الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

المرسلون يواصلون التوسع العالمي

المرسلون يواصلون التوسع العالمي

الفصل ٢٣

المرسلون يواصلون التوسع العالمي

ان النشاط الغيور للمرسلين الراغبين في الخدمة حيثما تكون هنالك حاجة اليهم هو عامل مهم في المناداة العالمية بملكوت اللّٰه.‏

قبل ان تؤسس جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس مدرسة لهذا القصد بوقت طويل،‏ كان المرسلون يُرسَلون الى بلدان اخرى.‏ فرئيس الجمعية الاول،‏ ت.‏ ت.‏ رصل،‏ ادرك الحاجة الى اشخاص مؤهلين لبدء الكرازة بالبشارة في حقول اجنبية وأخذ القيادة فيها.‏ فأرسل رجالا من اجل هذا القصد —‏ ادولف وايبر الى اوروپا،‏ إ.‏ ج.‏ كاوارد الى منطقة البحر الكاريبي،‏ روبرت هوليستر الى المشرق،‏ وجوزيف بوث الى افريقيا الجنوبية.‏ ومن المؤسف ان يصير بوث اكثر اهتماما بخططه الخاصة؛‏ ولذلك،‏ في السنة ١٩١٠،‏ أُرسل وليم جونستون من أسكتلندا الى نياسالَنْد (‏الآن ملاوي)‏،‏ حيث جرى الشعور خصوصا بتأثير بوث المضاد.‏ وبعد ذلك،‏ عُيِّن الاخ جونستون ليؤسس مكتب فرع لجمعية برج المراقبة في دوربان،‏ جنوب افريقيا،‏ وخدم لاحقا كناظر فرع في اوستراليا.‏

بعد الحرب العالمية الاولى،‏ ارسل ج.‏ ف.‏ رذرفورد المزيد من المرسلين ايضا —‏ مثلا،‏ توماس والدر وجورج فيليپس من بريطانيا الى جنوب افريقيا،‏ و.‏ ر.‏ براون من تعيين في ترينيداد الى افريقيا الغربية،‏ جورج يونڠ من كندا الى اميركا الجنوبية والى اوروپا،‏ خوان مونييز اولا الى اسپانيا ثم الى الارجنتين،‏ جورج رايت وأدوين سكينر الى الهند،‏ تبعهما كلود ڠودمان،‏ رون تيپِن،‏ والمزيد.‏ لقد كانوا فاتحين حقيقيين،‏ بالغين المناطق التي أُنجز فيها القليل او لا شيء من الكرازة بالبشارة وواضعين الاساس المتين للنمو التنظيمي المقبل.‏

وكان هنالك آخرون ايضا ممَّن دفعتهم الروح الارسالية الى مباشرة الكرازة خارج بلدهم.‏ وبينهم كايت ڠُوَس وابنتها ماريون،‏ اللتان خصَّصتا سنوات للخدمة الغيورة في كولومبيا وڤنزويلا.‏ وآخر هو جوزيف دوس سانتوس،‏ الذي غادر هاوايي في رحلة كرازية ادَّت الى ١٥ سنة من الخدمة في الفيليپين.‏ وكان هنالك ايضا فرانك رايس،‏ الذي سافر بسفينة شحن من اوستراليا ليفتتح الكرازة بالبشارة في جزيرة جاوا (‏الآن إندونيسيا)‏.‏

ولكن في السنة ١٩٤٢،‏ وُضعت الخطط لمدرسة ذات مقرَّر مصمَّم خصوصا لتدريب الرجال والنساء على السواء الراغبين في مباشرة خدمة ارسالية كهذه حيثما تكون هنالك حاجة اليهم في الحقل العالمي.‏

مدرسة جلعاد

في وسط الحرب العالمية،‏ ربما بدا التخطيط لتوسيع نشاطات الكرازة بالملكوت في حقول اجنبية غير عملي من وجهة نظر بشرية.‏ ولكن،‏ في ايلول ١٩٤٢،‏ بالاتكال على يهوه،‏ وافق مديرو اثنتين من المؤسسات الشرعية الرئيسية التي يستخدمها شهود يهوه على اقتراح ن.‏ ه‍ .‏ نور تأسيس مدرسة مصمَّمة لتدريب المرسلين وغيرهم على الخدمة المتخصصة.‏ وكانت ستُدعى كلية جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس.‏ وتغيَّر هذا الاسم لاحقا الى مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس.‏ ولم يكن ليُفرَض دفع ايّ رسم تعليمي،‏ والتلاميذ كان سيجري ايواؤهم وإطعامهم على حساب الجمعية طوال فترة تدريبهم.‏

بين الذين كانوا مدعوين الى المساعدة في تحديد الاوجه الرئيسية لمقرَّر الدرس ألبرت د.‏ شرودر،‏ الذي سبق واكتسب كثيرا من الخبرة في دائرة الخدمة في المركز الرئيسي للجمعية في بروكلين وكناظر فرع الجمعية في بريطانيا.‏ ونظرته الايجابية،‏ الطريقة التي اعطى بها من نفسه،‏ واهتمامه الحار بالتلاميذ جعلته محبوبا الى الذين علَّمهم خلال الـ‍ ١٧ سنة التي خدم فيها امينا للسجل وأستاذا في المدرسة.‏ وفي السنة ١٩٧٤ صار عضوا في الهيئة الحاكمة،‏ وفي السنة التالية عُيِّن ليخدم في لجنة تعليمها.‏

الاخ شرودر ورفقاؤه الاساتذة (‏ماكسويل فْرِنْد،‏ ادوَرْدو كيلر،‏ وڤيكتور بلاكوِل)‏ حدَّدوا الاوجه الرئيسية لمقرَّر دراسي لخمسة اشهر يشدِّد على درس الكتاب المقدس نفسه والتنظيم الثيوقراطي،‏ وأيضا على عقائد الكتاب المقدس،‏ الخطابة العامة،‏ خدمة الحقل،‏ الخدمة الارسالية،‏ التاريخ الديني،‏ الشريعة الالهية،‏ كيفية التعامل مع الرسميين الحكوميين،‏ القانون الدولي،‏ حفظ السجلات،‏ ولغة اجنبية.‏ وأُدخلت على مر السنين تعديلات على المقرَّر التعليمي،‏ ولكنَّ درس الكتاب المقدس نفسه وأهمية العمل التبشيري أُبقيا دائما في المرتبة الاولى.‏ والهدف من المقرَّر هو تقوية ايمان التلاميذ ومساعدتهم على تطوير الصفات الروحية اللازمة لمواجهة تحديات الخدمة الارسالية بنجاح.‏ وجرى التشديد على اهمية الاتكال التام على يهوه والولاء له.‏ (‏مزمور ١٤٦:‏​١-‏٦؛‏ امثال ٣:‏​٥،‏ ٦؛‏ افسس ٤:‏٢٤‏)‏ ولا يُعطى التلاميذ اجوبة دقيقة عن كل شيء بل يُدرَّبون على البحث وتجري مساعدتهم على التقدير لماذا يؤمن شهود يهوه بما يؤمنون ولماذا يلتصقون بطرائق معيَّنة لفعل الامور.‏ ويتعلَّمون ان يفهموا المبادئ التي يمكنهم بها ان ينجحوا.‏ وهكذا يوضع الاساس لنمو اضافي.‏

في ١٤ كانون الاول ١٩٤٢ أُرسلت الدعوات الى التلاميذ المتوقَّعين للصف الاول.‏ وكان الشتاء في منتصفه عندما دخل الـ‍ ١٠٠ تلميذ الذين يؤلفون هذا الصف في تسهيلات المدرسة الواقعة في الجزء الشمالي من نيويورك،‏ في ساوث لانسينڠ.‏ كانوا طوعيين،‏ تواقين،‏ والى حد ما قلقين.‏ وعلى الرغم من ان دروس الصف كانت موضع الاهتمام المباشر،‏ لم يكن في وسعهم إلا ان يتساءلوا عن المكان في الحقل العالمي الذي سيُرسَلون اليه بعد التخرج.‏

في محاضرة امام الصف الاول هذا في ١ شباط ١٩٤٣،‏ اليوم الافتتاحي للمدرسة،‏ قال الاخ نور:‏ «انتم تُمنَحون إعدادا اضافيا للعمل يشبه ذاك الذي للرسول بولس،‏ مرقس،‏ تيموثاوس،‏ وغيرهم ممَّن سافروا الى كل انحاء الامبراطورية الرومانية منادين برسالة الملكوت.‏ فكان يجب ان يتقوَّوا بكلمة اللّٰه.‏ وكان يجب ان يحصلوا على معرفة واضحة لمقاصده.‏ وفي اماكن كثيرة كان عليهم ان يقفوا وحدهم ضد ذوي المراتب العالية والاقوياء في هذا العالم.‏ وربما يكون نصيبكم مماثلا؛‏ واللّٰه سيكون قوتكم ايضا.‏

‏«هنالك اماكن كثيرة لم تقدَّم فيها الشهادة عن الملكوت الى حد كبير.‏ والناس الساكنون في هذه الاماكن هم في ظلمة،‏ اذ يبقيهم الدين هناك.‏ ويُلاحَظ انه في بعض هذه البلدان حيث يوجد شهود قليلون يسمع اناس حسن النية بسرعة ويعاشرون هيئة الرب اذا أُرشدوا بلياقة.‏ فهنالك دون شك مئات وآلاف بعدُ يمكن بلوغهم اذا كان هنالك المزيد من الفعلة في الحقل.‏ وبنعمة الرب،‏ سيكون هنالك المزيد.‏

‏«‏ليس القصد من هذه الكلية ان تؤهلكم لتُرسَموا خداما.‏ فأنتم خدام من قبل وكنتم نشاطى في الخدمة طوال سنوات.‏ .‏ .‏ .‏ ان مقرَّر الدرس في الكلية هو بهدف وحيد وهو إعدادكم لتكونوا خداما مقتدرين اكثر في المقاطعات التي تذهبون اليها.‏ .‏ .‏ .‏

‏«ان عملكم الرئيسي هو الكرازة بانجيل الملكوت من بيت الى بيت كما فعل يسوع والرسل.‏ فعندما تجدون اذنا صاغية،‏ رتِّبوا لزيارة مكررة،‏ ابدأوا درسا بيتيا،‏ ونظِّموا فرقة [جماعة] من كل هؤلاء في المدينة او البلدة.‏ ولن تتمتعوا فقط بتنظيم فرقة،‏ بل يجب ان تساعدوهم على فهم الكلمة،‏ تقووهم،‏ تتكلموا اليهم من وقت الى آخر،‏ تُعِينوهم في اجتماعات خدمتهم وفي تنظيمهم.‏ وعندما يصيرون اقوياء ويستطيعون ان يستمروا وحدهم ويتولَّوا امر المقاطعة،‏ يمكنكم ان ترحلوا الى مدينة اخرى لتنادوا بالملكوت.‏ ومن حين الى حين ربما يكون ضروريا ان تعودوا وتبنوهم في الايمان الاقدس وتقوِّموهم في العقيدة؛‏ فيكون عملكم عمل رعاية ‹خراف الرب الاخر›،‏ وليس التخلي عنها.‏ (‏يوحنا ١٠:‏١٦‏)‏ فعملكم الحقيقي هو ان تساعدوا اناس حسن النية.‏ ويجب ان تأخذوا المبادرة،‏ ولكن متطلعين الى توجيه اللّٰه.‏»‏ *

