الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

‏‹طلب الملكوت اولا›‏

‏‹طلب الملكوت اولا›‏

الفصل ١٨

‏‹طلب الملكوت اولا›‏

ان المحور الرئيسي للكتاب المقدس هو تقديس اسم يهوه بواسطة الملكوت.‏ وقد علَّم يسوع المسيح أتباعه ان يطلبوا الملكوت اولا،‏ واضعينه قبل الاهتمامات الاخرى في الحياة.‏ ولماذا؟‏

اوضحت برج المراقبة تكرارا ان يهوه،‏ بسبب واقع كونه الخالق،‏ هو المتسلط الكوني.‏ وهو يستحق ان ينال الاعتبار الارفع من قبل خلائقه.‏ (‏رؤيا ٤:‏١١‏)‏ ولكن،‏ في وقت باكر جدا من التاريخ البشري،‏ جعل ابن روحي للّٰه نفسَه الشيطان ابليس اذ تحدى سلطان يهوه بتمرد.‏ (‏تكوين ٣:‏​١-‏٥‏)‏ وفضلا عن ذلك،‏ نسب الشيطان دوافع انانية الى جميع الذين يخدمون يهوه.‏ (‏ايوب ١:‏​٩-‏١١؛‏ ٢:‏​٤،‏ ٥؛‏ رؤيا ١٢:‏١٠‏)‏ وهكذا عَكِر سلام الكون.‏

اوضحت مطبوعات برج المراقبة طوال عقود ان يهوه صنع تدبيرا لبتّ هذه القضايا بطريقة تمجد ليس فقط قدرته الكلية بل ايضا عظمة حكمته،‏ عدله،‏ ومحبته.‏ والجزء الرئيسي من هذا التدبير هو ملكوت اللّٰه المسيَّاني.‏ فبواسطة هذا الملكوت يُمنَح الجنس البشري فرصة كافية لتعلُّم سبل البر.‏ وبواسطته سيُهلَك الاشرار،‏ يبرَّأ سلطان يهوه،‏ ويُنجَز قصده ان يجعل الارض فردوسا يسكنه اناس يحبون اللّٰه حقا وبعضهم بعضا ويبارَكون بكمال الحياة.‏

وبسبب اهميته نصح يسوع أتباعه:‏ ‹داوموا اذًا على طلب الملكوت اولا.‏› (‏متى ٦:‏​١٠،‏ ٣٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ وشهود يهوه في الازمنة العصرية اعطوا الدليل الوافر على اجتهادهم في الاصغاء الى هذه المشورة.‏

التخلي عن كل شيء لاجل الملكوت

في تاريخ باكر،‏ تأمل تلاميذ الكتاب المقدس في ما يعنيه طلب الملكوت اولا.‏ فناقشوا مثل يسوع الذي شبَّه فيه الملكوت بلؤلؤة كثيرة الثمن حتى ان انسانا «باع كل ما كان له واشتراها.‏» (‏متى ١٣:‏​٤٥،‏ ٤٦‏)‏ وتأملوا في مغزى مشورة يسوع لرئيس شاب غني ان يبيع كل شيء،‏ يعطي الفقراء،‏ ويتبعه.‏ (‏مرقس ١٠:‏​١٧-‏٣٠‏)‏ * وأدركوا انهم اذا ارادوا ان يبرهنوا عن اهليتهم للاشتراك في ملكوت اللّٰه يجب ان يجعلوا الملكوت اهتمامهم الاول،‏ مستخدمين بسرور حياتهم،‏ قدراتهم،‏ مواردهم،‏ في خدمته.‏ وكل شيء آخر في الحياة يجب ان ينال المرتبة الثانية.‏

عمل تشارلز تاز رصل شخصيا بموجب هذه المشورة.‏ فباع مؤسسته التجارية المزدهرة للألبسة الرجالية،‏ قلَّل تدريجيا من المصالح التجارية الاخرى،‏ ثم استخدم كل ممتلكاته الارضية لمساعدة الناس بطريقة روحية.‏ (‏قارنوا متى ٦:‏​١٩-‏٢١‏.‏)‏ ولم يكن ذلك شيئا فعله لمجرد سنين قليلة.‏ فحتى موته استخدم كل موارده —‏ مقدرته العقلية،‏ صحته الجسدية،‏ ممتلكاته المادية —‏ لتعليم الآخرين الرسالة العظيمة لملكوت المسيَّا.‏ وفي جنازة رصل قال احد العشراء،‏ جوزيف ف.‏ رذرفورد:‏ «كان تشارلز تاز رصل وليا للّٰه،‏ وليا للمسيح يسوع،‏ وليا لقضية ملكوت المسيَّا.‏»‏

في نيسان ١٨٨١ (‏حين كان عدة مئات من الاشخاص فقط يحضرون اجتماعات تلاميذ الكتاب المقدس)‏،‏ نشرت برج المراقبة مقالة بعنوان «مطلوب ٠٠٠‏,١ كارز.‏» وشمل ذلك دعوة للرجال والنساء الذين لم تكن لديهم عائلات تعتمد عليهم الى الشروع في العمل كمبشرين جائلين لتوزيع المطبوعات.‏ واذ استعملت لغة مثَل يسوع في متى ٢٠:‏​١-‏١٦‏،‏ سألت برج المراقبة:‏ «مَن يملك رغبة متقدة في الذهاب والعمل في الكرم،‏ ويصلّي ليفتح الرب الطريق»؟‏ وأولئك الذين كان بامكانهم ان يعطوا على الاقل نصف وقتهم كليا لعمل الرب جرى تشجيعهم على تقديم طلب.‏ ولمساعدتهم في نفقات السفر،‏ الطعام،‏ اللباس،‏ والمأوى،‏ زوَّدت جمعية برج مراقبة زيون للكراريس موزعي المطبوعات الجائلين الاولين بمطبوعات الكتاب المقدس للتوزيع،‏ ذكرت التبرع الزهيد الذي يمكن طلبه لقاء المطبوعات،‏ ودعت موزعي المطبوعات الجائلين الى الاحتفاظ بجزء من المال المتسلَّم بهذه الطريقة.‏ فمَن تجاوبوا مع هذه الترتيبات وشرعوا في الخدمة كموزعين جائلين للمطبوعات؟‏

بحلول السنة ١٨٨٥ كان هنالك نحو ٣٠٠ موزع جائل للمطبوعات مقترن بالجمعية.‏ وفي السنة ١٩١٤ تجاوز العدد اخيرا الـ‍ ٠٠٠‏,١.‏ لم يكن ذلك عملا سهلا.‏ فبعد ان زار البيوت في اربع بلدات صغيرة ووجد ثلاثة او اربعة اشخاص فقط مهتمين الى حد ما،‏ كتب احد موزعي المطبوعات الجائلين:‏ «لا بد لي ان اقول انني شعرت بالوحدة نوعا ما وأنا اسافر مسافة بعيدة جدا،‏ اقابل اشخاصا كثيرين جدا،‏ وأجد اهتماما قليلا جدا معبَّرا عنه بقصد اللّٰه والكنيسة.‏ فساعدوني بصلواتكم حتى اتمكن من تقديم الحق بلياقة وبدون خوف ولا اكلّ في عمل الخير.‏»‏

قدَّموا انفسهم طوعا

كان موزعو المطبوعات الجائلون روَّادا حقيقيين.‏ فقد اخترقوا زوايا الارض المتعذر بلوغها الى حد بعيد في وقت كانت فيه وسائل النقل بدائية جدا والطرقات،‏ على العموم،‏ مجرد مسالك عربات.‏ وكانت الاخت ارلي،‏ في نيوزيلندا،‏ واحدة من الذين فعلوا ذلك.‏ واذ باشرت العمل قبل الحرب العالمية الاولى بكثير،‏ خصَّصت ٣٤ سنة لمثل هذه الخدمة كامل الوقت قبل موتها في السنة ١٩٤٣.‏ وقد غطَّت جزءا كبيرا من البلد على دراجة.‏ وحتى عندما اصبحت معاقة بسبب التهاب المفاصل ولا تستطيع الركوب،‏ كانت تستعمل الدراجة للاستناد اليها وحمل كتبها في كل انحاء المقاطعة التجارية لكنيسة المسيح.‏ وكان باستطاعتها ارتقاء السلالم،‏ ولكن كان يجب ان تنزلها بطريقة عكسية بسبب اعاقتها.‏ إلا انها،‏ طالما امتلكت شيئا من القوة،‏ كانت تستعمله في خدمة يهوه.‏

وهؤلاء الناس لم يتبنَّوا هذا العمل بسبب شعورهم بالثقة بأنفسهم.‏ فكان البعض خجولين جدا بطبيعتهم،‏ لكنهم كانوا يحبون يهوه.‏ وقبل الشهادة في المقاطعة التجارية كانت اخت من هذا النوع تطلب من كلٍّ من تلاميذ الكتاب المقدس في منطقتها ان يصلّي لاجلها.‏ وعلى مر الوقت،‏ اذ اكتسبت خبرة،‏ صارت حماسية جدا في العمل.‏

عندما تحدثت ماليندا كيفر الى الاخ رصل في السنة ١٩٠٧ عن رغبتها في الانخراط في الخدمة كامل الوقت،‏ قالت انها تشعر بالحاجة الى نيل مزيد من المعرفة اولا.‏ وفي الواقع،‏ كان في السنة السابقة انها اطَّلعت للمرة الاولى على مطبوعات تلاميذ الكتاب المقدس.‏ فكان جواب الاخ رصل:‏ «اذا اردتِ الانتظار حتى تعرفي كل شيء فلن تبتدئي ابدا،‏ لكنك ستتعلَّمين وأنت تقومين بذلك.‏» وبدون تردد،‏ سرعان ما ابتدأت في اوهايو،‏ في الولايات المتحدة.‏ وكثيرا ما كانت تتذكَّر المزمور ١١٠:‏٣‏،‏ الذي يقول:‏ «شعبك (‏يقدِّمون انفسهم طوعا)‏.‏» وطوال الـ‍ ٧٦ سنة التالية،‏ داومت على ذلك.‏ * وقد بدأت الخدمة كامل الوقت عازبة.‏ ولمدة ١٥ سنة تمتعت بالخدمة وهي متزوجة.‏ ولكن بعد ان مات زوجها استمرت في المضي قُدُما بمساعدة يهوه.‏ واذ تطلعت الى الوراء عبر السنين قالت:‏ «كم انا شاكرة على انني قدَّمت نفسي طوعا كفاتحة عندما كنت شابة ووضعت دائما مصالح الملكوت اولا!‏»‏

