الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

المحافل برهان علی اخوَّتنا

المحافل برهان علی اخوَّتنا

الفصل ١٧

المحافل برهان على اخوَّتنا

صارت المحافل وجها قانونيا لهيئة شهود يهوه العصرية.‏ لكنَّ التجمعات القومية والاممية لعبَّاد يهوه كانت تحدث قبل القرن الـ‍ ٢٠ بزمن طويل.‏

تطلَّب يهوه من جميع الذكور في اسرائيل القديمة ان يجتمعوا في اورشليم من اجل ثلاثة اعياد موسمية كل سنة.‏ وبعض الرجال كانوا يجلبون معهم عائلتهم بكاملها.‏ وفي الواقع،‏ تطلَّب الناموس الموسوي ان يكون كل عضو في العائلة —‏ الرجال،‏ النساء،‏ والصغار —‏ حاضرا في مناسبات معيَّنة.‏ (‏خروج ٢٣:‏​١٤-‏١٧؛‏ تثنية ٣١:‏​١٠-‏١٣؛‏ لوقا ٢:‏​٤١-‏٤٣‏)‏ في بادئ الامر،‏ كان الحاضرون اشخاصا يعيشون داخل حدود اسرائيل.‏ وفي وقت لاحق،‏ عندما صار اليهود مشتَّتين بشكل واسع،‏ كان الذين يحضرون يأتون من امم عديدة.‏ (‏اعمال ٢:‏​١،‏ ٥-‏١١‏)‏ وكانوا يندفعون الى المجيء ليس فقط لأن اسرائيل وابرهيم كانا جدَّيهم بل لأنهم كانوا يعترفون بأن يهوه هو ابوهم السماوي العظيم.‏ (‏اشعياء ٦٣:‏١٦‏)‏ وكانت هذه الاعياد مناسبات سعيدة.‏ وساعدت ايضا جميع الحاضرين ان يحفظوا عقولهم مركَّزة على كلمة اللّٰه وأن لا ينهمكوا في شؤون الحياة اليومية بحيث ينسون الامور الروحية الاكثر اهمية.‏

وعلى نحو مماثل،‏ تركِّز محافل شهود يهوه في الازمنة العصرية على المصالح الروحية.‏ وتعطي هذه المحافل المراقبين المخلصين الدليلَ الذي لا يُنكر على ان الشهود متحدون بربط قوية للاخوَّة المسيحية.‏

المحافل الباكرة لتلاميذ الكتاب المقدس

تطوَّرت تدريجيا الترتيبات لتجمعات تلاميذ الكتاب المقدس من مختلف المدن والبلدان.‏ وبخلاف الفرق الكنسية التقليدية،‏ سرعان ما تعرَّف تلاميذ الكتاب المقدس،‏ بواسطة محافلهم،‏ بالرفقاء المؤمنين في اماكن اخرى.‏ وفي بادئ الامر،‏ كانت هذه المحافل تُعقد في ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا،‏ بمناسبة الاحتفال السنوي بذكرى موت الرب.‏ وفي السنة ١٨٩١ جرى الاشعار خصوصا بأنه سيكون هنالك «محفل لدرس الكتاب المقدس وللاحتفال بعشاء الرب التذكاري.‏» وفي السنة التالية،‏ حملت برج المراقبة عنوانا بارزا يعلن ‏«محفل المؤمنين،‏ في ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا،‏ .‏ .‏ .‏ من ٧ الى ١٤ نيسان،‏ ضمنا،‏ ١٨٩٢.‏»‏

لم يكن الناس عموما يُدعون الى تلك المحافل الباكرة.‏ ولكن في السنة ١٨٩٢ حضر نحو ٤٠٠ شخص كانوا قد قدَّموا الدليل على الايمان بالفدية والاهتمام المخلص بعمل الرب.‏ وشمل البرنامج خمسة ايام من الدرس المكثَّف للكتاب المقدس ويومين آخرين من المشورة المساعِدة لموزعي المطبوعات الجائلين.‏

قال شخص حضر للمرة الاولى احد هذه التجمعات:‏ «لقد حضرت محافل عديدة،‏ لكنني لم احضر من قبل قط محفلا كهذا،‏ حيث مشيئة اللّٰه وقصده هما الموضوع الوحيد والمتواصل من وقت النهوض حتى الهجوع؛‏ في البيت،‏ في الشارع،‏ في الاجتماع،‏ على الغداء وفي كل مكان.‏» وفي ما يتعلق بالروح التي اظهرها المندوبون،‏ كتب شخص من ويسكونْسِن،‏ الولايات المتحدة الاميركية:‏ «تأثَّرتُ كثيرا بروح المحبة واللطف الاخوي الظاهرة في كل المناسبات.‏»‏

حدث تغيير في الترتيبات للمحفل السنوي في السنة ١٨٩٣.‏ فللاستفادة من الاجرة الملائمة للسفر بالقطار بمناسبة المعرض الكولومبي في ذلك الصيف،‏ تجمَّع تلاميذ الكتاب المقدس في شيكاڠو،‏ ايلينُوي،‏ من ٢٠ الى ٢٤ آب.‏ وكان ذلك اول محفل لهم خارج منطقة پيتسبورڠ.‏ ولكن،‏ بهدف افضل استعمال ممكن للوقت والمال في عمل الرب،‏ لم تُعقد محافل عمومية اضافية لبضع سنين.‏

ثم،‏ ابتداء من السنة ١٨٩٨،‏ ابتدأ تلاميذ الكتاب المقدس في مختلف الاماكن يأخذون المبادرة محليا للترتيب لمحافل يحضرها الناس في منطقة محدودة.‏ ففي السنة ١٩٠٠ كانت هنالك ٣ محافل عمومية نظَّمتها الجمعية؛‏ ولكن كان هنالك ايضا ١٣ محفلا محليا في الولايات المتحدة وكندا،‏ وكان معظمها ليوم واحد فقط وكانت تُعقد في الغالب بمناسبة زيارة احد الخطباء الجائلين.‏ واستمر العدد في الازدياد.‏ وبحلول السنة ١٩٠٩،‏ كان هنالك على الاقل ٤٥ محفلا محليا في اميركا الشمالية،‏ اضافة الى المحافل التي خدمها الاخ رصل في جولات خصوصية اخذته الى مختلف انحاء القارة.‏ وصُمِّم جزء رئيسي من البرنامج في محافل اليوم الواحد بصورة خصوصية لاثارة اهتمام الناس.‏ وتراوح عدد الحضور بين مئة على الارجح وعدة آلاف.‏

ومن ناحية اخرى،‏ شدَّدت المحافل العمومية،‏ التي حضرها بشكل رئيسي تلاميذ الكتاب المقدس،‏ على الارشاد لاولئك الراسخين جيدا في طريق الحق.‏ ومن اجل هذه المحافل كانت قطارات خصوصية ملآنة من المندوبين تأتي من مدن رئيسية.‏ وكان عدد الحضور يبلغ احيانا ٠٠٠‏,٤،‏ شاملا ايضا مندوبين قليلين من اوروپا.‏ لقد كانت هذه اوقاتا للانتعاش الروحي الاصيل ادَّت الى غيرة ومحبة متزايدتين من جهة شعب يهوه.‏ قال احد الاخوة في نهاية احد هذه المحافل في السنة ١٩٠٣:‏ «لا آخذ الف دولار بدلا من الخير الذي نلته من هذا المحفل؛‏ —‏ مع انني مجرد رجل فقير.‏»‏

والاخوة الخطباء الجائلون الذين يمكن ان يكونوا في المنطقة كانوا يلقون الخطابات في المحافل.‏ وكان الاخ رصل ايضا يحاول ان يحضر ويخدم في البرنامج في المحافل المحلية وكذلك في المحافل الاكبر في الولايات المتحدة وغالبا في كندا.‏ واشتمل ذلك على الكثير من السفر.‏ ومعظمه جرى في رحلات نهايات الاسابيع.‏ ولكن،‏ في السنة ١٩٠٩،‏ استأجر اخ في شيكاڠو عدة عربات في القطار لنقل المندوبين الذين يسافرون مع الاخ رصل من محفل الى آخر في جولة.‏ وفي السنتين ١٩١١ و ١٩١٣ استأجر الاخ نفسه قطارات بكاملها لاخذ مئات المندوبين في جولات محافل دامت شهرا او اكثر وغطَّت غربي الولايات المتحدة وكندا.‏

والسفر في قطار محفل كهذا كان اختبارا لا يُنسى.‏ ففي السنة ١٩١٣،‏ ركبت مَليندا كيفِر قطارا في شيكاڠو،‏ ايلينُوي.‏ وبعد سنين قالت:‏ «لم يلزم وقت طويل لندرك اننا عائلة كبيرة واحدة .‏ .‏ .‏ وكان القطار بيتنا طوال شهر.‏» وفيما كان القطار ينطلق من المحطة،‏ انشد الذين اتوا ليودِّعوهم «ليكن اللّٰه معكم حتى نلتقي ثانية،‏» وهم يلوِّحون بقبعاتهم ومناديلهم كل الوقت حتى غاب القطار عن انظارهم.‏ وتضيف الاخت كيفِر:‏ «وعند كل توقف في الرحلة كانت هنالك محافل تُعقد —‏ ومعظمها لثلاثة ايام،‏ وبقينا يوما واحدا مع كل محفل.‏ وخلال هذه التوقفات ألقى الاخ رصل خطابين،‏ احدهما للرفقاء بعد الظهر،‏ والآخر للعامة في المساء حول الموضوع ‹ما وراء المدفن.‏›»‏

وفي بلدان اخرى ايضا كان عدد المحافل يزداد.‏ وكانت في الغالب صغيرة تماما.‏ فكان نحو ١٥ حاضرين في المحفل الاول في النَّروج،‏ في السنة ١٩٠٥؛‏ لكنها كانت البداية.‏ فبعد ست سنين،‏ عندما زار الاخ رصل النَّروج،‏ بُذل جهد خصوصي لدعوة العامة،‏ وقُدِّر عدد الحضور في تلك المناسبة بِـ‍ ٢٠٠‏,١.‏ وخلال السنة ١٩٠٩،‏ عندما حضر المحافل في أسكتلندا،‏ خاطب نحو ٠٠٠‏,٢ في ڠلاسكو اضافة الى ٥٠٠‏,٢ في أدنبره حول الموضوع المثير للاهتمام «اللص في الفردوس،‏ الانسان الغني في الهاوية،‏ ولعازر في حضن ابرهيم.‏»‏

وعند اختتام المحافل الباكرة كان الاخوة يقيمون ما دعوه وليمة محبيَّة،‏ عاكسين شعورهم بالاخوَّة المسيحية.‏ وماذا شملت «الوليمة المحبيَّة» هذه؟‏ على سبيل المثال،‏ كان الخطباء يصطفون ومعهم صحون من الخبز المقطَّع الى مكعبات،‏ ثم كان الحضور يسيرون في صفوف،‏ يتناولون من الخبز،‏ يصافحون،‏ ويرنِّمون «ليتبارك الرباط الذي يوحِّد قلوبنا في المحبة المسيحية.‏» وكثيرا ما كانت دموع الفرح تسيل على خدودهم وهم يرنِّمون.‏ وفي وقت لاحق،‏ اذ ازدادت اعدادهم،‏ توقفوا عن المصافحة وتناول الخبز لكنهم كانوا يختتمون بترنيمة وصلاة،‏ وفي الغالب،‏ بتصفيق مطوَّل للتعبير عن تقديرهم.‏

