الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

الملكان المتحاربان يدنوان من نهايتهما

الملكان المتحاربان يدنوان من نهايتهما

الفصل السادس عشر

الملكان المتحاربان يدنوان من نهايتهما

١،‏ ٢ كيف تغيَّرت هوية ملك الشمال بعد الحرب العالمية الثانية؟‏

في سنة ١٨٣٥،‏ كتب الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي ألكسي دو توكڤيل،‏ وهو يفكر في الاجواء السياسية في الولايات المتحدة وروسيا:‏ «الاولى يقوم نشاطها بشكل رئيسي على الحرية؛‏ والاخرى على الاستعباد.‏ ومع ان .‏ .‏ .‏ مسارَيهما مختلفان،‏ يبدو ان خطة سرية مرسومة بتدبير الهي تقتضي ان تتحكم كل واحدة منهما يوما ما في مصير العالم مناصفة».‏ وكيف صحَّ هذا التوقُّع عقب الحرب العالمية الثانية؟‏ يكتب المؤرخ ج.‏ م.‏ روبرتس:‏ «عند نهاية الحرب العالمية الثانية،‏ بدا مرجَّحا جدا ان يقع مصير العالم في يد نظامَي حكم عظيمَين ومختلفَين جدا،‏ احدهما مقرُّه في ما كانت تضمُّه روسيا،‏ والآخر في الولايات المتحدة الاميركية».‏

٢ في الحربَين العالميتَين،‏ كانت المانيا العدو الرئيسي لملك الجنوب —‏ الدولة العالمية الانكلواميركية —‏ وشغلت مركز ملك الشمال.‏ ولكن بعد الحرب العالمية الثانية انقسمت تلك الدولة.‏ فصارت المانيا الغربية حليفة لملك الجنوب،‏ وانضمت المانيا الشرقية الى كيان قوي آخر:‏ كتلة الدول الشيوعية التي يتزعمها الاتحاد السوڤياتي.‏ وهذه الكتلة،‏ او الكيان السياسي،‏ اخذت صفة ملك الشمال؛‏ وكانت في عداء شديد مع التحالف الانكلواميركي.‏ والتنافس بين الملكَين صار حربا باردة استمرت من سنة ١٩٤٨ حتى سنة ١٩٨٩.‏ وفي السابق عمل ملك الشمال الالماني ضد «العهد المقدس».‏ (‏دانيال ١١:‏​٢٨،‏ ٣٠‏)‏ فكيف كانت الكتلة الشيوعية ستتعامل مع العهد؟‏

المسيحيون الحقيقيون يعثرون ولكن يقوون

٣،‏ ٤ مَن هم «المتعدّون على العهد»،‏ وأية علاقة كانت تربطهم بملك الشمال؟‏

٣ قال ملاك الله:‏ «المتعدّون على العهد يغويهم [ملك الشمال] بالتملقات».‏ وأضاف:‏ «أما الشعب الذين يعرفون الههم فيقوون ويعملون.‏ والفاهمون من الشعب يعلّمون كثيرين.‏ ويعثرون بالسيف وباللهيب وبالسبي وبالنهب اياما».‏ —‏ دانيال ١١:‏​٣٢،‏ ٣٣‏.‏

٤ ‏«المتعدّون على العهد» لا يمكن ان يكونوا سوى قادة العالم المسيحي،‏ الذين يدّعون انهم مسيحيون لكنَّ اعمالهم عار على اسم المسيحية.‏ يقول والتر كولارز في كتابه الدين في الاتحاد السوڤياتي ‏(‏بالانكليزية)‏:‏ «[خلال الحرب العالمية الثانية] بذلت الحكومة السوڤياتية جهدا لتنال العون المادي والمعنوي من الكنائس للدفاع عن الوطن الام».‏ وبعد الحرب حاول قادة الكنيسة المحافظة على هذه الصداقة،‏ على الرغم من سياسة الالحاد التي اتَّبعتها الدولة التي صارت ملك الشمال.‏ وهكذا اصبح العالم المسيحي جزءا من هذا العالم اكثر من ذي قبل —‏ مرتدا نجسا في عينَي يهوه.‏ —‏ يوحنا ١٧:‏١٦؛‏ يعقوب ٤:‏٤‏.‏

