الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

أب وبنوه المتمرِّدون

أب وبنوه المتمرِّدون

الفصل الثاني

أب وبنوه المتمرِّدون

اشعياء ١:‏​٢-‏٩

١،‏ ٢ اوضحوا كيف صار عند يهوه بنون متمرِّدون.‏

كان معيلا سخيا لأولاده،‏ كما يفعل ايّ اب محب.‏ وقد حرص طوال سنوات على تأمين الغذاء واللباس والمسكن لهم.‏ وقام بتأديبهم عندما دعت الحاجة.‏ لكنه لم يبالغ قط في قصاصهم،‏ بل كان تأديبه دائما «الى الحد الملائم».‏ (‏ارميا ٣٠:‏١١‏،‏ ع‌ج‏)‏ ولا يسعنا إلا ان نتخيَّل الالم الكبير الذي شعر به هذا الاب المحب وهو يتفوَّه بهذه الكلمات:‏ ‏«ربَّيت بنين ونشَّأتهم.‏ أما هم فعصوا عليَّ».‏ —‏ اشعياء ١:‏٢ ب.‏

٢ البنون المتمرِّدون المشار اليهم هنا هم شعب يهوذا،‏ والاب المتألم هو يهوه اللّٰه.‏ وكم هذا مفجع!‏ فقد اعال يهوه سكان يهوذا ورفَّعهم الى مركز مرموق بين الامم.‏ يذكِّرهم لاحقا بواسطة النبي حزقيال:‏ «ألبستُكِ مطرَّزة ونعلتُكِ بالتُّخَس وأزَّرتُكِ بالكتان وكسوتُكِ بَزًّا».‏ (‏حزقيال ١٦:‏١٠‏)‏ لكنَّ معظم شعب يهوذا لا يملكون التقدير لما فعله يهوه من اجلهم،‏ بل يتمردون،‏ او يعصون،‏ عليه.‏

٣ لماذا يُشهِد يهوه السموات والارض على عصيان يهوذا؟‏

٣ ولسبب وجيه يستهل يهوه هذه الكلمات عن بنيه المتمرِّدين بهذا القول:‏ ‏«اسمعي ايتها السموات وأصغي ايتها الارض لأن الرب يتكلم».‏ ‏(‏اشعياء ١:‏٢ أ‏)‏ فقبل قرون سمعت السموات والارض،‏ اذا جاز التعبير،‏ الاسرائيليين يتلقون تحذيرات واضحة من عواقب تمرُّدهم.‏ قال موسى:‏ «أُشهِد عليكم اليوم السماء والارض انكم تبيدون سريعا عن الارض التي انتم عابرون الاردن اليها لتمتلكوها».‏ (‏تثنية ٤:‏٢٦‏)‏ وفي ايام اشعيا،‏ يُشهِد يهوه السموات غير المنظورة والارض المنظورة على عصيان يهوذا.‏

٤ بماذا يشبِّه يهوه نفسه بالنسبة الى يهوذا؟‏

٤ تستدعي خطورة الوضع مواجهة صريحة.‏ ولكن حتى في هذا الظرف الملحّ،‏ من الملاحظ —‏ والمفرح ايضا —‏ ان يهوه لا يقول ان يهوذا مُلك له وإنه اشتراهم،‏ بل يشبِّه نفسه بأب محب لهم.‏ وفي الواقع،‏ يطلب يهوه من شعبه ان يتأملوا في المسألة من وجهة نظر اب يتألم بسبب بنيه العصاة.‏ وربما هذا ما يحصل شخصيا مع بعض الوالدين في يهوذا،‏ مما يجعلهم يتأثرون بهذا التشبيه.‏ على اية حال،‏ يوشك يهوه ان يبيِّن وقائع دعواه ضد يهوذا.‏

