الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

رسالة امل للاسرى الحزانى

رسالة امل للاسرى الحزانى

الفصل السادس عشر

رسالة امل للاسرى الحزانى

اشعياء ٥٥:‏​١-‏١٣

١ صفوا حالة اليهود الاسرى في بابل.‏

كانت فترةً حالكة من تاريخ يهوذا.‏ فقد كان شعب عهد اللّٰه يذوي في بابل بعدما أُجبروا على مغادرة ارضهم مسبيِّين.‏ صحيح انهم أُعطوا قدرا من الحرية ليهتموا بشؤونهم اليومية.‏ (‏ارميا ٢٩:‏​٤-‏٧‏)‏ حتى ان البعض احترفوا مهنًا او انخرطوا في اعمال تجارية.‏ * (‏نحميا ٣:‏​٨،‏ ٣١،‏ ٣٢‏)‏ لكنَّ الحياة لم تكن سهلة بالنسبة الى الاسرى اليهود.‏ فقد كانوا في عبودية،‏ عبودية حرفية وروحية على السواء.‏ فلنرَ كيف.‏

٢،‏ ٣ كيف اثَّر السبي في عبادة اليهود ليهوه؟‏

٢ عندما دمرت الجيوش البابلية اورشليم سنة ٦٠٧ ق‌م،‏ لم يقضوا على امة وحسب،‏ بل وجَّهوا ضربة قاسية ايضا الى العبادة الحقة.‏ فقد أفرغوا هيكل يهوه من محتوياته ودمروه،‏ وشلّوا ترتيب الكهنوت بأسر بعض ابناء سبط لاوي وقتل آخرين.‏ وبعدم وجود بيت للعبادة ومذبح وكهنوت منظم،‏ استحال على اليهود ان يقدموا ذبائح للاله الحقيقي كما امرت الشريعة.‏

٣ كان بإمكان اليهود الامناء ان يحافظوا على هويتهم الدينية بممارسة الختان واتِّباع الشريعة الى الحد الممكن.‏ مثلا،‏ كان بإمكانهم الامتناع عن الاطعمة المحرمة وحفظ السبت.‏ ولكنهم بذلك كانوا يعرِّضون انفسهم لهزء آسريهم،‏ لأن البابليين اعتبروا الشعائر اليهودية سخيفة.‏ ويمكن ان تُرى حالة الحزن التي عاشها المسبيون في كلمات صاحب المزمور التالية:‏ «على انهار بابل هناك جلسنا.‏ بكينا ايضا عندما تذكرنا صهيون.‏ على الصفصاف في وسطها علَّقنا اعوادنا.‏ لأنه هناك سألَنا الذين سبونا كلام ترنيمة ومعذِّبونا [«والساخرون منا»،‏ ع‌ج‏] سألونا فرحا قائلين رنِّموا لنا من ترنيمات صهيون».‏ —‏ مزمور ١٣٧:‏​١-‏٣‏.‏

٤ لماذا لا جدوى من ان يعتمد اليهود على الامم الاخرى لينقذوهم،‏ ولكن الى مَن يمكن ان يلتفتوا لنيل المساعدة؟‏

٤ فإلى مَن يمكن ان يلتفت الاسرى اليهود طلبا للتعزية؟‏ من اين سيأتي خلاصهم؟‏ ليس طبعا من اية من الامم المحيطة!‏ فكلها وقفت عاجزة امام الجيوش البابلية،‏ وكثير منها كان معاديا لليهود.‏ لكنَّ الوضع ليس ميؤوسا منه.‏ فيهوه،‏ الذي تمرَّدوا عليه حين كانوا شعبا حرًّا،‏ وجَّه اليهم برحمة دعوة مشجعة مع انهم كانوا مسبيين.‏

