الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

وقت امتحان (‏١٩١٤-‏١٩١٨)‏

وقت امتحان (‏١٩١٤-‏١٩١٨)‏

الفصل ٦

وقت امتحان (‏١٩١٤-‏١٩١٨)‏

‏«دعونا نتذكر اننا في فترة امتحان.‏ .‏ .‏ .‏ واذا كان هنالك ايّ سبب يقود احدا الى ترك الرب وحقه والى التوقف عن التضحية من اجل قضية الرب،‏ فحينئذ لا يكون مجرد محبة اللّٰه في القلب ما حثَّ على الاهتمام بالرب،‏ بل شيء آخر؛‏ وربما الرجاء بأن الوقت قصير؛‏ فالتكريس كان لوقت محدَّد فقط.‏ واذا كان الامر كذلك،‏ فالآن هو الوقت المناسب كي يترك.‏»‏

ان هذه الكلمات،‏ التي ظهرت في برج المراقبة عدد ١ تشرين الثاني ١٩١٤ (‏بالانكليزية)‏،‏ لا يمكن ان تكون اكثر ملاءمة في ايّ وقت آخر.‏ فقد برهنت السنوات من ١٩١٤ الى ١٩١٨ انها فعلا «فترة امتحان» لتلاميذ الكتاب المقدس.‏ وبعض الامتحانات اتت من الداخل؛‏ والاخرى اتت من الخارج.‏ ولكنها كلها امتحنت تلاميذ الكتاب المقدس بطرائق كشفت ما اذا كانت لديهم حقا ‹محبة اللّٰه في قلوبهم.‏› فهل كانوا سيتمسكون ‹بالرب وحقه› ام سيتركون؟‏

توقعات عظيمة

في ٢٨ حزيران ١٩١٤،‏ اصابت رصاصة قاتل فرانز فيرديناند أرشيدوق النمسا-‏المجر فأردته قتيلا.‏ وهذا الاغتيال اطلق شرارة الحرب الكبرى،‏ كما دُعيت الحرب العالمية الاولى في الاصل.‏ وابتدأ القتال في آب ١٩١٤ عندما قامت المانيا باجتياح بلجيكا وفرنسا.‏ وبحلول خريف تلك السنة،‏ كان حمَّام الدم آخذا مجراه.‏

‏«انتهت ازمنة الامم؛‏ وملوكها كان لهم يومهم»!‏ هكذا اعلن الاخ رصل عندما دخل غرفة الطعام في المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة في بروكلين صباح يوم الجمعة في ٢ تشرين الاول ١٩١٤.‏ كانت الاثارة شديدة.‏ فأغلب الحاضرين كانوا يتطلعون طوال سنوات الى السنة ١٩١٤.‏ ولكن ماذا كانت ستجلب نهاية ازمنة الامم؟‏

كانت الحرب العالمية الاولى تحتدم،‏ وفي ذلك الوقت جرى الاعتقاد ان الحرب ستقود الى زمن فوضى عالمية يؤدي الى نهاية نظام الاشياء الموجود آنذاك.‏ وكانت هنالك ايضا توقعات اخرى تتعلق بالسنة ١٩١٤.‏ فألكسندر ه‍.‏ ماكميلان،‏ الذي اعتمد في ايلول ١٩٠٠،‏ تذكَّر لاحقا:‏ «اعتقد عدد قليل منا جديا اننا ذاهبون الى السماء خلال الاسبوع الاول من تشرين الاول هذا.‏»‏ * وفي الواقع،‏ اذ تذكَّر الصباح الذي اعلن فيه رصل نهاية ازمنة الامم،‏ اعترف ماكميلان:‏ «جرت اثارتنا بشدة ولم اكن لأُفاجَأ لو اننا في تلك اللحظة ابتدأنا نصعد الى السماء،‏ اذ صار ذلك الاشارة للابتداء بالصعود نحو السماء —‏ ولكن طبعا لم يكن هنالك شيء كهذا.‏»‏

ان التوقعات المخيَّبة المتعلقة برجوع الرب يسوع كانت في القرن الـ‍ ١٩ قد جعلت أتباعا كثيرين لوليم ميلر وفرق مجيئية مختلفة يخسرون الايمان.‏ ولكن ماذا عن تلاميذ الكتاب المقدس المقترنين برصل؟‏ هل جذبت البعض فكرة خلاصهم الباكر اكثر من المحبة للّٰه والرغبة القوية في فعل مشيئته؟‏

‏‹ايها الاخ رصل،‏ ألم يخب املك؟‏›‏

كان الاخ رصل يشجِّع تلاميذ الكتاب المقدس ان يبقوا متيقظين وأن يكونوا مصممين على الاستمرار في عمل الرب حتى ولو لم تبلغ الامور الذروة بالسرعة التي يتوقعونها.‏

مرَّ تشرين الاول ١٩١٤،‏ وكان ت.‏ ت.‏ رصل وعشراؤه لا يزالون على الارض.‏ ثم مرَّ تشرين الاول ١٩١٥.‏ فهل خاب امل رصل؟‏ في برج المراقبة عدد ١ شباط ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏،‏ كتب:‏ «‹ولكن،‏ ايها الاخ رصل،‏ ما هو رأيك في وقت تغيُّرنا؟‏ ألم يخب املك لان ذلك لم يأتِ حين كنا نرجو ان يأتي؟‏› قد تسألون.‏ لا،‏ نجيب،‏ لم يخب املنا.‏ .‏ .‏ .‏ ايها الاخوة،‏ ان اولئك الذين منا يملكون الموقف الصائب تجاه اللّٰه لا يخيِّب املهم ايٌّ من ترتيباته.‏ ونحن لم نتمنَّ ان تكون مشيئتنا؛‏ ولذلك عندما اكتشفنا اننا كنا نتوقع الشيء الخاطئ في تشرين الاول ١٩١٤،‏ فرحنا آنذاك بأن الرب لم يغيِّر قصده ليناسبنا.‏ ولم نتمنَّ ان يفعل ذلك.‏ ونتمنى فقط ان نكون قادرين على فهم مقاصده وأهدافه.‏»‏

