الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

لا تخف من اشور

لا تخف من اشور

الفصل الثاني عشر

لا تخف من اشور

اشعياء ١٠:‏​٥-‏٣٤

١،‏ ٢ (‏أ)‏ من وجهة نظر بشرية،‏ لماذا بدا ان يونان كان محقا في البداية عندما تردد في قبول تفويض الكرازة للاشوريين؟‏ (‏ب)‏ ماذا كان تجاوب اهالي نينوى مع رسالة يونان؟‏

في اواسط القرن التاسع قبل الميلاد،‏ غامر النبي العبراني يونان بن امتاي في دخول نينوى،‏ عاصمة الامبراطورية الاشورية.‏ فقد كان يحمل رسالة خطيرة،‏ لأن يهوه قال له قبلا:‏ «قم اذهب الى نينوى المدينة العظيمة ونادِ عليها لأنه قد صعد شرهم امامي».‏ —‏ يونان ١:‏​٢،‏ ٣ .‏

٢ عندما تلقى يونان تفويضه،‏ هرب في البداية في الاتجاه المعاكس،‏ نحو ترشيش.‏ ومن وجهة نظرٍ بشرية،‏ بدا ان يونان كان محقا في إحجامه.‏ فالاشوريون شعب متوحش.‏ لاحظوا كيف عامل حاكم اشوري اعداءه:‏ «بترتُ اطراف العرفاء .‏ .‏ .‏ وأسرى كثيرين بينهم احرقتُ بالنار،‏ وكثيرون اخذتُهم اسرى احياء.‏ وبترتُ ايدي وأصابع بعضهم،‏ والبعض الآخر جدعتُ انوفهم».‏ ومع ذلك،‏ عندما سلّم يونان اخيرا رسالة يهوه،‏ تاب اهالي نينوى عن خطاياهم وصفح يهوه عن المدينة في ذلك الوقت.‏ —‏ يونان ٣:‏​٣-‏١٠؛‏ متى ١٢:‏٤١ .‏

يهوه يرفع ‹العصا›‏

٣ كيف يختلف تجاوب الاسرائيليين مع تحذيرات انبياء يهوه عن تجاوب اهالي نينوى؟‏

٣ فهل يُظهر الاسرائيليون هذا التجاوب،‏ هؤلاء الذين كرز لهم يونان ايضا؟‏ (‏٢ ملوك ١٤:‏٢٥‏)‏ كلا.‏ فهم يديرون ظهورهم للعبادة النقية.‏ ويصل بهم الامر الى حد ‹السجود لجميع جند السماء وعبادة البعل›.‏ وفوق ذلك كله،‏ «عبَّروا بنيهم وبناتهم في النار وعرفوا عرافة وتفاءلوا وباعوا انفسهم لعمل الشر في عيني الرب لإغاظته».‏ (‏٢ ملوك ١٧:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ فبخلاف اهالي نينوى،‏ لا تتجاوب اسرائيل عندما يرسل يهوه انبياء لتحذيرهم.‏ لذلك يصمِّم يهوه على اتخاذ اجراءات اقسى.‏

٤،‏ ٥ (‏أ)‏ مَن سيستخدم يهوه ك‍ «عصا»،‏ وكيف؟‏ (‏ب)‏ متى تسقط السامرة؟‏

٤ طوال فترة من الوقت بعد زيارة يونان لنينوى،‏ تتراجع نشاطات الاشوريين العدوانية.‏ * ولكن عند بداية القرن الثامن قبل الميلاد،‏ يفرض اشور من جديد نفسه كقوة عسكرية،‏ ويستخدمه يهوه بطريقة مدهشة.‏ ينقل النبي اشعيا تحذيرا من يهوه لمملكة اسرائيل الشمالية يقول فيه:‏ ‏«اه اشور عصا غضبي والمنسأة بأيديهم هي سخطي،‏ سأبعثه الى امة منافقة وعلى قومِ غضبي اوكّله ليأخذ السلب وينهب الغنيمة ويطأهم كوحل الاسواق».‏ —‏ اشعيا ١٠:‏​٥،‏ ٦‏،‏ شد.‏

