الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

پاپوا غينيا الجديدة

پاپوا غينيا الجديدة

پاپوا غينيا الجديدة

في الماضي السحيق،‏ هاجرت افواج من الناس جنوبا عبر آسيا على مدى سنوات عديدة بحثا عن موطن جديد.‏ فاكتشفوا عند الطرف الشرقي لأرخبيل الملايو غينيا الجديدة —‏ جزيرة استوائية وعرة هي ثاني اكبر جزر العالم.‏ * فشقّوا طريقهم بمحاذاة خطها الساحلي الحار والرطب،‏ مستوطنين في ادغالها الكثيفة،‏ مستنقعاتها الوسيعة،‏ والجزر المتناثرة قبالتها.‏ كما ارتقى بعضهم سلسلتها الجبلية ليحطوا رحالهم في المرتفعات المعتدلة المناخ التي تتمتع بتربة خصبة وتتخللها وديان فسيحة.‏

ولم يشكل السكان فريقا قوميا متحدا،‏ بل تألفوا من قبائل صغيرة متحاربة في الغالب،‏ يتجاوز عددها الالف.‏ وقد مارسوا عادات متنوعة،‏ تزيَّوا بأزياء مميزة،‏ وتكلموا اكثر من ٨٠٠ لغة.‏ وكانت معظم المجموعات السكانية تعيش في مقاطعات محصورة (‏اي محاطة بأراضٍ لمجموعات اخرى)‏ محصنة جيدا ومعزولة تماما عن العالم الخارجي.‏ وفي اعتقاد كثيرين،‏ كَمَنَ وراء الافق حيِّزٌ تسكنه الشياطين والاسلاف الموتى الذين يؤثِّرون في حياة الاحياء للخير او للشر.‏ لذا،‏ تمحورت حياة الناس حول استرضاء تلك الارواح.‏

وقد اختلف السكان كثيرا في الشكل ايضا،‏ باستثناء ميزة واحدة مشتركة.‏ وهذه الميزة لفتت نظر جورج دي مينيسيس،‏ رسمي برتغالي زار المنطقة سنة ١٥٢٦،‏ فأطلق على الجزيرة اسم إيلياس دوش پاپُوَش،‏ ويعني «ارض الشعب الاجعد الشعر».‏ اما الرحالة الاسباني إنيڠو اورتيس دو رِتِس فشعر ان سكان الجزيرة يشبهون سكان غينيا في افريقيا الغربية،‏ لذلك سمّى الجزيرة نْوِڤا ڠينِيا،‏ اي غينيا الجديدة.‏

في القرن التاسع عشر،‏ قسّمت القوات الاوروبية الجزيرة الى ثلاثة اقسام.‏ وادّعى الهولنديون،‏ اول القادمين اليها،‏ ملكية نصفها الغربي الذي يشكل اليوم جزءا من إندونيسيا.‏ اما البريطانيون والالمان فقسّموا نصفها الشرقي الى جزءين،‏ فدُعي الجنوبي غينيا الجديدة البريطانية (‏ما سُمي لاحقا پاپوا)‏ والشمالي غينيا الجديدة الالمانية (‏لاحقا،‏ غينيا الجديدة)‏.‏ وبعد الحرب العالمية الاولى،‏ اصبحت هاتان المقاطعتان كلتاهما تحت سيطرة اوستراليا.‏ وأخيرا،‏ سنة ١٩٧٥،‏ اتحدت پاپوا وغينيا الجديدة معا لتشكلا دولة مستقلة هي پاپوا غينيا الجديدة.‏ *

اليوم،‏ لا تزال پاپوا غينيا الجديدة في طور التحديث.‏ فبعض مواطنيها يقطنون في مدن مماشية للعصر حيث تتوفر لهم وسائل راحة ذات تقنية عالية.‏ غير ان اربعة من كل خمسة اشخاص يسكنون قرى صغيرة نائية لم تشهد إلا تطورا طفيفا عبر مئات السنين.‏ وفي هذه القرى يدل اقتناء الخنازير على الثراء،‏ يشيع تقديم مهر للعروس،‏ تنتشر الارواحية،‏ ويأتي الولاء للعشيرة في المقام الاول.‏

لكن بلد التنوع هذا يشهد خلال العقود الاخيرة تغييرا اكثر اهمية يؤثر في الناس المخلصين من كل الفرق الإثنية،‏ ويحسِّن حياتهم بطرائق لا تُحصى.‏ انه تغيير على الصعيد الروحي ناجم عن درس وتطبيق الحقائق المذكورة في كلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس.‏ —‏ رو ١٢:‏٢‏.‏

المبشرون الاوائل

وصل حق الكتاب المقدس الى پاپوا غينيا الجديدة سنة ١٩٣٢،‏ حين مكث فيها لبعض الوقت فاتح بريطاني اسمه پيك وهو في طريقه الى الملايو (‏ماليزيا اليوم)‏.‏ لم يفوِّت پيك فرصة تقديم البشارة،‏ بل كرز للسكان المحليين طوال عدة اسابيع.‏ فوزع مئات المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس قبل متابعة طريقه الى مكان تعيينه.‏

وبعد ثلاث سنوات،‏ رسا مركب الجمعية حامل النور في پورت مورْزْبي،‏ وعلى متنه سبعة فاتحين،‏ ليجري اصلاح محركه.‏ وخلال الشهر الذي قضاه الفاتحون هناك،‏ كرزوا بغيرة في كل انحاء پورت مورْزْبي والمناطق المجاورة.‏ وكان بينهم شاهد نيوزيلندي مقدام اسمه فرانك دْيُوَار جال على قدميه في المناطق الداخلية حاملا كمية كبيرة من الكتب،‏ فوزَّع مطبوعات الكتاب المقدس على المستوطنين وصولا الى مواقع تبعد ٥٠ كيلومترا عن الساحل.‏

وقد وصل البعض من هذه المطبوعات الى يد هِني هِني نِيوكي،‏ طبيب مشعوذ من قبيلة كوياري.‏ فغُرِست حقائق الكتاب المقدس التي تعلمها في قلبه بانتظار ان يعود شهود يهوه اليه لسقيها.‏ —‏ ١ كو ٣:‏٦‏.‏

في اواخر ثلاثينات القرن العشرين،‏ قام فاتح آخر برحلة كرازية طويلة غطت البلدات الرئيسية في پاپوا غينيا الجديدة،‏ بما فيها جزر بريطانيا الجديدة وإيرلندا الجديدة وبوڠنڤيل.‏ فوزّع الكثير من مطبوعات الكتاب المقدس.‏ لكن قبل ان يتمكن آخرون من متابعة العمل الذي بدأه،‏ غرقت المنطقة في فوضى الحرب العالمية الثانية.‏

الكرازة في «القرية الكبيرة»‏

بعد اثنتي عشرة سنة،‏ في ٢٢ ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٥١،‏ ترجّل اوسترالي طويل القامة من الطائرة،‏ واطئا ارض پورت مورْزْبي الشديدة الحرارة والرطوبة.‏ انه توم كيتو،‏ شاهد في السابعة والاربعين من عمره لبى الدعوة الى التطوع لمباشرة عمل الملكوت في جزر المحيط الهادئ.‏ ثم تبعته زوجته رُوِينا بعد ستة اسابيع.‏ وكانت المقاطعة المعينة لهما پاپوا غينيا الجديدة بكل ارجائها.‏

سرعان ما اكتشف الزوجان كيتو ان معظم البيض في پورت مورْزْبي لا يبالون برسالة الملكوت.‏ لكنهما بعد ذلك التقيا اوستراليًّا آخر اسمه جيف باكنِل ابتعد عن الحق حين كان شابا.‏ فوافق ان يدرس الكتاب المقدس،‏ وأصبح لاحقا شاهدا امينا هو وزوجته إيرين.‏

ثم ذهب توم ورُوِينا الى هانُوابَدا،‏ ويعني اسمها «القرية الكبيرة» باللغة المحلية موتو.‏ تمتد هذه القرية فوق ميناء پورت مورْزْبي؛‏ وهي تحوي مئات البيوت التي تقوم على ركائز ويتصل واحدها بالآخر بواسطة ممرات خشبية طويلة تنفذ الى الشاطئ.‏ كتبت رُوِينا:‏ «اجتمع الناس حولنا لسماع البشارة.‏ وأظهروا اهتماما شديدا بها،‏ الى حد اننا عدنا اليهم كل امسية على مدى شهرين —‏ باستثناء امسيتين فقط —‏ لعقد دروس في الكتاب المقدس».‏ وأضاف توم:‏ «راق لهؤلاء الناس كثيرا رجاء القيامة والحياة في ارض فردوسية.‏ وحين ضغط عليهم مرسلو العالم المسيحي وأحد رجال الشرطة المحليين للتوقف عن الدرس،‏ اعربوا جميعا عن موقف ثابت.‏ فكان الحق قد تأصل عميقا في قلوبهم».‏

وبين الذين اتخذوا موقفا ثابتا الى جانب الحق راهو وكونيو راكاتاني،‏ أودا سْيوني،‏ ڠَيْوا نِيوكي،‏ وزوجها هِني هِني الذي حصل على مطبوعات من طاقم المركب حامل النور قبل ١٦ سنة.‏ وسرعان ما بدأ فريق مؤلف من نحو ٣٠ شخصا مهتما يأتي الى منزل هِني هِني لحضور الاجتماعات بانتظام.‏ يتذكر أودا سْيوني الذي كان غلاما آنذاك:‏ «جلس الرجال والنساء في جانبين منفصلين من الغرفة.‏ وكانت النساء عاريات الصدر يرتدين تنانير من العشب ويضعن اطفالهن في اكياس ملونة ذات حبال علَّقنها بروافد سقف الغرفة.‏ وبعد ارضاع اطفالهن،‏ كن يضعنهم في الاكياس ويُهدهِدْنَهم ليناموا».‏

ادار توم كيتو تلك الاجتماعات بمساعدة مترجم.‏ طبعا،‏ لم تسر الامور دائما على خير ما يرام.‏ يروي دون فيلدر الذي قدِم الى هناك سنة ١٩٥٣:‏ «في احد الاجتماعات خدم بادو،‏ اخو هِني هِني،‏ كمترجم.‏ بدا الوضع جيدا في البداية —‏ بادو يترجم كلام توم ويستخدم ايماءات مماثلة لإيماءاته.‏ لكنه اعترف لاحقا بأنه لم يفهم شيئا من الخطاب.‏ فكان يتلو الحقائق التي سبق ان تعلّمها ويقلِّد ايماءات توم لكي يبدو ما يلقيه ترجمة صحيحة».‏ رغم هذه التحديات نما الفريق بسرعة،‏ وما لبث ان تشكل فريق ثانٍ في بيت راهو راكاتاني في قرية هانُوابَدا ايضا.‏

‏«تعال وعلِّم قبيلتي»‏

في اوائل سنة ١٩٥٢ قام بوبوڠي نايوري،‏ زعيم في قبيلة كوياري وطبيب مشعوذ بارز،‏ بزيارة هِني هِني —‏ رجل ينتمي الى قبيلته التي يجمع بين افرادها رابط قوي يشار اليه بكلمة وانتوك بلغة توك پيسين —‏ وحضر اجتماعا في بيته.‏ وإذ أُعجِب بما رآه وسمعه،‏ التمس من توم كيتو لاحقا:‏ «من فضلك،‏ تعال وعلِّم قبيلتي الحق!‏».‏

بُعيد ذلك،‏ استقل توم ورُوِينا شاحنتهما الصغيرة القديمة وانطلقا عبر الطرقات الموحلة الى بيت بوبوڠي في هايِما،‏ قرية صغيرة تقع على مسافة نحو ٢٥ كيلومترا شمال پورت مورْزْبي.‏ فكرز توم للقرويين المحتشدين هناك ولعب بوبوڠي دور المترجم.‏ وكانت النتيجة ان حوالي ٣٠ شخصا بدأوا يدرسون الكتاب المقدس.‏

وفي وقت لاحق من الشهر نفسه،‏ بنى الفريق في هايِما قاعة صغيرة للاجتماعات المسيحية.‏ تتذكر إلسي هورسْبرڠ التي حضرت لاحقا الاجتماعات هناك:‏ «كان للقاعة هيكل خشبي بسيط،‏ سقف عشبي مكسو بالقش،‏ وجدران من الخيزران المتشابك يبلغ علوها مستوى الخصر.‏ وقد اقتصر اثاثها على مقاعد خشبية،‏ قنديل كاز،‏ ولوح صغير».‏ ان هذا البناء المتواضع اصبح اول قاعة ملكوت في پاپوا غينيا الجديدة.‏

عقب ذلك،‏ اراد بوبوڠي ان تبلغ البشارة ايضا مسامع افراد قبيلته الساكنين في الجبال المجاورة.‏ فانطلق هو وتوم عبر طريق جبلي شديد الانحدار الى هضبة سوڠيري.‏ وسرعان ما بدأا يدرسان مع اكثر من ٩٠ شخصا في ثلاث قرى هناك.‏

غير ان السلطات الحكومية لم تغفل عن نشاط كهذا.‏ ففي إيوادابو،‏ داهم احد رجال الحكومة مكان الاجتماع،‏ وطلب ان يعرف مَن اجاز لشهود يهوه ان يعلِّموا القرويين المحليين.‏ كما استجوب رجال الشرطة عددا من المهتمين بشأن طبيعة عملنا.‏ حتى ان بعضا من قسوس القرية وأصحاب المزارع هددوا اخوتنا باستخدام العنف.‏

ادت هذه الضغوط الى حيدان بعض المهتمين عن طريق الايمان.‏ ولكن كانت هنالك نواة حافظت على موقف ثابت.‏ ففي سنة ١٩٥٤،‏ أُجريت اول معمودية للشهود في پاپوا غينيا الجديدة،‏ حيث اعتمد ١٣ تلميذا للكتاب المقدس في نهر لالوكي في هايِما.‏ وكان بينهم بوبوڠي الذي قال:‏ «حتى اذا حاد جميع ابناء قبيلة كوياري فلن احيد انا،‏ لأني ادرك ان هذا هو الحق».‏ وانسجاما مع كلامه،‏ حافظ بوبوڠي على استقامته خادما بأمانة كشيخ في جماعة هايِما الى ان غيبه الموت سنة ١٩٧٤.‏

تجمعات لا تُنسى

في تموز (‏يوليو)‏ ١٩٥٥،‏ وصل الى پورت مورْزْبي اول ناظر دائرة،‏ وهو مرسل كندي اسمه جون كتفورث يخدم في اوستراليا.‏ وسرعان ما احب المنطقة الاستوائية ونمط العيش فيها وسكانها المتواضعين.‏ ولم يكن يعلم انه سيخدم في پاپوا غينيا الجديدة اكثر من ٣٥ سنة.‏

جلب جون معه الفيلم الوثائقي مجتمع العالم الجديد وهو يعمل الذي يلقي الضوء على العمل التنظيمي لشهود يهوه والمحافل التي يعقدونها.‏ وخلال زيارته التي دامت ثلاثة اسابيع،‏ عرض الفيلم ١٤ مرة امام حضور تراوح عدده بين بضع مئات ونحو ٠٠٠‏,٢ شخص.‏ وقد اثّر ذلك تأثيرا بالغا في السكان المحليين الذين لم يشاهد كثيرون منهم اي فيلم من قبل.‏

وفي ختام زيارة الاخ جون،‏ عُقِد محفل دائري ليوم واحد في هايِما.‏ يتذكر توم كيتو:‏ «حين طُلب من المرشحين للمعمودية ان يقفوا،‏ .‏ .‏ .‏ نهض سبعون شخصا!‏ وقد فاضت قلوبنا بالشكر لدى رؤيتنا اربعين اخا وثلاثين اختا مصطفين عند ضفة النهر في الدغل وعلى استعداد ليرمزوا الى انتذارهم ليهوه بالمعمودية».‏

في السنة التالية،‏ رتب الاخوة لعقد محفل دائري ثانٍ في هايِما.‏ فأُوكِل الى زعيم القرية بوبوڠي ان يهيئ مكانا مناسبا ويعدّ الطعام للذين يُتوقَّع ان يحضروا.‏ وقبل ثلاثة ايام من المحفل،‏ اجتمع ناظر الدائرة الجديد جون (‏تيد)‏ سُوِل من اوستراليا مع بوبوڠي لمناقشة التحضيرات التي قام بها.‏

فسأله تيد مباشرة:‏ «اية امور انجزتها؟‏».‏

اجاب بوبوڠي:‏ «لا شيء حتى الآن».‏

فاستولت الدهشة على تيد وقال:‏ «لكن اليوم هو يوم الخميس يا بوبوڠي،‏ والمحفل سيُعقد يوم الاحد!‏».‏

فردَّ بوبوڠي:‏ «لا عليك يا اخي،‏ سنُعِدّ كل شيء يوم السبت».‏

فصُدِم تيد وعاد الى پورت مورْزْبي مقتنعا بأن تنظيم المحفل سيكون مزريا.‏

ويوم الاحد،‏ انطلق الى هايِما قلقا ليرى ما جرى اعداده.‏ ويا للمفاجأة التي كانت في انتظاره!‏ فقد أُقيمت منصة خشبية متينة في ظل شجرة ضخمة،‏ مقابل بقعة كبيرة مُهِّدت وأُزيلت منها النباتات.‏ وعلى مسافة منها حُفِرت بُؤَر في الارض للطهي،‏ حيث يُشوى عدد من الخنازير وحيوانات الكنغر الصغيرة والايّل والحمام،‏ فضلا عن السمك واليام والبطاطا الحلوة.‏ اما غلايات الشاي فوُضعت على نار مكشوفة.‏ وكانت جموع من الناس تخالط بعضها بعضا بفرح في كفيتيريا مصنوعة من اغصان الاشجار.‏ وفي خضم ذلك كله،‏ وقف بوبوڠي هادئ البال مطمئن القلب.‏ فبُهت تيد مما رآه!‏

وما كان منه إلا ان سأله:‏ «بوبوڠي،‏ اين تعلمت ان تفعل ذلك كله؟‏».‏

فأجاب:‏ «رأيت ذلك في الفيلم الذي عرضه علينا جون كتفورث السنة الماضية».‏

حضر هذا المحفل اكثر من ٤٠٠ شخص ينتمون الى ثماني فئات اثنية،‏ وبلغ عدد المعتمدين ٧٣.‏ وفي السنوات اللاحقة اصبح يسمى محفل بوبوڠي.‏

استخدام الصور في الكرازة

سنة ١٩٥٧ انتقل جون كتفورث بشكل دائم الى پاپوا غينيا الجديدة،‏ وانخرط في العمل الجائل هناك.‏ وكان عقب زيارته الاولى قد فكّر عميقا ومطوّلا كي يتوصل الى افضل طريقة للكرازة للناس المحليين الذين كانوا في معظمهم اميين.‏ فبات الآن مستعدا لتطبيق الافكار التي خلَص اليها.‏

عند مخاطبة جماعة او فريق منعزل،‏ كان جون في البداية يكتب اسمه واسم المترجم على لوح.‏ ثم يسأل الحضور مشيرا بيده الى السماء:‏ «اللّٰه،‏ ما اسمه؟‏».‏ فيدوِّن جوابهم «يهوه» و «‏مزمور ٨٣:‏١٨‏» في اعلى اللوح.‏ وتحتهما الى اليسار يكتب العنوان «العالم القديم»،‏ ثم يرسم صورا مبسّطة لرجلين يتقاتلان وشخص يبكي وقبر،‏ ويكتب «‏روما ٥:‏١٢‏».‏ اما الى اليمين فيكتب العنوان «العالم الجديد»،‏ ثم يرسم رجلين يتصافحان ووجها يبتسم وقبرا مشطوبا،‏ ويدوِّن «‏رؤيا ٢١:‏٤‏».‏ بعد ذلك كان يقدِّم خطابا مثيرا يوضح رسوماته.‏ وعند انتهائه،‏ يدعو افرادا من الحضور ان يتقدموا الى الامام ويكرروا المعلومات التي عرضها.‏ وحين يتعلمونها جيدا،‏ يطلب منهم ان ينسخوا الصور على ورقة ويستخدموها في عملهم الكرازي.‏

كان لـ‍ «الموعظة المصورة الاولى» —‏ كما دُعيت —‏ تأثير بالغ على العمل الكرازي في پاپوا غينيا الجديدة.‏ وسرعان ما تبعتها مواعظ مصورة اخرى.‏ تقول لينا دايڤيسون التي خدمت في البلد ٤٧ سنة:‏ «كنا نمضي ساعات لا تحصى في نسخ هذه المواعظ المصورة على دفاتر مدرسية.‏ فكان كل تلميذ للكتاب المقدس يحصل على نسخة منها ويستخدمها في الكرازة للآخرين».‏ وقد صنع الاولاد دفاتر مصورة خاصة بهم لوّنوها بفخر كبير.‏

اعتُمِدت هذه الوسيلة التعليمية في اجتماعات الجماعة ايضا.‏ توضح جويس ويليس،‏ فاتحة كندية امضت اكثر من ٤٠ سنة في پاپوا غينيا الجديدة:‏ «كثُر استعمال الصور المرسومة على لوح خلال الاجتماع العام ودرس برج المراقبة،‏ امر كان خير مساعد للاميين».‏ كما استُخدمت المواعظ المصورة على اقمشة كمساعدات تعليمية في المحافل.‏ يذكر اخ اشترك في العمل الدائري هناك اسمه مايك فيشر:‏ «شاعت تلك التصاوير الكبيرة الى حد بعيد،‏ وغرست النقاط التعليمية الرئيسية في اذهان الحضور.‏ وفي نهاية المطاف،‏ عُلِّق العديد منها في بيوت ناشرين منعزلين استخدموها باعتزاز في الشهادة لزائريهم».‏