لا،‏ لم ‹يؤخذ› تلاميذ الكتاب المقدس ‹الى موطنهم› في السماء في تشرين الاول ١٩١٤.‏ ومع ذلك،‏ انتهت ازمنة الامم في تلك السنة.‏ ومن الواضح انه كان يجب على تلاميذ الكتاب المقدس ان يتعلموا المزيد في ما يتعلق بمغزى السنة ١٩١٤.‏ وفي هذه الاثناء،‏ ماذا كان عليهم ان يفعلوا؟‏ ان يعملوا!‏ وكما عبَّرت عن ذلك برج المراقبة عدد ١ ايلول ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏:‏ «اعتقدنا ان عمل الحصاد لتجميع الكنيسة [كنيسة الممسوحين] سيُنجز قبل نهاية ازمنة الامم؛‏ ولكن لا شيء في الكتاب المقدس قال ذلك.‏ .‏ .‏ .‏ فهل نحن آسفون لأن عمل الحصاد يستمر؟‏ قطعا لا .‏ .‏ .‏ وموقفنا الحاضر،‏ ايها الاخوة الاعزاء،‏ يجب ان يكون موقف اقرار بالفضل الكبير تجاه اللّٰه،‏ تقدير متزايد للحق الجميل الذي منحنا هو امتياز رؤيته والاقتران به،‏ وغيرة متزايدة في مساعدة الآخرين على معرفة هذا الحق.‏»‏

ولكن هل كان هنالك شيء اكثر بكثير لفعله في عمل الحصاد؟‏ من الواضح ان الاخ رصل اعتقد ذلك.‏ وما دلَّ على ذلك محادثة اجراها مع الاخ ماكميلان في خريف السنة ١٩١٦.‏ فاذ دعا ماكميلان الى مكتبه في بتل بروكلين،‏ قال له رصل:‏ «ان العمل يزداد بسرعة،‏ وسيستمر في الازدياد،‏ لأن هنالك عملا عالمي النطاق للقيام به في الكرازة بـ‍ ‹انجيل الملكوت› في كل العالم.‏» وقضى رصل ثلاث ساعات ونصف الساعة يوجز لماكميلان ما فهم من الكتاب المقدس انه سيكون العمل العظيم الذي لا يزال امامهم.‏

كان تلاميذ الكتاب المقدس قد مرُّوا بامتحان صعب.‏ ولكن بمساعدة برج المراقبة‏،‏ جرت تقويتهم ليتغلبوا على خيبة الامل.‏ إلا ان فترة الامتحان كانت نهايتها بعيدة.‏

‏«ماذا سيحدث الآن؟‏»‏

في ١٦ تشرين الاول ١٩١٦،‏ انطلق الاخ رصل وأمين سره مِنْتا سْتاردْجَن في رحلة محاضرات مرتبة من قبل الى اجزاء غربية وجنوبي غربية من الولايات المتحدة.‏ لكنَّ رصل كان مريضا بشكل خطير في ذلك الوقت.‏ اخذتهما الرحلة اولا الى ديترويت،‏ ميشيڠان،‏ عن طريق كندا.‏ ثم،‏ بعد محطات في ايلينُوي،‏ كانساس،‏ وتكساس،‏ وصل الرجلان الى كاليفورنيا،‏ حيث قدَّم رصل خطابه الاخير يوم الاحد في ٢٩ تشرين الاول في لوس انجلوس.‏ وبعد يومين،‏ في وقت باكر من بعد ظهر يوم الثلاثاء في ٣١ تشرين الاول،‏ مات تشارلز تاز رصل البالغ من العمر ٦٤ سنة في قطار في پمپا،‏ تكساس.‏ وخبر موته ظهر في برج المراقبة عدد ١٥ تشرين الثاني ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏.‏

وماذا كان التأثير في عائلة البتل عندما أُعلن خبر موت الاخ رصل؟‏ أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان،‏ الذي كان يخدم كمساعد لرصل في المكتب عندما يكون رصل غائبا،‏ تذكَّر لاحقا الصباح الذي قرأ فيه البرقية على عائلة البتل:‏ «صعد انين في كل ارجاء غرفة الطعام.‏ والبعض بكوا بشكل مسموع.‏ ولم يتناول احد الفطور في ذلك الصباح.‏ كان الجميع منزعجين جدا.‏ وعند نهاية فترة الطعام اجتمعوا في فرق صغيرة ليتحدثوا ويهمسوا،‏ ‹ماذا سيحدث الآن؟‏› القليل من العمل جرى القيام به في ذلك اليوم.‏ لم نعرف ماذا نفعل.‏ فذلك لم يكن متوقَّعا قط،‏ ولكنَّ رصل كان يحاول ان يعدَّنا لذلك.‏ فماذا كنا سنفعل؟‏ ان الصدمة الاولى لفقداننا ت.‏ ت.‏ رصل كانت الاسوأ.‏ وطوال تلك الايام القليلة الاولى كان مستقبلنا حائطا مسدودا.‏ ففي كل حياته كان رصل ‹الجمعية.‏› وكان العمل مركَّزا حول تصميمه الدينامي على رؤية مشيئة اللّٰه تُنجَز.‏»‏

بعد خدمات المأتم في ذا تمْپِلْ في نيويورك وفي قاعة كارنيجي في پيتسبورڠ،‏ دُفن الاخ رصل في ألليڠيني،‏ في مدفن عائلة البتل،‏ بناء على طلبه.‏ ونُشرت سيرة مختصرة لرصل مع وصيته في برج المراقبة عدد ١ كانون الاول ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏،‏ وفي طبعات لاحقة للمجلد الاول من دروس في الاسفار المقدسة.‏

وماذا كان سيحدث الآن؟‏ كان صعبا على تلاميذ الكتاب المقدس ان يتخيَّلوا شخصا آخر مكان الاخ رصل.‏ فهل كان سيستمر فهمهم للاسفار المقدسة في التقدم،‏ ام سيتوقف حيث هو؟‏ وهل كانوا سيصيرون فرقة دينية تتركَّز حوله؟‏ كان رصل نفسه قد اوضح تماما انه يتوقع استمرار العمل.‏ ولذلك،‏ عقب موته،‏ سرعان ما نشأت بعض الاسئلة الواضحة:‏ مَن سيشرف على محتويات برج المراقبة والمطبوعات الاخرى؟‏ مَن يجب ان يخلف رصل رئيسا؟‏

