الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

الدين الباطل —‏ الإنباء بنهايته المفاجئة

الدين الباطل —‏ الإنباء بنهايته المفاجئة

الفصل الثامن

الدين الباطل —‏ الإنباء بنهايته المفاجئة

اشعياء ٤٧:‏​١-‏١٥

١،‏ ٢ (‏أ)‏ لماذا يستبعد البعض الفكرة القائلة ان الجو الديني حول العالم سيشهد قريبا تغيُّرا جذريا؟‏ (‏ب)‏ كيف نعرف ان كلمات اشعياء الاصحاح ٤٧ لها انطباق مستقبلي؟‏ (‏ج)‏ لماذا عبارة «بابل العظيمة» هي تسمية ملائمة لكل دين باطل؟‏

‏«‏الاهتمام بالدين يتجدد»،‏ هذا ما ذكرته مقالة صادرة في ذا نيويورك تايمز ماڠازين ‏(‏بالانكليزية)‏.‏ وأشارت المقالة الى انه لا يزال للدين كما يبدو تأثير كبير في قلوب وعقول ملايين الناس.‏ لذلك قد يبدو من الصعب الاعتقاد ان الجو الديني حول العالم سيشهد تغيُّرا جذريا.‏ لكنَّ هذا التغيير يشار اليه في الاصحاح ٤٧ من سفر اشعياء.‏

٢ صحيح ان كلمات اشعيا تمَّت قبل اكثر من ٥٠٠‏,٢ سنة.‏ لكنَّ الكلمات المسجلة في اشعياء ٤٧:‏٨ مقتبسة في سفر الكشف ولها انطباق مستقبلي.‏ ففي هذا السفر ينبئ الكتاب المقدس بنهاية هيئة مشبهة بعاهرة تدعى «بابل العظيمة» —‏ الامبراطورية العالمية للدين الباطل.‏ (‏كشف ١٦:‏١٩‏)‏ ومن المناسب اطلاق الاسم «بابل» على اديان العالم الباطلة،‏ فمن بابل القديمة عرف الدين الباطل بدايته.‏ ومن هناك انتشر الى اربع زوايا الارض.‏ (‏تكوين ١١:‏​١-‏٩‏)‏ والعقائد الدينية التي نشأت في بابل،‏ كخلود النفس ونار الهاوية وعبادة آلهة ثالوثية،‏ موجودة في كل الاديان تقريبا،‏ بما فيها العالم المسيحي.‏ * فهل تلقي نبوة اشعيا ايّ ضوء على مستقبل الدين؟‏

بابل تُحَط الى التراب

٣ صفوا عظمة الدولة العالمية البابلية.‏

٣ اصغوا الى هذا الاعلان الالهي المثير:‏ ‏«انزلي واجلسي على التراب ايتها العذراء ابنة بابل اجلسي على الارض بلا كرسي يا ابنة الكلدانيين لأنك لا تعودين تدعين ناعمة ومترفهة».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏١‏)‏ لقد تربَّعت بابل طوال سنوات على عرش العالم.‏ وكانت «بهاء الممالك»،‏ مركزا دينيا وتجاريا وعسكريا مزدهرا.‏ (‏اشعياء ١٣:‏١٩‏)‏ وعندما بلغت الامبراطورية البابلية اوجها،‏ امتد سلطانها جنوبا حتى حدود مصر.‏ وحين هزمت اورشليم سنة ٦٠٧ ق‌م،‏ بدا ان اللّٰه نفسه عاجز عن وقف فتوحاتها!‏ وهكذا حسبت بابل نفسها ‹ابنة عذراء›،‏ لن تتعرَّض ابدا لأيّ غزو من قوة اجنبية.‏ *

