الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

لاتفيا

لاتفيا

لاتفيا

ينتصب في شارع بْريڤيباس (‏شارع الحرية)‏ وسط ريغا عاصمة لاتفيا نصبُ الحرية التذكاري البالغ ارتفاعه ٤٢ مترا.‏ رُفع الستار عن رمز الحرية السياسية هذا سنة ١٩٣٥.‏ إلّا ان اللاتفيين يتمتعون منذ عشرينات القرن الماضي بنوع اسمى من الحريات:‏ الحرية التي تنجم عن معرفة حق الكتاب المقدس.‏ يذكر احد التقارير متحدثا عن هذه الحرية:‏ «يتلقى عامة الناس،‏ .‏ .‏ .‏ الرجال والنساء على حدّ سواء،‏ هذه الرسالة ودموع الفرح تترقرق في عيونهم».‏ غير ان الاعداء حاولوا طوال عقود وقف عمل المناداة بهذه الرسالة القيّمة،‏ وقد حققوا مقدارا من النجاح.‏ ولكن كما يُظهر التقرير نفسه،‏ ما من قوة على الارض يمكن ان تكبّل يد القادر على كل شيء او يد ابنه،‏ لأن سلطتهما تتجاوز كل الحدود السياسية.‏ —‏ رؤيا ١١:‏١٥‏.‏

من زمن الفرسان التيوتونيين الذين اسسوا ريغا سنة ١٢٠١ حتى حقبة الشيوعية السوفياتية،‏ غزت لاتفيا وسيطرت عليها قوى سياسية عديدة،‏ منها المانيا وبولندا وروسيا والسويد.‏ وفي سنة ١٩١٨،‏ اعلنت لاتفيا استقلالها للمرة الاولى.‏ ولكن سنة ١٩٤٠،‏ بسط الاتحاد السوفياتي سيطرته على هذا البلد.‏ وبقي الوضع على حاله لغاية سنة ١٩٩١،‏ حين استعادت لاتفيا استقلالها وباتت تُعرف باسم جمهورية لاتفيا.‏

غير ان الاستقلال السياسي لا يمنح الحرية الحقيقية.‏ فيهوه وحده قادر على تحرير البشر كاملا،‏ ووعده بالحرية هو احد الاوجه الرائعة لبشارة ملكوت اللّٰه.‏ (‏لوقا ٤:‏١٨؛‏ عبرانيين ٢:‏١٥‏)‏ فكيف وصلت البشارة الى لاتفيا؟‏ تبدأ قصتنا بصلاة البحَّار آنس إنسبرغ.‏

كتب آنس:‏ «فيما كنت في عرض البحر في احدى الليالي المرصعة بالنجوم،‏ سكبتُ قلبي امام الرب وطلبت منه ان يهديني الى الناس الذين يعبدونه بالروح والحق.‏ (‏يوحنا ٤:‏٢٤‏)‏ فقد رأيت الكثير من الرياء بين مرتادي الكنائس في بلدي لاتفيا ولم أرد الانضمام اليهم.‏ ثم في سنة ١٩١٤،‏ شاهدتُ في كليڤلنْد بولاية أوهايو الاميركية ‹رواية الخلق المصوَّرة› المؤسسة على الكتاب المقدس،‏ والتي اصدرها تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم،‏ كما دُعي شهود يهوه آنذاك.‏ وهكذا استُجيبت صلاتي ووجدت الحق اخيرا.‏ فاعتمدت في ٩ كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩١٦ وانخرطت في عمل الكرازة.‏ ولم اعُد ازاول عملي كبحار إلّا بشكل متقطع كلما احتجت الى المال».‏

بُعيد الحرب العالمية الاولى،‏ نشر آنس رسالة الملكوت على نطاق واسع في لاتفيا.‏ ووضع على نفقته الخاصة اعلانات تنادي بملكوت اللّٰه في الصحف اللاتفية.‏ نتيجة ذلك،‏ تعلم الحق استاذ متقاعد من عائلة كراستينيش.‏ وهذا الاستاذ هو على الارجح اول تلميذ للكتاب المقدس مقيم في لاتفيا ينذر حياته ليهوه.‏ وفي سنة ١٩٢٢،‏ انضم الاخ آنس الى العاملين في المركز الرئيسي العالمي لتلاميذ الكتاب المقدس في بروكلين بنيويورك.‏ وهناك،‏ صار يتردد على ارصفة الميناء بانتظام لنقل حق الكتاب المقدس الى البحَّارة.‏ وقد دعا آنس هذه الارصفة:‏ «منبري الجميل».‏ انهى الاخ آنس مسلكه الارضي في ٣٠ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٦٢.‏

سنة ١٩٢٥،‏ تأسس مكتب فرع في شمال اوروبا،‏ وتحديدا في كوبنهاغن بالدانمارك.‏ وقد اشرف هذا المكتب على العمل في ثلاث من دول البلطيق،‏ هي أستونيا ولاتفيا وليتوانيا،‏ بالاضافة الى الدانمارك والسويد وفنلندا والنَّروج.‏ وفي تموز (‏يوليو)‏ ١٩٢٦،‏ عُيِّن ريس تايلور من بريطانيا للاشراف على العمل في لاتفيا.‏ فأنشأ مكتبا في ريغا ونظّم محفلا صغيرا حضره ٢٠ شخصا.‏ وقد اشترك ١٤ منهم في اول حملة كرازية في البلد.‏ بعد فترة،‏ استحصل الاخوة من الشرطة على اذن بعقد اجتماعات عامة،‏ فسمع ٩٧٥ شخصا محاضرات الكتاب المقدس في ريغا ولييپايا ويلڠاڤا.‏ وقد أُلقيت هذه الخطابات بالالمانية،‏ اللغة الثانية للكثير من اللاتفيين.‏ وقد طلب عدد كبير من الحضور عقد المزيد من الاجتماعات.‏

‏«حرية للشعوب»‏

في ايلول (‏سبتمبر)‏ سنة ١٩٢٧،‏ اجتمع نحو ٦٥٠ مندوبا من أستونيا وإسكندينافيا ولاتفيا في كوبنهاغن للاصغاء الى جوزيف ف.‏ رذرفورد،‏ القادم من المركز الرئيسي العالمي،‏ وهو يلقي خطابا بعنوان:‏ «حرية للشعوب».‏ وفي السنة التالية،‏ تُرجم الى اللاتفية كراس يحمل العنوان نفسه،‏ وكان موزعو المطبوعات الجائلون (‏او الفاتحون)‏ في طليعة مَن وزّعوا هذا الكراس.‏

وكان بين هؤلاء الفاتحين الاوائل ١٠ اخوة على الاقل اتوا من المانيا الى لاتفيا للمساعدة في عمل الملكوت.‏ أحدهم هو يوهانس بِرڠِه الذي كان آنذاك في الثانية والعشرين من عمره.‏ كتب:‏ «كان إلقاء الخطابات العامة اول امر قام به الفاتحون حين وصلوا الى المدينة التي عُيِّنوا للخدمة فيها.‏ وهكذا قدَّمنا خطابات في كل مدن لاتفيا تقريبا.‏ كما استأجرنا صالة سينما في مدينة سلوكا،‏ وصرت خلال فصل الشتاء أُلقي خطابا في هذه الصالة كل يوم اثنين.‏ وكان الناس يأتون من اماكن بعيدة راكبين احصنتهم الصغيرة».‏ ثم أضاف الاخ يوهانس متذكرا تلك الايام الماضية:‏ «حصلتُ على امتيازات كبيرة في الخدمة رغم ثقافتي المحدودة».‏

سنة ١٩٢٨،‏ اشترك نحو ٤٠ مناديا بالملكوت في عمل الكرازة،‏ وكان ١٥ شخصا منهم معتمدين.‏ وفي سنة ١٩٢٩،‏ السنة التي انتقل فيها المكتب الى شارع شارلوتس في ريغا،‏ اعتمد ٩ اشخاص،‏ ووزّع الاخوة اكثر من ٠٠٠‏,٩٠ كتاب وكراس في خدمة الحقل.‏

كان الشاب فرديناند فروك وأمه إميلي قد اعتمدا في السنة السابقة،‏ اي سنة ١٩٢٧.‏ وبعد اربع سنوات،‏ وجد فرديناند رفيقه المستقبلي في عمل الفتح،‏ اثناء تقديمه الشهادة في احد الافران في بلدته الام لييپايا.‏ فعندما سمع الفرَّان ما يقوله فرديناند ركض مسرعا الى دكان الحلاقة المجاور الذي يملكه اخوه،‏ وقال له:‏ «هاينرخ،‏ تعال بسرعة!‏ ثمة رجل في فرني يقول اشياء لا تُصدَّق».‏ إلَّا ان الحلاق هاينرخ تْسيخ لم يستصعب تصديق حق الكتاب المقدس واعتمد بعد فترة وجيزة.‏ ثم انضم الى فرديناند في عمل الفتح،‏ فتنقلا معا على دراجتيهما من بلدة الى اخرى لإيصال رسالة الملكوت الى الناس.‏

المقاومة تبدأ

كان عدد الاخوة قليلا،‏ مع ذلك اثارت غيرتهم حفيظة رجال الدين.‏ حتى ان رجل دين بارزا في ريغا هدد بحرم كلّ مَن يحضر اجتماعات تلاميذ الكتاب المقدس.‏ وفي لييپايا،‏ أصدر رجال الدين منشورات تتهم الاخوة بأنهم لا يؤمنون بيسوع المسيح وتطلب من الناس عدم قبول اي مطبوعة من مطبوعاتهم.‏ فضلا عن ذلك،‏ استخدموا صحيفة بارزة تابعة للكنيسة للقدح في تلاميذ الكتاب المقدس.‏

وفي سنة ١٩٢٩،‏ خضعت الحكومة لضغط الكنيسة وطردت موزعي المطبوعات الجائلين من لاتفيا.‏ وبحلول سنة ١٩٣١،‏ حُظرت غالبية المساعِدات على درس الكتاب المقدس.‏ فهل جعلت هذه الهجمات الاخوة يتقاعسون؟‏ كتب مكتب لاتفيا في تقرير عن نشاط الاخوة آنذاك:‏ «تعطينا المقاومة التي يشنها ابليس حافزا اقوى لنحافظ على امانتنا.‏ فمن المفرح جدا ان نشترك في العمل الجاري في هذا البلد .‏ .‏ .‏ ونحن مصممون على المضي قُدُما».‏

سنة ١٩٣١،‏ لبّى عدة اخوة من بريطانيا النداء ان ينتقل عدد من الفاتحين الى دول البلطيق.‏ وقد ساهم بعض هؤلاء في جلب الطعام الروحي الى لاتفيا من استونيا وليتوانيا المجاورتين.‏ كان إدوين ريدجْوِل في الثامنة عشرة من عمره حين عُيِّن للخدمة في ليتوانيا.‏ وهو يتذكر الآن بعد ان جاوز التسعين من عمره:‏ «حظيت انا وشريكاي،‏ أندرو جاك وجون سامپي،‏ بتعيين خصوصي:‏ نقل المطبوعات الى لاتفيا.‏ فكنا نتوجه الى ريغا على متن قطار ليلي ونخبئ المطبوعات في رِزَم يمكن وضعها تحت المقاعد حيث تُحفظ البطانيات نهارا.‏ وقبل نزولنا من القطار،‏ كنا نضع الرِّزَم مع بعض الثياب في حقائب يمكن تعديل حجمها.‏ كان نقل المطبوعات مهمة مرهقة،‏ لذلك كنا دوما نحتفل بعد ايصال المطبوعات الى لاتفيا بأمان.‏ فكان الاخ پِرسي دَنهام،‏ المشرف على العمل آنذاك،‏ يصطحبنا لتناول العشاء في مطعم في ريغا».‏

اعتاد فرديناند فروك ان يلتقي بعض الإخوة على حدود ليتوانيا ليحصل منهم على مطبوعات،‏ وكان يخبئها تحت التبن في القسم العلوي من حظيرته.‏ لكنّ السلطات علمت بما كان يفعله،‏ فصارت الشرطة تداهم مزرعته باستمرار بحثا عن اية مطبوعات محظورة.‏ وفي احدى المداهمات،‏ طلب الشرطي من فرديناند ان يصعد الى القسم العلوي من الحظيرة عوضا عنه.‏ ولكي يكفّ الشرطي عن البحث،‏ عاد فرديناند وبيده بعض الاعداد القديمة من برج المراقبة،‏ فاكتفى بها الشرطي وغادر المكان.‏