٥ يا له من اذلال للاسرائيليين!‏ فاللّٰه يستخدم امة وثنية —‏ «اشور» —‏ ك‍ «عصا» لتأديبهم.‏ ففي سنة ٧٤٢ ق‌م يحاصر الملك الاشوري شلمنأسر الخامس السامرة،‏ عاصمة امة اسرائيل المرتدة.‏ ومن موقعها الاستراتيجي على تلة تعلو نحو ٩٠ مترا،‏ تصدّ السامرة العدو طوال ثلاث سنوات تقريبا.‏ ولكن لا تستطيع اية استراتيجية بشرية ان تعيق قصد اللّٰه.‏ ففي سنة ٧٤٠ ق‌م،‏ تسقط السامرة تحت وطء اقدام الاشوريين.‏ —‏ ٢ ملوك ١٨:‏١٠ .‏

٦ بأية طريقة يتجاوز اشور ما يفكر فيه يهوه له؟‏

٦ مع ان يهوه يستخدم الاشوريين ليعلّم شعبه درسا،‏ لا يعترف الاشوريون بيهوه.‏ لهذا السبب يمضي قائلا:‏ ‏«مع انه ‏[‏اشور‏] ليس هكذا فإن له مَيْلا؛‏ ومع ان قلبه ليس هكذا فإنه يخطّط،‏ ففي قلبه ان يبيد وأن يقطع امما ليست بقليلة».‏ ‏(‏اشعيا ١٠:‏٧‏،‏ ع‌ج‏)‏ يقصد يهوه ان يكون اشور اداة في يده.‏ لكنَّ اشور له ميل الى امر آخر.‏ فقلبه يحثه على التخطيط لشيء اعظم:‏ اجتياح العالم المعروف آنذاك!‏

٧ (‏أ)‏ اشرحوا عبارة:‏ «أليس امرائي جميعهم ملوكا؟‏».‏ (‏ب)‏ بمَ ينبغي ان يتَّعظ مَن يتركون يهوه اليوم؟‏

٧ كان الكثير من المدن غير الاسرائيلية التي احتلها الاشوريون يحكمها ملك.‏ ووجب على هؤلاء الملوك السابقين ان يخضعوا لملك اشور كأمراء تابعين له،‏ لذلك يمكنه ان يتباهى بالقول:‏ ‏«أليس امرائي جميعهم ملوكا؟‏».‏ ‏(‏اشعيا ١٠:‏٨‏،‏ ي‌ج‏)‏ وقد عجزت الآلهة الباطلة التي تُعبد في كبرى مدن الامم عن انقاذ عبدتها من الدمار.‏ ولن تنجح الآلهة التي يعبدها سكان السامرة،‏ مثل بعل ومولك والعجلين الذهبيين،‏ في حماية هذه المدينة.‏ ولا يحق للسامرة التي تركت يهوه ان تتوقع منه التدخل.‏ فليتَّعظ كل مَن يتركون يهوه اليوم بمصير السامرة!‏ فأشور يتباهى بشأن السامرة والمدن الاخرى التي احتلها:‏ ‏«أليست كلنو مثل كركميش.‏ أليست حماة مثل ارفاد.‏ أليست السامرة مثل دمشق».‏ ‏(‏اشعياء ١٠:‏٩‏)‏ فلا فرق بينها جميعا في نظر اشور،‏ انها غنيمة يأتي ليأخذها.‏

٨،‏ ٩ لماذا يكون اشور قد تمادى كثيرا عندما يفكر في اجتياح اورشليم؟‏

٨ لكنَّ اشور يتمادى كثيرا في تباهيه.‏ يقول:‏ ‏«كما اصابت يدي ممالك الاوثان وأصنامها المنحوتة هي اكثر من التي لأورشليم وللسامرة أفليس كما صنعت بالسامرة وبأوثانها اصنع بأورشليم وأصنامها».‏ ‏(‏اشعياء ١٠:‏​١٠،‏ ١١‏)‏ كانت الممالك التي هزمها اشور تضمّ اصناما اكثر بكثير من اورشليم او حتى السامرة.‏ فيقول في نفسه:‏ ‹ماذا يمنعني من ان افعل بأورشليم ما فعلته بالسامرة؟‏›.‏

٩ يا له من متبجِّح!‏ فلن يسمح له يهوه باحتلال اورشليم.‏ صحيح ان سجل يهوذا ليس ناصع البياض من جهة دعم العبادة الحقة.‏ (‏٢ ملوك ١٦:‏​٧-‏٩؛‏ ٢ أخبار الايام ٢٨:‏٢٤‏)‏ وقد حذَّر يهوه من ان يهوذا ستعاني الكثير خلال الاجتياح الاشوري بسبب عدم امانتها.‏ لكنَّ اورشليم ستنجو.‏ (‏اشعياء ١:‏​٧،‏ ٨‏)‏ وعندما يقع الاجتياح الاشوري،‏ يكون حزقيا ملكا في اورشليم.‏ وليس حزقيا كأبيه آحاز.‏ ففي اول شهر من مُلكه،‏ اعاد فتح ابواب الهيكل وردّ العبادة النقية.‏ —‏ ٢ أخبار الايام ٢٩:‏​٣-‏٥ .‏

١٠ بماذا يعد يهوه بشأن اشور؟‏

١٠ اذًا يهوه ليس راضيا عن الهجوم الذي ينوي اشور شنَّه على اورشليم.‏ ويعد يهوه بمعاقبة هذه القوة العالمية المتعظمة:‏ ‏«فيكون متى اكمل السيد كل عمله بجبل صهيون وبأورشليم اني اعاقب ثمر عظمة قلب ملك اشور وفخر رفعة عينيه».‏ —‏ اشعياء ١٠:‏١٢ ‏.‏

الزحف نحو يهوذا وأورشليم

١١ لماذا يظن اشور ان اورشليم ستكون فريسة سهلة؟‏

١١ بعد ثماني سنوات من سقوط المملكة الشمالية سنة ٧٤٠ ق‌م،‏ يزحف حاكم اشوري جديد يدعى سنحاريب الى اورشليم.‏ ويصف اشعيا شعريا خطة سنحاريب التبجُّحية قائلا:‏ ‏«نقلتُ تخوم شعوب ونهبت ذخائرهم وحططت الملوك كبطل.‏ فأصابت يدي ثروة الشعوب كعش وكما يُجمع بيض مهجور جمعت انا كل الارض ولم يكن مرفرف جناح ولا فاتح فم ولا مصفصف».‏ ‏(‏اشعياء ١٠:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏ فسنحاريب يقول في نفسه ان مدنا اخرى سقطت،‏ ولم تعد السامرة موجودة؛‏ لذلك ستكون اورشليم فريسة سهلة!‏ صحيح ان المدينة قد تُبدي مقاومة ضعيفة،‏ لكنَّ سكانها سيُخضَعون سريعا دون صوت تقريبا،‏ وستؤخذ ثروتهم كما يؤخذ البيض من عش مهجور.‏

١٢ ما هي النظرة الصحيحة الى تفاخرات اشور كما يُظهرها يهوه؟‏

١٢ ولكن ثمة شيء ينساه سنحاريب.‏ لقد كانت السامرة تستحق العقاب الذي أُنزل بها.‏ أما اورشليم في ايام الملك حزقيا،‏ فصارت من جديد معقل العبادة النقية.‏ وكل مَن يمسّ اورشليم سيضطر الى مواجهة يهوه!‏ يسأل اشعيا بسخط:‏ ‏«هل تفتخر الفأس على القاطع بها او يتكبر المنشار على مردِّده.‏ كأن القضيب يحرك رافعه.‏ كأن العصا ترفع مَن ليس هو عودا».‏ ‏(‏اشعياء ١٠:‏١٥‏)‏ ان الامبراطورية الاشورية هي مجرد اداة في يد يهوه يستخدمها كما يستعمل الحطّاب الفأس او ناشر الخشب المنشار او الراعي القضيب والعصا.‏ فكيف تجرؤ العصا ان تتعظم على مستخدمها؟‏!‏

١٣ حدِّدوا هوية ومصير (‏أ)‏ ‹السِّمان›.‏ (‏ب)‏ ‹الحسك والشوك›.‏ (‏ج)‏ «مجد وعره».‏

١٣ وماذا سيحدث لأشور؟‏ ‏«يرسل السيد سيد الجنود على سِمانه هُزالا ويوقد تحت مجده وقيدا كوقيد النار.‏ ويصير نور اسرائيل نارا وقدوسه لهيبا فيحرق ويأكل حسكه وشوكه في يوم واحد ويفني مجد وعره وبستانه النفس والجسد جميعا.‏ فيكون كذوبان المريض.‏ وبقية اشجار وعره تكون قليلة حتى يكتبها صبي».‏ ‏(‏اشعياء ١٠:‏​١٦-‏١٩‏)‏ نعم،‏ سيبري يهوه «عصا» اشور المتعاظمة!‏ و «سِمان» جيش اشور،‏ جنوده الاشداء،‏ سيصيبهم «هُزال».‏ فلن تبدو عليهم مظاهر القوة!‏ وكالحسك والشوك الكثير،‏ سيحرق نور اسرائيل،‏ يهوه اللّٰه،‏ قوات اشور البرية.‏ وستحلّ نهاية «مجد وعره»،‏ اي ضباطه العسكريين.‏ وبعد ان ينتهي يهوه من اشور،‏ سيبقى ضباط قليلون جدا حتى ان صبيا صغيرا سيتمكن من عدِّهم على اصابعه!‏ —‏ انظروا ايضا اشعياء ١٠:‏​٣٣،‏ ٣٤ ‏.‏

١٤ صفوا تقدُّم اشور على ارض يهوذا بحلول سنة ٧٣٢ ق‌م.‏

١٤ ومع ذلك،‏ لا بد ان اليهود العائشين في اورشليم سنة ٧٣٢ ق‌م يستصعبون تصديق فكرة هزم الاشوريين.‏ فالجيش الاشوري الكبير يتقدم بقوة.‏ انظروا الى قائمة مدن يهوذا التي سقطت:‏ ‏«قد جاء الى عياث .‏ .‏ .‏ مجرون .‏ .‏ .‏ مخماش .‏ .‏ .‏ جبع .‏ .‏ .‏ الرامة .‏ .‏ .‏ جبعة شاول .‏ .‏ .‏ جليم .‏ .‏ .‏ ليشة .‏ .‏ .‏ عناثوث .‏ .‏ .‏ مدمينة .‏ .‏ .‏ جيبيم .‏ .‏ .‏ نوب».‏ ‏(‏اشعياء ١٠:‏​٢٨-‏٣٢ أ‏)‏ * وفي النهاية يبلغ الغزاة لخيش،‏ على بُعد ٥٠ كيلومترا فقط من اورشليم.‏ ولا يمضي وقت طويل حتى يهدِّد جيش اشوري ضخم المدينة.‏ ‏«يهز يده على جبل بنت صهيون اكمة اورشليم».‏ ‏(‏اشعياء ١٠:‏٣٢ ب‏)‏ فماذا يمكن ان يوقف اشور؟‏

١٥،‏ ١٦ (‏أ)‏ لماذا يحتاج الملك حزقيا الى ايمان قوي؟‏ (‏ب)‏ ما هو اساس ايمان حزقيا بأن يهوه سيساعده؟‏

١٥ ينتاب القلق الملك حزقيا وهو في قصره في المدينة.‏ فيمزِّق ثيابه ويتغطى بمسح.‏ (‏اشعياء ٣٧:‏١‏)‏ ويرسل رجالا الى النبي اشعيا ليسأل يهوه من اجل يهوذا.‏ فيعودون بعد وقت قصير حاملين جواب يهوه:‏ «لا تخف .‏ .‏ .‏ [سوف] احامي عن هذه المدينة».‏ (‏اشعياء ٣٧:‏​٦،‏ ٣٥‏)‏ لكنَّ الاشوريين يتوعَّدون ولهم ملء الثقة بأنفسهم.‏

١٦ ان الايمان هو ما سيدعم الملك حزقيا خلال هذه الازمة.‏ والايمان هو «البرهان الجلي على حقائق لا تُرى».‏ (‏عبرانيين ١١:‏١‏)‏ انه يشمل النظر الى ابعد من الامور الواضحة للعيان.‏ لكنَّ الايمان يُبنى على المعرفة.‏ وعلى الارجح يتذكر حزقيا ان يهوه تفوَّه قبلا بهذه الكلمات:‏ ‏«لا تخف من اشور يا شعبي الساكن في صهيون .‏ .‏ .‏ لأنه بعد قليل جدا يتم السخط وغضبي في ابادتهم.‏ ويقيم عليه رب الجنود سوطا كضربة مديان عند صخرة غراب وعصاه على البحر ويرفعها على اسلوب مصر».‏ ‏(‏اشعياء ١٠:‏​٢٤-‏٢٦‏)‏ * نعم،‏ سبق ان مرَّ شعب اللّٰه بظروف صعبة.‏ فقد كان الجيش المصري عند البحر الاحمر اقوى بكثير من اسلاف حزقيا.‏ وقبل قرون،‏ عندما اجتاح مديان وعماليق اسرائيل،‏ كان جيشهما يفوق كثيرا جيش جدعون عددا.‏ لكنَّ يهوه انقذ شعبه في هاتين المناسبتين.‏ —‏ خروج ١٤:‏​٧-‏٩،‏ ١٣،‏ ٢٨؛‏ قضاة ٦:‏٣٣؛‏ ٧:‏​٢١،‏ ٢٢ .‏

١٧ كيف «يَتلَف» نير اشور،‏ ولماذا؟‏

١٧ وهل يعيد يهوه ما فعله في هاتين المناسبتين السابقتين؟‏ نعم.‏ يعد يهوه:‏ ‏«يكون في ذلك اليوم ان حمله يزول عن كتفك ونيره عن عنقك ويَتلَف النير بسبب السمانة ‏[‏‏«الدهن»،‏ ي‌ج‏]‏‏».‏ ‏(‏اشعياء ١٠:‏٢٧‏)‏ فسيُرفع النير الاشوري عن كتف وعنق شعب عهد اللّٰه.‏ و ‹سيَتلَف› النير اشد تلف!‏ ففي ليلة واحدة،‏ يقتل ملاك يهوه ٠٠٠‏,١٨٥ جندي من الاشوريين.‏ ويزول الخطر،‏ ويغادر الاشوريون ارض يهوذا الى الابد.‏ (‏٢ ملوك ١٩:‏​٣٥،‏ ٣٦‏)‏ ولماذا؟‏ ‹بسبب الدهن›.‏ قد يشير ذلك الى الدهن المستعمل لمسح حزقيا ملكا في سلالة داود.‏ وهكذا يتمم يهوه وعده:‏ «احامي عن هذه المدينة لأخلصها من اجل نفسي ومن اجل داود عبدي».‏ —‏ ٢ ملوك ١٩:‏٣٤ .‏

١٨ (‏أ)‏ هل لنبوة اشعيا اكثر من اتمام واحد؟‏ اوضحوا.‏ (‏ب)‏ اية هيئة اليوم تماثل السامرة القديمة؟‏

١٨ ان الرواية المسجلة في هذا الاصحاح من سفر اشعياء لها علاقة بأحداث وقعت في يهوذا قبل اكثر من ٧٠٠‏,٢ سنة.‏ لكنَّ هذه الاحداث لها ارتباط وثيق جدا بأيامنا.‏ (‏روما ١٥:‏٤‏)‏ هل يعني ذلك ان الممثِّلين الرئيسيين في هذه الرواية المثيرة —‏ سكان السامرة وأورشليم وكذلك الاشوريين —‏ لهم مَن يناظرهم اليوم؟‏ نعم.‏ فكالسامرة الصنمية،‏ يدّعي العالم المسيحي انه يعبد يهوه،‏ لكنَّ ارتداده ممتد حتى الصميم.‏ وفي بحث في تطوُّر العقيدة المسيحية ‏(‏بالانكليزية)‏،‏ يعترف الكردينال الكاثوليكي جون هنري نيومان ان الاشياء التي يستعملها العالم المسيحي لقرون،‏ كالبخور والشموع والماء المقدس واللباس الكهنوتي والصور والتماثيل،‏ «جميعها من اصل وثني».‏ فيهوه لا يسرُّ بعبادة العالم المسيحي الملطخة بالوثنية كما لم تسرَّه صنمية السامرة.‏

١٩ ممَّ يحذَّر العالم المسيحي،‏ ومَن يحذِّره؟‏

١٩ يحذِّر شهود يهوه طوال سنوات العالم المسيحي من عدم حيازة رضى يهوه.‏ ففي سنة ١٩٥٥،‏ مثلا،‏ أُلقيت حول العالم محاضرة عامة بعنوان «العالم المسيحي أم المسيحية —‏ ايهما ‹نور العالم›؟‏».‏ وأوضح الخطاب بأسلوب حي كيف ضلّ العالم المسيحي عن العقيدة والممارسة المسيحية الحقة.‏ وبعد ذلك أُرسلت في البريد نسخ من هذه المحاضرة الشديدة اللهجة الى رجال الدين في بلدان كثيرة.‏ ولم يسمع العالم المسيحي كهيئة للتحذير.‏ فلا يبقى امام يهوه إلا ان يؤدبه ‹بعصا›.‏

٢٠ (‏أ)‏ مَن سيكون اشور العصري،‏ وكيف سيُستخدم كعصا؟‏ (‏ب)‏ الى ايّ حد سيؤدَّب العالم المسيحي؟‏

٢٠ ومَن سيستخدم يهوه ليؤدب العالم المسيحي المتمرِّد؟‏ نجد الجواب في الاصحاح ال‍ ١٧ من سفر الكشف‏.‏ فهناك يؤتى على ذكر عاهرة تدعى «بابل العظيمة» تمثِّل كل اديان العالم الباطلة،‏ بما فيها العالم المسيحي.‏ والعاهرة جالسة على وحش قرمزي اللون له سبعة رؤوس وعشرة قرون.‏ (‏كشف ١٧:‏​٣،‏ ٥،‏ ٧-‏١٢‏)‏ ويمثِّل الوحش هيئة الامم المتحدة.‏ * وكما ان اشور قديما دمر السامرة،‏ كذلك فإن الوحش القرمزي اللون ‹سيبغض العاهرة ويجعلها خربة وعريانة،‏ ويأكل لحومها ويحرقها كاملا بنار›.‏ (‏كشف ١٧:‏١٦‏)‏ وهكذا سيوجِّه اشور العصري (‏الدول المنتسبة الى الامم المتحدة)‏ ضربة قوية الى العالم المسيحي ويزيله من الوجود.‏

٢١،‏ ٢٢ مَن سيحث الوحش على مهاجمة شعب اللّٰه؟‏

٢١ وهل يفنى شهود يهوه الامناء مع بابل العظيمة؟‏ كلا.‏ فيهوه ليس مستاء منهم.‏ والعبادة النقية ستبقى.‏ لكنَّ الوحش الذي يدمِّر بابل العظيمة سيلقي نظرة ملؤها الجشع على شعب يهوه.‏ وبذلك لا ينفِّذ الوحش فكر يهوه بل فكر كائن آخر.‏ مَن؟‏ الشيطان ابليس.‏

٢٢ يكشف يهوه خطة الشيطان التبجُّحية:‏ «يكون في ذلك اليوم ان امورا تخطر ببالك [الشيطان] فتفكر فكرا رديئا وتقول اني .‏ .‏ .‏ آتي الهادئين الساكنين في امن كلهم ساكنون بغير سور [يحميهم] .‏ .‏ .‏ لسلب السَّلَب ولغُنم الغنيمة».‏ (‏حزقيال ٣٨:‏​١٠-‏١٢‏)‏ فسيقول الشيطان في نفسه:‏ ‹نعم،‏ لمَ لا احرِّض الامم على مهاجمة شهود يهوه؟‏ فهم ضعفاء،‏ لا حماية لهم،‏ ولا يتمتعون بنفوذ سياسي.‏ ولن يُبدوا اية مقاومة.‏ فكم سيكون سهلا اقتلاعهم كما يؤخذ البيض من عش غير محميّ!‏›.‏

٢٣ لماذا لن يتمكن اشور العصري من ان يفعل بشعب اللّٰه ما يفعله بالعالم المسيحي؟‏

٢٣ ولكن حذارِ ايها الامم!‏ واعرفوا انه اذا مسستم شعب يهوه،‏ فستضطرون الى مواجهة اللّٰه نفسه!‏ فيهوه يحب شعبه،‏ وسيحارب عنهم كما حارب عن اورشليم في ايام حزقيا.‏ وعندما يحاول اشور العصري ابادة خدام يهوه،‏ سيجد نفسه يحارب يهوه اللّٰه والحمل يسوع المسيح.‏ انها معركة لا يمكن ان ينتصر اشور فيها.‏ فكما يقول الكتاب المقدس،‏ «الحمل يغلبهم لأنه رب الارباب وملك الملوك».‏ (‏كشف ١٧:‏١٤‏؛‏ قارنوا متى ٢٥:‏٤٠ .‏)‏ وكأشور قديما،‏ سيمضي الوحش القرمزي اللون «الى الهلاك».‏ ولن يخاف منه احد في ما بعد.‏ —‏ كشف ١٧:‏١١ .‏

٢٤ (‏أ)‏ ماذا يصمِّم المسيحيون الحقيقيون على فعله استعدادا للمستقبل؟‏ (‏ب)‏ كيف ينظر اشعيا الى مستقبل ابعد؟‏ (‏انظروا الاطار في الصفحة ١٥٥ .‏)‏

٢٤ بإمكان المسيحيين الحقيقيين ان يواجهوا المستقبل دون خوف اذا حافظوا على علاقة متينة بيهوه وإذا كان فعل مشيئته اهتمامهم الرئيسي في الحياة.‏ (‏متى ٦:‏٣٣‏)‏ وعندئذ ‹لن يخافوا شرًّا›.‏ (‏مزمور ٢٣:‏٤‏)‏ وسيرون بأعين الايمان ذراع اللّٰه الجبارة وهي ترتفع،‏ لا لمعاقبتهم،‏ بل لحمايتهم من اعدائه.‏ وستسمع آذانهم هذه الكلمات المطمْئِنة:‏ ‹لا تخافوا›.‏ —‏ اشعياء ١٠:‏٢٤ .‏

‏[الحواشي]‏

^ ‎الفقرة 4‏ انظروا بصيرة في الاسفار المقدسة ‏(‏بالانكليزية)‏،‏ المجلد ١،‏ الصفحة ٢٠٣ .‏

^ ‎الفقرة 16‏ لمناقشة اشعياء ١٠:‏​٢٠-‏٢٣‏،‏ انظروا «‏اشعيا ينظر الى مستقبل ابعد‏» في الصفحة ١٥٥ .‏

^ ‎الفقرة 20‏ توجد معلومات اضافية عن هوية العاهرة والوحش القرمزي اللون في الفصلين ٣٤ و ٣٥ من كتاب الرؤيا —‏ ذروتها العظمى قريبة!‏‏،‏ اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحتين ١٥٥ و ١٥٦]‏