تغيير في الادارة

في وصيته حدَّد الاخ رصل ترتيبا لاجل لجنة تحرير من خمسة اشخاص لتقرير محتويات برج المراقبة.‏ * وبالاضافة الى ذلك،‏ صنع مجلس مديري جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس ترتيبات لاجل لجنة تنفيذ من ثلاثة اشخاص —‏ أ.‏ ا.‏ ريتشي،‏ و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ وج.‏ ف.‏ رذرفورد —‏ ليمارسوا الاشراف العام على كل عمل الجمعية،‏ خاضعين لتوجيه مجلس المديرين.‏ * ولكن،‏ مَن كان سيصير الرئيس الجديد؟‏ كان هذا القرار سيُتخذ في الاجتماع السنوي التالي للجمعية،‏ بعد نحو شهرين،‏ في ٦ كانون الثاني ١٩١٧.‏

في البداية،‏ بذلت لجنة التنفيذ قصارى جهدها لجعل الاوضاع مستقرة،‏ مشجعة تلاميذ الكتاب المقدس على البقاء نشاطى وعدم خسارة الشجاعة.‏ واستمرت برج المراقبة في الصدور،‏ محتوية على مقالات كان رصل قد كتبها قبل موته.‏ ولكن اذ اقترب الاجتماع السنوي،‏ بدأ التوتر يتعاظم.‏ حتى ان البعض كانوا يقومون بحملة انتخابية صغيرة ليجري انتخاب رجل من اختيارهم رئيسا.‏ وآخرون،‏ بسبب احترامهم العميق للاخ رصل،‏ بدوا اكثر اهتماما بمحاولة الاقتداء بصفاته وتطوير فرقة دينية تتمحور حوله.‏ لكنَّ معظم تلاميذ الكتاب المقدس كانوا مهتمين قبل كل شيء بمواصلة العمل الذي سكب فيه رصل نفسه.‏

واذ اقترب وقت الانتخاب،‏ بقي السؤال،‏ مَن سيخلف رصل رئيسا؟‏ اخبرت برج المراقبة عدد ١٥ كانون الثاني ١٩١٧ (‏بالانكليزية)‏ بنتيجة الاجتماع السنوي،‏ موضحة:‏ «ذكر الاخ پيرسَن،‏ بملاحظات ملائمة جدا وتعابير تقدير ومحبة للاخ رصل،‏ انه قد تسلَّم خبرا بصفته حامل التوكيل من اخوة في كل انحاء البلد بقصد اعطاء اصواتهم للاخ ج.‏ ف.‏ رذرفورد ليكون الرئيس،‏ وذكر ايضا انه كان موافقا على ذلك تماما.‏» وبعد ان جرى ترشيح رذرفورد والتثنية على ذلك،‏ لم تعد هنالك اية ترشيحات،‏ ولذلك «قدَّم امين السر بطاقات الانتخاب حسب التوجيه،‏ وأُعلن ان الاخ رذرفورد هو الاختيار الاجماعي للاجتماع السنوي للجمعية بصفته الرئيس.‏»‏

وبتقرير الانتخاب،‏ كيف استُقبل الرئيس الجديد؟‏ اخبرت برج المراقبة المذكورة انفا:‏ «صلَّى الاخوة في كل مكان بحرارة من اجل ارشاد وتوجيه الرب في مسألة الانتخاب؛‏ وعندما انتهى الامر،‏ كان كل شخص مكتفيا وسعيدا،‏ اذ اعتقدوا ان الرب قد وجَّه مناقشاتهم واستجاب صلواتهم.‏ وساد انسجام تام بين كل الحضور.‏»‏

لكنَّ ذلك ‹الانسجام التام› لم يدم طويلا جدا.‏ فقد استُقبل الرئيس الجديد بحرارة من قبل كثيرين ولكن ليس من قبل الجميع.‏

الرئيس الجديد يتقدَّم

كان الاخ رذرفورد ميَّالا،‏ لا الى تغيير اتجاه الهيئة،‏ بل الى متابعة النموذج التقدمي الذي اسسه رصل.‏ فالممثِّلون الجائلون للجمعية (‏المعروفون بالخطباء الجائلين)‏ ازدادوا من ٦٩ الى ٩٣.‏ وتوزيع نشرات الجمعية المجانية ازداد سرعة في ايام آحاد المناسبات الخصوصية امام الكنائس وقانونيا في الخدمة من بيت الى بيت.‏

و «عمل الرعاية،‏» الذي كان قد بدأ قبل موت رصل،‏ تقدَّم الآن.‏ وكان هذا عمل ملاحقة،‏ شبيها بنشاط الزيارات المكررة الذي ينجزه الآن شهود يهوه.‏ ولمنح عمل الكرازة قوة جديدة اضافية،‏ وسَّع رئيس الجمعية الجديد عمل موزعي المطبوعات الجائلين.‏ فازداد موزعو المطبوعات الجائلون (‏السابقون للفاتحين اليوم)‏ من ٣٧٢ الى ٤٦١.‏

‏«بدأت السنة ١٩١٧ بارتقاب مثبِّط الى حد ما،‏» ذكرت برج المراقبة عدد ١٥ كانون الاول ١٩١٧ (‏بالانكليزية)‏.‏ نعم،‏ عقب موت ت.‏ ت.‏ رصل،‏ كانت هنالك بعض الظنون،‏ بعض الشكوك،‏ وبعض المخاوف.‏ ومع ذلك كان تقرير نهاية السنة مشجِّعا؛‏ فكان نشاط الحقل قد ازداد.‏ ومن الواضح ان العمل كان يتقدَّم.‏ فهل كان تلاميذ الكتاب المقدس قد اجتازوا امتحانا آخر —‏ موت ت.‏ ت.‏ رصل —‏ بنجاح؟‏

جهود للسيطرة

لم يكن كل شخص مؤيِّدا للرئيس الجديد.‏ فكان ت.‏ ت.‏ رصل و ج.‏ ف.‏ رذرفورد رجلين مختلفين جدا.‏ وكانت لهما شخصيتان مختلفتان وأتيا من خلفيتين مختلفتين.‏ فكان صعبا على البعض قبول هذه الاختلافات.‏ وفي رأيهم،‏ لم يكن ممكنا لأحد ‹ان يملأ مكان الاخ رصل.‏›‏