المضي قُدُما رغم المقاومة

سنة ١٩٣١،‏ عُيِّن الاسكتلندي پِرسي دَنهام،‏ المذكور آنفا،‏ كمشرف على العمل في لاتفيا.‏ وبما ان دَنهام اصبح تلميذا للكتاب المقدس قبل سنة ١٩١٤،‏ فقد تحلى بخبرة قيِّمة جدا.‏ كتب مكتب الفرع في اواخر سنة ١٩٣١:‏ «على الرغم من الصعوبات،‏ يتواصل العمل الذي يقوم به مَن هم فقراء في هذا العالم لكنهم اغنياء في الايمان باللّٰه.‏ .‏ .‏ .‏ والناس يظهرون اهتماما متزايدا برسالتنا.‏ .‏ .‏ .‏ فكل اسبوع يأتي المهتمون الى المكتب طالبين الكتب،‏ ويستعلمون عن الوقت الذي ستتوفر فيه مطبوعات اخرى».‏ وأضاف التقرير متحدثا عن احد التطورات الثيوقراطية الهامة جدا:‏ «في اجتماع عُقد مؤخرا في ريغا،‏ قبِل الجميع بفرح قرار تبنّي الاسم الجديد [شهود يهوه]،‏ الذي منحه الرب لشعبه».‏

سنة ١٩٣٢،‏ نُقل المكتب الى شارع تْسيسو في ريغا.‏ وفي تلك السنة عينها،‏ انتقلتْ الى لاتفيا فاتحة اسكتلندية اسمها مرغريت (‏مادج)‏ براون،‏ وتزوجت الاخ پِرسي دَنهام.‏ اعتمدت مادج سنة ١٩٢٣،‏ وكانت تخدم في ايرلندا قبل قدومها الى لاتفيا.‏ حين جاءت الى هذا البلد،‏ كانت المقاومة قد اشتدت.‏ تكتب:‏ «في ٩ شباط (‏فبراير)‏ ١٩٣٣،‏ اتهمتنا احدى الصحف في ريغا اننا شيوعيون.‏ وفي صباح اليوم التالي،‏ سمعتُ جرس البيت يُقرع.‏ فذهبتُ لأفتح الباب وإذا برجال الشرطة يقتحمون البيت شاهرين مسدساتهم في وجهي وصاحوا بأعلى صوتهم:‏ ‹ارفعي يدَيك!‏›.‏ استمروا طوال سبع ساعات يفتشون المكان بحثا عن مطبوعات محظورة.‏ وعندما حان وقت الغداء قدمتُ لهم الشاي فقبلوه.‏

‏«كان المخزون الرئيسي من المطبوعات التي ستوزَّع على الاخوة مخبَّأ في العلية.‏ وكان الشرطي المسؤول قد وجد بعض المفاتيح في جيوب زوجي،‏ فسأله:‏ ‹ما هذه المفاتيح؟‏›.‏ أجابه پِرسي:‏ ‹مفاتيح العلية›.‏ مع ذلك،‏ لم تصعد الشرطة قط الى العلية.‏ حتى ان الشرطي المسؤول رجّع المفاتيح الى پِرسي قبل مغادرتهم.‏ وبعد ان تفحصوا بعض المطبوعات،‏ قالوا انه ما من سبب لمصادرتها.‏

‏«رغم ذلك،‏ صادروا هذه المطبوعات وبعض الرسائل ومبلغا من المال،‏ إضافة الى آلة نسخ وآلة كاتبة.‏ كذلك داهم رجال الشرطة ستة من بيوت الشهود اللاتفيين دون ان يجدوا دليلا على اية انتهاكات للقانون.‏ نتيجة لذلك،‏ لم يرفعوا ضدنا اية دعوى».‏

في تلك الفترة،‏ كان هنالك اقل من ٥٠ ناشرا للملكوت في البلد كله.‏ غير ان الاخوة ارادوا تثبيت العمل شرعيا وقدّموا طلبا لتسجيل جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم في لاتفيا.‏ ولا شك انهم شعروا بفرح غامر حين سُجلت هذه الجمعية رسميا في ١٤ آذار (‏مارس)‏ ١٩٣٣.‏ ومع انه لم يُسمح للاخوة باستيراد مطبوعات الكتاب المقدس،‏ استفادوا من وضعهم الشرعي وطبعوا بعض الكراريس محليا.‏ وقد قام بعمل الترجمة الى اللاتفية ألْيكساندر ڠرينس،‏ كاتب مُعتَبر ورئيس تحرير صحيفة ريتس.‏

تسجيل قصير الامد

في ايار (‏مايو)‏ ١٩٣٤،‏ فُرضت الاحكام العرفية في البلاد بسبب الاشتباه بانقلاب عسكري.‏ فاستغل اعداء الحق هذا الاضطراب السياسي واتهموا شعب اللّٰه بأنهم شيوعيون.‏ فأقفل وزير الداخلية في ٣٠ حزيران (‏يونيو)‏ مكتب جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم وصادَر اكثر من ٠٠٠‏,٤٠ كتاب وكراس،‏ فضلا عن مبلغ صغير من المال.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ أُوكلت الى بعض رجال الدين مهمة تصفية هذه الجمعية.‏ ورُفضت كل طلبات الشهود لتسجيل الجمعية من جديد.‏

سنة ١٩٣٩،‏ نشبت الحرب العالمية الثانية،‏ وزحف الجيش الروسي الى لاتفيا في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٤٠.‏ وفي آب (‏اغسطس)‏،‏ صارت لاتفيا احدى الجمهوريات الـ‍ ١٥ التي تؤلف اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية وأُطلق عليها اسم جمهورية لاتفيا الاشتراكية السوفياتية.‏ نتيجة هذه التطورات،‏ اضطر الزوجان دَنهام في ٢٧ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ الى مغادرة لاتفيا وتوديع اخوتهما وأخواتهما الاعزاء هناك.‏ وقد أُعيد تعيينهما للخدمة في فرع اوستراليا،‏ حيث انهى پِرسي مسلكه الارضي سنة ١٩٥١ ومادج سنة ١٩٩٨.‏

لقد شُلَّ عمل الشهود في لاتفيا بسبب اقفال المكتب،‏ ترحيل الاخوة الذين كانوا يأخذون القيادة،‏ ويلات الحرب،‏ والحكم الشيوعي القاسي الذي دام طوال عقود.‏ فأغلال هذا العصر الوحشي الذي ساده التعصب لم تُحلّ إلّا في اوائل تسعينات القرن العشرين.‏

يهوه يعزِّي اولياءه

لم يكن لدى الفريق الصغير من الشهود في لاتفيا اي اتصال بالمركز الرئيسي خلال الحرب العالمية الثانية.‏ مع ذلك،‏ أبقى هؤلاء الاخوة رجاءهم حيًّا بنيلهم «التعزية من الاسفار المقدسة».‏ (‏روما ١٥:‏٤‏)‏ وبعد انتهاء الحرب،‏ اي نحو اواخر اربعينات القرن العشرين،‏ تمكن اخيرا فرع المانيا من ارسال بريد الى الاخوة القلائل في ريغا،‏ ڤينتسپيلس،‏ كولديغا،‏ ويلڠاڤا.‏

في بلدة كولديغا التي تقع على بُعد ١٦٠ كيلومترا غربي ريغا،‏ كان يعيش أرنستس ڠروندمانِس الذي اعتنق الحق قبل ٢٠ سنة.‏ وقد تلقى الاخ ڠروندمانِس عدة رسائل من المانيا احتوت طعاما روحيا في حينه.‏ جاء في احدى هذه الرسائل:‏ «ثقوا بيهوه اللّٰه،‏ ابينا الصالح،‏ في كل مجالات حياتكم.‏ فهو سيدعمكم ويقويكم في الوقت المناسب».‏ ثم اقتبست الرسالة ٢ اخبار الايام ١٦:‏٩ التي تقول ان «عيني يهوه تجولان في كل الارض ليظهر قوته لأجل الذين قلبهم كامل نحوه».‏ ولا شك ان هذه الرسالة المشجعة أتت في وقتها.‏

لم يفوِّت الاخوة اية فرصة للكرازة للناس بطريقة غير رسمية.‏ مثلا،‏ اعتادت مارتا بالْدووني التي تعمل مدلِّكة في مركز صحي في ڤينتسپيلس ان تكرز لزبوناتها.‏ وكانت احداهن ألكسندرا پْريكلونسكايا (‏الآن ريزيڤسكس)‏.‏ تتذكر ألكسندرا:‏ «اخبرتني مارتا ان اسم اللّٰه هو يهوه،‏ فأحببت هذا الاسم كثيرا».‏

وكان پيتر والد ألكسندرا (‏المولود عام ١٨٨٠)‏ بين الذين تعلّموا حق الكتاب المقدس.‏ تكتب ابنته:‏ «انضم ابي الى الحزب الشيوعي قبل ثورة سنة ١٩١٧ وعاش في مدينة سانت بيترسبرغ [التي دعيت پتروڠراد من ١٩١٤ الى ١٩٢٤،‏ ولينينغراد من ١٩٢٤ الى ١٩٩١].‏ لكن نتائج الثورة خيّبت آمال ابي،‏ لذلك اعاد بطاقة عضويته في الحزب فأُجبر على مغادرة المدينة.‏ فجاء الى لاتفيا حيث عرّفتُه بمارتا.‏ وبما ان ابي رجل مستقيم ولطيف فقد اعتنق الحق على الفور.‏ ثم في سنة ١٩٥١،‏ عاد الى روسيا لكن هذه المرة كسجين بسبب ايمانه.‏ ومات في سيبيريا سنة ١٩٥٣».‏

الترحيل الى سيبيريا

كما في سائر البلدان التي تحت سيطرة السوفيات،‏ بدأت الحكومة الجديدة في لاتفيا بالعمل على تحقيق هدفها:‏ ان تتبع كل المؤسسات الثقافية والسياسية النهج السوفياتي.‏ فضلا عن ذلك،‏ أمَّم السوفيات كل المزارع الخاصة.‏ وبالتزامن مع هذه الحملة،‏ رُحِّل كثيرون من البلد.‏ وقد بلغت عمليات الترحيل ذروتها سنة ١٩٤٩ حين أُرسل نحو ٠٠٠‏,١٠٠ لاتفي الى شمال روسيا،‏ بما في ذلك سيبيريا.‏ وبعد سنتين،‏ ركّز الشيوعيون انتباههم على شهود يهوه،‏ فرحّلوا آلاف الشهود من الاراضي المحتلة،‏ بمن فيهم ٢٠ شخصا على الاقل من الثلاثين الباقين في لاتفيا.‏

لم تكن ڤالييا لانڠيه من ڤينتسپيلس شاهدة معتمدة حين اعتقلتها لجنة امن الدولة السوفياتية (‏KGB)‏ خلال المداهمات التي حصلت في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٥٠.‏ وأثناء استجوابها في ريغا في وقت متأخر من الليل،‏ سُئلت:‏ «انت مواطنة سوفياتية،‏ فلماذا تورطين نفسك في اعمال مناهضة للدولة؟‏».‏ فأجابت ڤالييا بهدوء واحترام:‏ «هدفي الوحيد هو خدمة يهوه اللّٰه،‏ فهْم تعاليمه،‏ ونقلها الى الآخرين».‏

أُدرج اسم ڤالييا،‏ فضلا عن اسماء ١٩ شاهدا آخر،‏ في وثيقة مؤرَّخة في ٣١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٥٠.‏ وحُكم على كل هؤلاء بالاشغال الشاقة في سيبيريا مدة عشر سنوات،‏ كما صودرت ممتلكاتهم.‏ اما العدد القليل من الشهود الذين سُمح لهم بالعودة الى موطنهم،‏ فقد اعتُقلوا مرة اخرى وأُلصقت بهم التهم مجددا.‏ هذا ما حصل مع پولين سيروڤا.‏ فقد أُعيدت الى سيبيريا لأربع سنين اضافية حين اكتشفت السلطات انها تحصل بالبريد على مطبوعات الكتاب المقدس.‏

واصل الاخوة في معسكرات الاشغال الشاقة عمل الكرازة وتلمذة الناس.‏ وأحد هؤلاء التلاميذ كان يانيس ڠارشكْييس الذي اعتمد سنة ١٩٥٦.‏ يقول يانيس الذي يعيش الآن في ڤينتسپيلس:‏ «انا شاكر ليهوه سماحه لي بأن أُرسَل الى احد معسكرات الاشغال الشاقة.‏ فلولا ذلك لما تعلمت الحق».‏ يا له من موقف رائع حقا!‏