٤ ماذا سيحلّ ببابل؟‏

٤ لكنَّ هذه «العذراء» المتعالية ستُخلع عن عرش السيادة العالمية وتُجبَر على ‹الجلوس على التراب› اذلالا لها.‏ (‏اشعياء ٢٦:‏٥‏)‏ ولن يُنظر اليها في ما بعد كملكة مدلَّلة «ناعمة ومترفهة».‏ وهكذا يأمر يهوه:‏ ‏«خذي الرحى واطحني دقيقا.‏ اكشفي نقابك شمري الذيل.‏ اكشفي الساق.‏ اعبري الانهار».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏٢‏)‏ ان بابل،‏ بعدما استعبدت كامل أُمَّة يهوذا،‏ ستُعامل الآن كما تعامَل الأَمَة!‏ فالماديون والفرس،‏ الذين يزيحونها عن مركزها العالمي،‏ سيجبرونها على القيام بأعمال مذلّة من اجلهم.‏

٥ (‏أ)‏ كيف ستجرَّد بابل من ‹نقابها وذيلها›؟‏ (‏ب)‏ ماذا يمكن ان يعني امرها ‹بعبور الانهار›؟‏

٥ وهكذا ستجرَّد بابل من ‹النقاب والذيل›،‏ فاقدةً كل ابّهة عظمتها وعزّتها السابقتين.‏ وسيأمرها مسخِّروها قائلين:‏ «اعبري الانهار».‏ فربما يُفرض على بعض البابليين انجاز اعمال يقوم بها العبيد عادةً خارج البيوت.‏ او قد تشير النبوة الى ان البعض سيُجبَرون حرفيا على عبور الانهار خلال سبيهم.‏ على اية حال،‏ لن تعود بابل تتنقل من مكان الى آخر كملكة جليلة تُحمل فوق المياه على كرسي او عربة.‏ بل ستكون كالأَمَة التي تضطر الى التخلي عن احتشامها برفع ذيل لباسها وكشف ساقيها كي تعبر نهرا.‏ فيا له من اذلال!‏

٦ (‏أ)‏ بأيّ معنى ستنكشف عورة بابل؟‏ (‏ب)‏ كيف ‹لا يلاقي اللّٰه رجلا›؟‏ (‏انظروا الحاشية.‏)‏

٦ ويتابع يهوه تعييره قائلا:‏ ‏«تنكشف عورتك وتُرى معاريك.‏ آخذ نقمة ولا اصالح احدا ‏[‏‏«لن ألاقي رجلا»،‏ شد‏]‏‏».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏٣‏)‏ * نعم،‏ ستواجه بابل العار والاذلال.‏ وسيشهَّر علنا الشر والوحشية اللذان ترتكبهما في حق شعب اللّٰه.‏ ولا يستطيع ايّ انسان ان يردّ نقمة اللّٰه!‏

٧ (‏أ)‏ كيف سيتجاوب المسبيون اليهود مع خبر سقوط بابل؟‏ (‏ب)‏ بأية طريقة سيفدي يهوه شعبه؟‏

٧ ان شعب اللّٰه،‏ بعدما بقوا ٧٠ سنة اسرى في بابل الجبارة،‏ سيبتهجون كثيرا بسقوطها.‏ وسيهتفون قائلين:‏ ‏«فادينا رب الجنود اسمه.‏ قدوس اسرائيل».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏٤‏)‏ حسب الشريعة الموسوية،‏ اذا باع اسرائيلي نفسه للعبودية لكي يسدّد ديونه،‏ يمكن لوليّ (‏احد اقرباء الدم)‏ ان يشتريه،‏ او يفكّه ويفديه من عبوديته.‏ (‏لاويين ٢٥:‏​٤٧-‏٥٤‏)‏ وبما ان اليهود سيُباعون عبيدا لبابل،‏ فسيحتاجون الى مَن يفكّهم ويفديهم لكي يتحرروا.‏ صحيح ان الغزو لا يعني عادةً للعبيد سوى الانتقال من رحمة سيّد الى رحمة سيّد آخر،‏ لكنَّ يهوه سيدفع الملك الغازي كورش الى اطلاق سراح اليهود وتحريرهم من عبوديتهم.‏ وستُعطى مصر وكوش وسبا «فدية» لكورش مكان اليهود.‏ (‏اشعياء ٤٣:‏٣‏)‏ ومن الملائم ان يدعى فادي اسرائيل «رب الجنود».‏ فقوة بابل العسكرية،‏ التي تبدو خارقة،‏ انما هي كلا شيء مقارنةً بحشود يهوه الملائكية غير المنظورة.‏

