الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

اعلان البشارة بلا تراخٍ (‏١٩٤٢-‏١٩٧٥)‏

اعلان البشارة بلا تراخٍ (‏١٩٤٢-‏١٩٧٥)‏

الفصل ٨

اعلان البشارة بلا تراخٍ (‏١٩٤٢-‏١٩٧٥)‏

‏«الى جميع محبي الثيوقراطية:‏

في ٨ كانون الثاني ١٩٤٢،‏ انهى بأمانة اخونا الحبيب ج.‏ ف.‏ رذرفورد مسلكه الارضي .‏ .‏ .‏ وبالنسبة اليه كان فرحا وتعزية ان يرى ويعرف ان جميع شهود الرب لا يتبعون ايّ انسان بل الملك المسيح يسوع قائدا لهم،‏ وأنهم سيتقدمون في العمل بوحدة عمل تامة.‏» —‏ رسالة تعلن موت الاخ رذرفورد.‏ *

ان نبأ موت الاخ رذرفورد اتى كصدمة وقتية لشهود يهوه حول العالم.‏ لقد عرف كثيرون انه كان مريضا،‏ لكنهم لم يتوقعوا ان يموت بهذه السرعة.‏ فأحزنهم فقدان اخيهم العزيز لكنهم كانوا مصممين على ‹التقدم في العمل› —‏ عمل المناداة بملكوت اللّٰه.‏ وهم لم يعتبروا ج.‏ ف.‏ رذرفورد قائدا لهم.‏ علَّق تشارلز إ.‏ ڤاڠنر،‏ الذي عمل في مكتب الاخ رذرفورد:‏ «طوَّر الاخوة في كل مكان اقتناعا قويا بأن عمل يهوه لا يعتمد على ايّ انسان.‏» ومع ذلك كانت هنالك حاجة الى ان يتحمل شخص ما المسؤوليات التي كانت على عاتق الاخ رذرفورد كرئيس لجمعية برج المراقبة.‏

‏«مصممون على البقاء ملتصقين بالرب»‏

كانت رغبة الاخ رذرفورد القلبية ان يعلن شهود يهوه البشارة بلا تراخٍ.‏ ولذلك في منتصف كانون الاول ١٩٤١،‏ قبل موته بعدة اسابيع،‏ جمع اربعة مديرين للمؤسستين الشرعيتين الرئيسيتين المستخدمتين من قبل شهود يهوه واقترح ان يُستدعى،‏ بعد موته بأسرع ما يمكن،‏ جميع اعضاء المجلسَيْن الى جلسة مشتركة وانتخاب رئيس ونائب رئيس.‏

وبعد ظهر ١٣ كانون الثاني ١٩٤٢،‏ بعد خمسة ايام فقط من موت رذرفورد،‏ اجتمع معا جميع اعضاء مجلسَي المؤسستين في بتل بروكلين.‏ وقبل عدة ايام كان نائب رئيس الجمعية،‏ ناثان ه‍.‏ نور البالغ من العمر ٣٦ سنة،‏ قد اقترح ان يلتمسوا جديا الحكمة الالهية بالصلاة والتأمل.‏ وأدرك اعضاء المجلسَيْن انه فيما سيدير الاخ المنتخب رئيسا الشؤون القانونية لجمعية برج المراقبة،‏ سيخدم ايضا كناظر رئيسي للهيئة.‏ فمَن كانت لديه المؤهلات الروحية اللازمة لهذه المسؤولية الجسيمة في الاعتناء بعمل يهوه؟‏ افتُتح الاجتماع المشترَك بصلاة،‏ وبعد التأمل الدقيق انتُخب الاخ نور بالاجماع رئيسا للمؤسستين وهايدن ك.‏ كوڤنڠتَن البالغ من العمر ٣٠ سنة،‏ محامي الجمعية،‏ نائب رئيس.‏ *

وفي وقت لاحق من ذلك اليوم،‏ اعلن و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ امين سر وصندوق الجمعية،‏ لعائلة البتل نتائج الانتخاب.‏ تذكَّر ر.‏ إ.‏ ابراهمسَن،‏ الذي كان حاضرا في تلك المناسبة،‏ ان ڤان آمبورڠ قال:‏ ‹يمكنني ان اتذكر الوقت الذي مات فيه ت.‏ ت.‏ رصل وحلّ محله ج.‏ ف.‏ رذرفورد.‏ لقد استمر الرب يوجِّه ويُنجح عمله.‏ والآن،‏ اتوقع تماما ان يتقدم العمل مع ناثان ه‍.‏ نور كرئيس،‏ لأن هذا هو عمل الرب،‏ لا الانسان.‏›‏

وكيف شعر اعضاء عائلة البتل في بروكلين حيال نتائج الانتخاب؟‏ تجيب رسالة مؤثِّرة منهم بتاريخ ١٤ كانون الثاني ١٩٤٢،‏ اليوم الذي عقب الانتخاب:‏ «ان تغييره [رذرفورد] لن يجعلنا نتباطأ في انجاز المهمة التي عيَّنها لنا الرب.‏ فنحن مصممون على البقاء ملتصقين بالرب وواحدنا بالآخر،‏ مواصلين المعركة بثبات بلا تراخٍ،‏ محاربين كتفا الى كتف.‏ .‏ .‏ .‏ ومعاشرتنا الحميمة للاخ نور لنحو عشرين سنة .‏ .‏ .‏ تمكِّننا من تقدير توجيه الرب في اختيار الاخ نور رئيسا وبالتالي عناية الرب وسهره الحبيين على شعبه.‏» وسرعان ما انهالت رسائل وبرقيات الدعم على المركز الرئيسي من حول العالم.‏

لم يكن هنالك ايّ شعور بالحيرة بشأن ما يجب فعله.‏ فقد أُعدَّت مقالة خصوصية لعدد ١ شباط ١٩٤٢ (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة،‏ العدد نفسه الذي اعلن موت ج.‏ ف.‏ رذرفورد.‏ «ان التجميع النهائي من قبل الرب جارٍ،‏» اعلنت.‏ «فلا ندع شيئا يعيق لحظة واحدة تقدُّم شعب عهده في خدمته.‏ .‏ .‏ .‏ والآن فإن التمسك باستقامتنا امام اللّٰه القادر على كل شيء هو الامر الكلي الاهمية.‏‏» وجرى حث شهود يهوه على الاستمرار في اعلان البشارة بغيرة.‏

ولكنَّ ‹التمسك باستقامتهم› كان تحديا حقيقيا في اوائل اربعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فالعالم كان لا يزال في حالة حرب.‏ وقيود زمن الحرب في انحاء كثيرة من الارض صعَّبت الكرازة على شهود يهوه.‏ والاعتقالات وعمل الرعاع ضد الشهود استمرت دون فتور.‏ وكان هايدن كوڤنڠتَن،‏ بصفته مستشار الجمعية القانوني،‏ يوجِّه المعركة القانونية،‏ احيانا من مكتبه في المركز الرئيسي في بروكلين وأحيانا من القطارات فيما كان يسافر للاهتمام بالدعاوى القانونية.‏ واذ عمل مع محامين محليين،‏ مثل ڤيكتور شْميت،‏ ڠروڤر پاوِل،‏ وڤيكتور بلاكوِل،‏ جاهد الاخ كوڤنڠتَن لتثبيت الحقوق الدستورية لشهود يهوه في الكرازة من بيت الى بيت وتوزيع مطبوعات الكتاب المقدس دون تقييد من الرسميين المحليين.‏ *

اعطاء اشارة «الانطلاق»‏

على الرغم من تقنين الطعام والبنزين في زمن الحرب،‏ جرى الاعلان في وقت مبكر من آذار ١٩٤٢ عن خطط للمحفل الثيوقراطي للعالم الجديد،‏ الذي كان سيُعقد في ١٨-‏٢٠ ايلول.‏ ولتسهيل السفر،‏ جرى اختيار ٥٢ مدينة محفل في انحاء الولايات المتحدة،‏ رُبِط العديد منها بواسطة الهاتف بكليڤلَنْد،‏ اوهايو،‏ المدينة الرئيسية.‏ وفي الوقت نفسه تقريبا،‏ اجتمع شهود يهوه في ٣٣ مدينة اخرى حول الارض.‏ فماذا كان الهدف من هذا المحفل؟‏

‏‹لسنا مجتمعين هنا للتأمل في الماضي او في ما انجزه الافراد،‏› قال العريف،‏ الاخ كوڤنْڠتَن،‏ في مستهل كلامه للفترة الافتتاحية.‏ ثم قدَّم الخطاب الاساسي،‏ «النور الوحيد،‏» المؤسس على اشعياء الاصحاحين ٥٩ و ٦٠‏،‏ الذي ألقاه الاخ فرانز.‏ واذ اشار الى امر يهوه النبوي المسجل بواسطة اشعياء،‏ اعلن الخطيب بحماس:‏ «ها هي،‏ اذًا،‏ اشارة ‹الانطلاق› من السلطة الاسمى لمواصلة [عمله] للشهادة مهما حدث قبل مجيء هرمجدون.‏» (‏اشعياء ٦:‏​١-‏١٢‏)‏ فلم يكن الوقت للتواني والاسترخاء.‏

