الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

‏«انتم شهودي»!‏

‏«انتم شهودي»!‏

الفصل الرابع

‏«انتم شهودي»!‏

اشعياء ٤٣:‏​١-‏٢٨

١ كيف يستخدم يهوه النبوة،‏ وكيف يجب ان يتجاوب شعبه مع النبوة المتمَّمة؟‏

القدرة على الانباء بالمستقبل هي احد الامور التي تميِّز الاله الحقيقي من كل الآلهة الباطلة.‏ ولكن عندما يتنبأ يهوه،‏ لا ينوي بذلك إثبات ألوهيته فقط.‏ فكما يُظهر الاصحاح ٤٣ من سفر اشعياء،‏ يجعل يهوه من النبوة إثباتا لألوهيته وكذلك لمحبته لشعب عهده.‏ ولا يجب على شعبه ان يميِّزوا النبوة المتمَّمة ويلزموا الصمت،‏ بل عليهم ان يشهدوا بما يرونه.‏ نعم،‏ يجب ان يكونوا شهودا ليهوه!‏

٢ (‏أ)‏ ما هي الحالة الروحية لإسرائيل في ايام اشعيا؟‏ (‏ب)‏ كيف يفتح يهوه عيون شعبه؟‏

٢ من المؤسف ان اسرائيل في ايام اشعيا تعيش في وضع مزرٍ جدا حتى ان يهوه يعتبر الشعب معاقا روحيا.‏ ‏«أخرِج الشعب الاعمى وله عيون والاصم وله آذان».‏ ‏(‏اشعياء ٤٣:‏٨‏)‏ وكيف يمكن لشعب افراده عمي وصم روحيا ان يخدموا يهوه كشهود احياء له؟‏ هنالك طريقة واحدة فقط.‏ يجب ان تنفتح عيونهم وآذانهم بطريقة عجائبية.‏ وهذا ما يفعله يهوه دون شك.‏ كيف؟‏ اولا،‏ يمنح يهوه تأديبا شديدا،‏ بسبي سكان مملكة اسرائيل الشمالية سنة ٧٤٠ ق‌م ويهوذا سنة ٦٠٧ ق‌م.‏ ثم يُظهر يهوه قوته نحو شعبه بتحريرهم وإعادة بقية تائبة منتعشة روحيا الى ارضها سنة ٥٣٧ ق‌م.‏ ويهوه واثق جدا ان قصده في هذا الشأن لا يمكن ان يُحبط،‏ حتى انه يتحدث قبل ٢٠٠ سنة تقريبا عن تحرير اسرائيل كما لو انه سبق فحصل.‏

٣ ايّ تشجيع يمنحه يهوه للذين سيُسبَون؟‏

٣ ‏«هكذا يقول الرب خالقك يا يعقوب وجابلك يا اسرائيل.‏ لا تخف لأني فديتك.‏ دعوتك باسمك.‏ انت لي.‏ اذا اجتزت في المياه فأنا معك وفي الانهار فلا تغمرك.‏ اذا مشيت في النار فلا تُلذع واللهيب لا يحرقك.‏ لأني انا الرب الهك قدوس اسرائيل مخلصك».‏ —‏ اشعياء ٤٣:‏​١‏-‏٣ أ.‏

٤ كيف يكون يهوه خالق اسرائيل،‏ وماذا يؤكد لشعبه بشأن رجوعهم الى ارضهم؟‏

٤ يهتم يهوه اهتماما خصوصيا بإسرائيل لأن الامة له.‏ فقد خلقها هو بنفسه اتماما للعهد الابراهيمي.‏ (‏تكوين ١٢:‏​١-‏٣‏)‏ وهكذا يقول المزمور ١٠٠:‏٣‏:‏ «اعلموا ان الرب هو اللّٰه.‏ هو صنعنا وله نحن شعبه وغنم مرعاه».‏ ويهوه،‏ بصفته خالق اسرائيل وفاديها،‏ سيُرجِع شعبه بسلامة الى ارضهم.‏ وكل العوائق،‏ كالمياه والانهار الفائضة والصحاري اللاذعة،‏ لن تقف في طريقهم او تؤذيهم،‏ تماما كما ان امورا مماثلة لم تُعِق تقدُّم آبائهم في طريقهم الى ارض الموعد قبل الف سنة.‏