بعد خمسة اشهر اكمل اعضاء الصف الاول هذا تدريبهم المتخصص.‏ وجرى الحصول على التأشيرات،‏ صُنعت ترتيبات السفر،‏ وبدأوا بالانتقال الى تسعة بلدان في اميركا اللاتينية.‏ وبعد تخرجهم بثلاثة اشهر،‏ كان المرسلون الاولون المدرَّبون في جلعاد،‏ الذين غادروا الولايات المتحدة،‏ في طريقهم الى كوبا.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢،‏ كان اكثر من ٥٠٠‏,٦ تلميذ من اكثر من ١١٠ بلدان قد تدرَّبوا وخدموا بعد ذلك في اكثر من ٢٠٠ بلد ومجموعة جزر.‏

حتى وقت موته بعد ٣٤ سنة من تدشين مدرسة جلعاد،‏ اعرب الاخ نور عن اهتمام شخصي شديد بعمل المرسلين.‏ ففي كل فترة دراسية كان يقوم بزيارة الصف الجاري عددا من المرات ان امكن،‏ ملقيا المحاضرات وآخذا معه اعضاء آخرين من هيئة المستخدمين في المركز الرئيسي للتحدث الى التلاميذ.‏ وبعد ان بدأ خريجو جلعاد خدمتهم خارج البلاد،‏ قام شخصيا بزيارة الفرق الارسالية،‏ ساعدهم على حل المشاكل،‏ ومنحهم التشجيع اللازم.‏ واذ تكاثر عدد الفرق الارسالية،‏ رتب ان يقوم اخوة مؤهلون جيدا آخرون بزيارات كهذه ايضا،‏ بحيث ينال جميع المرسلين،‏ بصرف النظر عن مكان خدمتهم،‏ الانتباه الشخصي القانوني.‏

هؤلاء المرسلون كانوا مختلفين

يؤسس مرسلو العالم المسيحي مستشفيات،‏ مراكز للاجئين،‏ ومياتم للاعتناء بحاجات الناس المادية.‏ واذ يلعبون دور ابطال الشعب الفقير،‏ يحرِّكون ايضا الثورات ويساهمون في حرب العصابات.‏ وبالتباين مع ذلك فان المتخرجين الارساليين من مدرسة جلعاد يعلِّمون الناس الكتاب المقدس.‏ وبدلا من تشييد الكنائس والتوقع من الناس ان يأتوا اليها،‏ يذهبون من بيت الى بيت ليجدوا ويعلِّموا الجياع والعطاش للبر.‏

واذ يلتصقون بدقة بكلمة اللّٰه،‏ يظهر المرسلون الشهود للناس لماذا ملكوت اللّٰه هو الحل الحقيقي والدائم لمشاكل الجنس البشري.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤؛‏ لوقا ٤:‏٤٣‏)‏ والتباين بين هذا العمل وعمل مرسلي العالم المسيحي تأكد منه پيتر ڤوندِرهاكِن في السنة ١٩٥١ عندما كان في الطريق الى تعيينه في إندونيسيا.‏ فالراكب الآخر الوحيد على متن سفينة الشحن كان مرسلا معمدانيا.‏ ومع ان الاخ ڤوندِرهاكِن حاول ان يتحدث اليه عن بشارة ملكوت اللّٰه،‏ اوضح المعمداني ان اهتمامه الغالب هو دعم جهود تشانڠ كاي شيك في تايوان للرجوع الى السلطة في البر الرئيسي.‏

غير ان اناسا آخرين كثيرين صاروا يقدِّرون قيمة ما هو مذكور في كلمة اللّٰه.‏ ففي بارّانكييا،‏ كولومبيا،‏ عندما شهد أُولاف أُولسُن لأنطونيو كارڤَهلينو،‏ الذي كان مؤيدا قويا لحركة سياسية معيَّنة،‏ لم ينحز الاخ أُولسُن اليه،‏ ولم يدافع عن ايديولوجية سياسية اخرى.‏ ولكنه عرض درسا مجانيا في الكتاب المقدس على أنطونيو وأخواته.‏ وسرعان ما ادرك أنطونيو ان ملكوت اللّٰه هو حقا الرجاء الوحيد لشعب كولومبيا الفقير وباقي العالم.‏ (‏مزمور ٧٢:‏​١-‏٤،‏ ١٢-‏١٤؛‏ دانيال ٢:‏٤٤‏)‏ فصار أنطونيو وأخواته خداما غيورين للّٰه.‏

وواقع ان المرسلين الشهود منفصلون ومتميزون عن النظام الديني للعالم المسيحي برز بطريقة اخرى في حادثة في روديسيا (‏الآن زمبابوي)‏.‏ فعندما قام دونالد موريسون بزيارة بيت احد مرسلي العالم المسيحي هناك،‏ تذمَّر المرسل ان الشهود لا يحترمون الحدود المرسومة.‏ اية حدود؟‏ كانت اديان العالم المسيحي قد قسَّمت البلد الى مناطق يعمل فيها كل دين دون تدخل من الآخر.‏ فلم يكن ممكنا ان يجاري شهود يهوه ترتيبا كهذا.‏ فقد قال يسوع انه سيُكرز برسالة الملكوت في كل المسكونة.‏ والعالم المسيحي لم يكن يفعل ذلك بالتأكيد.‏ والمرسلون المدرَّبون في جلعاد مصمِّمون على انجاز العمل كاملا،‏ اطاعة للمسيح.‏

لقد أُرسل هؤلاء المرسلون،‏ لا ليُخدَموا،‏ بل ليَخدموا.‏ وكان واضحا بطرائق عديدة ان ذلك هو حقا ما يسعَون اليه.‏ وليس خاطئا ان يقبلوا التدابير المادية التي تقدَّم بسخاء (‏وليس نتيجة استعطاء)‏ تقديرا للمساعدة الروحية.‏ ولكن لبلوغ قلوب الناس في ألاسكا،‏ وجد جون أريكيتي وهِرمُن وُودَرْد انه من المفيد ان يصرفا بعض الوقت على الاقل في العمل بأيديهما لتزويد حاجاتهما الجسدية،‏ كما فعل الرسول بولس.‏ (‏١ كورنثوس ٩:‏​١١،‏ ١٢؛‏ ٢ تسالونيكي ٣:‏​٧،‏ ٨‏)‏ فعملهما الرئيسي كان الكرازة بالبشارة.‏ ولكن عندما تجري اضافتهما،‏ كانا يساعدان ايضا في الاعمال التي يلزم انجازها —‏ مثلا،‏ طلي سطح بيت رجل بالقار لأنهما ادركا انه يحتاج الى المساعدة.‏ وعندما كانا يسافران من مكان الى مكان بالقارب،‏ كانا يساعدان في تفريغ الحمولة.‏ وسرعان ما ادرك الناس ان هذين المرسلين لم يكونا على الاطلاق كرجال دين العالم المسيحي.‏

في بعض الاماكن كان من الضروري ان يتخذ المرسلون الشهود عملا دنيويا لبعض الوقت فقط لكي يستقروا في البلد بحيث يتمكنون من مواصلة خدمتهم هناك.‏ وهكذا،‏ عندما ذهب جِسّي كانتوِل الى كولومبيا،‏ علَّم الانكليزية في قسم الجامعة الطبي الى ان تغيَّر الوضع السياسي وانتهت القيود الدينية.‏ وبعد ذلك تمكن من استعمال خبرته كامل الوقت في الخدمة كناظر جائل لشهود يهوه.‏

وفي اماكن كثيرة،‏ كان على المرسلين ان يبدأوا بتأشيرات سياحية تسمح لهم بدخول البلد لشهر واحد او ربما عدة شهور.‏ ثم كان عليهم ان يغادروا ويدخلوا ثانية.‏ لكنهم كانوا يثابرون،‏ مكررين العملية مرة بعد اخرى الى ان يحصلوا على اوراق الاقامة اللازمة.‏ فقد كانوا عازمين على مساعدة الناس في البلدان التي يُعيَّنون فيها.‏

لم يعتبر هؤلاء المرسلون انفسهم اسمى من الناس المحليين.‏ فكناظر جائل،‏ كان جون كَتْفورث،‏ الذي هو في الاصل استاذ مدرسة في كندا،‏ يزور الجماعات والشهود المنعزلين في پاپوا غينيا الجديدة.‏ وكان يجلس على الارض معهم،‏ يأكل معهم،‏ ويقبل الدعوات الى النوم على حصيرة على الارض في بيوتهم.‏ وتمتع برفقتهم فيما كانوا يمشون معا في خدمة الحقل.‏ ولكنَّ ذلك كان مدهشا لغير الشهود الذين يلاحظون،‏ لأن للرعاة الاوروپيين في ارساليات العالم المسيحي سمعة تحاشي الناس المحليين،‏ مخالطين اعضاء ابرشياتهم فقط لوقت قصير في بعض اجتماعاتهم،‏ ولكن دون ان يأكلوا معهم ابدا.‏

احس الناس الذين خدم بينهم هؤلاء الشهود بالاهتمام الحبي للمرسلين والهيئة التي ارسلتهم.‏ وتجاوبًا مع رسالة من جْوَاوْن مَنْكوكا،‏ افريقي متواضع محبوس في مستعمرة يُنفى اليها المجرمون في افريقيا الغربية الپرتغالية (‏الآن آنڠولا)‏،‏ أُرسل مرسل لبرج المراقبة لتزويد العون الروحي.‏ واذ تذكَّر تلك الزيارة،‏ قال مَنْكوكا لاحقا:‏ «لم يبقَ لديَّ ايّ شك في ان هذه هي الهيئة الحقيقية التي تحظى بتأييد اللّٰه.‏ لم اعتقد قط ان اية هيئة دينية اخرى تفعل شيئا كهذا:‏ دون مقابل،‏ ترسل مرسلا من بعيد ليزور شخصا عديم الاهمية لمجرد انه كتب رسالة.‏»‏

احوال وعادات العيش

في كثير من الاحيان لم تكن احوال العيش في البلدان التي أُرسل اليها المرسلون متقدِّمة ماديا كتلك التي في الاماكن التي اتوا منها.‏ فعندما حطّ روبرت كيرك في بورما (‏الآن ميانمار)‏ في وقت باكر من السنة ١٩٤٧،‏ كانت آثار الحرب لا تزال بادية،‏ وبيوت قليلة كانت فيها انوار كهربائية.‏ وفي بلدان كثيرة وجد المرسلون ان الثياب تُغسل قطعة قطعة على لوح غسيل او على الصخور عند النهر بدلا من غسَّالة كهربائية.‏ ولكنهم اتوا ليعلِّموا الناس حق الكتاب المقدس،‏ ولذلك تكيَّفوا وفقا للاحوال المحلية وانشغلوا بالخدمة.‏

وفي الايام الباكرة،‏ كانت الحالة غالبا انه لم يكن احد ينتظر ليرحِّب بالمرسلين.‏ فكان عليهم ان يجدوا هم انفسهم مكانا للسكن.‏ وعندما وصل تشارلز آيزنهاور و١١ آخرون الى كوبا في السنة ١٩٤٣،‏ قضوا الليلة الاولى نياما على الارض.‏ وفي اليوم التالي اشتروا اسرَّة وصنعوا خزائن وأدراجا من صناديق التفاح.‏ واذ استخدموا التبرعات التي يحصلون عليها من توزيع المطبوعات،‏ الى جانب المساعدة المتواضعة التي تزوِّدها جمعية برج المراقبة للفاتحين الخصوصيين،‏ التفت كل فريق من المرسلين الى يهوه كي يبارك جهوده لدفع الايجار،‏ الحصول على الطعام،‏ وتغطية النفقات الضرورية الاخرى.‏

وإعداد الوجبات كان احيانا يتطلب تغييرا في التفكير.‏ فحيث لا يوجد تبريد،‏ تكون الرحلات اليومية الى السوق ضرورية.‏ وفي بلدان كثيرة كان الطهي يُنجَز على الفحم او نيران الحطب بدلا من الغاز او الموقد الكهربائي.‏ ووجد جورج وويلا ماي واتْكِنز،‏ اللذان عُيِّنا في لَيبيريا،‏ ان موقدهما لا يتألَّف إلا من ثلاثة حجارة تُستعمل لتسند وعاء حديديا.‏