‏«هنالك عمل اضافي للقيام به؛‏ عمل كثير!‏» اعلن ن.‏ ه‍.‏ نور في الخطاب التالي في البرنامج.‏ ولمساعدة سامعيه في تجاوبهم مع اشارة «الانطلاق،‏» اعلن الاخ نور اصدار طبعة لترجمة الملك جيمس للكتاب المقدس،‏ طُبعت على مطابع الجمعية الخاصة وتحتوي على فهرس كلمات مصمَّم خصوصا ليستعمله شهود يهوه في خدمتهم للحقل.‏ وهذا الاصدار عكس اهتمام الاخ نور الشديد بطبع وتوزيع الكتاب المقدس.‏ وفي الواقع،‏ بعد ان صار رئيسا للجمعية في وقت ابكر من تلك السنة،‏ سارع الاخ نور الى تأمين حقوق الطبع لهذه الترجمة والى تنسيق إعداد فهرس الكلمات والاوجه الاخرى.‏ وفي غضون اشهر صارت هذه الطبعة الخصوصية لِـ‍ ترجمة الملك جيمس جاهزة للصدور في المحفل.‏

وفي اليوم الاخير من المحفل،‏ ألقى الاخ نور المحاضرة «السلام —‏ هل يمكن ان يدوم؟‏» وبيَّن فيها دليلا قويا من الرؤيا ١٧:‏٨ على ان الحرب العالمية الثانية،‏ التي كانت محتدمة آنذاك،‏ لم تكن لتؤدّي الى هرمجدون،‏ كما اعتقد البعض،‏ بل ان الحرب كانت ستنتهي وفترة من السلام ستبدأ.‏ فكان لا يزال هنالك عمل للقيام به في المناداة بملكوت اللّٰه.‏ وقيل للمحتفلين انه بغية المساعدة في الاعتناء بالنمو المرتقَب في الهيئة،‏ سترسل الجمعية ابتداء من الشهر التالي «خداما الى الاخوة» للعمل مع الجماعات.‏ وستجري زيارة كل جماعة كل ستة اشهر.‏

‏«ان المحفل الثيوقراطي للعالم الجديد هذا وحَّد هيئة يهوه بشكل متين من اجل العمل الموضوع امامهم،‏» تقول ماري ڠيبَرد،‏ التي حضرت في دالاس،‏ تكساس،‏ مع والدَيها.‏ وكان هنالك عمل كثير للقيام به.‏ وشهود يهوه كانوا يتطلعون الى فترة السلام القادمة.‏ وكانوا مصممين على التقدم بثبات عبر المقاومة والاضطهاد،‏ معلنين البشارة بلا تراخٍ!‏

حقبة من التعليم المتزايد

كانوا في كرازتهم من بيت الى بيت يستعملون بطاقة الشهادة والفونوڠراف،‏ ولكن هل كان باستطاعة كل شاهد ليهوه ان يحسِّن مقدرته على ايضاح اسباب رجائه من الاسفار المقدسة؟‏ اعتقد ذلك الرئيس الثالث للجمعية،‏ ن.‏ ه‍.‏ نور.‏ وكما عبَّر عن ذلك ك.‏ جيمس وودورث،‏ الذي كان والده لسنين رئيس تحرير العصر الذهبي والتعزية:‏ «فيما كان التشديد في ايام الاخ رذرفورد على ان ‹الدين هو شرك وخدعة،‏› كانت حقبة من التوسع العالمي تبزغ الآن،‏ والتعليم —‏ المتعلق بالكتاب المقدس والتنظيم —‏ بدأ بمقدار لم يعرفه شعب يهوه من قبل.‏»‏

تطورت حقبة التعليم فورا تقريبا.‏ ففي ٩ شباط ١٩٤٢،‏ بعد نحو شهر من انتخاب ن.‏ ه‍.‏ نور رئيسا للجمعية،‏ صدر اعلان بعيد المدى في بتل بروكلين.‏ فقد أُعدَّت الترتيبات في البتل من اجل «منهج متقدم في الخدمة الثيوقراطية» —‏ مدرسة تبرز البحث في الكتاب المقدس والخطابة العامة.‏

وبحلول السنة التالية وُضع الاساس لمدرسة مماثلة تُدار في الجماعات المحلية لشهود يهوه.‏ وفي محفل «دعوة الى العمل،‏» الذي عُقد في كل انحاء الولايات المتحدة في ١٧ و ١٨ نيسان ١٩٤٣،‏ صدر كراس Theocratic Ministry Course in  (‏منهج في الخدمة الثيوقراطية‏)‏.‏ وجرى حث كل جماعة على الابتداء بالمدرسة الجديدة،‏ وعيَّنت الجمعية اساتذة ليعملوا كعرفاء وليقدِّموا مشورة بنَّاءة حول خطابات التلاميذ التي يلقيها الذكور المسجلة اسماؤهم.‏ وبأسرع ما يمكن تُرجم المنهج ووُضع قيد العمل في البلدان الاخرى.‏

ونتيجة لذلك،‏ ابتدأ خطباء اكفاء مدرَّبون في مدرسة الخدمة هذه يشتركون في حملة خطابة عامة عالمية للمناداة برسالة الملكوت.‏ وكثيرون من هؤلاء تمكَّنوا في ما بعد من الاستفادة من تدريبهم كخطباء محافل وفي الاعتناء بمسؤوليات تنظيمية ثقيلة.‏

وكان بينهم أنجِلو ت.‏ مَنيرا،‏ الابن،‏ ناظر جائل لنحو ٤٠ سنة.‏ لقد كان بين اوائل المسجلة اسماؤهم في المدرسة في جماعته،‏ وعلَّق قائلا:‏ «ان اولئك الذين منا حضروا الاجتماعات وخرجوا في خدمة الحقل لسنين عديدة بدون هذا التدبير باتوا ينظرون اليه كخطوة كبيرة في تقدُّمنا الشخصي والتنظيمي.‏»‏

وفي ما يتعلق بتدريبه في المدرسة التي دُشِّنت في بتل بروكلين في السنة ١٩٤٢،‏ ذكر لاحقا جورج ڠانڠَس،‏ ترجمان يوناني آنذاك:‏ «اذكر الوقت الذي أَلقيت فيه خطابي الاول لست دقائق.‏ لم اكن واثقا بنفسي،‏ فدوَّنته.‏ ولكن عندما نهضت لألقيه استحوذ عليَّ خوف الحضور فتأتأت وهمهمت،‏ ناسيا ما اردت قوله.‏ ثم لجأت الى القراءة من المخطوطة.‏ إلا ان يديَّ كانتا ترتجفان كثيرا حتى ان السطور صارت تقفز صعودا ونزولا!‏» ومع ذلك لم يستسلم.‏ وفي حينه،‏ صار يلقي خطابات امام عدد كبير من الحضور في المحافل ويخدم ايضا كعضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏

مدرسة مؤسسة على الايمان

في ٢٤ ايلول ١٩٤٢ اتُّخذت خطوة كبيرة اخرى الى الامام في حقبة التعليم المتزايد.‏ ففي اجتماع مشترَك لمجلسَي المديرين للمؤسستين الشرعيتين،‏ اقترح الاخ نور ان تؤسس الجمعية مدرسة اخرى،‏ مستخدمة مبنى شُيِّد في مزرعة الملكوت،‏ في ساوث لانسينڠ،‏ نيويورك،‏ على بعد ٢٥٥ ميلا (‏٤١٠ كلم)‏ شمالي غربي مدينة نيويورك.‏ وكان القصد من هذه المدرسة تدريب مرسلين من اجل الخدمة في بلدان اجنبية حيث الحاجة ماسة الى منادين بالملكوت.‏ فجرت الموافقة على الاقتراح بالاجماع.‏

عُيِّن ألبرت د.‏ شرودر،‏ الذي كان آنذاك بعمر ٣١ سنة،‏ امين سجل وخدم كعريف للجنة لتنظيم المدرسة الجديدة.‏ «كم قفزت قلوبنا فرحا عند هذا التعيين الجديد المذهل!‏» يقول.‏ انشغل الاساتذة على الفور؛‏ فكانت لديهم اربعة اشهر فقط لتطوير المناهج،‏ إعداد المحاضرات،‏ وجمع مكتبة.‏ «ان منهج التعليم المسيحي المتقدِّم غطَّى ٢٠ اسبوعا،‏ وكان الكتاب المقدس الكتاب الدراسي الرئيسي،‏» يوضح الاخ شرودر،‏ الذي يخدم الآن كعضو في الهيئة الحاكمة.‏

ويوم الاثنين في ١ شباط ١٩٤٣،‏ يوم شتاء بارد في الجزء الشمالي من ولاية نيويورك،‏ بدأ الصف الاول وفيه ١٠٠ تلميذ.‏ لقد كانت مدرسة مؤسسة حقا على الايمان.‏ ففي منتصف الحرب العالمية الثانية لم تكن هنالك سوى مناطق قليلة من العالم يمكن ارسال المرسلين اليها.‏ ومع ذلك بثقة تامة بأنه ستكون هنالك فترة سلام يمكن استخدامهم خلالها،‏ جرى تدريب مرسلين للمستقبل.‏