٥ (‏أ)‏ كيف تعزِّي كلمات يهوه اسرائيل الروحي؟‏ (‏ب)‏ مَن هم رفقاء اسرائيل الروحي،‏ وبمَن يُرمز اليهم؟‏

٥ وتعزِّي كلمات يهوه ايضا بقية اسرائيل الروحي العصري،‏ الذي يشكّل اعضاؤه «خليقة جديدة» مولودة من الروح.‏ (‏٢ كورنثوس ٥:‏١٧‏)‏ وإذ يقفون بجرأة امام «مياه» الجنس البشري،‏ يتمتعون بحماية اللّٰه الحبية عندما يتعرَّضون لفيضانات مجازية.‏ والنار التي تنبعث من اعدائهم لا تؤذيهم،‏ بل تساعد على تمحيصهم.‏ (‏زكريا ١٣:‏٩؛‏ كشف ١٢:‏​١٥-‏١٧‏)‏ وتشمل عناية يهوه ‹الجمع الكثير› من ‹الخراف الاخر› الذين انضموا الى امة اللّٰه الروحية.‏ (‏كشف ٧:‏٩؛‏ يوحنا ١٠:‏١٦‏)‏ وقد رُمز اليهم ‹باللفيف الكثير› الذي خرج من مصر مع الاسرائيليين وأيضا بغير اليهود الذين رجعوا من بابل مع المسبيين المحرَّرين.‏ —‏ خروج ١٢:‏٣٨؛‏ عزرا ٢:‏​١،‏ ٤٣،‏ ٥٥،‏ ٥٨‏.‏

٦ كيف يُظهر يهوه انه اله عادل في ما يتعلق بافتداء (‏أ)‏ اسرائيل الجسدي؟‏ (‏ب)‏ اسرائيل الروحي؟‏

٦ يعد يهوه بإنقاذ شعبه من بابل بواسطة جيوش مادي وفارس.‏ ‏(‏اشعياء ١٣:‏​١٧-‏١٩؛‏ ٢١:‏​٢،‏ ٩؛‏ ٤٤:‏٢٨؛‏ دانيال ٥:‏٢٨‏)‏ وبما ان يهوه اله عادل،‏ فسيدفع «لأُجَرائه» الماديين والفرس فدية مناسبة عوض اسرائيل.‏ ‏«جعلتُ مصر فديتك كوش وسبا عوضك.‏ اذ صرتَ عزيزا في عينيَّ مكرَّما وأنا قد احببتك اعطي اناسا عوضك وشعوبا عوض نفسك».‏ ‏(‏اشعياء ٤٣:‏٣ب،‏ ٤‏)‏ يؤكد التاريخ ان الامبراطورية الفارسية اخضعت مصر وكوش وسبا المجاورة،‏ تماما كما انبأ اللّٰه.‏ (‏امثال ٢١:‏١٨‏)‏ وفي سنة ١٩١٩،‏ اطلق يهوه ايضا بقية اسرائيل الروحي من الاسر بواسطة يسوع المسيح.‏ لكنَّ يسوع لم يكن بحاجة الى مكافأة لقاء خدماته.‏ فهو ليس حاكما وثنيا،‏ وقد كان يحرِّر اخوته الروحيين.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ كان يهوه قد سبق وأعطاه في سنة ١٩١٤ ‹الامم ميراثا له وأقاصي الارض مُلكا له›.‏ —‏ مزمور ٢:‏٨‏.‏