اتُّهمت تيكلا أونتسكولي،‏ المولودة في لاتفيا،‏ بإثارة اضطرابات سياسية وأُرسلت الى سيبيريا.‏ وخلال اقامتها في مدينة أومْسك البعيدة،‏ سمعت الحق من الشهود المنفيين.‏ تخبر تيكلا:‏ «لن انسى البتة يوم معموديتي.‏ فقد غُطِّست في وقت متأخر من الليل في نهر بارد جدا.‏ ورغم ان بدني اقشعر من شدة البرد،‏ كان الفرح يغمر قلبي».‏ سنة ١٩٥٤،‏ تزوجت تيكلا بألْيكْسيا تْكاتش الذي اعتمد سنة ١٩٤٨ في مولداڤيا (‏الآن مولدوفا)‏ ورُحِّل بعد ذلك الى سيبيريا.‏ وفي سنة ١٩٦٩،‏ عاد هذان الزوجان مع قلة من الشهود الى لاتفيا.‏ لكن من المحزن ان غالبية اللاتفيين المرحَّلين قضى عليهم الموت في المعسكرات.‏

التخفي عن انظار لجنة امن الدولة في لاتفيا

استطاع عدد صغير من الشهود التخفي عن انظار لجنة امن الدولة السوفياتية (‏KGB)‏.‏ تكتب ألكسندرا ريزيڤسكس:‏ «تفاديت الترحيل بالتنقل المستمر من مكان الى آخر،‏ العمل في عدة مزارع،‏ والتخفي عن عيون لجنة امن الدولة.‏ رغم ذلك،‏ استمررت في الكرازة لكل من التقيتهم.‏ وقد اصغى الناس إلي حتى ان البعض اعتنقوا الحق».‏ لم يدَّخر عملاء لجنة امن الدولة اي جهد لإيجاد الشهود القلائل الباقين في لاتفيا،‏ متهمين اياهم بأنهم مناهضون للسوفيات.‏ حتى ان الدولة وزّعت كراسة مليئة بالأكاذيب تندد بالشهود مصنِّفة اياهم بأنهم جواسيس اميركيون.‏ فتوجّب على الاخوة ان يمارسوا الحذر اثناء الكرازة ويعقدوا الاجتماعات سرًّا وفي اماكن مختلفة،‏ وذلك لأن المُخبرين الشيوعيين كانوا يراقبونهم عن كثب.‏

بعد ان تزوجت ألكسندرا بكارليس ريزيڤسكس،‏ انتقلت هي وزوجها الى بيت ريفي يملكه والدا كارليس.‏ وبما ان هذا البيت يقع في غابة قرب مدينة توكومس،‏ على بعد ٦٨ كيلومترا من ريغا،‏ فقد كان مكانا مثاليا لعقد الاجتماعات في الشتاء،‏ وخصوصا ان لا منازل اخرى في الجوار.‏ تتذكر ديتا ڠراسبيرڠا (‏اندريشاكا آنذاك)‏:‏ «عندما كانت عائلتنا تذهب لحضور الاجتماعات في بيت ريزيڤسكس،‏ كنت انا لا ازال طفلة.‏ وكانت الرحلة الى توكومس بالباص ثم السير في الغابة المغطاة بالثلج مغامرة رائعة بالنسبة الي.‏ وعندما كنا نصل اخيرا الى ذلك البيت الريفي،‏ غالبا ما كنا نجده عابقا برائحة الحساء الشهي الذي يغلي على المَوقِد».‏

اعتاد كارليس ان يخبئ المطبوعات في الغابة.‏ وذات مرة،‏ طمر حقيبتين مليئتين بالكتب ووضع علامة واضحة على ذلك الموقع.‏ لكنّ عاصفة هوجاء هبّت في تلك الليلة ومحت العلامة.‏ فحاول كارليس التفتيش عن الحقيبتين دون جدوى.‏ ولا تزال الحقيبتان مطمورتين حتى اليوم في مكان ما من الغابة.‏

خلال فصل الصيف،‏ عقد الاخوة الاجتماعات في الغابات وعلى شواطئ البحر والبحيرات.‏ وعلى غرار الاخوة في سائر البلدان السوفياتية،‏ اغتنموا الاعراس والمآتم لإلقاء محاضرات مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ خلال الستينات والسبعينات،‏ كان اخوة مثل ڤليارد كارنا وسيلڤر سِليكسار ولمبت توم يأتون بشكل منتظم من استونيا الى لاتفيا لإلقاء الخطابات وجلب المطبوعات وجمع التقارير من الناشرين المعتمدين البالغ عددهم نحو ٢٥ شخصا.‏ وكم كانت فرحة الاخوة المحليين كبيرة لأنهم تمكنوا من الحصول على مجلة برج المراقبة بالروسية!‏ وقد ترجم هذه المجلة الى اللاتفية پاولس وڤالييا بيرڠمانيس،‏ وكانا يدوّنان ترجمتهما على دفاتر مدرسية.‏

‏«لم نكن نملك سوى نسخة واحدة من برج المراقبة»‏

خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي،‏ كان الاخوة في استونيا يأتون من روسيا بميكروفيلم لمجلة برج المراقبة ثم يهرِّبونه الى لاتفيا.‏ وبما ان التصوير الفوتوغرافي كان هواية شائعة آنذاك،‏ تمكن الاخوة من تظهير المجلة في البيت،‏ نسخها،‏ وتوزيعها.‏ فضلا عن ذلك،‏ كان الاخوة في بعض البلدان الاخرى ولا سيما اوكرانيا وليتوانيا يرسلون من حين الى آخر مطبوعات اضافية الى لاتفيا بالطريقة نفسها.‏

تتذكر ڤيدا ساكالاوسكياني التي كانت آنذاك في العاشرة من عمرها تقريبا:‏ «لم نكن نملك سوى نسخة واحدة من برج المراقبة».‏ وتضيف:‏ «لفترة من الوقت،‏ كان كل فريق يحصل على نسخة واحدة من المجلة التي تُظهَّر على ورق فوتوغرافي.‏ فتُمرَّر هذه النسخة من عائلة الى اخرى بحيث يتمكن الجميع من قراءتها وأخذ الملاحظات.‏ ولم يكن بإمكاننا ان نحتفظ بها لأكثر من ٢٤ ساعة.‏ وفي الاجتماع،‏ كان المدير يستعمل المجلة،‏ في حين نجيب نحن عن الاسئلة مستندين الى ذاكرتنا او ملاحظاتنا».‏ لقد ساعد هذا التدبير الروحي ڤيدا على اتخاذ موقف الى جانب الحق اثناء وجودها في المدرسة.‏ كما ساعد اخاها،‏ رومُوالداس،‏ ان يحافظ على استقامته خلال سجنه بسبب الحياد المسيحي.‏

شتى الناس يقبلون الحق

لعبت ڤيرا پيتروڤا دورا فعالا في الحزب الشيوعي طوال ٢٧ سنة.‏ تقول:‏ «كانت احدى مهماتي الذهاب الى الكنيسة لمعرفة عدد اعضاء الحزب الشيوعي الموجودين هناك وإعلام المسؤول المحلي بذلك.‏ في تلك الفترة،‏ اعتنقت اختي الكبرى الحق وبدأت تشهد لي.‏ فأثار كلامها اهتمامي،‏ وطلبت كتابا مقدسا من كاهن ارثوذكسي روسي.‏

فسألني:‏ ‹لماذا تحتاجين الى كتاب مقدس؟‏›.‏

اجبتُه:‏ ‹اريد ان اعرف ما اذا كانت تعاليمكم تنسجم معه›.‏ لكنه لم يتمكن من اعطائي كتابا مقدسا،‏ فحصلت على نسخة من مصدر آخر وبدأت اقرأها.‏ وسرعان ما اكتشفت ان تعاليم الكنيسة غير مؤسسة عليه.‏ واستمررت في التقدم روحيا،‏ فتركت الحزب الشيوعي واعتمدت سنة ١٩٨٥».‏

قبل الحرب العالمية الثانية،‏ تزوجت الممرضة تيوفيليا كالڤيتيه محافظ دوغاڤپيلس.‏ لكن من المؤسف ان زوجها فُقدَ خلال احدى المعارك في بداية الحرب.‏ وواجهت تيوفيليا مشقات عديدة،‏ كما رأت كثيرين يقاسون الالم والموت.‏ بعد الحرب،‏ اصبحت تيوفيليا رئيسة الصليب الاحمر في لاتفيا.‏ وقد منحتها الدولة ما لا يقل عن ٢٠ جائزة خلال السنوات الـ‍ ٦١ التي قضتها في الحقل الطبي.‏ عندما كانت تيوفيليا في الـ‍ ٦٥ من عمرها تقريبا،‏ التقت بالاخت پولين سيروڤا التي اوضحت لها من الكتاب المقدس سبب سماح اللّٰه بالشر.‏ فاعتنقت تيوفيليا الحق وحظيت بعد ذلك بالامتياز العظيم ان تساعد الناس على استعادة عافيتهم الروحية.‏ وقد بقيت امينة حتى موتها سنة ١٩٨٢.‏

‏«هذا قاموس»‏

سنة ١٩٨١،‏ حُكم على يوري كاپتولا البالغ من العمر ١٨ سنة بالسجن ثلاث سنوات بسبب حياده المسيحي.‏ يخبر يوري:‏ «قضيت سنتين في سيبيريا،‏ حيث عشنا في الخِيَم وعملنا في الغابات حتى عندما كانت الحرارة تنخفض الى ما دون الـ‍ ٢٢ درجة فهرنهايت [٣٠ درجة مئوية تحت الصفر].‏ * لكنّ يهوه كان يعتني بي دوما من الناحية الروحية.‏ مثلا،‏ وضعت امي ذات مرة نسخة من الاسفار اليونانية في صرّة الطعام التي ارسلتها الي.‏ فرأى الحارس الكتاب فيما كان يتفحص الصرّة.‏

فسألني:‏ ‹ما هذا؟‏›‏

‏«وقبل ان اجيب،‏ بادر مفتش كان يقف على مسافة قريبة بالقول:‏ ‹هذا قاموس›،‏ وسمح لي بالاحتفاظ به.‏

‏«أُطلق سراحي سنة ١٩٨٤.‏ وعوض ان استقر في بلدي اوكرانيا،‏ انتقلت الى ريغا حيث انضممت الى فريق صغير من الشهود طوال سنتين تقريبا.‏ ولكن بما ان لاتفيا كانت لا تزال جزءا من الاتحاد السوفياتي،‏ دُعيتُ مجددا الى الخدمة في الجيش.‏ فماذا حدث؟‏ في ٢٦ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٨٦،‏ حُكم علي مرة ثانية بالاشغال الشاقة طوال اربع سنوات في لاتفيا.‏ وبعد ان سُجنت فترة من الوقت في ريغا،‏ نُقلت الى معسكر قرب مدينة ڤالميرا.‏ وفي اوائل سنة ١٩٩٠،‏ عُقدت جلسة استماع للنظر في قضية إطلاق سراحي.‏ وخلال الجلسة،‏ قال لي القاضي:‏ ‹يوري،‏ ان الحكم الذي صدر بحقك منذ اربع سنوات كان غير قانوني.‏ ما كان عليهم ادانتك›.‏ وهكذا صرت حرًّا فجأة».‏

سنة ١٩٩١،‏ صار يوري عضوا في الجماعة الوحيدة في لاتفيا وكان احد الشيخين المعيَّنَين فيها.‏ يكتب:‏ «كان الحقل قد ابيضّ للحصاد».‏

حين وصل يوري الى لاتفيا اول مرة،‏ تحدث الى امرأة كانت تنظف المكان حول احد المدافن.‏ يتذكر يوري:‏ «عندما سألتها لماذا تبدو الحياة قصيرة جدا،‏ اقتربت مني بضع خطوات ورحنا نتحادث.‏ وما هي إلّا دقائق قليلة حتى انقطع غصن كبير من احدى الاشجار وارتطم بالارض تماما حيث كانت تعمل.‏ ولو بقيت واقفة مكانها لسُحقت لا محالة.‏ اعطتني هذه المرأة عنوانها ورتبتُ أن تزورها احدى الاخوات.‏ وفي سنة ١٩٨٧،‏ اعتمدت هي وابنها وزوجته».‏