الحيوانات العجماء تعرف افضل

٥ بالتباين مع اسرائيل،‏ بأية طريقة يعرب الثور والحمار عن نوع من الأمانة؟‏

٥ يقول يهوه بواسطة اشعيا:‏ ‏«الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه.‏ أما اسرائيل فلا يعرف.‏ شعبي لا يفهم ‏[‏‏«لا يتصرف بفهم»،‏ ع‌ج‏]».‏ (‏اشعياء ١:‏٣‏)‏ * الثور والحمار حيوانان يُستخدمان لجرّ الاثقال،‏ وهما معروفان عند سكان الشرق الاوسط.‏ ولم يكن سكان يهوذا لينكروا طبعا انه حتى هذان الحيوانان الوضيعان يعربان عن نوع من الامانة.‏ فهما يعرفان جيدا ان سيدا يملكهما.‏ وفي هذا الخصوص،‏ تأملوا في ما شاهده باحث في الكتاب المقدس في احدى مدن الشرق الاوسط في آخِر النهار:‏ «ما إن دخل القطيع اسوار المدينة حتى بدأ يتفرَّق.‏ كان كل ثور يعرف صاحبه تماما،‏ ويعرف ايضا الطريق الى بيته،‏ ولم يَضِل سبيله لحظة واحدة في متاهات الطرق الضيقة والمتعرجة.‏ أما الحمار فقد سار مباشرة الى الباب،‏ ومنه الى ‹مذود سيده›».‏

٦ كيف تصرَّف شعب يهوذا بعدم فهم؟‏

٦ بما ان مشاهد كهذه شائعة دون شك في ايام اشعيا،‏ فالفكرة من رسالة يهوه واضحة:‏ حتى الحيوان الاعجم يعرف سيده ومعلفه،‏ فأيّ عذر يعطيه شعب يهوذا ليتركوا يهوه؟‏ لقد ‹تصرَّفوا فعلا بعدم فهم› وكأنهم لا يدركون ان ازدهارهم ووجودهم يعتمد على يهوه.‏ واستمرار يهوه في دعوة سكان يهوذا «شعبي» دليل واضح على مدى رحمته.‏

٧ ما هي بعض الطرائق التي نُظهر بها اننا نقدِّر تدابير يهوه؟‏

٧ لذلك يحسن بنا ألا نتصرَّف ابدا بعدم فهم بعدم إظهار التقدير لكل ما فعله يهوه من اجلنا!‏ بل ينبغي ان نتمثَّل بالمرنِّم الملهم داود الذي قال:‏ «احمد الرب بكل قلبي.‏ احدِّث بجميع عجائبك».‏ (‏مزمور ٩:‏١‏)‏ والاستمرار في اخذ المعرفة عن يهوه سيشجعنا في هذا المجال،‏ لأن الكتاب المقدس يقول ان «معرفة القدوس فهم».‏ (‏امثال ٩:‏١٠‏)‏ والتأمل يوميا في بركات يهوه سيساعدنا ان نكون شاكرين ولا نستهين بأبينا السماوي.‏ (‏كولوسي ٣:‏١٥‏)‏ يقول يهوه:‏ ‏«ذابح الحمد يمجدني والمقوِّم طريقه أُريه خلاص اللّٰه».‏ —‏ مزمور ٥٠:‏٢٣ .‏

إهانة فظيعة ‹لقدوس اسرائيل›‏

٨ لماذا يمكن القول عن شعب يهوذا انهم «الامة الخاطئة»؟‏

٨ يتابع اشعيا رسالته بالتفوُّه بهذه الكلمات القوية ضد امة يهوذا:‏ ‏«ويل للامة الخاطئة الشعب الثقيل الاثم نسل فاعلي الشر اولادِ مفسِدين.‏ تركوا الرب استهانوا بقدوس اسرائيل ارتدوا الى وراء».‏ ‏(‏اشعياء ١:‏٤‏)‏ يمكن ان تتفاقم الافعال الشريرة حتى تصير كثقل ساحق.‏ وفي ايام ابراهيم وصف يهوه خطايا سدوم وعمورة بالقول انها «ثقُلت جدا».‏ (‏تكوين ١٨:‏٢٠‏،‏ ي‌ج‏)‏ وثمة شيء مماثل ظاهر الآن بين شعب يهوذا،‏ لأن اشعيا يقول ان الشعب «ثقيل الاثم».‏ وهو يدعوهم ايضا «نسل فاعلي الشر اولاد مفسدين».‏ نعم،‏ فسكان يهوذا هم كأولاد جانحين.‏ وقد «ارتدوا الى وراء»،‏ او كما تنقلها الترجمة القانونية المنقَّحة ‏(‏بالانكليزية)‏،‏ «ابتعدوا كليا» عن ابيهم.‏

