الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

الفردوس يُسترد!‏

الفردوس يُسترد!‏

الفصل الثامن والعشرون

الفردوس يُسترد!‏

اشعياء ٣٥:‏​١-‏١٠

١ لماذا تعرب اديان كثيرة عن رجاء بالحياة في فردوس؟‏

‏«ان التوق الى الفردوس هو بين مشاعر الحنين القوية التي تراود الكائنات البشرية باستمرار.‏ وقد يكون الاقوى والاطول امدا بينها كلها.‏ فهنالك رغبة شديدة في الفردوس تظهر في كل مستوى من الحياة الدينية».‏ هذا ما تقوله دائرة معارف الدين ‏(‏بالانكليزية)‏.‏ لكنَّ هذا التوق طبيعي،‏ لأن الكتاب المقدس يخبرنا بأن الحياة البشرية بدأت في فردوس:‏ جنة جميلة خالية من المرض والموت.‏ (‏تكوين ٢:‏​٨-‏١٥‏)‏ وليس مدهشا ان اديانا كثيرة في العالم تعرب عن رجاء بحياة مستقبلية في فردوس،‏ بصرف النظر عن طبيعة هذا الفردوس.‏

٢ اين يمكن ان نجد رجاء الفردوس المستقبلي الحقيقي؟‏

٢ نقرأ في اجزاء كثيرة من الكتاب المقدس عن رجاء الفردوس المستقبلي الحقيقي.‏ (‏اشعياء ٥١:‏٣‏)‏ مثلا،‏ يصف الاصحاح ٣٥ من نبوة اشعيا تحوُّل البرية الى حدائق غنّاء وحقول مثمرة.‏ وهناك،‏ الاعمى يبصر والاخرس ينطق والاصم يسمع.‏ وفي هذا الفردوس الموعود به،‏ لا يوجد حزن ولا تنهُّد،‏ مما يدل ضمنا على ان الموت ايضا لن يكون له وجود.‏ فما اروع هذا الوعد!‏ ولكن كيف ينبغي ان تُفهم هذه الكلمات؟‏ هل تحمل رجاء لنا اليوم؟‏ ان التأمل في هذا الاصحاح من سفر اشعياء سيجيب عن هذين السؤالين.‏

ارض مقفرة تبتهج

٣ حسب نبوة اشعيا،‏ ايّ تحوُّل ستشهده الارض؟‏

٣ تبدأ نبوة اشعيا المتعلقة بفردوس مسترد بهذه الكلمات:‏ ‏«تفرح البرية والارض اليابسة ويبتهج القفر ويزهر كالنرجس.‏ يزهر ازهارا ويبتهج ابتهاجا ويرنّم.‏ يُدفع اليه مجد لبنان.‏ بهاء كرمل وشارون.‏ هم يرون مجد الرب بهاء الهنا».‏ —‏ اشعياء ٣٥:‏​١،‏ ٢‏.‏

٤ متى وكيف تصبح ارض اليهود اشبه ببرية؟‏

٤ يكتب اشعيا هذه الكلمات نحو سنة ٧٣٢ ق‌م.‏ وبعد ١٢٥ سنة،‏ يدمّر البابليون اورشليم ويسبون سكان يهوذا.‏ فتُترك ارضهم قفرا بلا ساكن.‏ (‏٢ ملوك ٢٥:‏​٨-‏١١،‏ ٢١-‏٢٦‏)‏ وبهذه الطريقة يتم تحذير يهوه من ان عدم امانة شعب اسرائيل سيؤدي الى سبيهم.‏ (‏تثنية ٢٨:‏​١٥،‏ ٣٦،‏ ٣٧؛‏ ١ ملوك ٩:‏​٦-‏٨‏)‏ وعندما تصير الامة العبرانية اسيرة في ارض غريبة،‏ تُترك حقولها وبساتينها الريّانة بلا عناية طوال ٧٠ سنة،‏ وتصبح اشبه ببرية.‏ —‏ اشعياء ٦٤:‏١٠؛‏ ارميا ٤:‏​٢٣-‏٢٧؛‏ ٩:‏​١٠-‏١٢‏.‏