انهم يحبّون الناس لا التنعُّم بالحياة

بغية دعم عمل الملكوت،‏ انتقل الى لاتفيا احداث كثيرون من مختلف انحاء الاتحاد السوفياتي.‏ وكانوا مستعدين للقيام بالتضحيات رغم ان حياتهم لم تكن سهلة.‏ على سبيل المثال،‏ تمكنت آنّا باتْنيا،‏ التي تخدم الآن كفاتحة خصوصية،‏ من ايجاد عمل في معمل خياطة ومأوى في نزل صغير.‏ تخبر:‏ ‏«كانت ظروفنا صعبة جدا.‏ فكنا نشهد بشكل غير رسمي للناس قرب الكنائس وفي القطارات والمحطات والحدائق والمقابر.‏

‏«اثناء الكرازة في القطارات التي غالبا ما تكون مزدحمة جدا،‏ كنا نذهب اثنين اثنين.‏ فنتنقل من حافلة الى اخرى،‏ يتحدث احدنا الى الناس فيما يراقب الآخر المكان.‏ وفي غالبية الاوقات،‏ كان الناس حولنا يشاركون في المناقشة.‏ نتيجة لذلك،‏ كانت تنهال علينا احيانا الاسئلة من كل الاتجاهات.‏ وعندما يتوقف القطار،‏ كنا ننتقل الى حافلة اخرى اذا لزم الامر.‏ وكم كانت فرحتنا كبيرة عندما لمسنا بركة يهوه على خدمتنا!‏».‏

سمعت آنڠيلْيينا تْسڤيتكوڤا الحق للمرة الاولى بعدما انتهت من صلاة في الكنيسة.‏ تروي:‏ «سنة ١٩٨٤،‏ اقتربت مني ألدْوونا دْرونيوكا،‏ واحدة من شهود يهوه،‏ وسألتني إن كنت قد قرأت الكتاب المقدس.‏ فأجبتها:‏ ‹لقد قرأت مقاطع منه.‏ لكني لا افهمه ولديَّ اسئلة كثيرة›.‏ فتبادلنا عنوانَي سكننا وصرنا نناقش كلمة اللّٰه بانتظام.‏ بعد عدة اشهر دعتني ألدْوونا الى حضور حفل زفاف في ليتوانيا فلبّيت دعوتها.‏ كان هنالك نحو ٣٠٠ شخص في الحفل.‏ وأصغينا الى عدة خطابات مؤسسة على الكتاب المقدس الواحد تلو الآخر،‏ مما اوقعني في الحيرة بعض الشيء.‏

‏«في تلك المناسبة علمت انني ادرس مع شهود يهوه وأن الزفاف الذي احضره هو في الواقع محفل.‏ رغم هاتين المفاجأتين،‏ مسّت محبة ووحدة هؤلاء الناس المتواضعين قلبي.‏ فاعتمدت سنة ١٩٨٥ وانخرطت في عمل الفتح سنة ١٩٩٤.‏ والآن خمسة من اولادي الستة معتمدون،‏ وولدي الاصغر هو ناشر غير معتمد».‏

عقد الاجتماعات بشكل علني

في اواسط ثمانينات القرن العشرين،‏ صارت السلطات في العديد من البلدان الشيوعية أقل تشددا من سابق عهدها،‏ مما اتاح لشهود يهوه الاجتماع معا بشكل علني.‏ وفي سنة ١٩٨٩،‏ حضر نحو ٥٠ مندوبا من لاتفيا محفل «التعبد التقوي» الكوري في بولندا.‏ تقول مارييا اندريشاكا،‏ التي تخدم الآن كفاتحة خصوصية:‏ «شكّل وجودي بين كل هؤلاء الاخوة والاخوات نقطة تحول في تقدُّمي الروحي».‏

وفي سنة ١٩٩٠،‏ حضر ايضا اكثر من ٥٠ مندوبا من لاتفيا محفل «اللغة النقية» الكوري في بولندا.‏ كانت آنّا مانتشينسكا بين الذين بذلوا قصارى جهدهم ليتمكنوا من حضور ذلك المحفل.‏ تتذكر قائلة:‏ «وأنا في طريقي الى محطة القطار،‏ اكتشفت انني نسيت بعض الوثائق التي احتاج اليها لعبور الحدود.‏ لذلك ركبت سيارة اجرة وعدت الى البيت.‏ جلبت الاوراق اللازمة ورجعت الى المحطة،‏ لكنّ القطار كان قد انطلق.‏ فأسرعت متوجهة الى المحطة التالية،‏ وهذه المرة وصلت متأخرة ايضا.‏ في النهاية،‏ استقللت سيارة اجرة الى ليتوانيا وتمكنت من اللحاق بالقطار في محطة تبعد ١٥٥ ميلا [٢٥٠ كيلومترا] عن ريغا.‏ كانت أُجرة السيارة مرتفعة جدا،‏ لكنّ حضور المحفل استحق العناء».‏ وآنّا هي اليوم عضو في عائلة بيت ايل في لاتفيا.‏

سنة ١٩٩١،‏ تمكن الاخوة اخيرا من عقد المحافل علنا في عدد من الجمهوريات السوفياتية السابقة.‏ فسافرت عدة باصات مليئة بالمندوبين من لاتفيا الى تالين بأستونيا لحضور محفل «محبّو الحرية الالهية» الكوري.‏ وكم كان محور هذا المحفل ملائما!‏

اقنعتْ روتا باراكاوسكا من فاينودي زوجها غير الشاهد أدولفس ان يرافقها الى تالين.‏ يقول أدولفس:‏ «لم أنوِ حضور المحفل،‏ بل كنت سأذهب لشراء قطع غيار لسيارتي.‏ ولكن بعد حضور الفترة الاولى،‏ تأثرت جدا بالخطابات،‏ المودة التي يعرب عنها شهود يهوه،‏ كلامهم البناء،‏ والمحبة التي يظهرونها واحدهم نحو الآخر.‏ فاندفعت الى حضور المحفل بكامله.‏ وبعد العودة الى ديارنا بدأت ادرس الكتاب المقدس وعملت جاهدا على ضبط طبعي الحاد.‏ وسنة ١٩٩٢،‏ انضممت الى زوجتي في خدمة اللّٰه وصرت شاهدا ليهوه معتمدا».‏

في اوائل التسعينات،‏ لم يكن بإمكان الاخوة في لاتفيا استئجار مواقع ملائمة لعقد المحافل الكورية.‏ لذلك كانوا يذهبون بشكل اساسي الى استونيا وليتوانيا لحضور المحافل.‏ وكان محفل «طريق اللّٰه للحياة» اول محفل كوري يُعقد في لاتفيا.‏ وقد عُقد هذا المحفل سنة ١٩٩٨ في قاعة كبيرة للالعاب الرياضية في ريغا.‏ قُسمت القاعة الى ثلاثة اقسام:‏ واحد للناطقين باللغة اللاتفية،‏ والثاني للروسية،‏ والثالث للغة الاشارات اللاتفية.‏ وبعد الصلاة الختامية،‏ صفّق الجميع وذرف كثيرون دموع الفرح تعبيرا عن شكرهم ليهوه على هذا الحدث البارز.‏

فترة من النمو السريع

بعد سقوط النظام الشيوعي،‏ تقدم العمل في لاتفيا بشكل ملحوظ،‏ مع ان الشهود هناك كانت تنقصهم المهارة في تقديم العروض في خدمة الحقل.‏ ويعود ذلك الى ان خدمتنا للملكوت لم تكن متوفرة باللاتفية قبل سنة ١٩٩٥.‏ لكنّ الاخوة عوّضوا عن هذا النقص بإعرابهم عن غيرة بارزة في الخدمة.‏ تصف داتسي شْكييپْسنا كيف سمعت الحق للمرة الاولى:‏ «سنة ١٩٩١،‏ اشتريت من احد الاكشاك على جانب الطريق كتابا يتحدث عن الهاوية والحياة بعد الموت.‏ وبعد ان سرت مسافة قصيرة سمعت صوتا ورائي يقول:‏ ‹لقد اشتريتِ سمًّا›.‏

‏«عند سماع هذه الكلمات جمدتُ في مكاني.‏ فاقترب مني رجل وزوجته من شهود يهوه وعرّفاني بنفسيهما ثم تحدثنا عن الكتاب المقدس.‏ وقد تطرّقنا الى مواضيع مختلفة:‏ هادِس،‏ نار وادي هنّوم،‏ عيد الميلاد،‏ الصليب،‏ والايام الاخيرة.‏ لا شك ان بعض النقاط كانت غامضة بالنسبة اليَّ لكني احببت ما سمعته،‏ فتبادلنا ارقام الهاتف.‏ وعلى مرّ الاسابيع التالية،‏ اجاب هذان الزوجان عن الكثير من اسئلتي المتعلقة بالكتاب المقدس».‏

‏«انني سعيد لأني لم اتراجع»‏

كان يانيس فولكمانِس بطلا في رفع الاثقال في الاتحاد السوفياتي،‏ وفي مبارياته الاخيرة في آذار (‏مارس)‏ ١٩٩٣ اصبح بطل لاتفيا.‏ يروي يانيس:‏ «سنة ١٩٩٢،‏ دعاني زميلي في العمل يانيس تْسييلاڤس كي احضر درسه في الكتاب المقدس.‏ فغيّر هذا الدرس حياتي.‏ وبعد ثلاثة اشهر من فوزي في بطولة لاتفيا في رفع الاثقال،‏ صرت ناشرا للملكوت واعتمدت في آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٣.‏ كان مدرِّبي يستاء عندما اكرز في النادي الرياضي.‏ غير انني سعيد لأني لم اتراجع وأتوقف عن الكرازة.‏ وصديقاي إدواردس آيهنباومس وإدڠارس برانتسس سيوضحان السبب».‏

يقول إدواردس:‏ «عرض علي يانيس فولكمانِس درسا مجانيا في الكتاب المقدس.‏ فأجبته:‏ ‹اذا كان حقا درسا مجانيا،‏ يمكننا ان نبدأ الآن›.‏ وهذا ما حصل بالفعل.‏ لقد راقني ما تعلمته،‏ وخصوصا تعليم القيامة الذي بدا لي منطقيا اكثر من عقيدة خلود النفس.‏ ثم بدأت زوجتي ايضا تدرس الكتاب المقدس،‏ واعتمدنا كلانا سنة ١٩٩٥».‏

ويذكر إدڠارس:‏ «كان يانيس يشهد بغيرة في النادي الرياضي.‏ وقد عرض علي اربع مرات درسا في الكتاب المقدس لكني رفضت.‏ إلّا انني قبلت مجلتَي برج المراقبة و استيقظ!‏ وكتاب يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض.‏ في تلك الاثناء،‏ كنت اسأل نفسي باستمرار:‏ ‹لماذا يهتم رياضي مشهور مثل يانيس بالكتاب المقدس؟‏›.‏ وفي النهاية،‏ طغى عليّ فضولي فبدأت ادرس الكتاب المقدس.‏ وماذا كانت النتيجة؟‏ اعتمدت سنة ١٩٩٥،‏ وأنا اخدم الآن كفاتح خصوصي».‏

بالنسبة الى البعض،‏ تطلّب ارضاء اللّٰه التغلب على عاداتهم السيئة.‏ على سبيل المثال،‏ عانى آيڤارس ياتسكيڤتشس من مشكلة الاسراف في الشرب.‏ يقول:‏ «كنت اسرف في الشرب في نهاية الاسبوع،‏ فأبدأ بالبيرة صباحا تليها قنينة ڤودكا.‏ وفي احدى امسيات كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٢،‏ كنت جالسا في بيتي ويدي المضمّدة معلّقة برباط ملفوف حول رقبتي.‏ فقد تعرضت للسرقة وأنا تحت تأثير المسكر.‏ كنت اشعر في تلك الامسية باكتآب شديد حتى انني فكّرت في الانتحار.‏ ثم سمعت قرعا على الباب.‏ كان الطارق جاري،‏ الذي ناقش معي في عدة مناسبات مواضيع من الكتاب المقدس.‏ فتحدثنا معا،‏ ثم عرض عليّ درسا في الكتاب المقدس فوافقت.‏

