الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

النَّروج

النَّروج

النَّروج

أخذ الشاب كْنوت پايدَرْسن هامر الواقف على متن السفينة يحدِّق الى الساحل النَّروجي وفي قلبه حرقة الاشتياق.‏ فقبل سنة واحدة،‏ اي عام ١٨٩١،‏ اصبح من تلاميذ الكتاب المقدس (‏المعروفين الآن بشهود يهوه)‏ بعد ان خدم قسًّا في كنيسة معمدانية بولاية داكوتا الشمالية في الولايات المتحدة الاميركية.‏ وها هو يرجع عام ١٨٩٢ الى وطنه الام ليشهد للاصدقاء والاقرباء.‏

كان معظم سكان النَّروج،‏ البالغ عددهم مليوني نسمة،‏ ينتمون الى كنيسة الدولة اللوثرية.‏ لذا،‏ تملّكت كْنوت رغبة قوية في مساعدة النَّروجيين المخلصين ان يتعرَّفوا بالاله الحقيقي يهوه،‏ ويدركوا ان هذا الاله المحب لا يعذب الخطاة في نار جهنم.‏ كما انه اراد إخبارهم عن حكم المسيح الالفي القادم الذي سيحوِّل الارض الى فردوس.‏

وفيما دنت السفينة من الشاطئ،‏ راح كْنوت يُنعم نظره في تضاريس ذلك البلد الرائع الجمال،‏ هذا الشريط الضيق من السلاسل الجبلية الشاهقة المكللة بالثلوج،‏ والغابات الشاسعة،‏ والخلجان العميقة المعروفة باسم الفيوردات.‏ وقد أدرك انه لن يسهل عليه بلوغ المناطق المتفرِّقة المأهولة بالسكان لقلَّة الطرقات والجسور التي تربط بينها.‏ فمع ان نروجيِّين كثيرين قطنوا في المدن المتوسعة،‏ سكن آخرون في المناطق الريفية،‏ القرى التي تقوم على صيد السمك،‏ او مئات الجزر المنتشرة على طول الخط الساحلي.‏ ومما لا شك فيه ان ما آلت اليه كرازة كْنوت في النَّروج وكذلك نمو العبادة الحقة رغم التحديات المثبطة سيعملان على تقوية ايمان شعب اللّٰه وتشجيعهم اينما كانوا.‏

بذار الملكوت تثمر

وصل كْنوت الى سْكين،‏ مسقط رأسه،‏ حيث اثارت رسالته اهتمام البعض هناك.‏ إلا انه لم يستطع البقاء طويلا اذ توجَّبت عليه العودة الى عائلته في الولايات المتحدة.‏ لكنه قدِمَ مجددا الى النَّروج عام ١٨٩٩،‏ وهذه المرة بناء على طلب تشارلز ت.‏ رصل الذي كان يشرف على عمل تلاميذ الكتاب المقدس آنذاك.‏ فقد اراد الاخ رصل من كْنوت ان يؤسس جماعة في النَّروج.‏ لذلك،‏ جلب كْنوت معه بعض النسخ من المجلَّدَين الاولَين لسلسلة كتب الفجر الالفي (‏دُعيت لاحقا دروس في الاسفار المقدسة‏)‏ اللذَين تُرجما الى النروجية–‏الدانماركية.‏ (‏في تلك الاثناء،‏ كانت النروجية المكتوبة مشابهة للدانماركية،‏ ما اتاح لسكان الدانمارك والنَّروج ان يقرأوا مطبوعاتنا.‏)‏ وبعد فترة قصيرة،‏ اضطر كْنوت الى العودة من جديد الى الولايات المتحدة،‏ بعدما شهد لأناس كثيرين ووزَّع بعض الكتب.‏

في السنة التالية،‏ حصل إنڠبريت أندرسن الذي كان يعيش بالقرب من سْكين على نسخة —‏ ربما جلبها كْنوت الى النَّروج —‏ من كتاب دُعي آنذاك نظام الدهور.‏ ولطالما اثار «المجيء الثاني» للمسيح فضول إنڠبريت،‏ لذا أُخذ هو وزوجته بِرت بما كانا يقرآنه.‏ وسرعان ما بدأ إنڠبريت بالشهادة للآخرين،‏ حتى انه قصد الاماكن حيث تُعقد لقاءات دينية بغية اخبار الناس عن حكم المسيح الالفي.‏ هذا وقد زار لاحقا الاشخاص الذين اظهروا الاهتمام برسالة الكتاب المقدس.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى تأسست جماعة ناشطة في سْكين تضم على الاقل عشرة تلاميذ للكتاب المقدس.‏

حين سمع كْنوت من احد اقربائه عن الجماعة الصغيرة في سْكين،‏ عاد الى النَّروج عام ١٩٠٤ بحثا عن إنڠبريت.‏ وفي الطريق،‏ اوقف رجلا وسأله:‏ «هل تعرف احدا اسمه إنڠبريت أندرسن يعيش في هذه المنطقة؟‏».‏ فأجابه الرجل:‏ «نعم،‏ انا هو».‏ ومن شدة فرحه نسيَ كْنوت انه في وسط الشارع،‏ ففتح حقيبته ليُري إنڠبريت الكتب التي جلبها.‏ وطبعا،‏ سُرَّ هذا الاخير بلقائه ورؤية هذه الوفرة من المطبوعات.‏

أخبر كْنوت بحماسة رفقاءه المؤمنين في النَّروج عن الهيئة وعمل الكرازة.‏ وقد زود الجماعة في سْكين بالكثير من الدعم قبل عودته الى عائلته التي انتقلت آنذاك الى كندا.‏

بلوغ مناطق اخرى في النَّروج

سنة ١٩٠٣،‏ نال عمل الكرازة في النَّروج دفعا قويا مع وصول ثلاثة موزعي مطبوعات جائلين (‏مبشرين كامل الوقت)‏ هم:‏ فْريتيوف ليندكْڤست،‏ ڤيكتور فيلت و إ.‏ ر.‏ ڠوندرسن.‏ استقرَّ فْريتيوف في العاصمة كريستيانيا (‏الآن أوسلو)‏،‏ وعام ١٩٠٤ تحوّل منزله الى مكتب لجمعية برج المراقبة حيث جرى الاهتمام بطلبات واشتراكات برج مراقبة زيون.‏

وفي اواخر سنة ١٩٠٣،‏ فيما كان ڠوندرسن يبشر في ترونهَيْم في وسط النَّروج،‏ قدَّم الشهادة للوتِه هولم التي قبلت بعض المطبوعات.‏ وبعد ان عادت الى منزلها في منطقة نارڤيك الواقعة فوق الدائرة القطبية الشمالية،‏ اصبحت اول ناشرة في شمالي النَّروج.‏ اما ڤيكتور فيلت فقد توجه الى نارڤيك حيث التقى رجلَين وزوجتَيهما،‏ فدرس معهم وصاروا من تلاميذ الكتاب المقدس.‏ ثم تعرَّف هؤلاء بلوتِه وسرعان ما شكلوا فريقا صغيرا بات يجتمع بانتظام لدرس كلمة اللّٰه.‏ كما ان هالڠرد،‏ شقيقة لوتِه،‏ قبلت هي ايضا الحق.‏ وبعد مدة،‏ انخرطتا كلتاهما في عمل الفتح وخدمتا بغيرة في اماكن مختلفة من النَّروج.‏

من جهة اخرى،‏ لاقى فيلت وڠوندرسن تجاوبا كبيرا مع عملهما الكرازي في برڠن بين سنة ١٩٠٤ و ١٩٠٥.‏ ذكر عدد ١ آذار (‏مارس)‏ ١٩٠٥ من برج مراقبة زيون:‏ «استحوذ النور الساطع للحق على اهتمام واعظ بارز في كنيسة ‹الارسالية الحرة› [في برڠن]،‏ وقد بات مقتنعا كل الاقتناع بالحق.‏ وهو الآن يخبر كثيرين من مستمعيه المهتمين عن حق كلمة اللّٰه».‏

لم يكن هذا الواعظ سوى تيودور سايمونسن الذي طُرد من كنيسة «الارسالية الحرة» لأنه علَّم الحقائق الجديدة الرائعة الموجودة في مطبوعاتنا.‏ إلا ان خسارة الكنيسة أمست مكسبا لتلاميذ الكتاب المقدس.‏ فقد كان تيودور اخا محبوبا وخطيبا ماهرا بين شعب يهوه.‏ وفي وقت لاحق،‏ استقرَّ في مدينة كريستيانيا،‏ وانضم الى الجماعة المؤلفة من تلاميذ الكتاب المقدس التي كانت تنمو باستمرار.‏

بعض الفاتحين الاوائل

نحو عام ١٩٠٥،‏ كانت قد تشكلت جماعات لتلاميذ الكتاب المقدس في اربع مدن هي:‏ سْكين،‏ كريستيانيا،‏ برڠن،‏ ونارڤيك.‏ وسرعان ما انخرط عدة ناشرين مفعمين بالحماسة في خدمة الفتح حاملين البشارة الى مختلف المناطق في البلاد.‏ وقد أتى هؤلاء الفاتحون الاوائل من خلفيات مثيرة للاهتمام.‏

كانت هيلڠا هسّ أول من انخرط في خدمة الفتح في النَّروج.‏ وهي شابة يتيمة عاشت في برڠن،‏ وبدأت تعلِّم في مدرسة الاحد بعمر ١٧ سنة.‏ ذات يوم،‏ سمعت تيودور سايمونسن يتحدث في كنيسة «الارسالية الحرة» عما تعلَّمه من قراءة احد كتب تلاميذ الكتاب المقدس،‏ فأُثير فضولها وباشرت قراءة المطبوعة عينها.‏ ثم استقالت من مدرسة الاحد وأخذت،‏ ابتداء من سنة ١٩٠٥،‏ تنشر البشارة في هامار ويوڤيك وهي بعمر ١٩ سنة.‏

عام ١٩٠٨،‏ زار احد الفاتحين اندرياس آسِت فيما كان يحتطب في مزرعة العائلة قرب كونڠسفينڠر،‏ وأعطاه كتاب نظام الدهور الالهي.‏ فأحبَّ اندرياس —‏ الذي كان في اوائل عشريناته —‏ هذا الكتاب كثيرا،‏ ما دفعه الى طلب المزيد من المطبوعات.‏ وبعد عدة اشهر،‏ سلَّم المزرعة الى احد اخوته الاصغر سنا وانخرط في خدمة الفتح.‏ وخلال السنوات الثماني التالية،‏ تنقَّل في كل انحاء البلاد تقريبا كارزا بالبشارة.‏ في البداية توجَّه شمالا،‏ نحو داخل البلاد مستخدما الدرَّاجة في الصيف،‏ والمِزلَج في الشتاء.‏ وعندما بلغ ترومسو،‏ اتَّجه جنوبا وغطَّى كل المناطق الواقعة على طول الساحل وصولا الى كريستيانيا.‏

ومن اوائل الفاتحين ايضا،‏ آنّا أندرسن من روڠي،‏ الواقعة على مقربة من موس.‏ كانت آنّا قد خدمت لسنوات في جيش الخلاص برتبة ضابط،‏ وكرّست حياتها لمساعدة المحتاجين.‏ وقرابة سنة ١٩٠٧،‏ قرأت بعض مطبوعاتنا فأدركت انها وجدت الحق.‏ وأثناء تواجدها في كريستيان سوند،‏ التقت زميلة لها في جيش الخلاص تشغل ايضا رتبة ضابط تدعى هولدا أندرسن (‏اصبحت لاحقا هولدا آسِت)‏،‏ فأظهرت هي الاخرى اهتماما بالكتاب المقدس.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى بدأت هاتان المرأتان رحلة طويلة باتجاه الشمال بغية الكرازة.‏ فاستقلتا مركبا بخاريا ابحر على طول الخط الساحلي وصولا الى كيركينس قرب الحدود الروسية.‏ وكانتا تنزلان عند كل مرفإ وتوزعان المطبوعات.‏ ونحو عام ١٩١٢،‏ انخرطت آنّا في خدمة الفتح وبقيت طوال عقود تتنقَّل في كل ارجاء البلاد مستعينة بمركب او درَّاجة في رحلاتها الكرازية.‏ ونتيجة ذلك،‏ استطاعت ان توزع المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس في كل منطقة تقريبا من النَّروج.‏ اضافة الى انها قضت بعض الوقت جنوب البلاد في كريستيان ساند حيث تبيَّن انها خير داعم للجماعة هناك.‏

ثمة ضابط في البحرية يدعى كارل ڠانبر اصبح تلميذا للكتاب المقدس.‏ ونحو سنة ١٩١١،‏ حين كان لا يزال في اواسط ثلاثيناته،‏ ابتدأ بخدمة الفتح،‏ معيلا نفسه بالعمل كمدرِّس في الملاحة البحرية.‏ تحلَّى هذا الاخ بدماثة الخلق،‏ وروح الفكاهة رغم مظهره الذي يوحي بالجدية.‏ وخلال خدمته جال في كل انحاء النَّروج كارزا بالبشارة حتى بلغ سن الشيخوخة.‏ وسنرى لاحقا كيف ساهمت خبرته —‏ كضابط ومدرِّس في الملاحة البحرية —‏ في نشر البشارة.‏

تشديد عزم الاخوة

في تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٠٥،‏ شهد الاخوة جوا من الاثارة جراء اول محفل عُقد في كريستيانيا،‏ اذ بلغ عدد الحضور نحو ١٥ شخصا واعتمد ثلاثة منهم.‏ كما عُقد محفل آخر في برڠن سنة ١٩٠٦.‏ وبدءا من عام ١٩٠٩،‏ عُقدت المحافل كل سنة واشترك فيها خطباء من الدانمارك والسويد وفنلندا.‏ وقد قام بعض هؤلاء ايضا بزيارة الجماعات بصفتهم خطباء جائلين،‏ كما كان النظار الجائلون يُدعون آنذاك.‏

لكن ابرز ما حدث في تلك السنوات هو الزيارتان اللتان قام بهما الاخ رصل للنَّروج.‏ ففي سنة ١٩٠٩،‏ زار كلّا من برڠن وكريستيانيا.‏ وقد قدَّر الاخوة والاخوات كثيرا الفرصة التي اتيحت لهم للقائه والاستماع الى خطاباته.‏ اما زيارته الثانية سنة ١٩١١ فقد اثارت ضجة كبيرة.‏ وكم ابتهج الشهود،‏ البالغ عددهم ٦١،‏ برؤية ٢٠٠‏,١ شخص يحضرون الخطاب العام الذي ألقاه الاخ رصل!‏

وبعد ثلاث سنوات،‏ عيَّن الاخ رصل هنري بْيورنستا اول ناظر جائل نروجي ليزور الاخوة في النَّروج والسويد على نحو منتظم.‏

المسارعة الى نشر الحق قبل سنة ١٩١٤

عام ١٩١٠،‏ بات في متناول الاخوة سلسلة نشرات بعنوان منبر الشعوب تبيَّن انها اداة فعالة في الكرازة.‏ وقد اتاح ذلك الفرصة للمزيد من تلاميذ الكتاب المقدس ان يشتركوا في العمل التبشيري.‏ فراح الاخوة والاخوات يوزِّعون مجانا آلاف النسخ،‏ التي غالبا ما كانت تُرفق بالصحف،‏ رغبة منهم في تشهير الاباطيل الدينية وشرح حقائق كلمة اللّٰه.‏

كان تلاميذ الكتاب المقدس متشوِّقين لرؤية ما سيحدث سنة ١٩١٤.‏ فكتاب قد دنا الوقت (‏المجلّد الثاني من سلسلة الفجر الالفي‏)‏ أوضح ان سنة ١٩١٤ ستشهد نهاية «ازمنة الامم» وستكون موسومة بالاضطرابات والفوضى،‏ وبعدئذ يباشر ملكوت اللّٰه حكمه.‏ كما انهم توقَّعوا ان ينال شركاء المسيح في الميراث جائزتهم السماوية.‏

طغى هذا الموضوع على احاديث الناس.‏ مثلا،‏ كانت اوركسترا مدينة سْكين تؤدي عرضا من عروضها في احدى امسيات تموز (‏يوليو)‏ ١٩١٤.‏ وخلال فترة الاستراحة قال كارل كريستيانسن،‏ احد العازفين،‏ لبعض الاشخاص من حوله:‏ «سيحدث امر ما في غضون اسابيع معدودة.‏ فستقع الحرب اولا،‏ تليها الثورة،‏ ثم الفوضى،‏ وأخيرا يأتي ملكوت اللّٰه».‏ وحين اندلعت الحرب العالمية الاولى بُعيد ذلك،‏ تهافت الناس على كارل لمعرفة المزيد.‏

وإلى الجنوب من سْكين على الخط الساحلي تقع أرندال.‏ وفي هذه المدينة لم يكن هناك سوى تلميذة واحدة للكتاب المقدس سنة ١٩١٤.‏ وذات يوم،‏ التقت هذه الاخت مِيا أپسلان في الشارع وأخبرتها ان حربا ستقع في خريف تلك السنة بناء على نبوات الكتاب المقدس.‏ فأجابتها مِيا:‏ «اذا حصل ذلك فسأومن».‏ وبعد مدة وجيزة،‏ شهدت مِيا بأم عينها اتمام ما قالته الاخت،‏ فوَفت بوعدها وصارت من الرفقاء المؤمنين.‏ وهكذا شكلت مِيا والاخت التي تحدَّثت اليها،‏ اضافة الى قلة آخرين،‏ نواة جماعة أرندال.‏

التقدم ثم المتاعب

لم تتحقق كل توقعات تلاميذ الكتاب المقدس لسنة ١٩١٤ كما اتضح في ما بعد.‏ رغم ذلك،‏ لم تخمد غيرتهم.‏ فابتداء من كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩١٤ وحتى وقت متقدِّم من سنة ١٩١٥،‏ اعطى العرض المؤثر لـ‍ «رواية الخلق المصوَّرة» (‏عرض يشمل افلاما وصورا منزلقة)‏ شهادة رائعة لحضور هائل في كريستيانيا،‏ برڠن،‏ ترونهَيْم،‏ سْكين،‏ أرندال،‏ وكريستيان ساند.‏

ولكن سرعان ما نشأت بعض المشاكل.‏ فقد اتخذ فْريتيوف ليندكْڤست،‏ الذي اشرف مدة عشر سنوات تقريبا على العمل في النَّروج،‏ منحًى خاصا به وترك الهيئة عام ١٩١٦.‏ نتيجة لذلك،‏ اهتم الاخوة المسؤولون في السويد والدانمارك بعمل الكرازة هناك خلال السنوات القليلة التالية.‏ وفي سنة ١٩٢١،‏ عُيِّن إينوك إِمِن للاشراف على العمل في النَّروج،‏ وبقي في هذا التعيين حتى سنة ١٩٤٥.‏