٧ كيف يشعر يهوه نحو شعبه في الماضي وفي الحاضر؟‏

٧ لاحظوا كيف يعبِّر يهوه بصراحة عن مشاعره الرقيقة تجاه المسبيين المفديين.‏ فهو يقول لهم انهم ‹اعزّاء› و ‹مكرَّمون› في عينيه،‏ وإنه ‹يحبهم›.‏ (‏ارميا ٣١:‏٣‏)‏ وعند اللّٰه الشعور نفسه —‏ إن لم يكن اقوى —‏ نحو خدامه الاولياء اليوم.‏ والعلاقة التي تربط المسيحيين الممسوحين باللّٰه ليست ناجمة عن تحدُّرهم،‏ بل عن عمل روح اللّٰه القدس بعد انتذارهم الشخصي لخالقهم.‏ وقد اجتذب يهوه هؤلاء الى ابنه وإلى نفسه وكتب شرائعه ومبادئه على قلوبهم المتقبِّلة.‏ —‏ ارميا ٣١:‏​٣١-‏٣٤؛‏ يوحنا ٦:‏٤٤‏.‏

٨ بمَ يطمئن يهوه المسبيين،‏ وماذا سيكون شعورهم حيال عمل انقاذهم؟‏

٨ يتابع يهوه طمأنته للمسبيين ويقول:‏ ‏«لا تخف فإني معك.‏ من المشرق آتي بنسلك ومن المغرب اجمعك.‏ اقول للشمال اعطِ وللجنوب لا تمنع.‏ ايتِ ببنيَّ من بعيد وببناتي من اقصى الارض.‏ بكل مَن دعي باسمي ولمجدي خلقتُه وجبلتُه وصنعتُه».‏ ‏(‏اشعياء ٤٣:‏​٥‏-‏٧‏)‏ حتى لو كان بنو اللّٰه وبناته في اقصى اقصاء الارض،‏ فلن يعسر على يهوه ان يحرِّرهم عندما يحين الوقت ويعيدهم الى ارضهم المحبوبة.‏ (‏ارميا ٣٠:‏​١٠،‏ ١١‏)‏ ولا شك انهم سيعتبرون هذا التحرير اعظم من انقاذ الامة السابق من مصر.‏ —‏ ارميا ١٦:‏​١٤،‏ ١٥‏.‏

٩ بأية طريقتين يربط يهوه اسمه بأعماله الانقاذية؟‏

٩ عندما يذكّر يهوه شعبه بأنهم دُعوا باسمه،‏ يؤكد صدق وعده بإنقاذ اسرائيل.‏ (‏اشعياء ٥٤:‏​٥،‏ ٦‏)‏ بالاضافة الى ذلك،‏ يربط يهوه اسمه بوعود التحرير التي يقطعها.‏ وهكذا يضمن انه سينال هو المجد حين تتم كلمته النبوية.‏ حتى فاتح بابل لن يُعطى الاكرام الذي لا يليق إلا بالاله الحي الوحيد.‏

الآلهة تحاكَم

١٠ امام ايّ تحدٍّ يضع يهوه الامم وآلهتها؟‏

١٠ يجعل يهوه الآن وعده بتحرير اسرائيل الاساس لدعوى قضائية كونية يحاكِم فيها آلهة الامم.‏ نقرأ:‏ ‏«اجتمعوا يا كل الامم معا ولتلتئم القبائل.‏ مَن مِن ‏[‏آلهتهم‏] يخبر بهذا ويعلِمنا بالاوليات.‏ ليقدِّم ‏[‏آلهتُهم‏] شهودَهم ويتبرروا.‏ او ليسمعوا فيقولوا صدق».‏ ‏(‏اشعياء ٤٣:‏٩‏)‏ يضع يهوه امم العالم امام تحدٍّ كبير.‏ فكما لو انه يقول:‏ ‹لتثبت آلهتكم انها فعلا آلهة وتنبئ بالمستقبل بشكل دقيق›.‏ وبما ان الاله الحقيقي هو وحده القادر على التنبؤ دون فشل،‏ فسيفضح هذا الامتحان كل الدجالين.‏ (‏اشعياء ٤٨:‏٥‏)‏ لكنَّ القادر على كل شيء يضيف شرطا قانونيا آخر:‏ كل مَن يدّعون انهم آلهة حقيقيون يجب ان يقدّموا شهودا على تنبؤاتهم وكذلك على اتمام هذه التنبؤات.‏ ومن الطبيعي ألا يستثني يهوه نفسه من هذا المطلب القانوني.‏