٥،‏ ٦ مَن كانوا ‹الشعب العارف الهه›،‏ وماذا كان وضعهم في ظل حكم ملك الشمال؟‏

٥ وماذا عن المسيحيين الحقيقيين،‏ «الشعب الذين يعرفون الههم» و ‹الفاهمين›؟‏ مع ان المسيحيين العائشين في ظل حكم ملك الشمال كانوا خاضعين «للسلطات الفائقة» كما وجب عليهم،‏ فلم يكونوا جزءا من هذا العالم.‏ (‏روما ١٣:‏١؛‏ يوحنا ١٨:‏٣٦‏)‏ وقد حرصوا على ايفاء «ما لقيصر لقيصر»،‏ ولكنهم اوفوا ايضا «ما لله لله».‏ (‏متى ٢٢:‏٢١‏)‏ وبسبب ذلك جرى تحدّي استقامتهم.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٢‏.‏

٦ وكانت النتيجة ان المسيحيين الحقيقيين ‹عثروا› و ‹قَوُوا› على السواء.‏ فقد عثروا بمعنى انهم عانوا اضطهادا شديدا،‏ حتى ان البعض قُتلوا.‏ لكنهم قَوُوا بمعنى ان الاغلبية الساحقة بقيت امينة.‏ وغلبوا العالم كما ان يسوع غلبه.‏ (‏يوحنا ١٦:‏٣٣‏)‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ لم يكفّوا عن الكرازة اطلاقا،‏ حتى حين كانوا في السجن او في معسكرات الاعتقال.‏ وبذلك ‹علّموا كثيرين›.‏ ورغم الاضطهاد في معظم الاراضي التي كان يسيطر عليها ملك الشمال،‏ ارتفع عدد شهود يهوه.‏ وبفضل امانة ‹الفاهمين›،‏ ظهر عدد دائم الازدياد من ‹الجمع الكثير› في تلك البلدان.‏ —‏ كشف ٧:‏​٩-‏١٤‏.‏

شعب يهوه يمحَّصون

٧ ايّ ‹عون قليل› ناله المسيحيون الممسوحون العائشون في ظل حكم ملك الشمال؟‏

٧ قال الملاك:‏ «اذا عثروا [شعب الله] يعانون عونا قليلا».‏ ‏(‏دانيال ١١:‏٣٤أ‏)‏ لقد ادى انتصار ملك الجنوب في الحرب العالمية الثانية الى بعض الانفراج في حالة المسيحيين العائشين في ظل حكم الملك المنافس.‏ (‏قارنوا كشف ١٢:‏​١٥،‏ ١٦‏.‏)‏ وبشكل مماثل،‏ كثيرون ممَّن اضطهدهم الملك الذي خَلَفه نعموا بالراحة من حين الى آخر.‏ وباقتراب الحرب الباردة من نهايتها،‏ صار قادة كثيرون يدركون ان المسيحيين الامناء لا يشكّلون ايّ خطر،‏ ولذلك منحوهم اعترافا شرعيا.‏ وأتى العون ايضا من الاعداد المتزايدة من الجمع الكثير،‏ الذين تجاوبوا مع كرازة الممسوحين الامينة وأعانوهم.‏ —‏ متى ٢٥:‏​٣٤-‏٤٠‏.‏

٨ كيف اتصل البعض بشعب الله «بالتملقات»؟‏

٨ لم يكن جميع الذين اعلنوا انهم مهتمُّون بخدمة الله،‏ خلال سنوات الحرب الباردة،‏ يملكون دوافع جيدة.‏ حذر الملاك قائلا:‏ «يتصل بهم كثيرون بالتملقات».‏ (‏دانيال ١١:‏٣٤ب‏)‏ فقد اظهر عدد كبير من الاشخاص اهتماما بالحق ولكنهم لم يشاؤوا ان ينتذروا لله.‏ وآخرون ادّعوا انهم قبلوا البشارة لكنهم كانوا في الحقيقة جواسيس للسلطات.‏ يقول تقرير من احد البلدان:‏ «بعض هؤلاء الاشخاص العديمي الضمير كانوا شيوعيين فعليين دخلوا خلسة الى هيئة الرب وأظهروا غيرة فائقة،‏ حتى انهم عُيِّنوا في مراكز مسؤولية للخدمة».‏