اعادة التنظيم بعد الحرب

في ايار ١٩٤٥ انتهت عداوات الحرب العالمية الثانية في اوروپا.‏ وبعد اربعة اشهر،‏ في ايلول،‏ توقف القتال في الپاسيفيك.‏ فانتهت الحرب العالمية الثانية.‏ وفي ٢٤ تشرين الاول ١٩٤٥،‏ بعد ما يزيد قليلا على ثلاث سنوات من القاء رئيس الجمعية الخطاب «السلام —‏ هل يمكن ان يدوم؟‏» صار ميثاق الامم المتحدة نافذ المفعول.‏

وابتدأت التقارير عن نشاط شهود يهوه الآن تأتي تدريجيا من اوروپا.‏ وكان عمل المناداة بالملكوت قد تقدَّم باطّراد في البلدان الاوروپية بالرغم من الحرب،‏ الى حد اذهل اخوتهم وأخواتهم حول العالم.‏ ذكرت برج المراقبة عدد ١٥ تموز ١٩٤٥ (‏بالانكليزية)‏:‏ «في السنة ١٩٤٠ كان لدى فرنسا ٤٠٠ ناشر؛‏ أما الآن فهنالك ١٠٠‏,١ يتحدثون بالملكوت.‏ .‏ .‏ .‏ وفي السنة ١٩٤٠ كان لدى هولندا ٨٠٠ ناشر.‏ اربعمئة منهم أُقحِموا معسكرات الاعتقال في المانيا.‏ والباقون خارجا تحدثوا بالملكوت.‏ والنتيجة؟‏ في ذلك البلد هنالك الآن ٠٠٠‏,٢ ناشر للملكوت.‏» وباب الحرية المفتوح الآن قدَّم فرصا لاعلان البشارة الى حد ابعد،‏ ليس فقط في اوروپا بل في كل العالم.‏ ولكن،‏ اولا،‏ كان يلزم الكثير من اعادة البناء واعادة التنظيم.‏

واذ كان مهتما بالاشراف على حاجات شهود يهوه في البلدان التي دمرتها الحرب،‏ بدأ رئيس الجمعية،‏ مع امين سرّه،‏ مِلتون ج.‏ هنشل،‏ بجولة في بريطانيا،‏ فرنسا،‏ سويسرا،‏ بلجيكا،‏ النَّذَرلند وإسكنديناڤيا في تشرين الثاني ١٩٤٥ لتشجيع الاخوة ولتفقّد مكاتب فروع الجمعية.‏ * وكانت غايتهما اعادة التنظيم بعد الحرب.‏ فأُعدّت الترتيبات لشحن مؤن المطبوعات والطعام واللباس الى الاخوة المحتاجين.‏ وأُعيد تأسيس مكاتب الفروع.‏

ادرك الاخ نور جيدا ان التنظيم الجيد للفروع كان لازما لمماشاة تقدُّم عمل الكرازة.‏ وقدراته الطبيعية في التنظيم استُخدمت كاملا في توسيع تسهيلات فروع الجمعية في كل العالم.‏ وفي السنة ١٩٤٢،‏ عندما صار رئيسا،‏ كان هنالك ٢٥ مكتب فرع.‏ وبحلول السنة ١٩٤٦،‏ على الرغم من الحظر وعراقيل الحرب العالمية الثانية،‏ كانت هنالك فروع في ٥٧ بلدا.‏ وخلال الـ‍ ٣٠ سنة التالية،‏ حتى السنة ١٩٧٦،‏ ارتفع عدد الفروع الى ٩٧.‏

متأهبون ليكونوا معلّمين

من رحلاته الاممية بُعَيد الحرب،‏ قرَّر رئيس الجمعية ان شهود يهوه يلزم ان يكونوا متأهبين على نحو افضل ليكونوا معلّمين لكلمة اللّٰه.‏ فكان التعليم الاضافي للكتاب المقدس ضروريا وكذلك الادوات المناسبة للاستعمال في خدمة الحقل.‏ وقد جرى سدّ هذه الحاجات في وقت مبكر من فترة ما بعد الحرب.‏

وفي محفل الامم الفرحانة الثيوقراطي،‏ الذي عُقد في كليڤلَنْد،‏ اوهايو،‏ في ٤-‏١١ آب ١٩٤٦،‏ ألقى الاخ نور الخطاب «متأهبا لكل عمل صالح.‏» وأُثير اهتمام كامل الحضور فيما كان يطرح اسئلة مثل:‏ «ألا يكون من المساعد كثيرا الحصول على معلومات عن كل سفر من الاسفار الستة والستين للكتاب المقدس؟‏ ألا يكون مساعدا على فهم الاسفار المقدسة اذا عرفنا مَن كتب كل سفر في الكتاب المقدس؟‏ متى كُتب كل سفر؟‏ اين كُتب؟‏» تعاظم الترقب اذ أَعلن بعدئذ:‏ «ايها الاخوة،‏ لديكم كل تلك المعلومات وأكثر بكثير في الكتاب الجديد بعنوان ‘Equipped for Every Good Work’  (‏‏‹متأهبا لكل عمل صالح›‏‏)‏!‏» وتبعت هذا الاعلان عاصفة من التصفيق.‏ وكانت المطبوعة الجديدة ستخدم ككتاب دراسي لمدرسة الخدمة التي كانت تُعقد في الجماعات.‏

لم يكن شهود يهوه متأهبين بواسطة مطبوعة لتعميق معرفتهم للاسفار المقدسة فحسب بل مُنِحوا ايضا بعض المساعِدات الممتازة لاستعمالها في الحقل.‏ ومحفل السنة ١٩٤٦ سيُذكَر طويلا بسبب اصدار العدد الاول من ‏!Awake (‏استيقظ!‏‏)‏ وهذه المجلة الجديدة حلَّت محل التعزية (‏المعروفة سابقا باسم العصر الذهبي‏)‏.‏ وكذلك صدر كتاب “Let God Be True”  (‏‏«ليكن اللّٰه صادقا»‏‏)‏.‏ * وهنري أ.‏ كانتوِل،‏ الذي خدم لاحقا كناظر جائل،‏ يوضح:‏ «لبعض الوقت كنا في مسيس الحاجة الى كتاب يمكن استعماله بفعَّالية في ادارة دروس الكتاب المقدس مع الاشخاص المهتمين حديثا،‏ كتاب يغطّي عقائد وحقائق الكتاب المقدس الاساسية.‏ والآن بصدور ‏‹ليكن اللّٰه صادقا،‏›‏ حصلنا على ما هو لازم تماما.‏»‏

واذ كانوا متأهبين بواسطة مساعِدات تعليمية قيِّمة كهذه،‏ توقع شهود يهوه توسعا سريعا اضافيا.‏ وفي مخاطبة المحفل حول موضوع «مشاكل اعادة البناء والتوسع،‏» اوضح الاخ نور انه خلال سنوات الحرب العالمية لم يحصل ركود في الجهود للشهادة.‏ فمن السنة ١٩٣٩ الى السنة ١٩٤٦ ازداد عدد المنادين بالملكوت اكثر من ٠٠٠‏,١١٠.‏ ولتلبية الطلب العالمي المتزايد لمطبوعات الكتاب المقدس،‏ خططت الجمعية لتوسيع المصنع و «بيت ايل» في بروكلين.‏

بدأت الفترة المرتقبة للسلام العالمي.‏ وكانت حقبة التوسع العالمي وتعليم الكتاب المقدس ماضية قُدُما.‏ وقد عاد شهود يهوه الى بيوتهم من محفل الامم الفرحانة الثيوقراطي متأهبين بشكل افضل ليكونوا معلّمين للبشارة.‏

المناداة بالملكوت تندفع الى الامام

وبهدف التوسع العالمي،‏ في ٦ شباط ١٩٤٧،‏ باشر رئيس الجمعية وأمين سره،‏ مِلتون ج.‏ هنشل،‏ جولة خدمة عالمية من ٧٩٥‏,٤٧ ميلا (‏٩١٦‏,٧٦ كلم)‏.‏ وأخذتهما الرحلة الى جزر المحيط الپاسيفيكي،‏ نيوزيلندا،‏ اوستراليا،‏ جنوب شرق آسيا،‏ الهند،‏ الشرق الاوسط،‏ منطقة البحر الابيض المتوسط،‏ اوروپا الوسطى والغربية،‏ إسكنديناڤيا،‏ انكلترا،‏ ونيوفاوندلند.‏ وكانت هذه المرةَ الاولى منذ السنة ١٩٣٣ التي يستطيع فيها ممثلون لمستخدَمي المركز الرئيسي للجمعية في بروكلين ان يزوروا اخوتهم في المانيا.‏ وشهود يهوه حول العالم تابعوا المسافرَين اذ كانت التقارير عن الرحلة تُنشَر في اعداد برج المراقبة طوال السنة ١٩٤٧.‏ *