‏«كنت امتنع عن الشرب في الايام التي عقدنا فيها الدرس،‏ الامر الذي ساعدني على التقدم.‏ وبعد ان عرفت الحقيقة عن حالة الموتى وأنني لن احترق في نار الهاوية التي طالما أخافتني،‏ بدأت ادرس ثلاث مرات في الاسبوع.‏ وبعد اقل من اربعة اشهر،‏ صرت ناشرا غير معتمد.‏ لكنّ الكتاب المقدس يحذرنا:‏ ‹مَن يظن انه قائم فليحترز لئلا يسقط›.‏ وفي احدى المناسبات،‏ انحمقت وقضيت امسية برفقة اشخاص طائشين،‏ وأسرفت في الشرب.‏ فراودتني مجددا فكرة الانتحار.‏ لكنّ يهوه رحيم وصبور.‏ فقد هبّ بعض الاخوة المحبين لمساعدتي.‏ ويا للدرس الذي تعلمته آنذاك!‏ سنة ١٩٩٢ اعتمدت،‏ وأنا اليوم عضو في عائلة بيت ايل في لاتفيا».‏ —‏ ١ كورنثوس ١٠:‏١٢؛‏ مزمور ١٣٠:‏٣،‏ ٤‏.‏

اضطر ماريس كرومِنيش،‏ الذي يخدم حاليا في بيت ايل،‏ ان يصنع تغييرات جذرية في حياته بغية خدمة يهوه.‏ يوضح ماريس:‏ «بعد ان خدمت في القوات المسلحة،‏ خاب املي بالحياة.‏ ولاحقا،‏ طُردت من الجامعة لأني فوتُّ بعض المحاضرات.‏ فشعرت بالضياع،‏ وتورطت في اعمال اجرامية.‏ وذات ليلة،‏ اعتُقلت بسبب اشتراكي في شجار نشب نتيجة الاسراف في الشرب.‏ وفيما انا قابع في زنزانتي،‏ فكّرت في القوانين التي انتهكتها واستنتجت ان العديد منها انبثق من قوانين اللّٰه.‏ وللمرة الاولى في حياتي،‏ صليت الى اللّٰه طالبا الغفران وأقسمت ان ابحث عنه.‏

‏«بعد اطلاق سراحي من السجن،‏ لجأت الى عدة كنائس لكنّ املي كان يخيب في كل مرة.‏ لذلك بدأت اقرأ الكتاب المقدس وكتبا دينية اخرى.‏ سنة ١٩٩٠،‏ كنت مسافرا بالقطار حين التقيت زميلا لي من ايام المدرسة وعلمت انه اصبح واحدا من شهود يهوه.‏ وخلال هذه الرحلة القصيرة،‏ فتح يهوه قلبي وأصغيت الى صديقي القديم الذي اوضح لي قصد اللّٰه للبشر وسبب الالم الذي يعانيه الناس حول العالم.‏ فبدأت ادرس وصرت ناشرا سنة ١٩٩١،‏ ثم اعتمدت في سنة ١٩٩٢.‏ وبعد سنة،‏ اصبحت عضوا في عائلة بيت ايل في لاتفيا.‏ وفي سنة ١٩٩٥ تزوجت فاتحة فنلندية اسمها سيمونا».‏

كان إدڠارس اندزِليس طالبا في كلية الحقوق.‏ يقول:‏ «في اوائل تسعينات القرن العشرين،‏ كان التغيير السياسي يلوح في الافق.‏ كنت آنذاك في كلية الحقوق في ريغا.‏ ولاحظت ان تلاميذ كثيرين يبحثون في القصد من الحياة.‏ فقرأت كتبا عن الفلسفة والاديان الشرقية.‏ كما مارست فنا من فنون القتال يدعى الأيكيدو.‏ ثم التقينا انا وزوجتي إليتا بشهود يهوه.‏

‏«حين حضرنا اجتماعا للمرة الاولى،‏ رحّب بنا الاخوة الذين يتكلمون اللاتفية والروسية ترحيبا حارا.‏ فتركَتْ فينا هذه المحبة الاصيلة اثرا كبيرا.‏ في الفترة نفسها تقريبا،‏ ذكر مدرِّبي ان لا احد يصل الى درجات متقدمة في فن الأيكيدو ما لم يكن من المنتمين الى البوذية الزنِّية.‏ فصدمني كلامه وحدا بي الى التوقف عن ممارسة هذا الفن.‏ بُعيد ذلك،‏ قصصت شعري الطويل واعتمدت انا وإليتا في آذار (‏مارس)‏ ١٩٩٣.‏ ومذاك حظيت بامتياز استخدام خبراتي القانونية في ‹الدفاع عن البشارة وتثبيتها قانونيا› في لاتفيا».‏ —‏ فيلبي ١:‏٧‏.‏

الايمان المسيحي تحت الامتحان

سنة ١٩٩٣،‏ امتُحن ايمان اربع تلميذات في مدرسة للموسيقى في يلڠاڤا.‏ فقد طُلب من جوقتهن الغناء اثناء الاحتفال بعيد الاستقلال.‏ ورغم ان هؤلاء الفتيات كنّ قد اعتنقن الحق حديثا،‏ صممن على ارضاء اللّٰه.‏ لذلك كتبن رسالة الى قائد الجوقة يطلبن فيها باحترام ان يعفيهن من هذه المهمة بسبب ضميرهن المسيحي.‏ فماذا كان ردّ فعل القائد؟‏ كتب انذارا الى ذوي الفتيات مهدِّدا بطردهن من المدرسة ان لم يشاركن في الغناء.‏ إلّا ان هؤلاء الفتيات أطعن يهوه على غرار العبرانيين الثلاثة.‏ —‏ دانيال ٣:‏١٤،‏ ١٥،‏ ١٧؛‏ اعمال ٥:‏٢٩‏.‏

كانت داتسي پونتسولي احدى هؤلاء الفتيات.‏ تقول:‏ «ان الصلاة للّٰه ودعم الاخوة ساعدانا ان نبقى امينات.‏ صحيح اننا طُردنا من المدرسة،‏ لكني لم اندم قط على ثباتي الى جانب الحق.‏ لقد اعتنى بي يهوه فعلا.‏ فبعد اشهر قليلة وجدت عملا في مكتب محاماة أكسبني خبرة قيِّمة.‏ وقد ساعدتني هذه الخبرة لاحقا في بيت ايل،‏ حيث اخدم منذ سنة ٢٠٠١».‏

بالاضافة الى ذلك،‏ امتُحنت استقامة البعض في مسألة الدم.‏ ففي ٦ ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٩٦،‏ صدمت احدى السيارات يلْيينا ڠودلييڤْسكايا البالغة من العمر ١٧ سنة،‏ فأصيبت بكسور عديدة في حوضها.‏ وطبعا،‏ قررت يلْيينا الناضجة روحيا ان تمتنع عن الدم.‏ (‏اعمال ١٥:‏٢٩‏)‏ لكنّ غالبية الاطباء في لاتفيا في تلك الفترة كانوا يجهلون تقنيات الجراحة دون دم.‏ لذلك رفض اطباؤها اجراء العملية لها.‏ وبعد اسبوع تقريبا،‏ قام طبيبان بنقل الدم اليها عنوة في وقت متأخر من الليل،‏ وماتت يلْيينا بعد ذلك.‏

لم تكن مارينا،‏ والدة يلْيينا،‏ شاهدة آنذاك.‏ تقول:‏ «كان من المدهش رؤية ايمان ابنتي القوي بيهوه ووعوده.‏ فهي لم تساير البتة».‏ والآن،‏ مارينا هي شاهدة ليهوه معتمدة،‏ وهي وعائلتها يتوقون الى الوقت الذي فيه سيعانقون يلْيينا عند قيامتها.‏ —‏ اعمال ٢٤:‏١٥‏.‏

رجال ناضجون روحيا يسدّون حاجة مهمة

ان النمو السريع في عدد الناشرين انشأ الحاجة الى رجال ناضجين روحيا يتولون القيادة.‏ وفي سنة ١٩٩٢،‏ عُرض على ثلاثة اخوة نشأوا في الولايات المتحدة ويتكلمون اللاتفية ان يخدموا كمرسلين في لاتفيا.‏ وهؤلاء الاخوة هم ڤالدِس پورِنيش الذي رافقته زوجته ليندا،‏ وألفردس إلكْسْنس الذي رافقته ايضا زوجته دوريس،‏ وإڤارس إلكْسْنس اخو ألفردس.‏ وصل هؤلاء الخمسة جميعهم الى ريغا في تموز (‏يوليو)‏ ١٩٩٢.‏ وأصبحت شقتهم المؤلفة من اربع غرف بيتا للمرسلين،‏ مخزنا للمطبوعات،‏ ومركزا للترجمة.‏

من المساعد ان يتحلى المرء بروح الفكاهة عند تعلم لغة جديدة.‏ تروي دوريس إلكْسْنس:‏ «كنت اعقد درسا في الكتاب المقدس مع شابتين.‏ وحاولت اثناء الدرس ان اوضح لهما كيف تكلم الشيطان مع حواء من خلال حية.‏ لكنني استعملت كلمة لاتفية لفظها مشابه للفظ كلمة ‹حية›.‏ فكانت النتيجة انني جعلت ابليس يتحدث من خلال خنزير».‏

سنة ١٩٩٤،‏ اتى پيتر وجين لوترس من اوستراليا الى لاتفيا.‏ وُلد پيتر الذي اعتمد سنة ١٩٥٤ في لاتفيا ونشأ في اوستراليا.‏ لكن من المحزن ان جين التي استمالت قلوب الجميع بمحبتها ولطفها فارقت الحياة سنة ١٩٩٩.‏ فقرر پيتر ان يبقى في لاتفيا،‏ وهو يخدم الآن في لجنة الفرع.‏ يخبر:‏ «عندما وصلنا،‏ وجدنا ان الاخوة في لاتفيا كارزون غيورون.‏ لكنّ المقاطعات لم تكن قد قُسّمت ولا عُيّنت للجماعات.‏ حتى ان بعض اجزاء ريغا لم تكن قد خُدمت بعد.‏ كما ان جماعات قليلة فقط كانت تُلقى فيها خطابات عامة بشكل منتظم.‏ فعولجت هاتان المسألتان على الفور».‏

خريجو جلعاد يدعمون عمل الكرازة

في مستهل سنة ١٩٩٣ وصل المرسلون الاوائل المدرَّبون في جلعاد.‏ فقد عُيِّن زوجان من السويد،‏ هما اندِرس بيريلوند وزوجته أڠنْيتا وتوريني فريدلوند وزوجته لْيينا،‏ للخدمة في مدينة يلڠاڤا التي تضم اكثر من ٠٠٠‏,٦٠ نسمة بينهم ٢٨ ناشرا.‏ يقول اندِرس الذي يخدم حاليا كعضو في لجنة الفرع:‏ «لدى وصولنا،‏ رافقنا الاخوة في خدمة الحقل،‏ وقد أبقونا منشغلين.‏ ففي بعض الايام،‏ كنا نتنقل معهم من درس الى آخر طوال سبع او ثماني ساعات دون التوقف لتناول الطعام حتى.‏ كانت غيرتهم مشجعة للغاية.‏ وكثيرون من هؤلاء التلاميذ هم الآن في الخدمة كامل الوقت».‏

ويتذكر توريني فريدلوند قائلا:‏ «بعد اخذ مقرر لغوي دام ثلاثة اشهر شعرنا اننا جاهزون للابتداء بمحادثة بمفردنا.‏ فاخترنا مقاطعة لم تُخدم منذ الحرب العالمية الثانية،‏ إلّا ان الناس لم يهتموا برسالتنا.‏ فهل كانت المشكلة في اسلوبنا؟‏ بعد مناقشة المسألة جرّبنا اسلوبا آخر.‏ فصرنا نقرأ آية عند كل باب،‏ الامر الذي أدّى الى تأسيس عدة دروس».‏

في نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٥،‏ وصل الى لاتفيا المزيد من خريجي جلعاد.‏ كان بينهم باسي بريمان وزوجته هايدي من فنلندا،‏ اللذان يخدمان حاليا في العمل الجائل في دائرة ناطقة بالروسية.‏ يقول باسي:‏ «طلبت من الاخوة المحليين ان يصححوا الاخطاء التي ارتكبها اثناء التحدث في الخدمة.‏ وقد فعلوا ذلك بحماسة،‏ مصححين اخطائي على الفور ليس فقط في الحقل بل ايضا خلال الاجتماعات.‏ وكم اشعر بالفرح الآن عندما اسمع الاخوة يقولون:‏ ‹لقد اصبح باسي واحدا منا›!‏».‏

خدم كارستن وياني ايستروپ جنبا الى جنب في لاتفيا،‏ الى ان خسرت ياني معركتها مع السرطان وهي لا تزال في ثلاثيناتها.‏ يقول كارستن:‏ «ان افضل طريقة لإكرام يهوه هي مواصلة تعييني الارسالي بأمانة».‏ فيا للمثال الذي يرسمه اخوة كهؤلاء!‏