الابتداء بحملة عالمية النطاق للمناداة بالملكوت

جرى المحفل الرئيسي الاول بعد الحرب العالمية الاولى في سيدر پوينت،‏ اوهايو (‏على بحيرة إري،‏ ٦٠ ميلا [٩٦ كلم] غربي كليڤلَنْد)‏،‏ من ١ الى ٨ ايلول ١٩١٩.‏ وعقب موت الاخ رصل ارتدّ بعض الذين كانوا مقترنين بالهيئة بشكل بارز.‏ وخضع الاخوة لامتحان قاسٍ.‏ وفي وقت باكر من السنة ١٩١٩،‏ أُطلق سراح رئيس الجمعية وعشرائه من سجنهم الجائر.‏ فكان هنالك ترقُّب شديد.‏ وعلى الرغم من ان عدد الحضور في اليوم الاول كان منخفضا نوعا ما،‏ وصل المزيد من المندوبين في قطارات خصوصية لاحقا في ذلك اليوم.‏ وحينئذ فاضت الفنادق التي كانت قد عرضت ايواء المندوبين.‏ وتطوع للمساعدة ر.‏ ج.‏ مارتن و أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان (‏وكلاهما كانا في الفريق الذي أُطلق مؤخرا من السجن)‏.‏ فعملا في تعيين الغرف الى ما بعد منتصف الليل،‏ وقضى الاخ رذرفورد وكثيرون غيره وقتا طيبا وهم يخدمون كعمال فنادق،‏ حاملين الحقائب ومرافقين الاصدقاء الى غرفهم.‏ فكانت هنالك روح حماس معدية بينهم جميعا.‏

كان من المنتظر حضور نحو ٥٠٠‏,٢.‏ ولكن،‏ من كل ناحية،‏ فاق المحفل ما كان متوقَّعا.‏ فبحلول اليوم الثاني،‏ كانت قاعة الاستماع مكتظة فاستُعملت قاعات اضافية.‏ وعندما لم يكن ذلك كافيا،‏ كانت الجلسات تنتقل الى الهواء الطلق الى مكان سارّ كثير الشجر.‏ ونحو ٠٠٠‏,٦ من تلاميذ الكتاب المقدس من الولايات المتحدة وكندا كانوا حاضرين.‏

ومن اجل الخطاب الرئيسي يوم الاحد اتى ايضا ٠٠٠‏,١ على الاقل من العامة،‏ مما رفع عدد الحضور الى ٠٠٠‏,٧ على اقل تقدير،‏ الذين خاطبهم الخطيب في الهواء الطلق دون الاستعانة بأيّ ميكروفون او جهاز لتكبير الصوت.‏ وفي تلك المحاضرة،‏ «الرجاء للبشرية المتضايقة،‏» اوضح ج.‏ ف.‏ رذرفورد ان ملكوت اللّٰه المسيَّاني هو الحل لمشاكل الجنس البشري،‏ وأظهر ايضا ان عصبة الامم (‏التي كانت قد وُلدت آنذاك وكان قد أيَّدها رجال الدين)‏ لم تكن على الاطلاق تعبيرا سياسيا لملكوت اللّٰه.‏ وصحيفة رِدْجيستر (‏صحيفة محلية)‏ لسَنْدَسكي نشرت تقريرا شاملا عن تلك المحاضرة العامة،‏ وملخَّصا لنشاط تلاميذ الكتاب المقدس.‏ فأُرسلت نسخ من تلك الصحيفة الى الصحف في كل انحاء الولايات المتحدة وكندا.‏ ولكن كان هنالك معنى اكثر بكثير للدعاية التي انبثقت من هذا المحفل.‏

كانت الذروة الحقيقية لكامل المحفل «خطاب للعمال المساعدين» للاخ رذرفورد،‏ الذي نُشر لاحقا تحت العنوان «اعلان الملكوت.‏» وكان هذا موجَّها الى تلاميذ الكتاب المقدس انفسهم.‏ وخلال هذا الخطاب اتضح معنى الحرفين GA اللذين ظهرا في برنامج المحفل وفي مختلف الاماكن في موقع المحفل.‏ فقد أُعلن عن اصدار مقبل لمجلة جديدة،‏ العصر الذهبي،‏ للاستعمال في توجيه انتباه الناس الى الملكوت المسيَّاني.‏ وبعد تلخيص العمل الذي يجب القيام به قال الاخ رذرفورد للحضور:‏ «ان باب الفرصة ينفتح امامكم.‏ فادخلوا منه بسرعة.‏ تذكَّروا وأنتم تنطلقون في هذا العمل انكم لا تعملون كوكيل لمجلة فحسب،‏ بل انتم سفير لملك الملوك ورب الارباب،‏ تعلنون للناس بهذا الاسلوب المبجَّل قدوم العصر الذهبي،‏ الملكوت المجيد لربنا وسيدنا،‏ الذي رجاه وصلَّى من اجله المسيحيون الحقيقيون قرونا عديدة.‏» (‏انظروا الرؤيا ٣:‏٨‏.‏)‏ وعندما سأل الخطيب كم شخصا يرغبون في الاشتراك في العمل،‏ كانت رؤية التجاوب الحماسي مثيرة.‏ فكرجل واحد،‏ وقف الحضور البالغ عددهم ٠٠٠‏,٦.‏ وبحلول السنة التالية،‏ كان اكثر من ٠٠٠‏,١٠ يشتركون في خدمة الحقل.‏ فكان للمحفل بكامله تأثير موحِّد ومنشِّط في الحاضرين.‏

وبعد ثلاث سنوات،‏ في السنة ١٩٢٢،‏ عُقد محفل آخر جدير بالذكر في سيدر پوينت.‏ كان برنامجا لتسعة ايام،‏ من ٥ الى ١٣ ايلول.‏ واضافة الى المندوبين من الولايات المتحدة وكندا،‏ اتى البعض من اوروپا.‏ وعُقدت الاجتماعات بعشر لغات.‏ وكان المعدل اليومي للحضور نحو ٠٠٠‏,١٠؛‏ وبالنسبة الى الخطاب «ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا،‏» فإن كثيرين من العامة كانوا بين الحاضرين حتى ان عدد الحضور تضاعف تقريبا.‏

لم يجتمع تلاميذ الكتاب المقدس في هذا المحفل بفكرة انهم يخططون لعمل هنا على الارض يمتدّ الى عقود في المستقبل.‏ وفي الواقع،‏ قالوا ان ذلك يمكن ان يكون محفلهم العمومي الاخير قبل «انقاذ الكنيسة .‏ .‏ .‏ الى الجانب السماوي من ملكوت اللّٰه،‏ وفي الحقيقة الى الحضور الفعلي والذاتي لربنا والهنا.‏» ولكن مهما كان الوقت قصيرا،‏ كان فعل مشيئة اللّٰه اهتمامهم الرئيسي.‏ واذ كان يفكِّر في ذلك ألقى الاخ رذرفورد،‏ يوم الجمعة في ٨ ايلول،‏ المحاضرة التي لا تُنسى «الملكوت.‏»‏

وقبل ذلك عُلِّقت لافتات كبيرة في مختلف انحاء المكان تحتوي على الاحرف ADV‏.‏ وخلال المحاضرة اتضح معنى هذه الاحرف عندما حثَّ الخطيب:‏ «كونوا شهودا امناء وحقيقيين للرب.‏ امضوا قُدُما في القتال الى ان يخرب كل اثر لبابل.‏ أَعلنوا الرسالة في كل مكان.‏ فيجب ان يعرف العالم ان يهوه هو اللّٰه وأن يسوع المسيح هو ملك الملوك ورب الارباب.‏ هذا هو يوم الايام قاطبة.‏ هوذا الملك يحكم!‏ وأنتم وكلاء اعلانه.‏ لذلك أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ الملك وملكوته.‏» وفي تلك اللحظة انبسطت لافتة كبيرة طولها ٣٦ قدما (‏١١ م)‏ امام الحضور.‏ وعليها كان الشعار المثير «أَعلنوا الملك والملكوت.‏» (‏«أَعلنوا،‏» بالانكليزية،‏ تمثلها ADV‏)‏ لقد كانت لحظة مؤثرة.‏ فصفَّق الحضور بحماس.‏ والاخ المسنّ پْفَانِبِكر في فرقة المحفل الموسيقية،‏ لوَّح بكمانه فوق رأسه وقال بصوت عالٍ بلكنته الالمانية الثقيلة:‏ «نعم!‏ وسنقوم بالعمل.‏» وقد قاموا به.‏

بعد اربعة ايام،‏ فيما كان المحفل لا يزال منعقدا،‏ اشترك الاخ رذرفورد شخصيا مع المجتمعين الآخرين وهم ينهمكون في عمل المناداة بالملكوت من بيت الى بيت في منطقة ضمن مدى ٤٥ ميلا (‏٧٢ كلم)‏ من موقع المحفل.‏ ولم ينتهِ الامر بذلك.‏ فقد مُنح عمل المناداة بالملكوت زخما هائلا كان سيبلغ مختلف ارجاء الكرة الارضية.‏ وفي تلك السنة اشترك اكثر من ٠٠٠‏,١٧ عامل غيور في ٥٨ بلدا في اعطاء الشهادة.‏ وبعد عقود قال جورج ڠانڠَس،‏ الذي كان في ذلك المحفل وصار لاحقا عضوا في الهيئة الحاكمة،‏ في ما يتعلق بذلك البرنامج في سيدر پوينت:‏ «كان شيئا مكتوبا في عقلي وقلبي بشكل لا يُمحى،‏ شيئا لن يُنسى ابدا ما دمت حيا.‏»‏

معالم في النمو الروحي

جميع المحافل كانت اوقاتا للانتعاش والارشاد في كلمة اللّٰه.‏ لكنَّ بعضها جرى تذكُّره لعقود كمعالم روحية.‏

سبعة منها جرت،‏ سنة بعد اخرى،‏ من السنة ١٩٢٢ حتى السنة ١٩٢٨،‏ في الولايات المتحدة،‏ كندا،‏ وبريطانيا.‏ وأحد الاسباب لاهمية هذه المحافل كان القرارات القوية التي جرى تبنّيها،‏ وهذه السبعة كلها مدرجة في الاطار في الصفحة السابقة.‏ وعلى الرغم من ان الشهود كانوا قليلين نسبيا في العدد،‏ وزَّعوا ما مقداره ٤٥ مليون نسخة من احد القرارات،‏ و ٥٠ مليونا من عدة قرارات اخرى،‏ بلغات عديدة حول العالم.‏ وقد أُذيع بعضها عبر شبكات اذاعية دولية.‏ وهكذا أُعطيت شهادة فوق العادة.‏