٥ (‏أ)‏ كيف تُرد الاحوال الشبه فردوسية الى الارض؟‏ (‏ب)‏ بأيّ معنى يرى الناس «مجد الرب»؟‏

٥ لكنَّ نبوة اشعيا تنبئ بأن الارض لن تبقى خربة الى الابد،‏ بل ستُرد الى حالتها الفردوسية الحقيقية.‏ فسيُدفع اليها «مجد لبنان» و «بهاء كرمل وشارون».‏ * كيف؟‏ عند العودة من السبي،‏ يتمكن اليهود ثانيةً من حرث حقولهم وريِّها،‏ وتعود ارضهم الى ما كانت عليه من خصب وفير.‏ والفضل في ذلك يرجع الى يهوه وحده.‏ فبمشيئته ودعمه وبركته،‏ ينعم اليهود بأحوال اشبه بالفردوس.‏ ويتمكن الناس من رؤية ‹مجد الرب بهاء الههم› حين يعترفون بأن يد يهوه هي التي اجرت هذا التحوُّل المدهش في ارضهم.‏

٦ ايّ اتمام مهم يُرى لكلمات اشعيا؟‏

٦ ولكن هنالك اتمام اهم لكلمات اشعيا في ارض اسرائيل المستردة.‏ لقد كانت اسرائيل،‏ بمعنى روحي،‏ مجدبة وأشبه بصحراء طوال سنين كثيرة.‏ فعندما كان المسبيون في بابل،‏ كانت العبادة الحقة مقيَّدة بشدة.‏ ولم يكن يوجد هيكل ولا مذبح ولا كهنوت منظم.‏ ولم تُقدَّم اية ذبائح يومية.‏ لكنَّ اشعيا ينبئ الآن بتغيير شامل.‏ فتحت قيادة رجال كزربابل وعزرا ونحميا،‏ يعود الى اورشليم ممثِّلون لكل اسباط اسرائيل الـ‍ ١٢،‏ يعيدون بناء الهيكل،‏ ويعبدون يهوه بحرية.‏ (‏عزرا ٢:‏​١،‏ ٢‏)‏ انه فعلا لَفردوس روحي!‏

متقدون بالروح

٧،‏ ٨ لماذا يحتاج المسبيون اليهود الى الموقف الايجابي،‏ وكيف تمنح كلمات اشعيا التشجيع؟‏

٧ ان الكلمات في اشعياء الاصحاح ٣٥ مفعمة بالفرح.‏ فالنبي يتحدث عن مستقبل مشرق للامة التائبة.‏ وهو يتكلم باقتناع وتفاؤل.‏ وبعد قرنَين،‏ يحتاج اليهود المسبيون،‏ وهم على عتبة ردّهم،‏ الى الاقتناع والتفاؤل كليهما.‏ لذلك يناشدهم يهوه نبويا بواسطة اشعيا:‏ ‏«شددوا الايادي المسترخية والركب المرتعشة ثبتوها.‏ قولوا لخائفي القلوب تشددوا لا تخافوا.‏ هوذا الهكم.‏ الانتقام يأتي.‏ جزاء اللّٰه.‏ هو يأتي ويخلصكم».‏ —‏ اشعياء ٣٥:‏​٣،‏ ٤‏.‏

٨ ليست نهاية السبي الطويل وقتا للبقاء مكتوفي الايدي.‏ فكورش ملك فارس،‏ الاداة التي استخدمها يهوه للانتقام من بابل،‏ اعلن انه يجب ردّ عبادة يهوه الى اورشليم.‏ (‏٢ أخبار الايام ٣٦:‏​٢٢،‏ ٢٣‏)‏ ويلزم ان تتنظم آلاف العائلات العبرانية لكي يشرعوا في الرحلة الخطرة من بابل الى اورشليم.‏ وعندما يصلون الى هناك،‏ عليهم بناء مساكن تفي بحاجاتهم والتهيؤ للعمل الضخم:‏ اعادة بناء الهيكل والمدينة.‏ قد يبدو كل ذلك صعبا على بعض اليهود في بابل.‏ ولكن ليس الوقت الآن للتردد او الخوف.‏ فيجب ان يقوِّي اليهود واحدهم الآخر ويثقوا بيهوه.‏ وهو يؤكد لهم انهم سيخلصون.‏