عندما كانت المحافل العامة تُعقَد في الايام الباكرة،‏ غالبا ما كانت تُصنَع الترتيبات لجلسات خصوصية مع موزعي المطبوعات الجائلين.‏ فأُجيبَ عن الاسئلة،‏ زُوِّد التدريب للجدد،‏ ومُنِح التشجيع.‏

ومن السنة ١٩١٩ فصاعدا كان هنالك عدد اكبر من خدام يهوه يقدِّرون ملكوت اللّٰه على نحو رفيع حتى انهم هم ايضا بنوا حياتهم حقا حوله.‏ واستطاع بعضهم ان يضعوا جانبا المساعي الدنيوية ويقفوا انفسهم كاملا للخدمة.‏

الاعتناء بالحاجات المادية

وكيف كانوا يعتنون بحاجاتهم المادية؟‏ تذكَّرت آنا پيترسن (‏لاحقا رومر)‏،‏ مبشرة كامل الوقت في الدنمارك:‏ «نلنا المساعدة للنفقات اليومية من توزيع المطبوعات،‏ وحاجاتنا لم تكن كثيرة.‏ واذا كانت هنالك نفقات اكبر،‏ كانت هذه تغطَّى دائما بطريقة او بأخرى.‏ فكانت الاخوات يهبننا بعض الملابس،‏ الفساتين او الاردية،‏ وكان بامكاننا استعمالها وارتداؤها حالا،‏ ولذلك كنا حسنات اللباس.‏ وفي بعض الاشتية كنت اتخذ عملا مكتبيا لشهر او اثنين.‏ .‏ .‏ .‏ وبالشراء في موسم التنزيلات كان بامكاني ان اشتري ما يلزمني من الملابس لسنة كاملة.‏ سارت الامور حسنا.‏ ولم نكن قط في حاجة.‏» لم تكن الامور المادية اهتمامهم الرئيسي.‏ ومحبتهم ليهوه وطرقه كانت فيهم كنار محرقة،‏ وكان لا بد لهم ان يعبِّروا عنها.‏

وبالنسبة الى المأوى كان بامكانهم ان يستأجروا غرفة متواضعة فيما كانوا يزورون الناس في المنطقة.‏ وكان بعضهم يستعملون مقطورة —‏ كل شيء فيها بسيط،‏ مجرد مكان للنوم والاكل.‏ وكان آخرون ينامون في خيام وهم ينتقلون من مكان الى آخر.‏ وفي بعض الاماكن رتب الاخوة لـ‍ «مخيمات فاتحين.‏» والشهود في المنطقة كان يمكن ان يزوِّدوا بيتا،‏ ويعيَّن شخص للاشراف عليه.‏ والفاتحون الذين يخدمون في تلك المنطقة كان بامكانهم استعمال التسهيلات،‏ وكانوا يشتركون في النفقات المشمولة.‏

لم يسمح الفعلة كامل الوقت هؤلاء للنقص في المال بأن يمنع الناس المشبهين بالخراف من الحصول على مطبوعات الكتاب المقدس.‏ فغالبا ما كان الفاتحون يقايضون بنتاج كالبطاطا،‏ الزبدة،‏ البيض،‏ الفاكهة الطازجة والمعلَّبة،‏ الدجاج،‏ الصابون،‏ وأيّ شيء آخر تقريبا.‏ وهم لم يكونوا ليستغنوا؛‏ وانما كان ذلك وسيلة لمساعدة الناس المخلصين على نيل رسالة الملكوت،‏ حاصلين في الوقت نفسه على ضرورات الحياة المادية مما يمكِّن الفاتحين من مواصلة خدمتهم.‏ وكانوا يثقون بوعد يسوع انهم اذا ‹داوموا على طلب الملكوت وبر اللّٰه اولا،‏› فحينئذ يزوَّد الطعام والكساء الضروريان.‏ —‏ متى ٦:‏٣٣‏،‏ ع‌ج.‏

الطوعية للخدمة حيثما كانت هنالك حاجة

ان الرغبة المتقدة في القيام بالعمل الذي عيَّنه يسوع لتلاميذه قادت الفعلة كامل الوقت الى مقاطعات جديدة،‏ وحتى الى بلدان جديدة.‏ فعندما دُعي فرانك رايس الى مغادرة اوستراليا لافتتاح الكرازة بالبشارة في جاوا (‏الآن جزء من إندونيسيا)‏ في السنة ١٩٣١،‏ كانت له وراءه عشر سنين من الخبرة في الخدمة كامل الوقت.‏ أما الآن فكانت هنالك عادات جديدة وكذلك لغات جديدة لتعلُّمها.‏ كان بامكانه استعمال الانكليزية للشهادة للبعض في المتاجر والمكاتب،‏ ولكنه اراد ان يشهد للآخرين ايضا.‏ فدرس باجتهاد،‏ وفي غضون ثلاثة اشهر كان يعرف ما يكفي من الهولندية للابتداء بالذهاب من بيت الى بيت.‏ ثم درس المالَيالَمية.‏

كان عمر فرانك ٢٦ سنة فقط عندما ذهب الى جاوا،‏ ومعظم السنوات الست التي قضاها هناك وفي سومطرة كان يعمل وحده.‏ (‏نحو نهاية السنة ١٩٣١،‏ اتى كْلِم دَيْشان وبيل هانتر من اوستراليا لمساعدته في العمل.‏ وكفريق،‏ قاما بجولة كرازية داخل البلد فيما عمل فرانك في عاصمة جاوا وحولها.‏ وفي ما بعد تسلَّم كْلِم وبيل ايضا تعيينات اخذتهما الى مناطق منفصلة.‏)‏ ولم تكن هنالك اية اجتماعات جماعية يمكن لفرانك ان يحضرها.‏ فكان يشعر احيانا بالوحدة،‏ واكثر من مرة قاوم افكار الاستسلام والعودة الى اوستراليا.‏ لكنه استمر في المضي قُدُما.‏ كيف؟‏ ان الطعام الروحي الذي تحتويه برج المراقبة ساعد على تقويته.‏ وفي السنة ١٩٣٧ انتقل الى تعيين في الهند الصينية،‏ حيث نجا بحياته بصعوبة خلال الاضطرابات العنيفة التي عقبت الحرب العالمية الثانية.‏ وهذه الروح الطوعية للخدمة كانت لا تزال حية في سبعينات الـ‍ ١٩٠٠ عندما كتب ليعبِّر عن فرحه بواقع ان عائلته بكاملها تخدم يهوه وليقول انه وزوجته يستعدان من جديد للانتقال الى مكان في اوستراليا حيث توجد حاجة اعظم.‏

‏‹التوكل على يهوه بكل قلبهم›‏

قرَّر كلود ڠودمان ان ‹يتوكل على يهوه بكل قلبه ولا يعتمد على فهمه،‏› ولذلك اختار الخدمة كمبشر مسيحي جائل لتوزيع المطبوعات،‏ عوضا عن فرصة عمل دنيوي.‏ (‏امثال ٣:‏​٥،‏ ٦‏)‏ وبرفقة رونالد تيپين،‏ الذي ساعده على تعلُّم الحق،‏ خدم كموزع جائل للمطبوعات في انكلترا لاكثر من سنة.‏ ثم،‏ في السنة ١٩٢٩،‏ جعل الاثنان انفسهما متوافرين للذهاب الى الهند.‏ * فيا للتحدي الذي قدَّمه ذلك!‏

وفي السنين التي تلت،‏ سافرا ليس فقط سيرا على الاقدام وبواسطة قطار المسافرين والباص بل ايضا بواسطة قطار الشحن،‏ العربة التي يجرّها ثوران،‏ الجمل،‏ الزورق الصيني،‏ العربة بدولابين التي يجرّها رجل،‏ وحتى بالطائرة والقطار الخاص.‏ وأحيانا كانا يبسطان فراشيهما الملفوفين في غرف الانتظار التابعة للسكة الحديدية،‏ في حظيرة للماشية،‏ على عشب الغاب،‏ او على ارضية من روث البقر في كوخ،‏ ولكن كانت هنالك ايضا اوقات ناما فيها في فنادق فخمة وفي قصر راجا.‏ وكالرسول بولس تعلَّما سر القناعة سواء كانا في عوز او في بحبوحة.‏ (‏فيلبي ٤:‏​١٢،‏ ١٣‏)‏ وعادةً كان لديهما القليل جدا مما له قيمة مادية،‏ لكنهما لم يكونا قط محرومَين مما يحتاجان اليه حقا.‏ واختبرا شخصيا اتمام وعد يسوع انهما اذا طلبا الملكوت وبر اللّٰه اولا،‏ فان ضرورات الحياة المادية سيجري تزويدها.‏

كانت هنالك نوبات خطيرة من حمَّى الضَّنْك،‏ الملاريا،‏ والتيفوئيد،‏ لكنَّ الرفقاء الشهود زوَّدوا العناية الحبية.‏ فكان يجب انجاز الخدمة وسط قذارة مدن مثل كَلْكُتّا،‏ وكان يجب القيام بالشهادة في مزارع الشاي في جبال سيلان (‏المعروفة الآن بـ‍ سْري لانكا)‏.‏ ولسدّ حاجات الناس الروحية،‏ قُدِّمت المطبوعات،‏ أُديرت التسجيلات باللغات المحلية،‏ وأُلقيت الخطابات.‏ واذ نما العمل،‏ تعلَّم كلود ايضا كيف يشغِّل مطبعة ويعتني بالعمل في مكاتب فروع الجمعية.‏

وفي عامه الـ‍ ٨٧،‏ استطاع ان يعود بذاكرته الى حياة غنية بالاختبارات في خدمة يهوه في انكلترا،‏ الهند،‏ پاكستان،‏ سيلان،‏ بورما (‏الآن ميانمار)‏،‏ ملايو،‏ تايلند،‏ وأوستراليا.‏ وكرجل عازب وأيضا كزوج وأب،‏ أبقى الملكوت اولا في حياته.‏ وكان بعد اقل من سنتين من معموديته انه انخرط في الخدمة كامل الوقت،‏ واعتبر ذلك مهنته باقي حياته.‏