وأيضا عُقد محفل تاريخي آخر في كولومبوس،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩٣١.‏ ويوم الاحد في ٢٦ تموز،‏ بعد سماع المناقشة من الاسفار المقدسة،‏ تبنَّى تلاميذ الكتاب المقدس اسما جديدا —‏ شهود يهوه.‏ وكم كان ذلك ملائما!‏ فها هو اسم يوجِّه الانتباه الرئيسي الى الخالق نفسه ويحدِّد بوضوح مسؤولية اولئك الذين يعبدونه.‏ (‏اشعياء ٤٣:‏​١٠-‏١٢‏،‏ ع‌ج‏)‏ وتبنِّي هذا الاسم بثَّ في الاخوة غيرة اعظم من ايّ وقت مضى كمنادين باسم اللّٰه وملكوته.‏ وكما عبَّرت عن ذلك رسالة كتبها في تلك السنة شاهد دنماركي:‏ «يا له من اسم رائع،‏ شهود يهوه،‏ نعم،‏ لنكن جميعنا هكذا فعلا.‏»‏

وفي السنة ١٩٣٥ عُقد محفل آخر جدير بالذكر،‏ في واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏ وفي اليوم الثاني من ذلك المحفل،‏ الجمعة في ٣١ ايار،‏ ناقش الاخ رذرفورد الجمع الكثير،‏ المشار اليه في الرؤيا ٧:‏​٩-‏١٧‏.‏ ولاكثر من نصف قرن كان تلاميذ الكتاب المقدس قد حاولوا عبثا تحديد هوية هذا الفريق بشكل صحيح.‏ والآن،‏ في وقت يهوه المعيَّن،‏ على ضوء الاحداث الجارية وقتئذ،‏ جرت الاشارة الى ان هؤلاء هم اشخاص لديهم رجاء الحياة الى الابد هنا على الارض.‏ وهذا الفهم اعطى عمل التبشير معنى جديدا وأوضح من الاسفار المقدسة تغييرا رئيسيا كان آنذاك يبتدئ بالحدوث في بنية الهيئة العصرية لشهود يهوه.‏

والمحفل في سانت لويس،‏ ميسوري،‏ في السنة ١٩٤١،‏ يذكره كثيرون ممَّن حضروا الخطاب الافتتاحي بعنوان «الاستقامة،‏» الذي ركَّز فيه الاخ رذرفورد الانتباه على القضية العظمى التي تواجه كل الخليقة الذكية.‏ ومنذ إلقاء الخطاب «حاكم للناس،‏» في السنة ١٩٢٨،‏ مُنحت القضايا التي اثارها تمرد الشيطان انتباها متكررا.‏ أما الآن فقد جرت الاشارة الى ان «القضية الرئيسية التي اثارها تحدي الشيطان العدائي كانت ولا تزال السيادة الكونية.‏»‏ والتقدير لهذه القضية ولاهمية المحافظة على الاستقامة امام يهوه بصفته المتسلط الكوني كان عاملا محرِّكا قويا في حياة خدام يهوه.‏

وفي غمرة الحرب العالمية الثانية،‏ في السنة ١٩٤٢،‏ عندما كان البعض يتساءلون عما اذا كان العمل الكرازي ربما على وشك الانتهاء،‏ كان الخطاب العام للمحفل،‏ الذي ألقاه ن.‏ ه‍.‏ نور،‏ رئيس جمعية برج المراقبة المعيَّن حديثا،‏ بعنوان «السلام —‏ هل يمكن ان يدوم؟‏» والتفسير في تلك المحاضرة ‹للوحش القرمزي› الرمزي لسفر الرؤيا الاصحاح ١٧ كشف لعيون شهود يهوه عن فترة تعقب الحرب العالمية الثانية تكون هنالك فيها فرصة لتوجيه عدد اكبر من الناس ايضا الى ملكوت اللّٰه.‏ فمنح ذلك زخما لحملة عالمية النطاق بلغت على مر السنين اكثر من ٢٣٥ بلدا ولم تنتهِ بعد.‏

وجرى بلوغ مَعْلَم آخر خلال محفل في يانكي ستاديوم في نيويورك بتاريخ ٢ آب ١٩٥٠.‏ ففي تلك المناسبة كان الحضور المندهش والمسرور جدا اول مَن تسلَّموا ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية.‏ وباقي ترجمة العالم الجديد صدر على دفعات خلال السنوات العشر التالية.‏ وهذه الترجمة باللغة العصرية للاسفار المقدسة ردَّت اسم اللّٰه الشخصي الى مكانه الصحيح في كلمته.‏ وأمانتها لما هو موجود في لغات الكتاب المقدس الاصلية جعلتها رصيدا كبيرا لشهود يهوه في درسهم الشخصي للاسفار المقدسة وكذلك في عملهم التبشيري.‏

وفي اليوم قبل الاخير من ذلك المحفل،‏ خاطب ف.‏ و.‏ فرانز،‏ نائب رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك،‏ الحضور حول «الانظمة الجديدة للاشياء.‏» ولسنوات عديدة كان شهود يهوه قد اعتقدوا انه حتى قبل هرمجدون سيقوم بعض خدام يهوه لما قبل المسيحية من الاموات ليكونوا امراء العالم الجديد،‏ اتماما للمزمور ٤٥:‏١٦‏،‏ ع‌ج.‏ اذًا،‏ يمكنكم ان تتصوروا التأثير في الحضور الكبير عندما سأل الخطيب:‏ «هل يُسعِد هذا المحفل الاممي ان يعرف انه هنا،‏ في هذه الليلة،‏ في وسطنا،‏ يوجد عدد من امراء الارض الجديدة المرتقبين؟‏» فكان هنالك تصفيق هائل وطويل ترافقه صيحات الفرح.‏ ثم اظهر الخطيب ان استعمال الكتاب المقدس للتعبير المترجم «امير» اضافةً الى سجل امانة كثيرين من ‹الخراف الاخر› في الازمنة العصرية يفسح المجال للاعتقاد ان بعض الاحياء الآن يمكن ان يختارهم يسوع المسيح للخدمة الاميرية.‏ لكنه اوضح ايضا انه لن يكون هنالك منح ألقاب لاولئك الذين توكل اليهم مثل هذه الخدمة.‏ واذ اختتم محاضرته،‏ حثَّ قائلا:‏ «فلنتقدم،‏ اذًا،‏ بثبات،‏ جميعنا معا،‏ كمجتمع عالم جديد!‏»‏

أُلقيت محاضرات عديدة اخرى بالغة الاهمية في محافل شهود يهوه:‏ ففي السنة ١٩٥٣ كان الخطاب «مجتمع العالم الجديد يهاجَم من اقصى الشمال» ايضاحا مثيرا لمغزى هجوم جوج الماجوجي كما هو موصوف في حزقيال الاصحاحين ٣٨ و ٣٩‏.‏ وفي تلك السنة عينها اثارت المحاضرة «ملء البيت مجدا» اولئك الذين سمعوها اذ رأوا امام اعينهم الدليل الملموس على اتمام وعد يهوه،‏ في حجي ٢:‏٧‏،‏ ان يجلب الاشياء الثمينة،‏ المشتهى،‏ من كل الامم الى بيت يهوه.‏

أما المحفل الابرز للازمنة العصرية فقد عُقد في نيويورك في السنة ١٩٥٨،‏ حين ملأ اكثر من ربع مليون شخص اكبر تسهيلين متوافرين ليسمعوا المحاضرة «ملكوت اللّٰه يسود —‏ هل منتهى العالم قريب؟‏» وقد حضر مندوبون من ١٢٣ بلدا،‏ وتقاريرهم التي قُدِّمت للموجودين في المحفل ساعدت على تقوية ربط الاخوَّة الاممية.‏ وللمساهمة في النمو الروحي للحاضرين ولاستعمالها في تعليم الآخرين،‏ صدرت مطبوعات بـ‍ ٥٤ لغة خلال ذلك المحفل فوق العادة.‏

وفي السنة ١٩٦٢،‏ صحَّحت سلسلة الخطابات حول المحور «الخضوع للسلاطين الفائقة» الفهم الذي كان للشهود في ما يتعلق ب‍رومية ١٣:‏​١-‏٧ .‏ وفي السنة ١٩٦٤،‏ زاد «الانتقال من الموت الى الحياة» و «من القبور الى قيامة» تقديرهم لرحمة يهوه العظيمة كما ظهرت في تدبير القيامة.‏ والكثير الكثير ايضا من النقاط البارزة لمثل هذه المحافل يمكن الاشارة اليه.‏

كل سنة هنالك عشرات الآلاف،‏ نعم،‏ مئات الآلاف،‏ من الجدد بين الحضور في المحافل.‏ وعلى الرغم من ان المعلومات المقدَّمة ليست دائما جديدة بالنسبة الى الهيئة ككل،‏ إلا انها غالبا ما تتيح للحاضرين الجدد فهم المشيئة الالهية الذي يثيرهم حقا.‏ فيمكن ان يروا ويندفعوا الى انتهاز فرص الخدمة التي تغيِّر كامل مسلك حياتهم.‏

وفي محافل عديدة جرى تركيز الانتباه على معنى اسفار معيَّنة للكتاب المقدس.‏ مثلا،‏ في السنة ١٩٥٨ ومرة ثانية في السنة ١٩٧٧،‏ صدرت كتب مجلَّدة خُصِّصت لمناقشة النبوات التي سجَّلها النبي دانيال في ما يتعلق بقصد اللّٰه ان تكون هنالك حكومة عالمية واحدة برئاسة المسيح كملك.‏ وفي السنة ١٩٧١ مُنح سفر حزقيال الانتباه،‏ بتشديده على الاعلان الالهي،‏ «فتعلم الامم اني انا (‏يهوه)‏.‏» (‏حزقيال ٣٦:‏٢٣‏)‏ وفي السنة ١٩٧٢ مُنحت النبوات التي سجَّلها زكريا وحجي الدرس المفصَّل.‏ وفي السنوات ١٩٦٣،‏ ١٩٦٩،‏ و ١٩٨٨،‏ كانت هنالك مناقشات شاملة لنبوات سفر الرؤيا المثيرة،‏ التي تنبئ بشكل حيوي بسقوط بابل العظيمة ومجيء سموات جديدة وأرض جديدة مجيدة للّٰه.‏

والمحافل ابرزت محاور متنوعة —‏ نمو الثيوقراطية،‏ العبادة الطاهرة،‏ العبَّاد المتحدون،‏ الخدام الشجعان،‏ ثمر الروح،‏ التلمذة،‏ بشارة لجميع الامم،‏ الاسم الالهي،‏ السلطان الالهي،‏ الخدمة المقدسة،‏ الايمان الظافر،‏ ولاء الملكوت،‏ المحافظون على الاستقامة،‏ الثقة بيهوه،‏ التعبد التقوي،‏ حَمَلة النور،‏ وأكثر بكثير.‏ وقد ساهم كل منها في النمو الروحي للهيئة وأولئك المقترنين بها.‏