٩ ايّ وعد عظيم يعطى لليهود العائدين؟‏

٩ والذين يُطلق سراحهم من الاسر في بابل سيبتهجون لسبب وجيه،‏ لأن مستقبلا عظيما ينتظرهم عند عودتهم الى اورشليم.‏ ينبئ اشعيا:‏ ‏«حينئذ تتفقح عيون العمي وآذان الصم تتفتح.‏ حينئذ يقفز الاعرج كالايل ويترنم لسان الاخرس».‏ —‏ اشعياء ٣٥:‏​٥،‏ ٦ أ.‏

١٠،‏ ١١ لماذا تحمل كلمات اشعيا معنى روحيا بالنسبة الى اليهود العائدين،‏ وإلى ماذا تشير؟‏

١٠ من الواضح ان يهوه يفكّر في الحالة الروحية لشعبه.‏ فقد عوقبوا بـ‍ ٧٠ سنة من السبي بسبب ارتدادهم السابق.‏ ولكن عندما أدّب يهوه الشعب،‏ لم يضربهم بالعمى والصَّمَم والعَرَج والخَرَس.‏ لذلك لا يستلزم ردّ امة اسرائيل شفاءهم من ايّ عجز جسدي.‏ فيهوه يردّ ما قد فُقد،‏ ألا وهو الصحة الروحية.‏

١١ يُشفى اليهود التائبون بمعنى انهم يستردون حواسهم الروحية:‏ رؤيتهم الروحية،‏ وقدرتهم على سماع وإطاعة كلمة يهوه،‏ والتكلم بها.‏ ويدركون حاجتهم الى البقاء قريبين من يهوه.‏ وبسلوكهم الحسن ‹يترنمون› تسبيحًا لإلههم.‏ و «الاعرج» سابقا يعبد يهوه بكل نشاط واندفاع.‏ ‹فسيقفز كالايل› مجازيا.‏

يهوه ينعش شعبه

١٢ الى ايّ حد سيبارك يهوه الارض بالماء؟‏

١٢ ربما لا يمكن تصوُّر فردوس بلا ماء.‏ لقد كان الماء وافرا في الفردوس الاصلي في عدن.‏ (‏تكوين ٢:‏​١٠-‏١٤‏)‏ والارض التي أُعطيت لإسرائيل كانت ايضا «ارض انهار من عيون وغمار».‏ (‏تثنية ٨:‏٧‏)‏ لذلك يتفوَّه اشعيا بهذا الوعد المنعش:‏ ‏«قد انفجرت في البرية مياه وأنهار في القفر.‏ ويصير السراب اجما والمعطشة ينابيع ماء.‏ في مسكن الذئاب في مربضها دار للقصب والبردي».‏ ‏(‏اشعياء ٣٥:‏٦ب،‏ ٧‏)‏ عندما يعتني الاسرائيليون مجددا بالارض،‏ ستكتسي المناطق المقفرة —‏ حيث كانت الذئاب تطوف —‏ بنبات اخضر نضر.‏ وستتحول الاماكن الجافة والمغبرة الى «مستنقع» ينمو فيه البردي والنباتات المائية الاخرى.‏ —‏ ايوب ٨:‏​١١‏،‏ تف.‏

١٣ اية مياه روحية غزيرة ستتوفر للامة المستردة؟‏

١٣ لكنَّ الاهم هو مياه الحق الروحية التي سينعم بها اليهود العائدون بشكل غزير.‏ فسيزوّد يهوه المعرفة والتشجيع والتعزية من خلال كلمته.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ سيكون الشيوخ والرؤساء الامناء «كسواقي ماء في مكان يابس».‏ (‏اشعياء ٣٢:‏​١،‏ ٢‏)‏ والذين يروّجون العبادة النقية،‏ كحجاي وزربابل وزكريا وعزرا ونحميا ويشوع،‏ سيكونون شهادات حية على إتمام نبوة اشعيا.‏ —‏ عزرا ٥:‏​١،‏ ٢؛‏ ٧:‏​٦،‏ ١٠؛‏ نحميا ١٢:‏٤٧‏.‏