قوة اللّٰه في الضعف تُكمَل

كان بن بريكل مثالا آخر لاولئك الشهود الغيورين —‏ وكالناس الآخرين كانت له حاجاته وضعفاته.‏ لقد كان بارزا في الايمان.‏ ففي السنة ١٩٣٠ انخرط في العمل كموزع جائل للمطبوعات في نيوزيلندا،‏ حيث كان يشهد في مقاطعات لم تغطَّ ثانية طوال عقود.‏ وبعد سنتين،‏ في اوستراليا،‏ شرع في رحلة كرازية لخمسة اشهر عبر الريف الصحراوي الذي لم تقدَّم فيه الشهادة من قبل.‏ وكانت دراجته مثقلة بالدُّثُر،‏ الثياب،‏ الطعام،‏ والكتب المجلَّدة للتوزيع.‏ وعلى الرغم من ان رجالا آخرين هلكوا عند محاولتهم السفر عبر هذه المنطقة،‏ فقد شقّ طريقه،‏ واثقا بيهوه.‏ ثم خدم في ماليزيا،‏ حيث تطورت مشاكل خطيرة تتعلق بالقلب.‏ إلا انه لم يتخلَّ عن العمل.‏ فبعد فترة نقاهة استأنف نشاط الكرازة كامل الوقت في اوستراليا.‏ وبعد عشر سنين تقريبا،‏ اضطره مرض خطير الى دخول المستشفى،‏ وعند السماح له بالخروج اخبره الطبيب انه «غير مؤهل للعمل بنسبة ٨٥ في المئة.‏» وكان لا يستطيع حتى السير في الشارع للتسوق دون ان يستريح بين وقت وآخر.‏

لكنَّ بن بريكل كان مصمِّما على الانطلاق من جديد،‏ وهكذا فعل،‏ متوقفا للاستراحة حسب الضرورة.‏ وسرعان ما كان يشهد ثانية في المناطق النائية الاوسترالية الوعرة.‏ وقد فعل ما في وسعه للاعتناء بصحته،‏ لكنَّ خدمته ليهوه كانت الشيء الرئيسي في حياته حتى موته بعد ٣٠ سنة في اواسط ستيناته.‏ * وأدرك ان النقص الموجود نتيجة لضعفه يمكن التعويض عنه بقوة يهوه.‏ وفي محفل في مَلْبورن في السنة ١٩٦٩،‏ خدم في مكتب للفاتحين وعلى ثنية صدر سترته شارة تقول:‏ «اذا اردت ان تعرف عن الفتح فاسألني.‏» —‏ قارنوا ٢ كورنثوس ١٢:‏​٧-‏١٠‏.‏

بلوغ قرى الادغال ومخيمات التعدين الجبلية

دفعت الغيرة لخدمة يهوه ليس فقط الرجال بل ايضا النساء الى قبول العمل في الحقول غير المخدومة من قبل.‏ فْريدا جونسون كانت واحدة من الممسوحين،‏ صغيرة الجسم الى حدّ ما،‏ وفي خمسيناتها عندما عملت وحدها في اجزاء من اميركا الوسطى،‏ مغطية مناطق مثل الساحل الشمالي في الهُندوراس على صهوة جواد.‏ وقد تطلَّب الايمان ان تعمل وحدها في هذه المنطقة،‏ زائرة مزارع الموز المتفرقة،‏ البلدات لا سيبا،‏ تيلا،‏ وتروجيلو،‏ وحتى القرى الكاريبية المنعزلة الابعد.‏ وقد شهدت هناك في السنتين ١٩٣٠ و ١٩٣١،‏ ومرة اخرى في السنة ١٩٣٤،‏ وفي السنتين ١٩٤٠ و ١٩٤١،‏ موزِّعة آلاف المطبوعات المحتوية على حق الكتاب المقدس.‏

خلال تلك السنين بدأت عاملة غيورة اخرى مهنتها في الخدمة كامل الوقت.‏ كانت هذه كاتي پالم،‏ المولودة في المانيا.‏ وما دفعها الى العمل هو حضور المحفل في كولومبس،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩٣١،‏ الذي اعتنق فيه تلاميذ الكتاب المقدس الاسم شهود يهوه.‏ وكان آنذاك انها قرَّرت ان تطلب الملكوت اولا،‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ بعمر ٨٩ سنة،‏ كانت لا تزال تفعل ذلك.‏

بدأت خدمتها كفاتحة في مدينة نيويورك.‏ وفي ما بعد،‏ في داكوتا الجنوبية،‏ عملت معها رفيقة لأشهر قليلة لكنها بعد ذلك تابعت وحدها،‏ مسافرة على صهوة جواد.‏ وعند دعوتها الى الخدمة في كولومبيا،‏ اميركا الجنوبية،‏ قبلت في الحال،‏ واصلة الى هناك في اواخر السنة ١٩٣٤.‏ ومرة اخرى عملت معها رفيقة لفترة من الوقت لكنها بعدئذ كانت وحدها.‏ فلم يجعلها ذلك تشعر بوجوب الكفّ عن العمل.‏

ثم دعاها زوجان الى الانضمام اليهما في تشيلي.‏ وهنا مقاطعة واسعة اخرى،‏ مقاطعة تمتد ٦٥٠‏,٢ ميلا (‏٢٦٥‏,٤ كلم)‏ في موازاة الساحل الغربي لقارة اميركا الجنوبية.‏ وبعد الكرازة في ابنية المكاتب في العاصمة،‏ ذهبت الى الشمال البعيد.‏ وفي كل مخيم تعدين،‏ كل مدينة شركة،‏ كبيرة او صغيرة،‏ كانت تشهد من باب الى باب.‏ والعمال عاليا في جبال الأنديز ادهشهم ان تزورهم امرأة متوحدة،‏ لكنها كانت مصمِّمة ألا تغفل عن احد في المنطقة المعيَّنة لها.‏ وفي وقت لاحق انتقلت الى الجنوب،‏ حيث كانت بعض الـ‍ استَنْسْياس (‏مزارع الخراف)‏ تغطي ما مقداره ربع مليون أكر (‏٠٠٠‏,١٠٠ هكتار)‏.‏ وكان الناس هناك ودّيين ومضيافين وكانوا يدعونها الى مائدتهم وقت الطعام.‏ وبهذه وغيرها من الطرائق اعتنى يهوه بها بحيث حصلت على ضرورات الحياة المادية.‏

كانت الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه تملأ حياتها.‏ * واذ التفتت الى سني خدمتها قالت:‏ «اشعر بأنني عشت حياة غنية جدا.‏ وكل سنة عندما احضر محفلا لشعب يهوه،‏ ينتابني شعور دافئ يمنح الاكتفاء اذ ارى اشخاصا كثيرين كنت اعقد معهم دروسا في الكتاب المقدس ينشرون البشارة ويساعدون الآخرين على المجيء الى ماء الحياة.‏» وقد نالت فرح رؤية عدد مسبِّحي يهوه في تشيلي ينمو من نحو ٥٠ الى اكثر من ٠٠٠‏,٤٤.‏

‏«هأنذا ارسلني»‏

بعد سماع محاضرة مؤسسة على دعوة يهوه الى الخدمة كما هو مسجل في اشعياء ٦:‏٨ وتجاوب النبي الايجابي،‏ «هأنذا ارسلني،‏» اعتمد مارتن پويتسنڠر،‏ في المانيا.‏ وبعد سنتين،‏ في السنة ١٩٣٠،‏ دخل الخدمة كامل الوقت في باڤاريا.‏ * وقبل مضي وقت طويل،‏ حظر الرسميون هناك الكرازة على الشهود،‏ أُغلِقت اماكن الاجتماعات،‏ وصودرت المطبوعات.‏ وكان الڠستاپو يهدِّد.‏ لكنَّ تلك التطورات في السنة ١٩٣٣ لم توقف خدمة الاخ پويتسنڠر.‏

دُعي الى الخدمة في بلغاريا.‏ واستُخدمت بطاقات شهادة بالبلغارية لتقديم مطبوعات الكتاب المقدس.‏ لكنَّ كثيرين من الناس كانوا اميين.‏ فتلقَّى الاخ پويتسنڠر دروسا ليتعلَّم لغتهم،‏ التي تستعمل الابجدية السيريلية.‏ وعندما كانت المطبوعات تُترك لدى العائلة غالبا ما كان يلزم الصغار ان يقرأوها على والديهم.‏

في معظم السنة الاولى كان الاخ پويتسنڠر وحده،‏ وكتب:‏ «وقت الذكرى ألقيت الخطاب وحدي،‏ صلَّيت وحدي،‏ واختتمت الاجتماع وحدي.‏» وخلال السنة ١٩٣٤،‏ رُحِّل الاجانب،‏ فذهب الى هنڠاريا.‏ وهنا كان يجب ان يتعلَّم لغة جديدة اخرى ليتمكن من الاخبار بالبشارة.‏ ومن هنڠاريا ذهب الى البلدين اللذين كانا آنذاك معروفين بـ‍ تشيكوسلوڤاكيا ويوڠوسلاڤيا.‏

كثيرة هي الاختبارات السعيدة التي حصل عليها —‏ ايجاد محبي الحق في اثناء سيره في الريف والقرى،‏ والمطبوعات محمولة على ظهره؛‏ اختبار عناية يهوه اذ كان الناس المضيافون يقدِّمون الطعام وحتى مكانا للنوم ليلا؛‏ التحدث حتى ساعة متأخرة من الليل الى اولئك الذين كانوا يأتون الى مسكنه لسماع المزيد عن رسالة الملكوت المعزية.‏

وكانت هنالك ايضا امتحانات قاسية للايمان.‏ فعند الخدمة خارج موطنه،‏ وبدون موارد مالية،‏ عانى مرضا خطيرا.‏ ولم يكن ايّ طبيب على استعداد لمعاينته.‏ لكنَّ يهوه هيَّأ الامر.‏ كيف؟‏ جرى الاتصال اخيرا بالمستشار الاعلى لمستشفى محلي.‏ وهذا الرجل،‏ صاحب ايمان راسخ بالكتاب المقدس،‏ اعتنى بالاخ پويتسنڠر كما لو كان ابنا،‏ فاعلا ذلك مجانا.‏ لقد تأثر الطبيب بروح التضحية بالذات لهذا الشاب،‏ التي كانت ظاهرة في العمل الذي يقوم به،‏ وقبل مجموعة من كتب الجمعية كهدية.‏