‏«لقد كانت هذه الفرصةَ الاولى لنتعرف بالاخوة في آسيا والاماكن الاخرى ولنرى ما هي الحاجات،‏» يوضح الاخ هنشل،‏ الآن عضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏ «كنا نفكّر في ارسال مرسلين،‏ ولذلك كان يجب ان نعرف ماذا سيواجهون والى ماذا سيحتاجون.‏» وعقب الجولة،‏ وصل سيل مطَّرد من المرسلين المدرَّبين في جلعاد الى التربة الاجنبية ليأخذوا القيادة في عمل المناداة بالملكوت.‏ وكانت النتائج مؤثِّرة.‏ فخلال السنين الخمس التالية (‏١٩٤٧-‏١٩٥٢)‏،‏ صار عدد الكارزين بالملكوت في كل العالم اكثر من الضعف،‏ من ٥٥٢‏,٢٠٧ الى ٢٦٥‏,٤٥٦.‏

نمو الثيوقراطية

في ٢٥ حزيران ١٩٥٠،‏ قامت القوى العسكرية من جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية باجتياح جمهورية كوريا في الجنوب.‏ وأخيرا أُرسلت جيوش من ١٦ بلدا آخر.‏ ولكن اذ اثارت الحرب امما كبيرة احداها ضد الاخرى،‏ استعد شهود يهوه للاجتماع من اجل محفل اممي كان سيُظهر ليس فقط وحدتهم العالمية بل ايضا ان يهوه كان يباركهم بالنمو.‏ —‏ اشعياء ٦٠:‏٢٢‏.‏

عُيِّن موعد محفل نمو الثيوقراطية في ٣٠ تموز حتى ٦ آب ١٩٥٠.‏ وهذا كان سيصير اكبر محفل يعقده شهود يهوه على الاطلاق حتى ذلك الوقت في موقع واحد.‏ فنحو ٠٠٠‏,١٠ مندوب اجنبي من اوروپا،‏ افريقيا،‏ آسيا،‏ اميركا اللاتينية،‏ جزر المحيط الپاسيفيكي —‏ ما مجموعه ٦٧ بلدا مختلفا —‏ تجمعوا في يانكي ستاديوم في مدينة نيويورك.‏ وذروة عدد الحضور التي تجاوزت الـ‍ ٠٠٠‏,١٢٣ في المحاضرة العامة —‏ بالمقارنة مع الذروة ٠٠٠‏,٨٠ الذين حضروا محفل الامم الفرحانة الثيوقراطي قبل اربع سنوات فقط —‏ كانت بحد ذاتها دليلا مؤثِّرا على النمو.‏

وأحد العوامل المهمة في الزيادة التي اختبرها شهود يهوه كان طبع وتوزيع كلمة اللّٰه.‏ وجرى بلوغ مَعْلَم في هذا المجال في ٢ آب ١٩٥٠ عندما اعلن الاخ نور صدور New World Translation of the Christian Greek Scriptures  (‏ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية‏)‏ باللغة الانكليزية العصرية.‏ وسُرَّ المحتفلون بأن يعلموا ان هذه الترجمة الجديدة قد ردَّت الاسم الالهي يهوه ٢٣٧ مرة في النص الرئيسي من متى الى الرؤيا!‏ وفي اختتام محاضرته ناشد الخطيب بشكل مثير:‏ «خذوا هذه الترجمة.‏ اقرأوها من البداية الى النهاية.‏ ادرسوها،‏ لأنها ستساعدكم على تحسين فهمكم لكلمة اللّٰه.‏ وزِّعوها على الآخرين.‏» والاجزاء الاخرى كانت ستتبع خلال العقد التالي،‏ لكي تكون في حوزة شهود يهوه اخيرا ترجمة دقيقة سهلة القراءة لكامل الكتاب المقدس يمكنهم ان يقدّموها الى الآخرين بحماس.‏

وقبل مغادرة مدينة المحفل،‏ دُعي المندوبون الى القيام بجولة في المركز الرئيسي الجديد للبتل في ١٢٤ كولومبيا هايتس ومصنع الطباعة الموسَّع كثيرا في ١١٧ شارع آدمز.‏ واذ أُنشئت بدعم الشهود المالي من حول العالم،‏ أَكملت التسهيلات الجديدة برنامج التوسع الضخم المعلن والموافق عليه بحماس في محفل كليڤلَنْد في السنة ١٩٤٦.‏ وقلَّما ادرك شهود يهوه آنذاك مدى التوسع الذي كان سيحصل بعدُ،‏ ليس فقط في بروكلين،‏ وإنما في كل العالم.‏ فكانت ستلزم مطابع اكثر وأكبر للاعتناء بصفوف ناشري الملكوت المتزايدة باستمرار.‏

التدريب المكثَّف في الخدمة من بيت الى بيت

في محفل مجتمع العالم الجديد،‏ الذي عُقد في مدينة نيويورك،‏ في ١٩-‏٢٦ تموز ١٩٥٣،‏ جرى تزويد مطبوعات جديدة لشهود يهوه انفسهم وللاستعمال خصوصا في المناداة بالملكوت من بيت الى بيت.‏ على سبيل المثال،‏ احدث اصدار “Make Sure of All Things”  (‏‏«امتحنوا كل شيء»‏‏)‏ تصفيقا مدوّيا من الـ‍ ٠٤٠‏,١٢٥ الحاضرين يوم الاثنين في ٢٠ تموز.‏ وبصفته اداة لخدمة الحقل سهلة الاستعمال،‏ جمع هذا الكتاب بحجم الجيب المؤلَّف من ٤١٦ صفحة اكثر من ٥٠٠‏,٤ آية تحت ٧٠ محورا رئيسيا.‏ فصار الآن في متناول شهود يهوه اجوبة من الاسفار المقدسة عن اسئلة تُطرح في كرازتهم من بيت الى بيت.‏

ويوم الاربعاء صباحا في اثناء الخطاب «العمل الرئيسي لجميع الخدام،‏» اعلن الاخ نور عن خطوة اضافية في التعليم المتواصل لشهود يهوه —‏ برنامج تدريب شامل من بيت الى بيت للعمل به في كل الجماعات.‏ فطُلِب من الناشرين الاكثر خبرة ان يساعدوا الاقل خبرة ليصيروا منادين بالملكوت من بيت الى بيت قانونيين وفعَّالين.‏ وهذا البرنامج البعيد المدى بدأ في ١ ايلول ١٩٥٣.‏ علَّق جِسّي ل.‏ كانتوِل،‏ ناظر جائل اشترك في عمل التدريب:‏ «ساعد فعلا هذا البرنامج الناشرين ليصيروا فعَّالين اكثر.‏»‏

وفي الاشهر التي تلت تموز ١٩٥٣ عُقدت محافل فرعية في القارات الخمس جميعها،‏ بأشكال مكيَّفة محليا للبرنامج نفسه.‏ وهكذا بدأ التدريب المكثَّف في الخدمة من بيت الى بيت في جماعات شهود يهوه حول العالم.‏ وفي تلك السنة عينها بلغ عدد المنادين بالملكوت ذروة من ٩٨٢‏,٥١٩.‏

سدُّ حاجات التوسع العالمي

في اواسط خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ صُنعت ترتيبات اضافية للاعتناء بالنمو السريع في الهيئة.‏ ولاكثر من عقد،‏ كان ن.‏ ه‍.‏ نور قد سافر حول العالم ليتفقد عمل الفروع.‏ وقد انجزت هذه الرحلات الكثير لضمان الاشراف اللائق على العمل في كل بلد ولتقوية الوحدة العالمية لشهود يهوه.‏ وكانت لدى الاخ نور محبة عميقة للمرسلين وللذين يخدمون في الفروع حول العالم.‏ فحيثما ذهب كان يصرف الوقت في التحدث معهم عن مشاكلهم وحاجاتهم وفي تشجيعهم في خدمتهم.‏ ولكن في السنة ١٩٥٥ كان هنالك ٧٧ مكتب فرع لجمعية برج المراقبة و ٨١٤‏,١ مرسلا مدرَّبا في جلعاد يخدمون في ١٠٠ بلد مختلف.‏ واذ ادرك ان ذلك اكثر من ان يستطيع معالجته وحده،‏ اتخذ الاخ نور خطوات ليشمل آخرين في هذا العمل المهم لزيارة الفروع وبيوت المرسلين.‏

صُنعت الترتيبات لتقسيم الارض الى عشرة اقاليم،‏ وكل اقليم يتضمَّن عددا من فروع الجمعية.‏ فجرى تعيين اخوة اكفاء من المكتب في بروكلين ونظار فروع ذوي خبرة ليكونوا خدام اقاليم (‏يُدعون الآن نظار اقاليم)‏ وجرى تدريبهم على هذا العمل من قبل الاخ نور.‏ وفي ١ كانون الثاني ١٩٥٦ افتتح اول خدام الاقاليم هؤلاء هذه الخدمة الجديدة لزيارة الفروع.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كان اكثر من ٣٠ اخا،‏ بمن فيهم اعضاء في الهيئة الحاكمة،‏ يخدمون كنظار اقاليم.‏

