المعرفة الجديدة التي حصلت عليها الى جيراني.‏ وأخبرت زوجي عنها الذي اعتمد بعد سنة من تاريخ معموديتي،‏ مما افرحني كثيرا.‏ واليوم يوجين هو واحد من الناشرين الـ‍ ١٤ في المحمية.‏

في السنوات الاخيرة،‏ فقدت بصري بسبب الزَّرَق وسدّ العين.‏ لذلك انا احفظ الآيات لكي استعملها في الخدمة.‏ لكنني اشكر يهوه لأنني ما زلت قادرة على خدمته حتى الآن.‏

‏[الاطار/‏الصور في الصفحات ١٨١-‏١٨٣]‏

اعطاني يهوه ‹ملتمس قلبي›‏

روبي سميث

تاريخ الولادة:‏ ١٩٥٩

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٧٨

لمحة عن حياتها:‏ وُلدتْ كواحدة من هنود الكاريب.‏ ولعبتْ دورا هاما في الكرازة بالبشارة في باراميتا،‏ محمية يعيش فيها الهنود الاميركيون في المنطقة الداخلية من غويانا.‏

عرفتُ شهود يهوه للمرة الاولى سنة ١٩٧٥ حين كنت في الـ‍ ١٦ من عمري.‏ فقد حصلتْ جدتي على نشرة من ابن زوجها وطلبت مني ان اترجمها لأنها لا تعرف الانكليزية.‏ دُهشتُ حين قرأت وعود الكتاب المقدس المذكورة في النشرة.‏ فملأت القسيمة وأرسلتها الى مكتب الفرع.‏ وحين تسلّمت المطبوعات،‏ درستها وبدأت اخبر الآخرين بالحقائق التي تعلَّمتها.‏ فتحدثت اولا الى جدتي وخالتي.‏ ولكن من المؤسف ان ابي لم يوافق على ما كنت اقوم به.‏

وسرعان ما انهمكت جدتي وخالتي في الشهادة.‏ فتجاوب معهما بعض القرويين الذين اصبحوا يأتون الى بيتنا ليتعلَّموا المزيد عن الكتاب المقدس.‏ في تلك الاثناء،‏ كلما قرأت الكتاب المقدس،‏ زادت قناعتي بضرورة صنع بعض التغييرات في حياتي لكي ارضي يهوه.‏ فقد كان عليّ ان اعترف لوالدي بسرقة غرض من مشغله وأن اتصالح مع اخي الاصغر.‏ فصلّيت كثيرا حتى تمكَّنت من فعل الامرين.‏

في غضون ذلك،‏ رتَّب مكتب الفرع ان يزور منطقتنا فاتح خصوصي اسمه شيك باكش.‏ لم يتمكن الاخ باكش من المكوث طويلا.‏ فصرنا نعقد الدرس بالمراسلة بمساعدة اخ آخر يُدعى يوستس سميث الذي اصبح لاحقا زوجي.‏

سنة ١٩٧٨،‏ ذهبت الى جورجتاون لحضور محفل «الايمان الظافر».‏ وما إن وصلت الى العاصمة حتى ذهبت الى مكتب الفرع لأعلمهم برغبتي في المعمودية.‏ فرتَّبوا ان يراجع معي ألبرت سمول الاسئلة التي يناقشها الشيوخ مع الراغبين في المعمودية.‏ وكم فرحت حين رجعت الى باراميتا وأنا خادمة ليهوه معتمدة!‏

كنت ممتلئة غيرة،‏ فانهمكت فورا في عمل الكرازة.‏ وقد اهتم كثيرون بالحق،‏ فطلبت من بعضهم بناء مكان بسيط للعبادة.‏ وكنت كل يوم احد اترجم برج المراقبة من الانكليزية الى لغة الكاريب في ذلك المكان.‏ لكن ابي قاوم نشاطاتي وأصرَّ على بقائي في البيت ايام الآحاد.‏ لذا كنت اسجّل المقالات سرًّا على كاسيت وأرسله مع احد اخوتي الى الاجتماع.‏ في ذلك الوقت،‏ كان هنالك نحو ١٠٠ شخص يحضرون الاجتماعات بانتظام.‏