لكن بعد عقود،‏ ومع تعلُّم المزيد من الناس القراءة والكتابة وتوافر المطبوعات المزوَّدة بصور ايضاحية،‏ توقف استعمال المواعظ المصورة.‏

توسع النشاط الكرازي

في اواخر خمسينات القرن العشرين،‏ تدفق على پاپوا غينيا الجديدة باطِّراد اخوة اوستراليون غيارى متحمسون للكرازة بالبشارة.‏ علاوة على ذلك،‏ ثمة اشخاص كثيرون تعلموا الحق في پورت مورْزْبي وعادوا الى قراهم حاملين معهم رسالة الملكوت.‏ وهكذا،‏ انتشرت البشارة بسرعة في كل البلد.‏

سنة ١٩٥٧،‏ سمع دايڤيد ووكر —‏ اخ اوسترالي في السادسة والعشرين من عمره يعيش في پورت مورْزْبي —‏ ان الناس في قرية مانو مانو المجاورة ومنطقة ڠَبادي مهتمون بالحق.‏ فترك وظيفته وانخرط في الفتح الخصوصي هناك،‏ كارزا وحده طوال سنة كاملة.‏ ولاحقا،‏ تابع آخرون العمل الذي بدأه بحيث اصبح اليوم في مانو مانو جماعة وقاعة ملكوت.‏

في غضون ذلك،‏ حين كان دون فيلدر يكرز في سوق كوكي في پورت مورْزْبي،‏ التقى عدة صيادين مهتمين بالحق اتوا من قرية ساحلية اسمها هولا تقع على بُعد نحو ١٠٠ كيلومتر شرقا.‏ ولتقديم مزيد من المساعدة لهم ولعائلاتهم،‏ ابحر الى هذه القرية هو وأثُل (‏داپ)‏ روبسون وبعض المهتمين من اهلها في زورق دون الجديد ذي البدن المزدوج البالغ طوله ٨ امتار.‏ فمكثا هناك ثلاثة ايام وأسسا فريقا صغيرا لدرس الكتاب المقدس.‏

وما لبث ان انتقل دون الى هولا كفاتح خصوصي،‏ آخذا معه زوجته شيرلي وابنتهما دِبي البالغة من العمر سنتين.‏ يقول دون:‏ «بنينا كوخا صغيرا وبدأنا نبشِّر القرى الخمس في المنطقة،‏ ما استلزم المشي مسافة نحو اثني عشر كيلومترا كل يوم ذهابا وإيابا.‏ وهذا ارهقنا جسديا انما انعشنا روحيا،‏ لأننا اسسنا دروسا كثيرة في الكتاب المقدس وسرعان ما اصبح ثمانية ناشرين جدد يشتركون معنا في الخدمة».‏

اثارت كرازة دون وشيرلي حنق كاهن الكنيسة المتحدة المحلية،‏ فضغط على صاحب الارض حيث كوخهما ان يأمر بإزالته.‏ يذكر دون:‏ «حين سمع بذلك اناس من احدى القرى المجاورة،‏ اغتاظوا كثيرا لأنهم ابَوا ان نغادر.‏ فساعدَنا نحو عشرين منهم على نقل كوخنا —‏ اساسه وكل ما فيه —‏ الى قطعة ارض جديدة ضمن قريتهم».‏

لكن رجل الدين الساخط لم يستسلم.‏ فقد سعى الى اقناع سلطات پورت مورْزْبي ان تمنع الزوجين فيلدر من نصب كوخهما في ايٍّ من نواحي المنطقة.‏ يقول دون:‏ «عوض التخلي عن تعييننا،‏ طلبنا من نجار ماهر اسمه ألف ڠرين ان يأخذ اخشابا من كوخنا ويبني غرفة صغيرة فوق زورقنا ذي البدن المزدوج.‏ ثم ارسينا الزورق في مستنقع تنمو فيه اشجار القَرَام قريبٍ من مصب نهر مجاور.‏ وهناك،‏ بين اسراب البعوض ومكامن التماسيح،‏ عشنا طوال السنتين والنصف التالية التي واصلنا فيها خدمة الفتح».‏ عندما انجب الزوجان فيلدر ابنتهما الثانية ڤيكي،‏ رجعا الى پورت مورْزْبي.‏ وقد انخرطا لاحقا في العمل الجائل،‏ كما خدم دون كعضو في لجنة الفرع.‏

آخرون يسمعون البشارة

في تلك الفترة تقريبا،‏ بدأ لانس ودافني ڠاسان في پورت مورْزْبي يدرسان مع عدة شبان اتوا من قرية كيريما الساحلية التي تقع على مسافة حوالي ٢٢٥ كيلومترا غرب پورت مورْزْبي.‏ ولدى عودة هؤلاء الرجال الى بيوتهم لقضاء عطلتهم،‏ قرر لانس وجيم تشامبلِس القيام بزيارة لهم تدوم اسبوعين بغية نقل البشارة الى كيريما.‏

كتب لانس:‏ «اجتمعت القرية بأسرها للاستماع الينا.‏ وخلال المحاضرة التي قدّمناها،‏ اقتحم المكان قس الجمعية الارسالية اللندنية وهاجم مترجمنا،‏ مسددا اليه عدة لكمات قبل ان يتدخل القرويون لنجدته.‏ اكد القس ان السكان المحليين يعارضون بقاءنا هناك،‏ وأمرنا بمغادرة الناحية التابعة له.‏ فأجبنا بأن الذين يودّون الاستماع الينا يمكنهم مرافقتنا الى الناحية الاخرى من القرية،‏ في حين يبقى الآخرون معه.‏ وإذ بكامل القرية تتبعنا.‏

‏«في الصباح التالي ذهبنا الى مفوَّض المنطقة لإبلاغه بما حدث.‏ وفي الطريق التقينا امرأة مريضة جدا.‏ فعرضنا ان نأخذها الى المستشفى المحلي،‏ غير انها خشيت ذلك.‏ ولم توافق على الذهاب معنا إلا بعدما بذلنا جهدا كبيرا لإقناعها.‏ ثم تركناها مع الطبيب في المستشفى وتوجّهنا الى مفوَّض المنطقة.‏ كان من الواضح ان هذا الاخير لا يرحب بزيارتنا.‏ وفي الواقع،‏ اتهمنا بعصبية اننا نعلِّم الناس تعاليم تحثهم على رفض المساعدة الطبية.‏ لكن في تلك اللحظة عينها،‏ حضر الطبيب وسمع اتهامه.‏ فأخبره اننا اقنعنا لتوِّنا امرأة مريضة بالذهاب الى المستشفى لتُعالج.‏ فاعتذر المفوَّض في الحال.‏ وقال ان الكاهن الكاثوليكي المحلي زاره وأعطاه فكرة خاطئة عن معتقداتنا.‏ وبعد ذلك،‏ عيَّن رجلَي شرطة مسلحَين لحمايتنا.‏ ويا له من اختبار فريد ان يحضر شرطيان يحملان بنادق دروس الكتاب المقدس التي نعقدها!‏».‏

بُعيد ذلك،‏ عُين الشابان الاوستراليان جيم سميث وليونل دينڠل فاتحَين خصوصيَّين في كيريما.‏ وسرعان ما باشرا العمل بجد،‏ منهمكَين في تعلم اللغة المحلية تاروما.‏ يوضح جيم:‏ «كنا نتلفظ بالكلمة بلغة موتو،‏ ثم يقول لنا تلاميذنا الذين ندرس معهم الكتاب المقدس ما يقابلها بلغة تاروما،‏ فندوِّن ما يقولون.‏ بهذه الطريقة تعلّمنا مجموعة صغيرة من المفردات،‏ وحفظنا عرضا بسيطا من الكتاب المقدس.‏ فذهل السكان المحليون لدى سماعهم ايانا نتكلم بلغتهم،‏ اذ لم يستطع ذلك اي من البيض الآخرين في المنطقة.‏ وبعد ثلاثة اشهر،‏ بتنا نعقد اجتماعات اسبوعية بلغة تاروما في كلا جانبي خليج كيريما».‏

في وقت لاحق،‏ حل الفاتح الاوسترالي الشاب ڠلين فينلاي محل جيم وليونل،‏ وكرز وحده في كيريما طوال ١٨ شهرا.‏ يقول ڠلين:‏ «كان ذلك وقت امتحان بالنسبة الي،‏ وتساءلت احيانا هل يجدي عملي اي نفع.‏ لكنّ اختبارا حصل معي جعلني ادرك خطأ تفكيري.‏

‏«درست الكتاب المقدس مع خباز مسن في القرية اسمه هِڤوكو.‏ كان هذا الرجل أميًّا،‏ ولم يستطع ان يتعلم سوى القليل من الحقائق الاساسية خلال اشهر من الدرس.‏ فتساءلت في قرارة نفسي هل تعليمه يستحق العناء.‏ وذات صباح،‏ فيما كنت اقترب من بيته،‏ سمعت شخصا يتكلم فتوقفت لأصغي اليه.‏ وأدركت انه هِڤوكو يصلي الى يهوه بصوت عالٍ،‏ شاكرا اياه بنبرة مخلصة لأنه علّمه الحق عن اسمه وملكوته.‏ فذكّرتني صلاته الصادقة بأن يهوه ينظر الى قلوب الناس لا الى ذكائهم.‏ وهو يعرف جيدا الذين يحبونه».‏ —‏ يو ٦:‏٤٤‏.‏

مواجهة احدى ديانات الشحن

سنة ١٩٦٠،‏ انتقل ستيڤن بلاندي وآلِن هَسكِنڠ،‏ فاتحان خصوصيان آخران من اوستراليا،‏ الى قرية سَڤايڤايري الواقعة على مسافة حوالي ٥٠ كيلومترا شرق كيريما.‏ فسكنا في خيمة طوال ثلاثة اشهر،‏ ثم انتقلا الى بيت صغير مصنوع من اغصان الاشجار في مزرعة لجوز الهند محاطة بمستنقع كبير.‏

كانت سَڤايڤايري معقلا مشهورا لأحدى ديانات الشحن.‏ فكيف نشأت هذه الديانة؟‏ ابّان الحرب العالمية الثانية،‏ اثارت الثروات الطائلة التي شحنها الجنود الاجانب معهم عجب السكان المحليين.‏ ثم انتهت الحرب،‏ فحزم هؤلاء الجنود امتعتهم وغادروا.‏ وبحسب تحليلات بعض القرويين،‏ بما ان الشحنات اتت من وراء الافق —‏ ناحية عالم الارواح —‏ فلا بد ان اسلافهم الموتى ارسلوها اليهم،‏ غير ان الجنود اعترضوها.‏ ولكي ينبِّه الناس الارواح الى حاجتهم،‏ انهمكوا في تدريبات عسكرية وهمية وبنوا ارصفة بحرية متينة استعدادا لليوم المجيد،‏ يوم قدوم كثرة من الشحنات الجديدة اليهم.‏

ولم يمر وقت طويل حتى اصبح ستيڤن وآلِن يدرسان مع حوالي ٢٥٠ عضوا في ديانة الشحن هذه،‏ بمن فيهم قائدها وبعض «الرسل الاثني عشر» التابعين له.‏ يروي ستيڤن:‏ «اعتنق الحق كثيرون من هؤلاء الناس.‏ وفي الواقع،‏ اخبرنا لاحقا ضابط الامن التابع للحكومة المحلية ان كرازتنا ساعدتهم كثيرا على وضع حد لديانة الشحن في سَڤايڤايري».‏

انتاج مطبوعات مؤسسة على الكتاب المقدس

سرعان ما ادرك هؤلاء الفاتحون الاوائل اهمية ترجمة مطبوعات الكتاب المقدس الى اللغات المحلية.‏ ولكن كيف سيتمكنون من تزويد المطبوعات لفرق ناطقة بـ‍ ٨٢٠ لغة؟‏

سنة ١٩٥٤،‏ خطا توم كيتو الخطوة الاولى في هذا المجال.‏ فقد رتب ان يترجم اخوة محليون الفصل الذي يحمل عنوان «‹الارض الجديدة›» من كتاب ‏«ليكن اللّٰه صادقا»‏ * الى لغة موتو،‏ اللغة المحكية في پورت مورْزْبي.‏ ووُزِّع من هذا الفصل ما يزيد على مئتي نسخة في شكل كتيّبات،‏ ما ابهج كثيرين من الناطقين بلغة موتو.‏

مع مباشرة الخدمة في مناطق جديدة،‏ بذل الفاتحون جهودا دؤوبة ومضنية لترجمة المطبوعات الى لغات اخرى محلية.‏ يروي جيم سميث:‏ «عن طريق تدوين الكلمات والتعابير الجديدة،‏ جمعتُ بعناء قاموسا في لغة تاروما وملاحظات حول قواعدها،‏ ما اعانني في ترجمة مقالات درس برج المراقبة.‏ وغالبا ما عملت حتى ساعات متأخرة من الليل وأنا اطبع المقالات المترجمة على الورق كي تُوزّع على الذين يحضرون الاجتماعات.‏ وفي وقت لاحق،‏ ترجمت نشرة وكراسا بلغة تاروما.‏ وقد تعلّم كثيرون من شعب كيريما الحق بفضل تلك المطبوعات الاولى».‏

وأُنتجت مطبوعات اخرى بالهولا والتواريپي.‏ ولما بدا من المستحيل طباعة مواد بكل اللغات،‏ صبّ الاخوة لاحقا جهودهم على لغتين تجاريتين هما:‏ الهيري موتوِية والتوك پيسين.‏ ان الهيري موتوِية هي شكل مبسط للغة موتو ينطق بها كثيرون من القاطنين على طول ساحل پاپوا.‏ يقول دون فيلدر:‏ «عملنا جاهدين على تحسين طريقة كتابة هذه اللغة.‏ وفي الواقع،‏ ساهمت برج المراقبة وغيرها من المطبوعات المكتوبة بالهيري موتوِية في تطوير اللغة لتصير اكثر شمولية كما هي عليه اليوم».‏ اما التوك پيسين فهي مزيج من الانكليزية والالمانية والكوانوا وغيرها من اللغات،‏ ويشيع استعمالها في المرتفعات،‏ المناطق الساحلية،‏ والجزر في شمال پاپوا غينيا الجديدة.‏ فكيف ابتدأ عمل الكرازة في هذه المقاطعة المتنوعة؟‏

البشارة تنتشر في الشمال

في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٥٦،‏ كان الفاتحان كِن وروزينا فرايم المتزوجان حديثا اول شاهدين ينتقلان الى ايرلندا الجديدة،‏ جزيرة في أرخبيل بسمارك الواقع شمال شرق پاپوا غينيا الجديدة.‏ فعمل كِن محاسبا في شركة تجارية كبيرة في كاڤينڠ،‏ اهم بلدة في الجزيرة.‏ يقول:‏ «عند مغادرة سيدني،‏ نُصحنا بأن نعمل على كسب ودّ الناس قبل ان نبدأ بالبشارة العلنية.‏ وإذ كانت روزينا خياطة ماهرة،‏ اصبح لديها في فترة قصيرة الكثير من الزبائن.‏ فبشّرناهم بطريقة غير رسمية وسرعان ما تشكل فريق صغير من المهتمين بدأ يجتمع بحذر في بيتنا مرة في الاسبوع.‏

‏«وبعد ثمانية عشر شهرا،‏ زارنا ناظر الدائرة جون كتفورث وسألنا اذا كان بإمكانه عرض فيلم سعادة مجتمع العالم الجديد.‏ فتحدثت مع صاحب صالة السينما المحلية الذي وافق على عرض فيلمنا دون مقابل.‏ ولا بد ان العاملين عنده راحوا يذيعون الخبر.‏ فحين وصلنا الى السينما،‏ رأينا المدخل يغصّ بالناس بحيث احتجنا الى مساعدة الشرطة كي نتمكن من الدخول.‏ وقد حضر العرض اكثر من ٢٣٠ شخصا،‏ هذا اذا لم نحسب الذين شاهدوه عبر النوافذ المفتوحة.‏ وهكذا،‏ اتاح لنا هذا الحدث الكرازة بطريقة اكثر علانية».‏

في تموز (‏يوليو)‏ ١٩٥٧،‏ تأسست جماعة في رابول بجزيرة بريطانيا الجديدة،‏ وهي مدينة مرفإ جميلة تقع بين بركانين ناشطين.‏ وبدأت جماعة رابول تعقد اجتماعاتها في فناء منزل استأجره فاتحون خصوصيون.‏ يقول الفاتح نورم شارين:‏ «اجتمع في بيتنا كل ليلة اكثر من ١٠٠ شخص لدرس الكتاب المقدس.‏ فقسمناهم الى فرق من حوالي ٢٠ شخصا وعلّمناهم على ضوء المصابيح تحت الاشجار».‏

حين عُقد اول محفل دائري في الجماعة،‏ اعتمد سبعة اشخاص في البحر.‏ وسرعان ما انخرط خمسة منهم في خدمة الفتح.‏ ولكن اين كان بإمكانهم اعطاء افضل ما لديهم في الخدمة؟‏ أتى الجواب من فرع اوستراليا الذي احتاج الى تعيين مبشرين في مادانڠ.‏

كانت «الحقول» في بلدة مادانڠ،‏ الواقعة شمال شرق ساحل البر الرئيسي للبلد،‏ قد ابيضت للحصاد.‏ (‏يو ٤:‏٣٥‏)‏ لكن الفريق الصغير من الناشرين هناك بالكاد استطاع ملاحقة الاهتمام المتزايد.‏ لذلك حين جاء الفاتح الكندي ماثيو پوپ مع عائلته واشترى منزلا يوجد في فنائه اكواخ عديدة،‏ أُتيحت الفرصة لإرسال المزيد من الفاتحين.‏

وفي ما بعد،‏ وصل ثمانية فاتحين من رابول وانتشروا في اقليم مادانڠ.‏ فحصل احدهم ويدعى تامول مارونڠ على دراجة وسافر بحرا الى قريته باسكن على بُعد ٤٨ كيلومترا شمال مادانڠ.‏ وبعد ان بشر اهالي القرية،‏ ركب دراجته عائدا الى مادانڠ،‏ وراح يشهد للناس على طول الطريق.‏ ثم رجع الى باسكن،‏ أسس جماعة فيها،‏ واستمر في خدمة الفتح مدة ٢٥ سنة اخرى.‏ وأثناء تلك الفترة،‏ تزوج وأنشأ عائلة.‏ وفي وقت لاحق،‏ خدمت ابنته وحفيدة اخيه الاكبر في بيت ايل.‏

وفي مادانڠ ايضا،‏ التقى جون ولينا دايڤيسون بكاليپ كاناي،‏ استاذ من قرية تاليديڠ الصغيرة الواقعة بين باسكن ومادانڠ.‏ ولم تمضِ فترة طويلة حتى انطلق جون ولينا الى تاليديڠ ليدرسا مع كاليپ وأقاربه.‏ فأثار ذلك غضب المفتش التربوي الذي كان كاثوليكيا،‏ وأمر الشرطة بطرد كاليپ وأقربائه من منازلهم.‏ لكنّ هذه الحادثة لم تثبط عزيمة هذا الفريق الذي انتقل الى قرية باڠيلديڠ المجاورة حيث نما وصار جماعة ناشطة.‏ وقد بنوا لاحقا قاعة ملكوت كبيرة استُخدمت للمحافل.‏ واليوم هنالك سبع جماعات وفريقان في اقليم مادانڠ.‏

فيما كان العمل الكرازي يتوسع في مادانڠ،‏ كان جيم بيرد وجون ومڠدالين إندور يلقون تجاوبا ملموسا في بلدة لاي الساحلية الكبيرة على بُعد حوالي ٢١٠ كيلومترات باتجاه جنوب شرق البلد.‏ يتذكر جون:‏ «كنا كل ليلة تقريبا ندرس في بيتنا مع عدة مجموعات من المهتمين.‏ وفي غضون ستة اشهر،‏ بدأ عشرة اشخاص يشتركون معنا في الخدمة».‏ وفي نهاية عام ١٩٥٨،‏ حضر اكثر من ٢٠٠‏,١ شخص مجتمع العالم الجديد وهو يعمل في دار السينما في لاي.‏ وكان كثيرون منهم عمالا حملوا معهم البشارة الى ضياعهم الجبلية النائية بعدما انتهت عقود عملهم.‏

وفي داخل البلد،‏ على مسافة من لاي،‏ انجز الناشرون الاولياء الكثير ايضا.‏ ففي واو،‏ قام جاك أريفآي —‏ رجل ضخم مستدير الوجه تحلى بغيرة مخلصة في خدمة يهوه —‏ بتأسيس جماعة ناشطة في بيته.‏ كما ان ٣٠ عضوا من قبيلة الكوكوكوكو،‏ سابقا من اكلة لحوم البشر المخيفين،‏ كانوا يدرسون الكتاب المقدس ويحرزون تقدما روحيا ملحوظا.‏

في تلك الاثناء،‏ وفي بولولو المجاورة،‏ اشعلت كرازة وولي وجوي بوسبريدج الغيورة غضب «ارسالية القبائل الجديدة» التي اعتبرت نفسها المسؤولة عن المنطقة على نحو حصري.‏ ونتيجة الضغط الذي مارسته هذه الارسالية،‏ تلقى وولي انذارا من رب عمله الذي قال له:‏ «تخلَّ عن دينك او ابحث لك عن وظيفة اخرى».‏ فانتقل وولي وجوي الى لاي حيث تابعا الكرازة.‏ وانخرطا لاحقا في الخدمة كامل الوقت وقضيا سنوات عديدة في العمل الجائل.‏