‏«هلموا الى المياه»‏

٥ ما هو معنى الكلمات «هلموا الى المياه»؟‏

٥ بواسطة اشعيا،‏ يتكلم يهوه نبويا الى الاسرى اليهود في بابل:‏ ‏«ايها العطاش جميعا هلموا الى المياه والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرا ولبنا».‏ ‏(‏اشعياء ٥٥:‏١‏)‏ هذه الكلمات غنية بالرموز.‏ تأملوا مثلا في الدعوة:‏ «هلموا الى المياه».‏ ان الحياة بدون ماء مستحيلة.‏ فبدون هذا السائل الثمين،‏ لا يعيش البشر اكثر من اسبوع.‏ لذلك كان ملائما ان يستخدم يهوه الماء كاستعارة ليعبِّر عن التأثير الذي سيكون لكلماته في الاسرى اليهود.‏ فرسالته ستنعشهم كماء بارد في يوم حار.‏ وسترفعهم من حالة يأسهم،‏ اذ تروي عطشهم الى الحق والبر.‏ وستفجِّر في انفسهم امل التحرُّر من الاسر.‏ ولكن،‏ لكي يستفيد الاسرى اليهود،‏ عليهم ان يَنْهَلوا من رسالة اللّٰه وينتبهوا لها ويعملوا بحسب ما تأمر به.‏

٦ كيف سيستفيد اليهود اذا اشتروا «خمرا ولبنا»؟‏

٦ ان يهوه يقدِّم ايضا «خمرا ولبنا».‏ يقوِّي اللبن (‏الحليب)‏ الاجسام الفتية ويساعد الاولاد على النمو.‏ وبشكل مماثل،‏ ستقوِّي كلمات يهوه شعبه روحيا وتمكِّنهم من توطيد علاقتهم به.‏ وماذا عن الخمر؟‏ غالبا ما يُستخدم الخمر في الاحتفالات.‏ ويرتبط في الكتاب المقدس بالازدهار والفرح.‏ (‏مزمور ١٠٤:‏١٥‏)‏ وعندما يقول يهوه لشعبه ان ‹يشتروا خمرا›،‏ يؤكد لهم ان الرجوع من كل القلب الى العبادة الحقة لن يجعلهم ‹الا فرحين›.‏ —‏ تثنية ١٦:‏١٥؛‏ مزمور ١٩:‏٨؛‏ امثال ١٠:‏٢٢‏.‏

٧ لماذا رأفة يهوه حيال المسبيين لافتة للنظر،‏ وماذا يعلِّمنا ذلك عنه؟‏

٧ ما ارحم يهوه حين يعرض انعاشا روحيا كهذا على اليهود المسبيين!‏ وتصير رأفته لافتة اكثر للنظر حين نتذكر تاريخ اليهود المتسم بالعصيان والتمرد.‏ لا تعني مبادرة يهوه انهم يستحقون رضاه.‏ لكنَّ المرنم الملهم داود كتب قبل قرون:‏ «الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة.‏ لا يحاكم الى الابد ولا يحقد الى الدهر».‏ (‏مزمور ١٠٣:‏​٨،‏ ٩‏)‏ فيهوه لا يقطع علاقته بشعبه،‏ بل يقوم بالخطوة الاولى نحو المصالحة.‏ انه فعلا اله «يُسر بالرأفة».‏ —‏ ميخا ٧:‏١٨‏.‏

ثقة في غير محلها

٨ بمَن وثق كثيرون من اليهود،‏ ورغم ايّ تحذير؟‏

٨ حتى هذا الوقت ليس عند يهود كثيرين ملء الثقة بأن يهوه سيجلب الخلاص.‏ فقبل سقوط اورشليم،‏ مثلا،‏ اعتمد حكامها على دعم الامم القوية،‏ ممارسين الزنا،‏ اذا جاز التعبير،‏ مع مصر وبابل على السواء.‏ (‏حزقيال ١٦:‏​٢٦-‏٢٩؛‏ ٢٣:‏١٤‏)‏ لذلك كان ارميا محقا حين حذرهم قائلا:‏ «ملعون الرجل الذي يتكل على الانسان ويجعل البشر ذراعه وعن الرب يحيد قلبه».‏ (‏ارميا ١٧:‏٥‏)‏ ولكن هذا تماما ما فعله شعب اللّٰه!‏

