الدرس رقم ٩: علم الآثار والسجل الموحى به
دروس في الاسفار المقدسة الموحى بها وخلفيتها
الدرس رقم ٩: علم الآثار والسجل الموحى به
دراسة للاكتشافات الاثرية ولسجلات التاريخ الدنيوي القديمة التي تثبِّت سجل الكتاب المقدس.
١ ماذا يُقصد بـ (أ) علم آثار الكتاب المقدس؟ (ب) المصنوعات الاثرية؟
ان علم آثار الكتاب المقدس هو دراسة شعوب وأحداث ازمنة الكتاب المقدس من خلال كتابات وأدوات وأبنية وغيرها من البقايا الموجودة في الارض. وقد اشتمل البحث عن البقايا القديمة، او المصنوعات الاثرية، في مواقع الكتاب المقدس القديمة على الكثير من الاستكشاف وعلى ازاحة ملايين الاطنان من التراب. والمصنوعة الاثرية هي ايّ شيء ينمّ عن صنع الانسان ويعطي دليلا على نشاط الانسان وحياته. وقد تتضمن المصنوعات الاثرية اشياء مثل الآنية الفخارية، خرائب الأبنية، الألواح الصلصالية، النقوش المكتوبة، الوثائق، الانصاب التذكارية، والتواريخ المسجَّلة على الحجر.
٢ ما قيمة علم آثار الكتاب المقدس؟
٢ بحلول اوائل القرن الـ ٢٠، كان علم الآثار قد تطوَّر فأصبح حقل دراسة دقيقا، ببعثات الى اراضي الكتاب المقدس ترعاها جامعات ومتاحف رئيسية في اوروپا واميركا. ونتيجة لذلك كشف علماء الآثار وفرة من المعلومات التي تلقي ضوءا على ما كانت عليه الامور في ازمنة الكتاب المقدس. وفي بعض الاحيان اثبتت المكتشَفات الاثرية صحة الكتاب المقدس، مظهرة دقته حتى في اصغر التفاصيل.
علم الآثار والاسفار العبرانية
٣ اية خرائب وسجلات قديمة تؤكد وجود الزقورات في بابل القديمة؟
٣ برج بابل. استنادا الى الكتاب المقدس، كان برج بابل عمل بناء ضخما. (تكوين ١١:١-٩) وعلى نحو جدير بالاهتمام، كشف علماء الآثار في خرائب بابل القديمة وحولها مواقع عدة زقورات، او ابراج هياكل شبيهة بالهرم ذات طبقات، بما فيها هيكل ايتِمينانكي الخرِب، الذي كان ضمن اسوار بابل. وغالبا ما تحتوي السجلات القديمة المتعلقة بهياكل كهذه على الكلمات، «رأسه سيبلغ السموات.» ويُنقل عن الملك نبوخذنصَّر قوله، «لقد رفعت قمة البرج ذي الطبقات في ايتِمينانكي حتى طاول رأسه السموات.» وتروي احدى الجُذاذات سقوط زقورة كهذه بالكلمات التالية: «لقد اغضب الآلهةَ بناءُ هذا الهيكل. وفي ليلة هدموا ما كان مبنيا. وبدَّدوهم في كل اتجاه، وجعلوا كلامهم غريبا. لقد اعاقوا التقدم.» a
٤ اية اكتشافات اثرية وُجدت في جيحون، واية علاقة قد تكون لها بسجل الكتاب المقدس؟
