الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

الفصل ٦

‏«تعلَّمَ الطاعة»‏

‏«تعلَّمَ الطاعة»‏

١،‏ ٢ لماذا يُسرّ الاب المحب حين يطيعه ابنه،‏ وكيف تكون مشاعره شبيهة بمشاعر يهوه؟‏

 يطلّ الاب من النافذة ليراقب ابنه الصغير وهو يلعب بالطابة مع بعض رفاقه في الحديقة.‏ وفيما هم يلعبون،‏ تثِب الطابة الى الشارع وتلاحقها عينا الصبي.‏ فيحثه احد رفاقه ان يخرج الى الشارع ويجلبها.‏ لكنَّ الصبي يهزّ رأسه ويقول:‏ «لا يسمح لي ابي ان افعل ذلك».‏ فيُسرّ الاب بسماع هذه الكلمات.‏

٢ لماذا؟‏ لأنه اوصى ابنه ألا يخرج الى الشارع وحده.‏ والابن يطيع اباه رغم عدم معرفته انه يراه.‏ وعندما يرى الاب ذلك،‏ يدرك ان ابنه يتعلّم الطاعة،‏ وهذا ما يجعله في مأمن.‏ ان مشاعر هذا الاب شبيهة بمشاعر ابينا السماوي يهوه.‏ فالله يعرف ان علينا تعلّم الاتكال عليه وإطاعته اذا اردنا ان نبقى امناء وأحياء لنرى المستقبل الرائع الذي يخبئه لنا.‏ (‏امثال ٣:‏​٥،‏ ٦‏)‏ لهذه الغاية،‏ ارسل لنا افضل معلّم على الاطلاق.‏

٣،‏ ٤ بأيّ معنى ‹تعلَّم يسوع الطاعة› و «كُمِّل»؟‏ أوضِح.‏

٣ يكشف لنا الكتاب المقدس امرا مذهلا عن يسوع حين يقول:‏ «مع كونه ابنا،‏ تعلَّمَ الطاعة مما تألم به.‏ وبعدما كُمِّل،‏ عُهِد اليه بالخلاص الابدي لجميع الذين يطيعونه».‏ (‏عبرانيين ٥:‏​٨،‏ ٩‏)‏ كان هذا الابن البكر موجودا في السماء منذ دهور لا تحصى.‏ وقد رأى الشيطان وملائكته العصاة يتمردون على الله،‏ لكنه لم ينضم اليهم.‏ وهكذا،‏ انطبقت عليه كلمات النبوة الموحى بها:‏ «انا لم اتمرد».‏ (‏اشعيا ٥٠:‏٥‏)‏ اذًا،‏ كيف يمكن القول ان عبارة «تعلَّمَ الطاعة» تنطبق على هذا الابن الذي امتلك طاعة كاملة؟‏ وكيف يمكن لمخلوق كامل ان ‹يُكمَّل›؟‏

٤ تأمل في المثل التالي.‏ لنفرض ان جنديا يملك سيفا حديديا متقن الصنع وحسن التصميم ولكن لم تجرِ تجربته في المعركة.‏ فيستبدله بسيف آخر مصنوع من معدن اقوى:‏ فولاذ صلب.‏ وهذا السيف الجديد سبق ان استُخدم في المعركة وكان فعّالا.‏ أوليس هذا امرا ينمّ عن الحكمة؟‏!‏ على نحو مماثل،‏ اعرب يسوع قبل مجيئه الى الارض عن طاعة لا تشوبها شائبة.‏ ولكن بعدما عاش هنا،‏ تغيّرت طاعته تغيرا جذريا.‏ فقد اصبحت الآن ممتحَنة،‏ «صلبة» اذا جاز التعبير،‏ ومختبَرة بواسطة التجارب التي لم يكن يسوع ليواجهها في السماء.‏