٩ ما هو مغزى عبارة «قدوس اسرائيل»؟‏

٩ يُظهر شعب يهوذا بعصيانهم انهم يستهينون جدا «بقدوس اسرائيل».‏ فماذا تعني هذه العبارة التي تَظهر ٢٥ مرة في سفر اشعياء؟‏ القدوس هو الطاهر والنقي.‏ ويهوه هو اقدس القدوسين.‏ (‏كشف ٤:‏٨‏)‏ ويتذكر الاسرائيليون هذا الامر كلما رأوا الكلمتَين المنقوشتَين على الصفيحة الذهبية التي كانت توضع على عمامة رئيس الكهنة:‏ «القداسة ليهوه».‏ (‏خروج ٣٩:‏٣٠‏،‏ ع‌ج‏)‏ وهكذا عندما يشير اشعيا الى يهوه بعبارة «قدوس اسرائيل»،‏ يشدِّد على مدى فداحة خطية يهوذا.‏ فهؤلاء المتمرِّدون ينتهكون بشكل مباشر الوصية التي أُعطيت لآبائهم:‏ «تتقدسون وتكونون قديسين لأني انا قدوس».‏ —‏ لاويين ١١:‏٤٤ .‏

١٠ كيف يمكن ان نتجنب الاستهانة «بقدوس اسرائيل»؟‏

١٠ يجب ان يبذل المسيحيون اليوم كل ما في وسعهم لكي لا يفعلوا مثلما فعلت يهوذا عندما استهانت «بقدوس اسرائيل».‏ ويجب ان يتمثَّلوا بقداسة يهوه.‏ (‏١ بطرس ١:‏​١٥،‏ ١٦‏)‏ ويلزم ان ‹يبغضوا الشر›.‏ (‏مزمور ٩٧:‏١٠‏)‏ فيمكن لممارسات نجسة كالفساد الادبي الجنسي،‏ الصنمية،‏ السرقة،‏ والسكر ان تفسد الجماعة المسيحية.‏ لهذا السبب يُفصل من الجماعة المسيحية مَن يرفض التوقف عن فعل هذه الامور.‏ وفي النهاية،‏ فإن جميع الذين يسلكون دون توبة في طريق نجس سيُحرمون من التمتع ببركات حكومة ملكوت اللّٰه.‏ نعم،‏ كل هذه الاعمال الشريرة هي إهانة فظيعة ‹لقدوس اسرائيل›.‏ —‏ روما ١:‏​٢٦،‏ ٢٧؛‏ ١ كورنثوس ٥:‏​٦-‏١١؛‏ ٦:‏​٩،‏ ١٠ .‏

مريض من القدم الى الرأس

١١،‏ ١٢ (‏أ)‏ صفوا حالة يهوذا السيئة.‏ (‏ب)‏ لماذا يجب ألا نأسف على حالة يهوذا؟‏

١١ ثم يحاول اشعيا ان يحاجّ شعب يهوذا بالاشارة الى حال مرضهم.‏ يقول:‏ ‏«على مَ تُضربون بعد.‏ تزدادون زيغانا».‏ ان اشعيا يسألهم في الواقع:‏ ‹ألم يكفِكم ما عانيتموه حتى الآن؟‏ لماذا تزيدون على انفسكم الضربات باستمراركم في التمرُّد؟‏›.‏ ويتابع اشعيا:‏ ‏«كل الرأس مريض وكل القلب سقيم.‏ من اسفل القدم الى الرأس ليس فيه صحة».‏ ‏(‏اشعياء ١:‏​٥،‏ ٦ أ‏)‏ لقد صارت يهوذا مريضة بشكل يثير الاشمئزاز،‏ مريضة روحيا من الرأس الى القدم.‏ ويا له من تشخيص مريع!‏

١٢ هل ينبغي ان نأسف على حالة يهوذا؟‏ طبعا لا!‏ فقبل قرون حُذِّرت امة اسرائيل بكاملها من مغبَّة العصيان.‏ ومن الامور التي قيلت لها:‏ «يضربكَ الرب بقرح خبيث على الركبتين وعلى الساقين حتى لا تستطيع الشفاء من اسفل قدمك الى قمة رأسك».‏ (‏تثنية ٢٨:‏٣٥‏)‏ وبمعنى مجازي،‏ تعاني يهوذا نفس هذه العواقب الناجمة عن عنادها.‏ وكان من الممكن تجنُّب كل ذلك لو اطاع شعب يهوذا يهوه.‏

١٣،‏ ١٤ (‏أ)‏ اية اصابات حلَّت بيهوذا؟‏ (‏ب)‏ هل كانت آلام يهوذا حافزا لها على اعادة النظر في مسلكها المتمرِّد؟‏