هذا وقد ساد ايضا جوٌّ من الاضطراب بين تلاميذ الكتاب المقدس عندما توفي ت.‏ ت.‏ رصل عام ١٩١٦ وخلفه ج.‏ ف.‏ رذرفورد رئيسا للجمعية.‏ كما ترك كثيرون الهيئة جراء عدم تحقق آمالهم المتعلقة بسنة ١٩١٤ والتغييرات التنظيمية التي طرأت.‏ وقد تأثرت برڠن على وجه الخصوص بالتطورات التي جرت،‏ اذ لم يبقَ سوى أخ واحد مع سبع أخوات في الجماعة بحلول عام ١٩١٨.‏ وأما جماعة ترونهَيْم،‏ فقد خسرت عددا لا بأس به من الاخوة.‏ زِد على ذلك ان فريقا صغيرا في كريستيانيا ارتدّوا عن الايمان.‏ ولكن لم يمضِ وقت طويل حتى أغدق يهوه بركاته الجزيلة على مَن ايَّدوا هيئته بولاء.‏

زخم جديد

عام ١٩١٨،‏ قدّم الاخ رذرفورد محاضرة مثيرة بعنوان «ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا».‏ ومن الجدير بالذكر ان هذا الخطاب الشيِّق أُلقي حول العالم بين سنة ١٩٢٠ و ١٩٢٥.‏ وقد أتى الاخ أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان من المركز الرئيسي العالمي في نيويورك ليلقيه في عدد من مدن النَّروج.‏ في كريستيانيا مثلا،‏ لم يتمكن الكثير من الناس دخول قاعة محاضرات احدى الجامعات لأن كافة المقاعد كانت محجوزة.‏ إلا ان الاخ إِمِن اعتلى صندوقا عند المدخل وأعلن بصوت عالٍ:‏ «اذا عدتم بعد ساعة ونصف،‏ فسيلقي ماكميلان الخطاب مجددا».‏ وهذا ما حصل،‏ اذ سرعان ما غصت القاعة مرة اخرى بالحضور الذي اتى للاستماع الى ماكميلان.‏ ولعدة سنوات،‏ واصل الاخوة النَّروجيون إلقاء هذا الخطاب في سائر ارجاء البلاد.‏ فأصغى الآلاف بانتباه شديد الى البرهان المقنع الموجود في الاسفار المقدسة عن نجاة كثيرين من هرمجدون ونيلهم الحياة الابدية على ارض فردوسية.‏ ايضا،‏ حصل عدد كبير على البشارة بواسطة كراس ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا.‏

بين سنة ١٩٢٢ و ١٩٢٨،‏ وزَّع تلاميذ الكتاب المقدس مئات الآلاف من النشرات،‏ التي تتضمن قرارات جرى تبنيها في المحافل،‏ مثل تحدٍّ لقادة العالم،‏ تحذير لكل المسيحيين،‏ و الاكليريكيون متَّهَمون.‏ وكثيرون من تلاميذ الكتاب المقدس بدأوا العمل الكرازي من خلال توزيع هذه النشرات.‏

رغم ذلك،‏ لم يكن النمو سريعا.‏ ففيما كرز الفاتحون والناشرون الغيورون دون انقطاع،‏ احتاج آخرون الى المساعدة للانهماك اكثر في العمل الكرازي.‏ علاوة على ذلك،‏ كانت لا تزال المطبوعات تصدر في الغالب بالدانماركية او النروجية–‏الدانماركية او السويدية،‏ انما ليس بالنروجية.‏ فأية خطوة لزم القيام بها لإعطاء العمل زخما اضافيا؟‏

ورد في عدد نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٢٥ من النشرة (‏الآن خدمتنا للملكوت‏)‏ باللغة النروجية الاعلان المثير التالي:‏ «نرسل اليكم العدد الاول من مجلة العصر الذهبي التي اصبحت متوفرة باللغة النروجية.‏ وفي وسعكم الآن تقديم الطلبات للاشتراك فيها».‏ والاشارة هنا هي الى عدد آذار (‏مارس)‏ ١٩٢٥ من مجلة العصر الذهبي التي تُدعى الآن استيقظ!‏.‏ وكان توزيعها باللغة النروجية واسع النطاق اذ تعدى النَّروج الى الدانمارك.‏ وبحلول عام ١٩٣٦،‏ حين جرى تغيير اسم مجلة العصر الذهبي الصادرة بالنروجية الى نو ڤَيرْدَن (‏العالم الجديد)‏،‏ كان هنالك ١٩٠‏,٦ مشتركا نروجيا فيها.‏

تنظيم أفضل ومبان جديدة

في ايار (‏مايو)‏ ١٩٢٥،‏ اجتمع اكثر من ٥٠٠ تلميذ للكتاب المقدس من مختلف ارجاء إسكندينافيا لحضور محفل في اوريبرو بالسويد.‏ وخلال المحفل،‏ اعلن الاخ رذرفورد انه سيجري انشاء «مكتب شمال اوروبا» في كوبنهاغن،‏ الدانمارك.‏ وسيأتي وليَم داي من لندن للاشراف على عمل شعب اللّٰه في الدانمارك،‏ النَّروج،‏ السويد،‏ فنلندا،‏ ودول البلطيق.‏ اما الترتيب المتعلق بوجود ناظر محلي يشرف على البلد فسيبقى ساري المفعول،‏ ما يعني ان إينوك إِمِن سيواصل القيام بمسؤوليته في النَّروج.‏

تمتع الاخ وليَم داي،‏ الاسكتلندي الاصل،‏ بطاقة اتاحت له ان يفعل الكثير في سبيل تقدم عمل الكرازة.‏ فقد كان منظما بارعا،‏ ومصدر تشجيع للاخوة بفضل طبعه اللطيف ومثاله الجيد في الخدمة.‏ وخلال ايلول (‏سبتمبر)‏ وتشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٢٥،‏ جال في كل انحاء النَّروج ونظَّم نشاطات الجماعات وفقا لارشادات المركز الرئيسي.‏ وبما انه لم يكن يتقن النروجية فقد تحدث الى الاخوة بالانكليزية مستعينا بمترجم.‏ وقد خدم الاخ داي كناظر في «مكتب شمال اوروبا» حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية.‏

لفترة من الوقت،‏ بحث الاخوة عن مكان اكثر ملاءمة لمكتب النَّروج.‏ وفي سنة ١٩٢٥،‏ اشترى احدهم،‏ بمال كان قد ورثه،‏ مبنى من ثلاثة طوابق في أوسلو،‏ ثم باعه للهيئة بنصف ثمنه تقريبا.‏ وكم كان التوقيت مناسبا!‏ فقد سدَّ هذا المبنى حاجاتنا حتى عام ١٩٨٣.‏

هيئة مؤلَّفة من شهود نشاطى

شهدت سنة ١٩٣١ حدثا بارزا في تاريخ خدام اللّٰه حول العالم.‏ ففي تلك السنة تبنوا اسما جديدا وهو شهود يهوه.‏ كتب الاخ إِمِن:‏ «عند تبنِّي الاسم الجديد ‹شهود يهوه›،‏ وقفنا جميعا وهتفنا بحماس كبير ‹نعم›».‏ فقد سُرَّ الاخوة والاخوات كثيرا بامتلاكهم اسما مؤسسا على الاسفار المقدسة،‏ وعقدوا العزم على العيش بطريقة تليق بحملهم هذا الاسم.‏

بدا واضحا كل الوضوح ان يهوه بارك عمل الكرازة الدؤوب في النَّروج،‏ لأن معدل الناشرين ارتفع من ١٥ سنة ١٩١٨ الى ٣٢٨ سنة ١٩٣٨.‏ فلم يكن شعب يهوه مجرد تلاميذ للكتاب المقدس،‏ بل ايضا شهودا نشاطى.‏

مثالا على ذلك إيڤن ڠوندرسرود الذي اعتمد عام ١٩١٧ وانضم الى جماعة سْكين.‏ في البداية،‏ حاولت زوجته جاهدة ان تمنعه من حضور الاجتماعات بإخفاء حذائه.‏ لكن ذلك لم يثنه عن عزمه،‏ فقد ذهب الى الاجتماع حافي القدمين.‏ وفي احدى المرات حبسته في غرفة النوم،‏ فقفز من الشباك للخروج من المنزل.‏ نعم،‏ لم يحل شيء مما فعلته زوجته دون حضوره الاجتماعات.‏ لكن اللافت ان إيڤن بقي لطيفا معها.‏ فبدأت تشعر بالذنب جراء ذهاب زوجها الى المدينة عاري القدمين.‏ وإذ رغبت ان تعرف ما الذي يشد إيڤن الى الاجتماعات،‏ قررت ان ترافقه.‏ وفي نهاية المطاف،‏ امست هي ايضا واحدة من شهود يهوه.‏

اعربت جماعة سْكين،‏ مثلها مثل سائر الجماعات في ذلك الوقت،‏ عن حماسة شديدة.‏ فقد كثّف الاخوة هناك كرازتهم في المدن والقرى والمناطق الريفية المجاورة.‏ وفي نهايات الاسابيع،‏ غالبا ما قصدوا المناطق الابعد مستقلين الشاحنات المكشوفة او المراكب للبشارة وعقد الاجتماعات.‏ وسرعان ما تشكلت فرق وجماعات جديدة في تلك المنطقة.‏ ولم تكن جماعة سْكين الوحيدة التي عجت بالنشاط،‏ بل الجماعات الاخرى ايضا.‏

تقدّم ملحوظ في برڠن

كان توركل رينڠيرايد احد الناشرين النشاطى في برڠن.‏ ففي عام ١٩١٨،‏ وجد كراسة من اصدار تلاميذ الكتاب المقدس،‏ وراح يبحث عن دال،‏ الاخ الوحيد في جماعة برڠن آنذاك.‏ وكان دال يعقد الاجتماعات في منزله مع سبع اخوات شكلن باقي افراد الجماعة،‏ بينهن هيلڠا هسّ المذكورة آنفا التي عادت الى برڠن.‏ فانضمَّ توركل الى هذه الجماعة الصغيرة وتزوج من هيلڠا سنة ١٩١٩.‏

كان توركل رجلا جريئا جهور الصوت.‏ لذا،‏ بقي لسنوات الخطيب الوحيد في الجماعة.‏ وقد اعتاد ان يلقي خطابات كل يوم احد مشهِّرا رياء رجال الدين وتعاليمهم الدينية الباطلة.‏ وبما انه غالبا ما كانت ترد اعلانات عن الخطابات في الصحف،‏ فقد فاق عدد المهتمين الذين حضروا الاجتماعات بأشواط عدد تلاميذ الكتاب المقدس في المنطقة.‏

شجع توركل حضوره ان يخبروا الآخرين بالحق.‏ وكان نيلس راو عام ١٩٣٢ احد هؤلاء الحضور.‏ وقد تعرّف على الحق قبل سنة إلا انه بقيَ مترددا بشأن الكرازة.‏ وكانت الجماعة آنذاك ستباشر حملة مكثفة لتوزيع كراس الملكوت،‏ رجاء العالم.‏ فألقى توركل خطابا حول الحاجة الى الاشتراك في الخدمة،‏ ما ترك اثرا بالغا في نيلس الذي عبّر قائلا:‏ «كان خطابا رائعا أوقد فيَّ الحماسة».‏ ففي ختام الخطاب،‏ اقتبس توركل كلمات يهوه المسجلة في اشعيا ٦:‏٨‏:‏ «مَن أُرسل،‏ ومَن يذهب من اجلنا؟‏».‏ ثم تابع قائلا:‏ «نأمل ان يجيب الجميع كإشعيا ‹هأنذا أرسلني›!‏».‏ وهذا تماما ما احتاج اليه نيلس وزوجته.‏ فقد حفزتهما هذه الخاتمة على مباشرة عمل الخدمة دون تردد.‏

اعتاد الاخوة والاخوات زيارة توركل وهيلڠا في منزلهما حيث دارت على الدوام مناقشات حول الحق،‏ ما منح الناشرين الجدد والاحداث الكثير من التشجيع.‏ وغالبا ما كان الناشرون في برڠن يذهبون بالمراكب والشاحنات للكرازة في المناطق المجاورة.‏ وبعد ذلك يجتمعون ليرووا الاختبارات التي حدثت معهم ويتمتعوا بمعاشرة طيبة.‏

ناشرو أوسلو الغيورون

خلال عشرينات وثلاثينات القرن العشرين،‏ ازدهر ايضا عمل الكرازة في أوسلو.‏ ففي سنة ١٩٢٣،‏ اعتمد احد الناشرين الذي يُدعى اولاف سْكاو.‏ وعام ١٩٢٧،‏ عُيِّن مدير خدمة في الجماعة،‏ وبرهن لعشرات السنين انه ناظر محب وذو همّة.‏ فقد نظَّم عمل الكرازة في أوسلو،‏ كما رتَّب رحلات في نهايات الاسابيع بالباصات او الشاحنات الى المناطق المحيطة بالعاصمة.‏ وكان يبقى مستيقظا حتى وقت متأخر من الليل منشغلا برسم الخرائط ووضع الخطط للحملات الكرازية.‏

كرز الناشرون القادمون من أوسلو في المدن والمناطق الريفية الممتدة من مرفأي هالدن وفريدريكستاد جنوبا الى مدينة هامار شمالا،‏ ومن كونڠسفينڠر شرقا الى درامين وهونوفوس غربا.‏ فيصلون الى المقاطعة نحو الساعة التاسعة صباحا،‏ ويقضون اليوم كله في الكرازة من بيت الى بيت.‏ وكثيرا ما عقدوا اجتماعات عامة خلال زياراتهم،‏ ما ادى لاحقا الى تشكيل فرق وجماعات جديدة.‏ وكان نشاطهم هذا موضع تقدير عميق لدى الاخوة والاخوات القلائل في تلك الانحاء.‏ وفي عام ١٩٣٥،‏ قام الاخوة بحملة دامت تسعة ايام،‏ وزَّع خلالها الناشرون الـ‍ ٧٦ في أوسلو ٣١٣‏,١٣ كراسا،‏ اي ما معدله اكثر من ١٧٥ كراسا للناشر الواحد.‏

أُصيبت زوجة اولاف،‏ إستِر،‏ بالتهاب المفاصل ما جعلها اسيرة كرسي متحرِّك.‏ رغم ذلك،‏ كان منزلهما ملتقى الاخوة والاخوات،‏ الذين تمتعوا بالأطباق الشهية التي اعتاد اولاف تحضيرها وخاصة طبق جوانح الدجاج الذي اشتهر به.‏ إلا ان ما انطبع في ذاكرة العديد من الشهود الذين اصبحوا الآن مسنين هو التجمعات الروحية البناءة،‏ المناقشات المشوِّقة والاحاجي المؤسسة على الاسفار المقدسة التي كانت تدور في منزل الزوجين سْكاو.‏ تتذكر رانڠهِل سايمونسن:‏ «كنا دائما نغادر منزل الزوجين سْكاو وقلوبنا تطفح فرحا».‏

‏«قلوبهم مهيأة للحياة الأبدية»‏

كان الناس في تلك السنوات الباكرة اكثر تديُّنا وإلماما بالكتاب المقدس مما هم عليه اليوم.‏ فكثيرون رغبوا في مناقشة مواضيع من كلمة اللّٰه.‏ وكما حدث في القرن الاول،‏ «آمن كل الذين قلوبهم مهيأة للحياة الابدية».‏ —‏ اع ١٣:‏٤٨‏.‏

مثال على ذلك دورداي هامريه التي قبلت كراسا سنة ١٩٢٤.‏ ويوم حصلت عليه بدأت بقراءته ولم تنم حتى انهته.‏ قالت في وقت لاحق:‏ «خلدتُ الى النوم واحدة من الخمسينيين واستيقظتُ واحدة من شهود يهوه».‏

وفي اواسط عشرينات القرن العشرين،‏ حضر احد الاخوة الثمانية لعائلة فْيِلتڤايت خطابا عاما حول نار الهاوية،‏ وحصل على كراس يناقش هذا الموضوع.‏ فاقتنع ان هذه العقيدة باطلة.‏ بعد ذلك بفترة قصيرة،‏ حين اجتمعت العائلة في المزرعة،‏ اخبر بحماس اخوته السبعة وأخواته الثلاث ما تعلمه.‏ ثم ناقشوا معا الكراس حتى وقت متأخر من الليل.‏ وسرعان ما صاروا جميعهم،‏ اضافة الى بعض رفقاء زواجهم،‏ من تلاميذ الكتاب المقدس.‏ ولاحقا،‏ اصبح العديد من اولادهم وأحفادهم ناشرين غيورين حتى ان بعضهم حملوا رسالة الحق الى مناطق اخرى.‏

عام ١٩٣٦،‏ بدا اهتمام الناس الروحي جليا عندما القى م.‏ أ.‏ هاولت،‏ من المركز الرئيسي العالمي في نيويورك،‏ الخطاب العام في المحفلين اللذين عُقدا في برڠن وأوسلو.‏ ففي برڠن حضر هذا الخطاب ٨١٠ اشخاص بمن فيهم بعض الخدام الدينيين وأحد الاساقفة،‏ ولكن لم يكن بينهم سوى ١٢٥ شاهدا.‏ اما في أوسلو فبلغ عدد الحضور في الخطاب العام ٠١٤‏,١ شخصا،‏ بينهم ١٤٠ شاهدا فقط.‏

‏«ها هم يبدأون بالوفود!‏»‏

كم ابتهج شهود يهوه عام ١٩٣٥ حين كُشفت هوية ‹الجمع الكثير› المذكور في الرؤيا ٧:‏٩-‏١٧‏!‏ وقد فرح شعب اللّٰه لمعرفتهم ان العباد الذين يرجون العيش على ارض فردوسية في وسعهم ان ينضموا الى البقية الممسوحة كخدام منتذرين ليهوه.‏ ومن تلك السنة فصاعدا،‏ تحوَّل تركيز عمل الكرازة على تجميع الجمع الكثير الذي سينجو من «الضيق العظيم».‏ وهذا هو اكبر تجميع للعباد الحقيقيين في تاريخ الجنس البشري.‏

في تلك السنة عينها،‏ كان بعض الفاتحين ذوي الرجاء السماوي يبشرون في منطقة ريفية قريبة من ليليهامير.‏ فأصغى صبي في العاشرة من عمره اسمه جون جوهانسن بلهفة فيما كانوا يتحدثون الى عائلته عن قصد اللّٰه المتعلق بأرض فردوسية.‏ وحين بلغ الثالثة عشرة من العمر،‏ رغب جون رغبة شديدة في اخبار الآخرين بهذا الرجاء السعيد،‏ لذلك استعار حقيبة ابيه وأخذ يكرز بمفرده للجيران.‏ والآن،‏ بعد مرور ٧٠ سنة،‏ لا يزال جون برفقة زوجته ايدث يكرز بغيرة،‏ مسرورا بمساهمته في تدفق هذا العدد الكبير من الجدد الى الحق على مر السنين.‏