وصول خريجي مدرسة تدريب الخدام

ابتداءً من سنة ١٩٩٤،‏ عُيِّن للخدمة في لاتفيا اكثر من ٢٠ شخصا تخرجوا من مدرسة تدريب الخدام.‏ وقد اتى هؤلاء من ألمانيا،‏ بريطانيا،‏ وبولندا.‏ وأول الواصلين كان ميكال اوزْسن وياس كْيير نيلسن من الدانمارك.‏ وقد عيِّنا في مدينة دوغاڤپيلس الصناعية،‏ ثاني اكبر مدينة في لاتفيا.‏

يذكر ياس:‏ «بعد ظهر احد ايام كانون الثاني (‏يناير)‏ الباردة،‏ انطلقنا الى دوغاڤپيلس التي تقع على بعد نحو ١٥٠ ميلا [٢٤٠ كيلومترا] جنوب شرق ريغا.‏ كان الثلج يتساقط في ريغا حين صعدنا الى الشاحنة القديمة المليئة بالمطبوعات.‏ ولم يكن الاخ الذي يقود الشاحنة يتكلم الانكليزية ولم نكن نحن نتكلم اللاتفية ولا الروسية.‏ وكان الاخ يتوقف كل ٣٠ ميلا [٥٠ كيلومترا] تقريبا ويعبث بالمحرك.‏ لم ندرِ ماذا كان يحاول فعله،‏ لكنه بالتأكيد لم يصلح جهاز التدفئة.‏ فقد كان الجو باردا داخل الشاحنة تماما كخارجها.‏ وفي آخر هذه الرحلة المتعبة جدا،‏ وصلنا الى دوغاڤپيلس نحو منتصف الليل.‏ كان هناك آنذاك ١٦ ناشرا في المدينة.‏ ولكن بحلول نهاية السنة التالية،‏ تضاعف هذا العدد تقريبا».‏

الترجمة الى اللاتفية

قبل سنة ١٩٩٢،‏ كانت المطبوعات متوفرة بشكل رئيسي بالروسية،‏ لغة كانت تتكلمها غالبية اللاتفيين.‏ لكنّ كثيرين فضَّلوا لغتهم الام.‏ يذكر احد التقارير:‏ «من الجدير بالملاحظة انه بين المئات القليلة من الناشرين الجدد امتلك البعض مهارات في الترجمة.‏ وقد لمسنا كيف وجّه اللّٰه بواسطة روحه القدس عمل هؤلاء الشبان والشابات الطوعيين».‏

وبفضل العمل الدؤوب الذي قام به هؤلاء المترجمون،‏ صارت تصدر طبعات شهرية من برج المراقبة باللاتفية بدءا من كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٥.‏ ثم في كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٦،‏ صارت هذه المجلة نصف شهرية.‏ والمطبوعات الاخرى المتوفرة حاليا باللاتفية تشمل عددا من الكتب والكراسات،‏ فضلا عن مجلة استيقظ!‏.‏

في اوائل سنة ١٩٩٣،‏ انتقل فريق الترجمة من مقره الصغير في بيت المرسلين في ريغا الى شقة في شارع بْريڤيباس.‏ ثم في آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٤،‏ انتقلوا الى مكاتب مرممة حديثا في ٤٠ مييرا ستريت.‏ فكيف حصل الاخوة على هذه المكاتب الجديدة؟‏

هبة سخية

كان جورج هاكمانِس وزوجته زيڠرد بين اللاجئين الذين غادروا لاتفيا خلال الحرب العالمية الثانية.‏ تعلّم هذان الزوجان الحق في لندن بإنكلترا،‏ واعتمدا سنة ١٩٥١.‏ وفي السنة التالية هاجرا الى الولايات المتحدة ليعودا سنة ١٩٩٢ الى لاتفيا ويبقيا في هذا البلد مدة خمس سنوات.‏

بعد ان استقلت لاتفيا عن الاتحاد السوفياتي سنة ١٩٩١،‏ تمكن الناس من استرداد ملكياتهم التي استولت عليها الدولة.‏ وقد احتفظت زيڠرد وأختها،‏ وهي ايضا شاهدة،‏ بوثائق ممتلكات العائلة طوال اكثر من ٥٠ سنة.‏ وهكذا تمكنتا من استعادة ملكيتهما في ٤٠ مييرا ستريت.‏ بعد ذلك،‏ تبرعتا بها لهيئة يهوه.‏ لاحقا،‏ حوّل الاخوة المبنى الى مركز للترجمة مؤلف من خمسة طوابق وجهّزوه ليقيم فيه ٢٠ شخصا.‏

حضر مِلتون ج.‏ هنشل من الهيئة الحاكمة التدشين في ٢٠ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٤.‏ وخلال وجوده هناك،‏ نصح الاخوة بشراء الملكية المحاذية في ٤٢ مييرا ستريت،‏ التي تضمنت مبنى مؤلفا من ستة طوابق.‏ ووافق صاحب الملكية الذي يعيش في الولايات المتحدة على بيعها.‏ فرُمِّم ايضا هذا المبنى بالكامل،‏ وأصبحت عائلة بيت ايل مؤلفة من ٣٥ عضوا.‏ وبفضل التوسع الاضافي الذي حدث منذ ذلك الحين،‏ صار بيت ايل يضم مكاتب وغرفا تتسع لـ‍ ٥٥ شخصا يخدمون اليوم هناك.‏

الاعتراف الشرعي

لا يزال هنالك عقبات كثيرة تقف في سبيل تسجيل العمل شرعيا في لاتفيا.‏ ففي سنة ١٩٩٦،‏ استخدم المسؤولون تعليقات الصحفيين السلبية على ما حدث مع يلْيينا ڠودلييڤْسكايا كأساس لرفض التسجيل الشرعي.‏ حتى ان احد اعضاء البرلمان لمّح ان عملنا يمكن ان يُحظر.‏ مع ذلك،‏ استمر الاخوة يجتمعون مع المسؤولين ليوضحوا لهم ماهية عملهم كشهود ليهوه.‏ وأخيرا،‏ في ١٢ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٩٨،‏ أعلن مدير المكتب الوطني لحقوق الانسان التسجيل الشرعي لجماعتين من شهود يهوه هما:‏ ريغا سنتر وريغا توورْنياكالنس،‏ وذلك كتجربة مدتها سنة واحدة.‏ وبعد شهر،‏ حصلت الجماعة في يلڠاڤا على تسجيل مماثل.‏

يتطلب القانون اللاتفي ان يُعاد تسجيل الجماعات الجديدة كل سنة.‏ وللحصول على تسجيل دائم،‏ يلزم ان تتسجل عشر جماعات على الاقل لمدة عشر سنوات.‏ وفي غضون ذلك،‏ تتمكن الجماعات التي تنتظر الحصول على التسجيل من عقد اجتماعاتها دون اي تدخل من الحكومة.‏

ايجاد اماكن للاجتماع

تطلَّب النمو السريع خلال التسعينات ايجاد اماكن اكبر لعقد الاجتماعات.‏ سنة ١٩٩٧،‏ عُرض مكان مناسب للبيع في المزاد العلني في دوغاڤپيلس.‏ وكان الاخوة الوحيدين الذين تقدموا لشرائه،‏ وهكذا حصلوا على المبنى.‏ وفي كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٩٨ بدأت عمليات الترميم.‏ وبعد ثمانية اشهر،‏ ابتهج الناشرون في تلك المدينة الذين يفوق عددهم الـ‍ ١٤٠ شخصا بالاجتماع في قاعة ملكوت خاصة بهم.‏

اكتمل بناء اول قاعة ملكوت في جورمالا سنة ١٩٩٧.‏ وقد اندهش احد السكان الذين يدرسون الكتاب المقدس عندما رأى عمل البناء المتقن،‏ حتى انه طلب من الشهود ان يبنوا له بيتا.‏ طبعا،‏ رفض الاخوة تلبية طلبه موضحين له الهدف الروحي من عملهم.‏ في تلك الاثناء،‏ اشترى الاخوة بسعر مخفّض صالة سينما محروقة في توورْنياكالنس بريغا.‏ وفي آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٨،‏ كان هذا المبنى المتفحِّم قد تحول الى قاعة ملكوت مزدوجة جميلة.‏

فنلندا تمد يد العون

لعب الاخوة في فنلندا دورا كبيرا في تقدم العمل في لاتفيا،‏ كما انهم اشرفوا على العمل هناك من سنة ١٩٩٢ حتى سنة ٢٠٠٤.‏ علاوة على ذلك،‏ تطبع فنلندا كل المجلات للاتفيا،‏ وقد ارسلت على مرّ السنين عدة اخوة اكفاء لمنح التوجيهات الى الجماعات هناك.‏ وكان بينهم يوها هوتّونن وزوجته تاينا،‏ اللذان اتيا الى لاتفيا سنة ١٩٩٥.‏ ويخدم يوها الآن كعضو في لجنة الفرع.‏ وهنالك ايضا روبن وأُولّا ليند اللذان قضيا معا اكثر من ٨٠ سنة في الخدمة كامل الوقت.‏ وقد منح هذان الزوجان دعما كبيرا للعمل في لاتفيا.‏ كما خدم الاخ ليند في لجنة البلد طوال اربع سنوات قبل العودة الى فنلندا.‏

فضلا عن ذلك،‏ قدّم اكثر من ١٥٠ اخا من فنلندا المساعدة في تنفيذ عدة مشاريع بناء.‏ وبفضل كل هذه الاعمال التي تنم عن المحبة وبفضل بركة يهوه السخية على خدمة الناشرين والفاتحين والمرسلين،‏ أُنشئ في ١ ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٠٠٤ فرع في لاتفيا للاشراف على عمل شهود يهوه هناك.‏

حملات كرازية خصوصية

يعيش معظم الناشرين في لاتفيا في المدن والبلدات الكبيرة او ضواحيها.‏ وفي اوائل سنة ٢٠٠١،‏ تسلمت الجماعات رسالة تدعو الناشرين الى تخصيص جزء من عطلتهم للاشتراك في حملة خصوصية للكرازة في المناطق المنعزلة.‏ فتطوع ٩٣ ناشرا قُسِّموا الى تسع فرق وعُيِّنوا للخدمة في عدد من البلدات والقرى الريفية.‏

اخذ ڤْياتشسلاڤس زايتْسڤس،‏ وهو عضو في بيت ايل،‏ عطلة للاشتراك في هذه الحملة.‏ يقول:‏ «كانت هذه فرصة رائعة للتعرف جيدا بالاخوة والاخوات الآخرين.‏ فبعد الانتهاء من عمل الكرازة،‏ كنا نجلس معا لتناول وجبة طعام،‏ نروي الاختبارات،‏ ونخطط لليوم التالي.‏ بعد ذلك كنا نلعب كرة القدم،‏ ثم نحاول الهرب من شدّة الحر بالسباحة في احدى البحيرات.‏ كان هذا كله لمحة مسبقة عن الفردوس».‏

صرف الاخوة اكثر من ٢٠٠‏,٤ ساعة في الخدمة،‏ اي ما يفوق الـ‍ ٤١ ساعة للناشر الواحد.‏ كما وزّعوا اكثر من ٨٠٠‏,٩ مطبوعة،‏ وعقدوا اكثر من ٦٢٥‏,١ زيارة مكررة و ٢٢٧ درسا في الكتاب المقدس.‏ ومذاك،‏ تنظَّم حملات مماثلة كل سنة.‏

كثيرون يجدون السبيل الى الحرية الحقيقية

بدأت قصتنا مع آنس إنسبرغ،‏ رجل من لاتفيا سكب قلبه امام اللّٰه فيما كان في عرض البحر في احدى الليالي المرصعة بالنجوم.‏ اراد آنس ان يجد الناس الذين يعبدون اللّٰه «بالروح والحق».‏ (‏يوحنا ٤:‏٢٤‏)‏ وقد لبّى يهوه طلبه الصادق هذا.‏ ومذاك،‏ تعرّف اكثر من ٤٠٠‏,٢ شخص من المستقيمي القلب في لاتفيا على حق الكتاب المقدس،‏ وتُعقد حاليا دروس مجانية مع عدد مماثل تقريبا.‏ مع ذلك،‏ لا يزال هنالك عمل كثير.‏ —‏ متى ٩:‏٣٧،‏ ٣٨‏.‏