٤ الانفاق المائية عند نبع جيحون. سنة ١٨٦٧ في منطقة اورشليم، اكتشف تشارلز وارِن قناة مائية تمتد من نبع جيحون الى التل، بممر رأسي يؤدِّي صعودا الى مدينة داود. وهنا على ما يظهر كانت الطريق التي نفذ منها رجال داود اولا الى المدينة. (٢ صموئيل ٥:٦-١٠) وفي السنوات ١٩٠٩-١٩١١ نُظِّفت كامل شبكة الانفاق الممتدة من نبع جيحون. وثمة نفق ضخم، معدل ارتفاعه ٦ اقدام (٨,١ م)، نُقر مسافة ٧٤٩,١ قدما (٥٣٣ م) عبر الصخر الصلب. لقد امتد من جيحون الى بركة سلوام في وادي تيروپيون (داخل المدينة) وهو على ما يظهر النفق الذي بناه حزقيا. وقد وُجد نقش بالكتابة العبرانية الباكرة على حائط النفق الضيق. وهو يذكر جزئيا: «وهكذا كانت طريقة شقِّه: — بينما [. . .] (كانت) لا تزال [. . .] الفأس (الفؤوس)، كل رجل تجاه رفيقه، وفي حين كانت لا تزال هنالك ثلاث اذرع لشقِّها، [سُمع] صوت رجل ينادي رفيقه، لأنه كان تداخُل في الصخر عن اليمين [وعن اليسار]. وعندما نُقِب النفق، نحت رجال المقلع (الصخر)، كل رجل تجاه رفيقه، الفأس قبالة الفأس؛ فتدفَّق الماء من النبع نحو الخزَّان مسافة ٢٠٠,١ ذراع، وكان ارتفاع الصخر فوق رأس (رؤوس) رجال المقلع ١٠٠ ذراع.» يا لها من براعة هندسية لافتة للنظر بالنسبة الى تلك الازمنة! b — ٢ ملوك ٢٠:٢٠؛ ٢ أخبار الايام ٣٢:٣٠.
٥ اية أدلَّة آثارية موجودة في الكَرْنك على غزو شيشَق وعلى اسماء اماكن في الكتاب المقدس؟
٥ النحت الناتئ لانتصار شيشَق. يُذكر شيشَق، ملك مصر، سبع مرات في الكتاب المقدس. ولأن الملك رحبعام ترك شريعة يهوه، سمح يهوه لشيشَق بأن يغزو يهوذا، في سنة ٩٩٣ قم، لكن دون ان يدمِّرها كاملا. (١ ملوك ١٤:٢٥-٢٨؛ ٢ أخبار الايام ١٢:١-١٢) وحتى السنوات الاخيرة، ظهر ان لا سجل لهذا الغزو سوى سجل الكتاب المقدس. ثم ظهرت وثيقة ضخمة للفرعون الذي يدعوه الكتاب المقدس شيشَق (شيشانق الاول). لقد كانت هذه في شكل نحت ناتئ مهيب بالهيروڠليفية وصور على الحائط الجنوبي لمعبد مصري فسيح في الكَرْنك (طيبة القديمة). وفي هذا النحت الناتئ الهائل يُصوَّر الاله المصري امون الذي يحمل بيده اليمنى سيفا بشكل منجل. وهو يجلب الى الفرعون شيشَق ١٥٦ سجينا فلسطينيا مقيَّدا، مربوطين بحبال بيده اليسرى. ويمثِّل كل سجين مدينة او قرية يظهر اسمها بالهيروڠليفية. وبين الاسماء التي لا يزال من الممكن قراءتها وتحديد هويتها رَبِّيت (يشوع ١٩:٢٠)؛ تَعْنَك، بيت شان، ومجدو (يشوع ١٧:١١)؛ شونم (يشوع ١٩:١٨)؛ رحوب (يشوع ١٩:٢٨)؛ حفارايم (يشوع ١٩:١٩)؛ جبعون (يشوع ١٨:٢٥)؛ بيت حورون (يشوع ٢١:٢٢)؛ ايَّلون (يشوع ٢١:٢٤)؛ سوكوه (يشوع ١٥:٣٥)؛ وعِراد (يشوع ١٢:١٤). وتشير الوثيقة ايضا الى «حقل أبرام،» وهذا هو اقدم ذكر لابراهيم في السجلات المصرية. c
٦، ٧ ما هو تاريخ الحجر الموآبي، وأية معلومات يزوِّدها في ما يتعلق بالحرب بين اسرائيل وموآب؟