٥ ماذا جعل طاعة يسوع مهمة الى هذا الحدّ،‏ وماذا سنناقش في هذا الفصل؟‏

٥ كانت الطاعة امرا ضروريا لينجز يسوع المهمة الموكلة اليه ان يأتي الى الارض.‏ فبصفته «آدم الاخير»،‏ جاء الى هنا ليفعل ما لم يتمكن ابونا الاول من فعله:‏ البقاء طائعا ليهوه الله حتى لو تعرض للامتحان.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٤٥‏)‏ لكنَّ طاعة يسوع لم تكن آلية.‏ فقد اطاع بفرح بكل عقله،‏ وبكل قلبه،‏ وبكل نفسه.‏ وكان فعل مشيئة ابيه اهم عنده من الاكل.‏ (‏يوحنا ٤:‏٣٤‏)‏ فماذا يساعدنا على الاقتداء بطاعة يسوع؟‏ لنناقش اولا ما دفع يسوع الى الطاعة.‏ فتنمية دوافع كالتي امتلكها تساعدنا على مقاومة التجربة وفعل مشيئة الله.‏ ثم سنراجع بعض المكافآ‌ت التي نحصدها اذا اعربنا عن طاعة شبيهة بطاعة المسيح.‏

ما دفع يسوع الى الطاعة

٦،‏ ٧ ما هي بعض الامور التي دفعت يسوع الى الطاعة؟‏

٦ كانت طاعة يسوع نابعة ممّا في قلبه.‏ كما رأينا في الفصل ٣‏،‏ كان يسوع متّضع القلب.‏ فالعجرفة تجعل الناس يزدرون بالطاعة،‏ في حين ان التواضع يساعدنا على إطاعة يهوه عن طيب خاطر.‏ (‏خروج ٥:‏​١،‏ ٢؛‏ ١ بطرس ٥:‏​٥،‏ ٦‏)‏ كما ان طاعة يسوع كانت نابعة ممّا احبه وما ابغضه.‏

٧ وأهم محبة امتلكها يسوع كانت محبته لأبيه السماوي.‏ (‏سنتحدث عن هذه المحبة بالتفصيل في الفصل ١٣‏)‏.‏ وهذا ما نمّى لديه صفة التقوى.‏ وقد كانت محبته ليهوه شديدة وتوقيره عميقا بحيث انه كان يخاف إغضابه.‏ وهذه التقوى كانت احد الاسباب لاستجابة صلواته.‏ (‏عبرانيين ٥:‏٧‏)‏ كما ان مخافة يهوه هي سمة مميِّزة لحكم يسوع كملك مسيّاني.‏ —‏ اشعيا ١١:‏٣‏.‏

هل يُظهِر اختيارك للتسلية انك تبغض الشر؟‏

٨،‏ ٩ كما هو منبأ به،‏ ماذا كانت مشاعر يسوع حيال البر والشر،‏ وكيف اظهر هذه المشاعر؟‏

٨ تشمل محبة يهوه ايضا بغض ما يبغضه هو.‏ لاحِظ مثلا ما تقوله النبوة الموجهة الى الملك المسيّاني:‏ «احببت البر وأبغضت الشر.‏ من اجل ذلك مسحك الله إلهك بزيت الابتهاج اكثر من شركائك».‏ (‏مزمور ٤٥:‏٧‏)‏ ان «شركاء» يسوع هم الملوك الآخرون المتحدِّرون من الملك داود.‏ وقد كان لدى يسوع عند مسحه سبب للابتهاج والفرح الجزيل اكثر من ايٍّ من هؤلاء الملوك.‏ لماذا؟‏ لأن مكافأته اعظم بكثير من مكافأتهم،‏ وفوائد ملكه تدوم اكثر بكثير من فوائد ملكهم.‏ وهو يكافَأ لأن محبته للبر وبغضه للشر دفعاه الى اطاعة الله في كل شيء.‏

٩ وكيف اظهر يسوع مشاعره حيال البر؟‏ مثلا،‏ كيف تجاوب يسوع عندما اطاع أتباعه توجيهه في عمل الكرازة وحصدوا نتائج جيدة؟‏ يقول الكتاب المقدس انه تهلل.‏ (‏لوقا ١٠:‏​١،‏ ١٧،‏ ٢١‏)‏ بالمقابل،‏ كيف شعر عندما اعرب سكان اورشليم عن روح التمرد ورفضوا تكرارا جهوده الحبية لمساعدتهم؟‏ يقول السجل انه بكى بسبب عصيان هذه المدينة.‏ (‏لوقا ١٩:‏​٤١،‏ ٤٢‏)‏ فالمسلك الجيد والمسلك الرديء كلاهما كانا يؤثران في يسوع تأثيرا عميقا.‏