حافز الى عمل التبشير

ان المحافل الكورية الكبيرة،‏ وكذلك المحافل الدائرية الاصغر،‏ هي مصدر تشجيع عظيم في ما يتعلق بالكرازة بالبشارة.‏ فالمحاضرات والتمثيليات تزوِّد الارشاد العملي.‏ والاختبارات التي يجري التمتع بها في خدمة الحقل وكذلك تلك التي يسردها الاشخاص الذين جرت مساعدتهم مؤخرا على تعلُّم حق الكتاب المقدس هي دائما في البرنامج.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ كانت خدمة الحقل الفعلية المدرجة في البرنامج في اثناء المحافل لسنين عديدة نافعة جدا.‏ فقد اعطت شهادة رائعة في مدينة المحفل وكانت مصدر تشجيع عظيم للشهود انفسهم.‏

وخدمة الحقل صارت جزءا من نشاط المحفل المبرمَج في وينِّيپيڠ،‏ مانيتوبا،‏ كندا،‏ في كانون الثاني ١٩٢٢.‏ وكانت ايضا وجها بارزا خلال المحفل العام الذي عُقد في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في وقت لاحق من تلك السنة.‏ وبعد ذلك صارت ممارسة قانونية ان يخصَّص يوم،‏ او جزء من يوم او اجزاء من عدة ايام،‏ ليشترك المندوبون معا في النشاط الكرازي في مدينة المحفل وحولها.‏ وفي المناطق الواسعة للمدن وضواحيها اعطى ذلك الناس الذين نادرا ما يمكن للشهود الاتصال بهم فرصة لسماع البشارة عن قصد اللّٰه ان يمنح الحياة الابدية لمحبي البر.‏

وفي الدنمارك رُتِّب اول يوم من ايام الخدمة هذه في محفل في السنة ١٩٢٥،‏ حين اجتمع ٤٠٠ الى ٥٠٠ في نوريڤول.‏ وبالنسبة الى كثيرين من الـ‍ ٢٧٥ الذين اشتركوا في خدمة الحقل في ذلك المحفل كان ذلك المرة الاولى.‏ وكان البعض خائفين.‏ ولكن بعد ان ذاقوها صاروا مبشرين حماسيين في مقاطعاتهم المحلية ايضا.‏ وعقب ذلك المحفل وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية عُقد العديد من محافل الخدمة ليوم واحد في الدنمارك،‏ ودُعي الاخوة من البلدات المجاورة.‏ وكانت الغيرة المتزايدة ظاهرة اذ اشتركوا باتحاد في الخدمة ثم اجتمعوا لسماع الخطابات.‏ وعُقدت محافل خدمة مماثلة —‏ انما لمدة يومين —‏ في بريطانيا والولايات المتحدة.‏

وفي المحافل الاكبر غالبا ما تعاظم نشاط المندوبين في الحقل.‏ وابتداء من السنة ١٩٣٦ كان الخطاب العام للمحفل يُعلَن بمسيرات منَظَّمة لشهود يلبسون لافتات ويوزعون اوراق الدعوة.‏ (‏أُشير الى هذه اللافتات في بادئ الامر بـ‍ «لافتات الشطائر» لأنها تُلبَس على الصدر والظهر.‏)‏ وأحيانا كان ألف شاهد او اكثر يساهمون في مسيرات كهذه في محفل معيَّن.‏ وكان آخرون يشتركون في الذهاب القانوني من بيت الى بيت،‏ داعين الجميع الى المجيء وسماع البرنامج.‏ وكان من المشجع جدا للشهود الافراد ان يعملوا مع الآخرين ويروا مئات،‏ وحتى آلافا،‏ من الشهود الآخرين يشتركون معهم في الخدمة.‏ وفي الوقت نفسه صارت العامة ضمن منطقة كبيرة تعرف ان شهود يهوه هم في البلدة؛‏ فتسنَّت للناس الفرصة ليسمعوا شخصيا ما يعلِّمه الشهود ويلاحظوا سلوكهم بشكل مباشر.‏

والخطابات المقدَّمة في المحافل كثيرا ما كان يستمع اليها عدد اكبر بكثير من الحضور المنظورين.‏ فعندما ألقى الاخ رذرفورد في محفل في تورونتو،‏ كندا،‏ في السنة ١٩٢٧،‏ المحاضرة «حرية للشعوب،‏» بُثَّت عبر سلسلة يسجِّلها التاريخ من ٥٣ محطة اذاعية لعدد كبير من المستمعين للراديو على نطاق دولي.‏ وفي السنة التالية،‏ من ديترويت،‏ ميشيڠان (‏الولايات المتحدة الاميركية)‏،‏ أُذيع الخطاب «حاكم لاجل الشعب» عبر ضعف عدد المحطات،‏ وبثَّته اذاعة الموجة القصيرة للمستمعين بعيدا في اوستراليا،‏ نيوزيلندا،‏ وجنوب افريقيا.‏

وفي السنة ١٩٣١ رفضت شبكات اذاعية كبرى ان تتعاون مع الخطط لاذاعة محاضرة محفل من الاخ رذرفورد؛‏ ولذلك اسَّست جمعية برج المراقبة،‏ بالعمل مع الشركة الاميركية للهاتف والتلڠراف،‏ شبكتها الخاصة من ١٦٣ محطة،‏ بما فيها اوسع شبكة سلكية على الاطلاق على الهواء لاذاعة الرسالة «الملكوت،‏ رجاء العالم.‏» وبالاضافة الى ذلك،‏ اذاع البرنامجَ اكثر من ٣٠٠ محطة اخرى في انحاء عديدة من العالم باستخدام اسطوانات فونوڠرافية.‏

وخلال المحفل في واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ في السنة ١٩٣٥،‏ تكلم الاخ رذرفورد حول الموضوع «الحكومة،‏» لافتا الانتباه بقوة الى واقع ان ملكوت يهوه برئاسة المسيح سيحل عما قريب محل جميع الحكومات البشرية.‏ وقد استمع الى الخطاب اكثر من ٠٠٠‏,٢٠ في قاعة الاستماع في واشنطن.‏ وأُذيع الخطاب ايضا عبر الراديو وخطوط الهاتف حول الكرة الارضية،‏ بالغا اميركا الوسطى والجنوبية،‏ اوروپا،‏ جنوب افريقيا،‏ جزر الپاسيفيك،‏ وبلدان المشرق.‏ وأولئك الذين سمعوا الخطاب بهذه الطريقة ربما بلغ عددهم الملايين.‏ وقد نقضت صحيفتان رئيسيتان في واشنطن اتفاقيتيهما لنشر المحاضرة.‏ إلا ان الاخوة وزَّعوا سيارات مزوَّدة بمكبِّرات الصوت على ٣ نقاط في المدينة و ٤٠ مكانا آخر حول واشنطن،‏ ومن هذه أُعيدت اذاعة الخطاب الى مستمعين اضافيين قُدِّر عددهم بـ‍ ٠٠٠‏,١٢٠.‏

ثم في السنة ١٩٣٨،‏ من قاعة ألبرت الملكية،‏ في لندن،‏ انكلترا،‏ جرى بثّ المحاضرة الصريحة «واجهوا الوقائع» لنحو ٥٠ مدينة محفل حول الكرة الارضية،‏ بحضور بلغ مجموعه نحو ٠٠٠‏,٢٠٠.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ سمع هذا الخطاب عدد كبير من المستمعين للراديو.‏

وهكذا،‏ على الرغم من ان شهود يهوه كانوا قليلين نسبيا في العدد،‏ لعبت محافلهم دورا مهما في المناداة العلنية برسالة الملكوت.‏

محافل ما بعد الحرب في اوروپا

بالنسبة الى الذين حضروا،‏ تبرز محافل معيَّنة اكثر من كل المحافل الاخرى.‏ وقد صحَّ ذلك في المحافل في اوروپا مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية.‏

وأحد هذه المحافل كان في امستردام،‏ النَّذَرلند،‏ في ٥ آب ١٩٤٥ بعد اطلاق الشهود من معسكرات الاعتقال الالمانية بأقل من اربعة اشهر.‏ وكان متوقَّعا مجيء نحو ٥٠٠‏,٢ مندوب؛‏ ٠٠٠‏,٢ من هؤلاء في حاجة الى تسهيلات للمنامة.‏ ولسدّ الحاجة الى اماكن للنوم فرش شهود محليون قشّا على ارض بيوتهم.‏ ومن كل الجهات اتى المندوبون بكل وسيلة ممكنة —‏ بالمركب،‏ في الشاحنات،‏ على الدراجات،‏ والبعض بالركوب المجاني.‏

في ذلك المحفل ضحكوا وبكوا،‏ رنَّموا،‏ وشكروا يهوه على صلاحه.‏ وكما قال احد الذين حضروا:‏ «كان فرحهم الفرح الذي لا يوصَف لهيئة ثيوقراطية تحرَّرت الآن من اغلالها!‏» فقبل الحرب كان هنالك اقل من ٥٠٠ شاهد في النَّذَرلند.‏ واعتُقل وسُجن ما مجموعه ٤٢٦؛‏ ومن هؤلاء مات ١١٧ كنتيجة مباشرة للاضطهاد.‏ ويا للفرح الذي كان عندما وجد البعض في المحفل احباءهم الذين ظنّوا انهم ماتوا!‏ وذرف الآخرون الدموع اذ كانوا يفتشون عبثا.‏ وفي تلك الامسية اصغى ٠٠٠‏,٤ بانتباه تام الى الخطاب العام الذي اوضح لماذا كان شهود يهوه اهدافا لمثل هذا الاضطهاد الشديد.‏ وعلى الرغم مما عانوه،‏ جرى تنظيمهم للمضي قُدُما بعملهم المعطى من اللّٰه.‏

وفي السنة التالية،‏ ١٩٤٦،‏ رتَّب الاخوة في المانيا لمحفل في نورَمبورڠ.‏ فمُنحوا حق استخدام تْزِپْلينْڤيس،‏ ساحة العرض السابقة لهتلر.‏ وفي اليوم الثاني من المحفل ألقى أريك فروست،‏ الذي اختبر شخصيا وحشية الڠستاپو وقضى سنوات في احد معسكرات الاعتقال النازية،‏ الخطاب العام «المسيحيون في المحنة.‏» وقد انضمَّ الى الشهود الـ‍ ٠٠٠‏,٦ الحاضرين ٠٠٠‏,٣ من العامة من نورَمبورڠ من اجل المناسبة.‏

واليوم الاخير من هذا المحفل كان يوما ستصدر فيه الاحكام في محاكمات جرائم الحرب هناك في نورَمبورڠ.‏ فأعلنت السلطات العسكرية حظر التجول في ذلك اليوم،‏ ولكن بعد مفاوضات مطوَّلة وافقوا انه نظرا الى الموقف الذي اتخذه شهود يهوه في وجه المقاومة النازية ليس من الملائم اعاقتهم عن انهاء محفلهم بسلام.‏ وهكذا،‏ في ذلك اليوم الاخير،‏ اجتمع الاخوة لسماع الخطاب المثير «شجعان رغم تآ‌مر العالم.‏»‏