٩ لماذا سمح يهوه بأن ‹يعثر› بعض المسيحيين الامناء بسبب المتسللين؟‏

٩ وتابع الملاك قائلا:‏ «بعض الفاهمين يعثرون امتحانا [«تمحيصا»،‏ ترجمة تفسيرية‏] لهم للتطهير وللتبييض الى وقت النهاية.‏ لأنه بعد الى الميعاد».‏ (‏دانيال ١١:‏٣٥‏)‏ فبسبب هؤلاء المتسللين وقع بعض المؤمنين في يد السلطات.‏ وقد سمح يهوه بحدوث ذلك من اجل تمحيص شعبه وتطهيره.‏ وكما ان يسوع «تعلّم الطاعة مما عانى»،‏ كذلك تعلّم هؤلاء المؤمنون الاحتمال من الامتحان الجاري لإيمانهم.‏ (‏عبرانيين ٥:‏٨؛‏ يعقوب ١:‏​٢،‏ ٣‏؛‏ قارنوا ملاخي ٣:‏٣‏.‏)‏ وهكذا ‹مُحِّصوا وطُهِّروا وبُيِّضوا›.‏

١٠ ماذا يُقصد بعبارة «الى وقت النهاية»؟‏

١٠ كانت معثرة شعب يهوه وتمحيصهم سيستمران «الى وقت النهاية».‏ ودون شك يتوقع شعب يهوه ان يستمر الاضطهاد الى نهاية نظام الاشياء الشرير هذا.‏ لكنَّ تطهير شعب الله وتبييضهم نتيجةً لاقتحام ملك الشمال كان «الى الميعاد».‏ وهكذا لا بد ان يكون «وقت النهاية» في دانيال ١١:‏٣٥ مرتبطا بنهاية الفترة اللازمة ليتمحَّص شعب يهوه فيما يحتمل هجوم ملك الشمال.‏ وكما يتضح انتهت المعثرة في الميعاد المحدَّد من يهوه.‏

الملك يتعظّم

١١ ماذا قال الملاك عن موقف ملك الشمال من سلطان يهوه؟‏

١١ اضاف الملاك متحدثا عن ملك الشمال:‏ «يفعل الملك كإرادته ويرتفع ويتعظم على كل اله و [برفضه الاعتراف بسلطان يهوه] يتكلم بأمور عجيبة على اله الآلهة وينجح الى اتمام الغضب لأن المقضي به يُجرى.‏ ولا يبالي بآلهة آبائه ولا بشهوة النساء وبكل اله لا يبالي لأنه يتعظم على الكل».‏ —‏ دانيال ١١:‏​٣٦،‏ ٣٧‏.‏

١٢،‏ ١٣ (‏أ)‏ بأيّ معنى رفض ملك الشمال ‹اله آبائه›؟‏ (‏ب)‏ مَن كانت «النساء» اللواتي لم يبالِ ملك الشمال ‹بشهوتهن›؟‏ (‏ج)‏ ايّ اله اكرمه ملك الشمال؟‏

١٢ تمَّم ملك الشمال هذه الكلمات النبوية برفضه «آلهة آبائه»،‏ كالاله الثالوثي للعالم المسيحي.‏ فقد ناصرت الكتلة الشيوعية سياسة الالحاد.‏ وهكذا جعل ملك الشمال من نفسه الها،‏ ‹متعظما على الكل›.‏ وبعدم مبالاته «بشهوة النساء» —‏ برغبات البلدان التابعة له (‏كڤيتنام الشمالية)‏ والخاضعة لنظامه —‏ ‹فعل الملك كإرادته›.‏