٩ كيف ربما يزِن يهود كثيرون «فضة لغير خبز»؟‏

٩ وها هم الآن مستعبَدون لإحدى الامم التي اتكلوا عليها.‏ فهل تعلَّموا درسا من ذلك؟‏ ربما لم يتعلم كثيرون،‏ لأن يهوه يسأل:‏ ‏«لماذا تزِنون فضة لغير خبز وتعبكم لغير شبع».‏ ‏(‏اشعياء ٥٥:‏٢ أ‏)‏ اذا كان اليهود الاسرى يتكلون على احد غير يهوه،‏ فهم «يزِنون فضة لغير خبز».‏ فمن المؤكد ان بابل لن تطلق سراحهم لأن سياستها لا تجيز عودة الاسرى الى ارضهم.‏ نعم،‏ ليس لدى بابل،‏ بنزعتها الاستعمارية والتجارية وعبادتها الباطلة،‏ ما تقدِّمه لليهود المسبيين.‏

١٠ (‏أ)‏ كيف سيكافئ يهوه اليهود المسبيين اذا استمعوا له؟‏ (‏ب)‏ ايّ عهد كان يهوه قد قطعه مع داود؟‏

١٠ يناشد يهوه شعبه:‏ ‏«استمعوا لي استماعا وكلوا الطيِّب ولتتلذذ بالدسم انفسكم.‏ اميلوا آذانكم وهلموا اليَّ.‏ اسمعوا فتحيا انفسكم وأقطع لكم عهدا ابديا مراحم داود الصادقة».‏ ‏(‏اشعياء ٥٥:‏٢ب،‏ ٣‏)‏ فيهوه،‏ الذي يتكلم اليهم الآن نبويا من خلال اشعيا،‏ هو الامل الوحيد لهؤلاء الذين يعانون سوء تغذية روحيا.‏ وحياتهم تعتمد على استماعهم لرسالة اللّٰه،‏ لأنه يقول ان ‹انفسهم تحيا› اذا سمعوا.‏ ولكن ما هو ‹العهد الابدي› الذي سيقطعه يهوه مع الذين يتجاوبون مع كلامه؟‏ يتعلق هذا العهد بـ‍ «مراحم داود الصادقة».‏ وقبل قرون،‏ وعد يهوه داود ان كرسيه سيصير «ثابتا الى الابد».‏ (‏٢ صموئيل ٧:‏١٦‏)‏ وهكذا يرتبط ‹العهد الابدي› المذكور هنا بالحكم.‏

وارث دائم لمملكة ابدية

١١ لماذا ربما يبدو اتمام وعد اللّٰه لداود مستحيلا في اعين المسبيين في بابل؟‏

١١ لا يُنكر ان فكرة تسلُّم فرد من سلالة داود زمام الحكم ربما تبدو مستحيلة في اعين اليهود المسبيين.‏ فقد خسروا ارضهم،‏ حتى انهم خسروا هويتهم كأمة!‏ ولكنّ هذا امر وقتي.‏ فيهوه لم ينسَ عهده مع داود.‏ وقصْد اللّٰه بشأن مملكة ابدية من سلالة داود سينجح دون شك،‏ مهما بدا الامر مستحيلا عند البشر.‏ ولكن كيف ومتى؟‏ في سنة ٥٣٧ ق‌م،‏ يطلق يهوه شعبه من الاسر البابلي ويردّهم الى ارضهم.‏ فهل يؤدي ذلك الى تأسيس مملكة ابدية؟‏ كلا،‏ لأنهم يبقون خاضعين لإمبراطورية وثنية اخرى:‏ مادي وفارس.‏ و «الازمنة المعينة» لحكم الامم لم تنتهِ بعد.‏ (‏لوقا ٢١:‏٢٤‏)‏ وبعدم وجود ملك في اسرائيل،‏ سيبقى وعد يهوه لداود غير متمَّم طوال قرون.‏