وفي الواقع،‏ استاء قليلون،‏ وخصوصا في المركز الرئيسي،‏ من الاخ رذرفورد.‏ وواقع ان العمل كان يتقدَّم وأنه يبذل كل جهد ليتبع الترتيبات التي كان رصل قد وضعها بدا عديم التأثير فيهم.‏ وسرعان ما ازدادت المقاومة.‏ فأربعة اعضاء من مجلس مديري الجمعية تمادوا في سعيهم الى انتزاع السلطة الادارية من يدي رذرفورد.‏ ووصلت الحالة الى مرحلة صعبة في صيف السنة ١٩١٧ باصدار The Finished Mystery  (‏السر المنتهي‏)‏‏،‏ المجلد السابع من دروس في الاسفار المقدسة.‏

لم يكن الاخ رصل قادرا على انتاج هذا المجلد خلال مدة حياته،‏ على الرغم من انه قد تمنى ان يفعل ذلك.‏ فرتَّبت لجنة التنفيذ في الجمعية بعد موته ان يعدَّ اثنان من العشراء،‏ كلايتَن ج.‏ وودوَرث وجورج ه‍.‏ فيشر،‏ هذا الكتاب،‏ الذي كان تعليقا على سفر الرؤيا،‏ نشيد الانشاد،‏ وحزقيال.‏ وجزئيا كان مؤسسا على ما كان رصل قد كتبه عن اسفار الكتاب المقدس هذه،‏ وأُضيفت تعليقات وتوضيحات اخرى.‏ ووافق رسميو الجمعية على نشر المخطوطة المكمَّلة وصدر لعائلة البتل على مائدة الطعام يوم الثلاثاء في ١٧ تموز ١٩١٧.‏ وفي تلك المناسبة عينها،‏ صُنع اعلان مروِّع —‏ المديرون المقاومون الاربعة جرت تنحيتهم،‏ والاخ رذرفورد عيَّن اربعة آخرين ليشغلوا الوظائف الشاغرة.‏ فماذا كان ردّ الفعل؟‏

كان الامر كما لو ان قنبلة قد انفجرت!‏ فالمديرون المطرودون الاربعة انتهزوا المناسبة وأثاروا جدالا لخمس ساعات امام عائلة البتل حول ادارة شؤون الجمعية.‏ فتعاطف عدد من عائلة البتل مع المقاومين.‏ واستمرت المقاومة عدة اسابيع،‏ وهدَّد المشوِّشون بأن «يقلبوا الاستبداد الموجود،‏» كما عبَّروا عن ذلك.‏ لكنَّ الاخ رذرفورد كان لديه اساس سليم للاجراء الذي اتخذه.‏ وكيف ذلك؟‏

تبيَّن في النهاية انه على الرغم من ان الاخ رصل كان قد عيَّن المديرين المقاومين الاربعة،‏ فإن هذه التعيينات لم تكن قد ثُبِّتت بتصويت اعضاء المؤسسة في الاجتماع السنوي للجمعية.‏ ولذلك لم يكن هؤلاء الاربعة قط اعضاء شرعيين في مجلس المديرين!‏ ورذرفورد كان مدركا لذلك لكنه لم يذكره في البداية.‏ ولماذا؟‏ كان يريد تجنُّب اعطاء الانطباع بأنه يعارض رغبات الاخ رصل.‏ ولكن،‏ عندما صار واضحا انهم لن يوقفوا مقاومتهم،‏ تصرَّف رذرفورد ضمن حدود سلطته ومسؤوليته كرئيس لاستبدالهم بأربعة اخرين كان سيجري تثبيت تعييناتهم في الاجتماع السنوي التالي،‏ الذي كان سيُعقد في كانون الثاني ١٩١٨.‏

وفي ٨ آب ترك المديرون السابقون الساخطون ومؤيِّدوهم عائلة البتل؛‏ فكان قد طُلب منهم الرحيل بسبب التشويش الذي يخلقونه.‏ وسرعان ما ابتدأوا ينشرون مقاومتهم بالتكلم علنا وبحملة كتابة رسائل في كل انحاء الولايات المتحدة،‏ كندا،‏ وأوروپا.‏ ونتيجة لذلك،‏ بعد صيف السنة ١٩١٧،‏ انقسم عدد من جماعات تلاميذ الكتاب المقدس الى فريقين —‏ اولئك الاولياء للجمعية وأولئك الذين كانوا ضحية سهلة لكلام المقاومين الملق.‏

ولكن هل يحاول المديرون المطرودون،‏ في جهد للسيطرة على الهيئة،‏ التأثير في اولئك الذين يحضرون الاجتماع السنوي؟‏ اذ توقَّع ردّ فعل كهذا،‏ شعر رذرفورد بأنه من الصواب اجراء استفتاء لكل الجماعات.‏ والنتائج؟‏ بحسب التقرير الصادر في برج المراقبة عدد ١٥ كانون الاول ١٩١٧ (‏بالانكليزية)‏،‏ اظهر المصوِّتون تأييدهم الساحق لِـ‍ ج.‏ ف.‏ رذرفورد والمديرين المتعاونين معه!‏ وجرى تثبيت ذلك في الاجتماع السنوي.‏ * ففشلت جهود المقاومين في السيطرة!‏

وماذا حلَّ بهؤلاء المقاومين ومؤيديهم؟‏ بعد الاجتماع السنوي في كانون الثاني ١٩١٨،‏ انشقَّ المقاومون،‏ حتى انهم اختاروا الاحتفال بالذكرى،‏ في ٢٦ آذار ١٩١٨،‏ وحدهم.‏ وأي اتحاد تمتعوا به كان قصير العمر،‏ وقبل مضي وقت طويل انقسموا الى فرق دينية مختلفة.‏ وفي معظم الحالات،‏ تضاءلت اعدادهم وتناقص نشاطهم او توقَّف كليا.‏