١٣ ومضى الملاك يقول في نبوته:‏ «يكرم اله الحصون في مكانه وإلها لم تعرفه آباؤه يكرمه بالذهب والفضة وبالحجارة الكريمة والنفائس».‏ (‏دانيال ١١:‏٣٨‏)‏ وفي الواقع،‏ وثق ملك الشمال بالتفوُّق العسكري العلمي العصري،‏ «اله الحصون».‏ وطلب الخلاص بواسطة هذا ‹الاله›،‏ مقدِّما ثروات جزيلة على مذبحه.‏

١٤ كيف عمل ملك الشمال ‹بفعالية›؟‏

١٤ ‏«ويفعل في [‹يعمل بفعالية ضد›،‏ ع‌ج‏] الحصون الحصينة بإله غريب.‏ مَن يعرفه يزيده مجدا ويسلِّطهم على كثيرين ويقسم الارض اجرة».‏ (‏دانيال ١١:‏٣٩‏)‏ عمل ملك الشمال،‏ الواثق ‹بإلهه الغريب› العسكري،‏ ‹بفعالية› كبيرة،‏ مبرهنا انه قوة عسكرية مخيفة في «الايام الاخيرة».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١‏)‏ والذين ايَّدوا ايديولوجيته كوفئوا بدعم سياسي ومالي وأحيانا عسكري.‏

‏«دفع» في وقت النهاية

١٥ كيف انهمك ملك الجنوب في ‹دفع› مع ملك الشمال؟‏

١٥ قال الملاك لدانيال:‏ «في وقت النهاية ينهمك معه ملك الجنوب في دفع».‏ (‏دانيال ١١:‏٤٠أ‏،‏ ع‌ج‏)‏ فهل ‹دفع› ملكُ الجنوب ملكَ الشمال في «وقت النهاية»؟‏ (‏دانيال ١٢:‏​٤،‏ ٩‏)‏ نعم،‏ بالتأكيد.‏ فبعد الحرب العالمية الاولى،‏ كانت معاهدة السلام التأديبية التي فُرضت على ملك الشمال آنذاك —‏ المانيا —‏ ‹دفعًا› بالفعل،‏ او استفزازا يحثه على الرد.‏ وبعد انتصار ملك الجنوب في الحرب العالمية الثانية،‏ وجَّه هذا الملك اسلحة نووية مريعة نحو منافسه،‏ وأنشأ ضده تحالفا عسكريا قويا هو منظمة حلف شمال الاطلسي.‏ وعن عمل هذه المنظمة يقول مؤرخ بريطاني:‏ «كانت الاداة الابرز ‹لاحتواء› الاتحاد السوڤياتي الذي صار يُعتبر الخطر الرئيسي المهدِّد لسلام اوروپا.‏ وقد دامت مهمتها ٤٠ سنة أُنجزت خلالها المهمة بنجاح باهر».‏ وخلال سنوات الحرب الباردة،‏ شمل ‹الدفع› من جهة ملك الجنوب عمليات تجسُّس باستخدام التكنولوجيا المتطوِّرة،‏ بالاضافة الى الحملات الدبلوماسية والعسكرية.‏

١٦ ماذا كان رد فعل ملك الشمال للدفع الذي قام به ملك الجنوب؟‏

١٦ وماذا كان رد فعل ملك الشمال؟‏ «يثور عليه ملك الشمال بمركبات وبفرسان وبسفن كثيرة ويدخل الاراضي ويجرف ويطمو».‏ (‏دانيال ١١:‏٤٠ب‏)‏ يشهد تاريخ الايام الاخيرة على السياسة التوسُّعية التي اعتمدها ملك الشمال.‏ فخلال الحرب العالمية الثانية،‏ جرف «الملك» النازي البلدان المحيطة به.‏ وعندما انتهت الحرب،‏ بنى «الملك» الذي خَلَفه امبراطورية قوية.‏ وخلال الحرب الباردة،‏ حارب ملك الشمال منافسه عن طريق دعم الاطراف المتصارعة في بلدان افريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية ودعم التمرُّد على السلطة فيها.‏ وقد اضطَهد المسيحيين الحقيقيين وعرقل نشاطهم،‏ ولكنه لم يتمكن قط من ايقافه.‏ وبسبب حملاته العسكرية والسياسية صار عدد من البلدان تحت سيطرته.‏ وكان هذا تماما ما تنبأ به الملاك:‏ «يدخل الى الارض البهية [الحالة الروحية لشعب يهوه] فيعثر كثيرون [‹وتعثر اراضٍ كثيرة›،‏ ع‌ج‏]».‏ —‏ دانيال ١١:‏٤١أ‏.‏