١٢ اية خطوة قام بها يهوه لإتمام عهد الملكوت الذي قطعه مع داود؟‏

١٢ بعد اكثر من ٥٠٠ سنة من اطلاق اسرائيل من الاسر البابلي،‏ قام يهوه بخطوة كبيرة نحو اتمام عهد الملكوت عندما نقل حياة ابنه البكر،‏ اول اعماله الخلقية،‏ من المجد السماوي الى رحم العذراء اليهودية مريم.‏ (‏كولوسي ١:‏​١٥-‏١٧‏)‏ قال ملاك يهوه لمريم وهو يخبرها بذلك:‏ «هذا يكون عظيما ويدعى ابن العلي؛‏ ويعطيه يهوه اللّٰه عرش داود أبيه،‏ ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد،‏ ولا يكون لمملكته نهاية».‏ (‏لوقا ١:‏​٣٢،‏ ٣٣‏)‏ لذلك وُلد يسوع في سلالة داود الملكية وورث الحق في الحكم.‏ وعند تتويجه ملكا،‏ كان سيحكم «الى الابد».‏ (‏اشعياء ٩:‏٧؛‏ دانيال ٧:‏١٤‏)‏ وبهذه الطريقة فُتح الطريق الآن ليتم وعد يهوه،‏ الذي قُطع قبل قرون،‏ بإعطاء الملك داود وارثا دائما.‏

‏‹آمر للشعوب›‏

١٣ كيف كان يسوع «شاهدا للشعوب» خلال خدمته وبعد صعوده على السواء؟‏

١٣ ماذا سيفعل هذا الملك المستقبلي؟‏ يقول يهوه:‏ ‏«هاءنذا جعلته للشعوب شاهدا للشعوب قائدا وآمرا».‏ ‏(‏اشعيا ٥٥:‏٤‏،‏ ي‌ج‏)‏ عندما كبر يسوع،‏ صار ممثِّل يهوه على الارض،‏ شاهد اللّٰه للامم.‏ صحيح ان خدمته خلال حياته البشرية كانت موجَّهة الى «خراف بيت اسرائيل الضائعة»،‏ ولكن قُبيل صعوده الى السماء قال لأتباعه:‏ «اذهبوا وتلمذوا أناسا من جميع الأمم .‏ .‏ .‏ وها أنا معكم كل الأيام إلى اختتام نظام الأشياء».‏ (‏متى ١٠:‏​٥،‏ ٦؛‏ ١٥:‏٢٤؛‏ ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏ وهكذا،‏ في الوقت المعين،‏ وصلت رسالة الملكوت الى غير اليهود،‏ وشارك بعضهم في اتمام العهد الذي قُطع مع داود.‏ (‏اعمال ١٣:‏٤٦‏)‏ وبهذه الطريقة بقي يسوع،‏ حتى بعد موته وقيامته وصعوده الى السماء،‏ ‹شاهد يهوه للشعوب›.‏

١٤،‏ ١٥ (‏أ)‏ كيف برهن يسوع انه ‹قائد وآمر›؟‏ (‏ب)‏ ماذا كان رجاء أتباع يسوع في القرن الاول؟‏

١٤ لزم ان يكون يسوع ايضا «قائدا وآمرا».‏ وطبقا لهذا الوصف النبوي،‏ قبِل يسوع،‏ عندما كان على الارض،‏ كل مسؤوليات رئاسته وأخَذ القيادة،‏ جاذبا جموعا ضخمة ومعلِّما اياهم كلام الحق ومشيرا الى فوائد اتِّباع رئاسته.‏ (‏متى ٤:‏٢٤؛‏ ٧:‏​٢٨،‏ ٢٩؛‏ ١١:‏٥‏)‏ ودرَّب تلاميذه جيدا،‏ معدًّا اياهم للحملة الكرازية التي تنتظرهم.‏ (‏لوقا ١٠:‏​١-‏١٢؛‏ اعمال ١:‏٨؛‏ كولوسي ١:‏٢٣‏)‏ وفي ثلاث سنوات ونصف فقط،‏ وضع يسوع الاساس لجماعة موحَّدة عالمية مؤلفة من آلاف الاعضاء من مختلف العروق!‏ ولا احد غير ‹القائد والآمر› الحقيقي قادر على انجاز هذه المهمة الضخمة.‏ *