١١ ايّ تفويض يعطيه يهوه لعبده،‏ وماذا يكشف يهوه بشأن ألوهيته؟‏

١١ لا يمكن للآلهة الباطلة العاجزة ان تقدِّم شهودا.‏ لذلك تبقى منصة الشهود خالية بشكل محرج.‏ ولكن يأتي الآن دور يهوه ليثبت ألوهيته.‏ فينظر الى شعبه ويقول:‏ ‏«انتم شهودي .‏ .‏ .‏ وعبدي الذي اخترته لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا اني انا هو.‏ قبلي لم يصوَّر اله وبعدي لا يكون.‏ انا انا الرب وليس غيري مخلّص.‏ انا اخبرت وخلصت وأعلمت وليس بينكم ‏[‏‏«اله»،‏ ع‌ج‏] غريب.‏ وأنتم شهودي .‏ .‏ .‏ وأنا اللّٰه.‏ ايضا من اليوم انا هو ولا منقذ من يدي.‏ أفعل ومَن يرد ‏[‏يدي‏]‏‏».‏ —‏ اشعياء ٤٣:‏​١٠‏-‏١٣‏.‏

١٢،‏ ١٣ (‏أ)‏ اية شهادة وافرة يجب ان يقدّمها شعب يهوه؟‏ (‏ب)‏ كيف برز اسم يهوه في الازمنة العصرية؟‏

١٢ تجاوبا مع كلمات يهوه،‏ تكتظ منصة الشهود بأعداد كبيرة من الشهود الفرحين.‏ ويقدّم هؤلاء شهادة واضحة لا تُدحض.‏ وكيشوع،‏ يشهدون ان ‹كل ما تكلم به يهوه صار.‏ لم تسقط كلمة واحدة›.‏ (‏يشوع ٢٣:‏١٤‏)‏ ولا يزال شعب يهوه يذكرون كلمات اشعيا وإرميا وحزقيال وأنبياء آخرين تنبأوا،‏ كما بصوت واحد،‏ بسبي يهوذا وإنقاذهم العجائبي من السبي.‏ (‏ارميا ٢٥:‏​١١،‏ ١٢‏)‏ وذُكر كورش،‏ منقذ يهوذا،‏ بالاسم قبل وقت طويل من ولادته!‏ —‏ اشعياء ٤٤:‏٢٦–‏٤٥:‏١‏.‏

١٣ نظرا الى كل هذه الادلة الغامرة،‏ مَن يمكنه ان ينكر بعد ان يهوه هو الاله الحقيقي الوحيد؟‏ فيهوه وحده غير مخلوق،‏ بخلاف الآلهة الوثنية؛‏ وهو وحده الاله الحقيقي.‏ * لذلك يتمتع الشعب الحامل اسم يهوه بامتياز فريد ومثير:‏ إخبار الاجيال المقبلة،‏ وكل مَن يستعلم عن يهوه،‏ بأعماله العجيبة.‏ (‏مزمور ٧٨:‏​٥-‏٧‏)‏ كذلك يملك شهود يهوه العصريون امتياز اعلان اسم يهوه في كل الارض.‏ ففي عشرينات القرن العشرين،‏ صار تلاميذ الكتاب المقدس يعون اكثر فأكثر اهمية اسم اللّٰه،‏ يهوه.‏ وبعد ذلك،‏ في ٢٦ تموز (‏يوليو)‏ ١٩٣١،‏ في محفل عُقد في مدينة كولومبس بولاية أوهايو الاميركية،‏ عرض رئيس الجمعية جوزيف ف.‏ رذرفورد قرارا بعنوان «اسم جديد».‏ وهلّل المجتمعون هناك عندما سمعوا الكلمات:‏ «نرغب في ان نُعرَف ونُدعى بالاسم،‏ اي شهود يهوه»،‏ ووافقوا على القرار بقول «نعم» مدوّية.‏ ومنذ ذلك الحين برز اسم يهوه عالميا.‏ —‏ مزمور ٨٣:‏١٨‏.‏