١٧ عند اية حدود توقفت سياسة التوسُّع التي اعتمدها ملك الشمال؟‏

١٧ لكنَّ ملك الشمال لم ينجح في احتلال العالم.‏ انبأ الملاك:‏ «هؤلاء يفلتون من يده ادوم وموآب ورؤساء بني عمون».‏ (‏دانيال ١١:‏٤١ب‏)‏ في الازمنة القديمة،‏ كانت ادوم وموآب وعمون تقع بين ارضَي ملك الجنوب المصري وملك الشمال السوري.‏ وهي تمثِّل في الازمنة العصرية الدول والمنظمات التي حاول ملك الشمال اخضاعها تحت سيطرته ولكنه فشل.‏

مصر لا تنجو

١٨،‏ ١٩ بأية طرائق شعر ملك الجنوب بتأثير منافسه؟‏

١٨ تابع ملاك يهوه قائلا:‏ «يمدُّ [ملك الشمال] يده على الاراضي وأرض مصر لا تنجو.‏ ويتسلط على كنوز الذهب والفضة وعلى كل نفائس مصر.‏ واللوبيون والكوشيون [«الليبيون والاثيوبيون»،‏ تف ‏] عند خطواته».‏ (‏دانيال ١١:‏​٤٢،‏ ٤٣‏)‏ حتى ملك الجنوب،‏ مصر،‏ لم ينجُ من تأثيرات السياسة التوسُّعية التي اعتمدها ملك الشمال.‏ مثلا،‏ عانى ملك الجنوب هزيمة نكراء في ڤيتنام.‏ وماذا عن ‹الليبيين والاثيوبيين›؟‏ يمكن ان يمثِّل جيران مصر القديمة هؤلاء الدولَ الواقعة جغرافيا في جوار «مصر» العصرية (‏ملك الجنوب)‏.‏ فأحيانا كانت هذه الدول تتَّبع «خطوات» ملك الشمال.‏

١٩ وهل تسلط ملك الشمال على ‹كنوز مصر›؟‏ لقد كان له تأثير كبير في الطريقة التي استخدم بها ملك الجنوب موارده المالية.‏ فملك الجنوب،‏ بسبب خوفه من منافسه،‏ خصَّص مبالغ ضخمة من المال للمحافظة على جيش قوي وسلاح بحري وجوي هائل.‏ وبهذا المعنى «تسلّط» او تحكّم ملك الشمال في الطريقة التي تصرَّف بها ملك الجنوب في ثروته.‏

الحملة الاخيرة

٢٠ كيف يصف الملاك الحملة الاخيرة التي يشنها ملك الشمال؟‏

٢٠ ان التنافس بين ملك الشمال وملك الجنوب،‏ سواء كان بوسائل عسكرية او اقتصادية او غيرها،‏ يوشك ان ينتهي.‏ فقد قال ملاك يهوه،‏ كاشفا تفاصيل الصراع الذي سيحدث:‏ «تفزعه [ملك الشمال] اخبار من الشرق ومن الشمال فيخرج بغضب عظيم ليخرب وليحرِّم كثيرين.‏ وينصب فسطاطه بين البحور [‹البحر العظيم›،‏ ع‌ج‏] وجبل بهاء القدس ويبلغ نهايته ولا معين له».‏ —‏ دانيال ١١:‏​٤٤،‏ ٤٥‏.‏