تعليم المشيئة الالهية

في صيف السنة ١٩٥٨ لاح خطر الحرب في الشرق الاوسط.‏ وعلى الرغم من التوتر في العلاقات الدولية،‏ استعد شهود يهوه للاجتماع من اجل محفل اممي كان سيعلمهم اكثر المشيئة الالهية.‏ وكان سيصير ايضا اكبر محفل لهم في مدينة واحدة.‏

ملأت ذروة من ٩٢٢‏,٢٥٣ مندوبا من ١٢٣ بلدا يانكي ستاديوم وپولو ڠراوندز في مدينة نيويورك من اجل محفل المشيئة الالهية الاممي،‏ من ٢٧ تموز الى ٣ آب.‏ «شهود يهوه يتدفقون فيملأون ملعبين،‏» قالت الدايلي نيوز النيويوركية في عدد ٢٦ تموز ١٩٥٨.‏ «ثمانية قطارات خصوصية،‏ ٥٠٠ باص مستأجر و ٠٠٠‏,١٨ سيارة خاصة تنقل الاعضاء،‏ اضافة الى سفينتين مستأجرتين و ٦٥ طائرة مستأجرة.‏»‏

كان المرسلون المدرَّبون في جلعاد قد اعلموا المركز الرئيسي للجمعية بالتحدي الذي يواجهونه في تعليم حق الكتاب المقدس للذين لا يعرفون معتقدات وتعاليم كنائس العالم المسيحي.‏ ليتهم يستطيعون الحصول على مطبوعة تبيِّن فقط تعاليم الكتاب المقدس الحقة،‏ ومع ذلك تكون سهلة القراءة والفهم!‏ ولبهجة المندوبين الـ‍ ٤٨٨‏,١٤٥ الحاضرين بعد ظهر يوم الخميس في ٣١ تموز،‏ اعلن الاخ نور اصدار الكتاب الجديد From Paradise Lost to Paradise Regained  (‏من الفردوس المفقود الى الفردوس المردود‏)‏.‏

حثَّ الاخ نور الجميع على استعمال الكتاب الجديد في خدمتهم للحقل.‏ واقترح ايضا ان الآباء سيجدونه مساعدا في تعليم اولادهم حق الكتاب المقدس.‏ وقد اصغى والدون كثيرون الى الاقتراح.‏ ذكرت ڠريس أ.‏ إيسْتِپ،‏ معلِّمة مدرسة نشأت في بلدة صغيرة قرب پيتسبورڠ،‏ پنسلڤانيا:‏ «جيل بكامله من الاولاد كبروا وهم يدلّون بأصابعهم على كتاب الفردوس،‏ حاملين اياه الى الاجتماعات معهم،‏ مشتركين فيه مع رفقاء لعبهم الصغار،‏ قادرين،‏ قبل وقت طويل من صيرورتهم كبارا كفاية ليقرأوه،‏ ان يسردوا سلسلة كاملة من قصص الكتاب المقدس من مجرد الصور.‏»‏

وزُوِّدت ايضا مواد قوية لتلاميذ كلمة اللّٰه المتقدِّمين.‏ ففي ختام محاضرته المحرِّضة «فلتتمَّ مشيئتك،‏» اثار الاخ نور الحضور عندما اعلن اصدار كتاب جديد بعنوان “Your Will Be Done on Earth”  (‏‏«لتكن مشيئتك على الارض»‏‏)‏.‏ وهذه المطبوعة الجديدة،‏ المحتوية على دراسة شاملة لسفر دانيال،‏ ثقَّفت قرَّاءها في كيفية اتمام المشيئة الالهية في الماضي والحاضر.‏ «ستتمتعون كثيرا جدا بهذا الكتاب!‏» اعلن الخطيب.‏ وبالتصفيق المدوِّي عبَّر الحضور الكبير البالغ عدده ٤٤١‏,١٧٥ عن سرورهم بتسلّم هذه الاداة الجديدة لتعميق تقديرهم للمشيئة الالهية!‏

وفي ملاحظاته الختامية،‏ اعلن الاخ نور برامج تعليمية خصوصية اضافية كانت ستفيد الهيئة في كل العالم.‏ «ان العمل التعليمي ليس في انحطاط،‏» صرَّح نور،‏ «ولكنه بالاحرى في تقدُّم.‏» وأوجز الخطط لتزويد منهج تدريبي لمدة عشرة اشهر في بروكلين للنظار من فروع الجمعية في كل انحاء العالم.‏ وكذلك،‏ في بلدان عديدة حول العالم،‏ ستكون هنالك مناهج تدريبية لشهر واحد للنظار الجائلين والذين لديهم مسؤولية الاشراف في الجماعات.‏ ولماذا كل هذا التعليم؟‏ «نريد ان نتقدَّم الى مستويات اعلى للفهم،‏» اوضح،‏ «لنتمكن من التعمق اكثر في افكار يهوه كما عبَّر عنها في كلمته.‏»‏

وبدأ العمل فورا في مناهج الدرس من اجل هذه البرامج التدريبية.‏ وبعد سبعة اشهر،‏ في ٩ آذار ١٩٥٩،‏ بدأ الصف الاول لمدرسة جديدة،‏ مدرسة خدمة الملكوت،‏ في ساوث لانسينڠ،‏ نيويورك،‏ المقر الرئيسي لمدرسة جلعاد.‏ وما ابتدأ هناك سرعان ما بلغ العالم كله اذ استُخدمت المدرسة الجديدة لتدريب اولئك الذين لديهم مسؤولية الاشراف في الجماعات.‏

محصَّنون ‹للثبات في الايمان›‏

خلال ستينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ غمرت المجتمع البشري موجة عارمة من التغييرات الدينية والاجتماعية.‏ فقد صنَّف رجال الدين اجزاء من الكتاب المقدس كخرافية او قديمة العهد.‏ وإيديولوجية «اللّٰه ميت» صارت شائعة على نحو متزايد.‏ والمجتمع البشري غرق عميقا اكثر فأكثر في مستنقع الفساد الادبي الجنسي.‏ وبواسطة برج المراقبة والمطبوعات الاخرى اضافة الى برامج المحافل صار شعب يهوه محصَّنين ‹للثبات في الايمان› خلال ذلك العقد المضطرب.‏ —‏ ١ كورنثوس ١٦:‏١٣‏.‏

وفي سلسلة محافل عُقدت حول العالم في السنة ١٩٦٣،‏ دافع الخطاب «كتاب ‹البشارة الابدية› نافع» عن الكتاب المقدس ضد هجوم النقَّاد.‏ «لا يلزم نقَّاد الكتاب المقدس ان يلفتوا الانتباه الى ان مجرد اناس كتبوا هذا الكتاب،‏» اوضح الخطيب.‏ «فالكتاب المقدس نفسه يخبرنا باستقامة بهذا الواقع.‏ ولكنَّ ما يجعل هذا الكتاب مختلفا عن ايّ كتاب آخر كتبه اناس هو ان الكتاب المقدس ‹موحى به من اللّٰه.‏›» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ وهذا الخطاب المثير ادَّى الى اصدار كتاب “All Scripture Is Inspired of God and Beneficial”  (‏‏«كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه ونافع»‏‏)‏.‏ والمطبوعة الجديدة احتوت على مناقشة لكل سفر من اسفار الكتاب المقدس،‏ معطية خلفية السفر،‏ مثل مَن كتبه،‏ متى وأين كُتب،‏ والدليل على صحته.‏ ثم اتت خلاصة لسفر الكتاب المقدس،‏ يليها جزء يدعى «لماذا نافع،‏» يظهر كيف ان سفر الكتاب المقدس المعيَّن هذا ذو قيمة كبيرة للقارئ.‏ واذ هي اداة قيِّمة في تعليم الكتاب المقدس المستمر لشهود يهوه،‏ لا تزال هذه المطبوعة بارزة ككتاب دراسي في مدرسة الخدمة الثيوقراطية لنحو ٣٠ سنة بعد اصدارها!‏ *

لم يكن شهود يهوه غير متأثرين بالثورة الجنسية لستينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وفي الواقع،‏ ان عدة آلاف —‏ نسبة مئوية صغيرة من مجموع عددهم —‏ كان يجب فصلهم كل سنة،‏ والاغلبية بسبب الفساد الادبي الجنسي.‏ فلسبب وجيه اذًا أُعطي شعب يهوه مشورة مباشرة في سلسلة من المحافل الكورية التي عُقدت في السنة ١٩٦٤.‏ يتذكَّر لايل روش،‏ ناظر جائل هو في الاصل من ساسكاتشيوان،‏ كندا،‏ الخطاب «حفظ هيئة الخدام العموميين نقية وطاهرة.‏» قال روش:‏ «ان اللغة المباشرة الصريحة حول الآداب شرحت الامور بوضوح في خطاب جليّ.‏»‏

ونُشرت محتويات الخطاب في برج المراقبة عدد ١٥ آب ١٩٦٥ (‏١٥ تشرين الثاني ١٩٦٤،‏ بالانكليزية)‏ وبين امور اخرى ذكرت:‏ «ايتها الفتيات،‏ لا تجعلن انفسكن منشفة وسخة للاستعمال العام،‏ متوافرة لليدين الوسختين لأيّ داعر،‏ ايّ ‹كلب› رمزي.‏» —‏ قارنوا رؤيا ٢٢:‏١٥‏.‏