يفرح شهود يهوه في لاتفيا بمساعدة الذين يتوقون الى الحرية الحقيقية.‏ لكنهم لا يوجهونهم الى ما يمثله نصب الحرية التذكاري في شارع بْريڤيباس بل الى ملكوت اللّٰه.‏ فعما قريب،‏ جميع الذين ينتظرون الملكوت بفارغ الصبر ويعبدون يهوه «بالروح والحق» سيتحررون من المآسي والآلام بكل ألوانها.‏ نعم،‏ سيختبرون الحرية الكاملة،‏ «الحرية المجيدة لأولاد اللّٰه».‏ —‏ روما ٨:‏٢١‏.‏

‏[الحاشية]‏

^ ‎الفقرة 53‏ نُشرت قصة حياة يوري كاپتولا في برج المراقبة،‏ عدد ١ ايلول (‏سبمتبر)‏ ٢٠٠٥.‏

‏[النبذة في الصفحة ١٩٠]‏

‏«لن انسى البتة يوم معموديتي.‏ فقد غُطِّست في وقت متأخر من الليل في نهر بارد جدا.‏ ورغم ان بدني اقشعر من شدة البرد،‏ كان الفرح يغمر قلبي».‏

‏[النبذة في الصفحة ٢٠٣]‏

‏«سمعت صوتا ورائي يقول:‏ ‹لقد اشتريتِ سمًّا›».‏

‏[الاطار/‏الخرائط في الصفحتين ١٨٤ و ١٨٥]‏

لمحة عن لاتفيا

اليابسة:‏

يبلغ عرض لاتفيا من الشرق الى الغرب نحو ٤٥٠ كيلومترا وطولها من الشمال الى الجنوب ٢١٠ كيلومترات.‏ وتغطي الغابات حوالي ٤٥ في المئة من اراضيها.‏ ومن الحيوانات التي تقطن هذا البلد هنالك القنادس،‏ الايائل،‏ الألكة،‏ حيوانات الوَشَق،‏ ثعالب الماء،‏ الفقمات،‏ الخنازير البرية،‏ والذئاب.‏ كما تحلّق في سمائه انواع كثيرة من الطيور مثل اللقلق الاسود،‏ مالك الحزين،‏ العندليب،‏ والنقَّار.‏

الشعب:‏

يعيش اكثر من ثلث السكان البالغ عددهم ٤‏,٢ مليون نسمة في العاصمة ريغا.‏ وينتمي معظم السكان إما الى المذهب اللوثري او الكاثوليكي الروماني او الكنيسة الارثوذكسية الروسية.‏ إلّا ان غالبية اللاتفيين يدّعون انهم غير متديّنين.‏

اللغة:‏

اللاتفية والروسية هما اللغتان الرسميتان.‏ الاولى ينطق بها نحو ٦٠ في المئة من الشعب،‏ والثانية اكثر من ٣٠ في المئة.‏ وكثيرون يجيدون التحدث بأكثر من لغة واحدة.‏

سُبُل العيش:‏

يعمل نحو ٦٠ في المئة في قطاع الخدمات،‏ اما الباقون فيعملون في المصانع والمزارع.‏

الطعام:‏

تشمل المحاصيل الزراعية البطاطا،‏ الشعير،‏ الشمندر السكري،‏ الحبوب،‏ والعديد من انواع الخضر.‏ ويربي اللاتفيون المواشي مثل الابقار،‏ الماعز،‏ الخنازير،‏ والخراف.‏ ومن الشائع ايضا تربية الطيور الداجنة.‏

المناخ:‏

مستوى الرطوبة مرتفع والسماء غائمة في غالبية الاوقات.‏ صيف لاتفيا معتدل الحرارة،‏ وشتاؤها ليس قاسيا جدا.‏

‏[الخريطة]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)‏

أستونيا

روسيا

لاتفيا

ڤالميرا

ريغا

جورمالا

سلوكا

توكومس

ڤينتسپيلس

كولديغا

لييپايا

فاينودي

يلڠاڤا

دوغاڤپيلس

ليتوانيا

بحر البلطيق

خليج ريغا

‏[الصورة]‏

ريغا

‏[الاطار/‏الخريطة في الصفحة ١٨٦]‏

اقاليم لاتفيا الاربعة

تنقسم لاتفيا بالاجمال الى اربعة اقاليم جغرافية وحضارية،‏ لكل منها طابع مميز ورونق خاص.‏ يتاخم الاقليمُ الاكبر ڤيدزيميه خليجَ ريغا ويضم العاصمة ريغا،‏ فضلا عن مدينتَي سيجولدا وسيسيس المشهورتَين بقصورهما وتاريخهما العريق.‏ وفي الشرق،‏ يقع اقليم لاتڠايل بمنخفضاته وبحيراته الزرقاء،‏ بالاضافة الى دوغاڤپيلس ثاني اكبر مدينة في البلد.‏ ويقع زمڠاليه الغني بمحاصيل الحبوب جنوب غرب نهر دوجافا،‏ الذي ينبع من روسيا البيضاء ويصب في خليج ريغا مرورا بلاتفيا.‏ نرى في هذا الاقليم قصرَين فخمين بُنيا على الطراز الباروكي من تصميم المهندس المعماري الايطالي راستريللي،‏ الذي صمم ايضا القصر الشتوي في سانت بيترسبرغ في روسيا.‏ اما الاقليم الرابع فهو اقليم كورزيميه الذي يتميز بمزارعه وغاباته وشواطئه،‏ وهو يضم ساحل بحر البلطيق،‏ مدينتَي ڤينتسپيلس ولييپايا،‏ والكثير من قرى صيد السمك.‏

‏[الخريطة]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)‏

١ ڤيدزيميه

٢ لاتڠايل

٣ زمڠاليه

٤ كورزيميه

‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحتين ١٩٢ و ١٩٣]‏

الشهادة لرجل دين غيَّرت حياتي وحياته

آنّا باتْنيا

تاريخ الولادة:‏ ١٩٥٨

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٧٧

لمحة عن حياتها:‏ تربَّت في عائلة مسيحية في اوكرانيا وتمكنت من مساعدة ما لا يقل عن ٣٠ شخصا على اتخاذ خطوة المعمودية.‏ وهي تخدم حاليا كفاتحة خصوصية.‏

انتقلتُ الى لاتفيا سنة ١٩٨٦ بعد ان علمت بالحاجة الى ناشرين في ذلك البلد.‏ لم يكن بإمكاننا آنذاك الكرازة بشكل علني،‏ لذا كنت اخبِّئ كتابي المقدس في كيس يحتوي بعض المشتريات وأتحدث الى الناس في المنتزهات وغيرها من الاماكن العامة.‏ كان حديثنا يرتكز على رجاء الملكوت ولم نكن نستخدم كتبنا المقدسة إلّا عندما يُظهر الشخص اهتماما.‏ وبما ان الناس نادرا ما دعونا الى بيوتهم خوفا من الاقارب او الجيران،‏ كنا نلتقي المهتمين في اماكن اخرى مناسبة لعقد الدروس معهم.‏

كانت المطبوعات قليلة جدا،‏ فلم يكن لدى جماعتنا سوى نسخة واحدة من كتاب الحق الذي يقود الى الحياة الابدية بالروسية،‏ وهو احد المساعِدات على درس الكتاب المقدس.‏ وقد استمر الوضع على هذه الحال بضع سنوات.‏ ومع اننا استخدمنا في خدمة الحقل المعلومات التي يتضمنها هذا الكتاب،‏ لم نستطع توزيعه على الناس الذين التقيناهم.‏

ذات يوم،‏ كنت انا ورفيقتي في الخدمة نشهد قرب كنيسة حين التقينا رجل دين يدعى پْيُوتر باتْنيا.‏ وبغية البدء بمحادثة معه،‏ سألناه من اين يمكننا شراء كتاب مقدس.‏ فأجاب:‏ «انا ايضا مهتم بالكتاب المقدس»،‏ وتلا ذلك مناقشة ممتعة.‏ وفي اليوم التالي،‏ التقينا پْيُوتر في حديقة قريبة،‏ اريناه قائمة محتويات كتاب الحق،‏ وسألناه عن الموضوع الذي يرغب في مناقشته.‏ فاختار الفصل:‏ «العادات الشائعة التي لا ترضي اللّٰه».‏ وبما ان المناقشة كانت مثمرة جدا،‏ رتَّبنا ان يعقد احد الاخوة مع پْيُوتر درسا منتظما في الكتاب المقدس.‏

بعد التسلّح بالمعرفة الدقيقة من الكتاب المقدس،‏ بدأ پْيُوتر يطرح الاسئلة على رجال دين آخرين.‏ فوجد انهم عاجزون عن الاجابة،‏ حتى انهم لا يستطيعون شرح تعاليم الكتاب المقدس الرئيسية.‏ بُعيد ذلك،‏ استقال من الكنيسة ونذر حياته ليهوه.‏

سنة ١٩٩١،‏ تزوجنا انا وپْيُوتر وبدأنا بعمل الفتح معا.‏ لكن من المحزن انه مات في حادث بعد سنوات قليلة.‏ فكيف واجهتُ هذه المحنة؟‏ انهمكت بشكل رئيسي في الخدمة ومساعدة الآخرين على التعرف ‹بإله كل تعزية›.‏ (‏٢ كورنثوس ١:‏٣،‏ ٤‏)‏ وقد حظيت سنة ١٩٩٧ بامتياز الخدمة كفاتحة خصوصية.‏

‏[الصورة]‏

پْيُوتر

‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٢٠٠ و ٢٠١]‏

توقي الى حكومة عادلة

إندرا رايتوپي

تاريخ الولادة:‏ ١٩٦٦

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٨٩

لمحة عن حياتها:‏ كانت شيوعية في السابق،‏ انخرطت في خدمة الفتح سنة ١٩٩٠ وساعدت اكثر من ٣٠ شخصا على اتخاذ خطوة المعمودية.‏

خلال نشأتي،‏ لم اكن أُومن باللّٰه ولا بالكتاب المقدس.‏ مع ذلك،‏ غالبا ما دافعت عن الصواب وتساءلتُ لماذا يفشل البشر على الدوام في تأسيس حكومة جيدة وعادلة.‏

عندما التقيت شهود يهوه للمرة الاولى،‏ ادهشني ما أروني اياه من الكتاب المقدس.‏ فقد بدت كلماتهم منطقية بالنسبة الي!‏ وقد مسّت قلبي المعرفة عن حكومة الملكوت والعدل الذي نادى به يسوع.‏ فاعتمدت سنة ١٩٨٩ في احدى البحيرات وبدأت بالفتح العادي بعد ستة اشهر.‏ في ذلك الوقت،‏ كان لدي انا وزوجي ولد واحد.‏ وبعد فترة رُزقنا بتوأمين.‏ مع ذلك،‏ تمكنت من مواصلة خدمتي كامل الوقت بدعم من زوجي المحب ايڤان الذي يخدم يهوه هو ايضا.‏

حين كان الاولاد صغارا،‏ غالبا ما كنت اشهد بطريقة غير رسمية في الشوارع والحدائق العامة.‏ وفي الواقع،‏ سهّل التوأمان عليّ ايجاد الفرص للشهادة بطريقة غير رسمية،‏ لأنهما اثارا فضول الناس وجعلاهم يشعرون بالارتياح ويرغبون في التحدث اليَّ.‏

ذات يوم،‏ التقيت سيدة تدعى آنّا اثناء الشهادة في حديقة عامة في ريغا.‏ كانت هذه السيدة تجلس على مقعد بانتظار ان يحين موعد حفلة موسيقية سبق ان اشترت تذكرة لحضورها.‏ إلّا ان رغبتها في معرفة المزيد عن الرجاء الذي يمنحه الكتاب المقدس للبشر طغت عليها،‏ فلم تذهب الى الحفلة الموسيقية.‏ قرأنا آيات عديدة معا ورتّبنا للقاء آخر في الحديقة.‏ وبعد ستة اشهر،‏ صارت آنّا (‏الى اليسار)‏ اختا لنا،‏ وهي تخدم الآن ضمن فريق الترجمة في الفرع.‏ نعم،‏ يطفح قلبي فرحا عندما اتأمل كيف يبارك يهوه خدمتي.‏

‏[الصورة]‏

مع عائلتي

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ٢٠٤ و ٢٠٥]‏

لا بد انهما عرفتا ما يجول في ذهني

اندريه ڠيڤلييا

تاريخ الولادة:‏ ١٩٦٣

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٩٠

لمحة عن حياته:‏ هذه صورته مع زوجته يلْيينا.‏ هو يخدم كفاتح،‏ ناظر دائرة بديل،‏ وناظر مدينة.‏