١٤ بمَ يذكّر يهوه الاسرائيليين،‏ ولماذا يأتي هذا التذكير في وقته؟‏

١٤ يهتم يهوه بالذين يحملون اسمه بشكل لائق،‏ ويعتبرهم «كحدقة عينه».‏ ويذكّر الاسرائيليين بذلك،‏ مخبرا اياهم كيف انقذهم من مصر وقادهم بأمان في البرية.‏ (‏تثنية ٣٢:‏​١٠،‏ ١٢‏)‏ في ذلك الوقت لم يكن هنالك اله غريب بينهم،‏ لأنهم رأوا بأم عينهم الاذلال الشديد الذي عانته كل آلهة مصر.‏ نعم،‏ لقد عجزت كل الآلهة المصرية عن حماية مصر وعن منع اسرائيل من الرحيل.‏ (‏خروج ١٢:‏١٢‏)‏ وبابل الجبارة،‏ التي ينتشر في ارجاء عاصمتها ٥٠ معبدا على الاقل للآلهة الباطلة،‏ لن تتمكن من رد يد القادر على كل شيء حين يحرِّر شعبه.‏ فمن الواضح انه «لا منقذ» غير يهوه.‏

خيول الحرب تسقط،‏ والسجون تنفتح

١٥ ماذا يتنبأ يهوه عن بابل؟‏

١٥ ‏«هكذا يقول الرب فاديكم قدوس اسرائيل.‏ لأجلكم ارسلت الى بابل وألقيت المغاليق كلها والكلدانيين في سفن ترنمهم.‏ انا الرب قدوسكم خالق اسرائيل ملككم.‏ هكذا يقول الرب الجاعل في البحر طريقا وفي المياه القوية مسلكا.‏ المخرج المركبة والفرس الجيش والعز.‏ يضطجعون معا لا يقومون.‏ قد خمدوا.‏ كفتيلة انطفأوا».‏ —‏ اشعياء ٤٣:‏​١٤‏-‏١٧‏.‏

١٦ ماذا سيحلّ ببابل،‏ التجار الكلدانيين،‏ وأيّ مدافعين محتمَلين عن بابل؟‏

١٦ بابل هي كالسجن بالنسبة الى المسبيين،‏ لأنها تحُول دون عودتهم الى اورشليم.‏ لكنَّ دفاعات بابل لا تقف عائقا امام القادر على كل شيء،‏ ذاك الذي جعل قبلا «في البحر [الاحمر] طريقا وفي المياه القوية مسلكا» —‏ اشارة الى مياه الاردن كما يَظهر.‏ (‏خروج ١٤:‏١٦؛‏ يشوع ٣:‏١٣‏)‏ وكذلك سيجعل كورش،‏ الاداة التي يستخدمها يهوه،‏ مياه الفرات تتراجع،‏ مما يتيح لمحاربيه دخول المدينة.‏ أما التجار الكلدانيون المتنقّلون عبر قنوات بابل —‏ مجارٍ مائية تجوبها آلاف السفن التجارية والمراكب التي تحمل الآلهة البابلية —‏ فسينوحون عندما تسقط عاصمتهم الجبارة.‏ وكمركبات فرعون في البحر الاحمر،‏ لن تنفع مركبات بابل السريعة في شيء.‏ وهي لن تنقذهم.‏ وستُطفأ حياة ايّ مدافعين محتمَلين بالسهولة نفسها التي تُطفأ بها فتيلة القنديل.‏

يهوه يحمي شعبه العائد

١٧،‏ ١٨ (‏أ)‏ ايّ امر «جديد» يتنبأ يهوه به؟‏ (‏ب)‏ بأيّ معنى يلزم ألا يذكر الشعب الاوليات،‏ ولماذا؟‏