بُعيد ذلك،‏ انتقلت عائلتنا الى جورجتاون لأسباب تتعلق بالعمل.‏ كما انتقلت جدتي الى قرية ماثيوز ريدج.‏ أمّا خالتي فبقيت في باراميتا لكنها توقفت عن الكرازة.‏ وهكذا توقف نشاط الملكوت في باراميتا فترة من الوقت.‏

في جورجتاون،‏ قابلت يوستس سميث شخصيا وتزوجنا بعيد ذلك.‏ ورغم ان يوستس لا يتكلم لغة الكاريب،‏ اردنا كلانا الذهاب الى باراميتا لتنمية اهتمام الناس بالحق.‏ وتحققت رغبتنا سنة ١٩٩٢.‏ فانهمكنا في الخدمة فور وصولنا ورتَّبنا لعقد الاجتماعات.‏ وسرعان ما اصبح عدد الحضور ٣٠٠ شخص تقريبا.‏

ورتَّبنا ايضا ان يُعقد صفّ لتعلُّم القراءة والكتابة بعد درس برج المراقبة.‏ وساهمت ابنتنا البكر يولاند في اعطاء الدروس رغم انها كانت ناشرة غير معتمدة وتبلغ من العمر ١١ سنة فقط.‏ واليوم،‏ تنهمك يولاند مع ابنتنا الثانية مليسّا في الفتح العادي.‏

سنة ١٩٩٣،‏ بارك يهوه باراميتا بقاعة ملكوت.‏ كما منحنا «عطايا في رجال» يتكلمون لغة الكاريب وقادرين على اخذ القيادة في الجماعة.‏ (‏افسس ٤:‏٨‏)‏ وهكذا تشكّلت في ١ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٦ جماعة باراميتا.‏ ويسرّني ان اقول ان الجماعة تضم امي،‏ جدتي،‏ وكل اشقائي تقريبا.‏ حقا لقد اعطاني يهوه ‹ملتمس قلبي›.‏ —‏ مزمور ٣٧:‏٤‏.‏

‏[الصورة]‏

انا ويوستس اليوم

‏[الجدول/‏الرسم البياني في الصفحتين ١٤٨-‏١٤٩]‏

غويانا —‏ نبذة تاريخية

١٩٠٠:‏ افراد يبدأون بقراءة ومناقشة برج مراقبة زيون ومطبوعات اخرى مؤسسة على الكتاب المقدس.‏

١٩١٠

١٩١٢:‏ إ.‏ ج.‏ كَوِرْد يلقي خطابات امام مئات الناس في جورجتاون ونيو امستردام.‏

١٩١٣:‏ استئجار غرفة في سومرست هاوس واستخدامها كمكان للاجتماع حتى سنة ١٩٥٨.‏

١٩١٤:‏ تأسيس اول مكتب فرع في جورجتاون.‏

١٩١٧:‏ الحكومة تحظر بعض المطبوعات بتحريض من رجال الدين.‏

١٩٢٢:‏ رفع الحظر ووصول جورج يونڠ.‏

١٩٤٠

١٩٤١:‏ فرض الحظر على برج المراقبة و التعزية (‏الآن استيقظ!‏‏)‏.‏

١٩٤٤:‏ فرض الحظر على جميع مطبوعات شهود يهوه.‏

١٩٤٦:‏ رفع الحظر في حزيران (‏يونيو)‏ ووصول اول المرسلين من جلعاد.‏

خمسينات القرن العشرين:‏ عرض فيلم مجتمع العالم الجديد وهو يعمل في كل انحاء غويانا.‏

١٩٦٠:‏ الفرع يشتري عقارا في جورجتاون.‏ واستعمال المجمَّع الموجود في هذا العقار كفرع وبيت للمرسلين.‏