كنت متوجها الى ريغا على متن قطار في كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٠ حين سألتني امرأتان هل قرأتُ الكتاب المقدس يوما.‏ ولا بد انهما عرفتا ما يجول في ذهني لأني لطالما اردت قراءة الكتاب المقدس،‏ لكني لم اتمكن من الحصول على نسخة منه.‏ فأعطيت واحدة منهما تدعى إندرا رايتوپي عنواني ورقم هاتفي.‏ (‏انظر الاطار في الصفحتين ٢٠٠-‏٢٠١.‏)‏ بعد بضعة ايام،‏ جاءتا الى منزلي وكنت انتظر زيارتهما بفارغ الصبر.‏ لقد اعجبتني كثيرا مهارتهما في استخدام الكتاب المقدس للاجابة عن اسئلتي.‏ بُعيد ذلك،‏ بدأ پْيُوتر باتْنيا يدرس الكتاب المقدس معي،‏ وهو خادم كامل الوقت كان في السابق رجل دين.‏ —‏ انظر الاطار في الصفحتين ١٩٢-‏١٩٣.‏

بعد اربعة اشهر،‏ حضرت الاجتماع للمرة الاولى.‏ خلال فصل الصيف،‏ كانت الاجتماعات تُعقد مرة واحدة في الشهر في احدى الغابات.‏ وكان الاجتماع يدوم من العاشرة صباحا حتى السادسة مساء وتناقَش خلاله اجزاء مختارة من مدرسة الخدمة الثيوقراطية وبرامج اجتماعات الخدمة.‏ وفي غالبية المرات،‏ كان يعتمد شخص ما في هذه الاجتماعات،‏ لذلك كنا نستمع الى خطاب معمودية قبل استراحة الغداء.‏

فرحت جدا بالمعرفة التي نلتها حديثا وبالمحبة الاخوية التي سادت الاجتماعات.‏ لذلك اردت ان اعتمد في اقرب وقت ممكن.‏ وأتت الفرصة المناسبة في اواخر آب (‏اغسطس)‏ من السنة نفسها،‏ وقد اعتمدت في احدى البحيرات.‏

في اوائل تسعينات القرن العشرين،‏ درست الكتاب المقدس مع عدة اشخاص في محترَفي الفني.‏ وقد اصبح البعض منهم اخوتي الروحيين.‏ وفي سنة ١٩٩٢،‏ باركني يهوه بأمر اضافي ملأ قلبي سرورا،‏ فقد اصبحت زوجتي العزيزة يلْيينا اختي الروحية.‏

‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحتين ٢٠٨ و ٢٠٩]‏

العودة الى دياري بعد ٥٠ سنة

آرييا ب.‏ لايڤرز

تاريخ الولادة:‏ ١٩٢٦

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٥٨

لمحة عن حياتها:‏ ولدَت في لاتفيا،‏ وعاشت في عدة بلدان قبل عودتها الى لاتفيا للخدمة حيث الحاجة اعظم الى مبشرين.‏

خلال الحرب العالمية الثانية،‏ قرّر ابي ان تحزم العائلة امتعتها وتغادر لاتفيا.‏ بعد فترة،‏ تزوجتُ وانتقلت انا وزوجي للعيش في فنزويلا.‏ وهناك التقيت شهود يهوه للمرة الاولى وقبلت درسا بيتيا في الكتاب المقدس مع اخت مرسلة،‏ وكان الدرس يُعقد بالالمانية.‏ ولاحقا،‏ عندما بدأت احضر الاجتماعات تعلمت الاسبانية،‏ اللغة الرسمية في فنزويلا.‏

سنة ١٩٥٨،‏ انتقلَت عائلتنا الى الولايات المتحدة حيث اعتمدتُ بعد شهرين.‏ عندما مات زوجي،‏ انتقلت انا وابنتي الى اسبانيا وخدمت هناك كفاتحة.‏ كانت اسبانيا في تلك الاثناء خاضعة لحكم الجنرال فرانكو الدكتاتوري،‏ وكان الناس الخائفون اللّٰه والمتواضعون متعطشين الى الحق.‏ بقيت في اسبانيا ١٦ سنة حظيت خلالها بامتياز مساعدة نحو ٣٠ شخصا على اتخاذ خطوة المعمودية.‏

بعد انهيار الشيوعية السوفياتية سنة ١٩٩١،‏ زرت لاتفيا وأدركت كم كانت الحاجة ماسة الى منادين بالملكوت في ذلك البلد!‏ وفي سنة ١٩٩٤،‏ اي بعد ٥٠ سنة تماما من مغادرتي البلد،‏ تحقق اخيرا حلمي ان اعود الى دياري وأقوم بعمل الفتح هناك.‏

كان الحقل في لاتفيا قد نضج وحان وقت حصاده.‏ مثلا،‏ كرزت ذات يوم لرجل فطلب احد كتبنا لأن ابنته كانت مهتمة بالامور الروحية وأراد اعطاءها الكتاب.‏ فحصلتُ منه على عنوانها وبدأت ادرس الكتاب المقدس معها،‏ وفي غضون سنة اعتمدتْ.‏ اشكر يهوه على منحي امتياز الخدمة كفاتحة،‏ بالاضافة الى القوة اللازمة للقيام بهذا التعيين في بلدي الام بعد غياب دام طويلا.‏

‏[الصورة]‏

حين كنت في العشرين من عمري

‏[الجدول/‏الرسم البياني في الصفحتين ٢١٦ و ٢١٧]‏

نبذة تاريخية —‏ لاتفيا

١٩١٦:‏ معمودية البحار آنس إنسبرغ.‏ بعد الحرب العالمية الاولى،‏ يضع آنس في الصحف اللاتفية اعلانات تنادي بملكوت اللّٰه.‏

١٩٢٠

١٩٢٦:‏ تأسيس مكتب في ريغا.‏

١٩٢٨:‏ صدور كراس حرية للشعوب،‏ اول مطبوعة باللاتفية.‏ وصول موزعي المطبوعات الجائلين من المانيا.‏

١٩٣١:‏ تعيين پِرسي دَنهام مديرا للمكتب.‏

١٩٣٣:‏ تسجيل جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم.‏

١٩٣٤:‏ الحكومة تقفل مكتب جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم.‏

لم نحصل على اية تقارير خلال السنوات ١٩٣٩ الى ١٩٩٢.‏

١٩٤٠

١٩٤٠:‏ لاتفيا تصبح جزءا من الاتحاد السوفياتي؛‏ يضطر الزوجان دَنهام الى مغادرة البلد.‏

١٩٥١:‏ ترحيل الشهود الى سيبيريا.‏

١٩٦٠

١٩٨٠

١٩٩١:‏ لاتفيا تستعيد استقلالها السياسي.‏

١٩٩٣:‏ وصول المرسلين الاوائل المدرَّبين في جلعاد.‏

١٩٩٥:‏ صدور طبعات شهرية من برج المراقبة باللاتفية.‏

١٩٩٦:‏ انشاء لجنة للبلد في ريغا.‏

١٩٩٧:‏ بناء اول قاعة ملكوت جديدة بالكامل في جورمالا.‏

١٩٩٨:‏ التسجيل الشرعي لجماعتَين في ريغا.‏

٢٠٠٠

٢٠٠١:‏ تنظيم اول حملة كرازية خصوصية.‏

٢٠٠٤:‏ انشاء فرع في لاتفيا في ١ ايلول (‏سبتمبر)‏.‏

٢٠٠٦:‏ اكمال بناء الاقسام التي أُضيفت الى الفرع؛‏ يخدم في لاتفيا اكثر من ٤٠٠‏,٢ ناشر.‏

‏[الرسم البياني]‏

‏(‏انظر المطبوعة)‏

مجموع الناشرين

مجموع الفاتحين

٠٠٠‏,٢

٠٠٠‏,١

١٩٢٠ ١٩٤٠ ١٩٦٠ ١٩٨٠ ٢٠٠٠

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ١٧٦]‏

‏[الصورة في الصفحة ١٧٨]‏

ضمّ هذا المبنى اول مكتب لتلاميذ الكتاب المقدس تأسس في ريغا عام ١٩٢٦

‏[الصورة في الصفحة ١٧٨]‏

حمل كراس «حرية للشعوب» الذي تُرجم الى اللاتفية سنة ١٩٢٨ رسالة فرح للناس

‏[الصورة في الصفحة ١٧٨]‏

ريس تايلور

‏[الصورة في الصفحة ١٨٠]‏

فرديناند فروك،‏ اعتمد سنة ١٩٢٧

‏[الصورة في الصفحة ١٨٠]‏

هاينرخ تْسيخ وزوجته إلسا،‏ امام دكانهما في لييپايا

‏[الصور في الصفحة ١٨٣]‏

نقل إدوين ريدجْوِل (‏الى اليسار)‏ وأندرو جاك المطبوعات الى لاتفيا سرًّا

‏[الصورة في الصفحة ١٨٣]‏

پِرسي ومادج دَنهام

‏[الصورة في الصفحة ١٨٣]‏

العاملون في المكتب وشهود آخرون في ثلاثينات القرن العشرين

‏[الصورة في الصفحة ١٩١]‏

قائمة لجنة امن الدولة التي تضم اسماء الشهود الذين أوقفوا سنة ١٩٥٠.‏ كثيرون من هؤلاء الشهود أُرسلوا الى سيبيريا

‏[الصورة في الصفحة ١٩١]‏

سيبيريا في اوائل خمسينات القرن العشرين

‏[الصورة في الصفحة ١٩٤]‏

كان الاخوة يصغون الى المحاضرات الروحية في التجمعات الكبيرة،‏ مثل هذا المأتم

‏[الصورة في الصفحة ١٩٤]‏

ترجم پاولس وڤالييا بيرڠمانيس «برج المراقبة» الى اللاتفية،‏ وكانا يدوّنان ترجمتهما على دفاتر مدرسية

‏[الصورة في الصفحة ١٩٤]‏

كان الاخوة يأتون بميكروفيلم (‏هذا هو حجمه الفعلي)‏ لمجلة «برج المراقبة».‏ فيُظهِّرونها،‏ ينسخونها،‏ ويوزعونها

‏[الصورتان في الصفحة ١٩٧]‏

نقلت پولين سيروڤا الحق الى الممرضة تيوفيليا كالڤيتيه

‏[الصورة في الصفحة ١٩٩]‏

يوري كاپتولا عام ١٩٨١

‏[الصورة في الصفحة ١٩٩]‏

اليوم امام السجن الذي احتُجز فيه

‏[الصورتان في الصفحة ٢٠٢]‏

سنة ١٩٩٨،‏ عُقد اول محفل كوري في لاتفيا بمحور «طريق اللّٰه للحياة»،‏ وقد تضمن قسما بلغة الاشارات اللاتفية

‏[الصورتان في الصفحة ٢٠٧]‏

اصبح يانيس فولكمانِس ناشرا للملكوت بعد ثلاثة اشهر من فوزه في بطولة لاتفيا في رفع الاثقال

‏[الصورتان في الصفحة ٢٠٧]‏

كان ماريس كرومِنيش في السجن عندما صلّى للّٰه للمرة الاولى

‏[الصورة في الصفحة ٢١٠]‏

طُردت داتسي پونتسول من المدرسة لأنها رفضت ان تنشد اغاني وطنية

‏[الصورة في الصفحة ٢١٠]‏

ماتت يلْيينا ڠودلييڤْسكايا بعد ان نُقل اليها الدم عنوة

‏[الصورة في الصفحة ٢١٠]‏

ساهم النظار الجائلون وزوجاتهم في بنيان الجماعات

‏[الصورة في الصفحة ٢١٥]‏

عائلة بيت ايل في لاتفيا

‏[الصورة في الصفحة ٢١٥]‏

لجنة الفرع سنة ٢٠٠٦

پيتر لوترس

اندِرس بيريلوند

هانّو كانكانپا

يوها هوتّونن

‏[الصورة في الصفحة ٢١٥]‏

مباني الفرع الثلاثة في مييرا ستريت بريغا

‏[الصورتان في الصفحة ٢١٨]‏

شعب يهوه في لاتفيا يكرزون الآن بشكل علني

‏[الصورتان في الصفحة ٢١٨]‏

تحوّلت صالة السينما المتفحِّمة هذه (‏الى اليسار)‏ الى قاعتَي ملكوت (‏ادناه)‏