‏«الطريق المقدسة»‏

١٤ صفوا الرحلة من بابل الى اورشليم.‏

١٤ ولكن قبل ان يتمكن اليهود المسبيون من التمتع بهذه الاحوال الفردوسية الحرفية والروحية،‏ يجب ان يقوموا برحلة العودة الطويلة والخطرة من بابل الى اورشليم.‏ ان سلوك الطريق المباشرة يعني اجتياز مسافة ٨٠٠ كيلومتر في ارض قاحلة ومجدبة.‏ ويمكن سلوك طريق اسهل،‏ انما تجعلهم يسيرون مسافة ٦٠٠‏,١ كيلومتر.‏ لكنهم في كلتا الحالتَين مضطرون الى قضاء اشهر عديدة تحت رحمة العوامل الجوية وفي خطر ملاقاة وحوش برية وأناس متوحشين.‏ لكنَّ الذين يؤمنون بنبوة اشعيا لا يقلقون كثيرا.‏ ولماذا؟‏

١٥،‏ ١٦ (‏أ)‏ اية حماية يزوّدها يهوه لليهود الامناء خلال رحلتهم الى موطنهم؟‏ (‏ب)‏ بأيّ معنى آخر يزوّد يهوه سكة آمنة لليهود؟‏

١٥ يعد يهوه بواسطة اشعيا:‏ ‏«تكون هناك سكة وطريق يقال لها الطريق المقدسة.‏ لا يعبر فيها نجس بل هي لهم.‏ مَن سلك في الطريق حتى الجهال لا يضل.‏ لا يكون هناك اسد.‏ وحش مفترس لا يصعد اليها.‏ لا يوجد هناك.‏ بل يسلك المفديون فيها».‏ ‏(‏اشعياء ٣٥:‏٨،‏ ٩‏)‏ لقد فكَّ يهوه شعبه!‏ وهم الآن ‹مفديّوه›،‏ وهو يضمن لهم الحماية في طريق عودتهم الى موطنهم.‏ ولكن هل هنالك طريق حرفية معبَّدة ومسيَّجة ومرتفعة عن الارض تمتد من بابل الى اورشليم؟‏ كلا،‏ انما من المؤكد ان يهوه سيحمي شعبه خلال رحلتهم كما لو انهم يسلكون طريقا كهذه.‏ —‏ قارنوا مزمور ٩١:‏​١-‏١٦‏.‏

١٦ واليهود محميّون ايضا من الاخطار الروحية.‏ فالسكة المجازية هي «الطريق المقدسة».‏ والذين يحتقرون الامور المقدسة او النجسون روحيا غير مؤهلين للسلوك فيها وغير مرغوب فيهم في الارض المستردة.‏ أما المقبولون فلهم دوافع صائبة.‏ فهم لا يعودون الى يهوذا وأورشليم بدافع الافتخار القومي او سعيا وراء المصالح الشخصية.‏ فاليهود الروحيون في تفكيرهم يدركون ان السبب الرئيسي لعودتهم هو اعادة تأسيس عبادة يهوه النقية في تلك الارض.‏ —‏ عزرا ١:‏​١-‏٣‏.‏

شعب يهوه يفرح

١٧ كيف عزَّت نبوة اشعيا اليهود الامناء خلال سبيهم الطويل؟‏

١٧ يغلب على ختام الاصحاح ٣٥ من نبوة اشعيا طابع البهجة:‏ ‏«مفديو الرب يرجعون ويأتون الى صهيون بترنُّم وفرح ابدي على رؤوسهم.‏ ابتهاج وفرح يدركانهم.‏ ويهرب الحزن والتنهد».‏ ‏(‏اشعياء ٣٥:‏١٠‏)‏ ربما تساءل اليهود الاسرى،‏ الذين استمدوا التعزية والرجاء من هذه النبوة خلال سبيهم،‏ كيف ستتم تفاصيلها المختلفة.‏ ومن المرجح انهم لم يفهموا جوانب كثيرة من النبوة.‏ ولكن كان واضحا جدا بالنسبة اليهم انهم سوف «يرجعون ويأتون الى صهيون».‏