وأتى امتحان قاسٍ آخر بعد اربعة اشهر من الزواج.‏ فقد قُبض على الاخ پويتسنڠر في كانون الاول ١٩٣٦ وسُجن اولا في معسكر للاعتقال ثم في آخر،‏ فيما احتُجزت زوجته في معسكر آخر ايضا.‏ ولم يرَ احدهما الآخر طوال تسع سنين.‏ لم يمنع يهوه مثل هذا الاضطهاد القاسي،‏ لكنه شدَّد مارتن،‏ زوجته ڠيرتْرُوت،‏ وآلافا آخرين ليحتملوا.‏

بعد اطلاق سراحه وزوجته،‏ تمتع الاخ پويتسنڠر بسنين عديدة من الخدمة كناظر جائل في المانيا.‏ وحضر محافل مثيرة عُقدت في فترة ما بعد الحرب في ساحات العرض السابقة لهتلر في نورَمبورڠ.‏ أما الآن فكانت هذه الساحات ملآنة من جمع غفير من المؤيدين الاولياء لملكوت اللّٰه.‏ وحضر محافل لا تُنسى في يانكي ستاديوم في نيويورك.‏ وتمتع كاملا بتدريبه في مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس.‏ وفي السنة ١٩٧٧ صار عضوا في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏ ونظرته،‏ الى ان انهى مسلكه الارضي في السنة ١٩٨٨،‏ يمكن التعبير عنها افضل ما يكون بالكلمات:‏ ‹هذا الشيء الواحد أفعله —‏ طلب الملكوت اولا.‏›‏

تعلُّم ما يعنيه ذلك حقا

من الواضح ان روح التضحية بالذات ليست شيئا جديدا بين شهود يهوه.‏ فعندما صدر المجلد الاول من الفجر الالفي قديما في السنة ١٨٨٦،‏ نوقشت بصراحة مسألة التكريس (‏او،‏ كما نقول اليوم،‏ الانتذار)‏.‏ فتبيَّن على اساس الاسفار المقدسة ان المسيحيين الحقيقيين «يكرسون» كل شيء للّٰه؛‏ ويشمل ذلك قدراتهم،‏ ممتلكاتهم المادية،‏ حياتهم عينها.‏ وهكذا يصير المسيحيون وكلاء على ما «كُرِّس» للّٰه،‏ وكوكلاء،‏ يجب ان يقدِّموا حسابا —‏ لا للناس بل للّٰه.‏

بذل عدد متزايد من تلاميذ الكتاب المقدس انفسهم حقا في خدمة اللّٰه.‏ فاستخدموا الى الحد الاقصى قدراتهم،‏ ممتلكاتهم،‏ طاقتهم الحيوية،‏ في فعل مشيئته.‏ ومن ناحية اخرى،‏ كان هنالك اولئك الذين شعروا بأن الشيء الاهم هو تنمية ما سمَّوه الشخصية المسيحية ليتأهلوا للاشتراك في الملكوت مع المسيح.‏

وعلى الرغم من ان مسؤولية الشهادة للآخرين عن ملكوت اللّٰه،‏ الملقاة على عاتق كل مسيحي حقيقي،‏ كثيرا ما بيَّنها الاخ رصل،‏ فقد نالت هذه تشديدا اعظم ايضا بعد الحرب العالمية الاولى.‏ والمقالة «الشخصية ام العهد —‏ ايهما؟‏» في برج المراقبة عدد ١ ايار ١٩٢٦ (‏بالانكليزية)‏ انما هي مثال بارز.‏ فقد عالجت بصراحة النتائج المؤذية لما سُمِّي تطور الشخصية ثم شدَّدت على اهمية اتمام المرء التزاماته تجاه اللّٰه من خلال الاعمال.‏

وفي وقت ابكر كانت برج المراقبة عدد ١ تموز ١٩٢٠ (‏بالانكليزية)‏ قد فحصت نبوة يسوع العظمى عن ‹علامة حضوره ونهاية العالم.‏› (‏متى ٢٤:‏٣‏،‏ الملك جيمس‏)‏ وركَّزت الانتباه على العمل الكرازي الذي يجب القيام به اتماما لمتى ٢٤:‏١٤ وحدَّدت الرسالة التي يجب المناداة بها،‏ قائلة:‏ «البشارة هنا تتعلق بنهاية نظام الاشياء القديم وتأسيس ملكوت المسيَّا.‏» وأوضحت برج المراقبة انه على اساس المكان الذي فيه ذكر يسوع ذلك بالنسبة الى الاوجه الاخرى للعلامة يجب ان يُنجَز هذا العمل «بين زمن الحرب العالمية الكبرى [الحرب العالمية الاولى] وزمن ‹الضيق العظيم› الذي ذكره السيد في متى ٢٤:‏​٢١،‏ ٢٢‏.‏» وهذا العمل كان ملحًّا.‏ فمَن كان سيقوم به؟‏

من الواضح ان هذه المسؤولية أُلقيت على اعضاء «الكنيسة،‏» الجماعة المسيحية الحقيقية.‏ ولكن في السنة ١٩٣٢،‏ ومن خلال عدد ١ آب (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة،‏ نُصح هؤلاء ان يشجعوا «صف يهوناداب» على الاشتراك معهم في العمل انسجاما مع روح الرؤيا ٢٢:‏١٧‏.‏ فتجاوب صف يهوناداب —‏ الذين رجاؤهم هو الحياة الابدية في الارض الفردوسية —‏ وكثيرون منهم فعلوا ذلك بغيرة.‏

شُدِّد بقوة على الاهمية الحيوية لهذا العمل.‏ قالت برج المراقبة في السنة ١٩٢١:‏ «من الضروري الاشتراك في خدمة الرب تماما كما هو ضروري حضور اجتماع.‏» وبيَّنت في السنة ١٩٢٢:‏ «ينبغي لكل فرد ان يكون كارزا بالانجيل.‏» وذكرت في السنة ١٩٤٩:‏ «جعل يهوه الكرازة اهم عمل يمكن لأيٍّ منا ان يقوم به في هذا العالم.‏» واقتُبس اعلان الرسول بولس في ١ كورنثوس ٩:‏١٦ تكرارا:‏ «الضرورة موضوعة عليَّ.‏ فويل لي إن كنت لا ابشر.‏» وطُبِّقت هذه الآية على كل فرد من شهود يهوه.‏

كم شخصا يقومون بالكرازة؟‏ الى ايّ حد؟‏ ولماذا؟‏

هل كان ايّ شخص مجبرا على الانهماك في هذا العمل خلافا لارادته؟‏ «كلا،‏» اجابت برج المراقبة في عددها الصادر في ١ آب ١٩١٩ (‏بالانكليزية)‏،‏ «لا احد مجبر على فعل ايّ شيء.‏ انها بكاملها خدمة طوعية محض،‏ تُنجَز بدافع المحبة للرب ولقضية بره.‏ ويهوه لا يُلزِم ابدا ايّ شخص.‏» وفي ما يتعلق بالدافع وراء خدمة كهذه اضافت برج المراقبة عدد ١ ايلول ١٩٢٢ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان الشخص الذي يمتلئ قلبه من الشكر حقا ويقدِّر ما فعله اللّٰه لاجله يريد ان يفعل شيئا بالمقابل؛‏ وكلما ازداد تقديره للطف اللّٰه نحوه،‏ صارت محبته اعظم؛‏ وكلما عظمت محبته،‏ صارت الرغبة في خدمته اعظم.‏» لكنَّ المحبة للّٰه،‏ كما أُوضح،‏ تَظهر بحفظ وصاياه،‏ واحدى هذه الوصايا هي الكرازة بأخبار ملكوت اللّٰه السارة.‏ —‏ اشعياء ٦١:‏​١،‏ ٢؛‏ ١ يوحنا ٥:‏٣‏.‏

وأولئك الذين اخذوا على عاتقهم هذا النشاط لم تُغوِهم اية فكرة للطموح العالمي.‏ فقد قيل لهم بصراحة انهم عندما يذهبون من بيت الى بيت او يقدِّمون المطبوعات في زاوية شارع سيُعتبرون «جهالا،‏ ضعفاء،‏ ادنياء،‏» سيكونون «محتقَرين،‏ مضطهَدين،‏» وسيصنَّفون «ليس كذوي شأن من وجهة نظر عالمية.‏» لكنهم يعرفون ان يسوع وتلاميذه الاولين عوملوا بالطريقة نفسها.‏ —‏ يوحنا ١٥:‏​١٨-‏٢٠؛‏ ١ كورنثوس ١:‏​١٨-‏٣١‏.‏

وهل يعتقد شهود يهوه انهم بطريقة ما يكسبون خلاصهم بنشاط كرازتهم؟‏ كلا على الاطلاق!‏ فكتاب United in Worship of the Only True God  (‏متحدين في عبادة الاله الحقيقي الوحيد‏)‏،‏ الذي يُستعمل منذ السنة ١٩٨٣ لمساعدة التلاميذ على التقدُّم الى النضج المسيحي،‏ يناقش هذه المسألة.‏ يذكر قائلا:‏ «ذبيحة يسوع فتحت لنا ايضا فرصة الحياة الابدية .‏ .‏ .‏ وليس ذلك مكافأة نكسبها.‏ فمهما فعلنا في خدمة يهوه لا يمكننا ابدا ان نبني استحقاقا كهذا بحيث يكون اللّٰه مدينا لنا بالحياة.‏ فالحياة الابدية انما هي ‹هبة اللّٰه .‏ .‏ .‏ بالمسيح يسوع ربنا.‏› (‏رومية ٦:‏٢٣؛‏ افسس ٢:‏​٨-‏١٠‏)‏ ومع ذلك اذا كنا نملك الايمان بهذه الهبة والتقدير للطريقة التي بها صارت ممكنة نجعل ذلك ظاهرا.‏ واذ ندرك كيف استخدم يهوه يسوع بشكل بديع في انجاز مشيئته،‏ وكم هو ضروري ان نتبع جميعا خطوات يسوع بدقة،‏ نجعل الخدمة المسيحية احد الامور الاهم في حياتنا.‏»‏