ذات يوم عام ١٩٣٧،‏ فيما كان اولاف رود في منزله مع أخ آخر يناقشان موضوع الجمع الكثير،‏ تساءلا في سياق الحديث كيف سيتم هذا التجميع الضخم وهما الشاهدان الوحيدان في هويْڠوسون.‏ فجأة قُرع الباب،‏ وإذ بألْفرد تْرنڠرايد واقفا على عتبته.‏ لقد عثر هذا الاخير على نسخة من برج المراقبة فقرأها.‏ ومن كثرة ما أُعجب بما قرأه،‏ ركب على الفور زورقه وجذَّف باتجاه هويْڠوسون للحصول على مطبوعات من اولاف،‏ الشاهد الوحيد الذي يعرفه.‏ فدُهش اولاف وفكَّر في نفسه:‏ «ها هم يبدأون بالوفود!‏».‏ نعم،‏ لقد توافدوا انما كل واحد بطريقة مختلفة وتوقيت مختلف.‏ اما ألْفرد فصار شاهدا،‏ وانضم اليه كثيرون آخرون ممن تجاوبوا مع بشارة الملكوت في تلك المنطقة.‏

استخدام المراكب في تجميع الجمع الكثير

حين بدأ عمل الكرازة في النَّروج،‏ كانت امكانية بلوغ البشارة الى السكان المنعزلين،‏ الذين يقطنون الجزر التي لا تُحصى والمناطق الساحلية النائية،‏ شبهَ معدومة.‏ لهذا السبب،‏ ابتاع مكتب الفرع عام ١٩٢٨ مركبا بمحرِّك يتَّسع لفاتحَين او ثلاثة ومتينا كفاية ليشقَّ مياه خط النَّروج الساحلي المتعرِّج.‏ ولكن مَن كان مؤهلا لقيادته؟‏ تطوَّع الفاتح كارل ڠانبر لهذه المهمة.‏ وقد تبين ان خبرته في البحرية وتجربته كأستاذ في الملاحة أجدتا نفعا في تلك الفترة.‏ فأبحر المركب الاول،‏ أليهو،‏ من أوسلو باتجاه الجنوب متوقفا عند المرافئ على طول الساحل.‏ ولكن في احدى الليالي العاصفة من شتاء ١٩٢٩،‏ تحطم على مقربة من ستافنغر.‏ وكان الجميع شاكرين ليهوه على وصول الاخوة الى الشاطئ سالمين.‏

عام ١٩٣١،‏ حصل الاخوة على مركب آخر اطلقوا عليه اسم استير.‏ فانطلق به كارل من جديد يرافقه شاهدان آخران.‏ فغطى استير مقاطعات في غربي وشمالي النَّروج طوال الاعوام السبعة التالية.‏ غير ان كارل شعر سنة ١٩٣٢ انه اصبح «اكبر من ان يخوض المزيد من المغامرات».‏ فقرر التوقف عن الابحار ليخدم فاتحا في شرقي النَّروج،‏ تاركا المركب في عهدة يوهانس كاورسْتا.‏ عام ١٩٣٨،‏ استُبدل استير بمركب آخر دُعي راعوث.‏ فاستخدمه الاخوة حتى سنة ١٩٤٠ حين وضعت الحرب العالمية الثانية حدا لنشاط الكرازة البحري.‏ وكان الفاتحون «البحارة» قد غطوا حتى ذلك الحين مناطق شاسعة ووزعوا الكثير من المطبوعات.‏ ففي سنة ١٩٣٩،‏ ذكر الفاتحان اللذان خدما على متن راعوث،‏ اندرياس هوپ وماڠنوس راندال،‏ انهما وزعا في سنة واحدة فقط اكثر من ٠٠٠‏,١٦ كتاب وكراس ومجلة،‏ وشغَّلا خطابات مسجلة على الفونوغراف ٠٧٢‏,١ مرة امام ٥٣١‏,٢ مستمعا.‏

وفضلا عن العديد من الاختبارات الروحية الرائعة،‏ شهد هؤلاء الاخوة مناظر خلابة اثناء ابحارهم.‏ قال اندرياس هوپ:‏ «كنا نتجه شمالا يوما بعد آخر،‏ فنعبر الفيوردات،‏ وندور حول الرؤوس البحرية.‏ وقد أُخذنا بالمناظر الطبيعية بما فيها من جمال وجلال».‏ ففي الشتاء،‏ خطف انفاسهم «توهج ألوان الشفق القطبي الاخاذ» شمالي الدائرة القطبية الشمالية.‏ اما في الصيف فأبهرهم «تألق الشمس في منتصف الليل».‏

فاتحة تخدم بغيرة

ارتفع عدد الفاتحين بسرعة ملحوظة خلال ثلاثينات القرن العشرين.‏ ومع انهم اضطروا الى تدبير امورهم بما تيسَّر لهم من وسائل الراحة،‏ فقد غطوا مقاطعات شاسعة كارزين بالبشارة وموزِّعين المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس.‏ وقد ساهمت غيرتهم المتقدة هذه في وضع اساس متين لتقدم العمل في المستقبل.‏

على سبيل المثال،‏ امضت سولڤاي لوڤوس (‏اصبحت لاحقا سولڤاي ستورمير)‏،‏ من أوسلو،‏ فترة من الوقت تبحث عن الحق،‏ كما حضرت مختلف الاجتماعات الدينية.‏ لكنها عندما حضرت ذات يوم اجتماعا لشهود يهوه،‏ ادركت انها عثرت على الحق الموجود في الكتاب المقدس.‏ ثم اعتمدت سنة ١٩٣٣،‏ وبعد عامَين انتقلت الى شمالي النَّروج لتخدم كفاتحة.‏ ومع انها كانت تعرج قليلا في مشيتها بسبب شلل الاطفال،‏ كرزت خلال ست سنوات في معظم المدن والبلدات وقرى صيد الاسماك والمجتمعات الصغيرة الممتدة من جنوب بودو وصولا الى كيركينس.‏ وقد قبل آلاف الاشخاص المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس.‏ وفي سنة واحدة،‏ طُلب منها اكثر من ١٠٠‏,١ اشتراك في مجلتينا.‏

وأحد الاشخاص الذين ابدوا اهتماما كبيرا برسالة سولڤاي هو نجار يدعى داڠ جنسن من قرية هينيس في ڤستيرالين.‏ فلسنوات كان يحصل على مطبوعاتنا من اشخاص آخرين مهتمين بالحق.‏ ولكن حين زارته سولڤاي اجرت له اشتراكا في مجلة ثم انتقلت الى مقاطعات اخرى.‏ فراح داڠ من تلقاء نفسه يبشر الناس ويعير المهتمين المطبوعات القليلة التي في حوزته.‏

في جزيرة اندوي،‏ دخلت سولڤاي كوخا يضم مجموعة صيَّادين اقوياء البنية.‏ فقدمت لهم الشهادة بجرأة،‏ وأسمعتهم خطابات مسجلة على الفونوغراف،‏ ثم عرضت عليهم اشتراكا في مجلتينا.‏ فاظهر صياد يافع اسمه فريتس مادسن اهتماما،‏ وقبل عرضها.‏ وبعد ان انهت سولڤاي تغطية المقاطعة،‏ تابعت تجوالها.‏ وقد كان هذا الاسلوب يتَّبع مرارا وتكرارا:‏ الفاتحون يكرزون،‏ يجدون المهتمين،‏ يوزعون المطبوعات،‏ يقدمون طلبات الاشتراكات،‏ ثم ينتقلون الى مقاطعات جديدة.‏ ولكن كيف امكن مساعدة كل هؤلاء المهتمين؟‏

رعاية خراف اللّٰه

شهد كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٣٩ بداية ترتيب جديد للنظار الجائلين.‏ فقُسِّمت النَّروج الى اربع مناطق،‏ او دوائر.‏ ولزم على نظار الدوائر (‏المدعوين آنذاك خدام مناطق)‏ ان يصرفوا المزيد من الوقت في كل مكان يزورونه.‏ فركزوا اهتمامهم على مساندة الجماعات،‏ تأسيس جماعات جديدة،‏ ومساعدة المهتمين على مباشرة الخدمة.‏ وعُيِّن اندرياس كْڤينڠ ناظرا للدائرة رقم ٤ التي امتدت ٦٠٠‏,٢ كيلومتر من فلورو الى كيركينس.‏ ولم يكن في تلك البقعة الشاسعة من الارض سوى ثلاث جماعات —‏ ترونهَيْم،‏ نامسوس،‏ ونارڤيك.‏ كما لزم زيارة الناشرين والفرق المنعزلة اضافة الى المشتركين في مجلتينا.‏

سافر اندرياس برفقة زوجته سِڠري شمالا،‏ مستخدمَين الدراجة في اغلب الاوقات.‏ وقد حاول اندرياس مساعدة الناشرين والمهتمين على احراز التقدم في الحق.‏ كما زوّده فاتحون كسولڤاي لوڤوس بمعلومات اضافية عن اشخاص مهتمين يحتاجون الى الدعم الروحي امثال داڠ جنسن في هينيس وفريتس مادسن في جزيرة اندوي.‏

يتذكر اندرياس انه عندما التقى داڠ للمرة الاولى عام ١٩٤٠ كان هذا الاخير يحلق ذقنه،‏ ووجهه مغطى بالصابون.‏ يقول:‏ «لن أنسى ابدا تلك العينَين المشعتين.‏ فمن فرط حماسه ترك الرغوة على وجهه ونسي كليا امر الحلاقة».‏ وقد احرز داڠ بمساعدة اندرياس تقدما روحيا ملموسا،‏ وما لبث ان ساعد زوجته آنّا والعديد من اصدقائه وأقربائه على تعلم الحق.‏

وفي قرية بلايك في جزيرة اندوي،‏ بحث اندرياس عن الصياد الشاب فريتس مادسن.‏ وبدعمه،‏ صار فريتس وزوجته نواة الجماعة التي تأسست لاحقا في تلك المنطقة.‏ وفي اماكن عديدة اخرى،‏ راح اندرياس وزوجته يزوران كل الذين سبق ان تحدثت معهم سولڤاي وغيرها من الفاتحين المجتهدين.‏ كما رتَّب بمعاونة نظار دوائر آخرين لعقد الاجتماعات وتأسيس الجماعات.‏ وعلى غرار الجماعة المسيحية في القرن الاول،‏ راح البعض في النَّروج يغرسون وآخرون يسقون،‏ لكن «اللّٰه كان ينمي» على نحو رائع.‏ —‏ ١ كو ٣:‏٦‏.‏

الحرب العالمية الثانية تهزّ النَّروج

في نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٤٠،‏ أُقحمت النَّروج في الحرب العالمية الثانية حين اجتاحتها القوات الالمانية.‏ وبعد ٦٢ يوما من القتال،‏ اضحى البلد بأسره تحت سيطرة المانيا النازية.‏ خلال هذه المواجهة،‏ تعرضت عدة بلدات الى قصف مدفعي عنيف.‏ ولم تمضِ بضعة ايام على الاجتياح حتى اعتقل الغستابو ناظر الفرع إينوك إِمِن وسجنوه اسبوعا كاملا.‏ ثم اطلق الضباط سراحه بعد استجواب قصير،‏ انما ليستدعوه ثانية في غضون اسابيع قليلة.‏

خشي الاخوة ان يرسلهم النازيون الى معسكرات الاعتقال كما جرى في المانيا.‏ إلا ان الالمان لم يقدموا على هذه الخطوة،‏ فتلاشى خوفهم وواصلوا عمل الكرازة بعزم وغيرة.‏ وفي الواقع،‏ بدا الناس اكثر تقبلا للبشارة بسبب الحرب،‏ ما اتاح للشهود البدء بدروس بيتية عديدة في الكتاب المقدس (‏دعيت آنذاك دروسا نموذجية)‏.‏ ورغم الاوضاع الصعبة،‏ ظل الاخوة يحصلون من الدانمارك على مجلة برج المراقبة بالدانماركية،‏ فيما بقيت مجلة التعزية (‏نو ڤَيرْدَن‏)‏ تصدر بالنروجية.‏ كما انهم واظبوا على عقد الاجتماعات والمحافل،‏ واستمر عدد الناشرين يزداد بشكل مذهل.‏

مصادرات فاعتقالات فحظر

لم تدم فترة الفرج هذه طويلا.‏ فقد داهم رجال الشرطة الالمان من جديد مكتب الفرع،‏ باحثين عن المطبوعات ومستجوبين الاخ إِمِن.‏ وفي اواخر سنة ١٩٤٠،‏ صادروا كتاب الاعداء لما فيه من تصاريح تتعلق بالفاشية والنازية.‏ كما اعتقلوا،‏ في اوائل عام ١٩٤١،‏ عدة فاتحين واستجوبوهم.‏ هذا اضافة الى ان النازيين الالمان والنروجيين على السواء كانوا يحضرون الاجتماعات من حين الى آخر للتجسس على الجماعات.‏ وبعد مدة،‏ عادت السلطات النازية الى مكتب الفرع وصادرت مخزون الكراسَين:‏ الفاشية أم الحرية و الحكومة والسلام.‏

في تموز (‏يوليو)‏ ١٩٤١،‏ باشر الغستابو على حين غفلة حملات مكثَّفة بغية وضع حد لعملنا الكرازي في كل انحاء النَّروج.‏ فقدِم خمسة ضباط شرطة المان الى بيت ايل،‏ وصادروا ما تبقى من المطبوعات،‏ ثم اخذوا عائلة بيت ايل الى مركز الشرطة الرئيسي لاستجوابهم.‏ كما أُمر الاخ إِمِن ان يحضر كل يوم الى مركز شرطة الدولة كي يثبت وجوده.‏ وقد فعل ذلك طوال ١٢ اسبوعا.‏

وخلال حملة متقنة التنسيق،‏ داهموا بيوت الاخوة المسؤولين،‏ واضعين يدهم على كافة المطبوعات التي تصدرها جمعية برج المراقبة.‏ وقد هددوا الشهود بإرسالهم الى معسكرات الاعتقال ان لم يكفوا عن الكرازة.‏ كما اعتقلوا بعض الاخوة والاخوات واحتجزوهم بضعة ايام.‏

في موس،‏ جاءت الشرطة الى منزل سِڠيرد روس وصادرت المطبوعات التي في حوزته،‏ ثم اعتقلوه مع زوجته وأخ آخر.‏ وأثناء استجوابهم،‏ امروهم بالتوقف عن الكرازة بالملكوت وعدم استعمال اسم يهوه.‏ فأجابوهم بالنفي.‏ فسلَّم رجال الشرطة بالامر وقالوا لهم:‏ «لا يسعنا ان نسلبكم ايمانكم».‏ وبعد مضي بضع ساعات،‏ أُطلق سراح هؤلاء الناشرين الراسخي الايمان.‏

واقتحم النازيون ايضا منزل اولاف سْكاو في أوسلو.‏ وبعدما فتشوه صادروا الكتب المقدسة،‏ المطبوعات،‏ والفونوغرافات،‏ وختموا ايضا خزانة كتب اولاف بالشمع الاحمر.‏ لكنهم لم يعثروا على بطاقات سجل الناشرين التي خُبِّئت في الفرن.‏ وحين عادوا لاحقا في شاحنة لأخذ الكتب بقيادة كلاوس ڠروسمان،‏ ضابط عنيف الطبع برتبة ملازم ثان،‏ سأله اولاف عمّا سيفعلونه بالمطبوعات.‏ فأجابه انهم سيحوِّلونها الى عجينة ورقية.‏

فعاد الاخ سْكاو وسأله:‏ «ولكن ألا تخشى يهوه؟‏».‏

فما كان من هذا الضابط المتعجرف إلا ان قال:‏ «حري بيهوه ان يحذر منا!‏».‏ ومن اللافت ان ڠروسمان انتحر بعد اربع سنوات اثر استسلام النازيين.‏

وفي الشهر نفسه،‏ اي تموز (‏يوليو)‏ ١٩٤١،‏ اعتقل الغستابو اندرياس كْڤينڠ في بودو وسألوه اين يمكن العثور على الشهود في شمالي النَّروج.‏ فأجاب بصدق قائلا:‏ «لا اعلم اين هم اليوم».‏ ولكن تخيل شعوره وهو يرى الضباط خلال التحقيق يفرغون حقيبته ويبعثرون الاوراق على الارض.‏ فقد كانت هذه الاوراق تتضمن اسماء وعناوين الجماعات،‏ الخدام في الجماعات،‏ وكذلك الاشخاص المهتمين.‏ غير انه تنفس الصعداء حين لم يكلِّف احد نفسه عناء تفحص تلك الاوراق!‏ فالاهم بالنسبة اليهم كان حمله على توقيع اقرار خطي ينص على حظر عمل الكرازة والخدمة كشخص من شهود يهوه.‏

لكنَّ اندرياس قال لهم:‏ «نحن نعلم ان نشاطنا محظور الآن،‏ لذا يمكنني ان أوقِّع على اني عالم بذلك.‏ إلا اننا سنستمر في استخدام الكتاب المقدس وإخبار الناس عن ملكوت اللّٰه،‏ رغم منعنا من عقد اجتماعاتنا وتوزيع مجلاتنا وكتبنا».‏ وإذ اتضح للغستابو ان اندرياس لن يساير على ايمانه،‏ اخلوا سبيله.‏

وفي النهاية،‏ صادرت السلطات النازية البيت الذي كان الاخوة يستخدمونه كمكتب للفرع.‏ وسمحوا للزوجَين إِمِن ان يبقيا فيه،‏ لكن سائر اعضاء عائلة بيت ايل اضطروا الى مغادرته.‏

الاجتماع معا تحت الحظر

عندما حاول النازيون قمع عمل شهود يهوه،‏ عمد الاخوة الى مزاولة نشاطاتهم الثيوقراطية سرًّا.‏ فقام البعض منهم بجولات لزيارة وتشجيع الاخوة والاخوات.‏ مثلا،‏ قام سورِن لاوريتسن،‏ الذي خدم فترة من الوقت في بيت ايل،‏ بجولات في جنوبي النَّروج.‏ اما اندرياس كْڤينڠ،‏ فثابر على زيارة الشهود ضمن دائرته في شمالي البلاد.‏ وتفاديا لإثارة الشكوك،‏ زاول في تلك الاثناء مهنا يدوية غير ثابتة.‏ وسنة ١٩٤٣،‏ حصل ماڠنوس راندال،‏ الذي خدم فاتحا على متن المركب راعوث،‏ على عناوين من الاخ إِمِن.‏ فانطلق الى بودو شمالا،‏ قاطعا مسافة ٢٠٠‏,١ كيلومتر على الدراجة بغية تشجيع الاخوة والاخوات.‏

ومع ان السلطات حظرت الاجتماعات،‏ واظب الاخوة والاخوات على الاجتماع كفرق صغيرة في البيوت لتشجيع واحدهم الآخر.‏ وأحيانا اجتمعوا بأعداد اكبر انما سرًّا.‏ وكم فرحوا سنة ١٩٤٢ عندما بلغ عدد الحضور ٢٨٠ شخصا في احتفال الذِّكرى الذي عُقد في موقعَين بأوسلو،‏ وتناول ٩٠ شخصا من الرمزَين!‏