لقد رأوا يد يهوه في ما كان يحدث.‏ ففي الوقت نفسه الذي فيه كانت تجري معاقبة رجال يمثِّلون نظاما حاول ابادتهم،‏ كان شهود يهوه يجتمعون ليعبدوا يهوه في المكان الذي ادَّى فيه هتلر بعض عروضه الاكثر تباهيا للقوة النازية.‏ قال عريف المحفل:‏ «ان مجرد التمكن من اختبار هذا اليوم،‏ الذي هو مجرد عرض مسبق لانتصار شعب اللّٰه على اعدائهم في معركة هرمجدون،‏ يستأهل تسع سنين في معسكر الاعتقال.‏»‏

محافل اخرى جديرة بالذكر

اذ توسَّع نشاط شهود يهوه عُقدت محافل حول الارض.‏ وكانت لجميعها ميزات بارزة بالنسبة الى الذين حضروا.‏

ففي كيتواي،‏ روديسيا الشمالية (‏الآن زامبيا)‏،‏ في قلب منطقة النحاس،‏ خُطِّط لعقد محفل خلال زيارة رئيس جمعية برج المراقبة في السنة ١٩٥٢.‏ كان الموقع منطقة واسعة في اطراف احد مخيمات التعدين،‏ في مكان يُعرف الآن باسم تشامبولي.‏ فمُهِّد رأس كَثيب نمل مهجور،‏ وبُنيت عليه سقيفة من قش لتخدم كمنبر.‏ وسقائف اخرى من قش للنوم،‏ بطبقتين،‏ امتدت ٢٠٠ ياردة (‏١٨٠ م)‏ من منطقة المقاعد الرئيسية بشكل اشعة.‏ فنام الرجال والفتيان في بعضها؛‏ والنساء والفتيات في الاخرى.‏ وكان بعض المندوبين قد سافروا مدة اسبوعين بالدراجة ليحضروا.‏ وسار آخرون طوال ايام ثم انهوا الرحلة ركوبا في باص بدائي.‏

خلال فترات الاجتماع كان اولئك الحاضرون في غاية الانتباه،‏ بالرغم من ان الجلوس كان على مقاعد خيزرانية قاسية في العراء.‏ فقد اتوا للاستماع،‏ ولم يريدوا ان تفوتهم كلمة.‏ وترنيم ذلك الحضور البالغ ٠٠٠‏,٢٠ ادمع العيون —‏ لقد كان في منتهى الجمال.‏ لم تكن هنالك مصاحبة بالآلات الموسيقية،‏ ولكنَّ انسجام الاصوات كان رائعا.‏ وكانت الوحدة ظاهرة بين هؤلاء الشهود،‏ ليس في ترنيمهم فحسب،‏ بل في كل طريقة،‏ بالرغم من انهم كانوا من خلفيات وقبائل عديدة.‏

ويمكنكم ان تتصوَّروا مشاعر شهود يهوه في الپرتغال عندما حصلوا،‏ بعد صراع استمر نحو ٥٠ سنة من اجل حرية العبادة،‏ على الاعتراف الشرعي في ١٨ كانون الاول ١٩٧٤.‏ وفي ذلك الوقت كان عددهم فقط نحو ٠٠٠‏,١٤.‏ وفي غضون ايام قليلة،‏ ملأ ٥٨٦‏,٧ منهم جناحا في مبنى للالعاب الرياضية في پورتو.‏ وفي اليوم التالي احتشد ٢٨٤‏,٣٩ آخرون في ملعب لكرة القدم في لِشبونة.‏ وكان الأخَوان نور وفرانز معهم من اجل تلك المناسبة السعيدة،‏ المناسبة التي لن ينساها كثيرون ابدا.‏

تنظيم التجمعات الاممية

لاكثر من نصف قرن،‏ عقد شهود يهوه محافل كبيرة متعددة المدن في آن واحد في بلدان عديدة.‏ وشعورهم بالاخوَّة الاممية عمُقَ في هذه المناسبات اذ تمكنوا جميعا من سماع المحاضرات الاساسية من مدينة رئيسية.‏

ولكن ليس قبل السنة ١٩٤٦ كان ان ضمَّ محفل اممي كبير في مدينة واحدة مندوبين من انحاء عديدة من الارض.‏ كان ذلك في كليڤلَنْد،‏ اوهايو.‏ ومع ان السفر في عصر ما بعد الحرب كان لا يزال صعبا،‏ بلغ عدد الحضور ٠٠٠‏,٨٠،‏ بمن فيهم ٣٠٢ من المندوبين من ٣٢ بلدا خارج الولايات المتحدة.‏ وقد عُقدت فترات الاجتماع بـ‍ ٢٠ لغة.‏ وأُعطي كثير من الارشاد العملي بهدف توسيع عمل التبشير.‏ وأحد الاجزاء الرئيسية للمحفل كان خطاب الاخ نور عن مسائل اعادة البناء والتوسع.‏ صفَّق الحضور بحماسة لدى سماعهم عن الخطط لتوسيع تسهيلات الطبع والمكاتب لمركز الجمعية الرئيسي،‏ وكذلك تسهيلاتها الاذاعية،‏ لتأسيس مكاتب فروع في بلدان العالم الرئيسية،‏ ولتوسُّع العمل الارسالي.‏ وبعد المحفل مباشرة وُضعت التفاصيل لكي يقوم الأخَوان نور وهنشل برحلة حول العالم لتحقيق ما جرت مناقشته.‏

وفي السنوات التي تلت عُقِدت محافل مهمة حقا في يانكي ستاديوم في مدينة نيويورك.‏ وفي المحفل الاول منها،‏ من ٣٠ تموز الى ٦ آب ١٩٥٠،‏ حضر مندوبون من ٦٧ بلدا.‏ وشمل البرنامج تقارير مختصرة من خدام الفروع،‏ المرسلين،‏ والمندوبين الآخرين.‏ وقدَّم هؤلاء للمحفل لمحات مثيرة عن العمل التبشيري الكثيف الجاري في جميع البلدان التي اتوا منها.‏ وفي اليوم الاخير ارتفع عدد الحضور الى ٧٠٧‏,١٢٣ في المحاضرة «هل يمكنكم ان تحيوا الى الابد بسعادة على الارض؟‏» وكان محور المحفل «نمو الثيوقراطية.‏» فوُجِّه الانتباه الى الزيادة الكبيرة في الأعداد.‏ ولكن،‏ كما بيَّن العريف ڠرانت سوتر مؤكِّدا،‏ لا يجري ذلك لتمجيد اية عقول متقدة الذكاء داخل الهيئة المنظورة.‏ وبالاحرى،‏ اعلن:‏ «القوة الجديدة للأعداد موقوفة لاكرام يهوه.‏ هكذا يجب ان تكون،‏ ولن نرضى بغير ذلك.‏»‏

وفي السنة ١٩٥٣ عُقد محفل آخر في يانكي ستاديوم في نيويورك.‏ وهذه المرة بلغت ذروة عدد الحضور ٨٢٩‏,١٦٥.‏ وكما صحَّ في المحفل الاول هناك،‏ كان البرنامج حافلا بمناقشات لنبوات الكتاب المقدس المثيرة،‏ بالمشورة العملية في كيفية انجاز الكرازة بالبشارة،‏ وبتقارير من بلدان عديدة.‏ وعلى الرغم من ان فترات الاجتماع بدأت نحو الساعة ٣٠:‏٩ صباحا،‏ إلا انها لم تكن تُختتم عادةً حتى الساعة ٠٠:‏٩ او ٣٠:‏٩ مساء.‏ وقد زوَّد المحفل ثمانية ايام كاملة من الولائم الروحية المفرحة.‏

وبالنسبة الى اكبر محافلهم،‏ في نيويورك في السنة ١٩٥٨،‏ كان من الضروري استعمال ليس فقط يانكي ستاديوم بل ايضا پولو غراوندز المجاور وكذلك الاماكن الاخرى خارج الملعبين لاستيعاب حشود المحفل.‏ وفي اليوم الاخير،‏ عندما شُغِل كل مقعد،‏ مُنح اذن خصوصي في استعمال حتى ساحة اللعب في يانكي ستاديوم،‏ وكم كان مشهدا مثيرا اذ تدفق الآلاف الى الساحة،‏ خلعوا احذيتهم،‏ وجلسوا على العشب!‏ وأظهر العدّ ان ٩٢٢‏,٢٥٣ حضروا لسماع الخطاب العام.‏ وجرت رؤية دليل اضافي على بركة يهوه على خدمة خدامه عندما رمز ١٣٦‏,٧ في هذا المحفل الى انتذارهم بمعمودية الماء —‏ اكثر من ضعف عدد الذين اعتمدوا في المناسبة التاريخية ليوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م،‏ كما ورد في الكتاب المقدس!‏ —‏ اعمال ٢:‏٤١‏.‏

وكامل عمل هذه المحافل اعطى الدليل على ما هو اكثر بكثير من هيئة فعَّالة.‏ فكان اظهارا لروح اللّٰه وهو يعمل بين شعبه.‏ والمحبة الاخوية التي اساسها هو المحبة للّٰه كانت ظاهرة في كل مكان.‏ فلم يكن هنالك منظِّمون بمرتَّبات مرتفعة.‏ وكل دائرة جُهِّزت بمتطوعين غير مأجورين.‏ والاخوة والاخوات المسيحيون،‏ والفرق العائلية في الغالب،‏ اعتنوا بطاولات المرطبات.‏ وأعدّوا ايضا وجبات ساخنة،‏ وفي خيام ضخمة خارج الستاديوم خدموا المندوبين بمعدل سرعة وصل الى ألف في الدقيقة.‏ عشرات الآلاف —‏ وجميعهم مسرورون بالاشتراك في العمل —‏ خدموا كحجاب واهتموا بكل البناء الضروري،‏ الطبخ وتقديم الوجبات،‏ التنظيف،‏ وأكثر بكثير.‏

والمزيد من المتطوعين خصَّصوا مئات الآلاف من الساعات لسدّ الحاجات السكنية للمندوبين.‏ وفي بعض السنين،‏ للاعتناء على الاقل ببعض المجتمعين،‏ جرى تنظيم مدن من المقطورات والخيام.‏ وفي السنة ١٩٥٣،‏ حصد الشهود ٤٠ اكرا (‏١٦ هكتارا)‏ من الحبوب،‏ مجانا،‏ لمُزارع في نيو جيرزي اجرهم ارضه من اجل مدينة مقطوراتهم.‏ والتسهيلات الصحية،‏ الاضاءة،‏ رشاشات الاستحمام،‏ غرف غسل الملابس،‏ الكافيتيريا،‏ ومخازن البقالة رُكِّبت جميعها للاعتناء بالسكان الذين تجاوز عددهم ٠٠٠‏,٤٥.‏ واذ انتقلوا اليها،‏ برزت مدينة الى الوجود بين عشية وضحاها.‏ وعشرات الآلاف الآخرون جرى انزالهم في فنادق وبيوت خاصة في نيويورك وحولها.‏ لقد كان مشروعا ضخما.‏ وببركة يهوه أُنجز بنجاح.‏

