الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

انتظروا يهوه

انتظروا يهوه

الفصل الثالث والعشرون

انتظروا يهوه

اشعياء ٣٠:‏​١-‏٣٣

١،‏ ٢ (‏أ)‏ ماذا يحتوي الاصحاح ٣٠ من سفر اشعياء‏؟‏ (‏ب)‏ ايّ سؤالَين سنتأمل فيهما الآن؟‏

في اشعياء الاصحاح ٣٠‏،‏ نقرأ اعلانات الهية اضافية موجَّهة ضد الاشرار.‏ لكنَّ هذا الجزء من نبوة اشعيا يشدِّد على بعض صفات يهوه التي تبهج القلب.‏ وفي الواقع،‏ تُسرَد صفات يهوه بتعابير حية حتى انه باستطاعتنا،‏ اذا جاز التعبير،‏ رؤية حضوره المقوِّي،‏ سماع صوته المرشد،‏ والاحساس بلمسته الشافية.‏ —‏ اشعياء ٣٠:‏​٢٠‏،‏ ع‌ج،‏ ٢١،‏ ٢٦‏.‏

٢ رغم ذلك،‏ يرفض مواطنو اشعيا،‏ سكان يهوذا المرتدون،‏ الرجوع الى يهوه.‏ ويفضلون الاتكال على البشر!‏ فكيف يشعر يهوه حيال ذلك؟‏ وكيف يساعد هذا الجزء من نبوة اشعيا المسيحيين اليوم على انتظار يهوه؟‏ (‏اشعياء ٣٠:‏١٨‏)‏ دعونا نجد الجواب.‏

حماقة تؤدي الى الهلاك

٣ اية خطة يفضحها يهوه؟‏

٣ منذ بعض الوقت يخطّط قادة يهوذا سرًّا للعثور على طريقة يتفادون بها الوقوع تحت نير اشور.‏ لكنَّ يهوه يراقبهم.‏ وهو الآن يفضح خطتهم:‏ ‏«ويل للبنين المتمردين يقول الرب حتى انهم يُجرون رأيا وليس مني ويسكبون سكيبا وليس بروحي ليزيدوا خطيئة على خطيئة الذين يذهبون لينزلوا الى مصر».‏ —‏ اشعياء ٣٠:‏​١،‏ ٢ أ.‏

٤ كيف وضع شعب اللّٰه المتمرد مصر في مقام اللّٰه؟‏

٤ كم يفاجأ هؤلاء القادة المتآمرون حين يرون ان خطتهم كُشفت!‏ والذهاب الى مصر للتحالف معها هو اكثر من عمل معادٍ لأشور؛‏ انه تمرُّد على يهوه اللّٰه.‏ ففي ايام الملك داود،‏ كان يهوه حصنا للامة،‏ و ‹في ظل جناحيه› احتموا.‏ (‏مزمور ٢٧:‏١؛‏ ٣٦:‏٧‏)‏ أما الآن فهم ‏‹يلتجئون الى حصن فرعون ويحتمون بظل مصر›.‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏٢ ب‏)‏ لقد وضعوا مصر في مقام اللّٰه!‏ فيا للخيانة!‏ —‏ اقرأوا اشعياء ٣٠:‏​٣-‏٥‏.‏

٥،‏ ٦ (‏أ)‏ لماذا التحالف مع مصر خطأ مميت؟‏ (‏ب)‏ اية رحلة سابقة قام بها شعب اللّٰه تُظهر مدى حماقة هذه الرحلة الى مصر؟‏