١٧ يقول يهوه،‏ مقارنا اعماله الانقاذية السابقة بما ينوي فعله:‏ ‏«لا تذكروا الاوليات.‏ والقديمات لا تتأملوا بها.‏ هأنذا صانع امرا جديدا.‏ الآن ينبت.‏ ألا تعرفونه.‏ أجعل في البرية طريقا في القفر انهارا.‏ يمجدني حيوان الصحراء الذئاب وبنات النعام لأني جعلت في البرية ماء انهارا في القفر لأسقي شعبي مختاري.‏ هذا الشعب جبلته لنفسي.‏ يحدِّث بتسبيحي».‏ —‏ اشعياء ٤٣:‏​١٨‏-‏٢١‏.‏

١٨ عندما يقول يهوه «لا تذكروا الاوليات»،‏ لا يطلب من خدامه ان يمحوا من ذاكرتهم اعماله الانقاذية السابقة.‏ فالكثير من هذه الاعمال هو جزء من تاريخ اسرائيل الموحى به من اللّٰه،‏ وقد امر يهوه بأن يتذكروا خروجهم من مصر كل سنة عند الاحتفال بالفصح.‏ (‏لاويين ٢٣:‏٥؛‏ تثنية ١٦:‏​١-‏٤‏)‏ لكنَّ يهوه يريد الآن من شعبه ان يمجّده ‹لأمر جديد› —‏ امر سيرونه بأم عينهم.‏ ولا يشتمل ذلك على انقاذهم من بابل فحسب،‏ بل ايضا على رحلة عودتهم العجائبية،‏ ربما عبر طريق الصحراء الاقصر.‏ ففي تلك الارض القاحلة،‏ سيجعل يهوه لهم «طريقا» ويقوم بعجائب تذكّر بما فعله من اجل الاسرائيليين في ايام موسى،‏ اذ سيُطعم العائدين في الصحراء ويطفئ ظمأهم بأنهار حقيقية.‏ وستكون تدابير يهوه سخية جدا حتى ان الحيوانات البرية ستمجّد اللّٰه ولن تهاجم الشعب.‏

١٩ كيف يسلك اعضاء بقية اسرائيل الروحي ورفقاؤهم في «الطريق المقدسة»؟‏

١٩ وبشكل مماثل،‏ تحرَّرت بقية اسرائيل الروحي من الاسر البابلي سنة ١٩١٩،‏ وشرعوا يسلكون في طريق اعدَّها لهم يهوه،‏ «الطريق المقدسة».‏ (‏اشعياء ٣٥:‏٨‏)‏ لم يضطر هؤلاء الى السير في صحراء حارقة من موقع جغرافي الى آخر،‏ كما فعل الاسرائيليون،‏ ولم تنتهِ رحلتهم بالوصول الى اورشليم بعد بضعة اشهر.‏ لكنَّ «الطريق المقدسة» قادت بقية المسيحيين الممسوحين الى فردوس روحي.‏ وهم لا يزالون في تلك «الطريق المقدسة»،‏ لأنهم لا بد ان يعبروا نظام الاشياء هذا بعد.‏ وما داموا في السكة —‏ اي ما داموا يحفظون مقاييس اللّٰه المتعلقة بالطهارة والقداسة —‏ يبقون في الفردوس الروحي.‏ وكم يفرحون بانضمام جمع كثير من الرفقاء «غير الاسرائيليين» اليهم!‏ وفي تباين حاد مع الذين يعتمدون على نظام الشيطان،‏ يستمر اعضاء البقية ورفقاؤهم في التمتع بوليمة روحية غنية من يد يهوه.‏ (‏اشعياء ٢٥:‏٦؛‏ ٦٥:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏ وكثيرون من الاشخاص المشبَّهين بالوحوش،‏ حين يرون بركات يهوه على شعبه،‏ يغيِّرون طرقهم ويمجِّدون الاله الحقيقي.‏ —‏ اشعياء ١١:‏​٦-‏٩‏.‏