ثمن الوحشية

٨ بأيّ معنى ‹ستدخل بابل في الظلام›؟‏

٨ يتابع يهوه ادانته النبوية لبابل قائلا:‏ ‏«اجلسي صامتة وادخلي في الظلام يا ابنة الكلدانيين لأنك لا تعودين تدعين سيدة الممالك».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏٥‏)‏ لا ينتظر بابل سوى الظلام والغم.‏ فهي لن تبقى سيدة وحشية تسيطر على الممالك الاخرى.‏ —‏ اشعياء ١٤:‏٤‏.‏

٩ لماذا يغضب يهوه على اليهود؟‏

٩ ولكن لماذا سُمح لبابل من البداية بأن تسيء الى شعب اللّٰه؟‏ يوضح يهوه:‏ ‏«غضبت على شعبي دنَّست ميراثي ودفعتهم الى يدك».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏٦ أ‏)‏ يغضب يهوه على اليهود لسبب وجيه.‏ فقد سبق وحذَّرهم من ان عدم اطاعة شريعته سيؤدي الى طردهم من الارض.‏ (‏تثنية ٢٨:‏٦٤‏)‏ وعندما سقطوا في شرك الصنمية والفساد الادبي الجنسي،‏ ارسل يهوه بمحبة انبياءه ليساعدهم على العودة الى العبادة النقية.‏ لكنهم استمروا «يهزأون برسل اللّٰه ورذلوا كلامه وتهاونوا بأنبيائه حتى ثار غضب الرب على شعبه حتى لم يكن شفاء».‏ (‏٢ أخبار الايام ٣٦:‏١٦‏)‏ لذلك سمح يهوه بتدنيس ميراثه،‏ يهوذا،‏ حين اجتاحت بابل الارض ونجّست هيكله المقدس.‏ —‏ مزمور ٧٩:‏١؛‏ حزقيال ٢٤:‏٢١‏.‏

١٠،‏ ١١ لماذا يغضب يهوه على بابل مع ان مشيئته تقضي بأن تغزو شعبه؟‏

١٠ نظرا الى كل هذا،‏ ألا تنفِّذ بابل مشيئة اللّٰه حين تستعبد اليهود؟‏ كلا،‏ لأن اللّٰه يقول:‏ ‏«لم تصنعي لهم رحمة.‏ على الشيخ ثقَّلت نيرك جدا.‏ وقلت الى الابد اكون سيدة حتى لم تضعي هذه في قلبك لم تذكري آخرتها».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏٦ب،‏ ٧‏)‏ لم يأمر اللّٰه بابل ان تتصرف بوحشية بالغة،‏ فهي لم تترأف حتى «على الشيوخ».‏ (‏مراثي ارميا ٤:‏١٦؛‏ ٥:‏١٢‏)‏ ولا طلب منها ان تتلذذ بالهزء من اسراها اليهود.‏ —‏ مزمور ١٣٧:‏٣‏.‏

١١ لا تفهم بابل ان سيطرتها على اليهود انما هي وقتية.‏ فقد تجاهلت تحذيرات اشعيا الذي قال ان يهوه سيحرّر شعبه في النهاية.‏ وهي تتصرف كما لو ان لها الحق في السيطرة على اليهود الى الابد وسيادة الامم الخاضعة لها الى ما لا نهاية.‏ انها لا تصغي الى الرسالة التي تنبِّهها الى وجود «آخرة» لحكمها الظالم!‏