حتى ان الشهود استطاعوا ان يرتبوا لمحافل سرِّية في مزارع معزولة او في الغابات.‏ وأحد اكبر هذه التجمعات حدث سنة ١٩٤٣ في غابة خارج قرية شِي.‏ فقد جاء لحضور المحفل نحو ١٨٠ اخا وأختا من المنطقة المحيطة بخليج أوسلو.‏ وخلال احدى فترات الاستراحة،‏ حين كان المندوبون يتمتعون بوجبة طعام،‏ ظهر امامهم على غفلة ثلاثة جنود المان يمتطون خيولا.‏ فما عسى الاخوة والاخوات فعله؟‏

اقترب من الجنود اخ يتكلم الالمانية،‏ فأخبروه انهم كانوا يقصدون مكانا للسباحة لكنهم أضاعوا سبيلهم.‏ وطبعا،‏ حرص الاخوة ان يدلوا الجنود على الطريق.‏

وفيما هم ماضون،‏ سأل احدهم رفيقَيه قائلا:‏ «ما هذا التجمع يا تُرى؟‏».‏

فأجابه رفيقه:‏ «انهم على الارجح ينتمون الى جوقة ترتيل».‏ ولم يكن الاخوة والاخوات ليصححوا معلومات الجنود،‏ بل تنفسوا الصعداء فيما راح الفرسان يتوارون في الغابة.‏

العمل سرًّا

اخفى ناشرون كثيرون المطبوعات في اماكن لا تخطر على بال.‏ فمنهم مَن طمرها في التراب لينبشها عند الحاجة،‏ ومنهم،‏ كالأخ سْكاو الذي كان اختصاصيا في الكهرباء،‏ مَن خبَّأ صندوق كتبٍ خلف محوِّل تيار الكهرباء في مكان عمله.‏ اما الاخ آسِت فوضع المطبوعات في قفير نحل،‏ فيما دسّها الاخ كْڤينڠ في صندوق بطاطا.‏

خافت لوتِه هولم ان يتمَّ اكتشاف مخزن المطبوعات في هارستاد،‏ فذهبت الى هناك لأخذ كافة الصناديق.‏ وصعدت على متن مركب حيث كدست الصناديق بحرص ثم جلست عليها.‏ وفور انطلاق المركب،‏ استحوذ عليها الرعب والقلق بعد ان رأت عددا من الجنود الالمان على متنه،‏ وأخذت تفكر كيف ستُنزِل المطبوعات دون ان يُكتشف امرها.‏ ولكن،‏ لم يكن من داع للقلق.‏ فحين رسى المركب،‏ رأى الجنود ان سنها كبيرة وحملها ثقيل فأشفقوا عليها وساعدوها على انزال كافة الصناديق الى اليابسة.‏ حتى انهم حملوا لها كل اغراضها وأوصلوها الى منزلها.‏ ولم يعلم هؤلاء الجنود اللطفاء قيمة المعروف الذي اسدوه للشهود بمساعدتهم للاخت لوتِه.‏

ورغم الحظر،‏ تمكن الاخوة من تمرير النسخ الاخيرة من مجلة برج المراقبة الى النَّروج عبر الحدود السويدية والدانماركية.‏ كما ترجموا مقالات الدرس الى النروجية وطبعوها على آلة كاتبة،‏ ثم قاموا بتوزيعها في كل ارجاء البلاد.‏ وقد شكل الاخوة شبكة عمل متكاملة،‏ مستخدمين القطارات والدراجات والمراكب لإيصال الطعام الروحي في حينه الى رفقائهم المؤمنين.‏

واظَبوا على الكرازة

خلال الحرب،‏ نشأت مسألة شكلت امتحانا للإخوة والاخوات في النَّروج.‏ فحين حُظِّر عملنا في تموز (‏يوليو)‏ ١٩٤١،‏ أُوصي الاخوة بأن يحرصوا ألا يستفزوا السلطات النازية.‏ لذا،‏ راح كثيرون يكرزون بطريقة غير رسمية للاصدقاء والاقرباء،‏ او يزورون اشخاصا سبق ان تحدثوا اليهم.‏ لكن بعض الاخوة رأوا ان الاستمرار على هذا المنوال غير فعال،‏ وأنه لا ضير في الكرازة من بيت الى بيت باستخدام الكتاب المقدس فقط.‏ ورغم اختلاف الآراء حول طريقة القيام بعمل الكرازة،‏ امتلك كلا الطرفين رغبة شديدة ان يخدما يهوه بولاء في وجه المقاومة.‏

ولكن ما عساهم يفعلون؟‏ فبسبب الحرب،‏ تعذَّر الاتصال بالمركز الرئيسي العالمي في نيويورك،‏ لذا بدا مستبعدا حل المسألة سريعا.‏ فهل كان الاخوة سيسمحون للخلافات بأن تقوِّض ايمانهم؟‏ ام انهم سيواظبون على الكرازة باذلين كل جهدهم بانتظار الجواب من يهوه وهيئته؟‏

من الواضح ان يهوه كان يبارك خدمتهم الامينة،‏ لأن العمل شهد خلال الحرب تقدما مماثلا لما شهده خلال السنوات الخمس الاخيرة التي سبقتها.‏ فرغم الحرب،‏ الحظر،‏ والكرازة بطرق مختلفة،‏ ارتفعت ذروة الناشرين من ٤٦٢ سنة ١٩٤٠ الى ٦٨٩ سنة ١٩٤٥،‏ ما اعطى الاخوة سببا حقيقيا للابتهاج.‏

متَّحدون في خدمة يهوه

بعد ان وضعت الحرب اوزارها سنة ١٩٤٥،‏ اتى وليَم داي الى النَّروج وقضى شهرَي تموز (‏يوليو)‏ وآب (‏اغسطس)‏ في مساعدة الاخوة على اعادة تنظيم نشاطهم.‏ فعقد اجتماعات في أوسلو،‏ سْكين،‏ وبرڠن ناشد فيها الاخوة ان يوحِّدوا جهودهم المخلصة.‏ كما ذكرهم ببركة يهوه التي اختبروها والتقدم الذي احرزوه،‏ ما يخولهم المضي قدما متكلين على ارشاد يهوه.‏

في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٤٥،‏ اتصل ناثان ه‍.‏ نور من المركز الرئيسي العالمي بناظر دائرة في الولايات المتحدة يُدعى مارڤن ف.‏ اندرسن.‏ وهو اميركي من اصل دانماركي له من العمر ٢٨ سنة،‏ وقد سبق ان خدم في بيت ايل في نيويورك.‏ فسأله الاخ نور اذا كان مستعدا للسفر الى النَّروج والاستقرار فيها فترة من الوقت للاعتناء ببعض المسائل.‏ فوافق الاخ اندرسن،‏ ولكن مرت بضعة شهور قبل ان يتسنى له الانتقال الى النَّروج.‏

وفي كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٤٥،‏ زار الاخوان نور وهنشل النَّروج.‏ فساعدت توجيهاتهما الحبية الاخوة على خلق رباط متين من المحبة والوحدة في ما بينهم.‏ وفي الوقت نفسه،‏ أعلن الاخ نور ان داي سيحل محل إِمِن كناظر للفرع.‏ وبعد شهر،‏ وصل اندرسن الى النَّروج،‏ وعُيِّن ناظرا للفرع في شباط (‏فبراير)‏ ١٩٤٦.‏ والآن،‏ وقد اصبحت الحرب العالمية الثانية من الماضي،‏ انطلق الشهود يخدمون بنشاط متجدد في كل انحاء النَّروج،‏ واثقين ببركة يهوه.‏

هيئة يهوه تسير قدما

كان الفرع يعجّ بالنشاط عند وصول مارڤن اندرسن الى النَّروج.‏ ففي ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٤٥،‏ تسلَّم الناشرون كراسا باللغة النروجية،‏ وأربعة اخرى بالسويدية.‏ وفي الشهر التالي،‏ صدرت مجلة برج المراقبة بالنروجية ثم تبعها بعد مدة اصدار المزيد من المطبوعات.‏

وثمة امر طريف حدث مع الاخوة يوضح اهمية الحصول على المطبوعات باللغة النروجية.‏ فقد تسلموا كراسا بالسويدية عنوانه هوپ‏،‏ ومعناه «رجاء».‏ إلا ان «هوپ» بالنروجية تعني «يقفز» او «يثب»،‏ فاضطر الناشرون ان يوضحوا لقرائهم ان رسالة الرجاء التي ينادون بها لا تتطلب منهم ان يقفزوا.‏

حين بدأ الاخ اندرسن عمله كناظر للفرع عام ١٩٤٦،‏ اضطر ان يقيم مع خمسة اخوة آخرين في غرفة واحدة لضيق المكان.‏ كما لزم نقل السكان غير الشهود المقيمين في المبنى منذ الحقبة النازية الى مكان آخر بغية ايواء عائلة بيت ايل التي يزداد عدد افرادها.‏

انكب اندرسن بكل نشاط على عمله في تعيينه الجديد.‏ فجرى ترميم مكتب الفرع والحصول على معدات جديدة،‏ بما فيها مطبعة تشغَّل بالقدم.‏ كما باشر الاخوة في تلك السنة عينها عقد مدرسة جديدة،‏ مدرسة الخدمة الثيوقراطية.‏ وهكذا،‏ أُتيح المجال لينال المزيد من الاخوة التدريب على الاستعداد للخطابات وإلقائها.‏ وسرعان ما صار كثيرون منهم مؤهلين لتقديم الخطابات العامة.‏

بالاضافة الى ذلك،‏ عُقدت المحافل الاولى بعد الحرب في أوسلو،‏ برڠن،‏ وترونهَيْم خلال شهري ايلول وتشرين الاول (‏سبتمبر وأكتوبر)‏ ١٩٤٦.‏ وقد بلغ مجموع حضور الخطاب العام بمحور «رئيس السلام» في المواقع الثلاثة ٠١١‏,٣ شخصا،‏ واعتمد ٥٢.‏ لا شك ان هذا العدد رائع مقارنة بعدد الناشرين الذي لم يتخطَّ الـ‍ ٧٦٦ في ذلك الوقت.‏

وفي كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٤٦،‏ استؤنف العمل الدائري بعد انقطاع دام اكثر من خمس سنوات.‏ فنال اخوة شبان،‏ سبق ان خدم بعضهم في بيت ايل،‏ امتياز الخدمة كنظار دوائر (‏او خدام للاخوة كما دُعوا آنذاك)‏.‏ وقد احتل تدريب الناشرين على الكرازة من بيت الى بيت المرتبة الاولى بين اهدافهم،‏ كما حاولوا الاشتراك في الخدمة مع اكبر عدد ممكن من الاشخاص في كل جماعة.‏ يخبر ڠونار ماركَسِن،‏ احد هؤلاء النظار،‏ انه خدم مع ٥٠ الى ٧٠ ناشرا خلال زيارة لإحدى الجماعات دامت اسبوعا.‏ وهكذا،‏ اكتسب الناشرون شيئا فشيئا المزيد من المهارات لعرض رسالة الملكوت،‏ وكفّوا عن البشارة بواسطة الفونوغرافات وبطاقات الشهادة التي كانت تُستخدم منذ ثلاثينات القرن العشرين.‏ علاوة على ذلك،‏ مُنح انتباه اكبر لعقد الزيارات المكررة والدروس البيتية.‏

دعم خدمة الفتح

بعد الحرب،‏ جرى تشجيع الناشرين على الانخراط في خدمة الفتح لمساعدة الاعداد المتزايدة من المهتمين برسالة الملكوت.‏ فاستأنف ناشرون عديدون الخدمة كامل الوقت بعد ان توقفوا بسبب الحظر الذي فُرض سنة ١٩٤١.‏ وبحلول نهاية عام ١٩٤٦،‏ كان قد انخرط في خدمة الفتح ٤٧ اخا وأختا رغم تردي الاوضاع الاقتصادية.‏

كانت سڤانهيل نِرول بين هؤلاء الفاتحين،‏ وقد انتقلت الى اقليم فينمارك شمالا عام ١٩٤٦.‏ وهذه الاخت قد خدمت سابقا كفاتحة في تلك المنطقة عام ١٩٤١ برفقة سولڤاي لوڤوس،‏ وشهدت القصف الذي تعرَّضت له مدينتا كيركينس وڤاردو.‏ وإذ لم يغب عن بالها لحظة الاشخاص المهتمون الذين التقتهم هي وسولڤاي،‏ عادت الى كيركينس التي صارت منكوبة إثر الحرب.‏ فاعتقد السكان المحليون انها فقدت صوابها بمجيئها الى منطقة ليس فيها منزل يؤويها.‏

إلا انها وثقت بيهوه.‏ وخلال اول فصل شتاء لها هناك،‏ افترشت ارض المطبخ في منزل صغير يقطنه خمسة اشخاص آخرون.‏ كما انها تحملت مشقات كثيرة جراء الاحوال الشديدة الصعوبة التي عانتها المنطقة بعد الحرب،‏ كأن تُضطرَّ في اغلب الاحيان ان تنتظر تحت الثلج والبرَد مراكب تصل متأخرة عن موعدها او لا تصل ابدا.‏

حصلت سڤانهيل على اختبارات ممتعة اثناء كرازتها لشعب السامي.‏ فإذا تعذر عليها ان تستقل الباص للوصول الى مناطقهم المعزولة،‏ كانت تذهب على متن مركب نهري او دراجة.‏ وكثيرا ما كان شعب السامي المضيافون يدعونها الى خيامهم المصنوعة من جلود حيوانات الرنّة،‏ ويصغون اليها بانتباه فيما تشهد لهم مستعينة بمترجمين.‏ اما عندما يحين وقت الطعام،‏ فكانوا يطلبون منها الانضمام اليهم لتناول وجبة من لحم الرنّة.‏ ومن المفرح ان بعض الذين سمعوا البشارة من سڤانهيل قبلوا الحق في وقت لاحق.‏

قال تشِل هيوسبي الذي خدم في بيت ايل آنذاك ان الفرع كان دوما على علم بمكان سڤانهيل من خلال عناوين الاشتراكات التي كانت ترسلها.‏ ففي السنوات الثلاث التي قضتها في فينمارك،‏ ارسلت ٠٠٠‏,٢ اشتراك في مجلة برج المراقبة ووزعت ٥٠٠‏,٢ كتاب.‏

‏‹صيادو ناس›‏

عقب الحرب،‏ راح ناشرو الجماعات ايضا يشتركون بغيرة في عمل الكرازة حاصدين نتائج تبهج القلب.‏ مثلا،‏ اثناء الحرب،‏ كرز داڠ جنسن المذكور آنفا للاصدقاء والاقرباء في قرية هينيس الصغيرة في ڤستيرالين.‏ ونتيجة ذلك،‏ ابدى كثيرون اهتماما ودرسوا الكتاب المقدس مستعينين بالمطبوعات.‏ ولما انتهت الحرب سنة ١٩٤٥،‏ اتخذ داڠ خطوة المعمودية.‏ وفي السنة التالية،‏ حين تأسست جماعة في هينيس،‏ اعتمد ١٦ شخصا في منزله.‏ وبعد مرور خمس سنوات،‏ اصبحت الجماعة تضم نحو ٥٠ ناشرا.‏ وقدَّم داڠ،‏ عام ١٩٧١،‏ تقريرا بعدد الفاتحين الذي زاد على ٢٠ فردا في تلك الجماعة.‏

من اللافت ان محبة داڠ ليهوه وغيرته في الخدمة كان لهما تأثير معدٍ في الآخرين.‏ تتذكر أوسهيل رونينڠ التي ترعرعت في كنف تلك الجماعة قائلة:‏ «عندما يدخل داڠ الى منزل ما،‏ لا يسعك سوى ان تلاحظ السعادة على وجهه وموقفه الايجابي المشجِّع،‏ فيسود الدار جو من الانتعاش».‏ وكان داڠ يشجع دائما الاولاد في الجماعة،‏ كما حين يقومون بتعييناتهم في مدرسة الخدمة الثيوقراطية.‏ تقول أوسهيل:‏ «جعلنا نشعر ان ما نقوم به مهم جدا».‏ وهذا النوع من التشجيع انعكس ايجابا عليها،‏ فانخرطت هي بدورها في خدمة الفتح سنة ١٩٦٢،‏ مختبرة فرح إخبار الآخرين عن «بشارة الإله السعيد المجيدة».‏ —‏ ١ تي ١:‏١١‏.‏

ولمَ صار كثيرون في تلك المنطقة شهودا غيورين؟‏ مع ان معظم سكان المجتمعات الصغيرة لا يرتادون الكنائس،‏ فهم يؤمنون باللّٰه وكلمته الكتاب المقدس.‏ اضافة الى ذلك،‏ عرف كثيرون ان جيرانهم الشهود هم رؤوس عائلات صالحون ينعمون بدعم زوجاتهم الوليات.‏ وأحد هؤلاء هو آرنولف جنسن،‏ ابن اخي داڠ الاكبر،‏ الذي اعتمد سنة ١٩٤٧.‏ فهو،‏ في مجرى الاسبوع،‏ كان يكسب لقمة عيشه من صيد السمك،‏ مبحرا بقاربه عدة ايام متتالية.‏ ولكنه كان يعود الى المنزل مساء كل يوم جمعة،‏ حتى عندما يكون الصيد وافرا وزملاؤه الصيادون لا يزالون ساهرين لصيد المزيد وجني المال.‏ فقد حرص آرنولف على ملازمة البيت في نهايات الاسابيع لكي يحضر الاجتماعات،‏ ويشارك في عمل الكرازة مع زوجته وأولاده الثمانية الذين اتخذوا جميعا موقفا ثابتا الى جانب الحق.‏ وكان الاخوة،‏ في ايام السبوت والآحاد،‏ يتمُّون تفويضهم بأن يكونوا «صيادي ناس»،‏ مستخدمين في اغلب الاحيان قارب آرنولف لإنجاز عمل الصيد الروحي في المناطق النائية.‏ —‏ مر ١:‏١٦-‏١٨‏.‏

نحن «ننجز عملا مهما»‏

تبين ان التدريب الارسالي المُعطى في مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس بنيويورك ذو فائدة كبيرة للاخوة في النَّروج.‏ ففي سنة ١٩٤٨،‏ تخرَّج هانس پيتر هِمستاد وڠونار ماركَسِن من هذه المدرسة،‏ فكانا اول تلميذين من النَّروج.‏ وقد تمّ تعيينهما في بلدهما حيث خدما في العمل الجائل وبيت ايل كعازبَين ثم كمتزوجَين.‏ ايضا،‏ تخرج من مدرسة جلعاد،‏ بين سنة ١٩٤٨ و ٢٠١٠،‏ نحو ٤٥ شخصا من النَّروج عاد اكثر من نصفهم الى بلدهم حيث خدموا كفاتحين كامل الوقت،‏ نظار جائلين،‏ او اعضاء في عائلة بيت ايل.‏

بالاضافة الى ذلك،‏ استقبلت النَّروج مرسلين مدربين في جلعاد قادمين من بلدان اخرى.‏ ومن اوائل هؤلاء،‏ اندرياس هانسن من الدانمارك وكالِڤي كورتيلا من فنلندا.‏ وقد أُرسلا عام ١٩٥١ الى شرق فينمارك حيث قطعا مسافات طويلة باستخدام الدراجات والمراكب والزلاجات.‏ وغالبا ما كانا يبنيان على الاساس الروحي الذي سبق ان وضعته سڤانهيل نِرول قبل سنوات.‏ وهكذا،‏ بمجرد سنة واحدة،‏ ارتفع عدد الناشرين في مقاطعتهما من ٣ الى ١٥.‏