يهوه يكشف عن تضايقه

٢٠ كيف خذلت اسرائيل يهوه في ايام اشعيا؟‏

٢٠ ان البقية المستردة من اسرائيل في الماضي مختلفون عن الجيل الشرير في ايام اشعيا.‏ يقول يهوه عن ذلك الجيل الشرير:‏ ‏«انت لم تدعُني يا يعقوب حتى تتعب من اجلي ‏[‏‏«بل سئمت مني»،‏ تف‏] يا اسرائيل.‏ لم تحضر لي شاةَ محرقتك وبذبائحك لم تكرمني.‏ لم استخدمك ‏[‏‏«انا ما ألزمتُك»،‏ جد‏] بتقدمة ولا اتعبتُك بلُبان.‏ لم تشترِ لي بفضة قصبا وبشحم ذبائحك لم تُرْوِني.‏ لكن استخدمتَني بخطاياك ‏[‏‏«جعلتني اخدمك بسبب خطاياك»،‏ ع‌ج‏] وأتعبتَني بآثامك».‏ —‏ اشعياء ٤٣:‏​٢٢‏-‏٢٤‏.‏

٢١،‏ ٢٢ (‏أ)‏ لماذا يمكن القول ان مطالب يهوه ليست ثقيلة؟‏ (‏ب)‏ بأيّ معنى يُلزم الشعب يهوه بأن يخدمهم؟‏

٢١ عندما يقول يهوه:‏ ‹ما ألزمتُك بتقدمة ولا اتعبتُك بلُبان›،‏ لا يقصد ان التقدمة واللبان (‏احد مكوِّنات البخور المقدس)‏ ليسا مفروضَين عليهم.‏ فهما جزء لا يتجزأ من العبادة الحقة تحت عهد الشريعة.‏ ويصح الامر نفسه في ‹القصب›،‏ الذي يشير الى قصب الذَّريرة العطر،‏ وهو احد المكوِّنات الطيبة الرائحة لدهن المسحة المقدس.‏ فالاسرائيليون يتجاهلون استعمال هذه الاشياء في خدمة الهيكل.‏ ولكن هل هذه المطالب ثقيلة؟‏ كلا!‏ فمطالب يهوه خفيفة مقارنةً بما تطلبه الآلهة الباطلة.‏ مثلا،‏ اقتضت عبادة الاله الباطل مولك تقديم الاولاد ذبائح —‏ شيء لم يأمر به يهوه قط!‏ —‏ تثنية ٣٠:‏١١؛‏ ميخا ٦:‏​٣،‏ ٤،‏ ٨‏.‏

٢٢ لو كان عند الاسرائيليين ادراك روحي،‏ لَما ‹سئموا قط من يهوه›.‏ فبفحص شريعته،‏ كانوا سيرون مدى عمق محبته لهم،‏ وكانوا سيقدّمون له ‹الشحم› —‏ افضل اجزاء ذبائحهم —‏ عن طيب نفس.‏ لكنهم أبقوا الشحم لأنفسهم بجشع.‏ (‏لاويين ٣:‏​٩-‏١١،‏ ١٦‏)‏ وكم ارهقت هذه الامة الشريرة يهوه بخطاياها،‏ ملزمةً اياه بأن يخدمها.‏ —‏ نحميا ٩:‏​٢٨-‏٣٠‏.‏

التأديب يثمر

٢٣ (‏أ)‏ لماذا التأديب الذي يمنحه يهوه يستأهله نائلوه؟‏ (‏ب)‏ على ماذا يشتمل تأديب اللّٰه لإسرائيل؟‏