من الواضح انه عقب موت الاخ رصل واجه تلاميذ الكتاب المقدس امتحانا حقيقيا للولاء.‏ كما عبَّرت عن ذلك تَريسَّا پ.‏ ڠوت،‏ التي اعتمدت في السنة ١٩١٥:‏ «كثيرون من اولئك الذين كانوا قد بدوا اقوياء جدا،‏ واقفين انفسهم للرب الى حد بعيد،‏ ابتدأوا يرحلون.‏ .‏ .‏ .‏ كل ذلك لم يبدُ صائبا،‏ ومع ذلك كان يحدث ويزعجنا.‏ لكنني قلت لنفسي:‏ ‹ألم تكن هذه الهيئة هي التي استخدمها يهوه لتحريرنا من قيود الدين الباطل؟‏ ألم نتذوق صلاحه؟‏ اذا كنا سنترك الان،‏ فالى اين نذهب؟‏ ألا ننتهي اذا تبعنا انسانا ما؟‏› لم نستطع ان نفهم لماذا يجب ان نذهب مع المرتدّين،‏ ولذلك بقينا.‏» —‏ يوحنا ٦:‏٦٦-‏٦٩؛‏ عبرانيين ٦:‏٤-‏٦‏.‏

وبعض الذين انسحبوا من الهيئة تابوا في ما بعد واقترنوا بتلاميذ الكتاب المقدس في العبادة مرة اخرى.‏ والاكثرية الساحقة،‏ كالاخت ڠوت،‏ استمروا في التعاون مع جمعية برج المراقبة والاخ رذرفورد.‏ فالمحبة والوحدة اللتان ربطتاهم معا كانتا قد تعزَّزتا على مرّ سنوات من المعاشرة معا في الاجتماعات والمحافل.‏ ولم يكونوا ليسمحوا لشيء بأن يقطع رباط الوحدة هذا.‏ —‏ كولوسي ٣:‏١٤‏.‏

وبحلول السنة ١٩١٨ كان تلاميذ الكتاب المقدس قد اجتازوا الامتحان من الداخل.‏ ولكن،‏ ماذا اذا نشأت المقاومة من الذين في الخارج؟‏

اهداف للهجوم

في اواخر السنة ١٩١٧ وفي السنة ١٩١٨،‏ وزَّع تلاميذ الكتاب المقدس بنشاط الكتاب الجديد،‏ السر المنتهي.‏ فبحلول نهاية السنة ١٩١٧،‏ كانت المطابع مشغولة بالـ‍ ٠٠٠‏,٨٥٠ نسخة.‏ اخبرت برج المراقبة عدد ١٥ كانون الاول ١٩١٧ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان مبيع المجلد السابع لا يضاهيه مبيع ايّ كتاب آخر معروف،‏ في مدة الوقت عينها،‏ ما عدا الكتاب المقدس.‏»‏

ولكن لم يُسرَّ كل شخص بنجاح السر المنتهي.‏ فقد احتوى الكتاب على بعض الاشارات اللاذعة جدا الى رجال دين العالم المسيحي.‏ فأغضب ذلك رجال الدين حتى انهم حثّوا الحكومة على منع مطبوعات تلاميذ الكتاب المقدس.‏ ونتيجة لهذه المقاومة الملهمة من رجال الدين،‏ باكرا في السنة ١٩١٨،‏ حُظر السر المنتهي في كندا.‏ وسرعان ما ازدادت المقاومة ضد تلاميذ الكتاب المقدس في الولايات المتحدة.‏

ولتشهير هذا الضغط الملهم من رجال الدين،‏ اصدرت جمعية برج المراقبة،‏ في ١٥ آذار ١٩١٨،‏ نشرة Kingdom News  (‏اخبار الملكوت‏)‏ رقم ١.‏ ورسالتها؟‏ قال العنوان الرئيسي بعرض ستة اعمدة:‏ «التعصُّب الديني —‏ أتباع الراعي رصل يُضطهدون لأنهم يخبرون الناس الحق.‏» وتحت العنوان الفرعي «معاملة تلاميذ الكتاب المقدس تشبه تلك التي ‹للعصور المظلمة›» جرى ايضاح وقائع الاضطهاد والحظر اللذين كانا قد ابتدأا في كندا.‏ والمحرِّضون؟‏ لم تُخفِ النشرة الوقائع في الاشارة الى رجال الدين،‏ الذين وُصفوا بأنهم «صف من الرجال المتعصِّبين الذين سعوا بشكل منظَّم الى منع الناس من فهم الكتاب المقدس والى قمع كل تعليم للكتاب المقدس إلا اذا اتى من خلالهم.‏»‏ * فيا لها من رسالة شديدة الوقع!‏

وكيف تجاوب رجال الدين مع مثل هذا التشهير؟‏ لقد سبقوا وأثاروا المشاكل ضد جمعية برج المراقبة.‏ ولكنهم الآن صاروا قساة!‏ ففي ربيع السنة ١٩١٨،‏ ابتدأت موجة من الاضطهاد العنيف ضد تلاميذ الكتاب المقدس في اميركا الشمالية وأوروپا على السواء.‏ وبلغت المقاومة الملهمة من رجال الدين ذروتها في ٧ ايار ١٩١٨،‏ عندما صدرت مذكّرات فيديرالية اميركية لتوقيف ج.‏ ف.‏ رذرفورد وبعض عشرائه الاحماء.‏ وبحلول منتصف السنة ١٩١٨،‏ وجد رذرفورد وسبعة عشراء انفسهم في السجن الاصلاحي الفيديرالي في اتلانتا،‏ جورجيا.‏

ولكن بوجود القاضي رذرفورد وعشرائه في السجن،‏ ماذا حدث للعمل في المركز الرئيسي؟‏

المحافظة على سير العمل

في وقت سابق في بروكلين جرى تعيين لجنة تنفيذ لتولي امر العناية بالعمل.‏ وكان الاهتمام الرئيسي للاخوة المعيَّنين ابقاء برج المراقبة صادرة.‏ فتلاميذ الكتاب المقدس في كل مكان كانوا يحتاجون بالتأكيد الى كل التشجيع الروحي الذي يمكن اعطاؤهم اياه.‏ وفي الواقع،‏ خلال ‹فترة الامتحان› هذه بكاملها،‏ لم يفشل ايّ عدد من برج المراقبة في الصدور!‏ *