ووصلت البشارة الى بلدة پوپونديتا الصغيرة الواقعة جنوب شرق لاي مع عودة جيروم ولاڤينيا هوتوتا من پورت مورْزْبي الى مسقط رأسهما.‏ فخدم جيروم بفعالية ونشاط مستخدما الاسفار المقدسة بإقناع،‏ في حين اعربت لاڤينيا عن اللطف والمحبة من خلال اهتمامها الاصيل بالآخرين.‏ ولكن كما هو متوقع اثارت كرازتهما سخط الاسقف الانغليكاني وفريق كبير من اتباعه،‏ فحضروا سريعا الى منزلهما وطلبوا منهما التوقف عن الكرازة.‏ لكنّ جيروم ولاڤينيا لم يخافا،‏ بل ثابرا على البشارة وأسّسا جماعة صغيرة اظهرت غيرة متقدة في الخدمة.‏

وبحلول عام ١٩٦٣،‏ كانت البشارة قد وصلت الى ويواك،‏ بلدة تقع عند الساحل الشمالي البعيد لپاپوا غينيا الجديدة.‏ فقد كان كارل تينور وأوتو إيبرهارت بنّاءَين المانيين يعملان في مستشفى ويواك نهارا ويدرسان مع اكثر من ١٠٠ شخص مهتم في الامسيات ونهايات الاسابيع.‏ فأغضبت كرازتهما الكاهن الكاثوليكي المحلي،‏ الذي جمع الرعاع ورمى بدراجتيهما الناريتين في البحر.‏ لكنّ ابن احد وجهاء القرية المؤيدين للكاهن اعتنق الحق لاحقا.‏ فلان موقف ابيه بعدما رأى التحسن الذي طرأ على حياته وأعطى الشهود اذنا بالكرازة في القرى الخاضعة لنفوذه.‏

تأسيس مكتب فرع

فيما كان رجال الدين يتصارعون مع «مشكلة» شهود يهوه،‏ اتخذ الاخوة خطوات بغية ‹تثبيت البشارة قانونيا› على اعلى المستويات.‏ (‏في ١:‏٧‏)‏ وهكذا في ٢٥ ايار (‏مايو)‏ ١٩٦٠،‏ سجِّلت رسميا جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم،‏ المؤسسة الشرعية التي يستخدمها شهود يهوه في بلدان كثيرة.‏ ففتح ذلك السبيل امام الاخوة ليحصلوا على اراضٍ حكومية ويبنوا عليها قاعات ملكوت وغيرها من المنشآت اللازمة لدعم عمل الملكوت.‏

وفي وقت لاحق من تلك السنة،‏ تأسس ايضا مكتب فرع لجمعية برج المراقبة في پاپوا غينيا الجديدة،‏ وعيِّن جون كتفورث خادم الفرع.‏ ولكن اين كان سيُقام هذا المكتب مع صعوبة ايجاد اماكن للايجار؟‏

اتى الحل بمجيء الزوجين جيم وفلورنس دابنز.‏ كان جيم قد خدم في البحرية الاميركية في پاپوا غينيا الجديدة اثناء الحرب العالمية الثانية.‏ ولاحقا،‏ اعتنق هو وفلورنس الحق ووضعا امامهما هدف توسيع خدمتهما.‏ يخبر جيم:‏ «عام ١٩٥٨،‏ زارنا في منزلنا بأوهايو اخ من پورت مورْزْبي وأرانا بعض الصور المنزلقة لپاپوا غينيا الجديدة.‏ وبعدما غادرنا الاخ اكتشفنا انه نسي عندنا صورا منزلقة تضم اروع مناظر طبيعية شاهدناها في حياتنا.‏ فقالت زوجتي:‏ ‹سنرسلها اليه بالبريد›.‏ لكنني اجبتها:‏ ‹بل سنعيدها اليه نحن بأنفسنا›».‏

وهكذا،‏ بعد سنة،‏ انتقل جيم وفلورنس مع ابنتيهما شيري وديبورا ليسكنوا في منزل صغير من الاسمنت في سيكس مايل،‏ احدى ضواحي پورت مورْزْبي.‏ وبُعيد فترة،‏ اخذ جيم يتحدث الى جون كتفورث بشأن ايجاد موقع ملائم لمكتب الفرع.‏

فقال جون متحسرا:‏ «لقد بحثت عن مكان مناسب في كل زاوية من پورت مورْزْبي ولكن دون جدوى».‏

اجابه جيم:‏ «ما رأيك بمنزلنا؟‏ يمكنكم استعمال الغرف الثلاث الامامية،‏ وسنعيش انا وعائلتي في الجهة الخلفية».‏

وسرعان ما أُجريت كامل الترتيبات اللازمة بحيث امكن تسجيل منزل عائلة دابنز رسميا كأول مكتب فرع في پاپوا غينيا الجديدة في ١ ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٦٠.‏

المطالبة بحظر عمل الشهود

كل هذا التقدم لم يرق بتاتا لمقاومينا.‏ لذلك انطلاقا من عام ١٩٦٠،‏ تضافرت جهود كنائس العالم المسيحي،‏ منظمة دعم المحاربين القدامى والجنود في قوات الدفاع الاوسترالي (‏RSL)‏،‏ ووسائل الاعلام المحلية بغية تنظيم حملة ترمي الى تشويه سمعة شهود يهوه وحظر عملهم.‏

وبلغت المسألة ذروتها حين وزع الاخوة على نخبة من الاطباء ورجال الدين والرسميين الحكوميين نشرة توضح موقفنا من اجراءات نقل الدم.‏ وأتت اول ردود الفعل كالعادة من رجال دين العالم المسيحي.‏ ففي ٣٠ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٦٠،‏ ظهر في صحيفة ساوث پاسيفيك پوست (‏بالانكليزية)‏ عنوان بالخط العريض:‏ «مسألة الدم تثير غضب الكنائس».‏ وفي المقالة المرفقة اتهم قادة الكنيسة الشهود بأنهم «ضد المسيح [و] اعداء الكنيسة».‏

وتلتها مقالات اوردت ايضا اكاذيب عن شهود يهوه مفادها انهم مخربون وأن تعاليمهم تروج الكسل في المدرسة،‏ عدم دفع الضرائب،‏ ديانات الشحن،‏ وحتى العادات الصحية الرديئة.‏ كما اتهمتهم تقارير اخرى زورا باستغلال الحدوث الوشيك لكسوف الشمس كي يلقوا الرعب في النفوس و «يسيطروا على عقول الاهالي البسيطة».‏ حتى ان احدى المقالات الافتتاحية وبّخت الشهود بشدة لأنهم «يعيشون ويأكلون ويعملون مع ابناء القرى».‏ وانتقدتهم ساوث پاسيفيك پوست لأنهم يعلّمون ان «كل الناس متساوون» وزعمت انهم «يشكلون خطرا اكبر من خطر الشيوعيين».‏

وأخيرا في ٢٥ آذار (‏مارس)‏ ١٩٦٢،‏ طلبت منظمة الـ‍ RSL من سلطات الاستعمار ان يحظروا عمل الشهود.‏ لكنّ الحكومة الاوسترالية اعلنت على الملإ رفض طلبهم.‏ يقول دون فيلدر:‏ «كان لهذا الاعلان اثر جيد في كل انحاء البلد.‏ فقد لمس الاشخاص المنفتحون ان ادعاءات مقاومينا لا اساس لها من الصحة».‏

الكرازة في المرتفعات

في ذلك الشهر عينه،‏ غادر توم ورُوِينا كيتو پورت مورْزْبي في رحلة مرهقة استغرقت عدة اسابيع،‏ حاملَين معهما البشارة الى المرتفعات الوعرة في غينيا الجديدة التي لم يكن قد وطئها الشهود بعد.‏

وكان منقبون اوستراليون قد قصدوا المرتفعات قبل ٣٠ سنة بحثا عن الذهب،‏ فوجدوها مأهولة بمليون شخص تقريبا لديهم حضارتهم الخاصة ومعزولين تماما عن العالم الخارجي.‏ وقد ارتاع سكان الجبال هؤلاء لدى رؤيتهم الرجال البيض ظنا منهم انهم ارواح الاسلاف العائدة من عالم الاموات.‏

وسرعان ما لحق بهؤلاء المنقبين مرسلو العالم المسيحي.‏ تخبر رُوِينا:‏ «حين سمع المرسلون بقدومنا،‏ امروا اهالي القرى ألّا يصغوا الينا.‏ لكن تحذيرهم تحول الى دعاية مفيدة لنا.‏ فراح سكان تلك المنطقة الفضوليون بطبعهم ينتظرون وصولنا بشوق».‏

وقد أسس توم ورُوِينا متجرا صغيرا في واباڠ التي تبعد ٨٠ كليومترا شمال غرب بلدة ماونت هاڠن.‏ يقول توم:‏ «امر رجال الدين ابناء رعيتهم ألّا يبيعونا او يبتاعوا منا شيئا،‏ وألا يتحدثوا الينا.‏ حتى انهم ضغطوا عليهم كي يطالبوا بإلغاء عقد ايجار الارض التي اخذناها.‏ ولكن مع الوقت،‏ لاحظ القرويون اننا مختلفون عن البيض الآخرين الذين عرفوهم.‏ وقد تأثروا جدا بأعمال اللطف التي اظهرناها نحوهم بحيث ان عيونهم دمعت في احيان كثيرة،‏ وطلبوا منا البقاء».‏

التعليم بصبر يأتي بنتيجة

منذ عام ١٩٦٣ وصاعدا،‏ تدفق الشهود من بلدان اخرى الى المناطق الجبلية ليساعدوا في توسيع عمل الكرازة.‏ وراح هؤلاء الاخوة ينتقلون ببطء من الشرق الى الغرب بحيث تمكنوا في النهاية من تغطية كامل المقاطعة مؤسسين فرقا وجماعات في مناطق عدة.‏

ففي ڠوروكا الواقعة في اقليم ايسترن هايلاندس،‏ عقدت جماعة صغيرة اجتماعاتها في بادئ الامر في منزل احد الاخوة.‏ ولاحقا بنوا مكانا متواضعا للاجتماعات مصنوعا من اغصان الاشجار.‏ ثم شيدوا عام ١٩٦٧ قاعة ملكوت جميلة تتسع لـ‍ ٤٠ مقعدا.‏ يتذكر جورج كوكسِن الذي خدم في المرتفعات طوال ١٠ سنوات:‏ «قلت مازحا ان المقاعد لن تمتلئ قبل مجيء هرمجدون.‏ ولكن كم كنت مخطئا!‏ ففي غضون ١٢ شهرا،‏ حضر الاجتماعات عدد هائل من الناس بحيث اضطررنا الى تشكيل جماعة ثانية!‏».‏

وإلى الشرق من ڠوروكا،‏ قرب كايننتو،‏ درس نورم شارين الكتاب المقدس مع اكثر من ٥٠ قرويا اتوا الى كوخه كل يوم.‏ ولاحقا اهتم الفاتحان بيرنت وإيرنا اندرسون بالفريق لسنتين ونصف.‏ تخبر إيرنا:‏ «نادرا ما كان الناس يستحمون.‏ ايضا كانوا شبه عراة،‏ امّيين تماما،‏ وغارقين في ممارسة الارواحية.‏ رغم ذلك،‏ استطعنا بالصبر والمحبة ان نساعدهم بحيث تمكّن بعضهم بعد فترة قصيرة من تلاوة ١٥٠ آية عن ظهر قلب وشرحها».‏

ومع الوقت،‏ توطدت اواصر العلاقة التي جمعت بيرنت وإيرنا بأفراد هذا الفريق.‏ تقول إيرنا:‏ «حين عيِّنا في كاڤينڠ،‏ تجمعت حولي النساء وهن يبكين،‏ لا بل ينتحبن!‏ ورحن يلمسنني الواحدة تلو الاخرى برفق على وجهي وذراعي والدموع تسيل على خدودهن.‏ اما انا فكنت انسحب الى كوخي تكرارا ومرارا لأذرف الدموع فيما حاول بيرنت ان يعزيهن دون جدوى.‏ وحين انطلقنا اخيرا،‏ ركض جمهور غفير وراء سيارتنا على المنحدر الجبلي.‏ وطوال الدرب،‏ لم تكف النساء عن النحيب.‏ لا يزال من الصعب علي حتى الآن وصف المشاعر المؤلمة التي انتابتني في ذلك اليوم.‏ فكم نتوق الى رؤية هؤلاء الاعزاء في العالم الجديد!‏».‏ وقد اكمل فاتحون آخرون مسيرة بيرنت وإيرنا فتأسست جماعة ناشطة في كايننتو.‏

بذور الملكوت تثمر

بحلول اوائل سبعينات القرن العشرين،‏ كان فريق صغير من الشهود قد تأسس في ماونت هاڠن،‏ على بعد نحو ١٣٠ كيلومترا غرب ڠوروكا.‏ وتميزت هذه البلدة بسوقها الاسبوعي الكبير الذي استقطب آلاف القرويين من مسافات بعيدة جدا.‏ تقول فاتحة جريئة تدعى دوروثي رايت:‏ «وزعنا مئات المطبوعات في هذا السوق.‏ وهكذا،‏ حمل القرويون رسالة الملكوت معهم الى ضياعهم البعيدة التي صعب على الناشرين في تلك الايام الوصول اليها».‏

لاحقا عيِّن جيم رايت،‏ ابن دوروثي،‏ ورفيقه الفاتح كاري كاي-‏سميث في مقاطعة بانز المشهورة بزراعة الشاي والقهوة والواقعة في وادي واڠي الخلاب شرق ماونت هاڠن.‏ فواجها مقاومة شرسة من قبل ارساليات الكنائس،‏ التي حثت الاولاد على رشقهما بالحجارة وطردهما من القرى.‏ وحين انتقل كاري الى تعيين آخر بقي جيم في بانز وخدم فاتحا بمفرده.‏ يتذكر:‏ «غالبا ما كنت استلقي في الليل في كوخي الصغير وأصلي الى يهوه قائلا:‏ ‹يا يهوه،‏ لمَ انا هنا؟‏›.‏ ولم ألقَ جوابا عن سؤالي إلّا بعد مرور سنوات عدة».‏

يتابع جيم:‏ «عام ٢٠٠٧،‏ سافرت من اوستراليا الى بانز لأحضر محفلا كوريا.‏ فرأيت،‏ قرب الموقع حيث كان كوخي،‏ قاعة ملكوت جديدة وجميلة يمكن توسيعها مؤقتا لتشكل قاعة محافل تتسع لـ‍ ٠٠٠‏,١ مقعد.‏ ولما دخلت المكان،‏ هرع اليّ اخ وأمسك بي وراح يبكي على كتفي.‏ وحين تمالك نفسه اخيرا،‏ قال لي ان اسمه پول تاي وإنني درست مع ابيه منذ ٣٦ سنة.‏ وقد اعتنق هو الحق بعدما قرأ كتب والده.‏ وأخبرني ايضا انه يخدم شيخا في الجماعة.‏

‏«خلال المحفل،‏ أُجريت معي مقابلة على المنصة وصفت خلالها الاضطهادات التي احتملناها في ما مضى في بانز.‏ فلم يبقَ احد في القاعة تقريبا لم تدمع عيناه.‏ وبعد البرنامج،‏ اقبل اليّ اخوة عديدون وعانقوني واعتذروا مني والدموع تملأ عيونهم.‏ فقد كانوا بين الاولاد الذين طردوني من قريتهم وهم يرشقونني بالحجارة ويمطرونني بالاهانات.‏ وكان بين الحاضرين ايضا مانڠي سامڠر،‏ القس اللوثري السابق الذي حرضهم عليّ،‏ وهو الآن شيخ في الجماعة.‏ فيا لروعة هذا المحفل الذي جمعنا معا!‏».‏

البذور تُفرخ في المناطق البعيدة

فيما تعلّم كثيرون في پاپوا غينيا الجديدة الحق من الشهود مباشرة،‏ حظي آخرون بهذا التعليم من خلال بذور الحق التي وصلت بطرائق شتى الى المناطق النائية.‏ (‏جا ١١:‏٦‏)‏ فنحو عام ١٩٧٠ مثلا،‏ بدأ مكتب الفرع يتلقى تقارير منتظمة عن خدمة الحقل من شخص مجهول الهوية في جماعة لا وجود لها ومن قرية غير معروفة تقع عند نهر سيپيك البعيد.‏ فطلب مكتب الفرع من ناظر الدائرة مايك فيشر ان يستقصي الامر.‏

يروي مايك:‏ «كي اصل الى القرية،‏ سافرت عشر ساعات في زورق آلي عبر مجاري مياه ضيقة تشق طريقها بين ادغال يغزوها البعوض.‏ وبعد جهد جهيد،‏ وصلت في ساعة متأخرة وقابلت مراسلنا الغامض.‏ فعلمت انه شخص فُصل قبل سنوات في منطقة اخرى،‏ ثم عاد الى قريته،‏ تاب توبة صادقة،‏ وبدأ يكرز للآخرين.‏ نتيجة ذلك،‏ صار اكثر من ٣٠ راشدا في القرية يدعون انفسهم شهودا ليهوه،‏ وتأهل بعضهم للمعمودية.‏ وهكذا،‏ سرعان ما أُعيد الرجل التائب الى الجماعة،‏ واعترف الفرع رسميا بهذا الفريق».‏

عام ١٩٩٢،‏ سمع ناظر دائرة آخر اسمه داريل براين عن قرية بعيدة داخل البلد يرحب اهلها بتعلم الحق.‏ يقول:‏ «كي ابلغ القرية،‏ قدت سيارتي مسافة ٨٠ كيلومترا،‏ ومشيت ساعة ونصفا عبر ادغال كثيفة،‏ ثم جذّفت قاربا بعكس مجرى النهر ساعة اخرى.‏ وكم دهشت حين رأيت على ضفة النهر بين الجبال الشاهقة بناء جديدا يحمل لافتة كُتب عليها ‹قاعة ملكوت شهود يهوه›!‏

‏«اعتاد حوالي ٢٥ شخصا مهتما الاجتماع في القاعة كل يوم احد لدرس كتاب يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض.‏ وبما انهم ادّعوا انهم من شهود يهوه،‏ سألتهم اذا كانوا يمضغون جوزة الفوفل.‏ فأجابوا:‏ ‹طبعا لا.‏ فقد اقلعنا عن هذه العادة منذ سنة تقريبا عندما اعتنقنا الحق!‏›.‏ ولا شك انني فرحت كثيرا حين اضاف الفرع هذا الفريق الى دائرتي».‏

تقاطُر المرسلين

خلال ثمانينات وتسعينات القرن العشرين،‏ أُعطيت خدمة الحقل في پاپوا غينيا الجديدة زخما كبيرا لدى وصول وفود من خريجي مدرسة جلعاد ومدرسة تدريب الخدام والفاتحين الخصوصيين.‏ وقد اتى هؤلاء من المانيا،‏ انكلترا،‏ اوستراليا،‏ السويد،‏ فنلندا،‏ الفيليبين،‏ كندا،‏ نيوزيلندا،‏ الولايات المتحدة،‏ اليابان،‏ وبلدان اخرى.‏ وتبيّن في اغلب الاحيان انه كان لقدومهم بركة مضاعفة،‏ اذ تزوج بعضهم لاحقا برفقاء اعربوا عن الغيرة نفسها في الخدمة.‏

باشر معظم القادمين الجدد حضور صفوف ليتعلموا التوك پيسين او الهيري موتوِية مدة شهرين او ثلاثة.‏ فكانوا صباح كل يوم يدرسون اللغة ثم يطبّقون ما تعلموه في الخدمة بعد الظهر.‏ وبفضل هذا التدريب،‏ تمكّن عديدون من عقد دروس مفيدة في الكتاب المقدس وإلقاء خطابات في غضون اشهر قليلة.‏

كما ساعدهم تعلُّم لغة جديدة على التحلّي بالصبر والتعاطف عند تعليم اشخاص لا يعرفون القراءة والكتابة.‏ وبهذه الطريقة ساعدوا اعدادا كبيرة من المهتمين على اتقان المهارات اللغوية الاساسية اللازمة لقراءة كلمة اللّٰه.‏ (‏اش ٥٠:‏٤‏)‏ نتيجة ذلك،‏ نما عدد الناشرين من ٠٠٠‏,٢ شخص عام ١٩٨٩ الى حوالي ٠٠٠‏,٣ عام ١٩٩٨،‏ اي بزيادة ٥٠ في المئة خلال تسع سنوات فقط!‏

ورغم ان كثيرين من اولئك المبشرين اضطروا لاحقا الى مغادرة پاپوا غينيا الجديدة لأسباب صحية وغيرها،‏ فقد خلّفوا وراءهم ارثا دائما.‏ ولا شك ان امانة هؤلاء الاخوة الاعزاء وأعمالهم الحبية لن تُنسى ابدا.‏ —‏ عب ٦:‏١٠‏.‏

عمل البناء يساهم في التقدُّم

تطلّب النمو في اعداد الناشرين بناء عدد اكبر من قاعات الملكوت والمحافل وتوسيع منشآت الفرع.‏ فكيف تحقق ذلك؟‏

قبل عام ١٩٧٥،‏ اعتادت دائرة الاراضي ان تفرز قطعا جديدة من الاراضي لغايات دينية.‏ فكانت الكنائس المهتمة بالامر تقدم طلبا لنيل حصة وتناقش قضيتها امام مجلس الاراضي المعيّن من قبل الدولة.‏ فينال الفائز ارضا مجانية شرط ان يشيِّد فيها بناء ضمن فترة معقولة.‏