١٥ ان الذين انضموا الى الجماعة المسيحية في القرن الاول كانوا ممسوحين بروح اللّٰه القدس،‏ وكان رجاؤهم ان يحكموا مع يسوع في ملكوته السماوي.‏ (‏كشف ١٤:‏١‏)‏ لكنَّ نبوة اشعيا تمتد الى ما بعد ايام المسيحية الباكرة.‏ فالادلة تُظهر ان يسوع المسيح لم يبدأ حكمه كملك ملكوت اللّٰه حتى سنة ١٩١٤.‏ وبُعيد ذلك نشأت حالة بين المسيحيين الممسوحين على الارض كانت لها تناظرات كثيرة مع ما حدث لليهود المسبيين في القرن السادس قبل الميلاد.‏ حتى انه يمكن القول ان ما حدث لهؤلاء المسيحيين يشكّل اتماما اعظم لنبوة اشعيا.‏

الاسر والاطلاق العصريان

١٦ اية شدَّة تلت تتويج يسوع سنة ١٩١٤؟‏

١٦ اتَّسم تتويج يسوع ملكا سنة ١٩١٤ بشدَّة عالمية لم يسبق لها مثيل.‏ ولماذا؟‏ لأن يسوع،‏ عندما ملكَ،‏ طرد الشيطان والمخلوقات الروحانية الشريرة الاخرى من السماء.‏ وعندما حُصرت تحركات الشيطان في الارض،‏ بدأ يشن حربا على القديسين الباقين،‏ بقية المسيحيين الممسوحين.‏ (‏كشف ١٢:‏​٧-‏١٢،‏ ١٧‏)‏ وأتت الذروة سنة ١٩١٨ عندما توقف العمل الكرازي العلني كاملا تقريبا وسُجن مسؤولون في جمعية برج المراقبة بتهمة باطلة هي التحريض على الفتنة.‏ وبهذه الطريقة أُخذ خدام يهوه العصريون الى اسر روحي،‏ الامر الذي يذكّر بالاسر الحرفي لليهود القدماء.‏ وكان سيف التعيير مُصلَتا عليهم.‏

١٧ كيف تغيَّرت حالة الممسوحين سنة ١٩١٩،‏ وكيف تقوَّوا آنذاك؟‏

١٧ لكنَّ حالة الاسر التي عاشها خدام اللّٰه الممسوحون لم تدم طويلا.‏ ففي ٢٦ آذار (‏مارس)‏ ١٩١٩،‏ أُطلق سراح المسؤولين المسجونين،‏ وبعد ذلك أُسقطت كل التهم الموجَّهة اليهم.‏ وسكب يهوه روحه القدس على شعبه المحرَّر،‏ مقوِّيا اياهم للعمل الذي ينتظرهم.‏ فتجاوبوا بفرح مع الدعوة ان يأخذوا «ماء الحياة مجانا».‏ (‏كشف ٢٢:‏١٧‏)‏ لقد اشتروا «بلا فضة وبلا ثمن خمرا ولبنا»،‏ وتقوَّوا روحيا استعدادا لتوسُّع مستقبلي رائع،‏ توسُّع لم تتوقَّعه البقية الممسوحة.‏