وماذا كانت الروح في المركز الرئيسي؟‏ تذكَّر توماس (‏بَدْ)‏ سوليڤان،‏ الذي خدم لاحقا كعضو في الهيئة الحاكمة:‏ «كان امتيازي ان ازور بتل بروكلين في وقت متأخر من صيف ١٩١٨ في اثناء سجن الاخوة.‏ والاخوة المسؤولون عن العمل في البتل لم يكونوا قط خائفين او مكتئبين.‏ وفي الواقع،‏ كان العكس صحيحا.‏ فقد كانوا متفائلين وواثقين بأن يهوه سيمنح شعبه النصر اخيرا.‏ وكان لي امتياز ان اكون على مائدة الفطور يوم الاثنين صباحا عندما قدَّم الاخوة الذين أُرسلوا في تعيينات في نهاية الاسبوع تقاريرهم.‏ وجرى الحصول على صورة حسنة عن الوضع.‏ وفي كل حالة كان الاخوة واثقين،‏ منتظرين ان يوجِّه يهوه نشاطاتهم الى حد ابعد.‏»‏

ولكن جرت مواجهة مشاكل عديدة.‏ فالحرب العالمية الاولى كانت لا تزال محتدمة.‏ وكان هنالك نقص في مخزون الورق والفحم،‏ اللذين كانا ضروريين بشكل حيوي للعمل في المركز الرئيسي.‏ وببلوغ الوطنية ذروة الحدة،‏ كان هنالك حقد كبير على الجمعية؛‏ واعتُبر تلاميذ الكتاب المقدس خونة.‏ وفي ظل هذه الظروف القاسية،‏ بدت مواصلة الاعمال في بروكلين مستحيلة.‏ ولذلك فإن لجنة التنفيذ،‏ بعد التشاور مع الاخوة الآخرين،‏ باعت «مسكن بروكلين» وأقفلت «بيت ايل.‏» وفي ٢٦ آب ١٩١٨،‏ أُعيدت الاعمال الى پيتسبورڠ الى بناء للمكاتب في شارعي فيديرال ورِلَيانس.‏

ومع ذلك،‏ سادت روح جيدة.‏ تذكَّرت مارثا مِرِديث:‏ «نحن الذين في پيتسبورڠ اجتمعنا معا وقررنا ان نحافظ ‹على سير العمل› حتى يخرج الاخوة من السجن.‏ وفي ذلك الحين نُقل مكتب بروكلين الى پيتسبورڠ،‏ فصار الاخوة مشغولين بكتابة مقالات لِـ‍ برج المراقبة وطبعها.‏ وعندما صارت مجلات برج المراقبة جاهزة للارسال خارجا،‏ لففناها نحن الاخوات وأرسلناها خارجا الى الناس.‏»‏

لقد واجه تلاميذ الكتاب المقدس بعض المحن القاسية منذ انتهت ازمنة الامم في خريف السنة ١٩١٤.‏ فهل كان بامكانهم الاستمرار؟‏ هل كانوا يملكون فعلا ‹محبة اللّٰه في قلوبهم› ام لا؟‏ وهل كانوا سيتمسكون بثبات ‹بالرب وحقه،‏› كما كان رصل قد حذَّر،‏ ام كانوا سيتركون؟‏

‏[الحواشي]‏

^ الاقتباسات من أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان في هذا الفصل مأخوذة من كتابه الايمان في تقدُّم مستمر،‏ اصدرته في السنة ١٩٥٧ پرنْتِس-‏هول.‏

^ ان الاعضاء الخمسة للجنة التحرير كما ذُكرت اسماؤهم في وصية رصل كانوا وليم إ.‏ پايدْج،‏ وليم إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ هنري كلاي روكْوِل،‏ إ.‏ و.‏ بْرِناسَن،‏ وف.‏ ه‍.‏ رَبِسُن.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ لملء اية وظائف شاغرة،‏ ذُكرت اسماء آخرين —‏ أ.‏ إ.‏ برْجِس،‏ روبرت هِرْش،‏ أيزَك هاسكَنْز،‏ ج.‏ ه‍.‏ فيشر،‏ ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ وجون إدڠَر.‏ لكنَّ پايدْج وبْرِناسَن استقالا فورا —‏ پايدْج لأنه كان لا يستطيع ان يقيم في بروكلين،‏ وبْرِناسَن (‏لاحقا تغيَّرت التهجية الى بْرِنيسِن)‏ لأنه كان عليه ان يتخذ عملا دنيويا لدعم عائلته.‏ فحلَّ محلَّهما رذرفورد وهِرْش،‏ اللذان أُدرج اسماهما في برج المراقبة عدد ١ كانون الاول ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏،‏ كعضوين في لجنة التحرير.‏

^ وفقا لميثاق جمعية برج المراقبة،‏ كان سيتألف مجلس المديرين من سبعة اعضاء.‏ ورتَّب الميثاق ان يملأ الاعضاء الباقون احياء في مجلس المديرين الوظائف الشاغرة.‏ ولذلك،‏ بعد يومين من موت رصل،‏ اجتمع مجلس المديرين وانتخب أ.‏ ن.‏ پيرسَن ليكون عضوا.‏ والاعضاء السبعة للمجلس في تلك المرحلة كانوا أ.‏ ا.‏ ريتشي،‏ و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ ه‍.‏ ك.‏ روكْوِل،‏ ج.‏ د.‏ رايت،‏ أ.‏ ف.‏ هاسكَنْز،‏ أ.‏ ن.‏ پيرسَن،‏ و ج.‏ ف.‏ رذرفورد.‏ ومجلس السبعة اعضاء آنذاك انتخب لجنة التنفيذ المؤلَّفة من ثلاثة اشخاص.‏

^ في الاجتماع السنوي الذي عُقد في ٥ كانون الثاني ١٩١٨،‏ كان السبعة اشخاص الذين نالوا اكبر عدد من الاصوات ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ سي.‏ ه‍.‏ اندرسون،‏ و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان،‏ و.‏ إ.‏ سْپِل،‏ ج.‏ أ.‏ بونِت،‏ وج.‏ ه‍.‏ فيشر.‏ ومن اعضاء المجلس السبعة هؤلاء،‏ اختير ثلاثة رسميين —‏ ج.‏ ف.‏ رذرفورد رئيسا،‏ سي.‏ ه‍.‏ اندرسون نائب رئيس،‏ و و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ امين السر والصندوق.‏