٦ الحجر الموآبي. في سنة ١٨٦٨ قام المرسَل الالماني ف. أ. كلاين باكتشاف لافت للنظر لنقش قديم في ديبان (ديبون). وصار هذا معروفا بالحجر الموآبي. وقد صُنعت نسخة لكتابته عن طريق القولبة، لكنَّ الحجر نفسه حطَّمه البدو قبل ان يجري التمكن من نقله. الَّا انه استُعيدت معظم القِطَع، والحجر محفوظ الآن في اللوڤر، باريس، وهنالك نسخة له في المتحف البريطاني، لندن. لقد نُصِب اصلا في ديبون، في موآب، ويقدِّم رواية الملك ميشع عن ثورته ضد اسرائيل. (٢ ملوك ١:١؛ ٣:٤، ٥) وهي تذكر جزئيا: «انا ميشع، ابن كموش-[ . . .]، ملك موآب، الديبوني . . . اما عُمري، ملك اسرائيل، فإنه اذلَّ موآب سنوات (حرفيا، اياما) كثيرة، لأن كموش [اله موآب] كان غضبانا على ارضه. فتبعه ابنه وقال ايضا، ‹سأذلُّ موآب.› في ايامي تكلمَ (هكذا)، لكنني انتصرت عليه وعلى بيته، فيما باد اسرائيل الى الابد! . . . فقال لي كموش، ‹اذهب، خذ نَبو من اسرائيل!› فذهبت ليلا وحاربتها من طلوع الفجر حتى الظهر، وأخذتها وقتلتهم جميعا . . . وأخذت من هناك [آنية] يهوِه، وسحبتها امام كموش.» d لاحظوا ذكر الاسم الالهي في الجملة الاخيرة. ويمكن ان يُرى هذا في صورة الحجر الموآبي المرافقة. وهو في صيغة التتراڠراماتون، في الجهة اليمنى من الوثيقة، في السطر ١٨.
٧ ويذكر الحجر الموآبي ايضا اماكن الكتاب المقدس التالية: عطاروت ونَبو (عدد ٣٢:٣٤، ٣٨)؛ ارنون، عروعير، ميدَبا، وديبون (يشوع ١٣:٩)؛ باموت بعل، بيت بعل مَعون، يَهْصة، وقرْيَتايم (يشوع ١٣:١٧-١٩)؛ باصَر (يشوع ٢٠:٨)، حورونايم (اشعياء ١٥:٥)؛ بيت دَبْلَتايم وقَرْيوت (ارميا ٤٨:٢٢، ٢٤). وهكذا يدعم تاريخية هذه الاماكن.
٨ ماذا يسجِّل الكتاب المقدس في ما يتعلق بسنحاريب، وماذا كشفت حفريات قصره؟
٨ موشور الملك سنحاريب. يسجِّل الكتاب المقدس بتفصيل كبير غزو الاشوريين بقيادة الملك سنحاريب في سنة ٧٣٢ قم. (٢ ملوك ١٨:١٣–١٩:٣٧؛ ٢ أخبار الايام ٣٢:١-٢٢؛ اشعياء ٣٦:١–٣٧:٣٨) وخلال السنوات ١٨٤٧-١٨٥١ كشف عالم الآثار الانكليزي ا. ه. لايَرد خرائب القصر العظيم لسنحاريب في نينوى في مقاطعة اشور القديمة. وتبيَّن ان القصر يحتوي على نحو ٧٠ غرفة، ونحو ٠٠٠,١٠ قدم (اكثر من ٠٠٠,٣ م) من الجدران مكسوة بلوحات منحوتة. وكانت حوليات سنحاريب، او تقارير الاحداث السنوية، تسجَّل على اسطوانات صلصالية، او مواشير. وآخر نسخة من هذه الحوليات، وقد صُنعت على ما يظهر قبيل موته، تَظهَر على ما هو معروف بموشور تايلَر، المحفوظ في المتحف البريطاني، ولكنَّ المعهد الشرقي لجامعة شيكاڠو يملك نسخة احسن ايضا على موشور اكتُشف قرب موقع نينوى القديمة، عاصمة الامبراطورية الاشورية.
٩ ماذا يسجِّل سنحاريب، انسجاما مع رواية الكتاب المقدس، ولكن ماذا يهمل ذكره، ولماذا؟
٩ وفي هذه الحوليات الاخيرة، يقدِّم سنحاريب روايته الخاصة المتَّسمة بالتفاخر لغزوه يهوذا: «اما حزقيا اليهودي، فلم يخضع لنيري، فحاصرتُ ٤٦ من مدنه الحصينة، قلاعه المسوَّرة، وعددا لا يحصى من القرى الصغيرة في جوارها، وفتحتها مستعملا منحدرات (من التراب) مدكوكة جيدا، ومجانق قرِّبت (الى الاسوار) (مجتمعة مع) هجوم المشاة، (مستعملين) الانفاق والثغرات بالاضافة الى حفر السراديب. سقتُ (منهم) ١٥٠,٢٠٠ شخصا، صغارا وكبارا، ذكورا واناثا، وأحصنة وبغالا وحميرا وجمالا، ماشية كبيرة وصغيرة لا حصر لها، واعتبرت (انهم) غنيمة. أمّا هو [حزقيا] نفسه فجعلته سجينا في اورشليم، مقرّه الملكي، كعصفور في قفص. . . . وبلداته التي نهبتها، اقتطعتها من بلاده وسلَّمتها الى ميتينتي، ملك اشدود، وپادي، ملك عقرون، وسيليبيل، ملك غزة. . . . وحزقيا نفسه . . . ارسل اليَّ لاحقا، الى نينوى، عاصمتي العظيمة — بالاضافة الى ٣٠ وزنة من الذهب — ٨٠٠ وزنة من الفضة، وأحجارا كريمة، وإثمدا، وقِطَعا كبيرة من الحجر الاحمر، وأرائك (مطعَّمة) بالعاج، وكراسي نِميدو (مطعَّمة) بالعاج، وجلود فيَلة، وخشب الابنوس، وخشب البَقْس (و) كل انواع الكنوز النفيسة، وبناته وسراريه، وموسيقيّيه ذكورا واناثا. ولكي يسلِّم الجزية ويُظهر الخضوع كعبد ارسل رسوله (الشخصي).» e وبالنسبة الى هذه الجزية التي فرضها سنحاريب على حزقيا، يؤكد الكتاب المقدس الـ ٣٠ وزنة من الذهب لكنه يذكر فقط ٣٠٠ وزنة من الفضة. ويُظهِر ايضا ان ذلك كان قبل ان يهدِّد سنحاريب اورشليم بالحصار. وفي تقرير سنحاريب المحرَّف للتاريخ الاشوري، يُغفِل عمدا ذكر هزيمته الساحقة في يهوذا، حين اهلك ملاك يهوه في ليلة واحدة ٠٠٠,١٨٥ من جنوده، مما اضطره ان يهرب راجعا الى نينوى مثل كلب مجلود. ومع ذلك، يشير هذا السجل المكتوب المتَّسم بالتفاخر على موشور سنحاريب الى غزو هائل ليهوذا قبل ان يصدّ يهوه الاشوريين بعد ان هدَّدوا اورشليم. — ٢ ملوك ١٨:١٤؛ ١٩:٣٥، ٣٦.
١٠، ١١ (أ) ما هي رسائل لخيش، وماذا تعكس؟ (ب) كيف تدعم كتابات ارميا؟
١٠ رسائل لخيش. تُذكر المدينة الحصينة الشهيرة لخيش اكثر من ٢٠ مرة في الكتاب المقدس. وكانت تقع على بعد ٢٧ ميلا (٤٤ كلم) غربي جنوب غربي اورشليم. وقد أُجري في خرائبها تنقيب شامل. وفي سنة ١٩٣٥، وُجدت في احدى غرف الحرس المتصلة بالبوابة المزدوجة ١٨ قطعة فخارية منقوش عليها كتابة (ووُجدت ٣ قطع اضافية في سنة ١٩٣٨). وقد تبيَّن ان هذه هي عدد من الرسائل المكتوبة بأحرف عبرانية قديمة. وتُعرف الآن هذه المجموعة المؤلفة من ٢١ قطعة برسائل لخيش. وكانت لخيش احد آخِر معاقل يهوذا التي صمدت امام نبوخذنصر، وقد حُوِّلت الى كومة من الخرائب المحروقة خلال الفترة من ٦٠٩-٦٠٧ قم. وتعكس الرسائل الحالة الحرجة في تلك الازمنة. والظاهر انها رسائل مكتوبة من ثغور باقية لجيوش يهوذا الى يَؤُش، قائد عسكري في لخيش. وتذكر إحداها (الرابعة) جزئيا: «ليُسمِع ي ه و ه [التتراڠراماتون، «يهوه»] سيدي الآن ايضا اخبارا سارة. . . . اننا نترقَّب اشارات لخيش النارية، وفق كل العلامات التي يعطيها سيدي، لأننا لا نرى عزيقة.» هذا هو تأكيد لافت للنظر لارميا ٣٤:٧، التي تذكر لخيش وعزيقة بصفتهما المدينتين الحصينتين الاخيرتين الباقيتين. وتشير هذه الرسالة كما يبدو الى ان عزيقة كانت قد سقطت. ويَظهر الاسم الالهي، بصيغة التتراڠراماتون، تكرارا في الرسائل، مما يبرهن ان الاسم يهوه كان يُستعمَل يوميا بين اليهود في ذلك الزمان.
١١ وتبدأ رسالة اخرى (الثالثة) كما يلي: «ليجعل ي ه و ه [اي يهوه] سيدي يسمع اخبار سلام! . . . وقد نُقل خبر الى خادمك يقول، ‹ان قائد الجيش، كنياهو بن ألناثان، قد نزل لكي يذهب الى مصر اما هوداياهو بن اخيَّا ورجاله فقد ارسلهم ليحصلوا على [امدادات] منه.›» وكما يَظهر تؤكد هذه الرسالة نزول يهوذا الى مصر طلبا للمعونة، انتهاكا لوصية يهوه مما سبَّب دمارها. (اشعياء ٣١:١؛ ارميا ٤٦:٢٥، ٢٦) والاسمان ألناثان وهوشعيا، اللذان يظهران في النص الكامل لهذه الرسالة، موجودان ايضا في ارميا ٣٦:١٢ وارميا ٤٢:١. وثلاثة اسماء اخرى مذكورة في الرسائل موجودة ايضا في سفر ارميا للكتاب المقدس. وهي جَمَريا، نِيريَّا، ويازنيا. — ارميا ٣٢:١٢؛ ٣٥:٣؛ ٣٦:١٠. f
١٢، ١٣ ماذا تصف «تواريخ نبونيد،» ولماذا هي ذات قيمة خصوصية؟
١٢ «تواريخ نبونيد.» في النصف الثاني من القرن الـ ١٩، أَسفرت الحفريات بالقرب من بغداد عن مكتشَفات كثيرة من ألواح واسطوانات صلصالية ألقت فيضا من النور على تاريخ بابل القديمة. وكان أحد هذه المكتشَفات الوثيقةَ القيِّمة جدا المعروفة بـ «تواريخ نبونيد» الموجودة الآن في المتحف البريطاني. وكان الملك نبونيد البابلي أبا بيلشاصَّر، شريكِه في الحكم. وقد عمَّر اكثر من ابنه الذي قُتل في الليلة التي أَخذت فيها جيوش كورش الفارسي بابل، في ٥ تشرين الاول سنة ٥٣٩ قم. (دانيال ٥:٣٠، ٣١) و «تواريخ نبونيد،» وهي سجلٌ لسقوط بابل مؤرَّخ تأريخًا جيدا لافتًا للنظر، تساعد على إثبات اليوم الذي حصلت فيه هذه الحادثة. وما يلي ترجمةٌ لجزء صغير من «تواريخ نبونيد»: «في شهر تشريتو [تِشري (ايلول-تشرين الاول)]، حين هاجم كورش جيش اكّاد في أُوپس على دجلة . . . في اليوم الـ ١٤، جرى الاستيلاء على سِپار من دون معركة. وهرب نبونيد. في اليوم الـ ١٦ [١١ تشرين الاول سنة ٥٣٩ قم، على التقويم اليوليوسي، او ٥ تشرين الاول، على التقويم الڠريڠوري] دخل ڠوبرياس (أُڠبارو )، والي ڠوتيوم وجيش كورش بابلَ من دون معركة. وفي ما بعد أُلقي القبض على نبونيد في بابل عندما رجع (الى هناك). . . . في شهر أَرَهشَمنو [مَرحِشوان (تشرين الاول-تشرين الثاني)]، في اليوم الثالث [٢٨ تشرين الاول، على التقويم اليوليوسي]، دخل كورش بابل، وفُرشت امامه الاغصان الخضراء — لقد وُطِّدت حالة ‹السلام› (سولمو ) في المدينة. وأرسل كورش تحيات الى كل بابل. وڠوبرياس، واليه، نصَّب ولاة (مساعدين) في بابل.» g
١٣ من الملاحظ ان داريوس المادي ليس مذكورا في هذه التواريخ، وحتى الآن، لم يوجَد ايّ ذكر لداريوس هذا في اية كتابة لا تنتمي الى الكتاب المقدس، ولا هو مذكور في اية وثيقة تاريخية دنيوية قبل زمن يوسيفوس (مؤرخ يهودي من القرن الاول بم). ولذلك اقترح البعض انه قد يكون ڠوبرياس المذكور في الرواية آنفا. وفي حين ان المعلومات المتوفِّرة عن ڠوبرياس يبدو انها توازي تلك المتعلقة بداريوس، فإن مطابقة كهذه لا يمكن اعتبارها جازمة. h وعلى اية حال، يثبت التاريخ الدنيوي على نحو قاطع ان كورش كان شخصية رئيسية في فتح بابل وأنه بعد ذلك حكم هناك ملكا.
١٤ اي شيء هو مسجَّل على اسطوانة كورش؟
١٤ اسطوانة كورش. بعد مدة من ابتداء كورش بالحكم ملكا على الدولة العالمية الفارسية، سُجِّل استيلاؤه على بابل في سنة ٥٣٩ قم على اسطوانة صلصالية. وهذه الوثيقة البارزة محفوظة ايضا في المتحف البريطاني. وما يلي جزءٌ من النص المترجَم: «انا كورش، ملك العالم، الملك العظيم، الملك الشرعي، ملك بابل، ملك سومر وأكّاد، ملك الاطراف الاربعة (للارض)، . . . أَعدت الى [بعض] المدن المقدسة [المذكورة سابقا] على الضفة الاخرى لدجلة، المقادسَ التي كانت خرائب مدة طويلة، والتماثيلَ التي (كانت) تقيم فيها وأسَّستُ لها مقادس دائمة. وجمعت (ايضا) كل سكانها (السابقين) وأعدت (اليهم) مساكنهم.» i
١٥ ماذا تكشف اسطوانة كورش عن كورش، وكيف ينسجم ذلك مع الكتاب المقدس؟
١٥ وهكذا تعرِّف اسطوانة كورش بسياسة الملك لردّ الشعوب الاسرى الى اماكنهم السابقة. وانسجاما مع ذلك، اصدر كورش مرسومه لكي يرجع اليهود الى اورشليم ويعيدوا بناء بيت يهوه هناك. وعلى نحو جدير بالاهتمام، قبل ٢٠٠ سنة، كان يهوه قد ذكر اسم كورش نبويا بأنه الشخص الذي سيأخذ بابل ويسبِّب ردّ شعب يهوه. — اشعياء ٤٤:٢٨؛ ٤٥:١؛ ٢ أخبار الايام ٣٦:٢٣.
علم الآثار والاسفار اليونانية المسيحية
١٦ ماذا كشف علم الآثار في ما يتعلق بالاسفار اليونانية؟
١٦ كما هي الحال مع الاسفار العبرانية، كشف علم الآثار الكثير من المصنوعات الاثرية الجديرة بالاهتمام دعما للسجل الموحى به الموجود في الاسفار اليونانية المسيحية.
١٧ كيف يدعم علم الآثار مناقشة يسوع لمسألة الجزية؟
١٧ دينار عليه نقش طيباريوس. يُظهر الكتاب المقدس بوضوح ان خدمة يسوع حدثت خلال حكم طيباريوس قيصر. وقد حاول بعض مقاومي يسوع ان يوقعوه في شرك بسؤاله عن قضية دفع الجزية لقيصر. يذكر السجل: «فعلم رياءهم وقال لهم لماذا تجرِّبونني. اِيتوني بدينار لأنظره. فأتوا به. فقال لهم لِمَن هذه الصورة والكتابة. فقالوا له لقيصر. فأجاب يسوع وقال لهم أعطوا ما لقيصر لقيصر وما للّٰه للّٰه. فتعجَّبوا منه.» (مرقس ١٢:١٥-١٧) وقد وجد علماء الآثار دينارا فضيا عليه رأس طيباريوس قيصر! وقد وُضع قيد التداول نحو سنة ١٥ بم. ويتوافق ذلك مع فترة حكم طيباريوس امبراطورا، التي بدأت في سنة ١٤ بم، ويؤيِّد بدعم اضافي السجل الذي يذكر ان خدمة يوحنا المعمدان بدأت في السنة الـ ١٥ لطيباريوس، اي في ربيع سنة ٢٩ بم. — لوقا ٣:١، ٢.