١٩٦٧:‏ عدد الناشرين يتجاوز الـ‍ ٠٠٠‏,١.‏

١٩٧٠

١٩٨٨:‏ تدشين فرع جديد في نفس الموقع.‏

١٩٩٥:‏ الانتهاء من تشييد اول قاعة ملكوت بطريقة البناء السريع.‏

٢٠٠٠

٢٠٠٣:‏ تدشين الفرع الحالي في موقع جديد.‏

٢٠٠٤:‏ هنالك ١٦٣‏,٢ ناشرا نشيطا في غويانا.‏

‏[الرسم البياني]‏

‏(‏انظر المطبوعة)‏

مجموع الناشرين

مجموع الفاتحين

٠٠٠‏,٢

٠٠٠‏,١

١٩١٠ ١٩٤٠ ١٩٧٠ ٢٠٠٠

‏[الخرائط في الصفحة ١٤١]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)‏

غويانا

باراميتا

هاكنِي

شاريتي

هنرييتا

سودي

جورجتاون

ماهايكوني

سوسدايك

بارتيكا

ياروني

نيو امستردام

ماكنزي

ويسمار

سكلدون

بيربيس

اورييللا

ليتيم

ايسيكيبو

ديميرارا

بيربيس

كورانتان

فنزويلا

البرازيل

سورينام

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ١٣٤]‏

‏[الصورة في الصفحة ١٣٧]‏

إيڤاندر ج.‏ كَوِرْد

‏[الصورة في الصفحة ١٣٨]‏

مبنى سومرست هاوس في جورجتاون بغويانا حيث عُقدت الاجتماعات من سنة ١٩١٣ حتى سنة ١٩٥٨

‏[الصورة في الصفحة ١٣٩]‏

جورج يونڠ

‏[الصورة في الصفحة ١٤٦]‏

من اليسار:‏ فريدريك فيلپس،‏ ناثان نور،‏ ووليَم ترايسي سنة ١٩٤٦

‏[‏الصورة في الصفحة ١٤٧]‏

أُصدر هذا البلاغ في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٤٦ لينهي بشكل رسمي الحظر الذي فُرض على مطبوعاتنا في غويانا

‏[الصورة في الصفحة ١٥٢]‏

من اليسار:‏ ناثان نور،‏ روث ميلر،‏ مِلتون هنشل،‏ أليس ترايسي (‏ميلر سابقا)‏،‏ ودايزي وجون هيمَواي

‏[الصورة في الصفحة ١٥٣]‏

جون پونتينڠ

‏[الصورة في الصفحة ١٥٤]‏

جيرالدين وجيمس طومسون اللذان خدما في غويانا ٢٦ سنة

‏[الصورة في الصفحة ١٦٨]‏

فريق يشهد باستعمال قارب

‏[الصورة في الصفحة ١٦٩]‏

الكرازة على طول نهر موروكا بواسطة «المنادي بالملكوت ٣»‏

‏[الصورة في الصفحة ١٧٥]‏

جيري ودِلما موراي

‏[الصورة في الصفحة ١٧٨]‏

فردريك مَكالمَن ويوجين ومونيكا فيتسالِن يكرزون لرجل من الهنود الاميركيين يصلح زورقه

‏[الصورة في الصفحة ١٨٤]‏

المحفل الدائري في باراميتا سنة ٢٠٠٣

‏[الصور في الصفحة ١٨٥]‏

كثيرون يتجاوبون مع حق الكتاب المقدس في باراميتا

‏[الصورة في الصفحة ١٨٦]‏

الشهادة باستعمال زورق شجري

‏[الصورة في الصفحة ١٨٨]‏

شرلوك وجولييت پاهالان

‏[الصور في الصفحة ١٩١]‏

غويانا:‏ «مكان رائع للانهماك في عمل الفتح»‏

‏[الصورة في الصفحة ١٩٤]‏

قاعة ملكوت في اورييللا،‏ غويانا

‏[الصورة في الصفحة ١٩٧]‏

مكتب الفرع السابق في شارع ٥٠ بريكدام بجورجتاون الذي أُكمل سنة ١٩٨٧

‏[الصورة في الصفحة ١٩٩]‏

لجنة الفرع من اليسار الى اليمين:‏ إدسل هايزل،‏ ريكاردو هيندس،‏ وأدين سيلس

‏[الصورة في الصفحتين ٢٠٠،‏ ٢٠١]‏

فرع غويانا المشيَّد حديثا