ومثل هذه المشورة الصريحة صُمِّمت لمساعدة شهود يهوه كشعب على البقاء في حالة ادبية نظيفة،‏ صالحين للاستمرار في المناداة برسالة الملكوت.‏ —‏ قارنوا رومية ٢:‏​٢١-‏٢٣‏.‏

‏«قل لي،‏ ماذا تعني السنة ١٩٧٥ هذه؟‏»‏

اعتقد الشهود لمدة طويلة ان حكم المسيح الالفي سيتبع ٠٠٠‏,٦ سنة من التاريخ البشري.‏ ولكن متى كانت ستنتهي ٠٠٠‏,٦ سنة من الوجود البشري؟‏ ان كتاب Life Everlasting —‏In Freedom of the Sons of God  (‏الحياة الابدية —‏ في حرية ابناء اللّٰه‏)‏،‏ الصادر في سلسلة من المحافل الكورية التي عُقدت في السنة ١٩٦٦،‏ اشار الى السنة ١٩٧٥.‏ وفي المحفل،‏ اذ تفحَّص الاخوة المحتويات،‏ اثار الكتاب الجديد كثيرا من النقاش حول السنة ١٩٧٥.‏

وفي المحفل الذي عُقد في بلتيمور،‏ ماريلند،‏ ألقى ف.‏ و.‏ فرانز الخطاب الختامي.‏ فاستهلّ بالقول:‏ «قبل ارتقائي المنبر مباشرة جاءني شاب وقال،‏ ‹قل لي،‏ ماذا تعني السنة ١٩٧٥ هذه؟‏›» ثم اشار الاخ فرانز الى الاسئلة الكثيرة التي نشأت حول ما اذا كانت المواد في الكتاب الجديد تعني انه بحلول السنة ١٩٧٥ ستكون هرمجدون قد انتهت،‏ والشيطان قد قُيِّد.‏ وقال،‏ في الجوهر:‏ ‹يمكن ذلك.‏ ولكننا لا نقول ذلك.‏ فكل شيء مستطاع عند اللّٰه.‏ ولكننا لا نقول ذلك.‏ فلا يكن ايٌّ منكم محدِّدا في قول ايّ شيء سيحدث بين الآن والسنة ١٩٧٥.‏ ولكنَّ النقطة المهمة في هذا كله هي هذه،‏ ايها الرفقاء الاعزاء:‏ الوقت قصير.‏ الوقت ينفد،‏ وما من شك في ذلك.‏›‏

وفي السنوات التي تلت السنة ١٩٦٦،‏ عمل كثيرون من شهود يهوه وفق روح تلك المشورة.‏ ولكن نُشرت عبارات اخرى حول هذا الموضوع،‏ وكان بعضها على الارجح محدَّدا اكثر مما هو مستحسَن.‏ وهذا ما جرى الاعتراف به في برج المراقبة عدد ١ تشرين الاول ١٩٨٠،‏ «اختيار الطريق الافضل للحياة،‏» الفقرتين ٥ و ٦ (‏عدد ١٥ آذار ١٩٨٠،‏ بالانكليزية)‏.‏ لكنَّ شهود يهوه جرى تنبيههم ايضا الى التركيز بشكل رئيسي على فعل مشيئة يهوه وعدم الاهتمام اكثر مما ينبغي بتواريخ وتوقعات خلاص مبكر.‏ *

اداة للاسراع بالعمل

في اواخر ستينات الـ‍ ١٩٠٠ كان شهود يهوه يعلنون البشارة بشعور من الترقب والالحاح.‏ وخلال السنة ١٩٦٨ ازداد عدد ناشري الملكوت الى ٥٠٤‏,٢٢١‏,١ في ٢٠٣ بلدان.‏ ومع ذلك،‏ لم يكن غير مألوف ان يدرس بعض الاشخاص الكتاب المقدس سنة بعد سنة دون العمل بموجب المعرفة التي ينالونها.‏ فهل كانت هنالك طريقة للإسراع بعمل التلمذة؟‏

جاء الجواب في السنة ١٩٦٨ باصدار مساعِد جديد على درس الكتاب المقدس،‏ The Truth That Leads to Eternal Life  (‏الحق الذي يقود الى الحياة الابدية‏)‏‏.‏ وهذا الكتاب بحجم الجيب المؤلَّف من ١٩٢ صفحة أُعدَّ والاشخاص المهتمون حديثا في الذهن.‏ وقد احتوى على ٢٢ فصلا ممتعا تعالج مواضيع مثل «لماذا من الحكمة ان تمتحن دينك،‏» «لماذا نكبر ونموت،‏» «اين هم الموتى؟‏» «لماذا سمح اللّٰه بالشر حتى اليوم؟‏» «كيف تعرف هوية الدين الحق،‏» و «بناء حياة عائلية سعيدة.‏» وقد صُمِّم كتاب الحق لتشجيع تلميذ الكتاب المقدس على التفكير في المواد الجاري التأمل فيها منطقيا وتطبيقها في حياته الخاصة.‏

وهذه المطبوعة الجديدة كانت ستُستعمل في ما يتعلق ببرنامج درس الكتاب المقدس لستة اشهر.‏ وعدد ايلول ١٩٦٨ (‏بالانكليزية)‏ من Kingdom Ministry  (‏خدمة الملكوت‏)‏ اوضح كيف سيعمل البرنامج الجديد:‏ «سيكون جيدا ان تحاولوا ان تدرسوا فصلا كاملا من كتاب الحق كل اسبوع،‏ بالرغم من ان ذلك ربما لا يكون ممكنا مع جميع اصحاب البيوت او مع جميع الفصول في الكتاب.‏ .‏ .‏ .‏ وعند نهاية ستة اشهر من الدرس المكثَّف والجهود المخلصة لاخذهم الى الاجتماعات،‏ اذا كانوا لا يعاشرون الجماعة بعدُ،‏ فحينئذ قد يكون من الافضل ان تستعملوا وقتكم للدرس مع شخص آخر يريد حقا ان يتعلم الحق ويحرز التقدم.‏ اجعلوه هدفكم ان تعرضوا البشارة في دروس الكتاب المقدس بطريقة تجعل الاشخاص المهتمين يعملون في غضون ستة اشهر!‏»‏

وقد عملوا!‏ ففي فترة قصيرة من الوقت،‏ احرز برنامج درس الكتاب المقدس لستة اشهر نجاحا مذهلا.‏ وطوال سنوات الخدمة الثلاث التي ابتدأت في ١ ايلول ١٩٦٨ وانتهت في ٣١ آب ١٩٧١ اعتمد ما مجموعه ٩٠٦‏,٤٣٤ اشخاص —‏ اكثر من ضعف عدد المعتمدين خلال سنوات الخدمة الثلاث السابقة!‏ واذ جاء في وقت كان هنالك فيه شعور من الترقب والالحاح بين شهود يهوه،‏ فإن كتاب الحق وحملة درس الكتاب المقدس لستة اشهر ساعدا كثيرا في الإسراع بعمل التلمذة.‏ —‏ متى ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏.‏

‏«يجب ان ينجح ذلك؛‏ فهو من يهوه»‏

لسنين كثيرة كانت جماعات شهود يهوه منظَّمة بحيث كانت الجمعية تعيِّن رجلا واحدا كفؤا روحيا ليكون خادم او «ناظر» جماعة،‏ وكان يساعده «خدام» معيَّنون آخرون.‏ * (‏١ تيموثاوس ٣:‏​١-‏١٠،‏ ١٢،‏ ١٣‏)‏ وكان على هؤلاء الرجال ان يخدموا الرعية،‏ لا ان يسودوا عليها.‏ (‏١ بطرس ٥:‏​١-‏٤‏)‏ ولكن هل كان بامكان الجماعات ان تطابق بشكل ألصق بنية الجماعات المسيحية للقرن الاول؟‏

في السنة ١٩٧١،‏ في سلسلة محافل عُقدت في كل انحاء الارض،‏ قُدِّم الخطاب «هيئة ثيوقراطية وسط الديموقراطيات والشيوعية.‏» ففي ٢ تموز،‏ ألقى ف.‏ و.‏ فرانز الخطاب في يانكي ستاديوم في مدينة نيويورك.‏ وفيه اشار الى انه حيثما توافر رجال اكفاء كفاية،‏ كان لدى جماعات القرن الاول اكثر من ناظر واحد.‏ (‏فيلبي ١:‏١‏)‏ «ان الفريق الجماعي للنظار،‏» ذكر،‏ «كانوا يؤلفون ‹هيئة شيوخ› .‏ .‏ .‏ وأعضاء ‹هيئة [او محفل] شيوخ› كهؤلاء كانوا جميعا متساوين،‏ اذ كان لهم المركز الرسمي نفسه،‏ ولم يكن ايّ منهم العضو الاهم،‏ الابرز،‏ الاقوى في الجماعة.‏» (‏١ تيموثاوس ٤:‏١٤‏)‏ وهذا الخطاب حرَّك حقا كامل المحفل.‏ فأيّ تأثير يكون لهذه المعلومات في جماعات شهود يهوه حول العالم؟‏