١٣ يتابع اشعيا وصفه لحالة يهوذا المزرية:‏ ‏«جرح وأحباط وضربة طرية لم تُعصر ولم تُعصب ولم تُليَّن بالزيت».‏ ‏(‏اشعياء ١:‏٦ ب‏)‏ يشير النبي هنا الى ثلاثة انواع من الاصابات:‏ الجرح (‏الذي ينتج من ضربة سيف او سكين)‏،‏ الأحباط (‏تورُّمات ناجمة عن الضرب)‏،‏ والضربة الطرية (‏قرح جديد مفتوح يبدو غير قابل للشفاء)‏.‏ ينقل هذا الوصف صورة رجل عوقب بأشد الوسائل التي يتخيَّلها العقل بحيث لم يبقَ في جسمه مكان سليم.‏ لقد كانت يهوذا فعلا في حالة ميؤوس منها.‏

١٤ وهل تؤثر حالة يهوذا البائسة فيها وترجع الى يهوه؟‏ كلا!‏ فيهوذا تشبه المتمرِّد الموصوف في الامثال ٢٩:‏١‏:‏ «الكثير التوبُّخ المقسِّي عنقه بغتة يُكسَّر ولا شفاء».‏ فيبدو انه لا دواء لهذه الامة.‏ وبكلمات اشعيا،‏ جروحها «لم تُعصر ولم تُعصب ولم تُليَّن بالزيت».‏ * فيهوذا تشبه الى حد ما تقرُّحا مفتوحا وغير مضمَّد يتفشى بكل الجسم.‏

١٥ بأية طرائق يمكن ان نحمي انفسنا من المرض الروحي؟‏

١٥ ويجب علينا ان نتعلم درسا من يهوذا ونحترز من المرض الروحي.‏ فيمكنه ان يؤثر في ايّ واحد منا كما يؤثر المرض الجسدي.‏ ومَن منا لا يتأثر بالرغبات الجسدية؟‏!‏ فقد يتأصل في قلوبنا الجشع والرغبة في المتعة الزائدة.‏ لذلك يلزم ان ندرِّب انفسنا على ان ‹نمقت ما هو شر› و ‹نلتصق بما هو صالح›.‏ (‏روما ١٢:‏٩‏)‏ ويلزم ايضا ان ننمي ثمر روح اللّٰه في كل يوم من حياتنا.‏ (‏غلاطية ٥:‏​٢٢،‏ ٢٣‏)‏ وهذا ما سيمكِّننا من تجنب الحالة التي انتشرت في يهوذا:‏ المرض الروحي من الرأس الى القدم.‏

ارض خربة

١٦ (‏أ)‏ كيف يصف اشعيا حالة الارض في يهوذا؟‏ (‏ب)‏ لماذا يقول البعض ان هذه الكلمات قيلت على الارجح خلال حكم آحاز،‏ ولكن كيف يمكن ان نفهمها؟‏

١٦ ينتقل اشعيا الآن من التشبيه الطبي الى وصف حالة الارض في يهوذا.‏ وكما لو انه يحدِّق في سهل دارت فيه رحى معركة،‏ يقول:‏ ‏«بلادكم خربة.‏ مدنكم محرقة بالنار.‏ ارضكم تأكلها غرباء قدامكم وهي خربة كانقلاب الغرباء».‏ ‏(‏اشعياء ١:‏٧‏)‏ يقول بعض العلماء ان هذه الكلمات،‏ مع انها موجودة في بداية سفر اشعياء،‏ ذُكرت في وقت متأخر من خدمة النبي،‏ ربما خلال حكم الملك الشرير آحاز.‏ فهم يؤكدون ان حكم عُزِّيَّا كان مزدهرا جدا بحيث لا يوجد مبرِّر ليُذكر هذا الوصف القاتم.‏ صحيح انه لا يمكن الجزم بما اذا ألّف اشعيا سفره بالترتيب الزمني،‏ لكنَّ كلماته عن الخراب نبوية على الارجح.‏ فمن المحتمل جدا ان اشعيا،‏ عند تفوُّهه بالكلمات المذكورة اعلاه،‏ يستخدم اسلوبا مستعملا في اماكن اخرى من الكتاب المقدس —‏ اسلوبا يعتمد على وصف حادث مستقبلي كما لو انه حدث،‏ وبهذه الطريقة يشدَّد على ان النبوة ستتمّ بالتأكيد.‏ —‏ قارنوا كشف ١١:‏١٥ .‏