١٠ اية مشاعر يلزم ان ننميها حيال الاعمال البارة والتصرفات الخاطئة،‏ وماذا يساعدنا على فعل ذلك؟‏

١٠ يساعدنا التأمل في مشاعر يسوع على فحص ما يدفعنا الى إطاعة يهوه.‏ فرغم اننا ناقصون،‏ يمكننا تنمية محبة كبيرة للاعمال الجيدة وبغض شديد للتصرفات الخاطئة.‏ فيلزم ان نصلي الى يهوه ونطلب منه ان يساعدنا على تنمية مشاعر كمشاعره ومشاعر ابنه.‏ (‏مزمور ٥١:‏١٠‏)‏ وفي الوقت نفسه،‏ يلزم ان نتجنب التأثيرات التي تضعف هذه المشاعر.‏ فمن الضروري ان ننتقي التسلية والعشراء باعتناء.‏ (‏امثال ١٣:‏٢٠؛‏ فيلبي ٤:‏٨‏)‏ وإذا نمّينا دوافع كدوافع المسيح،‏ فلن تكون طاعتنا مجرد شكليات.‏ فسنفعل ما هو صائب لأننا نحب ان نفعله.‏ وسنتجنب الاعمال الخاطئة لأننا نبغضها وليس لأننا نخاف ان نُكتشف.‏

‏«لم يرتكب خطية»‏

١١،‏ ١٢ (‏أ)‏ ماذا واجه يسوع في اوائل خدمته؟‏ (‏ب)‏ ما هي تجربة الشيطان الاولى ليسوع،‏ وأي اسلوب ماكر استخدمه؟‏

١١ امتُحن بغض يسوع للخطية في اوائل خدمته.‏ فبعد معموديته،‏ قضى اربعين يوما وأربعين ليلة في البرية دون طعام.‏ وفي نهاية هذه الفترة،‏ اتى الشيطان ليجرّبه.‏ لاحِظ مدى مكر ابليس.‏ —‏ متى ٤:‏​١-‏١١‏.‏

١٢ في البداية،‏ قال الشيطان:‏ «إنْ كنت ابن الله،‏ فقل لهذه الحجارة ان تصير ارغفة خبز».‏ (‏متى ٤:‏٣‏)‏ وكيف كانت حالة يسوع بعد هذا الصوم الطويل؟‏ يقول الكتاب المقدس بوضوح انه «شعر بالجوع».‏ (‏متى ٤:‏٢‏)‏ ولا شك ان الشيطان انتظر حتى يصير يسوع خائر القوى ثم استغلّ حاجته الطبيعية الى الاكل.‏ لاحِظ ايضا عبارة التحدي التي قالها له:‏ ‏«إنْ كنت ابن الله» رغم انه عرف ان يسوع هو «بكر كل خليقة».‏ (‏كولوسي ١:‏١٥‏)‏ لكنَّ يسوع لم يسمح للشيطان بأن يستفزه ويجرّه الى العصيان.‏ فقد عرف ان مشيئة الله لم تكن ان يستخدم قدرته لغايات انانية.‏ لذلك رفض هذا الامر،‏ مُظهِرا بذلك انه يتّكل بتواضع على دعم يهوه وتوجيهه.‏ —‏ متى ٤:‏٤‏.‏

١٣-‏١٥ (‏أ)‏ ما هي تجربة الشيطان الثانية والثالثة ليسوع،‏ وكيف تجاوب يسوع؟‏ (‏ب)‏ كيف نعرف انه كان على يسوع ان يحترس دائما من الشيطان؟‏

١٣ في التجربة الثانية،‏ اخذ الشيطان يسوع الى موقع عالٍ على شرفات الهيكل.‏ وقد حرّف كلمة الله ببراعة كي يغريه بالقيام بعرض للتباهي،‏ وذلك بطرح نفسه من ذلك المكان العالي لكي يهبّ الملائكة الى انقاذه.‏ فإذا رأت الجموع المحتشدة في الهيكل هذه العجيبة،‏ أفيجرؤ احد بعد ذلك على الشك في ان يسوع هو المسيَّا الموعود به؟‏!‏ وإذا آمنت الجموع ان يسوع هو المسيَّا بسبب هذا العرض المثير،‏ أفلا يتجنب المشقات والمشاكل؟‏ ربما.‏ لكنَّ يسوع عرف ان مشيئة يهوه للمسيَّا هي ان ينجز عمله بتواضع،‏ لا ان يحمل الناس على الايمان به بواسطة عروض مثيرة.‏ (‏اشعيا ٤٢:‏​١،‏ ٢‏)‏ ومرة ثانية،‏ رفض يسوع ان يعصي يهوه ولم يقع في فخ الشهرة.‏

١٤ ولكن ماذا عن فخ السلطة؟‏ في التجربة الثالثة،‏ عرض الشيطان على يسوع كل ممالك العالم اذا قام بعمل عبادة واحد له.‏ فهل فكّر يسوع جديا في عرض الشيطان هذا؟‏ اجابه قائلا:‏ «اذهب يا شيطان!‏».‏ ثم اضاف:‏ «لأنه مكتوب:‏ ‹يهوه إلهك تعبد،‏ وله وحده تؤدي خدمة مقدسة›».‏ (‏متى ٤:‏١٠‏)‏ فما من شيء كان يمكن ان يغريه ليعبد إلها آخر.‏ وما من عرض لمنحه السلطة او النفوذ في هذا العالم كان سيجعله يقوم بأيّ عمل عصيان.‏

١٥ وهل استسلم الشيطان؟‏ رغم ان ابليس ترك يسوع بعدما اجابه بالكلمات الآنفة الذكر،‏ يقول انجيل لوقا انه «تنحى عنه الى فرصة اخرى».‏ (‏لوقا ٤:‏١٣‏)‏ ولاحقا،‏ وجد الشيطان فرصا اخرى لامتحان يسوع وتجربته حتى النهاية،‏ اذ يخبرنا الكتاب المقدس ان يسوع «امتُحن في كل شيء».‏ (‏عبرانيين ٤:‏١٥‏)‏ فكان على يسوع ان يحترس دائما،‏ وهذا ما يجب ان نفعله نحن ايضا.‏

١٦ كيف يجرِّب الشيطان خدام الله اليوم،‏ وكيف يمكننا صدّ محاولاته؟‏

١٦ لا ينفك الشيطان يجرِّب خدام الله اليوم.‏ ومن المؤسف ان نقائصنا غالبا ما تجعلنا هدفا سهلا له.‏ فهو يستغل بمكر الانانية،‏ الكبرياء،‏ والتعطش الى السلطة.‏ حتى انه قد يستغل كلّ هذه مجتمعة حين يستخدم فخ المادية.‏ لذلك من المهم ان نقوم احيانا بفحص صادق للذات.‏ فيحسن بنا ان نتأمل في كلمات ١ يوحنا ٢:‏​١٥-‏١٧ ونرى هل بردت محبتنا لأبينا السماوي الى حدّ ما من جراء الرغبات الجسدية لنظام الاشياء هذا،‏ السعي وراء الممتلكات المادية،‏ والرغبة في اثارة اعجاب الآخرين.‏ يجب ان نتذكر ان هذا العالم آيل الى الزوال هو وحاكمه الشيطان.‏ فلنصدَّ محاولات الشيطان الماكرة ان يغرينا بارتكاب الخطية.‏ ولنتشجع بمثال سيّدنا الذي «لم يرتكب خطية».‏ —‏ ١ بطرس ٢:‏٢٢‏.‏

‏«اني دائما افعل ما يرضيه»‏

١٧ كيف شعر يسوع حيال إطاعة ابيه،‏ ولكن ايّ اعتراض قد ينشأ؟‏

١٧ لا تقتصر الطاعة على الامتناع عن الخطإ.‏ فالمسيح نفّذ كل وصايا ابيه.‏ قال:‏ «اني دائما افعل ما يرضيه».‏ (‏يوحنا ٨:‏٢٩‏)‏ وهذه الطاعة جلبت له فرحا غامرا.‏ طبعا،‏ قد يعترض احد قائلا ان الطاعة كانت اسهل على يسوع.‏ فلربما يظن ان يسوع لم يكن عليه إلا إطاعة يهوه،‏ الذي هو كامل،‏ في حين انه يتوجب علينا إطاعة بشر ناقصين لديهم مركز سلطة.‏ لكنَّ يسوع في الواقع كان طائعا لبشر ناقصين لديهم مركز سلطة.‏

١٨ ايّ مثال للطاعة رسمه يسوع عندما كان حدثا؟‏

١٨ فيما كان يسوع ينمو،‏ كان خاضعا لسلطة والدَيه البشريَّين الناقصين،‏ يوسف ومريم.‏ وعلى الارجح،‏ تمكّن من ملاحظة نقائص والدَيه اكثر من معظم الاولاد.‏ فهل تمرّد وتخطى دوره المعطى من الله كولد بحيث املى عليهما كيف يديران شؤون العائلة؟‏ لاحِظ ما تقوله لوقا ٢:‏٥١ عن يسوع عندما كان بعمر ١٢ سنة:‏ «بقي خاضعا لهما».‏ وبهذه الطاعة،‏ رسم يسوع مثالا رائعا للاحداث المسيحيين الذين يحاولون إطاعة والديهم وإظهار الاحترام الواجب لهم.‏ —‏ افسس ٦:‏​١،‏ ٢‏.‏

١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ اية صعوبات استثنائية واجهها يسوع في مجال الطاعة للبشر الناقصين؟‏ (‏ب)‏ لماذا ينبغي ان يطيع المسيحيون الحقيقيون اليوم الذين يتولّون القيادة بينهم؟‏

١٩ في مجال إطاعة البشر الناقصين،‏ واجه يسوع صعوبات لا يواجهها ابدا المسيحيون الحقيقيون اليوم.‏ تأمل في الازمنة الاستثنائية التي عاش فيها.‏ فنظام الاشياء اليهودي الديني (‏بما فيه الهيكل في اورشليم والكهنوت)‏ الذي نال رضى يهوه فترة طويلة كان على وشك ان يُرفَض ويُستبدَل بترتيب الجماعة المسيحية.‏ (‏متى ٢٣:‏​٣٣-‏٣٨‏)‏ في هذه الاثناء،‏ كان الكثير من القادة الدينيين يعلّمون الاكاذيب المُستمَدة من الفلسفة اليونانية.‏ وقد تفشى الفساد في الهيكل كثيرا حتى ان يسوع دعاه «مغارة لصوص».‏ (‏مرقس ١١:‏١٧‏)‏ فهل امتنع يسوع عن الذهاب الى الهيكل والمجامع؟‏ كلا!‏ فيهوه كان لا يزال يستخدم هذه الترتيبات.‏ لذلك كان يسوع يعرب عن الطاعة بالذهاب الى المجامع والاحتفال بالاعياد في الهيكل،‏ بانتظار الوقت حين يتدخل يهوه ويجري التغييرات.‏ —‏ لوقا ٤:‏١٦؛‏ يوحنا ٥:‏١‏.‏

٢٠ فإذا كان يسوع طائعا في ظل ظروف كهذه،‏ فكم بالاحرى ينبغي ان يبقى المسيحيون الحقيقيون طائعين اليوم؟‏!‏ وفي الواقع،‏ نحن نعيش في ازمنة مختلفة جدا،‏ حقبة ردّ العبادة النقية المنبإ بها منذ وقت طويل.‏ والله يؤكد لنا انه لن يسمح ابدا للشيطان بأن يفسد شعبه المسترَد.‏ (‏اشعيا ٢:‏​١،‏ ٢؛‏ ٥٤:‏١٧‏)‏ صحيح اننا نرى الاخطاء والنقائص داخل الجماعة المسيحية،‏ ولكن هل يجيز لنا ذلك استخدام ضعفات الآخرين كمبرِّر لعدم إطاعة يهوه،‏ ربما بالامتناع عن حضور الاجتماعات المسيحية وانتقاد الشيوخ؟‏ كلا البتة!‏ فنحن ندعم بإخلاص الذين يتولّون القيادة في الجماعة.‏ ونحن نعرب عن الطاعة بحضور الاجتماعات والمحافل المسيحية وتطبيق مشورة الاسفار المقدسة التي تُقدَّم لنا هناك.‏ —‏ عبرانيين ١٠:‏​٢٤،‏ ٢٥؛‏ ١٣:‏١٧‏.‏