جاء الجواب بعد يومين،‏ في الخطاب الختامي الذي ألقاه ن.‏ ه‍.‏ نور.‏ فابتداء من ١ تشرين الاول ١٩٧٢ كانت التعديلات في الاشراف على الجماعات حول العالم ستصير نافذة المفعول.‏ فلن يكون هنالك في ما بعد خادم او ناظر جماعة واحد فقط.‏ ولكن خلال الاشهر المؤدية الى ١ تشرين الاول ١٩٧٢ كان رجال مسؤولون ناضجون في كل جماعة سيوصون الجمعية من اجل التعيين بأسماء اولئك الذين سيخدمون بصفتهم هيئة شيوخ (‏وأسماء اولئك الذين سيخدمون كخدام مساعدين)‏.‏ وكان شيخ واحد سيُعيَّن عريفا،‏ * إلا ان جميع الشيوخ ستكون لديهم سلطة متساوية وسيشتركون في مسؤولية اتخاذ القرارات.‏ «ان هذه التعديلات التنظيمية،‏» اوضح الاخ نور،‏ «ستساعد على جعل عمل الجماعات على انسجام اوثق مع كلمة اللّٰه،‏ وسيؤدي ذلك بالتأكيد الى بركات اعظم من يهوه.‏»‏

وكيف تلقَّى المندوبون المجتمعون هذه المعلومات عن التعديلات التنظيمية؟‏ اندفع ناظر جائل الى القول:‏ «يجب ان ينجح ذلك؛‏ فهو من يهوه.‏» وأضاف شاهد آخر ذو خبرة طويلة:‏ «سيكون تشجيعا لجميع الرجال الناضجين ان يتولَّوا المسؤولية.‏» وفي الواقع،‏ صار الآن بإمكان جميع الرجال الاكفاء ان ‹يبتغوا› ويتعيَّنوا في «مركز ناظر.‏» (‏١ تيموثاوس ٣:‏١‏،‏ ع‌ج‏)‏ وهكذا صار بإمكان عدد اكبر من الاخوة ان يكتسبوا خبرة قيِّمة في تحمُّل المسؤولية الجماعية.‏ وعلى الرغم من انهم لم يدركوا ذلك في البداية،‏ كانت هنالك حاجة الى جميع هؤلاء لرعاية السيل العظيم من الاشخاص الجدد في السنين القادمة.‏

والمواد المقدَّمة في المحفل قادت ايضا الى بعض التوضيحات والتعديلات التي شملت الهيئة الحاكمة.‏ ففي ٦ ايلول ١٩٧١ اتُّخذ القرار ان مركز عريف الهيئة الحاكمة يجب تناوبه بين اعضائها،‏ فاعلين ذلك بالترتيب الابجدي.‏ وبعد عدة اسابيع،‏ في ١ تشرين الاول ١٩٧١،‏ صار ف.‏ و.‏ فرانز عريف الهيئة الحاكمة لسنة واحدة.‏

وفي السنة التالية،‏ في ايلول ١٩٧٢،‏ بدأ اول تبديل للمسؤوليات في الجماعات،‏ وبحلول ١ تشرين الاول،‏ كان التناوب في معظم الجماعات قد تمّ.‏ وخلال السنوات الثلاث التالية اختبر شهود يهوه نموًّا عظيما —‏ اكثر من ثلاثة ارباع مليون شخص اعتمدوا.‏ أما الآن فكانوا يواجهون خريف السنة ١٩٧٥.‏ واذا لم تتحقق جميع التوقعات بخصوص السنة ١٩٧٥،‏ فكيف كان ذلك سيؤثر في غيرتهم للنشاط الكرازي العالمي النطاق فضلا عن وحدتهم العالمية؟‏

وأيضا لعقود كان ناثان ه‍.‏ نور،‏ رجل ذو شخصية دينامية ومقدرة بارزة كمنظِّم،‏ قد قام بدور رئيسي في تقدُّم التعليم داخل الهيئة وايصال الكتاب المقدس الى ايدي الناس ومساعدتهم على فهمه.‏ فكيف كان التغيير الى اشراف ادقّ من قبل الهيئة الحاكمة سيؤثر في هذه الاهداف؟‏

‏[الحواشي]‏

^ برج المراقبة،‏ ١ شباط ١٩٤٢،‏ ص ٤٥؛‏ Consolation ‏‹التعزية›،‏ ٤ شباط ١٩٤٢،‏ ص ١٧،‏ بالانكليزية.‏

^ في ايلول ١٩٤٥ اعتذر الاخ كوڤنڠتَن بلطف عن ان يخدم بعدُ كنائب رئيس جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس (‏في پنسلڤانيا)‏،‏ موضحا انه يرغب في الاذعان لما كان مفهوما آنذاك انه مشيئة يهوه لجميع اعضاء مجلس الادارة والرسميين —‏ ان يكونوا مسيحيين ممسوحين بالروح،‏ في حين صرّح بأنه من ‹الخراف الاخر.‏› وفي ١ تشرين الاول انتُخب لايْمَن أ.‏ سْوينڠل عضوا في مجلس المديرين،‏ وفي ٥ تشرين الاول اختير فردريك و.‏ فرانز نائب رئيس.‏ (‏انظروا الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٤٦،‏ ص ٢٢١-‏٢٢٤؛‏ برج المراقبة،‏ ١ تشرين الثاني ١٩٤٥،‏ ص ٣٣٥ و ٣٣٦،‏ بالانكليزية.‏)‏

^ انظروا الفصل ٣٠،‏ «الدفاع عن البشارة وتثبيتها شرعيا.‏»‏

^ التقارير المفصَّلة للجولة نُشرت في برج المراقبة خلال السنة ١٩٤٦.‏ —‏ انظروا الصفحات ١٤-‏١٦،‏ ٢٨-‏٣١،‏ ٤٥-‏٤٨،‏ ٦٠-‏٦٤،‏ ٩٢-‏٩٥،‏ ١١٠-‏١١٢،‏ ١٤١-‏١٤٤،‏ بالانكليزية.‏

^ في غضون سنين قليلة،‏ صار هذا المساعِد على درس الكتاب المقدس معروفا حول العالم.‏ واذ نُقِّح في ١ نيسان ١٩٥٢،‏ جرى طبع اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٩ نسخة بـ‍ ٥٤ لغة.‏

^ انظروا الصفحات ١٤٠-‏١٤٤،‏ ١٧١-‏١٧٦،‏ ١٨٩-‏١٩٢،‏ ٢٠٥-‏٢٠٨،‏ ٢١٩-‏٢٢٣،‏ ٢٣٦-‏٢٤٠،‏ ٢٥١-‏٢٥٦،‏ ٢٦٧-‏٢٧٢،‏ ٣٠٢-‏٣٠٤،‏ ٣١٥-‏٣٢٠،‏ ٣٣٣-‏٣٣٦،‏ ٣٦٣-‏٣٦٨،‏ بالانكليزية.‏

^ نُقِّح كتاب «كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه ونافع» في السنة ١٩٩٠.‏

^ مثلا،‏ نُشرت المقالات التالية في برج المراقبة:‏ «مستعملين الوقت الباقي بحكمة» عدد ١٥ كانون الاول ١٩٦٨ (‏١ ايار ١٩٦٨،‏ بالانكليزية)‏؛‏ «اخدموا بهدف الابدية» عدد ١٥ شباط ١٩٧٥ (‏١٥ حزيران ١٩٧٤،‏ بالانكليزية)‏؛‏ «لماذا لم نخبر ‹ذلك اليوم وتلك الساعة›» و «كيف يؤثر فيكم عدم معرفة ‹اليوم ولا الساعة›؟‏» عدد ١٥ كانون الاول ١٩٧٥ (‏١ ايار ١٩٧٥،‏ بالانكليزية)‏.‏ وفي وقت ابكر،‏ في السنة ١٩٦٣،‏ ذكر كتاب ‏«كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه ونافع»:‏ «لا ينفع استعمال تواريخ الكتاب المقدس المرتَّبة زمنيا لتخمين التواريخ التي لا تزال مستقبلية في مجرى الزمن.‏ —‏ متى ٢٤:‏٣٦‏.‏»‏

^ انظروا الفصل ١٥،‏ «تطوُّر بنية الهيئة.‏»‏

^ اوضح الخطيب ايضا انه ابتداء من ١ تشرين الاول ١٩٧٢ سيكون هنالك تناوب سنوي لمركز العريف ضمن هيئة شيوخ كل جماعة.‏ وهذا الترتيب عُدِّل في السنة ١٩٨٣،‏ عندما طُلب من كل هيئة شيوخ ان توصي بناظر مشرف كان سيخدم،‏ بعد ان تعيِّنه الجمعية،‏ لفترة من الوقت غير محدَّدة كعريف لهيئة الشيوخ.‏