١٨ بأية طريقة يحلّ الابتهاج والفرح في الارض المستردة محل الحزن والتنهد في بابل؟‏

١٨ وهكذا،‏ في سنة ٥٣٧ ق‌م،‏ يشرع نحو ٠٠٠‏,٥٠ رجل (‏بمَن فيهم اكثر من ٠٠٠‏,٧ عبد)‏،‏ بالاضافة الى النساء والاولاد،‏ في رحلة العودة الى اورشليم التي تدوم اربعة اشهر،‏ ولهم ملء الثقة بيهوه.‏ (‏عزرا ٢:‏​٦٤،‏ ٦٥‏)‏ وبعد اشهر قليلة فقط يعاد بناء مذبح يهوه،‏ مما يمهّد السبيل لإعادة بناء كامل الهيكل.‏ لقد تمت نبوة اشعيا التي نُطق بها قبل ٢٠٠ سنة.‏ وحزن الامة وتنهُّدها في بابل يحلّ محلهما الابتهاج والفرح في الارض المستردة.‏ لقد وفى يهوه بوعده.‏ فقد استُرد الفردوس —‏ الحرفي والروحي على السواء!‏

ولادة امة جديدة

١٩ لماذا لا بد من القول ان نبوة اشعيا لها اتمام محدود في القرن السادس قبل الميلاد؟‏

١٩ طبعا،‏ لم تشهد اشعياء الاصحاح ٣٥ سوى اتمام محدود في القرن السادس قبل الميلاد.‏ فالاحوال الفردوسية التي يتمتع بها اليهود العائدون لا تدوم طويلا.‏ فعلى مرّ الوقت،‏ تتلوَّث العبادة النقية بالتعاليم الدينية الباطلة وبالقومية.‏ ويعاني اليهود من جديد الحزن والتنهد الروحيَّين.‏ وفي النهاية يرفضهم يهوه كشعب.‏ (‏متى ٢١:‏٤٣‏)‏ فبسبب تجدد عصيانهم،‏ لا يكون ابتهاجهم دائما.‏ كل ذلك يشير الى وجود اتمام اضافي اعظم لإشعياء الاصحاح ٣٥‏.‏

٢٠ اية اسرائيل جديدة ظهرت الى الوجود في القرن الاول الميلادي؟‏

٢٠ في وقت يهوه المعين،‏ ظهرت الى الوجود اسرائيل اخرى،‏ اسرائيل روحية.‏ (‏غلاطية ٦:‏١٦‏)‏ وقد مهَّد يسوع الطريق لولادة اسرائيل الجديدة هذه خلال خدمته الارضية.‏ فقد ردّ العبادة النقية،‏ وبتعاليمه عادت مياه الحق تجري من جديد.‏ وشفى المرضى جسديا وروحيا على السواء.‏ وتردد صوت الترنّم مع المناداة بالبشارة بملكوت اللّٰه.‏ وبعد سبعة اسابيع من موت يسوع وقيامته،‏ اسس يسوع الممجَّد الجماعة المسيحية،‏ اسرائيل روحية مؤلفة من يهود وغيرهم مفديين بدم يسوع المسفوك،‏ مولودين كأبناء روحيين للّٰه وكإخوة ليسوع،‏ وممسوحين بالروح القدس.‏ —‏ اعمال ٢:‏​١-‏٤؛‏ روما ٨:‏​١٦،‏ ١٧؛‏ ١ بطرس ١:‏​١٨،‏ ١٩‏.‏

٢١ في ما يتعلق بالجماعة المسيحية في القرن الاول،‏ اية احداث يمكن اعتبارها اتماما لبعض اوجه نبوة اشعيا؟‏