^ تبعت نشرتان اخريان شديدتا الوقع.‏ اخبار الملكوت رقم ٢،‏ المؤرخة في ١٥ نيسان ١٩١٨،‏ احتوت على رسالة اقوى ايضا تحت العنوان الرئيسي «‹السر المنتهي› وسبب منعه.‏» ثم،‏ اخبار الملكوت رقم ٣،‏ في ايار ١٩١٨،‏ حملت العنوان الرئيسي المهم «معركتان عظيمتان تحتدمان —‏ سقوط الاوتوقراطية اكيد.‏»‏

^ في مناسبات ابكر،‏ كان قد جرى ضمّ اعداد من برج المراقبة معا،‏ لكنَّ هذا لم يحدث خلال ١٩١٤-‏١٩١٨.‏

‏[النبذة في الصفحة ٦٩]‏

رذرفورد طلب من المقاومين الرحيل عن البتل

‏[الاطار في الصفحة ٦٢]‏

‏«كان البعض منا مستعجلا فوق الحد قليلا»‏

اذ كان تشرين الاول ١٩١٤ يقترب،‏ توقَّع بعض تلاميذ الكتاب المقدس انه عند نهاية ازمنة الامم سينالون،‏ بصفتهم مسيحيين ممسوحين بالروح،‏ مكافأتهم السماوية.‏ وما يوضح ذلك هو حدث حصل في محفل لتلاميذ الكتاب المقدس في ساراتوڠا سْپْرِنڠز،‏ نيويورك،‏ ٢٧-‏٣٠ ايلول ١٩١٤.‏ أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان،‏ الذي كان قد اعتمد قبل ١٤ سنة،‏ ألقى محاضرة يوم الاربعاء في ٣٠ ايلول.‏ وفيها ذكر:‏ «هذا هو على الارجح الخطاب العام الاخير الذي ألقيه على الاطلاق لأننا سنذهب الى موطننا [ الى السماء] قريبا.‏»‏

ولكن،‏ بعد يومين (‏يوم الجمعة في ٢ تشرين الاول)‏،‏ تلقَّى ماكميلان اغاظة لطيفة هناك في بروكلين،‏ حيث كان المحتفِلون سيجتمعون ثانية.‏ فمن مقعده على رأس الطاولة،‏ اعلن ت.‏ ت.‏ رصل:‏ «سنقوم ببعض التغييرات في البرنامج ليوم الاحد [٤ تشرين الاول].‏ في الساعة ٣٠:‏١٠ من صباح يوم الاحد سيلقي علينا الاخ ماكميلان خطابا.‏» والتجاوب؟‏ كتب ماكميلان لاحقا:‏ «كل شخص ضحك من قلبه،‏ متذكِّرا ما كنت قد قلته يوم الاربعاء في ساراتوڠا سْپْرِنڠز —‏ ‹خطابي العام الاخير›!‏»‏

«حسنا،‏» تابع ماكميلان،‏ «كان عليَّ آنذاك ان انهمك في ايجاد شيء اقوله.‏ فوجدت المزمور ٧٤:‏٩‏،‏ ‹آياتنا لا نرى.‏ لا نبيّ بعدُ.‏ ولا بيننا مَن يعرف حتى متى.‏› لقد اختلف الامر الآن.‏ ففي هذا الخطاب حاولت ان اظهر للاصدقاء انه ربما كان البعض منا مستعجلا فوق الحد قليلا في التفكير اننا ذاهبون الى السماء فورا،‏ والامر الذي علينا القيام به هو ان نبقى مشغولين بخدمة الرب حتى يقرِّر متى يؤخذ ايّ من خدامه المقبولين الى موطنه الى السماء.‏»‏

‏[الاطار في الصفحة ٦٧]‏

خلفية ج.‏ ف.‏ رذرفورد

وُلد جوزيف فرانكلن رذرفورد من والدَين معمدانيين في مزرعة في مقاطعة مورڠان،‏ ميسوري،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في ٨ تشرين الثاني ١٨٦٩.‏ وعندما كان جوزيف في الـ‍ ١٦ من العمر،‏ وافق ابوه على ان يلتحق بالكلية،‏ بشرط ان يغطي هو نفقاته وأن يدفع لعامل اجير ليحلَّ مكانه في المزرعة.‏ واذ كان حدثا عاقد العزم،‏ حصل جوزيف على قرض من صديق وتمكَّن من الذهاب الى الكلية فيما كان يدرس ايضا الحقوق.‏

وبعد ان اكمل تعليمه الاكاديمي،‏ قضى رذرفورد سنتين تحت وصاية القاضي إ.‏ ل.‏ إدوردز.‏ وعندما بلغ الـ‍ ٢٠ من العمر،‏ صار مقرِّر المحكمة الرسمي لدى محاكم الدائرة القضائية الرابعة عشرة في ميسوري.‏ وفي ٥ ايار ١٨٩٢ مُنح اجازته الرسمية ليمارس المحاماة في ميسوري.‏ ولاحقا خدم رذرفورد مدة اربع سنوات بصفته المدَّعي العام لبونڤيل،‏ ميسوري.‏ وفي ما بعد ايضا كان يخدم احيانا كقاضٍ خصوصي في محكمة الدائرة القضائية الثامنة في ميسوري.‏ ولهذا السبب صار معروفا بـ‍ «القاضي» رذرفورد.‏

وعلى نحو مثير للاهتمام،‏ لكي يتمكَّن من دفع نفقة المدرسة،‏ كان رذرفورد يبيع دوائر المعارف من بيت الى بيت.‏ ولم يكن ذلك عملا سهلا —‏ لقد كانت هنالك خيبات كثيرة.‏ وفي احدى المناسبات كاد يموت عندما وقع في نهر جليدي فيما كان يزور المزارع.‏ فوعد نفسه بأنه عندما يصير محاميا،‏ اذا اتى ايّ شخص الى مكتبه يبيع كتبا،‏ فسيشتريها.‏ ووفقا لكلامه،‏ قَبِل ثلاثة مجلدات من «الفجر الالفي» من موزعَين جائلين للمطبوعات اتيا الى مكتبه في وقت باكر من السنة ١٨٩٤.‏ وبعد عدة اسابيع قرأ الكتب وكتب فورا رسالة الى جمعية برج المراقبة قال فيها:‏ «قرأنا زوجتي العزيزة وأنا هذه الكتب باهتمام شديد،‏ ونحن نعتبرها مرسلة من اللّٰه وهي بركة عظيمة اننا حصلنا على فرصة التعرّف بها.‏» وفي السنة ١٩٠٦ اعتمد جوزيف ف.‏ رذرفورد،‏ وبعد سنة صار المستشار القانوني لجمعية برج المراقبة.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٦٨]‏