١٧ لماذا لا ينبغي ان يفاجأ شعب يهوذا بالوصف النبوي للخراب؟‏

١٧ على اية حال،‏ لا يجب ان يفاجأ هذا الشعب العنيد والمتمرِّد بهذا الوصف النبوي عن خراب يهوذا.‏ فقبل قرون حذَّرهم يهوه من مغبَّة تمرُّدهم.‏ قال:‏ «أوحش الارض فيستوحش منها اعداؤكم الساكنون فيها.‏ وأذرِّيكم بين الامم وأجرِّد وراءكم السيف فتصير ارضكم موحشة ومدنكم تصير خربة».‏ —‏ لاويين ٢٦:‏​٣٢،‏ ٣٣؛‏ ١ ملوك ٩:‏​٦-‏٨ .‏

١٨-‏٢٠ متى تمَّت كلمات اشعياء ١:‏​٧،‏ ٨‏،‏ وبأيّ معنى ‹أبقى يهوه بقية صغيرة› في ذلك الوقت؟‏

١٨ تتم الكلمات في اشعياء ١:‏​٧،‏ ٨ كما يَظهر خلال الغزوات الاشورية التي تؤدي الى دمار اسرائيل وإلى دمار واسع ومعاناة في يهوذا.‏ (‏٢ ملوك ١٧:‏​٥،‏ ١٨؛‏ ١٨:‏​١١،‏ ١٣؛‏ ٢ أخبار الايام ٢٩:‏​٨،‏ ٩‏)‏ لكنَّ يهوذا لا تُمحى كليا من الوجود.‏ يقول اشعيا:‏ ‏«فبقيت ابنة صهيون كمظلة في كرم كخيمة في مقثأة كمدينة محاصرة».‏ —‏ اشعياء ١:‏٨ ‏.‏

١٩ وسط كل الخراب،‏ ستبقى «ابنة صهيون»،‏ اورشليم،‏ قائمة.‏ ولكنها ستبدو ضعيفة جدا،‏ مثل سقيفة في كرم او كوخ حارس في حقل قثاء.‏ وأثناء قيام احد العلماء برحلة على طول نهر النيل في القرن الـ‍ ١٩،‏ تذكَّر كلمات اشعيا عندما رأى سقائف مماثلة وصفها بأنها «اشبه بسياج واقف في وجه الريح الشمالية».‏ وفي يهوذا،‏ عند نهاية الحصاد،‏ كانت هذه المظلات تُترك لتتداعى وتسقط.‏ ولكن مع ان اورشليم ربما تبدو ضعيفة امام الجيش الاشوري الغازي،‏ فهي ستنجو.‏

٢٠ يختم اشعيا هذا الكلام النبوي بالقول:‏ ‏«لولا ان رب الجنود ابقى لنا بقية صغيرة لَصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة».‏ ‏(‏اشعياء ١:‏٩‏)‏ * فيهوه سيساعد يهوذا اخيرا ويجابه جبروت اشور.‏ وبخلاف سدوم وعمورة،‏ لن تُمحى يهوذا من الوجود،‏ بل ستبقى قائمة.‏

٢١ بعدما دمرت بابل اورشليم،‏ لماذا ‹أبقى يهوه بقية صغيرة›؟‏

٢١ بعد اكثر من ١٠٠ سنة،‏ تعرَّضت يهوذا مرة اخرى لخطر الاجتياح.‏ ولم يكن الشعب قد تعلّم من التأديب الموجَّه من خلال اشور.‏ «فكانوا يهزأون برسل اللّٰه ورذلوا كلامه وتهاونوا بأنبيائه».‏ وبسبب ذلك «ثار غضب الرب على شعبه حتى لم يكن شفاء».‏ (‏٢ أخبار الايام ٣٦:‏١٦‏)‏ فقد اجتاح الحاكم البابلي نبوخذنصر يهوذا،‏ وهذه المرة لم يبقَ شيء «كمظلة في كرم».‏ حتى اورشليم دُمِّرت.‏ (‏٢ أخبار الايام ٣٦:‏​١٧-‏٢١‏)‏ ومع ذلك،‏ ‹أبقى يهوه بقية صغيرة›.‏ فرغم ان يهوذا بقيت مسبية ٧٠ سنة،‏ حرص يهوه على ان تستمر الامة عموما والسلالة الداودية خصوصا،‏ التي منها يأتي المسيَّا الموعود به.‏