٢١ عندما كان الرسول بولس يكتب الى اعضاء اسرائيل الروحي،‏ اشار الى الكلمات في اشعياء ٣٥:‏٣ بالقول:‏ «قوِّموا الأيدي المتدلية والركب الواهنة».‏ (‏عبرانيين ١٢:‏١٢‏)‏ فمن الواضح ان كلمات اشعياء الاصحاح ٣٥ شهدت اتماما في القرن الاول الميلادي.‏ لقد جعل يسوع ورسله العمي يرون والصم يسمعون حرفيا بطريقة عجائبية.‏ ومكّنوا ‹العرج› من المشي والخرس من استعادة نطقهم.‏ (‏متى ٩:‏٣٢؛‏ ١١:‏٥؛‏ لوقا ١٠:‏٩‏)‏ والاهم هو ان المستقيمي القلوب هربوا من الدين الباطل وصاروا يتمتعون بفردوس روحي ضمن الجماعة المسيحية.‏ (‏اشعياء ٥٢:‏١١؛‏ ٢ كورنثوس ٦:‏١٧‏)‏ وكما في حالة اليهود العائدين من بابل،‏ وجد هؤلاء الهاربون ان الموقف الايجابي والشجاع مهم جدا.‏ —‏ روما ١٢:‏١١‏.‏

٢٢ كيف وقع المسيحيون المخلصون الطالبون الحق في الاسر البابلي في الازمنة العصرية؟‏

٢٢ وماذا عن ايامنا؟‏ هل تشهد نبوة اشعيا اتماما آخر،‏ اتماما اكمل يتعلق بالجماعة المسيحية اليوم؟‏ نعم.‏ فبعد موت الرسل،‏ انخفض عدد المسيحيين الممسوحين الحقيقيين كثيرا،‏ وازدهر المسيحيون الزائفون،‏ «الزوان»،‏ على المسرح العالمي.‏ (‏متى ١٣:‏​٣٦-‏٤٣؛‏ اعمال ٢٠:‏٣٠؛‏ ٢ بطرس ٢:‏​١-‏٣‏)‏ حتى عندما بدأ اشخاص مخلصون في القرن التاسع عشر ينفصلون عن العالم المسيحي ويطلبون العبادة النقية،‏ بقي فهمهم ملطّخا بالتعاليم غير المؤسسة على الاسفار المقدسة.‏ وفي سنة ١٩١٤ تُوِّج يسوع ملكا مسيّانيا،‏ ولكن بُعيد ذلك،‏ بدا الوضع قاتما بالنسبة الى هؤلاء الطالبين المخلصين للحق.‏ وإتماما للنبوة،‏ صنعت الامم ‹حربا معهم وغلبتهم›،‏ وخُنقت محاولات هؤلاء المسيحيين المخلصين للكرازة بالبشارة.‏ وهكذا أُخذوا الى السبي البابلي.‏ —‏ كشف ١١:‏​٧،‏ ٨‏.‏

٢٣،‏ ٢٤ بأية طرائق تتم كلمات اشعيا بين شعب اللّٰه منذ سنة ١٩١٩؟‏

٢٣ لكنَّ الامور تغيَّرت في سنة ١٩١٩.‏ فقد اخرج يهوه شعبه من اسرهم.‏ وبدأوا يرفضون التعاليم الباطلة التي كانت تُفسد عبادتهم.‏ وهكذا صاروا يتمتعون بالشفاء الروحي.‏ وأصبحوا في فردوس روحي لا يزال حتى اليوم يتوسع في كل الارض.‏ وبمعنى روحي،‏ يتعلم العمي البصر والصم السمع —‏ متنبّهين كاملا لعمل روح اللّٰه القدوس ومدركين دائما ضرورة عدم الابتعاد عن يهوه.‏ (‏١ تسالونيكي ٥:‏٦؛‏ ٢ تيموثاوس ٤:‏٥‏)‏ ولم يعد المسيحيون الحقيقيون خُرسا،‏ بل هم توّاقون الى ‹الترنم› وإعلان حقائق الكتاب المقدس للآخرين.‏ (‏روما ١:‏١٥‏)‏ والذين كانوا روحيا ضعفاء،‏ او ‹عُرجا›،‏ يعربون الآن عن الغيرة والفرح.‏ فبإمكانهم،‏ مجازيا،‏ ان ‹يقفزوا كالايل›.‏