‏‹ليس هنالك اناس على الارض اكثر حظوة›‏

في ٢١ حزيران ١٩١٨،‏ حُكم على ج.‏ ف.‏ رذرفورد وبعض عشرائه الاحماء بالسجن ٢٠ سنة،‏ اذ اتُّهموا باطلا بالتآ‌مر.‏ ومشاعرهم؟‏ في رسالة موجزة مكتوبة باليد مؤرخة في ٢٢-‏٢٣ حزيران (‏الظاهرة ادناه)‏،‏ من سجن شارع رايمَنْد في بروكلين،‏ نيويورك،‏ كتب الاخ رذرفورد:‏ «ليس هنالك على الارجح اناس على الارض اليوم اكثر حظوة وأعظم سعادة من الاخوة السبعة الآن في السجن.‏ فهم مدركون براءتهم التامة من الخطإ المتعمَّد،‏ ويفرحون بأن يتألموا مع المسيح من اجل خدمته بولاء.‏»‏

‏[الاطار في الصفحة ٧٠]‏

ضحايا الاضطهاد الملهم من رجال الدين

بحلول منتصف السنة ١٩١٨،‏ كان ج.‏ ف.‏ رذرفورد وسبعة من عشرائه في السجن —‏ ضحايا المقاومة الملهمة من رجال الدين.‏ لكنَّ هؤلاء الرجال الثمانية لم يكونوا الاهداف الوحيدة لبغض كهذا.‏ ففي سنوات ابكر كان ت.‏ ت.‏ رصل بصورة رئيسية هدف الهجوم من قبل رجال الدين والصحافة.‏ والآن كان تلاميذ الكتاب المقدس انفسهم ضحايا.‏ نشرت « The Golden Age‏» (‏«العصر الذهبي،‏» الآن «استيقظ!‏»)‏ عدد ٢٩ ايلول ١٩٢٠ (‏بالانكليزية)‏ تقريرا شاملا تصويريا عن الاضطهاد الوحشي الذي احتملوه في الولايات المتحدة.‏ وقد قُرئ كأنه شيء من محكمة التفتيش.‏ * واحتوى على الروايات التالية:‏

«في ٢٢ نيسان ١٩١٨،‏ في وِنيوُود،‏ اوكلاهوما،‏ سُجن كلود واتسون اولا ثم أُسلم بتعمُّد الى مجموعة من الرعاع مؤلَّفة من واعظين،‏ رجال اعمال وقليلين آخرين ضربوه بعنف،‏ جعلوا زنجيا يجلده،‏ وعندما شُفي جزئيا،‏ جعلوه يجلده ثانية.‏ بعدئذ سكبوا قطرانا ووضعوا ريشا عليه كله،‏ ودلكوا بالقطران شعره وجلدة رأسه.‏»‏

«في ٢٩ نيسان ١٩١٨،‏ في وُلنَتْ ريدج،‏ آركانساس،‏ سُجن و.‏ ب.‏ دونكان،‏ البالغ من العمر ٦١ سنة،‏ إدورد فرِنْش،‏ تشارلز فرانك،‏ سيد من آل ڠْرِفِن والسيدة د.‏ ڤان هوزِن.‏ فاقتحم السجن رعاع استخدموا اللغة الاكثر بذاءة وقذارة،‏ جلدوهم،‏ طلوهم بالقطران،‏ كسوهم بالريش وأخرجوهم من البلدة.‏ وأُجبر دونكان على المشي ستة وعشرين ميلا [٤٢ كلم] الى بيته ولم يُشفَ بسهولة.‏ وأُصيب ڠْرِفِن بالعمى فعليا ومات بسبب الاعتداء بعد بضعة شهور.‏»‏

«في ٣٠ نيسان ١٩١٨،‏ .‏ .‏ .‏ في مِنيرڤا،‏ اوهايو،‏ سُجن س.‏ ه‍.‏ ڠْرِفِن اولا ثم أُسلم الى رعاع،‏ ثم وبَّخه القس رسميا مدة خمس عشرة دقيقة،‏ ثم ضُرب تكرارا،‏ شُتم،‏ رُفس،‏ ديس،‏ هُدِّد بالشنق والتغريق،‏ طُرد من البلدة،‏ بُصق عليه،‏ أُوقع تكرارا،‏ وُخز تكرارا بمظلة،‏ مُنع من الركوب،‏ طورد مسافة خمسة اميال الى مالڤِرْن،‏ اوهايو،‏ اعتُقل ثانية،‏ سُجن من اجل سلامته في كارولْتون وأُخذ اخيرا الى بيته بواسطة رسميين شجعان وأمناء،‏ قالوا،‏ بعد فحص مطبوعاته،‏ وبكل صراحة،‏ ‹لا نجد ايَّ عيب في هذا الرجل.‏›»‏

‏[الحاشية]‏

^ الصفحات ٧١٢-‏٧١٧.‏

‏[الصور في الصفحة ٦٥]‏

في ٣١ تشرين الاول ١٩١٦،‏ مات تشارلز تاز رصل البالغ من العمر ٦٤ سنة في قطار في پمپا،‏ تكساس؛‏ وأخبرت صحف كثيرة عن المأتم

‏[الصورة في الصفحة ٦٦]‏

ج.‏ ف.‏ رذرفورد كان ذا مظهر مهيب،‏ اذ يبلغ طوله ست اقدام وإنشين (‏١٨٨ سم)‏ ووزنه نحو ٢٢٥ پاوندا (‏١٠٢ كلغ)‏

‏[الصورة في الصفحة ٦٨]‏

سجن شارع رايمَنْد،‏ في بروكلين،‏ نيويورك،‏ حيث سُجن الاخ رذرفورد وبعض عشرائه الاحماء مدة سبعة ايام مباشرة بعد الحكم عليهم

‏[الصورة في الصفحة ٧١]‏

توماس (‏بَدْ)‏ سوليڤان زار المركز الرئيسي في السنة ١٩١٨ وخدم لاحقا في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه