نقل الدم — الى ايّ حد هو آمن؟
نقل الدم — الى ايّ حد هو آمن؟
قبل الخضوع لأيّ اجراء طبي خطير يتعلَّم الشخص المفكر الفوائد المحتمَلة والمخاطر. فماذا عن نقل الدم؟ انه الآن اداة رئيسية في الطب. وقد يكون لاطباء كثيرين مهتمين على نحو اصيل بمرضاهم القليل من التردُّد في اعطاء الدم. لقد دُعي عطية الحياة.
تبرَّع الملايين بالدم او قبلوه. وخلال ١٩٨٦-١٩٨٧ كان لكندا ٣,١ مليون متبرع من عدد سكان يبلغ ٢٥ مليونا. «[في] احدث سنة تتوافر عنها الارقام، جرى استعمال ما بين ١٢ مليون و ١٤ مليون وحدة دم في نقل الدم في الولايات المتحدة وحدها.» — The New York Times، ١٨ شباط ١٩٩٠.
«تمتَّع الدم دائما بصفة ‹سحرية،›» تلاحظ الدكتورة لُويز ج. كيتنڠ. «وطوال سنواته الـ ٤٦ الاولى، شعر الاطباء والعامة على السواء بأن مخزون الدم آمن اكثر مما كان في الواقع.» (Cleveland Clinic Journal of Medicine، ايار ١٩٨٩) فماذا كان الوضع آنذاك، وما هو الآن؟
حتى قبل ٣٠ سنة جرى نصح اخصّائيي الامراض pathologists وموظفي بنوك الدم: «الدم هو ديناميت! يمكن ان ينجز مقدارا جزيلا من الفائدة او مقدارا جزيلا من الاذى. ونسبة الوفيات من نقل الدم تعادل تلك التي من التخدير بالإيتر او استئصال الزائدة. ويقال ان هنالك تقريبا وفاة واحدة من ٠٠٠,١ الى ٠٠٠,٣ او ربما ٠٠٠,٥ نقل دم. وفي منطقة لندن أُخبر ان هنالك وفاة واحدة لكل ٠٠٠,١٣ قنينة دم تُنقل.» — New York State Journal of Medicine، ١٥ كانون الثاني ١٩٦٠.
فهل أُزيلت الاخطار منذ ذلك الحين بحيث صار نقل الدم آمنا الآن؟ بصراحة يكابد مئات الآلاف كل سنة ردود فعل معاكسة للدم، ويموت كثيرون. ونظرا الى التعليقات المذكورة آنفا، فإن ما يمكن ان يخطر ببالكم هو امراض محمولة بالدم. وقبل فحص هذا الجانب، تأملوا في بعض المخاطر المعروفة اقل.
الدم ومناعتكم
في وقت باكر من القرن الـ ٢٠ عمَّق العلماء فهم الانسان للتعقيد الرائع للدم. وتعلَّموا ان هنالك زُمر دم مختلفة. ومطابَقة matching دم المتبرع ودم المريض هي امر حرِج في نقل الدم. فاذا نال احد زمرةُ دمه A زمرةَ B، يمكن ان يكابد ردّ فعل انحلاليا hemolytic وخيما. ويمكن ان يدمِّر ذلك الكثير من كريَّاته الحُمر ويقتله بسرعة. واذ صار الآن تصنيف الدم الى زُمر واختبار مطابَقته cross matching روتينا، فإن الاخطاء تحدث. وكل سنة يموت اناس بسبب ردود الفعل الانحلالية.
تُظهر الوقائع ان قضية عدم الملاءمة تتجاوز كثيرا زُمر الدم القليلة نسبيا التي تسعى المستشفيات الى مطابقتها. ولماذا؟ في مقالته «نقل الدم: الاستعمالات، اساءات الاستعمال، والمجازفات،» يكتب الدكتور دوڠلاس ه. پوزي، الاصغر: «قبل حوالي ٣٠ سنة وصف سَمْسن Sampson نقل الدم بأنه اجراء خطِر نسبيا . . . [ومنذ ذلك الحين] جرى تحديد هوية ما لا يقلّ عن ٤٠٠ مولِّد ضد antigen اضافي للكريَّات الحُمر ووصْف خصائصها. وما من شك في ان العدد سيستمر في الارتفاع لان غشاء الكريَّة الحمراء هائل التعقيد.» — Journal of the National Medical Association، تموز ١٩٨٩.
يدرس العلماء الآن تأثير الدم المنقول في جهاز الجسم الدفاعي او المناعي. فماذا يمكن ان يعني ذلك لكم او لقريب يحتاج الى عملية جراحية؟
عندما يزرع الاطباء قلبا، كبدا، او عضوا آخر، يمكن لجهاز النائل المناعي ان يحس بالنسيج الغريب ويرفضه. ولكنّ نقل الدم هو زرع نسيج. وحتى الدم الذي اختُبرت «على نحو مناسب» مطابَقته يمكن ان يثبِّط الجهاز المناعي. وفي مؤتمر لاخصّائيي الامراض ثبت ان مئات المقالات الطبية «ربطت نقل الدم بالاستجابات المناعية.» — «القضية تستفحل ضد نقل الدم،» Medical World News، ١١ كانون الاول ١٩٨٩.
ان المهمة الرئيسية لجهازكم المناعي هي اكتشاف الخلايا الخبيثة (السرطانية) وتدميرها. فهل يمكن ان تؤدي المناعة المثبَّطة الى السرطان والموت؟ لاحظوا تقريرين.
قدَّمت مجلة السرطان Cancer (١٥ شباط ١٩٨٧) نتائج دراسة جرت في النَّذَرلند: «في مرضى سرطان القولون colon شوهد تأثير معاكس مهم لنقل الدم في النجاة الطويلة الامد. ففي ذلك الفريق كانت هنالك نجاة اجمالية تبلغ ٥ سنوات اضافية لِـ ٤٨ ٪ من المرضى الذين نُقل اليهم دم و ٧٤ ٪ من الذين لم يُنقل اليهم دم.» والاطباء في جامعة كاليفورنيا الجنوبية تتبَّعوا مئة مريض اجروا عملية جراحية سرطانية. «كانت نسبة الانتكاس لكل سرطانات الحنجرة ١٤ ٪ للذين لم ينالوا دما و ٦٥ ٪ للذين نالوه. وبالنسبة الى سرطان تجويف الفم، البلعوم، والانف او الجيب sinus، كانت نسبة الانتكاس ٣١ ٪ دون نقل دم و ٧١ ٪ مع نقل دم.» — Rhinology & Laryngology ,Annals of Otology، آذار ١٩٨٩.
Journal of Surgery The American، ايلول ١٩٨٦.
وماذا تقترح دراسات كهاتين بخصوص نقل الدم؟ في مقالته «نقل الدم والجراحة للسرطان،» استنتج الدكتور جون س. سپرات: «قد يلزم جرّاح السرطان ان يصير جراحا بلا دم.» —والمهمة الرئيسية الاخرى لجهازكم المناعي هي الدفاع في وجه الخمج infection. لذلك من المفهوم ان تُظهر بعض الدراسات ان المرضى الذين ينالون دما هم اكثر تعرضا للخمج. والدكتور پ. إ. تَرتِر قام بدراسة للجراحة المتعلِّقة بالقولون والمستقيم. ومن المرضى الذين نُقل اليهم دم طوَّر ٢٥ في المئة اخماجا، بالمقارنة مع ٤ في المئة من اولئك الذين لم يُنقل اليهم ايّ دم. يخبر: «اقترن نقل الدم بمضاعفات خمجية عندما جرى قبل الجراحة، خلالها، او بعدها . . . وخطر الخمج بعد الجراحة ازداد باطِّراد مع عدد وحدات الدم المعطاة.» (The British Journal of Surgery، آب ١٩٨٨) والذين حضروا اجتماع الجمعية الاميركية لبنوك الدم في السنة ١٩٨٩ علموا هذا: في حين طوَّر اخماجا ٢٣ في المئة من الذين نالوا دم المتبرع خلال جراحة استبدال الورك، فإن الذين لم يُعطَوا دما لم يصابوا بأيّ خمج على الاطلاق.
كتب الدكتور جون أ. كولنز بخصوص هذا التأثير لنقل الدم: «ان ذلك مثير للسخرية فعلا اذا كانت ‹المعالجة،› التي لها دليل زهيد جدا على انجاز شيء ذي شأن، سيوجد في ما بعد انها تزيد شدة احدى المشاكل الرئيسية التي يواجهها مثل هؤلاء المرضى.» — World Journal of Surgery، شباط ١٩٨٧.
خالٍ من المرض ام محفوف بالخطر؟
ان المرض المحمول بالدم يقلق الاطباء ذوي الضمير الحي ومرضى كثيرين. ايّ مرض؟ بصراحة، لا يمكنكم تحديد ذلك بمجرد مرض واحد؛ فهنالك الكثير حقا.
بعد مناقشة الامراض المعروفة اكثر يعالج تقنيات نقل الدم of Blood Transfusion Techniques (١٩٨٢) «امراضا خمجية اخرى مقترنة بنقل الدم،» مثل السفلس، خمج الڤيروس المضخِّم للخلايا cytomegalovirus، والملاريا. ثم يقول: «أُخبِرَ ايضا ان امراضا عديدة اخرى تنتقل بواسطة نقل الدم، بما فيها اخماج ڤيروس الحلاء herpes، كثرة أُحاديات النواة mononucleosis الخمجية (ڤيروس إپشتاين-بار Epstein-Barr)، داء المقوَّسات toxoplasmosis، داء المِثقَبيَّات trypanosomiasis [مرض النوم الافريقي ومرض شاغاس Chagas]، داء اللِّيشْمانيا leishmaniasis، داء البروسليات brucellosis [الحمى المالطية]، التيفوس، داء الخيْطيات filariasis، الحصبة، داء السلمونيات salmonellosis، وحُمَّى قُراد الكولورادو Colorado tick fever.»
وفي الواقع، ان قائمة امراض كهذه تكبر. ولعلكم قرأتم عناوين مثل «مرض لايْم Lyme من نقل الدم؟ انه غير مرجَّح، ولكنّ الخبراء حذرون.» والى ايّ حد يكون آمنا الدم من شخص نتيجةُ فحصه ايجابية لمرض لايْم؟ سُئلت هيئة مستشارين من الرسميين الصحيين ان كانت تقبل دما كهذا. «جميعهم اجابوا لا، مع ان احدا لم يوصِ بنبذ الدم من متبرعين كهؤلاء.» فكيف يجب ان تشعر العامة بشأن الدم المودع في بنك الذي لا يقبله الخبراء انفسهم؟ — The New York Times، ١٨ تموز ١٩٨٩.
والسبب الثاني للقلق هو ان الدم المجمَّع في احد البلدان حيث يكثر مرض معيَّن قد يُستعمل بعيدا جدا، حيث لا يكون العامة ولا الاطباء متنبهين للخطر. وبالزيادة الحاضرة في السفر، بما في ذلك اللاجئون والمهاجرون، يكبر الخطر لامكانية وجود مرض غريب في مُنتَج دموي.
واضافة الى ذلك حذَّر اختصاصي في الامراض الخمجية infectious: «قد يلزم نخل screen مخزون الدم لمنع انتقال اضطرابات عديدة لم تكن تعتبر سابقا خمجية، بما فيها ابيضاض الدم Leukemia، الورم اللمفي lymphoma، والخَرَف dementia [او مرض الزهيمر Alzheimer].» — Transfusion Medicine Reviews، كانون الثاني ١٩٨٩.
واذ يُقشعَر من هذه المخاطر، خلقت غيرها خوفا اوسع بكثير.
جائحة الايدز
«غيَّر الايدز الى الابد طريقة تفكير الاطباء والمرضى في الدم. وذلك ليس بالفكرة السيئة، قال الاطباء المجتمعون في المعاهد القومية للصحة لمؤتمر عن نقل الدم.» — Washington Post، ٥ تموز ١٩٨٨.
لقد نبَّهت جائحة الايدز (متلازمة العوز المناعي المكتسب acquired immunodeficiency syndrome) الناس بشدة الى خطر اكتساب الامراض الخمجية infectious من الدم. وملايين هم مصابون الآن. وهو ينتشر بلا ضابط. ونسبة الموت هي اجمالا ١٠٠ في المئة.
يسبِّب الايدز ڤيروس العوز المناعي البشري (HIV) immunodeficiency virus human الذي يمكن ان ينتشر بواسطة الدم. ووبأ الايدز العصري ظهر في السنة ١٩٨١. وفي السنة التالية نفسها علم خبراء الصحة انه من المحتمل ان ينتقل الڤيروس في منتجات الدم. ويُعترف الآن بأن صناعة الدم كانت بطيئة في الاستجابة، حتى بعدما توافرت الفحوص لتحديد الدم المحتوي على الاجسام المضادة antibodies الخاصة بالـ HIV. وأخيرا بدأ فحص دم المتبرع في السنة ١٩٨٥، * ولكن حتى آنذاك لم يطبَّق على منتجات الدم التي كانت موجودة على الرف.
وبعد ذلك جرى التأكيد للعامة، ‹ان مخزون الدم آمن الآن.› ولكن في وقت لاحق كُشف ان هنالك «فترة ثغرة» للايدز خطِرة. فبعد ان يصاب الشخص قد تمر اشهر قبلما يُنتج اجساما مضادة يمكن اكتشافها. واذ يكون غير مدرك انه يؤوي الڤيروس، فقد يتبرع بدم تكون نتيجة فحصه سلبية. لقد حدث ذلك. وقد طوَّر الناس الايدز بعدما نُقل اليهم دم كهذا!
صارت الصورة قاتمة اكثر ايضا. ومجلة الطب لانكلترا الجديدة The New England Journal of Medicine (١ حزيران ١٩٨٩) اخبرت عن «اخماج بـ HIV صامتة.» فقد ثبت ان الناس يمكن ان يحملوا ڤيروس الايدز طوال سنوات دون ان يُكتشف بالفحوص غير المباشرة الشائعة. وقد يرغب البعض في تقليل هذه بوصفها حالات نادرة، ولكنها تبرهن «ان خطر انتقال الايدز بواسطة الدم ومكوِّناته لا يمكن حذفه كليا.» (Patient Care، ٣٠ تشرين الثاني ١٩٨٩) والاستنتاج المزعج هو: ان الفحص السلبي لا يمكن ان يعني شهادة بعدم وجود امراض معدية. وكم سيُصابون بعدُ بالايدز من الدم؟
القدم التالية؟ ام الاقدام التالية؟
سمع كثيرون من سكان الشقق وقع قدم واحدة تضرب الارض فوقهم؛ وبعدئذ ربما توترت اعصابهم منتظرين الثانية. وفي مأزق الدم لا احد يعرف عدد الاقدام المميتة التي قد تضرب بعدُ.
سُمي ڤيروس الايدز HIV، ولكنّ بعض الخبراء الآن يدعونه ڤيروس العوز المناعي البشري الاول 1-HIV. ولماذا؟ لانهم وجدوا ڤيروسا آخر من نوع الايدز (ڤيروس العوز المناعي البشري الثاني 2-HIV). ويمكن ان يسبِّب اعراض الايدز وهو واسع الانتشار في بعض المناطق. واضافة الى ذلك، «لا يُكتشف على الدوام بفحوص الايدز المستعملة الآن هنا،» تخبر ذا نيويورك تايمز The New York Times. (٢٧ حزيران ١٩٨٩) «الاكتشافات الجديدة . . . تجعل من الصعب اكثر على بنوك الدم ان تتأكد ان تبرعا ما هو آمن.»
او ماذا عن القرائب البعيدة لڤيروس الايدز؟ قالت لجنة رئاسية (للولايات المتحدة الاميركية) ان مثل هذا الڤيروس «يُعتقد انه سبب الابيضاض التائيّ الخلايا/الورم اللمفي في البالغين lymphoma/cell leukemia-adult T والمرض الشديد للجهاز العصبي.» وهذا الڤيروس هو الآن في دم المتبرعين ويمكن ان ينتشر في الدم. وللناس الحق في التساؤل، ‹الى ايّ حد فعال هو نخل screening بنوك الدم لمثل هذه الڤيروسات الاخرى؟›
حقا، ان الوقت وحده سيخبر كم ڤيروسا محمولا بالدم يكمن في مخزون الدم. «قد يكون المجهول سببا للقلق اعظم من المعروف،» يكتب الدكتور هَرولد ت. مريمان. «والڤيروسات السارية transmissible التي تقاس فترات حضانتها incubation بعدة سنوات سيكون من الصعب ان تُقرَن بنقل الدم وسيكون اصعب ايضا ان تُكتشف. ومجموعة HTLV انما هي فقط اولى تلك التي ظهرت.» (Transfusion Medicine Reviews، تموز ١٩٨٩) «وكأن وبأ الايدز لم يكن مصدر شقاء كفاية، . . . فإن عددا من مخاطر نقل الدم المقترحة او الموصوفة حديثا قد لفت الانتباه خلال ثمانينات الـ ١٩٠٠. انه لا يتطلَّب خيالا واسعا التكهُّن بأن امراضا ڤيروسية خطيرة اخرى موجودة وأنها تنتقل بواسطة نقل دم مماثِل homologous.» — Alternative Strategies Limiting Homologous :Exposure، ١٩٨٩.
ان عددا كبيرا من «الاقدام» قد ضرب الى الآن حتى ان مراكز مكافحة الامراض توصي بـ «احتياطات شاملة.» اي، ‹يجب على كل العاملين في العناية الصحية ان يفترضوا ان كل المرضى مصابون بـ HIV وبالمُمْرِضات pathogens الاخرى المحمولة بالدم.› ولسبب وجيه يعيد العاملون في العناية الصحية وأعضاء العامة تقييم نظرتهم الى الدم.
[الحاشية]
^ الفقرة 27 لا يسعنا الافتراض ان كل الدم يُفحص الآن. مثلا، يجري الاخبار ان نحو ٨٠ في المئة من بنوك الدم للبرازيل عند مستهل السنة ١٩٨٩ لم تكن تحت مراقبة الحكومة، ولم تكن تَفحص لاجل الايدز.
[الاطار في الصفحة ٨]
«ان نقلا واحدا تقريبا من ١٠٠ نقل للدم ترافقه الحمَّى، القشعريرة، او الشَّرَى urticaria. . . . وحوالي واحد من ٠٠٠,٦ نقل للكريَّات الحُمر يسفر عن ردّ فعل انحلالي للنقل. وهذا ردُّ فعل مناعي وخيم يمكن ان يحدث على نحو حاد او بطريقة متأخرة بعد عدة ايام من النقل؛ وقد يسفر عن قصور [كُلْويّ] حاد، صدمة، تخثُّر داخل الاوعية، وحتى الموت.» — مؤتمر المعاهد القومية للصحة (NIH)، ١٩٨٨.
[الاطار في الصفحة ٩]
العالم الدنماركي نيلس يرن Jerne اشترك في جائزة نوبل للطب لسنة ١٩٨٤. وعندما سُئل لماذا رفض نقل دم قال: «ان دم الشخص هو كبصماته — لا يوجد نوعان من الدم متشابهان تماما.»
[الاطار في الصفحة ١٠]
الدم، الاكباد المتلَفة، و . . .
«المثير للسخرية هو ان الايدز المحمول بالدم . . . لم يكن قط تهديدا عظيما كالامراض الاخرى — التهاب الكبد hepatitis، مثلا،» اوضحت واشنطن پوست Washington Post.
نعم، لقد مرضت اعداد غفيرة مرضا شديدا وماتت من التهاب الكبد هذا الذي لا معالجة محدَّدة له. واستنادا الى اخبار الولايات المتحدة وأنباء العالم U.S. News & World Report (١ ايار ١٩٨٩)، ان نحو ٥ في المئة من الذين يُعطَون دما في الولايات المتحدة يصابون بالتهاب الكبد — ٠٠٠,١٧٥ شخص في السنة. ونحو نصفهم يصيرون حَمَلة مزمنين، ويطوِّر على الاقل ١ من ٥ التشمُّع cirrhosis او سرطان الكبد. ويقدَّر ان ٠٠٠,٤ يموتون. تصوَّروا العناوين الرئيسية التي تقرأونها اذا تحطمت نفاثة جمبو، قاتلة كل الذين على متنها. ولكنّ ٠٠٠,٤ وفاة تعادل تحطم نفاثة جمبو ملآنة كل شهر!
عرف الاطباء طويلا ان التهاب كبد أخفّ (النوع A) ينتشر بواسطة الطعام او الماء غير النظيفين. ثم رأوا ان شكلا اخطر ينتشر بواسطة الدم، ولم تكن عندهم اية طريقة لنخل screen الدم لاجله. وأخيرا تعلَّم العلماء اللامعون كيفية اكتشاف «آثار» هذا الڤيروس (النوع B). وفي اوائل سبعينات الـ ١٩٠٠ كان الدم يُنخل في بعض البلدان. وظهر ان مخزون الدم آمن والمستقبل للدم ساطع! ام هل كان كذلك؟
قبل ان يمضي وقت طويل اتضح ان آلاف الذين أُعطوا دما جرى نخله لا يزالون يطوِّرون التهاب الكبد. وعلم كثيرون، بعد سقم منهِك، ان اكبادهم تلفت. ولكن اذا كان الدم قد فُحص فلماذا يحدث ذلك؟ لقد احتوى الدم على شكل آخر دُعي التهاب الكبد اللا A واللا non-B hepatitis )NANB( B، non-A. وطوال عقد انزل البلاء بنقل الدم — بين ٨ و ١٧ في المئة من الذين نُقل اليهم دم في اسرائيل، ايطاليا، اليابان، اسپانيا، السويد، والولايات المتحدة أُصيبوا به.
ثم ظهرت عناوين رئيسية مثل «ڤيروس التهاب الكبد اللا A واللا B الغامض عُزل اخيرا»؛ «وضع حدّ لحمّى في الدم.» ومرة ثانية كانت الرسالة ‹وُجد العامل المتملِّص!› وبعدئذ، في نيسان ١٩٨٩، جرى اخبار العامة ان ثمة فحصا متوافرا لـ NANB، الذي صار يُدعى الآن التهاب الكبد C.
قد تتساءلون ما اذا كان ذلك الارتياح سابقا لاوانه. وفي الواقع، اخبر الباحثون الايطاليون عن ڤيروس آخر لالتهاب الكبد، طافر mutant، يمكن ان يكون مسؤولا عن ثُلث الحالات. «بعض المراجع،» لاحظت رسالة الصحة لكلية هارڤرد الطبية Harvard Medical School Health Letter (تشرين الثاني ١٩٨٩)، «يُقلقها ان A، B، C، و D ليست كل الحروف الابجدية لڤيروسات التهاب الكبد؛ لكن يمكن ان يظهر للعيان غيرها.» وذكرت ذا نيويورك تايمز (١٣ شباط ١٩٩٠): «يرتاب الخبراء بقوة في امكان تسبيب ڤيروسات اخرى التهاب الكبد؛ واذا اكتُشفت فستسمَّى التهاب الكبد E وهلم جرا.»