١٨ ماذا اكتُشف مما له علاقة ببيلاطس البنطي؟
١٨ نقش بيلاطس البنطي. في سنة ١٩٦١ وُجد اول اكتشاف اثري له علاقة ببيلاطس البنطي. وكان ذلك لوح حجر عُثِر عليه في قيصرية، يحمل باللاتينية اسم بيلاطس البنطي.
١٩ ماذا لا يزال موجودا في اثينا، مما يؤكد مسرح الحادثة في اعمال ١٧:١٦-٣٤؟
١٩ أريوس باغوس. القى بولس احد اشهر خطاباته المسجَّلة في اثينا، اليونان، في سنة ٥٠ بم. (اعمال ١٧:١٦-٣٤) كان ذلك عندما اخذ بعض الاثينويين بولس وذهبوا به الى أريوس باغوس. وأريوس باغوس، او تلة آريز (تلة مارس)، هو اسم تلة جرداء صخرية، يبلغ ارتفاعها نحو ٣٧٠ قدما (١١٣ م)، وتقع مباشرة شمالي غربي أَكروپول اثينا. والدرجات المحفورة في الصخر تؤدي الى القمة، حيث لا يزال ممكنا رؤية مقاعد غير مستوية السطح منحوتة من الصخر، تشكِّل ثلاثةَ أضلاع مربَّعٍ. ولا يزال أريوس باغوس موجودا، مما يؤكد مسرح خطاب بولس التاريخي المسجَّل في الكتاب المقدس.
٢٠ اية شهادة لا يزال يؤدِّيها قوس تيطس، وكيف؟
٢٠ قوس تيطس. دمَّر الرومان بقيادة تيطس اورشليم وهيكلها في سنة ٧٠ بم. وفي السنة التالية، في روما، احتفل تيطس بانتصاره، مع ابيه، الامبراطور ڤسپازيان. فسُيِّر سبع مئة سجين يهودي مختار في موكب النصر. وعُرضت ايضا كميات كبيرة من غنائم الحرب، بما فيها كنوز الهيكل. وتيطس نفسه صار امبراطورا، شاغلا هذا المنصب من سنة ٧٩ الى سنة ٨١ بم، وبعد موته أُكمل نصب تذكاري كبير، قوس تيطس، وخصِّص «لتيطس المؤلَّه» (divo Tito). ويصوَّر موكب نصره بنحت طفيف النتوء، منحوت على كلا جانبي الممرّ عبر القوس. على احد الجانبين يُصوَّر الجنود الرومان ماسكين رماحا لا رأس لها ومتوَّجين بأكاليل غار، حاملين الامتعة المقدسة من هيكل اورشليم. وتشتمل هذه على المنارة ذات الشُعَب السبع ومائدة خبز الوجوه، التي تُرى الابواق المقدسة موضوعة عليها. والنحت الناتئ في الجانب الآخر من الممرّ يُظهِر تيطس الظافر واقفا في مركبة تجرّها اربعة احصنة وتقودها امرأة تمثِّل مدينة روما. j وكل سنة يشاهد آلاف المتفرِّجين قوس نصر تيطس هذا الذي لا يزال قائما في روما شهادة صامتة على اتمام نبوة يسوع والتنفيذ الرهيب لدينونة يهوه في اورشليم المتمردة. — متى ٢٣:٣٧–٢٤:٢؛ لوقا ١٩:٤٣، ٤٤؛ ٢١:٢٠-٢٤.