هل يمكن القول ان جميع شهود يهوه هم منادون بملكوت اللّٰه؟‏ نعم!‏ فهذا ما يعنيه كون المرء واحدا من شهود يهوه.‏ وقبل اكثر من نصف قرن،‏ شعر البعض بأنه من غير الضروري ان يشتركوا في خدمة الحقل،‏ خارجين علانية من بيت الى بيت.‏ أما اليوم فلا احد من شهود يهوه يدَّعي انه معفى من خدمة كهذه بسبب المركز في الجماعة المحلية او في الهيئة العالمية النطاق.‏ فالرجال والنساء وكذلك الصغار والكبار يشتركون.‏ وهم يعتبرون ذلك امتيازا ثمينا،‏ خدمة مقدسة.‏ وعدد ليس بقليل يفعلون ذلك بالرغم من الاسقام الخطيرة.‏ أما العاجزون جسديا عن الذهاب من بيت الى بيت فانهم يجدون طرائق اخرى لبلوغ الناس واعطائهم شهادة شخصية.‏

في الماضي كان هنالك احيانا ميل الى السماح للجدد بالاشتراك في خدمة الحقل بأسرع مما ينبغي.‏ أما في العقود الاخيرة فشُدِّد اكثر على مؤهلاتهم قبل دعوتهم.‏ وماذا يعني ذلك؟‏ لا يعني انه يجب ان يكونوا قادرين على توضيح كل شيء في الكتاب المقدس.‏ ولكن،‏ كما يوضح كتاب Organized to Accomplish Our Ministry  (‏منظمين لاتمام خدمتنا‏)‏،‏ يجب ان يعرفوا ويؤمنوا بتعاليم الكتاب المقدس الاساسية.‏ ويجب ايضا ان يحيوا حياة طاهرة،‏ وفقا لمقاييس الكتاب المقدس.‏ ويجب ان يرغب كل فرد حقا في ان يكون شاهدا ليهوه.‏

من غير المتوقع ان يقوم جميع شهود يهوه بنفس المقدار من الكرازة.‏ فظروف الافراد تختلف.‏ والسن،‏ الصحة،‏ المسؤوليات العائلية،‏ وعمق التقدير جميعها عوامل مساهمة.‏ هذا ما جرى ادراكه على الدوام.‏ وهذا ما شدَّدت عليه برج المراقبة في عددها الصادر في ١ كانون الاول ١٩٥٠ (‏بالانكليزية)‏ عند مناقشة «الارض الصالحة» في مثل يسوع عن الزارع،‏ في لوقا ٨:‏​٤-‏١٥‏.‏ و The Kingdom Ministry School Course  (‏منهج مدرسة خدمة الملكوت‏)‏،‏ المعدّ للشيوخ في السنة ١٩٧٢،‏ حلَّل مطلب ‹محبة يهوه من كل النفس› وأوضح ان «المهم ليس مقدار ما يفعله المرء بالنسبة الى ما يفعله شخص آخر،‏ بل ان يفعل المرء ما يستطيعه.‏» (‏مرقس ١٤:‏​٦-‏٨‏)‏ ولكنه،‏ اذ شجَّع على تحليل الذات الرزين،‏ اظهر ايضا ان محبة كهذه تعني «ان كل وجه من وجود المرء مشمول بخدمة اللّٰه بمحبة؛‏ فما من عمل،‏ طاقة او رغبة في الحياة مستثناة.‏» فجميع قدراتنا،‏ نفسنا بكاملها،‏ يجب حشدها لفعل مشيئة اللّٰه.‏ وهذا الكتاب الدراسي شدَّد على ان «اللّٰه يتطلب،‏ لا مجرد الاشتراك،‏ بل الخدمة من كل النفس.‏» —‏ مرقس ١٢:‏٣٠‏.‏

من المؤسف ان يميل البشر الناقصون الى اتخاذ اجراء متطرف،‏ مشدِّدين على شيء واحد ومهملين الآخر.‏ ولذلك،‏ قديما في السنة ١٩٠٦،‏ وجد الاخ رصل من الضروري ان ينبِّه الى ان التضحية بالذات لا تعني التضحية بالآخرين.‏ فهي لا تعني ان يقصِّر المرء عن صنع تدبير معقول لزوجته،‏ اولاده المعتمدين عليه،‏ او والدَيه المسنَّين لكي يتمكن من التفرغ للكرازة للآخرين.‏ ومن وقت الى آخر منذ ذلك الحين ظهرت مذكِّرات مماثلة في مطبوعات برج المراقبة.‏

وتدريجيا،‏ بمساعدة كلمة اللّٰه،‏ سعت الهيئة بكاملها الى تحقيق الاتزان المسيحي —‏ الاعراب عن الغيرة في خدمة اللّٰه،‏ وفي الوقت نفسه منح الانتباه اللائق لجميع اوجه كون المرء مسيحيا حقيقيا.‏ وعلى الرغم من ان «تطوير الشخصية» بُني على فهم خاطئ،‏ فقد اظهرت برج المراقبة انه لا يجب التقليل من شأن ثمار الروح والسلوك المسيحي.‏ وفي السنة ١٩٤٢،‏ قالت برج المراقبة بالتحديد:‏ «استنتج البعض بعدم حكمة انهم اذا انهمكوا في عمل الشهادة من بيت الى بيت يمكنهم ان يتبعوا دون عقاب ايّ مسلك قد تتطلبه شهواتهم.‏ فيجب ان يتذكَّر المرء ان مجرد الانهماك في عمل الشهادة ليس كل ما يلزم.‏» —‏ ١ كورنثوس ٩:‏٢٧‏.‏

وضع الاولويات في المقام الاول

صار شهود يهوه يقدِّرون ان ‹طلب الملكوت وبر اللّٰه اولا› انما هو مسألة وضع الاولويات في المقام الاول.‏ ويشمل ذلك اعطاء المرء في حياته المكان اللائق للدرس الشخصي لكلمة اللّٰه والحضور القانوني لاجتماعات الجماعة وعدم السماح للمساعي الاخرى بأخذ الاولوية.‏ ويتضمن اتخاذ القرارات التي تعكس رغبة اصيلة في العمل وفق مطالب ملكوت اللّٰه،‏ كما هو مبيَّن في الكتاب المقدس.‏ وهذا يشمل استعمال مبادئ الكتاب المقدس كأساس للقرارات المتعلقة بالحياة العائلية،‏ التسلية،‏ الثقافة الدنيوية،‏ الاستخدام،‏ الممارسات التجارية،‏ والعلاقات بالرفقاء البشر.‏

وطلب الملكوت اولا هو اكثر من مجرد الاشتراك بعض الشيء كل شهر في التحدث الى الآخرين عن قصد اللّٰه.‏ فهو يعني اعطاء المرء مصالح الملكوت المكان الاول في كامل حياته،‏ فيما يعتني بلياقة بسائر التزامات الاسفار المقدسة.‏

وهنالك طرائق عديدة يروِّج بها شهود يهوه المخلصون مصالح الملكوت.‏

امتياز خدمة البتل

يخدم البعض كأعضاء في عائلة البتل العالمية النطاق.‏ وهذه هي هيئة من الخدام كامل الوقت تطوَّعوا لفعل ايّ شيء يُعيَّن لهم في إعداد ونشر مطبوعات الكتاب المقدس،‏ في الاعتناء بالاعمال المكتبية الضرورية،‏ وفي تزويد خدمات الدعم لمثل هذه الاعمال.‏ وليس ذلك عملا يكسبون فيه شهرة شخصية او ممتلكات مادية.‏ فرغبتهم هي اكرام يهوه،‏ وهم مكتفون بالتدابير المصنوعة لهم من ناحية الطعام،‏ المأوى،‏ والبَدَل المتواضع للنفقات الشخصية.‏ وبسبب طريقة حياة عائلة البتل،‏ فان السلطات الدنيوية في الولايات المتحدة،‏ مثلا،‏ تعتبرهم اعضاء في أَخويَّة دينية اخذوا على انفسهم نذر الفقر.‏ وأولئك الذين هم في البتل يجدون الفرح في التمكن من استعمال حياتهم كاملا في خدمة يهوه وفي القيام بعمل يفيد أعدادا كبيرة من اخوتهم المسيحيين والاشخاص المهتمين حديثا،‏ وأحيانا على نطاق اممي.‏ وكغيرهم من شهود يهوه،‏ يشتركون ايضا قانونيا في خدمة الحقل.‏

كان موقع عائلة البتل الاولى (‏او،‏ عائلة بيت الكتاب المقدس،‏ كما كانت معروفة آنذاك)‏ في ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا.‏ وفي السنة ١٨٩٦ كان عدد هيئة المستخدمين ١٢.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كان هنالك اكثر من ٩٠٠‏,١٢ عضو في عائلة البتل،‏ يخدمون في ٩٩ بلدا.‏ وفضلا عن ذلك،‏ عندما لا يتوافر سكن كافٍ في مباني الجمعية،‏ يقوم مئات المتطوعين الآخرين برحلات يومية الى بيوت ايل والمصانع للاشتراك في العمل.‏ وهم يحسبونه امتيازا ان يشتركوا في العمل الجاري.‏ وحسب الحاجة،‏ يعرض آلاف الشهود الآخرين ان يتخلَّوا عن العمل الدنيوي والنشاطات الاخرى لفترات متفاوتة من الوقت ليساعدوا في بناء التسهيلات التي تحتاج الجمعية الى استعمالها في ما يتعلق بالكرازة العالمية ببشارة ملكوت اللّٰه.‏