جمع كثير يركض الى ممسوحي اللّٰه

١٨ من ايّ فريقين يتألف تلاميذ يسوع المسيح،‏ وماذا يشكِّلان اليوم؟‏

١٨ يملك تلاميذ يسوع واحدا من هذين الرجاءين.‏ اولا،‏ جرى تجميع ‹قطيع صغير› من ٠٠٠‏,١٤٤ شخص —‏ مسيحيين ممسوحين من خلفيات يهودية وأممية هم «اسرائيل اللّٰه»،‏ ولهؤلاء رجاء الحكم مع يسوع في ملكوته السماوي.‏ (‏لوقا ١٢:‏٣٢؛‏ غلاطية ٦:‏١٦؛‏ كشف ١٤:‏١‏)‏ ثانيا،‏ ظهر في الايام الاخيرة «جمع كثير» من ‹الخراف الاخر›.‏ ويملك هؤلاء رجاء العيش الى الابد على ارض فردوسية.‏ وقبل اندلاع الضيق العظيم،‏ يشارك هذا الجمع —‏ الذي لم يحدَّد عدد افراده مسبقا —‏ القطيع الصغير في خدمته،‏ ويشكِّل الفريقان كلاهما «رعية واحدة» تحت إمرة «راعٍ واحد».‏ —‏ كشف ٧:‏​٩،‏ ١٠؛‏ يوحنا ١٠:‏١٦‏.‏

١٩ كيف تجاوبت «امة»،‏ لم يسبق لإسرائيل اللّٰه ان عرفها،‏ مع دعوة هذه الامة الروحية؟‏

١٩ يمكن تبيُّن تجميع هذا الجمع الكثير في الكلمات التالية لنبوة اشعيا:‏ ‏«ها امة لا تعرفها تدعوها وأمة لم تعرفك تركض اليك من اجل الرب الهك وقدوس اسرائيل لأنه قد مجَّدك».‏ ‏(‏اشعياء ٥٥:‏٥‏)‏ في السنوات التي تلت اطلاقهم من الاسر الروحي،‏ لم تفهم البقية الممسوحة في البداية ان يهوه سيستخدمهم قبل هرمجدون لدعوة «امة» كبيرة الى عبادته.‏ ولكن،‏ على مر الوقت،‏ بدأ كثيرون من مستقيمي القلوب،‏ ممَّن لم يكن رجاؤهم سماويا،‏ يعاشرون الممسوحين ويخدمون يهوه بنفس غيرة الممسوحين.‏ فقد لاحظ هؤلاء الوافدون الجدد الحالة المجيدة لشعب اللّٰه،‏ وأدركوا ان يهوه معهم.‏ (‏زكريا ٨:‏٢٣‏)‏ وفي ثلاثينات القرن العشرين،‏ فهمت البقية الهوية الحقيقية لهذا الفريق الذي كانت اعداد افراده تتزايد في وسطهم.‏ فأدركوا ان عمل تجميع عظيما يكمن امامهم.‏ وكان الجمع الكثير «يركض» ليقترن بشعب عهد اللّٰه،‏ وذلك لسبب وجيه.‏

٢٠ (‏أ)‏ لماذا من الملح في ايامنا ان ‹نطلب يهوه›،‏ وكيف يجري ذلك؟‏ (‏ب)‏ كيف سيتجاوب يهوه مع الذين يطلبونه؟‏

٢٠ في ايام اشعيا خرجت الدعوة:‏ ‏«اطلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه وهو قريب».‏ ‏(‏اشعياء ٥٥:‏٦‏)‏ تصحُّ هذه الكلمات في ايامنا،‏ سواء بالنسبة الى الذين يؤلفون اسرائيل اللّٰه او بالنسبة الى الجمع الكثير المتزايد عدده.‏ لكنَّ بركة يهوه ليست غير مشروطة،‏ ولا يبسط دعوته الى ما لا نهاية.‏ فالآن هو الوقت لطلب رضى اللّٰه.‏ لأنه عندما يحين الوقت المعين لدينونة يهوه،‏ سيكون الاوان قد فات.‏ لذلك يقول اشعيا:‏ ‏«ليترك الشرير طريقه ورجل الاثم افكاره وليتب ‏[‏‏«وليرجع»،‏ ي‌ج‏] الى الرب فيرحمه وإلى الهنا لأنه يكثر الغفران».‏ —‏ اشعياء ٥٥:‏٧‏.‏