٢١ ماذا لا نعرفه بعدُ عن ملك الشمال؟‏

٢١ عندما انحلّ الاتحاد السوڤياتي في كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٩١،‏ تعرَّض ملك الشمال لنكسة كبيرة.‏ فمَن سيكون هذا الملك عندما تتم دانيال ١١:‏​٤٤،‏ ٤٥‏؟‏ هل يكون احدى الدول التي كانت جزءا من الاتحاد السوڤياتي السابق،‏ ام يغيِّر هويته كليا كما سبق وفعل عدة مرات؟‏ هل يؤدي تطوير دول اخرى اسلحة نووية الى سباق تسلُّح جديد يؤثر في هوية هذا الملك؟‏ الوقت وحده سيجيب عن هذين السؤالين.‏ لذلك من غير الحكمة ان نخمِّن مَن يكون.‏ وعندما يشرع ملك الشمال في حملته الاخيرة،‏ سينجلي اتمام النبوة لجميع الذين يملكون بصيرة مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ —‏ انظروا «‏ الملوك في دانيال الاصحاح ١١‏»،‏ في الصفحة ٢٨٤.‏

٢٢ ايّ سؤالَين ينشآن بشأن الهجوم الاخير الذي يشنّه ملك الشمال؟‏

٢٢ لكننا نعلم ايّ اجراء سيتخذه ملك الشمال قريبا.‏ فردًّا على اخبار تصله «من الشرق ومن الشمال»،‏ سيشنّ حملة «ليحرِّم كثيرين».‏ فعلى مَن تُشنّ هذه الحملة؟‏ وأية «اخبار» تحفزه الى شنّ هجومه؟‏

اخبار مفزعة تقلقه

٢٣ (‏أ)‏ اية حادثة بارزة يجب ان تقع قبل هرمجدون؟‏ (‏ب)‏ مَن هما ‹الملكان اللذان من مشرق الشمس›؟‏

٢٣ تأملوا في ما يقوله سفر الكشف عن نهاية بابل العظيمة،‏ الامبراطورية العالمية للدين الباطل.‏ فقبل هرمجدون،‏ «حرب اليوم العظيم،‏ يوم الله القادر على كل شيء»،‏ سيكون مصير هذه العدوّة العظيمة للدين الحق ‹الاحتراق كاملا بالنار›.‏ (‏كشف ١٦:‏​١٤،‏ ١٦؛‏ ١٨:‏​٢-‏٨‏)‏ ويُمثَّل هلاكها بسكب الجام السادس لغضب الله على نهر الفرات الرمزي.‏ فيجفّ النهر «لكي يهيَّأ الطريق للملكَين اللذَين من مشرق الشمس».‏ (‏كشف ١٦:‏١٢‏)‏ ومَن هما هذان الملكان؟‏ لا احد غير يهوه الله ويسوع المسيح!‏ —‏ قارنوا اشعياء ٤١:‏٢؛‏ ٤٦:‏​١٠،‏ ١١‏.‏

٢٤ ايّ عمل من يهوه قد يفزع ملك الشمال؟‏

٢٤ يصف سفر الكشف هلاك بابل العظيمة بأسلوب حيّ عندما يقول:‏ «القرون العشرة التي رأيت [الملوك الحاكمون في وقت النهاية]،‏ والوحش [الامم المتحدة]،‏ هؤلاء سيبغضون العاهرة ويجعلونها خربة وعريانة،‏ ويأكلون لحومها ويحرقونها كاملا بنار».‏ (‏كشف ١٧:‏١٦‏)‏ ولماذا يهلك الحكام بابل العظيمة؟‏ لأن ‹الله يضع في قلوبهم ان ينفِّذوا فكره›.‏ (‏كشف ١٧:‏١٧‏)‏ وملك الشمال هو احد هؤلاء الحكام.‏ لذلك يُحتمل جدا ان يشير ما يسمعه «من الشرق» الى هذا العمل الالهي،‏ حين يضع يهوه في قلوب القادة البشر ان يبيدوا العاهرة الدينية العظيمة.‏

٢٥ (‏أ)‏ ايّ فريق خصوصي يستهدفه ملك الشمال؟‏ (‏ب)‏ اين ينصب ملك الشمال «فسطاطه»؟‏