‏[النبذة في الصفحة ٩٢]‏

الكرازة على الرغم من الاعتقالات وعمل الرعاع

‏[النبذة في الصفحة ٩٤]‏

‏‹توسع عالمي وتعليم بمقدار لم يُعرَف من قبل›‏

‏[النبذة في الصفحة ١٠٣]‏

الدفاع عن الكتاب المقدس ضد هجوم النقَّاد

‏[النبذة في الصفحة ١٠٤]‏

‏«النقطة المهمة في هذا كله هي هذه،‏ ايها الرفقاء الاعزاء:‏ الوقت قصير»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٠٧]‏

‏‹تشجيع لجميع الرجال الناضجين ان يتولَّوا المسؤولية›‏

‏[الاطار في الصفحة ٩١]‏

خلفية ن.‏ ه‍.‏ نور

وُلِد ناثان هومر نور في بيت لحم،‏ پنسلڤانيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في ٢٣ نيسان ١٩٠٥.‏ وعندما بلغ الـ‍ ١٦ من العمر عاشر جماعة آلينتاون لتلاميذ الكتاب المقدس.‏ وفي السنة ١٩٢٢ حضر المحفل في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ حيث قرَّر الانسحاب من الكنيسة المُصلَحة.‏ وفي السنة التالية،‏ في ٤ تموز ١٩٢٣،‏ بعدما ألقى فردريك و.‏ فرانز،‏ من بتل بروكلين،‏ خطاب معمودية،‏ كان ناثان البالغ من العمر ١٨ سنة بين اولئك الذين اعتمدوا في نهر ليهاي الصغير،‏ في پنسلڤانيا الشرقية.‏ وفي ٦ ايلول ١٩٢٣ صار الاخ نور عضوا في عائلة البتل في بروكلين.‏

انكبّ الاخ نور على العمل باجتهاد في قسم الشحن،‏ وقبل مضي وقت طويل جرى تمييز قدراته الطبيعية في التنظيم.‏ وعندما مات مدير مصنع الجمعية،‏ روبرت ج.‏ مارتن،‏ في ٢٣ ايلول ١٩٣٢،‏ جرى تعيين الاخ نور ليحلَّ محلَّه.‏ وفي ١١ كانون الثاني ١٩٣٤ انتُخب الاخ نور ليكون مديرا لجمعية منبر الشعوب (‏الآن جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك)‏،‏ وفي السنة التالية جُعل نائب رئيس الجمعية.‏ وفي ١٠ حزيران ١٩٤٠ صار نائب رئيس جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس (‏مؤسسة پنسلڤانيا)‏.‏ وانتخابه لرئاسة كلتا الجمعيتين وللمؤسسة البريطانية،‏ جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم،‏ جرى في كانون الثاني ١٩٤٢.‏

وفي السنين التي تلت،‏ كان احد العشراء الاحماء والمستشارين المؤتمَنين للاخ نور فردريك و.‏ فرانز،‏ رجل اكبر منه سنا وشخص كانت لمعرفته اللغات وخلفيته كعالِم للكتاب المقدس قيمة عظيمة للهيئة.‏

‏[الاطار في الصفحة ٩٣]‏

نظرة مشجِّعة الى الامام

سُرَّ المندوبون في محفل العالم الجديد الثيوقراطي في كليڤلَنْد،‏ اوهايو،‏ في ايلول ١٩٤٢،‏ عندما خاطب المحفلَ امينُ سرّ وصندوق الجمعية المسنّ،‏ و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ.‏ وتذكَّر الاخ ڤان آمبورڠ ان المحفل الاول الذي حضره كان في شيكاڠو في السنة ١٩٠٠،‏ وكان محفلا «كبيرا» —‏ حضره نحو ٢٥٠.‏ وبعد تعداد محافل «كبيرة» اخرى على مرّ السنين،‏ اختتم بهذه النظرة المشجِّعة الى الامام:‏ «ان هذا المحفل * يبدو لنا كبيرا الآن،‏ ولكن كما يكون هذا المحفل كبيرا بالمقارنة مع المحافل التي حضرتها في الماضي،‏ كذلك اتوقع ان يكون هذا المحفل صغيرا جدا بالمقارنة مع تلك التي ستُعقد في المستقبل عندما يبدأ الرب بجمع شعبه من جميع زوايا الكرة الارضية.‏»‏

‏[الحاشية]‏

^ حضرت ذروة من ٠٠٠‏,٢٦ في كليڤلَنْد،‏ بمجموع حضور من ٦٩٩‏,١٢٩ لمدن المحافل الـ‍ ٥٢ المنتشرة عبر الولايات المتحدة.‏

‏[الاطار/‏الخرائط في الصفحة ٩٦]‏

جولات ن.‏ ه‍.‏ نور للخدمة،‏ ١٩٤٥-‏١٩٥٦

١٩٤٥-‏١٩٤٦:‏ اميركا الوسطى،‏ اميركا الجنوبية،‏ اميركا الشمالية،‏ اوروپا،‏ جزر البحر الكاريبي

١٩٤٧-‏١٩٤٨:‏ اميركا الشمالية،‏ جزر المحيط الپاسيفيكي،‏ المشرق،‏ الشرق الاوسط،‏ اوروپا،‏ افريقيا

١٩٤٩-‏١٩٥٠:‏ اميركا الشمالية،‏ اميركا الوسطى،‏ اميركا الجنوبية،‏ جزر البحر الكاريبي

١٩٥١-‏١٩٥٢:‏ اميركا الشمالية،‏ جزر المحيط الپاسيفيكي،‏ المشرق،‏ اوروپا،‏ الشرق الاوسط،‏ افريقيا

١٩٥٣-‏١٩٥٤:‏ اميركا الجنوبية،‏ جزر البحر الكاريبي،‏ اميركا الشمالية،‏ اميركا الوسطى

١٩٥٥-‏١٩٥٦:‏ اوروپا،‏ جزر المحيط الپاسيفيكي،‏ المشرق،‏ اميركا الشمالية،‏ الشرق الاوسط،‏ افريقيا الشمالية

‏[الخرائط]‏

‏(‏انظر المطبوعة)‏

‏[الاطار في الصفحة ١٠٥]‏

‏«اليوم بدأت بالتفكير من جديد»‏

اذ صدر في السنة ١٩٦٨،‏ استخدم شهود يهوه كتاب «الحق الذي يقود الى الحياة الابدية» بشكل واسع في درس الكتاب المقدس مع الاشخاص المهتمين.‏ وهذا التدبير في حينه ساعد مئات الآلاف من الاشخاص المفكِّرين على نيل معرفة دقيقة للاسفار المقدسة.‏ قالت رسالة تقدير جرى تسلُّمها في السنة ١٩٧٣ من قارئ في الولايات المتحدة:‏ «جاءت سيدة لطيفة جدا الى بابي اليوم وأعطتني كتابا يُدعى ‹الحق الذي يقود الى الحياة الابدية.‏› وقد انتهيت منه قبل قليل.‏ وللمرة الاولى اكون قد قرأت ١٩٠ صفحة من ايّ شيء في يوم واحد من حياتي.‏ ففي ٢٩ حزيران ١٩٦٧،‏ توقفت عن الايمان باللّٰه.‏ واليوم بدأت بالتفكير من جديد.‏»‏

‏[الصورة في الصفحة ٩٥]‏

مدرسة جلعاد في ساوث لانسينڠ،‏ نيويورك

‏[الصورة في الصفحة ٩٧]‏

الاخ نور،‏ الظاهر هنا وهو يزور كوبا،‏ سافر حول العالم مرات عديدة

‏[الصورتان في الصفحة ٩٨]‏

شعر الاخ نور بأن كل شاهد يجب ان يكون قادرا على الكرازة من بيت الى بيت

انكلترا

لبنان

‏[الصورة في الصفحة ٩٩]‏

كرئيس للجمعية،‏ عمل الاخ نور بشكل لصيق مع الاخ فرانز لاكثر من ٣٥ سنة

‏[الصورة في الصفحة ١٠٠]‏

مجلس المديرين لجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في پنسلڤانيا،‏ في اواسط خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ (‏من اليسار الى اليمين)‏ لايْمَن أ.‏ سْوينڠل،‏ توماس ج.‏ سوليڤان،‏ ڠرانت سوتر،‏ هوڠو ه‍.‏ رِيمِر،‏ ناثان ه‍.‏ نور،‏ فردريك و.‏ فرانز،‏ مِلتون ج.‏ هنشل

‏[الصور في الصفحة ١٠٢]‏

في السنة ١٩٥٨،‏ تجمَّع مندوبون من ١٢٣ بلدا في يانكي ستاديوم من اجل محفل المشيئة الالهية الاممي

‏[الصورة في الصفحة ١٠٦]‏

مطبوعات لتدريب شهود يهوه على الخدمة

‏[الصورة في الصفحة ١٠٦]‏

بعض المطبوعات للاستعمال في خدمة الحقل

‏[الصورة في الصفحة ١٠٦]‏

كتب زوَّدت الطعام القوي لتقوية شعب يهوه روحيا

‏[الصورة في الصفحة ١٠٦]‏

مساعِدات على البحث والدرس