وكثيرون من اعضاء عائلة البتل العالمية النطاق جعلوا ذلك عمل حياتهم.‏ وفردريك و.‏ فرانز،‏ الذي صار في السنة ١٩٧٧ الرئيس الرابع لجمعية برج المراقبة،‏ كان قد مضى عليه كعضو في عائلة البتل في نيويورك بحلول ذلك الوقت ٥٧ سنة،‏ واستمر في خدمة البتل ١٥ سنة اخرى حتى موته في السنة ١٩٩٢.‏ وهاينريتش دْڤينڠر بدأ خدمته في البتل في المانيا في السنة ١٩١١،‏ وخدم بتواضع من ذلك الحين فصاعدا حيثما عُيِّن؛‏ وفي السنة ١٩٨٣،‏ سنة موته،‏ كان لا يزال يتمتع بخدمته كعضو في عائلة البتل في تون،‏ سويسرا.‏ وجورج فيليپس،‏ من أسكتلندا،‏ قبل تعيينا في مكتب الفرع في جنوب افريقيا في السنة ١٩٢٤ (‏حين كان المكتب يشرف على نشاط الكرازة من كَيْپ تاون الى كينيا)‏ واستمر في الخدمة في جنوب افريقيا حتى موته سنة ١٩٨٢ (‏في الوقت الذي كانت فيه سبعة مكاتب فروع للجمعية ونحو ٠٠٠‏,١٦٠ شاهد يخدمون بنشاط في تلك المنطقة)‏.‏ والاخوات المسيحيات،‏ مثل كاثرين بوڠارد،‏ ڠريس ديسيكا،‏ إرْما فْرِنْد،‏ أليس برنر،‏ وماري هانِن،‏ وقفن حياتهن الفتية ايضا لخدمة البتل،‏ فاعلات ذلك حتى موتهن.‏ وكثيرون آخرون من اعضاء عائلة البتل خدموا كذلك طوال ١٠،‏ ٣٠،‏ ٥٠،‏ ٧٠ سنة واكثر.‏ *

النظار الجائلون المضحّون بالذات

حول العالم،‏ هنالك نحو ٩٠٠‏,٣ ناظر دائرة وكورة يعتنون ايضا،‏ مع زوجاتهم،‏ بالتعيينات حيثما توجد حاجة اليهم،‏ وعادةً في موطنهم.‏ وكثيرون من هؤلاء تركوا وراءهم بيوتا وهم الآن ينتقلون كل اسبوع او كل عدة اسابيع لخدمة الجماعات المعيَّنة.‏ وهم لا ينالون ايّ راتب لكنهم شاكرون على الطعام والمأوى حيث يخدمون،‏ اضافة الى التدبير المتواضع للنفقات الشخصية.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ حيث كان ٤٩٩ ناظر دائرة وكورة يخدمون في السنة ١٩٩٢،‏ يبلغ معدَّل عمر هؤلاء الشيوخ الجائلين ٥٤ سنة،‏ وبعضهم يخدمون بهذه الصفة طوال ٣٠،‏ ٤٠ سنة،‏ او اكثر.‏ وفي عدد من البلدان يسافر هؤلاء النظار بالسيارة.‏ والمقاطعة في منطقة الپاسيفيك غالبا ما تتطلب استعمال طائرات وسفن تجارية.‏ وفي اماكن عديدة يصل نظار الدوائر الى الجماعات المنعزلة على صهوة جواد او سيرا على الاقدام.‏

الفاتحون يسدّون حاجة مهمة

لمباشرة الكرازة بالبشارة في الاماكن التي لا يوجد فيها شهود،‏ او لتزويد المساعدة التي قد تكون لازمة خصوصا في احدى المناطق،‏ قد ترتب الهيئة الحاكمة ان ترسل فاتحين خصوصيين.‏ وهؤلاء هم مبشرون كامل الوقت يخصصون على الاقل ١٤٠ ساعة شهريا لخدمة الحقل.‏ وهم يجعلون انفسهم متوافرين ليخدموا حيثما توجد حاجة اليهم في بلدهم او،‏ في بعض الحالات،‏ في بلدان مجاورة.‏ وبما ان متطلبات خدمتهم تترك لهم القليل او لا شيء من الوقت للعمل الدنيوي بغية تزويد الحاجات المادية،‏ فانهم يُمنحون بدل نفقات متواضعا للمسكن والضرورات الاخرى.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كان هنالك اكثر من ٥٠٠‏,١٤ فاتح خصوصي في مختلف انحاء الارض.‏

وعندما أُرسل الفاتحون الخصوصيون الاولون في السنة ١٩٣٧،‏ قادوا عمل تشغيل تسجيلات خطابات الكتاب المقدس لاصحاب البيوت على عتبات ابوابهم واستعمال التسجيلات كأساس لمناقشات الكتاب المقدس في الزيارات المكررة.‏ وجرى القيام بذلك في المدن الكبيرة حيث توجد جماعات من قبل.‏ وبعد سنين قليلة بدأ توجيه الفاتحين الخصوصيين بصورة خاصة الى المناطق حيث لا توجد جماعات او حيث تكون الجماعات في حاجة ماسة الى المساعدة.‏ ونتيجة لعملهم الفعَّال،‏ تشكَّلت مئات الجماعات الجديدة.‏

وعوضا عن تغطية مقاطعة والانتقال الى اخرى،‏ كانوا يخدمون تكرارا في منطقة معيَّنة،‏ ملاحقين كل اهتمام وعاقدين دروسا في الكتاب المقدس.‏ وكانت الاجتماعات تُرتَّب من اجل الاشخاص المهتمين.‏ وهكذا في ليسوتو،‏ افريقيا الجنوبية،‏ دعا فاتح خصوصي،‏ في اسبوعه الاول في تعيين جديد،‏ كل مَن التقاه ان يأتي ويرى كيف يدير شهود يهوه مدرسة الخدمة الثيوقراطية.‏ وقام هو وعائلته بكامل البرنامج.‏ ثم دعا الجميع الى درس برج المراقبة.‏ وبعد اشباع حب الاستطلاع الاولي،‏ استمر ٣٠ في حضور درس برج المراقبة،‏ وبلغ معدَّل عدد الحضور في المدرسة ٢٠.‏ وفي البلدان التي قام فيها المرسلون المدرَّبون في جلعاد بالكثير لتقدُّم الكرازة بالبشارة،‏ كان يحدث نموّ اسرع احيانا عندما يتأهل شهود من ابناء البلد لخدمة الفتح الخصوصي،‏ لأن هؤلاء غالبا ما يعملون بفعَّالية اكثر بين الناس المحليين.‏

واضافة الى هؤلاء الفعلة الغيورين،‏ هنالك مئات الآلاف غيرهم من شهود يهوه الذين يروِّجون ايضا بنشاط مصالح الملكوت.‏ وهؤلاء يشملون الصغار والكبار،‏ الذكور والاناث،‏ المتزوجين والعزاب.‏ ويخصص الفاتحون القانونيون ٩٠ ساعة كحدّ ادنى شهريا لخدمة الحقل؛‏ والفاتحون الاضافيون ٦٠ ساعة على الاقل.‏ وهم يقرِّرون اين يريدون ان يكرزوا.‏ ويعمل معظمهم مع جماعات مؤسسة؛‏ وينتقل البعض الى مناطق منعزلة.‏ وهم يعتنون بحاجاتهم الجسدية بالقيام بعمل دنيوي،‏ او قد يساعد اعضاء عائلتهم في اعالتهم.‏ وخلال السنة ١٩٩٢،‏ اشترك اكثر من ٥٠٠‏,٩١٤ في خدمة كهذه كفاتحين قانونيين او اضافيين خلال جزء من السنة على الاقل.‏

مدارس بأهداف خصوصية

لتهيئة المتطوعين لانواع معيَّنة من الخدمة،‏ يُزوَّد تعليم مدرسي خصوصي.‏ ومنذ السنة ١٩٤٣،‏ مثلا،‏ درَّبت مدرسة جلعاد آلاف الخدام ذوي الخبرة على العمل الارسالي،‏ وأُرسل المتخرجون الى كل انحاء الارض.‏ وفي السنة ١٩٨٧ باشرت مدرسة تدريب الخدام عملها للمساعدة على سدّ الحاجات الخصوصية،‏ بما فيها الاعتناء بالجماعات والمسؤوليات الاخرى.‏ والترتيب لعقد هذه المدرسة في اماكن مختلفة يقلِّل من سفر التلاميذ الى موقع مركزي ومن الحاجة الى تعلُّم لغة اخرى للاستفادة من التعليم المدرسي.‏ وجميع الذين يُدعَون الى حضور هذه المدرسة هم شيوخ او خدام مساعدون برهنوا انهم حقا يطلبون الملكوت اولا.‏ وكثيرون جعلوا انفسهم متوافرين للخدمة في بلدان اخرى.‏ فروحهم هي كتلك التي للنبي اشعياء،‏ الذي قال:‏ «هأنذا ارسلني.‏» —‏ اشعياء ٦:‏٨‏.‏

ولتحسين فعَّالية اولئك الذين يخدمون كفاتحين قانونيين وخصوصيين باشرت مدرسة خدمة الفتح عملها ابتداء من السنة ١٩٧٧.‏ وحيثما امكن،‏ رُتِّبت المدرسة في كل دائرة حول العالم.‏ ودُعي جميع الفاتحين للاستفادة من هذا المنهج لمدة اسبوعين.‏ وتدريجيا،‏ منذ ذلك الحين،‏ يحصل الفاتحون الذين اتمّوا سنتهم الاولى في الخدمة على التدريب نفسه.‏ وحتى السنة ١٩٩٢،‏ تدرَّب اكثر من ٠٠٠‏,١٠٠ فاتح في هذه المدرسة في الولايات المتحدة وحدها؛‏ واكثر من ٠٠٠‏,١٠ يتدرَّبون كل سنة.‏ وتدرَّب ٠٠٠‏,٥٥ آخرون في اليابان،‏ ٠٠٠‏,٣٨ في المكسيك،‏ ٠٠٠‏,٢٥ في البرازيل،‏ و ٠٠٠‏,٢٥ في ايطاليا.‏ وبالاضافة الى هذا المنهج،‏ يتمتع الفاتحون قانونيا باجتماع خصوصي مع ناظر الدائرة خلال زياراته نصف السنوية لكل جماعة وبجلسة تدريب خصوصية مع ناظر الدائرة وناظر الكورة وقت المحفل الدائري السنوي.‏ وهكذا فان اولئك الذين يؤلفون الجيش الكبير من المنادين بالملكوت الذين يخدمون كفاتحين ليسوا فعلة طوعيين فقط ولكنهم ايضا خدام مدرَّبون جيدا.‏

الخدمة حيث الحاجة اعظم

ان آلافا عديدة من شهود يهوه —‏ البعض منهم فاتحون،‏ والآخرون ليسوا كذلك —‏ جعلوا انفسهم متوافرين للخدمة ليس فقط في مجتمعهم الخاص بل ايضا في مناطق اخرى حيث توجد حاجة ماسة الى منادين بالبشارة.‏ وكل سنة يصرف الآلاف فترة اسابيع او اشهر،‏ حسبما يستطيعون شخصيا ان يرتبوا،‏ في مناطق غالبا ما تكون بعيدة تماما عن بيوتهم ليشهدوا للناس الذين لا يزورهم شهود يهوه قانونيا.‏ وآلاف آخرون تركوا مكان سكنهم وانتقلوا الى مكان آخر لتزويد مثل هذه المساعدة لفترة مطوَّلة.‏ وكثيرون من هؤلاء هم اشخاص متزوجون او عائلات لها اولاد.‏ وانتقالاتهم شملت في الغالب الذهاب مسافة قصيرة نسبيا،‏ لكنَّ البعض قاموا بمثل هذه الانتقالات تكرارا على مر السنين.‏ حتى ان كثيرين من هؤلاء الشهود الغيورين تبنَّوا الخدمة في بلدان اجنبية —‏ البعض لسنين قليلة،‏ وآخرون على اساس دائم.‏ وهم يقومون بأيّ عمل دنيوي مطلوب بغية الاعتناء بحاجاتهم،‏ ويقومون بالانتقالات على نفقتهم الخاصة.‏ فرغبتهم الوحيدة هي الاشتراك كاملا الى الحد الذي تسمح به ظروفهم في نشر رسالة الملكوت.‏

وعندما لا يكون رأس العائلة شاهدا،‏ قد ينقل عائلته بسبب العمل.‏ لكنَّ اعضاء العائلة الشهود قد يعتبرون ذلك فرصة لنشر رسالة الملكوت.‏ وصح ذلك في شاهدين من الولايات المتحدة وجدا انفسهما في مخيم لعمّال البناء في الغابة في سورينام في اواخر سبعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فكانا مرتين في الاسبوع ينهضان باكرا في الساعة ٠٠:‏٤ صباحا،‏ يستقلان باصا لشركة من اجل القيام برحلة غير مريحة لمدة ساعة الى قرية،‏ ويقضيان اليوم في الكرازة.‏ وقبل مضي وقت طويل كانا يديران ٣٠ درسا في الكتاب المقدس كل اسبوع مع اشخاص جياع للحق.‏ واليوم توجد جماعة في ذلك الجزء من الغابة المطيرة الذي لم يجرِ بلوغه من قبل.‏

انتهاز كل فرصة ملائمة للشهادة

طبعا،‏ لا ينتقل جميع شهود يهوه الى بلدان اخرى،‏ او حتى الى بلدات اخرى،‏ لمواصلة خدمتهم.‏ فربما لا تسمح لهم ظروفهم بالخدمة كفاتحين.‏ ومع ذلك،‏ يدركون جيدا نصح الكتاب المقدس بأن يبذلوا «كل اجتهاد» ويكونوا «مكثرين في عمل الرب.‏» (‏٢ بطرس ١:‏​٥-‏٨؛‏ ١ كورنثوس ١٥:‏٥٨‏)‏ وهم يُظهرون انهم يطلبون الملكوت اولا عندما يضعون مصالحه قبل العمل الدنيوي والتسلية.‏ وأولئك الذين تمتلئ قلوبهم تقديرا للملكوت يشتركون قانونيا في خدمة الحقل الى الحد الذي تسمح به ظروفهم،‏ وكثيرون منهم يغيِّرون ظروفهم ليتمكنوا من الاشتراك بشكل اكمل.‏ وينتبهون ايضا باستمرار لانتهاز الفرص الملائمة ليشهدوا للآخرين عن الملكوت.‏

وعلى سبيل المثال،‏ كان جون فورڠالا،‏ الذي يملك محلا للخردوات في ڠواياكيل،‏ إكوادور،‏ يرتِّب عرضا جذابا لمطبوعات الكتاب المقدس في مخزنه.‏ وفيما يجمع مساعده سلع الطلبات،‏ كان جون يشهد للزبون.‏

وفي نَيجيريا،‏ كان شاهد غيور يعيل عائلته بالعمل كمتعهد كهرباء مصمِّما ايضا على الاستفادة جيدا من تعاملاته لتقديم شهادة.‏ وبما انه رب العمل،‏ قرَّر برنامج العمل.‏ فكل صباح،‏ قبل الابتداء بعمل اليوم،‏ كان يجمع زوجته،‏ اولاده،‏ مستخدَميه،‏ ومتعلِّمي الصنعة لديه لمناقشة الآية اليومية من الكتاب المقدس،‏ مع اختبارات من الكتاب السنوي لشهود يهوه.‏ وعند بداية كل سنة كان يعطي زبائنه ايضا نسخة من روزنامة جمعية برج المراقبة مع مجلتين.‏ ونتيجة لذلك صار بعض مستخدَميه وبعض زبائنه يشتركون معه في عبادة يهوه.‏

وهنالك كثيرون من شهود يهوه الذين يشتركون في هذه الروح نفسها.‏ وبصرف النظر عما يفعلونه،‏ فانهم يبحثون باستمرار عن الفرص ليخبروا الآخرين بالبشارة.‏

جيش كبير من المبشرين كامل الوقت السعداء

على مر السنين،‏ لم تخمد غيرة شهود يهوه للكرازة بالبشارة.‏ وعلى الرغم من ان كثيرين من اصحاب البيوت يقولون لهم بحزم انهم غير مهتمين،‏ هنالك اعداد كبيرة شاكرون على مساعدة الشهود لهم على فهم الكتاب المقدس.‏ وتصميم شهود يهوه هو الاستمرار في الكرازة حتى يعطي يهوه نفسه الدليل الواضح على ان هذا العمل قد كمل.‏

وعوضا عن التراخي،‏ كثَّف المعشر العالمي النطاق لشهود يهوه في الواقع نشاط كرازته.‏ ففي السنة ١٩٨٢ اظهر التقرير العالمي السنوي ان ٦٦٢‏,٨٥٦‏,٣٨٤ ساعة خُصِّصت لخدمة الحقل.‏ وبعد عشر سنين (‏في السنة ١٩٩٢)‏ خُصِّصت ٤٣٤‏,٩١٠‏,٠٢٤‏,١ ساعة لهذا العمل.‏ فماذا يفسِّر هذه الزيادة الكبيرة في النشاط؟‏

صحيح ان عدد شهود يهوه قد نما.‏ ولكن ليس بنسبة الزيادة في عدد الساعات.‏ وخلال تلك الفترة،‏ فيما ازداد عدد الشهود ٨٠ في المئة،‏ ارتفع عدد الفاتحين ٢٥٠ في المئة.‏ وكمعدَّل شهري كان ١ من كل ٧ شهود ليهوه حول العالم يخدم في فرع ما من عمل الكرازة كامل الوقت.‏

ومَن كان الذين يشتركون في خدمة الفتح هذه؟‏ على سبيل المثال،‏ في جمهورية كوريا،‏ ان الكثير من الشهود هن ربات بيوت.‏ والمسؤوليات العائلية ربما لا تسمح لهن جميعا بالخدمة كفاتحات على اساس قانوني،‏ لكنَّ عددا كبيرا منهن يستخدمن عطل الشتاء المدرسية الطويلة كفرص لخدمة الفتح الاضافي.‏ ونتيجة لذلك،‏ خدم ٥٣ في المئة من مجموع الشهود في جمهورية كوريا في فرع ما من الخدمة كامل الوقت في كانون الثاني ١٩٩٠.‏

في السنوات الباكرة كانت روح الفتح الغيورة من جهة الشهود الفيليپينيين هي ما مكَّنهم من بلوغ مئات الجزر الآهلة بالسكان في الفيليپين برسالة الملكوت.‏ ومنذ ذلك الحين تَظهر هذه الغيرة اكثر ايضا.‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ كمعدَّل شهري،‏ كان ٢٠٥‏,٢٢ ناشرين يشتركون في خدمة الحقل كفاتحين في الفيليپين.‏ وكان بينهم احداث كثيرون اختاروا ان ‹يذكروا خالقهم› ويستخدموا قوة شبابهم في خدمته.‏ (‏جامعة ١٢:‏١‏)‏ وبعد عقد من الخدمة كفاتح قال احد هؤلاء الاحداث:‏ «تعلَّمت ان اكون صبورا،‏ ان احيا حياة بسيطة،‏ ان اتكل على يهوه،‏ وأن اكون متواضعا.‏ صحيح انني اختبرت ايضا المشقات والتثبط،‏ لكنَّ هذه كلها لا شيء بالمقارنة مع البركات التي يجلبها الفتح.‏»‏

خلال نيسان وايار ١٩٨٩،‏ ابرزت برج المراقبة تشهيرا لبابل العظيمة،‏ التي هي الدين الباطل في اشكاله العديدة في كل العالم.‏ وقد نُشرت المقالات في آن واحد بـ‍ ٣٩ لغة ومُنحت توزيعا كثيفا.‏ وفي اليابان حيث عدد الشهود الذين يخدمون كفاتحين كثيرا ما تجاوز الـ‍ ٤٠ في المئة،‏ انخرطت ذروة جديدة من ٠٥٥‏,٤١ فاتحا اضافيا للمساعدة في العمل خلال نيسان من تلك السنة.‏ وفي مقاطعة أوساكا،‏ مدينة تاكاتْسوكي،‏ جماعة أُوتسوكا،‏ خدم ٧٣ من الـ‍ ٧٧ ناشرا معتمدا في شكل ما من خدمة الفتح في ذلك الشهر.‏ وفي ٨ نيسان،‏ عندما جرى حث جميع الناشرين في اليابان على الاشتراك في توزيع هذه الرسالة الحيوية،‏ رتَّبت مئات الجماعات،‏ كجماعة أُشِيُودا،‏ في مدينة يوكوهاما،‏ للخدمة في الشوارع ومن بيت الى بيت طوال النهار،‏ من الساعة ٠٠:‏٧ صباحا حتى ٠٠:‏٨ مساء،‏ لبلوغ كل شخص ممكن في المنطقة.‏