وهل تُواجَه بنوك الدم بالمزيد من الابحاث الطويلة للفحوص بغية جعل الدم آمنا؟ اذ اشار الى مشكلة الكلفة، صرَّح مدير للصليب الاحمر الاميركي بهذا التعليق المزعج: «لا يمكننا ان نستمر في اضافة فحص تلو الفحص لاجل كل عامل خامج قد ينتشر.» — Medical World News، ٨ ايار ١٩٨٩.
وحتى الفحص لاجل التهاب الكبد B غير معصوم من الخطإ؛ وكثيرون لا يزالون يلتقطونه من الدم. واضافة الى ذلك، هل سيقتنع الناس بالفحص المعلَن لاجل التهاب الكبد C؟ اظهرت مجلة الجمعية الطبية الاميركية The Journal of the American Medical Association (٥ كانون الثاني ١٩٩٠) ان سنة يمكن ان تمر قبل ان يكون ممكنا للفحص ان يكتشف الاجسام المضادة للمرض. وفي هذه الاثناء يمكن ان يواجه الناس الذين يُنقل اليهم الدم الاكباد المتلَفة — والموت.
[الاطار/الصورة في الصفحة ١١]
يوضح مرض شاغاس كيف يحمل الدم المرض الى اناس بعيدين. تخبر «ذا مديكال پوست» «The Medical Post» (١٦ كانون الثاني ١٩٩٠) ان ‹١٠-١٢ مليون نسمة في اميركا اللاتينية مصابون على نحو مزمِن.› وقد دُعي «من اهم مجازفات نقل الدم في اميركا الجنوبية.» و «البقة الفتاكة» تلدغ الضحية النائم في الوجه، تمتص الدم، وتتغوَّط في الجُرح. وقد يحمل الضحية مرض شاغاس لسنوات (وفي هذه الاثناء ربما يتبرع بالدم) قبل ان يطوِّر مضاعفات قلبية مميتة.
ولماذا يجب ان يُقلق ذلك الناس في القارات البعيدة؟ في «ذا نيويورك تايمز» (٢٣ ايار ١٩٨٩) اخبر الدكتور ل. ك. أَلتمَن عن مرضى بمرض شاغاس بعد الجراحة، احدهم مات. كتب أَلتمَن: «ربما مرَّت حالات اضافية دون ان تُكتشف لان [الاطباء هنا] لا يألفون مرض شاغاس، ولا يدركون انه يمكن ان ينتشر بنقل الدم.» نعم، يمكن ان يكون الدم عربة تسافر بها الامراض بعيدا.
[الاطار في الصفحة ١٢]
كتب الدكتور نود لوند-اولِسِن Olesen-Knud Lund: «بما ان . . . بعض الاشخاص في الفرق المعرَّضة كثيرا للخطر يتطوَّعون كمتبرعين لانهم يُفحصون آنذاك آليا لاجل الايدز، اشعر انه يوجد سبب للاحجام عن قبول نقل الدم. لقد رفض شهود يهوه ذلك لسنوات كثيرة. فهل كانوا يتصفَّحون المستقبل؟» — for Læger« »Ugeskrift (اسبوعية الاطباء)، ٢٦ ايلول ١٩٨٨.
[الصورة في الصفحة ٩]
نجا البابا من اطلاق النار عليه. وبعد مغادرة المستشفى أُعيد اليه لمدة شهرين «مكابدا الكثير.» ولماذا؟ خمج بڤيروس مضخِّم للخلايا cytomegalovirus بامكانية قاتلة من الدم الذي ناله
[مصدر الصورة]
UPI/Bettmann Newsphotos
[الصورة في الصفحة ١٢]
ڤيروس الايدز
[مصدر الصورة]
CDC, Atlanta, Ga.