٢٢،‏ ٢٣ لماذا ‹أبقى يهوه بقية صغيرة› في القرن الاول؟‏

٢٢ وفي القرن الاول،‏ عانت اسرائيل آخر ازمة لها كشعب في عهد مع اللّٰه.‏ فعندما عرَّف يسوع بنفسه على انه المسيَّا الموعود به،‏ رفضته الامة،‏ فرفضهم يهوه.‏ (‏متى ٢١:‏٤٣؛‏ ٢٣:‏​٣٧-‏٣٩؛‏ يوحنا ١:‏١١‏)‏ وهل كانت هذه آخر مرة يتعامل فيها يهوه مع امة خاصة على الارض؟‏ كلا.‏ فقد اظهر الرسول بولس ان اشعياء ١:‏٩ لها اتمام آخر ايضا.‏ كتب مقتبسا من الترجمة السبعينية:‏ «كما كان اشعيا قد قال سابقا:‏ ‹لو لم يترك لنا يهوه الجنود نسلا،‏ لَصرنا مثل سدوم وجُعلنا مثل عمورة›».‏ —‏ روما ٩:‏٢٩ .‏

٢٣ والناجون هذه المرة كانوا المسيحيين الممسوحين الذين آمنوا بيسوع المسيح.‏ كان هؤلاء في البداية يهودا مؤمنين.‏ وانضم اليهم لاحقا مؤمنون من الامم.‏ وشكّلوا معا اسرائيل جديدة،‏ «اسرائيل اللّٰه».‏ (‏غلاطية ٦:‏١٦؛‏ روما ٢:‏٢٩‏)‏ وهذا ‹النسل› نجا من دمار نظام الاشياء اليهودي سنة ٧٠ ب‌م.‏ ولا يزال «اسرائيل اللّٰه» معنا اليوم.‏ وقد انضم اليه ملايين المؤمنين من الامم،‏ وهم يؤلفون ‹جمعا كثيرا لم يستطع احد ان يعدَّه،‏ من كل الامم والقبائل والشعوب والألسنة›.‏ —‏ كشف ٧:‏٩ .‏

٢٤ لأيّ شيء ينبغي ان ينتبه الجميع اذا ارادوا النجاة من اعظم ازمة ستحلّ بالجنس البشري؟‏

٢٤ سيواجه العالم قريبا معركة هرمجدون.‏ (‏كشف ١٦:‏​١٤،‏ ١٦‏)‏ ومع ان هذه المعركة ستسبِّب ازمة اعظم من الغزو الاشوري او البابلي ليهوذا،‏ وأعظم ايضا من التخريب الروماني لليهودية سنة ٧٠ ب‌م،‏ فسيبقى ناجون.‏ (‏كشف ٧:‏١٤‏)‏ فكم هو مهم ان يتأمل الجميع بإمعان في كلمات اشعيا ليهوذا!‏ فبسببها نجا المؤمنون آنذاك.‏ ويمكن ان ينجو بسببها المؤمنون في هذه الايام.‏

‏[الحواشي]‏

^ ‎الفقرة 5‏ في هذه القرينة،‏ تشير «اسرائيل» الى مملكة يهوذا ذات السبطين.‏

^ ‎الفقرة 14‏ تعكس كلمات اشعيا ممارسة طبية شائعة في ايامه.‏ يذكر الباحث في الكتاب المقدس ا.‏ ه‍.‏ پلامتر:‏ «كان الجرح المتقيِّح ‹يُختم› او ‹يُعصر› اولا للتخلص من القيح؛‏ وبعد ذلك،‏ كما في حالة حزقيا (‏في الاصحاح ٣٨ والعدد ٢١‏)‏،‏ كان ‹يُعصب› باستعمال كِمادة؛‏ وكان يُستعمل ايضا زيت او مرهم مليِّن،‏ او زيت وخمر كما هو مذكور في لوقا ١٠:‏٣٤ لتطهير القرحة».‏

^ ‎الفقرة 20‏ يذكر التعليق على العهد القديم ‏(‏بالانكليزية)‏،‏ بقلم ك.‏ ف.‏ كايل و ف.‏ ديليتش:‏ «يبلغ كلام النبي نقطة توقف هنا.‏ وما يشهد على تقسيمه عند هذه النقطة الى جزءين منفصلين هو وجود فسحة بين العددين ٩ و ١٠ في النص.‏ وهذه الطريقة المعتمدة لفصل الاجزاء الاكبر او الاصغر،‏ سواء بترك فُسَح او بعدم اكمال السطر،‏ هي اقدم من طريقة علامات التشكيل والنبر،‏ وتقوم على تقليد قديم جدا».‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٠]‏

بخلاف سدوم وعمورة،‏ لن تبقى يهوذا منطقة غير مأهولة الى الابد