٢١ (أ) بأية طريقة تضافر علم الآثار مع اكتشاف المخطوطات؟ (ب) اي موقف من اللائق امتلاكه في ما يتعلق بعلم الآثار؟
٢١ وكما ساعد اكتشاف المخطوطات القديمة على ردّ النص النقي الاصلي للكتاب المقدس، كذلك غالبا ما اثبت اكتشاف العدد الوافر من المصنوعات الاثرية ان الامور المذكورة في الكتاب المقدس موثوق بها من الناحية التاريخيَّة، الجغرافيَّة، ومن حيث الترتيب الزمني، حتى في ادقّ التفاصيل. ولكن من الخطإ الاستنتاج ان علم الآثار يتَّفق مع الكتاب المقدس في كل حالة. ويجب التذكّر ان علم الآثار ليس حقل دراسة لا يخطئ. ومكتشَفات علم الآثار هي عرضة للتفاسير البشرية، وبعض هذه التفاسير قد تغيَّر من وقت الى آخر. وفي بعض الاحيان زوَّد علم الآثار دعما لصدق كلمة اللّٰه لا ضرورة له. واضافة الى ذلك، كما ذكر السّير فريدريك كنيون الراحل، مدير المتحف البريطاني والقيِّم الرئيسي على مكتبته لعدة سنوات، لقد جعل علم الآثار الكتاب المقدس «مفهوما اكثر من خلال معرفة اوفى لخلفيته ومسرح احداثه.» k ولكنَّ الايمان يجب ان يعتمد على الكتاب المقدس، وليس على علم الآثار. — رومية ١٠:٩؛ عبرانيين ١١:٦.
٢٢ اية أَدلَّة سيُنظَر فيها في الدرس التالي؟
٢٢ يتضمَّن الكتاب المقدس أَدلَّة لا تقبل الجدال على انه حقا «كلمة اللّٰه الحي الباقي» الصحيحة، كما سنرى في الدرس التالي. — ١ بطرس ١:٢٣، عج.
[الحواشي]
a الكتاب المقدس والمجرفة، ١٩٣٨، س. ل. كايدْجر، الصفحة ٢٩.
b نصوص الشرق الادنى القديمة، ١٩٧٤، ج. ب. پريتشارد، الصفحة ٣٢١؛ بصيرة في الاسفار المقدسة، بالانكليزية، المجلد ١، الصفحات ٩٤١-٩٤٢، ١١٠٤.
c ضوء من الماضي القديم، ١٩٥٩، ج. فينيغان، الصفحتان ٩١، ١٢٦.
d نصوص الشرق الادنى القديمة، الصفحة ٣٢٠.
e نصوص الشرق الادنى القديمة، الصفحة ٢٨٨.
f بصيرة في الاسفار المقدسة، بالانكليزية، المجلد ١، الصفحتان ١٥١-١٥٢؛ ضوء من الماضي القديم، الصفحات ١٩٢-١٩٥.
g نصوص الشرق الادنى القديمة، الصفحة ٣٠٦.
h بصيرة في الاسفار المقدسة، بالانكليزية، المجلد ١، الصفحات ٥٨١-٥٨٣.
i نصوص الشرق الادنى القديمة، الصفحة ٣١٦.
j ضوء من الماضي القديم، الصفحة ٣٢٩.
k الكتاب المقدس وعلم الآثار، ١٩٤٠، الصفحة ٢٧٩.
[اسئلة الدرس]
[الصورتان في الصفحة ٣٣٣]
الحجر الموآبي
تكبير للتتراڠراماتون، الذي يَظهر بكتابة قديمة، في السطر الـ ١٨، الى اليمين
[الصورة في الصفحة ٣٣٤]
موشور الملك سنحاريب
[الصورة في الصفحة ٣٣٥]
تواريخ نبونيد
[الصورة في الصفحة ٣٣٦]
دينار عليه نقش طيباريوس
[الصورة في الصفحة ٣٣٧]
قوس تيطس
[مصدر الصور في الصفحة ٣٣٧]
:for Study 9 listed by page Picture Credits
;page 333, Musée du Louvre, Paris
;page 334, Courtesy of the Oriental Institute, University of Chicago
;page 335, Courtesy of the Trustees of The British Museum
page 336, Courtesy of the Trustees of The British Museum.