٥ يعطي اشعيا تفاصيل اضافية،‏ كما لو انه يرد على اية اشارة ضمنية الى ان ذهاب البعثة الى مصر هو مجرد زيارة عابرة:‏ ‏«وحي من جهة بهائم الجنوب.‏ في ارض شدة وضيقة منها اللبوة والاسد الافعى والثعبان السام الطيار يحملون على اكتاف الحمير ثروتهم وعلى اسنمة الجمال كنوزهم».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏٦ أ‏)‏ فمن الواضح ان الرحلة مخطَّط لها جيدا.‏ فالمبعوثون يجمعون قافلة من الجمال والحمير،‏ ويحمّلونها بضائع نفيسة ويذهبون بها الى مصر عبر برية جدباء تعجّ بالاسود والثعابين السامة.‏ وأخيرا يبلغ المبعوثون وجهتهم ويسلّمون كنوزهم الى المصريين.‏ لقد اشتروا الحماية في اعتقادهم.‏ لكنَّ يهوه يقول:‏ ‏«‏‏[‏انها‏] الى شعب لا ينفع.‏ فإن مصر تعين باطلا وعبثا لذلك دعوتُها رَهَب الجلوس».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏٦ب،‏ ٧‏)‏ صار «رَهَب»،‏ الذي هو ‏«تنين» او وحش بحري،‏ يرمز الى مصر.‏ (‏اشعياء ٥١:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ وهي تعد ولا تفي.‏ وهذا ما يجعل تحالف يهوذا معها خطأً مميتا.‏

٦ فيما يروي اشعيا رحلة المبعوثين،‏ قد يتذكر سامعوه رحلة مماثلة حصلت في ايام موسى.‏ فقد سار آباؤهم في ‹القفر المخوف› نفسه.‏ (‏تثنية ٨:‏​١٤-‏١٦‏)‏ لكنَّ الاسرائيليين في ايام موسى كانوا يغادرون مصر،‏ تاركين العبودية وراءهم.‏ اما هذه المرة فيسافر المبعوثون الى مصر ليدخلوا تحت نيرها.‏ فيا لهذه الحماقة!‏ لذلك إيانا ان نتخذ قرارا سيئا كهذا ونستبدل حريتنا الروحية بالعبودية!‏ —‏ قارنوا غلاطية ٥:‏١‏.‏

مقاومة لرسالة النبي

٧ لماذا يأمر يهوه اشعيا بأن يكتب تحذيره ليهوذا؟‏

٧ يأمر يهوه اشعيا بأن يكتب الرسالة التي اعطاه اياها لتوِّه لتكون ‏«لزمن آتٍ للابد الى الدهور».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏٨‏)‏ فلفائدة اجيال المستقبل،‏ بمَن فيهم جيلنا اليوم،‏ يجب ان يسجَّل ان يهوه لا يرضى ابدا عن اعتبار التحالفات مع البشر اهم من الاعتماد عليه.‏ (‏٢ بطرس ٣:‏​١-‏٤‏)‏ لكنَّ السجل الخطي نافع في زمنه ايضا.‏ ‏«انه شعب متمرد اولاد كذبة اولاد لم يشاءوا ان يسمعوا شريعة الرب».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏٩‏)‏ فقد رفض الشعب مشورة اللّٰه.‏ لذلك يجب ان يدوَّن ذلك كيلا يدّعوا لاحقا انهم لم يتلقَّوا ايّ تحذير.‏ —‏ امثال ٢٨:‏٩؛‏ اشعياء ٨:‏​١،‏ ٢‏.‏

٨،‏ ٩ (‏أ)‏ كيف يحاول قادة يهوذا إفساد انبياء يهوه؟‏ (‏ب)‏ كيف يُظهر اشعيا انه لا يخاف التهديدات؟‏

٨ يذكر اشعيا الآن مثالا للموقف المتمرد عند هذا الشعب.‏ فهم ‏«يقولون للرائين لا تروا وللناظرين لا تنظروا لنا مستقيمات.‏ كلمونا بالناعمات انظروا مخادِعات».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏١٠‏)‏ يُظهر قادة يهوذا انهم يريدون ان تدغدَغ آذانهم حين يأمرون الانبياء الامناء بالكفّ عن التكلم بما هو «مستقيم»،‏ او حق،‏ والتكلم عوضا عن ذلك بما هو «ناعم» و «مخادِع»،‏ او باطل.‏ فهم يودّون سماع الاطراء لا الدينونة.‏ وفي رأيهم،‏ اذا كان النبي لا يريد ان يتنبأ حسبما يحلو لهم،‏ ينبغي له ان ‏‹يحيد عن الطريق ويميل عن السبيل›.‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏١١ أ‏)‏ فإما ان يتكلم بما يحلو لهم سماعه او ان يكفّ عن الوعظ!‏

٩ يصرّ خصوم اشعيا قائلين:‏ ‏«اعزلوا من امامنا قدوس اسرائيل».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏١١ ب‏)‏ فليكفّ اشعيا عن التكلم باسم يهوه،‏ «قدوس اسرائيل»!‏ فهذا اللقب يغيظهم لأن مقاييس يهوه الرفيعة تفضح حالتهم المزرية.‏ وكيف يتجاوب اشعيا؟‏ يعلن:‏ ‏«هكذا يقول قدوس اسرائيل».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏١٢ أ‏)‏ فبدون تردُّد،‏ يتفوَّه اشعيا بالكلمات نفسها التي لا يطيق خصومه سماعها.‏ فهو لا يخاف من تهديداتهم.‏ ويا له من مثال حسن لنا!‏ فالمسيحيون لا يسمحون لأنفسهم ابدا بالمسايرة حين يتعلق الامر بإعلان رسالة اللّٰه.‏ (‏اعمال ٥:‏​٢٧-‏٢٩‏)‏ وكإشعيا،‏ يواصلون المناداة قائلين:‏ ‹هكذا يقول يهوه›!‏

عواقب التمرُّد

١٠،‏ ١١ ماذا ستكون عواقب تمرُّد يهوذا؟‏

١٠ لقد رفضت يهوذا كلمة اللّٰه،‏ وثقت بالكذب،‏ واتكلت على ‏«الاعوجاج».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏١٢ ب‏)‏ فماذا ستكون العواقب؟‏ لن يخرج يهوه من الصورة كما تشتهي هذه الامة،‏ بل سيزيلها من الوجود!‏ وسيحدث ذلك بشكل مباغت وشامل،‏ الامر الذي يؤكد عليه اشعيا باستخدام ايضاح.‏ فتمرُّد الامة مثل ‏«صَدْع مُنْقَضٍّ ناتئ في جدار مرتفع يأتي هدُّه بغتة في لحظة».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏١٣‏)‏ فكما ان الصدع المتزايد الحجم في جدار عالٍ يؤدي في النهاية الى سقوط الجدار،‏ كذلك سيؤدي ازدياد تمرُّد معاصري اشعيا الى سقوط الامة.‏

١١ ويُظهر اشعيا بإيضاح آخر مدى شمولية الدمار الآتي:‏ ‏«يُكسر ككسر اناء الخزافين مسحوقا بلا شفقة حتى لا يوجد في مسحوقه شقفة لأخذ نار من الموقدة او لغرف ماء من الجب».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏١٤‏)‏ سيكون دمار يهوذا شاملا حتى انه لن يبقى شيء له قيمة —‏ ولا حتى شقفة كبيرة من إناء فخاري تُستعمل لغرف الرماد الساخن من موقدة او لأخذ بعض الماء من سطحِ موضعٍ تتجمَّع فيه المياه.‏ فيا لها من نهاية مخزية!‏ والهلاك الآتي على الذين يتمرَّدون على العبادة الحقة سيكون ايضا مباغتا وشاملا.‏ —‏ عبرانيين ٦:‏​٤-‏٨؛‏ ٢ بطرس ٢:‏١‏.‏

العرض الذي يقدِّمه يهوه يُرفَض

١٢ كيف يمكن لسكان يهوذا ان يجنّبوا انفسهم الدمار؟‏

١٢ لكنَّ سامعي اشعيا يمكنهم ان يتجنبوا الدمار.‏ فهنالك مخرج.‏ يوضح النبي:‏ ‏«هكذا قال السيد الرب قدوس اسرائيل.‏ بالرجوع والسكون تخلُصون.‏ بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏١٥ أ‏)‏ فيهوه مستعد ليخلّص شعبه اذا اعربوا عن الايمان،‏ وذلك بـ‍ «السكون» او الامتناع عن محاولة الحصول على الخلاص بواسطة التحالفات البشرية،‏ وب‍ «الهدوء» او الاعراب عن الثقة بقدرة اللّٰه الواقية بعدم الاستسلام للخوف.‏ ولكن،‏ كما يقول اشعيا للشعب:‏ ‏«لم تشاءوا».‏ —‏ اشعياء ٣٠:‏١٥ ب.‏

١٣ بماذا يثق قادة يهوذا،‏ وهل هذه الثقة مبرَّرة؟‏

١٣ ثم يتوسّع اشعيا في الموضوع ويقول:‏ ‏«وقلتم لا بل على خيل نهرب.‏ لذلك تهربون.‏ وعلى خيل سريعة نركب.‏ لذلك يسرع طاردوكم».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏١٦‏)‏ يظن سكان يهوذا ان الخيل السريعة،‏ لا يهوه،‏ ستكون وسيلة خلاصهم.‏ (‏تثنية ١٧:‏١٦؛‏ امثال ٢١:‏٣١‏)‏ لكنَّ النبي يردّ قائلا ان ثقتهم ستكون وهما،‏ لأن اعداءهم سيتمكنون من ادراكهم.‏ حتى لو كانت اعدادهم كبيرة،‏ فلن يسعفهم ذلك.‏ ‏«يهرب الف من زجرةِ واحد.‏ من زجرة خمسة تهربون».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏١٧ أ‏)‏ فسيدبُّ الذعر الى قلوب جيوش يهوذا ويهربون عندما يرتفع صراخ حفنة صغيرة من الاعداء.‏ * وفي النهاية لن يبقى سوى اشخاص قليلين فقط،‏ ‏«كسارية على رأس جبل وكراية على اكمة».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏١٧ ب‏)‏ وطبقا للنبوة،‏ عندما دُمرت اورشليم سنة ٦٠٧ ق‌م،‏ لم تنجُ سوى بقية.‏ —‏ ارميا ٢٥:‏​٨-‏١١‏.‏

تعزية في غمرة الإدانة

١٤،‏ ١٥ اية تعزية تقدمها كلمات اشعياء ٣٠:‏١٨ لسكان يهوذا في الماضي وللمسيحيين الحقيقيين اليوم؟‏

١٤ فيما لا تزال هذه الكلمات الخطيرة تطنّ في آذان سامعي اشعيا،‏ يتغير اسلوب رسالته.‏ فالتهديد بوقوع كارثة يحلّ محله وعد بالبركات.‏ ‏«لذلك ينتظر الرب ليتراءف عليكم ولذلك يقوم ليرحمكم لأن الرب اله حق.‏ طوبى لجميع منتظريه».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏١٨‏)‏ يا لها من كلمات مشجِّعة!‏ فيهوه اب رؤوف يتوق الى مساعدة اولاده،‏ وهو يُسرّ بالرحمة.‏ —‏ مزمور ١٠٣:‏١٣؛‏ اشعياء ٥٥:‏٧‏.‏

١٥ تنطبق هذه الكلمات المطَمئِنة على البقية من اليهود الذين رُحموا ولم يُقتَلوا عند دمار اورشليم سنة ٦٠٧ ق‌م،‏ وكذلك على القليلين الذين عادوا الى ارض الموعد سنة ٥٣٧ ق‌م.‏ لكنَّ كلمات النبي معزِّية للمسيحيين اليوم ايضا.‏ فهي تذكِّرنا بأن يهوه سوف «يقوم» لأجلنا ويضع حدًّا لهذا العالم الشرير.‏ وليتيقّن العبّاد الامناء ان يهوه —‏ الذي هو «اله حق» —‏ لن يسمح لعالم الشيطان بأن يبقى يوما واحدا اكثر مما يقتضيه العدل.‏ لذلك عند «منتظريه» اسباب كثيرة ليكونوا سعداء!‏

يهوه يعزّي شعبه باستجابة الصلوات

١٦ كيف يعزِّي يهوه المتثبِّطين؟‏

١٦ لكنَّ البعض قد يتثبطون لأن الخلاص لم يأتِ بالسرعة التي كانوا يرجونها.‏ (‏امثال ١٣:‏١٢؛‏ ٢ بطرس ٣:‏٩‏)‏ فليستمدوا التعزية من كلمات اشعيا التالية التي تلقي الضوء على جانب خصوصي من شخصية يهوه.‏ ‏«لأن الشعب في صهيون يسكن في اورشليم.‏ لا تبكي بكاء.‏ يتراءف عليكَ عند صوت صراخك.‏ حينما ‏[‏‏«حالما»،‏ تف‏] يسمع يستجيب لك».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏١٩‏)‏ يعبِّر اشعيا عن الرقة في هذه الكلمات حين ينتقل من ضمير المخاطب الجمع في العدد ١٨ الى ضمير المخاطب المفرد في العدد ١٩‏.‏ فعندما يعزّي يهوه الحزانى،‏ يتعامل معهم افراديا.‏ وكأب،‏ لا يسأل الابن المثبَّط:‏ ‹لماذا لا تكون قويا كأخيك؟‏›.‏ (‏غلاطية ٦:‏٤‏)‏ بل يصغي بانتباه الى كل واحد.‏ وفي الواقع،‏ ‹حالما يسمع يستجيب›.‏ أوَلا تعيد هذه الكلمات الطمأنينة الى النفس؟‏ فيمكن للمتثبِّطين ان يتقوَّوا كثيرا اذا صلَّوا الى يهوه.‏ —‏ مزمور ٦٥:‏٢‏.‏

اسمعوا صوت يهوه يرشدكم،‏ بقراءة كلمته

١٧،‏ ١٨ حتى في الاوقات الصعبة،‏ كيف يزوِّد يهوه الارشاد؟‏

١٧ فيما يتابع اشعيا كلامه،‏ يذكّر سامعيه بأن ضيقا قادم.‏ فسيحصل الناس على ‏‹الخبز في شكل ضيق والماء في شكل شدة›.‏ ‏(‏اشعيا ٣٠:‏٢٠ أ،‏ ع‌ج‏)‏ فحين يحاصَرون،‏ سيعتادون الضيق والشدة كما لو انهما خبز وماء.‏ ومع ذلك،‏ لن يتردَّد يهوه في إنقاذ المستقيمي القلوب.‏ ‏«لا يختبئ معلموك ‏[‏‏«معلمك العظيم»،‏ ع‌ج‏] بعد بل تكون عيناك تريان معلميك ‏[‏‏«معلمك العظيم»،‏ ع‌ج‏]‏‏.‏ وأذناك تسمعان كلمة خلفك قائلة هذه هي الطريق اسلكوا فيها حينما تميلون الى اليمين وحينما تميلون الى اليسار».‏ —‏ اشعياء ٣٠:‏٢٠ب،‏ ٢١‏.‏ *

١٨ يهوه هو ‹المعلم العظيم›.‏ فلا احد يضاهيه كمعلم.‏ ولكن كيف يمكن ان ‹يراه› الناس و ‹يسمعوه›؟‏ يكشف يهوه عن نفسه بواسطة انبيائه الذين تُسجَّل اقوالهم في الكتاب المقدس.‏ (‏عاموس ٣:‏​٦،‏ ٧‏)‏ واليوم،‏ حين يقرأ العبّاد الامناء الكتاب المقدس،‏ يكون كما لو ان صوت اللّٰه الابوي يدلّهم على الطريق التي يجب ان يسيروا فيها،‏ ويحثّهم على تعديل مسلكهم ليتمكنوا من المضيّ في هذه الطريق.‏ لذلك ينبغي لكل مسيحي ان يصغي بانتباه حين يتكلم يهوه من خلال صفحات الكتاب المقدس ومن خلال المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس التي يزوِّدها «العبد الأمين الفطين».‏ (‏متى ٢٤:‏​٤٥-‏٤٧‏)‏ فليعكف كل واحد على قراءة الكتاب المقدس،‏ ‹فهو حياته›.‏ —‏ تثنية ٣٢:‏​٤٦،‏ ٤٧؛‏ اشعياء ٤٨:‏١٧‏.‏

تأملوا في البركات المستقبلية

١٩،‏ ٢٠ اية بركات تنتظر الذين يستجيبون لصوت المعلم العظيم؟‏

١٩ ان الذين يستجيبون لصوت المعلم العظيم سيقومون بطرح تماثيلهم المنحوتة،‏ معتبرينها شيئا مثيرا للاشمئزاز.‏ ‏(‏اقرأوا اشعياء ٣٠:‏٢٢‏.‏‏)‏ وعندئذ سيتمتع هؤلاء المتجاوبون ببركات رائعة.‏ وهذه البركات التي يصفها اشعيا،‏ كما هي مسجَّلة في اشعياء ٣٠:‏​٢٣-‏٢٦‏،‏ هي نبوة رد مبهجة لها اتمام اولي حين ترجع بقية من اليهود من الاسر في سنة ٥٣٧ ق‌م.‏ وتساعدنا هذه النبوة اليوم على رؤية البركات الرائعة التي يصنعها المسيَّا في الفردوس الروحي الآن والتي سيغدقها في الفردوس الحرفي القادم.‏

٢٠ ‏«يعطي مطر زرعك الذي تزرع الارض به وخبز غلة الارض فيكون دسما وسمينا وترعى ماشيتك في ذلك اليوم في مرعى واسع.‏ والابقار والحمير التي تعمل الارض تأكل علفا مملحا ‏[‏‏«بحمّاض»،‏ ع‌ج‏] مذرّى بالمنسف والمذراة».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏​٢٣،‏ ٢٤‏)‏ سيكون القوت اليومي الرئيسي عند الانسان خبزا «دسما وسمينا»،‏ اي طعاما غنيا بالمواد المغذّية.‏ وستغلّ الارض بوفرة هائلة حتى ان الحيوانات ستستفيد ايضا.‏ فستأكل الماشية ‹علفا بحمّاض› —‏ علفا شهيا يحفظ لمناسبات نادرة.‏ حتى ان هذا العلف ‹يذرَّى›،‏ الامر الذي لا يُصنع عادةً إلا بالحبوب التي يستهلكها البشر.‏ فما اروع هذه التفاصيل التي يوردها اشعيا هنا ليُظهر وفرة بركات يهوه على الجنس البشري الامين!‏

٢١ صفوا شمولية البركات القادمة.‏

٢١ ‏«يكون على كل جبل عال وعلى كل اكمة مرتفعة سَواقٍ».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏٢٥ أ‏)‏ * هذا الوصف الذي يذكره اشعيا يشدِّد على شمولية بركات يهوه.‏ فلا نقص في المياه،‏ هذا السائل الثمين الذي لن يجري في الاراضي المنخفضة فقط بل ايضا على كل جبل،‏ حتى «على كل جبل عال وعلى كل اكمة مرتفعة».‏ نعم،‏ سيكون الجوع امرا من الماضي.‏ (‏مزمور ٧٢:‏١٦‏)‏ وبعد ذلك يتحول انتباه النبي الى شيئين اعلى من الجبال.‏ ‏«يكون نور القمر كنور الشمس ونور الشمس يكون سبعة اضعاف كنور سبعة ايام في يوم يجبر الرب كسر شعبه ويشفي رضَّ ضربه».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏٢٦‏)‏ فيا لها من ذروة مثيرة لهذه النبوة الرائعة!‏ فمجد يهوه سيشعّ بكل سنائه.‏ والبركات التي تنتظر عبّاد اللّٰه الامناء ستفوق كثيرا —‏ سبعة اضعاف —‏ كل ما ذاقوه من قبل.‏

دينونة وفرح

٢٢ بالتباين مع البركات التي ستحلّ على الامناء،‏ ماذا يخبئ يهوه للاشرار؟‏

٢٢ يتغير من جديد اسلوب رسالة اشعيا.‏ وبكلمة ‏«انظروا»،‏ كما لو انه يلفت انتباه سامعيه،‏ يمضي قائلا:‏ ‏«ها هو الرب مقبل من بعيد بغضب متوهِّج ودخان ‏[‏‏«سحاب»،‏ ع‌ج‏] متكاثف متصاعد.‏ شفتاه تفيضان سخطا،‏ ولسانه كنار آكلة».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏​٢٧‏،‏ تف‏)‏ حتى الآن لا يتدخل يهوه،‏ بل يترك اعداء شعبه يتصرفون كما يحلو لهم.‏ لكنه يقترب اكثر فأكثر —‏ كعاصفة رعدية تتقدم باستمرار —‏ لينفّذ دينونته.‏ ‏«ونفخته كنهر غامر يبلغ الى الرقبة.‏ لغربلة الامم بغربال السوء وعلى فكوك الشعوب رسن مضِل».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏٢٨‏)‏ فسيُحاط اعداء شعب اللّٰه بـ‍ «نهر غامر»،‏ ويُهَزّون بشدة «بغربال»،‏ ويُكبح جماحهم بـ‍ «رسن».‏ فمصيرهم هو الهلاك.‏

٢٣ ما هو سبب «فرح قلب» المسيحيين اليوم؟‏

٢٣ يتغير اسلوب اشعيا مرة اخرى وهو يصف سعادة العبّاد الامناء الذين سيعودون يوما الى ارضهم.‏ ‏«تكون لكم اغنية كلَيلة تقديس عيد وفرح قلب كالسائر بالناي ليأتي الى جبل الرب الى صخر اسرائيل».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏٢٩‏)‏ يشعر المسيحيون الحقيقيون اليوم بـ‍ «فرح قلب» مماثل فيما ينتظرون دينونة عالم الشيطان وحماية يهوه —‏ ‹صخرة الخلاص› —‏ وبركات الملكوت المستقبلية.‏ —‏ مزمور ٩٥:‏١‏.‏

٢٤،‏ ٢٥ كيف تشدِّد نبوة اشعيا على حقيقة ادانة اشور الآتية؟‏

٢٤ بعد هذه الكلمات المبهجة يعود اشعيا الى موضوع الدينونة ويحدِّد مَن يستهدفه غضب اللّٰه.‏ ‏«يسمِّع الرب جلال صوته ويُري نزول ذراعه بهيجان غضب ولهيب نار آكلة نوء وسيل وحجارة برَد.‏ لأنه من صوت الرب يرتاع اشور.‏ بالقضيب يضرب».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏٣٠،‏ ٣١‏)‏ بهذا الوصف الحي يشدِّد اشعيا على حقيقة ادانة اللّٰه لأشور.‏ فأشور تقف امام اللّٰه وترتجف عند رؤية ‹ذراعه النازلة› لتدينها.‏