عام ١٩٦٣،‏ ورغم مقاومة رجال دين العالم المسيحي العنيفة،‏ حصلت جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم على احد افضل العقارات في پورت مورْزْبي.‏ فكان هذا العقار يقع على سفح تلة يطلّ على منظر رائع لسوق كوكي وبحر كورال الازرق.‏ وقد بُني فيه لاحقا قاعة ملكوت ومكتب فرع من طابقين.‏ كما استخدم الشهود الاراضي الاخرى التي حصلوا عليها في پورت مورْزْبي لبناء قاعات ملكوت في ساباما،‏ هوهولا،‏ ڠيريهو،‏ وڠوردن.‏

وكان موقع ڠوردن الاستراتيجي القريب من وسط المدينة قد خصِّص اساسا لتُبنى عليه كاتدرائية انغليكانية.‏ ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان.‏ يخبر رون فِن الذي خدم في پاپوا غينيا الجديدة مدة ٢٥ سنة:‏ «في جلسة سماع علنية،‏ اخبر رئيس مجلس الاراضي القس الانغليكاني ان المجلس غير راضٍ عن كنيسته التي لم تشيد اي مبنى في الاراضي المعطاة لها سابقا،‏ بل استخدمتها في معظم الاحيان لغايات تجارية.‏ وأضاف ان الانغليكانيين لن يحصلوا على اية اراضٍ اخرى حتى يتأكد المجلس انهم يستخدمون تلك التي مُنحت لهم وفق الشروط المتفق عليها.‏

‏«وبعد ذلك،‏ التفت اليّ وسألني اية قطعة ارض نفضل.‏ فأخبرته ان اختيارنا الاول يقع على تلك التي كان من المفترض ان تُبنى عليها الكاتدرائية الانغليكانية في ڠوردن.‏ فقفز القس الانغليكاني من مكانه ليعترض.‏ لكن رئيس المجلس طلب منه الجلوس بلهجة حازمة،‏ فأكملت انا عرضي.‏ وكم دهش الحاضرون حين منحت اللجنة الارض لجماعتنا!‏».‏

وفي هذا الموقع،‏ بُنيت قاعة ملكوت ومكتب فرع من اربعة طوابق دُشن في ١٢ كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٨٧.‏ اما الملكية التي كانت في موقع كوكي فقد تم بيعها.‏ وبين عامي ٢٠٠٥ و ٢٠١٠،‏ أُضيف الى منشآت الفرع جناح للسكن من اربعة طوابق،‏ قاعة ملكوت،‏ ومكتب للترجمة.‏ وقد دُشنت هذه الابنية في ٢٩ ايار (‏مايو)‏ ٢٠١٠.‏

واليوم،‏ هنالك ٨٩ قاعة ملكوت وغيرها من اماكن الاجتماعات في كافة انحاء البلد.‏ ولا تزال هذه الاماكن تُبنى بطريقة بدائية في العديد من المناطق الريفية.‏ اما في البلدات الكبرى فهي تشيَّد بمواد البناء الحديثة.‏ والكثير من القاعات الجديدة يُقام ضمن برنامج بناء القاعات في البلدان ذات الموارد المحدودة الذي بوشر العمل بموجبه في پاپوا غينيا الجديدة عام ١٩٩٩.‏

المثابرة رغم التحديات

صنعت الفرق الدينية المتعددة في پاپوا غينيا الجديدة اتفاقية شرف تعيّنت بموجبها لكل ارسالية مقاطعة تتولى مسؤوليتها بشكل حصري.‏ لكن شهود يهوه استمروا كعادتهم ينقلون البشارة الى كل من يحب سماعها بغض النظر عن مكان اقامته.‏ فأدى موقفهم هذا،‏ فضلا عن التجاوب الكبير الذي لاقته رسالتهم،‏ الى اثارة حنق رجال الدين.‏

يتذكر نورم شارين:‏ «بعدما انتقلت الى جزيرة كورمالاك الصغيرة في اقليم وست نيو بريتين،‏ كان اول شخص يزورني كاهنا انغليكانيا.‏ فقال لي:‏ ‹لا يحق لك ان تشهد لرعيتي،‏ فهم مسيحيون اساسا!‏›.‏

‏«وفي وقت لاحق،‏ رأيت احد تلاميذي للكتاب المقدس يجذف قاربه بكل قوته باتجاه الشاطئ مخاطرا بحياته في وجه الامطار الغزيرة وأمواج البحر العاتية.‏ ثم جرّ قاربه الى الشاطئ وركض نحوي وهو يلهث من التعب ليخبرني ان حشدا من الكاثوليك،‏ وعلى رأسهم معلمهم الديني،‏ قادمون اليّ على متن مركب ليضربوني.‏ وإذ لم يكن من مكان ألوذ به،‏ لجأت الى يهوه ملتمسا الحكمة والقوة.‏

‏«حين وصل المركب،‏ ترجّل منه حوالي ١٥ رجلا والاحمرار يعلو وجههم،‏ دلالة واضحة على سوء نواياهم.‏ فلم انتظر حتى يصلوا اليّ،‏ بل بادرت الى التوجه نحوهم وقد فارقني الخوف.‏ وفيما كنت اقترب منهم،‏ وجّهوا اليّ كلاما مهينا لإثارة غضبي علّني اعطيهم سببا لضربي،‏ لكنني حافظت على هدوئي.‏

‏«وصدف ان صاحب الجزيرة الذي كنت ادرس معه الكتاب المقدس كان هو ايضا على مسرح الاحداث.‏ فقال للرجال بنية صافية:‏ ‹شهود يهوه لا يقاتلون.‏ هيا جربوا ان تضربوه،‏ وسترون ان ما اقوله صحيح!‏›.‏

‏«فكم وددت لو يلزم الصمت قائلا في نفسي:‏ ‹أهو الى جانبي ام جانبهم؟‏›!‏

‏«وبعدما حاججت الرجال بضع دقائق،‏ اقترحت عليهم مغادرة المكان ومددت يدي لأصافح قائدهم تعبيرا عن نواياي الصافية.‏ وكم دهشت حين تبادل النظرات مع رجاله ثم مدّ يده هو الآخر وسلّم عليّ!‏ اذاك،‏ زال التوتر وتصافحنا جميعا.‏ ويا للارتياح الكبير الذي شعرت به حين غادروا!‏ في تلك اللحظات،‏ تذكرت كلمات بولس الى تيموثاوس:‏ ‹عبد الرب لا يلزم ان يشاجر،‏ بل يلزم ان يكون مترفقا نحو الجميع،‏ .‏ .‏ .‏ يملك نفسه عندما تحصل اساءة›».‏ —‏ ٢ تي ٢:‏٢٤‏.‏

ويخبر بيرنت اندرسون انه في احدى قرى المرتفعات،‏ اتى القس اللوثري وحوالي ٧٠ رجلا من الرعاع من قرية اخرى ليحاولوا طرد الشهود وتدمير قاعة ملكوتهم.‏ لكنّ بيرنت فاجأهم حين بادر الى لقائهم خارج القرية.‏ فاقترب من القس وسأله لمَ تدعي الارسالية اللوثرية ان اسم اللّٰه هو أنوتو،‏ اسم محلي تبنته بعض الارساليات المسيحية.‏ فأجاب القس ان الاسم موجود في الكتاب المقدس.‏ وعندما طلب منه بيرنت ان يريه ذلك،‏ فتح القس كتابه المقدس ولم يجد طبعا الآية المزعومة.‏ فدعاه بيرنت الى قراءة المزمور ٨٣:‏١٨‏.‏ وبعد ان نال القس المساعدة ليجد سفر المزامير،‏ اخذ يقرأ النص بصوت عال.‏ وحين وصل الى الاسم يهوه،‏ اغلق الكتاب وصاح قائلا:‏ «هذا كذب!‏».‏ وأدرك انما متأخرا انه ادان للتوّ كتابه المقدس.‏ وبعد هذه الحادثة غيّر كثيرون من اتباعه موقفهم من الشهود.‏

وقد عمد المقاومون الدينيون عدة مرات الى احراق قاعات الملكوت المصنوعة من اغصان الاشجار،‏ كما حدث في قرية أڠي في اقليم ميلن باي.‏ لكنّ احد مفتعلي الحريق في تلك القرية ندم اشد الندم على ما فعله وهو سكران.‏ فتحدث لاحقا الى الاخوة وقبِل درسا في الكتاب المقدس وصار فاتحا.‏ بعدئذ،‏ سنحت له فرصة السكن في بيت الفاتحين الملاصق لقاعة الملكوت المعاد بناؤها.‏ فوجد نفسه حارسا للموقع عينه الذي ارتكب فيه جريمته!‏

واليوم،‏ خفَّت المقاومة الدينية الى حد كبير.‏ لكن كريڠ سپيڠل يقول:‏ «صحيح اننا دخلنا فترة سلام،‏ إلا ان ثمة مشكلة اخرى تقلق راحة الناس،‏ وهي اعمال العنف التي غالبا ما يرتكبها قطاع الطرق واللصوص المدعوون راسكولز.‏ لذلك،‏ عند الكرازة في المناطق الخطرة،‏ يخدم الاخوة ضمن فرق بحيث لا يغيب احد عن نظر الآخرين».‏

يذكر المرسلان ادريان وأندريا رايلي:‏ «ما يساعدنا على مواجهة الخطر هو ان يعرف الآخرون اننا من شهود يهوه».‏ ويقول ادريان:‏ «من المستحسن ان نحمل المطبوعات معنا سواء كان ذلك اثناء التسوق او الكرازة.‏ صحيح ان ذلك لا يضمن سلامتنا،‏ ولكنه قد يفيدنا لأنه يحدد هويتنا كخدام ليهوه.‏ ففي احدى المناسبات،‏ تعطلت سيارتي في مكان خطر في لاي وكنت بمفردي.‏ وسرعان ما احاطت بي عصابة من شبان بدت على وجوههم امارات الشر.‏ لكنّ اثنين منهم تعرفا اليّ لأنني كنت قد ناقشت الكتاب المقدس معهما مؤخرا.‏ نتيجة ذلك دافعا عني امام اعضاء العصابة.‏ وهكذا بدل ان يسلبني هؤلاء ويلحقوا بي الاذى،‏ اذا بهم يتكاتفون جميعهم ويدفعون سيارتي المعطلة حتى بيت المرسلين مسافة نصف كيلومتر تقريبا!‏».‏

وحدث ايضا ان اختا كانت تتسوق حين هاجمتها عصابة من الراسكولز المسلحين بالسكاكين وهمسوا قائلين:‏ «اعطينا حقيبة يدك».‏ وفي الحال،‏ سلّمتهم اياها فأخذوها وهربوا.‏ لكن ما هي الا دقائق معدودة حتى عادوا ادراجهم واعتذروا اليها وردّوا الحقيبة بكل محتوياتها.‏ ولمَ تصرفوا على هذا النحو؟‏ حين فتحوا الحقيبة رأوا فيها كتابا مقدسا وكتاب المباحثة فشعروا بالذنب لما فعلوه.‏

وسائل متنوعة لايصال البشارة

تتذكر إلسي ثو التي خدمت في پاپوا غينيا الجديدة مع زوجها بيل من عام ١٩٥٨ حتى عام ١٩٦٦:‏ «كرزنا حيثما وجدنا الناس،‏ سواء كانوا في قراهم،‏ بيوتهم،‏ جنائنهم،‏ في السوق،‏ او على دروب الغابات.‏ وتكلمنا مع الصيادين على الشواطئ وضفاف الانهر.‏ في بداية خدمتنا،‏ حملنا معنا خريطة العالم حتى نري سكان المناطق النائية من اين نأتي.‏ وكان ذلك مهمّا جدا لأننا كنا نصل احيانا الى مقاطعاتنا بالطائرة،‏ فيظن القرويون الغافلون عن العالم الخارجي اننا نهبط من السماء!‏ عندئذ كنا نريهم اننا ببساطة قادمون من جزء آخر من عالمهم نفسه».‏

والتنقل بالمراكب هو السبيل الوحيد لبلوغ القرى العديدة المتناثرة على طول ساحل پاپوا غينيا الجديدة وضفاف انهرها الكثيرة.‏ يتذكر ستيڤ بلاندي:‏ «كان الاخ دايري ڠوبا من هانُوابَدا في پورت مورْزْبي رجلا مسنا له خبرة واسعة في صناعة المراكب على اشكالها.‏ وإذ علمنا انا ورفيقي في الفتح ان لديه جذعين مجوفَين من الشجر،‏ ساعدناه ان يحصل على ما يحتاج اليه من خشب كي يبني لنا طوفا شراعيا ذا بدن مزدوج،‏ يدعى پْواپْوا باللغة المحلية.‏ اما الشراع فصنعه من قماش القنّب السميك.‏ وهكذا،‏ قمنا برحلات متعددة لزيارة القرى الساحلية قرب پورت مورْزْبي على متن الطوف الذي قاده الاخ دايري بمعاونة طاقم من اخوين او ثلاثة من هانُوابَدا».‏

وفي اواخر ستينات القرن العشرين،‏ كان بيرنت اندرسون يخدم في ايرلندا الجديدة،‏ جزيرة جميلة تقع على بُعد نحو ٦٥٠ كيلومترا شمال شرق البر الرئيسي.‏ كتب بيرنت:‏ «كان الناس يأتون الينا من الجزر الصغيرة المجاورة ويطلبون منا زيارتهم.‏ ولتحقيق ذلك لزمنا زورق،‏ امر بدا مستحيلا نظرا الى بدل النفقات الشهرية الضئيل الذي كنا نناله.‏ ورغم انه كان لدينا بعض الالواح الخشبية،‏ فإن عددها لم يفِ بالطلب.‏ لذا صلينا الى يهوه ملتمسين دعمه في حلّ المسألة.‏ وإذا بأخ في لاي يرسل الينا على نحو غير متوقع ٢٠٠ دولار اميركي ليساعدنا على زيارة الجزر الخارجية.‏ فأتاح لنا ذلك بناء زورق دعيناه پَيونير (‏فاتح)‏.‏ ولكن كان لا يزال ينقصه المحرّك.‏ مرة اخرى،‏ زودنا هذا الاخ العزيز بالمال اللازم لشراء محرّك جانبي صغير.‏ وهكذا لبّينا اخيرا دعوة اهالي تلك الجزر الرائعة».‏

حوالي عام ١٩٩٠،‏ خطط ناظر الدائرة جيم دايڤيس مع ثلاثة اخوة للشهادة في مخيم للاجئين يقع بعيدا باتجاه اعلى نهر فلاي قرب الحدود الإندونيسية.‏ واستطاعوا تأمين المبيت هناك بمساعدة امرأة مهتمة كان زوجها المسؤول الثاني في المخيم.‏ يقول جيم:‏ «استغرقتنا الرحلة باتجاه اعلى مجرى النهر حوالي ساعتين على متن زورق آلي.‏ وقرابة التاسعة صباحا،‏ وصلنا الى فسحة في الادغال خالية من الاشجار حيث رأينا دربا ترابيا يؤدي الى المخيم البعيد.‏ فوقفنا هناك ننتظر سيارة لتقلنا.‏

‏«وأخيرا،‏ عند الساعة الخامسة بعد الظهر،‏ رأينا سيارة تتجه نحونا.‏ فحمّلناها مؤننا واستقللناها.‏ إلا اننا لم نكد نسير زهاء ١٠٠ متر حتى انكسرت آلة القيادة.‏ فحدّد السائق المشكلة بكل هدوء،‏ وجد سلكا حديديا،‏ وزحف تحت السيارة كي يربط الاجزاء المنفصلة بعضها ببعض.‏ فقلت في نفسي:‏ ‹لن نذهب بعيدا بهذه الطريقة›.‏ لكنني كنت مخطئا.‏ فقد بقي السلك ثابتا في مكانه كامل المسافة،‏ اي مدة خمس ساعات،‏ شغّل السائق اثناءها آلية الدفع الرباعي كل الوقت بسبب حالة الطريق.‏ وقد علقنا عدة مرات في الوحل واضطررنا الى دفع السيارة.‏ وبعد جهد جهيد،‏ وصلنا الى المخيم الساعة العاشرة ليلا،‏ ملطخين بالوحل ومرهقين من التعب.‏

‏«كرزنا طوال ثلاثة ايام في المخيم الذي تناثر على مساحة واسعة من الادغال،‏ ووزعنا كل مطبوعاتنا.‏ كما التقينا رجلا مفصولا عبّر عن رغبته في العودة الى يهوه.‏ ولاحقا سررنا كثيرا حين علمنا انه عاد فعلا.‏ وقد اعتنقت زوجته وبعض من اولاده الحق ايضا.‏ اما المرأة المهتمة وزوجها اللذان اعتنيا بنا وأمّنا لنا المبيت فقد تبنّيا الحق هما ايضا».‏

العمل الدائري عند نهر سيپيك

يشق نهر سيپيك طريقه على طول اكثر من ١٠٠‏,١ كيلومتر،‏ فيتعرج كحية كبيرة بنية اللون منحدرا من المرتفعات ليصب اخيرا في البحر.‏ وهو عريض جدا في بعض الاماكن بحيث يستحيل ان يرى الواقف على احدى ضفتيه الجانب الآخر منه.‏ ويُعتبر هذا النهر طريقا رئيسيا يستخدمه الاخوة بانتظام،‏ ومنهم النظار الجائلون وزوجاتهم.‏ فلننضم الى ناظر دائرة وزوجته في احدى زياراتهما للجماعات على طول هذا المجرى المائي العظيم.‏

يكتب وارِن رينولدس:‏ «ننطلق انا وزوجتي لييان في الصباح الباكر من بلدة ويواك بعد ان نثبّت على ظهر السيارة زورقنا المصنوع من الالمنيوم والبالغ طوله ٥‏,٣ امتار.‏ وبعد ثلاث ساعات من القيادة مستخدمين آلية الدفع الرباعي غالبية الوقت،‏ نركن السيارة الى جانب النهر عدة ايام بغية زيارة حوالي ٣٠ ناشرا في اربع قرى تقع على روافد نهر سيپيك.‏

‏«فنحمّل زورقنا المسطح القعر بالمؤن اللازمة وندير محرّكه الذي يعمل بقوة ٢٥ حصانا بخاريا ثم نسير باتجاه اعلى النهر.‏ وبعد ساعة،‏ نصل الى نهر يووات،‏ احد روافد سيپيك،‏ ونقطع مسافة ساعتين اخريين لنبلغ قرية بيوات حيث يرحب بنا الاخوة وتلامذتهم للكتاب المقدس.‏ فيجرّ بعضهم زورقنا الى الشاطئ ويحفظونه في مكان آمن قرب احد بيوتهم.‏ وهناك نجلس معا ونتمتع بوجبة من موز الجنة وعصير جوز الهند.‏ بعدئذ،‏ ننطلق جميعا في مسيرة مدتها ساعتان عبر الادغال المليئة بالمستنقعات بقيادة الناشرين الذين يساعدوننا في حمل المؤن.‏ في النهاية،‏ نصل الى قرية ديميري الصغيرة حيث نروي ظمأنا بعصير جوز الهند.‏ وفي احد المنازل القائمة على ركائز في المياه والمصنوعة من اغصان الشجر،‏ نعدّ سريرنا ونضع ناموسية اتقاء للبعوض.‏ وأخيرا نخلد الى النوم بعد ان نتناول وجبة من اليام المطبوخ.‏

‏«في الايام القليلة التالية،‏ نكرز في ثلاث قرى في هذه المنطقة حيث يعيش اربعة عشر ناشرا.‏ فتستقطب رسالتنا اهتمام كثيرين.‏ ويغمر الفرح قلبنا حين يشرّع تلميذان للكتاب المقدس زواجهما ويتأهلان بالتالي للخدمة كناشرين للملكوت.‏ فيعدّ الناشرون الآخرون عشاء عرس بسيطا يقتصر على اليام،‏ دقيق النّخل،‏ بعض الاعشاب الصالحة للاكل،‏ ودجاجتين.‏

‏«ويعظم فرحنا ايضا يوم الاحد عندما يحضر ٩٣ قرويا الخطاب العام.‏ وبعد الاجتماع،‏ نحمل حقائبنا المليئة بالاغراض ونعود الى بيوات تحت اشعة شمس الظهيرة.‏ وهناك نترك اغراضنا في منزل تلميذ للكتاب المقدس ونبدأ بالكرازة للناس.‏ فيقبل عديدون مطبوعاتنا ويوافق البعض على درس كلمة اللّٰه.‏ وفي تلك الليلة،‏ ننزل ضيوفا في بيت احد التلامذة ونجتمع لنأكل معا حول نار مشتعلة يقصي عنا دخانها اسراب البعوض.‏

‏«وفي الصباح الباكر من اليوم التالي نعود الى زورقنا.‏ فندفعه ثانية الى النهر ونمضي في الضباب ممتِّعين ناظرينا بالطيور الجميلة والسمك الذي يقفز في المياه.‏ وتمرّ بنا في الاتجاه المعاكس عائلات على متن اطواف خيزرانية محملة سلعا للسوق المحلية.‏