اشعيا ينظر الى مستقبل ابعد

اشعياء ١٠:‏​٢٠-‏٢٣

يركّز الاصحاح العاشر من سفر اشعياء بشكل رئيسي على الطريقة التي يستخدم بها يهوه الاجتياح الاشوري لتنفيذ احكامه في اسرائيل،‏ وأيضا على وعده بحماية اورشليم.‏ وبما ان الاعداد ٢٠ الى ٢٣ موجودة في منتصف هذه النبوة،‏ يمكن القول ان لها اتماما عاما خلال الفترة نفسها.‏ (‏قارنوا اشعياء ١:‏​٧-‏٩ .‏)‏ لكنَّ اسلوب التعبير يشير الى ان هذه الاعداد تنطبق بشكل اخصّ على الفترات اللاحقة التي فيها لزم ان تتحمل اورشليم هي ايضا المسؤولية عن خطايا سكانها.‏

يحاول الملك آحاز ان يحقِّق الامن بطلب مساعدة اشور.‏ فينبئ النبي اشعيا انه في وقت ما في المستقبل،‏ لن يتبع الناجون من بيت اسرائيل هذا المسلك الاحمق من جديد.‏ وتقول اشعياء ١٠:‏٢٠ انهم سوف «يتوكلون على الرب قدوس اسرائيل بالحق».‏ لكنَّ العدد ٢١ يُظهر ان عددا صغيرا فقط سيفعل ذلك:‏ «ترجع البقية».‏ ويذكّرنا ذلك بابن اشعيا،‏ شآرياشوب،‏ الذي هو آية في اسرائيل واسمه يعني «بقية ترجع».‏ (‏اشعياء ٧:‏٣‏)‏ ويحذِّر العدد ٢٢ من الاصحاح ١٠ من «فناء» قُضي به.‏ وسيكون هذا الفناء بارًّا لأنه عقاب عادل على شعب متمرِّد.‏ وبسبب ذلك سترجع بقية فقط من امة كانت كثيفة السكان «كرمل البحر».‏ ويحذِّر العدد ٢٣ قائلا ان الفناء القادم سيؤثر في كل الارض هناك.‏ فلن تُستثنى اورشليم هذه المرة.‏

تصف هذه الاعداد جيدا ما حدث سنة ٦٠٧ ق‌م عندما استخدم يهوه الامبراطورية البابلية ك‍ «عصا» له.‏ فكل الارض،‏ بما في ذلك اورشليم،‏ سقطت امام الغازي.‏ وأُخذ اليهود اسرى الى بابل حيث بقوا ٧٠ سنة.‏ ولكن بعد ذلك،‏ رجع البعض —‏ «بقية» —‏ لإعادة تأسيس العبادة النقية في اورشليم.‏

كان للنبوة في اشعياء ١٠:‏​٢٠-‏٢٣ اتمام آخر في القرن الاول،‏ كما يَظهر في روما ٩:‏​٢٧،‏ ٢٨ .‏ (‏قارنوا اشعياء ١:‏٩؛‏ روما ٩:‏٢٩ .‏)‏ يُظهر بولس انه بمعنى روحي ‹رجعت بقية› من اليهود الى يهوه في القرن الاول بعد الميلاد،‏ اذ ان عددا صغيرا من اليهود الامناء صاروا من أتباع يسوع المسيح وأخذوا يعبدون يهوه «بالروح والحق».‏ (‏يوحنا ٤:‏٢٤‏)‏ وانضم اليهم لاحقا الامميون المؤمنون،‏ وبذلك صاروا يشكّلون امة روحية،‏ «اسرائيل اللّٰه».‏ (‏غلاطية ٦:‏١٦‏)‏ وفي هذه المناسبة تمَّت كلمات اشعياء ١٠:‏٢٠‏:‏ ‹لم تعد› امةٌ منتذرة ليهوه تحيد عنه وتتوكل على مصادر بشرية.‏

‏[الصورة في الصفحة ١٤٧]‏

يظن سنحاريب ان جمع الامم سهل كجمع بيض من عش