٢١ كيف خانت امة اسرائيل عهد آبائهم؟‏

٢١ تدل عبارة ‹ليرجع الى الرب› ضمنا ان الاشخاص الذين يلزم ان يتوبوا كانت عندهم علاقة باللّٰه.‏ وتذكِّرنا العبارة بأن اوجها عديدة من هذا الجزء من نبوة اشعيا لها انطباق اولي على الاسرى اليهود في بابل.‏ فقبل قرون،‏ اعلن آباء هؤلاء الاسرى تصميمَهم على اطاعة يهوه حين قالوا:‏ «حاشا لنا ان نترك الرب لنعبد آلهة اخرى».‏ (‏يشوع ٢٤:‏١٦‏)‏ ويُظهر التاريخ ان ما قالوا عنه «حاشا» فعلوه —‏ وأكثر من مرة!‏ وبسبب عدم ايمان شعب اللّٰه صاروا مسبيين في بابل.‏

٢٢ لماذا يقول يهوه ان افكاره وطرقه اعلى من افكار الانسان وطرقه؟‏

٢٢ وماذا سيحدث اذا تابوا؟‏ يعد يهوه بواسطة اشعيا انه سوف «يكثر الغفران».‏ ويضيف:‏ ‏«لأن افكاري ليست افكاركم ولا طرقكم طرقي يقول الرب.‏ لأنه كما علت السموات عن الارض هكذا علت طرقي عن طرقكم وأفكاري عن افكاركم».‏ ‏(‏اشعياء ٥٥:‏​٨،‏ ٩‏)‏ يهوه كامل،‏ وأفكاره وطرقه عالية ولا يمكن بلوغها.‏ حتى رحمته اعلى من ان يرجو البشر بلوغها.‏ فكروا في هذا:‏ عندما نغفر لأخينا الانسان،‏ ففي هذه الحالة يغفر خاطئ لخاطئ مثله.‏ ونعرف اننا عاجلا او آجلا سنحتاج الى ان يغفر لنا انسان آخر.‏ (‏متى ٦:‏١٢‏)‏ أما يهوه،‏ مع انه لا يحتاج ابدا الى ان يُغفر له،‏ فيَغفر و «يكثر» الغفران!‏ انه فعلا اله فائق اللطف الحبي.‏ ويهوه،‏ برحمته،‏ يفتح كوى السموات،‏ مغدقا وابلا من البركات على الذين يرجعون اليه من كل قلوبهم.‏ —‏ ملاخي ٣:‏١٠‏.‏

بركات تنتظر الراجعين الى يهوه

٢٣ كيف يوضح يهوه عدم وجود ادنى شك في اتمام كلمته؟‏

٢٣ يعد يهوه شعبه:‏ ‏«كما ينزل المطر والثلج من السماء ولا يرجعان الى هناك بل يرويان الارض ويجعلانها تلد وتنبت وتعطي زرعا للزارع وخبزا للآكل هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي.‏ لا ترجع اليَّ فارغة بل تعمل ما سررتُ به وتنجح في ما ارسلتُها له».‏ ‏(‏اشعياء ٥٥:‏​١٠،‏ ١١‏)‏ كل ما يقوله يهوه سيتمّ لا محالة.‏ فكما ان المطر والثلج المتساقطَين من السماء ينجزان قصدهما،‏ اذ يرويان الارض ويجعلانها تثمر،‏ كذلك كلمة يهوه التي تخرج من فمه يُعتمد عليها كل الاعتماد.‏ فما يعد به سوف يتم دون ادنى شك.‏ —‏ عدد ٢٣:‏١٩‏.‏