‏«نصل اخيرا الى سيارتنا،‏ فنملأ خزان الزورق بالوقود مجددا ونتزوّد بمياه الشرب وغيرها من المؤن.‏ ثم نرجع الى النهر لنذهب هذه المرة الى كامبوت ونزور الناشرين الـ‍ ١٤ الساكنين فيها.‏ فنصل بعد ساعتين وقد اشبعتنا الامطار المدارية من مياهها الغزيرة.‏ ومن كامبوت نتجه بزورقنا الذي امتلأ بالناشرين نحو اعلى النهر،‏ فنبلغ قرية كبيرة تمتد على ضفتيه.‏ فنشهد لأهاليها المهتمين حتى ساعة متأخرة من بعد الظهر.‏ وفي طريق العودة،‏ نكرز لأناس كانوا ينتظروننا على منصّاتهم الخيزرانية العائمة لأنهم توقعوا رجوعنا بعدما رأونا في الصباح نتوجه الى اعلى النهر.‏ وبسبب ندرة المال في هذه المنطقة النائية،‏ يقدّم لنا القرويون جوز الهند واليقطين والسمك المدخَّن والموز،‏ تقديرا لزيارتنا والنشرات التي نعطيهم اياها.‏ فنعود عند غروب الشمس الى كامبوت ونطبخ هذه المأكولات.‏

‏«في كامبوت،‏ يقوم المكان المخصَّص للاجتماعات على ركائز في المياه كسائر البيوت هناك،‏ ممّا يضطر المرء الى تجذيف قاربه وصولا الى سلّم القاعة حين تغمر المنطقة كميات هائلة من المياه خلال فصل الامطار.‏ وفي ختام زيارتنا،‏ يحضر ٧٢ شخصا الخطاب العام،‏ قطع بعضهم مسافة خمس ساعات سيرا على الاقدام.‏

‏«بعدما نرجع الى سيارتنا،‏ نثبّت الزورق على ظهرها وننطلق عائدين الى ديارنا في رحلة تستغرق ثلاث ساعات.‏ وفي الطريق لا يسعنا سوى التفكير في اخوتنا وأخواتنا الاعزاء القاطنين عند نهر سيپيك،‏ وكذلك في المحبة التي يظهرها يهوه لهم من خلال الجهود الدؤوبة التي تبذلها هيئته لتتأكد انهم ينالون حاجتهم من الطعام الروحي المغذي.‏ فيا له من امتياز ان نكون جزءا من هذه العائلة الرائعة!‏».‏

مصارعة الارواح الشريرة

رغم ان نسبة كبيرة من سكان پاپوا غينيا الجديدة يدّعون المسيحية،‏ كثيرون ايضا يتشبثون بمعتقداتهم التقليدية بما فيها عبادة الاسلاف والخوف من الارواح الشريرة.‏ وتشهد السنوات الاخيرة «عودة السحر الاسود والشعوذة بقوة»،‏ حسبما ورد في احد الكتب السياحية.‏ لذلك غالبا ما ينسب الناس المرض والموت الى الاطباء السحرة او ارواح الاسلاف.‏

في هذا المناخ السائد،‏ يسهم حق الكتاب المقدس في تحرير الناس فعليا.‏ حتى ان بعض الاطباء السحرة يدركون قوة كلمة اللّٰه،‏ يتخلون عن ممارساتهم،‏ ويعتنقون العبادة الحقة.‏ وفي ما يلي مثلان على ذلك.‏

عاش سواريه مايڠا في قرية تبعد حوالي ٥٠ كيلومترا عن پورت مورْزْبي وألقى الرعب في النفوس بسبب قدراته السحرية.‏ لكنه رغب في الاطلاع على معتقدات شهود يهوه فبدأ يحضر دروسا في الكتاب المقدس ضمن فريق من التلامذة.‏ ولم تمضِ فترة طويلة حتى قبِل الحق وهجر مسلكه القديم.‏ الا انه لم يستطع التخلص بسهولة من اغراض السحر لديه.‏ فكلما حاول ذلك عادت اليه بطريقة غامضة.‏ وإذ كان مصمما على ‹مقاومة ابليس›،‏ وضع ذات يوم كل الاغراض في كيس،‏ ثقّله بحجر،‏ ورماه في البحر قبالة پورت مورْزْبي.‏ (‏يع ٤:‏٧‏)‏ فولّت هذه المرة الى غير رجعة.‏ وبعد ذلك،‏ اصبح هذا الرجل الشجاع شاهدا غيورا للاله الحقيقي يهوه.‏

ايضا،‏ استخدم كورا ليكِه السحر والمداواة بالاعشاب لشفاء المرضى.‏ لكنه عند مباشرة الدرس في الكتاب المقدس ناضل كثيرا ليتحرر من سيطرة روح كان قد ساعده على القيام بأعمال السحر.‏ ولكنه،‏ مثل سواريه،‏ صمم تصميما راسخا ان يقطع كل صلة له بالشياطين ونجح في مسعاه بمعونة يهوه.‏ ولاحقا،‏ خدم فاتحا عاديا ثم فاتحا خصوصيا.‏ حتى عندما تقدمت به السنون ووهنت رجلاه،‏ استمر هذا الاخ الامين ينقل البشارة الى جيرانه.‏

وكيف استطاع كورا ان يصل الى الموقع المفضل لديه من اجل الشهادة؟‏ لقد اقلَّه الاخوة في عربة يد،‏ افضل وسيلة عملية في متناول ايديهم.‏ ولكن في وقت لاحق،‏ صنع له اخ يخدم في الفرع كرسيا متحرِّكا مستخدما الاطار الفولاذي لكرسي عادي،‏ عجلتَي دراجة،‏ وقماشا سميكا للمقعد.‏ فنال كورا بفضل وسيلة التنقل الجديدة هذه مزيدا من الاستقلالية واستغلها احسن استغلال.‏ فيا للمثال الرائع الذي يرسمه الاخوة المسنون،‏ وكم يفرّحون قلب يهوه!‏ —‏ ام ٢٧:‏١١‏.‏

تعليم الناس القراءة والكتابة

تقول روما ١٥:‏٤‏:‏ «كل ما كُتب من قبل كُتب لإرشادنا».‏ من الواضح اذًا ان اللّٰه يريد ان يعرف شعبه القراءة.‏ لذلك كما سبق وذكرنا،‏ بذل شهود يهوه في پاپوا غينيا الجديدة جهودا حثيثة لتعليم الناس القراءة والكتابة.‏

طبعا،‏ ليس من السهل ان يتعلم الشخص القراءة والكتابة،‏ وخصوصا اذا كان مسنا.‏ ولكن متى امتلك التلميذ رغبة حقيقية في التعلّم يكون النجاح حليفه بالتأكيد.‏ فلكلمة اللّٰه تأثير قوي حتى على اكثر الناس اتضاعا وأقلهم علما.‏

خذ مثلا سايڤ نانپن،‏ شاب يعيش في المنطقة التي ينبع منها نهر سيپيك.‏ حين انتقل سايڤ الى لاي،‏ اختبر قفزة حضارية عندما رأى هناك للمرة الاولى في حياته اوجها من العالم الغربي.‏ كما انه التقى شهود يهوه الذين اخبروه برجاء الملكوت.‏ فمسّت رسالتهم قلبه وبدأ يحضر الاجتماعات المسيحية.‏ وسرعان ما تأهل ليكون ناشرا غير معتمد.‏ ولكنه تردد في اتخاذ الخطوة التالية:‏ المعمودية.‏ والسبب؟‏ كان قد وعد يهوه انه لن يعتمد ما لم يقرأ هو بنفسه الكتاب المقدس.‏ لذلك درس بجدّ وحقق اهدافه الروحية.‏

صحيح ان الامّية لا تزال شائعة في هذا البلد،‏ لكنه يجري تأسيس مدارس دنيوية في عدد من المناطق،‏ ما يفتح امام اولاد الشهود فرصة التعلم.‏ وفي الواقع،‏ غالبا ما يكون صغارنا مثالا في تعلُّم القراءة والكتابة،‏ ويعود الفضل بشكل كبير الى عناية والديهم والتدريب المعطى في اجتماعات الجماعة،‏ مثل مدرسة الخدمة الثيوقراطية.‏

حق الكتاب المقدس يغيّر حياة الناس

كتب الرسول بولس:‏ «اسلحة محاربتنا ليست جسدية،‏ بل قادرة باللّٰه على هدم حصون».‏ (‏٢ كو ١٠:‏٤‏)‏ في بعض الاحيان،‏ تكفي آية واحدة كي يتغير مسار حياتنا،‏ كما حدث مع امرأة تدعى إلفريدا.‏ فبعدما اظهر لها الشهود اسم اللّٰه في كتابها المقدس بلغة ويداو،‏ راجعت احدى الموسوعات وتأكدت ان ما كُتب عن اسم اللّٰه في الكتاب المقدس صحيح.‏ ففكرت في نفسها:‏ ‹ان شهود يهوه يعلّمون الحق›.‏ لكنّ زوجها أرمتيج لم يرد ان تكون له اية صلة بالشهود.‏ فقد كان سكيرا شرس الطباع يمضغ جوزة الفوفل ويدمن التدخين.‏

وبعدما تقاعد عن عمله في لاي،‏ انتقل مع زوجته الى ألوتو في اقليم ميلن باي،‏ حيث لم يكن هنالك شهود.‏ فاشتركت إلفريدا في مجلتي برج المراقبة و استيقظ!‏،‏ ودرست بالمراسلة مع فاتحة تدعى كايلين نِلسن.‏ تقول كايلين:‏ «اعتادت إلفريدا ان ترسل إليّ اجوبتها كتابة كل اسبوع».‏

لاحقا،‏ عيِّن المتخرجان من جلعاد جوردي وجوان رايل في ميلن باي وزارا إلفريدا لتشجيعها والاشتراك معها في الخدمة.‏ يتذكر جوردي:‏ «طلب مني أرمتيج ان ادرس معه الكتاب المقدس.‏ وبسبب صيته تساءلت ما عسى ان يكون دافعه الحقيقي وراء طلبه هذا.‏ ولكنني تبينت صدقه بعد شهر من الدرس معه.‏ وقد اعتمد لاحقا وصار مع الوقت خادما مساعدا».‏ واليوم يعتنق ثلاثة اجيال من عائلته الحق ويخدم حفيده كيڠاوالي بيياما،‏ المقتبس قوله آنفا،‏ في لجنة الفرع في پورت مورْزْبي.‏

كذلك باشر دون وشيرلي فيلدر،‏ فيما كانا يخدمان كفاتحين في هولا،‏ بعقد درس مع الزوجين أليڠي ورينڠي پالا.‏ يكتب دون:‏ «كان أليڠي لصّا يتشاجر دائما مع الآخرين.‏ وقد أُصيب بتشوّه جلدي وتآكلٍ في جزء من فمه اثر اصابته بأمراض مدارية.‏ كما اعتاد هو وزوجته مضغ جوزة الفوفل فباتت الفراغات بين اسنانهما المسودّة حمراء كالدم في اغلب الاحيان.‏ لذلك كان أليڠي آخر شخص يُتوقع ان ينجذب الى الحق.‏ غير انه اهتم هو وزوجته بالحقائق الروحية وأخذا يحضران الاجتماعات ويجلسان في الخلف بهدوء».‏

يتابع دون:‏ «في غضون ستة اشهر رأينا تغييرا مذهلا في أليڠي.‏ فقد توقف عن السرقة والمشاجرة والمجادلة،‏ وطهّر هو ورينڠي نفسيهما جسديا وبدأا يشتركان في الاجتماعات.‏ كما ساهما ايضا في نقل البشارة الى الآخرين.‏ وفي الواقع،‏ كانا من الناشرين القليلين الاوائل في منطقة هولا».‏

ايضا،‏ كان أبيل وَراك الساكن في ايرلندا الجديدة مصابا بالبرص.‏ نتيجة ذلك لم يعد يشعر بيديه ورجليه.‏ وحين التقى به الشهود للمرة الاولى،‏ كان شخصا بالكاد يستطيع المشي فقدَ كل اهتمام بالحياة.‏ لكنّ الحق قلَب موقفه ونظرته هذه رأسا على عقب وبعث فيه الفرح والنشاط.‏ حتى انه مع مرور الوقت انخرط في خدمة الفتح.‏ وكان أبيل قد اعتاد الصيد ليؤمّن طعامه.‏ ولكن بسبب الخدر في رجليه،‏ بات السير على الحيد البحري يشكل خطرا عليه.‏ لذا جلب له الاخوة جزمة من المطاط تصل الى ركبتيه.‏ كما تعلم ركوب الدراجة،‏ ما مكّنه من حمل البشارة الى اماكن بعيدة.‏ فركب احيانا دراجته مسافة ١٠٠ كيلومتر ليلاحق الاهتمام،‏ حتى انه قطع في احدى المناسبات مسافة ١٤٥ كيلومترا ليدعو شخصا مهتما الى حضور الذِّكرى.‏

وكثيرا ما ساعدت «معرفة يهوه» حتى الذين امتلكوا صفات وحشية على صنع تغييرات جذرية في شخصياتهم.‏ (‏اش ١١:‏٦،‏ ٩‏)‏ مثلا،‏ عام ١٩٨٦،‏ وفد حوالي ٦٠ شخصا من قريتين قرب بانز الى محفل كوري في لاي وجلسوا في الصفوف الامامية.‏ لقد كان هؤلاء القرويون الذين يقطنون المرتفعات الجبلية اعداء منذ أمد بعيد يتقاتلون في اغلب الاحيان.‏ ولكن بعدما نقل اليهم فاتحون خصوصيون البشارة،‏ قرروا العيش معا بسلام.‏ ان مثل هذه الاختبارات تذكّر بكلمات زكريا ٤:‏٦‏:‏ «‹لا بجيش ولا بقوة،‏ بل بروحي›،‏ قال يهوه الجنود».‏ وهذا الروح نفسه دفع ايضا كثيرين من الاشخاص المخلصين الى العيش وفق المقاييس الادبية المسطرة في الكتاب المقدس.‏

اكرام هبة الزواج المعطاة من اللّٰه

في بلدان عديدة،‏ تتغاضى العادات المحلية وكذلك كنائس العالم المسيحي عن نظرة الكتاب المقدس الى الزواج.‏ (‏مت ١٩:‏٥؛‏ رو ١٣:‏١‏)‏ ولا يختلف الوضع في پاپوا غينيا الجديدة.‏ لذلك يعمد كثيرون من الذين يساكنون بعضهم بعضا دون زواج شرعي او يعيشون ضمن رباط زواج تعددي الى صنع تغييرات جذرية في حياتهم رغبة منهم في ارضاء يهوه.‏ تأمل مثلا في حالة فرانسيس وزوجته كريستين.‏

عندما استقال فرانسيس من الجيش،‏ انفصل عن زوجته كريستين.‏ فعادت هي وولداهما الى قريتها في جزيرة ڠوديناف في اقليم ميلن باي.‏ اما هو فرجع الى ماونت هاڠن حيث تعرف بامرأة اخرى وعاش معها هي وأولادها.‏ وصاروا يرتادون معا كنيسة «جماعات اللّٰه».‏ ومع الوقت،‏ زار الشهود المرأة التي كان يساكنها فبدأت تدرس الكتاب المقدس.‏ ولاحقا،‏ حذا فرانسيس حذوها،‏ وباشر الاثنان بُعيد ذلك حضور الاجتماعات.‏

وحين رغب فرانسيس في التأهل كناشر للملكوت،‏ وجب عليه تسوية وضعه الزوجي.‏ فجعل المسألة موضع صلاته ثم تباحث مع رفيقته في الامر.‏ فانتقلت هي وأولادها الى منزل آخر في حين ذهب فرانسيس ليقابل كريستين بعد ست سنوات من الانفصال.‏ طبعا،‏ تفاجأت كريستين وأقرباؤها جدا لدى رؤيته.‏ اما هو فلجأ الى الاسفار المقدسة ليوضح لهم بلطف عن رغبته في صنع ما هو صائب في عيني يهوه.‏ ثم طلب من زوجته ان تعود مع ولديهما الى ماونت هاڠن ليجتمع شمل العائلة ثانية.‏ فاندهش الجميع من هذا التغيير الذي طرأ عليه.‏ وقبلت كريستين دعوة زوجها الذي بدوره دفع تعويضا ماليا لأقربائها مقابل اهتمامهم بعائلته طوال السنوات الست المنصرمة.‏

وبعدما استقرت كريستين في ماونت هاڠن،‏ بدأت هي ايضا تدرس الكتاب المقدس،‏ ووجب عليها بالتالي تعلُّم القراءة.‏ في تلك الاثناء،‏ اقلعت عن مضغ جوزة الفوفل وتدخين التبغ.‏ واليوم اصبحت هي وزوجها خادمين منتذرين ليهوه.‏

اولاد يكرمون خالقهم

اعطى اولاد كثيرون في پاپوا غينيا الجديدة شهادة رائعة بشجاعتهم والعمل وفق ما يمليه عليهم ضميرهم المدرب على الكتاب المقدس.‏ مثلا،‏ في اوائل عام ١٩٦٦ اخبرت استاذة في مدرسة ابتدائية سبعة اولاد لشهود يهوه انه يُتوقع منهم تحية العلم خلال الاحتفالات التي كانت ستُقام في الاسبوع المقبل.‏ ولكن عندما حان الوقت،‏ رفض الاولاد السبعة تحية العلم امام ٣٠٠ تلميذ تقريبا.‏ فطُردوا نتيجة ذلك رغم ان والديهم كانوا قد طلبوا خطيا اعفاءهم من هذه الاحتفالات.‏ فرفع شيخ في الجماعة المحلية القضية الى المسؤولين الحكوميين في پاپوا غينيا الجديدة وأوستراليا ايضا.‏

وفي ٢٣ آذار (‏مارس)‏،‏ اتصل المسؤول الاداري الاوسترالي في پاپوا غينيا الجديدة بإدارة المدرسة وأمرهم بإعادة الاولاد فورا.‏ وهكذا ربحت العبادة الحقة معركة قانونية صغيرة.‏ واليوم تستمر حكومة پاپوا غينيا الجديدة في احترام حق الاولاد في رفض تحية العلم بسبب الضمير.‏

يستطيع «الأطفال والرضع» تسبيح يهوه بطرائق اخرى ايضا.‏ (‏مت ٢١:‏١٦‏)‏ تأمل مثلا في قصة ناوومي الساكنة في المرتفعات والتي لم يكن والداها جو وهيلين في الحق.‏ ففي الثالثة من عمرها تقريبا،‏ عاشت حوالي سنة في لاي مع خالتها.‏ وإذ كانت هذه الاخيرة شاهدة غيورة ليهوه،‏ اصطحبتها باستمرار في الخدمة حاملة اياها في كيس معلّق على كتفها.‏ واعتادت ايضا ان تروي لها قصصا من كتابي لقصص الكتاب المقدس مستعينة بصوره المعبّرة.‏ فبات رجاء الملكوت مألوفا بالنسبة الى ناوومي.‏

وحين عادت ناوومي الى والديها،‏ اخذت مطبوعة من اصدار الشهود،‏ وقفت خارج المنزل،‏ ثم قرعت الباب بقوة.‏ فناداها والداها:‏ «عودي الى الداخل».‏ فدخلت الفتاة الصغيرة وقالت:‏ «مرحبا.‏ انا واحدة من شهود يهوه وأنا هنا لأخبركما عن الكتاب المقدس».‏ وفيما أخذ جو وهيلين يحدقان إليها بدهشة اكملت:‏ «يقول الكتاب المقدس ان الارض ستصير عن قريب فردوسا.‏ وسيحكمنا ملك واحد هو يسوع.‏ وكل ما نراه حولنا صنعه يهوه».‏

صُعق جو وهيلين لما سمعاه.‏ فقال جو لزوجته:‏ «ماذا سيفكر الجيران الآن.‏ من الافضل ان تحتجزيها غدا داخل المنزل».‏

في اليوم التالي،‏ فيما كان والداها جالسَين خارج البيت،‏ قرعت ناوومي بقوة على حائط غرفتها.‏ فقال جو:‏ «هيا اخرجي».‏ فبانت ناوومي وقدمت عرضا آخر:‏ «مرحبا.‏ انا واحدة من شهود يهوه وجئت لأبشركما.‏ الناس الصالحون سيعيشون الى الابد على الارض.‏ لكن الذين يغضبون ويعملون امورا سيئة لن يكونوا في الفردوس».‏ فارتبكت هيلين كثيرا وانفجرت بالبكاء في حين توجّه جو غاضبا الى سريره.‏

تلك الليلة،‏ أُثير فضول جو فأخذ يتصفح كتابه المقدس القديم،‏ ترجمة الملك جيمس،‏ ووقع نظره على الاسم يهوه.‏ وفي الغد،‏ عوض الذهاب الى العمل،‏ كتب رسالة الى الشهود ثم قاد سيارته مسافة ٤٠ كيلومترا الى ماونت هاڠن ليتركها امام قاعة الملكوت.‏

فزار الاخوة جو وهيلين في منزلهما ورتبوا لعقد درس في الكتاب المقدس معهما.‏ كما علّموا هيلين القراءة.‏ وفي النهاية،‏ اعتمد جو وهيلين كلاهما،‏ وتمكنت هيلين من مساعدة تلامذة آخرين للكتاب المقدس على تعلّم القراءة —‏ كل ذلك لأن قلب فتاة صغيرة فاض تسبيحا ليهوه!‏