نحن نعرب عن الطاعة بتطبيق ما نتعلّمه في الاجتماعات المسيحية

٢١ كيف تجاوب يسوع مع الضغط عليه ليعصي الله،‏ مما رسم ايّ مثال لنا؟‏

٢١ لم يسمح يسوع للناس —‏ حتى لأصدقائه الحسني النية —‏ بأن يثنوه عن إطاعة يهوه.‏ مثلا،‏ حاول الرسول بطرس ان يقنع سيده انه لا حاجة ان يتألم ويموت،‏ اذ نصحه ان يلطف بنفسه.‏ غير ان يسوع رفض هذه المشورة الخاطئة رغم انها مقدَّمة بحسن نية.‏ (‏متى ١٦:‏​٢١-‏٢٣‏)‏ اليوم ايضا،‏ كثيرا ما يواجه أتباع يسوع اقرباء حسني النية يحاولون ان يثنوهم عن إطاعة شرائع الله ومبادئه.‏ وعلى غرار أتباع يسوع في القرن الاول،‏ نحن نحافظ على موقفنا انه «ينبغي ان يُطاع الله حاكما لا الناس».‏ —‏ اعمال ٥:‏٢٩‏.‏

المكافآ‌ت الناجمة عن امتلاكنا الطاعة تمثلا بالمسيح

٢٢ ايّ سؤال زوّد يسوع الجواب عنه،‏ وكيف؟‏

٢٢ عندما واجه يسوع الموت،‏ كان ذلك بمثابة اقوى امتحان لطاعته.‏ وفي هذا اليوم الحالك،‏ «تعلَّمَ الطاعة» بالمعنى الاكمل.‏ فقد فعل مشيئة ابيه،‏ وليس مشيئته.‏ (‏لوقا ٢٢:‏٤٢‏)‏ وهكذا،‏ صنع سجلا كاملا للاستقامة.‏ (‏١ تيموثاوس ٣:‏١٦‏)‏ وزوّد الجواب عن سؤال قديم العهد:‏ هل يمكن لإنسان كامل ان يبقى طائعا ليهوه حتى لو تعرّض للامتحان؟‏ ان آدم وحواء لم يبقيا طائعين.‏ لكن عندما اتى يسوع —‏ اعظم مخلوقات يهوه —‏ الى الارض وعاش ومات،‏ أعاد الامور الى نصابها.‏ فقد زوّد الجواب الشافي،‏ اذ اطاع حتى عندما كلّفته الطاعة غاليا.‏

٢٣-‏٢٥ (‏أ)‏ ما ارتباط الطاعة بالاستقامة؟‏ أوضِح.‏ (‏ب)‏ ما هو موضوع مناقشتنا في الفصل التالي؟‏

٢٣ الاستقامة،‏ او التعبد من كل القلب ليهوه،‏ هي وسيلة للاعراب عن الطاعة.‏ فلأن يسوع كان طائعا،‏ حافظ على استقامته وجلب الفوائد لكل البشر.‏ (‏روما ٥:‏١٩‏)‏ وقد كافأه يهوه بسخاء.‏ نحن ايضا سيكافئنا يهوه اذا اطعنا المسيح كسيّد لنا.‏ فالطاعة للمسيح تؤدي الى «الخلاص الابدي».‏ —‏ عبرانيين ٥:‏٩‏.‏

٢٤ كما ان الاستقامة هي مكافأة بحدّ ذاتها.‏ تقول الامثال ١٠:‏٩‏:‏ «السائر باستقامة يسير آمنا».‏ يمكننا تشبيه الاستقامة بقصر مصنوع من آجر ذي نوعية جيدة،‏ وكل آجُرَّة تمثّل عمل طاعة معيّنا.‏ قد تبدو كل آجُرَّة بلا قيمة اذا اخذناها على حدة،‏ لكن كلًّا منها له مكانه وقيمته.‏ فعندما تُجمع معا،‏ يَنتج بناء له قيمة اكبر.‏ على نحو مماثل،‏ حين تُجمع اعمال الطاعة معا،‏ اذ يُضاف الواحد الى الآخر يوما بعد يوم وسنة بعد سنة،‏ يُبنى بيت الاستقامة الجميل.‏

٢٥ يذكِّرنا مسلك الاستقامة على مدى سنوات طويلة بصفة اخرى هي الاحتمال.‏ وسيكون هذا الوجه من مثال يسوع موضوع مناقشتنا في الفصل التالي.‏