٢٤،‏ ٢٥ اية بركات تنتظر المسبيين اليهود الذين يطيعون رسالة يهوه بواسطة اشعيا؟‏

٢٤ وهكذا اذا اصغى اليهود الى الكلمات النبوية الموجَّهة اليهم بواسطة اشعيا،‏ فسينالون دون شك الخلاص الذي يعد به يهوه.‏ ونتيجةً لذلك سيختبرون فرحا عظيما.‏ يذكر يهوه:‏ ‏«لأنكم بفرح تخرجون وبسلام تُحضَرون.‏ الجبال والآكام تُشيد امامكم ترنُّما وكل شجر الحقل تصفق بالايادي.‏ عوضا عن الشوك ينبت سرو وعوضا عن القَرِيس يطلع آس.‏ ويكون للرب اسما علامة ابدية لا تنقطع.‏».‏ —‏ اشعياء ٥٥:‏​١٢،‏ ١٣‏.‏

٢٥ في سنة ٥٣٧ ق‌م،‏ يخرج اليهود المسبيون فعلا من بابل بفرح.‏ (‏مزمور ١٢٦:‏​١،‏ ٢‏)‏ وعندما يصلون الى اورشليم،‏ يجدون ارضا يكثر فيها الشوك والقَرِيس،‏ اذ ان الارض بقيت مقفرة عشرات السنين.‏ ولكن بإمكان شعب اللّٰه العائد ان يساهم الآن في تغيير الوضع الى الاحسن!‏ فالاشجار السامقة،‏ كالسرو والآس،‏ ستحل محل الشوك والقَرِيس.‏ وتَظهر بركة يهوه على الفور اذ يخدمه شعبه ‹بترنم›.‏ فكما لو ان الارض نفسها فرحت.‏

٢٦ اية حالة يُنعَم بها على شعب اللّٰه اليوم؟‏

٢٦ في سنة ١٩١٩ تحرَّرت بقية المسيحيين الممسوحين من الاسر الروحي.‏ (‏اشعياء ٦٦:‏٨‏)‏ وهم الآن يخدمون اللّٰه،‏ مع الجمع الكثير من الخراف الاخر،‏ بفرح في فردوس روحي.‏ وبما ان التأثير البابلي لا يلطخ عبادتهم،‏ فهُم في مركز حظوة،‏ وصار ذلك ليهوه ‹اسما›،‏ او جعله معروفا.‏ فازدهارهم الروحي يمجِّد اسمه ويرفِّعه بصفته اله النبوة الصادقة.‏ وما انجزه يهوه من اجلهم يؤكد ألوهيته،‏ وهو دليل على التزامه بكلامه وعلى رحمته نحو التائبين.‏ فليفرح جميع الذين يستمرون في ‹شراء الخمر واللبن بلا فضة وبلا ثمن› بخدمتهم له الى الابد!‏

‏[الحاشيتان]‏

^ ‎الفقرة 1‏ وُجدت اسماء يهودية عديدة في السجلات التجارية البابلية القديمة.‏

^ ‎الفقرة 14‏ لا يزال يسوع يشرف على عمل التلمذة.‏ (‏كشف ١٤:‏​١٤-‏١٦‏)‏ واليوم،‏ يعتبر الرجال والنساء المسيحيون يسوع رأس الجماعة.‏ (‏١ كورنثوس ١١:‏٣‏)‏ وفي وقت اللّٰه المعين،‏ سيلعب يسوع دوره ‹كقائد وآمر› بطريقة اخرى،‏ حين يقود المعركة الحاسمة ضد اعداء اللّٰه في حرب هرمجدون.‏ —‏ كشف ١٩:‏​١٩-‏٢١‏.‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٣٤]‏

يدعى اليهود العطاش روحيا «الى المياه» وإلى ‹شراء خمر ولبن›‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٣٩]‏

اظهر يسوع انه ‹قائد وآمر› الشعوب

‏[الصور في الصفحتين ٢٤٤ و ٢٤٥]‏

‏«ليترك الشرير طريقه»‏