المحافل في تقدُّم

ان اعضاء الاخوَّة الاممية هذه مهتمون بشدة بالرفقاء الشهود في البلدان الاخرى.‏ ونتيجة لذلك ينتهزون الفرص لحضور المحافل خارج بلدانهم الخاصة.‏

عندما انعقد المحفل الاول من سلسلة محافل العبادة الطاهرة في ومبلي ستاديوم في لندن،‏ انكلترا،‏ في السنة ١٩٥١،‏ حضر الشهود من ٤٠ بلدا.‏ وشدَّد البرنامج على الناحية العملية للعبادة الحقة وجعل المرء الخدمة مهنة حياته.‏ ومن انكلترا سافر شهود كثيرون الى القارة الاوروپية حيث كانت ستُعقد تسعة محافل اضافية خلال الشهرين التاليين.‏ وكان اكبرها في فرانكفورت آم مَيْن،‏ المانيا،‏ حيث حضر ٤٣٢‏,٤٧ من ٢٤ بلدا.‏ وجرى الاعراب عن المحبة الحارة للاخوة في ختام البرنامج عندما ابتدأت الفرقة الموسيقية تعزف وهتف الاخوة الالمان في ترنيمة وداعية عفوية مستودعين رفقاءهم الشهود اللّٰه،‏ الرفقاء الذين اتوا من الخارج للانضمام اليهم.‏ فجرى التلويح بالمناديل،‏ واحتشد المئات في ساحة اللعب تعبيرا عن التقدير الشخصي لهذا العيد الثيوقراطي العظيم.‏

وفي السنة ١٩٥٥ رتَّب مزيد من الشهود لزيارة اخوتهم المسيحيين في الخارج وقت المحفل.‏ وبواسطة سفينتين مستأجرتين (‏تحمل كل منهما ٧٠٠ مسافر)‏ و ٤٢ طائرة مستأجرة ذهب مندوبون من الولايات المتحدة وكندا الى اوروپا.‏ والطبعة الاوروپية من صحيفة النجوم والاشرطة،‏ الصادرة في المانيا،‏ وصفت تدفق الشهود بأنه «على الارجح التحرك الجماعي الاضخم للاميركيين عبر اوروپا منذ غزو الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية.‏» وأتى مندوبون آخرون من اميركا الوسطى والجنوبية،‏ آسيا،‏ افريقيا،‏ وأوستراليا.‏ وعلى الرغم من جهود رجال دين العالم المسيحي لمنع الشهود من عقد محفليهم في روما ونورَمبورڠ،‏ جرى عقد هذين المحفلين وستة اخرى في اوروپا خلال الصيف.‏ وتراوح عدد الحضور بين ٣٥١‏,٤ في روما و ٤٢٣‏,١٠٧ في نورَمبورڠ.‏ واجتمع فريق آخر من ٧٢٩‏,١٧ في ڤالتبوني في ما كان يُدعى آنذاك برلين الغربية،‏ التي كان يمكن ان يصل اليها بمجازفة اقل نوعا ما الاخوة من القطاع الشرقي في تلك الحقبة.‏ وكثيرون من هؤلاء كانوا في السجن بسبب ايمانهم او كان اعضاء من عائلاتهم في السجن آنذاك،‏ لكنهم كانوا مع ذلك ثابتين في الايمان.‏ فما كان أنسب محور المحفل —‏ «الملكوت الظافر»!‏

وعلى الرغم من انه كان هنالك من قبلُ العديد من المحافل الاممية،‏ فان ما جرى في السنة ١٩٦٣ كان الاول من نوعه.‏ فقد كان محفلا حول العالم.‏ واذ ابتدأ في مِلْوُوكي،‏ ويسكونسن،‏ في الولايات المتحدة،‏ انتقل الى نيويورك؛‏ ثم الى اربع مدن رئيسية في اوروپا؛‏ عبر الشرق الاوسط؛‏ وصولا الى الهند،‏ بورما (‏الآن ميانمار)‏،‏ تايلند،‏ هونڠ كونڠ،‏ سنغافورة،‏ الفيليپين،‏ إندونيسيا،‏ اوستراليا،‏ تايوان،‏ اليابان،‏ نيوزيلندا،‏ فيجي،‏ جمهورية كوريا،‏ وهاوايي؛‏ وبعد ذلك رجوعا الى البر الرئيسي لاميركا الشمالية.‏ وفي المجموع،‏ حضر مندوبون من ١٦١ بلدا.‏ وتجاوز مجموع عدد الحضور ٠٠٠‏,٥٨٠.‏ وكان هنالك ٥٨٣ شخصا،‏ من نحو ٢٠ بلدا،‏ انتقلوا مع المحفل،‏ حاضرين في بلد بعد آخر،‏ كل الطريق حول الكرة الارضية.‏ وقد مكنتهم جولات خصوصية من رؤية اماكن ذات اهمية دينية،‏ واشتركوا ايضا مع اخوتهم وأخواتهم المحليين في الخدمة من بيت الى بيت.‏ وهؤلاء المسافرون اهتموا بنفقاتهم الخاصة.‏

ومندوبو اميركا اللاتينية جرى تمثيلهم جيدا في معظم المحافل الاممية.‏ ولكن في ١٩٦٦-‏١٩٦٧،‏ اتى دورهم لاضافة المحافل.‏ وأولئك الذين حضروا لن ينسوا ابدا المسرحية التي احيت رواية الكتاب المقدس عن ارميا والتي ساعدت كل فرد على تقدير معناها ليومنا.‏ * وتقوَّت ربط المحبة المسيحية اذ رأى الزائرون مباشرة الخلفية المتعلقة بالحملة الواسعة لتعليم الكتاب المقدس التي تجري في اميركا اللاتينية.‏ وتأثروا عميقا بالايمان القوي للرفقاء المؤمنين،‏ الذين كان كثيرون منهم قد تغلَّبوا على عقبات تبدو مستعصية —‏ المقاومة العائلية،‏ الفيضانات،‏ خسارة الممتلكات —‏ ليكونوا حاضرين.‏ وتشجعوا كثيرا باختبارات كذاك الذي لاخت فاتحة خصوصية ضعيفة الجسم من اورڠواي أُجريت معها مقابلة وكان معها على المنبر كثيرون من الـ‍ ٨٠ شخصا الذين كانت قد ساعدتهم على التقدُّم الى حد المعمودية المسيحية!‏ (‏في السنة ١٩٩٢ كانت قد ساعدت ١٠٥ اشخاص الى حد المعمودية.‏ وكانت لا تزال ضعيفة الجسم ولا تزال فاتحة خصوصية!‏)‏ وكم هو مبهج للقلب ايضا الالتقاء بمرسلين من صفوف جلعاد الاولى لا يزالون يعملون في تعييناتهم!‏ فكانت تلك المحافل حافزا ممتازا الى العمل الجاري في ذلك الجزء من العالم.‏ وفي العديد من تلك البلدان،‏ هنالك الآن من مسبحي يهوه ١٠،‏ ١٥،‏ او حتى ٢٠ ضعفا اكثر مما كان هنالك آنذاك.‏

بعد بضع سنين،‏ في ١٩٧٠-‏١٩٧١،‏ صار ممكنا للشهود من الخارج ان يعاشروا اخوتهم في المحافل الاممية المنعقدة في افريقيا.‏ وأكبر تلك المحافل كان في لاغوس،‏ نَيجيريا،‏ حيث كان يجب بناء جميع التسهيلات من البداية.‏ ولحماية المندوبين من الشمس الحارة،‏ بُنيت مدينة من الخيزران —‏ اماكن الجلوس،‏ اماكن النوم،‏ كافيتيريا،‏ وأقسام اخرى.‏ وتطلَّب ذلك ٠٠٠‏,١٠٠ عمود من الخيزران و ٠٠٠‏,٣٦ من حُصُر القصب المحبوكة الكبيرة —‏ وقد اعدَّها جميعها الاخوة والاخوات.‏ وقُدِّم البرنامج بـ‍ ١٧ لغة في آن واحد.‏ وبلغ عدد الحضور ١٢٨‏,١٢١ واعتمد ٧٧٥‏,٣ شاهدا جديدا.‏ وجرى تمثيل فرق قَبَلية متعددة،‏ وكثيرون من اولئك الحاضرين كانوا اشخاصا يحاربون بعضهم بعضا.‏ أما الآن،‏ فما ابهج رؤيتهم متحدين بربط الاخوَّة المسيحية الاصيلة!‏

وبعد المحفل سافر بعض المندوبين الاجانب بالباص الى ايڠبولَند لرؤية المنطقة الاكثر تضرُّرا بالحرب الاهلية الاخيرة.‏ وقد أُثيرت ضجة كبيرة في بلدة بعد اخرى اذ كان الشهود المحليون يسلِّمون على الزائرين ويعانقونهم.‏ فاندفع الناس الى الشوارع ليراقبوا.‏ ومثل هذا الاعراب عن المحبة والوحدة بين السود والبيض كان شيئا لم يروه من قبل قط.‏

في بعض البلدان يجعل عدد شهود يهوه غير ممكن لهم ان يجتمعوا كلهم في مكان واحد.‏ ولكن،‏ في بعض الاحيان،‏ كانت عدة محافل كبيرة تُعقد في الوقت نفسه،‏ يتبعها المزيد،‏ اسبوعا بعد اسبوع.‏ وفي السنة ١٩٦٩ عزَّز الوحدة،‏ التي لُمست في المحافل المرتَّبة بهذه الطريقة،‏ واقع ان بعض الخطباء الرئيسيين تنقلوا ذهابا وإيابا بالطائرة بين المحافل،‏ خادمينها بالتالي جميعا.‏ وفي السنتين ١٩٨٣ و ١٩٨٨ لُمست وحدة مماثلة عندما وُصِل معا عدد من المحافل الكبيرة التي تستخدم اللغة نفسها،‏ وحتى امميا،‏ عن طريق الارسال الهاتفي للخطابات الرئيسية التي ألقاها اعضاء في الهيئة الحاكمة.‏ لكنَّ الاساس الحقيقي للوحدة بين شهود يهوه هو واقع انهم يعبدون جميعا يهوه بصفته الاله الحقيقي الوحيد،‏ يتخذون جميعا الكتاب المقدس دليلا لهم،‏ يستفيدون جميعا من برنامج الطعام الروحي نفسه،‏ يتطلعون جميعا الى يسوع المسيح كقائد لهم،‏ يسعون جميعا الى الاعراب عن ثمر روح اللّٰه في حياتهم،‏ يضعون جميعا ثقتهم في ملكوت اللّٰه،‏ ويشتركون جميعا في حمل بشارة هذا الملكوت الى الآخرين.‏