وكما يصح في كل مكان،‏ يعمل شهود يهوه في المكسيك للاعتناء بحاجاتهم المادية.‏ ومع ذلك،‏ كل شهر خلال السنة ١٩٩٢،‏ كمعدل،‏ فسح ٠٩٥‏,٥٠ من شهود يهوه هناك المجال ايضا في حياتهم لخدمة الفتح لمساعدة الناس الجياع للحق على التعلُّم عن ملكوت اللّٰه.‏ وفي بعض العائلات تعاون الجميع في البيت ليمكِّنوا كامل العائلة،‏ او على الاقل بعضهم،‏ من ان يخدموا كفاتحين.‏ وهم يتمتعون بخدمة مثمرة.‏ وخلال السنة ١٩٩٢،‏ ادار شهود يهوه في المكسيك قانونيا ٠١٧‏,٥٠٢ درسا بيتيا في الكتاب المقدس مع الافراد والعائلات.‏

تقع على عاتق الشيوخ الذين يخدمون حاجات جماعات شهود يهوه مسؤوليات ثقيلة.‏ ومعظم الشيوخ في نَيجيريا هم رجال لديهم عائلات،‏ ويصح ذلك في الشيوخ في اماكن كثيرة اخرى ايضا.‏ ومع ذلك،‏ بالاضافة الى الاستعداد لادارة اجتماعات الجماعة او الاشتراك فيها،‏ وكذلك الرعاية اللازمة لرعية اللّٰه،‏ يخدم بعض هؤلاء الرجال ايضا كفاتحين.‏ وكيف يكون ذلك ممكنا؟‏ ان وضع برنامج دقيق للوقت والتعاون العائلي الجيد هما في الغالب عاملان مهمان.‏

من الواضح ان شهود يهوه في كل العالم اصغوا الى نصح يسوع ان ‹يداوموا على طلب الملكوت اولا.‏› (‏متى ٦:‏٣٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ وما يفعلونه هو تعبير قلبي عن محبتهم ليهوه وتقديرهم لسلطانه.‏ وكالمرنم الملهم داود،‏ يقولون:‏ «ارفعك يا الهي الملك وأبارك اسمك الى الدهر والابد.‏» —‏ مزمور ١٤٥:‏١‏.‏

‏[الحواشي]‏

^ برج المراقبة،‏ ١٥ آب ١٩٠٦،‏ ص ٢٦٧-‏٢٧١ (‏بالانكليزية)‏.‏

^ انظروا برج المراقبة،‏ ١ شباط ١٩٦٧،‏ الصفحات ٩٢-‏٩٥ (‏بالانكليزية)‏.‏

^ انظروا برج المراقبة،‏ ١٥ كانون الاول ١٩٧٣،‏ الصفحات ٧٦٠-‏٧٦٥ (‏بالانكليزية)‏.‏

^ انظروا برج المراقبة،‏ ١ ايلول ١٩٧٢،‏ الصفحات ٥٣٣-‏٥٣٦ (‏بالانكليزية)‏.‏

^ برج المراقبة،‏ ١٥ كانون الاول ١٩٦٣،‏ ص ٧٦٤-‏٧٦٦ (‏بالانكليزية)‏.‏

^ انظروا برج المراقبة،‏ ١ كانون الاول ١٩٦٩،‏ الصفحات ٧٢٩-‏٧٣٢ (‏بالانكليزية)‏؛‏ ١٥ ايلول ١٩٨٨،‏ الصفحة ٣١.‏

^ انظروا برج المراقبة عدد ١٥ كانون الثاني ١٩٨٨،‏ «ناظرا الى الوراء الى ٩٣ سنة من العيش،‏» (‏١ ايار ١٩٨٧،‏ بالانكليزية)‏؛‏ وبالانكليزية:‏ ١ نيسان ١٩٦٤،‏ الصفحات ٢١٢-‏٢١٥؛‏ ١ كانون الاول ١٩٥٦،‏ الصفحات ٧١٢-‏٧١٩؛‏ ١٥ آب ١٩٧٠،‏ الصفحات ٥٠٧-‏٥١٠؛‏ ١ تشرين الاول ١٩٦٠،‏ الصفحات ٦٠١-‏٦٠٥؛‏ ١٥ حزيران ١٩٦٨،‏ الصفحات ٣٧٨-‏٣٨١؛‏ ١ نيسان ١٩٦٨،‏ الصفحات ٢١٧-‏٢٢١؛‏ ١ نيسان ١٩٥٩،‏ الصفحات ٢٢٠-‏٢٢٣.‏

‏[النبذة في الصفحة ٢٩٢]‏

زيادة التشديد على مسؤولية الشهادة

‏[النبذة في الصفحة ٢٩٣]‏

يعتبرون الشهادة من بيت الى بيت امتيازا ثمينا

‏[النبذة في الصفحة ٢٩٤]‏

فهم ماهية الخدمة من كل النفس

‏[النبذة في الصفحة ٢٩٥]‏

ما يعنيه حقا ‹طلب الملكوت اولا›‏

‏[النبذة في الصفحة ٣٠١]‏

الشهود الغيورون يضعون مصالح الملكوت قبل العمل الدنيوي والتسلية

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٢٨٩]‏

‏«اين التسعة؟‏»‏

في ذكرى موت المسيح،‏ في السنة ١٩٢٨،‏ أُعطيت نشرة لكل الحضور بعنوان “Where Are the Nine?” (‏«اين التسعة؟‏»)‏ ومناقشتها للوقا ١٧:‏​١١-‏١٩‏،‏ ع‌ج،‏ اثَّرت عميقا في كلود ڠودمان ودفعته الى الانخراط في العمل كموزع جائل للمطبوعات،‏ او فاتح،‏ والى المثابرة على هذه الخدمة.‏

‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٢٩٦ و ٢٩٧]‏

خدمة البتل

في السنة ١٩٩٢،‏ كان هنالك ٩٧٤‏,١٢ يشتركون في خدمة البتل في ٩٩ بلدا

‏[الصور]‏

الدرس الشخصي ضروري لاعضاء عائلة البتل

اسپانيا

في كل بيوت ايل،‏ يبدأ اليوم بمناقشة لآية من الكتاب المقدس

فنلندا

كما يصح في شهود يهوه في كل مكان،‏ يشترك اعضاء عائلة البتل في خدمة الحقل

سويسرا

كل اثنين مساءً تدرس عائلة البتل «برج المراقبة» معا

ايطاليا

العمل متنوع،‏ ولكنه يُنجَز كله دعما للمناداة بملكوت اللّٰه

فرنسا

پاپوا غينيا الجديدة

الولايات المتحدة

المانيا

الفيليپين

المكسيك

بريطانيا

نَيجيريا

النَّذَرلند

البرازيل

اليابان

جنوب افريقيا

‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٢٩٩]‏

بعض الذين لديهم سجلات طويلة في خدمة البتل

ف.‏ و.‏ فرانز —‏ الولايات المتحدة (‏١٩٢٠-‏١٩٩٢)‏

هاينريتش دْڤينڠر —‏ المانيا (‏نحو ١٥ سنة من ١٩١١-‏١٩٣٣)‏،‏ هنڠاريا (‏١٩٣٣-‏١٩٣٥)‏،‏ تشيكوسلوڤاكيا (‏١٩٣٦-‏١٩٣٩)‏،‏ ثم سويسرا (‏١٩٣٩-‏١٩٨٣)‏

جورج فيليپس —‏ جنوب افريقيا (‏١٩٢٤-‏١٩٦٦،‏ ١٩٧٦-‏١٩٨٢)‏

الاختان في الجسد (‏كاثرين بوڠارد وڠريس ديسيكا)‏ اللتان خصَّصتا ما مجموعه ١٣٦ سنة لخدمة البتل —‏ الولايات المتحدة

‏[الرسم البياني في الصفحة ٣٠٢]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

الفاتحون في ازدياد!‏

الفاتحون

الناشرون

الزيادة في المئة منذ السنة ١٩٨٢

٢٥٠٪‏

٢٠٠٪‏

١٥٠٪‏

١٠٠٪‏

٥٠٪‏

١٩٨٢ ١٩٨٤ ١٩٨٦ ١٩٨٨ ١٩٩٠ ١٩٩٢

‏[الصورة في الصفحة ٢٨٤]‏

سافرت الاخت ارلي عبر جزء كبير من نيوزيلندا على دراجة لتخبر برسالة الملكوت

‏[الصورة في الصفحة ٢٨٥]‏

طوال ٧٦ سنة —‏ كعازبة،‏ متزوجة،‏ ثم ارملة —‏ وقفت ماليندا كيفر نفسها للخدمة كامل الوقت

‏[الصورتان في الصفحة ٢٨٧]‏

سيارات سكن بسيطة كانت تزوِّد المأوى لبعض الفاتحين الاولين وهم ينتقلون من مكان الى آخر

كندا

الهند

‏[الصورة في الصفحة ٢٨٦]‏

فرانك رايس (‏واقف الى اليمين)‏،‏ كْلِم دَيْشان (‏جالس امام فرانك،‏ وزوجة كْلِم،‏ جين،‏ بالقرب منهما)‏،‏ وفريق في جاوا يشمل شهودا رفقاء وأشخاصا مهتمين حديثا

‏[الصورتان في الصفحة ٢٨٩]‏

حياة كلود ڠودمان في الخدمة كامل الوقت قادته الى الخدمة في الهند وسبعة بلدان اخرى

‏[الصورة في الصفحة ٢٨٨]‏

عندما كانت صحة بن بريكل جيدة،‏ تمتع باستعمالها في خدمة يهوه؛‏ والمشاكل الصحية الخطيرة في السنوات اللاحقة لم تجعله يتخلَّى عن العمل

‏[الصورة في الصفحة ٢٩٠]‏

كاتي پالم شهدت في كل انواع المقاطعات،‏ من ابنية المكاتب في مدينة كبيرة الى ابعد مخيم تعدين ومزرعة خراف في تشيلي

‏[الصورة في الصفحة ٢٩١]‏

تصميم مارتن وڠيرتْرُوت پويتسنڠر كليهما معبَّر عنه في الكلمات:‏ ‹هذا الشيء الواحد أفعله —‏ طلب الملكوت اولا›‏

‏[الصورة في الصفحة ٣٠٠]‏

مدرسة خدمة الفتح (‏كما تَظهر هنا في اليابان)‏ زوَّدت تدريبا خصوصيا لعشرات الآلاف من الفعلة الغيورين