وماذا عن الماء؟‏ اذ كانت تنظر الى بيتها الجديد في الهند،‏ قالت روث ماكاي:‏ ‹انه بيت لم ارَ له مثيلا من قبل قط.‏ فالمطبخ ليس له حوض غسل،‏ وانما مجرد حنفية في زاوية الحائط وحافة مرتفعة من الاسمنت لمنع جريان الماء الى كامل الارضية.‏ ليس ان الماء يتدفق طوال ٢٤ ساعة،‏ ولكن يجب خزن الماء للاوقات التي ينقطع فيها.‏›‏

لأنهم لم يكونوا معتادين الاحوال المحلية،‏ أُصيب بعض المرسلين بالمرض خلال الاشهر الباكرة من تعيينهم.‏ فقد أُصيب رصل يَيْتْس بنوبة ديسنطاريا مرة بعد اخرى عندما وصل الى كوراساو في السنة ١٩٤٦.‏ لكنَّ اخا محليا قدَّم صلاة شكر حارة ليهوه من اجل المرسلين كي لا يفكِّروا في الرحيل.‏ وعند الوصول الى ڤولتا العليا (‏الآن بركينا فازو)‏،‏ وجد بْرَيان وإلكا وايز انفسهما في مناخ قاسٍ يؤثر في صحة المرء.‏ فكان عليهما ان يتعلَّما مواجهة درجة حرارة النهار البالغة ١٠٩°ف (‏٤٣°م)‏.‏ فخلال سنتهما الاولى،‏ جعلت الحرارة الشديدة الى جانب الملاريا إلكا مريضة طوال اسابيع كلَّ مرة.‏ وفي السنة التالية،‏ لازم بْرَيان الفراش طوال خمسة اشهر اذ أُصيب بحالة قوية من التهاب الكبد.‏ ولكنهما سرعان ما وجدا ان لديهما دروسا جيدة في الكتاب المقدس اكثر مما يمكنهما الاهتمام به.‏ والمحبة لهؤلاء الناس ساعدتهما على المثابرة؛‏ وكذلك ايضا واقع اعتبارهما تعيينهما امتيازا وتدريبا جيدا على ما يخبئه يهوه لهما في المستقبل.‏

اذ مرت السنون،‏ جرى الترحيب بالمزيد من المرسلين في تعييناتهم من قبل الذين سبقوهم او من قبل الشهود المحليين.‏ وعُيِّن البعض في البلدان حيث المدن الرئيسية حديثة تماما.‏ وابتداء من السنة ١٩٤٦ حاولت جمعية برج المراقبة ايضا ان تزوِّد بيتا مناسبا وأثاثا اساسيا لكل فريق من المرسلين بالاضافة الى مال للطعام،‏ وهكذا حرَّرتهم من هذا الهمّ ومكَّنتهم من توجيه المزيد من انتباههم الى عمل الكرازة.‏

في عدد من الاماكن كان التنقل اختبارا يمتحن احتمالهم.‏ فبعد ان تُمطر،‏ كانت اكثر من اخت مرسلة في پاپوا غينيا الجديدة تجد نفسها تحمل مؤنا في كيس على الظهر وهي تسير عبر الغابة في ممرّ زلِق وَحِل جدا حتى ان الوحل ينزع حذاءها احيانا.‏ وفي اميركا الجنوبية اختبر عدد غير قليل من المرسلين رحلات بالباص توقف شعر الرأس في طرقات ضيقة مرتفعة في جبال الأنديز.‏ وهو اختبار لا يُنسى سريعا ان يمرّ باصكم،‏ وهو في جهة الوادي،‏ بسيارة كبيرة اخرى مقبلة في الاتجاه المعاكس عند منعطف بلا حاجز فتشعرون بأن الباص ابتدأ يقع من فوق الحافة!‏

بدت الثورات السياسية جزءا عاديا من الحياة في بعض الاماكن،‏ إلا ان المرسلين الشهود كانوا يذكرون قول يسوع ان تلاميذه ‹ليسوا جزءا من العالم›؛‏ ولذلك كانوا حياديين ازاء نزاعات كهذه.‏ (‏يوحنا ١٥:‏١٩‏،‏ ع‌ج‏)‏ لقد تعلَّموا ان يقمعوا ايّ فضول يعرِّضهم لخطر لا داعي اليه.‏ وغالبا ما كان الامر الافضل البقاء بعيدين عن الشوارع الى ان يهدأ الوضع.‏ وكان هنالك تسعة مرسلين في ڤيتنام يسكنون في وسط سايڠون (‏الآن مدينة هو تشي مِنْهْ)‏ عندما احاطت الحرب بتلك المدينة.‏ فكان يمكنهم ان يروا القنابل تتساقط،‏ النيران في كل مكان من المدينة،‏ وآلاف الناس يهربون حفاظا على حياتهم.‏ ولكنهم اذ قدَّروا ان يهوه ارسلهم لايصال المعرفة المانحة الحياة الى الناس الجياع للحق،‏ تطلعوا اليه من اجل الحماية.‏

وحتى عندما كان هنالك سلام نسبي،‏ كان من الصعب على المرسلين ان يواصلوا خدمتهم في بعض انحاء المدن الآسيوية.‏ فكان مجرد مظهر الاجنبي في الشوارع الضيقة لناحية فقيرة في لاهور،‏ پاكستان،‏ كافيا لجذب جمع من الاولاد غير المغتسلين وغير المهذبين من كل الاعمار.‏ واذ يصرخون ويدفعون احدهم الآخر،‏ يتبعون المرسل من بيت الى بيت،‏ مقحمين انفسهم غالبا في البيوت بعد الناشر.‏ وسرعان ما يجري اخبار الشارع بكامله بسعر المجلات وأن الغريب ‹يصنع مسيحيين.‏› وفي ظروف كهذه،‏ كان من الضروري عادةً ترك المنطقة.‏ وغالبا ما كان الرحيل مصحوبا بالصياح،‏ التصفيق،‏ وأحيانا بوابل من الحجارة.‏

كانت العادات المحلية تتطلب غالبا بعض التعديلات من جهة المرسلين.‏ ففي اليابان تعلَّموا ان يتركوا احذيتهم في الرواق عند دخول البيت.‏ وكان عليهم ان يعتادوا ان امكن الجلوس على الارض امام طاولة منخفضة في دروس الكتاب المقدس.‏ وفي بعض انحاء افريقيا،‏ تعلَّموا ان استعمال اليد اليسرى لعرض شيء على شخص آخر يُعتبر اهانة.‏ ووجدوا انه في تلك الناحية من العالم،‏ كانت آدابا سيئة محاولة توضيح سبب زيارتهم قبل الانهماك في شيء من الدردشة —‏ مستفسرين بشكل متبادل عن الصحة ومجيبين عن اسئلة تتعلق بالمكان الذي اتى منه المرء،‏ عدد الاولاد الذين لديه،‏ وهلم جرا.‏ وفي البرازيل وجد المرسلون انه بدلا من طرق الابواب،‏ يلزمهم عادةً ان يصفقوا عند البوابة الامامية لاستدعاء صاحب البيت.‏

أما في لبنان،‏ فقد واجه المرسلون عادات من نوع آخر.‏ فكان اخوة قليلون يجلبون زوجاتهم وبناتهم الى الاجتماعات.‏ والنساء اللواتي حضرن كن يجلسن دائما في الخلف،‏ وليس مطلقا بين الرجال.‏ والمرسلون،‏ اذ لم يعرفوا العادة،‏ سبَّبوا ازعاجا ليس بقليل في اجتماعهم الاول.‏ فقد جلس زوجان في المقدمة،‏ والمرسلات العوازب جلسن حيثما وجدن مقعدا فارغا.‏ ولكن بعد الاجتماع ساعدت مناقشة للمبادئ المسيحية على تصفية الجو.‏ (‏قارنوا تثنية ٣١:‏١٢؛‏ غلاطية ٣:‏٢٨‏.‏)‏ فتوقف العزل.‏ وحضر المزيد من الزوجات والبنات الاجتماعات.‏ وانضممن ايضا الى الاخوات المرسلات في الخدمة من بيت الى بيت.‏

تحدي لغة جديدة

ان الفريق الصغير من المرسلين الذين وصلوا الى مارتينيك في السنة ١٩٤٩ كانوا يعرفون القليل جدا من الفرنسية،‏ ولكنهم كانوا يعلمون ان الناس يحتاجون الى رسالة الملكوت.‏ وبايمان حقيقي شرعوا في العمل من باب الى باب،‏ محاولين قراءة أعداد قليلة من الكتاب المقدس او مقتطفات من مطبوعة يعرضونها.‏ وبالصبر تحسنت لغتهم الفرنسية تدريجيا.‏

ومع ان رغبتهم هي مساعدة الشهود المحليين وأشخاص مهتمين آخرين،‏ غالبا ما كان المرسلون انفسهم يحتاجون الى المساعدة اولا —‏ في ما يتعلق باللغة.‏ فالذين أُرسلوا الى توڠو وجدوا ان قواعد الايوية،‏ اللغة المحلية الرئيسية،‏ مختلفة تماما عن تلك التي للّغات الاوروپية،‏ وأن طبقة الصوت ايضا التي تُذكَر بها الكلمة يمكن ان تغيِّر المعنى.‏ وهكذا فان الكلمة المؤلَّفة من حرفين to‏،‏ عند التلفظ بها بطبقة مرتفعة،‏ يمكن ان تعني أُذنا،‏ جبلا،‏ حَمًا،‏ او قبيلة؛‏ وبطبقة منخفضة،‏ تعني جاموسا.‏ والمرسلون الذين باشروا الخدمة في ڤيتنام واجهوا لغة تستخدم ستة اختلافات في النغمة في اية كلمة محدَّدة،‏ اذ تنقل كل نغمة معنى مختلفا.‏

أدنا وُترْفول،‏ اذ عُيِّنت في پيرو،‏ لم تنسَ سريعا البيت الاول الذي حاولت فيه ان تشهد بالاسپانية.‏ فبسبب القلق،‏ تلعثمت في عرضها المحفوظ غيبا،‏ قدَّمت المطبوعات،‏ ورتَّبت لدرس في الكتاب المقدس مع سيدة مسنة.‏ ثم قالت المرأة بانكليزية سليمة:‏ «حسنا،‏ كل ذلك جيد جدا.‏ سأدرس معك وسنفعل كل ذلك بالاسپانية لمساعدتك على تعلُّم الاسپانية.‏» واذ صُدمت أدنا اجابت:‏ «انت تعرفين الانكليزية؟‏ وتركتني اقول كل ذلك باسپانيتي الضعيفة؟‏» فردَّت المرأة:‏ «كان ذلك جيدا لك.‏» لقد كان كذلك فعلا!‏ وكما قدَّرت أدنا سريعا،‏ فان التكلم بلغة هو جزء مهم حقا من تعلُّمها.‏

في ايطاليا،‏ عندما حاول جورج فْرِيدْيانِللي ان يتكلم اللغة،‏ وجد ان ما كان يعتقد انه تعابير ايطالية (‏لكنه في الواقع كلمات انكليزية مكيَّفة لتنسجم مع الايطالية)‏ هو غير مفهوم.‏ وللتغلب على المشكلة،‏ قرَّر ان يكتب خطاباته للجماعات كاملا ويلقيها من مخطوطة.‏ لكنَّ كثيرين من حضوره كانوا ينامون.‏ ولذلك تخلص من المخطوطة،‏ تكلم ارتجاليا،‏ وطلب من الحضور ان يساعدوه عندما يتلعثم.‏ فأبقاهم ذلك متيقظين،‏ وساعده على التقدُّم.‏