منظمون من اجل تسبيح اممي ليهوه

لقد ازداد شهود يهوه عددا حتى انهم تجاوزوا عدد سكان عشرات الامم الفردية.‏ ولكي تنجز محافلهم الخير الاعظم،‏ يلزم كثير من التخطيط الدقيق.‏ إلا ان كل ما يلزم عادةً هو طلبات موزَّعة تتعلق بالمكان الذي سيحضره الشهود من مختلف المناطق من اجل التأكد انه سيكون هنالك مجال كافٍ لكل شخص.‏ وعندما يخطَّط للمحافل الاممية،‏ غالبا ما يصير ضروريا ان تأخذ الهيئة الحاكمة بعين الاعتبار ليس فقط عدد الشهود من البلدان الاخرى الذين يودّون الذهاب ويكونون قادرين على ذلك بل ايضا حجم تسهيلات المحفل المتوافرة،‏ عدد الشهود المحليين الذين سيحضرون،‏ ومجموع المساكن المتوافرة للمندوبين؛‏ وبعدئذ يمكن تخصيص عدد اقصى لكل بلد.‏ وقد صحَّ ذلك في ما يتعلق بمحافل «التعبد التقوي» الثلاثة التي عُقدت في پولندا في السنة ١٩٨٩.‏

وبالنسبة الى هذه المحافل جرى توقع نحو ٠٠٠‏,٩٠ شاهد ليهوه من پولندا،‏ بالاضافة الى آلاف الاشخاص المهتمين حديثا.‏ ودُعي كثيرون ايضا الى الحضور من بريطانيا،‏ كندا،‏ والولايات المتحدة الاميركية.‏ ورُحِّب بوفود كبيرة من ايطاليا،‏ فرنسا،‏ واليابان.‏ وأتى آخرون من إسكنديناڤيا واليونان.‏ وجرى تمثيل ٣٧ بلدا على الاقل.‏ وفي ما يتعلق بأجزاء معيَّنة من البرنامج كان من الضروري ترجمة الخطابات الپولندية او الانكليزية بـ‍ ١٦ لغة اخرى.‏ وكان مجموع عدد الحضور ٥١٨‏,١٦٦.‏

كانت فرق كبيرة من الشهود في هذه المحافل قد اتت مما كان آنذاك الاتحاد السوڤياتي ومن تشيكوسلوڤاكيا؛‏ وحضرت ايضا فرق ضخمة نوعا ما من بلدان اوروپا الشرقية الاخرى.‏ ولم يكن ممكنا للفنادق ومهاجع المدارس ان تؤوي الجميع.‏ ففتح الشهود الپولنديون قلوبهم وبيوتهم بحسن ضيافة،‏ مشتركين معهم بسرور في ما يمتلكونه.‏ واحدى الجماعات المؤلَّفة من ١٤٦ زوَّدت المنامة لاكثر من ٢٠٠‏,١ مندوب.‏ وبالنسبة الى بعض الذين حضروا هذه المحافل،‏ كانت المرة الاولى التي يحضرون فيها تجمعا كبيرا يتجاوز الـ‍ ١٥ او الـ‍ ٢٠ من شعب يهوه.‏ ففاضت قلوبهم بالتقدير اذ نظروا الى عشرات الآلاف في المدرّجات،‏ اشتركوا معهم في الصلاة،‏ وضمّوا اصواتهم في ترانيم التسبيح ليهوه.‏ وعندما اختلطوا معا بين الفترات،‏ كانت هنالك معانقات دافئة،‏ بالرغم من ان اختلاف اللغة كثيرا ما حال دون تعبيرهم بالكلام عما كان في قلوبهم.‏

واذ انتهى المحفل،‏ امتلأت قلوبهم بالشكر ليهوه،‏ الذي جعل كل ذلك ممكنا.‏ وفي وارسو،‏ بعد التعليقات الوداعية من العريف،‏ اندفع الحضور الى تصفيق لم يخفّ طوال عشر دقائق على الاقل.‏ وبعد الترنيمة والصلاة الختاميتين بدأ التصفيق من جديد،‏ وبقي الحضور في اماكنهم لوقت طويل.‏ فقد انتظروا سنين كثيرة هذه المناسبة،‏ ولم يريدوا ان تنتهي.‏

وفي السنة التالية،‏ ١٩٩٠،‏ بعد مرور اقل من خمسة اشهر على رفع الحظر الذي دام ٤٠ سنة على شهود يهوه في ما كان آنذاك المانيا الشرقية،‏ انعقد محفل اممي مثير آخر،‏ وهذه المرة في برلين.‏ وبين الـ‍ ٥٣٢‏,٤٤ الحاضرين كان هنالك مندوبون من ٦٥ بلدا مختلفا.‏ من بعض البلدان اتى عدد قليل فقط؛‏ ومن پولندا،‏ نحو ٥٠٠‏,٤.‏ لم تستطع الكلمات ان تعبِّر عن المشاعر العميقة لاولئك الذين لم تكن لديهم من قبلُ قط الحرية لحضور محفل كهذا،‏ وعندما اشترك كامل الحضور في ترانيم التسبيح ليهوه،‏ لم يتمكنوا من حبس دموع فرحهم.‏

وفي وقت لاحق من تلك السنة،‏ عندما عُقد محفل مماثل في سان پاولو،‏ البرازيل،‏ لزم مدرّجان كبيران لاستيعاب الحضور الاممي البالغ ٤٠٦‏,١٣٤.‏ وتبع ذلك محفل في الارجنتين،‏ حيث استُخدم ثانية مدرّجان في آن واحد لاستيعاب الحضور الاممي.‏ واذ بدأت السنة ١٩٩١ كانت تجري محافل اممية اضافية في الفيليپين،‏ تايوان،‏ وتايلند.‏ وكان حضور كبير من امم كثيرة موجودين ايضا في تلك السنة من اجل المحافل في اوروپا الشرقية —‏ في هنڠاريا،‏ تشيكوسلوڤاكيا،‏ وما هو الآن كرواتيا.‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ اعتبره المندوبون من ٢٨ بلدا امتيازا خصوصيا ان يكونوا بين الـ‍ ٢١٤‏,٤٦ في سانت پيترسبرڠ في اول محفل اممي حقيقي لشهود يهوه في روسيا.‏

فرص للانتعاش الروحي القانوني

ليست كل المحافل التي يعقدها شهود يهوه تجمعات اممية.‏ لكنَّ الهيئة الحاكمة ترتِّب لمحافل رئيسية مرة كل سنة،‏ ويجري التمتع بالبرنامج نفسه حول العالم بلغات عديدة.‏ وهذه المحافل قد تكون كبيرة تماما،‏ مزوِّدة الفرصة لمعاشرة شهود آخرين من اماكن عديدة،‏ او قد تكون اصغر حجما وتُعقد في مدن عديدة،‏ مسهِّلة على الجدد ان يحضروا وممكِّنة العامة في مئات المدن الاصغر من نيل نظرة جيدة عن كثب الى عيِّنة كبيرة من شهود يهوه.‏

وبالاضافة الى ذلك،‏ مرة في السنة تجتمع كل دائرة (‏مؤلَّفة ربما من ٢٠ جماعة)‏ من اجل برنامج للمشورة والتشجيع الروحيين لمدة يومين.‏ * وكذلك،‏ منذ ايلول ١٩٨٧،‏ يجري الترتيب ليوم محفل خصوصي،‏ برنامج بنّاء ليوم واحد،‏ لكل دائرة مرة في السنة.‏ وحيثما امكن،‏ يجري ارسال عضو من مستخدَمي المركز الرئيسي للجمعية او شخص من مكتب الفرع المحلي للاشتراك في البرنامج.‏ وهذه البرامج يقدِّرها شهود يهوه كثيرا.‏ وفي مناطق عديدة لا تكون مواقع المحافل بعيدة او صعبة البلوغ.‏ لكنَّ ذلك ليس دائما الحالة.‏ يتذكَّر ناظر جائل زوجين مسنّين سارا ٤٧ ميلا (‏٧٦ كلم)‏ مع حقائب ودُثُر لحضور محفل دائري في زمبابوي.‏

وخدمة الحقل خلال المحفل لم تعد وجها في كل هذه المحافل،‏ لكنَّ ذلك ليس لأن الشهود يعتبرونها اقل اهمية على الاطلاق.‏ ففي معظم الحالات،‏ يزور الشهود المحليون الآن الناس الذين يسكنون قرب مواقع المحافل قانونيا —‏ وفي بعض الحالات،‏ كل عدة اسابيع.‏ ومندوبو المحافل يبقون متيقظين لفرص الشهادة غير الرسمية،‏ وسلوكهم المسيحي يعطي شهادة قوية بطريقة اخرى.‏

الدليل على الاخوَّة الحقيقية

والاخوَّة التي يجري الاعراب عنها بين الشهود في محافلهم سرعان ما تتَّضح للمراقبين.‏ فيمكنهم ان يروا انه لا توجد اية محاباة بينهم وأن المودة الاصيلة ظاهرة حتى بين اولئك الذين قد يلتقون للمرة الاولى.‏ ففي وقت انعقاد محفل المشيئة الالهية الاممي في نيويورك في السنة ١٩٥٨،‏ ذكرت انباء امستردام النيويوركية:‏ «في كل مكان كان الزنوج،‏ البيض والشرقيون،‏ من كل المستويات في الحياة وكل انحاء العالم،‏ يمتزجون بفرح وحرية.‏ .‏ .‏ .‏ والشهود العابدون من ١٢٠ بلدا عاشوا وعبدوا معا بسلام،‏ مظهرين للاميركيين كيف يمكن فعل ذلك بسهولة.‏ .‏ .‏ .‏ والمحفل مثال ساطع يظهر كيف يمكن للناس ان يعملوا ويحيوا معا.‏»‏

ومنذ عهد اقرب،‏ عندما عقد شهود يهوه محافل متزامنة في دوربان وفي جوهانسبورڠ،‏ جنوب افريقيا،‏ في السنة ١٩٨٥،‏ شمل المندوبون جميع الفرق العرقية واللغوية الرئيسية في جنوب افريقيا،‏ فضلا عن ممثلين من ٢٣ بلدا آخر.‏ وسرعان ما اتَّضحت الرفقة الدافئة بين الـ‍ ٨٣٠‏,٧٧ الحاضرين.‏ «هذا جميل،‏» قالت شابة هندية.‏ «ان رؤية الملوَّنين،‏ الهنود،‏ البيض،‏ والسود يختلطون جميعهم معا غيَّرت كامل نظرتي الى الحياة.‏»‏

وهذا الشعور بالاخوَّة يتجاوز الابتسامات،‏ المصافحات،‏ ودعوة احدهم الآخر «اخا» و «اختا.‏» مثلا،‏ عندما صُنعت الترتيبات لمحفل «البشارة الابدية» حول العالم في السنة ١٩٦٣،‏ أُعلم شهود يهوه بأنهم اذا ارادوا ان يساعدوا الآخرين ماليا على حضور احد المحافل،‏ يسعد الجمعية ان تتأكد ان الاموال تفيد الاخوة في كل انحاء الارض.‏ لم يكن هنالك استجداء،‏ ولم يؤخَذ شيء للنفقات الادارية.‏ والاموال ذهبت كلها للقصد المذكور.‏ وبهذه الطريقة جرت مساعدة ١٧٩‏,٨ على حضور المحفل.‏ ومُنحت المساعدة لمندوبين من كل بلد في اميركا الوسطى والجنوبية،‏ كما مُنحت لآلاف من افريقيا وكثيرين في الشرق الاوسط والشرق الاقصى.‏ ونسبة كبيرة من الذين جرت مساعدتهم كانوا اخوة وأخوات خصَّصوا سنين عديدة للخدمة كامل الوقت.‏