الجهود المبذولة لحضور الاجتماعات المسيحية

في بعض اجزاء العالم،‏ يسلك الاخوة الطرقات الرئيسية المزدحمة والمليئة بالتلوث او يستخدمون شبكات القطار النفقي المكتظة ليصلوا الى الاجتماعات والمحافل المسيحية.‏ ولكن في پاپوا غينيا الجديدة،‏ غالبا ما تكمن المشكلة في الافتقار الى الطرقات ووسائل النقل الجيدة.‏ لذلك تضطر عائلات كثيرة الى اجتياز جزء من المسافة على الاقل سيرا على الاقدام او في المركب او بالطريقتين كلتيهما.‏ مثلا،‏ ثمة ناشرون يسيرون بانتظام مع اولادهم اكثر من ١٦٠ كيلومترا على الجبال الزلِقة والمسننة لحضور المحفل الكوري السنوي في پورت مورْزْبي.‏ وفي رحلتهم المجهدة التي تستغرق اسبوعا،‏ يمرون بدرب كوكودا المشهور لما شهده من معارك طاحنة في الحرب العالمية الثانية.‏ وهم يحملون معهم ايضا طعامهم،‏ اواني الطبخ،‏ الثياب،‏ وغيرها من المواد اللازمة للمحفل.‏

ومن عادة الاخوة في جزيرة نوكومانو المرجانية النائية حضور المحافل السنوية في رابول على بعد ٨٠٠ كيلومتر غربا.‏ يقول جيم دايڤيس:‏ «حرصا على الوصول في الوقت المحدد،‏ يغادر الاخوة احيانا قبل ستة اسابيع بسبب رداءة المواصلات البحرية.‏ وقد يواجهون بعض العراقيل في رحلة العودة ايضا.‏ فذات مرة،‏ تحوَّل المركب الوحيد المسافر الى نوكومانو عن مساره وتوجه الى اوستراليا لإجراء بعض التصليحات.‏ وهناك واجه المالكون مشاكل مالية.‏ نتيجة ذلك،‏ لم يصل الاخوة الى ديارهم إلّا بعد مضي ستة اشهر!‏ صحيح ان هذه الحالة نادرة جدا،‏ لكنّ التأخر مدة اسابيع ليس بالامر النادر،‏ مما يضطر الناشرين المجبرين على الانتظار ان يمكثوا في بيوت رفاقهم الشهود او اقربائهم».‏

المرسلون يرسمون مثالا رائعا

ليس من السهل دائما على المرسلين اجراء تعديلات في نمط حياتهم حين يخدمون في بلدان لديها مستوى معيشي ادنى من الذي كانوا يتمتعون به في موطنهم.‏ لكن كثيرين منهم برهنوا ان القيام بتعديلات كهذه ليس محالا.‏ وغالبا ما يحظى الجهد الذي يبذلونه بتقدير السكان المحليين.‏ قالت احدى النساء في پاپوا غينيا الجديدة عن اختين مرسلتين تدرسان معها:‏ «جلدهما ابيض،‏ لكنّ قلبيهما مثل قلبنا».‏

يخدم بعض المرسلين في العمل الجائل.‏ ولزيارة الجماعات،‏ قد يضطرون الى السفر بأية وسيلة نقل متوفرة.‏ مثلا،‏ يقول إدڠار مانڠوما الذي خدم في دوائر شملت منطقة نهر فلاي وبحيرة موري:‏ «كي اخدم الجماعتين الواقعتين عند البحيرة،‏ كنت استقل المراكب سواء كانت مزودة بمحرِّك ام لا.‏ فكانت الرحلة تستغرق في المركب غير المجهز بمحرِّك حوالي ثماني ساعات بين الجماعة والاخرى.‏ وكان يرافقني عادة ثلاثة اخوة او اربعة،‏ رغم علمهم بأن عليهم التجذيف كل طريق العودة بعد ايصالي الى المكان المنشود.‏ فكم قدرت جهودهم!‏».‏

وقد اعطى المرسلون شهادة رائعة بمثالهم الحسن وإعرابهم عن التواضع والمحبة للغير.‏ كتب احد نظار الدوائر:‏ «دهش القرويون حين رأوني انزل في بيوت المهتمين وأشاركهم وجبات الطعام.‏ حتى ان بعضهم قال لي:‏ ‹ان عبادتك للّٰه صادقة.‏ فالقسوس لدينا لا يعاشروننا كما تفعل انت›».‏

وهل تجد الاخوات الاجنبيات صعوبة في تعديل نمط حياتهن في پاپوا غينيا الجديدة؟‏ تتذكر روث بولاند التي رافقت زوجها دايڤيد في عمله الجائل:‏ «واجهت صعوبة كبيرة في التأقلم اول بضعة اشهر.‏ ورغبت مرات عديدة في الاستسلام.‏ ولكنني سعيدة انني لم افعل،‏ لأنني صرت اقدر وأحب الاخوة والاخوات.‏ وتدريجيا تحوّل تفكيرنا انا وزوجي من التركيز على انفسنا الى التركيز على الآخرين.‏ وبدأنا نشعر بفرح غامر لا مثيل له.‏ كنا فقراء ماديا انما اغنياء روحيا.‏ ولمسنا يد يهوه في احداث كثيرة لا تتعلق فقط بتقدم البشارة،‏ بل ايضا بحياتنا الشخصية.‏ فعندما لا تملكون من الماديات شيئا لا بد ان تعتمدوا على يهوه فعليا،‏ فتروا عندئذ بركاته».‏

الحرب الاهلية في بوڠنڤيل

عام ١٩٨٩،‏ اندلعت الحرب الاهلية في كافة انحاء جزيرة بوڠنڤيل بعدما بقيت نيران الفتنة التي اشعلتها حركة انفصالية تتأجج مدة طويلة تحت الرماد.‏ وخلال الصراع الذي دام ١٢ سنة،‏ تهجّر قرابة ٠٠٠‏,٦٠ شخص ومات ٠٠٠‏,١٥.‏ وكان بين المهجّرين العديد من الناشرين الذين انتقل معظمهم الى اجزاء اخرى من پاپوا غينيا الجديدة واستقروا فيها.‏

قُبيل مغادرة الجزيرة،‏ وقع فاتح يدعى دان أرنست في قبضة جنود جيش بوڠنڤيل الثوري واقتيد الى مخزن كبير.‏ يتذكر دان:‏ «في الداخل رأيت جنرالا في الجيش الثوري يلبس بزة مغطاة بالميداليات وعلى جنبه سيف.‏

‏«فسألني:‏ ‹هل انت دان أرنست؟‏›.‏

‏«فأجبته:‏ ‹نعم›.‏

‏«فقال:‏ ‹سمعت انك جاسوس تعمل لحساب قوة الدفاع في پاپوا غينيا الجديدة›.‏

‏«وما ان بدأت اشرح له ان شهود يهوه لا يتدخّلون في صراعات ايٍّ من البلدان حتى قاطعني قائلا:‏ ‹نعلم ذلك!‏ فنحن نراقب ما يجري حولنا.‏ لقد دعمت الاديان الاخرى من بدا لها رابحا،‏ اما انتم فالوحيدون الذين بقيتم حياديين كليا›.‏ ثم اضاف:‏ ‹شعبنا عانى الامرّين في هذه الحرب ويحتاج الى رسالتكم المعزية.‏ لذا نحن نرغب ان تبقى في بوڠنڤيل وتستمر في الكرازة.‏ ولكن اذا وجب عليك الرحيل،‏ فسأعمل على ان تصل كل ممتلكاتك بأمان الى الخارج›.‏ وبعد اسبوعين،‏ حين انتقلنا انا وزوجتي الى تعيين جديد في جزيرة مانوس،‏ وفى الجنرال بوعده».‏

عمل مكتب الفرع جاهدا ليحافظ على التواصل مع الناشرين في المنطقة المنكوبة،‏ واستطاع ان يرسل اليهم بعض الاطعمة والادوية والمطبوعات رغم الحصار البحري.‏ كتب احد نظار الدوائر:‏ «ان الندوب التي خلّفتها الحرب تُرى في كل مكان،‏ لكنّ الاخوة والاخوات لا يزالون مشغولين بالكرازة وعقد الاجتماعات.‏ وهم يديرون ايضا الكثير من دروس الكتاب المقدس».‏

وأخيرا عام ٢٠٠١،‏ توصلت الاطراف المتقاتلة الى معاهدة سلام تمتعت بموجبها بوڠنڤيل والجزر المجاورة بحكم ذاتي.‏ وفي الوقت الحالي،‏ لا يسكن اي من الشهود في بوڠنڤيل،‏ ولكن هنالك في جزيرة بوكا المجاورة جماعة ناشطة من ٣٩ ناشرا.‏

بركان يدمّر رابول

لدى مدينة رابول ميناء كبير هو في الواقع فوهة ضخمة لبركان خامد.‏ في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٩٤،‏ ثارت فوهتان ناشطتان على جانبي الميناء واكتسحت حممهما رابول وغيّرت حياة الناس في الاقليم.‏ وقد دُمرت قاعة الملكوت وبيت المرسلين الملاصق لها،‏ لكنّ احدا من الاخوة لم يُقتل.‏ غير ان اخا يعاني مشكلة في القلب مات وهو يحاول الهرب.‏ وقد توجه الاخوة جميعهم الى اماكن متفق عليها مسبقا تقع على مسافة كيلومترات عديدة،‏ متّبعين خطة الاخلاء التي علِّقت لسنوات على لوحة الاعلانات في قاعة الملكوت.‏

ودونما تأخير،‏ اتّخذ مكتب الفرع اجراءات لمساعدة المتضررين وتنظيم مؤن الاغاثة.‏ فأُرسلت تبرعات شملت الثياب،‏ ناموسيات البعوض،‏ الادوية،‏ البنزين،‏ وقود الديزل،‏ وغيرها من المواد.‏ كما تلقى الاخوة من جماعة قريبة الارزّ والقُلقاس.‏ وتمت عملية الاغاثة بطريقة رائعة دفعت المسؤولين المحليين وغيرهم ان يثنوا على الاخوة بعبارات المديح.‏

في نهاية المطاف،‏ لم يعد لجماعة رابول وجود.‏ ولكن بعد يومين من الثوران البركاني،‏ اجتمع حوالي ٧٠ ناشرا مع اولادهم في مدرسة مهنية مهجورة.‏ وحين وصل الشيوخ،‏ سأل الناشرون:‏ «متى يبدأ درس الكتاب؟‏».‏ نعم،‏ رغم المشقات والمعاناة،‏ لم يهمل الاخوة قط حضور الاجتماعات وعمل الشهادة.‏ (‏عب ١٠:‏٢٤،‏ ٢٥‏)‏ وقد انتقل معظمهم الى فرق قريبة نما احدها ليصبح جماعة.‏

وعدت الحكومة المحلية كل الفئات الدينية التي خسرت ملكيتها خلال الكارثة بمنحها ارضا في بلدة كوكوپو على بعد ٢٤ كيلومترا من رابول.‏ وقد وفت بوعدها لهم جميعا ما عدا الشهود.‏ لكن بعد حوالي سبع سنوات من الكارثة،‏ باشر اخ من افريقيا العمل في دائرة تخطيط المدن.‏ وإذ لاحظ المعاملة المجحفة بحق الشهود،‏ ما كان منه إلّا ان حدد قطعة ارض مناسبة في كوكوپو وساعد الاخوة على تقديم الطلب الذي تمت الموافقة عليه.‏ فساهم فريق من المتطوعين في بناء قاعة ملكوت وبيت للمرسلين.‏ وتبين ان ما بدا اجحافا في البداية هو في الحقيقة بركة.‏ فالارض التي أُعطيت للكنائس اتى موقعها في قمة تلة عالية،‏ في حين احتلت القطعة التي مُنحت لاحقا للاخوة موقعا مثاليا في وسط البلدة.‏

عمل الترجمة يمضي قدما

يقول تيمو راجالهتو،‏ عضو في لجنة الفرع وناظر قسم الترجمة:‏ «في بلد يُنطق فيه بأكثر من ٨٠٠ لغة،‏ من المهم جدا وجود لغة او لغات مشتركة تسهِّل على الناس التواصل.‏ لذلك فإن لغتي التوك پيسين والهيري موتوِية التجاريتين تفيان جدا بالغرض.‏ فمن السهل تعلمهما كلغة ثانية،‏ وهما فعالتان جدا للتواصل في الشؤون اليومية.‏ لكنهما لا تفيدان كثيرا في ايصال المفاهيم المعقدة.‏ لذلك يبذل مترجمونا جهودا حثيثة لنقل بعض العبارات بهاتين اللغتين.‏

‏«مثلا،‏ اكتشفنا انه ما من كلمة في لغة توك پيسين تقابل كلمة ‹مبدأ› بشكل دقيق.‏ فعمد مترجمونا الى ضم كلمتين بهذه اللغة لابتكار كلمة واحدة تصف كيف تقود المبادئ الناس في الاتجاه الصائب.‏ وقد تبنت وسائل الاعلام هذه الكلمة التي تشيع اليوم بين كثيرين من الناطقين بلغة توك پيسين».‏

اصبحت مجلة برج المراقبة تصدر بلغة موتو عام ١٩٥٨،‏ وبلغة توك پيسين عام ١٩٦٠.‏ فطُبعت مقالات الدرس في سيدني بأوستراليا على اوراق جرى شبكها معا بالدبّاسة وشحنها الى پورت مورْزْبي.‏ عام ١٩٧٠،‏ وصل عدد صفحات المجلة الى ٢٤ صفحة،‏ وارتفع توزيعها الى اكثر من ٥٠٠‏,٣ نسخة.‏ وفي كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٧٢،‏ صدرت بلغة توك پيسين اول طبعة من مجلة استيقظ!‏ تحتوي على ٢٤ صفحة.‏ وفي الوقت الحالي،‏ يعدّ الفرع بلغة توك پيسين اعدادا نصف شهرية من برج المراقبة وفصلية من استيقظ!‏،‏ وبالهيري موتوِية اعدادا شهرية من الطبعة الدراسية لمجلة برج المراقبة وفصلية من طبعة العموم.‏

يخبر تيمو راجالهتو:‏ «مؤخرا،‏ ترجمنا بعض النشرات بعدد من اللغات الجديدة،‏ بما فيها الإنڠا،‏ الأوروكايڤا،‏ الجيواكا،‏ الكوانوا،‏ والمِلپا.‏ ولكن ما حاجتنا الى الترجمة بهذه اللغات ما دام الذين يتكلمونها يعرفون ايضا التوك پيسين او الانكليزية او كلتيهما؟‏ اردنا ان نرى رد فعل الناس ازاء رسالة الملكوت حين تُنقل اليهم بلغتهم الام.‏ هل تثير اهتمامهم بالحق وتخلق فيهم موقفا ايجابيا نحو الشهود؟‏

‏«كان الجواب نعم مدوّية!‏ فنحن نتلقى تعليقات ايجابية كثيرة من الناس.‏ ويجري البدء بدروس في الكتاب المقدس،‏ حتى ان بعض المقاومين السابقين يغيّرون موقفهم تجاه الشهود.‏ نعم،‏ حين يحصل المرء على مطبوعة بلغته الام يكون لذلك ابلغ الاثر في نفسه».‏

حاليا،‏ يعمل ٣١ شخصا في قسم الترجمة،‏ الذي يضم فريقي الترجمة بالهيري موتوِية والتوك پيسين.‏ وقد فرح الجميع بالانتقال الى مكاتب جديدة للترجمة في كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ٢٠٠٩.‏

مدرسة خدمة الفتح تفيد كثيرين

يعتبر كثيرون من خدام يهوه مدرسة خدمة الفتح حدثا بارزا في حياتهم.‏ فهي لا تساعد الفاتحين على النمو روحيا فحسب،‏ بل تجهزهم ايضا ليصبحوا فاتحين افضل.‏ لاحظ ما عبّر بعضهم بعدما حضروا المدرسة.‏

لوسي كويْم:‏ «ساعدتني المدرسة ان ادرك ان الانخراط في الخدمة كامل الوقت هو من افضل الامور التي يمكن ان احققها في حياتي».‏

مايكل كايراپ:‏ «قبل ان احضر المدرسة،‏ كنت اقوم بزيارات كثيرة ولكن لم يكن لديّ دروس.‏ اما الآن فأنا اعقد العديد منها».‏

بِن كونا:‏ «علمتني المدرسة ان اجعل تفكيري يتلاءم اكثر مع تفكير يهوه».‏

سايفِن پوپو:‏ «لم ادرس في حياتي كما درست في تلك الفترة.‏ وتعلمت ان ادرس برويّة».‏

جولي كاين:‏ «ساعدتني المدرسة ان امتلك النظرة الصائبة الى الماديات.‏ فنحن لا نحتاج فعليا الى كل الامور التي يظن الآخرون اننا بحاجة اليها».‏

وقال الاخ دان بُركس،‏ احد اعضاء لجنة الفرع:‏ «متى صار الفاتحون اكثر فعالية،‏ ازدادوا فرحا وغيرة.‏ ونحن واثقون ان مدرسة خدمة الفتح ستستمر في افادة مئات الفاتحين في هذا البلد.‏ ولا شك ان هذه الفوائد ستشمل الناشرين والمهتمين في المقاطعة».‏

النمو معا بمحبة

قال يسوع المسيح:‏ «بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي،‏ إن كان لكم محبة بعضا لبعض».‏ (‏يو ١٣:‏٣٥‏)‏ في پاپوا غينيا الجديدة،‏ عملت المحبة على سدّ كل انواع الفجوات التي يمكن ان تفصل بين الاخوة،‏ مثل الاختلافات اللغوية والعرقية والقبلية والاقتصادية.‏ وحين يرى ذوو القلوب المستقيمة هذه المحبة يندفعون الى القول لنا:‏ «لا بد ان اللّٰه معكم».‏

هذا ما شعر به مانڠي سامڠر،‏ صاحب العديد من الباصات وقسّ لوثري سابق من بانز.‏ وما الذي ادّى به الى هذا الاستنتاج؟‏ بغية حضور محفل كوري في لاي،‏ استأجرت الجماعة المحلية احد الباصات التي يملكها.‏ قال ستيڤ وكاثرين دايوال اللذان كانا في موقع المحفل حين وصل الباص:‏ «لقد أُثير فضوله بشأن الشهود بحيث انه اتى معهم في الباص.‏ وقد تأثر كثيرا بالتنظيم والوحدة التي تجمع شعب يهوه من مختلف الاعراق والقبائل.‏ حتى انه عندما عاد الى بيته في الباص المليء بالشهود،‏ كان قد اقتنع انه وجد الحق.‏ ولاحقا،‏ خدم هو وابنه كشيخين مسيحيين».‏

كانت هولا فوروڤا،‏ ارملة شابة وفاتحة عادية تهتم بأمها الارملة،‏ بحاجة ماسة الى بيت جديد.‏ وكانت قد جمعت في مناسبتين مبلغا من المال بالجهد الجهيد وأعطته لقريب لها كي يشتري لها الخشب.‏ فأخذ قريبها المال ولم يعد ثانية.‏ وإذ ادرك الشهود الورطة التي وقعت فيها،‏ اعادوا بناء منزلها في مجرد ثلاثة ايام.‏ وطوال هذه الفترة،‏ لم تكف عن ذرف الدموع لشدة تأثرها بمحبة الاخوة.‏ وقد اعطى هذا المشروع ايضا شهادة رائعة.‏ قال شماس في كنيسة محلية متعجبا:‏ «كيف لأناس لا يلتمسون المال ولا يقومون سوى بالتنقل هنا وهناك حاملين حقائب كتبهم ان يبنوا بيتا في ثلاثة ايام؟‏!‏».‏

كتب الرسول يوحنا:‏ «ايها الاولاد الاعزاء،‏ فلنحبّ لا بالكلام ولا باللسان،‏ بل بالعمل والحق».‏ (‏١ يو ٣:‏١٨‏)‏ نتيجة هذه المحبة التي يجري الاعراب عنها بطرائق عديدة،‏ يستمر العمل في پاپوا غينيا الجديدة في المضي قدما.‏ وهكذا يعقد ٦٧٢‏,٣ ناشرا ٩٠٨‏,٤ دروس في الكتاب المقدس،‏ كما حضر ٨٧٥‏,٢٥ شخصا ذكرى موت المسيح عام ٢٠١٠.‏ وكل ذلك خير دليل على بركة يهوه المستمرة.‏ —‏ ١ كو ٣:‏٦‏.‏

منذ نحو ٧٠ عاما،‏ غامر اخوة وأخوات قلائل بالمجيء الى هذه الارض الرائعة والغامضة حاملين معهم الحق الذي يحرر البشر.‏ (‏يو ٨:‏٣٢‏)‏ وفي العقود التي تلت،‏ انضم اليهم في العمل شهود كثيرون آخرون،‏ اجانب ومحليون.‏ وقد واجهوا عراقيل بدا انها لا تذلَّل:‏ الادغال الكثيفة،‏ المستنقعات حيث يتفشى داء الملاريا،‏ الطرقات الرديئة او غير الموجودة على الاطلاق،‏ فضلا عن الفقر،‏ العنف القبلي،‏ الارواحية المتغلغلة،‏ وأحيانا المقاومة العنيفة من قبل رجال دين العالم المسيحي ومؤيديهم.‏ كما واجه الاخوة ايضا مشكلة الامّية وتحدي الكرازة لآلاف المجتمعات القبلية التي تنطق بأكثر من ٨٠٠ لغة.‏ فلا شك ان مساهمتهم غير الانانية في عمل الكرازة بالملكوت هي موضع تقدير عميق لدى الذين اكملوا المسيرة من بعدهم.‏

لا يزال خدام يهوه في پاپوا غينيا الجديدة يصطدمون بالعديد من تلك العقبات.‏ لكن كل شيء مستطاع عند اللّٰه.‏ (‏مر ١٠:‏٢٧‏)‏ لذا يتكل الاخوة والاخوات في هذا البلد المتنوع اتكالا كاملا على يهوه واثقين انه سيحوّل بعد كثيرين من الميالين الى البر «الى لغة نقية ليدعوا كلهم باسم يهوه،‏ ليخدموه كتفا الى كتف».‏ —‏ صف ٣:‏٩‏.‏

‏[الحواشي]‏

^ ‎الفقرة 2‏ غرينلندا هي اكبر جزيرة في العالم.‏ اما اوستراليا فتُعتبَر قارة لا جزيرة.‏

^ ‎الفقرة 5‏ في هذا التقرير،‏ سنستخدم الاسم الحالي پاپوا غينيا الجديدة عوضا عن الاسماء السابقة.‏

^ ‎الفقرة 66‏ اصدار شهود يهوه،‏ لكنه لم يعد يُطبع الآن.‏

‏[النبذة في الصفحة ٨٨]‏

‏«بوبوڠي،‏ اين تعلمت ان تفعل ذلك كله؟‏»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٠٠]‏

‏«وافق على عرض فيلمنا دون مقابل»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٠٤]‏

‏«تخلَّ عن دينك او ابحث لك عن وظيفة اخرى»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٢٤]‏

حين رأوا ما في حقيبتها،‏ شعروا بالذنب لما فعلوه

‏[النبذة في الصفحة ١٤٩]‏

‏«جلدهما ابيض،‏ لكنّ قلبيهما مثل قلبنا»‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٨٠]‏

لمحة عن پاپوا غينيا الجديدة

اليابسة:‏

تشغل پاپوا غينيا الجديدة النصف الشرقي من جزيرة غينيا الجديدة.‏ وهي تضم ١٥١ جزيرة وتحتل مساحة اكبر بقليل من مساحة ولاية كاليفورنيا الاميركية.‏ ويتميز داخل البلد بجباله الوعرة،‏ فيما تغطي الغابات المطيرة الكثيفة والمستنقعات المنطقة الساحلية.‏

الشعب:‏

يعيش في پاپوا غينيا الجديدة ٧‏,٦ ملايين نسمة،‏ ٩٩ في المئة منهم هم پاپويون وميلانيزيون.‏ اما الباقون فهم من البولينيزيين والصينيين والبيض.‏ وينتمي معظم الشعب الى الطوائف المسيحية.‏

اللغة:‏

تضم پاپوا غينيا الجديدة اكبر عدد من اللغات في العالم اذ ينطق سكانها بـ‍ ٨٢٠ لغة،‏ ما يعادل ١٢ في المئة من المجموع العالمي.‏ ويتكلم اغلب الناس التوك پيسين او الهيري موتوِية او الانكليزية بالاضافة الى لغتهم المحلية.‏

سبل العيش:‏

يعيش ٨٥ في المئة من الناس تقريبا حياة تقليدية اذ يتولون العناية بجنائن من الخضار في ضياعهم الصغيرة.‏ ويزرع الاهالي في المرتفعات البن والشاي التي تعود عليهم بمكاسب تجارية.‏ ايضا،‏ تساهم مواد مثل المعادن والغاز والنفظ وكذلك منتجات الأحراج في النمو الاقتصادي.‏

الطعام:‏

تشمل الاطعمة الرئيسية البطاطا الحلوة والقُلقاس والمنيهوت ودقيق النَّخل والموز الذي يؤكل نيئا او مطبوخا.‏ من الشائع ايضا تناول الخضار والفواكه المدارية وكذلك اللحوم والاسماك المعلّبة.‏ ويؤكل لحم الخنزير في المناسبات.‏

المناخ:‏

طقس پاپوا غينيا الجديدة ماطر في معظم الاحيان.‏ وبسبب موقعها قرب خط الاستواء،‏ فمناخها مداري عند الساحل،‏ ولكنه ابرد في المرتفعات.‏

‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحتين ٨٣،‏ ٨٤]‏

‏«تغلبت على خجلي»‏

أودا سْيوني

تاريخ الولادة:‏ ١٩٣٩

تاريخ المعودية:‏ ١٩٥٦

لمحة عن حياته:‏ اول فاتح من المواطنين في پاپوا غينيا الجديدة.‏ وهو اليوم يخدم فاتحا خصوصيا في جماعة هوهولا الموتوية،‏ پورت مورْزْبي.‏

حين رأت اختي الكبرى توم ورُوِينا كيتو يكرزان على طول الممرات الخشبية في قرية هانُوابَدا،‏ طلبت مني ان احضر الاجتماعات لأعرف ما هي هذه «الديانة الجديدة».‏ في تلك الايام،‏ كانت الاجتماعات تُعقد في منزل هِني هِني نِيوكي،‏ احد تلامذة الكتاب المقدس المحليين.‏

كنت في الـ‍ ١٣ من عمري وخجولا جدا.‏ لذا حين ذهبت الى منزل هِني هِني ووجدت حوالي ٤٠ شخصا مجتمعين،‏ جلست بهدوء بعيدا عن الانظار وأخفيت رأسي بين يديّ.‏ وإذ أحببت كثيرا ما سمعته،‏ عدت مرات اخرى.‏ وسرعان ما طلب هِني هِني ان اترجم ما يقوله توم كيتو بالانكليزية الى لغة موتو التي ينطق بها معظم الحاضرين.‏

وبعد عدة سنوات،‏ عندما بدأت اعمل في مستشفى محلي وأتدرب لأصبح طبيبا،‏ اخذني جون كتفورث جانبا وقال لي بلطف:‏ «اذا اصبحت طبيبا تساعد الناس جسديا،‏ ولكن اذا اصبحت طبيبا ‹روحيا› تساعدهم على نيل الحياة الابدية».‏ فانخرطت في ذلك الاسبوع عينه في خدمة الفتح.‏

اتى اول تعيين لي في بلدة واو،‏ التي كنت قد زرتها مؤخرا ولمست فيها اهتماما بالحق.‏ فدعاني احد الرجال،‏ جاك أريفآي،‏ ان اكرز في الكنيسة اللوثرية المحلية.‏ فاخترت ان اتحدث عن شريعة اللّٰه المتعلقة بالدم،‏ موضوع استقطب اهتمام الحضور الذي بلغ عدده ٦٠٠ شخص لأن كثيرين منهم اعتقدوا ان اكل دم الشخص يسمح لروحه بأن تسيطر على اجسادهم.‏ لكنّ الكاهن استشاط غضبا وأمر المجتمعين بقطع كل صلة بي.‏ غير ان كثيرين احبوا ما سمعوه وأحرزوا تقدما روحيا ملموسا.‏

بعد مضي سنة تقريبا،‏ تعيّنت في مانو مانو على بُعد نحو ٥٠ كيلومترا شمال غرب پورت مورْزْبي حيث التقيت بتوم سوراو،‏ زعيم محلي دعاني الى الكرازة في قريته.‏ وبعدما درست ثلاثة ايام مع القرويين،‏ قطعوا تمثال الخشب الذي نصبوه لمريم العذراء وألقوه في النهر.‏

إلّا ان الناس الساكنين عند اسفل مجرى النهر جمعوا حطام التمثال وأخذوه الى الكهنة الكاثوليك في قريتهم وهم يصرخون:‏ «لقد قتلوا مريم!‏».‏ فأتى كاهنان لمواجهتي.‏ وتقدم واحد منهما نحوي مباشرة ولكمني في وجهي وجرحني بخاتمه جرحا عميقا.‏ ولكن ما ان رأى القرويين يسارعون الى الدفاع عني حتى ولّى هاربا.‏

اثر هذا الحادث،‏ سافرت الى پورت مورْزْبي لقطْب الجرح وتقديم شكوى لدى الشرطة.‏ فتم تغريم الكاهنين لاحقا وتجريدهما من مهامهما.‏ وفي تلك الاثناء،‏ عدت الى القرية وأسست فريقا منعزلا.‏ نعم،‏ لقد تغلبت على خجلي بمعونة يهوه.‏

‏[الصورة]‏

عُقدت الاجتماعات الاولى في منزل هِني هِني

‏[الاطار في الصفحة ٨٦]‏

نظام وانتوك

ان التعبير وانتوك،‏ الذي يعني بلغة توك پيسين «كلاما واحدا»،‏ يشير الى الرابط الحضاري القوي الذي يجمع بين شعب ينتمي الى المجموعة الاثنية ذاتها وينطق باللغة نفسها.‏ وينشأ عن هذا الرابط بعض الالتزامات والحقوق.‏ مثلا،‏ يُتوقع من الناس الاهتمام بالحاجات المادية للمسنين والعاطلين او العاجزين عن العمل في مجتمعهم.‏ وهذا الترتيب هو خير مساعد في بلد يفتقر الى الرعاية الاجتماعية.‏

لكنّ هذا النظام له سلبياته ايضا.‏ فحين يتخذ تلميذ الكتاب المقدس موقفا الى جانب الحق،‏ قد ينبذه باقي اعضاء العائلة.‏ في هذه الحالة،‏ ينبغي ان يلتفت الجدد الى يهوه من اجل المساعدة اذا اصبحوا عاطلين عن العمل او ضاقت بهم الاحوال لأسباب اخرى.‏ (‏مز ٢٧:‏١٠؛‏ مت ٦:‏٣٣‏)‏ يقول عضو في لجنة الفرع اسمه كيڠاوالي بيياما:‏ «يمكن ان يمارس نظام وانتوك ضغطا كبيرا ايضا على الاخوة ليعاشروا معاشرة لصيقة الاقرباء الذين ليسوا من الشهود،‏ حتى الذين فُصلوا عن جسم الجماعة.‏ وفي الانتخابات السياسية،‏ غالبا ما يحاول المرشحون دفع اقربائهم الشهود ليسايروا على حساب مبدإ الحياد المسيحي».‏ لكنهم طبعا يرفضون المسايرة.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٩١]‏

فاز بمحبة الكثيرين

فاز جون كتفورث بمحبة الكثيرين اثناء خدمته الارسالية في پاپوا غينيا الجديدة.‏ تأمل في ما قاله عنه بعض من رفقائه المرسلين وغيرهم ممّن عمل معهم.‏ —‏ ام ٢٧:‏٢‏.‏

إيرنا اندرسون:‏ «قال لنا جون:‏ ‹المرسل الحقيقي يصير لشتى الناس كل شيء.‏ فمتى اعطاك الناس ارومة شجرة لتجلس عليها،‏ فاجلس عليها لأنهم يقدمون لك افضل ما لديهم.‏ وإذا اعطوك سريرا خشبيا غير متقن الصنع،‏ فنَم عليه لأنه اعراب عن لطفهم.‏ وإذا قدموا لك طعاما لا تألفه،‏ فكلْه لأنه أُعدّ بمحبة›.‏ لقد رسم جون مثالا رائعا بإعرابه عن محبة التضحية بالذات في خدمته الارسالية».‏

إيواك دوڤون:‏ «خلال فترة الحكم الاستعماري،‏ رفض جون رفضا قاطعا التحامل العرقي بين السود والبيض.‏ ولطالما اعلن بالفم الملآن:‏ ‹ما من فرق على الاطلاق بين الاسود والابيض!‏›.‏ لقد احب الجميع من كل قلبه».‏

پيتر لينكي:‏ «بعد ظهر احد الايام،‏ وصل جون الى منزلنا في ڠوروكا مرهقا ومغبرًّا بعد سفر يوم طويل.‏ رغم ذلك،‏ قال بعد العشاء:‏ ‹لم اقم بأي عمل مفيد للآخرين اليوم›،‏ ثم ذهب متثاقل الخطى ليزور ويشجع عائلة محلية فيما الليل يرخي ستاره.‏ كان يهتم دائما بالغير.‏ وقد احببناه جميعنا».‏

جيم دابنز:‏ «علّمنا جون ان نحيا ببساطة ونعلّم ببساطة مستخدمين الايضاحات التي يمكن ان يفهمها الناس،‏ كما فعل يسوع.‏ وقد مكّننا هذا الاسلوب من التواصل مع الذين لا يعرفون القراءة والكتابة».‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٠١]‏

‏‹لن نتخلى ابدا عن ايماننا›‏

كاليپ كاناي

تاريخ الولادة:‏ ١٩٢٢

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٦٢

لمحة عن حياته:‏ من اوائل الذين قبلوا الحق في منطقة مادانڠ.‏ وما يلي مقتطفات من حياته كما يرويها ابنه أولپپ كاليپ.‏

كان والدي شخصا متواضعا عميق التفكير.‏ فعند مواجهته مشكلة ما،‏ كان يصغي بانتباه الى الآخرين ويحلل المسألة قبل ابداء رأيه.‏

في الـ‍ ١٥ من عمري،‏ خسرت ساقي تحت الركبة تماما بسبب عضة قرش دخلت على اثرها المستشفى في مادانڠ.‏ وهناك التقى ابي جون دايڤيسون الذي قال له:‏ «في العالم الجديد،‏ سيعطي يهوه ابنك ساقا جديدة».‏ فأُثير اهتمامه وبدأ يدرس الكتاب المقدس بشغف ونمّى بسرعة ايمانا قويا.‏

ولما ترك ابي وأقرباؤه الكنيسة الكاثوليكية،‏ جرى تحريض الشرطة لتطردنا من بيوتنا.‏ وكنا قد بنينا قبل اقل من سنة ١٢ منزلا جديدا وسط جنائن غنّاء مزهِرة.‏ فرمت الشرطة مشاعل على سقوفها المصنوعة من القش وأضرمت فيها النيران.‏ فحاولنا جاهدين تخليص ممتلكاتنا،‏ الا اننا اضطررنا الى الخروج الى الهواء الطلق بسبب النيران والدخان الكثيف.‏ ورفعنا صوتنا بالبكاء فيما تحولت منازلنا امام اعيننا الى رماد.‏

اتجهنا وقلوبنا مثقلة بالحزن الى قرية باڠيلديڠ المجاورة،‏ حيث عاملنا زعيم القرية بلطف وسمح لنا ان ننتقل الى كوخ صغير بغرفة واحدة.‏ وهناك قال ابي لعائلتنا:‏ ‹مثلما اضُطهد يسوع،‏ من المتوقع ان نُضطهد نحن ايضا.‏ ولكننا لن نتخلى ابدا عن ايماننا›.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ١٠٧،‏ ١٠٨]‏

كان شاكرا لأنه قصد المدرسة «الخطأ»‏

مايكل ساونڠا

تاريخ الولادة:‏ ١٩٣٦

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٦٢

لمحة عن حياته:‏ بدأ خدمة الفتح الخصوصي في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٦٤ ولا يزال مستمرا فيها حتى الآن.‏ وبذلك،‏ يكون قد قضى في هذا النوع من الخدمة فترة اطول من اي فاتح خصوصي آخر في پاپوا غينيا الجديدة.‏

عام ١٩٥٩،‏ انتقلت الى رابول طالبا المزيد من العلم.‏ وحين سمعت ان الشهود لديهم مدرسة،‏ ذهبت الى بيت «الاستاذ»،‏ لانس ڠاسان،‏ ظنّا مني اني اقصد مدرسة مهنية.‏ فدعاني لانس الى حضور درس في الكتاب المقدس يُعقد كل اربعاء.‏ ورغم سوء التفاهم الحاصل،‏ قبلت الدعوة.‏ فقدرت كثيرا ما تعلمته،‏ وخصوصا ان اسم اللّٰه هو يهوه وأننا ننتظر في المستقبل «سموات جديدة وأرضا جديدة».‏ (‏٢ بط ٣:‏١٣‏)‏ اعتمدت صباح ٧ تموز (‏يوليو)‏ ١٩٦٢ وقلبي يفيض بالشكر لأنني قصدت المدرسة «الخطأ».‏

في ذلك اليوم نفسه،‏ حضرت اجتماعا للمهتمين بخدمة الفتح.‏ عَقد الاجتماع ناظر الكورة جون كتفورث وشدد ان الحقول ابيضت للحصاد وأن هنالك حاجة الى مزيد من العمال.‏ (‏مت ٩:‏٣٧‏)‏ وسرعان ما شاركت في خدمة الفتح اثناء العطل،‏ كما عُرف الفتح الاضافي آنذاك.‏ ثم انخرطت في الفتح العادي في ايار (‏مايو)‏ ١٩٦٤ وفي الفتح الخصوصي في ايلول (‏سبتمبر)‏ من تلك السنة.‏

ذات مرة،‏ كنت اكرز قرب رابول،‏ فسألني رجل ينتمي الى شعب تولاي ان اسمح له بأن يمسك كتابي المقدس ليقرأ فيه آية.‏ ولما اعطيته الكتاب مزقه اربا اربا ورماه ارضا.‏ لكنني لم اغضب،‏ بل تمالكت نفسي وقدمت شكوى لدى قائد الشرطة الذي ارسل فورا شرطيا ليوقف المذنب.‏ وحين أُحضر هذا الاخير امام قائد الشرطة،‏ قال له:‏ «انت رجل سيِّئ.‏ فقد انتهكت شريعة اللّٰه وقانون الدولة.‏ يجب ان تشتري للرجل كتابا مقدسا جديدا في الغد،‏ وإلّا فالسجن مصيرك».‏ ثم طلب مني ان احضر الى مركز الشرطة في العاشرة صباحا لآخذ ثمن الكتاب المقدس.‏ وحين وصلت كان المال بانتظاري.‏ ومذّاك تبنى كثيرون من شعب تولاي الحق.‏

في مناسبة اخرى،‏ كنت اوزع مع فريق من الشهود اخبار الملكوت في منطقة تقع غرب ويواك.‏ وكان الآخرون يتقدمونني ويوزعون النشرات.‏ لكنّ احد زعماء القرية المحليين اكتشف ما يقوم به الاخوة وأخذ يسترجع كل النسخ التي وزعوها.‏ ولا بد انه علم بقدومي ايضا لأنه وقف ينتظرني في وسط الطريق واضعا يديه على وركيه وفي احداهما نسخ من اخبار الملكوت.‏ وحين سألته ما هي مشكلته،‏ مد يده الممسكة بالنشرات وقال:‏ «انا المسؤول هنا ولا اريدك ان توزع هذه».‏

فأخذت منه النشرات.‏ في تلك الاثناء،‏ كان القريون قد اجتمعوا حولنا.‏ فنظرت اليهم وسألتهم:‏ «اذا رغبتم ان تعتنوا بحدائقكم او تذهبوا الى الصيد فهل يجب ان تنالوا اذنا رسميا بذلك؟‏».‏

فأجابت احدى السيدات:‏ «كلا».‏

عندئذ سألت القرويين:‏ «هل تودون قراءة هذه؟‏».‏

فقالوا:‏ «نعم».‏ فما كان مني إلّا ان وزعت نسخ اخبار الملكوت مجددا دون ان اتعرض لأية مقاومة.‏ ولكن لاحقا وجب عليّ ان امثل امام نحو ٢٠ زعيما قرويا وأدافع عن نفسي.‏ والشكر للّٰه ان جميعهم ما عدا اثنين صوّتوا لصالح عملنا الكرازي.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١١٢]‏

‏‹هل أكلا قلبك؟‏›‏

أيوكووان

تاريخ الولادة:‏ ١٩٤٠

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٧٥

لمحة عن حياتها:‏ من اوائل الذين تعرفوا بالحق في إينڠا.‏

حين جاء توم ورُوِينا كيتو الى واباڠ في اقليم إينڠا،‏ نشرت الارساليات المحلية عنهما روايات باطلة.‏ فادّعت مثلا انهما ينبشان جثث الموتى ويأكلانها.‏ فزرعت هذه القصص الذعر في قلبي.‏

وذات يوم،‏ سأل توم ابي ما اذا كان يعرف شابة تستطيع مساعدة زوجته في الاعمال المنزلية.‏ فأشار والدي اليّ،‏ ما جعلني ارتعب من الخوف.‏ لكنّ والدي اصرّ على قبولي الوظيفة.‏

وفي وقت لاحق،‏ سألني توم ورُوِينا:‏ «برأيك،‏ ماذا يحدث للناس عندما يموتون؟‏».‏

فأجبت:‏ «الصالحون يذهبون الى السماء».‏

وسألا:‏ «هل قرأت ذلك في الكتاب المقدس؟‏».‏

فقلت:‏ «انا لا اعرف القراءة لأنني لم اذهب الى المدرسة».‏

فبدأا يعلمانني القراءة وصرت تدريجيا افهم حقائق الكتاب المقدس.‏ وحين توقفت عن ارتياد الكنيسة الكاثوليكية،‏ سألني احد قادتها:‏ «لمَ توقفت عن المجيء الى الكنيسة؟‏ هل اكل هذان الزوجان الابيضان قلبك؟‏».‏

فأجبته:‏ «نعم،‏ ان قلبي المجازي معهما الآن لأنني اعرف انهما يعلمانني الحق».‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١١٧]‏

‏«اعطني دجاجة وخذه»‏

أوايوا ساريه

تاريخ الولادة:‏ ١٩٥٠

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٩٣

لمحة عن حياته:‏ تعلّم الحق في منطقة منعزلة.‏ وهو اليوم خادم مساعد في جماعة مونديپ.‏

لدى اقامتي عند صديق لي،‏ رأيت نسخة من كتاب الحق الذي يقود الى الحياة الابدية.‏ فقرأت عدة فصول منه وسألته اذا كان بإمكاني الحصول عليه.‏ فأجاب:‏ «اعطني دجاجة وخذه».‏

بعدما تمّ التبادل،‏ اخذت الكتاب معي الى البيت وقرأته بروية.‏ ولم تمضِ فترة طويلة حتى طفقت اخبر الآخرين عن الحقائق الرائعة التي تعلمتها،‏ رغم انني دُعيت مرتين لأمثل امام زعماء الكنيسة الذين امروني بالتوقف عن الكرازة.‏

بُعيد ذلك،‏ كتبت الى مكتب الفرع اسألهم كيف يمكنني ان التقي شهود يهوه في منطقتي.‏ فتمّ الاتصال بألفريدو دي ڠوسْمان الذي دعاني الى حضور محفل كوري في مادانڠ.‏

وصلت الى المحفل مطلقا لحيتي السوداء الكبيرة ومرتديا الثياب الرثة التي اعتدت ارتداءها اثناء عملي في الغابة.‏ رغم ذلك،‏ عاملني الجميع بلطف واحترام.‏ ولشدة تأثري بما سمعته اثناء البرنامج،‏ لم استطع ان امسك نفسي عن البكاء.‏ وفي اليوم التالي جئت الى المحفل حليق الذقن.‏

وبعد المحفل،‏ اتى ألفريدو من مادانڠ الى قريتي قاطعا مسافة ساعتين في الشاحنة وخمس ساعات سيرا على الاقدام.‏ فأمطرته عائلتي وأصدقائي بوابل من الاسئلة اجابهم عليها كلها من الكتاب المقدس.‏

واليوم،‏ تضم جماعة مونديپ ٢٣ ناشرا ويحضر الاجتماعات فيها اكثر من ٦٠ شخصا.‏

‏[الصورة في الصفحتين ١٢٥،‏ ١٢٦]‏

‏«هل من اقوال لديكِ؟‏»‏

ماكوي ماريڠ

تاريخ الولادة:‏ ١٩٥٤

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٨٦

لمحة عن حياتها:‏ خدمت فاتحة بمفردها سنوات عديدة في جزيرة لا يقطنها اي شاهد.‏

عام ١٩٨٠،‏ قبلتُ نشرة من فاتح في مادانڠ وعدت بها الى منزلي في جزيرة باڠاباڠ التي تبعد مسافة ست ساعات في المركب.‏ فأحببت ما قرأته وكتبت الى مكتب الفرع لأطلب المزيد من المعلومات.‏ بُعيد ذلك،‏ استلمت رسالة من بادام دوڤون،‏ فاتحة في مادانڠ،‏ تدعوني فيها الى حضور المحفل الكوري.‏ فزرتها مدة اسبوعين وبدأت ادرس الكتاب المقدس وأحضر كل الاجتماعات في قاعة الملكوت المحلية.‏ وحين عدت الى بيتي تابعت الدرس بالمراسلة.‏

ولم تمضِ فترة طويلة حتى بدأت بدوري ادرس الكتاب المقدس مع ١٢ عائلة في جزيرة باڠاباڠ.‏ وصرنا نعقد اجتماعات منتظمة في منزل عمي على غرار ما رأيته في فريق لدرس الكتاب المقدس في مادانڠ.‏ فأثار ذلك غضب ابي الذي كان عضوا بارزا في الكنيسة اللوثرية،‏ وصرخ قائلا:‏ «انا اعرف يِهوڤا ولكنني لا اعرف يهوه».‏ ففتحت له كتابي المقدس بلغة توك پيسين على حاشية خروج ٣:‏١٥ التي تناقش الاسم الالهي.‏ فلم يستطع ان يجيبني بشيء.‏

وقد استدعاني ابي ثلاث مرات لأمثل امام قادة الكنيسة وأدافع عن ايماني.‏ فعُقد احد هذه الاجتماعات في اكبر كنيسة في الجزيرة،‏ حيث احتشد اكثر من ١٠٠ شخص وساد جو من التوتر الشديد.‏ قال رئيس المجلس:‏ «هل من اقوال لديكِ؟‏».‏ فأجبت وأنا اتمسّك بكتابي المقدس:‏ «كل ما اريد هو ان اتبع الوصية في متى ٦:‏٣٣ وأضع ملكوت اللّٰه اولا في حياتي».‏ فثارت ثائرة ابي الذي قفز من مكانه وصاح:‏ «هل تحاولين تعليمنا؟‏».‏ كما وقف احد اعمامي ليضربني،‏ الا ان قريبا آخر لي هبّ للدفاع عني.‏ فعمت الفوضى وأُمرت اخيرا بالانصراف.‏

لكنّ مشاكلي لم تنته هنا.‏ فالمحزن ان طفل احدى النساء اللواتي كن يحضرن معنا الاجتماعات مرض مرضا خطيرا ادّى الى وفاته.‏ فلامني البعض على موته مدّعين ان السبب هو انني اعلّم امه دينا جديدا.‏ لذا طردني ابي من البيت بعدما هددني بقضيب من حديد.‏ فهربت الى مادانڠ مع عمتي لاميت ماريڠ التي قبلت الحق هي ايضا،‏ واعتمدنا كلتانا بعد فترة قصيرة.‏

في وقت لاحق،‏ أُصيب ابي بمرض شديد.‏ فأخذته الى منزلي في مادانڠ واعتنيت به حتى وفاته.‏ وفي غضون ذلك،‏ تغير موقفه بشأن ديني وحثّني قبل موته ان اعود الى جزيرة باڠاباڠ وأكرز لسكانها.‏ وهكذا رجعت الى هناك عام ١٩٨٧ حيث عاملني الاقرباء بلطف وبنوا لي بيتا صغيرا.‏ وقد بقيتُ الشاهدة الوحيدة في المنطقة طوال ١٤ سنة،‏ خدمت منها ١٢ سنة كفاتحة عادية.‏

لاحقا،‏ عدت الى مادانڠ لأخدم فاتحة مع لاميت.‏ وفي عام ٢٠٠٩،‏ اتى ستة اشخاص من جزيرة باڠاباڠ الى مادانڠ لحضور الذِّكرى السنوية لموت المسيح.‏ وإذ لم اتزوج قط،‏ يفرحني ان استغل عزوبتي في خدمة يهوه كاملا.‏

‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ١٤١،‏ ١٤٢]‏

يهوه يضمني

دورا نينڠي

تاريخ الولادة:‏ ١٩٧٧

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٩٨

لمحة عن حياتها:‏ تعرفتْ بالحق في صغرها ونبذتها عائلتها.‏ انخرطت لاحقا في خدمة الفتح وهي اليوم تخدم في مكتب الفرع.‏

في السابعة عشرة من عمري،‏ عثرت على نسخة من كتاب يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض.‏ وسرعان ما عرفت ان بين يدي كتابا بالغ الاهمية.‏ كما ادركت انه من اصدار شهود يهوه حين تذكرت ان شاهدتين تحدثتا معي وأنا في الرابعة من عمري تقريبا عن وعد اللّٰه بفردوس على الارض.‏

بعد عثوري على الكتاب بفترة قصيرة،‏ اخبرني والداي بالتبني ان عليّ العودة الى عائلتي الطبيعية في بلدة ويواك الساحلية بما انه اصبح لديهما خمسة اولاد.‏ فانتقلت الى البلدة ومكثت في البداية في بيت عمي.‏

وإذ كنت في غاية الشوق لملاقاة الشهود،‏ تمكنت من ايجاد قاعة الملكوت ودخلت اليها فيما كان الاخ يدعو الحضور الى انشاد الترنيمة الاختتامية.‏ غير ان اختا مرسلة من الولايات المتحدة تدعى پام رتبت ان تدرس معي الكتاب المقدس.‏ وكم تمتعت بما تعلمته!‏ ولكن للاسف،‏ بعد ثلاثة دروس فقط،‏ تصادمت مع عمي.‏

فذات يوم احد،‏ فيما كنت ادنو من بيته بعد عودتي من الاجتماع،‏ رأيت الدخان يتصاعد من ساحة المنزل الامامية.‏ ووجدته يحرق كل ممتلكاتي بما فيها المساعدات على درس الكتاب المقدس.‏ ولما رآني صرخ:‏ «اذا اردت ان تنضمي الى هؤلاء الناس في عبادتهم فليهتموا هم بك».‏ وإذ لم يعد مرحّبًا بي في منزله،‏ اضطررت ان اذهب الى والديّ الطبيعيين الساكنين في قرية تبعد عن ويواك ساعتين بالسيارة.‏

ولكن حين لمحني ابي قادمة،‏ قال لأشقائي على مسمعي:‏ «من هي هذه الفتاة؟‏ نحن لا نعرفها.‏ فقد تخلينا عنها عندما كانت في الثالثة من عمرها».‏ ففهمت انه لم يكن مرغوبا في هنا ايضا.‏ لذلك غادرت المكان وتدبرت امري بالسكن حيثما اتّفق.‏

وبعد نحو سنتين،‏ التقيت في قرية والديّ بفاتحين خصوصيين.‏ فقلت لهما:‏ «من فضلكما،‏ اخبرا پام انني لم انسَ ما علّمتني اياه،‏ انما لم يكن امامي من سبيل الى رؤيتها».‏ ولكن بُعيد ذلك،‏ استطعت ان التقيها في ويواك وأتابع درسي معها.‏ وفي غضون ذلك الوقت،‏ تنقلت بين ثلاث عائلات.‏ فقد كانت كلٌّ منها تطردني من بيتها حالما تكتشف معاشرتي للشهود.‏ لذا رتبت پام ان اعيش مع عائلة من الشهود في ويواك.‏ وهكذا،‏ اعتمدت عام ١٩٩٨ وانخرطت في الفتح العادي في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٩٩.‏ ثم دُعيت الى بيت ايل عام ٢٠٠٠ وحظيت بامتياز الخدمة مع الفريق العامل في ترجمة المطبوعات الى لغة توك پيسين.‏

لقد آلمني اشد الالم ان تنبذني عائلتي الطبيعية،‏ لكنّ عائلتي الروحية عوّضت خسارتي الى حد بعيد.‏ ومن احبّ الآيات الى قلبي مزمور ٢٧:‏١٠‏:‏ «إن تركني ابي وأمي،‏ فيهوه يضمني».‏

‏[الصورة]‏

مطبوعتان بلغة توك پيسين

‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ١٤٧،‏ ١٤٨]‏

‏«يهوه هو معلّمنا العظيم»‏

جون تاڤويْسا

تاريخ الولادة:‏ ١٩٦٤

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٧٩

لمحة عن حياته:‏ عانى في صغره اضطهادا شرسا من قبل اساتذته ورفقائه وأُجبر على ترك المدرسة بعد سنتين.‏ وهو الآن يخدم كناظر دائرة.‏

وُلدت في قرية ڠوڤيڠوڤي في اقليم ميلن باي.‏ بدأ ابي يدرس الكتاب المقدس لما كنت في السابعة من عمري،‏ ونقل اليّ ما كان يتعلمه.‏

في ذلك الوقت تقريبا صرت ارتاد احدى المدارس الحكومية.‏ وحين علم استاذاي الانغليكانيان انني اعاشر شهود يهوه بدأا باضطهادي.‏ وحذا حذوهما رفقائي في المدرسة الذين راحوا يهاجمونني ايضا بالعصي.‏ نتيجة ذلك،‏ أُجبرت على ترك المدرسة بعد سنتين فقط من دخولها.‏

وبعد سنة تقريبا،‏ رأيت احد الاستاذين في السوق المحلي.‏ فقال لي:‏ «انت ولد ذكي.‏ وكنت ستبرع في المدرسة.‏ ولكن بسبب دينك هذا سينتهي بك المطاف الى العمل كخادم عند رفقائك التلاميذ».‏ وحين اخبرت والدي بما قاله المعلّم،‏ شجعني قائلا:‏ «اذا لم تتلق تعليمك على يدي العالم،‏ فيهوه سيعلّمك بالتأكيد».‏

وقد ساعدني ابي وفاتح خصوصي على اكتساب اعظم ثقافة على الاطلاق،‏ المعرفة التي تؤدي الى الحياة الابدية.‏ (‏يو ١٧:‏٣‏)‏ كانت الداواوا لغتي الام.‏ لكنني تعلمت الكتاب المقدس بالهيري موتوِية التي اصبحت لغتي الثانية،‏ وبلغة توك پيسين التي صارت لغتي الثالثة.‏ واعتمدت في الخامسة عشرة من عمري.‏ وبعد سنتين انخرطت في خدمة الفتح.‏

عام ١٩٩٨،‏ دُعيت الى حضور مدرسة تدريب الخدام.‏ في ذلك الحين،‏ لم اكن اتقن اللغة الانكليزية.‏ لذا عيّنني الفرع في جماعة ناطقة بالانكليزية في پورت مورْزْبي كي يعدّني للمدرسة.‏ وهكذا اصبحت الانكليزية لغتي الرابعة.‏

وعند تخرجي،‏ عُيِّنت في جماعة ألوتو في اقليم ميلن باي.‏ وبعد ستة اشهر ذهلت وفرحت جدا بتعييني ناظر دائرة.‏ وقد شملت دائرتي الاولى بريطانيا الجديدة،‏ ايرلندا الجديدة،‏ جزيرة مانوس وغيرها من الجزر المجاورة.‏ وفي عام ٢٠٠٦،‏ اقترنت بزوجتي العزيزة جودي.‏ فخدمنا فاتحين خصوصيين سنة واحدة ثم التحقنا معا بالعمل الدائري.‏

حين ازور الجماعات غالبا ما اقول للاحداث:‏ «يهوه هو معلّمنا العظيم.‏ لذا دعوه يعلمكم،‏ فهو قادر ان يجهزكم كي تنجحوا فعلا في الحياة».‏ وهذا الدرس هو بالتأكيد من اهم الدروس التي تعلمتها.‏

‏[الصورة]‏

مع زوجتي جودي

‏[الجدول/‏الصور في الصفحتين ١٥٦،‏ ١٥٧]‏

نبذة تاريخية پاپوا غينيا الجديدة

١٩٣٠

١٩٣٥ فاتحون على متن مركب الهيئة حامل النور يكرزون في پورت مورْزْبي.‏

١٩٤٠

١٩٥٠

١٩٥١ وصول توم ورُوِينا كيتو الى پورت مورْزْبي.‏

١٩٥٦ الفاتحون ينتقلون الى ايرلندا الجديدة وبريطانيا الجديدة.‏

١٩٥٧ جون كتفورث يأتي بفكرة المواعظ المصورة.‏

١٩٦٠

١٩٦٠ تسجيل جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم.‏

١٩٦٢ انتقال توم ورُوِينا كيتو الى مرتفعات غينيا الجديدة.‏

١٩٦٥ بناء مكتب فرع في كوكي،‏ پورت مورْزْبي.‏

١٩٦٩ عقد محفل «السلام على الارض» الاممي في هايما بپاپوا.‏

١٩٧٠

١٩٧٥ پاپوا وغينيا الجديدة تتحدان وتشكلان پاپوا غينيا الجديدة.‏

١٩٧٧-‏١٩٧٩ الرعاع العنفاء يدمرون قاعات الملكوت في اقليم ميلن باي.‏

١٩٨٠

١٩٨٧ تدشين مكتب الفرع الجديد.‏

١٩٨٩ اندلاع الحرب الاهلية في جزيرة بوڠنڤيل.‏

١٩٩٠

١٩٩١ صدور برج المراقبة بلغة توك پيسين وبالهيري موتوِية بالتزامن مع الطبعة الانكليزية.‏

١٩٩٤ لجنة اتصال بالمستشفيات تبدأ عملها.‏

١٩٩٤ الثوران البركاني يدمّر رابول في بريطانيا الجديدة.‏

١٩٩٩ تأسيس «مكتب بناء قاعات الملكوت» في الفرع.‏

٢٠٠٠

٢٠٠٢ بناء قاعة محافل في ڠيريهو في پورت مورْزْبي.‏

٢٠١٠

٢٠١٠ تدشين جناح جديد في مكتب الفرع.‏

٢٠٢٠

‏[الرسم البياني/‏الصورة في الصفحة ١١٨]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

مجموع الناشرين

مجموع الفاتحين

٥٠٠‏,٣

٥٠٠‏,٢

٥٠٠‏,١

٥٠٠

١٩٥٥ ١٩٦٥ ١٩٧٥ ١٩٨٥ ١٩٩٥ ٢٠٠٥

‏[الخرائط في الصفحة ٨١]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

پاپوا غينيا الجديدة

پورت مورْزْبي

ويواك

نهر سيپيك

كامبوت

ديميري

بيوات

نهر يووات

واباڠ

ماونت هاڠن

بانز

وادي واڠي

مرتفعات غينيا الجديدة

بحيرة موري

نهر فلاي

باسكن

تاليديڠ

باڠيلديڠ

مادانڠ

ڠوروكا

كايننتو

لاي

بولولو

واو

كيريما

سَڤايڤايري

خليج پاپوا

پوپونديتا

درب كوكودا

هولا

أڠي

ڠوڤيڠوڤي

ألوتو

بحر كورال

جزيرة مانوس

أرخبيل بسمارك

بحر بسمارك

جزيرة باڠاباڠ

بريطانيا الجديدة

رابول

كوكوپو

جزيرة كورمالاك

ايرلندا الجديدة

كاڤينڠ

بحر سليمان

جزيرة ڠوديناف

جزيرة بوكا

جزيرة بوڠنڤيل

جزيرة نوكومانو المرجانية

خط الاستواء

هايِما

سيكس مايل

هانُوابَدا

ميناء پورت مورْزْبي

سوق كوكي

هضبة سوڠيري

إيوادابو

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٧٤]‏

‏[الصورة في الصفحة ٧٧]‏

‏«حامل النور»‏

‏[الصورة في الصفحة ٧٨]‏

اول ناشرين محليين،‏ من اليمين الى اليسار:‏ أودا سْيوني،‏ راهو راكاتاني،‏ هِني هِني نِيوكي،‏ وبوبوڠي نايوري

‏[الصورة في الصفحة ٧٩]‏

قرية هانُوابَدا ويظهر في الخلف وسط مدينة پورت مورْزْبي

‏[الصورة في الصفحة ٨٢]‏

دون وشيرلي فيلدر قبل وصولهما مباشرة

‏[الصورة في الصفحة ٨٥]‏

اول قاعة ملكوت في البلد بُنيت في هايِما في پورت مورْزْبي

‏[الصورة في الصفحة ٨٧]‏

جون كتفورث

‏[الصورة في الصفحة ٨٩]‏

نسخة عن احدى المواعظ المصورة

‏[الصورتان في الصفحة ٩٠]‏

الى اليمين:‏ جون كتفورث يعلّم بواسطة الصور؛‏ في الاسفل:‏ اخ يحمل لوحا عليه صور ليكرز في القرى النائية

‏[الصورة في الصفحة ٩٢]‏

جيم سميث،‏ دايڤيد ووكر،‏ وألف ڠرين

‏[الصورتان في الصفحة ٩٣]‏

الى اليسار:‏ دون،‏ دِبي،‏ وشيرلي فيلدر؛‏ الى اليمين:‏ دون وزورقه

‏[الصورة في الصفحة ٩٦]‏

ڠلين فينلاي وجيم سميث

‏[الصورة في الصفحة ٩٧]‏

ستيڤن بلاندي يعبر خليج كيريما

‏[الصورة في الصفحة ٩٩]‏

كِن وروزينا فرايم

‏[الصورة في الصفحة ١٠٢]‏

ماثيو ودوريس پوپ

‏[الصورتان في الصفحة ١٠٣]‏

كان منزل جون ومڠدالين إندور اول مكان لعقد الاجتماعات في لاي

‏[الصورة في الصفحة ١٠٩]‏

المرتفعات

‏[الصورة في الصفحة ١١٠]‏

توم ورُوِينا كيتو امام متجرهما الصغير ومنزلهما في واباڠ

‏[الصورة في الصفحة ١١٣]‏

بيرنت وإيرنا اندرسون

‏[الصورة في الصفحة ١١٤]‏

جيم رايت وكاري كاي-‏سميث

‏[الصورة في الصفحة ١١٥]‏

مايك فيشر في نهر سيپيك

‏[الصورتان في الصفحة ١٢٣]‏

تعرضت قاعة الملكوت في أڠي لحريق مفتعل ولكن أُعيد بناؤها وجرى توسيعها

‏[الصورة في الصفحة ١٢٧]‏

بيل وإلسي ثو

‏[الصورة في الصفحة ١٢٨]‏

طوف «پْواپْوا» يبحر مطلقا شراعيه

‏[الصورة في الصفحة ١٢٨]‏

زورق «پيونير» الذي بناه بيرنت اندرسون

‏[الصورتان في الصفحة ١٣١]‏

السفر على طول نهر سيپيك

‏[الصور في الصفحتين ١٣٢،‏ ١٣٣]‏

الى اليمين:‏ ناظر الدائرة وارِن رينولدس وزوجته لييان في زيارة لقرية بيوات؛‏ في الاعلى:‏ خطاب عام خلال زيارته الى قرية ديميري

‏[الصورة في الصفحة ١٣٥]‏

سواريه مايڠا

‏[الصورة في الصفحة ١٣٥]‏

كورا ليكِه

‏[الصورة في الصفحة ١٣٦]‏

سايڤ نانپن

‏[الصورة في الصفحة ١٣٩]‏

جوردي وجوان رايل

‏[الصورة في الصفحة ١٤٥]‏

بعض هؤلاء الاولاد طُردوا من المدرسة لرفضهم تحية العلم

‏[الصورتان في الصفحتين ١٥٢،‏ ١٥٣]‏

الى اليمين:‏ رابول ويُرى في البعيد بركان تاڤورڤور؛‏ في الاسفل:‏ قاعة ملكوت رابول التي دُمرت عام ١٩٩٤

‏[الصورة في الصفحة ١٥٥]‏

فريق الترجمة عام ٢٠١٠

‏[الصورتان في الصفحة ١٦١]‏

فرع پاپوا غينيا الجديدة

لجنة الفرع:‏ كريڠ سپيڠل،‏ كيڠاوالي بيياما،‏ تيمو راجالهتو،‏ ودان بُركس