٢٤ وهؤلاء المسيحيون الذين رُدّوا يسلكون في «الطريق المقدسة».‏ وهذه «الطريق»،‏ التي تخرج من بابل العظيمة وتصل الى فردوس روحي،‏ مفتوحة امام جميع العبّاد الانقياء روحيا.‏ (‏١ بطرس ١:‏​١٣-‏١٦‏)‏ ويمكنهم الاعتماد على حماية يهوه،‏ ولهم ملء الثقة بأن الشيطان لن ينجح في هجماته الوحشية ليقضي على العبادة النقية.‏ (‏١ بطرس ٥:‏٨‏)‏ والاشخاص المعاندون او الذين يتصرفون كالوحوش البرية الضارية لن يُسمح لهم بإفساد السالكين في سكة اللّٰه المقدسة.‏ (‏١ كورنثوس ٥:‏١١‏)‏ وفي هذا الجو المحميّ،‏ يجد مفديّو يهوه —‏ الممسوحون و ‹الخراف الاخر› —‏ الفرح في خدمة الاله الحقيقي الوحيد.‏ —‏ يوحنا ١٠:‏١٦‏.‏

٢٥ هل ستشهد اشعياء الاصحاح ٣٥ اتماما حرفيا؟‏ اوضحوا.‏

٢٥ وماذا عن المستقبل؟‏ هل تتم نبوة اشعيا بطريقة حرفية؟‏ نعم.‏ فأعمال الشفاء العجائبية التي قام بها يسوع ورسله في القرن الاول اظهرت ان يهوه راغب وقادر على اجراء اعمال شفاء كهذه على نطاق واسع في المستقبل.‏ ويتحدث سفر المزامير الملهم عن حياة ابدية في احوال سلمية على الارض.‏ (‏مزمور ٣٧:‏​٩،‏ ١١،‏ ٢٩‏)‏ وقد وعد يسوع بالحياة في الفردوس.‏ (‏لوقا ٢٣:‏٤٣‏)‏ والكتاب المقدس،‏ من بدايته الى آخر اسفاره،‏ يعطي الرجاء بفردوس حرفي.‏ فعندئذ سيُشفى العمي والصم والعرج والخرس جسديا شفاء ابديا.‏ وسيهرب الحزن والتنهد.‏ وسيدوم الابتهاج الى ابد الآبدين.‏ —‏ كشف ٧:‏​٩،‏ ١٦،‏ ١٧؛‏ ٢١:‏​٣،‏ ٤‏.‏

٢٦ كيف تقوّي كلمات اشعيا المسيحيين اليوم؟‏

٢٦ فيما ينتظر المسيحيون الحقيقيون رد الفردوس الارضي الحرفي،‏ يتمتعون من الآن ببركات الفردوس الروحي.‏ وهم يواجهون المحن والضيقات بتفاؤل.‏ وبثقة لا تتزعزع بيهوه،‏ يشجعون واحدهم الآخر بانسجام مع المناشدة التالية:‏ «شددوا الايادي المسترخية والركب المرتعشة ثبتوها.‏ قولوا لخائفي القلوب تشددوا لا تخافوا».‏ ولهم ملء الثقة بالوعد النبوي المطَمئن:‏ «هوذا الهكم.‏ الانتقام يأتي.‏ جزاء اللّٰه.‏ هو يأتي ويخلصكم».‏—‏ اشعياء ٣٥:‏​٣،‏ ٤‏.‏

‏[الحاشية]‏

^ ‎الفقرة 5‏ تصف الاسفار المقدسة لبنان قديما بأنه ارض مثمرة غنية بغاباتها الكثيفة وأرزها الشامخ،‏ وتشبِّهه بجنة عدن.‏ (‏مزمور ٢٩:‏٥؛‏ ٧٢:‏١٦؛‏ حزقيال ٢٨:‏​١١-‏١٣‏)‏ وعُرفت شارون بجداولها وغابات السنديان فيها،‏ واشتهر الكرمل بكرومه وبساتينه ومنحدراته المكسوَّة بالازهار.‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٣٧٠]‏

‏[الصور في الصفحة ٣٧٥]‏

ترتوي الاماكن الصحراوية من وفرة الماء وينبت فيها القصب والبردي

‏[الصورة في الصفحة ٣٧٨]‏

شفى يسوع المرضى روحيا وجسديا على السواء