٢٣ مع ان تأديب يهوه شديد —‏ وهم يستأهلونه —‏ فهو يحقق الغايات المنشودة،‏ وهذا ما يجعل اظهار الرحمة ممكنا.‏ ‏«انا انا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا اذكرها.‏ ذكِّرني فنتحاكم معا.‏ حدِّث لكي تتبرر.‏ ابوك الاول اخطأ ووسطاؤك عصوا عليَّ.‏ فدنستُ رؤساء القدس ودفعتُ يعقوب الى اللعن وإسرائيل الى الشتائم».‏ ‏(‏اشعياء ٤٣:‏​٢٥‏-‏٢٨‏)‏ تحدَّرت اسرائيل،‏ كجميع امم العالم،‏ من «الاول»،‏ آدم.‏ لذلك لا يستطيع ايّ اسرائيلي ان ‹يتبرر›.‏ حتى وسطاء اسرائيل —‏ معلّمو او مفسِّرو شريعتها —‏ اخطأوا الى يهوه وعلّموا الاكاذيب.‏ وبالمقابل،‏ سيسلّم يهوه كامل امته الى «اللعن» و «الشتائم».‏ وسيدنّس ايضا كل اصحاب المسؤوليات في ‹مقدسه›.‏

٢٤ لأيّ سبب رئيسي يغفر يهوه لشعبه —‏ القديم والعصري على السواء —‏ ومع ذلك بماذا يشعر نحوهم؟‏

٢٤ ولكن لاحظوا ان الرحمة الالهية لن يُعرب عنها لمجرد ان اسرائيل ندمت،‏ بل لأجل يهوه.‏ نعم،‏ فاسمه مشمول بالامر.‏ فإذا ترك اسرائيل مسبيَّة الى الابد،‏ عيَّر الناظرون اسمه.‏ (‏مزمور ٧٩:‏٩؛‏ حزقيال ٢٠:‏​٨-‏١٠‏)‏ واليوم ايضا،‏ يحتل خلاص البشر المرتبة الثانية بعد تقديس اسم يهوه وتبرئة سلطانه.‏ لكنَّ يهوه يحب الذين يقبلون تأديبه دون تحفُّظ ويعبدونه بالروح والحق.‏ وهو يعرب عن محبته لهؤلاء —‏ سواء أكانوا ممسوحين ام من الخراف الاخر —‏ بمحو تعدّياتهم على اساس ذبيحة يسوع المسيح.‏ —‏ يوحنا ٣:‏١٦؛‏ ٤:‏​٢٣،‏ ٢٤‏.‏

٢٥ اية امور مدهشة سيقوم بها يهوه في المستقبل القريب،‏ وكيف يمكننا إظهار تقديرنا الآن؟‏

٢٥ وعلاوة على ذلك،‏ سيعرب يهوه قريبا عن محبته لجمع كثير من عبّاده الاولياء حين يصنع شيئا جديدا من اجلهم وينقذهم من «الضيق العظيم» ويُدخلهم الى ‹ارض جديدة› مطهَّرة.‏ (‏كشف ٧:‏١٤؛‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏)‏ فسيشاهدون كيف سيعبّر يهوه عن قوته بأروع طريقة رآها البشر.‏ والتوقع الاكيد لهذا الحدث يجعل البقية الممسوحة وجميع الذين سيؤلفون الجمع الكثير يبتهجون ويعيشون كل يوم من حياتهم بانسجام مع هذا التفويض السامي:‏ «انتم شهودي».‏ —‏ اشعياء ٤٣:‏١٠‏.‏

‏[الحاشية]‏

^ ‎الفقرة 13‏ الكثير من الآلهة،‏ في اساطير الامم،‏ «مولودة» ولها «اولاد».‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الصورة في الصفحتين ٤٨ و ٤٩]‏

يدعم يهوه اليهود في طريق عودتهم الى اورشليم

‏[الصور في الصفحة ٥٢]‏

يتحدى يهوه الامم ان يأتوا بشهود لآلهتهم

١-‏ تمثال برونزي لبعل  ٢-‏ تماثيل صلصالية صغيرة لعَشْتورة  ٣-‏ الثالوث المصري المؤلف من حورس وأوزيريس وإيزيس  ٤-‏ الإلاهتان اليونانيتان اثينا (‏الى اليسار)‏ وأفروديت

‏[الصور في الصفحة ٥٨]‏

‏«انتم شهودي».‏ —‏ اشعياء ٤٣:‏١٠