ولاعطاء المرسلين انطلاقة في ما يتعلق بلغتهم الجديدة،‏ تضمَّن مقرَّر جلعاد الدراسي للصفوف الباكرة لغات كالاسپانية،‏ الفرنسية،‏ الايطالية،‏ الپرتغالية،‏ اليابانية،‏ العربية،‏ والأوردية.‏ وعلى مر السنين،‏ جرى تعليم اكثر من ٣٠ لغة.‏ ولكن بما ان المتخرجين في صف معيَّن لم يذهبوا جميعا الى الاماكن التي يجري التكلم فيها باللغة نفسها،‏ استُبدلت صفوف اللغة هذه لاحقا بترتيبات لفترة مكثَّفة من درس اللغة تحت اشراف استاذ عند الوصول الى تعييناتهم.‏ وطوال الشهر الاول كان القادمون الجدد ينهمكون كليا في درس اللغة ١١ ساعة في اليوم؛‏ وفي الشهر التالي كان نصف وقتهم يُصرَف في درس اللغة في البيت،‏ والنصف الآخر يُخصَّص لاستعمال هذه المعرفة في خدمة الحقل.‏

ولكن لوحظ ان الاستعمال الفعلي للُّغة في خدمة الحقل هو المفتاح الرئيسي للتقدُّم؛‏ فصُنع تعديل.‏ وخلال الاشهر الثلاثة الاولى من تعيينهم كان المرسلون الجدد الذين لا يعرفون اللغة المحلية يصرفون اربع ساعات في اليوم مع استاذ كفء،‏ ومن البداية،‏ بالشهادة للناس المحليين عن ملكوت اللّٰه،‏ كانوا يطبقون ما يتعلَّمونه.‏

عملت مجموعات مرسلين كثيرة كفرق لتحسين فهمهم للُّغة.‏ فكانوا يناقشون عددا قليلا،‏ او ما يبلغ ٢٠،‏ من الكلمات الجديدة كل يوم على الفطور وبعد ذلك يحاولون استعمالها في خدمتهم للحقل.‏

ان تعلُّم اللغة المحلية عامل مهم في كسبهم ثقة الناس.‏ ففي بعض الاماكن،‏ هنالك شيء من عدم الثقة بالاجانب.‏ هيو وكارول كورميكَن خدما كعازبين او كمتزوجين في خمسة بلدان افريقية.‏ وهما يعرفان تماما عدم الثقة الذي يوجد غالبا بين الافريقيين والاوروپيين.‏ ولكنهما يقولان:‏ «ان التكلم باللغة المحلية يبدِّد سريعا هذا الشعور.‏ وأيضا فان الآخرين الذين لا يميلون الى سماع البشارة من اهل بلدهم يصغون الينا بسرعة،‏ يأخذون المطبوعات،‏ ويدرسون،‏ لأننا قمنا بجهد للتكلم اليهم بلغتهم الخاصة.‏» ولكي يفعل ذلك،‏ تعلَّم الاخ كورميكَن خمس لغات،‏ ما عدا الانكليزية،‏ وتعلَّمت الاخت كورميكَن ست لغات.‏

طبعا،‏ يمكن ان تنشأ المشاكل عند محاولة تعلُّم لغة جديدة.‏ ففي پورتو ريكو كان الاخ الذي يعرض ان يشغِّل رسالة مسجَّلة من الكتاب المقدس لاصحاب البيوت يقفل فونوڠرافه ويذهب الى الباب التالي عندما يجيب الشخص،‏ ‏«كومو نو!‏»‏ بالنسبة اليه،‏ بدت هذه العبارة مثل «لا،‏» ومر وقت قبل ان يعلم ان هذا التعبير يعني «لمَ لا!‏» ومن ناحية اخرى،‏ لم يكن المرسلون يفهمون احيانا عندما يقول صاحب البيت انه ليس مهتما،‏ ولذلك كانوا يداومون على الشهادة.‏ فاستفاد عدد قليل من اصحاب البيوت المتعاطفين نتيجة ذلك.‏

ونشأت حالات طريفة ايضا.‏ فقد تعلَّم لسْلي فرانكس،‏ في سنڠافورة،‏ انه يجب ان ينتبه لئلا يتكلم عن جوزة الهند (‏كيلاپا‏)‏ عندما يعني الرأس (‏كيپالا‏)‏،‏ والعشب (‏رامپَت‏)‏ عندما يعني الشَّعر (‏رامبَت‏)‏.‏ وسأل مرسل في سامْوا،‏ بسبب سوء اللفظ،‏ احد السكان،‏ «كيف هي لحيتك؟‏» (‏لم تكن لديه لحية)‏،‏ في حين كان المقصود سؤالا مهذَّبا عن زوجة الرجل.‏ وفي إكوادور عندما انطلق سائق الباص فجأة،‏ فقدت زولا هوفمَن،‏ التي كانت تقف في الباص،‏ توازنها وسقطت في حضن رجل.‏ واذ شعرت بالارتباك،‏ حاولت ان تعتذر.‏ ولكن كانت الكلمات التي خرجت،‏ ‏«كون سو پِرْميسو»‏ (‏عن إذنك)‏.‏ وعندما اجاب الرجل بلطف،‏ «اهلا بك،‏ سيدتي،‏» انفجر الركاب الآخرون بالضحك.‏

إلا ان النتائج الجيدة في الخدمة كانت وشيكة لأن المرسلين قاموا بمحاولات جدية.‏ تتذكر لويس داير،‏ التي وصلت الى اليابان سنة ١٩٥٠،‏ النصيحة التي اعطاها الاخ نور:‏ «افعلوا ما في وسعكم،‏ ولو ارتكبتم الاخطاء افعلوا شيئا!‏»‏ وقد فعلت ذلك،‏ كما فعل آخرون كثيرون.‏ وخلال السنوات الـ‍ ٤٢ التالية،‏ رأى المرسلون الذين أُرسلوا الى اليابان عدد المنادين بالملكوت هناك يزداد من مجرد حفنة الى اكثر من ٠٠٠‏,١٧٠،‏ والنمو مستمر.‏ فيا لها من مكافأة سخية لأنهم،‏ بعدما تطلعوا الى يهوه من اجل التوجيه،‏ كانوا مستعدين للمحاولة!‏

افتتاح حقول جديدة،‏ تطوير اخرى

ان المرسلين المدرَّبين في جلعاد،‏ في عشرات البلدان ومجموعات الجزر،‏ هم الذين إما افتتحوا عمل الكرازة بالملكوت او اعطوه الزخم اللازم بعد مقدار محدود من الشهادة التي قام بها آخرون.‏ وكانوا على ما يبدو الاولين من شهود يهوه الذين يكرزون بالبشارة في الصومال،‏ السودان،‏ لاوُس،‏ ومجموعات جزر عديدة حول الكرة الارضية.‏

وجرى القيام بشيء من الكرازة الابكر في اماكن مثل بوليڤيا،‏ جمهورية الدومينيكان،‏ إكوادور،‏ السلڤادور،‏ هُندوراس،‏ نيكاراڠْوا،‏ إثيوپيا،‏ ڠامبيا،‏ لَيبيريا،‏ كَمبوديا،‏ هونڠ كونڠ،‏ اليابان،‏ وڤيتنام.‏ ولكن لم يكن هنالك ايٌّ من شهود يهوه يقدِّم تقريرا عن نشاطه في هذه البلدان عندما وصل اول المتخرجين الارساليين في مدرسة جلعاد.‏ وحيثما امكن باشر المرسلون تغطية نظامية للبلد،‏ مركِّزين اولا على المدن الاكبر.‏ ولم يوزِّعوا فقط المطبوعات ويمضوا،‏ كما كان موزعو المطبوعات الجائلون يفعلون في الماضي.‏ وانما قاموا بصبر بزيارة الاشخاص المهتمين،‏ اداروا دروسا في الكتاب المقدس معهم،‏ ودرَّبوهم في خدمة الحقل.‏

وكان لدى بلدان اخرى نحو عشرة منادين بالملكوت فقط (‏وفي حالات كثيرة اقل)‏ قبل وصول المتخرجين الارساليين في مدرسة جلعاد.‏ وكان بين هذه البلدان كولومبيا،‏ ڠواتيمالا،‏ هايتي،‏ پورتو ريكو،‏ ڤنزويلا،‏ بوروندي،‏ ساحل العاج،‏ كينيا،‏ موريشيوس،‏ السنڠال،‏ جنوب غرب افريقيا (‏الآن ناميبيا)‏،‏ سيلان (‏الآن سْري لانكا)‏،‏ الصين،‏ وسنڠافورة،‏ الى جانب مجموعات جزر عديدة.‏ وقد رسم المرسلون مثالا غيورا في الخدمة،‏ ساعدوا الشهود المحليين على تحسين قدراتهم،‏ نظَّموا الجماعات،‏ وعاونوا الاخوة على التأهل لأخذ القيادة.‏ وفي حالات كثيرة افتتحوا ايضا عمل الكرازة في المناطق التي لم يجرِ بلوغها من قبل.‏

بهذه المساعدة ابتدأ عدد الشهود يزداد.‏ وفي معظم هذه البلدان،‏ هنالك الآن آلاف من شهود يهوه النشاطى.‏ وفي بعضها،‏ هنالك عشرات الآلاف،‏ او حتى اكثر من مئة الف،‏ من مسبِّحي يهوه.‏

بعض الناس كانوا تواقين الى الاصغاء

وجد المرسلون في بعض المناطق اناسا كثيرين راغبين وتواقين الى التعلُّم.‏ فعندما وصل تِد ودورِس كلاين،‏ متخرجان في الصف الاول من جلعاد،‏ الى الجزر العذراء في السنة ١٩٤٧،‏ كان هنالك اناس كثيرون يريدون ان يدرسوا الكتاب المقدس حتى انهما غالبا ما كانا يُنهيان يوم خدمتهما عند منتصف الليل.‏ وبالنسبة الى المحاضرة العامة الاولى التي ألقاها الاخ كلاين في ماركت سكوير في شارلوت آمالي،‏ كان عدد الحضور الف شخص.‏

أُرسل جوزيف ماكْڠْرا وسيريل تشارلز الى مقاطعة أميس في تايوان سنة ١٩٤٩.‏ فوجدا انفسهما يسكنان في بيوت ذات سقوف من القش وأرضيات ترابية.‏ ولكنهما كانا هناك لمساعدة الناس.‏ وبعض الناس من قبيلة أميس كانوا قد حصلوا على مطبوعات برج المراقبة،‏ سُرُّوا بما قرأوه،‏ وأخبروا الآخرين بالبشارة.‏ والآن كان المرسلان هناك لمساعدتهم على النمو روحيا.‏ فأُخبرا ان ٦٠٠ شخص مهتمون بالحق،‏ لكنَّ مجموعا من ٦٠٠‏,١ حضروا الاجتماعات التي عقداها فيما كانا يتنقلان من قرية الى قرية.‏ وهؤلاء الناس المتواضعون كانوا راغبين في التعلُّم،‏ ولكن كانت تنقصهم المعرفة الدقيقة لامور كثيرة.‏ فابتدأ الاخوان بصبر يعلِّمانهم،‏ متناولَين موضوعا واحدا كلَّ مرة،‏ مخصِّصَين غالبا ثماني ساعات او اكثر لمناقشة موضوع بطريقة السؤال والجواب في كل قرية.‏ وزُوِّد التدريب ايضا للـ‍ ١٤٠ الذين عبَّروا عن الرغبة في الاشتراك في الشهادة من بيت الى بيت.‏ فيا للاختبار المبهج الذي حصل عليه المرسلان!‏ ولكن لا يزال هنالك الكثير لفعله اذا كان سيحدث نمو روحي ثابت.‏