٢٥ لكنَّ غضب ملك الشمال يستهدف فريقا خصوصيا.‏ فسوف ‹ينصب فسطاطه بين البحر العظيم وجبل بهاء القدس›،‏ كما قال الملاك.‏ في ايام دانيال،‏ كان البحر العظيم هو البحر المتوسط وجبل القدس هو صهيون،‏ حيث كان موقع هيكل الله.‏ وهذا يعني ان ملك الشمال الغضبان،‏ في الاتمام النبوي،‏ يشنّ حملة على شعب الله.‏ فبمعنى روحي،‏ يمثِّل الموقع ‹بين البحر العظيم وجبل بهاء القدس› الحالة الروحية لخدام يهوه الممسوحين.‏ لقد خرجوا من «بحر» البشرية المبتعد عن الله ولديهم رجاء الحكم في جبل صهيون السماوي مع يسوع المسيح.‏ —‏ اشعياء ٥٧:‏٢٠؛‏ عبرانيين ١٢:‏٢٢؛‏ كشف ١٤:‏١‏.‏

٢٦ كما تشير نبوة حزقيال،‏ مَن قد يكون مصدر النبإ «من الشمال»؟‏

٢٦ وتنبأ حزقيال ايضا،‏ وهو معاصر لدانيال،‏ بهجوم يُشنّ على شعب الله «في الايام الاخيرة».‏ وقال ان الحرب سيبدأ بها جوج الماجوجي،‏ اي الشيطان ابليس.‏ (‏حزقيال ٣٨:‏​١٤،‏ ١٦‏)‏ ومن ايّ اتجاه يأتي جوج رمزيا؟‏ «من اقاصي الشمال»،‏ كما يقول يهوه بواسطة حزقيال.‏ (‏حزقيال ٣٨:‏١٥‏)‏ ولكن مهما بلغت وحشية هذا الاعتداء،‏ فلن يهلك شعب يهوه.‏ فهذه المواجهة المثيرة ستدفع يهوه الى القيام بتحرُّك استراتيجي لإبادة قوات جوج.‏ يقول يهوه للشيطان:‏ «أضع شكائم في فكيك وأُخرجك».‏ «أُصعدك من اقاصي الشمال وآتي بك على جبال اسرائيل».‏ (‏حزقيال ٣٨:‏٤؛‏ ٣٩:‏٢‏)‏ اذًا لا بد ان النبأ «من الشمال» الذي يثير غضب ملك الشمال صادر من يهوه.‏ أما ماذا ستحتويه اخيرا الاخبار «من الشرق ومن الشمال» تماما،‏ فهذا ما سيحدِّده الله وحده،‏ ولن يُعرف إلا بمرور الوقت.‏

٢٧ (‏أ)‏ لماذا سيحرِّض جوج الامم،‏ بمَن فيهم ملك الشمال،‏ على مهاجمة شعب يهوه؟‏ (‏ب)‏ ماذا ستكون نتيجة هجوم جوج؟‏

٢٧ أما جوج،‏ فهو يشنّ عدوانه المستميت بسبب ازدهار «اسرائيل الله» الذين لم يعودوا جزءا من عالمه —‏ هم و ‹الجمع الكثير› من ‹الخراف الاخر›.‏ (‏غلاطية ٦:‏١٦؛‏ كشف ٧:‏٩؛‏ يوحنا ١٠:‏١٦؛‏ ١٧:‏​١٥،‏ ١٦؛‏ ١ يوحنا ٥:‏١٩‏)‏ فعينا جوج على «شعب مجموع من الامم المقتني ماشية وقُنية»،‏ او غنى روحيا.‏ (‏حزقيال ٣٨:‏١٢‏)‏ ولأن جوج يرى الحالة الروحية بين المسيحيين وكأنها «ارض اعراء» يسهل اجتياحها،‏ يبذل جهدا فائقا ليزيل هذه العقبة الواقفة في طريق سيطرته الشاملة على الجنس البشري.‏ لكنه يفشل.‏ (‏حزقيال ٣٨:‏​١١،‏ ١٨؛‏ ٣٩:‏٤‏)‏ وعندما يهاجم ملوكُ الارض —‏ بمَن فيهم ملك الشمال —‏ شعبَ يهوه،‏ ‹يبلغون عندئذ نهايتهم›.‏