الإنباء بسقوط بابل

١٢ لماذا يقال عن بابل انها «غارقة في الملذات»؟‏

١٢ يعلن يهوه:‏ ‏«فالآن اسمعي هذا ايتها المتنعمة ‏[‏‏«الغارقة في الملذات»،‏ جد‏] الجالسة بالطمأنينة القائلة في قلبها انا وليس غيري.‏ لا اقعد ارملة ولا اعرف الثكل».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏٨‏)‏ يُعرف عن بابل سعيها الحثيث وراء الملذات.‏ فالمؤرخ هيرودوتُس،‏ الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد،‏ يتحدث عن «عادة مخجلة جدا» عند البابليين،‏ وهي انه كان يُفرض على كل النساء ممارسة البغاء اكراما لإلاهة الحب عندهم.‏ وقال ايضا المؤرخ القديم كورتيوس:‏ «ما من انحلال يضاهي انحلال الاخلاق في هذه المدينة؛‏ وما من فساد منظم فيه اغراءات وجواذب الى الخلاعة اكثر من فسادها».‏

١٣ كيف سيُسرِع ولع بابل بالملذات بسقوطها؟‏

١٣ وولع بابل هذا بالملذات سيُسرِع بسقوطها.‏ ففي ليلة سقوطها،‏ سيكون الملك وعظماؤه في وليمة يشربون الخمر حتى يَخدَروا.‏ ولذلك لن يشعروا بالجيوش المادية والفارسية التي تجتاح المدينة.‏ (‏دانيال ٥:‏​١-‏٤‏)‏ ولأنها «جالسة بالطمأنينة»،‏ ستتخيل بابل ان خندقها المائي وأسوارها،‏ التي لا تُخرق في نظرها،‏ ستحميها من العدوان.‏ وتقول لنفسها انه ‹ليس احد غيرها› قادرا ان يشغل مركزها السامي.‏ وهي لا تتصور نفسها تتحول الى «ارملة» بموت حاكمها الملك،‏ ولا ‹ثكلى› فقدت اولادها،‏ اي العامة.‏ ومع ذلك،‏ لا يمكن لأيّ سور ان يحميها من ذراع يهوه اللّٰه المنتقمة!‏ يقول يهوه لاحقا:‏ «لو صعدت بابل الى السموات ولو حصَّنت عَلياء عزِّها فمن عندي يأتي عليها الناهبون».‏ —‏ ارميا ٥١:‏٥٣‏.‏

١٤ بأية طرائق سيأتي على بابل «الثكل والترمل»؟‏

١٤ وماذا سيحلّ ببابل؟‏ يمضي يهوه قائلا:‏ ‏«فيأتي عليك هذان الاثنان بغتة في يوم واحد الثكل والترمل.‏ بالتمام قد اتيا عليك مع كثرة سحورك مع وفور رقاك جدا».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏٩‏)‏ نعم،‏ لن تبقى بابل دائما على عرش السيادة العالمية،‏ بل ستشهد نهاية مفاجئة.‏ كان الترمل والثكل اسوأ المصائب عند المرأة في بلاد الشرق القديم.‏ ولا نعرف كم ولدا تفقد بابل ليلة سقوطها.‏ * لكنَّ هذه المدينة ستخلو تماما من سكانها في الوقت المعين.‏ (‏ارميا ٥١:‏٢٩‏)‏ وستترمل ايضا لأن ملوكها سيُخلعون عن عروشهم.‏

١٥ بالاضافة الى وحشية بابل تجاه اليهود،‏ لأيّ سبب آخر يغضب يهوه عليها؟‏

١٥ ولكنّ اساءة بابل معاملة اليهود ليست السبب الوحيد لغضب يهوه.‏ ‹فكثرة سحورها› تثير حنقه ايضا.‏ تدين شريعة اللّٰه المعطاة لاسرائيل ممارسة الارواحية،‏ أما بابل فعندها اهتمام شديد بعلوم الغيب.‏ (‏تثنية ١٨:‏​١٠-‏١٢؛‏ حزقيال ٢١:‏٢١‏)‏ ويقول كتاب الحياة الاجتماعية عند الاشوريين والبابليين ‏(‏بالانكليزية)‏ ان البابليين كانوا «يعيشون دائما في خوف من الشياطين الكثيرة التي كانوا يعتقدون انها تحيط بهم».‏

الاطمئنان في الشر

١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ كيف ‹تطمئن بابل في الشر›؟‏ (‏ب)‏ لماذا لا يمكن تجنيب بابل النهاية التي تنتظرها؟‏

١٦ هل ينقذ بابلَ عرّافوها؟‏ يجيب يهوه:‏ ‏«وأنتِ اطمأننت في شرك.‏ قلت ليس مَن يراني.‏ حكمتك ومعرفتك هما أفتَناكِ فقلت في قلبك انا وليس غيري».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏١٠‏)‏ تظن بابل انه بواسطة حكمتها الدنيوية والدينية،‏ جبروتها العسكري،‏ ووحشيتها الماكرة،‏ يمكنها الاحتفاظ بمركزها كدولة عالمية.‏ وهي تشعر بأن لا احد يقدر ان ‹يراها›،‏ اي ان يحاسبها على اعمالها الشريرة.‏ ولا ترى في الافق وصول منافس لها،‏ بل تقول لنفسها:‏ «انا وليس وغيري».‏

١٧ لكنَّ يهوه يحذّر،‏ بواسطة نبي آخر:‏ «اذا اختبأ انسان في اماكن مستترة أفما اراه انا».‏ (‏ارميا ٢٣:‏٢٤؛‏ عبرانيين ٤:‏١٣‏)‏ لذلك يعلن يهوه:‏ ‏«يأتي عليك شر لا تعرفين فجره ‏[‏‏«رقية له»،‏ ع‌ج‏] وتقع عليك مصيبة لا تقدرين ان تصديها وتأتي عليك بغتة تهلكة لا تعرفين بها».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏١١‏)‏ فلا آلهة بابل ولا اية «رقية» يصنعها ممارسو الارواحية يمكن ان تجنِّبها الشر الآتي،‏ شرّا لم يسبق ان شهدت له مثيلا!‏

مشيرو بابل يفشلون

١٨،‏ ١٩ كيف سيؤدي اعتماد بابل على مشيريها الى كارثة؟‏

١٨ يأمر يهوه الآن،‏ بسخرية لاذعة:‏ ‏«قفي في رقاك وفي كثرة سحورك التي فيها تعبتِ منذ صباك.‏ ربما يمكنك ان تنفعي.‏ ربما تُرعِبين».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏١٢‏)‏ يجري تحدّي بابل ان ‹تقف›،‏ اي ان تستمر في اعتمادها على السحر.‏ فقد تعبت كثيرا كأمة في تطوير فنونها السحرية منذ ‹صباها›.‏

١٩ لكنَّ يهوه يهزأ بها،‏ قائلا:‏ ‏«قد ضعفتِ من كثرة مشوراتك ‏[‏‏«مشيريك»،‏ ع‌ج‏]‏‏.‏ ليقف قاسمو السماء الراصدون النجوم المعرِّفون عند رؤوس الشهور ويخلّصوك مما يأتي عليك».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏١٣‏)‏ * سيفشل مشيرو بابل فشلا ذريعا.‏ صحيح ان قرونا من الارصاد الفلكية ستنصبُّ كلها في تطوير التنجيم البابلي.‏ ولكن في ليلة سقوطها،‏ سيفضح فشل المنجمين المخزي بُطل العرافة.‏ —‏ دانيال ٥:‏​٧،‏ ٨‏.‏

٢٠ ماذا سيحصل لمشيري بابل؟‏

٢٠ يختتم يهوه هذا الجزء من النبوة بالقول:‏ ‏«ها انهم قد صاروا كالقش.‏ احرقتهم النار.‏ لا ينجّون انفسهم من يد اللهيب.‏ ليس هو جمرا للاستدفاء ولا نارا للجلوس تجاهها.‏ هكذا صار لك الذين تعبت فيهم.‏ تجارك ‏[‏‏«سَحَرَتك»،‏ ي‌ج‏] منذ صباك قد شردوا كل واحد على وجهه وليس مَن يخلّصك».‏ ‏(‏اشعياء ٤٧:‏​١٤،‏ ١٥‏)‏ نعم،‏ سيمرّ هؤلاء المشيرون الباطلون بأوقات عنيفة متأججة كالنار.‏ ولن تكون نارا تبعث الدفء في نفس الملتفين حولها،‏ بل نارا آكلة مهلكة لا يصمد امامها المشيرون الباطلون،‏ كما ان القش لا يصمد امام النار.‏ لذلك لا عجب ان يفرّ مشيرو بابل مذعورين!‏ لقد زال عماد بابل الاخير،‏ وليس مَن يخلّصها.‏ فسيصيبها تماما ما فعلته بأورشليم.‏ —‏ ارميا ١١:‏١٢‏.‏