٢٥ يمضي النبي قائلا:‏ ‏«يكون كل مرور عصا القضاء التي يُنزلها الرب عليه بالدفوف والعيدان.‏ وبحروب ثائرة يحاربه.‏ لأن تُفتة ‏[‏‏«توفة»،‏ ع‌ج‏] مرتبة منذ الامس مهيأة هي ايضا للملك عميقة واسعة كومتها نار وحطب بكثرة.‏ نفخة الرب كنهر كبريت توقدها».‏ ‏(‏اشعياء ٣٠:‏​٣٢،‏ ٣٣‏)‏ تُستعمل هنا توفة التي في وادي هنوم كمكان رمزي تتَّقد ناره.‏ وعندما يقول اشعيا ان مصير اشور هو هناك،‏ يؤكد ان الدمار الذي سيحلّ بتلك الامة سيكون مباغتا وشاملا.‏ —‏ قارنوا ٢ ملوك ٢٣:‏١٠‏.‏

٢٦ (‏أ)‏ ايّ انطباق عصري هنالك لإعلانات يهوه ضد اشور؟‏ (‏ب)‏ كيف ينتظر المسيحيون اليوم يهوه؟‏

٢٦ مع ان رسالة الدينونة هذه موجَّهة ضد اشور،‏ فمغزى نبوة اشعيا يمتد اكثر في الزمن.‏ (‏روما ١٥:‏٤‏)‏ فمن جديد سيأتي يهوه من بعيد،‏ اذا جاز التعبير،‏ ليغمر ويهزّ ويكبح برسن جميع الذين يظلمون شعبه.‏ (‏حزقيال ٣٨:‏​١٨-‏٢٣؛‏ ٢ بطرس ٣:‏٧؛‏ كشف ١٩:‏١١-‏٢١‏)‏ فليأتِ هذا اليوم سريعا!‏ وحتى ذلك الوقت،‏ ينتظر المسيحيون بشوق يوم الخلاص.‏ وهم يستمدون القوة من التأمل في الكلمات الشيقة المسجلة في الاصحاح ٣٠ من سفر اشعياء‏.‏ فهذه الكلمات تحث خدام اللّٰه على تقدير امتياز الصلاة،‏ العكف على درس الكتاب المقدس،‏ والتأمل في بركات الملكوت المستقبلية.‏ (‏مزمور ٤٢:‏​١،‏ ٢؛‏ امثال ٢:‏​١-‏٦؛‏ روما ١٢:‏١٢‏)‏ وهكذا تساعدنا كلمات اشعيا جميعا على انتظار يهوه.‏

‏[الحواشي]‏

^ ‎الفقرة 13‏ لاحظوا انه لو كانت يهوذا امينة،‏ لحصل العكس تماما.‏ —‏ لاويين ٢٦:‏​٧،‏ ٨‏.‏

^ ‎الفقرة 17‏ هذا هو المكان الوحيد في الكتاب المقدس الذي يدعى فيه يهوه ‹معلما عظيما›.‏

^ ‎الفقرة 21‏ تذكر اشعياء ٣٠:‏٢٥ ب:‏ «في يوم المقتلة العظيمة حينما تسقط الابراج».‏ في الاتمام الاولي،‏ ربما يشير ذلك الى سقوط بابل،‏ الامر الذي فسح المجال لإسرائيل للتمتع بالبركات المنبإ بها في اشعياء ٣٠:‏​١٨-‏٢٦‏.‏ (‏انظروا الفقرة ١٩.‏)‏ ويمكن ان تشير ايضا الى الدمار في هرمجدون الذي سيفسح المجال لأنْ تشهد هذه البركات اعظم اتمام لها في العالم الجديد.‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الصورتان في الصفحة ٣٠٥]‏

في ايام موسى،‏ نُجّي الاسرائيليون من مصر.‏ في ايام اشعيا،‏ تقصد يهوذا مصر طلبا للمساعدة

‏[الصورة في الصفحة ٣١١]‏

‏«على كل اكمة مرتفعة سَواقٍ»‏

‏[الصورة في الصفحة ٣١٢]‏

يهوه مقبل ‹بغضب وسحاب متكاثف›‏