‏‹الملك يبلغ نهايته›‏

٢٨ ماذا نعرف عن مستقبل ملك الشمال وملك الجنوب؟‏

٢٨ ان حملة ملك الشمال الاخيرة ليست موجَّهة ضد ملك الجنوب.‏ لذلك لا يبلغ ملك الشمال نهايته على يد منافسه العظيم.‏ وبشكل مماثل،‏ لا يُهلك ملكُ الشمال ملكَ الجنوب.‏ فملك الجنوب يَهلك «بلا يد» بشرية،‏ بواسطة ملكوت الله.‏ * (‏دانيال ٨:‏٢٥‏)‏ وفي الواقع،‏ كل الملوك الارضيين سيزيلهم ملكوت الله في معركة هرمجدون.‏ ومن الواضح ان هذا هو مصير ملك الشمال.‏ (‏دانيال ٢:‏٤٤‏)‏ والكلمات في دانيال ١١:‏​٤٤،‏ ٤٥ تصف الحوادث التي تؤدي الى هذه المعركة الاخيرة.‏ فلا عجب ان ‹لا يكون معين› لملك الشمال عندما تأتي نهايته!‏

‏[الحاشية]‏

^ ‎الفقرة 28‏ انظروا الفصل ١٠ من هذا الكتاب.‏

ماذا فهمتم؟‏

‏• كيف تغيَّرت هوية ملك الشمال بعد الحرب العالمية الثانية؟‏

‏• ماذا سيحلّ اخيرا بملك الشمال وملك الجنوب؟‏

‏• ماذا استفدتم من الانتباه لنبوة دانيال عن تنافس الملكَين؟‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الجدول/‏الصورة في الصفحة ٢٨٤]‏

 الملوك في دانيال الاصحاح ١١

ملك الشمال ملك الجنوب

دانيال ١١:‏٥ سلوقس الاول نيكاتور بطليموس الاول

دانيال ١١:‏٦ انطيوخوس الثاني بطليموس الثاني

(‏زوجته لاودكي)‏ (‏ابنته بَرَنيكي)‏

دانيال ١١:‏​٧-‏٩ سلوقس الثاني بطليموس الثالث

دانيال ١١:‏​١٠-‏١٢ انطيوخوس الثالث بطليموس الرابع

دانيال ١١:‏​١٣-‏١٩ انطيوخوس الثالث بطليموس الخامس

(‏ابنته كليوپاترا الاولى)‏ خَلَفه:‏ بطليموس

خَلَفه:‏ سلوقس الرابع السادس

وانطيوخوس الرابع

دانيال ١١:‏٢٠ اوغسطس

دانيال ١١:‏​٢١-‏٢٤ طيباريوس

دانيال ١١:‏​٢٥،‏ ٢٦ اوريليان الملكة زنوبيا

الامبراطورية الرومانية تنهار

دانيال ١١:‏​٢٧-‏٣٠أ الامبراطورية الالمانية بريطانيا،‏ وتليها

(‏الحرب العالمية الاولى)‏ الدولة العالمية

الانكلواميركية

دانيال ١١:‏٣٠ب،‏ ٣١ الرايخ الثالث بزعامة هتلر الدولة العالمية

(‏الحرب العالمية الثانية)‏ الانكلواميركية

دانيال ١١:‏​٣٢-‏٤٣ الكتلة الشيوعية الدولة العالمية

(‏الحرب الباردة)‏ الانكلواميركية

دانيال ١١:‏​٤٤،‏ ٤٥ سيقوم بعدُ٭‏ الدولة العالمية

الانكلواميركية

‏[الحاشية]‏

ان النبوة في دانيال الاصحاح ١١ لا تذكر اسماء الكيانات السياسية التي تشغل مركزَي ملك الشمال وملك الجنوب في مختلف الازمنة.‏ وهويتاهما لا تُعرفان إلا بعد ان يبدأ وقوع الاحداث.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ بما ان الصراع يحدث على مراحل،‏ تمرّ فترات لا يقع فيها صراع،‏ اذ يتفوَّق احد الملكَين فيما يبقى الآخر ساكنا.‏

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٢٧١]‏

‏[الصور في الصفحة ٢٧٩]‏

شمل ‹الدفع› من جهة ملك الجنوب التجسُّس باستخدام التكنولوجيا المتطوِّرة،‏ بالاضافة الى التهديد بالعمل العسكري