بعد نحو ١٢ سنة،‏ عُيِّن هارڤي وكاثلين لوڠَن،‏ مرسلان مدرَّبان في جلعاد كانا يخدمان في اليابان،‏ لتزويد عون اضافي للاخوة في أميس.‏ فكان الاخ لوڠَن يصرف كثيرا من الوقت في مساعدتهم على فهم عقيدة ومبادئ الكتاب المقدس الاساسية والمسائل التنظيمية.‏ والاخت لوڠَن كانت تعمل مع الاخوات في أميس في خدمة الحقل كل يوم،‏ وبعد ذلك تحاول ان تدرس معهم حقائق الكتاب المقدس الاساسية.‏ ثم،‏ في السنة ١٩٦٣،‏ رتَّبت جمعية برج المراقبة ان يجتمع مندوبون من ٢٨ بلدا مع الشهود المحليين هناك في قرية شو فَنڠ في ما يتعلق بمحفل حول العالم.‏ كل ذلك بدأ بوضع اساس متين لنمو اضافي.‏

في السنة ١٩٤٨،‏ وصل مرسلان،‏ هاري أرنوت وإيان فِرْڠَسُن،‏ الى روديسيا الشمالية (‏الآن زامبيا)‏.‏ وكانت هنالك ٢٥٢ جماعة من الشهود الافريقيين المحليين في ذلك الحين،‏ ولكن الآن مُنح الانتباه ايضا للاوروپيين الذين انتقلوا الى هناك بسبب عمليات تعدين النحاس.‏ فكان التجاوب مثيرا.‏ ووُزِّع الكثير من المطبوعات؛‏ وتقدَّم بسرعة اولئك الذين أُديرت معهم دروس في الكتاب المقدس.‏ فشهدت تلك السنة زيادة ٦١ في المئة في عدد الشهود النشاطى في خدمة الحقل.‏

في اماكن كثيرة لم يكن غير عادي ان تكون لدى المرسلين لوائح انتظار بالناس الذين يريدون دروسا في الكتاب المقدس.‏ وفي بعض الاحيان كان الاقرباء،‏ الجيران،‏ وأصدقاء آخرون يحضرون ايضا عندما تدار الدروس.‏ وحتى قبل ان يتمكن الناس من حيازة درسهم الشخصي في الكتاب المقدس،‏ كانوا يحضرون قانونيا الاجتماعات في قاعة الملكوت.‏

ولكن،‏ في بلدان اخرى،‏ على الرغم من بذل المرسلين جهدا كبيرا كان الحصاد محدودا جدا.‏ فقديما في السنة ١٩٥٣ أُرسل مرسلو برج المراقبة الى پاكستان الشرقية (‏الآن بنڠلادِش)‏ حيث اغلبية السكان،‏ الذين يتجاوز عددهم الآن ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١١٥،‏ مسلمون وهندوس.‏ وبُذل جهد كبير لمساعدة الناس.‏ ومع ذلك،‏ بحلول السنة ١٩٩٢،‏ كان هنالك ٤٢ عابدا ليهوه فقط في هذا البلد.‏ إلا ان كل مَن يتبنى العبادة الحقة،‏ في نظر المرسلين الذين يخدمون في مناطق كهذه،‏ هو ثمين بشكل خصوصي —‏ لأنهم نادرون جدا.‏

المساعدة الحبية للشهود الرفقاء

ان عمل المرسلين الاساسي هو التبشير،‏ الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه.‏ ولكن فيما كانوا ينهمكون شخصيا في هذا النشاط،‏ استطاعوا ايضا ان يزوِّدوا عونا كبيرا للشهود المحليين.‏ فالمرسلون دعوهم الى مرافقتهم في خدمة الحقل وأعطوهم اقتراحات تتعلق بكيفية التعامل مع الاحوال الصعبة.‏ وبملاحظة المرسلين،‏ كثيرا ما كان الشهود المحليون يتعلَّمون كيف ينجزون خدمتهم بطريقة اكثر تنظيما وكيف يكونون معلِّمين اكثر فعَّالية.‏ وبدورهم،‏ كان الشهود المحليون يساعدون المرسلين على التكيُّف وفقا للعادات المحلية.‏

عند وصول جون كوك الى الپرتغال سنة ١٩٤٨،‏ اتَّخذ خطوات لجعل العمل من بيت الى بيت منظَّما.‏ ومع ان الشهود المحليين كانوا طوعيين،‏ احتاج كثيرون منهم الى التدريب.‏ قال لاحقا:‏ «لن انسى ابدا احدى المرات الاولى التي خرجتُ فيها في الخدمة مع الاخوات في ألمادا.‏ نعم،‏ ست منهن كن يذهبن معا الى البيت نفسه.‏ يمكنكم ان تتخيلوا فريقا من ست نساء يقفن حول الباب فيما تقدِّم احداهن الموعظة!‏ ولكنَّ الامور ابتدأت تتطور وتتقدَّم شيئا فشيئا.‏»‏

ان مثال شجاعة المرسلين ساعد الشهود في جزر لِيوَرْد ان يكونوا جريئين،‏ غير مخوَّفين من المقاومين الذين حاولوا ان يعرقلوا العمل.‏ والايمان الذي اظهره مرسل ساعد الاخوة في اسپانيا على الابتداء بالخدمة من بيت الى بيت،‏ على الرغم من الحكم الدكتاتوري الفاشي الكاثوليكي الذي كانوا يعيشون في ظله في ذلك الوقت.‏ والمرسلون الذين كانوا يخدمون في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية رسموا مثالا في اللباقة —‏ غير متحدثين كثيرا عن فشل الدين القومي،‏ بعد ان انكر الامبراطور الياباني الوهيته،‏ بل مقدِّمين بالحري الدليل المقنع على الايمان بالخالق.‏

لاحظ الشهود المحليون المرسلين وغالبا ما كانوا يتأثرون بعمق بطرائق ربما لم يكن المرسلون يدركونها في ذلك الحين.‏ ففي ترينيداد لا يزال يجري التحدث بعد سنوات كثيرة عن الحوادث التي ظهر فيها تواضع المرسلين،‏ استعدادهم لتحمل الاحوال الصعبة،‏ وعملهم الجدّي في خدمة يهوه على الرغم من الطقس الحار.‏ والشهود في كوريا تأثروا بعمق بروح التضحية بالذات للمرسلين الذين لم يغادروا البلد طوال عشر سنوات ليزوروا عائلاتهم لأن الحكومة لم تكن لتمنح إذنا في الدخول ثانية إلا في حالات «انسانية» طارئة قليلة.‏

خلال وبعد درسهم الاولي في جلعاد،‏ اخذ معظم المرسلين فكرة عن كثب تتعلق بسير عمل المركز الرئيسي لهيئة يهوه المنظورة.‏ وكثيرا ما كانت تسنح لهم فرصة كبيرة لمعاشرة اعضاء الهيئة الحاكمة.‏ ولاحقا،‏ في تعييناتهم الارسالية،‏ كانوا قادرين ان ينقلوا الى الشهود المحليين والاشخاص المهتمين حديثا تقارير شهود عيان عن الطريقة التي تعمل بها الهيئة وأن يعبِّروا لهم عن التقدير الذي يكنونه هم انفسهم لها.‏ وعمق التقدير الذي كانوا يظهرونه في ما يختص بسير عمل الهيئة الثيوقراطي كثيرا ما كان عاملا مهما في النمو الذي اختُبر.‏

في كثير من الاماكن التي أُرسل اليها المرسلون،‏ لم تكن هنالك اجتماعات جماعية عندما وصلوا.‏ ولذلك كانوا يقومون بالترتيبات اللازمة،‏ يديرون الاجتماعات،‏ ويعالجون معظم اجزاء الاجتماعات الى ان يتأهل آخرون للمشاركة في هذه الامتيازات.‏ وكانوا يدرِّبون باستمرار اخوة آخرين ليصيروا مؤهلين لتولّي المسؤولية.‏ (‏٢ تيموثاوس ٢:‏٢‏)‏ ومكان الاجتماع الاول كان عادة بيت المرسلين.‏ ولاحقا صُنعت ترتيبات لقاعات الملكوت.‏

وحيثما كانت توجد جماعات من قبل،‏ ساهم المرسلون في جعل الاجتماعات ممتعة وتعليمية اكثر.‏ فتعليقاتهم المحضَّرة جيدا قُدِّرت،‏ وسرعان ما وضعت نموذجا حاول الآخرون الاقتداء به.‏ واذ استخدم الاخوة تدريبهم في جلعاد،‏ رسموا مثالا حسنا في الخطابة العامة والتعليم،‏ وصرفوا الوقت بسرور مع الاخوة المحليين لمساعدتهم على تعلُّم هذا الفن.‏ وفي البلدان التي فيها لا يهتم الناس بالوقت عادةً ولا يراعون المواعيد خصوصا،‏ ساعدهم المرسلون ايضا بصبر على تقدير قيمة الابتداء بالاجتماعات في الوقت المحدَّد وشجعوا الجميع ان يكونوا هناك في الوقت المحدَّد.‏

ان الاحوال التي وجدوها في بعض الاماكن دلَّت ان المساعدة كانت لازمة لبناء التقدير لاهمية الالتصاق بمقاييس يهوه البارة.‏ ففي بوتْسْوانا،‏ مثلا،‏ وجدوا ان بعض الاخوات لا يزلن يضعن خيوطا او خَرَزا على اطفالهنَّ كحماية من الاذى،‏ غير مقدِّرات كاملا ان هذه العادة متأصلة في الخرافة والشعوذة.‏ وفي الپرتغال وجدوا ظروفا تسبِّب الانقسام.‏ وبالصبر،‏ المساعدة الحبية،‏ والحزم عند اللزوم،‏ صارت الصحة الروحية المتحسنة ظاهرة.‏

خصَّص المرسلون المعيَّنون في مراكز اشراف في فنلندا الكثير من الوقت والجهد لتدريب الاخوة المحليين على المباحثة في المسائل في ضوء مبادئ الكتاب المقدس وبالتالي الوصول الى استنتاج يتفق مع تفكير اللّٰه.‏ وفي الارجنتين ساعدوا الاخوة ايضا على تعلُّم قيمة البرنامج،‏ كيفية حفظ السجلات،‏ اهمية الملفات.‏ وفي المانيا ساعدوا اخوة اولياء كانوا في بعض المجالات صارمين تماما في آرائهم،‏ نتيجة لمكافحتهم للنجاة في معسكرات الاعتقال،‏ على الاقتداء بشكل اكمل بطرائق يسوع المسيح المتسمة بالوداعة فيما يرعون رعية اللّٰه.‏ —‏ متى ١١:‏​٢٨-‏٣٠؛‏ اعمال ٢٠:‏٢٨‏.‏

شمل عمل بعض المرسلين التعامل مع الرسميين الحكوميين،‏ مجيبين عن اسئلتهم،‏ ومقدِّمين طلبا من اجل الاعتراف الشرعي بعمل شهود يهوه.‏ مثلا،‏ طوال فترة اربع سنوات تقريبا،‏ قام الاخ جالي،‏ الذي كان معيَّنا مع زوجته في الكَمَرون،‏ بجهود متكررة للحصول على اعتراف شرعي.‏ فتكلم مرارا الى الرسميين الفرنسيين والافريقيين.‏ وأخيرا،‏ بعد تغيُّر الحكومة،‏ مُنح الاعتراف الشرعي.‏ وبحلول هذا الوقت كان الشهود نشاطى في الكَمَرون طوال ٢٧ سنة وكان عددهم قد بلغ اكثر من ٠٠٠‏,٦.‏

مواجهة تحديات الخدمة الجائلة

كان بعض المرسلين معيَّنين ليخدموا كنظار جائلين.‏ وكانت هنالك حاجة خصوصية في اوستراليا،‏ حيث تحولت بعض جهود الاخوة بشكل غير حكيم عن مصالح الملكوت الى المساعي الدنيوية خلال الحرب العالمية الثانية.‏ فجرى تقويم ذلك في حينه،‏ وخلال زيارة قام بها الاخ نور في السنة ١٩٤٧،‏ شُدِّد على اهمية إبقاء عمل الكرازة بالملكوت في المقدمة.‏ ومن ذلك الحين فصاعدا،‏ صارت الحماسة،‏ المثال الحسن،‏ والاساليب التعليمية لخريجي جلعاد الذين خدموا كنظار دوائر وكور تساعد اكثر على تنمية جو روحي اصيل بين الشهود هناك.‏

والمشاركة في مثل هذه الخدمة الجائلة كثيرا ما تطلبت الرغبة في بذل جهد كبير ومواجهة الخطر.‏ وقد وجد والاس ليڤِرَنس ان الطريقة الوحيدة للوصول الى عائلة من الناشرين المنعزلين في ڤولكان،‏ بوليڤيا،‏ هي ان يسير في رحلة طولها ٥٥ ميلا (‏٩٠ كلم)‏ ذهابا وإيابا عبر ارض صخرية قاحلة تحت شمس محرقة على ارتفاع ٠٠٠‏,١١ قدم (‏٤٠٠‏,٣ م)‏ تقريبا،‏ فيما يحمل كيس نومه،‏ طعامه،‏ ماءه،‏ ومطبوعاته.‏ وليخدم الجماعات في الفيليپين،‏ ركب نيل كَلاوَي تكرارا في باصات تقوم برحلات الى الريف مزدحمة بالركاب يجري فيها تقاسم الاماكن ليس فقط مع الناس وانما ايضا مع الحيوانات والمحاصيل.‏ وريتشارد كاتِرِل بدأ عمله كناظر جائل في الهند في وقت كان يُقتل فيه آلاف الناس بسبب البغض الديني.‏ وعندما صُنع برنامج ليخدم الاخوةَ في منطقة شغب،‏ حاول موظف الحجز في السكة الحديدية اقناعه بالعدول عن الذهاب.‏ لقد كانت رحلة كابوس لمعظم الركاب،‏ لكنَّ الاخ كاتِرِل كان يحب اخوته بعمق،‏ بصرف النظر عن المكان الذي يعيشون فيه او اللغة التي يتكلمونها.‏ وبثقة بيهوه فكَّر:‏ «اذا شاء يهوه،‏ فسأحاول ان اصل الى هناك.‏» —‏ يعقوب ٤:‏١٥‏.‏

تشجيع الآخرين على الاشتراك في الخدمة كامل الوقت

نتيجة لروح الغيرة التي اعرب عنها المرسلون،‏ اقتدى كثيرون ممَّن علَّموهم بمثالهم بالانخراط في الخدمة كامل الوقت.‏ ففي اليابان،‏ حيث خدم ١٦٨ مرسلا،‏ كان هنالك ٩٥٦‏,٧٥ فاتحا في السنة ١٩٩٢؛‏ اكثر من ٤٠ في المئة من الناشرين في اليابان كانوا في فرع من فروع الخدمة كامل الوقت.‏ وفي جمهورية كوريا،‏ كانت النسبة مماثلة.‏

ومن البلدان التي فيها نسبة الشهود الى عدد السكان مؤاتية تماما دُعي كثيرون من الخدام كامل الوقت لتلقّي التدريب في مدرسة جلعاد ثم أُرسلوا ليخدموا في اماكن اخرى.‏ وقد اتت أعداد كبيرة من المرسلين من الولايات المتحدة وكندا؛‏ نحو ٤٠٠ من بريطانيا؛‏ اكثر من ٢٤٠ من المانيا؛‏ ما يزيد على ١٥٠ من اوستراليا؛‏ اكثر من ١٠٠ من السويد؛‏ بالاضافة الى أعداد كبيرة من الدنمارك،‏ فنلندا،‏ النَّذَرلند،‏ نيوزيلندا،‏ هاوايي وغيرها.‏ وبعض البلدان التي ساعدها المرسلون زوَّدت هي نفسها لاحقا ايضا مرسلين مرتقبين للخدمة في بلدان اخرى.‏

سدّ الحاجات في هيئة نامية

فيما كانت الهيئة تنمو،‏ تولَّى المرسلون انفسهم مسؤوليات اضافية.‏ فخدم عدد كبير منهم كشيوخ او خدام مساعدين في الجماعات التي ساعدوها على النمو.‏ وفي بلدان عديدة كانوا اول نظار دوائر وكور.‏ وعندما جعل التطور الاضافي نافعا ان تؤسس الجمعية مكاتب فروع جديدة،‏ استُؤمن عدد من المرسلين على مسؤوليات تتعلق بسير عمل الفرع.‏ وفي بعض الحالات طُلب من الذين صاروا يعرفون اللغة جيدا ان يساعدوا في ترجمة وتدقيق مطبوعات الكتاب المقدس.‏

ولكنهم شعروا خصوصا بأنهم كوفئوا عندما صار الذين درسوا معهم كلمة اللّٰه،‏ او الاخوة الذين ساهموا الى حد ما في نموهم الروحي،‏ مؤهلين لتولّي مسؤوليات كهذه.‏ وهكذا سرّ زوجان في الپيرو بأن يريا بعض الذين درسا معهم يخدمون كفاتحين خصوصيين،‏ مساعدين على تقوية الجماعات الجديدة وافتتاح مقاطعة جديدة.‏ ومن درس اداره مرسل مع عائلة في سْري لانكا اتى احد اعضاء لجنة الفرع لذلك البلد.‏ وتمتع مرسلون آخرون كثيرون بأفراح مماثلة.‏

وواجهوا ايضا المقاومة.‏

في وجه المقاومة

قال يسوع لأتباعه انهم سيُضطهدون،‏ كما اضطُهد هو ايضا.‏ (‏يوحنا ١٥:‏٢٠‏)‏ وبما ان المرسلين كانوا يأتون عادةً من خارج البلاد،‏ فان الاضطهاد الشديد الذي ينشأ في البلد كثيرا ما كان يعني الترحيل.‏

في السنة ١٩٦٧ أُوقفت صونا هايدوستْيان ووالداها في حلب،‏ سوريا.‏ واحتُجزوا في السجن خمسة اشهر ثم طُردوا من البلد دون امتعتهم.‏ ومارڠريتا كونيڠر،‏ من المانيا،‏ عُيِّنت في مدغشقر؛‏ لكنَّ الترحيل بعد الآخر ادَّى الى تعيينات جديدة،‏ في كينيا،‏ داهومي (‏بينين)‏،‏ وڤولتا العليا (‏بركينا فازو)‏.‏ ودومينيك بيكوني وزوجته،‏ إلزا،‏ طُردا من اسپانيا في السنة ١٩٥٧ لسبب كرازتهما،‏ ثم من الپرتغال في السنة ١٩٦٢،‏ ومن المملكة المغربية في السنة ١٩٦٩.‏ ولكن في كل بلد كان يُنجز الخير فيما كانت هنالك محاولات لابطال اوامر الطرد.‏ فكانت تقدَّم شهادة للرسميين.‏ مثلا،‏ في المملكة المغربية،‏ سنحت لهما الفرصة ليشهدا للرسميين في الامن القومي،‏ قاضي المحكمة العليا،‏ رئيس الشرطة في طَنْجة،‏ وقنصلي الولايات المتحدة في طَنْجة والرباط.‏

ان طرد المرسلين لم يؤدِّ الى وضع حدّ لعمل شهود يهوه،‏ كما توقع بعض الرسميين.‏ فبزور الحق المزروعة كثيرا ما استمرت في النمو.‏ مثلا،‏ قام اربعة مرسلين بخدمتهم اشهرا قليلة فقط في بوروندي قبل ان تجبرهم الحكومة على المغادرة في السنة ١٩٦٤.‏ ولكنَّ واحدا منهم داوم على مراسلة شخص مهتم كتب ليقول انه يدرس الكتاب المقدس مع ٢٦ شخصا.‏ وبقي ايضا شاهد تَنزاني كان قد انتقل حديثا الى بوروندي مشغولا بالكرازة.‏ وتدريجيا ازدادت أعدادهم حتى صار مئات يخبرون آخرين ايضا برسالة الملكوت.‏

وفي اماكن اخرى،‏ قبل اصدار الامر بالترحيل،‏ كان الرسميون يلجأون الى الضرب الوحشي في محاولة لجعل كل واحد يذعن لمطالبهم.‏ ففي بانْڠا،‏ لَيبيريا،‏ في السنة ١٩٦٣،‏ حاصر الجنود ٤٠٠ رجل،‏ امرأة،‏ وولد كانوا يحضرون محفلا مسيحيا هناك.‏ فساقهم الجنود الى معسكر الجيش،‏ هدَّدوهم،‏ ضربوهم،‏ وطلبوا من كل واحد —‏ بصرف النظر عن القومية او المعتقد الديني —‏ ان يحيي العلم اللَيبيري.‏ وبين الذين في المجموعة كان ميلتون هنشل من الولايات المتحدة.‏ وكان هنالك ايضا بعض المرسلين،‏ بمن فيهم جون شاروك من كندا.‏ فساير احد خريجي جلعاد،‏ كما فعل في مناسبة سابقة (‏مع انه لم يَجعل ذلك معروفا)‏،‏ ولا شك ان ذلك ساهم في المسايرة من جهة آخرين كانوا في ذلك المحفل.‏ وصار واضحا مَن يخافون اللّٰه حقا ومَن يوقعهم خوف الانسان في شرك.‏ (‏امثال ٢٩:‏٢٥‏)‏ وبعد ذلك،‏ امرت الحكومة كل المرسلين الشهود من الخارج ان يغادروا البلد،‏ مع ان امرا تنفيذيا من الرئيس بعد ذلك سمح لهم بالعودة في تلك السنة.‏

ان الاجراء المتخذ من قبل الرسميين الحكوميين ضد المرسلين غالبا ما كان نتيجة لضغط رجال الدين.‏ وكان هذا الضغط احيانا يمارَس بطريقة سرية.‏ وفي احيان اخرى،‏ كان كل واحد يعرف مَن يثير المقاومة.‏ وجورج كُويِڤيستو لن ينسى ابدا صباحه الاول في خدمة الحقل في ميديلّين،‏ كولومبيا.‏ فقد ظهر فجأة رعاع من اولاد المدارس يصرخون،‏ قاذفين الحجارة وكتل الطين.‏ فجذبته بقوة الى الداخل صاحبة البيت،‏ التي لم تكن قد رأته من قبل قط،‏ وأغلقت مصاريع النوافذ الخشبية،‏ معتذرة كل الوقت عن تصرُّف الرعاع في الخارج.‏ وعندما وصلت الشرطة،‏ لام البعض استاذ المدرسة على السماح للتلاميذ بذلك.‏ لكنَّ صوتا آخر صرخ:‏ «ليس الامر هكذا!‏ انه الكاهن!‏ فقد نادى عبر مكبِّرات الصوت للسماح للتلاميذ بالخروج ‹ليرموا الپروتستانت بالحجارة.‏›»‏

كانت الشجاعة التقوية المقترنة بالمحبة للخراف لازمة.‏ فقد عُيِّنت ألْفْريدا لور وإلزا أُنْتِردورفر في وادي ڠاستاين في النمسا.‏ وفي وقت قصير وُزِّع الكثير من مطبوعات الكتاب المقدس لدى الناس الجياع للطعام الروحي.‏ ولكن بعد ذلك اهتاج رجال الدين.‏ وحرَّضوا اولاد المدارس ان يصرخوا في وجه المرسلتين في الشوارع وأن يركضوا امامهما لتحذير اصحاب البيوت من الاصغاء.‏ فخاف الناس.‏ ولكن بالمثابرة الحبية،‏ جرى الابتداء بدروس جيدة قليلة.‏ وعندما رُتِّب لمحاضرة عامة من الكتاب المقدس،‏ وقف رجل الدين بتحدٍّ امام مكان الاجتماع.‏ ولكن عندما خرجت المرسلتان الى الشارع لترحِّبا بالناس،‏ اختفى رجل الدين.‏ فقد استدعى شرطيا وعاد،‏ آملا ان يقاطع الاجتماع.‏ إلا ان جهوده باءت بالفشل.‏ وفي حينه تشكلت جماعة رائعة هناك.‏

في البلدات القريبة من إيبارا،‏ إكوادور،‏ واجهت أُون رونْهولم وجوليا پارسونز الرعاع المحرَّضين من الكهنة مرة بعد اخرى.‏ وبسبب الاضطراب الذي كان يثيره الكاهن كلما ظهرت المرسلتان في سان انطونيو،‏ قرَّرت الاختان التركيز على بلدة اخرى تدعى أتوانْتاكْوِي.‏ ولكن ذات يوم حث عمدة البلدة المحلي هناك بالحاح الاخت رونْهولم على مغادرة البلدة بسرعة.‏ قال مؤكِّدا:‏ «الكاهن ينظِّم مظاهرة ضدكما،‏ وليس عندي عدد كافٍ من الرجال للدفاع عنكما.‏» وهي تتذكر جيدا:‏ «كان الجمع يلاحقنا!‏ وكان علم الڤاتيكان الابيض والاصفر يُلوَّح به امام المجموعة فيما كان الكاهن يُطلق شعارات مثل ‹لتحيَ الكنيسة الكاثوليكية!‏› ‹ليسقط الپروتستانت!‏› ‹لتحيَ بتولية العذراء!‏› ‹ليحيَ الاعتراف!‏› وكلَّ مرة كان الجمع يردِّد الشعارات كلمة فكلمة بعد الكاهن.‏» وحينئذ دعا رجلان الشاهدتين الى «دار الاتحاد العمالي» المحلي من اجل الامان.‏ وهناك انهمكت المرسلتان في الشهادة للناس الفضوليين الذين اتوا ليروا ما يجري.‏ فوزَّعتا كل المطبوعات التي لديهما.‏

مقرَّرات مصمَّمة لسدّ الحاجات الخصوصية

في السنوات التي تلت ارسال المرسلين الاولين من مدرسة جلعاد،‏ اختبرت هيئة شهود يهوه النمو بنسبة مذهلة.‏ ففي السنة ١٩٤٣،‏ عندما افتُتحت المدرسة،‏ كان هنالك ٠٧٠‏,١٢٩ شاهدا فقط في ٥٤ بلدا (‏ولكن ١٠٣ بلدان وفقا لطريقة تقسيم الخريطة في وقت باكر من تسعينات الـ‍ ١٩٠٠)‏.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢،‏ كان هنالك ٧٨٧‏,٤٧٢‏,٤ شاهدا في ٢٢٩ بلدا ومجموعة جزر حول العالم.‏ وفيما كان يحدث هذا النمو،‏ كانت حاجات الهيئة تتغيَّر.‏ فمكاتب الفروع التي كانت في ما مضى تعتني بأقل من مئة شاهد مجموعين في جماعات قليلة تشرف الآن على نشاط عشرات الآلاف من الشهود،‏ والكثير من هذه الفروع وجد انه من الضروري طبع المطبوعات محليا لتجهيز المشتركين في عمل التبشير.‏

ولسدّ الحاجات المتغيرة،‏ بعد ١٨ سنة من افتتاح مدرسة جلعاد،‏ زُوِّد مقرَّر تدريب لمدة عشرة اشهر في مركز الجمعية الرئيسي العالمي خصوصا للاخوة الذين يحملون احمالا ثقيلة من المسؤولية في مكاتب فروع جمعية برج المراقبة.‏ وبعضهم كانوا قد حضروا مقرَّرا ارساليا لمدة خمسة اشهر في جلعاد؛‏ والآخرون لم يحضروا سابقا.‏ وكان بامكانهم جميعا ان يستفيدوا من التدريب المتخصص المتعلق بعملهم.‏ والمناقشات حول كيفية معالجة الاوضاع المختلفة وسدّ الحاجات التنظيمية انسجاما مع مبادئ الكتاب المقدس كان لها اثر موحِّد.‏ وأبرز مقرَّرهم درسا تحليليا عددا فعددا لكامل الكتاب المقدس.‏ وزوَّد ايضا مراجعة لتاريخ الدين؛‏ تدريبا في التفاصيل المشمولة بادارة مكتب فرع،‏ بيت ايل،‏ ومطبعة؛‏ وارشادات في الاشراف على خدمة الحقل،‏ تنظيم جماعات جديدة،‏ وافتتاح حقول جديدة.‏ وهذه المقرَّرات (‏بما فيها الاخير الذي خُفض الى ثمانية اشهر)‏ كانت تُدار في المركز الرئيسي العالمي،‏ في بروكلين،‏ نيويورك،‏ من السنة ١٩٦١ الى السنة ١٩٦٥.‏ وكثيرون من المتخرجين أُعيدوا الى البلدان التي كانوا يخدمون فيها؛‏ وبعضهم عُيِّنوا في بلدان اخرى حيث يمكنهم ان يساهموا مساهمة قيِّمة في العمل.‏

في ١ شباط ١٩٧٦،‏ سرى مفعول ترتيب جديد في مكاتب فروع الجمعية استعدادا للتوسع الاضافي المتوقع انسجاما مع نبوة الكتاب المقدس.‏ (‏اشعياء ٦٠:‏​٨،‏ ٢٢‏)‏ فبدلا من ان يكون هنالك ناظر فرع واحد فقط،‏ مع مساعده،‏ لتزويد الاشراف على كل فرع،‏ عيَّنت الهيئة الحاكمة ثلاثة اخوة اكفاء او اكثر ليخدموا في كل لجنة فرع.‏ والفروع الاكبر يمكن ان يصل عدد اعضاء لجنتها الى سبعة.‏ ولتزويد التدريب لكل هؤلاء الاخوة،‏ رُتِّب لمقرَّر جلعادي خصوصي مدته خمسة اسابيع في بروكلين،‏ نيويورك.‏ فمُنح هذا التدريب المتخصص لاربعة عشر صفا مؤلَّفا من اعضاء لجان الفروع من كل انحاء العالم في المركز الرئيسي العالمي من اواخر السنة ١٩٧٧ الى السنة ١٩٨٠.‏ لقد كانت فرصة ممتازة لتوحيد وتمحيص الاعمال.‏

استمرت مدرسة جلعاد في تدريب الذين يملكون سنوات من الخبرة في الخدمة كامل الوقت ويرغبون ويستطيعون الذهاب الى الخارج،‏ ولكن يمكن استخدام المزيد.‏ ولتسهيل التدريب ابتدأت تعمل مدارس في بلدان اخرى كامتداد لجلعاد بحيث لا يضطر التلاميذ الى تعلُّم الانكليزية قبل ان يتأهلوا للحضور.‏ وفي ١٩٨٠-‏١٩٨١،‏ زوَّدت مدرسة جلعاد الثقافية في المكسيك تدريبا للتلاميذ الناطقين بالاسپانية الذين ساعدوا على سدّ حاجة فورية الى فعلة اكفاء في اميركا الوسطى والجنوبية.‏ وفي ١٩٨١-‏١٩٨٢،‏ ١٩٨٤،‏ ومرة اخرى في ١٩٩٢،‏ أُديرت صفوف لمدرسة جلعاد الفرعية ايضا في المانيا.‏ ومن هناك أُرسل المتخرجون الى افريقيا،‏ اوروپا الشرقية،‏ اميركا الجنوبية،‏ ومختلف الدول الجزر.‏ وعُقدت صفوف اخرى في الهند في السنة ١٩٨٣.‏

واذ انضم شهود محليون غيورون الى المرسلين في توسيع شهادة الملكوت ازداد عدد شهود يهوه بسرعة،‏ وهذا ادَّى الى تشكيل جماعات اكثر.‏ وبين السنتين ١٩٨٠ و ١٩٨٧ ازداد عدد الجماعات في كل العالم حتى ٢٧ في المئة،‏ الى ما مجموعه ٩١١‏,٥٤.‏ وفي بعض المناطق،‏ مع ان كثيرين كانوا يحضرون الاجتماعات ويشتركون في خدمة الحقل،‏ كان معظم الاخوة جددا تماما.‏ وكانت هنالك حاجة ملحة الى رجال مسيحيين ذوي خبرة ليخدموا كرعاة ومعلِّمين روحيين وليأخذوا القيادة في العمل التبشيري.‏ وللمساعدة على سدّ هذه الحاجة،‏ ابدأت الهيئة الحاكمة في السنة ١٩٨٧ مدرسة تدريب الخدام كجزء من برنامج مدرسة جلعاد لتعليم الكتاب المقدس.‏ ويتضمن مقرَّر الثمانية اسابيع درسا مكثَّفا في الكتاب المقدس وانتباها شخصيا للنمو الروحي لكل تلميذ.‏ ويجري التأمل في المسائل التنظيمية والقضائية،‏ الى جانب مسؤوليات الشيوخ والخدام المساعدين،‏ ويزوَّد تدريب متخصص في الخطابة العامة.‏ ودون تضارب مع الصفوف القانونية لتدريب المرسلين،‏ استخدمت هذه المدرسة تسهيلات اخرى اذ انعقدت في بلدان متنوعة.‏ والمتخرجون يسدّون الآن حاجات حيوية في بلدان عديدة.‏

وهكذا ماشى التدريب الموسَّع الذي زوَّدته مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس الحاجات المتغيرة للتنظيم الاممي النامي بسرعة.‏

‏«هأنذا أَرسلني»‏

تشبه الروح التي اظهرها المرسلون تلك التي للنبي اشعياء.‏ فعندما نبَّهه يهوه الى فرصة الخدمة الخصوصية،‏ تجاوب:‏ «هأنذا أَرسلني.‏» (‏اشعياء ٦:‏٨‏)‏ والروح الطوعية هذه دفعت آلاف الشبان والشابات ان يتركوا وراءهم المحيط المألوف والاقرباء ليخدموا من اجل تعزيز مشيئة اللّٰه حيث توجد حاجة اليهم.‏

احدثت الظروف العائلية تغييرات في حياة مرسلين كثيرين.‏ فعدد ممَّن صار لهم اولاد بعد ان اصبحوا مرسلين تمكنوا من البقاء في البلد الذي عُيِّنوا فيه،‏ قائمين بالعمل الدنيوي اللازم وعاملين مع الجماعات.‏ وكان على البعض،‏ بعد سنوات من الخدمة،‏ ان يعودوا الى موطنهم لكي يعتنوا بوالديهم المسنين او لاسباب اخرى.‏ ولكنهم حسبوه امتيازا ان يشتركوا في الخدمة الارسالية قدر ما استطاعوا.‏

وتمكن آخرون من جعل الخدمة الارسالية مهنة حياتهم.‏ ولفعل ذلك،‏ كان عليهم جميعا ان يواجهوا الظروف المتسمة بالتحدي.‏ اعترف أُولاف أُولسُن الذي تمتع بمهنة ارسالية طويلة في كولومبيا:‏ «السنة الاولى كانت الاصعب.‏» وكان ذلك الى حد بعيد لسبب عدم القدرة على التعبير عن نفسه بشكل كافٍ بلغته الجديدة.‏ وأضاف:‏ «لو استمررت في التفكير في البلد الذي غادرته،‏ لما كنت سعيدا،‏ لكنني عقدت العزم ان اعيش جسديا وعقليا على السواء في كولومبيا،‏ ان ابني صداقات مع الاخوة والاخوات في الحق هناك،‏ ان أُبقي حياتي مشغولة بالخدمة،‏ وسرعان ما صار تعييني موطنا لي.‏»‏

ان مثابرتهم على تعييناتهم لم تكن بالضرورة لأنهم وجدوا محيطهم الجسدي نموذجيا.‏ عبَّر نورمَن باربر،‏ الذي خدم في بورما (‏الآن ميانمار)‏ والهند من السنة ١٩٤٧ حتى موته في السنة ١٩٨٦،‏ عن نفسه بهذه الطريقة:‏ «اذا ابتهج الشخص بأن يستخدمه يهوه،‏ فحينئذ تكون كل الاماكن جيدة.‏ .‏ .‏ .‏ وبصراحة،‏ ليس الطقس المداري رأيي في الطقس المثالي الذي احب ان اعيش فيه.‏ ولا الطريقة التي يحيا بها شعب المنطقة المدارية هي الطريقة التي اختارها شخصيا للعيش.‏ ولكن هنالك امور مهمة لاخذها في الاعتبار اكثر من مثل هذه المسائل الزهيدة.‏ فكون المرء قادرا على تقديم العون للناس الفقراء روحيا حقا هو امتياز يفوق قوى التعبير البشرية.‏»‏

يشترك كثيرون ايضا في هذا الرأي،‏ وروح التضحية بالذات هذه ساهمت كثيرا في اتمام نبوة يسوع بأنه سيُكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الامم قبل ان يأتي المنتهى.‏ —‏ متى ٢٤:‏١٤‏.‏

‏[الحاشية]‏

^ برج المراقبة،‏ ١٥ شباط ١٩٤٣،‏ الصفحات ٦٠-‏٦٤ (‏بالانكليزية)‏.‏

‏[النبذة في الصفحة ٥٢٣]‏

التشديد على اهمية الاتكال التام على يهوه والولاء له

‏[النبذة في الصفحة ٥٣٤]‏

روح الفكاهة الجيدة ساعدت!‏

‏[النبذة في الصفحة ٥٣٩]‏

الصبر،‏ المساعدة الحبية،‏ والحزم عند اللزوم

‏[النبذة في الصفحة ٥٤٦]‏

‏«تقديم العون للناس الفقراء روحيا حقا هو امتياز يفوق قوى التعبير البشرية»‏

‏[الاطار في الصفحة ٥٣٣]‏

صفوف جلعاد

١٩٤٣-‏١٩٦٠:‏ المدرسة في ساوث لانسينڠ،‏ نيويورك.‏ في ٣٥ صفًّا،‏ تخرَّج ٦٣٩‏,٣ تلميذا من ٩٥ بلدا،‏ معظمهم عُيِّنوا في الخدمة الارسالية.‏ ونظار الدوائر والكور الذين يخدمون في الولايات المتحدة كانوا مشمولين ايضا بالصفوف.‏

١٩٦١-‏١٩٦٥:‏ المدرسة في بروكلين،‏ نيويورك.‏ في ٥ صفوف،‏ تخرَّج ٥١٤ تلميذا وأُرسلوا الى بلدان حيث جمعية برج المراقبة لديها مكاتب فروع؛‏ معظم المتخرجين استُؤمنوا على تعيينات ادارية.‏ اربعة من هذه الصفوف كانت مقرَّراتها لـ‍ ١٠ اشهر؛‏ وواحد مقرَّره لـ‍ ٨ اشهر.‏

١٩٦٥-‏١٩٨٨:‏ المدرسة في بروكلين،‏ نيويورك.‏ في ٤٥ صفًّا،‏ مقرَّر كلٍّ منها ٢٠ اسبوعا،‏ تدرَّب ١٩٨‏,٢ تلميذا آخر،‏ معظمهم في الخدمة الارسالية.‏

١٩٧٧-‏١٩٨٠:‏ المدرسة في بروكلين،‏ نيويورك.‏ مقرَّر جلعادي لخمسة اسابيع لاعضاء لجان الفروع.‏ وقد عُقد اربعة عشر صفًّا.‏

١٩٨٠-‏١٩٨١:‏ مدرسة جلعاد الثقافية في المكسيك؛‏ مقرَّر لـ‍ ١٠ اسابيع؛‏ ثلاثة صفوف؛‏ ٧٢ متخرجا ناطقا بالاسپانية مجهَّزون للخدمة في اميركا اللاتينية.‏

١٩٨١-‏١٩٨٢،‏ ١٩٨٤،‏ ١٩٩٢:‏ مدرسة جلعاد الفرعية في المانيا؛‏ مقرَّر لـ‍ ١٠ اسابيع؛‏ اربعة صفوف؛‏ ٩٨ تلميذا ناطقا بالالمانية من بلدان اوروپية.‏

١٩٨٣:‏ صفوف في الهند؛‏ مقرَّر لـ‍ ١٠ اسابيع،‏ أُديرت بالانكليزية؛‏ ٣ فرق؛‏ ٧٠ تلميذا.‏

١٩٨٧-‏ :‏ مدرسة تدريب الخدام،‏ بمقرَّر لـ‍ ٨ اسابيع،‏ عُقدت في مواقع رئيسية في انحاء مختلفة من العالم.‏ وفي ١٩٩٢ كان المتخرجون يخدمون في اكثر من ٣٥ بلدا خارج بلد مولدهم.‏

١٩٨٨-‏ :‏ المدرسة في وولكيل،‏ نيويورك.‏ يُعقَد حاليا هناك مقرَّر لعشرين اسبوعا إعدادا للخدمة الارسالية.‏ ويخطَّط لنقل المدرسة الى المركز الثقافي لبرج المراقبة في پاترسن،‏ نيويورك،‏ عند اكماله.‏

‏[الاطار في الصفحة ٥٣٨]‏

مجموعة التلاميذ من جميع الامم

مثَّل التلاميذ الذين حضروا مدرسة جلعاد عشرات القوميات وأتوا الى المدرسة من اكثر من ١١٠ بلدان.‏

الفريق الاممي الاول كان الصف السادس،‏ في ١٩٤٥-‏١٩٤٦.‏

قُدِّم الطلب الى حكومة الولايات المتحدة من اجل ادخال التلاميذ الاجانب بمقتضى احكام تأشيرات التلاميذ غير القادمين بهدف الهجرة.‏ وتجاوبا مع ذلك،‏ اعترف مكتب التعليم في الولايات المتحدة بمدرسة جلعاد بصفتها تقدِّم تعليما على غرار كلّيات الاختصاص والمؤسسات التعليمية.‏ وهكذا،‏ منذ السنة ١٩٥٣،‏ ادرجت قنصليات الولايات المتحدة في كل انحاء العالم مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس في لائحتها للمؤسسات التعليمية الموافَق عليها.‏ وابتداء من ٣٠ نيسان ١٩٥٤ صارت هذه المدرسة تَظهر في المطبوعة بعنوان «المؤسسات التعليمية الموافَق عليها من النائب العام.‏»‏

‏[الصورتان في الصفحة ٥٢٢]‏

تلاميذ الصف الاول لمدرسة جلعاد

‏[الصورة في الصفحة ٥٢٤]‏

ألبرت شرودر يناقش اوجه المسكن مع تلاميذ جلعاد

‏[الصورة في الصفحة ٥٢٥]‏

ماكسويل فْرِنْد يحاضر في مدرَّج مدرسة جلعاد

‏[الصورتان في الصفحة ٥٢٧]‏

خريجو جلعاد كانوا وجها روحيا بارزا

‏.‏ .‏ .‏ البعض في باحة المدرسة (‏حيث يظهر ن.‏ ه‍ .‏ نور وهو يلقي خطابا امام مكتبة المدرسة،‏ في السنة ١٩٥٦)‏

‏.‏ .‏ .‏ البعض في المحافل الكبيرة (‏نيويورك،‏ سنة ١٩٥٠)‏

‏[الصور في الصفحة ٥٢٦]‏

باحة مدرسة جلعاد في ساوث لانسينڠ،‏ نيويورك،‏ كما بدت خلال خمسينات الـ‍ ١٩٠٠

‏[الصورة في الصفحة ٥٢٨]‏

هِرمُن وُودَرْد (‏اليسار)‏ وجون أريكيتي (‏اليمين)‏ يخدمان في ألاسكا

‏[الصورة في الصفحة ٥٢٩]‏

جون كَتْفورث يستخدم مساعِدات بصرية ليعلِّم في پاپوا غينيا الجديدة

‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

مرسلون في ايرلندا،‏ مع ناظر الكورة،‏ في السنة ١٩٥٠

‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

متخرجون في طريقهم الى التعيينات الارسالية في المشرق في السنة ١٩٤٧

‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

بعض المرسلين والفعلة الرفقاء في اليابان في السنة ١٩٦٩

‏[الصور في الصفحة ٥٣٠]‏

مرسلون في البرازيل في السنة ١٩٥٦

‏.‏ .‏ .‏ في اورڠواي في السنة ١٩٥٤

‏.‏ .‏ .‏ في ايطاليا في السنة ١٩٥٠

‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

اول اربعة مرسلين مدرَّبين في جلعاد يُرسَلون الى جامايكا

‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

اول بيت مرسلين في سولزبوري (‏الآن هاراري،‏ زمبابوي)‏،‏ في السنة ١٩٥٠

‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

مالكوم ڤيڠو (‏جلعاد،‏ ١٩٥٦-‏١٩٥٧)‏ مع زوجته ليندا لُويز؛‏ خدما معا في ملاوي،‏ كينيا،‏ ونَيجيريا

‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

روبرت ترايسي (‏اليسار)‏ وجِسّي كانتوِل (‏اليمين)‏ مع زوجتيهما —‏ مرسلون في العمل الجائل في كولومبيا في السنة ١٩٦٠

‏[الصورة في الصفحة ٥٣٢]‏

صف اللغة في بيت المرسلين في ساحل العاج

‏[الصورة في الصفحة ٥٣٥]‏

تِد ودورِس كلاين،‏ اللذان وجدا اناسا كثيرين تواقين الى سماع حق الكتاب المقدس في الجزر العذراء الاميركية في السنة ١٩٤٧

‏[الصورة في الصفحة ٥٣٦]‏

هارڤي لوڠَن (‏الى الامام في الوسط)‏ مع الشهود في أميس امام قاعة الملكوت،‏ في ستينات الـ‍ ١٩٠٠

‏[الصورة في الصفحة ٥٤٠]‏

ڤيكتور وايت،‏ ناظر كورة مدرَّب في جلعاد،‏ يلقي خطابا في الفيليپين في السنة ١٩٤٩

‏[الصورة في الصفحة ٥٤٢]‏

مارڠريتا كونيڠر،‏ في بركينا فازو،‏ تدير درسا بيتيا في الكتاب المقدس

‏[الصورة في الصفحة ٥٤٣]‏

أُون رونْهولم،‏ مرسلة منذ السنة ١٩٥٨،‏ كان عليها ان تواجه الرعاع الذين يقودهم الكهنة في إكوادور

‏[الصورتان في الصفحة ٥٤٥]‏

مدرسة تدريب الخدام

الصف الاول،‏ كورياپوليس،‏ پنسلڤانيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في السنة ١٩٨٧ (‏فوق)‏

الصف الثالث في بريطانيا،‏ في مانشستر،‏ في السنة ١٩٩١ (‏يمين)‏