ونحو نهاية السنة ١٩٧٨ خُطِّط لعقد محفل في أوكلَنْد،‏ نيوزيلندا.‏ فعلم الشهود في جزر كوك بذلك وكانوا تواقين الى الحضور.‏ لكنَّ الحالة الاقتصادية في الجزر كانت رديئة بحيث ان القيام بالرحلة سيكلِّف كل فرد ثروة صغيرة.‏ غير ان اخوة وأخوات روحيين محبين في نيوزيلندا تبرعوا بأجرة السفر ذهابا وإيابا لنحو ٦٠ من سكان الجزر هؤلاء.‏ وكم كانوا سعداء بأن يحضروا ليشتركوا في الوليمة الروحية مع اخوتهم من موريشيوس،‏ سامْوا،‏ نييووي،‏ والقوقاز!‏

ونموذج الروح الموجودة بين شهود يهوه هو ما جرى عند اختتام محفل «العدل الالهي» الكوري في مونتريال،‏ كندا،‏ في السنة ١٩٨٨.‏ فطوال اربعة ايام تمتع المندوبون الاسپان،‏ الانكليز،‏ الايطاليون،‏ الپرتغاليون،‏ العرب،‏ الفرنسيون،‏ اليونان بالبرنامج نفسه وانما بلغاتهم.‏ ولكن،‏ عند نهاية الفترة الاخيرة انضم جميع الـ‍ ٠٠٠‏,٤٥ معا في الملعب الاولمپي في عرض مثير للاخوَّة ووحدة القصد.‏ فرنَّموا معا،‏ كل فريق بلغته الخاصة،‏ «قوموا نرنِّم:‏ ‹ساد يهوه ربّ العلاء؛‏ غنِّي يا ارض يا سماء.‏›»‏

‏[الحاشيتان]‏

^ سبعون ايضا من مثل هذه المسرحيات قُدِّمت في المحافل خلال السنوات الـ‍ ٢٥ التالية.‏

^ من السنة ١٩٤٧ الى السنة ١٩٨٧ كانت هذه تُعقد مرتين كل سنة.‏ وحتى السنة ١٩٧٢ كانت هذه محافل لثلاثة ايام؛‏ ثم جرى تأسيس برنامج لمدة يومين.‏

‏[النبذة في الصفحة ٢٥٥]‏

‏«تأثَّرتُ كثيرا بروح المحبة واللطف الاخوي»‏

‏[النبذة في الصفحة ٢٥٦]‏

قطارات المحافل —‏ في كل مكان!‏

‏[النبذة في الصفحة ٢٧٤]‏

منظِّمو محافل بلا مرتَّبات مرتفعة،‏ وانما متطوعون غير مأجورين

‏[النبذة في الصفحة ٢٧٩]‏

الوحدة بين السود والبيض

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٢٦٠]‏

سبعة قرارات مهمة للمحافل

في السنة ١٩٢٢،‏ طلب القرار بعنوان ‏«تحدٍّ لقادة العالم»‏ منهم ان يبرهنوا ان البشر لديهم الحكمة ليحكموا هذه الارض وإلا فليعترفوا بأن السلام،‏ الحياة،‏ الحرية،‏ والسعادة الابدية يمكن ان تأتي فقط من يهوه بواسطة يسوع المسيح.‏

في السنة ١٩٢٣،‏ كان هنالك ‏«تحذير لكل المسيحيين»‏ بشأن الضرورة الملحة للهرب من الهيئات التي تدَّعي بخداع تمثيل اللّٰه والمسيح.‏

في السنة ١٩٢٤،‏ ‏«الاكليريكيون متَّهَمون»‏ شهَّر العقائد والممارسات غير المؤسسة على الاسفار المقدسة لرجال دين العالم المسيحي.‏

في السنة ١٩٢٥،‏ ‏«رسالة رجاء»‏ اظهر لماذا فشل اولئك الذين يدَّعون انهم انوار العالم المرشدة في سدّ حاجات الانسان العظمى وكيف ان ملكوت اللّٰه وحده يمكن ان يفعل ذلك.‏

في السنة ١٩٢٦،‏ ‏«شهادة لحكام العالم»‏ اعلمهم بأن يهوه هو الاله الحقيقي الوحيد وأن يسوع المسيح يحكم الآن بصفته ملك الارض الشرعي.‏ وحثَّ الحكام على استعمال نفوذهم لتحويل اذهان الناس الى الاله الحقيقي كي لا تحل بهم الكارثة.‏

في السنة ١٩٢٧،‏ ‏«قرار لشعوب العالم المسيحي»‏ شهَّر الاتحاد المالي-‏السياسي-‏الديني الذي يظلم الجنس البشري.‏ وحثَّ الناس على هجر العالم المسيحي ووضع ثقتهم في يهوه وملكوته بين يدي المسيح.‏

في السنة ١٩٢٨،‏ ‏«اعلان ضد الشيطان ومع يهوه»‏ اوضح ان ملك يهوه الممسوح،‏ يسوع المسيح،‏ سيقيِّد عما قريب الشيطان ويدمِّر هيئته الشريرة،‏ وحثَّ جميع الذين يحبّون البر على اتخاذ موقفهم الى جانب يهوه.‏

‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٢٧٢ و ٢٧٣]‏

اوجه بارزة لبعض المحافل الكبيرة

وصل مئات المندوبين المتحمسين بالسفينة،‏ الآلاف بالطائرة،‏ عشرات الآلاف بالسيارة والباص

لزم تنظيم جيد وأعداد وافرة من العمال الطوعيين لايجاد وتعيين تسهيلات سكن كافية

خلال هذه المحافل لثمانية ايام،‏ قُدِّمت وجبات ساخنة —‏ عشرات الآلاف منها —‏ قانونيا للمندوبين

في السنة ١٩٥٣ استوعبت مدينة المقطورات والخيام اكثر من ٠٠٠‏,٤٥ مندوب

في نيويورك،‏ في السنة ١٩٥٨،‏ اعتمد ١٣٦‏,٧ —‏ اكثر من اية مناسبة واحدة منذ يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م

عُرضت لافتات الترحيب من بلدان عديدة،‏ وعُقدت الفترات بـ‍ ٢١ لغة،‏ في نيويورك في السنة ١٩٥٣

‏[الصورة في الصفحة ٢٥٦]‏

مندوبون الى محفل جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم في وينِّيپيڠ،‏ مانيتوبا،‏ كندا،‏ في السنة ١٩١٧

‏[الصورتان في الصفحة ٢٥٨]‏

ج.‏ ف.‏ رذرفورد يلقي خطابا في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩١٩.‏ وقد حثَّ الجميع على الاشتراك بغيرة في اعلان ملكوت اللّٰه،‏ باستعمال «العصر الذهبي»‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٥٩]‏

المحفل في سيدر پوينت في السنة ١٩٢٢.‏ لقد انطلق النداء:‏ «أَعلنوا الملك والملكوت»‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٦١]‏

جورج ڠانڠَس كان في سيدر پوينت في السنة ١٩٢٢.‏ ولنحو ٧٠ سنة منذ ذلك الحين ينادي بغيرة بملكوت اللّٰه

‏[الصورة في الصفحتين ٢٦٢ و ٢٦٣]‏

المندوبون الى محفل السنة ١٩٣١ في كولومبوس،‏ اوهايو،‏ الذين اعتنقوا بحماسة الاسم شهود يهوه

‏[الصورة في الصفحة ٢٦٥]‏

‏«ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية» يعلن عن اصدارها ن.‏ ه‍.‏ نور في السنة ١٩٥٠

‏[الصورة في الصفحة ٢٦٥]‏

المحاضرات التي ألقاها ف.‏ و.‏ فرانز عن اتمام نبوة الكتاب المقدس كانت من الامور البارزة في المحفل (‏نيويورك،‏ ١٩٥٨)‏

‏[الصورتان في الصفحة ٢٦٤]‏

لسنين عديدة كانت خدمة الحقل جزءا بارزا من كل محفل.‏

لوس انجلوس،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ ١٩٣٩ (‏في الاسفل)‏؛‏ ستوكهولم،‏ السويد،‏ ١٩٦٣ (‏الصورة الصغيرة)‏

‏[الصورتان في الصفحة ٢٦٦]‏

عندما ألقى ج.‏ ف.‏ رذرفورد خطابا من واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ في السنة ١٩٣٥،‏ بُثَّت الرسالة عبر الراديو وخطوط الهاتف لست قارات

‏[الصورتان في الصفحة ٢٦٨]‏

في نورَمبورڠ،‏ المانيا،‏ في السنة ١٩٤٦،‏ ألقى أريك فروست المحاضرة الحماسية «المسيحيون في المحنة»‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٦٩]‏

محفل في الهواء الطلق في كيتواي،‏ روديسيا الشمالية،‏ خلال زيارة ن.‏ ه‍.‏ نور في السنة ١٩٥٢

‏[الصورتان في الصفحتين ٢٧٠ و ٢٧١]‏

في السنة ١٩٥٨ سمع الحضور البالغ ٩٢٢‏,٢٥٣،‏ الذي ضاق عن استيعابه ملعبان كبيران في نيويورك،‏ الرسالة «ملكوت اللّٰه يسود —‏ هل منتهى العالم قريب؟‏»‏

پولو ڠراوندز

يانكي ستاديوم

‏[الصورة في الصفحة ٢٧٥]‏

ڠرانت سوتر،‏ عريف المحفل في يانكي ستاديوم في السنة ١٩٥٠

‏[الصورة في الصفحة ٢٧٥]‏

جون ڠرُو (‏جالس)‏ يناقش تنظيم المحفل مع جورج كاوتش في السنة ١٩٥٨

‏[الصور في الصفحة ٢٧٧]‏

في السنة ١٩٦٣ عُقد محفل حول العالم،‏ بمندوبين من نحو ٢٠ بلدا يسافرون معه حول الكرة الارضية

كيوتو،‏ اليابان (‏ادنى اليسار)‏،‏ كانت احدى مدن المحفل الـ‍ ٢٧.‏

مندوبون في جمهورية كوريا يتعارفون (‏الوسط)‏

تحية ماوورية في نيوزيلندا (‏ادنى اليمين)‏

‏[الصور في الصفحة ٢٧٨]‏

محفل عُقد بـ‍ ١٧ لغة في آن واحد،‏ في مدينة من الخيزران بُنيت للمناسبة (‏لاغوس،‏ نَيجيريا،‏ ١٩٧٠)‏

‏[الصور في الصفحة ٢٨١]‏

ثلاثة محافل كبيرة عُقدت في پولندا في السنة ١٩٨٩،‏ بحضور مندوبين من ٣٧ بلدا

ث.‏ جاراكز (‏الى اليمين)‏ خاطب المندوبين في پوزنان

الآلاف اعتمدوا في كوجُوف

الحضور صفقوا طويلا جدا في وارسو

مندوبون مما كان آنذاك الاتحاد السوڤياتي (‏الاسفل)‏

اجزاء من المحفل في كوجُوف تُرجمت بـ‍ ١٥ لغة