سنة ١٩٥٣،‏ تخرج من جلعاد الاخ تشِل مارتينسِن من هينيس في ڤستيرالين وعُين في بلده النَّروج.‏ وبعمر ٢٢ سنة أُرسل الى العمل الجائل في ڤيستفولد وتليمارك.‏ ومع ان تعيينه ناظرا جائلا في سن مبكرة اشعره بالارتباك والخوف،‏ فهو لا ينسى الذكريات السارة مع الاخوة الاكثر خبرة الذين رحبوا به بحرارة وتعاونوا معه بولاء.‏ خدم تشِل كناظر جائل حتى سنة ٢٠٠١،‏ ثم استقر مع زوجته يورون في سڤولڤور بلوفوتن وانخرط بعمل الفتح.‏

جاءت كارن كريستنسن من الدانمارك سنة ١٩٥٠ للخدمة كفاتحة في ايڠرسوند وكونڠسفينڠر،‏ حيث لا توجد اية جماعة.‏ فغطت المقاطعة على دراجتها.‏ وبعد تخرجها من جلعاد عام ١٩٥٤،‏ أُرسلت الى كونڠسبورڠ.‏ سنة ١٩٥٦،‏ تزوجت من مارڤن اندرسن وخدمت منذ ذلك الحين في بيت ايل.‏ لقد قضت حتى الآن اكثر من ٦٠ عاما في الخدمة كامل الوقت،‏ وهي تقول بفرح:‏ «صحيح اننا لسنا اشخاصا مهمين،‏ ولكننا ننجز عملا مهما!‏».‏

تطورات قانونية هامة

شهدت الفترة بين سنة ١٩٤٨ و ١٩٥١ زيادات ملحوظة.‏ ففي سنة ١٩٥١،‏ ارتفع معدل عدد الناشرين ٢٩ في المئة،‏ بالغا ذروة من ٠٦٦‏,٢ ناشرا.‏ غير ان خدام يهوه في النَّروج واجهوا في الوقت نفسه بعض المسائل القانونية التي شكلت تحديا لهم.‏

وأكثر ما استرعى الانتباه كان قضية الشهادة في الشوارع بواسطة مجلة برج المراقبة.‏ ففي تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٤٩،‏ أُخذ الى مركز الشرطة بعض الناشرين الذين كانوا يقومون بعمل الشهادة في الشوارع بأوسلو،‏ ثم أُطلق سراحهم بعد ساعات قليلة.‏ لكن الشهود عادوا بكل جرأة الى العمل نفسه في نهاية الاسبوع التالي.‏ فقامت الشرطة،‏ بتاريخ ٦ كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٤٩،‏ باعتقال كل الناشرين الذين كانوا يشهدون في شوارع أوسلو.‏ وقيل لهم انه من غير المسموح ان تُعرَض المجلات في الشوارع دون اذن الشرطة،‏ بحجَّة ان ذلك يسبب الازدحام والازعاج ويعيق حركة السير.‏ فاستُجوب سبعة ناشرين وأُخذوا الى المحكمة حيث فُرض على البعض دفع غرامة صغيرة وحُكم على البعض الآخر بالسجن ثلاثة ايام.‏

رفع الاخوة القضية الى المحكمة العليا في النَّروج،‏ لأن الامر تخطّى نيلهم تصريحا من الشرطة ليشمل حقهم في ممارسة معتقداتهم الدينية بحرية.‏ كما نوَّه جون روس،‏ الممثل الاعلامي لشهود يهوه،‏ في صحيفة دَڠبلادِت بأن شهادتنا في الشوارع لم تُثر يوما اي ازعاج.‏ ثم حلَّل طارحا السؤالين التاليين:‏ «هل يلزم طلب اذن من الشرطة للكرازة في الشوارع اذا تم ذلك دون تعكير السلام وإعاقة حركة السير وحشد الجماهير؟‏ ألا تمنح الحرية الدينية كل مواطن الحق في القيام بهذا الشكل من اشكال الكرازة؟‏».‏ بانتظار قرار المحكمة العليا،‏ داوم الشهود على الخدمة في الشوارع رغم الاعتقالات المستمرة والغرامات المتزايدة.‏ حتى ان بعض الناشرين اعتُقلوا نحو عشر مرات.‏

في ١٧ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٥٠،‏ نقضت المحكمة العليا القرار الصادر عن محكمة المدينة،‏ وبُرِّئ الناشرون من كل التهم الموجهة اليهم.‏ نعم،‏ ان هذا الحكم،‏ فضلا عن قرارات اخرى أُصدرت لصالح شهود يهوه في النَّروج،‏ اكد حقهم القانوني في توزيع المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس سواء من بيت الى بيت او في الشوارع،‏ وذلك دون طلب اي اذن من الشرطة.‏

محافل لا تُنسى

في خمسينات وستينات القرن العشرين،‏ عُقدت محافل عديدة بقيت مطبوعة في ذاكرة الاخوة،‏ وقد قوّت عزم الهيئة وقرّبت الشهود واحدهم من الآخر.‏ ففي عام ١٩٥١،‏ عُقد في ليليهامير محفل على صعيد البلد،‏ وكان ناثان ه‍.‏ نور ومِلتون ج.‏ هنشل من المركز الرئيسي العالمي بين خطباء هذا المحفل.‏ كما احتشد مندوبون من كل ارجاء البلاد.‏ وكم ابتهجوا لرؤية ٨٩ شخصا يعتمدون و ٣٩١‏,٢ يحضرون الخطاب العام!‏ وفي السنوات اللاحقة،‏ سُرَّ ايضا مندوبون من النَّروج بحضور محافل اممية في لندن ونيويورك.‏ وسنة ١٩٥٥،‏ حضر نحو ٠٠٠‏,٢ شاهد نروجي محفلا امميا في مدينة ستوكهولم السويدية.‏

كانت المحطة الابرز المحفل الاممي «كلمة الحق»،‏ الذي عُقد في أوسلو في مدرَّج أوليفال عام ١٩٦٥.‏ لكن الاخوة واجهوا بعض التحديات.‏ ففي الامسية التي سبقت المحفل،‏ كان فريق النَّروج الوطني يلعب كرة القدم ضد فريق وطني آخر في الملعب.‏ لذا،‏ اضطر جيش من الشهود الى الانتظار خارجا ريثما يخلي المدرَّج جماهير المتفرجين المشجعين.‏ وما إن انتهت المباراة حتى اندفعت حشود الاخوة الى داخل المدرَّج بغية تجهيزه للمحفل.‏ فعملوا طوال الليل في التنظيف،‏ ازالة النفايات،‏ ونصب الخيام المخصَّصة لتقديم الطعام.‏ كما بنوا منصتين ومقصورة للفرقة الموسيقية،‏ وأقاموا مخزنا وثلاث حجرات —‏ جميعها لها سقف تكسوه الاعشاب —‏ بهدف اضافة لمسة جمالية الى المكان.‏ كتبت صحيفة دَڠبلادِت‏:‏ «معجزة تحدث ليلا!‏ لقد تحوَّل مدرَّج أوليفال الى بقعة ساحرة .‏ .‏ .‏ جهود جبارة بذلها شهود يهوه».‏

من ناحية اخرى،‏ امَّن الاخوة والاخوات النروجيون المضيافون المنامة لأكثر من ٠٠٠‏,٧ مندوب اجنبي معظمهم وصلوا من الدانمارك.‏ وقد اعدوا لهذه الغاية مخيما في احد الحقول خارج المدينة،‏ ما جعل هذا المخيم ملائما ما دام الطقس صافيا.‏ إلا ان المطر الذي انهمر في الايام الاولى من المحفل حوّل الارض الى شبه مستنقعات،‏ الامر الذي أربك المندوبين الـ‍ ٠٠٠‏,٦ المخيمين هناك.‏ ولا شك ان نسيان هذا الامر لم يكن سهلا،‏ لكن الجميع شكروا يهوه حين تحسَّن الطقس في اليومين الاخيرين من البرنامج.‏ ومن اللافت ان رداءة الطقس لم تحل دون استمتاع المندوبين المحليين والاجانب بدفء المعاشرة المسيحية المفرحة ونيل الانتعاش من البرنامج الروحي المزوَّد في حينه.‏ وكم سروا حين اعتمد ١٩٩ شخصا وحضر ٣٣٢‏,١٢ الخطاب العام الذي ألقاه الاخ نور.‏

‏«الشهادة عصب حياتنا»‏

اضافة الى الخدمة من بيت الى بيت وفي الشوارع،‏ تمتع العديد من الاخوة والاخوات بالنتائج الجيدة التي حصدوها جراء الشهادة غير الرسمية.‏ فسنة ١٩٣٦،‏ قدَّم كونراد فْلاتوي،‏ الذي يعمل وقَّادا في باخرة،‏ كراسا لضابط معاون يُدعى پول برون.‏ فقبل هذا الاخير المطبوعة وقرأها في الليلة عينها.‏

قال پول:‏ «أدركت على الفور انه الحق.‏ فقد اظهر لي الكراس الفرق بين الديانة الحقة والباطلة».‏ وإذ تعلَّم المزيد،‏ راح يشهد للآخرين بالبشارة.‏ فعقد درسا في الكتاب المقدس مع احد البحّارة المهتمين فيما الحرب دائرة.‏ فشعر هذا الاخير،‏ بعد ان ازداد معرفة،‏ انه لا يستطيع ان يشغِّل المدافع الرشاشة على متن الباخرة.‏ وحين علم المسؤولون بموقفه،‏ امروا پول ان يكفَّ عن الدرس معه.‏ وعندما رفض،‏ انزلهما المسؤولون على شاطئ لندن.‏ وبعد شهر،‏ غرقت الباخرة جراء اصابتها بطُربيد مدمِّر.‏ فواصل البحّار تقدمه واعتمد،‏ اما پول فدُعي لحضور مدرسة جلعاد الارسالية.‏ وإثر تخرجه عام ١٩٥٤،‏ أُرسل الى الخدمة في الفيليبين.‏ ثم عاد الى النَّروج حيث خدم ناظر دائرة الى جانب زوجته ڠريتا.‏

سنة ١٩٤٨،‏ عمل هولڠِر ابراهامسن في نقل العمال من وإلى جرّافة بحرية في مرفإ نارڤيك.‏ وكان شعاره:‏ «الشهادة عصب حياتنا،‏ فبدونها لا نعيش».‏ لذا،‏ لم يفوِّت اية فرصة للتحدث الى ركابه.‏ وكان بين هؤلاء اولڤار يوپڤيك الذي جذبته البشارة التي سمعها واندفع الى إخبار خطيبته آنا ليسا عن رجاء الفردوس.‏ فاعتمدا كلاهما،‏ وربيا في ما بعد اربعة اولاد في الحق.‏ وقد خدم احدهم،‏ وهو هرمان،‏ مرسلا في بوليفيا برفقة زوجته لايلا.‏ ثم عادا الى النَّروج وهما لا يزالان حتى الآن في العمل الجائل هناك.‏

الاعتناء بخراف يهوه

خلال ستينات وسبعينات القرن العشرين،‏ أُجريت تعديلات تنظيمية مهمة في مكتب الفرع والجماعات.‏ فقد خلَف روْر هاڠِن مارڤن اندرسن ناظرا للفرع،‏ ثم نال هذا التعيين ثُور سامْيولسن عام ١٩٦٩.‏ وفي سنة ١٩٧٦،‏ عُينت اول لجنة للاشراف على الفرع في النَّروج،‏ وقد تألفت من ثُور سامْيولسن،‏ كورِيه فْيِلتڤايت،‏ ونيلس پيترسن.‏

في تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٧٢،‏ تمَّ تعيين هيئات شيوخ للخدمة كرعاة روحيين في الجماعات.‏ كما جرت مساعدة الرجال الناضجين في الجماعات كي يتأهلوا لرعاية الجدد الذين يقبلون حق الكتاب المقدس.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ يبارك يهوه شعبه بسخاء وهم يخدمون بولاء تحت اشرافه الحبي.‏

شعب السامي يتجاوب مع البشارة

طوال عشرات السنين،‏ قام فاتحون كثيرون وإخوة آخرون بالكرازة لشعب السامي،‏ بمن فيهم رعاة قطعان الرنَّة المتوغلون في هضبة فينماركسڤيدا.‏ ومع ان معظم هذا الشعب يتكلم النروجية،‏ احتاج الناشرون في بعض الاحيان الى الاستعانة بمترجمين.‏ وآكسل فالسْنِس كان احد الشهود الاوائل الذين كرزوا على نطاق واسع بلغة السامي،‏ الذين تحدَّر منهم وأتقن لغتهم،‏ فضلا عن النروجية والفنلندية.‏ وقد تعرَّف على الحق عن طريق اخته،‏ المقيمة في جنوبي النَّروج.‏ فبعدما اصبحت هي شاهدة،‏ أرسلت اليه احدى مطبوعاتنا،‏ فقرأها بنهم.‏ ولكن عدم وجود اي شاهد في منطقته،‏ في اقليم ترومس،‏ حال دون تقدمه روحيا حتى سنة ١٩٦٨،‏ حين زاره ناظر الدائرة وبعض الفاتحين وقدموا له المساعدة.‏

أعرب آكسل عن غيرة لافتة في نشر البشارة.‏ فغالبا ما كان يضع دراجته في زورقه وينطلق في الصباح الباكر مجذفا عبر الخليج،‏ ثم يرسي زورقه ويركب دراجته للتنقل من منطقة الى اخرى.‏ وبما انه كان يعرف لغة شعب السامي،‏ استطاع ان يقدم لهم شهادة وافرة في المناطق النائية من فينمارك.‏

كما سمح له طبعه الجَلود ان يقطع مسافات بعيدة على زلاجاته لبلوغ المنازل المنعزلة.‏ فذات مرة،‏ قُبيل انتهاء فصل الشتاء،‏ تزلج من كراسيوك عبر هضبة جبلية الى كاوتوكينو وصولا الى ألتا.‏ ولم يحمل معه سوى حقيبة ظهر تحتوي على بعض الامتعة والمطبوعات.‏ وبعد اسابيع قليلة،‏ وصل الى منزل اصدقاء له في ألتا،‏ قاطعا كامل المسافة التي بلغت نحو ٤٠٠ كيلومتر.‏

في اوائل سبعينات القرن العشرين،‏ اعتنق الحق عدة اشخاص من شعب السامي.‏ ففي هامرفست،‏ ابتدأت امرأة من السامي وزوجها يدرسان مع شهود يهوه.‏ وسرعان ما اعرب بعض اقاربها في ألتا عن اهتمام بالرسالة.‏ لذا،‏ باشر فاتحان خصوصيان في تلك المنطقة،‏ وهما آرنا وماري آن ميلدي،‏ بدرس الكتاب المقدس مع هؤلاء الافراد المخلصين.‏ وقد بلغ في اغلب الاحيان عدد الذين حضروا الدرس ١٠ او ١٢ شخصا اعتنق نحو نصفهم الحق.‏

يقول هارتڤيك مييِنا،‏ فاتح في ألتا يستخدم مركبة السير على الثلج لبلوغ الناس المعزولين:‏ «ان الكرازة في مقاطعة شعب السامي لتحدِّ كبير لنا.‏ فالمسافات طويلة،‏ وكثيرون منهم متمسكون بتقاليدهم.‏ لكن روح الضيافة لديهم سهَّلت علينا البدء بعدة دروس معهم».‏

توقعات عام ١٩٧٥

ازداد عدد الناشرين باطراد بين اواسط ستينات وسبعينات القرن العشرين.‏ غير ان التوقعات المرتبطة بعام ١٩٧٥ شكَّلت امتحانا لإيمان بعض الاخوة.‏ فقد ترك عدد منهم الهيئة حين رأوا ان الضيق العظيم لم يحدث في تلك السنة.‏ وشهدت السنوات ما بين ١٩٧٦ و ١٩٨٠ تناقصا في اعداد الناشرين.‏ كما ضعف نشاط آخرين لفترة من الوقت جراء خيبة الامل التي انتابتهم.‏ ولكن،‏ ماذا عن الغالبية الساحقة؟‏ هل واصلوا خدمتهم ليهوه؟‏

يعترف هانس ياكوپ ليلِتڤِد قائلا:‏ «صحيح انني كنت انتظر بترقب شديد ما سيحدث عام ١٩٧٥،‏ لكن ايماني لم يكن مبنيا على هذا الاساس».‏

ويذكر يون وإيديت يوهانسن اللذان خدما بأمانة لزمن طويل:‏ «لم ننذر انفسنا ليهوه وفي بالنا تاريخ معين،‏ لذا واصلنا خدمتنا دون صنع اية تعديلات».‏

اما لِيا سورِنسن فتقول:‏ «انا سأخدم يهوه الى الابد.‏ ولا يهم إن اتت النهاية سنة ١٩٧٥ او اتت لاحقا».‏

مكتب فرع جديد

ازداد ثقل العمل في الفرع نحو اواخر سبعينات القرن العشرين،‏ وازدادت معه الحاجة الى اشخاص يخدمون في بيت ايل وإلى اماكن اضافية للسكن والعمل.‏ نتيجة لذلك،‏ وافقت الهيئة الحاكمة عام ١٩٧٩ على بناء مكتب فرع جديد خارج أوسلو.‏ وقرب نهاية سنة ١٩٨٠،‏ وجد الاخوة موقعا ملائما في إتري إيْنِباك،‏ يبعد حوالي ٣٠ كيلومترا عن وسط أوسلو.‏

من اجل تخفيض كلفة البناء قدر المستطاع،‏ دُعي متطوعون لبناء المجمَّع.‏ ويا لهول ما واجهناه من تحديات للحصول على معدات للبناء،‏ تأمين الطعام والمنامة لمئة شخص تقريبا،‏ وتنظيم المشروع برمته!‏

ولكن كم سررنا لرؤية ما يزيد عن ٠٠٠‏,٢ اخ وأخت محليين وأجانب يتطوعون دون مقابل!‏ (‏مز ١١٠:‏٣‏)‏ فكثيرون تبرعوا بالبطاطا،‏ الخضار،‏ الفاكهة،‏ الخبز،‏ البيض،‏ السمك،‏ الثياب،‏ والمعدات.‏ وفيما قطع البعض الاشجار في الغابة،‏ حوَّل آخرون جذوعها الى ألواح في المنشرة الصغيرة التي أُنشئت في موقع البناء.‏ كما ساهمت اعداد لا تُحصى بتقديم التبرعات المالية.‏

وبما انه لم يتسنَّ لبعض العمال الخبراء تقديم المساعدة سوى لفترة محدودة،‏ بقي الكثير من العمل على عاتق متطوعين تنقصهم المهارات.‏ يخبر جون جونسن،‏ المسؤول عن كافة التمديدات الكهربائية،‏ كيف شعر هو وآخرون ممن أشرفوا على عمل البناء بعدم الجدارة.‏ يقول:‏ «تعلَّم المتطوعون كيف يقومون بالعمل وقد ابلوا بلاء حسنا.‏ وكم دهشتُ حين رأيت كيف حُلَّت المشاكل وسارت كل الامور على خير ما يرام!‏ من الواضح ان يهوه اللّٰه كان يوجِّه عمل البناء هذا!‏».‏

نعم،‏ بفضل جهود المتطوعين الدؤوبة،‏ سخاء اخوتنا وأخواتنا،‏ وبركة يهوه،‏ جرى العمل على قدم وساق.‏ فقد ابتدأ في اوائل سنة ١٩٨١،‏ وتم تدشين مكتب الفرع الجديد في ١٩ ايار (‏مايو)‏ ١٩٨٤ اثناء زيارة مِلتون هنشل من الهيئة الحاكمة.‏ ومما لا شك فيه ان هذا المشروع في حد ذاته فرَّح الاخوة النروجيين وجعلهم اقرب واحدهم الى الآخر.‏ وفي السنوات التي تلت،‏ انخرط العديد ممن تطوعوا للبناء في خدمة الفتح الاضافي او العادي.‏

تسريع عمل بناء قاعات الملكوت

سنة ١٩٢٨ بنى اربعة من الاخوة فْيلتڤايت اول قاعة لعباد يهوه في احدى ضواحي برڠن.‏ وفي أوئل ثمانينات القرن العشرين،‏ كانت عدة جماعات قد بنت او اشترت قاعات ملكوت خاصة بها.‏ إلا ان جماعات اخرى كثيرة بقيت تعقد اجتماعاتها في اماكن مستأجرة غير ملائمة.‏ لذا،‏ خلال تشييد الفرع،‏ بحث بعض الاخوة امكانية تسريع عمل بناء قاعات الملكوت.‏ وإذ علموا ان فرقا من الاخوة في الولايات المتحدة وكندا يشيدون قاعات ملكوت بطريقة البناء السريع،‏ راحوا يتساءلون:‏ ‹اذا كان الاخوة هناك ينجزون العمل بمعونة يهوه،‏ فماذا يمنعنا نحن؟‏›.‏

إثر ذلك،‏ عمل بعض الاخوة على رسم مخططات البناء ووضع تفاصيل محددة،‏ ثم قاموا بمشروع تجريبي في اسكيم عام ١٩٨٣.‏ وفي السنة التالية شيدوا ثلاث قاعات ملكوت بطريقة البناء السريع في رورڤك،‏ ستنكيير،‏ وألتا.‏ فكيف تم انجاز هذا العمل؟‏ في البداية،‏ وضعوا الاساسات،‏ ومن ثم نظَّموا بدقة عمل المتطوعين —‏ خبراء كانوا ام لا —‏ كي يتمكنوا من اكمال مختلف مراحل البناء بمجرد ايام قليلة.‏

لم يتوقف الامر عند هذا الحد،‏ فخلال السنين العشر التالية،‏ شُيِّد حوالي ٨٠ قاعة ملكوت بطريقة البناء السريع في النَّروج.‏ وفي وقت لاحق،‏ سافر اخوة نروجيون الى ايسلندا حيث ساهموا في بناء ثلاث قاعات.‏ ومع ان معظم الجماعات في النَّروج تملك الآن قاعاتها الخاصة،‏ يبقى المزيد لفعله في هذا المجال.‏ فالقاعات القديمة تحتاج الى ترميم،‏ وغيرها يستدعي التوسيع.‏ ولا تزال هنالك ايضا حاجة الى بناء قاعات جديدة.‏

‏«توطدت اواصر اخوَّتنا»‏

اسفر عمل بناء قاعات الملكوت عن توفير اماكن جميلة وعملية لعبادة يهوه،‏ وإعطاء شهادة حسنة للسكان المحليين.‏ على سبيل المثال،‏ اجتمع عام ١٩٨٧ ثلاثة اخوة برسميي المدينة في فريدريكستاد من اجل صنع الترتيبات لبناء قاعة ملكوت.‏ فضحك الرسميون حين اخبرهم الاخوة انهم سينهون بناء القاعة في غضون ثلاثة ايام.‏ ولكن،‏ منذ اول يوم بوشر فيه بالبناء،‏ اي يوم الجمعة،‏ بدا جليا لهم ان الشهود سيكملون القاعة في الوقت المحدَّد.‏ فما كان من احدهم إلا ان جلب يوم السبت فرقته الموسيقية الى موقع البناء،‏ وطلب منهم ان يعزفوا للعمال المتطوعين تعبيرا عن اعتذاره عما بدر منه من شكوك.‏ ايضا،‏ قالت امرأة شهدت بناء قاعة ملكوت أرندال سنة ١٩٩٠:‏ «من المدهش انكم شيَّدتموها بهذه السرعة.‏ انما المدهش اكثر هو رؤية كل هذه الوجوه التي تعلوها الفرحة والبسمة!‏».‏

واليوم،‏ تشرف لجنتا بناء اقليميتان على بناء قاعات الملكوت في كل ارجاء النَّروج.‏ ويبذل الاخوة والاخوات انفسهم طوعا في مشاريع بناء اضخم وتتطلب جهدا اكبر.‏ مثلا،‏ في عامي ١٩٩١ و ١٩٩٢،‏ وجب على الاخوة ان يوسِّعوا مكتب الفرع.‏ وسنة ١٩٩٤،‏ بنوا قاعة ملكوت رائعة في أوسلو.‏ اما عام ٢٠٠٣،‏ فقد انشأ فريق البناء قاعة ملكوت كبيرة في برڠن يمكن استخدامها للاجتماعات والمحافل على السواء.‏

ان روح التعاون ووحدة الهدف اللتين ولَّدتهما هذه المشاريع انعكست ايجابا على خدام يهوه ايضا.‏ يذكر اخ يساهم في بناء قاعات الملكوت منذ سنة ١٩٨٣:‏ «جعل ذلك الجماعات اكثر تماسكا.‏ كما توطدت اواصر اخوَّتنا،‏ إذ نشأت صداقات حميمة بيننا وتحسنت مقدرتنا على العمل معا».‏

نشاط متزايد في بيت ايل

بعدما أُكمل بناء مكتب الفرع الجديد،‏ صار من الممكن زيادة عدد العاملين في الفرع وفعل المزيد من اجل تقدُّم عمل الكرازة في النَّروج.‏ فازداد عدد المطبوعات المترجمة الى اللغة النروجية.‏ والحدث البارز كان في عام ١٩٩٦ حين صدر الكتاب المقدس —‏ ترجمة العالم الجديد بالنروجية.‏ (‏سبق ان صدرت الاسفار اليونانية المسيحية —‏ ترجمة العالم الجديد سنة ١٩٩١.‏)‏ والآن صارت جميع مطبوعات شهود يهوه بالاجمال متوفرة بالنروجية،‏ بما في ذلك العمل المرجعي بصيرة في الاسفار المقدسة.‏

ويضم ايضا مبنى الفرع الجديد استديو تسجيل كان الاخوة بحاجة ماسة اليه.‏ فمنذ ستينات القرن العشرين،‏ تُسجَّل مسرحيات المحافل في قاعات الملكوت وفي عليّة مبنى الفرع السابق او طابقه السفلي.‏ ولم تكن الظروف آنذاك مثالية،‏ اذ غالبا ما اضطروا الى التوقف عن التسجيل بسبب ضجيج السيارات.‏ لكن الاستوديو في المبنى الجديد سهَّل كثيرا عملية انتاج المسرحيات،‏ افلام الفيديو،‏ وغناء ترانيم الملكوت بمرافقة موسيقية.‏ كما ينتج الفرع تسجيلات لمجلتَي برج المراقبة و استيقظ!‏ باللغة النروجية،‏ وصار الكتاب المقدس بكامله وعدة كتب اخرى متوفرة على اسطوانات متراصّة وعلى موقع الانترنت www.‎jw.‎org.‏

الخدمة حيث الحاجة أعظم

كرز ناشرو الجماعات في المناطق المجاورة،‏ إلا ان العديد من الناشرين والفاتحين سافروا الى مقاطعات بعيدة غير معيَّنة،‏ حتى انهم وصلوا شمالا الى لونڠياربيان في أرخبيل سْفالبار.‏ وانتقل البعض الى مختلف المناطق النائية للمناداة بالبشارة ولتأسيس جماعات حيثما امكن.‏

على سبيل المثال،‏ حين تزوَّج فين وطُردِس دجِنسِن سنة ١٩٥٠،‏ علما بأن هنالك حاجة الى ناشرين في هامرفست،‏ احدى المدن التي تقع في اقصى الطرف الشمالي للارض.‏ صحيح انه لم يكن في حوزتهما الكثير من المال،‏ لكنهما امتلكا دراجتَين الى جانب القوة والعزم.‏ فاستقلا دراجتَيهما وباشرا رحلتهما التي تستلزم اجتياز نحو ٩٠٠ كيلومتر من بودو الى هامرفست.‏ وبعد ان قطعا نصف المسافة تقريبا،‏ قدَّم لهما بعض الاصدقاء اللطفاء مساعدة مالية كي يكملا ما تبقى من رحلتهما على متن مركب.‏ وفي هامرفست،‏ انهمك الزوجان في الكرازة ودعوة الناس الى الخطابات العامة التي كان يلقيها فين في نهاية كل اسبوع.‏ وقد بارك يهوه جهودهما الدؤوبة وسرعان ما تمكَّنا من تشكيل جماعة صغيرة هناك.‏

وفي محفل كوري عُقد في ترونهَيْم سنة ١٩٥٧،‏ شجَّع احد الخطباء الناشرين ان يفكِّروا في الانتقال الى اماكن حيث الحاجة أعظم الى كارزين.‏ وفيما كان ڤيڠو وكارن ماركوسِن،‏ الساكنان في ستافنغر،‏ يصغيان بانتباه،‏ وكَزَ ڤيڠو زوجته بمرفقه.‏ فأدركت على الفور ما عناه بذلك،‏ وفكَّرت في نفسها قائلة:‏ ‹لقد امست ايامنا معدودة في ستافنغر›.‏ ولكن ما كان رأي بناتهما الناشرات الثلاث،‏ اللواتي تتراوح اعمارهن بين ١١ و ١٤سنة،‏ في فكرة الانتقال؟‏

حين ناقشوا معا كعائلة الخطاب بعد المحفل،‏ وافقوا جميعهم على التطوُّع للخدمة حيث الحاجة أعظم.‏ وردًّا على رسالتهم،‏ طلب منهم مكتب الفرع ان ينتقلوا الى بروموندال حيث لا توجد جماعة.‏ وهكذا انتقلت العائلة عام ١٩٥٨ للسكن في كوخ خشبي بالقرب من بروموندال،‏ بعد ان باعوا بيتهم الحديث ومتجر ڤيڠو لبيع الأثاث.‏ وقد بارك يهوه روح التضحية بالذات التي اعربوا عنها،‏ بدليل ان كثيرين ممن درسوا معهم اعتنقوا الحق في السنوات اللاحقة.‏ وحين غادرت الفتيات المنزل وعُيِّن ڤيڠو وكارن في الخدمة الدائرية،‏ كان في بروموندال جماعة صغيرة تضم نحو ٤٠ ناشرا غيورا.‏

لعب الاخوة الشبان ايضا دورا في تقدُّم مصالح الملكوت بانتقالهم الى اماكن لا توجد فيها جماعات.‏ ففي سنة ١٩٩٢،‏ انتقل فريق من الفاتحين الشبان،‏ معظمهم بعمر ١٩ سنة تقريبا،‏ الى مولوي في نور فيور لملاحقة الاهتمام الذي اظهره الناس هناك.‏ فانهمكوا في العمل الكرازي وابتدأوا على الفور بعقد الاجتماعات في بيت استأجروه.‏ وقد تعهَّدتهم بعنايتها امرأة حديثة الايمان كانوا قد درسوا معها،‏ وأصبحت بمثابة ام لهم.‏ لاحقا،‏ انتقل اخ وزوجته الى مولوي حيث تمَّ تأسيس جماعة.‏ لقد قضى الاخوة الشبان وقتا رائعا في تعيينهم،‏ اذ عقدوا العديد من دروس الكتاب المقدس،‏ اهتموا بالكثير من تعيينات الجماعة،‏ وقووا الجماعة الجديدة النابضة بالنشاط.‏ قال احدهم:‏ «كان انتقالنا مغامرة روحية وفرصة فريدة كي ننمو روحيا».‏ ونتيجة جهودهم وجهود الآخرين الدؤوبة،‏ هناك اليوم حوالي ٣٠ ناشرا في جماعة نور فيور يعقدون ما بين ٥٠ و ٦٠ درسا في الكتاب المقدس.‏

الشهادة بلغات اخرى

خلال السنوات الثلاثين الماضية،‏ ازداد باطِّراد عدد المهاجرين المقيمين في النَّروج.‏ لذا،‏ بذلت الجماعات قصارى جهدها لتقديم الشهادة لهم بلغتهم الام او بلغة يفهمونها.‏ فتأسست سنة ١٩٨٦ اول جماعة ناطقة بلغة اجنبية في النَّروج،‏ ودُعيت جماعة أوسلو اللاتينية لأنها ضمَّت اشخاصا يتكلمون الاسبانية والبرتغالية معظمهم من اميركا اللاتينية.‏ وفي الوقت عينه،‏ ابتدأ بعض الناشرين يقدمون شهادة منظَّمة للذين يتكلمون الانكليزية في منطقة أوسلو.‏ فالتقوا بالكثير من المهتمين،‏ القادمين بشكل خاص من افريقيا وآسيا،‏ بعضهم اثناء الخدمة في الشوارع،‏ والبعض الآخر خلال الكرازة في مراكز استقبال اللاجئين.‏ كما انهم استخدموا دليل الهاتف لايجاد اسماء اجنبية قد يتكلم اصحابها الانكليزية.‏ وهكذا،‏ ابتُدئ بدروس كثيرة في الكتاب المقدس،‏ وتشكَّلت جماعة أوسلو الانكليزية عام ١٩٩٠.‏

ومنذ ذلك الحين،‏ يبذل ناشرون نروجيون عديدون اقصى جهدهم لتعلم لغات اجنبية.‏ وبالتعاون مع ناشرين من اصل اجنبي،‏ ساهموا في تأسيس فرق او جماعات من اشخاص يتكلمون اللغة الاسبانية،‏ الانكليزية،‏ البنجابية،‏ البولندية،‏ التاميلية،‏ التڠالوڠية،‏ التِڠرينيا،‏ الروسية،‏ الصربية الكرواتية،‏ الصينية،‏ العربية،‏ والفارسية.‏

ايضا،‏ شهدت الكرازة بلغة الاشارات نموا ملحوظا.‏ وتعمل الهيئة جاهدة لمساعدة بضعة آلاف من الصمِّ الذين يستخدمون لغة الاشارات النروجية.‏ فخلال سبعينات القرن العشرين،‏ اخذ الاخوة يترجمون بعض الاجتماعات والمحافل الى لغة الاشارات،‏ ومنذ ذلك الوقت،‏ تعلَّم عدة ناشرين هذه اللغة.‏ فشُكِّلت فرق بلغة الاشارات في بعض الجماعات،‏ وتأسست سنة ٢٠٠٨ اول جماعة في أوسلو.‏ واليوم،‏ يضم البلد نحو ٢٥ ناشرا اصمَّ يستفيدون من المطبوعات المترجمة الى لغة الاشارات النروجية والمتوفرة على اقراص DVD.‏

لجان الاتصال بالمستشفيات

بسبب رفض شعب يهوه قبول نقل الدم،‏ يصعب احيانا على المرضى الشهود ان ينالوا العلاج الطبي اللازم والذي هم على استعداد لقبوله.‏ لذا،‏ شكَّلت الهيئة عام ١٩٩٠ لجانا للاتصال بالمستشفيات في النَّروج بهدف مساعدتهم في حالات كهذه،‏ وتزويدهم بمعلومات حول العلاجات البديلة.‏ ومنذ ذلك الوقت حتى سنة ٢٠١٠،‏ عقد الاخوة في لجنة أوسلو للاتصال بالمستشفيات نحو ٧٠ اجتماعا مع الجهاز الطبي في مستشفيات المنطقة،‏ وعالجوا اكثر من ٥٠٠ حالة فردية.‏ وبفضل الجهود الدؤوبة التي بذلوها،‏ استطاعوا الاتصال بالكثير من الاطباء المتعاونين وإعطاءهم معلومات طبية دفعت المزيد من الاطباء الى استعمال البدائل عن نقل الدم.‏ كما ان الدعم والمساعدة اللذين زودتهما فرق زيارة المرضى هما موضع تقدير كبير لدى المرضى وعائلاتهم.‏

ويوضح اختبار فاتحة شابة اسمها هيلِن اهمية هذا التدبير.‏ ففي سنة ٢٠٠٧،‏ أُصيبت هيلِن بمرض خطير أُدخلت على اثره الى مستشفى محلي.‏ وبما ان تعداد كرَيّات دمها كان في هبوط سريع،‏ ضغطت عليها الهيئة الطبية كي تقبل نقل الدم باعتباره الوسيلة الوحيدة لانقاذ حياتها.‏ ولكن،‏ بمساعدة احد اعضاء لجنة الاتصال بالمستشفيات،‏ نُقلت الى مستشفى اكبر ومجهز بطريقة افضل.‏ وعندما وصلت هي ووالدتها اليه،‏ استقبلهما اخ من لجنة الاتصال بالمستشفيات،‏ وبعد ان طمأنهما،‏ ساعدهما على نيل العناية اللازمة.‏ وافق المستشفى على اعطاء هيلِن علاجا يحفز جسمها على انتاج كرَيّات الدم الحمراء.‏ فتحسن تعداد كرَيّات دمها في غضون ايام قليلة،‏ وسرعان ما زال الخطر عنها.‏ والآن استعادت هيلِن عافيتها،‏ وهي ممتنة لأن المستشفى احترم اقتناعاتها الراسخة.‏ تقول هي ووالدتها:‏ «ان رؤية طريقة عمل هيئة يهوه،‏ ودعم الاخوة والاخوات لنا،‏ وصلواتهم من اجلنا هي امور سنبقى على الدوام شاكرتَين عليها ولن ننساها ما حيينا».‏

التصدي لهجوم وسائل الاعلام الخبيث

وقع شهود يهوه في النَّروج،‏ ما بين سنة ١٩٨٩ و ١٩٩٢ تحديدا،‏ فريسة حملة لتلطيخ سمعتهم وضحية دعاية مغرضة اطلقتها الصحف،‏ المجلات،‏ اضافة الى محطات الراديو والتلفزيون.‏ وأحد الاسباب الرئيسية وراء هذه المقاومة هو التصاقنا بما يقوله الكتاب المقدس عن معاملة المفصولين.‏ (‏١ كو ٥:‏٩-‏١٣؛‏ ٢ يو ١٠‏)‏ فاضطر الشهود الى تحمُّل الانتقادات اللاذعة في الخدمة،‏ العمل،‏ والمدرسة،‏ وكذلك العائلة.‏ وطبعا،‏ لم يكن سهلا عليهم مواجهة هذا الوضع،‏ رغم ان اتباع يسوع لا يستغربون التعيير الذي يصيبهم.‏ —‏ مت ٥:‏١١،‏ ١٢‏.‏

يوضح احد الاخوة:‏ «صحيح اننا مررنا بفترة عصيبة،‏ لكنها اسفرت بالمقابل عن فوائد عديدة.‏ فقد جعلتني اعيد التأمل في الطعام الروحي الجيد الذي نناله من العبد الامين الفطين،‏ وأرى الاسس التي تستند عليها مبادئنا.‏ وهذا قوَّى ايماننا وساعدنا على مواجهة الامتحانات».‏

يتذكر احد نظار الدوائر:‏ «لقد تأثرنا جدا لرؤية الشجاعة التي تحلَّى بها الاخوة والاخوات في ذلك الوقت.‏ وأدركنا ان الرد الامثل هو بتكريس انفسنا اكثر لخدمة الحقل بما فيها الشهادة في الشوارع.‏ وكم فرحنا برد فعل الشهود الايجابي!‏».‏

بخلاف ما روَّجته وسائل الاعلام من آراء غير مؤسسة على الاسفار المقدسة،‏ يعبّر فْرِد،‏ احد المفصولين سابقا،‏ عن شعوره حيال توجيه الكتاب المقدس المتعلق بموضوع الفصل قائلا:‏ «حين فُصلت وأنا بعمر ٢٠ سنة،‏ رحت أفكر مليا في حياتي.‏ صحيح ان الوضع لم يكن مسرًّا،‏ لكن اجراء الفصل ادى الى نتائج ايجابية.‏ كان الامر كما لو ان يهوه يقول لي:‏ ‹يا بني،‏ استجمع قواك الآن وأصلح طرقك،‏ وإلا فستُضر!‏›.‏ نعم،‏ كان هذا الدرس ضروريا كي اتخلى عن مسلكي الاثيم.‏ وبدل الالتهاء بالتسلية والاثارة،‏ ابتدأت اتخذ الحق بجدية.‏ كما اني لاحظت التقدم الروحي الذي احرزه بعض اصدقائي في الجماعة،‏ وهذا دفعني الى تغيير موقفي».‏ من المفرح ان فْرِد تاب عن طرقه السابقة،‏ وأُعيد الى الجماعة.‏ وهو الآن يخدم شيخا فيها.‏

‏«على استعداد ليوم يهوه»‏

على الرغم من تفشي المادية وازدياد اللامبالاة في المقاطعة،‏ استمر خدام يهوه يعطون الاولوية للنشاطات الروحية المقوية للايمان كقراءة الكتاب المقدس اليومية وحضور الاجتماعات.‏ كما كثف عدد متزايد من الناشرين اشتراكهم في الخدمة بالانخراط في الفتح العادي.‏ وقد عبر احد الاخوة عن مشاعر كثيرين حين قال:‏ «إن لم اكن على استعداد ليوم يهوه الآن،‏ فلن اكون مستعدا له عندما يأتي فعلا.‏ فعلينا ان نمضي قُدما،‏ لأنه سيأتي يوما ما لا محالة».‏ ودون شك،‏ ان مثل هذا الموقف هو ما ساهم في النمو المطرد منذ سنة ٢٠٠١.‏

وثمة تدبير روحي كان له تأثير منشط في الجماعات،‏ وزوَّد العديد من الاخوة بمستوى رائع من التعليم الثيوقراطي،‏ ألا وهو مدرسة تدريب الخدام (‏تُدعى اليوم مدرسة الكتاب المقدس للاخوة العزاب)‏.‏ يعبِّر احد تلامذة هذه المدرسة قائلا:‏ «ان فرصة درس كلمة اللّٰه بشكل مكثف جدا مدة ثمانية اسابيع اتاحت لي ان ارى الحق من منظار مختلف تماما.‏ فقد اصبح كل ما في الكتاب المقدس نابضا بالحياة وحقيقيا اكثر بالنسبة الي!‏».‏ وخلال العقدين الماضيين،‏ ساهم ما يزيد عن ٦٠ متخرجا في دعم الجماعات وحث افرادها على تكثيف نشاطهم.‏

نشأوا في كنف عائلات من شهود يهوه

ان الكثير ممن اعتمدوا كشهود ليهوه على مر السنين تعلَّموا حقائق الكتاب المقدس من والديهم.‏ فهنالك اليوم ناشرون نروجيون هم من الجيل الثالث،‏ او الرابع،‏ او الخامس من الشهود.‏ يقول إيڤان ڠوسودِن،‏ ابن حفيدة الاخ إنڠبريت أندرسن،‏ اول تلميذ للكتاب المقدس في سْكين:‏ «غالبا ما فكرت كم انا محظوظ،‏ لأنني وُلدت في عائلة وضعت خدمة يهوه في المرتبة الاولى بين نشاطاتها.‏ وقد ساعدني الدرس الشخصي،‏ قراءة الكتاب المقدس بانتظام،‏ والاصدقاء المخلصون الذين شاركوني اهدافي على اتخاذ موقفي الى جانب الحق».‏ هذا وإن ابنَي إيڤان،‏ اندريه وريتشارد،‏ يعزان هما ايضا ميراثهما الروحي الذي لا يقدر بثمن في نظرهما.‏

تذكر اخت فاتحة تُدعى بِنتِي بو،‏ وهي حفيدة ماڠنوس راندال الذي خدم فاتحا على متن المركب راعوث‏:‏ «انا شاكرة جدا لأنني نشأت في عائلة من شهود يهوه.‏ فقد جنبني ذلك الكثير من المتاعب،‏ وأريد ان استخدم حياتي لفائدة الآخرين».‏

وهنالك ايضا بعض الذين كانوا ضعفاء روحيا خلال حداثتهم،‏ انما اضحوا في سن الرشد شهودا غيورين.‏ على سبيل المثال،‏ ترعرع كل من توماس وسيرين فوسكِينڠر من برڠن في كنف عائلة مسيحية،‏ لكن تقدمهما الروحي كان بطيئا.‏ فما الذي ساعدهما ان يغيرا نظرتهما الى عبادة يهوه؟‏

يروي توماس:‏ «عام ٢٠٠٢،‏ جاء الى جماعتنا اخ شاب كان قد حضر مدرسة تدريب الخدام.‏ فساعدني على الانهماك في الخدمة والسعي وراء الاهداف الروحية».‏

وعندما بلغ توماس ٢٥ سنة من العمر،‏ تزوج من سيرين،‏ ثم انتقلا عام ٢٠٠٧ الى باتسفيور في فينمارك لمد يد العون الى زوجين فاتحَين يعتنيان بالاشخاص المهتمين هناك.‏ وسرعان ما صار توماس وسيرين ايضا فاتحَين.‏ وفي سنة ٢٠٠٩،‏ قضيا ثلاثة اشهر في مقاطة غير معينة في كيولفيور،‏ احدى قرى الصيد،‏ حيث بدآ مع بعض الناشرين الذين رافقوهما بعقد اكثر من ٣٠ درسا في الكتاب المقدس.‏ بعد ذلك،‏ انتقلا ليقيما في مكان اقرب الى كيولفيور لملاحقة المهتمين.‏ والآن هما يذهبان بانتظام في رحلة تدوم نحو ثلاث ساعات ونصف ذهابا وإيابا لمساعدة المهتمين.‏ صحيح ان حياتهما مليئة بالنشاط،‏ لكن سيرين تقول:‏ «حياتي اليوم بسيطة وسعيدة.‏ لدينا القليل من الامتعة وكذلك القليل من المشاكل».‏

نتطلع الى يهوه بإيمان

لقد تبدَّلت الحياة كثيرا في النَّروج منذ ابتدأ تلميذ الكتاب المقدس كْنوت پايدَرْسن هامر مع آخرين بعمل الكرازة.‏ ففي البداية،‏ لفت خدام يهوه الانظار،‏ لأنهم علَّموا حق الكتاب المقدس في مجتمع ديني تسيطر عليه كنائس تتمتع بنفوذ كبير وتعلم عقائد باطلة.‏ وعلى مر عشرات السنين،‏ راقت كلمة اللّٰه اعدادا لا تُحصى من الناس،‏ ودون تردد اتخذوا موقفهم الى جانب العبادة الحقة.‏

اما الآن،‏ فقد تغير المناخ الديني في النَّروج.‏ فعدد الذين يؤمنون باللّٰه يتضاءل،‏ والمجاهرة بدين حق واحد تُعتبَر غير مقبولة البتة.‏ اما المهتمون فيلزمهم بذل الكثير من الجهد والوقت لنيل المعرفة من الكتاب المقدس وتقوية ايمانهم باللّٰه وبكلمته.‏ كما يلزمهم وقت اطول كي يتمكنوا من العيش وفق مبادئ الكتاب المقدس.‏ مع ذلك،‏ لا يزال يهوه يجتذب افرادا مخلصين الى الحق،‏ سواء عاشوا في قرى صيد منعزلة او في مبان سكنية حديثة متعددة الطوابق وسط مدن مكتظة بالسكان.‏ —‏ يو ٦:‏٤٤‏.‏

وكما هي الحال حول العالم،‏ يعز شهود يهوه في النَّروج ‹امتيازهم ان يؤدوا دون خوف خدمة مقدسة› للسيد الرب يهوه.‏ (‏لو ١:‏٧٤‏)‏ وفيما يطوفون في هذه المقاطعة الشاسعة بحثا عن الميالين الى البر،‏ ينالون لمحة مسبقة عن الجمال والصفاء الفردوسيين والمهيبين اللذين قصد الخالق ان تنعم بهما الارض بكاملها.‏ وعباد يهوه في النَّروج،‏ الى جانب اخوتهم وأخواتهم الاولياء حول الارض،‏ يتطلعون بشوق الى اليوم الذي يحقق فيه ملكوت اللّٰه المشيئة الالهية في كل زاوية من زوايا كوكبنا الرائع.‏ —‏ دا ٢:‏٤٤؛‏ مت ٦:‏١٠‏.‏

‏[النبذة في الصفحة ١٠٦]‏

لم يثنه ذلك عن عزمه،‏ فقد ذهب الى الاجتماع حافي القدمين

‏[النبذة في الصفحة ١١١]‏

‏«خلدتُ الى النوم واحدة من الخمسينيين واستيقظتُ واحدة من شهود يهوه»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٢٢]‏

‏«لا يسعنا ان نسلبكم ايمانكم»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٥٧]‏

‏‹يا بني،‏ استجمع قواك الآن وأصلح طرقك،‏ وإلا فستُضر!‏›‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٩٠]‏

لمحة عن النَّروج

اليابسة:‏

تشتهر النَّروج بخلجانها البحرية الضيقة (‏الفيوردات)‏،‏ جبالها الفاتنة،‏ وجزرها التي تُعد بالآلاف.‏ وباستثناء أرخبيل سْفالبار الذي يتوسط المسافة بين البر الرئيسي والقطب الشمالي،‏ تغطي البلاد مساحة اكبر بقليل من ايطاليا.‏ اما مناخها فشديد البرودة،‏ خصوصا في المناطق الواقعة جهة القطب الشمالي،‏ إلا ان تيارات المياه الدافئة في المحيط الأطلسي وفعل الرياح الدافئة ايضا تجعل المناخ في معظم ارجائها اكثر اعتدالا مما هو عليه في البلدان الواقعة على خطوط العرض نفسها.‏

الشعب:‏

يبلغ عدد السكان خمسة ملايين نسمة،‏ وهم في غالبيتهم من اصل نروجي،‏ في حين يشكل المهاجرون حوالي ١٠ في المئة.‏ وهنالك ايضا شعب يُدعى السامي (‏يُعرف سابقا بشعب اللاب)‏ لا يزال يكسب عيشه من صيد الاسماك والطيور والحيوانات وكذلك تربية حيوان الرنّة.‏

اللغة:‏

للغة النروجية الرسمية شكلان هما البوكمال (‏لغة الكتاب)‏ المتأثرة كثيرا باللغة الدانماركية والتي يستخدمها اغلب السكان،‏ والنينورسك (‏اللغة النروجية الجديدة)‏.‏

سبل العيش:‏

يعتمد دخل النَّروج الرئيسي على انتاج النفط والغاز وأيضا على الانتاجات الصناعية.‏ ويُعتبر السمك من اهم صادرات البلاد.‏ لكن الاراضي المزروعة لا تشغل سوى ٣ في المئة تقريبا من مساحتها.‏

الطعام:‏

يقوم النظام الغذائي النَّروجي بمعظمه على السمك،‏ اللحم،‏ البطاطا،‏ الخبز،‏ ومشتقات الحليب.‏ كما تشتهر النَّروج بطبق تقليدي اسمه فاريكال،‏ وهو عبارة عن يخنة من لحم الضأن مع الملفوف.‏ إلا ان تدفق الكثير من المهاجرين في الآونة الاخيرة ادخل اطباقا عالمية الى مائدتها.‏

‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٩٥ و ٩٦]‏

بذل نفسه في خدمة يهوه

تيودور سايمونسن

تاريخ الولادة:‏ ١٨٦٤

تاريخ انضمامه الى تلاميذ الكتاب المقدس:‏ ١٩٠٥

لمحة عن حياته:‏ مبشر سابق في كنيسة الارسالية الحرة اصبح ناظرا جائلا.‏

حين علم تيودور من مطبوعاتنا ان عقيدة جهنم تناقض الكتاب المقدس،‏ راح يدحض هذا التعليم الباطل خلال مواعظه في كنيسة الارسالية الحرة،‏ ما سر الكثير من الحاضرين.‏ ولكن في احد الايام،‏ بعد ان انهى موعظته،‏ تسلم ورقة تقول:‏ «اِعتبرْ ان هذه هي موعظتك الاخيرة لنا».‏

لقد القى تيودور هذه الموعظة الاخيرة في كنيسة الارسالية الحرة سنة ١٩٠٥،‏ وأصبح تلميذا للكتاب المقدس في تلك السنة عينها.‏ وفي ما بعد،‏ قدَّم العديد من الخطابات امام مئات الاخوة المفعمين بالتقدير.‏ وقد خصص نهايات الاسابيع للكرازة والتعليم،‏ إذ وجب عليه ان يعيل عائلته بالعمل كدهَّان.‏ وتبينت فعالية تعليمه من خلال إلمامه بالكتاب المقدس وأسلوبه الهادئ والمنطقي.‏ هذا اضافة الى انه كان صاحب صوت جميل،‏ لذا استهل خطاباته واختتمها في اغلب الاحيان بأداء ترنيمة على صوت القانون.‏

عام ١٩١٩،‏ سمح له وضعه العائلي بالخدمة كناظر جائل.‏ فطفق يزور الجماعات في النَّروج،‏ الدانمارك،‏ والسويد حتى سنة ١٩٣٥.‏ وكم كان هذا العمل مضنيا،‏ اذ اشتمل ليس فقط على تشجيع الجماعات والفرق المنعزلة بل ايضا على إلقاء خطابات في بلدات لا يوجد فيها تلاميذ للكتاب المقدس!‏ على سبيل الايضاح،‏ وجب عليه،‏ في رحلة دامت سنة كاملة،‏ ان يزور ١٩٠ منطقة تمتد بين كريستيان ساند جنوبا وترومسو شمالا.‏ وفي تلك الايام،‏ لم يكن بإمكان النظار الجائلين المكوث في معظم الاماكن اكثر من يوم او يومين قبل ان ينتقلوا الى المحطة التالية،‏ بغض النظر عن وسيلة النقل المتوفرة.‏

ورغم عدم وجود تلاميذ للكتاب المقدس في الاماكن القليلة التي زارها،‏ جاء الكثير من المهتمين لسماع المحاضرة العامة التي كان يلقيها.‏ مثلا،‏ عندما زار بودو عام ١٩٢٢،‏ راح هو وآنّا أندرسن،‏ فاتحة كانت تزور المنطقة في الوقت عينه،‏ يكرزان للناس ويدعوانهم الى سماع خطاب عام.‏ كان يوهان وأولايا برنتسن بين الذين حضروا خطابه،‏ وقد ابديا اهتماما بارزا.‏ فقاما بعد الخطاب بدعوة تيودور وآنّا الى منزلهما كي يجيبا عن اسئلتهما من الكتاب المقدس.‏ وهكذا،‏ صار الزوجان برنتسن اول تلميذين للكتاب المقدس في بودو.‏

كان تيودور يسجل بصوته على الفونوغراف معظم الخطابات التي تُرجمت الى النروجية في ثلاثينات القرن العشرين.‏ وقد خدم يهوه بأمانة حتى انهى مسلكه الارضي عام ١٩٥٥.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٠٢]‏

‏‹سار مع اللّٰه›‏

إينوك إِمِن

تاريخ الولادة:‏ ١٨٨٠

تاريخ المعمودية:‏ ١٩١١

لمحة عن حياته:‏ خدم ناظرا للفرع من سنة ١٩٢١ الى سنة ١٩٤٥.‏

حين كان إينوك لا يزال حدثا في السويد،‏ تركت رواية الكتاب المقدس التي تخبر كيف «سار أخنوخ مع اللّٰه» اثرا عميقا في نفسه.‏ (‏تك ٥:‏٢٢‏)‏ فأراد ان يحذو حذو شخصية الكتاب المقدس هذه التي سُمِّي باسمها.‏ لكنه لم يعرف ما يعنيه فعلا السير مع اللّٰه إلا عندما قرأ المجلد الاول من دروس في الاسفار المقدسة وهو بعمر ٣١ سنة.‏ عندئذ،‏ اعتمد كواحد من تلاميذ الكتاب المقدس وانخرط في خدمة الفتح.‏ وفي وقت لاحق خدم في مكتب الفرع بالسويد.‏

عام ١٩١٧،‏ انتقل إينوك من السويد الى النَّروج كي يخدم في مكتب الفرع،‏ ثم عُين للاشراف على العمل هناك بدءا من سنة ١٩٢١.‏ في تلك الاثناء،‏ كان مكتب جمعية برج المراقبة يشغل غرفة واحدة في مبنى سكني.‏ وكانت الاخت ماريا دراير تمتلك في هذا المبنى شقة وصالونا للعناية بالاقدام والاظافر.‏ ولكن حين تزوج إينوك من ماريا عام ١٩٢٢،‏ حوّلا كامل شقتها الى مكتب للفرع وخدما معا في بيت ايل حتى وفاة ماريا سنة ١٩٤٤.‏ عام ١٩٥٣،‏ تزوج إينوك مرة اخرى وانخرط في خدمة الفتح من جديد.‏ وإذ وضع دعوته السماوية نصب عينيه،‏ ‹سار مع اللّٰه› بأمانة الى ان مات عام ١٩٧٥.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١١٠]‏

‏«كان اشبه بشعاع شمس دافئ»‏

ڤيلْهلم اوريه

تاريخ الولادة:‏ ١٩٠١

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٤٩

لمحة عن حياته:‏ كارز غيور بالبشارة رغم اصابته بداء عضلي موهن.‏

عانى ڤيلْهلم من داء عضلي تسبَّب بشلل رجليه وصعَّب عليه النطق.‏ لكنه ما ان سمع البشارة في اواسط ثلاثينات القرن العشرين حتى راح يخبر الآخرين بالحقائق الرائعة التي تعلَّمها.‏ وقد استخدم درَّاجة ثلاثيّة العجلات مزوَّدة بمحرِّك للاشتراك في عمل الكرازة.‏ واعتاد ان يذهب بانتظام الى مرفإ سورتلاند في ڤستيرالين ليشغِّل خطابات الكتاب المقدس المسجَّلة على فونوغراف،‏ ويوزع المطبوعات.‏ وقد حالت إعاقته وعزلته دون اعتماده حتى سنة ١٩٤٩.‏ غير انه كان كارزا غيورا.‏ فالكثير من المارّين على طول الساحل عرفوا حقائق الكتاب المقدس منه،‏ حتى ان بعضهم صاروا شهودا ليهوه.‏

عندما كبر ڤيلْهلم،‏ عاش في دار للعجزة في ترومسو.‏ لكنه واصل كرازته بواسطة البريد بمساعدة ناشرين آخرين.‏ وقد صار مصدر تشجيع للجميع بمن فيهم العاملون في دار العجزة،‏ اذ تحلى بطبع ودي ولطيف.‏ قالت مديرة الدار عندما مات:‏ «ابهجنا دوما الذهاب الى غرفته.‏ فقد كان اشبه بشعاع شمس دافئ بسبب حرارة ايمانه».‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١١٣]‏

وفى بوعده

يوهانس كاورسْتا

تاريخ الولادة:‏ ١٩٠٣

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٣١

لمحة عن حياته:‏ خدم ثماني سنوات على متن مراكب الفاتحين.‏

عام ١٩٢٩،‏ دخل يوهانس المستشفى بغية نيل علاج لداء السّل.‏ فأخذ يقرأ اثناء وجوده هناك في الكتاب المقدس،‏ ووعد اللّٰه بأن يخدمه اذا تعافى من مرضه.‏

قبيل خروجه من المستشفى،‏ قرأ بنهم بعض كتب تلاميذ الكتاب المقدس.‏ وفي وقت لاحق،‏ حصل على المزيد من الكتب وراح يقرأ اربع او خمس مرات كل واحد منها.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى ابتدأ يخبر الآخرين عن الحقائق الجديدة التي تعلّمها.‏ وحين تعافى كليا،‏ ذهب الى برڠن واتصل بالاخ رينڠيرايد الذي اقترح عليه ان يباشر خدمة الفتح.‏ ومع انه كان قد بدأ لتوّه بالكرازة،‏ لم يتردد في الانخراط في الفتح.‏

خلال السنوات ١٩٣١ الى ١٩٣٨،‏ خدم يوهانس على متن مركب الفاتحين استير،‏ وبعد ذلك قضى نحو سنة في الفتح على متن المركب راعوث،‏ شاقا مياه البحر ذهابا وإيابا على طول الساحل وصولا الى ترومسو شمالا.‏ عام ١٩٣٩،‏ اصبح ناظرا جائلا في الجزء الشرقي من النَّروج وخدم فترة من الوقت في بيت ايل بدوام جزئي.‏ وبعد الحرب العالمية الثانية،‏ تزوج من سِڠري وانخرطا معا في الفتح.‏ وقد انهى مسلكه الارضي سنة ١٩٩٥ في فريدريكستاد.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٣٢]‏

لم يعقها اي عائق عن الكرازة

راندي هيوسبي

تاريخ الولادة:‏ ١٩٢٢

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٤٦

لمحة عن حياتها:‏ منهمكة في الخدمة كامل الوقت منذ سنة ١٩٤٦

اعتمد والدا راندي كشاهدَين ليهوه عام ١٩٣٨.‏ ولاحقا،‏ اتخذت هي موقفها الى جانب الحق.‏ وفي سنة ١٩٤٦،‏ قبلت الدعوة الى الخدمة في بيت ايل حيث التقت اخا شابا يُدعى تشِل هيوسبي.‏ فتواعدا،‏ وتزوجا،‏ ثم انخرطا في خدمة الفتح.‏ وقد عاشا معا حياة غنية روحيا،‏ منهمكَين في مختلف اشكال الخدمة كامل الوقت حتى وفاة تشِل سنة ٢٠١٠.‏

في السنوات الاخيرة،‏ لم تعد راندي تقوى على صعود السلالم او السير طلوعا ونزولا بسبب مشاكل في ساقيها.‏ لكنها تتدبر امرها في الطرقات المستوية،‏ لذا تراها في اغلب الاحيان تشهد في شوارع ومتاجر ترونهَيْم.‏ ولكي تتأكد من ايصال البشارة الى كل من تلتقيه،‏ تحرص ان تحمل معها مطبوعات بثماني لغات على الاقل.‏ كما ان اصدقاءها في الجماعة يأخذونها بالسيارة لزيارة اشخاص عديدين يقبلون منها بانتظام الاعداد الاخيرة من المجلات.‏

ليس في طاقة راندي الآن ان تخدم يهوه كالسابق.‏ لكنها لا تزال تجد الفرح والاكتفاء في تقديم خدمة من كل النفس،‏ مدركة ان يهوه لا ‹ينسى عملها والمحبة التي أظهرتها نحو اسمه›.‏ —‏ عب ٦:‏١٠‏.‏

‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحتين ١٤٩ و ١٥٠]‏

اختبر قوة كلمة اللّٰه

ڤيكتور يوڠْلِبَكِّنْ

تاريخ الولادة:‏ ١٩٥٣

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٨١

لمحة عن حياته:‏ مجرم سابق تحرر من مضايقة الابالسة وأقلع عن إدمان المخدِّرات

ادمن ڤيكتور منذ صباه على الحشيشة والمخدِّرات الاخرى،‏ كما انجرف الى حياة الاجرام.‏ غير انه لطالما كان مهتما بالكتاب المقدس.‏ حتى انه راح يتساءل عام ١٩٧٩،‏ بعد ان سئم من العيش حياة محفوفة بالمخاطر،‏ إن كان في وسعه ايجاد المساعدة في كلمة اللّٰه.‏ إلا ان بحثه في مختلف الاديان أشعره بالاحباط والاستياء.‏

في آخر المطاف،‏ غرق في كآبة شديدة وأخذ يفكر مليا في الانتحار.‏ وبعد مدة،‏ تلقى رسالة من قريبة له مقيمة في برڠن كانت قد بدأت بالدرس مع شهود يهوه.‏ فانتقل ڤيكتور الى برڠن وصار يحضر معها الدرس.‏ في البداية،‏ حاول ان يثبت خطأ معتقدات الشهود.‏ ولكن،‏ بما ان موضوع البيئة كان دوما يثير قلقه،‏ فقد سُرَّ كثيرا لمعرفته ان اللّٰه ‹سيهلك الذين يهلكون الارض› ويحولها الى فردوس.‏ —‏ رؤ ١١:‏١٨‏.‏

باشر ڤيكتور على الفور حضور الاجتماعات مع قريبته،‏ وتأثر كثيرا باللطف والضيافة اللذين اعرب عنهما الشهود في قاعة الملكوت وبيوتهم.‏ فاقتنع ان يغير حياته ويكف عن تعاطي المخدِّرات.‏ ونتيجة مواظبته على الصلاة القلبية،‏ اختبر قوة كلمة اللّٰه وروحه القدس القادرة على تغيير حياة الناس.‏ —‏ لو ١١:‏٩،‏ ١٣؛‏ عب ٤:‏١٢‏.‏

لم يكن سهلا على ڤيكتور ان يجري التعديلات اللازمة كي يتأهل للمعمودية.‏ فهو لم يستطع،‏ إلا بمعونة يهوه،‏ ان يتحرر من مضايقة الابالسة ويستعيدَ عافيته اثر انتكاستين تعرض لهما اثناء شفائه من ادمان المخدِّرات.‏ ايضا تشجَّع كثيرا حين طمأنه احد الشيوخ انه «كما يرحم الأب بنيه،‏ يرحم يهوه خائفيه».‏ (‏مز ١٠٣:‏١٣‏)‏ لذا،‏ استمر ڤيكتور في احراز التقدم الروحي،‏ متخذا خطوة المعمودية سنة ١٩٨١.‏ ومع انه وجب عليه ان يقضي فترة عقوبة في السجن على جريمة ارتكبها سابقا،‏ فقد انخرط في خدمة الفتح ما إن أُطلق سراحه.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ يتمتع ڤيكتور بمساعدة كثيرين آخرين كي يصبحوا خداما ليهوه.‏ وقد كان بارعا في كرازته لا سيما في السجون،‏ وحصد نتائج مفرحة اذ اعتنق الحق اثنان من السجناء الذين درس معهم.‏

علاوة على ذلك،‏ امسى ڤيكتور رب عائلة وشيخا يُعوَّل عليه.‏ وهو لا يزال يخدم فاتحا برفقة زوجته تونَ وابنهما.‏ يقول:‏ «كانت الخدمة احد الامور التي غيَّرتني.‏ وأنا اشكر يهوه من كل قلبي لأنني استطيع ان اشارك الآخرين في هذه الكنوز الروحية الثمينة».‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٥٢]‏

اراد القيام بعمل افضل

طوم فْريسْڤَل

تاريخ الولادة:‏ ١٩٦٢

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٨٣

لمحة عن حياته:‏ لاعب كرة قدم اراد ان يخدم يهوه.‏

في سن العشرين،‏ كان لدى طوم مستقبل مهني واعد كلاعب في احد افضل فرق كرة القدم في النَّروج.‏ وكانت والدته واحدة من شهود يهوه.‏ وذات يوم،‏ عرض عليه فاتح شاب جاء لزيارة والدته ان يدرس معه الكتاب المقدس.‏ فقبل طوم لكنه اخبره انه لا ينوي ان يصير شاهدا ليهوه.‏

تأثر طوم كثيرا بالترحيب الحار الذي لقيه عندما ابتدأ يحضر الاجتماعات.‏ كما انه لاحظ ان جميع الحاضرين يفتحون الآيات خلال البرنامج.‏ ففكر في نفسه قائلا:‏ «لا بد ان الكتاب المقدس هو الذي يجعل هؤلاء الاشخاص لطفاء للغاية».‏

اخيرا،‏ بات طوم متأكدا انه وجد الحق وأنه يريد خدمة يهوه.‏ ولكن كيف له ان يقنع الفريق بالتخلي عن احد لاعبيه الواعدين؟‏ من المدهش انه بعدما شرح لإدارة الفريق انه يود استغلال حياته للقيام بعمل افضل من كرة القدم،‏ اعفوه من الالتزام بالعقد.‏

اعتمد طوم سنة ١٩٨٣ وانخرط في خدمة الفتح عام ١٩٨٥،‏ ثم انتقل بعد نحو سنتين الى هامرفست مع ڤيكتور يوڠْلِبَكِّنْ بهدف المساعدة حيث الحاجة اعظم.‏ وقد عُين في وقت لاحق ناظر دائرة،‏ وهو الآن يخدم في بيت ايل برفقة زوجته كريستينا.‏

‏[الجدول/‏الصور في الصفحتين ١٦٢ و ١٦٣]‏

نبذة تاريخية عن النَّروج

١٨٩٠

١٨٩٢ كْنوت پايدَرْسن هامر يبدأ بالكرازة في النَّروج.‏

١٩٠٠

١٩٠٠ تشكيل اول جماعة.‏

١٩٠٤ افتتاح مكتب في كريستيانيا (‏أوسلو)‏.‏

١٩٠٥ انعقاد اول محفل في كريستيانيا.‏

١٩٠٩ و ١٩١١ ت.‏ ت.‏ رصل يزور النَّروج.‏

١٩١٠

١٩١٤ تعيين اول ناظر جائل.‏

١٩١٤-‏١٩١٥ تجذب «رواية الخلق المصوَّرة» جماهير غفيرة.‏

١٩٢٠

١٩٢٠-‏١٩٢٥ يُلقى خطاب «ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا» في كل انحاء البلاد.‏

١٩٢٥ اصدار العصر الذهبي (‏استيقظ!‏‏)‏ بالنروجية.‏

١٩٢٨-‏١٩٤٠ المراكب تُستخدم للكرازة في المناطق الساحلية.‏

١٩٣٠

١٩٤٠

١٩٤٠-‏١٩٤٥ الشهادة تستمر رغم المقاومة في زمن الحرب.‏

١٩٤٥ اصدار برج المراقبة بالنروجية.‏

١٩٤٨ وصول اول مرسلَين متخرجَين من جلعاد.‏

١٩٥٠

١٩٥٠ المحكمة العليا تؤيد حقنا بالكرازة بواسطة المطبوعات.‏

١٩٦٠

١٩٦٥ انعقاد محفل اممي في أوسلو.‏

١٩٧٠

١٩٨٠

١٩٨٤ تدشين الفرع الجديد.‏

١٩٩٠

١٩٩٠ تعيين لجان الاتصال بالمستشفيات.‏

١٩٩٤ تدشين قاعة المحافل في أوسلو.‏

١٩٩٦ اصدار كامل ترجمة العالم الجديد بالنروجية.‏

٢٠٠٠

٢٠١٠

٢٠١١ ذرى جديدة في عدد الفاتحين العاديين والاضافيين،‏ الناشرين،‏ وحاضري الذكرى.‏

‏[الرسم البياني/‏الصورة في الصفحة ١٥٩]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

مجموع الناشرين

مجموع الفاتحين

٠٠٠‏,١٠

٠٠٠‏,٨

٠٠٠‏,٦

٠٠٠‏,٤

٠٠٠‏,٢

١٩٢٠ ١٩٣٥ ١٩٥٠ ١٩٦٥ ١٩٨٠ ١٩٩٥ ٢٠١٠

‏[الخرائط في الصفحة ٩١]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

السويد

ستوكهولم

اوريبرو

خليج بوثنيا

فنلندا

هَلْسِنكي

خليج فنلندا

بحر البلطيق

الدانمارك

كوبنهاغن

النَّروج

أوسلو

كيولفيور

باتسفيور

ڤاردو

كيركينس

كراسيوك

هامرفست

ألتا

فينماركسڤيدا

كاوتوكينو

ترومسو

هارستاد

نارڤيك

سورتلاند

هينيس

سڤولڤور

بودو

رورڤك

نامسوس

ستنكيير

ترونهَيْم

كريستيان سوند

مولوي

فلورو

برڠن

هويْڠوسون

ستافنغر

ايڠرسوند

كريستيان ساند

أرندال

سْكين

كونڠسبورڠ

درامين

هونوفوس

يوڤيك

ليليهامير

بروموندال

هامار

كونڠسفينڠر

شِي

اسكيم

موس

هالدن

فريدريكستاد

خليج أوسلو

بحر الشمال

البحر النَّروجي

جزيرة اندوي

بلايك

أرخبيل سْفالبار

لونڠياربيان

الاقاليم

فينمارك

ترومس

تليمارك

ڤيستفولد

‏[الصورة في الصفحة ٨٨]‏

كْنوت پايدَرْسن هامر

‏[الصورة في الصفحتين ٨٨ و ٨٩]‏

ريني،‏ شمالي النَّروج

‏[الصورة في الصفحة ٩٢]‏

جماعة سْكين عام ١٩١١،‏ مع إنڠبريت وبِرت أندرسن

‏[الصورة في الصفحة ٩٣]‏

ڤيكتور فيلت

‏[الصورة في الصفحة ٩٤]‏

هالڠرد هولم (‏١)‏،‏ تيودور سايمونسن (‏٢)‏،‏ ولوتِه هولم (‏٣)‏

‏[الصورة في الصفحة ٩٨]‏

الفاتحون الاوائل:‏ (‏١)‏ هيلڠا هسّ،‏ (‏٢)‏ اندرياس آسِت،‏ (‏٣)‏ كارل ڠانبر،‏ (‏٤)‏ هولدا أندرسن،‏ و (‏٥)‏ آنّا أندرسن

‏[الصورة في الصفحة ١٠٠]‏

‏«منبر الشعوب»‏

‏[الصورة في الصفحة ١٠٤]‏

الطبعة النروجية من «العصر الذهبي»‏

‏[الصورة في الصفحة ١٠٦]‏

إيڤن ڠوندرسرود

‏[الصورة في الصفحة ١٠٧]‏

غالبا ما كان اعضاء من جماعة سْكين يذهبون في شاحنة مكشوفة للشهادة في المناطق المجاورة

‏[الصورة في الصفحة ١٠٨]‏

توركل رينڠيرايد

‏[الصورة في الصفحة ١٠٩]‏

اولاف سْكاو

‏[الصورة في الصفحة ١١٤]‏

كان كارل ڠانبر ربان المركب «أليهو»‏

‏[الصورتان في الصفحة ١١٥]‏

أشرف يوهانس كاورسْتا على المركب «أستير»‏

‏[الصورتان في الصفحة ١١٦]‏

خدم ماڠنوس راندال وأندرياس هوپ على متن المركب «راعوث»‏

‏[الصورة في الصفحة ١١٧]‏

الشفق القطبي شمالي النَّروج

‏[الصورة في الصفحة ١١٨]‏

سولڤاي لوڤوس

‏[الصورة في الصفحة ١١٩]‏

اندرياس وسِڠري كْڤينڠ

‏[الصورة في الصفحة ١٢٤]‏

محفل عُقد سرًّا في غابة قرب شِي

‏[الصورة في الصفحة ١٢٧]‏

مارڤن اندرسن مع زوجته كارن

‏[الصورة في الصفحة ١٢٨]‏

المطبعة التي تشغَّل بالقدم

‏[الصورة في الصفحة ١٢٩]‏

المحفل في برڠن عام ١٩٤٦

‏[الصورة في الصفحة ١٣٠]‏

سڤانهيل نِرول سنة ١٩٦١

‏[الصورة في الصفحة ١٣٣]‏

غالبا ما استُخدم مركب آرنولف في الخدمة

‏[الصورة في الصفحة ١٣٥]‏

كان ڠونار ماركَسِن (‏١)‏ وهانس پيتر هِمستاد (‏٢)‏ اول تلميذين من النَّروج يتخرجان من جلعاد

‏[الصورة في الصفحة ١٣٨]‏

المخيم في محفل «كلمة الحق» الاممي

‏[الصورة في الصفحة ١٣٩]‏

پول برون

‏[الصورة في الصفحة ١٤٢]‏

هارتڤيك مييِنا وناشرون آخرون يستخدمون مركبات السير على الثلج اثناء الكرازة لشعب السامي

‏[الصورة في الصفحة ١٤٤]‏

ابتدأ عمل بناء الفرع سنة ١٩٨١

‏[الصورة في الصفحة ١٤٥]‏

مكتب الفرع اليوم

‏[الصورة في الصفحة ١٤٧]‏

قاعة المحافل في أوسلو

‏[الصورة في الصفحة ١٦٠]‏

ادى درس ارشادات الكتاب المقدس ضمن العائلة الى تنشئة اجيال يخدمون يهوه بأمانة