٢١ كيف ومتى تتحقق كلمات اشعيا النبوية؟‏

٢١ يبدأ اتمام هذه الكلمات الملهمة في سنة ٥٣٩ ق‌م.‏ فجيوش مادي وفارس،‏ بقيادة كورش،‏ يحتلون المدينة ويقتلون ملكها المقيم بيلشاصر.‏ (‏دانيال ٥:‏​١-‏٤،‏ ٣٠‏)‏ وفي ليلة واحدة تُخلَع بابل عن عرش الهيمنة العالمية.‏ وهكذا تنتهي قرون من التفوق الساميّ،‏ ويخضع العالم الآن للسيطرة الآرية.‏ وتبدأ فترة انحطاط بابل التي تدوم قرونا طويلة.‏ وبحلول القرن الرابع الميلادي،‏ تصير مجرد «كوم» من الحجارة.‏ (‏ارميا ٥١:‏٣٧‏)‏ وهكذا تتم نبوة اشعيا بحذافيرها.‏

بابل عصرية

٢٢ ايّ درس عن الكبرياء نتعلمه من سقوط بابل؟‏

٢٢ تدفعنا نبوة اشعيا الى التأمل في امور عديدة.‏ فهي تلقي الضوء مثلا على مخاطر الكبرياء والتشامخ.‏ ويبيِّن سقوط بابل المتكبّرة صحة المثل الوارد في الكتاب المقدس:‏ «قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح».‏ (‏امثال ١٦:‏١٨‏)‏ صحيح ان الكبرياء تسيطر احيانا على طباعنا الناقصة،‏ لكنَّ ‹الانتفاخ بالكبرياء› يمكن ان يؤدي الى السقوط «في تعيير وفي شرك لإبليس».‏ (‏١ تيموثاوس ٣:‏​٦،‏ ٧‏)‏ لذلك يحسن بنا ان نصغي الى نصيحة يعقوب:‏ «تواضعوا في عيني يهوه فيرفعكم».‏ —‏ يعقوب ٤:‏١٠‏.‏

٢٣ اية ثقة تساعدنا نبوة اشعيا على امتلاكها؟‏

٢٣ تساعدنا هذه الكلمات النبوية ايضا على الوثوق بيهوه،‏ الذي هو اقوى من جميع مقاوميه.‏ (‏مزمور ٢٤:‏٨؛‏ ٣٤:‏٧؛‏ ٥٠:‏١٥؛‏ ٩١:‏​١٤،‏ ١٥‏)‏ ويتعزّى المرء حين يتذكر هذا الامر في هذه الايام الصعبة.‏ فالثقة بيهوه تقوّي تصميمنا على البقاء بلا لوم في عينيه،‏ عالمين ان «مستقبل الانسان [الذي بلا لوم] سيكون سلميا».‏ (‏مزمور ٣٧:‏​٣٧،‏ ٣٨‏،‏ ع‌ج‏)‏ لذلك من الحكمة دائما الاعتماد على يهوه وعدم الاتكال على وسائلنا الخاصة في وجه «مكايد» الشيطان.‏ —‏ افسس ٦:‏​١٠-‏١٣‏.‏

٢٤،‏ ٢٥ (‏أ)‏ لماذا التنجيم امر غير منطقي،‏ ولكن لماذا يلتفت اليه العديدون؟‏ (‏ب)‏ ما هي بعض الاسباب التي تدفع المسيحيين الى تجنب المعتقدات الخرافية؟‏

٢٤ لاحظوا اننا نحذَّر من الممارسات الارواحية،‏ وخصوصا التنجيم.‏ (‏غلاطية ٥:‏​٢٠،‏ ٢١‏)‏ فعندما سقطت بابل،‏ بقي التنجيم يؤثر في الناس.‏ ومن المثير للاهتمام ان كتاب المدن العظيمة للعالم القديم ‏(‏بالانكليزية)‏ يذكر ان الكوكبات التي وضع البابليون خرائط لها «لم تَعُد» في مواقعها القديمة،‏ «مما يجعل فكرة [التنجيم] سخيفة».‏ ومع ذلك،‏ لا يزال التنجيم يزدهر،‏ والكثير من الصحف يحتوي على اعمدة مخصصة للأبراج يطالعها قراؤها.‏

٢٥ وماذا يجعل الناس —‏ مع ان كثيرين منهم مثقَّفون جيدا —‏ يرجعون الى النجوم او يقومون بممارسات خرافية وغير منطقية؟‏ تقول دائرة معارف الكتاب العالمي ‏(‏بالانكليزية)‏:‏ «على الارجح سيكون للخرافات دور في الحياة ما دام الناس يخافون بعضهم بعضا ولديهم شكوك بشأن المستقبل».‏ فالخوف والشك قد يدفعان الناس الى الايمان بالخرافات.‏ لكنَّ المسيحيين يتجنبون المعتقدات الخرافية.‏ فليس عندهم خوف الانسان لأن يهوه متَّكلهم.‏ (‏مزمور ٦:‏​٤-‏١٠‏)‏ وليست عندهم شكوك بشأن المستقبل؛‏ فهم يعرفون مقاصد يهوه المعلَنة ومتيقِّنون ان «مشورته تثبت الى الابد».‏ (‏مزمور ٣٣:‏​١١‏،‏ جد‏)‏ وإذا عشنا حياتنا بانسجام مع مشورة يهوه،‏ فلا شك ان مستقبلنا سيكون سعيدا ومديدا.‏

٢٦ كيف تبيَّن ان «افكار الحكماء باطلة»؟‏

٢٦ في السنوات الاخيرة حاول البعض ان يتبيَّنوا المستقبل بطرائق «علمية» اكثر.‏ حتى ان هنالك فرعا من فروع المعرفة يدعى «علم المستقبل»،‏ ويعرَّف بأنه «دراسة تتناول الاحتمالات المستقبلية على اساس الاتجاهات الحالية».‏ مثلا،‏ في سنة ١٩٧٢ توقعت مجموعة من الاكاديميين ورجال الاعمال تُعرف باسم «نادي روما» انه بحلول عام ١٩٩٢،‏ سينفد احتياطي كل العالم من الذهب والزئبق والزنك والنفط.‏ صحيح ان العالم واجه مشاكل مريعة منذ سنة ١٩٧٢،‏ لكنَّ هذا التوقُّع كان خاطئا على كل المستويات.‏ فلا يزال في الارض احتياطي من الذهب والزئبق والزنك والنفط.‏ نعم،‏ لقد ارهق الانسان نفسه وهو يحاول توقُّع المستقبل،‏ لكنَّ تخميناته لا يُعتمد عليها اطلاقا.‏ حقا،‏ ان «أفكار الحكماء باطلة».‏ —‏ ١ كورنثوس ٣:‏٢٠‏.‏

النهاية القريبة لبابل العظيمة

٢٧ متى وبأية طريقة عانت بابل العظيمة سقوطا مماثلا لسقوط بابل سنة ٥٣٩ ق‌م؟‏

٢٧ نشرت الاديان العصرية الكثير من عقائد بابل القديمة.‏ لذلك تستحق الامبراطورية العالمية للدين الباطل ان تُدعى بابل العظيمة.‏ (‏كشف ١٧:‏٥‏)‏ لقد سبق ان تعرَّض هذا التجمُّع الديني العالمي لسقوط مماثل لسقوط بابل القديمة سنة ٥٣٩ ق‌م.‏ (‏كشف ١٤:‏٨؛‏ ١٨:‏٢‏)‏ ففي سنة ١٩١٩،‏ خرجت البقية من اخوة المسيح من الاسر الروحي وتخلصوا من النفوذ الديني للعالم المسيحي،‏ جزء بارز من بابل العظيمة.‏ ومنذ ذلك الوقت فقدَ العالم المسيحي الكثير من نفوذه في بلدان عديدة حيث كان قويا في الماضي.‏

٢٨ بماذا تتباهى بابل العظيمة،‏ ولكن ماذا ينتظرها؟‏

٢٨ لكنَّ هذا السقوط ليس إلّا الخطوة الاولى التي تسبق الدمار الشامل للدين الباطل.‏ ومن المثير للاهتمام ان نبوة سفر الكشف عن دمار بابل العظيمة تذكّرنا بالكلمات النبوية المسجلة في اشعياء ٤٧:‏​٨،‏ ٩‏.‏ فبابل العظيمة العصرية،‏ شأنها في ذلك شأن بابل القديمة،‏ تقول:‏ «إني جالسة ملكة،‏ ولست أرملة،‏ ولن أرى نوحا أبدا».‏ ولكن «في يوم واحد ستأتي ضرباتها،‏ موت ونوح ومجاعة،‏ وستحترق كاملا بالنار،‏ لأن يهوه اللّٰه الذي دانها قوي».‏ لذلك فإن الكلمات النبوية المسجلة في اشعياء الاصحاح ٤٧ تشكّل تحذيرا للذين لا يزالون ينتمون الى الدين الباطل.‏ وإذا ارادوا ألا يهلكوا معها،‏ فليصغوا الى الوصية الملهمة:‏ «اخرجوا منها».‏ —‏ كشف ١٨:‏​٤،‏ ٧،‏ ٨‏.‏

‏[الحواشي]‏

^ ‎الفقرة 2‏ للحصول على معلومات مفصَّلة حول تطوُّر العقائد الدينية الباطلة،‏ انظروا كتاب بحث الجنس البشري عن اللّٰه،‏ اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.‏

^ ‎الفقرة 3‏ ‏«العذراء ابنة بابل» هي بالعبرانية مصطلح يشير الى بابل او الى سكان بابل.‏ وهي «عذراء» لأن غازيًا لم ينهبها منذ صارت دولة عالمية.‏

^ ‎الفقرة 6‏ وصف العلماء العبارة العبرانية المنقولة حرفيا «لن ألاقي رجلا» بأنها «صعبة الترجمة للغاية».‏ وتضيف اليها ترجمة العالم الجديد ‏(‏بالانكليزية)‏ كلمة «بلطف» للتعبير عن الفكرة انه لن يُسمح لأيّ غريب بالمجيء لإنقاذ بابل.‏ وثمة ترجمة اصدرتها جمعية النشر اليهودية تنقل العبارة الى:‏ «لن .‏ .‏ .‏ ادع انسانا يتوسَّط».‏

^ ‎الفقرة 14‏ يذكر كتاب نبونيد وبيلشاصر ‏(‏بالانكليزية)‏،‏ بقلم رايموند فيليپ داورتي،‏ انه في حين تدّعي تواريخ نبونيد ان غزاة بابل دخلوها «دون قتال»،‏ يشير المؤرخ اليوناني زينوفون الى انه ربما حصل الكثير من سفك الدم.‏

^ ‎الفقرة 19‏ ربما تشير عبارة «قاسمو السماء» الى ممارسة تقسيم السماء الى نطاقات مختلفة لقراءة الابراج.‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الصورتان في الصفحة ١١١]‏

بابل الساعية وراء الملذات ستُحَط الى التراب

‏[الصورة في الصفحة ١١٤]‏

لن يتمكن منجمو بابل من التنبؤ بسقوطها

‏[الصورة في الصفحة ١١٦]‏

روزنامة بابلية تُستعمل في التنجيم،‏ الالف الاول قبل الميلاد

‏[الصور في الصفحة ١١٩]‏

قريبا لن توجد بابل العصرية في ما بعد